الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٦٧
ج : لو كان المبيع غير الأمة ، فحمل عند المشتري من غير تصرف ، فالأقرب أن للمشتري الرد بالعيب السابق ، لأن الحمل زيادة ، ولو كانت حاملا فولدت عنده ثم ردها رد الولد.
د : لو كان كاتبا أو صانعا فنسيه عند المشتري لم يكن له الرد بالسابق.
______________________________________________________
يضرّنا تنزيل العشر ونصف العشر على البكر والثيب ، ويكون طريق استخراج عقر هذه ما ذكرناه من السبر والتقسيم.
قوله : ( لو كان المبيع غير الأمة ، فحمل عند المشتري من غير تصرّف ، فالأقرب أنّ للمشتري الرد بالعيب السابق ، لأن الحمل زيادة ).
إنما قيد بقوله : ( من غير تصرف ) لأنه مع التصرف لا رد قطعا ، وما ذكره من وجه القرب إن تمّ إنما يتخرج على قول الشيخ : من كون المبيع في زمن الخيار ملك البائع (١) ، بشرط أن يكون تجدّد الحمل في زمان الخيار بيد المشتري ، إذ لو كان قبل القبض لكان مضمونا على البائع ، كما دل عليه قوله : ( فحمل عند المشتري ) فإذا اطلع على العيب الموجب للرد يرد حينئذ ، لأن الحمل هنا زيادة محضة ، وليس كحمل الأمة لو حملت عند المشتري بغير تقصير منه ، فإنه يردّها حينئذ ، لأن حملها ليس بزيادة محضة ، بل هو عيب.
وقد عرفت فيما مضى أن حمل الدابة أيضا ليس زيادة محضة ، فلا يتم ما ذكره ، والأصح أنه لا يردّ هنا أيضا على واحد من القولين (٢).
قوله : ( ولو كانت حاملا ).
أي : وقت العقد ، فانّ الولد إما جزء من المبيع ، أو باق على ملك البائع.
قوله : ( لو كان كاتبا أو صانعا ... ).
أي : المبيع ، سواء كان عبدا أو جارية ، لأن نسيان الصنعة عيب ، وهو في
__________________
(١) النهاية : ٣٩٣.
(٢) القولين : نزلها الشارح الفاضل على جواز الرد وإن قلنا : أن الحمل للمشتري ، لأنه كالثمرة على الشجرة ، وهو ضعيف ، وقوله : ( الحمل زيادة ) ينافيه.
هـ : لو باع المعيب سقط رده وإن عاد إليه بالعيب ، ولا يسقط الأرش وإن خرج عن ملكه ، وكذا لو مات أو أعتقه أو وقفه ، والأرش بعد العتق له.
و : لو باع الجاني خطأ ضمن أقل الأمرين على رأي ، والأرش على رأي ،
______________________________________________________
يد المشتري مضمون عليه ، لكن يجب أن يقيّد بما إذا لم يكن ذلك في زمان خياره إذا لم يتصرف ولم يكن من قبله ، ومثله نسيان الدابة الطحن ، ونحو ذلك.
قوله : ( لو باع المعيب سقط ردّه ).
لخروجه عن الملك ، ولو وهبه هبة لازمة فكذلك ، وفي غير اللازمة نظر ، لإمكان فسخها.
قوله : ( وإن عاد إليه بالعيب ).
هذا وصلي لما قبله ، اي : يسقط رده وإن عاد ، لعدم الدليل الدّال على ثبوته بعد سقوطه.
قوله : ( ولا يسقط الأرش ).
لأنه حقّ ماليّ قد ثبت فيبقى ، وعليه دلّت النصوص (١).
قوله : ( والأرش بعد العتق له ).
في مقروءة على شيخنا الشهيد ما صورته : بخطه ـ يعنى : المصنف ـ قال أحمد (٢) والشعبي (٣) بجعل الأرش في الرّقاب.
قوله : ( لو باع الجاني خطأ ضمن أقلّ الأمرين على رأي ).
أي : فيكون التزاما لفدائه ، فإنّه مخير في ذلك وفي تسليمه ، فإذا أخرجه عن الملك تعيّن الأول ، والأصح أن المضمون أقلّ الأمرين ، إذ زيادة الأرش غير
__________________
(١) الكافي ٥ : ٢١٥ حديث ٦ ، التهذيب ٧ : ٦٠ ـ ٦١ حديث ٢٦٣ ، ٢٦٤.
(٢) المغني لابن قدامة ٤ : ٢٧١ ، المجموع ١٢ : ٢٨٨.
(٣) المجموع ١٢ : ٢٨٨.
وصح البيع إن كان موسرا ، وإلاّ تخير المجني عليه.
ولو كان عمدا وقف على إجازة المجني عليه ، ويضمن الأقل من الأرش والقيمة لا الثمن معها ،
______________________________________________________
مضمونة على المولى ، لأن جناية العبد لا يضمنها سيده ، ولا يجني الجاني على أزيد من نفسه.
قوله : ( وصح البيع إن كان موسرا ).
أي : المولى بشرط بذل الواجب.
قوله : ( وإلاّ تخير المجني عليه ).
أي : وإن لم يكن موسرا تخير في فسخ البيع ، وإبقائه إلى حين يسار المولى فيرجع عليه بالواجب ، وكذا يفسخ لو ماطل وهو موسر.
قوله : ( ولو كان عمدا وقف على إجازة المجني عليه ).
[ أي : لو كان الجاني المبيع قد جنى عمدا ، وقف البيع على إجازة المجني عليه ] (١) لتعلق حقه بالعين ، فيكون مخيّرا في الفسخ والإجازة.
قوله : ( ويضمن الأقل من الأرش والقيمة لا الثمن معها ).
أي : ويضمن المولى أقلّ الأمرين من أرش الجناية وقيمة العبد ، مع إجازة المجني عليه البيع في الصورة السابقة ، ولا يضمن الثمن ، لأنه ربّما زاد على القيمة ، والزائد ملك للمولى ، لأنه كسب له في مقابل ماله ، وزيادة الأرش ليست على المولى لما سبق.
فان قيل : المجني عليه حقّ للجاني فثمنه له ، قلنا : ليس حقا له وإن تعلّق حقه به ، فإذا اختار الإجازة بقي على ملك المولى.
إذا عرفت ذلك ، فالضمير في قوله : ( ويضمن ) يعود إلى البائع الذي هو المولى ، وقوله : ( من الأرش والقيمة ) بجرّهما بيان لـ ( الأقل ) وقوله : ( لا الثمن ) منصوب عطفا على ( الأقل ) وهو معترض بين الظرف ، أعني : ( معها ) وعامله وهو
__________________
(١) لم ترد في « م » ، وأثبتناها من الحجري.
وللمشتري الفسخ مع الجهل ، ـ فيرجع بالثمن ـ أو الأرش ، فإن استوعبت الجناية القيمة فالأرش ثمنه أيضا ،
______________________________________________________
( يضمن ) وضمير ( معها ) يعود إلى الإجازة ، أعني : ( إجازة المجني عليه ) البيع.
قوله : ( وللمشتري الفسخ مع الجهل ... ).
أي : لمشتري الجاني عمدا فسخ البيع إذا كان جاهلا بالحال ، لكونه معيبا بذلك ، وهل له الفسخ في الجاني خطأ؟ يحتمل العدم ، لالتزام المولى بالبيع ، والثبوت ، لأنه ربّما ظهر إعساره فيرجع المجني عليه بالعبد ، وهو أقوى.
وعبارة المصنف هنا تحتمل إرادة ثبوت الفسخ للمشتري في الموضعين ، إلا أن آخرها وهو قوله : ( فالأرش ثمنه أيضا ) يشعر باختصاصها بمشتري الجاني عمدا ، ومتى فسخ المشتري رجع بالثمن ، وإن شاء أبقى البيع وطالب بالأرش.
إذا عرفت ذلك فقوله : ( أو الأرش ) مرفوع بالعطف على ( الفسخ ) وقوله : ( فيرجع بالثمن ) معترض بينهما لترتبه على ( الفسخ ) أما قوله : ( مع الجهل ) فلا وجه لوقوعه بينهما ، إذ هو معتبر في كلّ منهما ، فإنه إذا كان عالما بالحال وقت البيع لا يستحق فسخا ولا أرشا ، فكان الأحسن أن يقول : وللمشتري الفسخ فيرجع بالثمن أو الأرش مع الجهل.
قوله : ( فان استوعبت الجناية القيمة فالأرش ثمنه أيضا ).
المراد بـ ( ثمنه ) : قيمته ، فإنّ إطلاق اسم الثمن على القيمة واقع في كلامهم ، نظرا إلى أنّ شأنه إذا بيع أن يشترى بقيمته وإن اقتضت العوارض زيادة أو نقصانا.
وإنما حملنا الثمن في عبارته على القيمة ، لما عرفت من أن الثمن لا يضمن إذا أجاز المجني عليه البيع ، بل المضمون أقل الأمرين ، وقرينة ذلك في العبارة قوله : ( أيضا ) ، فإنّه لم يسبق إيجاب دفع الثمن في الأرش ، بل دفع القيمة كما هو معلوم.
وإلاّ فقدر الأرش ، ولا يرجع لو كان عالما ، وله أن يفديه كالمالك ولا يرجع به.
ولو اقتص منه فلا ردّ وله الأرش ،
______________________________________________________
قوله : ( وإلاّ فقدر الأرش ).
أي : وإن لم تستوعب الجناية القيمة فقدر الأرش هو الواجب لما سبق. إذا عرفت ذلك فهذا الأرش إن كان من البائع فقد سبق ذكره في قوله : ( ويضمن الأقل من الأرش والقيمة ... ) وإن كان من المشتري فسيأتي في قوله : ( وله أن يفديه كالمالك ) فيكون مستدركا.
ويمكن الجواب : بأن هذا بيان لحكم ما إذا كان المشتري جاهلا ورضي بالأرش من البائع ، فإنّه إن طلب المجني عليه الأرش وكان مستوعبا لم يلزم المشتري سوى القيمة ، ولو اقتصّ منه ذهب على المشتري ، ولم يذكره لظهوره.
قوله : ( ولا يرجع لو كان عالما ).
أي : لو كان المشتري عالما بالحال فلا رجوع له على البائع بالثمن ، إذ ليس له الفسخ لعلمه بالعيب ، ولو قال : ولا فسخ لو كان عالما لكان أولى ، لأن نفي استحقاق الرجوع لا يقتضي نفي ثبوت الفسخ.
قوله : ( وله أن يفديه كالمالك ... ).
أي : للمشتري العالم بالعيب ذلك ، لكن برضى المجني عليه ، وهو مستفاد من قوله : ( كالمالك ) ولكونه عالما لم يكن له الرجوع به.
قوله : ( ولو اقتص منه فلا ردّ وله الأرش ).
أي : لو اقتص من الجاني في يد المشتري فلا ردّ ، لأن ذلك عيب قد حدث في يده فيكون مضمونا ، فامتنع الرد ، لكن له المطالبة بالأرش إذا كان جاهلا بالعيب ، كما لو حدث في المعيب عيب آخر عند المشتري الجاهل بعينه.
ولا يخفى أنّ هذا حيث يكون الاقتصاص في غير زمان الخيار المختصّ بالمشتري ، فإنّه في زمان هذا الخيار مضمون على البائع ما لم يفرّط المشتري.
وهو نسبة تفاوت ما بين كونه جانيا وغير جان من الثمن.
ز : لو باعه من ينعتق عليه ولما يعلم عتق عليه ولا شيء له ، ولو اشترى زوجته بطل النكاح ، ولو ظهر تحريم الجارية مؤبدا عليه فلا فسخ ولا أرش وإن نقص انتفاعه ، لبقاء القيمة محفوظة بالنسبة إلى غيره.
المطلب الثالث : في التدليس :
التدليس بما يختلف الثمن بسببه يثبت به الخيار بين الفسخ والإمضاء مع عدم التصرف ، ومعه لا شيء ولا أرش إذا لم يكن عيبا ، وذلك كتحمير الوجه ووصل الشعر وأشباه ذلك.
______________________________________________________
قوله : ( وهو : نسبة تفاوت ما بين كونه جانيا وغير جان من الثمن ).
إنما أفرد هذا الأرش بالذكر بعد أن ذكر ضابط الأرش مطلقا ، لأنّه ربما يخفى ، وفي العبارة حذف ، تقديره : والأرش هنا نسبة تفاوت ما بين قيمته جانيا إلى قيمته غير جان ، فيؤخذ بتلك النسبة من الثمن ، ولا بد من تقييد كونه جانيا بالجناية المخصوصة ، لتفاوت القيمة قلة أو كثرة بتفاوت الجنايات.
قوله : ( لو باعه من ينعتق عليه ، ولما يعلم عتق عليه ولا شيء له ).
أي : لو باعه من ينعتق عليه ولم يعلم بالحال قبل البيع ، واستمر عدم العلم إلى أن وقع العقد عليه ثبت العتق ، للملك المقتضي له ، ولم يستحق شيئا على البائع ، لأن ما باعه إيّاه لا نقصان في ماليته وقيمته ، وترتّب العتق على القرابة لا ينافي ذلك. ويشكل بما إذا دلّسه عليه. ومثله ما لو ظهر تحريم الجارية مؤبدا عليه.
قوله : ( التدليس ).
هو تفعيل من الدّلس وهو محرّكا : الظلمة ، كأن المدلس بمخادعته آت في الظلمة.
قوله : ( وذلك كتحمير الوجه ).
والتصرية في الشاة تدليس لا عيب ، ويرد معها مثل اللبن الموجود حال البيع دون المتجدد على إشكال مع فقده ،
______________________________________________________
مقتضى هذا مع ما سبق : أنّ تحمير الوجه إنما يثبت به الرّد إذا شرط فظهر الضد ، واختار في المختلف (١) والتذكرة (٢) ثبوت الخيار فيه وإن لم يشترطه ، وكذا اختار فيما لو بيّض وجهها بالطلاء ثم أسمر (٣) ، صرّح بهما في الكتابين (٤) ، وللنظر فيهما مجال ، وعبارته هنا بإطلاقها تقتضي العدم.
ويستثني من قوله : ( وأشباه ذلك ) ما لو شرط البكارة فظهرت الثيوبة ، فإنّ له الأرش على ما سبق ، وإطلاق العبارة هنا يقتضي العدم.
قوله : ( والتصرية في الشاة تدليس لا عيب ).
صريت الشاة تصرية : إذا لم تحلبها أياما حتى يجتمع اللبن في ضرعها ، وأصله من الصرى ، يقال : صرى الماء زمانا في ظهره أي : [ احتبس ] (٥) ذكر نحوا من ذلك في الصحاح (٦). والمراد : أن مجرّد تحفيل اللبن في ضرع الشاة تدليس يثبت به الرد ، وإن لم يشترط كونها كثيرة اللبن.
قوله : ( ويردّ معها مثل اللبن الموجود حال البيع دون المتجدد ، على إشكال مع فقده ).
أي : يثبت ردّ المصراة ، ويردّ معها مثل اللبن الموجود حال البيع مع فقده ، فيستفاد منه ردّ اللبن لو كان موجودا بعينه ، وهو الأصح ، وقال الشيخ في المبسوط :يردّ صاعا من تمر ، أو صاعا من برّ. قال : فان تعذّر وجبت قيمته ، وإن أتى على قيمة الشاة. قال : وإذا كان لبن التصرية باقيا لم يشرب منه شيئا فأراد ردّه مع
__________________
(١) المختلف : ٣٧٤ ـ ٣٧٥.
(٢) التذكرة ١ : ٥٤٠.
(٣) في « م » والحجرية : استمر ، وما أثبتناه من المختلف والتذكرة ، وهو الصحيح.
(٤) قاله في المختلف : ٣٧٤ ـ ٣٧٥ ، والتذكرة ١ : ٥٤٠.
(٥) في « م » : حبس ، وما أثبتناه من الصحاح ، وهو الصحيح.
(٦) الصحاح ( صرى ) ٦ : ٢٣٩٩.
ولو زال الوصف حتى الطراوة فالأرش ، فإن تعذر فالقيمة السوقية ، ولا يثبت الرد مع التصرف إلاّ هنا وفي الجارية الحامل مع الوطء ،
______________________________________________________
الشاة لم يجبر البائع عليه ، وإن قلنا : يجبر البائع عليه لأنه عين ماله كان قويا (١).
هذا في اللبن الموجود وقت البيع ، أما المتجدد بعد العقد ففي وجوب ردّه إشكال ، ينشأ : من عموم الحكم برد اللبن معها ، ومن أنه تجدد في ملك المشتري ، وبناه في الدروس على أنّ الفسخ يرفع العقد من أصله أو من حينه (٢). وليس بشيء ، لأن رفع العقد الثابت المترتب عليه حكمه من أصله ، حتى كأنه لم يكن لا يعقل وحكى عن الشيخ القطع بعدم استرجاع المتجدد (٣) (٤) ، وهو واضح ، لأنه نماء ملكه ، وعليه الفتوى.
واعلم أن قوله : ( مع فقده ) يتعلق بقوله : ( ويرد معها مثل اللبن ) فانّ الانتقال إلى المثل إنما يكون مع فقد العين.
قوله : ( ولو زال وصفه حتى الطراوة فالأرش ).
لأنه مضمون على المشتري ، فإنه جزء المبيع ، ولو اتخذ منه جبنا أو سمنا ففي الدروس أنه كالتالف ـ ويشكل بأنه عين المال ـ قال : ولو قلنا برده فله ما زاد بالعمل (٥).
قوله : ( فان تعذّر فالقيمة السوقية ).
أي : فان تعذر المثل فلا بد من الانتقال إلى القيمة ، والمراد بـ ( القيمة ) ما يكون وقت الدفع ومكانه ، لأنه محل الانتقال إلى القيمة.
قوله : ( ولا يثبت الرّد مع التصرف إلا هنا ، وفي الجارية الحامل مع الوطء ).
__________________
(١) المبسوط ٢ : ١٢٥.
(٢) الدروس : ٣٦٣.
(٣) المبسوط ٢ : ١٢٥.
(٤) الدروس : ٣٦٣.
(٥) المصدر السابق.
والأقرب ثبوت التصرية في البقرة والناقة ، أما الأتان والأمة مع الإطلاق فلا ، ولو تحفلت الشاة بنفسها فالأقرب سقوط الخيار.
______________________________________________________
ينبغي أن يراد بقوله : ( هنا ) مطلق التصرية ، لتندرج فيه مع الشاة البقرة والناقة على ما اختاره ، والحكم في الجارية صحيح على القول بردّها لمطلق الحمل ، وعلى ما اختاره في المختلف : من اشتراط كون الحمل من البائع ليردّها (١) ، لا يتحقق كونه ردا للمبيع بعد التصرف ، لامتناع البيع في المستولدة.
قوله : ( والأقرب ثبوت التصرية في الناقة والبقرة ).
أي : الأقرب ثبوت حكم تصرية السابق ، ووجه القرب : أنّ كلّ واحدة منهما تقصد للّبن فاشبهتا الشاة ، ويحتمل العدم اقتصارا على مورد النص (٢) ، وأفتى في التذكرة بالثبوت (٣) ، وأورد رواية (٤) تتناولهما بعمومها ، وكذا أفتى في الدروس (٥) ، وهو قريب.
قوله : ( أما الأتان والأمة مع الإطلاق فلا ).
الأتان بفتح الهمزة : الحمارة ، والمراد بـ ( الإطلاق ) : تجريد العقد عن اشتراط زيادة اللبن إذا بيعتا ، ووجهه الاقتصار على مورد النص ، وانهما لا ترادان لأجل اللبن.
قوله : ( ولو تحفّلت (٦) الشاة بنفسها فالأقرب سقوط الخيار ).
بأن بقيت في المرعى يومين أو أزيد فتحفّلت ، وكذا لو نسي المالك أن يحلبها فتحفلت ، ووجه القرب : انتفاء التدليس ، ويحتمل الثبوت ، لأن الضرر لا يختلف ، والأصح عدم الثبوت ، ولو عبّر به كان أحسن من التعبير بالسقوط.
__________________
(١) المختلف : ١٩٥.
(٢) الكافي ٥ : ١٧٣ حديث ١.
(٣) التذكرة ١ : ٥٢٦.
(٤) معاني الأخبار : ٢٨٢.
(٥) الدروس : ٣٦٣.
(٦) قال الجوهري : والتحفيل مثل التصرية ، وهو : أن لا تحلب الشاة أياما ليجتمع اللبن في ضرعها للبيع. الصحاح ( حفل ) ٤ : ١٦٧١.
وتختبر التصرية بثلاثة أيام ،
______________________________________________________
قوله : ( وتختبر التصرية بثلاثة أيام ).
وذلك بأن ينقص اللبن فيها عما كان عليه أولا ، فإنّها تتحقق ، وهل يثبت الخيار بالتصرية قبل انقضائها؟ تردد المصنف في التحرير (١) ، ونفاه في التذكرة ، معلّلا بأن الشارع وضع هذه الثلاثة لمعرفة التصرية ، فلم يعلم قبلها ، ولاحتمال استناد تغيّر اللبن إلى الأمكنة أو العلف ، فلا يثبت له حينئذ الخيار (٢) ، ويظهر من عبارة الكتاب ذلك ، حيث جعل الثلاثة محل الاختبار ، والعمل به أولى ، وسيأتي في عبارة الكتاب.
ولو عرف التصرية قبل الثلاثة بإقرار البائع أو بشهادة الشهود ، قال في التذكرة : يثبت الخيار إلى تمام الثلاثة ، لأنه كغيره من الحيوان ، أما لو أسقط خيار الحيوان ، فان خيار التصرية لا يسقط ، وهل يمتد إلى الثلاثة ، أو يكون على الفور؟ إشكال.
ولو عرف التصرية عند آخر الثلاثة ، أو بعدها فالظاهر ثبوت الخيار (٣). لوجود المقتضي فيها ، وإن لم يعلم به سابقا.
وعبارة الدروس قد تخالف هذا ، حيث قال : فلو تساوت الحلبات [ في الثلاثة ] (٤) أو زادت اللاحقة فلا خيار ، ولو زادت بعد النقص في الثلاثة لم يزل الخيار (٥) فمقتضاها ثبوت الخيار بالنقص ، إلاّ أن تحمل الزيادة بعد النقص على كونها بعد الثلاثة ، وهو خلاف ظاهرها ، وكلام الدروس هو المتبادر ، فعلى ما يظهر من كلام المصنف لا أثر للنقصان في اليوم الثاني ما لم يستمر إلى اليوم الثالث.
__________________
(١) تحرير الأحكام ١ : ١٨٥.
(٢) التذكرة ١ : ٥٢٦.
(٣) التذكرة ١ : ٥٢٦.
(٤) لم ترد في « م » ، وأثبتناها من الدروس والحجري.
(٥) الدروس : ٣٦٣.
فان زالت التصرية قبل انقضائها فلا خيار ،
______________________________________________________
وهل يعتبر نقصان اليوم الثالث وحده؟ تعليله ـ بإمكان زيادة اللبن حيث زاد لاختلاف الأمكنة والمرعى ـ يقتضي عدم اعتباره ، لأن ظاهر هذا أنه لا بدّ من التكرّر ، ليوثق بكون النقصان لا لأمر عارض ، وقوله بعدم الثبوت قبلها لأنها [ المدة ] (١) المضروبة ، قد يقتضي الثبوت بالنقصان في اليوم الثالث.
واعلم أنه على ما اختاره في الدروس ، ليس للتصرية الموجبة لثبوت الفسخ طريق إلا الاختبار بالنقصان في الثلاثة ، فلا أثر للبينة ولا للإقرار ما لم يتحقق النقصان فيها ، لأن زوال التصرية فيها مسقط للخيار ، وثبوت النقصان فيها موجب لثبوته ، فأي أثر للثبوت بأحدهما؟
وأما على رأي المصنف فانّ الثبوت بأحدهما إذا اقترن بنقصان ما أوجب الخيار ، وبدونهما لا يثبت ، لا باستمرار النقصان على الوجه السابق.
والعمل بمختار المصنف وإن كان لا يخلو من الوقوف مع جانب الاحتياط ، إلاّ أن المفهوم من النصوص (٢) وإطلاق كلامهم : أن نقصان اللبن في جزء من الثلاثة موجب للخيار.
قوله : ( فان زالت [ التصرية ] (٣) قبل انقضائها فلا خيار ).
مراده بزوال التصرية : أن يدر اللبن على الحد الذي كان يدر مع التصرية ، ويستمر كذلك.
فان قلت : إذا كان اختبار التصرية إنما هو بنقصان اللبن فيها ، فإذا در صار اللبن فيها على نهج واحد ، فمن أين علم أنها مصراة؟
قلت : ذلك بطريق آخر مثل شهادة البينة والإقرار ، ولا يتجه أن يكون العلم بذلك بالاختبار ، وفي استفادة ذلك من العبارة خفاء.
__________________
(١) لم ترد في « م » ، وأثبتناها من الحجري.
(٢) الكافي ٥ : ١٧٣ حديث ١ ، معاني الأخبار : ٢٨٢ ، التهذيب ٧ : ٢٥ حديث ١٠٧.
(٣) لم ترد في « م » وأثبتناها من خطية القواعد لاقتضاء الشرح لها.
ويثبت لو زالت بعدها.
ولو كان المشتري عالما بالتصرية فلا خيار له ، ولو علم بالتصرية قبل الثلاثة تخير على الفور ، ولو رضي بالتصرية ثم ظهر على آخر ، فان كان حلبها فلا رد ، وإلاّ فله ذلك.
______________________________________________________
ووجه سقوط الخيار زوال الموجب له ، ويحتمل بقاؤه. ومثله ما لو لم يعلم بالعيب القديم حتى زال ، أو لم يعلم الأمة بالعتق حتى عتق الزوج.
قوله : ( ويثبت لو زالت بعدها ).
يريد : لو تغير لبن التي علم تصريتها في زمان الثلاثة ، وبعد انقضائها زالت التصرية ، بأن صار زيادة اللبن على الحد الذي كان مع التصرية ، فإن الخيار ثابت لسبق استقراره في الثلاثة ، فلا يزول.
فان قلت : بم طريق العلم يكون بالتصرية هنا؟
قلت : بالإقرار ، وبالبينة ، وبالنقصان الذي به يتحقق الاختبار في الثلاثة ، ففي الأولين يكفي للثبوت نقصان ما ، وفي الثالث لا بد من حصول النقصان في الثلاثة على الوجه المعتبر عنده.
فان قلت : بم يتحقق زوال التصرية بعدها؟
قلت : ليس له في كلامهم ضابط ، وينبغي أن يقال : إذا صار اللبن يدر بعد الثلاثة على الوجه الذي كان يدر زمان التصرية ، بحيث يصير عادة لها عرفا ، فحينئذ يتحقق الزوال.
فان قلت : الخيار على الفور ، فكيف يمتد الى هذا الوقت؟
قلت : لا نقول بامتداده كذلك ، بل نقول بثبوته وصحة الفسخ به ، وإن تحقق الزوال على الوجه المذكور بعد ذلك.
قوله : ( ولو علم بالتصرية قبل الثلاثة تخيّر على الفور ).
علم التصرية قبل الثلاثة إنما يكون بغير الاختبار ، بناء على ما سبق في عبارته من أن اختبارها بثلاثة أيام ، وذلك بشهادة البينة أو إقرار البائع.
ولو شرط كثرة اللبن في الأمة والفرس والأتان فظهر الخلاف ، فله الفسخ.
أما لو أشبع الشاة فامتلأت خواصرها فظنها المشتري حبلى ، أو سوّد أنامل العبد أو ثوبه فظنه كاتبا ، أو كانت الشاة عظيمة الضرع خلقة فظنها كثيرة اللبن فلا خيار ، لأنه لا يتعين في الجهة التي يظنها.
______________________________________________________
لكن قد صرح في التذكرة : بان له الخيار الى تمام الثلاثة ، وتردد فيما لو أسقط خيار الحيوان (١) ، فيلوح من كلامه تجويز استناد كون هذا الخيار ثلاثة أيام إلى خيار الحيوان.
ويشكل ، بأن خيار الحيوان لا يبقى مع التصرف ، إلا أن يلتزم باستثناء هذا.
وفي الدروس : تقييد الخيار بالثلاثة لمكان خيار الحيوان (٢) ، صرح به الشيخ (٣) ، قال : وروى العامة الثلاثة لمكان التصرية (٤). وتظهر الفائدة لو أسقط خيار الحيوان ، ثم قال : هذا الخيار على الفور إذا علم به ، والظاهر امتداده بامتداد الثلاثة إن كانت ثابتة ، وإلا فمن حين العلم.
وقال في التحرير : الخيار في المصراة ثلاثة أيام كغيرها من الحيوانات ، ويثبت على الفور (٥) ، وظاهر هذه العبارة أن الفورية بالنسبة الى ما بعد الثلاثة ، إلا انه يشكل جواز إبقاء المصراة بعد العلم بالتصرية إلى آخر الثلاثة ، وهو بتصرف فيها بالحلب ، إلا أن يقال : لا يجوز له حلبها حينئذ.
ولا يمكن أن يراد : أن الثلاثة محل الخيار ، فمتى علم كان على الفور ،
__________________
(١) التذكرة ١ : ٥٢٦.
(٢) الدروس : ٣٦٣.
(٣) المبسوط ٢ : ١٢٥ ، الخلاف ٢ : ٢٧ مسألة ١٦٧ كتاب البيوع.
(٤) صحيح مسلم ٣ : ١١٥٨ حديث ٢٤ ، ٢٥ ، المغني لابن قدامة ٤ : ٢٥٥.
(٥) تحرير الأحكام ١ : ١٨٥.
ولو ماتت الشاة المصراة أو الأمة المدلسة فلا شيء له ، وكذا لو تعيب عنده قبل علمه بالتدليس.
المطلب الرابع : في اللواحق :
لو ادّعى البائع التبري من العيوب قدّم قول المشتري مع اليمين وعدم البينة ، ويقدّم قول البائع مع اليمين وعدم البينة وشهادة الحال لو
______________________________________________________
وبعدها لا خيار له وإن علم ، لأنّ صريح كلام التذكرة (١) والدروس ينافي ذلك (٢) ، وظاهر عبارة التحرير في قوله كغيرها من الحيوانات (٣).
والذي ينبغي علمه هنا : هو امتداد الخيار بامتداد الثلاثة ، لأنه خيار الحيوان كما صرح به الشيخ (٤) ، وتصرف الاختبار مستثنى دون غيره ، فمتى علم بالتصرية فشرط بقاء الخيار عدم التصرف ، فإذا انقضت الثلاثة فالخيار على الفور.
قوله : ( ولو ماتت الشاة المصراة ، أو الأمة المدلسة ، فلا شيء له ).
لأنها من ضمانه ، وقد امتنع الرد بموتها ، ولا أرش له ، لانتفاء العيب ، وفي الفرق بينهما وبين ما ذكره في المرابحة ، إذا تلف المبيع المكذوب في الاخبار برأس ماله نظر.
قوله : ( وكذا لو تعيبت عنده قبل علمه ).
اقتصارا على موضع الوفاق ، ولأن هذا العيب من ضمان المشتري ، ثم تقييده بقبلية علمه غير ظاهر ، لأن العيب إذا تجدد بعد علمه يكون كذلك ، إلا أن يقال : إنه غير مضمون عليه الآن لثبوت خياره ، ولم أظفر في كلام المصنف وغيره شيء في ذلك.
قوله : ( ويقدّم قول البائع مع اليمين وعدم البينة وشهادة الحال لو
__________________
(١) التذكرة ١ : ٥٢٦.
(٢) الدروس : ٣٦٣.
(٣) تحرير الأحكام ١ : ١٨٥.
(٤) المبسوط ٢ : ١٢٥ ، الخلاف ٢ : ٢٧ مسألة ١٦٧ كتاب البيوع.
ادعى المشتري سبق العيب.
والخيار ليس على الفور ، فلا يسقط إلاّ بالإسقاط ولو علم بالعيب
______________________________________________________
ادعى المشتري سبق العيب ).
( عدم ) منسبق على ( اليمين ) ، أي : مع اليمين ومع عدم البينة من طرف المشتري ، إذا حلف البائع على عدم سبق العيب وجب أن يحلف على البت على عدم العلم بالعيب ، لوجوب تسليم المبيع عليه إلى المشتري سليما كما اقتضاه العقد.
ثم هو فيما بينه وبين الله إن لم يعلم العيب ، ولم يجد ما يدل عليه ، وقد مارسه قبل ذلك فلا جناح عليه ، ولا يبعد جواز الحلف على البت استنادا الى الأصل ، إذ الأصل عدمه ، كما يحلف على عدم النجاسة في الماء استنادا إلى أصالة عدمها.
وينبغي أن يكون قوله : ( وشهادة الحال ) معطوفا على البينة ، أي : ومع عدم شهادة الحال يتقدم العيب على زمان العقد ، فان شهد الحال بذلك قضي به. والمراد بشهادة الحال : دلالة القرائن على تقدم العيب ، ككون الجرح مندملا ، وما بين العقد والدعوى من الزمان لا يندمل فيه مثله عادة.
لكن في الدروس اعتبر افادة ذلك القطع (١) ، وما أحسنه ، إذ القرائن المثمرة للظن ـ الذي لم يثبت من قبل الشارع اعتباره ـ يبعد المصير إليها ، وقد يستفاد من الحكم بشهادة الحال ـ إذا أفادت القطع بثبوت سبق العيب ـ التعويل على ما أثمر القطع واليقين في كل موضع ، كالشياع إذا بلغ مرتبة التواتر وأثمر اليقين.
قوله : ( والخيار ليس على الفور ... ).
أي : خيار العيب ، ويريد بقوله : ( فلا يسقط إلا بالإسقاط ) أن ذلك ما لم يتصرف ، وحاول بجملة الوصلية الرد على المخالف من العامة.
__________________
(١) الدروس : ٣٦٣.
وتطاول زمان السكوت ، ولا يفتقر في الفسخ إلى حضور الغريم ولا الحاكم.
ويتخير المشتري بين الرد والأرش لو تجدد العيب قبل القبض وبعد العقد على رأي ، ولو قبض البعض وحدث في الباقي عيب ، فله الأرش أو رد الجميع دون المعيب على إشكال.
______________________________________________________
قوله : ( ولا يفتقر في الفسخ الى حضور الغريم ولا الحاكم ).
رد بذلك على خلاف أبي حنيفة (١).
قوله : ( ويتخير المشتري بين الرد والأرش لو تجدد العيب قبل القبض وبعد العقد على رأي ).
هذا هو الأصح ، وقد سبق في بيع الحيوان غير مرة.
قوله : ( ولو قبض البعض ، وحدث في الباقي عيب فله الأرش أو رد الجميع ، دون المعيب على إشكال ).
الإشكال إنما هو في رد المعيب وحده ، ومنشؤه من أن وقوع البيع على مجموع الصفقة يمنع من رد البعض خاصة إلا برضى المتعاقدين ، ومن أن سبب الرد هو العيب الحادث في البعض ، وقد حدث حين كان ذلك البعض مضمونا وحده ، فيتعلق به جواز الرد دون المقبوض.
ولقائل أن يقول : إن حدوث العيب في غير المقبوض مقتض لجواز رده في الجملة ، لا رده وحده ، لأن كون المقبوض غير مضمون لا يمنع رده كما لا يقتضيه ، فيبقى مقتضي وحدة الصفقة بحاله ، فلا يجوز تبعيضها إلا بالتراضي ، وهذا هو الأصح.
ومثله ما لو رد الجميع المشتري ، ولم يرض البائع إلا برد المعيب وحده ، فانا نحكم برد الجميع ، لأن المعيب يرد بعيبه الحادث في وقت كونه مضمونا ، والباقي حذرا من تبعض الصفقة.
__________________
(١) اللباب في شرح الكتاب ٢ : ٢٣.
وكل عيب يحدث في الحيوان بعد القبض وقبل انقضاء الخيار ، فإنه لا يمنع الرد في الثلاثة ، وترد الجارية والعبد من الجنون والجذام والبرص وإن تجددت ما بين العقد والسنة وإن كان بعد القبض ، ما لم يتصرف المشتري ، فان تصرف وتجدد أحد هذه على رأس السنة فله الأرش.
______________________________________________________
قوله : ( وكل عيب يحدث في الحيوان بعد القبض وقبل انقضاء الخيار ، فإنه لا يمنع الرد في الثلاثة ).
إذا لم يتصرف المشتري ، ولم يكن بتقصيره ، والخيار الواقع في العبارة يراد به : خيار الحيوان ، وكذا كل خيار يختص بالمشتري كخيار الشرط له.
وهل خيار الغبن والرؤية كذلك؟ يبعد القول به خصوصا على القول بكونه فوريا ، لا خيار العيب ، لأن العيب الحادث يمنع الرد بالعيب القديم قطعا.
قوله : ( وترد الجارية والعبد من الجنون والجذام والبرص ما بين العقد والسنة ).
للرواية عن الرضا عليهالسلام : « ان احداث السنة ترد الى تمام السنة » (١) وفسرها بالجنون والجذام والبرص ، وبمضمونها صرح في الدروس فعدها أربعة (٢).
قوله : ( وإن كان بعد القبض لم يتصرف المشتري ).
لأن التصرف مسقط قطعا.
قوله : ( فإن تصرف وتجدد أحد هذه على رأس السنة فله الأرش ).
لو قال : الى بدل ( على ) لكان أولى ، لأنه لا رد بما حدث بعد تمام السنة ، ولعل المراد بما حدث على رأس السنة : ما حدث في الجزء الأخير منها ، وفي أول الرواية السابقة الرد بها بعد السنة ، وآخرها ما ذكرناه سابقا (٣) ، ويمكن تنزيله على
__________________
(١) الكافي ٥ : ٢١٦ حديث ١٦ ، التهذيب ٧ : ٦٣ حديث ٢٧٤.
(٢) الدروس : ٣٦٤.
(٣) الكافي ٥ : ٢١٦ حديث ١٦ ، التهذيب ٧ : ٦٣ حديث ٢٧٤.
ولو زاد المبيع ثم علم بالعيب السابق فله الرد ، والزيادة المنفصلة له والمتصلة للبائع.
ولو باع الوكيل فالمشتري يرد بالعيب على الموكل ، ولا يقبل إقراره على موكله في تصديق المشتري على تقدم العيب مع إمكان حدوثه ، فان ردّه المشتري على الوكيل لجهله بالوكالة لم يملك الوكيل ردّه على الموكل لبراءته باليمين ،
______________________________________________________
ما قلناه ، فيقع الرد بعد السنة ، ويصدق تجدده على رأسها.
قوله : ( والزيادة المنفصلة له والمتصلة للبائع ).
لتحقق الجزئية في المتصلة ، وعلى رأي الشيخ فينبغي أن يكون الحمل كالمتصلة وان تجدد في ملك المشتري (١).
قوله : ( ولو باع الوكيل فالمشتري يرد بالعيب على الموكل ).
لأن المعيب ملك للموكل ، والوكيل نائب عنه بطلت وكالته بفعل ما أمر به ، فلا عهدة عليه ، ولأن الوكالة عقد جائز ، فله عزل نفسه في كل وقت ، فلا يثبت وجوب الرد عليه.
قوله : ( ولا يقبل إقراره على موكله في تصديق المشتري على تقدم العيب مع إمكان حدوثه ).
لا يقبل إقراره بذلك على موكله مطلقا ، وإذا امتنع حدوث العيب فثبوته ليس من جهة قبول إقرار الوكيل ، بل للقطع بالتقدم المستفاد من العادة.
فرع :
لو أقر البائع بالتوكيل ، والمشتري يدعي الجهالة به أمكن أن يثبت تخييره في طلب الرد على كل منهما إذا أقر بسبق العيب ، أو طلب يمين المنكر.
قوله : ( فان ردّه المشتري على الوكيل لجهله بالوكالة لم يملك الوكيل رده على الموكل ، لبراءته باليمين ).
__________________
(١) المبسوط ٢ : ١٣٩.
ولو أنكر الوكيل حلف ، فان نكل فرد عليه احتمل عدم رده على الموكل لإجرائه مجرى الإقرار ، وثبوته لرجوعه قهرا كالبينة.
______________________________________________________
أي : فان رد المشتري المعيب على الوكيل لجهله بالوكالة ، وعدم تمكن الوكيل من اقامة البينة بكونه وكيلا ـ والحال أنه مقر بسبق العيب مع إمكان حدوثه ، ولا يخفى أن له تحليفه على نفي العلم بالوكالة لو ادعاه ـ لم يملك الوكيل رد المعيب على الموكل بمجرد اعترافه بسبقه ، لأن إقراره لا ينفذ عليه ما لم يقر الموكل بذلك ، فإن أنكر برأ باليمين على نفي سبق العيب على البت ، ويملك الوكيل تحليفه على ذلك ، لأنه بزعمه أن العيب سابق مظلوم بإنكار البائع السبق مع جهل المشتري بالوكالة ، فله أن يدفع الظلامة عن نفسه بطلب اليمين ، لأنه ربما أقر بالسبق عند عرضها عليه فاندفعت الظلامة ، ولو رد اليمين ، والحالة هذه على الوكيل ، فحلف على السبق الزم به الموكل حينئذ.
قوله : ( ولو أنكر الوكيل حلف ، فان نكل فردّ عليه احتمل عدم رده على الموكل ، لإجرائه مجرى الإقرار ، وثبوته لرجوعه قهرا كالبينة ).
أي : لو أنكر الوكيل سبق العيب ، والحال أن المشتري جاهل بكونه وكيلا ، ولم يثبت ذلك حلف الوكيل على عدم تقدم العيب ليسلم من الظلم برد المعيب عليه ، فحلفه للدفع عن نفسه في الحقيقة ، لا لنفي ذلك عن الموكل ، وإن كان مالا له بحسب الواقع.
وهل يملك المشتري حينئذ تحليف الموكل لكونه مقرا بالتوكيل ، لإمكان أن يقر عند عرض اليمين عليه ، فيستحق الرد عليه؟ يبعد ذلك ، لأن دعواه على أحدهما تنافي دعواه على الآخر ، مع احتماله مؤاخذة له بإقراره.
فإن نكل الوكيل ردت اليمين على المشتري ، فيحلف على سبق العيب ، ويرد المعيب على الوكيل باليمين المردودة.
______________________________________________________
ثم أنه هل يثبت للوكيل في هذه الحالة رده على الموكل؟ مبني على أن اليمين المردودة هل هي كالبينة ، أم هي كإقرار المدعى عليه؟ فان قلنا بالثاني لم يملك الرد عليه قطعا ، لأن إقرار الوكيل بسبق العيب لا يمضي على الموكل ، فاليمين الجارية مجراه كذلك ، وإن قلنا بالأول ثبت له الرد على ما ذكره المصنف ، لأن ما قامت به البينة محكوم به لا محالة بخلاف الإقرار ، فإنه يلزم من أقر به.
ومما يدل على أن اليمين المردودة كالبينة أنها ترد على المدعي ولو قهرا بالنسبة إلى المنكر ، فأشبهت البينة من هذه الحالة ، ولأن جانب المدعي تطلب منه البينة لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « البينة على المدعي » (١). فلو لا أن اليمين المردودة كالبينة لما ثبت بها دعواه.
وفي بناء رد المعيب على الموكل في هذه الحالة ، على كون اليمين المردودة كالإقرار أو كالبينة نظر ، لأن البينة في هذه الحالة على سبق العيب غير مسموعة من الوكيل ، ولا موجبة للرد على الموكل ، لأنّ الوكيل ينكر سبق العيب ، فهو بزعمه معترف بكون المشتري ظالما ، وقد قال عليهالسلام : « من ظلم لا يظلم » فلا يسوغ له ، اللهم إلا أن يكون إنكاره لسبق العيب على وجه الاستناد الى الأصل ، بحيث لا ينافي ثبوته ولا دعوى ثبوته ، كأن يقول في الجواب : لا حق لك علي من جهة هذه الدعوى ، أو ليس في المبيع عيب يثبت لك علي الرد به ، فإنه حينئذ لا يمتنع تخرج المسألة على القولين المذكورين.
واعلم أن كون اليمين المردودة كإقرار المنكر أو كالبينة مسألة معلومة في باب القضاء ، والخلاف فيها شائع ، ويتخرج على القولين فيها مسائل كثيرة ، منها هذه.
وقد سبق في باب المرابحة : إذا ادّعى المخبر برأس المال زيادته على ما أخبر
__________________
(١) سنن البيهقي ١٠ : ٢٥٢ ، عوالي اللآلي ٣ : ٥٢٣ حديث ٢٢.