رجال ابن داود

تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي

رجال ابن داود

المؤلف:

تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي


المحقق: السيد محمد صادق آل بحر العلوم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: منشورات المطبعة الحيدرية
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣١٦
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

كتاب الرجال لابن داود

١
 &

كتاب الرجال لابن داود

٢
 &

كتاب الرجال لابن داود

٣
 &

كتاب الرجال لابن داود

٤
 &

ترجمة حياة المؤلف :

بقلم : العلامة السيد محمد صادق بحر العلوم

الشيخ تقي الدين أبو محمد الحسن بن علي بن داود الحلي ، وقد يسمى في بعض المعاجم الرجالية الحسن بن داود نسبة إلى الجد ، وهو متعارف .

ولد ـ رحمه الله ـ خامس جمادى الآخرة سنة ( ٦٤٧ ) كما أرخ هو بذلك في ترجمة نفسه في القسم الأول من كتابه ـ هذا ـ .

كان عالماً فاضلاً جليلا فقيهاً صالحاً محققاً متبحراً أديباً موصوفاً في الإجازات وفي المعاجم الرجالية بسلطان العلماء والبلغاء وتاج المحدثين والفقهاء .

نشأ نشأة صالحة وتربى في أحضان العلماء الفطاحل في عصره من أساطين الحلة يوم صارت الحلة مركزاً علمياً للشيعة تشد إليها الرّحال من كل حدب وصوب اللأرتواء من منهلها الصافي العذب ، وبنيت فيها المدارس العلمية ، حتى برز من عالي مجلس الشيخ نجم الدين الحلي صاحب ( الشرايع ) أكثر من أربعمائة مجتهد جهابذة ، وفيها بيوت خرج منها علماء فضلاء أعلام ، مثل بني طاووس وبني نما وبني سعيد وبني المطهر وآل معية ، وغيرهم ، فلا غرو أن صار المترجم له خريج هذه المدارس العالية علماً من الأعلام يشار اليه بالبنان واشتهر صيته ونبغ في عصره ووصف في المعاجم بكل وصف جميل ، فقد برع في كل العلوم والفنون كالفقه والأصول والتفسير والأدب والنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع والعروض براعة متخصص فنان في كل واحد منها .

كان المترجم له معاصراً للعلامة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر ، وشريكاً له في الدرس عند المحقق الحلي صاحب ( الشرايع ) جعفر بن

٥
 &

سعيد ـ رحمه الله ـ والعلامة الحلي أصغر منه بسنة فان العلامة ـ كما ذكر في ترجمة نفسه في الخلاصة ـ ولد تاسع وعشرين شهر رمضان سنة ٦٤٨ هـ ، وابن داود ولد ـ كما عرفت ـ في خامس جمادى الآخرة سنة ٦٤٧ هـ ، ويعبر عنه ابن داود في رجاله ـ عند انتقاده له ـ في بعض التراجم بقوله : ( بعض أصحابنا ) ولم يصرح باسمه .

ومن الغريب أن ابن داود ترجم للعلامة الحلي في كتاب رجاله في القسم الأول منه ولكن العلامة لم يذكره في ( خلاصته ) مع انه معاصره وشريكه في الدرس عند المحقق الحلي ـ كما عرفت ـ وذلك مما يستدعي الغرابة ، ولم يذكر أرباب المعاجم أسباباً لذلك ، ولعلهم لا يعرفونها .

مشايخه :

تلمذ على السيد جمال الدين أحمد ابن طاووس ـ رحمه الله ـ كما ذكر هو نفسه في ترجمته من القسم الأول فقال : « أحمد بن موسى ابن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد الطاووس العلوي الحسني ، سيدنا الطاهر الإمام المعظم ، فقيه أهل البيت جمال الدين أبو الفضائل مات سنة ٦٧٣ هـ ، مصنف مجتهد ، كان أورع فضلاء زمانه ، قرأت عليه أكثر ( البشرى ) و ( الملاذ ) وغير ذلك من تصانيفه ورواياته . . رباني وعلمني وأحسن إليّ ، واكثر فوائد هذا الكتاب ـ يعني كتاب الرجال ـ ونكته من إشاراته وتحقيقاته » ويريد بالبشرى ( بشرى المحققين ) في الفقه ست مجلدات ، وبكتاب ( الملاذ ) الذي هو في الفقه أربع مجلدات .

وتلمذ أيضاً على ولده السيد عبد الكريم ابن السيد أحمد ابن طاووس ، صاحب كتاب ( فرحة الغرى ) ، وقد ترجم له في كتابه في

٦
 &

القسم الأول منه ، فمما قال : « وكان أوحد زمانه ، حائري المولد ، حلي المنشأ ، بغدادي التحصيل ، كاظمي الخاتمة ، ولد في شعبان سنة ٦٤٨ هـ ، وتوفي في شوال سنة ٦٩٣ هـ ، وكان عمره خمساً وأربعين سنة وشهرين وأياماً كنت قرينه طفلين إلى أن توفى ـ قدس الله روحه ـ ما رأيت قبله ولا بعده كخلقه وجميل قاعدته ثانياً ، ولا لذكائه وقوة حافظته مماثلا ، ما دخل في ذهنه شيء فكاد ينساه ، حفظ القرآن في مدة يسيرة وله إحدى عشرة سنة ، استقل بالكتابة ، واستغنى عن المعلم في أربعين يوماً ، وعمره إذ ذاك أربع سنين ولا تحصى مناقبه وفضائله . . . » .

وتلمذ ـ أيضاً ـ على الامام نجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن ابن يحيى بن سعيد الحلي ـ رحمه الله ـ وقد ترجم له في كتابه وقال : « قرأت عليه وربّاني صغيراً ، وكان له عليّ إحسان عظيم والتفات ، وأجازني جميع ما صنفه وقرأه ورواه ، وكل ما تصح روايته عنه ، توفى في شهر ربيع الآخر سنة ( ٦٧٦ ) . . » .

وعلى الشيخ مفيد الدين محمد بن علي بن محمد بن جهيم الأسدي ، كما صرح به عند ذكر طرقه في اول كتابه ـ هذا ـ .

تلامذته الراوون عنه :

يروي عنه : رضي الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن يحيى المزيدي الحلي المتوفى سنة ٧٥٧ هـ ، والشيخ زين الدين علي بن أحمد بن طراد المطارابادي المتوفى بالحلة سنة ٧٦٢ هـ يوم الجمعة اول رجب ، كما ذكره الشهيد الثاني في إجازته الكبيرة للشيخ حسين بن عبد الصمد ـ والد الشيخ البهائي ـ التي ذكرها المجلسي في كتاب الاجازات الملحق بآخر كتاب بحار الأنوار ( ص ٨٤ ) وذكرها أيضاً الشيخ يوسف البحراني في كشكوله ( ج ٢ ـ ص ٢٠١ ) من طبع النجف الأشرف ، ويروي عنه

٧
 &

ـ أيضاً ـ السيد تاج الدين أبو عبد الله محمد ابن السيد جلال الدين أبي جعفر القاسم بن الحسين العلوي الحسني الديباجي الحلي المعروف بابن معية ، الذي عبر عنه الشهيد الأول ـ رحمه الله ـ في بعض إجازاته بأنه أعجوبة الزمان في جميع الفضائل والماۤثر ، قال الشيهد الأول في ( مجوعته ) التي هي بخط الشيخ محمد بن علي الجبعي ( جد الشيخ البهائي ) : ( إن هذا السيد المذكور مات في ( ٨ ) ربيع الثاني سنة ( ٧٧٦ ) هـ ، بالحلة وحمل الى مشهد أمير المؤمنين عليه السلام » .

وتوجد في ( مكتبة دانشكاه بطهران ) نسخة من كتاب ( بناء المقالة العلوية في نقض الرسالة العثمانية ) التي هي للجاحظ ، ونقضها السيد جمال الدين أبو الفضائل أحمد بن موسى ابن طاووس الحسني الحلي ـ طاب ثراه ـ المتوفى سنة ٦٧٣ هـ . كتب هذه النسخة بخط الجيد تلميذه ابن داود الحلي ( المترجم له ) وقد فرغ من كتابتها في شوال سنة ٦٦٥ هـ ‍، وكان قد قرأها على أستاذه ابن طاووس المذكور وعلى ظهر النسخة وآخرها قصائد بخطه أيضاً لأستاذه المذكور في أهل البيت ـ عليهم السلام ـ منها قصيدته التي أنشأها عند عزمه مع تلميذه ابن داود على التوجه إلى مشهد أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ لعرض كتابه ( بناء المقالة العلوية ) على الإمام ـ عليه السلام ـ مستجدياً سبب يديه ، وهي ثمانية أبيات ، مطلعها :

أتينا تباري الريح منا عزائم

إلى ملك يستثمر الغوث آمله

ومنها : قصيدته التي أنشأها حين تأخرت السفينة التي يتوجه فيها إلى الحضرة المقدسة الغروية ، وهي سبعة أبيات مطلعها :

لئن عاقني عن قصد ربعك عائق

فوجدي لأنفاسي إليك طريق

وكتب ابن داود ـ أيضاً في آخر النسخة التي بخطه ما هذا نصه :

« ومما سطره ـ أجلّ الله به أولياءه ـ عند قراءتنا هذا الكتاب ـ

٨
 &

يعني ( بناء المقالة العلوية ـ لدى الضريح المقدس عند الرأس الشريف ـ صلى الله عليه ـ لما قصدنا مشهد مولانا أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ إبان الزيارة الرجبية النبوية عرضنا عليه هذا الكتاب قارئين له بخدمته ، لائذين بحرم رأفته ، مستهطلين سحاب إغاثته ، في خلوة من الجماعات ، المتكاثراث الشاغلات ، وأنشد مجده بعض من كان معنا ما اتفق من مخاطباتنا ومناقشاتنا ، وغير ذلك من كلام يناسب حالنا في مقام حاثين عزائمه على مبراتنا ، واجابة دعواتنا ولجأنا إليه إلتجاء الجدب الداثر الى السحاب ، والمسافر المبعد الى الاقتراب ، والمريض الى زوال الأوصاب ، وذي الجريض الى إماطة مخاطر الفناء والذهاب ، ومن فعل ذلك من بعض أتباع مولانا ـ صلوات الله عليه ـ خليق باقتطاف ثمرات البغية من دوح يديه ، فكيف وهو الأصل الباذخ ، والملك العدل السامق الشامخ ، غير مستغش في خيبة سائلية ، وإجاء رجاء آمليه ، بل البناء على أن المسائل ناجحة وإن تأخرت ، والفواضل سانحة لديه وإن تبعدت :

يلوح بافاق المناجح سعدها

وإن قذفت بالبعد عنها العوانق

كما الغيث يزجي في زمان وتارة

تخاف عز اليه الدواني الدوافق »

أقوال العلماء فيه :

قال الخوانساري في روضات الجنات ـ بعد إطرائه ـ : « يروي عنه الشهيد بواسطة الشيخ علي بن أحمد المزيدي وابن معية وأمثالها » .

وفي أمل الآمل للحر العاملي ! « الحسن بن علي بن داود الحلي ، كان عالماً فاضلا جليلا صالحاً محققاً متبحراً من تلامذة المحقق نجم الدين الحلي يروي عنه الشهيد بواسطة ابن معية » .

وقال الشهيد الثاني في إجازته للحسين بن عبد الصمد العاملي ( والد الشيخ البهائي ) عند ذكر ابن داود : « الشيخ الفقيه الأديب

٩
 &

النحوي العروضي ، ملك العلماء والشعراء والأدباء ، تقي الدين الحسن ابن علي ابن داود الحلي ، صاحب التصانيف الغزيرة ، والتحقيقات الكثيرة التي من جملتها ( كتاب الرجال ) سلك فيه مسلكاً لم يسبقه أحد من الأصحاب . ومن وقف عليه علم جلية الحال فيما أشرنا إليه ، وله من التصانيف في الفقه نظماً ونثراً مختصراً ومطولاً ، وفي العربيه والمنطق والعروض وأصول الدين نحوُ من ثلاثين مصنفاً كلها في غاية الجودة » .

وقال الشهيد في إجازته للشيخ محمد بن عبد علي بن نجدة ـ عند ذكره ـ : « الشيخ الإمام سلطان الأدباء ، ملك النظم والنثر المبرز في النحو والعروض » .

وقال الشيخ علي بن عبد العالي الكركي في إجازته الكبيرة للقاضي صفي الدين عيسى « الشيخ الإمام سلطان الأدباء والبلغاء ، تاج المحدثين والفقهاء ، تقي الدين الحسن بن داود ، صاحب كتاب الرجال وغيره » .

وذكره السيد مصطفى التفريشي في ( نقد الرجال ) فقال : « الحسن بن علي بن داود من أصحابنا المجتهدين ، شيخ جليل من تلاميذ الإمام المحقق نجم الدين أبي القاسم الحلي ، والإمام المعظم ، فقيه أهل البيت ، جمال الدين ابن طاووس رحمه الله ، له أزيد من ثلاثين كتاباً نظماً ونثراً ، وله في علم الرجال كتاب معروف حسن الترتيب إلا أن فيه أغلاطاً كثيرة ، غفر الله له » ونقل الميرزا محمد الاسترابادي في ( الوسيط ) عن التفريشي عين ما ذكره ولم يزد عليه .

وذكره المحقق الكركي أيضاً في إجازته للشيخ الجليل الشيخ علي ابن عبد العالي الميسي ، وولده الشيخ إبراهيم بن علي ، ونعته بالشيخ الإمام سلطان الأدباء والبلغاء ، تاج المحدثين والفقهاء تقي الدين الحسن ابن داود ، أنظر الأجازة المذركوة في كتاب الإجازات الذي ألحقه المجلسي في آخر كتابه البحار ص ( ٥٦ ) وانظر العبارة المذكورة في نعته ( ص ٥١ )

١٠
 &

وفي مستدرك الوسائل للحاج ميرزا حسين النوري ـ رحمه الله ـ في الخاتمة ( ص ٤٤٢ ) : « الفاضل الأديب تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي ، المعروف بابن داود ، صاحب التصانيف الكثيرة التي منها كتاب الرجال ( الخ ) . . » .

وفي رياض العلماء للميرزا عبد الله أفندي : « الشيخ تقي الدين أبو محمد الحسن بن علي بن داود الحلي . الفقيه الجليل ، رئيس أهل الأدب ، ورأس أرباب الرتب العالم الفاضل الرجالي النبيل المعروف بابن داود صاحب كتاب الرجال ، وقد يعبر عنه بالحسن بن داود اختصاراً ، من باب النسبة إلى الجد ، وهذا الشيخ حاله في الجلالة أشهر من أن يذكر ، وأكثر من أن يسطر ، وكان شريكاً ، في الدرس مع السيد عبد الكريم ابن جمال الدين أحمد بن طاووس الحلي عند المحقق وغيره ، وله سبط فاضل وهو الشيخ أبو طالب بن رجب » .

وأبو طالب ـ هذا ـ يقال : هو العالم الذي ينقل عنه دعاء الجوشن الكبير وشرحه ، كذا ذكره شيخنا العلامة المحدث الشيخ عباس القمي ـ رحمه الله ـ عند ترجمته ، في الكنى والألقاب .

وفي سماء المقال في تحقيق علم الرجال ، للعلامة أبي الهدى الكلباسي الإصفهاني ( ص ٩١ ) : « قطب دائرة العلم والكمال ، ومركز محيط الفضل والإفضال ، مالك أزمة الفضائل بالقض والقضيض ، وممتد الباع في السجع والقريض ، الفاتح لباب الفضل المسدود ، الحسن بن علي بن داود » .

وفي الكنى والألقاب لشيخنا العلامة المتبحر ( ج ١ ـ ص ٢٧١ ) : « تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي ، الشيخ العالم الفاضل الجليل الفقيه المتبحر صاحب كتاب الرجال ونظم التبصرة وغيرهما مما ينوف على الثلاثين » .

١١
 &

وأطراه جل أهل المعاجم الرجالية ، ونعتوه بالعلم والفضل والأدب .

مؤلفاته :

ذكر جملة من مؤلفاته في ترجمة نفسه من الكتاب ، ولولاها لضاعت أسماؤها كما ضاعت هي نفسها ، فانه لا يعرف منها اليوم غير كتاب الرجال ، قال : منها في الفقه ( تحصيل المنافع ) ، قال صاحب ( رياض العلماء ) : « لعله شرح على الشرايع أو المختصر النافع ، وسماه سبط الشيخ علي الكركي في رسالة اللمعة في تحقيق أمر الجمعة ـ إيضاح المنافع » قال سيدنا المحسن الأمين ـ رحمه الله ـ في أعيان الشيعة : توجد نسخته في مكتبة السيد اسد الله باصفهان .

ثم ذكر المؤمن بقية مؤلفاته في ترجمة نفسه ، فراجعها ، ولعل له تآليف أخرى بعد تاريخ تأليفه لكتاب الرجال .

قال سيدنا المحسن الأمين ـ قدس سره ـ « وجدنا له منظومة في الإمامة وهي حسنة الأسلوب جيدة النظم ، سهلة الفهم ، ويمكن أن تكون الواقعة المذكورة فيها حقيقية ، ويمكن أن تكون خيالية تصويرية ، ولعلها إحدى المنظومات التي ذكرها في مؤلفاته ، قال فيها ـ بعد الحمد والصلاة والشكر على نعمة مجاورة قبر أمير المؤمنين عليه السلام :

وقد جرت لي قصة غريبة

قد نتجت قضية عجيبة

فاعتبروا فيها ففيها معتبر

يغني عن الإغراق في قوس النظر

حضرت في بغداد دار علم

فيها جبال نظر وفهم

في كل يوم لهم مجال

تدنو به الأوجال والآجال

لا بد أن يسفر عن جريح

بصارم الحجة أو طريح

لما اطمأنت بهم المجالس

ووضعت لاماتها الفوارس

١٢
 &

واجتمع المدرسون الأربعة

في خلوة آراؤهم مجتمعة

حضرت في مجلسهم فقالوا

أنت فقيه وهنا سؤال

ماذا ترى أحق بالتقدم

بعد رسول الله هادي الأمم

فقلت فيه نظر يحتاج

أن يترك العناد واللجاج

وكلنا ذووا عقول ونظر

وفكرة صالحة ومعتبر

فلنفرض الآن قضى النبي

واجتمع الدني والقصي

وأنتم مكان أهل العقد

والحل بل فوقهم في النقد

فالتزموا قواعد الإنصاف

فانها من شيم الأشراف

لما قضى النبي قال الأكثر

إن أبا بكر هو المؤمر

وقال قوم ذاك للعباس

وانقرضوا وقال باقي الناس

ذاك علي والجميع مدعي

أن سواه للمحال يدعي

فهل ترون أنه لما قضى

نص على خليفة أم فوضا

ترتيبه بعد إلى الرعايا

ليجمعوا على الإمام رايا

الى ( ١٠٨ ) بيتاً في المحاججة برهن فيها على رأيه في إمامة علي أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ وردّ مخالفيه ، راجعها في أعيان الشيعة ( ج ٢٢ ـ ص ٣٢٣ ـ ٣٤٩ ) .

التعريف بكتاب الرجال :

قد عرفت قول الشهيد الثاني ـ رحمه الله ـ في إجازته للشيخ حسين ابن عبد الصمد العاملي ـ عند ذكره رجال ابن داود ـ : « سلك فيه مسلكاً لم يسبقه أحد من الأصحاب » .

وقال صاحب أمل الآمل : « سلوكه في كتاب الرجال أنه رتبه على الحروف الأول فالأول في الأسماء وأسماء الآباء والأجداد ، وجمع جميع

١٣
 &

ما وصل اليه من كتب الرجال مع حسن الترتيب وزيادة التهذيب ، فنقل ما في فهرستي الشيخ والنجاشي ، والكشي ، وكتاب الرجال للشيخ ، وكتاب ابن الغضائري ، والبرقي ، والعقيقي ، وابن عقدة ، والفضل بن شاذان ، وابن عبدون ، وغيرها ، وجعل لكل كتاب علامة ، بل لكل باب حرفاً أو حرفين ، وضبط الأسماء ، ولم يذكر من المتأخرين عن الشيخ إلا أسماء يسيرة » .

ومر قول صاحب النقد : « إن كتاب الرجال حسن الترتيب إلا أن فيه أغلاطاً كثيرة » .

وقد أحصى الأغلاط العلامة المحقق أبو الهدى الكلباسي الإصفهاني ـ رحمه الله ـ في ( ص ٩٢ ) من كتابه ( سماء المقال في تحقيق علم الرجال ) المطبوع بايران ( قم ) سنة ١٣٧٢ هـ ، فراجعه .

وفي أمل الآمل قال : « وكأنه ـ أي صاحب النقد ـ أشار إلى اعتراضاته على العلامة وتعريضاته به ، ونحو ذلك مما ذكره ميرزا محمد في كتاب الرجال ونبه عليه » .

ولكن الأغلاط الكثيرة التي أشار اليها ليست هي ما ظنه صاحب الأمل ، فان اعتراضاته على العلامة ربما كان مصيباً في اكثرها ، ولا يقال في مثلها أغلاط ، سواء أكانت حقاً أم باطلاً ، بل المراد بالأغلاط أنه كثيراً ما يذكر الكشي ويكون الصواب النجاشي ، أو ينقل عن كتاب ما ليس فيه ، واشتباه رجلين بواحد ، وجعل الواحد رجلين ، أو نحو ذلك من الأغلاط في ضبط الأسماء ، وغير ذلك ، وقد بينها أصحاب كتب الرجال ، ومنهم صاحب النقد التفريشي . ولم يتعرض لشيء مما ظنه صاحب الأمل ، ونعم ما قال صاحب النقد من أن كتابه حسن الترتيب إلا أن فيه أغلاطاً كثيرة ـ غفر الله له ـ فكتابه في الحقيقة ليس فيه شيء من الحسن زائداً على غيره ، بل هو دون غيره ، وليس فيه إلا حسن

١٤
 &

الترتيب على حروف المعجم في الأسماء ، وأسماء الآباد والأجداد ، فانه أول من سلك هذا المسلك من أصحابنا ، وتبعه من بعده إلى اليوم ، وقال في أول كتابه : « وهذه لجة لم يسبقني أحد من أصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ إلى خوض غمرها ، وقاعدة أنا أبو عذرها » .

وهو كمال قال : والرجاليون منا ومن غيرنا وإن رتبوا كتبهم على حروف المعجم إلا أن ذلك الترتيب كان ناقصاً ، فهم يذكرون حسن قبل حسان ، وحسن بن علي قبل حسن بن أحمد ، وهو أول من التفت إلى هذا النقص وتداركه من أصحابنا ، أما من غيرنا فلست أعلم أول من فعل ذلك ، وهذا يدل على جودة قريحته وحسن تفكيره ، ثم هو أول من رمز إلى أسماء الكتب والرجال في كتب الرجال من أصحابنا وتبعه من بعده إلى اليوم طلباً للأختصار ، ولكن قد يوقع في الاشتباه ويحتمل أن يكون بعض الأغلاط التي وقعت في كتاب منشؤه ذلك ، فهو وإن أحسن في ذلك الترتيب وأتى بما لم يسبق إليه لكنه وقع في تلك الأغلاط بسبب قلة المراجعة وامعان النظر ، قال ذلك سيدنا المحسن الأمين في الأعيان .

واعتذر صاحب ( رياض العلماء ) عنه ( بان نقله من كتب الأصحاب ما ليس فيها ليس مما فيه طعن عليه إذ أكثر ذلك نشأ من اختلاف النسخ وزياد المؤلفين في كتبهم بعد اشتهار بعض نسخها بدون تلك الزيادة كما يشاهد في مؤلفات معاصرينا أيضاً ، ولا سيما كتب الرجال التي يزيد فيها مؤلفوها الأسامي والأحول يوماً فيوماً ، ورأيت نظير ذلك في فهرست منتجب الدين ، وفهرست الشيخ الطوسي ، ورجال النجاشي وغيرها ، حتى أني رأيت في بلدة ( ساري ) نسخة من خلاصة العلامة كتبها تلميذه في عصره وعليها خطه ، وفيها اختلاف شديد مع النسخ المشهورة ، بل لم يكن فيها كثير من الأسامي والأحوال المذكورة في

١٥
 &

النسخ المتداولة ) .

واعترض سيدنا المحسن الأمين ـ رحمه الله ـ على ما ذكره صاحب ( رياض العلماء ) بقوله : « الناظر في كتاب ابن داود يعلم أن منشأ تلك الأغلاط ليس هو اختلاف النسخ ، مع أن اختلاف النسخ ليس بالنسبة إلى ابن داود وحده فلماذا وقعت تلك الأغلاط الكثيرة في كتابه ولم تقع في كتب غيره » .

وفي كتاب رجال سيدنا الحجة ( بحر العلوم ) نقلا عن كتاب إيجاز المقال في معرفة الرجال للشيخ فرج الله بن محمد بن درويش بن الحسين بن حماد بن أكبر الحويزي معاصر المحدث الحر العاملي ـ بعد ترجمة لصاحب الكتاب ـ قال : وقد طعن على كتابه بعض المتأخرين ـ يريد صاحب النقد التفريشي ـ ولعمري :

ما أنصف الصهباء من

ضحكت إليه وقد عبس

ثم قال السيد بحر العلوم ـ قدس سره ـ :

قد أنصف الصهباء من

عنها يزيل ما التبس

وقال العلامة المحدث النوري ـ رحمه الله ـ في خاتمة مستدرك الوسائل ( ص ٤٤٢ ) : « إن الناس في هذا الكتاب بين غال ومفرط ومقتصد ( فمن الأول ) الشيخ حسين بن عبد الصمد ( والد البهائي ) فقال في كتاب درايته « وكتاب ابن داود في الرجال مغن لنا عن جميع ما صنف في هذا الفن ، وإنما اعتمادنا الآن في ذلك عليه » ، ( ومن الثاني ) المولى عبد الله التستري فقال في شرحه على التهذيب ، في شرح سند الحديث الأول منه في جملة كلام له : « ولا يعتمد على ما ذكره ابن داود في باب محمد بن أورمة ، لأن كتاب ابن داود لم أجده صالحاً للاعتماد ، لما ظفرنا عليه من الخلل الكثير في النقل عن المتقدمين وفي نقد الرجال والتمييز بينهم ، ويظهر ذلك بادنى تتبع للمولود التي نقل

١٦
 &

ما في كتابه منها » ، ( ومن الثالث ) جل الأصحاب فتراهم يسلكون بكتابه سلوكهم بنظائره » .

قال سيدنا المحسن الأمين ـ بعد أن نقل هذا الكلام ـ عن المحدث النوري ؛ « قد عرفت أن أحسن ما وصف به هذا الكتاب هو كلام صاحب النقد ( أي السيد مصطفى التفريشي ) ومنه يعلم أن كلام صاحب إيجاز المقال جزاف من القول ، وكذا كلام والد البهائي فانه لا يغني عن غيره أصلا ، وأن كلام التستري ليس بعيداً عن الصواب ، وصاحب النقد هو تلميذه » .

وقال المولى أبو علي الحائري في ( منتهى المقال في الرجال ) ـ بعد أن ذكر كلام صاحب نقد الرجال من أن في كتاب رجال ابن داود أغلاطاً كثيرة ، وكلام صاحب أمل الآمل من قوله : « وكأنه أشار إلى اعتراضه على العلامة وتعريضاته به ونحو ذلك » ما هذا نصه : « ليس الأمر كما ذكره بل مراده ـ رحمه الله ـ ما في كتابه من الخبط وعَدم الضبط فانك تراه كثيراً ما يقول : ( جش ) والذي ينبغي ( كش ) أو يقول : ( كش ) وهو ( جخ ) أو يقول : ( جخ ) وليس فيه منه أثر ، وربما يستنبط المدح بل الوثاقة مما لا رائحة منه فيه ، وربما يستنبط من مواضع أخر وينسبه إليها إلى غير ذلك ، ولعل خطه كان ردياً ، وكان كل ناسخ يكتب حسبما يفهمه منه ، ولم تعرض النسخة عليه فبقيت سقيمة ولم تصحح ، وأما أعتراضاته وتعريضاته ( أي بالعلامة ) فهي في تراجم الكلمات لا غير ، وهو مصيب في جلها إن لم نقل في كلها كما يظهر من ( التوضيح ) ـ أي للعلامة ـ وغيره ، فلا اعتراض عليه من جهتها ، ولا هي أغلاط ، فافهم » .

وما ذكره صاحب منتهى المقال من قوله : ( لعل خطه كان ردياً ) لا يوافقه عليه أحد من أرباب المعاجم ، فأن خط ابن داود كان حسناً

١٧
 &

وغير رديء فأن صاحب ( رياض العلماء ) يقول في ترجمة ابن داود ما هذا نصه : « إني رأيت خطه الشريف ولا يخلو من جودة » ويحدثنا العلامة المحدث النوري في خاتمة مستدرك الوسائل بما نصه : « وعندي كتاب نقض العثمانية للسيد الأجل أحمد بن طاووس ، بخط هذا الشيخ وخطه كأسمه حسن جيد وقد قرىء عليه وتاريخ الكتابة سنة ٦٦٥ » ، ومثله قال الشيخ عباس القمي ـ رحمه الله ـ في الفوائد الرضوية ( ص ١٠٩ ) عند ترجمته لابن داود « رأيت كتاب نقض العثمانية ( يريد كتاب بناء المقالة العلوية في نقض الرسالة العثمانية للسيد الأجل أحمد ابن طاووس ) بخط هذا الشيخ ، وخطه كأسمه حسن ، وقد قريء عليه ، وتاريخ كتابته سنة ٦٦٥ هـ » كأنه يشير إلى النسخة التي نوهنا عنها سابقاً والتي وهي في ( مكتبة دانشكاه بطهران ) والتي على ظهرها وآخرها قصائد بخطه الجيد لأستاذه ابن طاووس في أهل البيت عليهم السلام .

والذي يترجح في النظر أن تبدل رمز ( جش ) برمز ( كش ) وكذا بعض التغييرات جاء من اختلاف النسخ ، فان ابن داود حين تأليفه للكتاب كانت عنده المصادر التي ينقل عنها في كتابه وقد نقل في اكثر التراجم عن الكتابين المذكورين نقلا صحيحاً ومن المستبعد أن يغفل عن النقل الصحيح ويغير رمز ( جش ) إلى رمز ( كش ) وكذا بعض التغييرات ، والحق أن نسبة الخبط وعدم الضبط إليه كلية إجحاف بحقه ، ولا ننكر ان فيه بعض الخبط منه ، ونحن رجعنا الى المصادر التي ينقل عنها صاحب الكتاب وأبدلنا رمز ( كش ) برمز ( جش ) في بعض الموارد التي جاء فيها الأشتباه ، كما أنا حققنا الكتاب تحقيقاً دقيقاً وصححناه بالرجوع إلى المصادر الصحيحة التي بايدينا . وعلقنا عليه بعض التعليقات المهمة ، فجاءت هذه النسخة غاية في الصحة وتمتاز عن النسخة المطبوعة بمطبعة ( دانشكاه طهران سنة ١٣٨٣ هـ ) ، والتي جاء فيها تحريفات

١٨
 &

وتصحيفات كثيرة .

ذكرنا ـ آنفاً ـ أن ابن داود قد اكثر في رجاله من الإيراد على العلامة في توضيح الألفاظ والأنساب ، معبراً عنه في موارد عديدة ببعض الأصحاب ، حتى أنه كثيراً ما ينسبه إلى الوهم والغلط .

( فمن الأول ) : ما قاله في زر بن حبيش : « بالحاء والمهملة المضمومة والباء المفردة والياء المثناة من تحت والشين المعجمة ، ومن أصحابنا من صحفه بالسين المهملة ، وهو وهم » ـ أنظر رجال العلامة ـ الخلاصة ـ ( ص ٧٦ ) رقم (١) طبع النجف الأشرف ، وقال في زريق بن مرزق ثقة وبعض أصحابنا إلتبس عليه حاله فتوهم انه ( رزيق ) بتقديم المهملة وأثبته في باب الراء » ـ أنظر رجال العلامة ( ص ٧٣ ـ رقم ٩ ) .

( ومن الثاني ) : ما ذكره في خالد بن نجيح الجوان « بالجيم والنون ، بياع الجون ، ورأيت في تصنيف بعض أصحابنا : خالد الحوار ، وهو غلط » ـ أنظر رجال العلامة ( ص ٦٥ ـ رقم ٤ ) وذكر في داود ابن أبي يزيد : « إسمه ( زنكان ) بالزاي والنون المفتوحتين ، أبو سليمان النيشابوري ، واشتبه إسم أبي يزيد على بعض أصحابنا فأثبته ( زنكار ) بالراء بعد الألف ، وهو غلط » ـ أنظر رجال العلامة ( ص ٦٨ ـ رقم ٤ ) ونحوها غيرها من المواضع المتعددة .

ومن الغريب ما ذكره في داود بن فرقد من أنه « اشتبه على بعض الأصحاب اسم أبيه ، فقال : ( ابن مرقد ) بالميم ، وهو غلط » مع أن عبارة ( خلاصة العلامة ) المخطوطة والمطبوعة ( ص ٦٨ ـ رقم ٢ ) بالفاء ، بل صرح العلامة في ( إيضاح الاشتباه ) ـ ص ٣٦ ـ طبع إيران « بفتح الفاء وإسكان الراء والقاف والدال المهملة » .

كما أن من الغريب ذكره ( عبد الله بن شبرمة الكوفي ) في القسم الأول من كتابه الموضوع للموثقين ، مع أن الظاهر ـ كما صرح به في

١٩
 &

منتهى المقال ـ أنه من العامة ، كما ذكره ابن حجر العسقلاني في ( تهذيب التهذيب ـ ج ٥ ـ ص ٢٥٠ ) طبع حيدر آباد دكن ، فقال : « . . . وقال عبد الله بن داود عن الثوري : فقهاؤنا ابن شبرمة وابن أبي ليلى ، وقال العجلي : كان قاضياً على السواد لأبي جعفر ( أي المنصور الدوانيقي ) وكان الثوري إذا قيل له : من مفتيكم ؟ يقول : ابن أبي ليلى وابن شبرمة » ولد سنة ٧٢ هـ ، وتوفى سنة ١٤٤ هـ كما قاله ابن حجر .

ولقد أجاد العلامة الحلي ـ رحمه الله ـ حيث ذكره في القسم الثاني من الخلاصة ـ أنظر ( ص ٢٣٦ ـ رقم ٥ ) .

وعده الملجسي ـ رحمه الله ـ في الوجيزة ( ص ١٥٦ ) من الضعاف ، وكذا غيرهما من أصحابنا الإمامية ، وأرباب المعاجم الرجالية .

إن ابن داود في كتاب رجاله ـ هذا ـ له مسلك خاص ، وذلك أنه إن رمز بحروف ( لم جخ ) أراد بذلك عد الشيخ الطوسي الرجل المترجم له في رجاله ممن لم يرو عن الأئمة ـ عليهم السلام ـ وإن رمز بحرفي ( لم ) فقط ، كان ذلك منه إشارة الى خلو رجال النجاشي من نسبة الرواية عن الإمام ـ عليه السلام ـ إلى الرجل ، فكل من لم ينسب النجاشي إليه الرواية عن إمام ـ عليه السلام ـ رمز له ابن داود بحرفي ( لم ) مجرداً عن حرفي ( جخ ) وقد خفي ذلك على بعض أرباب المعاجم كالميرزا محمد الاسترابادي في ( منهج المقال ) والشيخ أبي علي الحائري في ( منتهى المقال ) وغيرهما ، وقد كثر منهم الاعتراض على ابن داود في موارد عديدة رمز فيها بحرفي ( لم ) مع خلوّ رجال الشيخ ـ رحمه الله ـ عن ذلك ، ولم يلتفتوا إلى أنه إذا رمز بحرفي ( لم ) مجرداً عن حرفي ( جخ ) لم يرد أن الشيخ عده ممن لم يرو عنهم ـ عليهم السلام ـ وإنما يريد ذلك حيث عقب حرفي ( لم ) بحرفي ( جخ ) فقال ( لم جخ ) .

٢٠