جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ١

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ١

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٤

ويكره الكتان ، والممتزج بالإبريسم. ويستحب القطن المحض الأبيض.

وأقلّ الواجب للرجل والمرأة ثلاثة أثواب : مئزر ، وقميص ، وإزار على رأي ،

______________________________________________________

قوله : ( ويكره الكتان ).

ذهب إليه علماؤنا لقول الصّادق عليه‌السلام : « لا يكفن الميت في كتان » (١) ، ولقوله عليه‌السلام : « الكتان كان لبني إسرائيل يكفنون به ، والقطن لأمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٢).

قوله : ( والممتزج بالإبريسم ).

إذا كان الخليط أكثر ، كذا في مقطوعة الحسن بن راشد (٣) ، وعبّر به جماعة (٤) ، وينبغي أن يكون الحكم بالجواز مع صدق الممتزج ، سواء كان الخليط أكثر أم لا ـ كما في الصّلاة ـ فيمنع منه إذا اضمحل الخليط فسمّي حريرا.

قوله : ( ويستحب القطن المحض الأبيض ).

عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ليس من لباسكم أحسن من البياض فلبسوه ، وكفنوا فيه موتاكم » (٥) وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « البسوا البياض فإنّه أطهر وأطيب ، وكفنوا فيه موتاكم » (٦).

قوله : ( وأقلّ الواجب للرّجل والمرأة ثلاثة أثواب : مئزر ، وقميص ، وإزار على رأي ).

المراد بـ ( بأقل الواجب ) الواجب الّذي هو أقل ما يجزئ ولا يجزئ دونه ، فأضاف الصّفة إلى موصوفها ، ولا يخفى أن الأكثر من ذلك مجزئ بطريق أولى ، واعتبار‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٥١ حديث ١٤٦٥ ، الاستبصار ١ : ٢١١ حديث ٧٤٥.

(٢) الكافي ٣ : ١٤٩ حديث ٧ ، الفقيه ١ : ٨٩ حديث ٤١٤ ، التهذيب ١ : ٤٣٤ حديث ١٣٩٢ ، الاستبصار ١ : ٢١٠ حديث ٧٤١.

(٣) الكافي ٣ : ١٤٩ حديث ١٢ ، الفقيه ١ : ٩٠ حديث ٤١٥ ، التهذيب ١ : ٤٣٥ حديث ١٣٩٦ ، الاستبصار ١ : ٢١١ حديث ٧٤٤.

(٤) منهم : المحقق في المعتبر ١ : ٢٨٠.

(٥) الكافي ٣ : ١٤٨ حديث ٣ ، التهذيب ١ : ٤٣٤ حديث ١٣٩٠ وفيهما : ( شي‌ء أحسن من ).

(٦) الكافي ٦ : ٤٤٥ حديث ١ ، ٢ وفيهما : ( أطيب وأطهر ).

٣٨١

وفي الضرورة واحدة.

ويستحب أن يزاد للرجل حبرة عبرية غير مطرّزة بالذهب ،

______________________________________________________

ثلاثة أثواب هو مذهب أكثر أصحابنا (١) ، لقول الباقر عليه‌السلام : « إنّما الكفن المفروض ثلاثة أثواب » (٢) وقال سلاّر : تجزئ قطعة واحدة للأصل (٣) ، وهو ضعيف.

ويراعى في هذه الأثواب التوسّط ، ففي الجنس يراعى الأوسط باعتبار اللائق بحال الميّت عرفا ، فلا يجب الاقتصار على أدون المراتب وإن ماكس الورثة ، أو كانوا صغارا ، حملا لإطلاق اللّفظ على المتعارف.

وفي القدر يجب في المئزر أن يكون من السّرة إلى الرّكبة بحيث يسترهما لأنه المفهوم منه ، ويجوز إلى القدم باذن الوارث أو وصية الميّت حيث تنفذ ، وفي القميص أن يكون إلى نصف الساق ، ويجوز إلى القدم مطلقا لأنه الغالب ، وفي اللّفافة أن تشمله من قبل رأسه ورجليه بحيث تشد ، ويعتبر في الجميع شمولها البدن في جانب العرض ، وينبغي أن يكون عرض اللّفافة بحيث يمكن جعل أحد الجانبين على الآخر ، كما تشهد به الأخبار (٤) ، ويشعر به كونها لفافة فوق الجميع.

وهل يشرط أن يكون كل واحد من هذه الأثواب بحيث يستر العورة في الصّلاة ، أم يكفي حصول الستر بالمجموع؟ الظاهر الأول لأنه المتبادر من الأثواب ، ولأنّه أحوط ، وإلى الآن لم أظفر في كلام الأصحاب بشي‌ء في ذلك نفيا ولا إثباتا.

قوله : ( وفي الضّرورة واحدة ).

يقدم اللّفافة ثم القميص ثم المئزر.

قوله : ( ويستحب أن يزاد للرجل حبرة عبرية غير مطرزة بالذهب ).

وكذا تزاد المرأة ، وما سيأتي من عبارته يشعر بذلك.

والحبرة ـ بكسر الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة ـ ثوب يمني (٥) ، وعبريّة ـ بكسر‌

__________________

(١) منهم : الشيخ في الخلاف ١ : ١٦٤ مسألة ٢٦ كتاب الجنائز ، والمحقق في المعتبر ١ : ٢٧٩ ، والشهيد في الذكرى : ٤٦.

(٢) الكافي ٣ : ١٤٤ حديث ٥ ، التهذيب ١ : ٢٩٢ حديث ٨٥٤.

(٣) المراسم : ٤٧.

(٤) الكافي ٣ : ١٤٣ حديث ١ ، التهذيب ١ : ٣٠٥ ، ٣٠٦ حديث ٨٨٧ ، ٨٨٨.

(٥) الصحاح ٢ : ٦٢١ مادة ( عبر ).

٣٨٢

فان فقدت فلفافة أخرى ، وخرقة لفخذيه طولها ثلاثة أذرع ونصف في عرض شبر وتسمى الخامسة ، وعمامة ، وتعوّض المرأة عنها قناعا ، وتزاد لفافة أخرى لثدييها ونمطا ،

______________________________________________________

العين ـ منسوبة إلى بلد ، أو جانب واد. (١) ويشترط أن لا تكون مطرزة بالذّهب لامتناع الصّلاة فيه حينئذ للرّجال ، وزاد في الذّكرى المنع من المطرزة بالحرير لأنه إتلاف غير مأذون فيه (٢) ، والأصل في استحباب الحبرة ما روي من تكفين النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيها (٣) ، وكذا الحسن عليه‌السلام (٤) واستحباب زيادتها على الأثواب الثّلاثة عند جميع الأصحاب ، وفي الأخبار ان الحبرة حمراء (٥) ، فظاهرها أفضليّتها ، ولو تعذّر الوصف كفى في أصل الاستحباب الحبرة.

قوله : ( وخرقة لفخذيه طولها ثلاثة أذرع ونصف في عرض شبر ).

في خبر عمّار عن الصّادق عليه‌السلام : « عرضها شبر ونصف » (٦) ، ويستحب أن تزاد للمرأة أيضا كما يشعر به ما سيأتي من العبارة.

قوله : ( وتزاد لفافة أخرى لثدييها ).

لخبر سهل بن زياد عن بعض أصحابه رفعه ، قال : سألته كيف تكفن المرأة؟ قال : « كما يكفن الرّجل ، غير أنّها تشد على ثدييها خرقة تضم الثدي إلى الصّدر ، وتشد إلى ظهرها » (٧).

قوله : ( ونمطا ).

النمط لغة : كساء من صوف يجعل على هودج المرأة (٨) ، وفي نهاية ابن‌

__________________

(١) معجم البلدان ٤ : ١٧٨ مادة ( عبر ).

(٢) الذكرى : ٤٧.

(٣) الكافي ٣ : ١٤٣ حديث ٢ ، التهذيب ١ : ٢٩١ ، ٢٩٦ حديث ٨٥٠ ، ٨٦٩.

(٤) لم نعثر عليه في مظانّه ، ويمكن أن يكون ظاهر الرّواية التي وردت في الكافي ٣ : ١٤٩ حديث ٩ ، التهذيب ١ : ٢٩٦ حديث ٨٦٨ ، والمعتبر ١ : ٢٨٢.

(٥) الكافي ٣ : ١٤٩ حديث ٩ ، التهذيب ١ : ٢٩٦ حديث ٨٦٨ ، ٨٦٩.

(٦) التهذيب ١ : ٣٠٥ حديث ٨٨٧.

(٧) الكافي ٣ : ١٤٧ حديث ٢ وفيه ( على ظهرها ).

(٨) القاموس ( نمط ) ٢ : ٣٨٩.

٣٨٣

والعمامة ليست من الكفن.

______________________________________________________

الأثير : أنه ضرب من البسط له خمل رقيق (١) ، وفي عبارة جماعة من الأصحاب : أنّه ثوب فيه خطط من الأنماط ، وهي الطرائق (٢) ، وعباراتهم دالّة على انّه ثوب زينة ، وابن إدريس جعله الحبرة ـ وفاقا للشّيخ في الاقتصاد (٣) ـ لدلالتها على الزينة (٤).

وقال المفيد : تزاد المرأة ثوبين (٥) ، وهما لفافتان ، أو لفافة ونمط ، وكذا قال المصنّف في التّذكرة ، وقال عليّ بن بابويه : ثم اقطع كفنه ، تبدأ بالنمط ، وتبسطه وتبسط عليه الحبرة ، وتبسط الإزار على الحبرة ، وتبسط القميص على الإزار (٦) ، فظاهره مساواة الرّجل والمرأة ، والحاصل أنّ كلام الأصحاب هنا مختلف ، إلا أنّ كلام الأكثر تضمن أن النمط غير الحبرة ، واللفافة.

وفي عبارة ابن البرّاج : إنّه مع عدمه يجعل بدله لفافة أخرى ، كما يجعل بدل الحبرة لفافة ، فيكون للمرأة ثلاث لفائف (٧) ، وهو مقتضى قول المفيد ، والمصنّف في التّذكرة ، والظّاهر أنّه لا خلاف بينهم في أنّ النّمط ثوب كبير شامل للبدن كاللفافة والحبرة.

قوله : ( والعمامة ليست من الكفن ).

أي : هي سنة ، ولا تحسب من جملة الكفن الواجب ولا المندوب ، لحسنة الحلبي عن الصّادق عليه‌السلام : « ليست تعد العمامة من الكفن ، إنّما يعد ما يلف به الجسد » (٨) وعنه عليه‌السلام في حديث عبد الله بن سنان : « والخرقة والعمامة لا بد منهما ، وليستا من الكفن » (٩) ، قال المصنّف في التّذكرة : فلو سرقها ـ يعني العمامة ـ

__________________

(١) النهاية ( نمط ) ٥ : ١١٩.

(٢) منهم : المحقق في المعتبر ١ : ٢٨٦ ، والشهيد في الذكرى : ٤٨.

(٣) الاقتصاد : ٢٤٨.

(٤) السرائر : ٣١.

(٥) المقنعة : ١٢.

(٦) التذكرة ١ : ٤٣ ، والهداية : ٢٣.

(٧) المهذب ١ : ٦٠.

(٨) الكافي ٣ : ١٤٤ حديث ٧ ، التهذيب ١ : ٢٩٣ حديث ٨٥٧.

(٩) الكافي ٣ : ١٤٤ حديث ٦ ، التهذيب ١ : ٢٩٣ حديث ٨٥٦.

٣٨٤

ولو تشاح الورثة اقتصر على الواجب ، ويخرج ما أوصى به من الزائد عليه من الثلث ، وللغرماء المنع منه دون الواجب. ولا تجوز الزيادة على الخمسة في الرجل ، وعلى السبعة في المرأة.

وتستحب جريدتان من النخل قدر عظم الذراع ، فان فقد فمن السدر ، فان فقد فمن الخلاف ، فان فقد فمن شجر رطب.

______________________________________________________

النبّاش لم يقطع ، وإن بلغت النّصاب ، لأن القبر حرز للكفن دون غيره (١).

قلت : خبر معاوية بن وهب عن الصّادق عليه‌السلام (٢) يدل على انّهما من الكفن ، فلعل المراد من هذين الحديثين : ليستا من الكفن المفروض كما دلّ عليه خبر زرارة ، قلت لأبي جعفر عليه‌السلام العمامة للميّت أمن الكفن هي؟ قال : « لا ، إنّما الكفن المفروض ثلاثة أثواب » (٣) أو : ليستا من المهمّ الّذي يلفّ به الجسد ، لأن ذلك من التّوابع والمكملات ، كما ترشد إليه حسنة الحلبي السّابقة ، وهذا هو الأصحّ.

قوله : ( ولو تشاح الورثة اقتصر على الواجب ).

التشاح ، تفاعل من الشحّ (٤) ، وفي تأديته معنى شح جميعهم تكلف ، والمراد : الاقتصار على الواجب وسطا فلا يتعيّن أدنى المراتب ، ولو تبرع بعضهم بشي‌ء من نصيبه صح.

قوله : ( وتستحبّ جريدتان من النّخل قدر عظم الذراع ، فان فقد فمن السدر ، فان فقد فمن الخلاف ، فان فقد فمن شجر رطب ).

لا خلاف بين الأصحاب في استحباب الجريدتين ، والأصل فيه أن آدم لما هبط من الجنة خلق الله من فضل طينه النخلة فكان يأنس بها في حياته ، فأوصى بنية أن يشقوا منها جريدا بنصفين ويضعوه معه في أكفانه (٥) ، وفعله الأنبياء بعده‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ٤٣.

(٢) الكافي ٣ : ١٤٥ حديث ١١ ، التهذيب ١ : ٢٩٣ حديث ٨٥٨.

(٣) الكافي ٣ : ١٤٤ حديث ٥ ، التهذيب ١ : ٢٩٢ حديث ٨٥٤.

(٤) الصحاح ١ : ٣٧٨ مادة ( شحح ).

(٥) التهذيب ١ : ٣٢٦ حديث ٩٥٢.

٣٨٥

______________________________________________________

عليهم‌السلام إلى أن درس في الجاهليّة ، فأحياها نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي فضلهما أخبار كثيرة من طرق الأصحاب (١) والعامّة أيضا (٢) ، وقد تضمن كثير منها رفع العذاب ما دامتا خضراوين (٣).

والمشهور بين الأصحاب كونهما قدر عظم الذّراع (٤) ، وهو مروي في خبر يونس (٥) عنهم عليهم‌السلام ، وغيره (٦).

وقيل : قدر شبر (٧) ، وقيل : أربع أصابع فما فوقها (٨) ، وقد ورد في الأخبار شق الجريدة (٩) ، وتعليلهم عليهم‌السلام رفع العذاب بالخضرة يقتضي العدم (١٠) ، أما الخضرة فتعتبر قطعا ، ومن ثم قالوا : ويجعل على الجريدتين قطن (١١).

ولا ريب أنّ الأفضل كونهما من النخل ، فان فقد فالسدر ، فان فقد فالخلاف ، وهذا التّرتيب موجود في خبر سهل بن زياد (١٢) ، وعكس ذلك المفيد (١٣) ، والأوّل أجود ، فإن فقد الجميع فشجر رطب ، ذكره الأصحاب ، والتّعليل بالخضرة يومئ إليه ،

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٥١ باب وضع الجريدة ، الفقيه ١ : ٨٨ حديث ٤٠٤ ـ ٤١١ ، التهذيب ١ : ٣٢٦ حديث ٩٥٢ ـ ٩٥٨.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ١١٩ باب الجريد على القبر.

(٣) الفقيه ١ : ٨٨ حديث ٤٠٤ ، ٤٠٥ ، ٤٠٧ ، التهذيب ١ : ٣٢٧ حديث ٩٥٥.

(٤) منهم : الصدوق في الهداية : ٢٤ ، والمفيد في المقنعة : ١١ ، والمرتضى في الانتصار : ٣٦.

(٥) الكافي ٣ : ١٤٣ حديث ١.

(٦) الكافي ٣ : ١٥٢ حديث ٣.

(٧) قاله الصدوق في الفقيه ١ : ٨٧.

(٨) القول لابن أبي عقيل نقله عنه في المختلف : ٤٤.

(٩) الفقيه ١ : ٨٨ حديث ٤٠٥.

(١٠) الكافي ٣ : ١٥١ باب وضع الجريدة ، الفقيه ١ : ٨٨ حديث ٤٠٤ ، ٤٠٥ ، ٤٠٧ ، ٤٠٩ ، ٤١٠ ، التهذيب ١ : ٣٢٧ حديث ٩٥٤ ، ٩٥٥.

(١١) في المسالك ١ : ١٠ نسبه الى الأصحاب ، وفي مفتاح الكرامة ١ : ٤٥٥ اختاره بعض الأصحاب ، وفي الحدائق ٤ : ٤٨ قد ذكر بعض الأصحاب ، وفي جواهر الكلام ٤ : ٢٣٤ ، فيما ذكره جماعة من متأخري المتأخرين.

(١٢) الكافي ٣ : ١٥٣ حديث ١٠ ، التهذيب ١ : ٢٩٤ حديث ٨٥٩.

(١٣) المقنعة : ١١.

٣٨٦

المطلب الثاني : في الكيفية : ويجب أن يبدأ بالحنوط فيمسح مساجده السبعة بالكافور بأقل اسمه ، ويسقط مع العجز عنه ،

______________________________________________________

وفي خبر عليّ بن إبراهيم عود الرمّان (١) فيقدم على الشّجر الرّطب بعد الخلاف.

قوله : ( ويجب أن يبدأ بالحنوط فتمسح مساجده السبعة بالكافور بأقل اسمه ).

هذا هو الأصحّ ، وقال المفيد (٢) ، وابن أبي عقيل (٣) : يحنّط الأنف ، وزاد الصّدوق الصدر والسّمع والبصر والفم ، والمغابن وهي الآباط (٤) ، وأصول الأفخاذ (٥) ، والأخبار مختلفة في ذلك نفيا وإثباتا (٦) ، والمشهور قصر الوجوب على السّبعة وإضافة الصّدر استحبابا. وأضاف الصّدوق الى الكافور المسك (٧) ، استنادا الى خبرين مرسلين (٨) ، والمشهور تحريم تطييب الميّت بغير الكافور والذريرة (٩).

ويكفي من الكافور للتّحنيط ما صدق عليه الاسم لصدق الامتثال ، وعدم قاطع يدلّ على خلاف ذلك ، وقدّر الشّيخان أقله بمثقال ، وأوسطه بأربعة دراهم (١٠) ، وبعض الأصحاب بمثقال وثلث (١١) ، والأخبار مختلفة ، ففي بعضها مثقال (١٢) ، وفي‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٩٤ حديث ٨٦١.

(٢) المقنعة : ١١.

(٣) نقله عنه في المختلف : ٤٣.

(٤) القاموس ٤ : ٢٥٣ مادة ( غبن ).

(٥) الفقيه ١ : ٩١.

(٦) الكافي ٣ : ١٤٣ باب تحنيط الميت ، التهذيب ١ : ٣٠٥ ـ ٣٠٨ حديث ٨٨٧ ، ٨٩٣ و ٤٣٦ حديث ١٤٠٣ ، ١٤٠٤.

(٧) الفقيه ١ : ٩٣.

(٨) الفقيه ١ : ٩٣ حديث ٤٢٢ ، ٤٢٦.

(٩) وممن قال به ابن حمزة في الوسيلة : ٥٩ ، والشيخ في المبسوط ١ : ١٧٧ ، وابن سعيد في الجامع للشرائع : ٥٣.

(١٠) المفيد في المقنعة : ١١ ، والشيخ في الخلاف ١ : ١٦٤ مسألة ٣٣ كتاب الجنائز.

(١١) القول للجعفي على ما في جواهر الكلام ٤ : ١٨٢.

(١٢) الكافي ٣ : ١٥١ حديث ٥ ، التهذيب ١ : ٢٩١ حديث ٨٤٦.

٣٨٧

والمستحب ثلاثة عشر درهما وثلث ، ودونه أربعة دراهم ، والأدون درهم.

______________________________________________________

البعض مثقال ونصف (١) وفي رواية أوسطه أربعة مثاقيل (٢) ، وهي منزلة على الفضيلة.

قوله : ( والمستحبّ ثلاثة عشر درهما وثلث ... ).

مستنده إن جبرئيل عليه‌السلام نزل بأربعين درهما من كافور الجنّة ، فقسّمه النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينه وبين علي عليه‌السلام وفاطمة عليها‌السلام أثلاثا (٣).

وروى عليّ بن إبراهيم رفعه في الحنوط ثلاثة عشر درهما وثلث (٤) ، وهو دالّ على أنّ هذا المقدار مختصّ بالحنوط ، وأنّ كافور الغسل غير هذا ، قال في الذّكرى : قطع به الأكثر (٥) ، وفسر ابن إدريس المثاقيل بالدّراهم (٦) وهو غير واضح.

قال في الذّكرى : وطالبه ابن طاوس بالمستند ، وجعل ابن البرّاج أكثر الحنوط ثلاثة عشر درهما ونصفا (٧) ، والأخبار تدفعه (٨).

وقال الشّيخان (٩) والصّدوق (١٠) : أقلّه مثقال ، وأوسطه أربعة دراهم ، وعن الجعفي : إن أقلّه مثقال وثلث (١١) ، واختلاف الأخبار يدل على أنّ المراد بالقدر الفضيلة ، فيكون الواجب ما وقع عليه الاسم.

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٩١ حديث ٨٤٩.

(٢) الكافي ٣ : ١٥١ حديث ٥ ، التهذيب : ٢٩١ حديث ٨٤٨.

(٣) الفقيه ١ : ٩١ ، علل الشرائع ١ : ٣٠٢ باب ٢٤٢ حديث ١.

(٤) الكافي ٣ : ١٥١ حديث ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩٠ حديث ٨٤٥ وفيهما : ( السنة في الحنوط. وثلث أكثره ).

(٥) الذكرى : ٤٦.

(٦) السرائر : ٣٢.

(٧) المهذب ١ : ٦١ وفيه : ( ثلاث عشر درهما وثلث ) وفي الذكرى : ٤٦ ، والمختلف ٢٣ : (. ونصفا ).

(٨) الكافي ٣ : ١٥١ حديث ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩٠ حديث ٨٤٥ ، الفقيه ١ : ٩١ ، العلل : ٣٠٢ باب ٢٤٢ حديث ١.

(٩) المفيد في المقنعة : ١١ ، والشيخ في الخلاف ١ : ١٦٤ مسألة ٣٣ كتاب الجنائز.

(١٠) الفقيه ١ : ٩١.

(١١) نقله عنه في جواهر الكلام ٤ : ١٨٢.

٣٨٨

ويستحب أن يقدّم الغاسل غسله أو الوضوء على التكفين. والأقرب عدم الاكتفاء به في الصلاة إذا لم ينو ما يتضمن رفع الحدث ،

______________________________________________________

قوله : ( ويستحب أن يقدّم الغاسل غسله ، أو الوضوء على التّكفين ).

المراد بغسله غسل المسّ وبالوضوء الّذي يجامع الغسل للصّلاة ، كما هو مصرّح به في كلام المصنّف في التّذكرة (١) وفي الذّكرى أيضا (٢) ، وعلله في التّذكرة بأن الغسل من المسّ واجب ، فاستحب الفورية.

فان لم يتّفق ذلك أو خيف على الميّت فليغسل يديه إلى المنكبين ، لخبر ابن يقطين عن العبد الصّالح عليه‌السلام : « يغسل الّذي غسله يديه قبل أن يكفنه إلى المنكبين ثلاث مرّات ، ثم إذا كفنه اغتسل » (٣) وفيه دلالة على تأخير الغسل ، ويمكن تنزيله على الضّرورة كما نبّه عليه في الذّكرى (٤).

قوله : ( والأقرب عدم الاكتفاء به في الصلاة إذا لم ينو ما يتضمن رفع الحدث ).

وجه القرب أنّ التكفين مشروع من دونه ، فلا يلزم من نيّته نية رفع الحدث ، فلا يحصل بدليل : « وإنّما لكل امرئ ما نوى » (٥).

ويحتمل ضعيفا الاكتفاء به ، لأنّ كمال الفضيلة متوقف عليه ، وليس المقصود بالوضوء إلا ذلك فيتحقّق الرّفع ، فتباح الصّلاة. وضعفه ظاهر ، إذ لا يلزم من توقّف كمال الفضيلة على رفع الحدث كونه مقصودا ومنويا حال فعل الوضوء ، وينبغي التّنبيه لثلاثة أمور :

الأوّل : إنّهم صرّحوا بأن الوضوء المستحبّ تقديمه على التّكفين هو وضوء الصّلاة ، فعلى اعتبار نية أحد الأمرين من الرفع والاستباحة لا بدّ من نيّتهما لتحصل الفضيلة المطلوبة ، وحينئذ فلا مجال للتردّد في إباحة الصّلاة ، ولا لفرض خلوه عن نيّة‌

__________________

(١) التذكرة ١ : ٤٤.

(٢) الذكرى : ٤٩.

(٣) التهذيب ١ : ٤٤٦ حديث ١٤٤٤ ، الاستبصار ١ : ٢٠٨ حديث ٧٣١ وفيهما : (. غسله يره ).

(٤) الذكرى : ٤٩.

(٥) صحيح البخاري ١ : ٢ ، وسنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ حديث ٢٢٠١.

٣٨٩

وأن يجعل بين أليتيه قطنا ، وإن خاف خروج شي‌ء حشّا دبره ،

______________________________________________________

رفع الحدث ، إلا أن ينزل ذلك على استحباب الوضوء مطلقا ، وأن الأفضل كونه وضوء الصّلاة.

الثّاني : أنّه سبق في كلام المصنّف ، أنّه لو توضأ ناويا ما يستحبّ له الوضوء كقراءة القرآن ، فالأقوى الصحّة ، والمفهوم من الصحّة هنا هو كونه مبيحا للصّلاة ، وتعليلهم يدلّ عليه ، فيكون ما ذكره رجوعا عن ذلك.

الثّالث : أنّه قد سبق في بحث الوضوء اشتراط نيّة الرّفع أو الاستباحة فيه ، ومقتضى ذلك أنّه لو لم ينو واحدا منهما لم يكن وضوءه صحيحا ، وكذا يستفاد من قوله في مسألة نية قراءة القرآن : إذ المقابل للصحّة هو الفساد ، فمقتضاه إن حصلت الإباحة كان صحيحا وإلا فهو فاسد ، والمعلوم من عبارته هنا خلاف ذلك ، وإلا لم تحصل بالوضوء الخالي من الأمرين فضيلة التّكفين أصلا.

ويمكن تنزيل كلامه على أن اشتراط نية أحد الأمرين لتحقق الاستباحة لا لكونه وضوء معتبرا في الجملة ، ويكون المراد بالصحّة الصحة بالإضافة إلى الصّلاة ونحوها ، فبكونه مبيحا لها يعد صحيحا ، وبعدمه يعد فاسدا ، ولا بأس بهذا التّنزيل ، إذ لا دليل يدلّ على فساد الوضوء لخلوه من الأمرين ، نعم لا يكون مبيحا ، وينبغي أن يلحظ هذا البحث لأني لم أظفر في كلام أحد على شي‌ء يحققه.

قوله : ( وأن يجعل بين أليتيه قطنا ).

وليكن عليه الحنوط ، كما في خبر يونس عنهم عليهم‌السلام ، وكذا على قبله رواه أيضا (١) ، وفي القاموس : الألية العجيزة أو ما ركب العجز من شحم أو لحم ، ولا تقل ألية ولا ليّة (٢) ، وفي الصّحاح : إذا ثنيت قلت أليان ، فلا تلحقه التّاء (٣).

قوله : ( وإن خاف خروج شي‌ء حشا دبره ).

أمّا استحباب الحشو في الدّبر فقد ورد في خبر يونس عنهم عليهم‌السلام (٤)

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٤١ حديث ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ حديث ٨٧٧.

(٢) القاموس ٤ : ٣٠٠ مادة « إلى ».

(٣) الصحاح ٦ : ٢٢٧١ مادة « ألا ».

(٤) الكافي ٣ : ١٤١ حديث ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ حديث ٨٧٧.

٣٩٠

وأن يشد فخذيه من حقويه الى رجليه بالخامسة لفا شديدا بعد أن يضع عليها قطنا وذريرة ،

______________________________________________________

وكذا في قبل المرأة ، وليكثر الحشو فيه إلى نصف منّ لخبر عمار عن الصّادق عليه‌السلام (١) وبه صرّح في الذّكرى (٢) ، وظاهر عبارة الكتاب أن الحشو إنّما يستحب عند خوف خروج شي‌ء لا بدونه لأن فيه تناول حرمة الميّت ، كذا صرّح في التّذكرة (٣) والمنتهى (٤).

وأطلق الشّيخ الحشو في دبره (٥) ، وقال ابن إدريس : يوضع على حلقة الدّبر (٦) ، وعبارة الذّكرى محتملة فإنّه قال : ويحشو ما يخاف الخروج منه (٧) ، ولعل مراده قول الشّيخ ، لأنّه احتج بالاخبار وهي مطلقة (٨) ، فيكون المراد بما يخاف الخروج منه ما شأنه ذلك ، إذ يكفي في صدق الخوف ثبوته في بعض الأحوال بخلاف العبارة هنا ، وقول الشّيخ أقوى تمسّكا بإطلاق الأخبار ، ولأن تناول حرمة الميّت بنجاسته ، والاحتياج إلى كشفه وتطهيره وتأخير تجهيزه أشدّ.

قوله : ( وأن يشد فخذيه من حقويه إلى رجليه بالخامسة لفا شديدا بعد أن يضع عليها قطنا وذريرة ) (٩).

في خبر يونس عنهم عليهم‌السلام : « خذ خرقة طويلة عرضها شبر فشدها من حقويه ، وضم فخذيه ضما شديدا ولفها في فخذيه ، ثم أخرج رأسها من تحت رجليه إلى الجانب الأيمن ، وأغمزها في الموضع الّذي لففت فيه الخرقة » (١٠).

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٠٥ حديث ٨٨٧.

(٢) الذكرى : ٤٩.

(٣) التذكرة ١ : ٤٤.

(٤) المنتهى ١ : ٤٣٩.

(٥) المبسوط ١ : ١٧٩ ، الخلاف ١ : ١٦٤ مسألة ٢٩ كتاب الجنائز ، النهاية : ٣٥.

(٦) السرائر : ٣٢.

(٧) الذكرى : ٤٩.

(٨) الكافي ٣ : ١٤١ حديث ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ ، ٣٠٥ حديث ٨٨٧.

(٩) فتات قصب الطيب وهو قصب يجاء به من الهند أو من نهاوند ، انظر : مجمع البحرين ( ذرر ) ٣ : ٣٠٧.

(١٠) الكافي ٣ : ١٤١ حديث ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ حديث ٨٧٧ وفيه : ( ولفهما ).

٣٩١

ويجب أن يؤزّره ثم يلبّسه القميص ثم يلفّه بالإزار.

وتستحب الحبرة فوق الإزار ، وجعل احدى الجريدتين مع جلده من جانبه الأيمن من ترقوته ، والأخرى من الأيسر بين القميص والإزار ،

______________________________________________________

وقال في البيان : يشد طرفاها على الفخذين ، ويلف بالمسترسل الفخذان لفّا شديدا بعد وضع قطن تحتها (١) ، والّذي في كلام الأكثر هو الأوّل (٢) ، وفي الذّكرى ولا يشق رأسها ، أو يجعل فيها خيط يشدّها (٣).

وظاهر قول المصنّف : ( بعد أن يضع عليها قطنا ) : أنّ هذا القطن زائد على ما سبق ، والمفهوم من الاخبار خلافه (٤). والحقوان ـ بفتح الحاء المهملة وإسكان القاف ـ الكشحان (٥) ، وفي الصّحاح : إن الحقو الخصر ، ومشدّ الإزار (٦).

قوله : ( وجعل إحدى الجريدتين مع جلده من جانبه الأيمن من ترقوته ، والأخرى من الأيسر بين القميص والإزار ).

أي : من ترقوة جانبه الأيسر ، أي عندها ، وهذا أشهر أقوال الأصحاب (٧).

وقيل : إنّ اليسرى عند وركه ما بين القميص والإزار ، واليمنى كما سبق (٨).

وقيل : إحداهما تحت إبطه الأيمن ، والأخرى نصف ممّا يلي السّاق ونصف مما يلي الفخذ (٩) ، والأخبار (١٠) مختلفة في ذلك ، وما أحسن ما قال في المعتبر : مع اختلاف الرّوايات والأقوال يجب الجزم بالقدر المشترك ، وهو استحباب وضعها مع‌

__________________

(١) البيان : ٢٦ وفيه : يشد طرفاها على الحقوين ويلف بالمترسل ... )

(٢) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ١٧٩ ، وابن إدريس في السرائر : ٣٢.

(٣) الذكرى : ٤٧.

(٤) الكافي ٣ : ١٤١ حديث ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ ، ٣٠٥ حديث ٨٨٧.

(٥) القاموس ٤ : ٣١٨ مادة ( حقو ).

(٦) الصحاح ٦ : ٢٣١٧ مادة ( حقا ).

(٧) منهم : الصدوق في المقنع : ١٩ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٦١.

(٨) ذهب اليه الصدوق في الفقيه ١ : ٩١.

(٩) ذهب اليه سلار في المراسم : ٤٩.

(١٠) الكافي ٣ : ١٥١ ، ١٥٢ ، ١٥٣ ، ١٥٤ ، حديث ١ ، ٣ ، ٥ ، ٦ ، ١٣ ، الفقيه ١ : ٨٨ حديث ٤٠٥ ، التهذيب ١ : ٣٠٦ ، ٣٠٩ ، ٣٢٧ حديث ٨٨٨ ، ٨٩٧ ، ٩٥٤ ، وللمزيد راجع الوسائل ٢ : ٧٣٩ باب ١٠ من أبواب التفكين.

٣٩٢

والتعميم محنكا يلف وسط العمامة على رأسه ويخرج طرفيها من تحت الحنك ويلقيان على صدره ، ونثر الذريرة على الحبرة واللفافة والقميص

______________________________________________________

الميّت في كفنه ، أو في قبره بأيّ هذه الصور شئت (١).

ولو تعذر وضعها في الكفن وضعت في القبر ، ولو تعذر لتقية أو نسيان أو تركت ، ففي الذّكرى يجوز وضعها على القبر ، كما فعل النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في القبر الّذي كان صاحبه معذبا (٢) ، وفيها قال الأصحاب ، وتوضع مع جميع أموات المسلمين حتّى الصّغار ، لإطلاق الأمر بذلك (٣) ، وهو حسن.

قوله : ( والتعميم محنكا ... ).

استحباب التحنيك في مرسل ابن أبي عمير عن الصّادق عليه‌السلام (٤) ، وفي بعض الأخبار عن الصّادق عليه‌السلام : « لا تعمّمه عمّة الأعرابي » (٥) ، وأمر بأخذ طرف العمامة من وسطها ونشرها على رأسه ، ثم ردها الى خلفه وطرح طرفيها على ظهره ، وفي المبسوط : عمّة الأعرابي بغير حنك (٦).

والأصحّ أن يعمم ويحنك بالعمامة ، ويجعل لها طرفان فيلقى فضل الشق الأيمن على الأيسر ، وبالعكس يمدان على صدره ، كما في خبر يونس عنهم عليهم‌السلام ولا تقدير للعمامة (٧) ، بل أقله ما يفي بالهيئة المستحبّة.

قوله : ( ونثر الذّريرة على الحبرة واللفافة والقميص ).

في الذّكرى : تستحبّ الذّريرة على الأكفان (٨) ، وظاهره جعلها على جميع قطع الكفن ، وقد سبق استحباب جعلها على القطن الّذي يوضع على الفرجين ، وذكره‌

__________________

(١) المعتبر ١ : ٢٨٨.

(٢) الفقيه ١ : ٨٨ حديث ٤٠٥.

(٣) الذكرى : ٤٩.

(٤) الكافي ٣ : ١٤٥ حديث ١٠ ، التهذيب ١ : ٣٠٨ حديث ٨٩٥.

(٥) الكافي ٣ : ١٤٤ حديث ٨ ، التهذيب ١ : ٣٠٩ حديث ٨٩٩.

(٦) المبسوط ١ : ١٧٩.

(٧) التهذيب ١ : ٣٠٩ حديث ٨٨٨.

(٨) الذكرى : ٤٧.

٣٩٣

وكتبه اسمه وأنّه يشهد الشهادتين وأسماء الأئمة عليهم‌السلام

______________________________________________________

الشّيخ في المبسوط (١) وغيره (٢) وفي المنتهى : لا يستحبّ نثرها على اللّفافة الطّاهرة (٣).

وقد اختلفت عبارة الأصحاب في الذّريرة اختلافا كثيرا ، لم يرجع فيه إلى أمر بيّن ، فقيل : إنها فتات قصب الطيب الّذي يجاء به من الهند كأنه قصب النشاب (٤) ، وقيل : هي أخلاط من الطيب تسمى بذلك (٥) ، وقيل : هي نبات طيب غير الطّيب المعهود تسمّى القمحان بالضمّ والتّشديد (٦) ، وفي المعتبر : هي الطّيب المسحوق (٧) ، وقيل غير ذلك (٨) ، ومقالة صاحب المعتبر لا تخلو من قرب ، فان اللّفظ إنما يحمل على المتعارف الشائع الكثير ، إذ يبعد استحباب ما لا يعرف ، أو لا تعرفه الافراد من النّاس ، وبه صرّح المصنّف في التّذكرة (٩).

قوله : ( وكتبة اسمه وأنه يشهد الشهادتين وأسماء الأئمة عليهم‌السلام )

أي : ويستحب كتبة اسمه إلى آخره على ما يأتي ذكره ، وزاد في الذّكرى الكتابة على العمامة ، ونقل ذلك عن الشّيخ في المبسوط (١٠) ، وابن البرّاج (١١) معلّلا‌

__________________

(١) المبسوط ١ : ١٧٩.

(٢) ذهب الى ذلك الصدوق في الفقيه ١ : ٩٢ ، والمفيد في المقنعة : ١١.

(٣) المنتهى ١ : ٤٤٠.

(٤) ذهب اليه الشيخ في التبيان كما نقل ذلك كثير منهم ابن إدريس والشهيد وصاحب مفتاح الكرامة وغيرهم.

(٥) هذا القول للصنعاني كما في الذكرى : ٤٧.

(٦) هذا القول لابن إدريس في السرائر : ٣٢.

(٧) المعتبر ١ : ٢٨٤.

(٨) قال الشيخ في النهاية ٣٢ : الذريرة المعروفة بالقمحة ، وقال في الذكرى ٤٧ : وقال المسعودي : من الأفاوية الخمسة والعشرين قصب الذريرة والورس والسليخة واللاذن والزياد. وقال الراوندي : قيل : انها حبوب تشبه الحنطة التي تسمى القمح تدق تلك الحبوب كالدقيق لها ريح طيب ، قال : وقيل : الذريرة هي الورد والسنبل والقرنفل والقسط والأشنة وكلها نبات ويجعل فيها اللاذن ويدق جميع ذلك ويجعل ذريرة.

(٩) التذكرة ١ : ٤٤.

(١٠) المبسوط ١ : ١٧٧.

(١١) المهذب : ١ : ٦١.

٣٩٤

بتربة الحسين عليه‌السلام إن وجد ، فان فقد فبالإصبع ، ويكره بالسواد ـ

______________________________________________________

بعدم تخصيص الخبر (١) ولو تعدّدت اللّفافة كما في بدل النمط ، وكذا النمط فلا تصريح بالكتابة على الجميع ويمكن تنزيل اللّفافة في كلامهم على الجنس ، ولا بأس بها لثبوت أصل الشّرعية ، وليس في زيادتها إلاّ زيادة الخير.

والأصل في استحباب الكتابة ما روي أنّ الصّادق عليه‌السلام كتب على حاشية كفن ولده إسماعيل : « إسماعيل يشهد أن لا إله إلاّ الله » (٢) وزاد الأصحاب : وأن محمّدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( وأسماء الأئمّة عليهم‌السلام ).

وفي الذّكرى : بعد الشّهادتين (٣) وزاد الشّيخ في النّهاية (٤) والمبسوط (٥) والخلاف (٦) أسماء النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والأئمّة عليهم‌السلام ، وظاهره في الخلاف دعوى الإجماع عليه.

ولم يذكر الأصحاب استحباب كتبة شي‌ء غير ما ذكر ، ولم ينقل شي‌ء يعتدّ به يدل على الزّيادة ، وإعراض الأصحاب عن التّعرض للزّيادة يشعر بعدم تجويزه ، مع أن هذا الباب لا مجال للرأي فيه ، فيمكن المنع ، وفي الذّكرى احتمل الأمرين (٧).

قوله : ( بتربة الحسين عليه‌السلام إن وجد ، فان فقد فبالإصبع ، ويكره بالسّواد ).

استحباب الكتابة بتربة الحسين عليه‌السلام ، ذكره الأصحاب (٨) لأنّها تتخذ للبركة ، وهي مطلوبة حينئذ ، وينبغي أن تبل التّربة ، كما صرّح به المفيد (٩)

__________________

(١) الذكرى : ٤٩.

(٢) التهذيب : ١ : ٣٠٩ حديث ٨٩٨.

(٣) الذكرى : ٤٩.

(٤) النهاية : ٣٢.

(٥) المبسوط ١ : ١٧٧.

(٦) الخلاف ١ : ١٦٥ مسألة ٣٩ كتاب الجنائز.

(٧) الذكرى : ٤٩.

(٨) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ١٧٧ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٦٠ ، والشهيد في الذكرى : ٢٠.

(٩) قال العلامة في المنتهى ١ : ٤٤١ : ( قال المفيد ـ رحمه‌الله ـ في رسالته الى ولده : بل التربة ... ) ، وكذا ابن إدريس في السرائر : ٣٢.

٣٩٥

على الحبرة ، والقميص ، والإزار ، والجريدتين. وخياطة الكفن بخيوط منه ، وسحق الكافور باليد ، ووضع الفاضل على الصدر ،

______________________________________________________

وغيره (١) ، لتكون الكتابة مؤثرة حملا على المعهود ، ومع عدمها فبطين وماء ، ومع عدمه فبالإصبع ، كما ذكره في الذّكرى (٢).

ونقل عن الغريّة للمفيد أن الكتابة بالتّربة أو غيرها من الطّين ، وعن ابن الجنيد أنّها بالطين والماء (٣) ولم يعيّن ، فلا وجه للانتقال إلى الإصبع مع فقد التّربة الشّريفة ، نعم إن وجدت هي تعيّنت للفضيلة ، والكتابة بالإصبع ذكرها الأصحاب (٤).

وكما يكره بالسّواد يكره بغيره من الأصباغ ، كما ذكره المفيد (٥) وغيره (٦) ، لأن فيه خروجا عن التكفين بالبياض ، ومخالفة للنّهي عن التّكفين بالسّواد (٧).

قوله : ( وخياطة الكفن بخيوط منه ).

قاله الشّيخ (٨) والأصحاب (٩).

قوله : ( وسحق الكافور باليد ).

ذكر ذلك جماعة من الأصحاب (١٠) ، وأسنده في المعتبر الى الشّيخين ، قال : ولم أتحقق مستنده (١١) ، وفي المبسوط : يكره سحقه بحجر أو غير ذلك (١٢).

__________________

(١) منهم ابن إدريس في السرائر : ٣٢ ، والعلامة في المختلف : ٤٦.

(٢) الذكرى : ٤٩.

(٣) نقله العلامة في المختلف : ٤٦.

(٤) منهم : سلار في المراسم : ٤٨ ، والعلامة في المختلف ٤٦ ، والشهيد في الذكرى : ٤٩.

(٥) المقنعة : ١١.

(٦) منهم : العلامة في المنتهى ١ : ٤٤١ ، والشهيد في الدروس : ١١.

(٧) الكافي ٣ : ١٤٩ حديث ١١ ، التهذيب ١ : ٤٣٤ ، ٤٣٥ حديث ١٣٩٤ ، ١٣٩٥.

(٨) المبسوط ١ : ١٧٧.

(٩) منهم : المحقق في الشرائع ١ : ٤٠ ، وابن سعيد في الجامع للشرائع : ٥٤ ، والشهيد في اللمعة : ٤٢.

(١٠) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ١٧٩ ، والنهاية : ٣٦ ، والشهيد في البيان : ٢٦.

(١١) المعتبر ١ : ٢٨٧.

(١٢) المبسوط ١ : ١٧٩.

٣٩٦

وطي جانب اللفافة الأيسر على الأيمن وبالعكس.

ويكره بل الخيوط بالريق ، والأكمام المبتدأة ، وقطع الكفن‌ بالحديد ، وجعل الكافور في سمعه وبصره.

______________________________________________________

قوله : ( وطيّ جانب اللّفافة الأيسر على الأيمن ).

أي : على أيمن الميّت تيمنا بالتيامن ، والعكس طي أيمن اللّفافة على أيسر الميّت.

قوله : ( ويكره بلّ الخيوط بالرّيق ).

قال في المعتبر : ذكره الشّيخ (١) ورأيت الأصحاب يجتنبونه ، ولا بأس بمتابعتهم لإزالة الاحتمال ، ووقوفا على موضع الوفاق (٢) ، ويظهر من تقييد الكراهيّة بكون بلّها بالرّيق عدم كراهة غيره ، وبه صرّح في الذّكرى للأصل (٣).

قوله : ( والأكمام المبتدأة ).

قاله الجماعة (٤) وهو في مرسلة محمّد بن سنان عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٥) ، واحترز بالمبتدئة عمّا لو كفن في قميصه ، فإنّه لا يقطع كمّه ، إنّما يقطع منه الأزرار خاصّة لما في هذه الرّواية ، قال في المنتهى : ويستحب أن يكفن في الجديد بلا خلاف لأن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذا كفن (٦) ، وكذا الأئمّة (٧) عليهم‌السلام (٨) وفي رواية عن الرّضا عليه‌السلام أفضلية الثّوب الّذي كان يصلّي فيه الرّجل ويصوم (٩).

قوله : ( وقطع الكفن بالحديد ).

__________________

(١) المبسوط ١ : ١٧٧.

(٢) المعتبر ١ : ٢٨٩.

(٣) الذكرى : ٤٩.

(٤) وبه قال الشيخ في المبسوط ١ : ١٧٧ ، والشهيد في الذكرى : ٤٩.

(٥) الفقيه ١ : ٩٠ حديث ٤١٨ ورواه بدون ذكر محمد بن سنان ، التهذيب ١ : ٣٠٥ حديث ٨٨٦.

(٦) الكافي ٣ : ١٤٣ حديث ٢ ، الفقيه ١ : ٩٣ حديث ٤٢١ ، التهذيب ١ : ٢٩١ ، ٢٩٢ حديث ٨٥٠ ، ٨٥٣.

(٧) التهذيب ١ : ٤٤٩ حديث ١٤٥٣.

(٨) المنتهى ١ : ٤٤١.

(٩) التهذيب ١ : ٢٩٢ حديث ٨٥٥.

٣٩٧

تتمة :

لا يجوز تطييب الميت بغير الكافور والذريرة ، ولا يجوز تقريبهما من المحرم ولا غيرهما من الطيب في غسل وحنوط ، ولا يكشف رأسه ، ولا تلحق المعتدة ولا المعتكف به.

وكفن المرأة واجب على زوجها وان كانت موسرة.

______________________________________________________

قال الشّيخ : سمعناه مذاكرة من الشّيوخ ، وعليه كان عملهم (١).

قوله : ( ولا يجوز تقريبهما من المحرم ، ولا غيرهما من الطيب في غسل وحنوط ... ).

هذا الحكم متّفق عليه بين الأصحاب.

قوله : ( ولا يكشف رأسه ).

هذا قول أكثر الأصحاب (٢) ، لما رواه محمّد بن مسلم عن الباقر والصّادق عليهما‌السلام قال : سألتهما عن المحرم كيف يصنع به إذا مات؟ قال : « يغطى وجهه ، ويصنع به كما يصنع بالحلال ، غير أنّه لا يقرب طيبا » (٣) ، وقال المرتضى (٤) ، وابن ابي عقيل (٥) : إن إحرامه باق فلا يقرب طيبا ، ولا يخمر رأسه ، والمعتمد الأوّل.

ولا تلحق به المعتدة لأن وجوب الحداد للتفجع بالزّوج وقد زال بالموت ، ولا المعتكف وإن حرم عليه الطّيب حيّا لعدم النّص ، وزوال التّكليف بالموت المقتضي لسقوط حكم الاعتكاف وغيره.

قوله : ( وكفن المرأة الواجب على زوجها وان كانت موسرة ).

الأصل في ذلك ما رواه السّكوني ، عن الصّادق عليه‌السلام ، عن أبيه‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٩٤.

(٢) منهم : ابن حمزة في الوسيلة : ٦٠ ، والشهيد في البيان : ٢٨.

(٣) التهذيب ١ : ٣٣٠ حديث ٩٦٥.

(٤) قال السيد العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ٤٥٩ : ( إن هذا القول محكي عن السيد ).

(٥) نقله عنه في المختلف : ٤٤.

٣٩٨

______________________________________________________

عليه‌السلام : « إن عليّا عليه‌السلام قال : على الزّوج كفن امرأته إذا ماتت » (١) ، ولثبوت الزّوجية إلى حين الوفاة ، ولأن من وجبت نفقته وكسوته حال الحياة وجب تكفينه كالمملوك ، فكذا الزّوجة ، هكذا علل في التّذكرة (٢).

ومما علل به في الذّكرى أنّها زوجة لآية الإرث فتجب مؤنتها لأنّها من أحكام الزّوجية (٣) ، وقريب منه تعليل المعتبر (٤) ، وظاهر ذلك يقتضي قصر الوجوب على الزّوجة الدّائمة الممكّنة ، فلا يجب للمستمتع بها ، ولا للناشز ، وفي الذّكرى : إن التعليل بالإنفاق ينفي وجوب الكفن للناشز وإطلاق الخبر يشمله ، وكذا المستمتع بها (٥) ، فظاهره التّوقف.

وأقول : إنّ عدم تعلق وجوب الإنفاق بالزوج لهما حال الحياة لعدم صلاحيّة الزّوجية في المستمتع بها لذلك ، وثبوت المانع منه في النّاشز ـ وهو النّشوز ـ يقتضي عدم تعلق الحكم ، لوجوب الكفن بعد الموت بطريق أولى ، لأن الزّوجية تزول حينئذ أو تضعف ، ولهذا تحل له أختها والخامسة ، فيقيد بذلك إطلاق الخبر مع ضعفه ، ولعلّ عدم الوجوب أظهر. ولا فرق في الزّوجة بين الحرة والمملوكة ، والمطلقة رجعية زوجة بخلاف البائن.

وتجب أيضا مؤنة التجهيز كالحنوط وغيره من الواجب لما سبق ، صرح بذلك في المبسوط (٦) ، وجماعة من الأصحاب (٧) ، ولا فرق في وجوب ذلك بين أن يكون لها مال أولا. ولو أعسر عن الكفن بأن لا يفضل شي‌ء عن قوت يوم وليلة له ولعياله وما يستثني من الدين كفنت من تركتها ، وعلله المصنّف بأن الإرث بعد الكفن.

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٤٥ حديث ١٤٣٩.

(٢) التذكرة ١ : ٤٤.

(٣) الذكرى : ٥٠.

(٤) المعتبر ١ : ٣٠٧.

(٥) الذكرى : ٥١.

(٦) المبسوط ١ : ١٨٨.

(٧) منهم : ابن إدريس في السرائر : ٣٤ ، والشهيد في الدروس : ١١.

٣٩٩

وان يؤخذ الكفن أولا من أصل المال ، ثم الديون ، ثم الوصايا ، ثم الميراث.

______________________________________________________

ويشكل بأنه لو ملك شيئا قبل تكفينها تعلق الوجوب به وسقط عن تركتها ، ولو أعسر عن البعض أخذ من تركتها. ولو ماتا معا لم يجب كفنها لخروجه عن التّكليف ، صرّح به في الذّكرى (١) ، بخلاف ما لو مات بعدها.

ولو لم يكن إلاّ كفن واحد فالظّاهر اختصاصه به لأنّه لم يتعيّن لها ، والوجوب السّابق يسقط لطروء عجزه بموته المقتضي لتقدّمه بكفنه على جميع الديون ، وظاهر أنّها لو أوصت بالكفن في موضع وجوبه عليه كان من ثلث مالها ، وهنا مباحث :

أولا : المملوك كالزّوجة بل أولى ، لأن كفنه مؤنة محضة ، وكذا مؤن تجهيزه ، ولا فرق بين القنّ وغيره حتى المكاتب ، لأنّ الكتابة بالنّسبة إليه تبطل بالموت ، ولو كانت مطلقة وأدى شيئا وجب من الكفن على المولى بقدر ما بقي منه رقا.

ثانيا : لا يلحق واجب النفقة بالزّوجة للأصل ، ووجوب الإنفاق حال الحياة انتفى بالموت.

ثالثا : لو كان مال الزوج مرهونا لم يجب عليه كفنها لامتناع تصرّفه بالرّهن ، إلا أن يبقى بعد الدّين بقية فيجب التوصّل إلى صرفها في الكفن بحسب الممكن شرعا كما في نفقة الزّوجة.

رابعا : لو وجد الكفن ويئس منها أمكن كونه ميراثا لثبوت استحقاقها له ، ويمكن اختصاص الزّوج به لعدم القطع بخروجه عن ملكه.

قوله : ( ويؤخذ الكفن أوّلا من صلب المال ثم الدّيون ، ثم الوصايا ، ثم الميراث ).

لا خلاف بين علمائنا في ذلك ، وعليه أكثر العامة الا من شذّ منهم ، ويدلّ على ذلك قول النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الذي وقصت به راحلته : « كفنوه في ثوبه » (٢) ، ولم يسأل عن ثلثه ، ولأن الإرث بعد الدّين والمؤنة قبله ، وليس الوجوب منحصرا في ساتر العورة.

__________________

(١) الذكرى : ٥١.

(٢) الذكرى : ٥٠ وفيه : بثوبيه ، صحيح البخاري ٢ : ٩٦ كتاب الجنائز وفيه : بثوبين.

٤٠٠