فيها ؛ فتعالوا : نقترع. فاقترعوا : فوقعت القرعة على يونس (عليه السلام) : فأخرجوه منها ، وأقاموا فيها.»
«وهذا : مثل معنى القرعة فى الذين اقترعوا على كفالة مريم (عليها السلام) ؛ لأنّ حالة (١) الرّكبان كانت مستوية ؛ وإن لم يكن فى هذا (٢) حكم : يلزم (٣) أحدهم فى ماله ، شيئا : لم يلزمه قبل القرعة ؛ ويزيل عن أحد (٤) شيئا : كان يلزمه ـ : فهو يثبت على بعض الحقّ (٥) ، ويبيّن فى بعض : أنه بريىء منه. كما كان فى الذين اقترعوا على كفالة مريم (عليها السلام) : غرم ، وسقوط غرم»
«قال : وقرعة (٦) النبىّ (صلى الله عليه وسلم) ـ فى كلّ موضع أقرع فيه ـ : [فى (٧)] مثل معنى الذين اقترعوا على كفالة مريم (عليها السلام) ، سواء : لا يخالفه (٨).»
«وذلك : أنه (عليه السلام) أقرع بين مماليك : أعتقوا معا ؛ فجعل العتق : تامّا لثلثهم ؛ وأسقط عن ثلثيهم : بالقرعة. وذلك : أنّ المعتق
__________________
(١) فى الأم : «حال».
(٢) أي : فى قرعة يونس.
(٣) فى الأصل زيادة : «من» ؛ وهى من عبث الناسخ.
(٤) فى الأم : «آخر» ؛ وهو أحسن.
(٥) فى الأم : «حقا».
(٦) هذا إلى قوله : لا يخالفه ؛ ذكر فى السنن الكبرى.
(٧) زيادة حسنة ، عن الأم والسنن الكبرى
(٨) فى السنن الكبرى : بالتاء ؛ وهو أحسن.
ـ فى مرضه ـ أعتق ماله ومال غيره : فجاز عتقه فى ماله ، ولم يجز فى مال غيره. فجمع النبىّ (صلى الله عليه وسلم) العتق : فى ثلاثة (١) ؛ ولم يبعّضه (٢). كما يجمع : فى القسم بين أهل المواريث ؛ ولا يبعّض عل يهم.»
«وكذلك : كان إقراعه لنسائه : أن يقسم لكلّ واحدة منهنّ : فى الحضر ؛ فلمّا كان فى (٣) السفر : كان منزلة (٤) : يضيق فيها الخروج بكلّهنّ ؛ فأقرع بينهنّ : فأيّتهنّ خرج سهمها : خرج بها (٥) ، وسقط حقّ غيرها : فى غيبته بها ؛ فإذا حضر : عاد للقسم (٦) لغيرها ، ولم يحسب عليها
__________________
(١) فى الأم : «ثلثه» ؛ وعبارة الأصل أحسن ؛ فتأمل
(٢) راجع فى السنن الكبرى (ص ٢٨٥ ـ ٢٨٧) : حديثى عمران بن الحصين ، وابن المسيب ؛ وأثر أبان بن عثمان : فى ذلك. وراجع شرح الموطأ (ج ٤ ص ٨١ ـ ٨٢) ، وشرح مسلم (ج ١١ ص ١٣٩ ـ ١٤١) ، ومعالم السنن (ج ٤ ص ٧٧ ـ ٧٨). وانظر ما تقدم (ج ١ ص ١٥٠ ـ ١٥١) ، والأم (ج ٧ ص ١٦ ـ ١٧) والرسالة (ص ١٤٣ ١٤٤). وقد ذكر في الأم ـ عقب آخر كلامه هنا ـ : حديث عمران وغيره ؛ وتعرض لكيفية القرعة بين المماليك وغيرهم ؛ ورد على من قال بالاستسعاء : ردا منقطع النظير. فراجع كلامه (ص ٣٣٧ ـ ٣٤٠) ، وانظر المختصر (ج ٥ ص ٢٦٩ ـ ٢٧٠). ثم راجع السنن الكبرى (ص ٢٧٣ ـ ٢٨٥) وشرح الموطأ (ج ٤ ص ٧٧ ـ ٨٠) ؛ ومعالم السنن (ص ٦٨ ـ ٧٢) ؛ وشرح ومسلم (ج ١٠ ص ١٣٥ ـ ١٣٩) ؛ وطرح التثريب (ج ٦ ص ١٩٢ ـ ٢٠٩) : فستقف على أجمع وأجود ما كتب فى مسألة الاستسعاء.
(٣) هذا ليس بالأم ؛ وزيادته أحسن.
(٤) كذا بالأم ، أي : فى حالة. وفى الأصل : «منزله» ؛ وهو تصحيف.
(٥) فى الأم ، زيادة : «معه».
(٦) كذا بالأم. وفى الأصل : «القسم» ؛ وهو تصحيف. وإلا : كان قوله : عاد ؛ محرفا عن «أعاد». أنظر المصباح.
أيام سفرها (١)»
«وكذلك : قسم خيبر : [فكان (٢)] أربعة أخماسها لمن حضر (٣) ؛ ثم أقرع : فأيّهم خرج سهمه على جزء مجتمع ـ : كان له بكماله ، وانقطع منه حقّ غيره ؛ وانقطع حقّه عن غيره.».
* * *
(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس الأصمّ ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (٤) : «قال الله عز وجل : (وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ ـ : وَكانَ فِي مَعْزِلٍ. ـ : يا بُنَيَ (٥) ؛ ارْكَبْ مَعَنا) ؛ الآية (٦) : ١١ ـ ٤٢). وقال (٧) : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ : ٦ ـ ٧٤) ؛ فنسب إبراهيم
__________________
(١) راجع ـ علاوة على ما نبهنا عليه فى بداية البحث ـ : حديث عائشة ، والكلام عليه ، والخلاف في القرعة بين النساء ـ فى السنن الكبرى (ج ٧ ص ٣٠٢) ، ومعالم السنن (ج ٣ ص ٢١٨ ـ ٢١٩) ، وشرح مسلم (ج ١٠ ص ٤٦ وج ١٧ ص ١٠٣ و ١١٦). ثم راجع فى الأم (ج ٥ ص ١٠٠) : رد الشافعي على من خالفه : فى القسم فى السفر. وانظر المختصر (ج ٤ ص ٤٥ ـ ٤٦).
(٢) زيادة عن الأم جيدة ، ولعلها متعينة. انظر قواميس اللغة : (مادة : قسم).
(٣) يحسن : أن تراجع الكلام المتعلق بغنائم خيبر ، فى معالم السنن (ج ٣ ص ٢٩ ـ ٣١) والفتح (ج ٦ ص ١٢٣ و ١٢٦ و ١٢٨ و ١٣٨ ـ ١٣٩ و ١٤٧ ـ ١٥٠ و ١٥٢ وج ٧ ص ٣٣٦ و ٣٣٩ و ٣٤١ و ٣٤٤ ـ ٣٤٥). فهو مفيد فيما مر : من مسائل الغنيمة والجهاد.
(٤) كما فى الأم (ج ٤ ص ٧) مبينا : أن النسب لا يتوقف ثبوته على الدين. وقد تعرض لذلك (ص ٥١) ومهد له : بما ينبغى مراجعته.
(٥) ذكر فى الأم إلى هنا.
(٦) فى الأصل : «إلى» ؛ وهو تحريف.
(٧) كذا بالأم. وفى الأصل : «قال» ؛ والنقص من الناسخ.
(عليه السلام) ، إلى أبيه : وأبوه كافر ؛ ونسب [ابن] نوح ، إلى أبيه (١) : وابنه كافر.»
«وقال الله لنبيّه (صلى الله عليه وسلم) ـ فى زيد بن حارثة ـ : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ ؛ هُوَ : أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ ؛ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ : فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ ، وَمَوالِيكُمْ : ٣٣ ـ ٥) ؛ وقال تعالى : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ ، وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ : ٣٣ ـ ٣٧) (٢) ؛ فنسب (٣) الموالي إلى (٤) نسبين : (أحدها) : إلى الآباء ؛ (والآخر) : إلى الولاء. وجعل الولاء : بالنّعمة.» «وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (٥) : إنّما الولاء : لمن
__________________
(١) عبارة الأصل : «... وأبو كافر ؛ ونسب نوح إلى ابنه» ؛ وهى محرفة. والتصحيح والزيادة من الأم.
(٢) راجع ما كان يفعل ـ : من التبني وما إليه. ـ قبل نزول الآية الأولى ، وسبب نزول الثانية ؛ فى تفسيرى الطبري (ج ٢١ ص ٧٦ وج ٢٢ ص ١٠) ، والقرطبي (ج ١٤ ص ١١٨ و ١٨٨) ؛ والناسخ والمنسوخ للنحاس (ص ٢٠٧) ، والسنن الكبرى (ج ٦ ص ٢٦٣ وج ٧ ص ١٦١) ، وشرح مسلم (ج ١٥ ص ١٩٥) ، والفتح (ج ٨ ص ٣٦٦ و ٣٧٠ وج ٩ ص ١٠٤).
(٣) هذا إلى قوله : بالنعمة ؛ ذكر فى السنن الكبرى (ج ١٠ ص ٢٩٥).
(٤) هذا ليس بالأم ؛ وزيادته أولى.
(٥) فى حديث بريرة ؛ وفى الأم زيادة : «ما بال رجال : يشترطون شروطا ليست فى كتاب الله؟! ما كان ـ : من شرط ليس فى كتاب الله. ـ : فهو باطل : وإن كان مائة شرط قضاء الله أحق ، وشرطه أوثق». وهذا الحديث : من الأحاديث الخطيرة الجامعة ، التي تناولت مسائل هامة مختلفة ؛ وقد اهتم العلماء قديما به : على اختلاف مذاهبهم ، وتباين مشاربهم فراجع الكلام عنه : في اختلاف الحديث (ص ٣٣ و ١٩٦). والسنن الكبرى (ج ٥ ص ٣٣٦ وج ٦ ص ٢٤٠ وج ٧ ص ٢٢٠ وج ١٠ ص ٣٣٦) ، ومعالم السنن (ج ٣ ص ١٤٦ وج : ص ٦٤ و ١٠٢) ، وشرح مسلم (ج ١٠ ص ١٣٩) ، والفتح (ج ٥ ص ١١٤ ـ ١٢٣
أعتق (١)
«فدلّ الكتاب والسنة : على أنّ الولاء إنما يكون : لمتقدّم (٢) فعل من المعتق ؛ كما يكون النّسب : بمتقدّم ولاد (٣) [من الأب] (٤).»
وبسط الكلام : في امتناعهم من تحويل الولاء عن المعتق ، إلى غيره : بالشّرط : كما يمتنع تحويل النّسب : بالانتساب إلى غير من ثبت له النّسب (٥)
__________________
و ١٢٨ و ١٩٧ و ٢٠٦ و ٢٢٦ وج ٩ ص ٣٢٦ ـ ٣٣٧ وج ١١ ص ٤٩٧ وج ١٢ ص ٣١ و ٣٧) ، وشرح الموطأ (ج ٤ ص ٩٠) ، وشرح العمدة (ج ٣ ص ١٦٠ وج ٤ ص ٢٠) ، وطرح التثريب (ج ٦ ص ٢٣٢).
(١) فى الأم زيادة : «فبين رسول الله : أن الولاء إنما يكون للمعتق ؛ وروى عن رسول الله ، أنه قال : الولاء لحمة كلحمة النسب : لا يباع ، ولا يوهب.».
(٢) فى الأم : بالتاء ؛ وهو أنسب.
(٣) هذا يطلق : على الحمل ، وعلى الوضع. بخلاف الولادة : فإنها لا تطلق على الحمل (انظر المصباح واللسان) والمراد هنا ثانيهما ؛ وهو يستلزم أولهما.
(٤) زيادة عن الأم : جيدة ، وملائمة لما قبل.
(٥) ورد ـ : بما لا مطمع فى أجود منه وأكمل. ـ : على من قال (كالحنفية) : إذا أسلم الرجل على يدى الرجل ، فله ولاؤه : إذا لم يكن له ولاء نعمة. وعلى من نفى ثبوت الولاء : لمعتق السائبة ، وللمعتق غير المسلم. فراجع كلامه عن هذا كله ، وعن بيع الولاء وهبته وما إليه ـ : فى الأم (ج ٤ ص ٧ ـ ١٠ و ٥١ ـ ٦٠ وج ٦ ص ١٨٣ ـ ١٨٨ وج ٧ ص ٢٠٨ ـ ٢٠٩) ؛ وانظر المختصر (ج ٥ ص ٢٧١) ، واختلاف الحديث (ص ٢٠٠ ـ ٢٠١). ثم راجع الكلام عن هذا ، وعمن يدعى إلى غير أبيه ، أو يتولى غير مواليه ـ : فى السنن الكبرى والجوهر النقي (ج ١٠ ص ٢٩٤ ـ ٣٠١) ، وشرح الموطأ (ج ٤ ص ٩٦
(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (١) (رحمه الله) : «قال الله جل ثناؤه : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ ـ : مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ. ـ : فَكاتِبُوهُمْ : إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً : ٢٤ ـ ٣٣) (٢).».
«قال الشافعي (٣) : «فى (٤) قول الله عز وجل : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ) (٥) ؛ دلالة : على أنه إنما أذن : أن يكاتب من يعقل ما يطلب (٦) ؛ لا : من لا يعقل أن يبتغى الكتابة (٧) : من صبىّ ؛ ولا : معتوه (٨).».
__________________
و ١٠٠) ، وشرح مسلم (ج ٢ ص ٥١ وج ١٠ ص ١٤٨ ـ ١٥٠) ، ومعالم السنن (ج ٤ ص ١٠٣ ـ ١٠٤) ، والفتح (ج ٥ ص ١٠٣ وج ٦ ص ٣٤٨ وج ١٢ ص ٣٢ ـ ٣٦ و ٤٢) ، وشرح العمدة (ج ٤ ص ١٩ و ٧٥).
(١) كما فى الأم (ج ٧ ص ٣٦١) ، والمختصر (ج ٥ ص ٢٧٤)
(٢) ذكر فى الأم إلى قوله : (آتاكم) : ثم ذكر ما سيأتى عن عطاء : فى تفسير الخير. ويحسن أن تراجع ما ورد فى ذلك ـ : من السنة والآثار. ـ : فى السنن الكبرى (ج ١٠ ص ٣١٧ ـ ٣١٨) ، وتفسير الطبري (ج ١٨ ص ٩٩ ـ ١٠٠).
(٣) كما فى الأم (ج ٧ ص ٢٦٣). وقد ذكر بتصرف يسير فى السنن الكبرى (ج ١٠ ص ٣١٧).
(٤) فى الأم : «وفى». وفى السنن الكبرى : «فيه» ؛ وقد ذكر بعد الآية.
(٥) ذكر فى الأم إلى : (فكاتبوهم).
(٦) كذا بالأصل والسنن الكبرى. وعبارة الأم : «من يعقل ؛ لا : من لا يعقل فأبطلت : أن تبتغى الكتابة» إلخ ؛ بزيادة جيدة ، هى : «ولا غير بالغ بحال». وما هنا أظهر.
(٧) راجع كلام الحافظ فى الفتح (ج ٥ ص ١١٤) : عن معنى الكتابة ونشأتها ؛ فهو جيد مفيد.
(٨) أي : ولا من لا يعقل شيئا أصلا ؛ ويصح عطفه على «صبى». وانظر الأم (ص ٣٦٦)
(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (١) : «أنا عبد الله بن الحارث بن عبد الملك ، عن (٢) ابن جريج : أنه قال لعطاء : ما الخير؟ المال؟ أو الصّلاح؟ أم (٣) كلّ ذلك؟ قال : ما نراه (٤) إلّا المال ؛ قلت : فإن لم يكن عنده مال : وكان رجل صدق؟ قال : ما أحسب ما خيرا (٥)] إلّا : ذلك المال ؛ لا (٦) : الصّلاح. قال (٧) : وقال مجاهد : (إن علمتم فيهم خيرا) : المال ؛ كاينة (٨) أخلاقهم وأديانهم ما كانت»
«قال الشافعي : الخير (٩) كلمة : يعرف ما أريد بها (١٠) ، بالمخاطبة بها.
__________________
(١) كما فى الأم (ج ٧ ص ٣٦١ ـ ٣٦٢) ؛ والسنن الكبرى (ج ١٠ ص ٣١٨).
(٢) هذا غير موجود بالأم ؛ وحذفه خطأ وتصرف من الناسخ أو الطابع : نشأ عن موافقة جد عبد الله ، لابن جريج فى الاسم. انظر الخلاصة (ص ١٦٤ و ٢٠٧ و ٤٠٨) ، وتفسير الطبري.
(٣) فى الأم : «أو» ؛ وهو أحسن.
(٤) هذه رواية الأم والسنن الكبرى والطبري. وفى الأصل : «يراه» ، وهو تصحيف بقرينة ما بعد.
(٥) زيادة حسنة ، عن الأم والسنن الكبرى.
(٦) قوله : لا الصلاح ؛ ليس بالأم. وعبارة الأصل والسنن الكبرى : «والصلاح». والظاهر : أنها محرفة عما ذكرنا ؛ ولا يعترض : بأن هذا التفسير بلفظه قد روى عن ابن دينار ؛ وروى عن عطاء نفسه من طريق آخر ، بلفظ : «أداء ومالا» ـ كما فى تفسير الطبري ـ : لأنا لا ننكر : أن أحدا يقول به ، ولا أن عطاء يتغير رأيه ؛ وإنما نستبعد : أن يتغير بمجرد إعادة السؤال عليه. ويقوى ذلك : خلو رواية الأم ، ورواية الطبري الأخرى : من هذه الزيادة.
(٧) أي : ابن جريج ؛ كما صرح به الطبري. وعبارة الام : «قال مجاهد».
(٨) ورد فى غير الأصل : مهموزا ؛ وهو المشهور.
(٩) فى الأم : «والخير».
(١٠) فى الأم : «منها» ؛ وهو أحسن.
قال الله تعالى : (إِنَ) (١) (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ، أُولئِكَ : هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ : ٩٨ ـ ٧) ؛ فعقلنا : أنهم خير البريّة : بالإيمان وعمل الصّالحات ؛ لا : بالمال.»
«وقال الله عز وجل : (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ : مِنْ شَعائِرِ اللهِ ؛ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ : ٢٢ ـ ٣٦) ؛ فعقلنا : أن الخير : المنفعة بالأجر ؛ لا : أنّ فى (٢) البدن لهم مالا.»
«وقال الله (٣) عز وجل : (إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ : إِنْ تَرَكَ خَيْراً : ٢ ـ ١٨٠) ؛ فعقلنا : أنه : إن ترك مالا ؛ لأنّ (٤) المال : المتروك ؛ ولقوله : (الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ).»
«فلمّا قال الله عز وجل : (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) : كان أظهر معانيها ـ : بدلالة ما استدللنا به : من الكتاب. ـ قوّة على اكتساب المال ، وأمانة (٥) لأنه قد يكون (٦) : قويّا فيكسب (٧) ؛ فلا يؤدّى : إذا لم
__________________
(١) الزيادة عن الأم والسنن الكبرى.
(٢) عبارة الأم : «لهم فى البدن».
(٣) هذا ليس بالأم ولا بالسنن الكبرى.
(٤) فى الأصل:«ولأن ... لقوله» ؛ وتقديم الواو من الناسخ. وعبارة الأم والسنن الكبرى :«لأن ... وبقوله».
(٥) وهذا اختيار الطبري. والحافظ فى الفتح (ج ٥ ص ١٢١). وراجع كلامه : لفائدته هنا.
(٦) كذا بالأم والسنن الكبرى. وعبارة الأصل : «لأنها قد تكون» ، وهو تصحيف
(٧) كذا بالأم. وفى الأصل : «فتكسب» ؛ وهو مصحف عنه. وفى السنن الكبرى : «فيكتسب».
يكن ذا أمانة. و: أمينا ، فلا يكون قويّا على الكسب : فلا يؤدّى. ولا (١) يجوز عندى (والله أعلم) ـ فى قوله تعالى : ([إِنْ] عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً). ـ إلا هذا.»
«وليس الظاهر : أنّ (٢) القول : إن علمت فى عبدك مالا ؛ لمعنيين (٣) : (أحدهما) : أنّ المال لا يكون فيه ؛ إنما يكون : عنده ؛ لا (٤) : فيه. ولكن : يكون فيه الاكتساب : الذي يفيده (٥) المال. (والثاني) : أنّ المال ـ الذي فى يده ـ لسيّده : فكيف (٦) يكاتبه بماله (٧)؟! ـ إنما يكاتبه : بما (٨) يفيد العبد بعد الكتابة (٩). ـ : لأنه حينئذ ، يمنع ما [أفاد (١٠)] العبد : لأداء الكتابة.»
«ولعلّ من ذهب : إلى أنّ الخير : المال ؛ [أراد (١١)] : أنه أفاد
__________________
(١) هذا إلى قوله : إلا هذا ؛ ليس بالسنن الكبرى. والزيادة الآتية عن الأم.
(٢) أي : أن معناه والمراد منه. وفى السنن الكبرى : «من» ؛ أي : وليس المعنى الظاهر منه.
(٣) فى الأم والسنن الكبرى : بالباء.
(٤) قوله : لا فيه ؛ ليس بالسنن الكبرى.
(٥) فى الأم والسنن الكبرى : «يفيد» ؛ وما هنا أحسن.
(٦) هذا إلى قوله : لأداء الكتابة ؛ ليس بالسنن الكبرى.
(٧) فى الأصل : «بمال» ؛ وهو تحريف. والتصحيح من عبارة الأم ، وهى : «فكيف يكون أن يكاتبه بماله»
(٨) كذا بالأم. وفى الأصل : «لما» ؛ وهو تصحيف.
(٩) فى الأم : «بالكتابة» ؛ أي : بعد الكتابة بسببها. وهو أحسن. ولعل ما في الأصل محرف عنه.
(١٠) زيادة متعينة ، عن الأم.
(١١) هذه الزيادة ليست بالأم ولا بالسنن الكبرى ؛ وهى جيدة ، لا متعينة : لأنه يصح إجراء الكلام على الحذف ؛ أي : ولعل مراد من إلخ.
بكسبه مالا للسّيد ؛ فيستدلّ : على أنه يفيد (١) مالا يعتق به ؛ كما أفاد أوّلا (٢).»
قال الشافعي (٣) : «وإذا جمع القوّة على الاكتساب ، والأمانة ـ : فأحبّ إلىّ لسيده : أن يكاتبه (٤). ولا ببين لى : أن (٥) يجبر عليه ؛ لأنّ الآية محتملة : أن يكون (٦) : إرشادا ، أو (٧) إباحة ؛ [لا : حتما (٨)]. وقد ذهب هذا المذهب ، عدد : ممن لقيت من أهل العلم (٩).».
وبسط الكلام فيه ؛ واحتجّ ـ فى جملة ما ذكر ـ : «بأنه لو كان.
__________________
(١) عبارة الأم : «على أنه كم يقدر مالا». وما هنا أوضح.
(٢) انظر ما ذكر بعد ذلك ، فى الأم.
(٣) مبينا : أنه لا يجب على الرجل أن يكاتب عبده الأمين القوى ؛ بعد أن نقل عن عطاء وابن دينار ، القول : بالوجوب ، فراجع كلامه والسنن الكبرى (ص ٣١٩).
(٤) فى الأم زيادة : «ولم أكن أمتنع ـ إن شاء الله ـ : من كتابة مملوك لى جمع القوة والأمانة ؛ ولا لأحد : أن يمتنع منه.».
(٥) عبارة الأم : «أن يجبر الحاكم أحدا على كتابة مملوكه» ؛ وهى أحسن.
(٦) فى الأم والسنن الكبرى (والكلام فيها مقتبس) : بالتاء. وهو أحسن.
(٧) فى الأم : بالواو فقط. وما هنا أولى وأحسن. والمسألة فيها ثلاثة مذاهب ؛ وراجع فى الفتح (ص ١١٦) رد الحافظ على من قال بالإباحة ؛ ورد الإصطخرى على من قال بالوجوب ـ وهو قول آخر للشافعى ـ : للفائدة العظيمة.
(٨) زيادة حسنة ، عن السنن الكبرى ، وعن عبارة الأم وهى : «إباحة لكتابة : يتحول بها حكم العبد عما كان عليه ؛ لا : حتما. كما أبيح المحظور فى الإحرام : بعد الإحرام ؛ والبيع : بعد الصلاة. لا : أنه حتم عليهم أن يصيدوا ويبيعوا.». وانظر مناقب ابن أبى حاتم (ص ٩٦).
(٩) كمالك والثوري. انظر تفسير الطبري ، وشرح الموطأ (ج ٤ ص ١٠٢ ـ ١٠٣).
واجبا : لكان محدودا : بأقلّ (١) ما يقع عليه اسم الكتابة ؛ أو : لغاية معلومة (٢).».
* * *
(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، نا الشافعي (٣) : «أنا الثّقة (٤) ، عن أيّوب ، عن نافع ، عن ابن عمر : أنه كاتب عبدا له بخمسة وثلاثين ألفا ؛ ووضع عنه خمسة آلاف. أحسبه قال : من آخر نجومه (٥).»
«قال الشافعي : وهذا عندى (والله أعلم) : مثل قول الله عز وجل : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ : مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ : ٢ ـ ٢٤١). فيجبر (٦) سيد المكاتب : على أن يضع عنه ـ : ممّا عقد عليه الكتابة. ـ شيئا ؛ [وإذا وضع عنه شيئا (٧)] ما كان : [لم يجبر على أكثر منه (٨)].»
__________________
(١) فى الأصل : «فأقل» ؛ وهو تصحيف. والتصحيح من الأم.
(٢) فى الأصل : «أو لعام معلومه» ؛ وهو تصحيف. والتصحيح من الأم.
(٣) كما فى الأم (ج ٧ ص ٣٦٤) ، والسنن الكبرى (ج ١٠ ص ٣٣٠). وراجع فيها (ص ٣٢٩) وفى تفسير الطبري (ج ١٨ ص ١٠٠ ـ ١٠٢) : ما ورد في تفسير الآية الآتية. وانظر المختصر (ج ٥ ص ٢٧٦)
(٤) هو : مالك رضى الله عنه. انظر شرح الموطأ (ج ٤ ص ١٠٣ ـ ١٠٤).
(٥) لفظ الموطإ هو : «من آخر كتابته» وانظر السنن الكبرى. وقد روى عن على (مرفوعا وموقوفا) : أنه يترك للمكاتب الربع.
(٦) يحسن أن تراجع بتأمل كلام صاحب الجوهر النقي (ص ٣٢٩) : فهو ـ على ما فيه ـ مفيد فى المقام كله.
(٧) زيادة جيدة عن الأم ؛ ونجوز أنها سقطت من الناسخ. وراجع ما ذكر فى الأم بعد ذلك.
«وإذا أدّى المكاتب الكتابة كلّها ، فعلى السّيد : أن يردّ عليه منها شيئا (١) ، ويعطيه ممّا أخذ منه : لأنّ قوله عز وجل : (مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ : ٢٤ ـ ٣٣) ؛ يشبه (والله أعلم) : آتاكم منهم (٢) ؛ فإذا أعطاه شيئا غيره : فلم يعطه من الذي أمر : أن يعطيه منه.». وبسط الكلام فيه (٣).
__________________
(١) راجع ما قاله بعد ذلك.
(٢) كما روى بمعناه : عن ابن عباس وعطاء وغيرهما.
(٣) فراجعه (ص ٣٦٥) : فإن ما هنا مختصر جدا.
«ما يؤثر عنه فى التّفسير ، فى آيات متفرّقة ،
سوى ما مضى (١)»
(أنا) أبو عبد الله الحافظ ـ فى كتاب : «المستدرك (٢)» ـ : أنا (٣) أبو العباس (محمد بن يعقوب) : أنا الربيع بن سليمان ، أنا الشافعي : «أخبرنى يحيى بن سليم ، نا (٤) ابن جريج ، عن عكرمة ، قال : دخلت على ابن عباس (٥) ـ : وهو يقرأ فى المصحف ، قبل أن يذهب بصره ، وهو يبكى. ـ فقلت : ما يبكيك يا أبا عباس (٦)؟ جعلنى الله فداك (٧).
__________________
(١) فى الجزء الأول (ص ٣٧ ـ ٤٢).
(٢) فى الجزء الثاني (ص ٣٢٢ ـ ٣٢٣) وقد أخرجه الذهبي فى «المختصر» ؛ وكذلك البيهقي فى السنن (ج ١٠ ص ٩٢ ـ ٩٣) : مستدلا به وبغيره ، على : أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، من فروض الكفاية. وأخرجه الطبري فى تفسيره (ج ٩ ص ٦٢ ـ ٦٧) : من طرق سبع كلها عن عكرمة ؛ ومن طرق ست عن غيره. وبعضها مختصر ، وبعضها فيه اختلاف وزيادة.
(٣) فى غير الأصل : «ثنا».
(٤) فى غير الأصل : «ثنا».
(٥) فى المستدرك زيادة : «رضى الله عنهما».
(٦) كذا ببعض نسخ السنن. وفى الأصل : «يا با عباس» ؛ وهو محرف عنه. ولعل من عادة الفوم : تكنية المرء بأبيه ، على سبيل التشريف والتكريم له. وفى بقية المصادر : «يا ابن عباس».
(٧) فى السنن : «فداءك».
فقال (١) : هل تعرف (أيلة) (٢)؟ قلت (٣) : وما (أيلة (٤))؟ قال : قرية كان بها ناس : من اليهود ؛ فحرّم الله عليهم الحيتان : يوم السّبت ؛ فكانت حيتانهم تأتيهم يوم سبتهم : شرّعا (٥) ـ : بيض (٦) سمان : كأمثال المخاض. ـ : بأفنيائهم وأبنياتهم (٧) ؛ فإذا كان فى (٨) غير يوم السبت : لم يجدوها ، ولم يدركوها إلّا : فى مشقّة ومونة (٩) شديدة ؛ فقال بعضهم (١٠) ـ أو من قال ذلك منهم ـ : لعلّنا : لو أخذناها يوم السبت ،
__________________
(١) فى المختصر : بدون الفاء. وفى السنن زيادة : «لى».
(٢) فى الأصل : «ايله» ؛ وهو تصحيف. وقال أبو عبيدة : هى : «مدينة بين الفسطاط ومكة : على شاطىء بحر القلزم ؛ تعد فى بلاد الشام». وقيل غير ذلك. فراجع معجمى البكري وياقوت ، وتهذيب اللغات.
(٣) فى السنن : «فقلت».
(٤) فى الأصل : «ايله» ؛ وهو تصحيف. وقال أبو عبيدة : هى : «مدينة بين الفسطاط ومكة : على شاطىء بحر القلزم ؛ تعد فى بلاد الشام». وقيل غير ذلك. فراجع معجمى البكري وياقوت ، وتهذيب اللغات.
(٥) أي : ظاهرة على الماء ، أو رافعة رءوسها.
(٦) فى المختصر والمستدرك : «بيضاء». أي : وهن كذلك. وفى بعض روايات الطبري : «بيضا سمانا» ؛ وهو أولى.
(٧) فى الأصل : «باقتيانهم واساتهم» ؛ وهو تصحيف عما ذكرنا. وهما جمع الجمع : «أفنية ، وأبنية» ؛ وإن لم يصرح بالأول. وفى السنن : «بأفنيائهم وأبنياتهم» ؛ وفى المستدرك والمختصر : «بأفنائهم وأبنيائهم». فأما «أفناء» فهو محرف قطعا : لأنه اسم جمع يطلق : على الخليط : من الناس أو القبائل. وأما «أفنياء ، وأبنياء» فالظاهر : أنهما محرفان ؛ إلا إن ثبت أنهما جمعا تكسير. وراجع فى ذلك بتأمل ، اللسان (مادة : بنى ، وفنى) ، والأساس (مادة : ف ن و).
(٨) هذا ليس بالسنن.
(٩) فى المستدرك والمختصر : «مئونة» (بفتح فضم) ؛ وفى السنن : «مؤنة» (بضم فسكون). فهى لغات ثلاث. انظر المصباح.
(١٠) فى غير الأصل زيادة : «لبعض».
وأكلناها فى غير يوم السبت (١).؟! ففعل ذلك أهل بيت منهم : فأخذوا فشووا ؛ فوجد جيرانهم ريح الشّوىّ (٢) ، فقالوا : والله ؛ ما نرى [إلّا] أصاب بنى فلان شىء (٣). فأخذها آخرون : حتى فشا ذلك فيهم فكثر (٤) ؛ فافترقوا فرقا ثلاثا (٥) : فرقة : أكلت ؛ وفرقة : نهت ؛ وفرقة قالت : (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً : اللهُ مُهْلِكُهُمْ ، أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً : ٧ ـ ١٦٤)؟!. فقالت الفرقة التي نهت : إنّا (٦) نحذّركم غضب الله ، وعقابه (٧) : أن يصيبكم الله (٨) : بخسف ، أو قذف ؛ أو ببعض ما عنده : من العذاب ؛ والله : لا نبايتكم فى (٩) مكان : وأنتم (١٠) فيه. (قال) (١١) : فخرجوا من البيوت (١٢) ؛ فغدوا (١٣) عليهم من الغد : فضربوا باب البيوت (١٤) : فلم يجبهم
__________________
(١) جواب «لو» محذوف : للعلم به ؛ أي : لما أثمنا ؛ ظنا منهم ـ : بإيحاء الشيطان ؛ كما فى رواية الطبري. ـ : أن التحريم تعلق بالأكل فقط.
(٢) أي : المشوى ، والشواء (بالكسر) ـ وهو لفظ السنن ـ انظر اللسان (مادتى : حسب ، وشوى).
(٣) فى الأصل. «شيئا». والتصحيح والزيادة من المستدرك والمختصر.
(٤) فى غير الأصل : بالواو. وهو أظهر.
(٥) فى السنن : «ثلاثة» ؛ وكلاهما صحيح.
(٦) فى المستدرك والمختصر : «إنما».
(٧) فى بعض نسخ السنن : «وعتابه» ؛ ولعله تصحيف.
(٨) هذا ليس بالمستدرك ولا بالمختصر.
(٩) فى الأصل : «من» ؛ وهو تصحيف. وفى رواية الطبري : «لا نبايتكم الليلة فى مدينتكم». وفى المستدرك والمختصر : «لا نبأتكم من» ؛ وهو تصحيف.
(١٠) فى المستدرك والمختصر : «أنتم».
(١١) فى المستدرك والمختصر : «وخرجوا».
(١٢) فى غير الأصل : «السور»
(١٣) فى الأصل : «فعدوا» ؛ وهو تصحيف. وعبارة غيره : «فغدوا عليه».
(١٤) فى غير الأصل : «السور»
أحد ؛ فأتوا بسلّم (١) : فأسندوه إلى البيوت (٢) ؛ ثم رقى منهم راق على السّور ، فقال : يا عباد الله ؛ قردة (والله) : لها أذناب ، تعاوى (٣) (ثلاث مرّات). ثم نزل (٤) من السّور : ففتح البيوت (٥) ؛ فدخل الناس عليهم : فعرفت القرود (٦) أنسابها : من (٧) الإنس ؛ ولم يعرف (٨) الإنس أنسابها (٩) : من القرود. (قال) : فيأتى القرد إلى نسيبه وقريبه : من الإنس ؛ فيحتكّ به ويلصق ، ويقول الإنسان (١٠) : أنت فلان؟ فيشير برأسه (١١) ـ أي : نعم. ـ ويبكى. وتأتى القردة إلى نسيبها وقريبها : من الإنس ؛ فيقول لها الإنسان (١٢) : أنت فلانة؟ فتشير برأسها ـ أي : نعم : ـ وتبكى فيقول (١٣) لها (١٤) الإنسان : إنّا حذّرناكم غضب الله
__________________
(١) فى المستدرك والمختصر : «بسبب» ؛ وهو اسم للحبل ؛ كما فى قوله تعالى : (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ : ٢٢ ـ ١٥) وانظر مفردات الراغب.
(٢) فى غير الأصل : «السور».
(٣) فى السنن : «تعادى» ؛ وهو صحيح المعنى أيضا. وقوله : ثلاث مرات ؛ ليس بالمختصر.
(٤) عبارة المختصر : «ثم نزل ففتح ودخل» إلخ.
(٥) فى غير الأصل : «السور».
(٦) فى المستدرك والمختصر : «القردة» بالتحريك.
(٧) قوله : من الإنس ، ليس بالمختصر.
(٨) فى السنن : بالتاء.
(٩) فى المستدرك والمختصر : «أنسابهم من القردة».
(١٠) فى المختصر : «الإنسى».
(١١) فى بعض نسخ السنن : «رأسه».
(١٢) هذا غير موجود فى المستدرك والمختصر.
(١٣) هذا إلى قوله : العذاب ، ليس بالمختصر.
(١٤) أي : لجميع القرود. وفى غير الأصل : «لهم الإنس» ، وهو صحيح وأحسن. وفى المستدرك زيادة : «أما».
وعقابه : أن يصيبكم : بخسف ، أو مسخ ؛ أو ببعض ما عنده : من العذاب.».
«قال ابن عباس : واسمع (١) الله (عز وجل) يقول (٢) : (أَنْجَيْنَا (٣) الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ ، وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا : بِعَذابٍ بَئِيسٍ ؛ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ : ٧ ـ ١٦٥) ؛ فلا أدرى : ما فعلت الفرقة الثالثة؟. قال ابن عباس : فكم قد رأينا : من (٤) منكر ؛ فلم ننه عنه. قال عكرمة (٥) : ألا (٦) ترى (جعلنى الله فداك) : أنهم (٧) أنكروا وكرهوا ؛ حين قالوا : (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً : اللهُ مُهْلِكُهُمْ ، أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً؟!) ؛؟!. فأعجبه قولى ذلك ؛ وأمر لى : ببردين غليظين ؛ فكسانيهما (٨).».
* * *
(أنا) أبو عبد الله الحافظ : (فى آخرين) ؛ قالوا : أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي : «أنا سفيان ، عن الزّهرىّ ، عن عروة (٩) ؛ قال : لم يزل
__________________
(١) فى المستدرك والمختصر : «بالفاء». وفى السنن : «فأسمع» ؛ ولعل زيادة الهمزة من الناسخ أو الطابع.
(٢) عبارة المستدرك : «أن يقول» ؛ أي : قوله.
(٣) فى الأصل : بدون الفاء ، والنقص من الناسخ.
(٤) فى بعض نسخ السنن : «منكرا».
(٥) فى غير الأصل زيادة : «فقلت».
(٦) فى المستدرك والمختصر : «ما» على تقدير الهمزة. فالمعنى واحد.
(٧) فى غير الأصل زيادة : «قد».
(٨) قال الحاكم : «هذا صحيح الإسناد» ، ووافقه الذهبي.
(٩) قد أخرجه فى المستدرك (ج ٢ ص ٥١٣ ـ ٥١٤) : موصولا عن عائشة ؛ من طريق الحميدي عن سفيان : بإسناده ، وباختلاف فى لفظه. ثم قال : «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ؛ ولم يخرجاه : فإن ابن عيينة كان يرسله بآخره.».
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : يسأل عن السّاعة ؛ حتى أنزل عليه : (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) (١) : (٧٣ ـ ٤٣) ؛ فانتهى (٢).».
* * *
(أنا) أبو عبد الله الحافظ : أخبرنى أبو عبد الله (أحمد بن محمد بن مهدىّ الطّوسىّ) : نا محمد بن المنذر بن سعيد ، أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : سمعت الشافعىّ يقول ـ فى قول الله عز وجل : (وَأَنْتُمْ سامِدُونَ) (٣) : (٥٣ ـ ٦١). ـ قال : «يقال (٤) : هو (٥) : الغناء ؛ بالحميريّة. وقال
__________________
(١) أي : فى أي شىء أنت من ذكر القيامة ، والبحث عن أمرها ؛ فليس السؤال عنها لك ، وليس علم ذلك عندك. انظر تفسيرى الطبري (ج ٣٠ ص ٣١) والقرطبي (ج ١٩ ص ٢٠٧) ؛ والقرطين (ج ٢ ص ٢٠٣)
(٢) انظر ما تقدم (ج ١ ص ٣٠١) ؛ وراجع بعض ما ورد فى أمارات الساعة : فى السنن الكبرى (ج ١٠ ص ١١٨ و ٢٠٣) ، وشرح مسلم (ج ١ ص ١٥٨ ـ ١٦٥ وج ١٨ ص ٨٩) ، وطرح التثريب (ج ٨ ص ٢٥٣ ـ ٢٦٠) ، والفتح (ج ١ ص ٩٠ ـ ٩٣ و ١٣٠ وج ٨ ص ٢٠٦ و ٣٦٣ وج ١١ ص ٢٧٥ ـ ٢٨٤ وج ١٣ ص ٢٨١ ـ ٢٨٤).
(٣) أي : لا هون عن ذلك الحديث وعبره ، معرضون عن آياته وذكره. وما سيأتى فى تفسير ذلك لا يخرج عنه ، كما صرح به الطبري فى تفسيره (ج ٢٧ ص ٤٨).
(٤) كما روى عن ابن عباس وعكرمة. انظر السنن الكبرى (ج ١٠ ص ٢٢٣) ، وتفسيرى الطبري (ص ٤٨ ـ ٤٩) والقرطبي (ج ١٧ ص ١٢٣). وعبارة الأصل : «فقال» ، والظاهر : أنها محرفة عما ذكرنا ، أو عن : «فيقال».
(٥) يعنى : السمود ، كما أشار إليه الشافعي فيما بعد ، وكما صرح به في رواية اللسان. وفى بعض روايات الطبري : «السامدون : المغنون». وقال ابن قتيبة ـ كما فى القرطين (ج ٢ ص ١٤٥) ـ : «أي : لاهون ، ببعض اللغات». وعبارة الأصل : «هو من الفنا» ، وهو تصحيف وزيادة من الناسخ : قد تقدمت عن موضعها ، فيما يظهر.
بعضهم (١) : غضاب مبرطمون (٢).»
«قال الشافعي : [من (٣)] السّمود ؛ [و] كلّ ما يحدّث الرجل [به] (٤) ـ : فلها عنه ، ولم يستمع إليه. ـ فهو (٥) : السّمود.».
* * *
(أنا) أبو عبد الرحمن السّلمىّ ، قال : سمعت أبا الحسن بن مقسّم (ببغداد) ، يقول : سمعت أحمد بن على بن سعيد البزّار ، يقول : سمعت أبا ثور يقول : سمعت الشافعىّ يقول : «الفصاحة ـ : إذا استعملتها فى الطّاعة. ـ : أشفى وأكفى : فى البيان ؛ وأبلغ : فى الإعذار (٦).»
«لذلك : [دعا] موسي ربّه ، فقال : (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي : ٢٠ ـ ٢٧ ـ ٢٨). وقال : (وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً : ٢٨ ـ ٣٤) ؛ لما علم : أنّ الفصاحة أبلغ فى البيان.».
__________________
(١) كمجاهد ، انظر ما روى عنه : فى تفسير الطبري ، واللسان (مادة : برطم).
(٢) من «البرطمة» ـ وهو لفظ مجاهد فى بعض الروايات ـ وهى : التكبر والانتفاخ من الغضب. وفى الأصل : «غضابا مبرطمسون» ، وهو تحريف. وقيل فى تفسير ذلك أيضا : «الغافلون ، والخامدون ، والرافعون رءوسهم تكبرا ، والقائمون فى حيرة بطرا وأشرا» ، وما إلى ذلك.
(٣) أي : مشتق منه ، ولعل زيادة ذلك وما بعده صحيحة.
(٤) زيادة حسنة للايضاح.
(٥) يعنى : لهوه وعدم استماعه ، إلا إن كان خصوص هذا الحديث يسمى سمودا : على سبيل المجاز المرسل.
(٦) فى الأصل : «الاغرار كذلك موسى» ، وهو تصحيف ونقص من الناسخ.
(أنا) أبو عبد الرحمن السّلمىّ ، سمعت علىّ بن أبى عمرو البلخيّ ، يقول : سمعت عبد المنعم بن عمر الأصفهانىّ ، [يقول] : نا أحمد بن محمد المكّىّ ، نا محمد بن إسماعيل ، والحسين بن زيد ، والزّعفرانىّ ، وأبو ثور ؛ كلّهم قالوا : سمعنا محمد بن إدريس الشافعىّ ، يقول : «نزّه الله (عز وجل) نبّه ، ورفع قدره ، وعلّمه وأدّبه ؛ وقال : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ : ٢٥ ـ ٥٨).»
«وذلك : أنّ الناس فى أحوال شتّى (١) : متوكّل : على نفسه ؛ أو : على ماله ؛ أو : على زرعه ؛ أو : على سلطان ؛ أو : على عطيّة الناس. وكلّ مستند : إلى حىّ يموت ؛ أو : على شىء يفنى : يوشك أن ينقطع به. فنزّه الله نبيّه (صلى الله عليه وسلم) ؛ وأمره : أن يتوكّل على الحىّ الذي لا يموت (٢).»
«قال الشافعي : واستنبطت (٣) البارحة آيتين ـ فما (٤) أشتهى ، باستنباطهما ، الدّنيا وما فيها ـ : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ؛ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ
__________________
(١) فى الأصل : «شىء» ، وهو تحريف.
(٢) راجع ما ورد فى التوكل ، وأقوال الأئمة عن حقيقته ـ : فى شرح مسلم (ج ٣ ص ٩٠ ـ ٩٢ وج ١٥ ص ٤٤) ، والفتح (ج ١١ ص ٢٤١ ـ ٢٤٢) ، والرسالة القشيرية (ص ٧٥ ـ ٨٠) ، وهى من الكتب النفيسة النافعة : التي يجب الإقبال عليها والانتفاع بها ، واحتقار من يطعن فيها وفى أصحابها. ولابن الجوزي فى مقدمة الصفوة (ص ٤ ـ ٥) : كلام عن التوكل حسن فى جملته. وانظر تفسير القرطبي (ج ٤ ص ١٨٩ وج ١٨ ص ١٦١).
(٣) فى الأصل : «واستنبط» ، وهو تصحيف.
(٤) فى الأصل : «مما» ، وهو تصحيف.