الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-34-5
الصفحات: ٤٠٦
فروع :
الأول : لو وقع الثوب النجس أو الآنية أو غيرهما في ماءً كثير أو جار ، حتى زالت عين النجاسة طهر ، سواء عصر أو لا ، ولا يشترط عدد ولا غيره وان كان في الولوغ ، خلافاً للشيخ (١).
الثاني : اشترط أبو حنيفة في إزالة النجاسة الحكمية الثلاث (٢) ، وأحمد السبع في جميع النجاسات (٣).
الثالث : بول الصبي قبل أن يطعم ، يكفي فيه صب الماء عليه ، ولا يجب غسله ، لأنّ الحسن بن علي عليهماالسلام بال في حجر رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقالت له لبابة بنت الحارث : أعطني إزارك لاغسله. فقال : ( إنّما يغسل من بول الاُنثى ) (٤) ، وقال الصادق عليهالسلام : « يصب عليه الماء » (٥).
وقال أبو حنيفة ومالك : يجب غسله (٦) ، لقوله صلىاللهعليهوآله : ( إنّما يغسل الثوب من البول ) (٧) ـ الحديث ـ والخاص مقدم.
__________________
١ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٣٧.
٢ ـ شرح فتح القدير ١ : ١٨٥ ، فتح العزيز ١ : ٢٣٦ ، بداية المجتهد ١ : ٨٦.
٣ ـ المغني ١ : ٧٥ ، الشرح الكبير ١ : ٣٢١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٩٣ ، فتح العزيز ١ : ٢٣٦ ، بداية المجتهد ١ : ٨٦.
٤ ـ مسند أحمد ٦ : ٣٣٩ وفي سنن أبي داود ١ : ١٠٢ / ٣٧٥ وسنن ابن ماجة ١ : ١٧٤ / ٥٢٢ ومستدرك الحاكم ١ : ١٦٦ وسنن البيهقي ٢ : ٤١٤ وورد بدل الحسن : الحسين.
٥ ـ الكافي ٣ : ٥٦ / ٦ ، التهذيب : ٢٤٩ / ٧١٥ ، الاستبصار ١ : ١٧٣ / ٦٠٢.
٦ ـ اللباب ١ : ٥٣ ، فتح القدير ١ : ١٨٥ ، بداية المجتهد ١ : ٨٥ ، المحلى ١ : ١٠٢ ، نيل الأوطار ١ : ٥٨ ، فتح العزيز ١ : ٢٥٣ ، سبل السلام ١ : ٥٤ ، المجموع ٢ : ٥٩٠.
٧ ـ سنن الدارقطني ١ : ١٢٧ / ١.
وقال الشافعي وأحمد : يكفي الرش (١). وهو قول لنا ، فيجب فيه التعميم فلا يكفي إصابة الرش بعض مورد النجاسة ، وأكثر الشافعية على اشتراط الغلبة ، ولم يكتفوا بالبل (٢).
الرابع : بول الصبية يجب غسله كالبالغة ـ وللشافعي قولان (٣) ـ لأنّ التخصيص بالصبي
الخامس : المتساقط بالعصر نجس ، والمتخلف في الثوب طاهر ، ولو جفّ من غير عصر ففي الطهارة إشكال ، ينشأ من زوال الغسالة بالجفاف ، والعدم لأنّا نظن انفصال أجزاء النجاسة في صحبة الماء بالعصر لا بالجفاف.
السادس : قد بيّنا أنّ المنيّ نجس ، ويجب غسله رطباً ويابساً ، مع استحباب تقديم الفرك في اليابس ، وبه قال مالك (٤) ، لقوله صلىاللهعليهوآله : ( إنّما يغسل الثوب من المني ) (٥) الحديث.
وقال أبو حنيفة وأحمد : يفرك يابسا (٦) لأنّ عائشة كانت تفرك المني من ثوب رسول الله صلىاللهعليهوآله (٧). ولا حجة فيه.
__________________
١ ـ فتح العزيز ١ : ٢٥٣ ، المغني ١ : ٧٧٠ ، الشرح الكبير ١ : ٣٣٠.
٢ ـ فتح العزيز ١ : ٢٥٨.
٣ ـ فتح العزيز ١ : ٢٥٩.
٤ ـ بُلغة السالك ١ : ٢٢ ، بداية المجتهد ١ : ٨٢ ، فتح العزيز ١ : ١٨٩ ، نيل الأوطار ١ : ٦٥ ، المجموع ٢ : ٥٥٤ ، المحلى ١ : ١١٦.
٥ ـ سنن الدارقطني ١ : ١٢٧ / ١.
٦ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٨١ ، اللباب ١ : ٥١ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٣٥ ، شرح فتح القدير ١ : ١٧٢ ـ ١٧٣ ، المجموع : ٥٥٤ ، بداية المجتهد ١ : ٨٢ ، نيل الأوطار ١ : ٦٥ ، ٦٦ ، المحلى ١ : ١٢٦.
٧ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٣٨ / ٢٨٨ ، سنن الدارقطني ١ : ١٢٥ / ٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٧٩ / ٥٣٧ ـ ٥٣٩ ، سنن ابي داود ١ : ١٠١ / ٣٧١.
السابع : لو غسل نصف الثوب النجس طهر ما غسله ، وكان الباقي على نجاسته ، إنّ غسله طهر أيضاً ، وهو أحد قولي الشافعية (١) لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال عن السمن تموت فيه الفأرة : ( وإن كان جامداً فألقوها وما حولها ) (٢) ، حكم عليهالسلام بنجاسة المتصل دون الجميع ، مع وجود الرطوبة ، ولأنّ الآنية تغسل بإدارة الماء فيها.
وفي الآخر : لا يطهر إلّا بغسله دفعة ، لاتصال الرطوبة بالنجس ، وليس بشيء.
الثاني : الإناء ويجب غسلها من ولوغ الكلب ثلاث مرات اولاهن بالتراب ، ذهب إليه أكثر علمائنا (٣) ، لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله : ( يغسل ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً )(٤) والتخيير يسقط وجوب الزائد ، وقول الصادق عليهالسلام : « اغسله بالتراب أول مرّة ، ثم بالماء مرتين » (٥) وقال المفيد : الوسطى بالتراب (٦).
وقال ابن الجنيد : يغسله سبعاً (٧) وبه قال الشافعي ، وأحمد ، وهو مروي عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، وعروة ، وطاووس (٨) ، لقوله عليه
____________
١ ـ المجموع ٢ : ٥٩٥.
٢ ـ صحيح البخاري ١ : ٦٨ ، سنن ابي داود ٣ : ٣٦٤ / ٣٨٤١ ، سنن الترمذي ٤ : ٢٥٦ / ١٧٩٨ ، سنن النسائي ٧ : ١٧٨ ، سنن الدارمي ١ : ١٨٨ ، مسند أحمد ٢ : ٢٣٣ ، ٢٦٥.
٣ ـ منهم الشيخ في الخلاف ١ : ١٧٨ مسألة ١٣٣ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٢٨ ، والمحقق في الشرائع ١ : ٥٦.
٤ ـ سنن الدارقطني ١ : ٦٥ / ١٣ ، ١٤.
٥ ـ التهذيب ١ : ٢٢٥ / ٦٤٦ ، الاستبصار ١ : ١٩ / ٤٠.
٦ ـ المقنعة : ٩.
٧ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ١٢٧.
٨ ـ ألام ١ : ٦ ، المجموع ٢ : ٥٨٠ ، مختصر المزني : ٨ ، السراج الوهاج : ٢٣ ، بداية المجتهد ١ : ٨٦ ، مغني المحتاج ١ : ٨٣ ، سنن الترمذي ١ : ٩٢ ، نيل الأوطار : ٤٢ و ٤٦ ، المحلى ١ : ١١٢.
السلام : ( طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبعاً ) (١).
وقال مالك : يستحب الغسل (٢). وعن أحمد رواية أنها ثمانية ، وبه قال الحسن البصري (٣) ، لقوله عليهالسلام : ( والثامنة عفروه بالتراب ) (٤).
وأصحاب الرأي لم يعتبروا عدداً لتخييره عليهالسلام ، ولا ينافي ما قلناه.
وأما الخنزير ، فقال الشيخ : إنّه كالكلب لأنّه يسمى كلباً لغةً (٥) ، وهو ضعيف ، وبه قال الشافعي ، وفي القديم له : يغسل مرّة واحدة (٦).
والأجود أنّه يغسل سبع مرات ، لقول الكاظم عليهالسلام وقد سئل عن خنزير شرب من إناء ، قال : « يغسل سبع مرات » (٧).
وأما الخمر ، فقال الشيخان : يغسل منه سبعاً (٨) ، لقول الصادق عليهالسلام ـ في الإناء يشرب فيه النبيذ ـ : « يغسل سبع مرات » (٩) ، وللشيخ قول : إنّه ثلاث (١٠) ، لقول الصادق عليهالسلام : « ويغسله ثلاث مرات » (١١).
__________________
١ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٣٤ / ٩١ و ٩٢ ، سنن أبي داود ١ : ١٩ / ٧١ ، مسند أحمد ٢ : ٤٢٧.
٢ ـ فتح الباري ١ : ٢٢١ ، بُلغة السالك ١ : ٣٤ ، المجموع ٢ : ٥٨٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٤٨ ، فتح العزيز ١ : ١٦١ ، ٢٦١.
٣ ـ المغني ١ : ٧٤ ، الشرح الكبير ١ : ٣١٩ ، سبل السلام ١ : ٣٠ ، نيل الأوطار ١ : ٤٦ ، فتح الباري ١ : ٢٢٢.
٤ ـ نيل الأوطار ١ : ٤٥ ، سنن الدارقطني ١ : ٦٥ / ١١ ، سنن النسائي ١ : ٥٤ ، سنن الدارمي ١ : ١٨٨ ، سنن أبي داود ١ : ١٩ / ٧٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٣٠ / ٣٦٥.
٥ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١٥ ، وورد في تاج العروس ١ : ٤٥٩ ( كلب ) : الكلب كلّ سبع عقور.
٦ ـ المجموع ٢ : ٥٨٦ ، السراج الوهاج : ٢٣ ، فتح العزيز ١ : ٢٦١ ـ ٢٦٢ ، مغني المحتاج ١ : ٨٣.
٧ ـ التهذيب ١ : ٢٦١ / ٧٦٠.
٨ ـ المقنعة : ١٠ ، المبسوط للطوسي ١ : ١٥ ، النهاية : ٥٣.
٩ ـ التهذيب ٩ : ١١٦ / ٥٠٢.
١٠ ـ الخلاف ١ : ١٨٢ مسألة ١٣٨.
١١ ـ التهذيب ٩ : ١١٥ / ٥٠١ ، الكافي ٦ : ٤٢٧ / ١.
وأما الفأرة فللشيخ قول بالغسل سبعاً (١) ، لقول الصادق عليهالسلام : « اغسل الإناء الذي تصيب فيه الجرذ سبعاً » (٢) ، وقول : إنّه ثلاث (٣) لعدم زيادته على الخنزير والكلب.
وما عدا هذه النجاسات ، قال الشيخ : يجب الثلاث (٤). والوجه عندي المرة مع حصول الإنقاء مطلقاًً ، فيما عدا الكلب والخنزير ، والتقديرات مستحبة ، وبه قال الشافعي (٥).
وقال أحمد : يجب غسل سائر النجاسات سبعاً ، إلّا الأرض إذا أصابتها النجاسة لا يجب فيها العدد (٦) ، واختلف أصحابه في اعتبار التراب (٧) لأنّه عليهالسلام نبه بالكلب على سائر النجاسات ، وهو قياس في التقديرات ، مع معارضة النص ، وهو قوله عليهالسلام : ( والغسل من البول مرّة ) (٨).
فروع :
الأول : الأقرب أن التراب لا يفتقر إلى الماء ، خلافاً لابن إدريس (٩).
__________________
١ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١٥.
٢ ـ التهذيب ١ : ٢٨٤ / ١١٩.
٣ و ٤ ـ الخلاف ١ : ١٨٢ مسألة ١٣٨.
٥ ـ الاُم ١ : ٦ ، المجموع ٢ : ٥٩٢ ، مختصر المزني : ٨.
٦ ـ بداية المجتهد ١ : ٨٦ ، المجموع ٢ : ٥٩٢ ، الأقناع ١ : ٥٨ ، فتح العزيز ١ : ٢٣٦ ، المغني ١ : ٧٤ ، الشرح الكبير ١ : ٣٢١.
٧ ـ الشرح الكبير : ٣٢١.
٨ ـ سنن أبي داود ١ : ٦٤ / ٢٤٧.
٩ ـ السرائر : ١٥.
الثاني : يكفي عدد الواحد للاكثر ، خلافاً لبعض الشافعية (١) ، وكذا يتداخل العدد لو اختلفت أنواع النجاسة.
الثالث : لو فقد التراب أجزأ الماء ، ويجزي الاشنان وشبهه لو فقد التراب ، وهل يجزي الماء والاشنان وشبهه مع وجود التراب؟ ظاهر كلام الشيخ المنع (٢) ، لعدم الاتيان بالمأمور ، ويحتمل الاجزاء ، لأنّ الماء أبلغ ، وكذا الاشنان أبلغ في الإنقاء ، وللشافعي وجهان (٣).
ولو خيف فساد المحل بالتراب فكالفاقد.
الرابع : قال الشيخ : لو وقع إناء الولوغ في الجاري أو كثير الواقف حصلت غسلة للإناء ، فإذا أخرج وجب الإكمال (٤) ، وليس بجيد. وللشافعي وجهان (٥).
وعلى قوله ، لو طرح كر في إناء الولوغ كان الماء طاهراً والإناء نجساً.
الخامس : لو ولغ في إناء فيه طعام جامد ، ولم يصب الإناء ، اُلقي ماءً أصابه فمه خاصة ، ولا غسل.
السادس : لو ولغ في ماءً قليل فأصاب ذلك الماء ثوباً ، أو إناء غسل مرّة ، وقال الشافعي : يغسل سبع مرات إحداهن بالتراب (٦).
السابع : لو أدخل يده أو رجله وجب غسله مرّة ، كالنجاسات ، وكذا
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ٥٨٤ ، مغني المحتاج ١ : ٨٤.
٢ ـ اُنظر المبسوط للطوسي ١ : ١٤.
٣ ـ المجموع ٢ : ٥٨٣ ، فتح العزيز ١ : ٢٦٣ ، السراج الوهاج : ٢٣.
٤ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١٤.
٥ ـ المجموع ٢ : ٥٨٧.
٦ ـ المجموع ٢ : ٥٨٧.
دمعه ، وبوله ، ودمه. وقال الشافعي : كالولوغ (١) ، وبه قال الصدوق (٢) ، وقال مالك ، وداود : لا غسل ، لأنّه في الولوغ تعبد (٣).
الثامن : أواني المشركين طاهرة ، ما لم يعلم مباشرتهم لها برطوبة ، لأنّها كذلك في الأصل ، فلا يخرج عنه إلّا لموجب ، فإن علمت المباشرة نجست ـ خلافاً للشافعي ، وأبي حنيفة (٤) ـ لقول الباقر عليهالسلام : « لا تأكلوا في آنيتهم ، ولا من طعامهم الذي يطبخون » (٥).
التاسع : إن قلنا بمزج الماء والتراب ، فهل يجزي لو صار مضافا؟ إشكال ، وعلى تقديره ، هل يجوز عوض الماء ماءً الورد وشبهه؟ إشكال.
العاشر : يشترط في التراب الطهارة ، فإن النجس لا يطهر غيره.لأنّ التراب تعبد ، لا للتطهير كحصى الجمار لو كان نجساً.
الحادي عشر : أواني الخمر الصلبة كالصفر ، والنحاس ، والحجر ، والمغضور تطهر بالغسل إجماعاً ، وغيره كالفرع ، والخشب : والخزف غير المغضور كذلك ، خلافاً لابن الجنيد (٧).
الثالث : ما عدا هذين القسمين ، ويجب غسله بالماء ، وإنّما يطهر
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ٥٨٦ ، الوجيز ١ : ٩ ، السراج الوهاج : ٢٣ ، مغني المحتاج ١ : ٨٣ ، فتح العزيز ١ : ٢٦١.
٢ ـ المقنع : ١٢ ، الفقيه ١ : ٨.
٣ ـ المحلى ١ : ١٠٩ ، الشرح الصغير ١ : ١٨ و ٣٤ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٤٨.
٤ ـ شرح العناية ١ : ٩٤ ، المجموع ١ : ٢٦٤ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٤٧.
٥ ـ الكافي ٦ : ٢٦٤ / ٥ ، المحاسن : ٤٥٤ / ٣٧٦.
٦ ـ المجموع ٢ : ٥٨٦ ، فتح العزيز ١ : ٢٦٥ ، مغني المحتاج ١ : ٨٤.
٧ ـ حكاه عنه في المعتبر : ١٢٩.
بالغسل إذا أمكن نزع الماء المغسول به عنه ، دون ما لا يمكن ، كالمائعات والصابون ، والكاغذ والطين ، وإن أمكن إيصال الماء إلى أجزائها بالضرب ، ما لم يطرح في كر فما زاد ، أو في جار بحيث يسري الماء إلى جميع أجزائه قبل إخراجه منه ، فلو طرح الدهن في ماءً كثير ، وحركه حتى تخلل الماء أجزاء الدهن بأسرها طهر ، وللشافعية قولان (١). وكذا العجين بالنجس ، إذا مزج به حتى صار رقيقا ، وتخلل الماء جميع أجزائه. ويكفي في البدن الصب المزيل للعين ، ويستحب الدلك ، وكذا الجامدات.
وإنما يجب الغسل بملاقاة النجاسة مع رطوبة أحدهما ، ولو كانا يابسين لم يجب ، إلّا الميتة فانه يجب غسل الملاقي لها وإن كانا يابسين ، على إشكال ، وهل ذلك تعبد أو للنجاسة؟ ظاهر كلام علمائنا الثاني (٢) ، وفيه نظر.
ويستحب رش الثوب بالماء اذا مسّه الكلب ، أو الخنزير ، ولو كان برطوبة وجب الغسل ، وفي البدن يمسح بالتراب ، ويغسل مع الرطوبة وجوباً.
مسألة ٢٦ : إذا علم موضع النجاسة من الثوب والبدن وجب غسله ، وإن اشتبه وجب غسل كلّ ما يحصل فيه الاشتباه ، ولا يجوز التحري ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ وبه قال الشافعي ، ومالك ، وأحمد ، والنخعي ، وابن المنذر (٣) ـ لأنّ النجاسة متيقنة فلا تزول بدونه ، ولقول الصادق عليهالسلام : « فإن خفي مكانه فاغسله كله » (٤).
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ٥٩٩ ، مغني المحتاج ١ : ٨٦ ، السراج الوهاج : ٢٤.
٢ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٣٧ ، النهاية : ٥٣ ، شرائع الإسلام ١ : ٥٢ ، الجامع للشرائع : ٢٣ ، الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ٧٨.
٣ ـ الشرح الصغير ١ : ٣٢ ، مغني المحتاج ١ : ١٨٩ ، المجموع ٣ : ١٤٣ ، الاُم ١ : ٥٥ ، المغني ١ : ٧٦٦ ، فتح العزيز ٤ : ١٥ ـ ١٦.
٤ ـ الكافي ٣ : ٥٣ / ١ ، التهذيب ١ : ٢٥١ / ٧٢٥.
وقال ابن شبرمة : يتحرى كالثوب (١) ، والحكم في الأصل ممنوع.
وقال عطاء وحماد بنضح الثوب كله (٢) ، لأنّ كلّ موضع يشك فيه فينضح ، والنضح غير كاف لتيقن النجاسة.
ولو نجس أحد الكمين غسلهما ، وإن قطع أحدهما غسل الباقي ، وعند الشافعية وجهان في التحري في أحد الكمين (٣) ، ولو قطع أحدهما جاز التحري عندهم قولاً واحداً (٤).
ولو نجس أحد الثوبين واشتبه وجب غسلهما ، ولم يجز التحري عندنا إجماعاً ، وبه قال أحمد ، وابن الماجشون ، وأبو ثور ، والمزني ، لأنّ أحدهما نجس بيقين ، وبالتحري لا يحصل يقين البراءة (٥) ، وقال أبو حنيفة والشافعي : يتحرى كالاواني (٦) ، والأصل ممنوع.
ولو نجس أحد الإناءين واشتبه اجتنبا ، ووجب غسلهما معاً ، ولو لم يجد غير مائهما تيمم وصلّى ، ولا إعادة عليه ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، سواء كان عدد الطاهر أكثر أو أقل أو تساويا ، وسواء السفر والحضر ، وسواء اشتبه بالنجس أو بالنجاسة ـ وبه قال المزني ، وأبو ثور ، وأحمد (٧) ـ لأنّ استعمال النجس محرم فيجب الاجتناب ، كالمشتبه بالاجنبية.
__________________
١ ـ المغني ١ : ٧٦٦.
٢ ـ المغني ١ : ٧٦٦.
٣ ـ المجموع ٣ : ١٤٥ ، فتح العزيز ٤ : ١٧ ـ ١٨ ، مغني المحتاج ١ : ١٨٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٨.
٤ ـ المجموع ٣ : ١٤٥ ، فتح العزيز ٤ ، ١٨ ، مغني المحتاج ١ : ١٨٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٨.
٥ ـ المغني ١ : ٨٢ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢.
٦ ـ المغني ١ : ٨٢ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢ ، المجموع ٣ : ١٤٤ ، فتح العزيز ١ : ٢٧٤ و ٤ : ٢١ ، مختصر المزني ١ : ١٨.
٧ ـ المجموع ١ : ١٨١ ، المغني ١ : ٧٩ ، الشرح الكبير ١ : ٧٨.
وقال أبو حنيفة : إن كان عدد الطاهر أكثر جاز التحري ، وإلّا فلا (١) ، لأنّ الظاهر إصابة الطاهر ، وهو ممنوع ومنقوض بالثياب.
وقال الشافعي : إن كان [ في ] (٢) أحدهما نجاسة لم يجز التحري ، وإلّا جاز مطلقاًً كالتحري في القبلة (٣) ، وحكم الأصل ممنوع.
وقال ابن الماجشون ، ومحمد بن مسلمة (٤) : يتوضأ بكل واحد منهما (٥) ، وهو خطأ.
فروع :
الأول : ظن النجاسة ، قال بعض علمائنا (٦) : إنّه كاليقين. وهو جيد إنّ استند إلى سبب ، كقول العدل.
أما ثياب مدمني الخمر ، والقصابين ، والصبيان ، وطين الشوارع ، والمقابر المنبوشة ، فالأقرب الطهارة. وللشافعي وجهان (٧).
الثاني : شرط الشافعية للاجتهاد أن يكون للعلامة مجال للمجتهد فيه ، فيجوز في الثياب والاواني عندهم ، دون الميتة والمذكى ، والمحرم والاجنبية (٨). ويؤيده الاستصحاب ، فلا يجوز عند الاشتباه بالبول والعجز عن اليقين ، فلو وجد طاهراً بيقين لم يسغ الاجتهاد في أحد الوجهين ، لتمكنه من أداء الصلاة بيقين دون الآخر ، كالقليل يجوز استعماله مع وجود الكثير ،
__________________
١ ـ المجموع ١ : ١٨١.
٢ ـ زيادة يقتضيها السياق.
٣ ـ المجموع ١ : ١٨٠ ـ ١٨١.
٤ ـ في الاصلين « محمد بن مسلم » وهو خطأ ، والصحيح ما أثبتناه ، اُنظر المصادر المشار اليها.
٥ ـ المجموع ١ : ١٨١ ، المغني ١ : ٧٩ ، حلية العلماء ١ : ٨٧.
٦ ـ الشيخ الطوسي في النهاية : ٩٦ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي : ١٤٠.
٧ ـ فتح العزيز ١ : ٢٧٦ ـ ٢٧٧ ، الوجيز ١ : ١٠.
٨ ـ فتح العزيز ١ : ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ، الوجيز ١ : ١٠ ، مغني المحتاج ١ : ٢٧.
وظهور علامة النجاسة ، كنقصان الماء في أمارة الولوغ.
الثالث : لو أداه اجتهاده إلى إناء ، وصلّى فيه صبحاً ، ثم اجتهد فأداه إلى غيره وقت الظهر ، تيمم عند الشافعي ، لأنّ الاجتهاد لا ينقض الاجتهاد ، وعنه قول : أنّه يتوضأ به بعد أن يغسل ما على بدنه من الماء الذي غلب على ظنه أنّه نجس (١) ، وليس ذلك ينقض الاجتهاد الأول ، لأنّا لا نبطل طهارته الاُولى ولا صلاته ، بل معناه يغسل ما غلب على ظنه أنّه نجس.
الرابع : قال الشيخ : يجب إراقة الإناءين عند التيّمم (٢) ـ وبه قال أحمد في إحدى الروايتين (٣) ـ لئلّا يتيمم ومعه ماءً طاهر.
والأجود عدمه ، إذ الشرط فقدان ماءً يتمكن من استعماله ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد (٤).
وقال الشافعي : إنّ أراقهما أو صب أحدهما في الآخر لم يجب القضاء ، وإلّا وجب في أحد القولين (٥) ، وعلى تعليل الشيخ ينبغي الجواز لو أراق أحدهما.
الخامس : لو كان أحد الإناءين بولاً لم يجز التحري ، وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة (٦).
ولو كان الثالث بولاً ، لم يجز عند الشافعي ، وجاز عند أبي حنيفة (٧).
__________________
١ ـ فتح العزيز ١ : ٢٨٥ و ٢٨٦ ، الوجيز ١ : ١٠ ، مغني المحتاج ١ : ٢٨.
٢ ـ النهاية : ٦ ، الخلاف ١ : ٢٠١ مسألة ١٦٣.
٣ ـ المغني ١ : ٨٠ ، المجموع ١ : ١٨١.
٤ ـ المغني ١ : ٨٠.
٥ ـ المجموع ١ : ١٨٥ ، فتح العزيز ١ : ٢٨٤.
٦ ـ المجموع ١ : ١٩٥ ، فتح العزيز ١ : ٢٨١ ، مغني المحتاج ١ : ٢٧.
٧ ـ المجموع ١ : ١٨١ ، حلية العلماء ١ : ٨٩.
ولو كان أحدهما مستعملاً ، استعمل أيهما شاء عندنا ، لأنّ المستعمل في الطهارة طاهر مطهر ، أما عند الشيخ في الكبرى فاللائق استعمال كلّ منهما منفردا (١) ، وللشافعي في التحري وجهان (٢).
ولو كان أحدهما ماءً ورد استعمل كلّ منهما إجماعاً ، أما عندنا فلعدم جواز التحري مطلقاًً ، وأما عند الشافعي فلأنّ المضاف ليس له أصل في الطهارة (٣).
ولو صب المشتبه بالنجس في الآخر ، فإن بلغ كرا لم يطهر عندنا ، خلافاً لبعض علمائنا (٤) ، ويجئ على قولهم الوجوب لو علمه.
ولو أراق أحدهما لم يجز التحري في الباقي على أصلنا ، وهو أحد وجهي الشافعية (٥). وفيما يصنع حينئذ قولان :
الطهارة به ، لأنّ الأصل الطهارة ، وقد زال يقين النجاسة ، والتيمم لأنّه ممنوع من استعماله إلّا مع التحري ، وقد مُنع منه.
والآخر : التحري كما لو كان الآخر باقياً (٦).
السادس : الاعمى لا يجتهد عندنا في الإناءين.
وللشافعي قولان ، فإن إدراك النجاسة قد يحصل بالمس ، كاضطراب الماء ، واعوجاج الإناء ، ولو عجز ومعه بصير اجتهد ، ففي جواز تقليده عنده.
__________________
١ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٨.
٢ ـ المجموع ١ : ١٩٤ و ١٩٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٦.
٣ ـ المجموع ١ : ١٩٥ ، حلية العلماء ١ : ٨٩.
٤ ـ البعض هو السيد المرتضى في رسائله ٢ : ٣٦١ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٢٣ ، وابن إدريس في السرائر : ٨ ، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : ١٨.
٥ و ٦ ـ المجموع ١ : ١٨٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٦ ، حلية العلماء ١ : ٨٨.
وجهان ، ولو فقد البصير ففي أحد القولين له : أنّه يخمن ويتوضأ ، وفي الإعادة وجهان ، وفي الآخر : يتيمم (١).
السابع : لو أخبر أعمى بوقوع بول في الإناء ، فإن قلنا : الظن كالعلم ، وحصل ، وجب القبول ، أما لو شهد عدلان أعميان قبل على ما اخترناه.
ولو شهدا بنجاسته لن يقبل إلّا بالسبب ، لجواز أن يعتقدا أن سؤر المسوخ نجس ، وكذا البصراء.
الثامن : الاشتباه مانع مع التعدد ، أما مع الاتحاد فلا.
فلو كان معه إناء من الماء الطاهر وشك في نجاسته عمل على أصل الطهارة ، إذ لا يرفع يقينها شك النجاسة ، لقول الصادق عليهالسلام : « ولا يرفع اليقين أبداً بالشك » (٢).
وكذا لو شك في نجاسة إناء اللبن ، أو الدهن ، أو في تخمير العصير ، أو في طلاق زوجته ، أو في حيضها.
أمّا لو شك في اللبن هل هو لبن حيوان مأكول أو لا ، أو في اللحم هل هو مذكى أو لا ، أو هل النبات سم قاتل أو لا ، بنى على التحريم ، للتغليب ، وعدم أصالة الإباحة هنا.
ولو وجد مع كافر إناء فيه ماءً ولم يعلم مباشرته ، ففي جواز الاستعمال نظر.
التاسع : قال الشافعي : لو اختلف اجتهاد الاثنين ، عمل كلّ باجتهاده
__________________
١ ـ المجموع ١ : ١٩٦ ، فتح العزيز ١ : ٢٨٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٦.
٢ ـ التهذيب ١ : ٨ / ١١.
ولا يأتم بصاحبه ، لاعتقاده وضوءه بالنجس (١).
وقال أبو ثور : يجوز ، لأنّ كلّ واحد تصح صلاته وحده (٢) ، وهذا لا يتأتى عندنا ، إلّا فيما لو عمل أحد المجتهدين بقول ابن البراج ، والآخر بما اخترناه.
فان كان الطاهر واحداً من ثلاثة ، فذهب كلّ واحد من الثلاثة إلى طهارة واحد ، وتوضأ به ، لم يجز أن يأتم واحد منهم بالآخر.
وإن كان الطاهر اثنين جاز أن يؤم بهما أحدهم ، فإذا صلّى بهما الصبح صحت صلاته وصلاتهما ، لاعتقاد كلّ منهما أنّه توضأ بالطاهر ، ولا يخطيء إمامه في اجتهاده ، ولا يقول : إنّه توضأ بالنجس ، فصحت صلاته خلفه.
فإن صلّى بهم آخر الظهر ، صحت صلاة الامام ، إذ لا يتعلق بغيره ، وصلاة إمام الصبح ، لأنّه لا يخطئ إمامه ، وأما الآخر فلا تصح صلاته للظهر لأنّه إذا لم يخطئ إمام الصبح خطأ إمام الظهر ، لأنّه لا يجوز أن يكونا جميعا توضئا بالطاهر عنده ، وقد حكمنا بصحة صلاة الصبح ، فلا تصح الظهر.
فان صلّى بهم الثالث العصر ، صحت صلاته خاصة ، لأنّ كلّ واحد منهما قد صلّى خلف الآخر فتعين النجس في حق الثالث في حقهما.
ولو كان كلّ من الاواني ، والمجتهدين أربعة فصلاة الصبح والظهر صحيحتان للجميع ، وصلاة العصر صحيحة لامام الصبح والظهر ولامامهما ، ولا تصح للآخر.
العاشر : يستحب إزالة طين الطريق بعد ثلاثة أيام ، وليس واجباً ما لم يعلم نجاسته.
__________________
١ ـ المجموع ١ : ١٩٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧.
٢ ـ المجموع ١ : ١٩٧.
الحادي عشر : تجب إزالة النجاسة عن البدن للصلاة الواجبة ، والطواف ، ودخول المساجد ، وعن الثوب كذلك ، لا وجوبا مستقرا إلّا مع اتحاده ، وعن الاواني للاستعمال ، لا مستقرا.
* * *
الباب الثاني : في الوضوء
مقدمة :
قال الكاظم عليهالسلام : « من يتوضّأ للمغرب كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في نهاره ، ما خلا الكبائر ، ومن توضأ لصلاة الصبح كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليله إلّا الكبائر » (١).
ويستحب للصلاة ، والطواف المندوبين ، ولدخول المساجد ، وقراءة القرآن ، وحمل المصحف ، والنوم ، وصلاة الجنائز ، والسعي في حاجة ، وزيارة المقابر ، ونوم الجنب ، وجماع المحتلم ، وذكر الحائض ، والكون على طهارة ، والتجديد.
وفي هذا الباب فصول :
__________________
١ ـ الكافي ٣ : ٧٠ / ٥ ، الفقيه ١ : ٣١ / ١٠٣.
الفصل الأول : في موجباته.
مسألة ٢٧ : يجب الوضوء عندنا بامور خمسة : خروج البول والغائط والريح من المعتاد ، والنوم الغالب على الحاستين ، وما شابهه من كلّ مزيل للعقل ، والاستحاضة القليلة.
وقد أجمع المسلمون كافة على النقض بالثلاثة الأول لقوله تعالى : ( أو جاء أحد منكم من الغائط ) (١) وقول النبيّ صلىاللهعليهوآله : ( لكن من بول أو غائط ) (٢) وقوله عليهالسلام : ( فلا تنصرفن حتى تسمع صوتاً ، أو تجد ريحاً ) (٣) وقال الصادق عليهالسلام : « لا يجب الوضوء إلّا من غائط ، أو بول ، أو ضرطة ، أو فسوة تجد ريحها »(٤).
فروع :
الأول : لو خرج البول والغائط من غير المعتاد فالأقوى عندي النقض ،
__________________
١ ـ النساء : ٤٣.
٢ ـ سنن النسائي ١ : ٩٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٦١ / ٤٧٨ ، سنن الترمذي ١ : ١٥٩ / ٩٦ ، مسند أحمد ٤ : ٢٣٩ ، ٢٤٠ ، نيل الأوطار ١ : ٢٣٩.
٣ ـ سنن النسائي ١ : ٩٨ ، سنن الترمذي ١ : ١٠٩ / ٧٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٧١ / ٥١٤ ، سنن ابي داود ١ : ٤٥ / ١٧٧ ، صحيح مسلم ١ : ٢٧٦ / ٣٦١.
٤ ـ التهذيب ١ : ١٠ / ١٦.
سواء قلّا أو كثرا ، وسواء انسد المخرج أو لا ، وسواء كانا من فوق المعدة أو تحتها ـ وبه قال أحمد بن حنبل (١) ـ لقوله تعالى : ( أو جاء أحد منكم من الغائط ) (٢) والأحاديث (٣).
وقال الشيخ : إنّ خرجا من فوق المعدة لم ينقضا ، لأنّه لا يسمى غائطاً (٤) ، ولقول الباقر والصادق عليهماالسلام وقد سئلا ما ينقض الوضوء؟ فقالا : « ما يخرج من طرفيك » (٥) الحديث ، وما مستوعبة ، ولقول الصادق عليهالسلام : « لا ينقض الوضوء إلّا ما خرج من طرفيك الأسفلين » (٦) الحديث.
ويمنع عدم التسمية ، والأحاديث محمولة على الاغلب.
وقال الشافعي : إنّ انسد المعتاد وانفتح من أسفل المعدة نقض ، إلّا في قول شاذ ، وإن انفتح فوقها أو عليها فقولان ، أصحهما عنده : عدم النقض ، لأنّ ما تحيله الطبيعة تلقيه إلى الأسفل ، فالخارج فوقها أو محاذيها بالقي أشبه.
وإن كان السبيل بحاله ، فإن انفتح تحت المعدة فقولان :
أحدهما : النقض ، لأنّه معتاد ، وهو بحيث يمكن انصباب الفضلات إليه.
والثاني وهو الاصح عندهم : المنع ، لأنّ غير الفرج إنّما يعطى حكمه للضرورة ، وإنّما تحصل مع الانسداد لا مع عدمه.
__________________
١ ـ بداية المجتهد ١ : ٣٤ ، المغني ١ : ١٩٥ ، الشرح الكبير ١ : ٢٠٩.
٢ ـ النساء : ٤٣.
٣ ـ اُنظر على سبيل المثال ، الكافي ٣ : ٣٦ / ٢ ، التهذيب ١ : ١٠ / ١٦ و ١٨.
٤ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٢٧.
٥ ـ التهذيب ١ : ٨ / ١٢ ، الكافي ٣ : ٣٦ / ٦ ، الفقيه ١ : ٣٧ / ١٣٧.
٦ ـ الكافي ٣ : ٣٥ / ١ ، التهذيب ١ : ١٦ / ٣٦.