ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها - ج ٢

الكسندر أداموف

ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها - ج ٢

المؤلف:

الكسندر أداموف


المترجم: الدكتور هاشم صالح التكريتي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار ميسلون للنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٣
  الجزء ١ الجزء ٢

القائم في الاراضي الكويتي.

لقد كانت هذه الاحداث نقطة تحول في مصير كل من اسرة آل رشيد واشرة آل سعود ففي الوقت الذي خان فيه الحظ الاسرة الاولى نهائياً على ما يبدو لمع نجم الثانية مجدداً بعد ان كان قد خمد ، فقد استطاع عبد العزيز (١) وهو الوحيد الذي ظل على قيد الحياة من ابناء الامير سعود ، ان يستولي في ١٩٠٤ باسناد من الكويت وبمساعدة عمه عبد الرحمن لاعلى الرياض عاصمة اسلافه فحسب ، بل على قسم كبير من نجد ايضاً بحيث لم يبق لال رشيد نجاحاً يذكر فحتى حملة «المشير» قائد الفيلق السادس في بغداد المارشال فيضي باشا نفسه كان مصيرها الفشل (٢).

الى هنا يكون عرضنا لتاريخ العراق وجزئه الاساس ولاية البصرة قد انتهى وهنا نسمح لانفسنا بان نقول باننا لم نطمع في ان نقدم عرضاً تاريخياً يبلغ حد الكمال بل ان هدفنا كان يقتصر على جمع كل المادة المتعلقة بتاريخ المنطقة التي تهمنا والمبعثرة على شكل نتف متفرقة في الكتب المختلفة في كل موحد وعرضها بالتتابع والترابط مع بعضها. ان مثل هذا العرض الموحد لاحداث تاريخ العراق المتقطعة عن بعضها هو على حد علمنا او تجربة في الكتابة التاريخية ، ولهذا فاننا نرجو القارىء ان يكون متسامحاً تجاه محاولتنا هذه للتأمل في سير الاحداث التاريخية في هذه المنطقة العثمانية النائية.

__________________

(١) يقع المؤلف هنا في خطأ واضح فعبد العزيز الذي اعاد الدولة السعودية والذي يقصده المؤلف هنا ليس ابن سعود بل هو عبد العزيز بن عبد الرحمن هو ابوه وليس عمه. وقد استعاد الرياض في ١٩٠٢ وليس في ١٩٠٤. (المترجم).

(٢) E Jung, Les Puissances devant la revolte arabe (Paris, ١٩٠٦), P. ٦٠.

٢٨١

الفصل العاشر

كان افتتاح السويس ايذاناً بدخول تجارة الخليج الفارسي ولا سيما تجارة العراق في المرحلة المعاصرة لنا من مراحل تطورها ، فالخليج الفارسي لم يكن قبل ربط البحر المتوسط بالبحر الاحمر يمثل حلقة الوصل الرئيسة بين اوربا من جهة وفارس والعراق من جهة اخرى ، ذلك ان هذين القطرين ضلا كالسابق يحصلان على المنتجات الاوربية بواسطة طرق القوافل ، علماً بان الطريق التقليدي لاتصال العراق بالغرب وهو وادي الفرات الذي كانت القوافل التجارية تسلكه إلى بغداد مروراً بحلب. لقد قصرت قناة السويس الطريق البحري السابق الذي يدور حول رأس الرجاء الصالح إلى الثلث تقريباً فقللت تبعاً لذلك كلفة النقل البحري الامر الذي ادى إلى تنقل التجارة الاوربية مع العراق وفارس إلى الخليج الفارسي بالتدريج. ولم تكن الاتصالات التجارية في اول الامر مباشرة وانما كانت الهند تقوم مقام المستودع تتجمع`فيه منتجات المعامل والمصانع ثم تنتقل منه على سفن شراعية أو بواسطة البواخر التي سيرتها هناك منذ ١٨٦٤ (British Indi Steam Navigation CO) (١) إلى موانيء الخليج الفارسي ومنها البصرة.

__________________

(١) شركة الهند البريطانية للملاحة التجارية. (المترجم).

٢٨٢

وهكذا وضعت بداية ازدهار الحركة التجارية في الخليج الفارسي ، وكان مما ساعد على ان ينتقل مركز الثقل في علاقات اوربا التجارية مع فارس والعراق إلى الخليج الفارسي بشكل نهائي ، قيام الحرب الروسية التركية ١٨٧٧ - ١٨٧٨ التي ادت إلى توقف الحركة في طريق طرابزون - ارضروم وكذلك انهاء تجارة الترانسيت فيما وراء القفقاس عام ١٨٨٣.

وانظر لتنامي اهمية الخليج الفارسي فان سفن الشركة الانجليزية - الهندية التي مر ذكرها ومنها سفن شركة مومباي والخليج العربي للملاحة البخارية ، (Bombay and Arabian Gulf Steam Navigation CO) لم تعد تكفي الحركة التجارية فيه بل اصبحت هذه الحركة تتطلب اقامة ارتباط مباشر مع موانيء اوربا الغربية. وهكذا ظهرت في الخليج الفارسي في ١٨٨٧ شركتان جديدتان للملاحة ، الاولى (Arabian Gulf Sream Navigation CO) (١) ربطت بريطانيا بمواني الخليج الفارسي مباشرة والثانية (Mennier et CO) (٢) ربطت مرسيليا بتلك الموانيء :

اما ارتباط بقية انحاء اوربا مع الخليج الفارسي أو العراق فقد كان يجري اما بواسطة الشركتين المذكورتين الانجليزية والفرنسية حيث تنقل البضائع لهذا الغرض إلى كل من لندن أو مرسيليا ، واما ان تنقل البضائع إلى مينائي الهند وبومباي وكراجي ثم يعاد شحنها من هناك إلى المكان المخصصة له على سفن تابعة لشركت الملاحة الهندية.

لقد كانت الملاحة البخارية في الخليج العربي تتسع من سنة إلى اخرى فقد انضمت إلى الشركات التي سبق ذكرها في ١٨٩٠ شركة

__________________

(١) شركة الخليج العربي للملاحة البخارية. (المترجم).

(٢) منييه وشركاؤه. (المترجم).

٢٨٣

انجليزية جديدة هي : (Gray Dawes and CO) (١) التي اقامت رحلات شهرية لسفنها إلى هناك عبر كراجي وبومباي وفي ١٨٩٣ بدأت شركة (٢) (Arabian and Persian Steam ship CO ـ Angio) بتسيير سفنها تلتها في ١٨٩٤ شركة (٣) (Clan Line) ثم انضمت اليها في ١٨٩٥ شركة (٤) (British and Colonial Steam Navigation CO) جائت بعدها الشركة الفرنسية (٥) (Messageries Martimes) التي حلّت محل (Mennier CO) بعد ان توقفت تلك الشركة عند العمل من ١٨٨٨. وكانت نتيجة ذلك كله ان تجاوزت الحركة الملاحية في الخليج في نموها تطور التجارة سيما التصدير بدرجة لا يستهان بها الامر الذي ادى إلى نقص محسوس في كمية البضائع التي تنقل عند العودة مما حتم على الكثير من شركات الملاحة ومنها (Messageries Martimes) ان توقف رحلاتها إلى موانيء الخليج. ولكن نرسم صورة واضحة لتطور حركة الملاحة في مياه الخليج نورد فيما يلي جدولاً يبين عدد السفن البخارية والشراعية التي زارت ميناء البصرة في السنوات العشرين الاخيرة أي من ١٨٨٧ إلى ١٩١٠ : ـ

__________________

(١) كري داوز وشركاؤه. (المترجم).

(٢) الشركة الانجليزية ـ العربية والفارسية للسفن البخارية. (المترجم).

(٣) خط كلان. (المترجم).

(٤) شركة بريطانيا والمستعمرات للملاحة البخارية. (المترجم).

(٥) المراسلات البحرية. (المترجم).

٢٨٤

السنة

١٨٨٧_٩١

١٨٩٢_٩٦

١٨٩٧_٩٠١

١٩٠٢_٩٠٦

١٩٠٦_٩١٠

العدد

البخارية

الحمولة

١١٠

١١٣٣٦٥

١٢٥

١٤٣٨٨٥

١١١

١٣١٤٥٥

١٥٣

١٨٠٤٠٠

١٩١

٢١٧٣٤٥

العدد

الشراعية

الحمولة

٦٠٣

٤٠١٣٥

٦٢٠

٣٣٢٦٠

٥٦٦

٢٩٥٠٠

٥٩٧

٣٣٩٨٠

٤٢٢

٢٣١٧٥

تشهد الارقام الواردة في هذا الجدول على ان التعثر الذي حدث في نمو حركة البواخر في نهاية القرن التاسع عشر قد انتهى في بداية القرن العشرين لان تطور التجارة واتساعها اصبح يؤمن البضائع الكافية لا لخطوط الملاحة القائمة واستاعها اصبح يؤمن البضائع الكافية لا لخطوط الملاحة القائمة فعلاً فقط وانما لخطوط جديدة يمكن ان يجري افتتاحها ايضاً. على اية حال لقد وصل عدد خطوط البواخر التي تزور الخليج الفارسي حتى ١٩١٠ ثمانية خطوط قي :

أولاً : الخطوط البريطانية :

١ ـ مع الهند :

(أ) (British Indi Steam Navigation CO) تمولها الحكومة لنقل البريد ولها في الوقت الحاضر خطان الأول أسبوعي سريع لنقل بريد الموانيء الرئيسة في الخليج الفارسي وهي مسقط وبندر بوشهر والبصرة والثاني خليجي داخلي لخدمة ساحلي الخليج.

(ب) (Bombay and Arabian Gulf Steam Navigation CO) (١) اسسها التجار

__________________

(١) شركة بومباي وفارس للملاحة البخارية. (المترجم).

٢٨٥

الهنود وتقوم برحلات كل اسبوعين إلى موانيء الخليج.

٢ ـ مع بريطانيا :

(أ) (Anglo ـ Arabian and Persian Steamship CO) وتعرف اختصاراً بـ (١) (Strick Line) وهي موجودة منذ ١٨٩٣ وتقوم برحلات شهرية تمر اثناءها بمرسيليا.

(ب) (British and Colonial Steam Navigation CO) وتسمي ايضاً (٢) (Bucknall Steam Navigation CO) وهي قائمة منذ ١٨٩٥.

(ج) (٣) (West HartlepooLine) وقد بدأت رحلاتها إلى موانيء الخليج الفارسي في ١٩٠٢ فقط.

ثانياً : غير البريطانية :

١ ـ «الشركة الروسية البخارية والتجارة» ، اقامت لها ابتداءاً من ١٩٠١ اربع رحلات في السنة إلى الخليج الفارسي.

٢ ـ (٤) (Hamburg ـ Amerika Linie) افتتحت رحلاتها إلى الخليج الفارسي في خريف ١٩٠٦ ومنذ ذلك الوقت وهي ماضية في تطوير نشاطها بحزم ويمكن الحكم على ذلك من عدد رحلات التي قامت بها وهي ٤ في ١٩٠٦ و ١٢ في ١٩٠٧ و ١١ في ١٩٠٨ و ٩ في ١٩٠٩ و ١٢ في ١٩١٠. ووكيل شركة الملاحة الالمانية هذه في البصرة هو البيت التجاري (٥) (Robert Wonckhaus and CO).

__________________

(١) خطوط ستريك. (المترجم).

(٢) شركة بوكنل للملاحة البخارية. (المترجم).

(٣) خطوط غرب هارتليبول. (المترجم).

(٤) خطوط هامبورغ ـ امريكا (المترجم).

(٥) روبرت ونكهوس وشركاؤه. (المترجم).

٢٨٦

٣ ـ «اللويد النمساوية» وقد بدأت بواخرها تقوم برحلات إلى الخليج اعتباراً من ١٨٩٧ ولكن هذه الرحلات لم تكن منتظمة ويشير قيام شركة (١) (Societe Anonyme Commerce Austro ـ Orientale) النمساوية التي لم تستقر في العراق الا منذ فترة وجيزة بتعيين وكيل لها في البصرة وبغداد في ١٩٠٨ ، يشير على ما يبدو إلى رغبة حكومة النمسا والمجر في الاهتمام بتطوير هذه القضية.

لقد ادى ظهور شركات الملاحة الاوربية الغربية في مياه الخليج الفارسي إلى تقويض الاحتكار البريطاني للملاحة هناك. ففي حين بلغت نسبة السفن البخارية التي تحت العلم البريطاني في ١٩٠٠ ، (٩٦%) من مجموع البواخر التي زارت الخليج ، فان عدد البواخر غير البريطانية التي زارت الخليج في ١٩٠٩ بلغ ٢٤ مقابل ١٣٨ باخرة بريطانية. اما في ١٩١٠ فقد بلغ عدد السفن البريطانية ١٧٤ وغير البريطانية ٢٨.

وتبعاً لتوسع التوجه الاجنبي نحو المواصلات البخارية بين المراكز التجارية الاوربية وموانيء الخليج الفارسي ازداد التنافس في مجال اجور النقل. فقد تحتم على شركات البواخر البريطانية في فترة الاحتكار البريطاني للنقل التجاري في الخليج ان تدخل في تنافس شديد بعضها مع البض الاخر من اجل تأمين الحمولة لها فيؤدي ذلك إلى انخفاض اجور النقل البحري. ومن الطبيعي والحالة هذه ان ينعكس ظهور شركات البواخر الاجنبية في مياه الخليج بدرجة اكبر على مقدار اجور النقل من الموانيء الاوربية إلى الخليج وبالعكس.

وهكذا ففي الوقت الذي كانت فيه اجرة نقل الطن الواحد على

__________________

(١) الشركة التجارية النمساوية - الشرقية. (المترجم).

٢٨٧

السفن الانجليزية من مانجستر إلى البصرة جنيهاً استرلينياً واحداً و ١٥ شلناً ومن الموانيء البلجيكية مالا يقل عن جنيه استرليني واحد ، فان الخط الآلماني الجديد خفض هذه الاجرة إلى جنية واحد إلى الموانيء البريطانية وبهذا فقد تقلصت اجور النقل البحري بالنسبة إلى الخامات التي تصدر من العراق. وهكذا انخفضت اجور النقل البحري إلى لندن في ١٩٠٨ إلى ١٢ شلناً و ٦ بنسات ولم ترتفع إلى اكثر من جنية استرليني واحد حتى في ذروة موسم نقل التمور. اما في ١٩١٠ فقد تطلب الامر من شركات البواخر البريطاني ان تعتقد فيما بينها اتفاقية خاصة للمحافظة على اجور النقل البحري في اثناء موسم التمور بمستوى جنبية استرليني واحد و ٧ شلنات و ٦ بنسات للطن الواحد ، رغم ان هذا الاجر كان قد اعتبر منذ ١٩٠٤ واطئا حتى بالنسبة لنقل البضائع غير المرغوبة مثل الحبوب.

والى جانب السفن البخارية كانت السفن الشراعية تسهم ايضاً في الحركة التجارية في الخليج الفارسي. وكانت هذه السفن الشراعية تبحر تحت اعلام مختلفة ابتداءً من العثماني والفارسي وانتهاءً بالبريطاني والفرنسي ، علماً بأن هذا الاخير يعود إلى ميناء سور الواقع بالقرب من مسقط. وتأتي هذه السفن الشراعية إلى البصرة لنقل التمر والحبوب ولكنها تجلب معها مختلف انواع البضائع فالقادمة منها من الهند تجلب الاخشاب وفحم الخشب والكيروسين ، والقادمة من زنجبار تجلب الاخشاب اللازمة لصناعة السفن ، والقادمة من مسقط تجلب السمك المجفف والليمون وغير ذلك ، اما سفن الخليج نفسه الشراعية فأنها تجلب احجار الرحى والحصران والخضروات. وهكذا فأن السفن القادمة من البحر الاحمر هي وحدها التي تأتي بدون حمولة عادة. وحمولة السفن الشراعية تكون في العادة شديدة الاختلاف ، فهناك سفن تبلغ حمولتها اكثر من ٣٠٠ طن غير ان السفن التي

٢٨٨

تأتي البصرة تكون عادة من السفن الصغيرة التي لا تزيد حمولتها على المائة طن. ويقلل تطور الملاحة البخارية من فرص العمل للسفن الشراعية بشكل متزايد بحيث اخذ عدد السفن الشراعية التي تزور ميناء البصرة بالنتاقص بشكل ملحوظ اعتباراً من بداية القرن العشرين ، ويمكننا ان نلاحظ ذلك من الجدول المذكور اعلاه.

ان هذا الاسطول التجاري البخاري والشراعي الضخم دائب على حمل كل انواع البضائع الاجنبية الجاهزة ونصف الجاهزة والخام إلى البصرة الامر الذي يمكن هذا الميناء ، إلى جانب التصدير الذي يجري من خلاله والذي لا يقل اهمية عن الاستيراد ، من المشاركة بشكل متميز في التبادل التجاري القائم في الخليج الفارسي بحيث يمكن اعتبار البصرة ميناء الخليج الرئيس بفضل صلاحية شط العرب لسير السفن البحرية ، فقد بلغت نسبة مشاركة البصرة في تجارة الخليج في ١٩٠١ على مايذكره ويكهام (١) ٣٢% في حين كانت حصة بوشهر ٢٤% فقط وبندر عباس ٦% والمحمرة ٤%.

ان المكانة المتميزة التي تحتلها البصرة من حيث حجم الحركة التجارية بين موانيء الخليج الاخرى لا يمكن ان يكون سببها التسهيلات الملاحية المتوافرة فيها بالمقاومة مع تلك المواني ، فاذا ما كان على السفن التجارية المتوجهة إلى بوشهر وبندر عباس ان تفرغ حمولتها على بعد ميل أو ميل ونصف عن ساحل ، بسبب ضحالة المياة ، فان الترسبات تعيق الدخول إلى شط العرب الذي تقع عليه البصرة لدرجة كبيرة بحيث ان عمق المياة لا يكفي لسير السفن المحملة الا عندما يكون القمر هلالاً أو بدراً. ولهذا يتحتم على البواخر ، من اجل ان لا تضطر إلى توقف فيضيع

__________________

(١) Whaghaml, op. Cit. p. ١٤٧.

٢٨٩

الوقت هباءً ، ان تستخدم القوارب البخارية لتفريغ الحمولة عند الدخول إلى شط العرب وللتحميل عند الخروج منه. وقد وصل عدد هذه القوارب في ١٩٠٧إلى ستة قوارب خمسة منها تحمل العلم البريطاني. ويشير هذا العدد إلى وجود حاجة مستمرة لها. وفضلاً عن ذلك فان البصرة حتى فيما يتعلق بالمصاريف الاضافية كأجرة نقل البضاعة إلى دائرة الكمارك مثلاً ، ليس لها افضليات على بقية موانيء الخليج لان البواخر فيها لا تستطيع ايضاً الرسول على قرب مباشر من دائرة الكمارك. كما ان ظروف نقل البضاعة من الباخرة إلى مستودع الكمارك لم تكن جيدة سيما ان المسؤول عن هذا النقل أي «الحمال باشي» وهو متعهد يختاره التجار بالاشتراك مع السلطات الكمركية لا يعد مسؤولاً عن تلف البضاعة أو فقدانها ، علماً بأن هذا «الحمال باشي» يستوفي مقابل نقل البضاعة اجراً كبيراً يبلغ ٢٠ كوبيكا عن كل صندوق من الشاي ومابين ٣٠ إلى ٤٠ كوبيكا عن كل بالة من اكياس الجوت و ٤٠ الى ٥٠ كوبيكا عن كل رزمة من الاقمشة و ١٠ كوبيكات عن كل صفيحة من الكيروسين ، أي ان هذا المتعهد يأخذ عن كل قطعة من البضاعة مبلغاً يتراوح مابين ١٠ و ٥٠ كوبيكا مقابل نقلها من الباخرة إلى دائرة الكمارك واعادة نقلها من مستودعات الكمارك إلى مخازن التسليم. اما البضائع المرسلة إلى بغداد فأنها تنقل من البواخر البحرية إلى سفن نهرية من قبل الوكلاء المعنيين ، علماً بان هذه العملية تكلف صاحب البضاعة مايقارب الروبل الواحد والعشرين كوبيكا لكل طن ، وتتضاعف هذه الكلفة في حالة تفريغ البضاعة في البصرة ثم ترسل منها إلى بغداد. ومن المصاريف الاضافية ايضاً ما يسمى بـ «الاوردية» أي ضريبة الخزن وهي ضريبة تؤخذ على البضائع التي تبقى في مستودعات الكمارك اكثر من ثمانية أيام وتؤلف في المتوسط مابين ١٠ و ٣٠ يارة أي من ٢٠ إلى

٢٩٠

٦٠ كوبيكا في اليوم لكل قطعة من البضاعة ويزداد مقدار هذه الضريبة بالنسبة للاشياء الكبيرة الحجم فتتضاعف مرتين أو ثلاثاً أو حتى اربع مرات تبعاً لزيادة الحجم.

يظهر من ذلك ان ظروف البصرة فيها يتعلق بعمليات شحن البضائع تشبه تماماً الظروف السائدة في موانيء الخليج هو كثرة البضائع الاوربية التي تستورد إلى غرب فارس وتمر بشكل ترانسيت عبر العراق وكذلك سعة التصدير المتوجهة من تلك المنطقة إلى الخارج. وهكذا فان الحركة التجارية عبر ميناء البصرة تتألف من ثلاثة عناصر هي : استيراد البضائع الاجنبية سيما إلى العراق ، ومرور هذه البضائع بشكل ترانسيت إلى فارس ، وتصدير الخدمات من العراق الجنوبي وما بين النهرين وفارس ايضاً.

ومادامت اهمية البصرة بالنسبة لكتابنا هذا تمكن بالدرجة الاولى في كونها ميناء العراق الجنوبي ، فأننا سنبحث اولاً تجارة هذا الاخير مبتدئين بالتصدير الذي يلعب الدور الاساس في العلاقات التجارية بين هذه المنطقة واوربا.

يتألف تصدير العراق كلياً من المنتجات الزراعية والحيوية وذلك بسبب عدم وجود صناعة التعدين والصناعة التحويلية. ونظراً لان حجم الصادرات يتأثر بشكل مباشر بالظروف المناخية فأنه يعاني من تذبذب ملحوظ من نسبة إلى اخرى ويحكمه سوء الموسم أو جودته بالنسبة إلى الحبوب والتمر وكذلك بالنسبة إلى المراعي الماشية. ولهذا فلا يمكن الحكم على التصدير في الوقت الحاضر الا على اساس معدّله لعدة سنوات متتالية ، لذلك فأننا نورد ادناه جدولا مقارناً لحركة تصدير مختلف المواد من العراق في السنوات العشرية الاخيرة أي من ١٨٩١ لغاية ١٩١٠ على اساس المعدل لكل عشر سنوات توخياً لزيادة الفائدة : -

٢٩١

لا يمكننا ونحن ندقق الارقام الواردة في هذا الجدول الا ان نستنتج بان العقد الاول من القرن الحالي تميز بزيادة ملحوظة في تصدير الكثير من المواد ولا سيما التمر والحبوب. وبما ان ولاية البصرة تنتج التمور باجمعها وقسماً لا يستهان به من الحبوب ، فمن المعتاد اعتبار ان صادرات البصرة والمنطقتين المتاخمتين للفرات ودجلة إلى الجنوب من بغداد تؤلف خمسة صادرات اثمان العراق الجنوبي باجمعها ، في حين تؤلف صادرات بغداد ومناطق ولاية الموصل المتاخمة لها من الشمال ثمني صادرات العراق. اما الثمن الاخير فهو مقدارً الترانسيت من فارس. وتتوزع مواد التصدير على هذه

 المادة

العبوة او

الوزن

معدل السنوات العشر

١٨٩٠-١٩٠٠

معدل السنوات العشر

١٩٠١- ١٩١٠

التمور :

المجففة

كيس

١٨٩٦٠

٢٦٦٣٠

الطازجة

قفص

٦٧٨٢١٠

١١٤٧٥٦٠

الطازجة

سلة

٤٥٨٧٧٥

٤٥٧٨٧٢

الطازجة

كيس

١٩١٠٠

٤٨٧٨٠

الحبوب :

الرز

بود

٣٥٨٤٢٥

١٠٦٧١٧٠

الشعير

بود

٢٣٧٣٨١٠

٢٤٤٢٢١٠

الحنطة

بود

١٥٦٣١٥٠

١١٩٢٤٧٠

حبوب اخرى

بود

٦٧٣٣٨٠

١٠٦٦١٢٠

السمسم

كيس

١٨٨٥٠

٧٦٨٠

٢٩٢

السمن العربي المسلي

الجلود

الصوف

شعر الماعز

الخيول

عرق السوس

العفص

الصمغ

الافيون

السجاد

منتجات جريرية

بضائع مختلفة

فضلات الكلاب

علبة

بالة

بالة

بالة

راس

رزمة

كيس

حزمة

علبة

بالة

حزمة

قطعة

كيس

١٥٠٥٥

٥٣٦٥

٣٨٥٣٠

٥٤٠

٢٦٣٠

٢٧١٤٠

٨٩٢٠

٦٥٧٥

٤٩٥

٩٨٠

١٠٨

٥١٠٠

ـ

١٢٦٢٠

٩٠٢٠

٣١٦٠٠

٢٤٤٠

١٩٨٥

٣٢٦٦٠

٨٥٤٠

٦٣٧٠

١٠٦٠

١٩٩٠

١٠٧

٨٥٦٠

٨٦٠٠

المناطق على النحو التالي : تصدر ولاية البصرة الخيل والصوف الجلود إلى جانب التمر والحبوب ، وتصدر بغداد عرق السوس والجلد المدبوغ والصوف والسمن العربي وشعر الماعز والصمغ والعفص ، إلى جانب مقادير لا بأس بها من التمور والحبوب ، علماً بأن شعر الماعز والصمغ والعفص وجزءً من الحنطة المصدرة من بغداد تأتي من ولاية الموصل. اما صادرات فارس عن طريق البصرة فتتألف في غالبيتها من الافيون والسجاد وبدرجة أقل من الصمغ والعفص والجلد المدبوغ والصوف.

ولم يتأت لهذه الخدمات باجمعها الوصول إلى اسواق اوربا الغربية

٢٩٣

الا بعد افتتاح قناة السويس التي قلّلت من اجور الشحن البحري إلى درجة ان تلك الاجور لم تعد تشكل عبءاً حتى بالنسبة إلى منتجات الزراعة الرخيصة. وهكذا وجدت هذه المنتجات الزراعية التي لم تكن تباع قبل الان الا في الهند ، طلباً عليها في بريطانيا نفسها حيث اصبحت لندن سوقاً مركزية للصادرات العراقية ولم تجد من ينافسها في هذا المجال سوى مرسيليا رغم ان هذه المنافسة لم تكن كبيرة. وهناك الكثير من الاسباب التي ساعدت على ان تتبوأ لندن هذه المكانة الاستثنائية ، أو لها ان خطوط البواخر الملاحية المباشرة كانت تربط العراق الجنوبي بعاصمة بريطانيا ومرسيليا في المقام الاول ، فضلاً عن ذلك فأن اول الشركات الاوربية التي استقرت في العراق كانت شركات انجليزية ، لهذا فأنها عندما تشارك في التصدير توجهه إلى سوقها الوطني بالدرجة الاولى.

ومن الناحية الاخرى كانت البيوت التجارية الكثيرة العدد من مسيحي ويهود بغداد التي استقرت في لندن ومرسيليا بعد حفر قناة السويس مباشرة واصبحت وسطاء حقيقيين بين التجار العراقيين وتجار الجملة هناك ، تساعد على توجيه الصادرات العراقية إلى الاسواق الاوربية المذكورة. وهكذا اصبحت لندن وجزئياً مرسيليا ايضاص مركزين عالميين لتوزيع خامات العراق التي اصبحت اسعارها في الاسواق الاوربية والامريكية تعتمد كلياً على بورصة لندن. وابتداءً من مفتتح القرن العشرين لوحظ ان بعض الدول الاوربية المهتمة بالصادرات العراقية اخذت تسعى للتخلص من وساطة لندن وقد جاءت الخطوة الحاسمة الاولى في هذا الاتجاه من المانيا التي اقامت منذ ١٩٠٦ خطاً مباشراً للسفن التجارية بين البصرة وهامبورغ فمكنت بذلك اصحاب المصانع الألمان من أقامة صلات مباشرة مع منطقة الانتاج في العراق. ومع ذلك فقد ظل التفوق في التصدير

٢٩٤

العراقي حتى الآن من حصة سوق لندن الذي مايزال المستهلك الاساس للخدمات التي تصدر إلى الخارج عن طريق ميناء البصرة.

اما الجهات التي تشتغل بتصدير البضائع من العراق فهي البيوت التجارية اليهودية القائمة في البصرة التي ينتمي اصحابها إلى القومية الانجليزية ، وكذلك شركات الاهالي المحلية التي تبقى لها الاولوية بسبب كثرة عددها. واغلبية هذه الشركات هي شركات رصينه أهل للثقة ، غير ان الربح الذي يدرّه الاشتغال بالتصدير جذب إلى هذه القضية الكثير من صغار التجار الذين يندفعون ، رغم انهم لا يملكون الا رؤوس اموال محدودة جداً ، في مشروعات ضخمة تنطوي على المخاطرة. ويستفيد صغار المصدرين هؤلاء من خدمات الوسطاء من مسيحيي ويهود بغداد الذين استقروا في لندن ومرسيليا فيأخذون منهم على اساس وثيقة الشحن مابين ٧٥% و ٨٠% من سعر البضائع المذكور في الفاتورة بكمبيالات مدتها اربعة اشهر ثم يصرفون هذه الكمبيالات لدى الصرافيين المحليين ويسددون بالنقود التي يحصلون عليها بهذه الطريقة للمجهزين ثمن البضاعة التي كانوا اخذوها منهم بالدين.

ولا يمكن في ظل مثل هذا الاسلوب البسيط للمشاركة في التصدير الا ان تزدهر المضاربة التي كان من نتيجتها ان ارسلت إلى الخارج خامات من نوعية رديئة كما انها ادت إلى ان ترتفع الاسعار المحلية بشكل مصطنع وذلك لان المضاربين كانوا يضخمون درجة اعتماد الاسواق الاوربية على كمية الصادرات العراقية فيرسخون بذلك اعتقاداً خاطئاً مفاده ان سوء المحصول لهذه المادة أو تلك من مواد التصدير المحلي يؤدي حتماً إلى ارتفاع سعرها في اوربا. وانطلاقاً من هذا الاعتقاد يزيدون اسعار بضاعتهم زيادة كبيرة الامر الذي يؤدي إلى ان تتراكم هذه البضائع لديهم دون ان

٢٩٥

تجد من يشتريها في احسن الحالات ، اما في اسوئها فأنهم يتخلصون من البضاعة ببيعها باسعار بخسة فتصيبهم الخسارة. وتؤدي مثل هذه الاخفاقات إلى افلاسات يشتد انعكاسها على استقرار السوق بقدر ما يزداد عدد الاشخاص الذين يعلنون افلاسهم.

تحتل بريطانيا كما ذكرنا المركز الاول في استهلاك خامات العراق تأتي بعدها حسب الترتيب كل من : أمريكا وفرنسا وتركيا والهند والمانيا والنمسا. اما توزيع مواد التصدير الرئيسة على الدول المختلفة فهو على النحو التالي : التمور تستهلكها بالدرجة الاولى بريطانيا وامريكا وموانيء البحر الاحمر والهند والشرق الادنى والنمسا ، والحبوب ترسل إلى بريطانيا وموانيء البحر الاحمر والهند والشرق الادنى والمانيا ، والسمسم يصدر إلى فرنسا ، والجلود المدبغة تستهلكها روسيا (فراء الحملان) ، وبريطانيا وفرنسا والمانيا والنمسا ، والصوف يباع في بريطانيا والخيول ترسل إلى الهند وعرق السوس إلى امريكا وبعضه إلى فرنسا ، والصمغ إلى بريطانيا وبدرجة أقل إلى امريكاو فرنسا والمانيا والعفص يصدر إلى بريطانيا وفرنسا وامريكا.

ان المادة الاساسية في صادرات ولاية البصرة هي التمور وذلك فأننا سنبدأ استعراضنا لموارد تجارة التصدير العراقي المختلف بها.

كانت الهند وموانيء الخليج الفارسي والبحر الاحمر قبل ان تفتتح قناة السويس تستهلك كميات لا يستهان بها من تمور البصرة فقد نقلت السفن الشراعية إلى هناك في اربعينات القرن التاسع عشر على مايذكر V. Fontanier (١) ما يقرب من ٩٠٠٠ طن من التمور المعبأة في سلال أو في اكياس من الخوص. وقد نقلت التمور إلى اسواق لندن لاول مرة في

__________________

(١) Fontanier; OP. Cit T. l, ٢٥٠.

٢٩٦

١٨٧٠ وكانت الكمية التي نقلت إلى هناك آنذاك ٣٠٠ طن ، ومنذ ذلك الوقت اخذ بيع التمر في لندن يزداد من سنة إلى اخرى واصبحت التمور ترسل حتى إلى امريكا من لندن التي اصبحت مركز تجارتها الرئيسي.

ونتيجة لتنامي تصدير التمور اتسعت المساحة التي تشغلها بساتين النخيل في العراق حتى انها تضاعفت خلال العشر سنوات (من ١٨٨٦ إلى ١٨٩٦) اكثر من خمسة مرات. وقد ارتفعت مناسيب المياه في شط العرب في ١٨٩٦ اكثر من المعتاد فأدى ذلك إلى موت أكثر من مليون نخلة ، الامر الذي اعاق استمرار تطور انتاج.

التمور الذي لم يتمكن من التخلص من عواقب هذا الفيضان قبل ١٨٩٩. ويمكن على مقدار تزايد تصدير التمور من البصرة خلال الخمس والثلاثين سنة الاخيرة من الجدول التالي الذي يبين متوسط كمية التمور الصادرة في كل خمس سنوات :

٢٩٧

العبوة

معدل للسنوات

١٨٧٩_٨٣

معدل للسنوات

١٨٨٣_٨٧

معدل للسنوات

١٨٨٧_٩١

معدل للسنوات

١٨٩٢_٩٦

معدل للسنوات

١٨٩٧_٩٠١

معدل للسنوات

١٩٠٢_٩٠٦

معدل للسنوات

١٩٠٦_٩١٠

صندوق سلة جراب كيس

١٠٥٥٩٠

٥٦٦٦٠

٦٦٩٩٠

ـ

٢٥٧٨٣٠

٤٠٦٩٠

٦٦٦٧٠

ـ

٥٣٨٧٥٠

٤٢٣٦٢٠

٤٣٨٨٠

٤٧٦٠

٥٨٨٨٨٠

٤٩٠٩٠٠

٥٠٠٧٠

١٤٧٤٠

٧٣٨٦٣٠

٤٣٦٤٨٠

١٣٩٢٠

١٧٩٤٠

٩٨٨٦٧

٥٣٣٤٤٠

١٤٢٧٠

١٦٦٠٠

١٣٠٦٤٥٠

٣٣٦٩٠٠

٣٤٦٧٠

٤١٠٤٠

٢٩٨

ان مشاركة بغداد في هذه الكميات الهائلة من التمر المصدر هي في الواقع قليلة للغاية فقد بلغ المتوسط السنوي للتمور التي صدرتها إلى الهند وسوريا ومصر اسطنبول (٢٠٦٣٠) كيساً للفترة ١٩٠٣ - ١٩٠٦ و (٢٦٢٩٠) كيساً و (٢٧٦٨٠) جراب و (٢١٨١٠) صناديق في الفترة من ١٩٠٧ - ١٩١٠.

وتشير حسابات التجارة وهي حسابات تقريبية إلى ان ثلث حاصل التمر في ولاية البصرة ينقل بواسطة البواخر إلى اوربا وامريكا ، وثلثه الاخر ينقل على سفن شراعية إلى موانيء الهند والخليج الفارسي والبحر الاحمر ، اما الثلث الاخير فيبقى للاستهلاك المحلي. وكان التمر المصدر إلى امريكا يذهب إلى هناك في اول الامر عبر لندن ، غير ان سنة ١٨٩٦ شهدت اول باخرة ذهبت من البصرة إلى العالم الجديد وعليها (٥٣٠٠٠) صندوق من التمر. ومنذ ذلك الوقت اصبح نقل التمر إلى السوق الامريكي مباشرة يجري بواسطة باخرة في البداية ثم باخرتين بعد ذلك وابتداءً من ١٩٠٦ اصبح عدد البواخر ثلاثاً اضافت اليها الشركة الآلمانية (Hamburg Amerika) في ١٩١٠ باخرة رابعة. ولم تلبث دول اخرى ان حذت حذو امريكا في نقل التمر مباشرة من البصرة ، فقد نقلت شركة لود النمساوية في ١٩٠٠ مثلاً (٦٠٠٠٠) صندوق إلى النمسا و (٢٥٠٠٠) صندوق إلى المانيا. ولكي نوضح نسبة مشاركة البلدان المختلفة في استهلاك التمر المصدر ، نورد ادناه الجدول التالي المستخلص من الاحصاءات التجارية للقنصل البريطاني في البصرة والمتضمن عدد صناديق التمر والجهة التي ارسلت اليها في السنوات ١٩٠٤ ـ ١٩٠٧ :

٢٩٩

الجهة المرسلة

اليها

بالاطنان

١٩٠٤ ١٩٠٥ ١٩٠٦ ١٩٠٧

لندن والبحر المتوسط

أمريكا

النمسا والبلدان الاخرى

١٤٠٠٠ ١٨٦٠٠ ١٩٢٥٠ ٢٣٤٠٧

٦٠٠٠ ٧٠٠٠ ١١٢٥٠ ٨٥١٥

١٣٧٥ غير معروف ٧٥٠ ٢١٦٢

وتتألف التمور المشار اليها في الجدول والمصادرة إلى اوربا وامريكا من ثلاثة انواع هي : «الحلاوي» و «الخضراوي» و «الساير» التي لا ينافسها بشكل جدي في الاسواق الغربية سوى تين أزمير ، حيث لوحظ بأن سوء موسم هذا الاخير يؤدي إلى زيادة الطلب على التمر وبالعكس ينخفض تصدير التمور في حالة وفرة محصول ذلك التمر الذي ينافسها.

ويعتبر «الحلاوي» و «الخضراوي» النوعين الاكثر رواجاً بين الانواع المذكورة فمتوسط انتاجها السنوي لايكفي الا بالكاد لتغطية الطلب عليهما في اوربا وامريكا في الوقت الحاضر ، ولهذا فأن أي قلّة في محصولها كما حصل مثلاً بعد شتائي ١٩٠٥ - ١٩٠٦ و ١٩٠٦ ١٩٠٧ اللذين جاء شديدي البرودة ، تؤدي على الفور إلى ارتفاع اسعارهما المحلية ارتفاعاً شديداً. وتستخدم في عقد صفقات تجارة التمور عملة خاصة ليس لها وجود في الوقت الحاضر هي «الشامي» التي تعادل كل ٥ ، ١٥ منه ليرة عثمانية واحدة. وقد عانت الاسعار في القرن الحالي تذبذباً حاداً فقد كان سعر «الكارة» الواحدة وهي وحدة للكيل تعادل ١٥٠ بوداً (١) من «الحلاوي» ٣٠٠ شامي

__________________

(١) انظر هامشنا عن البود في الصفحة ١١٩ من الجزء الاول من هذا الكتاب. المترجم.

٣٠٠