الشيخ عباس القمي
المحقق: السيد ياسين الموسوي
الموضوع : الأخلاق
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-223-9
الصفحات: ٣٠٨
فيقول : طول الحساب. مازال الشيء يجيئني بعد الشيء يغفر لي ، ثمّ اسأل عن شيء آخر حتّى تغمدني الله عزّوجلّ برحمته ، والحقني بالتائبين.
فمن أنت؟
فيقول : أنا الفقير الذي كنت معك آنفاً.
* السادس : روى الشيخ الطوسي عنه عليهالسلام :
(اذا كان يوم القيامة وكّلنا الله بحساب شيعتنا. فما كان لله سألنا الله أن يهبه لنا فهو لهم. وما كان لنا فهو لهم ، ثمّ قرأ عليهالسلام) :
( إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم ) (٢) (٣).
* السابع : روى الشيخ الكليني عن الامام محمّد الباقر عليهالسلام : (انّما يداقّ الله العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا) (٤).
*حكاية :
نقل عن خط الشيخ الشهيد عليه الرحمة :
قال أحمد بن أبي الجواري : تمنّيت أن أرى أبا سليمان الداراني (٥) في المنام فرأيته بعد سنة ، فقلت له يا معلم! مافعل الله بك؟
__________________
(١) رواه الشيخ الصدوقي في الأمالي : ص ٢٩٤ و ٢٩٥ ـ المجلس (٥٧) : ح ١١ ، ورواه المجلسي في البحار : ج ٧ ، ص ٢٥٩ ، عنه.
(٢) سورة الغاشية : الآية ٢٥ و ٢٦.
(٣) بحار الأنوار للعلاّمة المجلسي : ج ٧ ، ص ٢٦٤ ، عن الأمالي للشيخ أبي جعفر الطوسي : ص ٤١٩ ، ج ٢ ، المجلس ١٥ ، ح ٥٩.
(٤) الكافي : ج ١ ، ص ١١ ، كتاب العقل والجهل : ح ٧.
(٥) قال المؤلّف رحمهالله تعالى في الحاشية (أبو سليمان الداراني عبد الرحمن بن عطية الزاهد المعروف توفي في (داريا ) من قرى (دمشق) وقبره هناك معروف وأحمد أبي الجواري من أصحابه ـ كذا في معجم البلدان).
فقال : يا أحمد جئت من باب الصغير فلقيت وسق شيح (١) ، وأخذت منه عوداً ما أدري تخللت به ، أورميت به ، فأنا في حسابه مذ سنة الى هذه الغاية (٢).
يقول المؤلّف : لا استبعاد في هذه الحكاية ، بل تصدقها الآية الشريفة :
( يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ) (٣).
وكذلك قول أمير المؤمنين عليهالسلام في احدى خطبه :
« أليست النفوس عن مثقال حبّة من خردل مسؤولة؟!! (٤).
وكتب في رسالة الى محمّد بن أبي بكر قال :
« واعلموا عباد الله انّ الله عزّوجلّ سائلكم عن الصغير من عملكم والكبير » (٥).
__________________
(١) والشيح بالكسر نبت سهلي يتخذ من بعضه المكانس وهو من الأحرار له رائحة طيبة وطعم مرّ وهو مرعى للخيل والنعم ، ومنابته القيعان والرياض ، راجع تاج العروس للزبيدي : ج ٢ ، ص ١٧٤ ، (فصل الشين من باب الحاء).
(٢) سفينة البحار للمرحوم الشيخ عباس القمّي : ج ١ ، ص ٢٥٠.
(٣) سورة لقمان : الآية ١٦. قال المؤلّف في الحاشية :
(قال المفسرون : يعني يابني انذها إن تك من خصلة حسنة أو سيئة يأتي بها الله ـ ولو كان وزنها وزن خردلة سواءاً كانت في صخرة أو في السماء أو في ألارض ـ في موقف الحساب ويحاسبك عليها).
(٤) الأمالي للصدوق : ٤٩٦ ، المجلس : ٩٠ ، ح ٧ ، وعنه في البحارك ج ٤٠ ، ص ٣٤٨ ، ح ٢٩ ، وفي : ج ٧٧ ، ص ٣٩٦ ، ح ١٣.
(٥) نقله ابن الحديد في ضمن كتاب كتبه أمير المؤمنين عليهالسلام الى محمّد بن أبي بكر وأهل مصر ، شرح نثج البلاغة : ج ٦ ، ص ٦٧٨ ، وفيه (فعلموا) بدل (واعلموا) ، وفيه (من أعمالكم) بدل (من عملكم) ، ونقله السيّد الرضي في نهج البلاغة : ج ٣ ، ص ٢٧ ، شرح محمّد عبدة (من عهده عليهالسلام الى محمّد بن أبي بكر حين قلده مصر) ، وفيه (فانّ الله تعالى يسائلكم معشر عباده عن الصغيرة من أعمالكم والكبيرة) ، ونقل الرواية الاُولى المجلسى في البحار : ج ٣٣ن ص ٥٤٣ ، ح ٧٢ ، عن ابن أبي الحديد ، ونقل ارواية الثانية في : ج ٧٧ ، ص ٣٨٧ ، ح ١١ ، ورواه الشيخ المفيد في الأماني : ص ٢٦٩ ، المجلس ٣١ ، ح ٣ ، ورواه الشيخ الطوسي في الأمالي : ج ١ ، ص ٢٤ ، المجلس ١ ـ ح ٣١.
وفي رسالة الى ابن عباس قال :
« أما تخاف نقاش الحساب » (١).
واصل امناقشة من (نقش الشوكة) يعني اخراج الشوكة.
ويعني كما انّك تأخذ كمال الدقة والتفحص والمهارة في اخراج الشوكة من البدن فكذلك دقق في الحساب وتمهر فيه واعلم انّه قال بعض المحققين : انّه لا تحصل النجاة من خطر الميزان والحساب إلاّ اذا حاسب الانسان نفسه في الدنيا ووزن أعماله وأقواله وخطراته ولحظاته بميزان الشرع ـ كما ورد في الخبر ـ حيث قال : « زنوا أنفسكم من قبل أن توزنوا ، وحاسبوها من قبل أن تحاسبوا » (٢).
* حكاية :
نقل عن أحد الأشخاص يقال له (توبة بن صمة) انّه كان يحاسب نفسه في أكثر أوقال الليل والنهار ، وفي أحد الأيّام حاسب نفسه عن ما مضى من أيّام عمره ، وكان قد مضى من عمره ستون سنة.
فحسب أيّامها فرأى انذها تصير (واحد وعشرون ألف وخمسمائه يوم).
فقال : الويل لي إذا لاقيت مالكاً بواحد وعشرين ألف وخمسمائه ذنب!
فعندما قال ذلك اُغمي عليه ، ومات في اغمائه ذلك.
يقول الفقير : روي ان رسول الله صلىاللهعليهوآله نزل بأرض قرعاء ، فقال لأصحاب : ائتونا بحطب.
فقالوا : يا رسول الله نحن بأرض قرعاء مالها من حطب. قال : فليأت كل انسان بما قدر عليه.
فجاؤوا به حتّى رموا بين يديه بعضه على بعض.
__________________
(١) نهج البلاغة : ج ٣ ، ص ٦٦ ، شرح محمّد عبده.
(٢) من خطبة لأمير المؤمنين عليهالسلام الخطبة تحت رقم ٨٩ ، ج ١ ، ص ١٥٩ ، شرح محمّد عبده ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ج ٦ ، ص ٣٥٩.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هكذا تحتمع الذنوب (١).
فمن المعلوم انّه كان المقصود من أمره بذلك صلىاللهعليهوآله باحضار الحطب هو أن يلفت الأصحاب الى هذه الحقيقة. فكما انّ تلك الصحراء التي كانوا يحسبونها خالية من الحطب ولم يكن في بالهم انّهم لو فتشوا عنه وجدوه ، فكذلك الذنوب ، فلو فتش الانسان وحاسب نفسه فسوف يجمع ذنوباً كثيرة ، كما أنّ (توبة بن صمة) عند ما افترض انّه أذيب في كل يوم من أيّام عمره ذنباً واحداً ، فقد جمع انّه قد صدر منه واحد وعشرون ألفاً وخمسمائة ذنب.
* * *
__________________
(١) رواه الكليني في الكافي الشريف : ج ٢ ، ص ٢٨٨ ، ورواه عنه المجلسي في البحار : ج ٧٣ ، ص ٣٤٦.
من مواقف القيامة المهولة
نَشر الصحف
كما قال تعالى في أوصاف القيامة :
( وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ) (٢).
وقال الله تعالى في سورة الانشقاق :
( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَىٰ سَعِيرًا ) (٢).
* روى العياشي عن الامام الصادق عليهالسلام انّه قال :
اذا كان يوم القيامةدفع الى الانسان كتابه ، ثمّ قيل له اقرأه.
قلت (٣) : فيعرف ما فيه؟
فقال : انّه يذكره ، فما من لحظة ولا كلمة ولا نقل قدم ولا نقل قدم ولا شيء فعله الاّ ذكره ، كأنه فعله تلك الساعة ، فلذلك قالوا :
(يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الاّ احصاها) (٤)
* وروى ابن قولويه عن الامام الصادق عليهالسلام قال :
__________________
(١) سورة التكوير : الآية ١٠.
(٢) سورة الانشقاق : الآيات من ٧ ـ ١٢.
(٣) الضمير عائد على الراوي وهو (خالد بن نجيح).
(٤) تفسير العياشي : ج ٢ : ص ٣٢٨.
( من زار قبر الحسين عليهالسلام في شهر رمضان ومات في الطريق لم يعرض ولم يحاسب. ويقام له : ادخل الجنة آمناً ) (١).
* وقال العلاّمة المجلسي رحمهالله في التحفة :
روي بسندين (٢) معتبرين عن الامام الرضا عليهالسلام انّه قال :
« مَن زارني على بعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطن حتّى اخلصه من أهوالها :
اذا تطايرت الكتب يميناً وشمالاً.
وعند الصراط.
وعند الميزان) (٣).
* وقال في (حق اليقين) : روى الحسين بن سعيد ف يكتاب (الزهد) عن الامام الصادق عليهالسلام قال :
« انّ الله تبارك وتعالى اذا أراد أن يحاسب المؤمن اعطاه كتابه بيمينه وحاسبه فيما بينه وبينه ، فيقول : عبدي فعلت كذا وكذا ، وعملت كذا وكذا؟
فيقول : نعم يا رب قد فعلت ذلك.
فيقول : قد غفر تها لك ، وأبدلتها حسنات.
__________________
(١) كانل الزيارات : ص ٣٣٠ ـ ٣٣١.
(٢) أقول : رواه الصدوق في (عيون أخبار الرضا) : ج ٢ ص ٢٥٥ : بإسناده التالي : حدثنا علي بن أحمد بن محمّ بن عمران الدقاق ، ومحمّد بن أحمد السناني ، وعلي بن عبد الله الوراق ، والحسين بن ابراهيم بن هشام المكتب رضي الله عنهم قالوا :
حدثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي الأسدي ، عن أحمد بن محمّد بن صالح الرازي ، عن حمدان الديواني قال : قال الرضا عليه السلام.
ورواه الصدوق في الخصان : ص ١٦٧ قال :
حدثنا علي بن أحمد بن موسى رضي الله عنه قال : حدثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي عن أحمد بن أحمد بن محمّد بن صالح الرازي عن حمدان الديواني ...
ورواه في الأمالي : ص ١٠٦ ، المجلس ٢٥ ، ح ٩ ، بالإسناد المتقدم في الخصال.
(٣) ورواه العلاّمة المجلسي في البحار : ج ١٠٢ ، ص ٣٤ ـ عن الكتب الثلاثة التي قدّمنا ذكرها.
فيقول الناس : سبحان الله ، أما كان لهذا العبد سيئة واحدة؟!!
وهو قول اله عزّوجلّ :
( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُورًا ).
قلت : أي أهل؟
قال : أهله في الدنيا هم أهله في الجنة إن كانوا مؤمنين.
قال : واذا أراد بعبد شراً حاسبه على رؤوس الناس وبكته ، واعطاه كتابه بشماله. وهو قول اله عزّوجلّ :
( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا ).
قلت : أي أهل؟
قال : أهله في الدنيا.
قلت قوله : (انّه ظنّ ان لن يحور).
قال : ظنّ انّه لن يرجع.) (١).
وهذه اشارة الى انّ المنافقين والكفار تغلّ أيديهم ، ويعطون كتبهم من وراء رؤوسهم الى شمالهم ، وقد اشير الى هابين الحالتين في أدعية الوضوء عند غسل اليدين :
(اللهمّ اعطني كتابي بيميني والخلد في الجنان بيساري وحاسبني حساباً يسيراً).
و ( اللّهمّ لا تعطني كتابي بشمالي ولا من وراء ظهري ، ولا تجعلها مغلولة الى عنقي) انتهى.
يقول المؤلّف : رأيت من المناسب في هذا المقام أن نتبرك بذكر رواية نقلها
__________________
(١) كتاب الزهد : للحسين بن سعيد الاهوازي : ٢٩ طبعة قم ، ونقله عنه المجلسي في البحار : ج ٧ ، ص ٣٢٤ ، ح ١٧.
السيّد ابن طاووس رضوان الله عليه انّه : (كان علي بن الحسين عليهماالسلام اذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبداً له ولا امةً.
وكان اذا أذنب العبد والأمة يكتب عنده : (أذنَبَ فُلانٌ. أذنَبَت فلانة يوم كذا وكذا) ولم يعاقبه. فيجتمع عليهم الادب ، حتّى اذا كان آخر ليلة من شهر رمضان دعاهم وجمعهم حوله ، ثمّ أظهر الكتاب ، ثمّ قال يا فلا فعلت كذا وكذا ، ولم أُؤدّبك اتذكر ذلك؟
فيقول : بلى يابن رسول الله.
حتّى يأتي على آخرهم ، فيقورهم جميعاً ، ثمّ يقوم وسطهم ، ويقول لهم : ارفعوا أصواتكم ، وقولوا : يا علي بن الحسين انّ ربك قد أحصى عليك كلما عملت ، كما أحصيت علينا كلما عملنا ، ولديه كتاب ينطق عليك بالحقّ لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما أتيت إلاّ أحصاها ، وتجد كلما عملت لديه حاضراً كما وجدنا كلما عملنا لديك حاضراً ، فاعف عنا تجده عفوّاً ، ربّك رحيماً ، ولك غفوراً ، ولا يظلم ربك أحاً ، كما لديك بك كتاب ينطق علينا بالحقّ لا يغادر صغيرةً ولا كبيرة مما اتيناها إلاّ احصاها ، فاذكر يا علي بن الحسين ذلّ مقامك بين يدي ربّك الحكم العدل الذي لا يظلم مثقال حبّة من خردل ، ويأتي بها يوم القيامة ، وكفى بالله حسيباً وشهيداً ، فاعف واصفح يعفو عنك المليك ويصفح ، فانّه يقول : ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (١).
قال : وهو ينادي بذلك على نفسه ، ويلقنهم ، وهم ينادون معه ، ينادون معه ، وهو واقف بينهم يبكي وينوح ويقول : ربّ انّك أمرتنا أن نعفو عمّن ظلمنا فقد ظلمنا انفسنا ، فنحن قد عفونا عمّن ظلمنا كما امرت ، فاعف عنّا فانّك أولى بذلك منّا ومن المأمورين ، وأمرتنا أن لا نردّ سائلاً عن أبوابنا وقد اتيناك سؤّالاً ومساكين ، وقد أنخنا بفنائك وببابك نطلب نائلك ومعروفك وعطاءك فامنن بذلك علينا ولا تخيبنا فانّك
__________________
(١) سورة النور : الآية ٢٢.
أولى بذلك منّا ومن المأمورين ،
الهي كرمتُ فاكرمني اذ كنت من سؤّالك ، وجدتُ بالمعروف فاخلطني بأهل نوالك ياكريم.
ثمّ يقبل عليهم ، فيقول : قد عفوتُ عنكم ، فهل غفوتم عني ، ومماكان مني إليكم من سوء ملكة ، فانّني مليك سوء لئيم ظالم مملوك لمليك كريم جواد عادل محسن متفضل؟
فيقول : قد غفونا عنك يا سيدنا ، وما أسأت.
فيقول لهم : قولوا : اللهمّ اعف عن علي بن الحسين كما عفا عنا ، واعتقه من انار كما اعتق رقابنامن الرق.
فيقولون ذلك.
فيقول : اللّهمّ آمين لابّ العالمين. اذهبوا فقد غفوت عنكم ، واعتقت رقابكم رجاءاً للعفو عني ، وعتق رقبتي. فيعتقهم.
فإذا كان يوم الفطر اجازهم بجوائز تصونهم وتغنيهم عماّ في أيدي الناس.
وما من سنة إلاّ وكان يعتق فيها في آخر ليلة من شهر رمضان ما بين العشرين رأساً الى أقل أو أكثر ، وكان يقول :
انّ لله تعالى في كل ليلة من شهر رمضان عند الافطار سبعين ألف ألف عتيق من النار كلاً قد استوجب النار ، فإذا كان آخر ليلة من شهر رمضان اعتق فيها مثل ما اعتق في جميعه ، وانّي لأحب أن يراني الله وقد اعتقت رقاباً في ملكي في دار الدنيا رجاء أن يعتق رقبتي من النار) (١).
* * *
__________________
(١) اقبال الأعمال : للسيّد ابن طاووس : ص ٢٦٠ ـ ٢٦١ ، الطبعة الحجرية طهران.
من معابر الآخرة المَهُولة
الصراط
من موارد الآخرة المَهولة
الصراط
وهو جسر ينصب على جهنم ، ولا يدخل أحدٌ الجنة إلاّ بالمرور عليه. وقد ورد في الروايات انّه أدق من اشعرة من وأحَدُّ من السيف (١). وأشدّ حرارة من النار وانّ المؤمنين الخلّص يمرون عليه بسهولة جداً كالبرق الخاطف (٢). وأنّ البعض
__________________
(١) أقول : روى الصدوق عن الصادق عليهالسلام في خبر : (والصراط أدق من الشعر وأحدّ من السيف) رواه السيّد هاشم البحراني قدِّس سرُّه في معالم الزلفى : ص ٢٣٤ ، الطبعة الحجرية.
وروى علي بن ابراهيم بإسناده عن سعدان بن مسلم عن الصادق عليه السلام ، قالك سألته عن الصراط؟
قال : هو أدق من الشعر ، وأحدّ من السيف ، فمنهم من يمشي عليه مثل البرق ، ومنهم من يمرّ عليه مثل عدو الفرس ، ومنهم من يمرّ عليه ماشياً ، ومنهم من يمرّ عليه حبواً ، ومنهم من يمرّ عليه متعلقاً فتأخذ النار منه شيئاً وتترك بعضه).
رواه البحراني في معالم الزلفى : ص ٢٣٤.
ورواه المجلسي في البحار : ج ٨ : ص ٦٤ ـ ٦٥ وروى مثله الصدوق بإسناده عن أبي بصير عن الصادق عليهالسلام قال (الناس يمرون على الصراط طبقات والصراط ... ) الحدث ، الأمالي : ص ١٤٩ المجلس ٣٣ ـ ح ٤.
(٢) وروى السيّد البحراني في معالم الزلفي : ص ٢٣٤ والمجلسي في البحار : ج ٢٧ ، ص ١١٤ ، ح ٨٩ ، وشاذان بن جبرئيل في المناقب : ص ٦٦ ، وغيرهم عن عبدالله بن عمر قال : سألنا رسول الله صلىاللهعليهوآله عن علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فغضب صلىاللهعليهوآله وذكر حديثاً جليلاً طويلاً الى أن قال :
(ألا ومن احبّ علياً مرّ على الصراط كالبرق الخاطف ولم ير مؤونة (صعوبة. خ. ل)
يمر بصعوبة فأما ينجو وأما يسقط في قعر جهنم (١).
وهو في الآخرة مثال الصراط المستقيم في الدنيا الذي هو دين الحقّ وطريق ولاية ومتابعة أمير المؤمنين والأئمة الطاهرين من ذريته صلوات الله عليهم أجمعين (٢).
__________________
إلاّ امرور).
(١) في تفسير علي بن ابراهيم القمّي بإسناده عن جابر عن جعفر عليهالسلام قال ـ كما في مقدمة الخبر) أدق من الشعرة واحدّ من السيف ، عليها ثلاث قناطر.
فأما واحدة : فعليها الأمانة والرحم.
وأما ثانيها : فعليها الصلاة.
وأما الثلاثة : فعليها عدل ربّ العالمين لا اله غيره فيكلفون الممّر عليها ، فتحبسهم الرحم والأمانة ، فإن نجوا منها حبستهم الصلاة ، فإن نجوا منها كان المنتهى الى ربّ العالمين جل وعزّ ، وهو قوله تبارك وتعالى : (انّ ربك لمرصاد).
والناس على الصراط ، فمتعلق بيد وتزول قدم مستمسك بقدم.
والملائكة حولها ينادون : يا حليم اعف واصفح وعد بفضلك ، وسلم ، وسلم.
والناس يتهافتون في النار كالفراش فيها.
فإذا نجا برحمة الله مرّ بها ، فقال الحمد لله ، وبنعمته تتم الصالحات ، تزكو الحسنات ، والحمد لله الذي نجّاني منك بعد اليأس بمنّه وفضله ، انّ ربنا لغفور شكور).
تفسير القمّي ج ٢ : ص ٤٢١.
وفي خبر آخر عن ابن عباس قال رسول الله (ص) الى قوله ثمّ يامر الله تعال أن يعقد على الصراط سبع قناطر طول كل قنطرة سبعة عشر ألف فرسخ ، وعلى كل قنطرة سبعون ألف ملك يسألون هذه الامة ، رجالهم ونساءهم على القنطرة الاُولى : عن ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام وحبّ أهل بيت محمّد صلىاللهعليهوآله ، فمن أتى به جاز على القنظرة الاُولى كالبرق الخاطف ومن لا يحب أهل بيته سقط على ام رأسه في قعر جهنم ولو كان معه من أعمال البر عمل سبعين صديقاً ... الخبر) معالم الزلفى : ص ٢٣٤ ، والمجلسي في البحار : ج ٧ ص ٣٣١ ، ح ١٢ ، وفي : ج ٢٧ ، ص ١١٠ ، ح ٨٢ ، وتأويل الآيات الظاهرة ، للسيّد شرف الدين النجفي ، ج ٢ ، ص ٤٩٤.
(٢) أقول روى رئيس المحدّثين الشيخ الصدوق في معاني الأخبار : ص ٢٣ ، باب معنى الصراط ، ح ١ ، بالإسناد عن المفضل بن عمر قال :
سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الصراط :
ومن عدل عن هذا الصراط ومال الى الباطل بالقول أو العمل فانّه يزل من هذه العقبة (١) من صراط الآخرة ويسقط في جهنم.
و (والصراط المستقيم) في سورة الحمد إشارة الى الاثنين (٢).
__________________
فقال : هو الطريق الى معرفة الله عزّوجلّ.
وهما صراطان : صراط في الدنيا ، وصراط في الآخرة.
وأما الصراط الذي في الدنيا فهو الامام المفترض الطاعة فمن عرفه في الدنيا واقتدى بهداه مرّ على الصراط الذي هو جهنم في الآخرة ومن لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه عن الصراط في الآخرة فتردى في نار جهنم.
(١) في البحار : ج ٨ ، ص ٦٦ ، عن انس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله في قوله تعالى :
(فلا اقتحم العقبة).
انّ فوق الصراط عقبة كؤوداً طولها ثلاثة آلاف عام :
ألف عام هبوط.
وألف عام شوك وحسك وعقارب وحيات ، وألف عام صعود ... الحديث).
وفي البحار : ج ٨ : ص ٦٧ ـ ٦٨ عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله قال : اذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على جهنم لم يجز عليه الاّ من كان معه جواز فيه ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام .. الحديث).
(٢) ورد هذا المعنى في روايات شريفة كثيرة وصلت حدّ الاستفاضة إن لم يدع التواتر ، نعم التواتر مقطوع به في تفسيره الولاية بعليّ بن أبي طالب عليهالسلام من الطرفين.
ومن جملة تلك الروايات :
ـ مارواه الشيخ الثقة الجليل القمّي في تفسيره : ج ١ : ص ٢٨ ، في قوله تعالى ( اهدنا الصراط المستقيم) :
(قال : الطريق معرفة الامام).
ـ وروى بأسناد صحيح عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله (الصراط المستقيم) قال : هو أمير المؤمنين عليهالسلام ومعرفته.
ـ وفي معاني الأخبار ص ٣٥ بالأسناد عن أبي حمزة الثمالي عن سيّد العابدين علي بن الحسين عليهماالسلامقال :
ليس بين الله وبين حجته حجاب ، فلا لله دون حجته ستر ، نحن أبواب الله ، ونحن الصراط المستقيم ، ونحن عيبة علمه ، ونحن تراجمة وحيه ، ونحن أركان توحيده ، ونحن موضع سرّه.
ـ وروى الصدوق بإسناده عن سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله
* ونقل العلاّمة المجلسي ( رحمة الله عليه ) في حقّ اليقين عن كتاب عقائد الشيخ الصدوق رحمهالله انّه قال :
اعتقادنا في العقابات التي على المحشر أن كل عقبة منها اسمها اسم فرض وأمر ونهي ، فمتى انتهى الانسان الى عقبة اسمها فرض ، وكان قد قصّر في ذلك الفرض حبس عندها وطولب بحقّ الله فيها ، فان خرج منها بعمل صالح قدّمه ، أو برحمة تداركه ، نجا منها الى عقبة اُخرى ، فلا يزال يدفع من عقبة الى عقبة ، ويحبس عند كل عقبة ، فيسأل عما قصّر فيها من معنى اسمها ، فإن سلم من جميعها انتهى الى دار البقاء فيحيا حياةً لاموت فيها أبداً ، وسعد سعادة لا شقاوة معها أبداً وسكن في جوار الله مع انبيائه وحججه والخديقين والشهداء والصالحين من عباده.
وإن حبس على عقبة فطولب بحق قصّر فيه فلم ينجه عمل صالح قدمه ، ولا أدركته من الله عزّوجلّ رحمة زلت به قدمه عن العقبة فهوى في جهنم نعوذبالله منها.
وهذه العقبات كلها على الصراط. اسم عقبة منها الولاية. يوقف جميع الخلائق عندها ، فيسألون عن ولاية أمير المؤمنين والأئمة من بعده عليهمالسلام ، فمن أتى بها نجا وجاز ، ومن لم يأت بها بقي فهوى ، وذلك قول الله عز وجلّ ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) (١).
ويقول عزّ جلّ ( وعزتي وجلالي لا يجوزني ظلم ظالم ) (٢).
__________________
يا علي اذا كان يوم القيامة اقعد أنا وأنت وجبرائيل على الصراط ، فلم يجز أحد ألاّ من كان معه كتاب فيه براءة بولايتك).
ـ وفي تفسير العياشي : ج ١ : ص ٢٤ : عن داود بن فرقد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) تعني أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
(١) سورة الفجر : الآية ١٤.
(٢) ورد هذا الحديث القدسي في الحديث (١٨) من باب (الاشكال والقرائن) من كتاب المحاسن للبرقي : ص ٧.
واسم عقبة منها الرحم ، واسم عقبة منها الأمانة ، واسم عقبة منها الصلاة ، وباسم كل فرض ، أو أمر ، أو نهي عقبة يحبس عندها العبد فيسأل) (١).
* وروي عن الامام محمّد الباقر عليهالسلام قال :
لما نزلت هذه الآية ( وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ) سئل رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : بذلك أخبرني الروح الأمين أنّ الله لا اله غيره اذا ابرز الخلائق وجمع الأولين والآخرين اُتي بجهنم تقاد بألف زمام مع كل زمام مائة ألف ملك من الغلاظ الشداد لها هدة وغضب وزفيز وشهيق وانّها لتزفر الزفرة فلولا انّ الله أخّرهم للحساب لاهلكت الجميع.
ثمّ يخرج منها عنق ، فيحيط بالخلائق البر منهم والفاجر ، فما خلق الله عبداً من عباد الله ملكاً ولا نبياً الاّ ينادي نفسي نفسي ، وأنت يانبي الله تنادي امتي امتي.
ثمّ يوضع عليها الصراط من حد السيف ، عليها ثلاث قناطر : فأما واحدة فعليها الأمانة والحم ، والثانية فعليها الصلاة ، وأما الثالثة قناطر : فأما واحدة فعليها الأمانة والرحم ، والثانية فعليها الصلاة ، وأما الثالثة فعليها عدل ربّ العالمين لا اله غيره ، فيكون بالممر عليها ، فيحبسهم الرحم والأمانة ، فإن نجوا منهما جستهم الصلاة فإن نجوا منها كان المنتهى الى رب العالمين وهو قوله ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ).
والناس على الصراط : فمتعلق بيد ، وتزول قدم ، ومستمسك بقدم ، والملائكة وحوالها ينادون :
يا حليم اعف ، واصفح ، وعد بفضلك وسلم وسلم.
والناس يتهافتون في النار كالفراش فيها ، فإذا نجاناج برحمة الله مرّبها فقال : الحمد لله وبنعمته تتم الصالحات ، تزكو الحسنات ، والحمد لله الذي نجاني منك بعد اليأس بمنّه وفضله انّ ربّنا لغفور شكور (٢).
__________________
(١) البحار : ج ٧ ، ص ١٢٨ ـ ١٢٩.
(٢) تفسير القمّي : ج ٢ ، ص ٤٢١ ، ورواه الصدوق في الأمالي : المجلس ٣٢ ، ح ٣ ، ص ١٤٨ ، ونقله المجلسي في البحار : ج ٧ ، ١٢٥ ، ح ١ ، وفي : ج ٢ ، ص ٢٩٣ ، ح ٣٦.
* وروى الثقة الجليل الحسين بن سعيد الاهوازي عن الامام محمّد الباقر عليهالسلام :
اتى (١) أباذر رجلٌ ، فبشره بغنم له قد ولدت ، فقال : يا أباذر ابشر ولدت غنمك وكثرت.
فقال : ما يسرني كثرتها ، فما أحب ذلك ، فما قلّ منها وكفى أحبّ اليّ مما كثر والهى ، انّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : « على حافتي الصراط بوم القيامة الرحم والأمانة فإذا مرّ عليه الموصل للرحم والمؤدي للأمانةلم يتكفّأبه في النار » (٢).
* وفي رواية اُخرى : واذا مرّ الخائن للأمانة ، والقطوع للرحم لم ينفعه معها عمل ، ويكفأ به الصراط في النار (٣).
*حكاية :
نقل السيّد الأجل الأكمل المؤيد العلاّمة النحرير بهاء الدين السيّد علي ابن السيّد عبد الكريم النيلي النجفي ـ صاحب المنزلة والشأن العظيم والمناقب التي لا تحصى ، وهو تلميذ الشيخ الشهيد ، وفخر المحققين ـ في كتاب الأنوار المضيئة في أبواب فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام بمناسبة قال : حكاية عجيبة حكاها والدي رحمهالله تعالى ووافقه عليها جماعة أصحابنا أن رجل كان يقال له محمّد بن أبي أذينة كان تولى مسبحة (مسجدظ) قرية لنا تسمّى قرية نيلة انقطع يوماً في بيته فاستحضروه فلم يتمكن من الحضور فسألوه عن السبب ، فكشف لهم عن بدنه
__________________
(١) ابتدأت الرواية (سمعته يقول ... ) والضمير في (سمعة) يعود للراوي وهو الثقة الجليل جابر الجعفي رضي الله تعلى عنه.
(٢) كتاب الزهد للحسين بن سعيد الاهوازي : ص ٤٠ ـ ٤١ ، طبعة ـ قم.
(٣) عدة الداعي لابن فهد : ص ٨١ ـ الباب الثاني عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : حافتا الصراط يوم القيامة الأمانة والحم فإذا مرّ الوصول للرحم والمؤدي للأمانة نفذ الى الجنة واذا مرّ الخائن ... الحديث ، ورواه الكليني في الكافي : ج ٢ ، ص ١٥٢ ، ح ١١ ، باختلاف يسير ، ورواه المجلسي في البحار : ج ٨ ، ص ٦٧ ، ح ٩ ، وفي : ج ٧٤ ـ ص ١٠٥ ، ح ٦٨ ، وفي : ج ٧٤ ، ص ١١٧ ، ح ٨٠.
فإذا هو الى وسطه ما عدا جانبي وركيه الى رفي ركبته محرق بالنار ، وقد أصابه من ذلك ألم شديد لا يمكنه معه القرار ، فقالوا له : متى حصل لك ذلك؟ قال : اعلموا انّي رأيت في نومي كأن الساعة قد قامت والناس في حرج عظيم وأكثرهم يساق إلى النار والأقل إلى الجنة ، وفكنت مع من سيق الى الجنة ، فانتهى بنا المسير الى قنطرة عظيمة في العرض والطول ، فقيل : هذا الصراط ، فسرنا عليها فإذا هي كلما سلكنا فيها قلّ عرضها وبعد طولها فلم نبرح كذلك ونحن نسير عليها حتّى عادت كحد السيف ، وإذا تحتها وادٍ عظيم أوسع ما يكون من الأودية ، تجري فيه نار سوداء يتقلقل فيها جمر كقلل الجبال والناس ما بين ناج وساقط ، فلم أزل أميل من جهة إلى اُخرى حتّى انتهيت إلى قريب من آخر القنظرة فلم أتمالك حتّى سقطت مِن عليها ، فخضت في تلك النار حتّى انتهيت إلى الجرف ، فجعلت كلما اتشبث به لم يتماسك منه شيء في يدي ، والنار تحدرني بقوة جريانها ، وأنا أستغيث وقد انذهلت وطار عقلي وذهب لبّي فالهمت فقلت يا علي بن أبي طالب ، فنظرت فإذا رجل واقف على شفير الوادي ، فوقع في روعي أنّه الامام علي عليهالسلام ، فقلت : ياسيدي يا أمير المؤمنين :
فقال : هات يدك.
فمددت يدي ، فقبض عليها ، وجذبني ، وألقاني على الجرف ، ثمّ أماط النار عن وركي بيده الشريفة فانتبهت مرعوباً وأنا ترون فإذا هو لم يسلم من النار إلاّمامسه الإمام عليهالسلام ، ثمّ مكث في منزله ثلاثة أشهر يداوي ما أحرق منه بالمراهم حتّى يرئ ، وكان بعد ذلك قلّ أن يذكر هذه الحكاية لأحد الاّ اصابته الحمى (١).
ذكر عدة أعمال لتسهيل المرور على هذه العقبة
سوى صلة الرحم وأداء الأمانة التي مضت
* الأول : روى السيّد ابن طاووس في كتاب (الاقبال) : « من صلّى أول ليلة
__________________
(١) الكنى والألقاب للقمّي : ج ٢ ، ٩٥ ـ ٩٦.
من شهر رجب بعد صلاة المغرب عشرين ركعة بالحمد والتوحيد ، ويسلم بين كل ركعتين ليحفظ في نفسه وأهله وماله وولده ، واجير من عذاب القبر ، وجاز على الصراط كالبرق الخاطف » (١) ..
* الثاني : روي من صام من رجب ستة أيّام ... بعث من الآمنين يوم القيامة حتّى يمرّ على الصراط بغير حساب (٢).
* الثالث : روى السيّد :
مَن صلّى في الليلة التاسعة والعشرين من شعبان عشر ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرّة والهاكم التكاثر عشر مرّات ، والمعوذتين عشر مرّات ، وقل هو الله أحد عشر مرّات اعطاه الله تعالى ثواب المجتهدين ، وثقل ميزانه ، ويخفف عنه الحساب ، ويمرّ على الصراط كالبرق الخاطف (٣).
* الرابع : مرّ في الفصل السابق من زار الامام الرضا عليهالسلام على بعد قبره الشريف ، فانّه يأتي عنده يوم القيامة في ثلاثة مواطن ليخلصه من أهوالها ، وانّ أحدها عند الصراط (٤).
* * *
__________________
(١) اقبال الأعمال للسيّد ابن طاووس : ص ٦٢٩.
(٢) ثواب الأعمال للصدوق : ص ٧٩ وقريب منه في فضائل الأشهر الثلاثة للصدوق : ص ٢٥ : ح ١٢ ، وفي الأمالي : ص ٤٢٩ ، المجلس : ٨٠ ، ح ١ ، ونقله في البحار : ج ٧ ، ص ٣٠١ ، ح ٥٢ ، وفي : ج ٩٧ ، ص ٢٧ ، ح ١.
(٣) الاقبال : ص ٧٢٤.
(٤) أقول : روى الصدوق رحمه اللهُ في الخصال : ص ١٦٨ ، ح ٢٢٠ بإسناده عن الامام الرضا عليهالسلام قال : « من زارني على بعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاثة موطن حتّى اخلصه من أهوالها : اذا تطايرت الكتب يميناً وشمالاً ، وعند الصراط وعند الميزان ». ورواه الصدوق في الأمالي : ص ١٠٦ ، المجلس ٢٥ ، ح ١٤. وروى الشيخ الأقدام ابن قولويه في : كامل الزيارات بإسناده عن الامام الرضا عليهالسلام قال : « من زارني على بعد داري وشطون مزاري أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتّى اخلصه منم أهوالها : اذا تطايرت الكتب يميناً وشمالاً ، وعند الصراط ، وعند الميزان ».
كامل الزيارات : ص ٣٠٤ ، باب ١٠١ ، ح ٤.