أوثق الوسائل في شرح الرسائل

ميرزا موسى التبريزي

أوثق الوسائل في شرح الرسائل

المؤلف:

ميرزا موسى التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: انتشارات كتبي نجفي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٣٦

الظنون المطلقة وإن توهمه المحقق القمي رحمه‌الله ويشهد بما ذكرناه أيضا ما أسلفه المصنف رحمه‌الله في الأمر الرّابع من كون المعهود من طريقة الفقهاء اعتباره من باب الظنّ النّوعي ولا ريب أن الأصل في باب الظن حرمة العمل به فيقتصر في الخروج منه على مقتضى الدّليل المخرج والقدر الثّابت من بناء العقلاء في موارد الاستصحاب هو الظن الحاصل بنفس المستصحب وآثاره الشّرعيّة المرتبة عليه بلا واسطة لا الآثار غير الشّرعيّة ولا الآثار الشّرعيّة المرتبة عليه بواسطة الآثار غير الشّرعيّة والتّفكيك بين اللازم والملزوم في الشرع واقع ولذا يعتبر الظن بالقبلة دون الوقت وإن كان الأوّل مستلزما للثاني وكذا بين لازمي ملزوم واحد كما سيجيء عند بيان الأصول المثبتة ومن هنا يظهر الوجه في عدم عمل العلماء بالأصول المثبتة في كثير من الموارد بل ربّما عزي القول بعدم اعتباره إلى المشهور مع قولهم باعتبار الاستصحاب من باب الظن وثانيا أنّ العمدة في خروج الأصول العدميّة من محلّ النّزاع هو الإجماع الّذي ادعاه صاحب الرياض كما تقدّم في كلام المستدل والمتيقن منه عدم الخلاف في ثبوت نفس العدم المستصحب أو آثاره الشّرعيّة بالاستصحاب لا مقارناته ولوازمه العقلية أو العادية نعم وقع الإجماع على اعتبار الأصول المثبتة في مباحث الألفاظ في مقام تعيين الأوضاع والمرادات بمثل أصالة عدم النقل والاشتراك وأصالة عدم قرينة المجاز والتخصيص والتقييد وعدم الإضمار ونحو ذلك ولا يجوز التعدي عن موارد الإجماع كما هو واضح (قوله) خروج بعض الأقسام إلخ لأن للاستصحاب العدمي باعتبار المستصحب أقساما لأنّ المستصحب العدمي إمّا أن يكون من قبيل الأحكام أو الموضوعات والأوّل إمّا أن يكون من قبيل الطلبيات أو الوضعيات وعلى التقديرين إمّا أن يكون من قبيل الأحكام الكليّة كما في موارد استصحاب البراءة وإمّا أن يكون من قبيل الأحكام الجزئية كعدم وجوب صلاة الآيات أو الكفارة أو نحو ذلك عند الشكّ في حدوث أسبابها بناء على جريان الاستصحاب الحكمي مع جريان الاستصحاب الموضوعي والثّاني إمّا أن يكون من قبيل الموضوعات المستنبطة أو الصّرفة والأوّل إمّا أن يكون في تعيين الأوضاع كأصالة عدم النقل أو الاشتراك وإمّا أن يكون في تعيين المرادات كأصالة عدم قرينة المجاز أو التخصيص أو التقييد أو الإضمار والثّاني مثل عدم الرطوبة والكرية ونحوهما وقد وقع الإجماع على اعتبار الاستصحاب في بعض هذه الأقسام كما أشرنا إليه في الحاشية السّابقة(قوله) نعم قد يتحقق في بعض إلخ يستفاد من كلامه من باب الإيماء والإشارة ما ينبغي تحقيق المقام به في إثبات كون الاستصحاب العدمي محلّ خلاف أو عدم ثبوت كون اعتباره وفاقيا وتوضيحه أنّ العمدة في دعوى خروج العدميات من محل النزاع هو ما ادعاه صاحب الرّياض من الإجماع ولا ريب أنّ هذه الدّعوى إنما نشأت من ملاحظة عمل العلماء بالأصول العدميّة أصولا وفروعا ولا ريب أن العمل من حيث كونه من قبيل الأفعال لا ظهور له في الجهة الّتي وقع عليها لإجماله من هذه الجهة كما قرّر في الإجماع التقييدي وحينئذ نقول إنّ المدّعى في المقام حجّية الاستصحابات العدميّة بمعنى كون ثبوت العدم في الزمان الثّاني مستندا إلى ثبوته في الزمان الأوّل كما هو المأخوذ في مفهوم الاستصحاب وهذا غير ثابت من عمل العلماء لأنّ غاية ما يستفاد من جهة عملهم حكمهم بثبوت الأعدام عند الشكّ في ثبوتها وأمّا كون ذلك من جهة استصحاب العدم بالمعنى الّذي عرفته أو لأجل قواعد أخر موافقة المؤدّى له مثل قاعدة الشك في المانع مع إحراز المقتضي حيث يحكمون بعدم المانع في مواردها وقاعدة كون عدم الدّليل دليل العدم وقاعدة البراءة ونحوها فلا دلالة لعملهم على تعيين أحد هذين الأمرين فيحتمل أن يكون بناؤهم على العدم في مباحث الألفاظ مثل أصالة عدم النقل أو الاشتراك وأصالة عدم قرينة المجاز أو التخصيص أو التقييد أو نحو ذلك لأجل كون عدم الدّليل دليلا ظنيا على العدم والظن معتبر في مباحث الألفاظ عندهم ويحتمل كون العمل بالظواهر ونفي قرينة المجاز والتخصيص والتقييد لأجل قاعدة إحراز المقتضي والشك في المانع وكذا نفي الأحكام الكليّة المشكوك فيها لأجل قاعدة البراءة وكذلك البناء على عدم النسخ لأجل طهور الكلام في الاستمرار أو قضاء العادة بذلك كما سنشير إلى توضيحه عند شرح قوله والظّاهر بل صريح جماعة إلى آخره ومن هنا ترى أنّ المرتضى رضي الله عنه مع إنكاره للاستصحاب مطلقا وجوديّا كان أو عدميّا لم ينكر البناء على العدم عند الشكّ في الوجود لأنه بعد الاحتجاج في الذّريعة على عدم اعتبار الاستصحاب قال فأمّا القول بأقل ما قيل في المسألة من حيث كان الإجماع ثابتا فيه والزيادة لا دليل عليها فينفي وجوبها فهو صحيح إذا بنى على ما قدمناه من الاستدلال على نفي الحكم بنفي الدلالة عليه إذا كان من الباب الّذي متى كان حقّا وجب أن تكون عليه دلالة منصوبة وليس يختصّ ذلك بأقل ما قيل بل في كل حقّ اختلف في ثبوته وهو ممّا يجب إذا كان ثابتا وجود دلالة عليه فإن قيل لم وجب النفي لعدم دليل الإثبات فلم يجب الإثبات لعدم دليل النفي قلنا لا بدّ لكل مثبت أو ناف من دليل على ما نفاه أو أثبته غير أنّ النّافي لأمر قد علم بالدّليل أنّه لو كان ثابتا لوجب أن يكون عليه دلالة قائمة يمكن أن ينفيه من حيث انتفت الدّلالة عليه وصار انتفاء الدّلالة دليلا كافيا على النفي وليس كذلك الإثبات لأنّه لا بدّ فيه من دلالة هي إثبات لا يرجع إلى طريقة النفي حتّى يقال لو كان منفيا لكان على انتفائه دليل فإذا فقد قطعنا على ثبوته فإنّ الفرق بين الأمرين بيّن بمسائل كثيرة انتهى موضع الحاجة وهو صريح في صحّة البناء على العدم عند عدم الدّليل على الوجود لأجل كون عدم الدليل دليل العدم لا لأجل الاستصحاب بل هو يشهد بعدم كون استصحاب العدم وفاقيا كيف ومناط اعتباره إمّا مجرّد اليقين بالوجود السّابق والشّك في بقائه أو حصول الظنّ شخصا أو نوعا بالبقاء في هذا المورد وعلى كل تقدير فهو موجود في الاستصحاب الوجودي أيضا فكيف يكون أحدهما وفاقيا والآخر خلافيا ومجرّد موافقة الأوّل لبعض الأمارات في مورده لا يوجب القول باعتباره لاختلاف اللحاظ في إعمال الأدلّة مع اتحاد موردها ومؤداها لأن المناط في إعمال الاستصحاب مثلا ملاحظة الحالة السّابقة بخلاف غيره وبالجملة أنّه لا إشكال في وجود الخلاف في الاستصحاب العدمي بل صرّح المصنف رحمه‌الله بعدم وجدان قائل بالفرق بينه بين الوجودي سوى ما حكاه شارح الشّرح عن الحنفيّة من التفصيل بينهما مستظهرا له من كلام شارح المختصر وإن كان ذلك لا يخلو من خفاء وذلك لأنّ شارح المختصر بعد تعريف الاستصحاب قال وقد اختلف في صحّة الاستدلال به لإفادته الظنّ بالبقاء وعدمها لعدم إفادته إيّاه فأكثر المحقّقين كالمزني والصّيرفي والغزالي على صحّته وأكثر الحنفية على بطلانه فلا يثبت به حكم شرعي ولا فرق عند من يرى صحّته بين أن يكون الثابت به نفيا أصليا كما يقال فيما اختلف في كونه نصابا لم تكن الزّكاة واجبة عليه والأصل بقاؤه أو حكما شرعيّا

٤٤١

مثل قول الشافعيّة في الخارج من غير السبيلين إنّه كان قبل خروج الخارج متطهرا والأصل البقاء حتّى يثبت معارض والأصل عدمه انتهى وقال التفتازاني قوله فلا يثبت به حكم شرعي كأنّه يشير إلى أنّ خلاف الحنفيّة في إثبات الحكم الشّرعي دون النّفي الأصلي وهذا ما يقولون إنّه حجّة في الدفع لا في الإثبات حتّى أن حياة المفقود بالإثبات يصلح حجة لبقاء ملكه لا لإثبات الملك به في مال مورثه انتهى وما استفاده من كلام شارح المختصر لا يخلو من نظر لأن قوله فلا يثبت به حكم شرعي يحتمل وجوها أحدها ما فهمه شارح الشّرح وثانيها أن يكون إشارة إلى أنّ الاستصحاب الوجودي لا يثبت به حكم شرعي من جهة لزوم تعارضه بمثله لأن الأصل عدم ما يترتب عليه من اللّوازم مثل أنّ استصحاب حياة زيد لإثبات انتقال مال مورثه إليه معارض باستصحاب عدم الانتقال بناء على عدم تقدّم الأصل في الشكّ السببي عليه في الشك المسبّب كما يظهر من المحقّق القمي رحمه‌الله حيث حكم بالتّعارض بينهما كما سيجيء في محلّه وثالثها أن يكون إشارة إلى عدم الاستصحاب بنفسه مطلقا سواء كان وجوديّا أم عدميّا مثبتا لحكم شرعي بناء على عدم اقتضاء استصحاب الطّهارة لعدم ناقضية المذي واستصحاب حياة المفقود لانتقال مال مورثه إليه نظير ما ذكره المحقّق القمي رحمه‌الله في أوّل مسألة البراءة قال الحاصل أنّ نفس البراءة الثابتة لا يمكن أن تصير من الأدلة الشّرعيّة بمعنى أن تثبت حكما شرعيّا فينسب عدم الوجوب وعدم الحرمة من جهتها إلى الشّارع فيقال حكم الشّارع في المتنازع هو نفي الحرمة مثلا في الواقع أو في ظننا إذ غاية الأمر حينئذ عدم ثبوت حكم الشّارع بالحرمة مثلا أمّا نفيه فلا انتهى بل نقول إن هذا الوجه لعله هو الذي فهمه المحقّق المذكور من كلام شارح المختصر لأنّه في مبحث الصّحيح والأعمّ في مقام الاعتراض على من أورد على القول بصحّة تعيين الماهية بالأصل بأنّه إنّما يتم إذا جاز العمل بالاستصحاب حتّى في نفس الحكم الشّرعي قال إنّه مع أنّ المحقّق في محلّه كما سيجيء إن شاء الله تعالى حجّية الاستصحاب مطلقا أنّ مرادهم من عدم حجيته في نفس الحكم الشرعي أن يكون الاستصحاب مثبتا لنفس الحكم مثل أن يقال إن المذي غير ناقض للوضوء مثلا لاستصحاب الطهارة السّابقة فاستصحاب الطّهارة هو المثبت لعدم كون المذي ناقضا وأصل العدم منفردا لا يثبت به الماهية بل هي بضميمة سائر الأدلّة المبنية لها كما لا يخفى انتهى ولا دلالة لكلام شارح المختصر على خصوص أحد الوجوه المذكورة إن لم يكن أحد الوجهين الأخيرين أظهر نعم قول شارح الشرح وهذا ما يقولون إلى آخره صريح في حكاية التّفصيل بين الوجودي والعدمي عن الحنفية ولعلّه لما ذكرناه أسند المصنف رحمه‌الله الحكاية إلى شارح الشّرح دون شارح المختصر لكن الإنصاف أن نسبته لعدم ثبوت حكم شرعي بالاستصحاب إلى الحنفية وتصريحه بعدم الفرق بين الوجودي والعدمي على قول المثبت خاصة لا يخلو من ظهور في نسبة التفصيل إلى الحنفية (قوله) والظاهر بل صريح جماعة إلخ اعلم أنّه لا إشكال في دخول الأحكام الكلية في محلّ النّزاع وأمّا الموضوعات الصرفة فالبحث هنا عن الاستصحاب الجاري فيها وإن كان خارجا من محلّ البحث موضوعا لدخوله في المسائل الفقهية كما صرّح به المصنف رحمه‌الله في الأمر الخامس فلا بدّ أن يكون البحث عنه هنا استطراديا إلا أنّ المقصود هنا بيان محلّ الوفاق والخلاف من أقسامه مطلقا وربّما يظهر من الأمين الأسترآبادي في فوائده المدنية عدم الخلاف في اعتباره في الموضوعات مطلقا سواء كانت من الأحكام الجزئية أو الموضوعات الصّرفة بل يظهر منه كونه من ضروريّات الدين قال اعلم أن للاستصحاب صورتين معتبرتين باتفاق الكل بل أقول اعتبارهما من ضروريّات الدّين ثمّ مثّل لإحداهما باستصحاب عدم النسخ وللأخرى باستصحاب ملكية أرض وزوجية امرأة وعبدية رجل وبقاء الوضوء وطهارة الثوب ونجاسته وكون اللّيل والنّهار باقيين وكون ذمّة الإنسان مشغولة بصلاة أو طواف إلى أن نقطع بوجود شيء جعله الشّارع سببا لنقض تلك الأمور وأشار المصنف رحمه‌الله إلى ضعفه وبتصريح جماعة بوقوع الخلاف فيها وناهيك ضعفا بإنكار المرتضى رضي الله عنه للاستصحاب مطلقا حتّى في الموضوعات الصرفة قال في الذريعة وقد ثبت في العقول أن من شاهد زيدا في الدّار ثمّ غاب عنه أنّه لم يحسن أن يعتقد استمرار كونه في الدّار إلا بدليل متجدد ولا يجوز استصحاب الحال الأولى وصار كونه في الدار في الثّاني وقد زال الرّؤية بمنزلة كون عمرو فيها مع فقد الرّؤية إلى أن قال بمثل ذلك نجيب من قال فيجب أن لا يقطع بخبر من أخبرنا عن مكة وما يجري مجراها من البلدان على استمرار وجودها وذلك أنّه لا بدّ في القطع على الاستمرار من دليل إما عادة أو ما يقوم مقامها ولذلك كان يجوز انتقاض العادات في كل الأحوال يجوز من ذلك ما لا يجوز من غيره ممن يمنع من ذلك ولو كان البلد الذي أخبرنا عنه على ساحل البحر لجواز زواله بغلبة البحر عليه إلاّ أن يمنع من ذلك خبر متواتر فالدّليل على ذلك كله لا بدّ منه انتهى وما تقدّم من كلام الوحيد البهبهاني عند شرح قول المصنف رحمه‌الله بملاحظة ما ذكره قبل ذلك إلى آخره صريح في ذلك أيضا وكذا جملة أدلتهم للنّفي كما لا يخفى ثمّ إنّه يظهر من الأمين الأسترآبادي أيضا خروج استصحاب عدم النّسخ الّذي هو من قبيل استصحاب الأحكام الكليّة من محلّ النّزاع بل كونه من ضروريات الدّين وهو أيضا لا يخلو من منع لأن أصحاب النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وإن كانوا مجمعين على البناء على عدم النسخ عند الشكّ فيه إلاّ أنّه لم يظهر منهم كون ذلك من جهة استصحاب بقاء الحكم وعدم نسخه لأنّ العمل من حيث كونه من قبيل الأفعال لا ظهور له في الجهة الّتي وقع عليها ومن هنا كان الإجماع العملي الّذي يسمّى بالإجماع التقييدي غير معتبر ما لم تعلم جهة العمل الّتي وقع عليها وحينئذ نقول إن الحكم الكلي الّذي احتمل نسخه إمّا أن يكون عليه دليل لفظي مبيّن أو لا وعلى الأوّل إمّا أن يكون للدّليل الدّال عليه عموم زمانّي يدل على بقائه إلى الأبد أو لا وعلى الأوّل لا إشكال في أنّ البناء على عدم النسخ عند احتماله لأجل العمل بظاهر العموم ما لم تظهر قرينة التخصيص والعمل بأصالة عدم القرينة لا يتعين أن يكون لأجل الاستصحاب كما نبهنا عليه عند شرح قول المصنف رحمه‌الله نعم قد يتحقق في بعض الموارد إلى آخره وعلى الثّاني إمّا أن نقول بإفادة الخطاب لعموم الأزمان بحسب إطلاق الأحوال أو لا ولا إشكال على الأوّل أيضا وأمّا الثّاني فهو في حكم القسم الثالث أعني ما ثبت بدليل لبّي أو لفظي مجمل من حيث إفادة ثبوت الحكم إلى الأبد والبناء على عدم النّسخ حينئذ يحتمل أن يكون إمّا لاستقرار طريقة الشّارع على إرادة دوام الحكم ما دامت الشّريعة باقية نظرا إلى حصول العلم العادي بعدم النّسخ عند عدم وصول البيان منه لقضاء العادة بوصوله لو كان لأجل عدم وجود دواعي الاختفاء وإمّا لقاعدة الاشتغال لكون التديّن بأحكام الشّرع من حيث الاقتضاء والتخيير واجبا على كلّ مكلّف وبالجملة لم يظهر في شيء من هذه الموارد كون البناء على عدم النّسخ لأجل استصحابه (قوله) الحكم الشرعي يراد به إلخ قد يعرف الشرعي تارة بما من شأنه أن يؤخذ من الشّارع وأخرى بما بيّنه الشّارع وكلّ منهما فاسد

٤٤٢

كما أوضحنا في تعريف الفقه وقلنا هناك إنّ الأولى تعريفه بأنه ما كان له تعلق بالشّرع وكيف كان فالأحكام الجزئية خارجة من التّعريف الأوّل وكذا من الثّاني لأنّ ما بيّنه الشّارع هو الأحكام الكلّية دون الجزئية اللهمّ إلاّ أن يتسامح بدعوى صدق بيانها ببيان كليّاتها وداخلة في الثّالث ثمّ إنّ الشّبهة في حكم الموضوع الجزئي تارة تنشأ من الشّبهة في حكمه الكلّي كما إذا شكّ في وجوب إكرام زيد العالم لأجل الشكّ في وجوب إكرام العلماء ويندرج فيه ما إذا كانت الشبهة فيه ناشئة من الشبهة في اندراج بعض الأفراد تحت بعض العمومات أو المطلقات كما إذا وجب إهانة الفسّاق وعلم اندراج الفاسق بالجوارح فيه وشكّ في اندراج الفاسق بالعقائد فإن الشك في وجوب إهانة من فسدت عقيدته يكون حينئذ ناشئا من إجمال النص وأخرى تنشأ من عدم معرفة المرجع في الحكم الظاهري كما إذا ورد النهي عن إكرام الفسّاق وشك في حرمة إكرام زيد المشكوك الفسق والعدالة من جهة عدم معرفة كون المرجع في مثله البراءة أو الاحتياط ثم إنّ من الموضوعات الشخصيّة الخارجة ما يتعلق حكم الشّارع به بالخصوص كوجوب الاعتقاد بنبوّة نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله وإمامة أئمّتنا عليهم‌السلام وبعض صفاتهم ولا ريب في كون مثله من الأحكام الشرعية مع عدم كون بعضها مما من شأنه أن يؤخذ من الشّارع كمسألة النّبوّة وإلاّ لزم الدّور المحال وبعض آخر مما من شأنه ذلك كمسألة الإمامة ونحوها مع كون متعلقات هذه الأحكام موضوعات شخصيّة ومنه يظهر أن كل ما ليس من شأنه أن يؤخذ من الشّارع لا يجب أن يكون غير شرعي كما هو مقتضى التعريف الأوّل وحكي عن المصنف رحمه‌الله ارتضاؤه وأن كلّ حكم جزئي لا يجب خروجه منه كما هو ظاهر المصنف ره هنا ومنه يظهر فساد التعريف الأوّل وأمّا التعريف الثاني فأظهر فسادا لعدم شموله للموارد الّتي لم يرد فيها بيان من الشارع كموارد الأقيسة ومنه يظهر أولوية التعريف الثّالث لعدم ورود شيء ممّا ذكرناه عليه (قوله) إن الشبهة في الحكم إلخ الأولى تقييدها بالتحريميّة لأن المرجع في الشبهة الوجوبيّة عند أكثر الأخباريين هي البراءة نعم يظهر من الأمين الأسترآبادي كون المرجع فيها أيضا هو الاحتياط كما تقدّم في محلّه (قوله) ليس على ما ينبغي إلخ اللهمّ إلاّ أن يريد بالحكم الشّرعي على القول بالتفصيل بإنكار الاستصحاب في الحكم الشّرعي وتسليمه في غيره الإطلاق الأول كما هو مذهب الأخباريين وفي عكسه الإطلاق الثّاني كما هو مقتضى القول المحكي في كلام المحقّق الخوانساري ثمّ إنّ التفصيل المتصوّر بين الحكم الشّرعي وغيره على وجوه أحدها التفصيل بالقول باعتبار الاستصحاب في الحكم الشّرعي بالمعنى الأخص دون غيره وهذا هو الّذي أنكر وجود قائل به الثّاني عكس الأوّل وهذا هو الّذي حكاه عن الأخباريين الثّالث اعتباره في الحكم الشّرعي بالمعنى الأعمّ دون غيره وهذا هو المحكي في كلام المحقق الخوانساري الرّابع عكس سابقه هذا أيضا ممّا أنكر وجود قائل به الخامس التفصيل بالقول باعتباره في الحكم الجزئي دون الكلّي والأمور الخارجة وهذا هو الّذي نقله شارح الوافية عن المحقّق الخوانساري السّادس عكسه وهذا أيضا ممّا أنكر وجود قائل به وأنت خبير بأن المصنف رحمه‌الله قد أنكر وجود القول بالثالث عند بيان دليل قول المحقق الخوانساري وكذا القول بالخامس عند بيان دليل القول السّادس من أقوال المسألة وحينئذ نقول إن بناءه إن كان على بيان الأقوال الموجودة في الواقع فلا وجه لتسليم التفاصيل الثلاثة هنا إذ لا بدّ حينئذ من حصر التفصيل في الثّاني خاصّة وإن كان بناؤه على بيان الأقوال المحكية في كلمات العلماء مع قطع النّظر عن صحة نسبتها وعدمها فلا وقع حينئذ للاعتراض على المحقق القمي رحمه‌الله مع أنّه لا وجه لإنكار وجود القول بالثالث لحكاية الوحيد البهبهاني له في رسالته الاستصحابية وقد تقدّم كلامه عند شرح قوله بملاحظة ما ذكره قبل ذلك إلى آخره (قوله) لأنّ ظاهر كلام المفصل إلخ لا يخفى أن هذا الجواب تحقيق للسؤال بتقرير آخر وليس بدافع له أصلا لأن للسّائل أن يقول حينئذ إن المناسب إدراج هذا التقسيم في التقسيم الثّاني لكونه تقسيما للقسم الثّاني منه لكونه تفصيلا بين الأسباب والشّروط والموانع وبين غيرها من الموضوعات الخارجة(قوله) وربّما يظهر من صاحب الحدائق إلخ بل من جماعة ممن سبقه ولحقه منهم السّيّد المحقق الكاظمي لأنه بعد أن قسّم الاستصحاب إلى أربعة أقسام الأوّل استصحاب حال العقل أعني البراءة العقلية الثّاني استصحاب حال الشّرع أعني استصحاب أحكام الوضع وقسمه إلى قسمين أحدهما ما كان الشكّ فيه في قدح العارض وسمّاه باستصحاب حال الإجماع وثانيهما ما كان الشك فيه في عروض القادح وسمّاه بمطلق الاستصحاب الثالث استصحاب حكم الشّرع عند الشكّ في نسخه إلى أن يثبت النّاسخ سواء ثبت بالإجماع أو بالنّص وسمّاه باستصحاب حكم النّص الرّابع استصحاب ما لا يدور ثبوته على حكم العقل ولا على حكم الشّرع كاستصحاب الحياة والصّحة والسّقم والفقر والغناء عند الشك في زوالها ليبنى عليه ما يلزمها من الأحكام إلى أن يثبت المزيل ومنه استصحاب الحقيقة إلى أن يثبت الاشتراك أو النقل شرعا أو عرفا والعموم إلى أن يثبت التخصيص والإطلاق إلى أن يثبت التقييد والظّاهر إلى أن يثبت التأويل وسمّاه بالاستصحاب في الموضوع لكونه استصحابا في متعلقات الحكم وموضوعاته قال في شرح قول الفاضل التّوني وقد اختلف فيه إلى آخره أما ما يكون عند الشكّ في عروض القادح بأقسامه الثّلاثة أي الاستصحاب الّذي يخصّ لدفع ذلك الشكّ فلا كلام فيه حتّى عند الأخبارية إلا ما يحكى عن بعضهم في بعض أقسامه وهو عجيب والظاهر أنّ مراده بالأقسام الثلاثة القسم الثّاني من استصحاب حال الشّرع والقسم الثّالث والرّابع من الأقسام الأربعة المتقدّمة ثمّ قال وأمّا استصحاب حال العقل فيدور مدار أصل البراءة الّتي هي عدم خاص وقد عرفت أنّه في التكليف والوضع أعني الإيجاب والجعل ممّا أجمع عليه الفريقان فمن اعترف هناك وأنكر هاهنا فقد كابر وتحكّم فلم يبق إلا استصحاب حال الشّرع المسمّى باستصحاب حكم الإجماع فمن ثمّ جعله المصنف رحمه‌الله محلّ النّزاع بين الفريقين العامة والخاصة وإطلاق المنكر إنّما هو لتخصيص هذا القسم بالذّكر فإنّهم يضربون مثال واجد الماء في أثناء الصّلاة ومن خرج منه الحدث من غير السّبيلين أو غيره كالمذي من أحدهما ونزاع الحنفية في غيره على بعض الوجوه شاذ إلى آخر ما ذكره ومنهم الشّهيد في الذكرى لأنّه قد قسّم حكم العقل غير المتوقف على الخطاب إلى خمسة أقسام ما يستقل به العقل كحسن العدل والتمسّك بالأصل البراءة وعدم الدّليل دليل العدم والأخذ بالأقل عند فقد دليل على الأكثر وأصالة بقاء ما كان قال ويسمّى يعني القسم الخامس باستصحاب حال الشّرع وحال الإجماع في محلّ الخلاف كصحة صلاة المتيمّم إذا وجد الماء في الأثناء إلى أن قال واختلف الأصحاب في حجّيته وهو مقرّر في الأصول انتهى وهو ظاهر في اختصاص النّزاع بحال الإجماع وأن أصالة بقاء ما كان واستصحاب حال الشّرع حيث يطلقان فالمراد بهما استصحاب حال الإجماع ومنهم المحقق الدّاماد في الرّاشحة التّاسعة والثلاثين من الرّواشح السّماوية قال وأمّا أصالة بقاء ما كان

٤٤٣

ويسمّى استصحاب حال الشّرع وحال الإجماع في محلّ الخلاف كصحّة صلاة المتيمّم إلى أن قال فقد اختلف في حجيّته وحيّز القول فيه علم الأصول ولقد حققنا الأمر فيه في غير موضع واحد انتهى ومنهم محمّد بن علي بن أحمد الحرفوشي العاملي رحمه‌الله في شرح القواعد الشهيد لأنّ الشّهيد لما قسّم الاستصحاب إلى استصحاب النفي واستصحاب حكم العموم إلى ورود مخصّص وحكم النّص إلى ورود ناسخ واستصحاب حكم ثبت شرعا كالملك عند وجود سببه إلى أن يثبت رافعه واستصحاب حكم الإجماع في موضع النّزاع قال حاصله يعني حاصل القسم الرّابع أن يتفق حكم فيتغيّر الحال ويقع الاختلاف فيستدل من يعبّر باستصحاب الحال إلى أن قال اعلم أنّ الغزالي والأكثر ذهبوا إلى أنّ الاستصحاب في محلّ النّزاع ليس بحجّة وحكي عن بعض الشافعيّة وذهب أبو بكر الصّيرفي وغيره من الشافعية إلى أنّه حجّة وهو اختيار الآمدي وابن الحاجب ومن أطلق منهم القول بأنّه ليس بحجّة كإمام الحرمين فمرادهم به هذا النّوع الرّابع لأنّ الغزالي يوافقهم على عدم القول به وقد صرّح في المستفصى بأنّ الأنواع الثّلاثة الأول متفق على القول بها فتأمّل انتهى هذا ولكن يوهن ذلك كلمة ما سيشير إليه المصنف رحمه‌الله عند التعرّض لقول الغزالي من أنّ العلاّمة الّذي هو الرّكن الأصيل في تأسيس الأصول من الخاصّة قد ذكر في النّهاية مسألة الاستصحاب ونسب عدم الحجّية إلى أكثر الحنفية وجماعة من المتكلّمين كأبي الحسين البصري والسّيد المرتضى وغيرهما وقال ومن هؤلاء من جوّز به التّرجيح لا غير ونسب الحجّية إلى جماعة من الشّافعيّة كالمزني والصّيرفي والغزالي وغيرهم ثمّ أخذ في أدلة الطّرفين وأطال فيها ثمّ ذكر عنوانا آخر لاستصحاب حال الإجماع وذكر خلاف النّاس فيه ونسب عدم الحجّية إلى جماعة ومنهم الغزالي والحجّية إلى الآخرين ومثل له برؤية المتيمّم الماء في أثناء الصّلاة وبالخارج من غير السبيلين وهو كما ترى صريح في وقوع الخلاف في المقامين ونحوه ما صنعه الحاجبي وقال الحرفوشي في مقام آخر من شرح القواعد في مقام بيان مدارك الأحكام وأمّا دليل العقل فأقسام وعدّ منها الاستصحاب وقال وهو إثبات الحكم وجوديّا كان أم عدميّا في الزّمان الثّاني تعويلا على ثبوته في الزّمان الأوّل وليس بحجّية عند المرتضى وأكثر الحنفية والمتكلمين وأبي الحسين البصري وذهب أكثر أصحابنا وكثير من محققي العامة كالمزني والصّيرفي والغزالي إلى أنّه حجّة ويصحّ الاستدلال به إلى أن قال والّذي عليه بعض المحققين وهو الأظهر أنّه ليس بحجّة مطلقا إلاّ في صورتين الأولى استصحاب الصّحابة ما جاء به النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أن يجيء نسخه الثانية ما دلّ الشرع على ثبوته لوجود سببه كثبوت الملك بالشّراء فيستصحب إلى أن يدلّ دليل على خلافه انتهى وهو كما ترى قد نسب عدم الحجّية هنا إلى أكثر الحنفيّة والحجّية إلى أكثر أصحابنا ونسب عدم الحجّية إلى الأكثر مطلقا في كلامه المتقدم والحجّية إلى جماعة بل عدّ الغزالي من المثبتين هنا ومن النافين هناك وهذا لا يتمّ إلاّ باختلاف العنوان في المقامين كما عرفته من النّهاية وكيف كان فالحق وقوع الخلاف في غير حال الإجماع أيضا ولعلّ مراد الجماعة بحال الإجماع ما كان دليل الحكم الثابت في الحالة الأولى غير شامل للحالة الثّانية سواء كان هو الإجماع أم غيره في مقابل استصحاب حكم العام كما استظهره المصنف رحمه‌الله من كلام الغزالي عند التعرض لقوله وهو الظاهر أيضا من كلام المقدس الكاظمي وغيره ممن تقدّم كما يظهر بالتأمل في كلماتهم (قوله) نظرا إلى أن الأحكام العقلية إلخ توضيحه أنّ الشكّ في القضايا العقليّة لا يخلو إمّا أن يكون من جهة الشك في الموضوع ولو في بعض القيود المأخوذة فيه وإمّا من جهة الشّك في المحمول بمعنى الشك في حكمه على الموضوع المبيّن القيود تفصيلا بشيء والثاني غير معقول إذ بعد تبيّن الموضوع بجميع قيوده الذي هو مناط حكم العقل والعلة التّامة فيه لا وجه لإجمال حكم العقل إذ لا ريب في بقاء حكمه حينئذ واستقلاله به ومن هنا يظهر أنّ الشك في حكم العقل لا يعقل إلاّ من جهة الشك في موضوعه ولو باعتبار بعض القيود المأخوذة فيه مع أنّه أيضا غير معقول لأنّ العقل لا يحكم بشيء إلاّ بعد إحراز جميع قيود موضوعه فمع الشكّ في تحقّق بعض هذه القيود لا يحكم عليه بما كان حاكما عليه على تقدير العلم بوجوده فإذا حكم العقل بحسن الكذب النّافع وقبح الصّدق الضار فمع الشك في تحقّق النفع في الأوّل والضّرر في الثّاني لا يحكم بالحسن في الأوّل والقبح في الثاني لا أن يتردد في حكمه لأجل الشكّ في تحقق موضوعه بل يكون حينئذ ساكتا عن الحكم بشيء منهما وخلافهما وبالجملة إنّه لا يعقل الشكّ والتردّد في حكمه لا من جهة الشكّ في موضوعه ولا من جهة الشك في مدخلية بعض الأمور في حكمه لعدم التردّد في حكمه سواء كان الشكّ في وجود ما علم مدخليته أو مدخلية ما علم وجوده بل لا معنى للشك في المدخلية كما لا يخفى ومع تسليمه فلا معنى للاستصحاب أيضا كما يظهر مما ذكره المصنف رحمه‌الله لأنّه إذا حكم العقل بقبح الكذب الضار ثمّ تردّد في حكمه بقبحه لأجل الشكّ في زوال قيد الضّرر عنه فإن أريد باستصحاب حكمه استصحاب القبح المحمول في القضيّة السّابقة على الكذب بعنوان كونه مضرّا فلا ريب أنّ هذا الحكم العقلي دائمي لم يقع فيه شك في زمان حتى يستصحب وإن أريد به استصحاب قبح هذا الكذب المشكوك بقاؤه على صفة الإضرار فلا شكّ أن هذا الموضوع لم يعلم اتّصافه بالقبح في السّابق حتّى يستصحب قبحه إذ لا بدّ في إبقاء الحكم السّابق من بقاء موضوعه على وجه اليقين لعدم تعقل بقاء العرض من دون معروضه ثم إنّه يظهر بما قدمناه عدم تحقق الشكّ في المانع في الأحكام العقليّة لأنّه فرع القطع بوجود الموضوع والموضوع في القضايا العقليّة علة تامّة لحكمه وعدم المانع مأخوذ فيه من باب الشرطيّة لا في حكمه والفرق بينهما وبين الأحكام والشرعيّة حيث ذكروا أنّ الشكّ في بقاء الثانية تارة ينشأ من الشك في بقاء الموضوع وأخرى من الشكّ في وجود المانع أنّ الأحكام العقليّة ثابتة بحكم العقل وهو لا يحكم بشيء على موضوع إلاّ بعد إحراز المقتضي التّام له فيه ومن أجزاء المقتضي هو عدم المانع بخلاف الأحكام الشّرعيّة لأنّها مبيّنة في الأدلّة الشرعيّة فما كان الحكم مرتبا عليه في ظاهر الأدلّة يسمّى موضوعا لهذا الحكم وإن فرضت له شرائط وموانع أخر ثابتة بدليل آخر وهذه التسمية اصطلاح أو مسامحة وإلا فالموضوع الحقيقي الّذي يقوم به الحكم لا يكون إلاّ علّة تامّة له وهذا هو الّذي أوقع السّائل في الشبهة فزعم اتحاد موضوع حكم العقل والشّرع فأورد بما ذكره في المتن وإلا فلا وجه له بعد ما عرفت وكيف كان فقد ظهر ممّا ذكرناه الفرق بين الأحكام العقليّة والشّرعية من حيث جريان الاستصحاب في الثانية دون الأولى أمّا عدم جريانه في الأولى فلمّا عرفت من عدم فرض الشكّ في حكم العقل في زمان حتى يستصحب فيه الحكم السّابق فهو في الزّمان الثّاني إما حاكم به كالزّمان الأوّل أو حاكم بعدمه أو ساكت عنهما وعلى أيّ تقدير لا معنى لاستصحاب حكمه الأوّل وأمّا جريانه في الثانية فلما عرفت أن المدار في بقاء الأحكام الشّرعيّة هو صدق بقاء موضوعاتها المذكورة في الأدلة بحسب العرف

٤٤٤

فمع الشك في وجود المانع أو مانعية الموجود يستصحب الحكم الأوّل فإن قلت على ما ذكرت ينحصر مورد الاستصحاب بموارد الشكّ في وجود المانع أو مانعية الموجود ولا يجري مع الشك في المقتضي أعني الشكّ في بقاء الموضوع إمّا من جهة الشك في ارتفاع بعض قيوده الّتي علم مدخليتها فيه أو من جهة العلم بارتفاع بعض ما احتملت مدخليته فيه قلت مع أن مختار المصنف رحمه‌الله عدم جريان الاستصحاب مع الشك في المقتضي كما سيجيء في محلّه إنّك قد عرفت أنّ المدار في بقاء موضوع الأحكام الشرعيّة على الصّدق العرفي وهو قد يتحقق مع الشك في ارتفاع بعض القيود المعلوم المدخليّة أو مع ارتفاع بعض ما هو محتمل المدخلية كما هو واضح (قوله) ولا يعلم أنّ المناط الحقيقي إلخ لما عرفت في الحاشية السّابقة من عدم الملازمة بين وجود موضوع الحكم الشّرعي وعلته التّامة بخلاف الأحكام العقليّة(قوله) فإن قلت إلخ هذا اعتراض على قوله بخلاف الأحكام الشرعية إلخ وتقرير السّؤال أن نتيجة القضيتين أعني ما تقرّر من كون أحكام الشّرع ناشئة من المصالح والمفاسد الواقعية ومن التّلازم بين حكم العقل والشّرع أنه إذا حصل القطع بحكم الشّارع في مورد فلا بد أن يكون ذلك ناشئا من حسن أو قبح وأنّ العقل إذا فرض اطلاعه على جهة الحكم الّتي حكم الشّارع من جهتها فلا بد أن يحكم العقل أيضا على سبيل القطع على طبق حكم الشّرع وبالجملة إنّه لا بدّ أن يكون مناط حكم الشّرع هو مناط حكم العقل أيضا وهو إن اطلع عليه وعلم به تفصيلا كما في موارد المستقلاّت العقلية فهو وإلا فالعقل يقطع إجمالا بوجود المناط الواقعي في مورد حكم الشّرع لامتناع تخلف المعلول عن علّته فإذا فرض الشكّ في بقاء حكم الشّرع في الزّمان الثّاني في الموارد الّتي لا يستقل بها العقل فلا بدّ أن يكون هذا الشّك ناشئا من الشك في بقاء المناط الواقعي المعلوم إجمالا لامتناع الشكّ في بقاء الحكم مع القطع ببقاء مناطه لامتناع تخلف العلّة عن معلولة ففي كل مورد يشك في بقاء الحكم الشّرعي التعبّدي لا بد أن يكون هذا الشكّ ناشئا من بقاء مناطه الّذي هو موضوع الحكم الّذي يقوم به في الواقع ومقتضاه عدم جواز استصحاب الأحكام الشّرعيّة كالعقلية لاشتراكهما في علة عدم الجريان وحاصل الجواب أن السّؤال إنما يتجه على القول باعتبار الاستصحاب من باب الظنّ لما عرفت أنّ الشكّ في بقاء الحكم الواقعي أو الظن به لا ينفك عن الشك في بقاء موضوعه الواقعي أو الظنّ به وأمّا إن قلنا باعتباره من باب التعبّد والأخبار فلا ريب في أنّ المدار في بقاء الموضوع حينئذ إنّما هو على بقاء ما جعل موضوعا للحكم في الأدلّة بحسب العرف وبقاء هذا الموضوع عرفا قد يكون مع الشك في بقائه وقد يكون مع الظنّ به وقد يكون مع الظنّ بخلافه كما أوضحناه عند شرح قوله نظرا إلى أن الأحكام العقلية كلّها مبنية إلى آخره وبالجملة إنّ موضوع الحكم العقلي هو علّته التّامة كما أوضحناه هنا وهناك وأمّا موضوع الحكم الواقعي الّذي لا يدور مدار العلم والجهل فهو كذلك أيضا وأمّا موضوع الأحكام الفعلية المتوجّهة إلى المكلّفين فهو المذكور في الأدلّة وهو أعمّ من موضوع الحكم الواقعي فقد يوافقه وقد يتخلّف عنه ولا يدور مدار العلم بالحكم ولا الظنّ به بل قد يقطع به مع الشكّ في حكمه كما أوضحناه هناك نعم لو بيّن الشّارع الحكم الواقعي وموضوعه الواقعي الذي قام به لم يصح الاستصحاب حينئذ مع الشكّ في بقاء موضوعه لعدم صدق بقاء الموضوع حينئذ(قوله) وممّا ذكرنا يظهر إلخ لا يخفى أنّ الحكم إمّا عقلي محض مثل وجوب الإطاعة وجواز العمل بالقطع مطلقا وبالظنّ عند الانسداد لعدم صحّة ورود حكم الشّارع عليها إلاّ من باب الإمضاء والإرشاد أو شرعي كذلك كالأحكام التعبّدية أو شرعيّ مستند إلى العقل كاستحباب الإحسان وحرمة الظّلم أو شرعي في مورد العقلي كعدم التكليف للصغير والمجنون بناء على شمول الأحكام لمثل ذلك أو عقلي محض بمعنى كون المكلّف معذورا عند العقل في الفعل أو الترك من دون أن يكون مأمورا بأحدهما عقلا أو شرعا كناسي السّورة في الصّلاة كما سنشير إليه ووجه الاستناد في الثالث واضح بناء على ما هو الحق من الملازمة بين العقل والشّرع في الموارد والقابلة لورود حكم الشّرع عليها وأمّا كون الرّابع من قبيل ما اجتمع فيه حكمهما من دون استناد حكم الشّرع فيه إلى حكم العقل فإنّه قد ثبت عقلا وشرعا عدم صحة تكليف غير المميّز ولكن موضوع حكم العقل فيه هو وصف عدم التمييز فإذا زال هذا الوصف وحصل التمييز لا يمنع العقل تكليفه وأمّا الشّرع فلم يظهر كون الموضوع فيه أيضا هو ذلك بل كما يحتمل ذلك كذا يحتمل أن يكون شيئا آخر أعمّ من ذلك بحيث يبقى مع حصول التمييز أيضا كعدم البلوغ بل هو كذلك في الصبيّ غير المميّز ولذا لا تتوجه إليه التكاليف قبل البلوغ وإن حصل له التمييز ومع عدم ثبوت ذلك لا ريب أنّه محتمل وإذا احتمل ذلك فعدم صحّة استصحاب عدم التكليف المستند إلى العقل إلى ما بعد البلوغ لا يستلزم عدم صحّة استصحاب عدمه المستند إلى الشّرع لأن الموضوع في حكم العقل هو عدم التمييز وقد زال بالفرض حين البلوغ بل قبله والموضوع الواقعي في حكم الشّرع غير معلوم والثابت في الأدلّة هو رفع القلم عن الصبي فإذا فرض كون تبدّل حالة الصّبا إلى خلافها في نظر أهل العرف من قبيل تبدّل حالات الموضوع لا نفسه ارتفع المانع من استصحاب حكم الشّرع وأمّا عدم جريانه في القسم الأوّل والثّالث بل الخامس أيضا يظهر ممّا قدمناه في الحاشية السّابقة وغيرها ثمّ إنّ الفرق بين القسم الأوّل والخامس أنّ العقل في أمثلة القسم الأوّل حاكم بالوجوب أو الجواز وإن كان من باب الإرشاد كما هو واضح بخلاف الثّاني لعدم دلالة العقل في ناسي السّورة في الصلاة على وجوب باقي الأجزاء ولا على وجوب الجميع من المنسيّ وغيره أمّا الأوّل فلفرض كون الناسي آتيا بما أتى به بعنوان كونه تمام المأمور به وأمّا الثّاني فلغفلته عن الجزء المنسي كما تقدّم في مسألة البراءة نعم غاية ما يدلّ عليه العقل حينئذ كونه معذورا في ترك الجزء المنسي لأجل نسيانه ومن هنا يظهر أنّ القول بالإجزاء في أمثال المقام من الأعذار العقلية كما نقله المصنف رحمه‌الله عن بعضهم كالمحقّق القمي من فضائح الأقوال وشنائع الآراء لفرض عدم الأمر هنا من قبل العقل أو الشّرع حتى يقتضي الإجزاء وأشنع منه الاستناد فيه إلى استصحاب عدم وجوب الصّلاة لأنّ موضوع حكم العقل فيه هو النسيان وقد فرض ارتفاعه قطعا بالالتفات ومن هنا يظهر أنا إن قلنا بصحّة الاستصحاب في الأحكام العقليّة مع الشكّ في الموضوع كما إذا حكم العقل بقبح الصّدق الضار وشك في إضرار الصّدق في مورد لا يصح القول به هنا للقطع بارتفاع الموضوع هنا كما عرفت (قوله) إذا كان العدم إلخ هذا قيد للعدمية وإنّما أتى به مع الاستغناء عنه بقوله المستندة إليها إشارة إلى كون حكم الشّرع في جميع موارد الأحكام العقلية الوجودية مستندا إلى حكم العقل بخلاف العدميّة منها إذ قد يكون حكم الشّرع فيها مستند إليه وقد لا يستند كما سنشير إلى توضيحه (قوله) وممّا ذكرنا ظهر أنّه لا وجه للاعتراض إلخ ظاهر دفع الاعتراض عن القوم بل صريحه هو عدم وجود مورد من الاستصحابات الوجودية

٤٤٥

ممّا كانت الحالة السّابقة فيه ثابتة بالعقل تكون القضية الشّرعيّة فيه غير مستندة إلى القضية العقليّة نظير ما ذكره في استصحاب النفي ولعلّ وجه الفرق كما قيل أنّ عدم توجّه التكليف إلى شخص لا بدّ وأن يكون لانتفاء مقدّمة من مقدّماته من العقل والعلم والقدرة والالتفات ونحوها ولا ريب أن انتفاء ذي المقدمة يستند إلى أوّل ما انتفت من المقدّمات لكون عدم كل مقدّمة علّة تامّة لعدم ذيها وإلاّ لم تكن مقدّمة للوجود بخلافه في طرف الوجود لتوقّف حصوله على حصول جميع المقدّمات الّتي لها مدخل في حصوله ولا ريب أنّ من مقدّمات صحّة التكليف ما هو عقلي ثابت بالعقل كما عرفت ومنها ما هو شرعيّ لا يدركه العقل ولذا لا يقبح العقل تكليف الغلام المراهق مع كمال شعوره وعقله مع عدم صحّة تكليفه شرعا ولا أقل من احتمال ذلك بمعنى تجويز العقل شرائط شرعيّة للتكليف لا يدركها هو وإذا حكم العقل بعدم صحّة التكليف في بعض الموارد لانتفاء بعض مقدّماته العقليّة وحكم الشّرع أيضا على طبقه فكما يحتمل أن يكون حكم الشّرع مستندا إلى انتفاء ما أدركه العقل انتفائه من المقدّمات حتى لا يصح انسحاب عدم التكليف إلى حالة تحقق هذه المقدّمة المفقودة كذا يحتمل أن يكون مستندا إلى انتفاء بعض المقدّمات الشّرعيّة الّتي لا يدركها العقل بأن كان انتفاء هذه المقدّمة سابقا على انتفاء المقدّمة العقلية الّتي أدرك العقل انتفاءها لما عرفت من أنّ السّابق من المقدّمات المفقودة هي العلّة التّامّة لانتفاء التكليف وحينئذ يصحّ استصحاب عدم التكليف مع تغير القضية العقلية بخلافه في طرف الوجود لأن حكم العقل بشيء موقوف على إدراكه وجود جميع المقدمات الّتي لها مدخل في الوجود وإذا حكم الشّرع على طبقه فإن كان حكم الشّرع أيضا مستندا إلى ما كان حكم العقل مستندا إليه لم يصح الاستصحاب كما عرفته في الحاشية السّابقة وإن كان مستندا إلى غيره فإن كان كل ممّا استند إليه العقل والشّرع علّة لوجود الحكم لزم اجتماع علتين على معلول واحد وإن كان أحدهما علة دون الآخر لزم إمّا خطأ العقل أو الشرع وكلاهما خلاف المفروض فلا بد أن يكون مستند حكم الشّرع هو مستند حكم العقل لا محالة وربّما يورد عليه بأن علل الوجود أيضا كعلل العدم قد تتعدّد وغاية الأمر عدم تأثير اللاّحق منها مع سبق إحداها نظير ما عرفته في علل العدم كما إذا قال إن جاءك زيد فأكرمه وإن أضافك فأكرمه فإنّ كلّ واحد من المجيء والإضافة علّة لوجوب الإكرام فمع تحقّق أحدهما خاصّة يكون هي العلّة في الوجود ومع تحقّقهما فالسّابق منهما ومع اقترانهما يشتركان في العلية لا بمعنى استقلال كلّ منهما فيها لامتناع اجتماع علتين على معلول واحد بل بمعنى اشتراكهما في التأثير في الوجود وحينئذ نقول إنّ العقل والشّرع إذا حكما بوجوب فعل أو حرمته مع عدم العلم بمناط حكم الشّرع يحتمل أن يكون مناط حكم الشّرع مضافا إلى مناط حكم العقل شيئا آخر لا يرتفع بارتفاع مناط حكم العقل بحيث يستقل لإثبات الحكم مع ارتفاع مناط حكم العقل وإن اشتركا في التأثير مع وجودهما كما إذا فرض حكم العقل بقبح شرب الخمر بعنوان كونه مسكرا وكان مناط حكم الشّرع بحرمته في الواقع مضافا إلى مناط حكم العقل شيئا آخر كالإضرار فإذا ارتفع مناط حكم العقل صحّ استصحاب حكم الشرع لا محالة ثم إن المعترض هو صاحب الفصول حيث قال المراد باستصحاب حال العقل كل حكم ثبت بالعقل سواء كان تكليفيّا كالبراءة حال الصّغر وإباحة الأشياء الخالية عن أمارة المفسدة قبل الشّرع وكتحريم التّصرف في مال الغير ووجوب ردّ الوديعة إذا عرض هناك ما يحتمل زواله كالاضطرار والخوف في المثالين الأخيرين أو كان وضعيّا سواء تعلق الاستصحاب بإثباته كشرطية العلم لثبوت التكليف إذا عرض ما يوجب الشكّ في بقائها مطلقا أو في خصوص مورد أو بنفيه كعدم الزّوجية وعدم الملكية الثابتين قبل تحقق موضوعهما وتخصيص جمع من الأصوليين لهذا القسم بالمثال الأوّل ممّا لا وجه له انتهى ووجه اندفاع الاعتراض أمّا أولا فبما أشار إليه المصنف رحمه‌الله وحاصله أن مراد القوم بتخصيص استصحاب حال العقل باستصحاب النّفي والبراءة ليس من جهة التفصيل في استصحاب الأحكام العقلية بتسليمه في استصحاب النفي ومنعه في استصحاب الوجود كيف وقد عرفت عدم جريانه في استصحاب الأحكام الشّرعية المستندة إلى العقلية مطلقا سواء كانت وجودية أم عدمية بل مرادهم التفصيل في موارد اجتماع الحكم العقلي والشّرعي من دون استناد الثاني إلى الأوّل كما عرفته في الحواشي السّابقة بين الوجودي والعدمي بدعوى عدم تحقق ذلك في الوجودي كما عرفته في الحاشية السّابقة وأمّا ما ذكره من الأمثلة ما عدا مثال أصالة البراءة والإباحة فغير منافية لذلك لعدم جريان الاستصحاب في بعضها وعدم مدخلية بعض آخر فيما نحن فيه أمّا مثال حرمة التّصرف في مال الغير ووجوب ردّ الوديعة مع عروض ما يشكّ معه في بقائهما كالاضطرار والخوف ففيه أنّ حكم العقل بحرمة التّصرف ووجوب الردّ إن كان مطلقا ولو مع فرض الخوف والاضطرار فلا معنى لفرض الشكّ في البقاء حينئذ ودعوى جريان الاستصحاب فيهما لفرض بقاء حكم العقل حينئذ في الزّمان الثّاني كالأوّل وإن كان مختصّا بموارد عدم الخوف والاضطرار بأن كان موضوع حكم العقل مقيّدا بعدمهما فلا معنى للاستصحاب حينئذ أيضا لفرض اختصاص موضوع حكم العقل بصورة عدم الخوف والضّرر وإن كان موضوعه مهملا من حيث التقييد بعدمهما فقد تقدّم سابقا عدم إمكان فرض الإهمال والإجمال في موضوع الحكم العقلي ومنه يظهر الحال في مثال شرطيّة العلم إذا عرض ما يوجب الشكّ في شرطيته كما إذا صار المكلّف سببا في انسداد باب العلم لأنّ العقل إن كان حاكما بشرطيّة العلم مطلقا سواء كان تفصيليّا أم إجماليّا وسواء تسبب المكلّف للانسداد أم لا فلا وجه للاستصحاب وإن كان حاكما بشرطيته مع كونه تفصيليّا مع عدم تسبب المكلّف للانسداد فكذلك أيضا وإن كان موضوع حكمه مهملا فقد عرفت عدم تعقله وأمّا مثال عدم الزّوجيّة والملكيّة فلا دخل له في حكم العقل لكونهما من قبيل الموضوعات الخارجة الّتي لا دخل لها في الأحكام العقليّة لأنّ عدمهما عند عدم موضوعهما ثابت بالوجدان دون العقل وقد تعرّض المصنف رحمه‌الله لكلام المعترض في التّنبيه الثّالث ولحال الأمثلة الّتي ذكرها فانتظره وأمّا ثانيا مع تسليم صحّة استصحاب الأحكام العقلية فكان تفسير القوم لاستصحاب حال العقل بالبراءة الأصليّة في مقابل استصحاب حال الشّرع إنّما هو من جهة أنّ الثّابت بالبراءة الأصليّة هو نفي الحكم الشّرعي وهو ليس من الأحكام الشّرعيّة ففسّروا استصحاب حال العقل بها لأجل إدراج استصحابات الوجودية العقلية في استصحاب حال الشّرع لكون العقل من أدلّة الشّرع (قوله) إنّ دليل المستصحب إمّا أن يدلّ إلخ المراد بالرّافع ما كان له تأثير في رفع الحكم الثّابت بحيث لولاه كان مستمرّا كالحدث الرّافع للطّهارة والطّلاق لعلاقة الزّوجيّة وبالغاية ما كان كاشفا عن انتهاء استعداد الحكم السّابق وانقضائه بحيث لولاه لم يكن ثابتا كاللّيل الّذي جعل غاية لوجوب صوم النهار فإن النّهار ينتهي بوصول آخره ودخول

٤٤٦

الليل يكشف عن انتهائه وسنشير إلى الفرق بين الرّافع والمانع وقد أشرنا أيضا في أوّل هذا الأمر إلى أقسام الشكّ في الرّافع ويظهر منه أقسام الشكّ في الغاية أيضا فراجع (قوله) وتخيل بعضهم إلخ قد تقدّم ذلك عن محمّد بن علي بن أحمد الحرفوشي في شرح قواعد الشهيد وسيحكيه المصنف رحمه‌الله أيضا عن الفاضل الجواد في شرح الزّبدة(قوله) من بعض استدلال المثبتين إلخ مثل أنّ المقتضي للحكم الأوّل موجود والعارض لا يصلح أن يكون دافعا واستدلال النافين مثل قولهم إنّ الاستصحاب لو كان حجّة لكانت بيّنة النفي أولى لاعتضادها بالاستصحاب بناء على كون الشّكّ في ارتفاع الأعدام من قبيل الشكّ في الرّافع نظرا إلى استغنائها في البقاء عن المؤثر ولعلّه سيجيء الكلام في ذلك (قوله) ليس رجوعا عمّا ذكره أولا إلخ فيه اعتراض على صاحب المعالم والفاضل الجواد لأنّ المحقق بعد اختياره في أوّل كلامه قول المفيد رحمه‌الله أعني القول باعتبار الاستصحاب مطلقا قد خصّ الحجّة منه في آخر كلامه بما كان الشكّ فيه في وجود الرّافع وقال فإن كان الخصم يعني بالاستصحاب ما أشرنا إليه فليس هذا عملا بغير دليل وإن كان يعني أمر وراء هذا فنحن مضربون عنه انتهى قال صاحب المعالم والفاضل الجواد بأن ما ذكره المحقّق أخيرا راجع إلى قول السّيّد المرتضى المنكر للاستصحاب وسيشير المصنف رحمه‌الله إلى كلامهم عند التعرّض لبيان مختاره (قوله) والظاهر دخول القسمين في محلّ النّزاع إلخ بمعنى عدم اختصاصه بالقسم الثّاني لأنّ المثالين المذكورين في كلام المنكرين من قبيل الشّبهة في الموضوع وكذا الاستدلال المذكور إنّما يتم فيها دون الشبهات الحكمية(قوله) إنا نستصحب كل أمر من الأمور الشّرعيّة إلخ يعني استصحاب أمر شرعي أو ما يترتب عليه أمر شرعيّ كاستصحاب اللّيل والنهار ففي العبارة نوع مسامحة(قوله) الشك من حيث إلخ مع كون منشإ الشبهة اشتباه الأمور الخارجة(قوله) حكم لخطاب شرعي إلخ كالنجاسة في الماء في حال تغيره فتستصحب إلى حال زواله وكلامه هذا صريح في اختصاص النّزاع بالشبهات الحكميّة(قوله) في غير صورة الظنّ بالخلاف إلخ أمّا صورة الشكّ بمعنى تساوي الطرفين فلأن الشكّ في البقاء مع قطع النّظر عن الحالة السّابقة المتيقنة لا ينافي حصول الظنّ به مع ملاحظتها بخلاف الظنّ بالخلاف كما يشهد بكلا الأمرين قول شارح المختصر إنّ الحكم الفلاني قد كان ولم يظنّ عدمه وكلّما كان كذلك فهو مظنون البقاء لأنّ قوله ولم يظنّ عدمه يعمّ تساوي الطّرفين والظنّ بالبقاء دون الظنّ بالخلاف (قوله) الثّالث من حيث إنّ الشك إلخ لا يخفى أن الشكّ في الغاية على أقسامه على هذا الوجه الثّالث خارج من محلّ النّزاع بناء على خروج الشكّ في المقتضي منه بمعنى عدم خلافهم في عدم حجّية الاستصحاب فيه لكونه من قبيله وكذا على الوجه الثّالث من وجوه التقسيم الثاني خارج من محلّ النّزاع لكنه مبني على عدم خلافهم في حجّية الاستصحاب عند الشكّ في الغاية وكذا الرّافع على ما تقدّم هناك لأنّ مبنى التّقسيم هناك على دلالة الدّليل على استمرار الحكم وعدمها مع قطع النّظر عن كون الشكّ في بقائه من قبيل الشك في الرّافع أو المقتضي وهنا على كون الشكّ من أحد القبيلين مع قطع النّظر عن دلالة الدّليل على الاستمرار وعدمها فتدبّر(قوله) وخيار الغبن إلخ الوجه في كونه من قبيل الشكّ في المقتضي أنّ تشريع خيار الغبن إنّما هو لدفع ضرر المغبون ولكن لم يعلم كون ذلك حكمة فيه ليبقى إلى ما بعد الزمان الأوّل من علم المغبون بالغبن أو علّة له لينتفي فيه (قوله) هذا على أقسام إلخ تقدّمت إليها الإشارة في أوّل هذا الأمر ثمّ إنّ الفرق بين الرّافع والمانع بعد اشتراكهما في كونهما جزءا من العلّة التّامّة أنّ الأوّل يلاحظ بالنّسبة إلى الوجود الثّانوي بمعنى تأثيره في المنع من الوجود في الزّمان الثّاني والثاني يلاحظ بالنسبة إلى الوجود الأولي لأنّ الرّفع إنّما يطلق بعد تحقّق الوجود والمانع يطلق على ما زاحم الحدوث أو على الأعم من ذلك ولكن المراد بهما في مورد الاستصحاب هو معنى الرّفع كما لا يخفى (قوله) يوهم الخلاف (١٢) يعني خلاف ما ذكرناه لإيهامه خروج الشكّ في المقتضي من محلّ النّزاع بمعنى اتفاقهم على عدم الحجّية فيه (قوله) لكان بينة النافي حجّة إلخ هذا بناء على ما أشرنا إليه سابقا من كون الشكّ في ارتفاع العدم من قبيل الشكّ في الرّافع (قوله) الأوّل إلخ عزاه الشهيد الثاني إلى أكثر المحقّقين بل لعلّه المشهور عند الفقهاء يظهر بالتتبع في الفقه وهو المختار(قوله) الثّاني إلخ نسبه التّوني إلى المشهور ولكنه كما قيل عدل عن هذه الدّعوى بعد صفحتين ونسب الأوّل إليهم نعم ذهب إليه السّيّدان وصاحبا المدارك والمعالم وفهمه الأخير من المحقّق كما نبه عليه المصنف رحمه‌الله سابقا والشيخ إن قلنا بكون الوقف قولا بالمنع لأنّه بعد أن نقل فيه قولين للعامة ونقل أحدهما عن شيخه ابن عبد الله والآخر عن المرتضى قال ولي فيه نظر(قوله) الثّالث إلخ نسبه شارح الشّرح كما تقدّم سابقا إلى الحنفيّة(قوله) الرّابع إلخ حكاه الخونساري عن بعضهم وقد أنكر المصنف رحمه‌الله عند التعرّض لأدلّة الأقوال وجود قائل بهذا التّفصيل (قوله) الخامس إلخ اختاره الأخباريون (قوله) السّادس إلخ حكاه المصنف رحمه‌الله سابقا عن المحقق الخونساري في حاشية له على كلام الشّهيد وفيه نظر لأنّ المستفاد منها التفصيل بين الأمور الخارجة وغيرها سواء كان حكما جزئيّا أم كليّا بالقول باعتباره في الثّاني دون الأوّل كما صرّح به عند التعرض لأدلّة الأقوال (قوله) السّابع إلخ حكاه المصنف رحمه‌الله عن الفاضل التّوني وحكي أيضا عن الغزالي وفقه المعالم وحكى في الفصول قولا بالتفضيل بين الوضعي والطلبي ولعله أراد به قول الفاضل المذكور كما يظهر من استدلاله عليه ولكن تعبير المصنف بالتفصيل بين الوضعي بالمعنى الذي ذكره وغيره أولى إذ على ما ذكره تكون الإباحة واسطة بينهما ولكنّ الظاهر أن مراده بالطلبي ما يشملها أيضا(قوله) الثّامن إلخ حكاه جماعة عن الغزالي وسيشير المصنف رحمه‌الله عند نقل أدلّة الأقوال إلى ضعف النسبة وقد أشرنا سابقا أيضا إلى أنّ الظّاهر أن مرادهم باستصحاب حال الإجماع هو استصحاب حال الشرع سواء كان المستصحب ثابتا بالإجماع أم بغيره من الأدلّة الشرعيّة(قوله) التّاسع إلخ اختاره المصنف رحمه‌الله وصاحب الفصول في الجملة كما سنشير إليه عند بيان أدلّة الأقوال (قوله) بوجود الغاية إلخ دون الأقسام الأربعة الأخر للرّافعيّة كما ذكره المصنف رحمه‌الله آنفا فلا يعتبر فيها أيضا على هذا القول بخلافه على القول التّاسع فإنّه بناء عليه يعتبر في جميع الأقسام الخمسة(قوله) زيادة الشكّ في إلخ يعني زيادة الشكّ في المصداق على الشكّ في الوجود فيعتبر على هذا القول في قسمين من الأقسام الخمسة للرّافع (قوله) لزادت الأقوال إلخ قيل تبلغ الأقوال في المسألة نيفا وخمسين ونعم ما صنع المصنف رحمه‌الله من ترك التعرّض لها لعدم ترتب كثير فائدة عليه بل لا يترتب على إطالة الكلام في أمثال المقام إلا تضييع المداد والقرطاس (قوله) وهو الّذي اختاره المحقق إلخ لا يخفى أن في استفادة القول التاسع ممّا نقله المصنف رحمه‌الله عن المعارج إشكالا قد اعترف به عند نقل أدلّة الأقوال ونستوفي الكلام فيما يتعلق بالمقام هناك فانتظره (قوله) فإنّ المحكي عنه في المعارج إلخ الظرف الثاني مستقر خال من الموصول وليس بمتعلق

٤٤٧

بالحكاية وإلاّ لا يستقيم المعنى (قوله) لا إلى دوامه إلخ حتّى يقال إنّ الدّوام غير ثابت لفرض حصول الشكّ فيه (قوله) ظهور كلمات جماعة إلخ لا يخفى أنّ التمسّك بالإجماعات المنقولة في المسائل الأصولية سيّما مع تشتت الأقوال في محلّ النّزاع ولا سيّما مع وهن الصّريح منها في دعوى الإجماع أو الاتفاق بوجود المخالف والظاهر منها بابتنائه على الاجتهاد في كلام مدعيه كما ترى في غاية من الضعف أمّا الأوّلان فواضحان وأمّا الثالث فلاعتراف المصنف رحمه‌الله به كما تقدّم عند بيان الأقوال وأمّا الرّابع فإن تصريح صاحب المعالم والفاضل الجواد بخروج ما ذكره المحقق من محلّ النّزاع لعلّه مبني على فهمهما من كلام المحقق اعتبار الاستصحاب فيما كان دليل المستصحب عاما للحالة الثانية كما يرشد إليه قوله أن ننظر في دليل ذلك الحكم إلى آخره لا اعتباره فيما كان الشكّ في الرّافع دون المقتضي كما هو مدعى المصنف رحمه‌الله ولا ريب في خروج الأوّل من محلّ النّزاع باعتراف من المصنف ره في غير المقام لكون مرجعه إلى العمل بأصالة عموم العام وإطلاق المطلق ما لم يثبت المخصص والمقيّد وسنشير إلى تتمّة الكلام في ذلك عند شرح قول المحقق رحمه‌الله مضافا إلى ما أشار إليه المصنف رحمه الله من منع الشهادة ثمّ إنّه مع تسليم ذلك كلّه إنّ دعوى ظهور كلمات الجماعة مع صراحة كلام صاحب غاية المبادي في دعوى الإجماع وكلام العلاّمة في دعوى الاتفاق غير مجدية في المقام لعدم صراحة كلمات المجمعين في كون ما أجمعوا عليه من وجوب الحكم بالبقاء من جهة الاستصحاب أعني الاتكال في إثبات الوجود الثاني على مجرّد الوجود الأوّل لاحتمال كونه من جهة قاعدة إحراز المقتضي والشكّ في المانع (قوله) إنا تتبعنا موارد الشكّ إلخ كما في باب الطهارة والنجاسة والأنكحة والأملاك وغيرها مثل الحكم بالطّهارة عند الشكّ في الحدث وبالعكس وبطهارة الثوب ونحوه عند الشكّ في طرء النجاسة وبالعكس وبناء الشّاهد على ما شهد به متى لم يعلم رافعه له الحكم ببقاء الزّوجية ما لم يعلم مزيلها وببقاء الملك ما لم يعلم النّاقل إلى غير ذلك ممّا لا يحصى ومنه تقديم بينة المنكر لاعتضادها بالأصل والظن يلحق المشكوك فيه بالأعم الأغلب ويرد عليه أوّلا أنه إن أراد به الاستقراء التام المفيد للقطع فهو ممنوع وإن أراد به الاستقراء النّاقص فهو غير مجد لعدم الدّليل على اعتباره وثانيا أنّه يعتبر في الاستقراء كون المشكوك فيه من سنخ الأفراد المستقرإ فيها وما ذكر من الأمثلة من قبيل الشبهة الموضوعيّة والمقصود إثبات اعتبار الاستصحاب في الأحكام الكلّية ولم يوجد مورد من الأحكام الكلّية قد اعتبر الشّارع الاستصحاب فيه بأن كان ذلك ثابتا بالإجماع سوى استصحاب عدم النسخ مع أنه لم يثبت كون إجماعهم على وجوب البناء على عدم النسخ فيما احتمل فيه ذلك لأجل الاستصحاب لاحتمال كونه لأجل قواعد أخر كما نبهنا عليه عند بيان فساد توهّم من زعم خروج الاستصحابات العدميّة من محلّ النّزاع وثالثا أن ما دعاه من عدم وجدان مورد في أبواب الفقه من موارد الشك في الرّافع إلاّ وقد حكم الشّارع فيه بالبقاء منقوض بوجوب البناء على الأكثر عند الشكّ في عدد ركعات الصّلاة إذ الأصل عدم الإتيان بالمشكوك فيه بناء على كون الشكّ في ارتفاع العدم من قبيل الشكّ في الرّافع كما نبهنا عليه غير مرّة ثمّ إنّه سيجيء الكلام في تتمّة ما يتعلق بالمقام وفي بيان الفرق بين الغلبة والاستقراء والقياس عند التعرض لأدلة القول بالحجّية مطلقا فانتظره (قوله) ليس لعدم اعتبار الحالة إلخ لأنّه إن لم تعتبر الحالة السّابقة أعني طهارة المخرج بعد غسله بعد البول أو خروج المني وطهارة الملاقي للخارج فلا شكّ في اعتبار قاعدة الطهارة حينئذ فحكم الشّارع بالنجاسة مع ذلك وحصول الحدث بخروج الخارج وارتفاع الطهارة يكشف عن ترجيح الشّارع للظاهر هنا على الأصل والقاعدة لا أنّ الأصل غير معتبر (قوله) منها صحيحة زرارة ولا يضرها الإضمار إلخ رواها الشّيخ في التهذيب عن المفيد عن أحمد بن محمّد بن الحسن عن أبيه عن محمّد بن الحسن الصّفار عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن أبان جميعا عن الحسين بن سعيد عن حمّاد عن حريز عن زرارة عنه عليه‌السلام أما صحّتها فإنّ العلاّمة في الخلاصة قد صحّ طريق الشيخ إلى الحسين بن سعيد وهو ثقة وكذا حماد بن عيسى وهو من أصحاب الإجماع وقال الشيخ محمّد بن صاحب المعالم في شرح التهذيب في نظير سند الرّواية وهي ما رواه الشيخ بسنده عن الحسين بن سعيد عن حماد عن عمر بن أذينة وحريز عن زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام قال لا تنقض الوضوء إلاّ ما خرج من طرفيك والنّوم أمّا حماد فهو ابن عيسى من غير ريب عند الوالد قدس‌سره واحتمال ابن عثمان في حيّز الإمكان انتهى ولا يخفى أن ابن عثمان أيضا ثقة من أصحاب الإجماع وأمّا حريز فمع كون الرّاوي عنه من أصحاب الإجماع قد وثقه الشيخ في الفهرست وإن روى فيه ما لم يثبت القدح به ولذا صحّح المصنف رحمه‌الله المضمرة تبعا لصاحب المعالم في منتقى الجمال بل حكى أنّه عدّها من الصحيح الأعلائي وصرّح أيضا في كتاب الانتخاب الجيّد وفي شرح التهذيب للمحقّق الشّيخ محمّد بصحة الرّواية الثّانية مع اتّحاد سندها مع سند المضمرة نعم ربّما يشكل ذلك بما ذكره الشيخ المذكور من أنّ الّذي يقتضيه الاعتبار بعد تتبع كثير من الأخبار في كتابي الشيخ التهذيب والإستبصار أنّه إذا روى عن الشيخ المفيد عن أحمد بن محمّد عن أبيه فهو أحمد بن محمّد بن الوليد وإذا روى عن الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن محمّد عن أبيه فهو أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار والرّجلان غير مذكورين بالتّوثيق بل الأوّل غير مذكور أصلا والثّاني مذكور بغير مدح ولا ذمّ وقد جزم الوالد قدس‌سره بعدّ حديثهما من الصّحيح لأنّهما من أجلاّء المشايخ ولعلّ عدم عدّهما من الرّجال الموثقين لأنّهما ليسا من المصنّفين والنّاقلين للأخبار وإنّما يذكران لمجرّد اتصال السّند انتهى لأن ما ذكره أخيرا في محلّ المنع لأنّ كون الرّجل من مشايخ الإجازة وإن دلّ على حسن حاله إلاّ أنّ دلالته على توثيقه لا يخلو من نظر وحينئذ يشكل عدّ الرّواية من الصّحاح إذ ليس الوجه فيه سوى ما عرفته من تصحيح العلاّمة سند الشيخ إلى الحسين بن سعيد مع وقوع أحمد بن محمّد بن الوليد فيه ونحوه ما حكى عنه في المختلف من حكمه بصحّة حديثه وقد أورد عليه بأنّ العلاّمة لم يقصر إطلاق الصحّة في الثقات كيف وقد حكي عن الشّهيد وصاحب المعالم التوقف في توثيقات العلاّمة وابن طاوس وكذا ولد صاحب المعالم في توثيقات العلاّمة وقيل لا يبعد موافقة غيرهم لهم نعم وثقه الشّهيد في الدّراية على ما حكاه عنه غير واحد ولعلّه يبنى على كونه من مشايخ الإجازة لما حكي عن الشّهيد من أنّ مشايخ الإجازة لا يحتاجون إلى التنصيص على تزكيتهم وعن الشيخ محمّد عادة المصنّفين عدم توثيق الشّيوخ وعن المعراج أنّ التزكية بهذه الجهة طريقة كثير من المتأخرين وعن العلاّمة البحراني مشايخ الإجازة في أعلا درجات الوثاقة فتأمل وحكي عن غير واحد أيضا التصريح بأن كون الرّاوي من مشايخ الإجازة من أسباب التوثيق وهو غير بعيد بل قوي بعد إحراز استقامة العقيدة بل قيل بأن ظاهر الشّيخية حسن العقيدة إلى أن يثبت الخلاف فتأمل وأمّا عدم كون تصحيح العلاّمة للسّند من أسباب التوثيق فهو إنّما يتم مع عدم إكثاره من تصحيح حديثه وإلاّ فلا يبعد ظهوره

٤٤٨

في التوثيق كما صرّح به بعضهم وعن المتوسّط أنه من المشايخ المعتبرين وقد صحّح العلاّمة كثيرا من الرّوايات وهو في الطريق بحيث لا يحتمل الغفلة ولم أر إلى الآن ولم أسمع من أحد يتأمّل في توثيقه انتهى وأمّا توقّف الجماعة في توثيق العلاّمة وابن طاوس فليس في محلّه كما صرّح به بعضهم لكونه شهادة عدل سيّما مع الاكتفاء بمطلق الظنّ في باب التوثيق هذا مع أن مجرّد توثيق الشّهيد كما عرفته كاف في المقام ولا يصغى إلى احتمال ابتنائه على كونه لأجل كونه من المشايخ على ما عرفت مع ما عرفت من كفاية ذلك أيضا مضافا إلى ما عرفته من صاحب المعالم وغيره من الحكم بصحّة الرّواية وأمّا عدم إضرار إضمارها فمن وجوه أحدها أنّ الإضمار من مثل زرارة في حكم الإظهار لغاية بعد أن يروي مثله عن غير الإمام عليه‌السلام وثانيها أنّ الرّواية وإن كانت مضمرة في التهذيب إلاّ أنّها مستندة إلى الباقر عليه‌السلام في الوافية والفوائد المدنية للأمين الأسترآبادي وثالثها ما أشار إليه في المنتقى على ما حكاه عنه في الوسائل قال يتفق في بعض الأحاديث عدم التصريح باسم الإمام الّذي يروى الحديث عنه بل يشار إليه بالضمير وظنّ جمع من الأصحاب أن مثله قطع ينافي الصّحة وليس ذلك على إطلاقه بصحيح لأنّ القرائن في تلك المواضع تشهد بعود الضمير إلى المعصوم عليه‌السلام بنحو من التوجيه الّذي ذكرناه في إطلاق الأسماء وحاصله أن كثيرا من رواة حديثنا ومصنفي كتبه كانوا يروون عن الأئمّة عليهم‌السلام مشافهة ويوردون ما يروونه في كتبهم جملة وإن كانت الأحكام الّتي في الرّوايات مختلفة فيقول في أوّل الكتاب سألت فلانا ويسمّي الإمام الّذي يروي عنه ثمّ يكتفي في الباقي بالضمير فيقول وسألته أو نحو هذا إلى منتهى الأخبار الّتي رواها عنه ولا ريب أنّ رعاية البلاغة يقتضي ذلك فإن إعادة الاسم الظّاهر في جميع تلك المواضع تنافيها في الغالب قطعا ولما أن نقلت تلك الأخبار إلى كتاب آخر صار لها ما صار في إطلاق الأسماء بعينه فلم يبق للضمير مرجع لكن الممارسة تطلع على أنّه لا فرق في التّعبير بين الظاهر والضّمير انتهى وذكر في إطلاق الأسماء المشتركة في الأسانيد نحو ذلك (قوله) وتقرير الاستدلال إلخ لا يخفى أن الشبهة العارضة للرّاوي الّتي أوجب السّؤال عن بقاء الوضوء مع الخفقة والخفقتين يحتمل وجوها أحدها أن تكون الشبهة في مانعية العارض من جهة الشبهة في مفهوم المانع بأن يعلم بكون النوم ناقضا للطهارة ويشكّ في اندراج الخفقة والخفقتين في مفهومه فتكون الشبهة في نقضهما للطّهارة للشبهة في اندراجهما تحت ما علم نقضها به فتكون الشبهة حينئذ موضوعيّة من حيث بقاء الطّهارة وعدمه وتكون هذه الشبهة ناشئة من الشّبهة في الموضوع المستنبط وثانيها أن تكون الشبهة في مانعية العارض بأن يعلم بعدم كون الخفقة والخفقتين من أفراد النّوم ويقع الشكّ في نقضهما للطّهارة كالنّوم وعدمه فتكون الشبهة حينئذ حكميّة من حيث الشكّ في ناقضية العارض شرعا وثالثها أن تكون الشبهة في تحقّق مصداق النّوم عند حصولهما مع القطع بخروجهما من مفهومه بأن يشك في كون الحالة العارضة للنّفس في حال ميل الرّأس تارة بعد أخرى حالة نعاس أو نوم مع العلم بكون مفهوم الخفقة هي الحالة العارضة بسبب النّعاس ولكن ظاهر الرواية بملاحظة سياقها هو الأوّل ولا دلالة لهذه الفقرة على اعتبار الاستصحاب على الوجهين الأوّلين لأنّ الإمام عليه‌السلام قد بيّن أنّ الخفقة والخفقتين ليستا من أفراد النّوم وأنّ النّوم نوم الثّلاثة جميعا فعلى الوجهين قد بيّن حكمهما الواقعي من عدم كونهما ناقضتين للطهارة وعدم كونهما من أفراد النّوم بل على الوجه الثّالث أيضا لأنّ غايته الحكم ببقاء الطّهارة مع الشك في عروض النّاقض لا اعتبار الاستصحاب مطلقا نعم يدل على اعتباره في الأمور الخارجة أيضا كما أشار إليه المحقق القمي رحمه‌الله قائلا ثمّ إنّك إذا تأملت في فقه الحديث تعلم أن نظر الإمام عليه‌السلام إلى نفي تحقق النّوم في الخارج ليس أقل من نظره إلى إثبات الطهارة وتوجّهه إلى بيان ما به يتحقق النّوم وغلبته باستيلائه على القلب والأذن دون العين فقط يفيد أنّه اعتبر اليقين في الأمور الخارجيّة أيضا وإن كان من أسباب الأمور الشّرعيّة فلا وجه بتخصيص دلالة الحديث باستصحاب الأحكام الشرعيّة دون الخارجيّة لأن ذلك إنّما هو من شأنهم ومن قبيل حصول النّوم في الخارج حصول الجفاف للرطوبة وأمثال ذلك ممّا يتعلق بها الأحكام الشّرعيّة انتهى ولكن يرد عليه أولا أن حمل الصحيحة على الوجه الثّالث خلاف الظّاهر كما عرفت وثانيا أنّ غاية ما تدلّ عليه هذه الفقرة اعتبار الاستصحاب في باب الوضوء إذا كانت الشبهة في الموضوع نظير سائر الأخبار الخاصّة الآتية الواردة في الموارد الخاصّة فلا تدل على اعتباره في مطلق الأمور الخارجة وقوله فإن حرّك إلى جنبه إلى آخره الظّاهر أنّ الشبهة العارضة هنا إنّما هي في تحقّق وجود المانع لأنّه لما علم من كلامه عليه‌السلام السّابق أن النّوم عبارة عن نوم الثلاثة فأراد أن يسأله هنا عمّا اشتبه عليه فيه نوم الثلاثة وأنّه هل يصحّ تشخيص ذلك بالأمارات الظنيّة مثل عدم علمه بما يحرّك إلى جنبه فأجاب باعتبار اليقين بتحقق النّوم الّذي هو عبارة عن نوم الأذن والعين والقلب ويرشد إليه قوله فإن حرّك وقوله حتى يستيقن أنّه نام حتّى يجيء من ذلك أمر بيّن لظهورهما في كون الشكّ في وجود المانع لا في كون الأمر الموجود من مصاديق المانع المعلوم المانعيّة بأن يشكّ في كون الحالة العارضة وهي حالة عدم إحساسه لما يحرك إلى جنبه من مصاديق النّوم مع أنّ المعيار في الشبهة المصداقية صحّة حمل العنوان الكلّي الّذي يشك في مصداقه على الموضوع المشتبه على تقدير كونه من أفراده في الواقع وهنا ليس كذلك إذ لا ريب في عدم كون حالة عدم الإحساس من أفراد النّوم نعم هي من الأمارات الكاشفة عنه ظنا ومن هنا تظهر صراحة الصحيحة في اعتبار الاستصحاب مطلقا حتّى مع الظنّ بخلاف الحالة السّابقة وممّا ذكرناه قد ظهر فساد ما اعترض به في الضوابط على السبزواري وتبعه صاحب الفصول لأنه بعد ذكر وجه الاستدلال بالصحيحة تارة بكلية الكبرى وأخرى بالعلة المنصوصة على ما ستقف عليه قال والعجب من صاحب الذخيرة حيث نفي حجيّة الاستصحاب فيما شكّ في مانعية شيء كالمذي للوضوء أو شك في كون شيء فردا من المانع المعلوم المانعيّة كالخفقة والخفقتين إذا شككنا في صدق النّوم عليهما مع أنّ مورد الرّواية إمّا القسم الأوّل أو الأخير ولا يخلو عن هذين القسمين الّذين منعهما هذا المحقق والحاصل أنّ الرّواية مثبتة في الجملة لحجية الاستصحاب انتهى لأنّه إن أراد بمورد الرّواية مورد الفقرة الأولى منها أعني قوله أتوجب الخفقة والخفقتان كما هو ظاهر تمثيله أيضا ففيه منع انحصار موردها في القسمين الذين ذكرهما أوّلا ومنع دلالة هذه الفقرة على تقدير تسليم الانحصار على اعتبار الاستصحاب ثانيا كما تقدّم وإن أراد به مورد الفقرة الثّانية أعني قوله وإن حرّك إلى جنبه إلى آخره ففيه أنّك قد عرفت أنّ موردها صورة الشكّ في تحقّق المانع وستعرف في محلّه أنّ المحقق السّبزواري لا ينكر اعتبار الاستصحاب فيها بل يخصّ مورد اعتباره بها نعم يرد عليه أنّ المحقّق المذكور كما سيجيء في محلّه قد قسّم الاستصحاب باعتبار الشكّ المأخوذ فيه إلى ما كان الشكّ فيه في وجود الرّافع وإلى

٤٤٩

ما كان الشكّ فيه في واقعيّة الشّيء من جهة إجمال ذلك الشيء وما كان الشكّ فيه في كون الشيء مصداقا للرّافع المبيّن مفهوما وما كان الشكّ فيه في كون الشيء رافعا مستقلا ولم يعتبر الاستصحاب فيما عدا القسم الأوّل استنادا إلى كون الباء في قوله لا ينقض اليقين بالشك للسّببيّة فيفيد حرمة النقض بسبب الشكّ وقال وذلك إنّما يعقل في القسم الأوّل من الأقسام الأربعة دون غيره ثم بيّن ذلك بما حاصله أنّ الشيء إنّما يستند إلى العلّة التّامّة أو الجزء الأخير منها واستناد نقض اليقين في الأقسام الثلاثة الأخيرة ليس إلى الشك بل إلى اليقين بوجود ما شكّ في كونه رافعا أو إلى اليقين بوجود ما يشكّ في استمرار الحكم معه فهو في الحقيقة نقض يقين بيقين آخر مثله لا بالشك لكون الشكّ في هذه الصّور حاصلا قبل حصول اليقين بوجود ما ذكر فلا يستند النقض إليه فلا تكون هذه الأقسام مشمولة للرّواية بخلاف القسم لأوّل لكون النقض فيه مستندا إلى نفس الشكّ وهذا كما ترى في غاية من الضّعف لأنّك قد عرفت أنّ الشبهة العارضة للسّائل في مورد الرّواية إنّما كانت ناشئة من عروض حالة يشكّ معها في تحقّق النّوم وهي حالة عدم إحساسه ما يحرك إلى جنبه ومع ذلك لم يعتبرها الإمام عليه‌السلام وحكم بعدم نقض اليقين بالشّكّ فيظهر منه أنّ العلم بوجود ما هو منشأ الشّكّ لا يعتنى به في نقض اليقين السّابق بل المعتبر نقضه بنفس الشكّ فاليقين بوجود ما شكّ في كونه رافعا أو بوجود ما شكّ في استمرار الحكم معه لا يصير قادحا في شمول الرّواية للأقسام الثّلاثة الأخيرة ودلالتها على حرمة نقض اليقين بالشكّ فيها لصراحة الرّواية في عدم الاعتناء بوجود ما هو منشأ للشكّ وبالجملة إنّه لا إشكال في دلالتها على اعتبار الاستصحاب في الأقسام الأربعة كما هو واضح (قوله) محذوف قامت العلّة إلخ أي وإن لم يجئ من جانبه أمر بيّن فهو على وضوئه فإنّه إلخ فأقيمت العلّة مقام الجزاء لعدم استقامة جعل قوله فإنّه على يقين من وضوئه جواب الشّرط لأنّ الجزاء لا بدّ أن يرتبط بشرطه بمعنى ترتبه على وجود الشّرط لكون الشّرط علّة له وهنا ليس كذلك لأنّ عدم مجيء أمر بيّن من جانبه ليس علّة لحصول اليقين بالوضوء اللهمّ إلاّ أن يجعل قوله فإنّه على يقين من وضوئه جملة خبريّة في معنى الإنشاء والمعنى فليأخذ بيقين من وضوئه وهو تكلف مستغنى عنه ومن أمثلة إقامة العلّة مقام الجزاء مضافا إلى ما أشار إليه المصنف رحمه‌الله قوله سبحانه (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ) وقوله عزوجل (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) وقوله تعالى (وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) وقوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) وقوله تعالى (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وقوله تعالى (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ) إلى غير ذلك ومع شيوع هذا الاستعمال يظهر ضعف تجشم تكلّف جعل العلّة في الصحيحة جزاء غاية الظّهور(قوله) وبعد إهمال تقييد إلخ لعدم مدخليّة المحلّ في العلّة فكما أنّ الطّبيب إذا قال للمريض لا تأكل الرّمان لحموضته فالعلّة هي نفس الحموضة من دون مدخليّة التقييد بالرّمّان كذلك التقييد بالوضوء فيما نحن فيه ثمّ إنّ الاستدلال كما صرّح به المصنف رحمه‌الله مبني على تحقيق كون اللام في اليقين والشكّ في قوله عليه‌السلام لا ينقض اليقين بالشك للجنس أو العهد فتقول إنّ لفظة لا في هذه الفقرة يحتمل النّفي والنّهي واللاّم في الموضعين ظاهر في الجنس فمن توجّه النّفي أو النّهي إلى الجنس يثبت العموم لكون الجنس المنفي مفيدا له بل هو أصرح من النّكرة المنفيّة مثل ليس في الدّار رجل لاحتمال كون المنفي فيه الوحدة المعنيّة في مقابل إثبات التثنية والجمع ولذا يصحّ في المثال بل رجلان أو رجال ولذا قالوا الجنس المنفي نص في العموم والنّكرة المنفيّة ظاهرة فيه والعموم كما عرفت مستفاد من توجّه النّفي إلى الطّبيعة لا من باب السّراية ولا دليل الحكمة حتّى يلتجأ في دفع الإشكال الوارد من جهة كون مقتضى نفي العام هو نفي العموم لا عموم النّفي كما أشار إليه المصنف رحمه‌الله إلى دعوى ورود هذا الكلام على خلاف القياس كما ارتكبه المحقّق القمي رحمه‌الله قال اليقين والشكّ في الحديث محمولان على العموم أمّا على ما اخترناه في محلّه من كون المفرد المحلّى باللاّم حقيقة في تعريف الجنس وجواز تعلّق الأحكام بالطبائع فواضح لعدم انفكاك الطبيعة عن الأفراد وأمّا على القول بالاشتراك أو عدم تعلّق الأحكام بالطّبائع فعدم القرينة على الفرد الخاص المعين واستلزام إرادة فرد ما الإغراء بالجهل يعيّن الحمل على الاستغراق ولا يرد عليه أنّه حينئذ من باب دفع الإيجاب الكلي لوقوعه في حيّز النفي لأنّه بعيد عن اللفظ وينفيه التّأكيد بقوله أبدا فيصير من باب إنّ الله لا يحبّ كل مختال فخور مع أنّ قوله لا ينقض اليقين أبدا بالشكّ في قوّة الكبرى الكلّية لإثبات المطلوب يعيّن ذلك أيضا وجعل الكبرى منزلة على إرادة يقين الوضوء بعيد لإشعار قوله فإنّه على يقين من وضوئه على ذلك فتكون الكبرى حينئذ بمنزلة التكرار انتهى وفيه مع ما عرفت أنّه على تقدير حمل اللاّم على الجنس واستفادة العموم من باب السّراية أو دليل الحكمة نمنع كونه من باب رفع الإيجاب الكلّي للفرق الواضح بين وقوع لفظ كلّ في حيز النفي ووقوع المفرد المعرف فيه لأنّ النفي كما صرّح به علماء البيان إنّما يتوجّه إلى القيد الزّائد في الكلام فإذا قلت ما رأيت زيدا راكبا فالنّفي إنّما يفيد عدم الرّؤية في حال الرّكوب لا أصل الرّؤية وكذا العموم المستفاد من لفظ كلّ في مثل قوله تعالى (وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) وقوله تعالى (وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) وقوله سبحانه (لا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ) لكونه قيدا زائدا في الكلام فالقياس أن يتوجه النّهي إليه فيفيد نفي العموم وهو لا ينافي ثبوت الحبّ في الجملة وجواز الإطاعة كذلك إلا أنهم قد حملوها على إرادة عموم النّهي لأجل وجود القرينة على ذلك فهو على خلاف القياس وخلاف ما يتفاهم منها عرفا بخلاف المفرد المعرّف باللاّم لأنه على القول بكونه حقيقة في الجنس ومجازا في الاستغراق إنّما يفيد تعريف الماهية والنفي الدّاخل عليه أيضا إنّما يفيد نفي الماهية المعينة من حيث هي لا من حيث تحققها في ضمن جميع أفرادها لأنّ العموم المستفاد من باب السّراية أو دليل الحكمة إنما استفيد من تعليق الحكم على الطّبيعة من باب الالتزام العقلي والنّفي إنّما يفيد سلب الحكم عن الطّبيعة من حيث هي لا باعتبار لازمها العقلي فالعموم حينئذ ليس قيدا زائدا في الكلام ليتوجّه النّفي إلى سلبه وكذا على القول بكون المفرد المعرّف حقيقة في الاستغراق لأنّ القائل به إنّما يقول بكون اللاّم موضوعة للإشارة إلى طبيعة مدخولها إلاّ أنّ الطبيعة تراد تارة من حيث هي وأخرى في ضمن فرد ما وثالثة في ضمن جميع الأفراد والموضوع له على كل تقدير هي الطبيعة فيكون مشتركا معنويّا بين هذه المعاني وحينئذ يكون العموم الاستغراقي من لوازم تحقق الطبيعة في ضمن جميع أفرادها لا معنى وضعيّا له بالخصوص فإذا وقع المفرد المعرف في حيز النّفي أو النّهي وأريد به نفي الطبيعة

٤٥٠

في ضمن جميع الأفراد فالنّفي إنّما يتوجه إلى الطبيعة التي وضعت اللاّم للإشارة إليها لا إلى ما هو لازم المراد كما يشهد به العرف لأنّ المفهوم من مثله عرفا عموم النّفي لا نفي العموم ولذا ترى أن التفتازاني مع قوله بكون المعرف باللاّم حقيقة في المعاني الثلاثة على نحو ما ذكرناه قد ارتضى ما حكاه عن صاحب الكشاف من حمل الجمع المعرف باللاّم الواقع في حيّز النّفي وغير الواقع فيه على العموم الأفرادي مثل قوله تعالى (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ) وقوله تعالى (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) وقوله سبحانه (رَبِّ الْعالَمِينَ) والمفرد المعرف أولى بذلك وأمّا على القول بكون المفرد المعرف باللاّم على هيئة التركيبيّة موضوعا للاستغراق والعهد الخارجي والذّهني على سبيل الاشتراك اللفظي فنفيه على تقدير إرادة الاستغراق منه وإن استلزم نفي العموم إلاّ أنّ هذا قول نادر بل لم أتحقق هذا قولا لأحد إلاّ ما يدعى من إشعار بعض العبارات به وبالجملة إنّه فرق بيّن بحسب متفاهم العرف بين وقوع لفظ كلّ في حيّز النّفي ووقوع المفرد المعرف وسلب العموم إنّما يستفاد من الأوّل دون الثّاني وما وقع في كلمات بعض النحاة من أنّ اللاّم المراد بها الاستغراق هي ما يصلح قيام لفظ كل مقامها مبنيّ على المسامحة تقريبا للأفهام كيف لا ولو حمل على حقيقته لزمت منه صحّة قيام الاسم مقام الحرف وهو بيّن الفساد لاختلاف معناهما وكيف كان فقد ظهرت ممّا ذكرناه صحّة ما ادعيناه من ظهور قوله عليه‌السلام لا ينقض اليقين بالشك في إفادة العموم من دون تمحل وتكلف مضافا إلى ما أشار إليه المحقّق القمي رحمه‌الله من التأييد كما عرفت وإلى ما أشار إليه المصنف رحمه‌الله من ظهور قرينة المقام والتّعليل أمّا الأوّل فإنّه لو حمل على إرادة نفي العموم صار المستفاد من قوله عليه‌السلام لا ينقض اليقين بالشكّ عدم جواز نقض بعض أفراد اليقين ببعض أفراد الشكّ وهو لإجماله وإبهامه غير مفيد للسّائل ومناف لمقام البيان وأمّا الثّاني فإنّ المستفاد من قوله فإنّه على يقين من وضوئه بعد إهمال تقييد اليقين بالوضوء أنّ العلّة هي نفس اليقين مطلقا لا في الجملة ولكنه ضعيف لما ستعرفه من أنّ العلّة هو اليقين المقيّد بالوضوء لا المجرّد عنه فالعلّة إنّما تقتضي العموم والتسرية في أفراد المقيد دون المطلق وهو لا ينافي حمل قوله لا ينقض اليقين بالشكّ على إرادة نفي العموم كما هو واضح وأمّا احتمال كون اللام في الموضعين أعني اليقين والشكّ للعهد الذّكري لسبق حكاية يقين الوضوء كما أشار إليه المصنف رحمه‌الله فستعرف ضعفه وإذا عرفت هذا نقول إن تقريب الاستدلال بوجهين أحدهما ما ذكره المصنف رحمه‌الله وغيره من أنّ قوله عليه‌السلام فإنّه على يقين من وضوئه بمنزلة صغرى وقوله عليه‌السلام ولا ينقض اليقين بالشكّ بمنزلة كبرى كلية وإذا أتيتهما على هيئة الشّكل الأوّل تقول إنّه على يقين من وضوئه وكلّ من كان كذلك فهو لا ينقض اليقين بالشكّ فينتج عدم جواز نقض اليقين بالوضوء بالشكّ وعلى تقدير إهمال قيد الوضوء كما صرّح به المصنف رحمه‌الله قلت إنّه كان على يقين فشكّ في بقاء متيقّنه وكلّ من كان كذلك لا ينقض يقينه بالشكّ وقد حكي عن المصنف رحمه‌الله التّصريح بعدم الحاجة في ترتيب القضيتين إلى اعتبار كون العلّة نفس اليقين وتماميّة البرهان مع أخذ قيد الوضوء في الصّغرى فإن قلت على تقديره لا بد من أخذه في الكبرى أيضا على نحو ما قدّمناه ليتكرر الحدّ الوسط وحينئذ يكون اللاّم في قوله لا ينقض اليقين بالشكّ للعهد فلا يفيد اعتبار الاستصحاب مطلقا ولذا قد التجأ في المتن إلى إلغاء قيد الوضوء في العلّة قلت إنّ الكبرى للصّغرى المذكورة أعني قولنا إنّه كان على يقين من وضوئه حينئذ ليس قوله عليه‌السلام ولا ينقض اليقين بالشكّ بل قولنا كلّ من كان على يقين من وضوئه فهو لا ينقض يقينه بالشكّ وقوله عليه‌السلام ولا ينقض اليقين بالشك دليل على إثبات هذه الكبرى وإن شئت في ترتيب القضيتين قلت الوضوء يقيني وكلّ يقيني لا ينقض بالشكّ وستقف على تتمة الكلام في ذلك وثانيهما ما ذكره في الضّوابط من التّمسّك بالعلّة المنصوصة أعني قوله فإنّه على يقين من وضوئه من دون حاجة إلى أخذ الكبرى من قوله عليه‌السلام لا ينقض اليقين بالشكّ لأنّه بعد إهمال المحلّ في العلة أفادت كون اليقين السّابق مطلقا علة للحكم بالبقاء بتقريب أنّ المولى إذا قال لعبده لا تلبس هذا اللّباس لأنّه أسود أو لسواده يفهم منه مبغوضية كل لباس أسود له من دون مدخليّة المحلّ فيها نظير قول الطّبيب لا تأكل الرّمان لحموضته فإنّه يفيد عدم جواز أكل كلّ حامض وبعد إهمال تقييد اليقين بالوضوء فيما نحن فيه أيضا يثبت كون العلّة في عدم جواز نقض اليقين بالشك هو مجرّد اليقين السّابق من دون اعتبار تعلّقه بالوضوء وفيه أولا أن العلّة المنصوصة إنّما تقتضي إلغاء المحلّ على حسب ما ثبت من الخصوصيّة في موردها والمحلّ فيما نحن فيه هو الشّخص الخاصّ وكونه على وضوء خاصّ الّذي هو مرجع الضّمير في قوله فإنّه على يقين من وضوئه والعلّة هي اليقين بالوضوء لا مطلق اليقين وبعد إلغاء خصوصيّة المحلّ يبقى عمومها بالنّسبة إلى أفراد اليقين بالوضوء لا غير كما أن العلّة في المثال الّذي ذكره على ما اعترف به كون اللّباس أسود والمحلّ هي خصوصيّة هذا اللّباس لا مطلق السّواد وإن تحقق في ضمن غير اللّباس أيضا فالعلة في الصّحيحة لا تقتضي عدم جواز نقض مطلق اليقين بمطلق الشكّ نعم مقتضاها عدم جواز نقض مطلق اليقين بالوضوء بمطلق الشكّ فيه فيثبت به قاعدة كلّية في باب الوضوء لا مطلقا وأمّا المثال الثّاني فلا دخل له فيما نحن فيه لأنّ المحلّ فيه مطلق الرّمان وبعد إلغائه تبقى علية مطلق الحموضة فلا يقاس عليه ما نحن فيه وثانيا أنّ مطلق اليقين لو كان علّة لعدم جواز نقضه بالشكّ كان قوله لا ينقض اليقين بالشكّ تكرارا محضا والعجب أنّه قد فرض قوله فإنّه على يقين من وضوئه بمنزلة صغرى وقوله لا ينقض اليقين بالشكّ بمنزلة كبرى كلّية ثمّ أورد على نفسه بأنّ اليقين في الكبرى لا بدّ أن يحمل على يقين الوضوء ليتكرر الحد الوسط وأجاب عنه أوّلا بأن ذلك يستلزم تكرار المطلب الواحد لأنّ هذا المعنى قد علم من قوله فإنّه على يقين من وضوئه فلا يحتاج إلى إعادته وثانيا بمنع عدم تكرّر الحدّ الوسط لأنّ التقدير حينئذ أن الوضوء يقيني وكل يقيني لا ينقض بالشكّ فالوضوء لا ينقض بالشكّ وفساد الجوابين غير خفيّ على المتأمل لأنّه مع الغض عن عدم تماميّة الأوّل مع الإغماض عن الثاني أنّه إذا حمل قوله فإنّه على يقين من وضوئه على إرادة علية مطلق اليقين لعدم جواز نقضه بالشّكّ كانت الصّغرى مساوية للكبرى في الكلّية إذ المستفاد منه حينئذ كون اليقين علّة لعدم جواز نقضه بالشكّ لا كون السّائل متيقنا بالوضوء حتّى يجعل كون وضوئه يقينا صغرى وعدم جواز نقض اليقين بالشكّ كبرى لها فعلى ما ذكره

٤٥١

لا يتحقق شرط إنتاج الشكل الأوّل وهي جزئيّة الصّغرى وكلّية الكبرى وممّا ذكرناه يظهر أنّ قول المصنف رحمه‌الله بعد إهمال تقييد اليقين إلى آخره لا يخلو من نظر من وجهين أحدهما أنّه يلزم حينئذ اتحاد الصّغرى والكبرى كما تقدّم وثانيهما أنّ العلّة كما عرفت هو اليقين بالوضوء لا مطلق اليقين فإن قلت إنّ الحاجة إلى اعتبار أخذ العلّة هي نفس اليقين إنّما هي للفرار عن أحد محذورين لأنّه إن جعلت العلّة هو اليقين بالوضوء وحينئذ إن اعتبرت الكبرى عدم جواز نقض مطلق اليقين بمطلق الشّكّ وقيل في ترتيب القضيتين إنّه كان على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين بالشكّ لزم منه عدم تكرّر الحدّ الوسط وإن اعتبرت الكبرى عدم جواز نقض اليقين بالوضوء بالشكّ لا تفيد الصّحيحة اعتبار الاستصحاب مطلقا قلت إنّه على تقدير كون العلّة هو اليقين بالوضوء يمكن أن يقال إنّ قوله عليه‌السلام لا ينقض اليقين بالشكّ بناء على كون اللاّم فيه في الموضعين للجنس كما تقدم دليل على إثبات كبريات متعددة يستدل بها على عدم جواز نقض اليقين السّابق بالشكّ في الموارد الخاصّة فيقال في مورد الرّواية مثلا إنّه كان على يقين من وضوئه وكلّ من كان كذلك فهو لا ينقض يقينه بالوضوء بالشّكّ وكذا في صورة الشكّ في نقض المذي للطّهارة إنّه كان متيقّنا للطّهارة وشك في انتقاضها بالمذي وكلّ من كان كذلك لا ينقض يقينه بالطهارة بالشك فيها وهكذا وإن شئت في ترتيب القضيتين قلت إنّه على يقين من وضوئه وكلّ يقيني لا ينقض بالشكّ فعلى تقدير كون العلّة هو اليقين بالوضوء لا يلزم منه تساوي الصّغرى والكبرى في الكليّة ولا عدم تكرر الوسط كما عرفت (قوله) إلاّ أن سبق يقين إلخ حاصله الاعتراض على الاستدلال بالصّحيحة بأنّه مبني على كون اللاّم في اليقين والشكّ للجنس حتّى يفيد نفي الطبيعة للعموم لتكون دليلا على اعتبار الاستصحاب مطلقا وليس كذلك لأنّ سبق اليقين بالوضوء يعيّن كون اللاّم في الموضعين للعهد الذكري نظير قوله تعالى (أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) ومن هنا ربّما يقال إنه كان للمصنف رحمه‌الله الجزم به لا نفي البعد عنه وفيه أولا أنّ مجرّد سبق الذّكر إنّما يصحّح المقام لإرادة العهد منه وليس هو معيّنا له لأنّ المعيّن له هو فهم العرف بعد سبق الذّكر والعهدية في الصّحيحة غير مفهومة بحسب العرف ولذا لم يجزم المصنف رحمه‌الله بها في المقام فإن قلت إنّ عدم الانفهام العرفي إنّما يتمّ إن قرئ قوله لا ينقض اليقين بالشكّ مبنيّا للمفعول وإن قرئ مبنيّا للفاعل فلا مجال لإنكاره قلت مع تسليم بنائه على الفاعل نمنع ظهوره حينئذ في العهديّة بحيث تصير إرادة الجنس مبنيّة العدم أو يصير الكلام معه مجملا نعم احتمال العهديّة على تقدير البناء على الفاعل أقرب منها على تقدير البناء على المفعول وأمّا الظّهور فيها فلا وأمّا الآية فالقرينة قائمة فيها على عدم إرادة الجنس كما لا يخفى وثانيا إنّ السّابق إن كان هو اليقين المتعلق بالوضوء الخاصّ الّذي سأل الرّاوي عن انتقاضه عند عروض حالة يشكّ معها في تحقّق النّوم بقوله وإن حرّك إلى جنبه إلى آخره ففيه أنّ المراد باليقين والشك حينئذ لا بدّ أن يكون هو اليقين والشكّ المتعلقين بالوضوء الشخصي المعهود ولم يقل به أحد إذ لا أقل من إرادة اليقين بنوع الوضوء وإن كان هو نوع الوضوء المستفاد من العلّة بعد إلغاء خصوصيّة المحلّ كما أسلفناه سابقا ففيه أن حمل اليقين والشكّ في قوله عليه‌السلام لا ينقض اليقين بالشكّ على النوع المعهود منهما وهو المتعلّق بنوع الوضوء يستلزم إلغاء هذا الكلام لكونه إعادة لما استفيد من العلّة من دون فائدة بخلافه على تقدير الحمل على إرادة الجنس لكون الصّحيحة حينئذ متضمّنة لكليتين إحداهما ما استفيد من العلّة وهو كون اليقين بالوضوء علّة لعدم جواز نقضه بالشكّ والأخرى ما استفيد من قوله ولا ينقض اليقين بالشكّ وهو سند العلّة المذكورة كما أسلفناه في الحاشية السّابقة نعم يمكن أن يقال إنّ ذلك إنّما يتم لو كانت العلّة هو اليقين بالوضوء كما اخترناه وأمّا على ما اختاره المصنف رحمه‌الله من كون العلّة هو مطلق اليقين فمحذور اللغوية باق على تقدير حمل اللاّم على الجنس أيضا فإن قلت إنّ الإعادة لفائدة التأكيد لا تستلزم اللغويّة كيف لا والتّأكيد من جملة فوائد الكلام في كلمات البلغاء سيّما مع اشتمال الصحيحة على التّأكيد من جهات أخر أيضا كما هو واضح قلت إنا لا نمنع من التأكيد في مطلق كلام الحكيم بل نقول إنّ خصوصيّة المقام مانعة منه لما برهن في علم البلاغة أنّ الكلام المعلّل آكد من الخالي منها في تأدية المراد وإن اشتمل على سائر وجوه التأكيد لتضمّنه تأدية المراد ببيّنة وبرهان وحينئذ فعلى المختار من كون العلّة هو اليقين بالوضوء لا مطلق اليقين إن حملت اللاّم على العهد يلزم تأكيد الكلام بإعادة العلّة وهو مستهجن عرفا بخلاف ما لو حملت على إرادة الجنس لصيرورة الكلام حينئذ من قبيل بيان العلّة في علّة الحكم وهو أبلغ في التأكيد وأحسن الطّرق في تأدية المراد فكأنّه قال إنّه إذا لم يستيقن أنّه قد نام يبني على وضوئه السّابق لأنّه على يقين من وضوئه ومن كان على يقين من وضوئه يبني على وضوئه ما لم يستيقن النّاقض لأنّ اليقين لا ينقض بالشكّ وهذا وجه آخر لإرادة العموم من قوله لا ينقض اليقين بالشكّ سوى ما قدّمناه سابقا من إفادة الجنس المنفي للعموم اللهمّ أن يقال إن مراعاة محسّنات الكلام إنّما تتأتى في الكلام الوارد في مقام الإعجاز أو الكلام المبني على مراعاة البلاغة فيه والأخبار الواردة في بيان الأحكام الشرعيّة ليست كذلك لورودها على مقتضى فهم أهل السّوق ولعلّه من هنا لم يجزم المصنف رحمه‌الله ببطلان حمل اللاّم على العهد فتدبّر(قوله) بل يكون الجزاء مستفادا إلخ إنّما لم يحتمل كون الجزاء نفس قوله لا ينقض اليقين بالشكّ لعدم معهودية كون الجزاء مصدرا بالواو وحاصل ما ذكره أنّ مبنى الاستدلال على حمل قوله عليه‌السلام فإنّه على يقين من وضوئه على بيان العلّة وإقامتها مقام الجزاء وقوله عليه‌السلام لا ينقض اليقين بالشكّ على بيان الكبرى الكلّية للصّغرى المستفادة من العلّة المنصوصة بتقريب ما ذكره المصنف رحمه‌الله وشرحنا ما يتعلق به ولكن يمكن منع كون قوله عليه‌السلام فإنّه على يقين من وضوئه واردا لبيان العلّة وإقامة العلّة مقام الجزاء لاحتمال كون الجزاء مستفادا من قوله عليه‌السلام ولا ينقض اليقين بالشكّ بأن كان ذلك واردا في مقام جواب السّائل وقوله عليه‌السلام فإنّه على يقين من وضوئه توطئة لهذا الجواب فكأنّه عليه‌السلام أراد أن يقرر السّائل على معتقده ويثبته عليه حتّى يكون الجواب أوقع في نفسه والمعنى أنّه إن لم يستيقن النّوم فهو مستيقن لوضوئه السّابق فيثبت على وضوئه السّابق ولا ينقضه بالشكّ فيخرج حينئذ قوله عليه‌السلام ولا ينقض اليقين بالشكّ من كونه كبرى كليّة لتعيّن حمل اللاّم حينئذ على العهد لوجود المقتضي وعدم المانع أمّا الأوّل فلسبق اليقين بالوضوء وأمّا الثّاني فإنّ المانع كما تقدّم في الحاشية السّابقة

٤٥٢

إمّا عدم الانفهام العرفي أو لزوم اللغوية والتّكرار والأوّل ممنوع بعد حمله قوله فإنّه على يقين من وضوئه على إرادة التوطئة والثّاني إنّما يلزم إن حمل قوله فإنّه على يقين من وضوئه على بيان كون مطلق اليقين بالوضوء علة لعدم جواز نقضه بالشكّ لكون حمل اللاّم حينئذ في قوله ولا ينقض اليقين بالشك على العهد مستلزما للتكرار بخلاف ما لو حمل قوله فإنّه على يقين من وضوئه على إرادة التوطئة لكونه حينئذ واردا لمجرّد تقرير السّائل على معتقده فلا يستفاد منه حينئذ كون مطلق اليقين بالوضوء علّة لعدم جواز نقضه بالشكّ حتّى يستلزم حمل اللاّم في الفقرة الثانية على العهد للتكرار واللغوية ولكنّك خبير بأنّه إنّما يتم إن صح حمل قوله عليه‌السلام فإنّه على يقين من وضوئه على إرادة التوطئة وليس كذلك لأنّ المنساق منه بيان علة وجوب البناء على اليقين السّابق وعدم نقضه بالشكّ ولذا جعل المصنف رحمه‌الله قضيّة التوطئة مجرّد احتمال في المقام غير قادح في الاستدلال (قوله) وقد أورد على الاستدلال بالصّحيحة إلخ من جملته منع عموم الصّحيحة لدوران الأمر فيها بين تخصيصين لأنّها بإطلاقها شاملة للعمل بالاستصحاب في الأحكام الكلّية قبل الفحص عن أدلتها وهو خلاف الإجماع فلا بد حينئذ إمّا من حملها على الموضوعات وإخراج الأحكام منها وإمّا من تخصيص جواز العمل بها في الأحكام بما بعد الفحص عن أدلتها ولا ترجيح لأحدهما فتعود الصّحيحة مجملة والمتيقن منها الموضوعات خاصّة وفيه أن لها عموما بحسب اللّفظ من حيث وقوع الجنس في حيز النّهي أو النّفي وإطلاقا أحواليا من حيث شمولها لعدم جواز نقض اليقين بالشكّ في الأحكام قبل الفحص عن أدلّتها وبعده ولا ريب أنّ التقييد سيّما إذا كان الإطلاق بحسب إطلاق أحوال الحكم أولى من تخصيص العام لعدم استلزامه تصرّفا في مدلول اللّفظ ومنها أن التمسّك بالصّحيحة مستلزم لعدم جواز التّمسك بها لعدم العلم بصدورها عن الإمام عليه‌السلام فاستصحاب عدم صدورها عنه مستلزم لعدم جواز التمسّك بها وما يستلزم وجوده عدمه محال وفيه مع ما يدعى من تواتر الأخبار الواردة في هذه المسألة بحسب المعنى أنّها لا تشمل نفسها نظير ما ذكرناه في الاستدلال على حرمة العمل بالظنّ بالآيات النّاهية عنه ومنها أنها مضمرة وقد تقدّم عدم إضرار إضمارها ومنها عدم الاعتداد بأخبار الآحاد في المسائل الأصولية كما أشار إليه المحقّق الخونساري وفيه مضافا إلى ما عرفت وإلى منع كون المسألة أصولية كما أشار إليه المصنف رحمه‌الله سابقا منع عدم اعتبار أخبار الآحاد في المسائل الأصوليّة سواء قلنا باعتبارها من باب الظّنون الخاصّة أم المطلقة ومنها عدم إمكان اجتماع اليقين والشكّ في مورد واحد حتّى يصحّ النّهي عن نقضه به وفيه أنّ المراد باليقين آثار المتيقن السّابق كما سيجيء في محلّه إن شاء الله تعالى (تكميل) إنّه يستفاد ممّا قدّمناه في الحواشي السّابقة أنّ الاستدلال بالصّحيحة من وجوه أحدها التمسّك بالعلّة المنصوصة وقد عرفت ما فيه وثانيها التمسّك بالعموم الناشئ من وقوع الجنس في حيّز النفي والنّهي وثالثها التمسّك بالعموم الناشئ من لزوم اللغوية والتكرار لولاه لكنها مع ذلك غير صريحة في المدّعى لما عرفت ممّا يرد عليها من وجوه الإيراد لأنها وإن ضعفت في نفسها إلاّ أن مجموعها تسقطها عن الصراحة نعم لها مع ذلك كلّه ظهور في العموم وهو كاف في التمسّك بالأدلّة اللّفظية (قوله) ومنها صحيحة أخرى لزرارة وهي مضمرة إلخ رواها الشيخ عن الحسين بن سعيد عن حماد عن حريز عن زرارة قال قلت له الحديث وقد تقدّم ما يتعلق بهذا السّند في الصّحيحة السّابقة ورواها الصّدوق أيضا في العلل عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام وعليّ ثقة وأبوه إبراهيم بن هاشم ربّما تعدّ أخباره في الصّحاح كما يظهر من العلاّمة في الخلاصة والمختلف وغيره وفي الذخيرة حسن كالصّحيح وكيف كان لا إشكال في اعتبارها ولا يضرّ إضمارها على رواية الشيخ كما تقدّم في الصّحيحة الأولى (قوله) وتعيد إذا شككت في موضع منه إلخ أتى بهذا الشّرط تنبيها على اعتبار تعلّق الرّؤية بنجاسة يعلم أنها هي الّتي خفيت عليه قبل الرّؤية في مقابل احتمال وقوعها حين الرّؤية (إيقاظ) تستفاد من الصّحيحة قواعد شريفة وفوائد منيفة منها اعتبار قاعدة الاستصحاب ومنها صحّة عبادة الجاهل إذا اتفقت مطابقته لبعض الطّرق الشّرعية كما زعمه بعض فحول المتأخرين لأنّ الإمام عليه‌السلام قد حكم بصحّة الصّلاة وعدم وجوب إعادتها مع الشكّ في الطّهارة لأجل مطابقتها للأصل لكنّه يشكل بعدم تأتي قصد القربة من الشّاك اللهمّ إلاّ أن يحمل على صورة الغفلة عن شكه حين الدّخول في الصّلاة أو يقال إنّ البناء على الحالة السّابقة في الموضوعات لما كان مركوزا في نظر العقلاء فحكم الإمام عليه‌السلام بالصّحة مبني على استظهار ذلك من السّائل وتأتي قصد القربة مع الاطمئنان ولكنّ الأوّل يشكل بعدم جريان الاستصحاب مع الغفلة لاختصاص مورده بصورة الشّكّ الفعلي في بقاء الحالة السّابقة كما تقدّم سابقا ومنها اقتضاء الأمر الظّاهري للإجزاء وإن ظهر خلافه بعده كما أشار إليه المصنف رحمه‌الله ولكنّ المتيقن منه ثبوت ذلك في الشروط خاصّة ومنها كون الطهارة من الخبث من الشرائط الواقعيّة كالطهارة من الحدث وإن توهّم بعضهم خلاف ذلك من الصّحيحة نظرا إلى حكمه عليه‌السلام بعدم وجوب الإعادة مع العلم بعد الصّلاة بوقوعها مع النجاسة لأنّ الطهارة لو كانت من الشرائط الواقعيّة دون العلميّة لوجبت الإعادة لفرض ظهور خلافها بعدها ويرد عليه أنّ الطهارة لو كانت من الشرائط العلمية دون الواقعيّة لم يصحّ التمسك بالاستصحاب للعلم بصحّة الصّلاة حينئذ بحسب الواقع مع الشكّ في الطّهارة لأنّ المفروض أن شرط صحّتها في الواقع هو عدم العلم بوقوعها مع النجاسة وهو حاصل بالفرض فلا وجه حينئذ للتمسّك باستصحاب الطهارة ومنه يظهر سند ما ادعيناه من كونها من الشرائط الواقعيّة وأمّا حكمه عليه‌السلام بعدم وجوب الإعادة حينئذ فهو لما عرفت من اقتضاء الأمر الظّاهري الثابت بالاستصحاب للإجزاء ويتفرع على كونها من الشرائط الواقعيّة أمران أحدهما عدم صحّة الاقتداء ممن يعلم بنجاسة ثوب إمامه أو بدنه مع جهل الإمام بها كما عليه المشهور من عدم صحّة الاقتداء ممن يعلم بفساد صلاة إمامه كما ادعاه الشّهيد في محكي الذكرى وثانيهما حسن الاحتياط بإعادة الصّلاة إذ لو كانت الطهارة من الشّروط العلميّة صحّت الصّلاة مع الشكّ فيها بحسب الواقع فلا يبقى مورد للاحتياط بل تكون الإعادة تشريعا محرما نعم يمكن أن يقال إنّ الاحتياط لو كان حسنا لأجل كون الطهارة من الشروط الواقعيّة كما هو مقتضى الصّحيحة على ما بيّنّاه لا يبقى وجه لنهي الإمام عليه‌السلام عن الإعادة

٤٥٣

الّذي أقل مراتبه الكراهة وبينه وبين حسن الاحتياط الناشئ من حكم الإمام عليه‌السلام بجواز العمل بالاستصحاب تدافع ظاهر فمن جهة ذلك يحصل في الصّحيحة إشكال نعم يمكن أن يقال بورود النّهي في مقام توهم الوجوب فلا يفيد سوى دفعه ومنها أنّ المحكي عن السّيّد السّند صاحب مفتاح الكرامة أنّه قد ذكر أنّ التمسّك بأصالة تأخّر الحادث إنّما حدث في لسان العلامة وجماعة ممن تأخر عنه وليس في كلمات من تقدّم عليه منها عين ولا أثر وذكر لذلك شواهد واستظهر بعض المحقّقين كون الصّحيحة دليلا عليه مدعيا دلالتها عليها وموضع الدّلالة منها فقرتان الأولى قوله عليه‌السلام فإن ظننت أنّه أصابه إلى آخره على الاحتمال الثّاني من الاحتمالين الآتيين وهو احتمال عروض النجاسة حين الرّؤية والثّانية قوله عليه‌السلام وإن لم تشك ثم رأيته إلى آخره وتقريب دلالتها واضح ويرد عليه أنّ مقصود من منع التمسّك بأصالة تأخّر الحادث هو المنع من إثبات وصف التّأخر بأصالة عدم الحادث إلى زمان العلم بحدوثه لكون تأخره عمّا علم تاريخ حدوثه من الحادثين من اللّوازم العقلية للمستصحب وهو عدم حدوثه في زمان حدوث الآخر لا عدم جواز التمسّك بأصالة العدم مطلقا حتّى بالنسبة إلى إثبات الآثار الشّرعية المرتبة على نفس العدم لا على صفة التّأخر ولا ريب أنّ صحّة الصّلاة فيما نحن فيه مرتبة على عدم حدوث النّجاسة في زمان إيقاع الصّلاة لا على صفة التأخر عنها فدلالة الصّحيحة على اعتبارها هنا لا يستلزم دلالتها على اعتبارها مطلقا حتّى بالنّسبة إلى الآثار المرتّبة على صفة التّأخر كما هو المدّعى ومنها وجوب الموافقة القطعيّة في الشّبهة المحصورة كما يرشد إليه قوله عليه‌السلام قال تغسل من ثوبك الناحية إلى آخره ومنها عدم وجوب الفحص في العمل بالأصل في الموضوعات ومنها اعتبار الاستصحاب من باب السّببية أو الظنّ النّوعي فلا يقدح الظنّ بخلافه في جريانه كما يرشد إليه وإلى سابقه قوله عليه‌السلام فإن ظننت إلى آخره ومنها حسن الاحتياط في الأمور العامة البلوى كما يرشد إليه قوله عليه‌السلام ولكنّك تريد أن تذهب بالشكّ خلافا لمن منعه وببالي أنّه صاحب كاشف الغطاء ومنها تقديم الأصل في الشك السّببي على الشّك المسبّب (قوله) لعلّه أظهر هنا إلخ لأن موضع الدّلالة من هذه الصّحيحة كما سنشير إليه فقرتان إحداهما قوله فإن ظننت إلى قوله قلت فإنّي قد علمت والأخرى قوله وإن لم تشك إلى آخره ولا مسرح لقضيّة التّوطئة في الأولى لعدم الشّرطية فيها حتّى يقال إنّ قوله لأنك كنت علّة قائمة مقام الجزاء أو هو مذكور من باب التوطئة فهو صريح في العلية وأمّا الثانية فلعدم سبق ذكر اليقين بالطهارة فيها حتّى يحتمل كون اللاّم في قوله فلا ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ للعهد الذكري (قوله) وأمّا فقه الحديث إلخ لا يذهب عليك أن بيان مورد الصّحيحة وكون الإعادة نقضا لأثر الطهارة اليقينيّة السّابقة وعدمه لا دخل له في الاستدلال بها على اعتبار الاستصحاب لأن الاستدلال بها إنّما هو باعتبار عموم الكبرى المستفاد منها(قوله) فبيانه أن مورد إلخ في الاستدلال بالصّحيحة إشكال وهو أنّ الاستدلال بها كما ستعرفه إنّما هو بفقرتين منها وعلى التقديرين فالاستدلال بهما إنّما هو باعتبار النّهي عن نقض اليقين بالشّكّ ولكن يوهنه التعبير بلا ينبغي في الفقرتين لظهوره في الكراهة فلا تدلان على حرمة النقض ووجوب العمل بمقتضى الاستصحاب وربّما يجاب عنه تارة بحمله على إرادة الحرمة منه بقرينة قوله ولا تعيد الصّلاة لظهوره في حرمة الإعادة واستعمال هذه الكلمة في الحرمة شائع في الأخبار وفيه أنّ لفظ لا ينبغي أظهر في الكراهة من ظهور لفظ لا تعيد في الحرمة فلا يصلح قرينة لصرفه عن ظاهره وأخرى بالإجماع المركب إذ كلّ من قال بالجواز قال بالوجوب والتحقيق في الجواب أن يقال إنّ المقصود من الاستدلال بالصّحيحة إثبات جواز العمل بالاستصحاب في مقابل من يدعي حرمة العمل به فإثبات الجواز كاف في المقام كيف لا وسائر الأخبار النّاهية عن نقض اليقين بالشكّ غير ناهض لإثبات الحرمة أيضا لوروده في مقام توهّم الحظر لكون حرمة العمل بغير العلم إمّا لأجل التسريع أو مخالفة الأصول الّتي اعتبرها الشّارع مركوزة في الأذهان فهذه الأخبار أيضا لا تفيد سوى جواز العمل بمؤدّاها لا وجوبه مضافا إلى قوّة احتمال ورودها في مقام الإرشاد إلى ما تقرّر عند العقلاء من البناء على الحالة السّابقة عند الشكّ في ارتفاعها فلا تفيد حينئذ سوى إمضاء طريقتهم وبالجملة إنّه لا وجه لدعوى وجوب العمل بمقتضى الاستصحاب في كلّ مقام ولذا يجوز تجديد الوضوء للصّلاة عند الشكّ في انتقاضه أو نقضه إجماعا والحاصل أنّه لا إشكال في جواز الاحتياط في مورد الاستصحاب المخالف له نظير سائر الأمارات الشّرعيّة من خبر الواحد وغيره والوجه فيه واضح لأنّها ليست مجعولة في عرض الواقع ليجب الأخذ بها مطلقا بل المقصود منها كونها طرقا موصلة إلى الواقع ولو على سبيل الاحتمال كما في موارد الأصول على ما قرّرناه في محلّه فإذا توصل المكلّف إلى الواقع بالاحتياط سقط مناط وجوب العمل بها ثمّ إنّ مورد الاستدلال بالصّحيحة فقرتان إحداهما قوله عليه‌السلام فإن ظننت أنّه أصابه إلى قوله وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ أبدا والأخرى قوله عليه‌السلام وإن لم تشك ثم رأيته إلى قوله فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ والوجه في تخصيص مورد الاستدلال بالأولى مضافا إلى مخالفة الثانية بظاهرها للإجماع هو إباء التفريع عن حمل اللاّم على الجنس كما نبّه عليه المصنف رحمه‌الله في آخر كلامه ويظهر من المحقّق القمي رحمه‌الله كون موضع الدّلالة منها فقرات قال فيها مواضع من الدّلالة ولعلّه أراد بالفقرة الثالثة العلّة المنصوصة فيها وقد تقدّم الكلام فيها تصحيحا وتزييفا في الصّحيحة الأولى وكيف كان فالفقرة الأولى كما أوضحه المصنف رحمه‌الله محتملة لوجهين والثانية لوجه واحد وقد أشرنا إلى عدم مدخليّة ذلك في الاستدلال (قوله) والشكّ حين إرادة الدّخول إلخ يشكل الحكم بصحّة الصّلاة حينئذ لأجل عدم تأتي قصد القربة مع الشكّ في صحّتها اللهمّ إلاّ أن يجاب بما أسلفناه عند بيان القواعد الّتي يمكن استنباطها من الصّحيحة فراجع (قوله) لكن عدم نقض إلخ حاصله الاستشكال في حمل مورد الاستدلال على الوجه المذكور بأنّ ظاهر قوله لأنّك كنت على يقين إلى آخره تعليل لعدم وجوب الإعادة من حيث كون الإعادة نقضا لآثار الطهارة السّابقة المتيقنة وهو لا يصلح لكونه علة لذلك بالتقريب الّذي ذكره المصنف ره (قوله) وربّما يتخيل إلخ هذا تصحيح لوقوع قوله لأنّك كنت إلى آخره علّة لعدم وجوب الإعادة وحاصله أنّ وجوب الإعادة في مورد الاستدلال وإن ترتب على

٤٥٤

اليقين بوقوع الصّلاة مع النجاسة فالإعادة حينئذ نقض لأثر الطّهارة المتيقنة باليقين لا بالشكّ إلا أنّه يصحّ تعليل عدم وجوبها بقاعدة الاستصحاب مع انكشاف وقوع الصّلاة مع النجاسة بملاحظة كون قاعدة الاستصحاب مثبتة للأمر الظّاهري المفيد للإجزاء فعلة عدم وجوب الإعادة وإن كانت هي قاعدة الإجزاء إلاّ أنّ الإمام عليه‌السلام أسند عدم الوجوب إلى قاعدة الاستصحاب إمّا لأنّها العمدة في إثبات عدم الوجوب لكون الأمر الظّاهري ناشئا منها وإمّا لأنّ الشبهة في وجوب الإعادة وعدمه من جهة ذلك لكون إفادة الأمر الظاهري للإجزاء مركوزة في نظر السّائل ومعلومة عنده فبعد ثبوت الأمر الظّاهري بالاستصحاب يثبت عدم وجوب الإعادة عند السّائل وفيه ما أشار إليه المصنف رحمه‌الله من أنّ ظاهر الصّحيحة كون قاعدة الاستصحاب بنفسها من دون توسّط شيء آخر علة لعدم وجوب الإعادة لا بواسطة قاعدة الإجزاء (قوله) ودعوى أنّ من آثار إلخ هذا وجه آخر لتصحيح وقوع قوله لأنك كنت إلى آخره علة لعدم وجوب الإعادة بتقريب أنّ المراد بعدم جواز نقض اليقين بالشك هو وجوب ترتيب آثار المتيقن السّابق في زمان الشّكّ تنزيلا للمشكوك فيه منزلة المتيقّن منه وبنقضه عدم ترتيبها فيه ومن آثار الطهارة السّابقة المتيقّنة عدم وجوب الإعادة فتكون إعادة الصّلاة حينئذ نقضا لآثارها فيصح تعليل عدم وجوبها بعدم جواز نقض اليقين بالشّكّ وما دفع به المصنف رحمه‌الله هذا الوجه واضح وحاصله منع ثبوت الآثار العقلية للمستصحب بالاستصحاب مع أنّه يمكن أن يقال إنّ الطهارة إن كانت من الشرائط الواقعية للصّلاة فلا يجدي استصحابها بعد انكشاف خلافها وإن كانت من الشّرائط العلميّة بأن كان شرط صحّة الصّلاة عدم العلم بالنجاسة حين إيقاعها فلا معنى للاستصحاب حينئذ لصحّة الصّلاة حينئذ في الواقع مع الشكّ في طهارة الثوب أو البدن (قوله) فيعيد إلخ والحال أنّ عدم وجوب الإعادة هنا أولى (قوله) ممّا يرد على الأوّل إلخ من عدم صحّة تعليل عدم وجوب الإعادة بعدم جواز نقض اليقين بالشكّ نظرا إلى كون الإعادة على الاحتمال الأوّل نقضا لأثر الطّهارة المتيقنة باليقين دون الشكّ بخلافه هنا نعم يمكن أن يقال هنا أيضا أنّ الإعادة هنا وإن كانت نقضا لأثر الطهارة المتيقنة بالشكّ إلاّ أنّه لا يصح تعليل عدم وجوب الإعادة هنا أيضا بعدم جواز نقض اليقين بالشكّ لما ذكره في دفع الدّعوى المتقدّمة من كون الإجزاء الّذي هو بمعنى عدم وجوب الإعادة من الآثار العقليّة للطهارة المتيقنة فلا يكون مجعولا في مقام الشّكّ في بقاء الطهارة ففي الحقيقة هذه الصّحيحة دليل على اعتبار الأصول المثبتة لعدم استقامة تعليل عدم وجوب الإعادة بعدم جواز نقض اليقين بالشكّ على الاحتمال الأوّل إلاّ ببعض التمحلات الباردة المتقدّمة ولا على هذا الاحتمال إلاّ على القول بالأصول المثبتة(قوله) لكن تفريع إلخ لأنّ التفريع ظاهر في العهد وكون اللاّم إشارة إلى القضية المتفرّع عليها بل ربّما يقال لا معنى لأخذ اللاّم حينئذ للجنس لظهور التفريع في كون ما بعد الفاء أخصّ ممّا قبله أو معاويا له لكون تفريع الأعمّ على الأخصّ مستهجنا عرفا بل غير صحيح غالبا لأنّ ظاهر التفريع كون ما بعده من جزئيّات ما قبله أو من لوازمه المساوية وبعبارة أخرى إنّ الغالب تفريع الصّغريات على كلياتها أو اللاّزم المساوي على ملزومه دون العكس اللهمّ إلاّ أن يقال إنّ ظهور قوله فليس ينبغي لك إلى آخره في بيان كلّية الكبرى لوجوب البناء على الطهارة السّابقة أقوى من ظهور الفاء في التفريع فلا بدّ من أخذها بمعنى الواو لنصّ أهل اللغة بورودها بمعناها ووروده في كلام الفصحاء قال الشّاعر

قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل

بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل

(قوله) ومنها صحيحة ثالثة إلخ رواها الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام ومحمّد بن إسماعيل هو ابن بزيع الثقة والفضل أيضا ثقة وقد تقدّم تتمّة الكلام في باقي السّند عند بيان حال سند الصّحيحين المتقدّمين وقال الشّيخ عبد النّبي الجزائري في الحاوي وإذا قيل أحدهما فالباقر أو الصّادق عليهما‌السلام إذ من الرّواة من روى عنهما ويشتبه عليه اليقين وهذا لا يقدح في الرّواية انتهى (قوله) وقد أحرز الثلاث إلخ يحتمل أن يريد بإحراز الثلاث كونها متيقنة عند دوران الأمر بينها وبين الزّائد عليها ويحتمل أن يريد به الفراغ من الرّكعة الثالثة برفع الرّأس عن السّجدة الأخيرة فيدلّ على عدم ترتب حكم على الشك قبله نعم يمكن أن يقال بعدم ترتّب أثر شرعي على هذه الدّلالة لوقوع القيد في كلام الرّاوي (قوله) وفيه تأمّل إلخ توضيحه أنّ الصّحيحة تحتمل وجوها وقد أشار المصنف رحمه‌الله إليها أحدها أن يريد بإضافة ركعة أخرى البناء على الأقل والقيام إلى الركعة الرّابعة من دون تسليم وباليقين اليقين بما أحرزه من الرّكعات فيكون أصل الحكم حينئذ وما استشهد له من القاعدة واردين في مقام التقيّة وثانيها أن يريد بها البناء على الأكثر وإضافة ركعة الاحتياط بعد التسليم ويريد باليقين ما يوجب اليقين ببراءة الذّمة من العمل وبالشكّ ما يوجب الشكّ فيها من قبيل ذكر المسبّب وإرادة سببه وثالثها أن يريد بها البناء على الأقلّ الموافق لمذهب العامة وبعدم جواز نقض اليقين بالشكّ بيان الواقع وإن كان إجراء هذه القاعدة في مورد الصّحيحة من باب التقيّة كما أشار إليه المصنف رحمه‌الله بقوله ثم ارتكاب الحمل على التقيّة إلى آخره ورابعها أن يريد بها البناء على الأقل وإضافة ركعة أخرى بعد التسليم للاحتياط وبعدم جواز نقض اليقين بالشكّ وجوب البناء على ما تيقنه من الرّكعات وعدم جواز البناء على وقوع الرّكعة المشكوك فيها بمجرد الشّكّ فيها وحاصله وجوب البناء على الأقلّ والإتيان بالرّكعة المشكوك فيها بعد التّسليم على الأقل كما أشار إليه المصنف رحمه‌الله بقوله وأمّا احتمال كون المراد إلى آخره وتظهر الثمرة بين هذا المعنى والمعنى الثّالث في كون الصّحيحة على هذا المعنى دليلا على كون ركعة الاحتياط جزءا من الصّلاة فتؤيد القول بالجزئيّة بخلافها على المعنى الثالث وخامسها أن يريد بها البناء على الأكثر والإتيان بركعة الاحتياط منفصلة وباليقين ما يوجب القطع بالبراءة في مورد الصّحيحة ومطلق ما حصل القطع به في غيره كما أشار إليه المصنف رحمه‌الله بقوله وأضعف من هذا دعوى إلى آخره وبالجملة إنّ هذه المعاني الخمسة يستفاد من طيّ كلام المصنف رحمه‌الله أمّا المعنى الأوّل فقد أورد عليه المصنف رحمه‌الله على تقدير تسليم ظهور الصّحيحة فيه بأن هنا صوارف عن هذا الظاهر مثل تعيّن حملها على التقية ومنها مخالفته لظاهر الفقرة الأولى ومنها مخالفته لظاهر سائر الأخبار الواردة في باب الشكوك منها الموثقة الآتية بناء على ما دعاه المصنف رحمه‌الله من كونها معاضدة للمعنى الثاني وأمّا ما عدا المعنى الثاني منها فمنها ما هو مخالف لظاهر الصّحيحة ومنها ما هو مستلزم لاستعمال اللفظ في معنيين فتعين المعنى الثّاني وعليه تسقط الصّحيحة عن درجة الاستدلال

٤٥٥

بها على المقام كما هو واضح وهذا حاصل جميع ما ذكره المصنّف رحمه‌الله والإنصاف أنّ الصّحيحة بنفسها ظاهرة في المعنى الأوّل إلاّ أنّ القرائن أوجبت رفع اليد عنه والتمسّك بذيل المعنى الثّاني لكونه أقرب إلى الحقيقة بعد تعذّرها من غيره (قوله) من قوله يركع ركعتين إلخ صدر الصّحيحة قلت من لم يدر في أربع هو أم في ثنتين وقد أحرز ثنتين قال يركع ركعتين وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب ويتشهّد ولا شيء عليه (قوله) بقرينة تعيين إلخ لعدم ذهاب أحد من الأصحاب إلى تعيّن الفاتحة في الرّكعتين الأخيرتين فإن قلت لا دلالة للصّحيحة على التعيّن لاحتمال كون ذكر الفاتحة من باب تخصيص أفضل فردي الواجب المخيّر بالذكر سيّما على ما قرّرناه في محلّه من كون الأمر وما في معناه حقيقة في الواجب التخييري أيضا قلت إنّ الدّليل على التعيين ظهور الأمر وما في معناه بحكم الانصراف فيه وإن كان حقيقة في التخيير أيضا إلاّ أنّ تعيين إرادته يحتاج إلى القرينة كما قرّر في محلّه (قوله) على ما صرّح به المرتضى إلخ سيأتي عند ذكر الموثقة عدم ارتضائه بما صرّح به المرتضى فتدبّر(قوله) وقد تصدى جماعة إلخ في الجواهر بعد أن نقل الأخبار الدّالة على وجوب البناء على الأكثر التي منها رواية السّاباطي قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن شيء من السّهو في الصّلاة فقال ألا أعلمك شيئا إذا فعلته ثم ذكرت أنّك أتممت أو نقصت لم يكن عليك شيء قلت بلى قال إذا سهوت فابنه على الأكثر وإذا فرغت وسلّمت فقم فصلّ ما ظننت أنك نقصت فإن كنت قد أتممت لم يكن عليك في هذه وإن ذكرت أنك نقصت كان ما صلّيت تمام ما نقصت ثم ذكر أخبار وجوب البناء على اليقين وأجاب عنها بالقصور عن المقاومة للأولى من وجوه مع احتمال كون المراد منها ما يوافقها قال إذ قد عرفت أن اليقين بصحة الصّلاة يحصل بالبناء على الأكثر بل لا يحصل بالبناء على الأقل لما فيه من احتمال زيادة الركعة المبطلة للصّلاة سهوا وعمدا بخلاف الأوّل إذ ليس فيه سوى كون التّسليم في غير محلّه الذي هو غير قادح لجريانه مجرى السّهو ثم نقل ما حكي عن المرتضى في الناصريات من فتواه بوجوب البناء على اليقين وأقول قوله إذ قد عرفت لعلّه إشارة إلى ما تضمّنه الأخبار المشار إليها وتوضيح المقام أن دعوى كون البناء على الأكثر والإتيان بركعة أخرى منفصلة موافقا للاحتياط ربما تشكل بما تضمنه من الزيادات العمدية من تكبيرة الإحرام والتشهّد والسّلام في غير محلّهما وأمّا ما عرفته من صاحب الجواهر من كون ذلك بمنزلة الزيادة السّهوية غير القادحة في الصّحة فهو مع عدم إجدائه بالنّسبة إلى تكبيرة الإحرام مجرّد دعوى لا شاهد لها مع قطع النظر عن الأخبار ومع ملاحظتها لا فرق بين كونها بمنزلة الزّيادة السّهوية والعمديّة لدلالتها على صحّة الصّلاة مطلقا مع البناء على الأكثر والإتيان بصلاة الاحتياط بعده نعم البناء على الأقل أيضا لا يوافق الاحتياط لاحتمال زيادة الركعة المبطلة للصّلاة مطلقا وربّما يقال إن مقتضى الاحتياط حينئذ هو قطع العمل واستئنافه بعده لا يقال إن القطع أيضا لا يوافق الاحتياط لآية حرمة إبطال الأعمال المقتضية لوجوب المضي فيها قلنا إن وجوب المضي مع الشكّ في عدد الرّكعات كالثلاث والأربع في مورد الصّحيحة غير ممكن إذا البناء على الأقل موجب لاحتمال زيادة الركعة والبناء على الأكثر مع عدم صدق المضي عليه موجب للزّيادة كما عرفت فلا بد من حمل الآية على موارد إمكان المضي اللهمّ إلاّ أن يقال في تصحيح موافقة البناء على الأكثر والإتيان بصلاة الاحتياط بعده للاحتياط أن هذا النحو من العمل ممّا قد رضي الشّارع به وجعله مبرأ للذّمة بالإجماع ودلالة الأخبار عليه فلا ينظر بعده إلى ما وقع فيه من الزّيادات ولكن يضعفه أن إبراء هذا النحو من العمل للذّمة توقيفي لا بدّ أن يسمع من الشارع فلا يحسن التعليل به كما في الصّحيحة إذ الأمر المعلّل به لا بد أن يكون معلوما عند المخاطب بخلاف حمل اليقين في الصّحيحة على المعنى الموافق للاستصحاب إذ العمل به مركوز في الأذهان اللهمّ أن يدعى أن ملاحظة سائر الأخبار الواردة في باب الشّكوك تعطي كون تسمية هذا النحو من العمل باليقين وكونه مبرأ للذّمة معروفة بين الرّواة فتدبّر (قوله) وتسمية ذلك إلخ كما في الموثقة الآتية وغيرها(قوله) مثل تعيين حملها إلخ لا يخفى أن أصالة عدم التّقية من الأصول العمليّة التي لا تصلح لصرف الظواهر عن ظهورها(قوله) وأمّا احتمال إلخ ذكره صاحب الفصول وحاصله الجمع بين دلالة الصّحيحة على اعتبار الاستصحاب وعدم منافاته لوجوب البناء على الأكثر عند الشّك في عدد الرّكعات كما هو مذهب الخاصّة قال في مقام دفع ما أورد على الصّحيحة من قصور الدّلالة إن قوله عليه‌السلام لا ينقض اليقين بالشك مسوق لبيان أنّه لا ينقض يقينه بعدم فعل الرابعة سابقا بالشكّ في فعلها لاحقا بأن لا يعوّل على شكّه فيبني على وقوعها ويؤيّده قوله ولا يدخل الشّكّ في اليقين ولا يختلط أحدهما بالآخر بناء على أنه مسوق لبيان أنه لا يدخل الركعة المشكوكة فيها في اليقين أعني الصّلاة المعلومة اشتغال الذّمة بها أو لا يضمها إلى الرّكعات الثلاث اليقينيّة فتكون الظرفية على التوسيع ولا يختلط الشك أعني تلك الركعة المشكوكة في وقوعها باليقين أعني الصلاة أو الركعات الثلاث اليقينية بأن يبني على وقوع الأربع بل ينقض الشّك في لحوق فعل الرابعة بيقين عدمها السابق فينفي فعلها بالأصل فيبني عليه ويأتي بها على الوجه المقرّر تحصيلا للبراءة اليقينية ويتمّ عليه ولا يعتدّ بالشك في حال من الحالات بل يبني على بقائه ما لم يتيقّن بثبوته انتهى وحاصل ما أورد عليه المصنف رحمه‌الله أن تقتضي ما ذكره أن يكون المراد باليقين في قوله لا ينقض اليقين بالشكّ اليقين بعدم الإتيان بالركعة الرّابعة وبالشّكّ فيه الشّكّ في الإتيان بها فيفيد اعتبار الاستصحاب وفي قوله ولا يدخل الشّكّ في اليقين هو اليقين بما اشتغلت الذّمة به أو الرّكعات الثلاث اليقينية وبالشكّ الرّكعة الرّابعة المشكوك فيها وبعدم خلط أحدهما بالآخر وجوب البناء على الأقل والإتيان بالركعة المشكوك فيها منفصلة فيفيد كيفية عمل الشّاك الموافقة لمذهب الخاصة إذ لا فرق بين البناء على الأقل والإتيان بالركعة المشكوك فيها منفصلة كما هو مقتضى البيان المذكور وبين البناء على الأكثر والإتيان بصلاة الاحتياط بعده كما هو مقتضى لمذهب إلا بحسب المفهوم والاعتبار لا بحسب العمل ويظهر المراد باليقين والشك في سائر الفقرات أيضا ممّا ذكرناه ويرد عليه حينئذ أن ظاهر الفقرات أنها بأجمعها إنما وردت لبيان أمر واحد على نحو التأكيد والاهتمام وعلى الاحتمال المذكور يلزم التفكيك بينها بكون المراد ببعضها بيان قاعدة الاستصحاب كالفقرة الأولى وببعض آخر منها بيان كيفيّة عمل الشّاك كالفقرة الثانية والثّالثة فهذا التفكيك مخالف لظاهر الفقرات السّت إن قلنا بكون قوله فيبني عليه تفريعا على

٤٥٦

سابقه وكونه مع سابقه في حكم كلام واحد أو السّبع إن قلنا بكونه كلاما مستقلا مع أنّ قولنا إذ لا فرق منظور فيه إذ لو كان المراد بقوله في الصّحيحة ولا ينقض اليقين بالشكّ بيان قاعدة الاستصحاب والإتيان بالركعة المشكوك فيها منفصلة كانت الصّحيحة دليلا على كون صلاة الاحتياط جزءا من الصّلاة بخلاف ما لو كان المراد به وجوب العمل بما يوجب اليقين بالبراءة كما اختاره المصنف رحمه‌الله في معنى الصّحيحة مضافا إلى ما قيل من أنّه إذا شكّ بين الثلاث والأربع حال القيام وحصل العلم بترك التّشهد في الرّكعة الثّانية فإن قلنا بوجوب البناء على الأقل وجب القعود لقراءة التّشهد وإن قلنا بوجوب البناء على الأكثر وجب قضاؤه بعد الفراغ من الصّلاة وكذا لو حصل العلم بترك إحدى السّجدتين من الرّكعة الثّانية وحينئذ إن قلنا بوجوب البناء على الأقل وجب القعود لتدارك السّجدة المتروكة وحينئذ يرجع الشكّ بعد هدم القيام إلى الشّك بين الثنتين والثلاث قبل إكمال السّجدتين فتبطل الصّلاة وإن قلنا بوجوب البناء على الأكثر يجب قضاؤها بعد الفراغ من الصّلاة لفوات محلها بالبناء على كون الرّكعة المشكوك فيها رابعة (قوله) سيظهر اندفاعها إلخ حاصله استلزام الدّعوى المذكورة استعمال اللفظ في معنيين مختلفين أحدهما قاعدة الاشتغال في مورد الرّواية والآخر قاعدة الاستصحاب ولا جامع بينهما حتى يقال إن ذلك من باب عموم المجاز لأن اليقين والشكّ وإن أخذا في موضع القاعدتين إلاّ أنّ مبنى الأولى وجوب دفع الضّرر المحتمل مع قطع النظر عن الحالة السّابقة والثّانية مبنية على ملاحظتها مع قطع النّظر عن وجوب دفع الضّرر المحتمل فلا يمكن إرادتهما من لفظ واحد وعلى تقدير تسليم صحّته لا ريب أنه من أردإ الاستعمالات لا يجوز حمل اللّفظ عليه إلاّ مع القرينة قوله على إرادة اليقين السّابق إلخ هذا مورد قاعدة الشّكّ الساري وقوله ولا المتيقن السّابق إلخ مورد لقاعدة الاستصحاب لعدم اعتبار تقدم اليقين على الشك في موردها إذ المعتبر فيها تقدم المتيقن على المشكوك فيه دون صفة اليقين على الشّك لجواز اجتماعهما في زمان واحد كما إذا تيقّن الآن بعدالة زيد أمس مع حصول الشكّ الآن في بقائه على العدالة إلى الآن بخلاف قاعدة الشّكّ الساري إذ المعتبر في موردها تقدم صفة اليقين على صفة الشّك لا المتيقّن على المشكوك فيه وقد تقدم توضيحه في أوّل المبحث وحيث لم يصرح في الموثقة باعتبار تقدم اليقين أو المتيقن تأتي فيها احتمال إرادة قاعدة الاشتغال أيضا بخلاف الرّواية الآتية ولذا كانت الموثقة أضعف دلالة منها والفرق بينها وقاعدتي الاستصحاب والشك الساري أنّ المناط فيها هو العلم باشتغال الذّمة في أن ما مع الشّك في الخروج من عهدة التّكليف من دون اعتبار سبق اليقين أو المتيقّن كما عرفت قوله ما عن الخصال إلخ قد ذكر المجلسي في محكي البحار قرائن تدلّ على اعتبارها وقال أيضا أصل هذا الخبر في غاية الوثاقة والاعتبار على طريقة القدماء وإن لم يكن صحيحا بزعم المتأخرين واعتمد عليه الكليني وذكر أكثر أجزائه متفرّقة في أبواب الكافي وكذا غيره من أكابر المحدّثين انتهى وعنه أيضا في باب من نسي أو شكّ في شيء من أفعال الوضوء عن باب الأربعمائة عن الخصال عن أبيه عن سعيد بن عبد الله عن محمّد بن عيسى اليقطيني عن القاسم بن يحيى عن جدّه الحسن بن راشد عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن أبيه عن جدّه أن أمير المؤمنين عليه‌السلام علّم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب ما يصلح للمسلم في دينه ودنياه فكان ذلك من جملة ما قاله لهم وقيل إنّ الخبر مروي في الخصال عن الباقر عليه‌السلام وفي البحار والوسائل عن الخصال عن أبي عبد الله عليه‌السلام ولعلّ الاشتباه وقع من اختلاف النّسخ قوله إنّ الشّكّ واليقين لا يجتمعان إلخ ربّما تدعى صراحة رواية الخصال في المدّعى من حيث صراحتها في كون مطلق اليقين علّة لعدم جواز نقضه بالشّك والمضيّ فيه كما هي قضيّة الشّرطيّة وقول المصنف رحمه‌الله إنّ الشّكّ واليقين لا يجتمعان توطئة للاعتراض على من استدلّ بالرّواية على المقام وحاصله أنّ مقتضى النهي عن نقض اليقين بالشك إمكان اجتماعهما حتى يصدق نقضه به وهما لا يجتمعان أصلا لكونهما من الأمور المتضادّة فلا بد في وقوعهما إمّا من اعتبار اختلافهما بحسب الزّمان وإن اتحدا بحسب المتعلق بأن تعلق اليقين بحدوث شيء في زمان وتعلّق الشّك بحدوثه في ذلك الزمان في زمان آخر بأن حصل الشك في الزمان الثّاني في صحة الاعتقاد في الزمان الأوّل كما فرضه من المثال الأوّل وإمّا من اعتبار اختلافهما بحسب المتعلّق وإن اتّحد زمانهما كما فرضه من المثال الثّاني والثاني هو مورد قاعدة الاستصحاب لأنّ المعتبر فيه كما أوضحناه عند شرح ما يتعلّق بالأمر الخامس هو اختلاف متعلّق اليقين والشّك وإن اتّحد زمانهما بل وتقدّم الشك على اليقين أيضا كما إذا شكّ في يوم الجمعة في عدالة زيد في هذا اليوم وحصل له العلم في يوم السّبت بعدالته في يوم الخميس فتستصحب العدالة حينئذ إلى يوم الجمعة والأوّل هو مورد القاعدة المسماة في لسان جماعة بقاعدة الشّك السّاري ومقتضى التّعبير بلفظ كان والعطف بالفاء في الرّواية هو اختلاف زمان اليقين والشّكّ وظاهر اعتبار اختلاف زمانهما هو اعتبار اتحاد متعلّقهما فيكون مورد الرّواية من قبيل الأوّل لعدم اعتبار ذلك في مورد قاعدة الاستصحاب كما عرفت ويؤيّده أنّ هذا النقض على المعنى الأوّل مستعمل في أقرب مجازاته بخلافه على المعنى الثاني لأنّ حقيقة النّقض كما سيصرّح به المصنف رحمه الله بعد الفراغ من بيان الأخبار وهو رفع الهيئة الاتّصالية كما في نقض الحبل والأقرب إليه بعد تعذّره رفع اليد عن آثار المتيقن السّابق الّتي رتبها عليه في زمان اليقين كما هو مقتضى المعنى الأوّل لا رفع اليد عن ترتيبها عليه في زمان الشك كما هو مقتضى المعنى الثّاني ومن هنا يظهر أنّ في كلام المصنف رحمه‌الله نوع مسامحة لأنّ ما ذكره من المعنى الأوّل أقرب المجازين لا المعنى الحقيقي اللهمّ إلاّ أن يدعي كونه معنى حقيقيّا عرفيّا ولكنّه ينافيه ما سيأتي من تسليمه لبقائه على معناه اللّغوي هذا كلّه مضافا إلى أنّه لا ريب أنّ الرّواية على تقدير أن يقال إن من كان على يقين من شيء فشكّ فيه والضمير المجرور على المعنى الأوّل راجع إلى نفس الشّيء وعلى المعنى الثّاني إلى بقائه إذ الاستصحاب على ما يستفاد من تعاريفهم هو الشكّ في بقاء المتيقّن السّابق لا فيه نفسه وحينئذ لا بدّ فيه إمّا من الالتزام بالاستخدام أو الالتزام بنوع مسامحة عرفية بدعوى كون الشّك في نفس الشيء وفي بقائه أمرا واحدا في نظر أهل العرف نظرا إلى عدم اختلاف الشّيء الواحد باختلاف أكوانه عندهم وممّا ذكرناه من اختلاف نفس المعنيين واختلاف أحكام لفظ الرّواية عليهما يظهر عدم إمكان إرادة الجامع بينهما من الرّواية من باب عموم المجاز أو العمل بإطلاقها نظرا إلى عدم اعتبار تعلّق الشّك فيها بنفس ما تعلّق

٤٥٧

به اليقين أو بقائه مضافا إلى أنّ ظاهر الرّواية اتحاد متعلّق اليقين والشكّ والمراد المضي على هذا اليقين المتعلّق بما تعلق به الشكّ وليس هنا فردان من الشكّ يتعلق أحدهما بحدوث المتيقّن السّابق والآخر ببقائه نعم عموم اليقين والشكّ إنّما هو باعتبار الأمور الخارجة كعدالة زيد وفسق عمرو لا باعتبار تعدد لحاظهما بأن يلاحظ تارة تعلق اليقين بشيء والشكّ بحدوثه وأخرى تعلّقه به والشكّ ببقائه وقد تحقّق من جميع ما ذكرناه أنّ الرّواية بحسب ظاهرها إنما تفيد قاعدة كلية في باب الاعتقادات من حملها على الصّحة عند الشكّ في مطابقتها للواقع كما حكي عن بعضهم حيث قسّم أصالة الصّحة إلى أقسام أربعة أصالة الصّحة في الاعتقادات وفي الأفعال وفي الأقوال وفي جميع الموجودات وهي في الأخير أعمّ من سوابقه وهو واضح (قوله) ثم لو سلّم إلخ فيه نظر وتوضيحه أنّ الشكّ في المتيقن السّابق إمّا من جهة تبين فساد مدرك الاعتقاد السّابق إذ تبين فساد المدرك لا يستلزم تبيّن فساد المدرك أو من جهة أخرى كنسيان المدرك وعلى الأوّل إمّا أن يعمل في زمان اليقين على طبق اعتقاده كالاقتداء بمن اعتقد عدالته أو العمل بفتواه أو شهادته أو نحو ذلك أو لا وحينئذ إن أريد بتأسيس هذا الأصل إثبات وجوب البناء على صحّة الاعتقاد السّابق وإمضاء ما عمل به في زمان الاعتقاد وترتيب آثار المعتقد في زمان الشكّ فهو خلاف الإجماع لإجماعهم على عدم الاعتداد بالاعتقاد السّابق في زمان الشكّ مع تبيّن فساد مدرك اعتقاده وإن أريد به البناء عليها مع تخصيص ما أخرجه الدّليل بأن يقيد إطلاق هذا الأصل بأحد الوجهين اللّذين أشار إليهما المصنف رحمه‌الله فهو موجب لتخصيص الأكثر إذ الغالب تبيّن فساد مدرك الاعتقاد عند زواله فإخراج مورد الإجماع موجب للمحذور المذكور بل يمكن دعوى مخالفة هذه القاعدة للإجماع من رأس ومخالفة كاشف الغطاء غير قادحة فيها كما لا يخفى وأمّا حكم العلماء بصحّة الأعمال الواقعة على طبق الاعتقاد السّابق فلعلّه لأجل قاعدة الشكّ بعد الفراغ لا للقاعدة المذكورة فإنّهما قاعدتان مختلفتا المؤدّى فإنّ مؤدّى هذه القاعدة هو تصحيح الاعتقاد السّابق بالبناء على مطابقته للواقع وإن لم يرتب عليه عملا بعد ومؤدّى قاعدة الفراغ تصحيح العمل بالبناء على مطابقته للواقع وإن لم يقع عن اعتقاد أو شك في وقوعه كذلك كما إذا صلّى من دون التفات إلى استجماعه للشرائط ثمّ شكّ فيه أو شكّ فيه بعد الفراغ من دون تذكر لاعتقاده به حين الصّلاة ومن هنا يظهر أنّ الرّواية إن صحّت سندا ودلالة لا تصلح لتأسيس هذه القاعدة(قوله) اللهمّ إلاّ أن يقال إلخ يؤيده قوّة احتمال ورود التعبير بلفظ كان والعطف بالفاء مورد الغالب إذ الغالب في مورد الاستصحاب أيضا تقدّم زمان اليقين على زمان الشكّ ثمّ إنّ حاصل ما ذكره بيان الفرق بينما كان الزمان الماضي قيدا للمتيقن مثل قولنا عدالة زيد في يوم الجمعة إذا كانت متيقنة كان كذا وبينما كان قيدا لنفس اليقين مثل قولنا إذا تيقنت يوم الجمعة بعدالة زيد كان كذا وإنّ الرّواية إن كانت من قبيل الأوّل بأن كان متعلق اليقين فيها مقيدا بالزّمان الماضي كان حاصلها من تيقن بشيء حاصل في الزمان الماضي فشك في وجود هذا الشيء الكائن في الزمان الماضي فليمض على يقينه فتكون حينئذ صريحة في اختلاف زمان اليقين والشكّ مع اتحاد زمان متعلقهما وهو ليس بمورد للاستصحاب كما تقدم سابقا وإن كانت من قبيل الثّاني بأن كان متعلق اليقين فيها مجرّدا عن الزّمان الماضي وكان الزّمان ظرفا لنفس اليقين كان حاصلها من تيقن في الماضي بشيء فشك فيه ولا شكّ أنّ الشكّ في هذا الشيء حينئذ أعمّ من أن يتعلق بتحققه فيرجع إلى المعنى الأوّل ومن أن يتعلق ببقائه مع العلم بوجوده في السّابق إذ مع تجريد متعلق اليقين عن الزمان الماضي يصح تعلق الشك ببقائه والرّواية مع تجريد متعلق اليقين عن الزّمان الماضي ظاهرة ولو بملاحظة نظائرها في تعلق الشك بالبقاء فتنطبق على قاعدة الاستصحاب (قوله) بملاحظة ما سبق إلخ هذا بناء على ما اشتهر من أنّ الأخبار بملاحظة اتحاد مأخذها وإن اختلفت مصادرها بمنزلة كلام متكلم واحد يكشف بعضها عن بعض (قوله) لكن سند الرّواية إلخ قد تقدّم السّند وقال في منتهى المقال وفي التعليقات تضعيف الخلاصة من الغضائري كما في النقد فلا يعبأ به ورواية الأجلة عنه سيّما مثل أحمد بن محمّد بن عيسى أمارة الاعتماد بل الوثاقة ويؤيده كثرة رواياته والإفتاء بمضمونها ويؤيد فساد كلام الغضائري في المقام عدم تضعيف شيخ من المشايخ العظام الماهرين بأحوال الرّجال إياه وعدم طعن من أحد ممّن ذكره في مقام ذكره في ترجمته وترجمة جدّه وغيرهما والعلامة تبع الغضائري بناء على جواز عثوره على ما لم يعثروا عليه وفيه ما فيه انتهى (قوله) المعروف عدم قدحه إلخ ذكر الوجه فيه في مقدّمات منتهى المقال قال لا يخفى أنّ كثيرا من القدماء سيّما القميين والغضائري كانت لهم اعتقادات خاصّة في الأئمة عليهم‌السلام بحسب اجتهادهم لا يجوزون التعدي عنها ويسمّون التعدي غلوّا وارتفاعا حتّى إنهم جعلوا مثل نفي السّهو عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله غلوّا بل ربّما جعلوا التفويض المختلف إليهم عليهم‌السلام أو نقل خوارق العادات عنهم أو الإغراق في جلالتهم وذكر علمهم بمكنونات السّماء والأرض ارتفاعا أو مورثا للتهمة وذلك لأنّ الغلاة كانوا مختلفين في الشّيعة ومخلوطين بهم مدلّسين أنفسهم عليهم فبأدنى شبهة كانوا يتّهمون الرّجل بالغلوّ والارتفاع وربّما كان منشأ رميهم بذلك وجدان رواية ظاهرة فيه منهم أو ادعاء أرباب ذلك القول كونه منهم أو روايتهم عنه وربّما كان المنشأ روايتهم المناكير إلى غير ذلك وبالجملة الظاهر أنّ القدماء كانوا مختلفين في المسائل الأصولية فربّما كان شيء عند بعضهم فاسدا أو كفرا أو غلوّا وعند آخرين عدمه بل ممّا يجب الاعتقاد به فينبغي التأمل في جرحهم بأمثال الأمور المذكورة ومما ينبه على ما ذكرناه ملاحظة ما سيذكر في تراجم كثيرة ويأتي في إبراهيم بن عمر وغيره ضعف تضعيفات الغضائري وفي إبراهيم بن إسحاق وسهل بن زياد ضعف تضعيف أحمد بن محمّد بن عيسى مضافا إلى غيرهما من التراجم فتأمل انتهى وغير خفي على ذوي الأفهام المستقيمة أن ضعف التضعيف إذا كان مبنيا على ما ذكر فلا بدّ أن يكون توثيق الغضائري وأمثاله في غاية الاعتماد وهو واضح (قوله) فتأمّل لعلّه إشارة إمّا إلى منع استناد العلاّمة في التضعيف إلى تضعيف الغضائري لعدم الدّليل عليه إذ لعلّه قد وصل إليه ما يوجب القدح في القاسم مع قطع النظر عن تضعيف الغضائري وفيه أن عدم تضعيف أحد للقاسم سوى الغضائري القدّاح للرّواة كثيرا كما تقدم عن التعليقات مع اعتماد العلامة عليه كما في ترجمة إبراهيم بن عمر اليماني الصّنعائي يوجب الظنّ القوي باستناده إليه وإمّا إلى منع عدم قدح تضعيف الغضائري بعد اعتماد العلامة والنجاشي الذي هو من مهرة الفنّ وكذا

٤٥٨

الطوسي في الجرح والتعديل عليه كما ذكر في ترجمة إبراهيم بن عمر وفيه ما يظهر من ملاحظة الحاشية السّابقة وإمّا إلى أن تضعيف الغضائري وإن لم يوجب الضّعف إلا أنّه يوجب جهالة حال الرّاوي وفيه أنّه إنّما يتم إن لم يثبت اعتماد الأجلّة سيّما أحمد بن محمّد بن عيسى على القاسم بن يحيى وروايتهم عنه كما تقدم عن التعليقات فإن ذلك إن لم يفد التوثيق فلا أقل من كونه سببا لقبول الرّواية من جهته على المختار في باب الأخبار مضافا إلى ما أسلفناه سابقا عن غوّاص بحار أنوار علوم الأئمّة عليهم‌السلام من تصريحه بكون هذه الرّواية في غاية الوثاقة والاعتبار على طريقة القدماء فراجع (قوله) فإن تفريع تحديد إلخ حكي عن المصنف رحمه‌الله استشكاله في دلالة الرّواية على المقصود بما حاصله أنه يحتمل أن يكون المراد بقوله اليقين لا يدخله الشكّ بيان قاعدة الاشتغال وكان قوله عليه‌السلام صم للرّؤية مذكورا بالتبع لعدم انطباقه عليها إذ المقصود منه عدم وجوب الصّوم في اليوم المردّد بين شعبان وشهر رمضان فالمقصود الأصلي بالبيان هو قوله عليه‌السلام وأفطر للرّؤية دون الفقرة المذكورة لا يقال لا يمكن حمل هذه الفقرة أيضا على بيان وجوب الاحتياط في اليوم المردّد بين شهر رمضان وشوّال لدوران الصّوم فيه بين الوجوب والحرمة الذاتية لحرمته في أوّل شهر شوّال لأنا نقول إن احتمال وجوبه وإن كان من قبيل الشكّ في المكلّف به مع تبيّن متعلق التكليف مفهوما إلاّ أن احتمال حرمته من قبيل الشكّ في التكليف الابتدائي الّذي يرجع فيه إلى أصالة البراءة لا يقال قول الرّاوي عن اليوم الذي يشك فيه من رمضان عام شامل لليومين فما وجه تخصيصه باليوم الآخر منه فلا بدّ أن يكون المراد بالجواب أيضا عاما لينطبق على السّؤال وهو لا يتم إلاّ بإرادة قاعدة الاستصحاب لأنا نقول إنّ يوم الشكّ وإن كان عاما إلاّ الظّاهر إرادة المعهود منه لا إرادة مطلق ما صدق عليه هذا المفهوم والمعهود منه هو اليوم الأخير لركوز حكم الأوّل في الأذهان هذا محصّل كلامه وأنت خبير بأن هذا الإشكال مع مخالفته لظاهر الرّواية إنّما يتجه على تقدير كون صوم تمام الشهر تكليفا واحد وهو خلاف التحقيق لكون كلّ يوم منه مورد تكليف مستقل ولذا اختار المصنف رحمه‌الله في بعض كلماته الآتية كون يوم الشكّ مطلقا مورد الأصالة البراءة مع الغض عن حكومة قاعدة الاستصحاب عليها وكون المقام من مواردها(قوله) بإرادة عدم جعل إلخ يعني بقوله اليقين لا يدخله الشكّ وحاصله أنّ بيان هذه الكليّة ثم تفريع الصّوم والإفطار عليها لا يتم إلاّ بإرادة قاعدة الاستصحاب منها لما عرفت في الحاشية السّابقة من عدم كون يوم الشكّ من أوّل شهر رمضان موردا لقاعدة الاشتغال ولو مع قطع النظر عن جريان الاستصحاب في المقام (قوله) أظهر ما في هذا الباب إلخ لعدم جريان وجود الإشكال الواردة على سائر الأخبار من قضيّة العهدية وغيرها فيها مضافا إلى ما عرفته في الحاشية السّابقة من قضيّة التفريع هنا فتدبر(قوله) إلا أنّ سندها غير سليم إلخ لأنّ علي بن محمّد قد غمز عليه أحمد بن محمّد بن عيسى وذكر أنّه سمع منه مذاهب منكرة وليس في كتبه ما يدلّ على ذلك النجاشي وفي خلاصة هو ضعيف واضطرب فيه كلام الشيخ فراجع إلى ما ذكروه في ترجمته (قوله) هذه جملة ما وقفت إلخ ومنها الرّضوي إذا شككت في الحدث وكنت على يقين من الوضوء لا تنقض اليقين بالشك ثمّ قال فيه أيضا وإن توضأت وضوءا صلّيت صلاتك أو لم تصلّ ثمّ شككت فلم تدر أحدثت أم لم تحدث فليس عليك وضوء لأنّ اليقين لا ينقض بالشكّ ومنها ما عن مصباح الشّريعة عن الصّادق عليه‌السلام لا يدفع اليقين بالشكّ (قوله) فلعلّ الاستدلال بالمجموع إلخ لأنّ الظنّ الحاصل من مجموع جملة من الأخبار كالحاصل من خبر واحد في الاندراج في معقد إجماعهم على اعتبار الظنون الحاصلة من دلالة الألفاظ (قوله) رواية عبد الله إلخ قيل هي صحيحة(قوله) نعم الرّواية مختصّة إلخ ربّما يمنع الاختصاص لأن ظاهر العلّة في الرّواية هي الإعادة مع سبق العلم بالطّهارة ولكن لا مدخليّة للإعادة والطّهارة في العلية إمّا الأوّل فإجماعا وأمّا الثّاني فإنّ الطّهارة من قبيل خصوصيّة المحلّ فلا بدّ من إهمال خصوصيّته نظير ما ذكره المصنف رحمه‌الله في اليقين بالوضوء في الصّحيحة ومن هنا يظهر أنّه كان للمصنف ذكر هذه الرّواية من الأخبار العامة وأقول هذا وإن كان متجها بالقياس على ما ذكره المصنف رحمه‌الله في الصّحيحة إلا أنّك قد عرفت هناك ضعف ما ذكره وأنّ العلّة هو اليقين بالوضوء لا وصف اليقين من حيث هو (قوله) بناء على أنه مسوق إلخ حاصله أنّ المراد بالشيء إن كان هو الشيء المفروض الطهارة واقعا كان المراد بقوله طاهر إنشاء لبقاء طهارة هذا الشيء المفروض الطهارة عند الشكّ في ارتفاعها فتكون الغاية حينئذ غاية للحكم باستمرار الطهارة الثابتة إلى حصول هذه الغاية وهي العلم بالقذارة لا لأصل ثبوت الطهارة وإن كان هو الشيء المشكوك الطّهارة كان قوله طاهر إنشاء لثبوت الطهارة الظاهريّة لهذا الشيء مع قطع النظر عن حالته السّابقة وتكون الغاية غاية لأصل ثبوت الطّهارة الظاهريّة ومن هنا يظهر أنّ المراد بالحكم في قوله فغاية الحكم غير مذكورة هي الطهارة الواقعية الثابتة للشيء من حيث هو إذ الغاية على الأوّل غاية لاستمرار الطهارة المجعولة في زمان الشكّ لا لأصل الطهارة الثابتة للشيء من حيث هو (قوله) بل يجري في مسبوق إلخ بمعنى كون مسبوق النجاسة موردا لقاعدة الطهارة لا جريانها فيه فعلا كيف لا واستصحاب النجاسة حاكم عليها نظير ما ذكره في تعارض الأصول من حكومة استصحاب الحرمة على قاعدة البراءة وهذا أحد الوجهين والآخر خروج مورد قاعدة الطّهارة في مورد استصحاب النجاسة من كونه موردا لها وهذان الوجهان وإن لم يذكرهما المصنف في تعارض قاعدة الطهارة مع استصحاب النجاسة إلاّ أنّه قد ذكرهما في تعارض الاستصحاب مع قاعدة البراءة حاكيا للوجه الثّاني قولا لبعضهم وهو صاحب الرّياض على ما حكي عنه وسيجيء استيفاء الكلام في ذلك في تعارض الأصول (قوله) ثمّ لا فرق في مفاد إلخ توضيحه أنّ الشكّ في الطهارة إمّا أن يتعلق بالحكم الكلّي أو موضوعه الخارجي وعلى التقديرين إمّا أن تتحقق هنا حالة سابقة أو لا فهذه أقسام أربعة وفي اختصاص مورد الرّواية ببعضها أو عمومه لجميعها وجوه بل أقوال أحدها أن يكون موردها أعمّ من الشّبهة الحكميّة والموضوعيّة مع عدم الحالة السّابقة وهذا محكي عن ظاهر الأكثر وثانيها أن يكون مختصّا بالشّبهة الموضوعيّة مع عدم الحالة السّابقة واختاره المحقق القمي رحمه‌الله وثالثها أن يكون مختصّا بالشّبهة الموضوعيّة مع تحقق الحالة السّابقة وهو محكي عن جماعة ورابعها أن يكون أعمّ من الجميع واختاره المصنف رحمه‌الله وهنا وجوه أخر أيضا إلاّ أنّه لا يكاد يوجد قول بها والنّافع للمستدل أحد الوجهين الأخيرين (قوله) من امتناع إرادة إلخ قال بعد ذكر المعاني الثلاثة إذا عرفت هذا وظهر لك الفرق بين المعاني عرفت أنّ المعاني

٤٥٩

متغايرة متباينة لا يجوز إرادتها جميعا من إطلاق واحد كما حققناه في أوائل الكتاب والقول بأن كلّ شيء عام قابل لإرادة الكلّي والجزئي وكذلك العلم يشمل العلم بالكلّي والجزئي فيصح إرادة معنى عامّ يندرج الكلّ فيه لا يصحّ مع تفاوت إضافة الطهارة والقذارة إلى الأشياء وكذلك سبب العلم ولا ريب أن كلام المعصوم عليه‌السلام منزل على موارد حاجات المكلفين وقد تختلف موارد الحاجات فقد يمكن أن يراد بسبب موضع الحاجة أن كل شيء طاهر طاهر باليقين السّابق حتّى يعلم من الخارج ملاقاته للنجاسة أو أن كلّ شيء مشتبه بين أمور طاهرة أو نجسة فيحكم بأنّه من الأشياء الطّاهرة حتى يعلم من الخارج أنّه من الأشياء النجسة أو أنّ كلّ شيء يحتمل أن يكون حكمه الشّرعي الطّهارة أو النجاسة فيحكم أنّه طاهر حتّى يعلم من جانب الشّارع أن حكمه النجاسة انتهى موضع الحاجة وقد ذكر نظير هذا في مباحث البراءة عند بيان قوله عليه‌السلام كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال فراجع (قوله) إذ لا مانع عن إرادة الجامع إلخ حاصله أنّ ظاهر كلام صاحب القوانين بل صريحه تعيّن إرادة أحد المعاني الثلاثة وعدم إمكان إرادة الجميع ولا معنيين من الرّواية نظرا إلى تباين كل واحد منها للآخر وحينئذ يرد عليه أنّ معنى قاعدة الطهارة وإن كان مباينا لمعنى الاستصحاب إذ الملحوظ والمناط في الأوّل كون الشيء مشكوك الطهارة مع قطع النّظر عن حالته السّابقة وفي الثاني كونه مسبوقا بالطهارة وجدانا أو شرعا وبعبارة أخرى أنّ المعيار في الأوّل هو الحكم بطهارة مشكوك الطهارة ابتداء وفي الثّاني هو الحكم ببقاء الطّهارة السّابقة والغاية أعني قوله عليه‌السلام حتّى تعلم أنه قذر على الأوّل تكون غاية للحكم بالطّهارة والمعنى كلّ شيء مشكوك الطهارة محكوم بالطهارة إلى زمان العلم بعروض القذارة له وعلى الثّاني غاية لاستمرار الطهارة السّابقة والمعنى كلّ شيء طاهر سابقا شرعا أو وجدانا محكوم باستمرار طهارته إلى زمان العلم بعروض القذارة له ولا جامع بين المعنيين إلاّ أنّه لا مانع من إرادة معنى عامّ شامل لجريان قاعدة الطهارة في الشبهات الحكميّة والموضوعيّة إذ لا مانع منه سوى اختلاف إضافة الطّهارة إلى الأشياء من حيث الحكم والموضوع أو اختلاف العلم بسبب اختلاف أسبابه نظرا إلى كون العلم بالقذارة في الشبهة الحكميّة حاصلا من الأدلّة وفي الشبهة الموضوعيّة حاصلا من البيّنة وغيرها من الأمارات كما تقدّم في الحاشية السّابقة لكن ذلك بمجرّده لا يمنع من إرادة معنى عام من لفظ الطّهارة والعلم شامل للشّبهات الحكميّة والموضوعيّة إذ المفروض عدم إرادة خصوصيّات الموارد(قوله) ليت شعري إلخ توضيحه أنّه مضافا إلى ما أشار إليه المصنف رحمه‌الله آنفا وأسلفنا توضيحه في الحاشية السّابقة من عدم إمكان إرادة الأصلين من الرّواية أنه إن أراد بالمشار إليه في قوله إنّ هذا الحكم المستمرّ إلى آخره الحكم المستفاد من الأصل الأولي أعني قاعدة الطهارة ففيه أن الحكم المستفاد منها هي الطّهارة الظّاهريّة المغياة بزمان العلم بالنجاسة وليس استمرار هذا الحكم ظاهرا ولا واقفا مغيّا بزمان العلم بالنجاسة بل هو حكم كلّي مستمر إلى زمان ورود النسخ عليه إذ ليست غاية الأحكام الكليّة إلاّ ذلك فلا معنى لقوله مستمر إلى زمان العلم بالنجاسة مع أنه إذا أريد إثبات استمرار الحكم المستفاد من قاعدة الطهارة أعني الطهارة الظاهريّة المغيّاة بالعلم بالنجاسة يكون مجموع الغاية والمغيا موضوعا للحكم المستفاد من الأصل الثّانوي أعني قاعدة الاستصحاب وبعبارة أخرى يكون المستصحب حينئذ مجموع الغاية والمغيّا وحينئذ لا يمكن أن تكون الطّهارة الثابتة بالاستصحاب مغياة بقوله حتّى تعلم أنه قذر إذ لا يعقل أن يكون شيء واحد غاية لحكم ولحكم آخر يكون الحكم الأوّل المغيّا موضوعا له وإلاّ لزم تقدّم الشّيء على نفسه لتقدّم الموضوع وتوابعه على محموله ولو طبعا فإذا فرض كون شيء واحد قيدا لكل واحد من الموضوع والمحمول لزم ما ذكرناه فلا وجه حينئذ لقوله إنّ هذا الحكم مستمرّ إلى زمان العلم بالنجاسة وإن أراد به الحكم الواقعي المعلوم بمعنى أنّ الطهارة إذا ثبتت في زمان فهي مستمرة في الظاهر إلى زمان العلم بالنجاسة ليكون الكلام مسوقا لبيان الاستمرار الظّاهري فيما علم ثبوت الطهارة الواقعيّة له في زمان فأين هذا من بيان قاعدة الطهارة في الأشياء المشكوكة الطهارة المبنية على عدم ملاحظة الحالة السّابقة والحكم باستمرارها في الظاهر(قوله) وإن كان متحدا إلخ فيجري فيه ما تقدم في سابقه إلاّ أنّ غلبة اختصاص مورد هذه الرّواية بالشكّ في عروض النجاسة إذ من البعيد خفاء حكم المياه بحسب خلقتها الأصلية على أحد تقتضي كون المراد بها بيان قاعدة الاستصحاب دون الطهارة بخلاف الرّواية السّابقة كما تقدّم وبعبارة أخرى إنّ هذه الرّواية من حيث اتحادها مع سابقتها في الحكم والغاية وإن كانت ظاهرة في إرادة بيان قاعدة الطهارة إلاّ أنّ الغلبة المذكورة صارفة عن ظهورها وربّما يتنظّر في صلاحيتها لصرفها عن الظهور اللّفظي ولكنه ضعيف لأنّ استصحاب الطّهارة حاكم على قاعدتها كما يرشد إليه ما تقدّم من رواية ابن سنان لأنّ إسناد الحكم بطهارة الثوب فيها إلى الاستصحاب دون القاعدة مع كون المورد محلا لكلّ منهما ظاهر في ما ذكرناه وحينئذ نقول إنّ الحكم بالطهارة في هذه الرّواية مع غلبة تحقق الحالة السّابقة في موردها لا يحسن أن يستند إلى القاعدة دون الاستصحاب مع حكومته عليها(قوله) فإيّاك أن تحدّث إلخ التهديد عن تجديد الوضوء مع ما ثبت من استحبابه وحسن الاحتياط لعلّه مبني على اعتقاد عدم جواز الدّخول في المشروط بالطهارة المستصحبة أو على كون تجديد الوضوء مؤدّيا إلى الوسواس ثمّ إنّه قد يستدلّ على اعتبار الاستصحاب أيضا بمفهوم الأخبار الدّالّة على عدم الاعتناء بالشكّ في شيء بعد التجاوز عن محلّه لدلالتها على الاعتناء بالشكّ بمعنى البناء على عدم وقوع العمل المشكوك فيه قبل التجاوز عن محلّه نعم يختصّ مؤدّاها باستصحاب العدم فلا يشمل الاستصحابات الوجوديّة ولذا ذكرناها في ذيل الأخبار الخاصّة(قوله) في جميع الموارد إلخ سواء كانت ممّا كان الشكّ فيه في الرّافع أم المقتضي (قوله) توضيحه أنّ حقيقة النقض إلخ حاصله أن لفظ النقض بحسب اللّغة حقيقة في رفع الهيئة الاتّصاليّة الحسّية الحاصلة في الأشياء وإبانة أجزائها كما في قوله تعالى (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها) الآية وهذا المعنى غير مراد في الأخبار جزما فيتعين حمله على إرادة معنى مجازي منه وهو إما رفع اليد عن الشيء الثابت مع وجود المقتضي لبقائه لو لا المانع منه كالطهارة وعلاقة الزّوجيّة الباقيتين لو لا المزيل وإمّا مطلق رفع اليد عن الشيء الثابت ولو لعدم المقتضي له كرفع اليد عن الواجب الموقت بعد خروج وقته والأوّل أقرب إلى المعنى الحقيقي اعتبارا وعرفا فيتعين حمل اللفظ عليه بعد تعذّر إرادة حقيقته نعم يرد عليه أنّه يلزم حينئذ ارتكاب مجازين أحدهما في لفظ النقض بحمله على ما عرفت وثانيهما في المنقوض بتخصيصه بما من شأنه البقاء لو لا المانع بخلاف ما لو حمل على المعنى الثّاني لبقاء المنقوص حينئذ

٤٦٠