الشيخ علي الغروي العلي ياري
الموضوع : الفقه
الناشر: بنياد فرهنگ إسلامي كوشانپور
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ٢
ISBN: 964-6438-03-2
الصفحات: ٤٤٠
وأمّا التّعصيب
فعلى مذهب العامّة مثلا : مات زيد عن بنت ، وعمّ ، فينقسم التّركة بينهما على هذا الطّريق : نصف التّركة للبنت ، والنّصف الآخر للعمّ عصوبة.
وأمّا عند الإماميّة : النّصف الآخر في المثال المذكور ردّ إلى البنت ، لأنّها : صاحبة الفرض.
مثال آخر : امرأة ماتت ، ولها زوج ، وأب وأمّ ، فللزّوج النّصف ، وللأمّ الثّلث ، وبين مخرجيهما تباين ، ضربنا أحدهما بالآخر ، فحصل ستّ ، فقسمنا هكذا :
نصيب الزّوج = ٣ ، نصيب الامّ = ٢ ، نصيب الأب = ١.
فيأخذ حينئذ الزّوج والامّ نصيبهما ، لأنّهما ذو فروض ، ويبقى واحد للأب إذ لا فرض له حينئذ.
مثال آخر : مات زيد ، وترك زوجة ، وأباه ، وامّه ، فللزّوجة الرّبع ، وللأمّ الثّلث ، فبين مخرجيهما تباين ، ضربنا ثلاثة في أربعة ، فبلغ اثنى عشر ، فقسمنا هكذا :
نصيب الزّوجة = ٣ ، نصيب الامّ = ٤ ، نصيب الأب قرابة = ٦.
ولو كانت للأمّ كلالة فيردّ حينئذ فاضل السّهم أيضا للأب قرابة ، ولو كانت القرابة بعيدة كالعمّ والأخ فيردّ الإماميّة الزّيادة إلى ذي الفرض ، سوى الزّوج والزّوجة ، إذ لا يردّ إليهما مطلقا.
المطلب الخامس
وفيه فصول :
الفصل الأوّل
في أنّ الوارث إن كان واحدا غير الزّوجين فله كلّ التّركة بالقرابة ، أو بالولاء.
نعم ؛ إن كان ذا فرض كان له بعضها بالفرض ، والباقى بالقرابة ، وإن كان أكثر ، ولم يحجب بعضهم بعضا ، فإن لم يكن فيهم ذو فرض أخذ فرضه أوّلا ، ثمّ يقسم الباقى على الباقين على ما يأتى أيضا.
وإن كان كلّهم ذوى فروض ، أخذوا فروضهم ، فإن فضل من التّركة حينئذ شيء لا يعطى الفاضل للعصبة ، وهم أقرباء الميّت إمّا مطلقا أو خصوص الذّكور منهم ، لأنّ التّعصيب باطل عندنا بالكتاب والسنّة المستفيضة ، بل المتواترة ، بل نقل عليه إجماع أهل البيت سلام الله عليهم ، وضرورة المذهب ، بل يردّ الفاضل على ذوى السّهام عدا الزّوج والزّوجة والامّ المحجوبة ، وعدا كلالة الامّ أيضا ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وإن نقصت التّركة عن فروضهم لم يوزع النّقص عليهم ، لأنّه العول الباطل عندنا بما مرّ ، بل يدخل النّقص على البنت ، أو البنتين ، أو الاخت ، والاختين للأبوين ، أو للأب.
الفصل الثّانى
إنّ التّوارث بين الزّوجين ثابت في النّكاح الدّائم.
وأمّا المنقطع ففيه أقوال ، أظهرها ثبوت التّوارث بينهما مع اشتراطه ، ولا يعتبر في التّوارث كون الزّوجة مدخولة للزّوج.
نعم ؛ إذا تزوّج المريض ومات في مرضه قبل الدّخول ، لم ترثه ، بل نقل عليه الإجماع ، والمعتبرة به مستفيضة.
وإلى هذا أشار الشّيخ الحرّ العاملىّ رحمهالله :
وليس في الموت الدّخول يشترط |
|
بل يرثان لو جرى العقد فقط |
إلّا مريضا مات والعقد حصل |
|
في مرض مات به وما دخل |
ثمّ إذا تزوّج المريض في |
|
علّته مع الدّخول فاعرف |
ترثه زوجته وإلّا |
|
فإنّها من إرثه تخلّى |
إلّا إذا عوفى ثمّ ماتا |
|
من بعده وفارق الحياتا |
وقال شيخنا الأعسم رحمهالله :
للزّوج والزّوجة إرث المال |
|
ما دامت الزّوجة في الحبال |
وليس في الموت الدّخول يشترط |
|
بل يرثان لو جرى العقد فقط |
إلّا مريضا مات والعقد حصل |
|
في مرض مات به وما دخل |
وفي الطّلاق ترث للعدّة |
|
رجعيّة ما دام وقت العدّة |
وهكذا الزّوج إذ الرّجعيّة |
|
في الحكم لم تخرج عن الزّوجيّة |
وليس إرث في الطّلاق البائن |
|
جميعه من سائر الأماكن |
إلّا إذا طلّقها حال المرض |
|
واحتجت فيها شروط تفرض |
إذ تستحقّ الإرث ما لم يخرج |
|
حول ولم يبرء ولم تزوّج |
من لم يكن لها من الزّوج ولد |
|
لم ترث الأرض على الرّأى الأسد |
ومالها منها سوى الإعطاء |
|
من قيمة الآلات والبناء |
والمرتضى سقى ثراه ديمه |
|
يمنعها الأعيان دون القيمة |
للزّوجة الرّبع أو الثّمن على |
|
ما مرّ من ذكرهما مفصّلا |
وإن يكن للزّوج فوق الواحدة |
|
بما يزيد شاركتها الزّائدة |
والحكم في الزّوجين ما لم يرجما |
|
بالفرض من قد كان بالامّ أنتما |
ومن يطلق زوجة ويتبع |
|
نكاح اخرى والنّساء أربع |
واشتبهت بالأربع المذكورة |
|
فربع سهمهنّ للأخيرة |
ويقسم الباقى على البواقى |
|
ذوات الاشتباه والطّلاق |
ولا يقدح الطّلاق الرّجعى في التّوارث ما لم تنقض عدّتها ، بل يتوارثان ما دامت في العدّة الرّجعيّة دون البائنة ، إلّا إذا طلّقها مريضا ، ومات في مرضه ، ذلك فإنّ الزّوجة حينئذ ترثه خاصّة ، ما لم تتزوّج ولم تنقض سنة من حين الطّلاق إلى حين موت الزّوج ، ثمّ إنّ الزّوج يرث من جميع ما تركته الزّوجة.
وأمّا الزّوجة : ففى إرثها من جميع ما تركه خلاف ، والأظهر إنّها سواء كانت ذات ولد ، أم لا ، لا ترث من الأرض مطلقا ، لا عينا ، ولا قيمة ، وترث من الأبنية وآلاتها المثبتة ، كالأخشاب والأبواب ونحوهما قيمة لا
عينا ، والأشجار كالآلات ترث من قيمتها ، لا من عينها.
ففى الصّحيح : لا ترث النّساء من العقار شيئا ، وتعطى قيمة البناء ، والشّجر والنّخل.
وفي المفاتيح : أنّ في حكم الشّجر المياه المملوكة بتبعيّة الأرض ، والّتي تكون في مثل البئر والقناة على الأقوى ، انتهى.
وأمّا سائر ما تركه ، فترث الزّوجة من أعيانها ، كسائر الورّاث.
وإلى ما ذكرنا أشار الشّيخ الحرّ العاملىّ رحمهالله بقوله :
لا ترث الزّوجة في العقار |
|
شيئا ولا البناء ولا في الدّار |
لكن لها قيمته كذا ورد |
|
إلّا إذا كان لها منه ولد |
وما لها في قيمة الأرض ولا |
|
في عينها إرث فكن محصّلا |
وإن يطلق زوجها المريض |
|
فإرثها باق لها المفروض |
وإن تكن رجعيّة أو باينة |
|
فإنّها ترثه إلى سنة |
ما لم تكن تزوّجت أو قد برء |
|
من مرض له وسقم قد عرا |
إن تمت فما له من مالها |
|
إرث عقوبة له كمالها |
الفصل الثّالث
إنّ الزّوج والزّوجة يشاركان جميع الطّبقات ، ويأخذان نصيبهما الأعلى مع عدم الولد والأدنى مع وجوده ، ولا يردّ الفاضل عليهما مع وجود وارث ، ولو ضامن جريرة.
وأمّا إذا انحصر الوارث في الزّوج ولم يكن غيره ، روى الإمام عليهالسلام :
فالمشهور المنصور إنّه يردّ عليه الفاضل من نصيبه الأعلى ، فيكون له كلّ
تركتها المعتبرة المؤيّدة بالشّهرة والإجماعات المنقولة.
وإليه أشار الشّيخ الحرّ العاملىّ رحمهالله ، بقوله :
ثمّ إذا ما انفرد الزّوج ولم |
|
يكن سواه وارث فقد علم |
إنّ له بالفرض نصفا كاملا |
|
لكنّه بالرّد يحوى الفاضلا |
واعلم بأنّ الخلف فيه قد ورد |
|
ولكن المروىّ (١) إنّه يردّ |
وما عن ظاهر الدّيلمى من أنّه لا يردّ عليه الفاضل ، بل هو للإمام عليهالسلام ، ضعيف دليله ، لا يصلح لمقاومة ما ذكرنا ، وإذا انحصر في الزّوجة كذلك ، فالظّاهر (٢) أنّ الزّائد من الرّبع لا يردّ ، إنّما هو للإمام عليهالسلام ، ولو في حال الغيبة ، للمعتبرة المستفيضة الّتي لا ظهور لها في حال الحضور ، لو لم نقل بظهورها في العموم للحالتين.
ومن الشّيخ الصّدوق : إنّ الزّوجة يردّ عليها الفاضل من نصيبها في حال غيبة الإمام عليهالسلام.
وإليه أشار الشّيخ الحرّ العاملى رحمهالله ، بقوله :
وترث الزّوجة ما تقدّما |
|
لها وفي الرّدّ الخلاف علّما |
وثالث الأقوال للأفاضل |
|
في غيبة الإمام ردّ الفاضل |
وقيل : يردّ عليها مطلقا للمعتبرين ، وردّ بشذوذه وعدم مقاومة مستنده ، لما مرّ.
__________________
(١) الأشهر ، خ ل.
(٢) فالأظهر ـ خ ل.
الفصل الرّابع
في ذكر ذوى السّهام على الانفراد
اعلم ؛ أنّ السّهام على ضربين : ذو الأسباب وذو الأنساب.
فذو الأسباب : هم الزّوج والزّوجة ، ولهما حالتان :
حالة انفراد بالميراث ، وحالة اجتماع ، فإذا انفردوا كان السّهم المسمّى إن كان زوجا النّصف ، والرّبع ، إن كانت زوجة ، والباقى لبيت المال.
وقال أصحابنا : إنّ الزّوج وحده يردّ عليه الباقى بإجماع الفرقة على ذلك ، وأمّا حالة الاجتماع ، فللزّوج السّهم المسمّى النّصف مع عدم الولد ، وولد الولد ، وإن سفلوا مع جميع الورّاث ، ذا فرض كان أو غير ذي فرض ، وله الرّبع مع وجود الولد وولد الولد ، وإن سفلوا.
والزّوجة : لها الرّبع مع عدم الولد ، وولد الولد ، وإن سفلوا مع جميع الورّاث ، ولها الثّمن مع وجود الولد ، وولد الولد.
ولا يدخل عليها النّقصان في حال من الأحوال ، ولا يردّ عليها الفاضل.
وأمّا ذو الأنساب : فلهم أيضا حالتان : حالة انفراد ، وحالة اجتماع.
فإذا انفرد كلّ واحد من ذوى السّهام أخذ ما سمّى له ، والباقى يردّ عليه بالقرابة ، ولا يردّ إلى بيت المال ، ولا يصحّ أن يجتمع من ذوى السّهام ، إلّا من كان قرباه واحدة إلى الميّت ، مثل البنت ، أو البنات مع الأبوين ، أو
مع كلّ واحد منهما ، لأنّ كلّ واحد من هؤلاء لا يقرب إلى الميّت بنفسه ، فإذا اجتمعوا ، فلهم ثلاثة أحوال :
حالة يكون المال وفقا لسهامهم.
وحالة يفضل المال عن سهامهم.
وحالة ينقص لمزاحمة الزّوج أو الزّوجة لهم.
فإذا كانت التّركة وفقا لسهامهم ، أخذ كلّ ذي سهم سهمه.
وإذا كانت التّركة فاضلة من سهامهم ، أخذ كلّ ذي سهم سهمه ، والباقى يردّ عليهم على قدر سهامهم.
وإذا كانت التّركة ناقصة عن سهامهم لمزاحمة الزّوج أو الزّوجة لهم ، كان النّقص على البنت ، أو ما زاد عليها دون الأبوين أو أحدهما ودون الزّوج أو الزّوجة ، والكلالتان معا يسقطان مع البنت أو البنات ، ومع الأبوين ومع كلّ واحد منهما اجتماع الكلالتين معا لتساوى وقرابتيهما.
ولهم أيضا ثلاثة أحوال :
حالة تكون التّركة وفقا لسهامهم.
وحالة تنقص عنها.
وحالة تفضل عنها.
فإذا كانت وفقا لسهامهم ، أخذ كلّ واحد منهم سهمه ، وإذا فضلت عن سهامهم ، فإن كانت كلالة الأب لها سببان ، بأن تكون الاخت والاختان من قبل الأب والامّ ، ردّ ما فضل عن سهامهم على كلالة الأب والامّ ، لاجتماع سببين فيهم دون كلالة الامّ الّتي لها سبب واحد.
وإن كانت كلالة الأب لها سبب واحد ، بأن تكون من قبل الأب خاصّة فقد ساوى كلالة الامّ في القرابة ، فإنّه يردّ عليهم قدر سهامهم.
ومن أصحابنا من قال : يردّ الفاضل على كلالة الأب ، لأنّ النّقص يدخل عليها ، أو كلالة الأب خاصّة ، تسقط مع كلالة الأب والامّ.
فإذا لم تكن كلالة لأب وأمّ ، قام كلالة الأب مقامها في مقاسمة كلالة الامّ ، وأمّا إذا انقصت التّركة عن سهامهم لمزاحمة
الزّوج أو الزّوجة لهم كان النّقص على كلالة الأب دون كلالة الامّ ، فإنّ كلالة الامّ والزّوج والزّوجة لا يدخل عليهم النّقصان على حال.
الفصل الخامس
في ذكر من يرث بالقرابة دون الفرض
قد ذكرنا من يرث بالفرض من ذوى الأنساب ، ومن يجتمع منهم ، ومن لا يجتمع ، فأمّا من يرث بالقرابة دون الفرض ستّة أنواع : الولد للصّلب وولد الولد ، والأب ، ومن يتقرّب بالأب من ولد الأب ، أو أبوى الأب ، أو من يتقرّب بالامّ دونها ، ودون ولدها ، فإنّ الامّ وولدها مسمّون على ما ذكرنا.
فأقوى القرابة الولد للصّلب ، فإنّ الولد للصّلب إذا كان ذكرا ، أخذ المال كلّه بالقرابة إن كان واحدا ، وإن كان أكثر من واحد ، فالمال بينهم بالسّوية ، وإن كانوا ذكورا وإناثا للذّكر مثل حظّ الأنثيين ، ولا يرث أحد ممّن يرث بالقرابة ، سواء تقرّب بهم ، أو بغيرهم إلّا ذوى السّهام الّذين ذكرناهم من الزّوج أو الزّوجة أو الوالدين ، أو أحدهما.
ثمّ بعد ذلك ولد الولد أقوى من غيرهم من القرابات ، لأنّ ولد الولد
يقوم مقام الولد للصّلب ، ويمنع من يمنعه الولد للصّلب ، ويأخذ كلّ واحد منهما نصيب من يتقرّب ، فولد الابن ذكرا كان أو انثى ، يأخذ نصيب الابن ، وولد البنت يأخذ نصيب البنت ، ذكرا كان أو انثى ، والبطن الأوّل أبدا يمنع من نزل عنه بدرجة ، كما يمنع ولد الصّلب ولد الولد ، وهم وإن نزلوا يمنعون كلّ من يمنعه ولد للصّلب على حدّ واحد ، وكلّ من يأخذ مع الولد للصّلب من ذوى السّهام ، فإنّه يأخذ مع ولد الولد على حدّ واحد من غير زيادة ، ولا نقصان.
ثمّ الأب ، فإنّه يأخذ جميع المال إذا انفرد ، وإذا اجتمع مع الامّ ، أخذ ما يبقى من سهمهما السّدس مع وجود من يحجبها من الإخوة والأخوات من قبل الأب والامّ ، أو من قبل الأب أو الثّلث مع عدمهم ، ولا يرث معه أحد ممّن يتقرّب به ولا من يتقرّب بالامّ ، والزّوج والزّوجة يجتمعان مع ما بيّناه من ذوى السّهام ، وأمّا من يتقرّب به إمّا ولده أو والده ، أو من يتقرّب بهما من عمّ أو عمّه ، فالجدّ أب الأب مع الّذي هو ولده في درجة واحدة ، وكذلك الجدّة من قبله مع الاخت من قبله في درجة ، فهم يتقاسمون المال بينهم للذّكر مثل حظّ الأنثيين ، إذا كانوا ذكورا وإناثا.
وكذلك أولاد الأب إذا اجتمع الذّكور والإناث كان المال بينهم للذّكر مثل حظّ الأنثيين ، وإن كانوا ذكورا كان المال بينهم بالسّويّة.
ومن له سببان يمنع من له سبب واحد.
وكذا إذا اجتمع الجدّ والجدّة من قبل الأب ، كان المال بينهم للذّكر مثل حظّ الأنثيين.
وولد الإخوة والأخوات يقومون مقام آبائهم وامّهاتهم في مقاسمة الجدّ ، كما أنّ ولد الولد يقوم مقام الولد للصّلب مع الأب والجدّ والجدّة وإن عليا
يقاسمون الإخوة والأخوات ، وأولادهم ، وإن نزلوا على حدّ واحد.
ولا يجتمع مع الجدّ والجدّة ، ولا مع واحد منهما ، ولا مع الإخوة والأخوات ، ولا مع واحد منهم أولاد الجدّ والجدّة ، كما لا يجتمع الولد للصّلب أولاد الأب ، وعلى هذا التّدريج الأقرب يمنع الأبعد بالغا ما بلغوا.
وأمّا من يتقرّب من قبل الامّ فليس إلّا الجدّ والجدّة من قبلها ، أو من يتقرّب بهما ، فإنّ أولادهما من ذوى السّهام ، والجدّ والجدّة من قبلها يقاسمون الجدّ والجدّة من قبل الأب والإخوة والأخوات من قبله ، ومن قبل الامّ لتساويهم في القرابة ، ويسقط تسمية كلالة الامّ ، وكلالة الأب معا عند الاجتماع ، ومتى اجتمع قرابة الأب مع قرابة الامّ مع تساويهم في الدّرج كان لقرابة الامّ الثّلث نصيب الامّ بينهم بالسّويّة ، والباقى لقرابة الأب ، للذّكر مثل حظّ الأنثيين.
فإن زاحمهم الزّوج أو الزّوجة لم تنقص قرابة الامّ من الثّلث ، ودخل النّقص على قرابة الأب ، كما يدخل النّقص على الأب نفسه ، ومتى بعد أحد القرابتين بدرجة سقط مع الّذي هو أقرب ، سواء كان من قبل الأب أو من قبل الامّ ، وسواء كان البعيد له سببان ، والقريب له سبب واحد ، ولم يكن كذلك إلّا مسئلة واحدة ، وهى ابن عمّ لأب وأمّ مع العمّ لأب ، فإنّ المال لابن عمّ لأب وأمّ دون العمّ ، ولا تتعدّى هذه المسألة إلى غيرها لإجماع الطّائفة على هذه.
ثمّ على هذا المنهاج يمنع أولاد الجدّ الأدنى ، وأولاد أولادهم أولاد الجدّ الأعلى ، كما يمنع أولاد الأب نفسه أولاد الجدّ ، لأنّهم يقومون مقام آبائهم ، وآبائهم أقرب منهم بدرجة.
وبالجملة : مطلق الوارث على أربعة أقسام :
الأوّل : من يرث بفرض فقط ، وهم الّذين فرض الله لهم سهما في كتابه العزيز.
والثّانى : من يرث بالقرابة فقط ، وهم من يرث بعموم آية : « اولوا الأرحام » كالأخوال والأعمام.
والثّالث : من يرث مرّة بالفرض ، ومرّة اخرى بالقرابة ، كالأب والبنت ، وإن تعدّدت ، والاخت للأب ، فالأب مع الولد يرث بالفرض ، وبدونه يرث بالقرابة ، والبنت ترث مع الأخ بالقرابة ، وبدونه بالفرض ، وكذا الاخت مع الأخوان للأب ترث بالقرابة ، وبدونهم ترث بالفرض.
والرّابع : من يرث بالفرض ، والقرابة كالأمّ مع البنت ، فإنّ للأمّ من التّركة السّدس ، وللبنت النّصف ، ويردّ باقى التّركة إليهم أرباعا.
الباب الأوّل
من الأبواب الثّلاثة
الّتي يذكر في ضمنها الطّبقات السّتّ الّتي أشار إليها الشّيخ الحرّ العاملىّ رحمة الله عليه في قوله :
والطّبقات السّتّ أوليها الولد |
|
والوالدان ثمّ إخوة وجدّ |
يتلوهما الأعمام والأخوال |
|
ثمّ الموالى المعتقون نالوا |
الإرث ثمّ ضامن الجريرة |
|
ثمّ الإمام سيّد العشيرة |
وهذا الباب في تعيين الورثة وقسمة إرثهم ، كما أشار إليه هذا السّيّد رحمهالله بقوله :
والزّوج والزّوجة في كلّ طبق |
|
يشار كان الوارث الّذي اتّفق |
فيما سوى زوج مع الإمام |
|
والزّوج يحوى الإرث بالتّمام |
فرائض القرآن فيمن نصفه |
|
ثلث وربع ضعف كلّ نصفه |
الثّلث للأمّ دون حجب وولد |
|
وفي كلالة لها تعدّد |
والرّبع للزّوجين إذ كان الولد |
|
مع ذاك موجود أو مع تلك افتقد |
ثلثان للأختين والأخوات |
|
للأب والبنتين والبنات |
للزّوج نصف حيث لم يكن ولد |
|
والبنت وحدها كذا كما ورد |
كذاك اخت لأب والثّمن |
|
لزوجة مع ولد معيّن |
في آية نزلها روح القدس |
|
للأبوين كلّ واحد سدس |
مع الولد ودونه للأمّ لو |
|
حجبا من الإخوة للأب رووا |
لواحد من إخوة للأمّ |
|
السّدس أيضا في الكتاب سمّى |
وفيه مقاصد أربعة :
المقصد الأوّل
في الأبوين والأولاد
وفيه مسائل :
الاولى : إذا انفرد كلّ واحد من الأبوين ، بحيث لم يترك قريبا في مرتبته سواه ولا زوجا أو زوجة ، فالمال كلّه له ، لكن للأمّ ثلث المال بالتّسمية ، لأنّه فرضها حينئذ ، والباقى بالرّدّ ، فالمسألة من ثلاثة ، هكذا :
نصيب الامّ فرضا [١] وردّا [٢] ، وأمّا الأب فيرث الجميع بالقرابة ضرورة ، إنّه لا فرض له في المقام ، ولو اجتمعا ، فللأمّ الثّلث مع عدم الحاجب من الإخوة ، والسّدس معه لقوله تعالى : « وورثه أبواه فلأمّه الثّلث » ، وقوله سبحانه : « وإن كان له إخوة فلأمّه السّدس ».
والباقى من التّركة بعد إفراز الثّلث أو السّدس للأب.
فللفرض الأوّل المسألة من ثلاثة هكذا : نصيب الامّ [ ١ ـ فرضا ] نصيب الأب [ ٢ ـ قرابة ].
وللفرض الثّانى ، فالمسألة من ستّة ، هكذا : نصيب الأب [ ٥ ـ ستّة ، قرابة ] ، ونصيب الامّ [ ١ ـ فرضا ] من دون خلاف في شيء من ذلك كلّه المعلوم من الكتاب العزيز ، والسّنّة الّتي منها : صحيح محمّد بن مسلم.
عن أبى جعفر عليهالسلام قال : لا يرث مع الامّ ـ الحديث.
وصحيح زرارة حيث قال فيه : ولا يرث مع الامّ ، ولا مع الأب ، ولا مع الابن ، ولا مع الابنة ، خلق الله غير الزّوج أو الزّوجة.
والمستفيضة المصرّح فيها : بأنّه لو ترك الأبوين كان للأب الثّلثان ، وللأمّ الثّلث.
والأخبار الكثيرة المتظافرة المتضمّنة قسمة المال بين الأبوين أثلاثا مع عدم الحجب على الامّ عن الثّلث إلى السّدس بإخوة الأب ، والإجماع الّذي قد يكون منقولا متواترا كالنّصوص بعد انضمام العموم إلى الخصوص ، ومعلومة من ضروريات الدّين ، بل المذهب في غير ما فيه العصبة ، وإن شذّ الحسن الّذي قد زعم أنّه لو انفردت الامّ حازت المال كلّه من دون تسمية ، وما عن ابن عبّاس من القول بإرث الإخوة السّدس الّذي قد حجبوا الامّ عنه.
الثّانية :
للابن المنفرد المال كلّه ، وكذلك للزّائد عن الواحد من الأبناء بينهم بالسّويّة ، وللبنت المنفردة النّصف تسمية ، والباقى ردّا ، وللبنتين فصاعدا الثّلثان تسمية ، والباقى ردّا ، فأصل المسألة من ثلاثة قسمنا الثّلاثين عليهما لكلّ واحد منهما واحد ، وبقى واحد ، وهو لا ينقسم عليهما صحيحا وبين رءوسهما وسهمهما تباين ، فضربنا الاثنين في الثّلاثة ، فبلغ ستّة ، قسمناها هكذا : نصيب
البنتين فرضا [٤] ، وردّا [٢] ، ولو اجتمع الذّكور والإناث ، فللذّكر مثل حظّ الأنثيين ، فلو كان للميّت أبناء خمسة ، وبنات خمسة ، فنفرض كلّا من الأبناء بنتين ، فقسمنا تركته من خمسة عشر ، هكذا نصيب أبناء خمسة عشر بالسّويّة لكلّ واحد اثنان ، ونصيب خمس بنات خمسة لكلّ واحدة واحد ، ولو اجتمع مع الولد ذكرا كان أم انثى ، متّحدا أو متعدّدا ، الأبوان ، لكلّ واحد منهما السّدس ، والباقى من المال للابن إن كان الولد المفروض ذكرا واحدا ، أو البنتين أو الذّكور والإناث على ما قلناه : « للذّكر مثل حظّ الأنثيين ».
وللأبوين مع البنت الواحدة السّدسان ، ولها النّصف ، والباقى وهو السّدس يردّ على الأبوين ، والبنت أخماسا على نسبة الفريضة ، فيكون جميع التّركة بينهم أخماسا للبنت ثلاثة أخماس ، ولكلّ واحد منهما خمس.
نصّ عليه أبو جعفر عليهالسلام في صحيح ابن مسلم ، أو حسنة ، والفريضة حينئذ من ثلثين ، لأنّ أصلها ستّة مخرج السّدس والنّصف ، ثمّ يرتقى بضرب مخرج الكسر ، وهو خمسة في السّتّة الّتي هى الأصل إلى غير ذلك.
هذا إذا لم يكن للأمّ حاجب عن الزّيادة على السّدس ، ومع الحاجب يردّ الفاضل على البنت ، والامّ خاصّة أرباعا ، والفريضة حينئذ من أربعة وعشرين ، حاصلة من ضرب مخرج الكسر ، وهو أربعة في السّتّ الّتي هى الأصل ، للأمّ سدسها أربعة ، وللبنت اثنى عشر بالأصل ، وثلاثة بالرّدّ ، وللأب أربعة بالأصل ، وواحد بالرّدّ.
ولو كان بنتان فصاعدا مع الأبوين ، فلا ردّ ضرورة ، إنّ الفريضة حينئذ بقدر السّهام.
ولو كان البنتان مع أحد الأبوين خاصّة يردّ السّدس الفاضل عن سهامهم عليهم جميعا أخماسا بمعنى أنّ أصل فريضتهم ستّة ، فبعد إخراج
السّدس ، وهو نصيب أحد الأبوين ، والثّلثان نصيب البنتين بقى واحد ، وهو لا ينقسم بينهم أخماسا ، فضربنا الخمسة في السّتّة ، وهى أصل الفريضة ، فحصل ثلاثون ، فقسمنا هكذا : نصيب أحد الأبوين [ سدس فرضا وردّا ] نصيب البنتين [ ثلثان فرضا وردّا ].
وبطريق الخواجة يصحّ التّقسيم من خمسة سدس فرضا ، هكذا نصيب أحد الأبوين [١] نصيب البنتين [٤].
ولو كان للميّت أمّ فقط ، فلها ثلث المال فرضا ، والثّلثان ردّا ، والمسألة من ثلاثة ، وكذا لو كان للميّت أب وأمّ لا غير ، فثلث المال للأمّ فرضا لو كانت غير محجوبة ، والثّلثان للأب قرابة ، ولو كانت لها حاجب ، فالسّدس لها فرضا ، والتّتمّة للأب قرابة ، كما مرّ ، والمسألة من ستّة.
ولو خلّف الميّت ابنا واحدا لا غير ، فالمال كلّه له.
ولو خلّف بنتا واحدة ، ونصف المال لها فرضا ، والنّصف الآخر ردّا ، فالمسألة من اثنين.
ولو خلّف بنتين أو أزيد ، فالثّلثان لهنّ فرضا ، والثّلث الباقى ردّا مثل لو خلّف بنتين ، فالثّلثان من الثّلاثة لهما لكلّ واحدة واحد ، ويبقى ، ولا ينقسم بينهما صحيحا ، فتضرب اثنين في أصل الفريضة الثّلاثة ، فتحصل ستّة ، فقسمناها هكذا : نصيب البنتين ثلثان [٤] فرضا وردّا [٢].
ولو خلّف أبويه وخمسة أبناء ، فأصل الفريضة من ستّة لكلّ واحد من الأبوين واحد ، فيبقى أربعة ، وهى لا تنقسم على الخمسة في أصل الفريضة ، وهى ستّة ، فحصل ثلاثون ، فقسمناها هكذا : نصيب الأب [٥] نصيب الامّ [٥] ، نصيب الأبناء [٢٠].
ولو خلّف أبويه ، وثلاثة أبناء ، فالفريضة من ستّة ، فلكلّ من الأبوين
السّدس منها ، فيبقى أربعة ، وهى لا تنقسم أثلاثا بينهم ، فضربنا الثّلاثة في أصل الفريضة ، وهى ستّة فحصلت ثمانية عشر ، فقسمناها هكذا : نصيب الأب [٣] نصيب الامّ [٣] نصيب الأبناء [١٢] الثّلاثة.
ولو خلّف بنتا وأحد الأبوين ، فنصف التّركة للبنت فرضا ، وسدسها لأحد الأبوين ، والباقى ، لا بدّ أن يقسم بين البنت وأحد الأبوين أرباعا ، وهو غير ممكن ، فأقلّ عدد له النّصف ، والسّدس ستّة فبعد إخراج النّصف ، والسّدس منها ، أعنى ثلاثة وواحدا بقى اثنان ، وهما لا ينقسمان أرباعا بين البنت وأحد الأبوين ، ومخرج الرّبع أربعة ، وبين الأربعة ، والسّتّة توافق بالنّصف ، فضربنا نصف أحدهما بتمام الآخر ، فحصل اثنى عشر ، فقسمنا هكذا : نصيب أحد الأبوين السّدس [٢] فرضا ، وردّا ، نصيب البنت [ ... ] فرضا وردّا.
وأمّا سلطان المحقّقين نصير الملّة والدّين طاب ثراه ، فيقسم التّركة أوّلا أرباعا ، بمعنى أنّه يعطى واحدا من الأربعة لأحد الأبوين ، وثلاثة للبنت حينئذ.
ولو خلّف الأبوين وبنتا واحدة ، فالسّدسان من السّتّة للأبوين ، والنّصف منها للبنت ، ولا بدّ أن ينقسم الباقى أخماسا ، وهو غير ممكن ، ومخرج الخمس خمسة ، وبين الخمسة والسّتّة تباين ، فضربنا الخمسة في السّتة ، حصل ثلاثون ، فقسمنا هكذا : نصيب الأب [١٥] فرضا ، و[٣] ردّا ، نصيب الامّ [٥] السّدس ، وردّا [١] ، نصيب البنت فرضا [١٥] وردّا [٣].
ويقسم سلطان المحقّقين ونصير الحقّ والملّة والدّين الخواجه محمّد بن الحسن الطّوسى طاب ثراه هاهنا أيضا المال على خمسة أسهم هكذا : نصيب الأب [١] نصيب الامّ [١] نصيب البنت [٣] ، هذا إذا لم يكن مانع للأمّ من الإخوة والأخوات ، وإلّا فنقسم التّركة أرباعا هكذا : نصيب الأب السّدس فرضا [٤] ، وردّا [١] نصيب الامّ السّدس فرضا [٤] نصيب البنت فرضا [١٢] ، وردّا [٣].