أوثق الوسائل في شرح الرسائل

ميرزا موسى التبريزي

أوثق الوسائل في شرح الرسائل

المؤلف:

ميرزا موسى التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: انتشارات كتبي نجفي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٣٦

أو بوجود القرينة المعتبرة بأن يشخص بالظنّ أنّ الوقوع عقيب الخطر قرينة معتبرة عند العرف وإمّا أن علم بكونه قرينة عندهم فهو خارج ممّا نحن فيه وإن كانت دلالته حينئذ ظنّية أيضا وعلى المقام بحث وهو أن نزاعهم في اعتبار الظنّ بالأوضاع وعدمه مختص بالظنّ الحاصل بأوضاع مواد الألفاظ لإجماعهم كما صرّح به صاحب الفصول في بعض كلماته على ما هو ببالي على عدم حجيّة الظنّ بأوضاع الهيئات وإن كان حاصلا من قول أهل اللّغة والسّر فيه ثبوت طريق العلم بأوضاع الهيئات لعدم اختلاف معانيها باختلاف اللغات فيمكن معرفتها بالرجوع إلى العرف وملاحظة مرادفها من سائر اللّغات بخلاف مواد الألفاظ وفي حكم الهيئات ما يمكن معرفة وضعه بالرّجوع إلى العرف من المواد مثل لفظ الواو والفاء ونحوهما من الحروف ولذا ترى الأصوليّين قد عنونوا الكلام في إثبات أوضاع الهيئات وجملة من الحروف من دون تعرّض لسائر المواد ولكن الإنصاف أنّ ذلك في الحروف محلّ نظر بل منع ومن هنا لعلّه قد طوى الكشح عن ذكر معاني الحروف أواخر المتأخرين في كتبهم الأصوليّة وكيف كان فالظّاهر تحقّق إجماعهم على عدم اعتبار الظنّ بالأوضاع في الهيئات ومن هنا يظهر أنّ تمثيل المصنف رحمه‌الله للمقام بصيغة افعل والجملة الشّرطية خارج من محلّ النّزاع ولعلّه لم يعتد بالإجماع المذكور لعدم تحققه عنده (قوله) عدا وجوه ذكروها إلخ هذه الوجوه على ما يظهر من طي كلماته أربعة أحدها الإجماع قولا وعملا الثّاني بناء العقلاء على العمل بقول اللغويين بل بقول كلّ ذي صنعة مبارز في صنعته وبارع في فنّه الثالث مسيس الحاجة إلى اعتباره وإلاّ انسداد باب الاستنباط عن الأدلّة اللّفظية الرّابع انسداد باب العلم بالأحكام الشرعيّة المستلزم لاعتبار قول اللغويين بتقريب ما ذكره المصنف رحمه‌الله وهنا وجه خامس وهو تقرير الأئمة عليهم‌السلام للعمل بما في كتب اللّغة كما سنشير إليه (قوله) في إثبات جزئي من جزئيات إلخ اعلم أن ما يحصل منه الظنّ بالأوضاع أمور يختلف الظنّ الحاصل منها باختلافها قوّة وضعفا منها قول أهل اللّغة سيّما إذا كان من المعروفين بالضّبط وكثرة التّتبع مثل الخليل والأصمعي وابن سكيت والجوهري ومنها اشتهار المعنى بين الفقهاء ومنها قول الفقيه بأن يفسّر لفظا بمعنى ومنها سائر الأسباب المفيدة للظنّ من دون اختصاص بسبب دون آخر ممّا لم يقطع بعدم اعتباره كالقياس على ما ذكره صاحب المعالم من عدم عمل العاملين بالقياس به في إثبات الأوضاع وهذه أمور مفيدة للظنّ متدرّجة في الاعتبار قوّة وضعفا وأقواها أوّلها(قوله) والمراد بالظنّ المطلق إلخ فيه نظر لأنّ الظاهر أنّ المناط في الفرق بينهما أن الظنّ المطلق كلّ ظنّ كان اعتباره بهذا الوصف العنواني من دون خصوصيّة لسبب فيه سواء كان المثبت له هو دليل الانسداد المعروف أو غيره إذ لو فرض انعقاد إجماع أو ورود خبر قطعي على اعتبار الظنّ مطلقا من أيّ سبب حصل كان هذا مطلقا كما يشعر بما ذكرناه وصفه بالإطلاق والظنّ الخاص كلّ ظنّ اعتبره الشّارع باعتبار عنوان خاص من جهة الأسباب أو غيرها سواء كان المثبت له دليل الانسداد أم غيره ولذا ترى صاحب المعالم أنّه مع عدم عمله إلاّ بالخبر الصّحيح الأعلى قد استدل عليه بدليل الانسداد وهذا وإن كان فاسدا في نفسه إلا أنّه يدلّ على عدم كون المناط في تسمية الظنّ الخاصّ بهذا الاسم هو كون دليله غير دليل الانسداد لكن عذر المصنف رحمه‌الله فيما ذكره واضح لأن دليل الانسداد لما كان مقتضاه بحسب الواقع اعتبار الظنّ مطلقا وكان مقتضى غيره من الأدلّة اعتبار صنف خاصّ من الظّنون فسامح في جعل المناط في الفرق بينهما ما ذكره والأمر فيه سهل (قوله) باتفاق العلماء إلخ ممن ادعى الاتفاق في المقام هو العلاّمة الطّباطبائي قال في شرح الوافية ويدل على حصول الظنّ وحجيّته معا إطباق علماء الأمصار في جميع الأعصار على الحجيّة والاعتبار من دون توقف وإنكار فإن المفسّرين والمحدّثين والعلماء والأصوليين والفقهاء والأدباء على كثرتهم واختلاف علومهم وفنونهم لم يزالوا في وضع اللّغات وتعيين معاني الألفاظ يتمسكون بأقوال اللغويين ويعتمدون عليها ويراجعون الكتب المدونة في اللّغة قد جرت بذلك عادتهم واستمرّت طريقتهم حتّى إنّهم في مقام التّخاصم والنّزاع في اللّغة إذا استند أحدهم إلى نصّ لغوي موافق لمقالته التزم به خصمه أو عارضه ببعض آخر يقابله ولم يقل هذا خبر واحد وهو لا يفيد الظنّ وعلى تقدير إفادته فلا عبرة به إذ الحجّة هو القطع دون غيره ولو لا أن حصول المظنّة واعتبارها معا من الأمور المقرّرة المعلومة لديهم بل الضّرورية عندهم لما أمسكوا عن النكير إلى أن قال وناهيك في ذلك اعتناء الأكابر والأماثل بجمع اللّغة وضبطها وتدوينها وحفظها حتّى صنفوا فيها الكتب المشهورة والمؤلفات المعروفة وما فعلوا ذلك إلا لتكون الكتب المؤلّفة مرجعا لمن بعدهم من العلماء ومنهلا لمن يأتي من الفضلاء والأدباء ليأخذوا منها ويصدروا عنها إلى أن قال مع أنّ تدوين اللّغة بعد تحصيل المائة الثانية من الهجرة في زمان الصّادق والكاظم والرّضا عليهم‌السلام وقد شاع غاية الشّيوع في المائة الثّالثة ولم ينقل عن الأئمة ولا غيرهم من التابعين إنكار ذلك أصلا بل ورد عنهم ما يقتضي الحثّ على تعلم اللّغة والمعرفة بوجوه اللّفظ كما يظهر لمن تتبع الأخبار انتهى وأقول أما ما ادعاه من الإجماع فيظهر منعه ممّا أجاب به المصنف رحمه‌الله وسنشير إلى زيادة توضيح لذلك وأما ما ادعاه من تقرير الأئمة عليهم‌السلام فيرد عليه منع وجود خبر يدل على تقريرهم عليهم‌السلام للعمل بقول أهل اللّغة ومجرّد عدم نقل إنكارهم لا يدل على رضاهم بذلك بل القطع بعدمه أيضا لا يدلّ عليه لاحتمال التقيّة والخوف وأمّا الحثّ على تعلمها هو أيضا لا يدلّ على جواز الاكتفاء فيها بالظنّ إذ لعلّه لأجل تحصيل العلم (قوله) وفيه أنّ المتيقّن من هذا الاتفاق إلخ توضيحه أنّ محلّ الكلام في المقام هو جواز العمل بقول اللّغوي غير المفيد للعلم في الأحكام الإلزاميّة

١٠١

غير الموافقة للقواعد الشرعيّة والعامل بأقوال أهل اللّغة إمّا هو الأدباء المتحلّين بالعلوم الأدبيّة فاهتمامهم بضبط اللغات وعنايتهم في حفظها وتدوينها واستمرار عادتهم على الرّجوع إلى كتب اللغة وإن كان ثابتا إلا أنّ ذلك لمسيس حاجتهم إلى ذلك في نظم الأشعار وجمع الخطب والرّسائل وحل الألغاز ومشكلات الألفاظ في محافل الرّؤساء والسّلاطين لأنّهم كانوا يدخلون عليهم ويتردّدون إليهم بالمدح والتوصيف بالأشعار والخطب ويصلون بذلك إلى الصّلات الكثيرة والعطايا الجزيلة ويطلبون به الجاه عندهم والتّقرب إليهم وكانوا ربّما ينازعون في مجالسهم في معاني الأشعار والخطب وبخطإ بعضهم بعضا فيحتاجون إلى مراجعة كتب اللّغة وضبطها وقصّة سيبويه والكسائي مشهورة قيل إنّ العرب أرشوا في موافقة الكسائي أو إنهم علموا مكانه عند الرّشيد وكان هذا عمدة السّبب في تدوين كتب اللّغة بل وسائر علوم الأدب أيضا وهذا حال الأدباء لا دخل لها فيما نحن فيه وأمّا العلماء الأعلام فلم يظهر منهم أيضا الرّجوع إلى كتب آحاد أهل اللّغة واعتمادهم عليها في إثبات الأحكام الإلزاميّة المخالفة للأصول والقواعد بحيث يحصل منهم الإجماع على ذلك لأن إجماعهم في الجملة وإن كان مسلما إلا أن عملهم يحتمل أن يكون مع اجتماع شرائط الشّهادة من العدد والعدالة ونحوهما كما اعتبروها في سائر المقامات ويحتمل أن يكون في موارد حصول العلم بمجرّد ذكر لغوي أو أزيد أو مع انضمام سائر القرائن الخارجة أيضا أو في مقام لا يتعلق بالتّكليف كتفسير الخطب والآيات والأخبار الواردة في القصص والحكايات أو يتعلق به لكن في موارد يتسامح فيها كالسّنن والمكروهات أو في مورد ثبت التّكليف فيه بالواقع بالدليل اللّفظي مع إجمال المراد منه وعدم إمكان الاحتياط فيه وبالجملة أنّ الإجماع المدّعى في المقام عملي فلا بدّ فيه من الاقتصار على المتيقّن من مورد عملهم وهو غير مفيد للمدّعى ومنه يظهر ضعف ما نقله عن المحقق السّبزواري من بناء العقلاء على اعتبار قول كلّ ذي فنّ بارع في فنّه وكل ذي صنعة مبارز في صنعته لأنّ هذا أيضا إجماع تقييدي لا اعتداد به مع إجمال جهة عملهم بقول أهل الخبرة بحسب الموارد لأنّ عمل العلماء بقول الطّبيب أنّما هو لدفع الضّرر المظنون في مخالفته وهو ممّا استقل به العقل وعدم عملهم بقول غيره في الطب مع فرض إفادته للظنّ أنّما هو لكون الظنّ الحاصل من قول غيره كالوهم عند العقلاء والعقل بعد ملاحظة بناء العقلاء على عدم الاعتداد به يرجع فيه عن عموم حكمه بوجوب دفع الضّرر المظنون نعم ربّما يحتاطون حينئذ بالرّجوع إلى الأطبّاء لأنّ قولهم إمّا يؤكّد هذا الظنّ بالموافقة أو يزيله بالمخالفة ومن هذا الباب رجوع المقلّد إلى المجتهد في الأحكام الشّرعية في وجه لأن ذلك أيضا لأجل دفع الضّرر المظنون والظنّ الحاصل للمقلّد من الأدلّة هنا أيضا كالوهم لغاية بعده عن إدراك الأحكام الشّرعيّة وعملهم بقول علماء الرّجال إمّا من باب الشهادة كما يظهر من جماعة كالأردبيلي وصاحبي المدارك والمعالم حيث اعتبروا فيه العدد والعدالة وإمّا من باب الرّواية وهو المعروف فيما بينهم وإمّا من باب الظّنون الاجتهاديّة كما يظهر من الوحيد البهبهاني واعتبارهم لقول المقوّم في قيم المتلقات وأروش الجنايات أنّما هو من باب الشهادة ولذا اعتبروا فيه العدد والعدالة وبالجملة أنّ جهة عملهم في أمثال هذه الموارد مختلفة أو مجهولة نعم الخبرة معتبر عندهم وبمجرّد ذلك لا يمكن إثبات حجيّة قول أهل اللّغة نعم لو كان عملهم بقول أهل الخبرة من حيث خبرتهم بأن كانت الخبرة علّة تامّة لعملهم تمّ ذلك وإذ ليس فليس (قوله) ونحو ذلك إلخ مثل كون الأخبار مستند إلى الحسّ دون الحدس والاجتهاد(قوله) وإمّا في مقام إلخ مع اشتراط عدم إمكان الاحتياط وإلاّ فلا دليل على جواز العمل بالظنّ حينئذ كما أشرنا إليه سابقا(قوله) بأنّ أكثر مواد اللغات إلخ يؤيّده أنّ بيان الأحكام الشّرعيّة أنّما ورد على حسب إفهام أواسط النّاس لعدم تعلق غرض الأئمّة عليهم‌السلام في ذلك بإيراد الكلام على سبيل الإعجاز لتمس حاجتهم إلى إيراد الألفاظ المشكلة على حسب ما يقتضيه المقام ليحتاج في فهم معانيها إلى كتب اللّغة ويقتصر فيه على ما يحصل منها من الظنّ فمعاني أكثر الألفاظ المستعملة في بيان الأحكام الشرعيّة معلومة لا محالة على نحو ما قربه المصنف ره (قوله) أو التبادر بضميمة إلخ ظاهره اعتبار التّبادر الإطلاقي في إثبات الأوضاع وهو خلاف ما حققناه في محلّه (قوله) فيثبت به كونه إلخ هذا مبني على القول باعتبار الأصول المثبتة كما أنّ القول باعتبار التبادر الإطلاقي لإثبات الأوضاع مبني عليه (قوله) لقلة مواردها إلخ دعوى قلّة مواردها بحيث لا يلزم من العمل بالأصول والقواعد فيها محذور في غاية الإشكال بل تمكن دعوى فساده كما هو واضح على المطلع على الفقه (قوله) نعم سيجيء أن كلّ من إلخ يرد عليه أوّلا منع اقتضاء انسداد باب العلم في الأحكام جواز الاكتفاء بمطلق الظنّ في الأوضاع مع فرض الانفتاح فيها إذ الوصول إلى الواقع مطلوب شرعا وعقلا فحكم العقل بالاكتفاء بالطّرق الظنّية في نفس الأحكام لا يستلزم حكمه بجواز الاكتفاء بظنّ يستلزم هذا الظنّ ولذا ترى أنّ القائلين بالظنون المطلقة في نفس الأحكام قد عملوا بالظّواهر من باب الظّنون الخاصّة سوى ما يتراءى من المحقّق القمي رحمه‌الله حيث عمل بالظواهر من باب الظنون المطلقة أيضا وثانيا أنّ التمسّك بهذا الدّليل خروج من موضوع الكلام في المقام لأنّ الكلام أنّما هو في إخراج قول اللّغوي من تحت أصالة حرمة العمل بالظنّ من حيث كونه قول لغوي وعلى تقدير تسليم انسداد باب العلم بالأحكام تنقلب أصالة الحرمة إلى أصالة الجواز فلا يبقى مجال لدعوى خروج قول اللّغوي من تحت الأصل أصلا(قوله) هذا ولكن الإنصاف إلخ كان المصنف رحمه‌الله قبل الدّورة الأخيرة من مباحثته الّتي لم تنم له وأدركه هادم اللّذات في أثنائها مقوّيا لعدم

١٠٢

حجيّة قول اللّغوي وعدل عنه في الدّورة الأخيرة فأضاف قوله هذا ولكن الإنصاف إلى آخره إلى المتن ولكنّك خبير بأن ما أنصفه هنا غير مجد بعد ما اعترف به آنفا من عدم إمكان تمييز حقائق الألفاظ عن مجازاتها بقول اللغويين مع أنّ الأكثريّة الّتي ادعاها مع اعترافه بعدم لزوم محذور في التوقف والعمل بالقواعد والأصول في موارد الحاجة الّتي ذكرها غير مغنية من شيء مضافا إلى أنّ القول باعتبار قول اللّغوي لأجل كثرة موارد الاشتباه يقتضي اعتباره من باب الظنون المطلقة لأجل دليل الانسداد وهو خلاف المطلوب كما أشرنا إليه في الحاشية السّابقة مع أن الاستناد ثانيا إلى الاتفاقات المستفيضة يقتضي اعتباره من باب الظّنون الخاصّة فالتّنافي بين الدّليلين واضح مضافا إلى أنّ الاستناد إليها مع ما سبق منه من القدح فيها ممّا لا وجه له ولعلّه إلى بعض ما ذكرناه أو جميعه أشار بالأمر بالتّأمّل تنبيهات الأوّل أنا إذا قلنا بعدم اعتبار قول اللّغوي ثبت عدم اعتبار غيره من الأسباب المورثة للظنّ ممّا أشرنا إليه في بعض الحواشي السّابقة بطريق أولى نعم يستثنى حينئذ أصلان في إثبات الأوضاع أحدهما أصالة عدم النقل عند الشّكّ في طروء وضع جديد للفظ بحيث يكون منقولا إلى المعنى الجديد والآخر أصالة عدم الاشتراك عند عروض الشّكّ فيه إذ لم يخالف أحد من العلماء فيهما فيخرجان من تحت أصالة حرمة العمل بالظنّ ، الثّاني أنا إذا باعتبار أقوال أهل اللّغة فإذا تعارضت اللّغات فقال العلاّمة الطّباطبائي في شرح الوافية فالواجب طلب المرجّح والعمل بالرّاجح ويحصل التّرجيح بالعدالة وكثرة التّتبع لكلام العرب والممارسة لفنون الأدب وغلبة الضّبط وقلّة الخلط بين الحقيقة والمجاز كما اتفق لكثير من المتأخّرين وقرب العهد من العرب العرباء وكون النّاقل عربيّا وإن غلب عليه اللّحن والتّغيير فإن حفظ الأصل هيّن على التكميل وغير ذلك ممّا يوجب قوة الظنّ فإن تساويا فالأقرب وجوب تقديم الإثبات على النفي والبناء على الأعمّ مطلقا أو من وجه كما في لفظي الصّعيد والغناء فإن أهل اللّغة اختلفوا في أنّ الصّعيد وجه الأرض مطلقا أو خصوص التراب وفي الغناء أنّه الصّوب المطرب أو ترجيع الصّوت فنقول الصّعيد وجه الأرض مطلقا والغناء الصّوت الذي فيه ترجيع أو طرب وذلك لأن ما يدعيه النّافي شهادة على النّفي ومرجعها إلى عدم الوجدان بعد الفحص وعدم الوجدان لا يقتضي عدم الوجود وقد ادعاه المثبت فيصدق وربّما يقال إنّ الواجب في صورة التعارض الأخذ بما اتّفق فيه القولان وترك ما اختلفا فيه لأن اللغة توقيفيّة والتعارض يوجب التساقط فلا يحصل التوقيف وفيه أنّه قد حصل بقول المثبت وقول النّافي لا يصلح للمعارضة كما عرفت انتهى كلامه زيد إكرامه وهو حقّ لا تعتريه ريب ومقتضاه الحكم بالاشتراك اللفظي مع التباين الكلي ومنه يظهر السّرّ في عدم الحكم بالتخيير مع التعارض بخلاف متعارضات الأخبار لأنّ التّخيير فرع التّعارض وقد فرضنا عدمه في اللغات لأن مرجع قولي أهل اللّغة مع تعارضهما إلى دعوى أحدهما وجدان أحد المعنيين وعدم وجدان الآخر لا نفيه وكذا الآخر ومع تسليم نفي كلّ منهما لما يدعيه الآخر لا دليل على اعتبار هذا النفي لأنّ ما دلّ على اعتبار قول أهل اللّغة أنّما دل عليه في الإثبات دون النفي ومن هنا يظهر أنّ المتجه هو الحكم بالاشتراك مطلقا حتّى مع التصريح بالنّفي هذا بخلاف تعارض الأخبار لأن كلا من المخبرين فيه ناف لما يخبر به الآخر وما دل على اعتبار خبر العدل مثلا قد دلّ على اعتباره مطلقا مع أنّ التخيير في متعارضات الأخبار ثابت بالأخبار المستفيضة بخلاف متعارضات اللّغة لأنّه لا يخلو إمّا أن نقول باعتبار اللّغة من باب الطّريقية أو من باب الموضوعيّة والسّببية ومقتضى القاعدة في التعارض على الثّاني وإن كان هو التخيير إلا أنّ القول باعتبارها من باب الموضوعيّة في غاية البعد ومقتضاها على الأوّل هو التساقط والرّجوع إلى مقتضى القواعد والأصول وممّا ذكرناه يظهر الإشكال في ملاحظة الترجيح في متعارضات اللّغات كما عرفته من العلاّمة الطباطبائي لما عرفت من عدم تحقق التعارض فيها حقيقة اللهمّ إلا أن يقال إنّ التّعارض مانع من حصول الظن بأحد المتعارضين وطلب التّرجيح أنّما هو لتحصيل الظنّ بما وافقه المرجح فتأمل وحاصل الكلام وفذلكة المقام أن ما ذكروه في تعارض الأخبار من حمل العام على الخاص والحكم بالتّساقط والرّجوع إلى مقتضى الأصول والقواعد في مادة التعارض في وجه أو ملاحظة حكم التّرجيح في وجه آخر في العامين من وجه والحكم بالتخيير في المتباينين غير جار في المقام والسّرّ فيه يظهر ممّا قدّمناه ، الثّالث اعلم أنهم قد ذكروا لمعرفة الحقيقة والمجاز علامات منها تصريح أهل اللّغة لكن يشكل تمييز ذلك في الأكثر بالرّجوع إلى كتب اللّغة لعدم تصريحهم بذلك فيها في الأكثر وحينئذ تنتفي فائدة تدوين اللّغة وجمعها غالبا من حيث معرفة الأوضاع لتثمر في مقام تعيين المرادات بالحمل على المعنى الحقيقي مع عدم القرينة وعلى المجازي معها نعم غاية ما يظهر ممّا جمعوه من كتب اللّغة استعمالات الألفاظ وإطلاقاتها إلاّ أنّه لا يترتب عليه كثير فائدة نعم قال العلامة الطباطبائي في شرح الوافية واعلم أنّ المجاز كالحقيقة قد يعرف بالضرورة من اللّغة كالأسد في الشّجاع والبد في النّعمة والغيث في النّيات والأصابع في الأنامل وبنصّ أهل اللّغة على أنّه مجاز كان يصرحوا باسمه أو حدّه أو خاصّته وقد يشكل التمييز بين الحقيقة والمجاز من كتب اللّغة حيث إنّ الأكثرين خلطوا بين المعاني الحقيقيّة والمجازية بحيث يصعب الفرق بينهما غالبا إذ لم يصرحوا بالاسم ولا بالحدّ والخاصّة إلاّ نادرا لكنّ الظّاهر أنّهم متى قالوا اسم لكذا أو كذا فإنّما يعنون به الحقيقة وإذا قالوا قد يقال لكذا وقد يطلق على كذا أو جاء أو يجيء لكذا فإنّما يعنون المجاز وقد ذكر بعض المحقّقين أنّ أوّل ما يذكرونه في العنوان مقدّما على غيره هو المعنى الحقيقي لبعد تقديم المجاز على الحقيقة في الذّكر وكذا في كون الجميع مجازات وهو قريب انتهى وأقول إن ما استقر به ممّا نقله أخيرا عن بعض المحققين واضح المنع

١٠٣

لأنّ مجرّد الاستبعاد لا يفيد شيئا وقد حصل منه ظن فلا دليل على اعتباره إلاّ على القول باعتبار مطلق الظنّ في الأوضاع لكنّ الكلام في حصول الظنّ بما ذكره الرّابع قد صرّح صاحب المعالم بعدم عمل العاملين بالقياس في الأحكام به في اللّغات وقال العلاّمة الطّباطبائي في شرح الوافية اعلم أنّ بعض النّاس ذهب إلى أنّ اللّغة تثبت بالقياس إذا كان بين الأصل والفرع جامع يصلح للعلية كتسمية النبيذ خمرا إلحاقا له بالعقار لمعنى مشترك هو التخمير للعقل وكذا تسمية اللائط زانيا والنّباش سارقا لجامع الإيلاج المحرّم والأخذ بالخفية انتهى أقول إنّ للناس في ذلك مذاهب أحدها المنع مطلقا كما عن الصّيرفي والقاضي في أحد النقلين وابن القطان وإمام الحرمين والغزالي والآمدي بل معظم الشافعية والحنفيّة وثانيها الجواز كذلك وعزاه جماعة إلى أكثر الشّافعية كالقاضي أبي طيب وابن برهان والسّمعاني ومن القائلين به ابن سريج وابن أبي هريرة وأبو إسحاق الشيرازي والإمام وثالثها أنّه يجوز ولكن لم يقع حكاه ابن فورك ورابعها ما حكاه السّمعاني عن ابن سريج واختاره من جواز ثبوت اللّغة بالقياس في الأسماء اللغويّة دون الشّرعيّة وخامسها أنّه تثبت به الحقيقة دون المجاز قبل هذا يخرج من كلام القاضي عبد الوهّاب وسادسها جوازه في غير أسماء الله تعالى وأدلّة هذه الأقوال مذكورة في الكتب لا يهمنا نقلها بعد بطلان أصل القياس في مذهبنا الخامس عن يونس وأبي عمر أنّهما قالا ما وصلنا ممّا قالت العرب إلاّ أقلّه وقال البرماوي شمس الدّين محمّد بن عبد الدّائم بن موسى الشّافعي في الفوائد السّنية قال الشّافعي في الرّسالة لسان العرب أوسع الألسنة لا يحيط بجميعه إلاّ نبي ولكنّه لا يذهب منه شيء على عامّها والعلم به عند العرب كالعلم بالسنة عند أهل الفقه لا نعلم رجلا جمع السّنن فلم يذهب منها عليه شيء وتوجد مجموعة عند جميعهم ونقل ابن فارس في فقه العربيّة عن بعض الفقهاء أنّه لا يحيط بها نبي قال وهو كلام خليق أن يكون صحيحا قال وما بلغنا عن أحد من الماضين أنّه ادعى حفظ اللّغة وما وقع في آخر كتاب الخليل أن هذا آخر كلام العرب فالخليل أتقى لله من أن يقول ذلك وذهب علماؤنا أو أكثرهم إلى أنّ الّذي انتهى إلينا من كلام العرب هو الأقلّ فلو جاءنا جميع ما قالوه لجاءنا شعر كثير وكلام كثير انتهى كلام البرماوي السّادس قال البرماوي قال ابن الحاجب إذا خرج بعض العرب عمّا عليه النّاس واستعمال الفصحاء كان مردودا عند أهل التّحقيق لأنّ قبولنا إيّاه أنّما هو لغلبة الظنّ بوفق ما وضعه الواضع فإذا خالف استعمال الفصحاء غلب على الظنّ النقيض فزال الموجب لقبوله انتهى وفي إطلاقه تأمل (قوله) الإجماع المنقول بخبر الواحد اعلم أنّ الإجماع إمّا محصّل أو منقول والمحصّل إمّا قطعي أو ظنّي والمنقول إمّا منقول بالتواتر أو بالآحاد وما عدا الأخير خارج من محل الكلام والمراد بالمنقول بالتواتر أن يكون عدد المدعين للإجماع وكذا الطبقات اللاحقة بالغين حدّ التّواتر وقد جعل المصنف رحمه‌الله ذلك عند الاستدلال على حجيّة أخبار الآحاد بالإجماع من قبيل المحصّل فلاحظ وتدبّر ثمّ إنّي قد بسطت ذيل الكلام في هذه المسألة في كتابنا المسمّى بعناية المأمول فمن أراد الوقوف على حقيقة الحال فليراجع هناك لأنا لا نورد هنا إلا ما دعت الضّرورة إلى بيانه (قوله) والمقصود من ذكره هنا إلخ لا يخفى أنّ الأولى تقديم الكلام في حجيّة خبر الواحد على الكلام في الإجماع المنقول لأنّ الفرض ابتناء حجيّة الثّاني على بيان مقدار دلالة أدلّة الأوّل (قوله) من الأقسام إلخ من كونه صحيحا أو موثّقا أو حسنا أو ضعيفا أو كونه آحادا أو مستفيضا أو متواترا أو مسندا أو مرسلا أو غير ذلك من أقسام الخبر والوجه في الكلّ واضح نعم قد يقال بعدم تأتي قسم المضمر والمقطوع وقد يسمى بالمنقطع وهو الموقوف على الصّحابي ومن بحكمه وكذا الموقوف وهو ما روي عن صاحب المعصوم من غير أن يسنده إلى المعصوم عليه‌السلام في الإجماع المنقول لأنّ الثلاثة المذكورة قد اعتبر فيها احتمال كون الرّواية عن غير المعصوم مع قطع النّظر عن القرائن الخارجة بخلاف الإجماع المنقول لأنّه نصّ في الدّلالة على قول الإمام عليه‌السلام أو رضاه سواء كان السّند مقطوعا أو مرفوعا أو كان المدعي له مكنيّا عنه بالضّمير اللهمّ إلا أن يدعى عروض هذه الأحوال بالنسبة إلى المدعي بأن يراد بالمضمر ما كنّي فيه عن المدّعي بالضمير وبالمقطوع والمرفوع ما أضيفت دعوى الإجماع فيه إلى غير المدعي بأن علم أن المدعي غير من أضيفت إليه وإن لم يعرف المدعي بشخصه أو اسمه (قوله) ويلحقه ما يلحقه من الأحكام إلخ من أحكام التعادل والتّرجيح وتخصيص العام منه بخاصّه وجواز تخصيص الكتاب به وعدمه ونحو ذلك وفي إطلاق هذا الحكم نظر لأنّ حمل العام على الخاصّ الصّادرين عن متكلم واحد أو متكلمين في حكم متكلم واحد أنّما هو من جهة أنّ حمل كل منهما على ظاهره موجب لإرادة المتنافيين وهو خلاف الحكمة فتعين حمل العام على الخاص لقوّة دلالة الخاص وهذا الوجه غير جار في إجماعين عام وخاص مع اختلاف مدعيهما لأنّ المدّعي للإجماع على العموم يدعي العلم برضا الإمام عليه‌السلام به والمدعي له على الخصوص يدعي العلم برضاه به ولا يجري حكم متكلم واحد عليهما لعدم تنافي إرادة أحدهما للعموم بحسب اعتقاده والآخر للخصوص كذلك إذ مدعى العموم ربّما يكون مخطئا في دعواه بخلاف اللفظين المسموعين عن الإمام عليه‌السلام لأنّ حكمه بالعموم أنّما هو مع كون حكم الخصوص في النظر وكونه معصوما من الخطاء(قوله) يحصل بتقديم أمرين إلخ وجه الحاجة إلى الأمرين أنّه قد تدعى الملازمة بين حجيّة الإجماع المنقول وخبر الواحد نظرا إلى كون كلّ منهما نقلا لقول المعصوم عليه‌السلام فيدلّ على حجيّة الأوّل ما يدلّ على حجيّة الثّاني فبيّن في الأمر الأوّل أنّ خبر الواحد إخبار عن قول المعصوم عليه‌السلام عن حسّ والإجماع المنقول إخبار عنه عن حدس وأدلة أخبار الآحاد أنّما تدل على حجيّة الأوّل دون الثّاني وقد تدعى الملازمة بينهما مع تسليم عدم دلالة أدلّة أخبار

١٠٤

الآحاد على حجيية الأخبار عن حدس في الجملة نظرا إلى أنّ التحدّس عن اللاّزم بالملزوم على وجهين أحدهما أن تكون الملازمة بينهما ضروريّة أو عادية وثانيهما أن تكون اتفاقيّة واستلزام اتفاق فتاوى العلماء أو جماعة منهم لقول الإمام عليه‌السلام قد يكون من قبيل الأوّل كاتفاق فتاوى جميع علماء الأعصار وقد يكون من قبيل الثّاني كما إذا اتفق حصول العلم بقول الإمام عليه‌السلام من اتفاق جماعة وأدلّة أخبار الآحاد أنّما لا تشمل اللوازم الحدسيّة إذا كانت الملازمة اتفاقيّة وإلاّ فلا ريب في شمولها لما كانت الملازمة فيه ضروريّة أو عادية ولذا يعدّ الأخبار عن قتل مائة أو قتل إبطال شجعان في قضايا متعدّدة إخبارا عن شجاعة القاتل وكذا عن بذل أموال جزيلة في وقائع متكررة إخبارا عن سخاوة الباذل وهكذا فأشار في الأمر الثّاني إلى أنّ الإجماع في الاصطلاح اتفاق علماء عصر من الأعصار على أمر ديني ولا ريب أن ملازمة اتفاق علماء عصر لموافقة قول الإمام عليه‌السلام مع قطع النّظر عن موافقة السّابقين واللاّحقين ومخالفتهم أو مع ملاحظة مخالفتهم سيّما مع قلّة العلماء المتفقين في عصر ليست ضرورية ولا عادية فلا تشمله أدلّة أخبار الآحاد وبعبارة أخرى أنّ حاصل الأمر الأوّل هو منع الملازمة بين حجيّة الخبر والإجماع المنقول باعتبار نقل المنكشف وهو قول الإمام عليه‌السلام وحاصل الأمر الثّاني هو منع الملازمة بينهما باعتبار نقل السّبب الكاشف وهو فتاوى المجمعين ثمّ إنّ ابتناء الاستكشاف عن قول المعصوم عليه‌السلام باتفاق العلماء على الحدس واضح لأنّ دعوى الإجماع تارة تنشأ من اتفاق جماعة مجهولي النّسب يعلم إجمالا بكون أحدهم الإمام عليه‌السلام وأخرى من اتفاق من عدا الإمام عليه‌السلام من علماء العصر فيتحدس بذلك عن موافقة قول الإمام عليه‌السلام لأقوالهم لأنّه رئيسهم فلا يصدرون إلاّ عن رأيه وثالثة من اتفاق من وصل إلينا فتواه من العلماء الماضين ورابعة من قاعدة اللطف فيما لم يظهر فيه خلاف وما عدا الأوّل مبني على الحدس وهو ممّا نعلم بانتفائه في زمان الغيبة وقد ذيّلنا الكلام في ذلك في غاية المأمول فمن أراد الوقوف على حقيقة الحال فليراجع هناك (قوله) لا تدلّ إلا على حجيّة الأخبار إلخ اعلم أنّ الأخبار إما عن الواقع أو عن طريقه وعلى التّقديرين إمّا عن نفس الواقع والطّريق أو عن العلم بهما أو الظنّ بهما وعلى التّقادير إمّا أن يكون الواقع وكذا الطّريق حسيين أو حدسيّين والإخبار عن الواقع الحسّي مثل مات زيد وعن طريقه كذلك مثل سمعت قائلا يقول مات زيد وعن الواقع الحدسي مثل العالم حادث وعن طريقه كذلك مثل قول القائل أجمع العلماء على كذا مع التحدس له عن إخبار جماعة على ما سيأتي وعن العلم أو الظنّ بالواقع أو طريقه الحسيين مثل علمت أو ظننت أنّ زيدا مات أو علمت أو ظننت أنّ قائلا يقول كذلك وعن العلم أو الظنّ بالواقع أو طريقه الحدسيّين مثل علمت أو ظننت أنّ العالم حادث أو علمت أو ظننت أنّ العلماء أجمعوا على كذا مع التحدّس له كما مرّ ولا دليل على اعتبار شيء من هذه بمعنى ترتيب آثار الواقع عليه سوى صورتي الإخبار عن الواقع أو طريقه الحسيّين لأنّهما المستقتيان من أدلّة أخبار الآحاد كما أفاده المصنف وأمّا عدم اعتبار ما عداهما فأمّا صورة الإخبار عن الواقع الحدسي فواضح كما بيّنه المصنف رحمه‌الله وأمّا صورة الإخبار عن طريق الواقع الحدسي فإن غاية ما تدلّ عليه أدلة أخبار الآحاد هو تنزيل قول القائل سمعت كذا منزلة المسموع للمخبر والفرض أنّها لا تدلّ على اعتبار المسموع الحدسي نعم لو ترتب أثر شرعيّ على سماع المخبر ترتب عليه إلا أنه لا يفيد في ترتيب الآثار الواقعيّة للمسموع وأمّا صور الإخبار عن العلم أو الظنّ فإن غاية ما تدلّ عليه الأدلّة هو تصديق المخبر في إخباره عن علمه أو ظنّه ولفرض أن علم أحد أو ظنّه ليس بحجّة على غيره من المجتهدين نعم لو ترتّب أثر شرعي على علمه أو ظنّه ترتب عليه لا آثار ذات المعلوم والمظنون ثمّ إنّه إن تردد خبر المخبر عن الواقع بين كون علمه به عن حسّ أو حدس فالأصل هو الحمل على الأوّل للغلبة وبناء العقلاء فتدبّر(قوله) لأنّ العمدة من تلك الأدلّة إلخ ظاهره أن العمدة في أدلّة حجيّة أخبار الآحاد هو الإجماع العملي والوجه فيه واضح لأنّ ما عداه هو الإجماع القولي والآيات والأخبار والعقل أمّا الأوّل فالحاصل منه غير مفيد والمفيد منه غير حاصل لأنّ ما تمكن دعوى الإجماع عليه بملاحظة فتاوى العلماء أو هي مع ملاحظة الإجماعات المحكيّة هي حجيّة الخبر في الجملة وأمّا صنف خاصّ منه فلا وأمّا الثّاني فلمّا سيأتي في محلّه من ورود جهات المناقشة والاعتراض على دلالة الآيات وأمّا الثّالث فإنّ التمسّك بالأخبار في المقام أنّما يصحّ على تقدير تواترها أو احتفافها بالقرائن القطعيّة والأخبار الواردة في المقام إن لوحظ مجموعها فعددها وإن بلغ حد التّواتر إلاّ أنّه لا دلالة للجميع على اعتبار صنف خاصّ منها وجملة منها وإن دلّت على اعتبار خبر الثّقة إلا أنّها غير متواترة وأمّا الرّابع فلعدم دلالته إلاّ على اعتبار الظنّ مطلقا لا على اعتبار الخبر أو صنف منه كما هو المدّعى نعم الإجماع الحاصل من عمل القدماء وأصحاب الأئمة عليهم‌السلام يفيد اعتبار خبر الثّقة ولذا كان هذا هي العمدة بين الأدلّة ثمّ إنّ عدم دلالة الإجماع المذكور على أزيد من اعتبار الخبر المستند إلى الحسّ واضح لأنّ المتيقن من عمل العلماء هو العمل بالأخبار المتداولة المرويّة في الأصول المعتبرة عن الأئمّة الأطهار عليهم‌السلام وكذا المنساق ممّا دل من الأخبار على اعتبار خبر الثّقة هو ذلك لأنّه الشّائع بينهم فلا تشمل ما نحن فيه لما عرفت سابقا من ابتناء دعوى الإجماع على الحدس (قوله) فالعمدة فيها من حيث إلخ لا ظهريّتها من بين سائر الآيات لتأكّد دلالتها من حيث الوصف والشّرط والعلّة ولذا قد اعتبر المحقق القمي رحمه‌الله مفهوم الوصف في الآية مع توقّفه في أصل حجيّة مفهوم الوصف بل قد حكى عن بعض المحققين أنّه لو أورد على الآية بألف إيراد فهو لا يقدح في ظهورها في اعتبار

١٠٥

خبر العادل (قوله) والظّاهر منها بقرينة التّفصيل إلخ حاصله أن الإشكال في اعتبار الإجماع المنقول أنّما هو من حيث احتمال خطاء المدّعي في حدسه لا من حيث احتمال تعمّده للكذب لأنّ احتمال ذلك في علمائنا الأخبار الذين هم حملة الأخبار المأثورة عن الأئمة الأطهار عليهم‌السلام وأمنائهم وحججهم على الرّعيّة بعدهم منتف قطعا لأنّهم أجلّ شأنا وأعظم رتبة من أن يكذبوا على الله تعالى أو على رسوله أو خلفائه المعصومين عليهم‌السلام والآية الكريمة أنّما تدلّ على اعتبار خبر العادل ووجوب تصديقه فيما أخبر به من حيث احتمال تعمّده للكذب لا من حيث احتمال خطائه في حدسه وتشهد بذلك على ما يستفاد من كلامه وجوه أحدها التفصيل في الحكم بين العادل والفاسق كما هو مقتضى المفهوم شرطا ووصفا لأنّ مقتضاه كون علّة وجوب التبين كون الجائي بالنبإ فاسقا لا ريب أن صفة الفسق أنّما تصلح للعلية إذا كان الحكم بوجوب التّبيّن من حيث احتمال تعمّد الكذب فقط نظرا إلى كون صفة العدالة رادعة للعادل عن تعمده له بخلاف صفة الفسق في الفاسق ولو أريد به وجوب التّبين عن خبر الفاسق من حيث احتمال الخطاء في خبره لزم كون التّعليل بأمر مشترك لاشتراك العادل مع الفاسق في احتمال الخطإ لأنّ صفة العدالة رادعة عن تعمّد الكذب لا عن الخطاء كما عرفت وتعليل أحد الحكمين المختلفين بأمر مشترك قبيح بل نفي احتمال الخطاء عن الفاسق أولى من نفيه عن العادل لما ورد من أن المؤمن غر كريم والكافر خبّ لئيم هذا ويرد عليه أنّ غاية ما تدلّ عليه الآية كون علة وجوب التبيّن عن خبر الفاسق هي صفة الفسق وعدمه عن خبر العادل هي صفة العدالة وأمّا كون اختلاف الحكمين لأجل قوّة احتمال تعمّد الكذب في الأوّل بخلافه في الثّاني أو لأجل مراعاة جهة أخرى فلا دلالة للآية على خصوص أحدهما فإن قلت إنّ صفة الفسق تناسب تعمد الكذب لعدم القوّة الرّادعة للفاسق بخلاف العادل قلت مع أنّ مجرّد المناسبة غير مجد ما لم يكتس اللّفظ بسببها ظهورا عرفيا وهو فيما نحن فيه محلّ نظر أو منع أنّ المناسبة فيما سنذكره أيضا محقّقة وهو أن يكون اختلاف الحكمين لأجل مراعاة حال العادل والمحافظة على شأنه ومرتبته عند النّاس وذلك بأن كان المطلوب عند الشّارع أولا وبالذات هو التوصّل إلى الواقع بالعلم إلاّ أنه قد نزل خبر العادل منزلة الواقع تعبّدا مطلقا سواء كان ذلك من حيث احتمال تعمّد الكذب أو من حيث الخطإ لأنّه إن وجب التثبت في خبره أيضا فربّما تظهر مخالفة خبره للواقع بعد الفحص والتبيّن فيفتضح بين النّاس ويزول وقعة عن القلوب فإن قلت إن افتضاحه مع ظهور المخالفة أنّما هو في صورة ظهور تعمده للكذب لا مع ظهور خطائه قلت نعم إلاّ أن هذا أنّما هو مع ظهور كون المخالفة لأجل الخطإ لكن كثيرا ما تشبّه الحال ويتردد الأمر بين تعمد الكذب والخطإ بل العامة يحمله حينئذ على التّعمد دون الخطإ فيزول بذلك وقعة عن القلوب فالمحافظة على شأن العادل لا تتم إلاّ مع تصويبه مطلقا اللهمّ إلاّ أن يقال إنّ نفي احتمال الخطإ في الأخبار مطلقا لما كان مركوزا في أذهان العقلاء فالمنساق من وجوب التبيّن عن خبر الفاسق هو التبيّن من حيث احتمال تعمد الكذب خاصة وثانيها التعليل بقوله سبحانه (أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً) الآية ويظهر التقريب فيه ممّا تقدم لأنّ احتمال الوقوع في الندم من حيث احتمال الخطإ مشترك بين العادل والفاسق بخلافه من حيث احتمال تعمّد الكذب كما تقدّم وأنت خبير بأن احتمال الخطإ كما أنّه مشترك بينهما كذلك احتمال تعمد الكذب أيضا وقوّة احتمال الثّاني في خبر الفاسق غير مجدية لأنّ العلة هي احتمال الإصابة مع الجهالة المورثة للنّدم لا قوّة احتمالها في خبر الفاسق وضعفه في خبر العادل ولذا اعترف المصنف رحمه‌الله عند الاستدلال بالآية على حجيّة خبر الواحد بأن العلّة إن تمّت أنّما تدل على عدم حجيّة خبر العادل أيضا بتقريب أنّ مفهوم الشّرط يدل على اعتباره والعلّة تنفيه وظهور العلّة أقوى من ظهور الجملة الشّرطية في المفهوم فبها ترفع اليد عن المفهوم وما يظهر من المصنف رحمه‌الله هنا من كون احتمال الوقوع في الندم في خبر الفاسق احتمالا مساويا بخلافه في خبر العادل فمع عدم اطراده غير مجد كما عرفت وثالثها إطباق الأصوليين على اشتراط الضّبط في الرّاوي بل الفقهاء في الشاهد فلو كانت الآية مطلقة لم يبق وجه للاشتراط بعد عدم ظهور دليل مقيد لإطلاقها ورابعها عدم استدلالهم على حجيّة فتوى الفقيه على العامي بآية النّبإ مع استدلالهم عليها بآيتي النفر والسّؤال وخامسها إطباق الفقهاء على عدم اعتبار الشّهادة في المحسوسات إذا لم تستند إلى الحسّ بل إلى العلم والحدس فإن قلت إنّ اشتراط الحسّ في الشهادة لعلّه لأجل قوله عليه‌السلام لمن أراه الشّمس على مثلها فاشهد أو دع لا لعدم إطلاق الآية بالنّسبة إلى نفي احتمال الخطإ في الحدس قلت إن هذا الخبر وما في معناه مجمل إذ كما يحتمل إرادة المثلية في كون المشهود به مرئيّا ومحسوسا كذلك يحتمل إرادة المثلية في حصول العلم بالمشهود به مطلقا فإن قلت لعل اشتراط الحسّ فيها لأجل أن الشهادة مأخوذة من الشهود وهو الحضور كما ذكره صاحب الرياض قلت نمنع الدّلالة لكثرة استعمال الشهادة في غير المحسوسات أيضا كالشهادة بوجوده تعالى ورسالة النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحوهما وهذا هو المراد بما أشار إليه المصنف رحمه‌الله من وجه النّظر وهنا وجه سادس وهو أنّه لو لم يكن المراد بالآية وجوب التبيّن عن خبر الفاسق لأجل مجرّد احتمال تعمده للكذب بل كان المراد بها وجوب التبيّن عن خبره مطلقا سواء كان من جهة ذلك أو من سائر الجهات كاحتمال الخطإ والنّسيان وإرادة المجاز كان اللازم حينئذ عدم حجيّة خبر الفاسق مع العلم بصدقه أيضا مع بقاء سائر الاحتمالات في كلامه وحجيّة خبر العادل مع طرق هذه الاحتمالات على كلامه وإن لم يعلم صدقه ولا يلتزمه أحد لوضوح عدم وجوب الفحص عن سائر الجهات

١٠٦

(قوله) قلت ليس المراد ممّا ذكرنا عدم إلخ محصل ما ذكره في معنى الآية الشّريفة كونها منساقة لبيان اشتراط العدالة ومانعية الفسق في العمل بخبر المخبر لأجل انتفاء احتمال تعمد الكذب في العادل بحكم الشّارع وبقاء هذا الاحتمال في الفاسق ساكتة عن بيان وجوب التبين عن خبرهما وعدمه من سائر الجهات مثل احتمال الخطاء والنسيان ونحوهما فكأنّه قال يجب عليكم التبين عن خبر الفاسق من هذه الجهة ولا يجب التبيّن عن خبر العادل من هذه الجهة ومقتضاه عدم اشتراط العدالة في مورد انتفي فيه احتمال تعمد الكذب عن خبر الفاسق ولكن لا ينافيه اشتراطها تعبّدا في بعض الموارد بدليل خارج كما في الشهادة والفتوى وكذا مقتضاه عدم دلالتها على اعتبار خبر العادل من حيث احتمال الخطاء والنّسيان ونحوهما فيشاركه خبر الفاسق من هذه الجهة ما لم يقم دليل على نفيهما فيه وكذا لو احتمل اشتراط شيء آخر في حجّية الخبر سوى العدالة كما إذا احتمل اشتراط تعدد المخبر فيها كالشهادة فإن مقتضى ما حقق به المقام عدم نهوض الآية لنفي هذه الاحتمالات فتكون الآية حينئذ قضية مجملة مهملة من غير جهة بيان نفي احتمال تعمد الكذب في خبر العادل هذا ولكن المنصف النّاظر في ظاهر الآية بناء على اعتبار المفهوم فيها وصفا أو شرطا يقطع بكون ذلك خلاف ظاهر الآية لوضوح ظهورها في بيان حجّية خبر العادل وكون عدالة المخبر علة تامّة لجواز قبول خبره وذلك لما قرّرناه في محلّه من ظهور الجملة الشّرطيّة وكذا الوصفيّة بناء على اعتبار مفهوم الوصف في كون الشّرط علّة تامة للجزاء والوصف للحكم فإن قلت كيف تدعي ظهورها في المقام في العلّيّة التّامة والتعليل والتّفصيل بين العادل والفاسق يقتضيان ما ذكره المصنف رحمه‌الله من ورودها لمجرّد بيان نفي احتمال تعمد الكذب عن خبر العادل دون الفاسق دون احتمال الخطاء والنسيان لاشتراكهما في ذلك فلو شملت العلّة مثل ذلك أيضا لزم التّعليل والترجيح بأمر مشترك وهو قبيح بل أقبح من الترجيح بلا مرجّح قلت قد تقدم سابقا ما في الاستشهاد العلّة والتفصيل نعم هنا شيء آخر وهو أن ما احتمل اشتراطه في حجيّة الخبر شرعا قسمان قسم استقر بناء العقلاء على اعتباره وجودا أو عدما في عملهم بأخبارهم غير العلميّة وقسم لو ثبت كان شرطا تعبديّا لا بد من بيان الشارع له مثل احتمال تعدد اعتبار المخبر كما في الشّهادة ونحو ذلك والآية بإطلاقها تنفي الثاني دون الأوّل لأنّ الشّروط المعتبرة في نظر العقلاء لا يجب على الشّارع بيانها لو كانت معتبرة عنده فإذا ورد إطلاق دليل فهو لا يدل على نفي شرطية مثله إذ لا يقبح إيراد الكلام على وجه الإطلاق مع كون المطلوب مشروطا في الواقع بما كانت شرطيته مركوزة في نظر المخاطب نظير ما ذكره بعض المحققين من عدم دلالة إطلاق الدليل على نفي شرطيّة ما هو حاصل للمخاطب حين الخطاب نظرا إلى منع قبح إيراد الكلام على وجه الإطلاق مع كون المطلوب مشروطا في الواقع بما هو حاصل في المخاطب كما لو قال للمستطيع حج من دون بيان اشتراط وجوبه بالاستطاعة أو قال للمستجمع لشرائط الصّلاة صل من دون بيان الشّرطيّة وهكذا واحتمال مانعيّة احتمال الخطاء والنّسيان فيمن يندر منه ذلك من هذا القبيل لكون عدم مانعيّة ذلك مركوزا في أذهانهم مثل ركوز مانعيّة احتمال ذلك ممّن يكثر منه ذلك فإطلاق الآية لا ينفي احتمال مانعية مثل ذلك مطلقا ما لم يثبت دليل على نفيه من الخارج كما ثبت إجماع العقلاء فضلا عن العلماء على نفي احتمال الخطاء والنسيان ممن لا يكثر منه ذلك وأمّا القسم الثّاني فإطلاق الآية ينفيه لا محالة إذ لو كان شرطا فلا بدّ من بيانه وإلاّ لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة وحينئذ يكون ما اشترط في ظاهر الآية من اعتبار العدالة مع ما هو مركوز في نظر العقلاء علة تامّة لقبول الخبر وينفي احتمال غيره بإطلاقها وممّا ذكرناه قد ظهر أنّ الأولى تسليم ظهور الجملة الشّرطيّة في كون الشّرط علّة تامّة للجزاء والجواب عمّا أورده المصنف رحمه‌الله على نفسه بما قدّمناه لا منع إطلاق الآية وأثر الفرق بينما ذكرناه وما ذكره المصنف رحمه‌الله يظهر في نفي الشّرائط التّعبّدية وعدمه بإطلاق الآية فيصح على ما ذكرناه دون ما ذكره كما يظهر بالتأمّل فيما ذكرناه ولعلّه بالأمر بالتأمّل أشار إلى ما ذكرناه أو إلى استبعاد أن يكون اشتراط الضّبط في الشاهد على القاعدة وعدم قبول شهادة الفاسق مع العلم بعدم كذبه على خلافها مع كون اعتبار كل من الضّبط والعدالة في قبول الشهادة على سياق واحد (قوله) الّذين هم الأصل له إلخ لأنّهم السّابقون فيه على الشّيعة كما حكي عن المرتضى من أنهم لما ذكروا الإجماع فعرضوه علينا فوجدناه حقّا فقبلناه وأمّا كونه أصلا لهم فلكونه مبنى دينهم لأنّ عمدة أدلتهم على خلافة ابن أبي قحافة إجماع الأمة عليها على زعمهم وقال المولى الفاضل البارع الآغا محمد علي بن الوحيد البهبهاني في كتابه المسمّى بسنة الهداية به خاطر دارم كه در شرح مواقف ويا مقاصد تصريح نموده به اينكه در إجماع كثرت معتبر نيست بلكه حق آن است كه إجماع به موافقت يك نفر محقّق مى شود چنانكه خلافت أبو بكر به بيعت عمر به تنهايى ثابت شد انتهى أي طالب حق چشم بصيرت گشا ...

١٠٧

(قوله) وكذا غيرها من العبارات إلخ عرفه الغزالي بأنّه اتفاق أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله على أمر من الأمور الدّينيّة والحاجبي بأنّه اجتماع المجتهدين من هذه الأمّة في عصر علي أمر والفخر الرّازي بأنّه اتفاق الحل والعقد من أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله على أمر من الأمور وبعض الشّافعيّة بأنّه اتفاق مجتهدي أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد وفاته في عصر من الأعصار على أيّ أمر كان ممّا اجتهدوا فيه وأكثر هذه التعريفات وما نقلها المصنف رحمه‌الله وإن خلي عن قيد اتحاد العصر إلا أنّه مراد جزما إذ لو كان المراد اتفاق الجميع بعد وفات النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى يوم القيامة لم يتحقق بعد إجماع مع أن الظاهر من اتفاق الأمّة أو المجتهدين أو الحل والعقد هو اتّفاق الموجودين في عصر الإجماع لا اتفاقهم مع من مضى أو يأتي وأمّا اعتبار قيد الجميع فظاهر نعم ظاهر جملة من هذه التعاريف اعتبار اتّفاق جميع الأمّة لا خصوص المجتهدين منهم وتساعده الأدلّة الّتي أقاموها على حجيّة الإجماع مثل قوله تعالى (وَمَنْ يَبْتَغِ). (غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا تجتمع أمّتي على الخطإ ونحوهما إذ ظاهر هذه الأدلّة اعتبار اتفاق جميع الأمّة لا خصوص المجتهدين منهم فلا مستند للتقييد بخصوصهم ويؤيّده ما تمسّكوا به في خلافة أبي بكر من الإجماع لعدم اختصاصه بالمجتهدين نعم ظاهر الأكثر عدم العبرة بدخول غيرهم في الإجماع ثمّ إنّ بعض الشافعيّة قد صرّح بأن المراد بالحلّ والعقد هم المجتهدون وقبل ما يشملهم وسائر من كان حلّ الأمور وفتقها بيده كالقضاة المنصوبة من قبل السّلطان عند العامة ثمّ إنّ النّسبة بين مصطلح العامة وقدماء أصحابنا بحسب المفهوم وإن كانت هي التّساوي لأنّ الكلّ قد اعتبروا فيه اتفاق علماء الأمّة وإن اختلفوا في وجه اعتباره وإنّه من حيث عصمة المجموع أو عصمة بعضهم وهو الإمام عليه‌السلام إلاّ أنّ النّسبة بينهما بحسب المصداق على زعم كلّ منهما في تطبيق هذا المفهوم عليه عموم من وجه لاجتماعهما في اتّفاق جميع علماء الأمّة حتّى الإمام عليه‌السلام وافتراق الأوّل في صدقه على اتفاق من عدا الإمام عليه‌السلام بناء على إنكارهم له في أمثال هذه الأعصار وعلى اتفاق من عدا الشيعة على ما صرّح به العضدي من عدم قدح خروجهم في انعقاد الإجماع وافتراق الثّاني في صدقه على اتفاق طائفة أحدهم الإمام عليه‌السلام وإن خالفهم باقي المجتهدين هكذا قيل وفيه تأمّل هذا كله على اصطلاح القدماء وأمّا المتأخّرون فالإجماع عندهم هو اتفاق من عدا الإمام عليه‌السلام وإن اختلفوا في وجه اعتباره فعند الشّيخ من حيث كشفه عن تقريره من باب اللّطف وعند غيره من حيث كشفه عن رضاه وبين المذهبين فرق من جهة أخرى أيضا لأنّ المعتبر عند الشّيخ اتفاق علماء عصر واحد بخلاف غيره (قوله) ثمّ إنّه لمّا كان إلخ لما كان المقصود من ذكر هذا الأمر الثّاني بيان أنّ لفظ الإجماع حيثما يطلق فهو ظاهر في دعوى اتفاق جميع علماء عصر واحد لما صرح به من كونه مصطلحا في هذا المعنى أراد أن يشير هنا إلى أن ما ترى من إطلاق الإجماع على اتفاق جماعة أحدهم الإمام عليه‌السلام قلّوا أو كثروا أو على اتفاق من عدا الإمام عليه‌السلام فهو مجاز لا يصدم في ظهوره في المعنى المصطلح عليه عند عدم قيام القرينة على خلافه وثمرة ذلك تظهر في اعتبار الإجماع المنقول من حيث الكاشف دون المنكشف لما تقدم في الأمر الأوّل من عدم الدّليل على اعتباره من حيث كونه نقلا لقول الإمام عليه‌السلام وستقف على حقيقة الحال في ذلك (قوله) أو التقرير كما عن بعض المتأخّرين إلخ هذا ما ذكره بعض المتأخرين في مقام الانتصار لطريقة الشّيخ على ما حكي عنه لأنّ الاستكشاف عن رضا

١٠٨

المعصوم عليه‌السلام فيما ظهر بين الأمّة قول ولم يظهر فيه مخالف تارة من حيث وجوب الردع عن الباطل على الإمام عليه‌السلام لو كان ما اشتهر باطلا في الواقع وأخرى من حيث تقريرهم ما اشتهر بينهم والحاصل أنّ اعتبار الإجماع أنّما من حيث دلالته على قول الإمام عليه‌السلام وهي إمّا بالتّضمّن كما هو مقتضى طريقة القدماء أو بالالتزام والكشف واللزوم إمّا بضميمة قاعدة اللّطف كما هو مقتضى طريقة الشّيخ أو التقرير كما عن المتأخّرين أو بضميمة العادة كما هو مقتضى طريقة أكثر المتأخرين (قوله) هو التحفظ على ما جرت إلخ لمراعاة هذه الطّريقة قد ذكر المحقق القمي رحمه‌الله عند بيان موضوع علم الأصول أن الاستصحاب أن أخذ من الأخبار فداخل فيها وإن أخذ من العقل فداخل فيه (قوله) مسامحة في مسامحة إلخ لأنّ الإجماع حيث كان مصطلحا في اتفاق جميع العلماء الذين يدخل فيهم الإمام عليه‌السلام من باب التضمن فإطلاقه على اتفاق جماعة أحدهم الإمام عليه‌السلام مسامحة وعلى اتفاق من عداه مسامحة أخرى إلا أنّ المسامحة الثانية قد جمعتا لمسامحة الأولى أيضا لأنّ المسامحة في الإطلاق الثّاني تارة من حيث عدم إطلاقه على اتفاق الجميع فمن هذه الجهة شارك الأول وأخرى من حيث عدم دخول الإمام عليه‌السلام في المجمعين ومن هذه الجهة فارقة وهذا كلّه إذا كان المشار إليه بقوله ففي إطلاق الإجماع على هذا هو اتفاق من عدا الإمام عليه‌السلام وإن كان المشار إليه هو اتفاق جماعة ينضمّ قول الإمام عليه‌السلام المكشوف عنه باتفاق هؤلاء إلى أقوالهم فوجه المسامحيين حينئذ أنّ إطلاق الإجماع على اتفاق جماعة أحدهم الإمام عليه‌السلام مع إدراك أقوالهم على سبيل الحسّ مسامحة وإطلاقه على اتفاق جماعة أحدهم الإمام عليه‌السلام مع إدراك قوله عليه‌السلام على سبيل الحدس والاجتهاد مسامحة أخرى متفرعة على المسامحة الأولى (قوله) مضافا إلى ما عرفت من إطباق الفريقين إلخ لا يخفى أن ما تقدّم منه هو تعريفات كثير من الفريقين لا الأكثر فضلا عن الجميع اللهمّ إلاّ أن يريد الاستكشاف بتعريف كثير منهم عمّا هو معتبر عند جميعهم نظير ما ذكروه في طريق تحصيل العلم بفتاوى جميع العلماء في طريق تحصيل الإجماع من أنّه قد يستكشف بفتاوى جماعة أو المشهور عن فتاوى الجميع وفيه ما لا يخفى وكيف كان فممّا يوهن ما ذكره ما ذكره الفاضل البارع الآغا محمّد علي بن الوحيد البهبهاني في كتابه المسمّى بسنة الهداية من أن في ماهية الإجماع وشرائطه قريبا من سبعين قولا نعم قد نسب اعتبار اتفاق الجميع إلى المشهور فيما بين العامة(قوله) ثمّ إنّ المسامحة من الجهة الأولى إلخ توضيح المقام أنّه قد أورد على حجيّة الإجماع المنقول بأنّ الحجّة منه ما كان على طريقة القدماء أو ما كان في حكمه وهو ما كان دخول الإمام عليه‌السلام فيه في المجمعين من باب التضمّن لعدم قيام دليل على اعتباره لو أريد به غيره من الشّهرة أو ما كان على طريقة الحدس كما تقدم في الأمر الأوّل وقد اشتبهت الحجّة منه بغيرها في كلمات العلماء لأنّهم كثيرا ما يطلقونه ويريدون به غير معناه المصطلح عليه وأجيب عنه بأنّهم حيثما يطلقونه لا بدّ أن يريدوا به معناه المصطلح عليه لأنّ في إرادة غيره إغراء أو تدليسا وهم أجل وأرفع من ذلك وأشار المصنف رحمه‌الله هنا إلى ضعف الجواب بأن الإغراء أنّما يلزم لو كان غرض المدّعي من دعوى الإجماع أن يكون ذلك مرجعا ودليلا لكل من يقف عليه وليس كذلك لأنّ العبرة في الاستدلال بحصول العلم من الدّليل للمستدل دون غيره لأنّ من استدلّ بظاهر آية مثلا ليس مقصوده منه إلاّ مجرد الاستدلال على مطلوبه لا لأن يكون دليلا لمن يأتي بعده أيضا وهو واضح ويؤيّده فيما نحن فيه بل يدلّ عليه أنّ جماعة من المدعين للإجماع لا يعملون إلاّ بالعلم كالسّيّد والحلي والحلبي بل بعضهم يحيلون العمل بغيره كابن قبة فكيف يتعلق غرضهم من دعوى الإجماع بعمل غيرهم به ويؤيّده أيضا أنّي لم اطّلع على أحد قبل الفاضلين يتمسّك بالإجماع المنقول في إثبات مطلوبه مع كثرة تمسّكهم بالإجماعات المحصّلة فهو ربّما يرشد إلى عدم حجيّة الإجماع المنقول عندهم فكيف يرضون بعمل غير المدّعى به فإن قلت سلمنا ذلك كلّه إلاّ أنّ الإجماع كما صرّح به المصنف رحمه‌الله حقيقة عرفيّة في المعنى المصطلح عند القدماء واللّفظ لا بدّ أن يحمل على حقيقته ما لم يصرفه عنها صارف قلت إنّه متجه فيما لم نعلم إجمالا أن المتكلّم كثيرا يطلق الألفاظ ويريد بها معانيها المجازيّة من دون نصب قرينة نظير ما تقدم سابقا عن الأخباريين في نفي حجيّة ظواهر الكتاب ونحن قد علمنا إمّا بالتّتبع أو بشهادة جمع من المتتبعين كما سيأتي شطر من كلماتهم أنّهم كثيرا ما يطلقون الإجماع ويريدون به غير معناه المصطلح عليه فإن قلت سلمناه أيضا لكن أيّ فرق بين قول الكل أو الأكثر بحجيّة الإجماع المنقول وقول البعض بها حيث سلم المصنف رحمه‌الله لزوم المحذور على الأوّل لو أراد مدعي الإجماع غير معناه المصطلح عليه دون الثّاني قلت إنّ وجه الفرق أنّ الظّاهر أنّه على الأوّل يتعلق غرض المدعي من دعوى الإجماع بصيرورته حجّة لغيره أيضا كما أنّه حجّة له بخلافه على الثّاني نعم يبقى في المقام إشكال على المصنف رحمه‌الله وهو أنّ ظاهره تسليم لزوم المحذور على تقدير قول الكلّ أو الأكثر بحجيّة الإجماع المنقول لو سامح المدعي من الجهة الأولى خاصّة بأن أطلق الإجماع على اتفاق جماعة أحدهم الإمام عليه‌السلام من دون نصب قرينة عليه وليس كذلك لأنّ الظاهر أنّ كل من قال بحجيّة الإجماع المنقول على طريقة القدماء يقول بحجيّته على هذا الوجه أيضا لاتحاد المناط فيهما وهو كونه نقلا لقول الحجّة فإذا أطلق الإجماع وتردّد بين إرادة المعنى المصطلح عليه والمعنى المذكور لا يلزم منه إغراء وتدليس أصلا وإن قال الكل أو الأكثر بحجيّة الإجماع المنقول وبقي في المقام بعض الكلام قد أشرنا إليه في غاية المأمول والله هو المعول والمسئول (قوله) فعدلوا به عن معناه الّذي جرى عليه الاصطلاح إلخ فيه إشارة إلى انقلاب الاصطلاح عن الإطلاق الأوّل للإجماع إلى الإطلاق الثّاني لأنّ الظاهر أن مقصوده من المعنى الّذي جرى عليه الاصطلاح هو اتفاق جماعة يدخل فيهم الإمام عليه‌السلام سواء كانوا جميع العلماء أو بعضهم كما

١٠٩

يرشد إليه ذكر ذلك بعد نقل كلام المحقّق واستجواده ومن هنا قد يورد على المصنف رحمه‌الله بعدم ارتباط ما أورده على صاحب المعالم بمحل كلامه نظرا إلى أنّ صاحب المعالم قد أورد على القوم بأنّهم كثيرا ما يطلقون الإجماع ويريدون به الشّهرة ولا وجه لتسمية الشّهرة باسم الإجماع وما ذكره المصنف رحمه‌الله يرجع إلى بيان وجه المسامحة في إطلاق الإجماع على اتفاق جماعة أحدهم الإمام عليه‌السلام ولا ارتباط لأحد الكلامين بالآخر ولكنّك خبير بما فيه لأنّ حاصل ما ذكره المصنف رحمه‌الله أنّ صاحب المعالم قد زعم تسمية العلماء للشّهرة بالإجماع وتعجب منه فدفعه بمنع كون مقصودهم تسميتها به بل لما كان مقصودهم دعوى اتفاق جماعة كاشف عن رضا المعصوم عليه‌السلام بقاعدة اللّطف أو التقرير أو العادة فسمّوه إجماعا وإنّ هذه المسامحة في محلّها(قوله) ولا دليل على حجيّة يعتد به إلخ يعني على حجيّة نقل الإجماع الّذي عدلوا به عن المعنى المصطلح عليه وفي قوله يعتد به إشارة إلى وجود دليل عليه في الجملة وهو أنّ اتفاق جماعة من العلماء الأعلام العدول على حكم من دون دليل قوي عليه مستبعد بل معلوم العدم فاتفاقهم يكشف على سبيل القطع عن وجود دليل على الحكم عندهم ووجه عدم الاعتداد به أنّ غاية ذلك حصول العلم بأنّهم لا يفتون من دون دليل وأمّا دلالته على كون ما هو دليل عندهم دليلا عندنا أيضا لو ظفرنا به فلا غاية الأمر حصول الظنّ به ولا دليل على حجيّة هذا الظنّ (قوله) إذا عرفت ما ذكرنا إلخ من الأمرين قد تقدّم بيان وجه الحاجة إلى بيان الأمرين (قوله) إنّ الحاكي للاتفاق إلخ لا يخفى أنّ الألفاظ الّتي يعبر بها عن اتّفاق العلماء كثيرة ومختلفة الدّلالة منها قولهم يدل عليه الإجماع أو المسألة كذا إجماعا أو هذا إجماعي أو نحو ذلك من الألفاظ المطلقة ومنها قولهم يدل عليه إجماع المسلمين أو الشّيعة أو أهل الحقّ أو العلم ومنها قولهم أجمع أو اتفق علماؤنا أو أصحابنا أو فقهاؤنا أو فقهاء أهل البيت أو الأصحاب ومنها قولهم إن ذلك قضيّة المذهب ومنها قولهم إنّ ذلك مذهب الإماميّة أو دين الإماميّة ومنها قولهم اعتقادنا كذا ومنه قول الصّدوق في الأمالي في مسألة جواز القنوت بالفارسيّة اعتقادنا أنّه يعمل بأصالة البراءة ومنها قول السّيّد في الذريعة هذا ممّا انفرد به الإماميّة ومنها قولهم هذا مذهب المحصلين من العلماء أو أصحابنا ومنها قولهم بلا خلاف أو لم يظهر فيه مخالف أو لا تعرف أو لا نعلم فيه خلافا أو نحو ذلك ومنها قولهم هذا ممّا قطع به الأصحاب أو مقطوع به بينهم أو لا ريب فيه ولا يخفى أنّ شيئا من هذه ليس نصا في الإجماع المصطلح عليه لاحتمال إرادة اتفاق من عدا الإمام عليه‌السلام منها وأمّا ظهورها فيه فربّما يمنع ظهور ما عدا الصّنف الأوّل أيضا فيه أمّا الثّاني والثّالث فلأنّ المنساق من المسلمين والشّيعة وأهل العلم وعلمائنا وأصحابنا وفقهائنا وفقهاء أهل البيت والأصحاب هو غير الإمام عليه‌السلام نعم يمكن دعوى الظّهور في مثل أهل الحقّ فما يظهر من المصنف رحمه‌الله من الفرق بين الصّنفين بدعوى ظهور الصّنف الثّاني دون الثّالث لا يخلو عن نظر وأمّا الرّابع فإن ظاهره أنّ ذلك مقتضى أصول المذهب وقواعده لا أنّه مجمع عليه بينهم فلا دلالة فيه على دعوى اتّفاق من عدا الإمام عليه‌السلام فضلا عن دخوله فيهم وأمّا الخامس فلا دلالة فيه أيضا لعدم إطلاق الإمامي على نفس الإمام عليه‌السلام مضافا إلى ظهوره في نفي قول بهذا الحكم من العامة فلا يشمل جميع الإماميّة فضلا عن الإمام عليه‌السلام وإلى احتمال إرادة أن هذا على طريقة الإماميّة من العمل بالأخبار دون القياس في مقابل العامة وأمّا السّادس فلا دلالة فيه أيضا وإن كان ربّما يتوهم كون ذلك فوق مرتبة دعوى الإجماع لقوّة احتمال إرادة المدّعي اعتقاد نفسه أو اعتقاد من عدا الإمام عليه‌السلام وأمّا السّابع فلا دلالة فيه أيضا لظهوره في نفي قول به من العامة فلا يشمل جميع الإماميّة فضلا عن الإمام عليه‌السلام وأمّا الثامن فلا دلالة فيه أيضا لظهوره فيمن عدا الإمام عليه‌السلام من المحصّلين والعالمين بالأحكام على طريق التّعلم والتّحصيل وأمّا التّاسع فأوضح من الجميع لظهوره في مجرّد دعوى الاتفاق من العلماء أو عدم ظهور الخلاف منهم أمّا العاشر فهو أيضا ظاهر ممّا تقدّم نعم هذه الأصناف مختلفة المراتب من حيث احتمال إرادة المعنى المصطلح عليه للإجماع منها ففي بعضها قريب مثل إجماع المسلمين أو أهل العلم أو نحو ذلك وفي بعضها بعيد مثل إجماع أصحابنا أو علمائنا وهكذا وفي بعض آخر أبعد مثل هذا ممّا انفرد به الإماميّة أو لا خلاف فيه أو نحو ذلك نعم قد يدعى ظهور كثير منها في دعوى الإجماع بالمعنى المصطلح عليه نظرا إلى طريقة الفقهاء لأنّهم في مقام دعوى الإجماع لا يفرقون بين كثير من الألفاظ المذكورة فإذا ادعوا إجماع الأمّة قالوا يدل عليه إجماع المسلمين أو أهل الحق أو أهل العلم أو المحصلين وإذا ادّعوا الإجماع المعتبر بين الإماميّة قالوا يدلّ عليه إجماع أصحابنا أو الإماميّة أو نحو ذلك ويؤيّده ما حكي عن الشيخ من تعليل إجماع المسلمين بعدم الخلاف بينهم كما في محكي الإشارات مع ما عرفت من اختلاف اللفظين في المؤدّى فلا بدّ من التدبر وملاحظة المقامات والقرائن كما أشار إليه المصنف رحمه‌الله من إطلاق الإجماع في مقابل الخلاف (قوله) مما يمكن أن يراد به إلخ يعني إمكانا راجحا لا مرجوحا كما في القسم الآتي (قوله) بمقتضى المعنى اللّغوي إلخ لا يخفى أنّ أهل البيت في قولهم فقهاء أهل البيت إن أريد بهم خصوص الأئمّة عليهم‌السلام تصير الإضافة حينئذ بمعنى اللاّم فلا يشملهم لفظ الفقهاء وإن أريد به معناه اللغوي وإن أريد بهم أهل بيت النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مطلقا وتؤخذ الإضافة بمعنى من بأن كان الفقهاء من أهل البيت لا يشمل لفظ الفقهاء غير الأئمة عليهم‌السلام وبالجملة أنّه لم يظهر وجه لما يظهر من المصنف رحمه‌الله من شمول هذه الكلمة للإجماع المتضمّن لقول الإمام عليه‌السلام باعتبار إرادة المعنى اللّغوي (قوله) فظاهر الحكاية كونها حكاية إلخ فإن قلت إن السنة عبارة عن قول المعصوم أو فعله أو تقريره ونقل الإجماع على وجه تظهر

١١٠

منه إرادة المعنى المصطلح عليه أنّما يتم فيما إذا كان مستند علم الحاكي بقول الإمام عليه‌السلام هو الحسّ وإلاّ فلو كان هي قاعدة اللّطف أو التقرير أو العادة فلا سبيل حينئذ إلى دعوى الإجماع على الوجه المذكور لأنّ الإجماع على هذه الوجوه هو اتفاق من عدا الإمام عليه‌السلام فإذا اتفق من عداه من علماء عصر واحد أو مطلقا على حكم واستكشف به عن رضاه بأحد الوجوه المذكورة لا تصحّ دعوى الإجماع حينئذ على وجه يظهر منه دخول قول الإمام عليه‌السلام في أقوال المجمعين ولا يكون نقل مثل هذا الإجماع نقلا للسنة لفرض كونه نقلا لقول من عدا الإمام عليه‌السلام وإن كان موافقا له فحيثما يدعى الإجماع على وجه يظهر منه إرادة المعنى المصطلح عليه فلا بد أن يكون مستند علم المدعى فيه هو الحسّ خاصّة دون الأعم قلت إن الكلام في المقام أنّما هو في ظهور لفظ النّاقل في دعوى الإجماع بحيث يندرج قول الإمام في أقوال المجمعين من باب التّضمّن سواء كان مستند علم المدّعي بقول الإمام عليه‌السلام هو الحسّ أو قاعدة اللّطف أو التقرير أو العادة وعدم اشتراط العلم بدخول شخص الإمام عليه‌السلام في أشخاص المجمعين على الوجوه الثّلاثة الأخيرة غير قادح في دلالة اللّفظ على دخوله فيهم لما أشار إليه المصنف رحمه‌الله سابقا من إمكان الاستكشاف عن قول الإمام عليه‌السلام باتفاق من عداه بأحد هذه الوجوه الثّلاثة ثمّ ضمّ قوله عليه‌السلام إلى أقوال من عداه ودعوى الإجماع على وجه تفيد دخوله فيهم من باب التّضمّن (قوله) كما إذا سمع الحكم إلخ أو وصلت إليه فتاوى جماعة أو ظفر بفتاواهم في الكتب مع عدم معرفته بأعيانهم مع علمه إجمالا بكون إحداها قول الإمام عليه‌السلام وإنّما اعتبر عدم معرفة كلّ واحد من المجمعين لأنه مع المعرفة بأعيان بعضهم دون بعض فلا يعتد بأقوال المعروفين لعدم تأثيرها في معرفة قول الإمام عليه‌السلام فإذا اتفق عشرة أحدهم الإمام عليه‌السلام على قول فإن عرفوا جميعا فلا اعتداد بقول من عدا الإمام عليه‌السلام وهذا ليس إجماعا وإن كان أحدهم مجهول النّسب دون الباقين فهو كالأوّل للعلم حينئذ بأن الإمام عليه‌السلام هو مجهول النّسب وإن جهل اثنان فالإجماع يحصل بهما لأنّ العلم بقول الإمام عليه‌السلام أنّما حصل باتفاقهما فلا اعتداد بقول الباقين وهكذا(قوله) على ما ذكر في محلّه إلخ قد قرّرنا الكلام فيه في غاية المأمول بما لا مزيد عليه فليرجع هناك (قوله) فلا وجه للاعتماد على حكايته إلخ لأن غاية المحكي أن يكون كالمحصّل فإذا لم يكن المحصّل حجة عند المنقول إليه فكذلك المحكي ولكنّك خبير بأنّه يمكن الفرق بدعوى حجيّة المحكي دون المحصّل كما تظهر من صاحب الفصول قال في طيّ موهنات الإجماع المنقول ومنها تعويل ناقله في الاستكشاف على طريق لا تعويل عليه كمصيره إلى أنّ العبرة في الإجماع بدخول المعصوم عليه‌السلام في المجمعين على وجه لا يعلم نسبه فإنّ هذا ممّا يقطع أو يظنّ عادة بعدم وقوعه أو يكتفى في الاستكشاف بمصير واحد أو جماعة إلى الحكم من غير مخالف فيقطع بموافقة المعصوم عليه‌السلام وإلا لظهروا ظهر الخلاف كما يراه الشّيخ وجماعة وقد مرّ ثمّ قال والجواب أنّ العلم أو الظنّ ببطلان الطّريق لا يوجب بطلان النّقل نعم يوجب الوهن فيه فإذا اعتضد بأمارات توجب الظنّ بصحّة نقله اتّجه التّعويل عليه انتهى توضيحه أن ناقل الإجماع مع قوله بصحّة الاستناد في الاستكشاف عن رضا المعصوم عليه‌السلام إلى طريق اللّطف فإمّا أن يحتمل كون ما نقله هو الإجماع على طريقة القدماء وإمّا أن لا يحتمل فيه ذلك بأن يعلم بابتنائه على طريقة اللّطف وعلى الأوّل فالوجه في حجيّته أنّه قد نقل رضا المعصوم عليه‌السلام غاية الأمر أن طريق تحصيله للعلم به مردّد عندنا بين الصّحيح والفاسد فليحمل على الصّحيح كما هو المقرّر شرعا في الأسباب الشّرعيّة كالمعاملات والأخبار عن الطّهارة والنجاسة والشهادة إذ لا يسأل عن طريق علم المخبر والشّاهد وإن احتمل استنادهما إلى طريق غير صحيح عندنا وسنشير إلى عدم انحصار طريق تحصيل العلم عند الشيخ في قاعدة اللّطف خلافا لما فهمه المصنف من كلامه وعلى الثّاني فالوجه في حجيّته أنّه قد أخبر عن رضا المعصوم عليه‌السلام وعلمنا بفساد طريق علمه لا يستلزم فساد معلومه إذ فساد الدّليل في الواقع لا يستلزم بطلان المدلول كذلك فإذا أخبر الشّيخ عن رضا المعصوم عليه‌السلام يؤخذ به لآية النّبإ ولا ينظر إلى فساد طريق علمه هذا غاية توضيح المقام وهو بعد لا يخلو عن نظر بل منع إذ لا دليل على اعتبار خبر العدل مع علمنا بفساد طريق علمه بالمخبر به كما إذا أخبر عن شيء مع علمنا باستناده فيه إلى الرّمل مثلا لعدم الدليل عليه من آية النّبإ وغيرها هذا مع العلم باستناده إلى طريق فاسد وكذلك مع احتماله احتمالا يعتد به عند العقلاء ولا سبيل لقاعدة الحمل على الصحّة إلى باب الرّواية لاختصاصها بالموضوعات الخارجة المشتبهة كما لا يخفى نعم لو ثبتت الملازمة غالبا بين اعتقاد شخص والواقع أمكن القول باعتبار خبره وإن علمنا بفساد طريق اعتقاده سواء أخبر عن اعتقاده أو عن الواقع بأن قال اعتقادي كذا أو الأمر الفلاني كذا ولعلّه سيأتي الكلام في توضيح ذلك إن شاء الله تعالى (قوله) غير ثابتة وإن ادعاها بعض إلخ قد أصرّ المصنف رحمه‌الله هنا على انحصار طريقة الشيخ في مسألة الإجماع في قاعدة اللّطف وعدم مشاركته للسّيّد في طريقته والعبارات الّتي نقلها عن العدّة وغيرها ظاهرة فيما ادعاه إلاّ أن بعض عباراته الأخر أصرح منها في المشاركة مع السّيّد في طريقته كالعبارة الّتي نقلها المصنف ره عن العدّة في مسألة أخبار الآحاد فإنه حيث ادعى الإجماع على العمل بأخبار الآحاد أورد على نفسه بقوله أليس شيوخكم لا يزالون يناظرون خصومهم في أن خبر الواحد لا يعمل به إلى أن قال في الجواب عنه على أنّ الّذين أشير إليهم في السّؤال أقوالهم متميّزة بين أقوال الطائفة المحقة وقد علمنا أنهم لم يكونوا أئمة معصومين وكلّ قول علم قائله وعرف نسبه وتميز عن أقاويل سائر الفرقة المحقة لم يعتد بذلك القول لأنّ

١١١

قول الطائفة أنّما يكون حجّة من حيث كان فيهم معصوم فإذا كان القول من غير المعصوم علم أنّ قول المعصوم داخل في باقي الأقوال ووجب المصير إليه على ما بنيته في الإجماع انتهى وهو كالصّريح في اختباره لطريقة السّيّد والعجب من عدم التفاته إليه مع نقله عبارته هناك وإنّما قلنا كالصّريح لاحتمال أن يكون هذا الكلام من الشيخ لأجل إلزام السّيّد في دعواه عدم جواز العمل بأخبار الآحاد على طريقته لا أنّه مختار الشيخ كما أن ما يظهر من عباراته الّتي نقلها المصنف رحمه‌الله هنا من أنّه لو لا طريقة اللّطف لا تمكن دعوى الإجماع يحتمل أن يريد به عدم الإمكان في الغالب لا دائما وإن كان كلّ منهما خلاف ظاهر العبارتين فيمكن الجمع بينهما بما ذكرناه من إرجاع أحدهما إلى الآخر ويحتمل أن يكون ما ذكره في مبحث أخبار الآحاد عدولا عمّا اختاره في مبحث الإجماع إلاّ أنه يبعده ما تقدّم من قوله على ما بنيته في الإجماع بل هذه العبارة تنافر قضية إلزام الخصم أيضا كما لا يخفى وكيف كان فممّا ذكرناه قد ظهر وجه اختلافهم في فهم مذهب الشيخ في دعوى المشاركة كما يظهر من القوانين والضّوابط والمناهج أو اختصاصه بطريقة اللّطف كما ذكره المصنف رحمه‌الله تبعا لصاحب الإشارات فلاحظ بعين الإنصاف وأعرض عن القيل والقال (قوله) في حكم ما إذا اختلف الأمّة إلخ ولو كان اختلافها بكون أحد القولين للإمام عليه‌السلام والآخر لباقي الأمّة لأنّ الإمام عليه‌السلام من جملة الأمّة وحينئذ يصدق اختلاف الأمّة مع كون أحد القولين للإمام عليه‌السلام (قوله) في إزاحة التكليف إلخ يعني في إزالة العلّة والمانع عن التكليف لإتمام الحجّة حينئذ على العباد كما ورد في الدّعاء أزاح العلل في التكليف وسوّى التّوفيق بين الضّعيف والشّريف (قوله) ظاهر كلّ من اشترط إلخ وجه الظهور أنّ مدار الإجماع على طريقة القدماء على العلم بدخول الإمام عليه‌السلام في جملة المجمعين من علماء عصر واحد وإن خرج منهم واحد أو اثنان بل جماعة قلوا أو كثروا مع معرفة أنسابهم وعلى طريقة المتأخرين على الاستكشاف عن رضا المعصوم عليه‌السلام من اتفاق جماعة قلّوا أو كثروا من علماء عصر أو أعصار أحياء أو أموات أو ملفّقين مع العلم بأنسابهم وعدمه وأنت خبير بأنّه قد تقدّم من المصنف رحمه‌الله عند بيان المعنى المصطلح عليه للإجماع استشهاده دعوى المحقق الثّاني في تعليق الشّرائع الإجماع على أنّ خروج الواحد من علماء العصر قادح في انعقاد الإجماع لكون الإجماع في الاصطلاح عبارة عن اتفاق الكلّ ولا ريب أنّ الإجماع المبني على قاعدة اللّطف خارج من المعنى المصطلح عليه لأنّه عبارة عن اتفاق من عدا الإمام عليه‌السلام لعدم اشتراط دخوله في المجمعين على هذه القاعدة وحينئذ إن كان اشتراط عدم مخالفة أحد شاهدا باعتبار الإجماع من باب اللّطف لم يبق وجه للاستشهاد المذكور وإن كان شاهدا لكون الإجماع عبارة عن اتفاق الكل لم يبق وجه لما استظهره في المقام (قوله) قال في الإيضاح إلخ يظهر من كلامه كون وجود مخالف واحد ولو مع عدوله عن قوله الأوّل وموافقته للباقين قادحا في انعقاد الإجماع ولم يظهر قائل به من القائلين بالإجماع من باب اللّطف كما ستعرفه ولنأت بمثال لتوضيح المقام وهو أن يفرض علماء عصر جماعة ثمّ اتفق انقراضهم إلاّ واحدا منهم فأدرك هو عصرا آخر قد حدث فيه علماء آخرون وكان علماء العصر الأوّل قائلين بحكم كوجوب الجمعة وعلماء العصر الثّاني على خلافهم كحرمتها وكان هذا الواحد المدرك للعصرين مجتهدا في هذه المسألة في العصر الثّاني على خلاف اجتهاده في العصر الأوّل فلا يخلو حينئذ إمّا أن يكون اجتهاده الأوّل على طبق اجتهاد علماء العصر الأوّل أو على خلافه وكذلك اجتهاده الثّاني وهو إذا لم يبطل اجتهاده الأول وكتب اجتهاده الثّاني في موضع آخر ترتب على عدم إبطال اجتهاده الأوّل أمران أحدهما بيان عدم انعقاد إجماع العصر الأوّل على خلاف اجتهاده الأوّل لأنّ علماء العصر الأوّل إمّا أن يكونوا مخالفين له أو موافقين له وعلى الأوّل فخلافه لهم مانع من انعقاد الإجماع على خلافه وعلى الثّاني فالفرض انعقاد إجماع العصر الأوّل حينئذ على طبق اجتهاده الأوّل وعدم انعقاد إجماعهم على خلافه كما يتحقّق بوجود الخلاف كما في صورة المخالفة كذلك يتحقق بانعقاد الإجماع على طبق الاجتهاد الأوّل مع أنّ هذه الصّورة غير صحيحة لأنّه مع موافقتهم له في الاجتهاد الأوّل ينعقد الإجماع في المسألة لا محالة وحينئذ يكون اجتهاده الثّاني مخالفا للإجماع لا محالة ووجه ترتب ذلك على عدم إبطال الاجتهاد الأوّل أنّه لو أبطله ربّما توهم كونه من أهل الاجتهاد الثّاني دون الأوّل فيتوهم لذلك انعقاد إجماع عصر الاجتهاد الأوّل على خلاف الاجتهاد الأوّل وثانيهما بيان عدم انعقاد إجماع عصر الاجتهاد الثّاني على طبق اجتهاده الثّاني لأنّه في العصر الثّاني إمّا أن يخالف اجتهاده اجتهادهم فلا يحقّق الإجماع وإمّا أن يوافقه فاجتهاده الأوّل يمنع انعقاد الإجماع في العصر الثّاني كما أشرنا إليه أوّلا ووجه ترتب ذلك على عدم إبطال اجتهاده الأوّل ظاهر لأنه لو أبطله فربّما يتوهم كونه من أهل العصر الثّاني دون الأوّل فيتوهم لذلك في صورة الموافقة انعقاد إجماع العصر الثّاني على طبق اجتهاده الثّاني ويترتب على ضبط اجتهاده الثّاني في موضع آخر بيان عدم انعقاد إجماع أهل العصر الثّاني على طبق اجتهاده الأوّل لأن أهل العصر الثّاني إمّا يخالفون اجتهاده الأوّل فلا معنى لدعوى إجماعهم حينئذ على طبقه وإمّا يوافقونه وحينئذ فاجتهاده الثّاني المخالف لاجتهاده يمنع انعقاد الإجماع على طبق اجتهاده الأوّل وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ الفخر قد ذكر في كلامه حكمين أحدهما عدم إبطال الاجتهاد الأوّل والآخر كتابة الاجتهاد الثاني في موضع آخر ورتب على الأوّل أمرين وعلى الثّاني أمرا واحدا كما عرفت وترتب الأمر الثّاني على الحكم الأوّل مبني على كون الاجتهاد الأوّل المعدول عنه مانعا من انعقاد الإجماع في العصر الثّاني على طبق اجتهاده الثّاني وممّا ذكرناه يظهر وجه رجوع الضّمير المضاف إليه في قوله على خلافه إلى الاجتهاد الأوّل لعدم صحّة رجوعه إلى الاجتهاد الثّاني لعدم كون عدم انعقاد إجماع العصر الأوّل على خلاف الاجتهاد الثّاني

١١٢

مرتبا على عدم إبطال الاجتهاد الأوّل ولا على كتابة الاجتهاد الثّاني في موضع آخر أمّا الأوّل فإنّ أهل العصر الأوّل إمّا أن يكونوا مخالفين للاجتهاد الثّاني أو موافقين له فعلى الأوّل يكون إجماع العصر الأوّل منعقدا على خلاف الاجتهاد الثّاني لا محالة فلا وجه لنفي ذلك وعلى الثّاني يكون الاجتهاد الأوّل مانعا من انعقاد إجماع العصر الأوّل على طبق الاجتهاد الثّاني فيكون أثر عدم إبطال الاجتهاد الأوّل هو ذلك لا بيان عدم انعقاد إجماع العصر الأوّل على خلاف الاجتهاد الثّاني كما هو المقصود وأمّا الثّاني فواضح لأنّ إجماع العصر الأوّل إما أن يكون موافقا للاجتهاد الثّاني أو مخالفا له فعلى الأوّل يكون الاجتهاد الأوّل مانعا من انعقاد إجماع العصر الأوّل على طبق الاجتهاد الثّاني لا من انعقاده على خلافه مع أنّ ذلك من آثار عدم محو الاجتهاد الأوّل لا من آثار كتابة الاجتهاد الثّاني في موضع آخر وعلى الثّاني ينعقد إجماع العصر الأوّل على خلاف الاجتهاد الثّاني وليس ضبط الاجتهاد الثّاني مانعا منه (قوله) من عدم الاعتبار إلخ قال الفيومي استكثرت من الشيء إذا أكثرت فعله وقول النّاس أكثرت من الأكل ونحوه يحتمل الزيادة على مذهب الكوفيين ويحتمل أن يكون للبيان على مذهب البصريين والمفعول محذوف والتقدير أكثرت الفعل من الأكل وكذلك ما أشبهه انتهى (قوله) ظاهره الانطباق إلخ لأنّ ظاهره قدح مخالف واحد في انعقاد الإجماع في عصر واحد وهو منطبق على قاعدة اللّطف وإلاّ كان الأنسب أن يعتذر بعدم قدح وجود المخالف مطلقا لا بانقراض عصر المخالف فالاعتذار به ظاهر في الاستناد إلى القاعدة(قوله) وكأنّه لأجل مراعاة هذه الطّريقة إلخ فيه نظر لأنّ الشّهيد قال في الذكرى يثبت الإجماع بخبر الواحد ما لم يعلم خلافه لأنّه أمارة قوية كروايته وقد اشتمل كتاب الخلاف والانتصار والسّرائر والغنية على أكثر هذا الباب مع ظهور المخالف في بعضها حتّى من النّاقل نفسه والعذر إمّا بعدم اعتبار المخالف المعلوم النّسب كما سلف وإمّا تسميتهم لما اشتهر إجماعا وإمّا بعدم ظفره حين ادعى الإجماع بالمخالف وإمّا بتأويل الخلاف على وجه يمكن مجامعته لدعوى الإجماع وإن بعد كجعل الحكم من باب التخيير وإمّا إجماعهم على روايته بمعنى يد ومنهم في كتبهم منسوبا إلى الأئمة عليهم‌السلام انتهى فإن تأويل الإجماع في محل الخلاف بكون المخالف معلوم النّسب لا يتم على طريقة اللّطف لكون خروج معلوم النّسب أيضا قادحا على هذه الطّريقة فهو أنّما يتمّ على طريقة القدماء وبالجملة أنّ في كلامه مواضع تدل على اعتباره في الإجماع دخول مجهول النّسب في جملة المجمعين منها ما عرفت ومنها ما أشار إليه بقوله كما سلف فإنّه أشار به إلى ما ذكره في تعريف الإجماع لأنّه قال الإجماع هو اتفاق علماء الطّائفة على أمر في عصر واحد لا مع تعيين المعصوم عليه‌السلام فإنّه يعلم به دخوله والطّريق إلى دخوله أن يعلم إطباق الإماميّة على مسألة معينة أو قول جماعة فيهم من لا يعلم نسبه بخلاف قول من يعلم نسبه ومنها غير ذلك يجده من لاحظ كلامه والأظهر أن توجيه الشّهيد لإجماعات الشّيخ والسّيدين وأضرابهم أنّما هو لأجل دعواهم الإجماع في المسائل الخلافيّة حتّى من المدّعي كما عرفته من كلامه لأنّ الإجماع في اصطلاحهم عبارة عن اتفاق الكل غير المجامع لوجود الخلاف فأوّل هذه الإجماعات بإرادة غير المعنى المصطلح عليه ولو كان هو اتفاق جماعة أحدهم الإمام عليه‌السلام وإن خرج منهم من خرج من معلومي النّسب أو غير ذلك ممّا ذكره (قوله) قلت إنّ الظاهر من الإجماع إلخ حاصله أن الإجماعات المذكورة في كلمات العلماء مبنية على التحدس بمبادي محسوسة عن موافقة قول الإمام عليه‌السلام مع عدم الملازمة بينهما من وجهين أحدهما أن ظاهر الإجماع هو اتفاق علماء عصر واحد وهو غير ملازم لموافقة قوله عليه‌السلام فحصول العلم بموافقته من باب الحدس اتفاقا وثانيهما أن الاطلاع على فتاوى علماء عصر واحد إذا كثروا متعسّرا ومتعذّر لتشتتهم في الأمصار والأصقاع فيتعذر العلم بفتاواهم على سبيل السّماع وأمّا على سبيل الظفر بها في كتبهم فكذلك أيضا إذ ربّ عالم غير مصنّف وربّ مصنّف غير معروف وربّ مصنّف معروف لا تصل كتبه النبأ حين دعوى الإجماع فلا بدّ في دعوى اتفاق الجميع من حدس آخر بأن يتحدس باتفاق المعروفين عن اتفاق الجميع وبه عن الموافقة لقول الإمام عليه‌السلام وربّما يقال بمسيس الحاجة إلى الحدس من وجه ثالث وهو التحدّس بظواهر عبارات الأصحاب عن آرائهم لأن النقوش والألفاظ وإن كانت حسيّة إلا أن الانتقال منها إلى آرائهم حدسيّ ومبني على الاجتهاد وفيه أنه وإن كان حدسيّا إلاّ أنّه يعد من الحسّيات وأوّل من تنبّه على ابتناء الإجماعات المذكورة في كتب العلماء على الحدس دون الحسّ هو سلطان العلماء قال في ذيل احتجاج صاحب المعالم لما اختاره من حجيّة الإجماع المنقول بقوله لنا أن دليل حجيّة خبر الواحد كما ستعرفه يتناوله بعمومه فيثبت به كما يثبت خبره قد يقال كون المسألة إجماعية ليس من قبيل الأخبار حتّى يكفي فيه النقل بل من قبيل المسائل الاجتهاديّة التي يجري فيها الترجيح لوقوع الخلاف في شرائط حجيّته بين أهل الخلاف وكذا عندنا من حيث استنباط دخول المعصوم عليه‌السلام فيه بالقرائن والأمارات المفيدة لظن الدّخول وغير ذلك فالعمل بخبر الغير فيه نوع من التقليد إلا أن يصرح بكيفيّة اطلاعه فتأمل انتهى ثمّ إنّ في كلام المصنف رحمه‌الله إشكالا من وجوه أحدها أن ما استظهره أنّما يتم أن وقعت دعوى الإجماع في كلمات القدماء وإلا فلو وقعت في كلمات المتأخرين لا يتم ما استظهره لما تقدم منه في الأمر الثّاني من دعوى شيوع إطلاق الإجماع على اتفاق جماعة أحدهم الإمام عليه‌السلام بل على اتفاق رجلين أحدهما الإمام عليه‌السلام وإن هذا الشّيوع قد بلغ إلى حيث يكاد ينقلب الاصطلاح إذ لا ريب أنّه مع هذا الشّيوع لا يبقى للفظ الإجماع ظهور في نقل فتاوى الجميع فالأولى في الجواب بالنّسبة إلى ما وقع في كلمات المتأخرين من دعوى الإجماع منع الظّهور أوّلا ومع تسليمه دعوى تعسّر الاطلاع أو تعذره أو منع الاستكشاف

١١٣

وثانيها أن توجيه إجماعات الشهيد بما ذكره من الوجوه لا يتم مع ما تقدّم في كلامه من دعوى ابتناء توجيه الشّهيد لإجماعات العلماء على زعمه كون مستند الإجماع عنده وعند غيره من العلماء هي قاعدة اللّطف لأنّ الإشكال الّذي أوجب توجيه المصنف رحمه‌الله لإجماعات العلماء لا يتأتى على قاعدة اللّطف كما هو واضح وثالثها أنّ الوجه الثالث من وجوه التّوجيه الّتي ذكرها مسدد للإشكال لا دافع له لأن الإشكال كما هو وارد على دعوى الإجماع في المسألة الفرعيّة كذلك وارد على دعواه في المسألة الأصوليّة بل أولى لعدم عنوان المسائل الأصوليّة بين أصحاب الأئمّة عليهم‌السلام ولذا قد يقال بعدم الاعتداد بالإجماع فيها (قوله) كما ذكره في أوائل المعتبر إلخ لا يخفى أنّ قوله إن لم يكن تجاهلا ربّما يمنع من حمل كلامه على ما ذكره فتدبّر(قوله) أو اتفاقهم على مسألة أصوليّة إلخ لا يخفى ما في التّرديد لأن المسائل الثّلاث المتقدمة أيضا من المسائل الأصوليّة ودعوى كونه من قبيل عطف العام على الخاص فاسدة لاختصاصه بالعطف بالواو على ما صرّح به ابن هشام نعم يمكن أن يقال إن دعوى الإجماع في مورد لأجل كون مستنده إجماعيّا على وجهين أحدهما أن يكون شمول المستند لهذا المورد مشروطا بشيء كما في مسألة جواز إزالة النّجاسة بغير المائعات ومسألة ظهور فسق الشّاهد فيما يوجب القتل وثانيهما أن لا يكون مشروطا بشيء كما في مسألة المطلقة ثلاثا في مجلس واحد فدعوى الإجماع في الأوّل مبني على زعم تحقّق الشّرط وفي الثّاني على زعم انطباق الكلي على مورده وأشار المصنف رحمه‌الله بالمعطوف عليه إلى الأوّل وبالمعطوف إلى الثّاني (قوله) وغير ذلك من الأمور إلخ سيمثل لذلك بقوله ومن ذلك الإجماع الّذي ادعاه الحلّي على المضايقة إلى آخره كما سنشير إليه (قوله) بما يوجب القتل إلخ متعلق بالشاهدين (قوله) وتكون الدّية إلخ خلافا لأبي حنيفة فالدّية على المذكين وللشافعي فالدّية على الحاكم ذكرهما في الخلاف (قوله) وقال بعد ذلك إلخ عبارة الخلاف هكذا إذا شهد أجنبيان أنّه أعتق سالما في موضعه وهو الثلث وشهد وارثان أنّه أعتق غانما في هذه الحال وهو الثلث ولم يعلم السّابق منهما أقرع بينهما فمن خرج اسمه أعتق ورق الآخر وللشّافعي فيه قولان أحدهما مثل ما قلنا والثّاني يعتق من كلّ واحد منهما نصفه دليلنا إجماع الفرقة لأنّهم أجمعوا على أنّ كل أمر مجهول فيه القرعة وهذا من ذاك انتهى (قوله) ومن الثّاني يعني من قبيل ما كانت دعوى الإجماع مستندة إلى مسألة أصوليّة اتفاقية(قوله) بظاهر قوله تعالى الطّلاق مرّتان إلخ قد حكي عن المفيد عند الكلام على كون الطّلاق بقولهم أنت طالق ثلاثا واحدا ولا يكون تطليقات ثلاث أنّ الدّلالة على ذلك هو ظاهر الكتاب والسّنة والإجماع أمّا الكتاب فقوله تعالى الطّلاق مرّتان وذكر أن ظاهره صيرورة المرأة بائنة في الطّلاق الثالث بعد تطليقتين بينهما رجوع (قوله) أمرنا هذا إلخ لفظ هذا تأكيد في المعنى للأمر(قوله) إبطال الطلاقات الثّلاث إلخ ووقوع الطلاق الواحد(قوله) ومن ذلك الإجماع يعني من قبيل ما كانت دعوى الإجماع مستندة إلى مطلق الحدس وإن لم يكن من قبيل القسمين المتقدّمين في كلامه فهو ليس من تتمة قوله ومن الثّاني بل إشارة إلى ما أشار إليه بقوله وغير ذلك من الأمور المتفق عليها التي يلزم باعتقاد المدّعى إلى آخره (قوله) وصف خلاف الطلاق إلخ يعني اتّصاف الطّلاقات الثلاثة بكونها مخالفة للكتاب والسّنّة(قوله) وحفظتهم إلخ في تفسير القاضي بناء فعله يدلّ على الاعتياد فلا يقال ضحكة ولعنة إلا للمكثر المتعوّد انتهى (قوله) حزيت هذه إلخ الحزيت كسكّيت الدّليل الحاذق (قوله) والمفتي إذا استند فتواه إلخ يحتمل أن يريد أنّ المفتين إذا استندت فتوى كلّ واحد منهم إلى خبر معيّن أو طائفة معيّنة بأن استند كلّ إلى ما استند إليه الآخر لا يوجب اجتماع أمثالها القطع بالواقع ويحتمل أن يريد أن فتوى كلّ واحد منهم إذا استندت إلى خبر وإن كان مستند أحدهم غير مستند الآخر لا يوجب اجتماع أمثالها القطع بالواقع وحاصله أن اجتماع الأسباب الظنّية وإن كثرت لا يوجب القطع بالواقع وهو حاصل ما ذكره بعض مشايخنا في الرّد على طريقة الحدس في الإجماع فتأمل وعلى الأوّل تكون المثليّة شخصيّة وعلى الثّاني نوعيّة(قوله) من حيث العيلولة إلخ هي قد تبقى وإن لم يجب الإنفاق للنّشوز(قوله) أو وجوب الإنفاق إلخ هو مرتفع مع النّشوز(قوله) ما وقع من جماعة من المسامحة إلخ لدعواهم الإجماع على مورد بمجرّد كون مستنده من أصل أو عموم دليل أو نحو ذلك إجماعيّا كما تقدّم (قوله) أو من الانتقال من الملزوم إلخ بأن ينتقل من كون الملزوم إجماعيّا إلى كون لازمه إجماعيّا فيدعى الإجماع عليه أيضا كما تقدّم في الثّالث من الوجوه المتقدّمة لتوجيه الإجماعات المدّعاة في كلمات المتأخرين كالفاضلين والشّهيدين (قوله) فإن ما ذكرنا إلخ من الحدس الحاصل من حسن الظنّ وغيره (قوله) وحاصل الكلام إلخ بعد بيان الأمرين مقدّمة لتوضيح المقصود في المسألة(قوله) فإن نسبة الأمر الحسّي إلخ كنسبة الفتوى إلى المفتي (قوله) في إحساس الغير إلخ هو النّاقل فيما نحن فيه (قوله) فربّما حصل من المجموع القطع إلخ أراد به القطع الشّرعي دون الوجداني لوضوح عدم استلزام ضمّ أمر تعبّدي إلى وجداني للقطع الوجداني بما هو لازم لمجموعهما على تقدير فرض ما هو تعبّدي وجدانيّا وهذا لا يخلو من نظر كما ستأتي إليه الإشارة (قوله) بعض المحققين إلخ هو الشيخ أسد الله التستري (قوله) الأول حجيّته إلخ لم ينقل المقام الثّاني هنا وهو حجيّة الإجماع المنقول باعتبار نقل المنكشف (قوله) من جهتي الثّبوت إلخ أي ثبوت السّبب الكاشف عادة بأن كان لفظ الإجماع أو غيره ممّا نقله النّاقل من الألفاظ دالا على اتفاق جماعة يلازم قولهم قول الإمام عليه‌السلام عادة والمتضمّن لبيان ذلك هي المقدّمة الأولى (قوله) والإثبات إلخ أي إثبات حجيّة نقل السّبب المذكور وإثبات كيفيّة استكشاف الحجّة المعتبرة من ذلك السّبب والمتضمّن لبيان

١١٤

ذلك هي المقدمّة الثّانية وأمّا الثّالثة فهي كالنتيجة للمقدّمتين كما سنشير إليه (قوله) وهي متحققه ظاهرا في الألفاظ إلخ توضيحه أن نقل السّبب الكاشف قد يكون معلوما بحسب ظاهر لفظ النّاقل أو نصّه بأن قال اتفق الأصحاب أو أصحابنا أو العلماء أو أجمع الأصحاب مثلا سيّما إذا أكّده بقول جميعا أو أجمع أو كافة أو نحو ذلك ولا ريب في دلالة أمثال هذه على السّبب الكاشف وقد تشتبه الحال من حيث الدّلالة على السّبب الكاشف بأن نقل الإجماع من دون إضافته إلى الأصحاب أو العلماء مثلا بأن قال يدلّ عليه الإجماع أو المسألة كذا إجماعا أو هذا الحكم إجماعيّ سيّما إذا كان ذلك في مقام الاستدلال دون نقل الأقوال لأنّ الغرض في مقام الاستدلال هو إثبات المطلوب بأيّ نحو اتفق فربّما يستدل عليه باتفاق جماعة لا يكون سببا عاديا في الكشف عن قول الإمام عليه‌السلام بل يحصل له القطع من ذلك من باب الاتفاق لا من باب الملازمة العادية بخلاف المنقول بلفظ الإجماع في مقام نقل الأقوال لأنّ ظاهره حينئذ دعوى اتفاق الجميع وكيف كان فإذا قال النّاقل المسألة كذا إجماعا فربّما يسري إليه احتمال أن يلقى النّاقل الإمام عليه‌السلام أو انكشف له الواقع بالرّياضات النّفسانيّة كما تدعيه الصّوفيّة فيدعى الإجماع جمعا بين إظهار الحق وكتمان السّر كما ستعرفه في الحاشية الآتية لكن بناء الإجماعات المدّعاة في كلمات العلماء سواء نقلت في مقام الاستدلال أو نقل الأقوال ليس على أحد الوجهين وإن وجد ففي غاية القلّة فلا تحمل عليه الإطلاقات (قوله) ولا الوجه الأخير إلخ قيل المراد بالوجه الأخير هو الوجه الثّاني عشر الّذي ذكره في رسالته وهو أن يرى الفقيه الإمام عليه‌السلام في أمثال زماننا ويأخذ منه الفتوى لكنه يريد أن يجمع بين إظهار الحق وكتمان السّر فيدعي الإجماع في المسألة وأقول قد أشار العلاّمة الطّباطبائي في فوائده إلى هذا الوجه بقوله وربّما يحصل لبعض حفظة الأسرار من العلماء الأبرار العلم بقول الإمام عليه‌السلام بعينه على وجه لا ينافي الرّؤية في هذه الغيبة فلا يسعه التّصريح بنسبة القول إليه فيؤديه في صورة الإجماع جمعا بين إظهار الحق والنّهي عن إذاعة مثله بقول مطلق انتهى (قوله) وربّما بالغوا إلخ هذا تأييد لكون مرادهم بالإجماع اتفاق الكل (قوله) من جهة العبارة إلخ من حيث الدّلالة على اتفاق الكل كما تقدم (قوله) والمسألة إلخ من حيث كونها من الفروع القديمة المعنونة في كلمات القدماء أو الفروع الجديدة(قوله) والنقلة إلخ من حيث الكثرة والقلّة ومن حيث كون النّاقل كثير التتبّع في الأقوال وعدمه (قوله) الثّانية حجيّة نقل السّبب إلخ لا يذهب عليك أن هذه المقدّمة قد اشتملت على عدّة أدلّة على حجيّة نقل السّبب كلّها لا يخلو من نظر أحدها أن نقل فتاوى العلماء في ما نحن فيه ليس إلاّ كنقل فتوى المجتهد إلى مقلّديه فيعتبر نقل الثّقة فيما نحن فيه أيضا بجامع كون كلّ واحد منهما نقل الثقة فتوى المجتهد إلى غيره وفيه أنّه قياس مع الفارق وهو أن نقل الثّقة فتوى المجتهد إلى مقلديه لو لم يعتبر لزم العسر والحرج على المقلّدين في أخذ جميع مسائلهم من المجتهد على سبيل العلم وعلى المجتهد في بيانه لهم بخلاف ما لو لم نقل باعتبار الإجماعات المنقولة وتعيّن العمل في مواردها بسائر الأدلّة إن وجدت وإلا فبالأصل الجاري فيها كيف لا ولم يتمسك بها أحد فيما أعلم إلى زمان الفاضلين وثانيها أن نقل الثّقة فيما نحن فيه ليس إلاّ كنقله ما عدا قول المعصوم عليه‌السلام ونحو قوله من سائر ما تضمّنته الأخبار كالأسئلة التي تعرف منها أجوبتها مثل ما روي أنّه عليه‌السلام سئل عن جواز بيع الرّطب بالتمر فقال أينقص إذا جفّ فقالوا نعم فقال فلا إذن وكذا الأقوال والأفعال الّتي تعرف منها تقريره عليه‌السلام بأن يفعل في حضرته فعل أو يذكر قول فيسكت عن الرّد عليه مع تمكنه منه وفيه أن المقصود الأصلي في أمثال ذلك نقل جوابه أو تقريره عليه‌السلام ونقل السّؤال أو الفعل أو القول أنّما هو من باب التبع فما دل على اعتبار نقل السنة أعني قوله عليه‌السلام وفعله عليه‌السلام وتقريره عليه‌السلام يدل على اعتبار نقل السّؤال أو فعل الغير أو قوله الذي قرّره الإمام عليه‌السلام بالدّلالة الالتزاميّة بخلاف نقل فتاوى العلماء فيما نحن فيه لأنّها مقصودة بالأصالة إذ الغرض منه نقل السّبب ليستدل به على مسبّبه فالقول باعتبار الأوّل لا يستلزم القول باعتبار الثّاني وثالثها أن نقل الثّقة فيما نحن فيه ليس إلاّ كنقل تذكية الرّواة أو جرح بعضهم بعضا وفيه أن الخلاف في وجه اعتبار قول علماء الرجال معروف فذهب جماعة إلى اعتباره من باب الشهادة فاعتبروا فيه العدد وقيل باعتباره من باب الرّواية ولعلّه قول الأكثر وقيل باعتباره من باب الظنّ المطلق فالإجماع على اعتباره في الجملة غير مجد في المقام ورابعها أنّ نقل الثقة فيما نحن فيه ليس إلاّ كنقله للشّهرة واتفاق سائر أولي الآراء والمذاهب وذوي الفتوى أو جماعة منهم وفيه أنّ الإجماع في المقيس عليه غير معلوم ولذا ترى أنّ بناء العلماء في الكتب الفقهية على المراجعة إلى أقوال غيرهم في كتبهم بحسب الإمكان وعدم اكتفائهم بمجرّد نقل الغير ولذا ترى كثيرا تخطئة بعضهم بعضا في نسبة القول إلى أحد أو نقل الشّهرة أو الاتفاق وربّما يتوقف في صدق النّسبة ومنه ما تقدّم من المصنف رحمه‌الله عند نقل وجوه تقرير الأصل في العمل بالظنّ فلو كان نقل الثّقة معتبرا عندهم إجماعا في أمثال ذلك لاستراحوا عن أمثال ما ذكرنا إلى نقله وخامسها ما دل على اعتبار قول الثقة بقول مطلق وفيه أن المتقين من ملاحظة مجموع الأدلّة الّتي أقيمت على اعتباره هو اعتباره في نفس الأحكام الكليّة لأنّ أدلّة خبر الواحد كلّها مخدوشة والمتيقّن من ملاحظة مجموعها ما ذكرناه وسادسها دليل الحاجة إلى العمل بالظنّ فيما لا غنى عنه أعني دليل الانسداد وفيه منع الحاجة في إثبات الأحكام الكليّة إلى العمل بالظنّ في موارد الاتفاقات المنقولة الّتي لا يوجد فيها دليل سواها لعدم ثبوت التّكليف فيها بحيث يلزم من العمل بالأصول فيها محذور بناء على ما هو التحقيق من انفتاح باب العلم شرعا في غيرها(قوله) فاسد من أصله إلخ لفساد مبناه لأن مبناه إمّا أصالة حرمة العمل بالظنّ أو استبعاد إثبات المسائل الأصوليّة الّتي هي مباني الفروع بمثل خبر الواحد ويرد على الأوّل أنّ الخارج من الأصل ليس خصوص الفروع لعموم أدلّة

١١٥

أخبار الآحاد كما سيأتي في محلّه لها وللأصول وعلى الثّاني أنّ مجرّد الاستبعاد غير مفيد(قوله) من وجوه شتّى إلخ مثل عدم اشتراط الضّبط في الناقل وكونه مذكى بعدل أو عدلين ونحو ذلك مما اشترطوه في قبول خبر الواحد فتأمل (قوله) الثالثة حصول استكشاف إلخ هذه المقدّمة بمنزلة النتيجة للمقدّمتين الأوليين (قوله) كالمحصّل فيما يستكشف إلخ فيه مضافا إلى ما سيشير إليه المصنف رحمه‌الله نظر من وجهين أحدهما أنّه يمكن منع حصول الاستكشاف بالمحصّل فضلا عن المنقول لأنّ العلماء الذين نقلت فتاواهم إلينا إن علم من حالهم إنّهم لا يعملون إلاّ بما وصل إليهم من الأخبار المأثورة عن الأئمّة عليهم المسألة على سبيل العلم أو الوثوق ولا يعتمدون إلا على المناطق دون الدّلالات الضّعيفة والاستلزامات الموهونة كالصّدوق وأمثاله فاتفاق هؤلاء يستلزم عادة موافقة ما اتفقوا عليه لما صدر عن الإمام عليه المسألة لا محالة والمعلوم من حال العلماء خلاف ذلك لاختلاف مشاربهم في العمل بالأخبار والعمل بالدلالات والاستلزامات ومعه لا تمكن دعوى الملازمة العادية بين رضا المعصوم عليه‌السلام وما اتفقوا عليه كيف لا ولو نقل إلينا مستند فتواهم ربما ناقشنا فيه أو منعناه نعم لا نمنع حصول العلم بالموافقة لبعض الأشخاص في بعض الأحيان من باب الاتفاق لكنّه غير مجد في دعوى الملازمة العادية ويؤيّد ما ذكرناه أنّه قد تستقرّ الفتوى على حكم ثمّ على خلافه مثل حكمهم إلى زمان المحقّق الثّاني بأنّ بيع المعاطاة أنّما يفيد مجرّد الإباحة خلافا للمفيد حيث حكم بلزومه وإذا وصلت التوبة إلى المحقق الثّاني حكم بإفادته للملك المتزلزل واستقرت الفتوى بعده على ذلك وكذلك المعروف قبل الشّهيد الثّاني هو تنجس البئر بالملاقاة واستقرّت الفتوى بعده على خلافه وثانيهما مع تسليم الملازمة العادية بين اتفاق الكلّ ورضا المعصوم عليه‌السلام أن نقل السّبب ليس كاشفا حقيقيّا إذ غايته حصول الظنّ به برضا المعصوم عليه‌السلام بسبب الظنّ بصدق النّاقل ولا دليل على اعتبار الأمر المنكشف بكاشف شأني وذلك لأنّ اعتبار خبر العدل أنّما هو بجعل الشّارع وتنزيل المحتمل أو المظنون منزلة الواقع لأنا إذا قلنا باعتبار مفهوم آية النّبإ فمقتضاه عدم وجوب التبين عن خبر العدل وتنزيل ما أخبر به منزلة الواقع بإلغاء احتمال الخلاف فيه ومعنى تنزيلات الشّارع هو ترتيب الآثار الشّرعيّة المرتّبة على الواقع على الأمر المنزل منزلته ولكن لا يلزم منه أن يرتب عليه ما كان مرتّبا على الواقع من الآثار العقليّة أو العادية لعدم قابليتها للجعل فإذا قال الشّارع الطّواف في البيت صلاة فمقتضاه ترتيب ما كان مرتّبا على الصّلاة من الآثار الشّرعيّة كعدم جواز الدّخول فيها من دون طهارة أو نحو ذلك على الطّواف أيضا دون الآثار العقليّة أو العادية كانهدار الطّعام بسبب الحركة الحاصلة بها لما عرفت من عدم قابليتها للجعل ومن هنا يظهر أنّ الآثار الشّرعيّة المرتبة على الواقع بواسطة أمر عقليّ أو عادي لا تترتب أيضا على الأمر المنزل منزلة الواقع إذ الحكم بثبوت ذلك فرع ثبوت موضوعة غير الثّابت بتنزيل الشّارع وحينئذ نقول إنّ الثّقة إذا أخبر باتفاق الكلّ على حكم الّذي هو كاشف عادة عن رضاء المعصوم عليه‌السلام فمعنى اعتباره ترتيب الأثر الشّرعي وهو الحكم الشّرعي المرتب على السّبب الواقعي على هذا السّبب المنقول والفرض أن ترتبه عليه أنّما هو بواسطة لازمه العادي وهو رضا المعصوم عليه‌السلام فتنزيل السّبب المنقول منزلة الواقع لا يثبت ترتب الحكم الشّرعي عليه هذا ولكن يدفع هذا الإيراد أن رضا المعصوم عليه‌السلام إذا فرض كونه لازما عاديا لاتفاق الكل فالإخبار عن اتفاق الكل إخبار عن لازمه العادي أيضا عند العرف فما دل على اعتبار خبر الثّقة وتنزيله منزلة الواقع دل على اعتبار لازمه أيضا وتنزيله كذلك وإذا فرض كون اللازم العادي موردا للتنزيل الشرعي يترتب على هذا اللاّزم العادي المنقول ما كان مترتّبا على اللازم العادي الواقعي فإن قلت إنّ ما ذكرت إن تمّ أنما يدل على اعتبار الإجماع المنقول باعتبار نقل الأمر المنكشف دون السّبب الكاشف والمحقق التستري لا يقول بذلك لأنّه إنّما يقول باعتباره باعتبار نقل السّبب دون الأمر المنكشف قلت إنّ نزاعه مع من قال باعتباره باعتبار نقل المنكشف صغروي لأنّه إنّما يمنع اعتبار الإجماعات المنقولة في كلمات العلماء باعتبار نقل المنكشف بدعوى ابتنائها على الحدس في الكشف عن رضا المعصوم عليه‌السلام من دون ملازمة عادية بينه وبين ما تتبعه النّاقل من فتاوى العلماء نظرا إلى تعذر استقصاء تتبّع فتاواهم في زمان الغيبة بحيث تحصل الملازمة العادية بين الفتاوى المتتبع فيها ورضا المعصوم عليه‌السلام لتشتتهم في الأرض وعدم معرفتهم بأشخاصهم وعدم وصول كتب كثير منهم إلينا كما أشرنا إليه آنفا وإلاّ فلو فرض حصول التتبع كذلك فهو لا يمنع اعتبار الإجماع المنقول باعتبار نقل المنكشف أيضا فإن قلت إن صحّ ما ذكرت اتجه عدم حجيّته باعتبار نقل السّبب أيضا لفرض عدم إمكان حصول العلم بالسّبب العادي في زمن الغيبة فكل ما هو ظاهر في نقل السّبب العادي من ألفاظ الإجماع لا بد من صرفه إلى ما لا ينافي ما ذكرنا قلت نعم إلا أنّه راجع إلى الإيراد الأوّل الّذي قدّمناه وهو وارد على المحقّق المذكور(قوله) فينبغي حينئذ يعني حين تمهيد المقدّمات وهو تفريع على ما ذكره فيها(قوله) ومثله الحال في آحاد إلخ لاختلاف الحال باختلافها من حيث كون المسألة من الفروع الجديدة أو القديمة المعنونة في كتب الأصحاب إذ تبعد دعوى الإجماع في الأولى بخلاف الثانية(قوله) من جهة متعلقه إلخ مثل قولهم أجمع أصحابنا أو علماؤنا أو علماء الإسلام أو نحو ذلك (قوله) وزمان نقله إلخ مثل نقله في أوائل اجتهاده وتتبعه أو بعد كمال اطلاعه على الأقوال والآراء(قوله) لاختلاف الحكم إلخ من حيث الدّلالة على السّبب والاستكشاف به عن رضا المعصوم

١١٦

عليه‌السلام (قوله) فإن بينهما تفاوتا إلخ قد تقدم وجه التفاوت (قوله) مؤيّدا فيما عداه إلخ حال من قوله يعتمد(قوله) ولو بوسائط إلخ أي ولو كان النقل بوسائط أو كان انتهاء الدّليل إلى العلم بوسائط مثل الاحتجاج على حجيّة الإجماع المنقول بأخبار الآحاد كما تقدّم في المقدّمة الثّانية(قوله) سائر الأشياء إلخ مثل نقل الشّهرة وعدم الخلاف (قوله) إلاّ على بعض الوجوه إلخ مثل الوجوه المتقدمة لتوجيه إجماعات الفاضلين والشّهيدين (قوله) لأنّ القدر الثّابت إلخ توضيحه أنّ اتفاق الكل وإن كان ملازما عادة لموافقة قول الإمام عليه‌السلام إلاّ أنّه يتعذر في زمان الغيبة اطلاع النّاقل عليه على سبيل الحسّ بأن كان الاطلاع على فتاواهم بالسماع منهم أو وجدانها في كتبهم لتشتتهم في مشارق الأرض ومغاربها وعدم المعرفة بأشخاصهم ومصنفاتهم إذ ليس كلّ عام بمصنف ولا كلّ مصنف بمعروف ولا كلّ معروف تعرف فتواه إذا كثر كتب العلماء حتّى مثل الصّدوق والشيخ والعلاّمة ليس بموجود الآن فغاية ما يمكن إسناده إلى اطلاع النّاقل على سبيل الحسّ هو فتاوى المعروفين بالفتوى وهي غير ملازمة عادة لموافقة قول الإمام عليه‌السلام ولا لدليل معتبر كما أشار إليه المصنف ره فغاية الأمر أن يتحدس بفتاوى المعروفين عن فتوى الجميع فيدعى الإجماع الظّاهر في اتفاق الكل لكن هذا النقل حينئذ لا يكون حجّة بالنّسبة إلى إثبات اتفاق الكلّ لفرض ثبوته عند النّاقل بالحدس فلا يكون إخباره عنه حجّة بالفرض وإلاّ كان نقل الإجماع باعتبار نقل المنكشف حجّة وهو خلاف فرض المحقق التستري من عدم اعتباره باعتبار نقل المنكشف (قوله) كما هو متعارف محصلي إلخ لا يذهب عليك أنّ أمثال هذه الكلمات لا تناسب مثل المصنف رحمه‌الله المتزهّد في الدّنيا والمتورع في جميع أفعاله وأقواله لأنّها لا يخلو عن نوع اغتياب للعلماء الذين جعل الله أقدامهم موضوعة على أجنحة ملائكة السّماء قال المصنف رحمه‌الله في مكاسبه في مستثنيات الغيبة ومنها القدح في مقالة باطلة وإن دل على نقصان قائلها إذا توقف حفظ الحقّ وإضاعة الباطل عليه وأمّا ما وقع من بعض العلماء بالنسبة إلى من تقدم عليه منهم من الجهر بالسّوء من القول فلم يعرف له وجه مع شيوعه بينهم من قديم الأيّام انتهى ولعمري إنّ هذا ممّا يقضى منه العجب لا لأنّه مع هذا الإشكال الوارد على الطعن على العلماء والاعتراض عليهم بالتخطئة وسوء الفهم كيف جرت عادتهم على ذلك في الأعصار والأصقاع وقال المحدث البحراني بعد نقل شطر من الاعتراضات الواقعة بين المحقق الكركي والشّيخ إبراهيم القطيفي لكن هذه طريقة قد جرى عليها جملة من العلماء من تخطئة بعضهم بعضا في المسائل وربّما انجرّ إلى التجهيل والطّعن في العدالة كما وقفت عليه في رسالة للشّيخ علي بن الشيخ محمّد بن حسن صاحب حاشية اللمعة في الرّدّ على المولى محمّد باقر الخراساني صاحب الكفاية والطّعن فيه بما يستقبح نقله وما وقع لشيخنا المفيد والسّيّد المرتضى في الرّد على الصّدوق في مسألة جواز السّهو على المعصوم عليه‌السلام من الطّعن الموجب للتجهيل وما وقع للمحقق والعلاّمة في الرّد على ابن إدريس والتعريض به ونسبته إلى الجهل ونحو ذلك سامحنا الله وإياهم بعفوه وغفرانه انتهى (قوله) من حيث إنّه إجماع إلخ بمعنى القول باعتباره تعبدا وإن لم يكن ملازما بنفسه أو بالضميمة لصدور الحكم الواقعي بل هو قول بالحجيّة في الجملة من حيث الاندراج في قبول خبر الثقة في الأمور الحسيّة(قوله) القطع في مرحلة الظّاهر إلخ ربّما يشكل ذلك بأن الإجماع المنقول إذا لم يكن ملازما عادة لموافقة قول الإمام عليه‌السلام فلا أثر لضمّ ما حصّله المنقول إليه في الكشف عن قوله وتوضيحه أنّ معنى اعتباره شرعا تنزيله منزلة الواقع في ترتيب ما يترتب على الواقع عليه من الآثار الشرعيّة وقد يتوهم عدم إفادة هذا التنزيل لثبوت الحكم الّذي وقع عليه الإجماع مطلقا وإن كان الاتفاق المحكي بلفظ الإجماع ملازما عادة لموافقة قول الإمام عليه‌السلام نظرا إلى أن تنزيل الاتفاق المحكي منزلة المحصّل منه أنّما يفيد ترتيب الآثار الشّرعيّة المرتّبة على الاتفاق المحصّل من دون واسطة عقلي أو عادي كما أوضحناه عند شرح قوله كالمحصّل فيما يستكشف منه إلى آخر ما ذكره والفرض أنّ الحكم الواقعي الذي وقع عليه الإجماع أنّما يترتّب على الاتفاق المذكور بواسطة كشفه عن رضا المعصوم عليه‌السلام وهو أمر عادي فالحكم المذكور لا يترتب على اعتبار الاتفاق المحكي لكنا قد قدمنا هناك أنا حيث فرضنا ملازمة الاتفاق المذكور عادة لموافقة قول الإمام عليه المسألة فالإخبار عنه إخبار عن رضاه بالالتزام فما دل على اعتباره وتنزيله منزلة الواقع دل بالالتزام على اعتبار لازمه وتنزيله أيضا منزلة الواقع ومقتضى التنزيل الشّرعي في اللازم هو ترتيب الحكم الواقعي على هذا اللاّزم المخبر به بالالتزام ولكنك خبير بأنّ هذا الوجه أنّما يتم فيما كانت موافقة قول الإمام عليه‌السلام فيه من لوازم الاتفاق المحكي وهو خلاف الفرض ولزومه للاتفاق المحكي مع ما حصّله المنقول إليه غير مفيد في المقام لأنّ إخبار النّاقل للاتفاق أنّما يكون إخبارا عن لوازمه أيضا إذا كان اللازم لازما لما أخبر به لا له مع ما حصّله المنقول إليه لعدم كونه لازما لما أخبر به حينئذ(قوله) لأنّ التّواتر صفة في الخبر إلخ فيه نظر لأنّ المتواتر عند الأكثر خبر جماعة يفيد بنفسه القطع بصدقه مع اعتبار كون الجماعة في الكثرة بحيث يمتنع تواطؤهم على الكذب واحترزوا بنفسه عن خبر جماعة يفيد القطع بالقرائن الزّائدة على ما ينفك الخبر عنه عادة من الأمور الخارجة وباعتبار الكثرة عما لو أفاد القطع بملاحظة خصوصيّات الخبر من جهة المخبر والسّامع والمخبر به مثل كون المخبر موسوما بالصّدق والسّامع خاليا ذهنه عن الشّبهة والمخبر به قريب الوقوع مع عدم بلوغ المخبرين في الكثرة إلى ما أشرنا إليه ولذا عرفه المحقّق القمي رحمه‌الله بأنّه خبر جماعة يؤمن تواطؤهم على الكذب عادة وإن كانت للوازم الخبر مدخلية

١١٧

في إفادة هذه الكثرة العلم ولا ريب أن المتواتر بهذا المعنى لا ينفك عادة عن وقوع المخبر به فيكون نقل التواتر كنقل الاتفاق الذي يلازم عادة موافقة قول الإمام عليه‌السلام فإذا أخبر بالتّواتر فقد أخبر بإخبار جماعة أفاد له العلم بالواقع بالملازمة العادية وحينئذ يصحّ القول بحجيّة نقل التّواتر باعتبار كل من المنكشف والكاشف لفرض كونه كما عرفت في الاصطلاح عبارة عن إخبار جماعة يستلزم موافقة الواقع عادة ومن هنا يظهر أنّه لا فرق بين قول الحلّي بتواتر حديث إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا وبين نقله ذلك عن الآحاد بعدد يبلغ حدّ التّواتر ثمّ إنا مع تسليم مقالة المصنف رحمه‌الله من عدم الملازمة بين حجيّة خبر الواحد وحجيّة نقل التّواتر نظرا إلى أنّ ما دلّ على اعتبار خبر الواحد أنّما دلّ على اعتباره فيما كان علم المخبر بالمخبر به مستندا إلى الحسّ أو المبادي المحسوسة الّتي تستلزمه عادة دون الحدس وعلم مدّعي التّواتر بوقوع المخبر به مستند إلى الحدس لا إلى أحد الأمرين على نحو ما قرّره نظير نقل الاتفاق الذي لا يستلزم عادة موافقة قول الإمام عليه‌السلام نقول إنّ بين نقل التّواتر ونقل الاتفاق المذكور فرقا من جهة أخرى وهو أن نقل الاتفاق نقل لأداء المتّفقين على الحكم المتّفق عليه ونقل تواتر خبر نقل لإخبار جماعة عن الإمام عليه‌السلام أو عن الوسائط بينه وبينهم مع دعوى حصول العلم للنّاقل في المقامين من اجتماع فتاواهم أو أخبارهم فإذا قلنا بعدم دلالة ما دل على اعتبار خبر الواحد على حجيّة إخبار المخبر عن علمه المستند إلى الحدس فهو لا ينفي حجيّة إخباره عن علمه بإخبار الجماعة وبعبارة أخرى أن نقل الإجماع يتضمن الإخبار بأمرين أحدهما علمه بفتاوى العلماء والآخر علمه بموافقة ما اتّفقوا عليه لقول الإمام عليه‌السلام وما دل على حجيّة خبر الواحد لا يدل على حجيّة شيء منهما أمّا الأوّل فلعدم ترتب أثر شرعي عليه بعد فرض عدم استلزامه عادة لموافقة قول الإمام عليه‌السلام وأمّا الثّاني فلفرض كونه أمرا حدسيّا لا تشمله أدلة أخبار الآحاد ونقل التّواتر أيضا يتضمن الأخبار بأمرين أحدهما علمه بإخبار الجماعة عن الإمام عليه‌السلام أو الوسائط بينه وبينهم والآخر علمه بموافقة ما أخبروا به للواقع ولو سلم عدم شمول أدلّة خبر الواحد للثّاني فهو لا يستلزم عدم شمولها للأوّل أيضا لفرض كونه أمرا حسيّا فيكون نقل التواتر من هذه الجهة كنقل الآحاد في إثبات خبر الجماعة عن الإمام عليه‌السلام أو الوسائط اللهمّ إلاّ أن يقال إنّ مراد المصنف رحمه‌الله بقوله أن نقل التواتر في خبر لا يثبت حجيته هو عدم إثبات حجيّة الخبر من حيث كونه متواترا بمعنى عدم إثبات آثار التواتر له فقيد الحيثيّة ملحوظ في كلامه والأولى أن يقال إن مراده أن نقل التواتر في خبر لا يثبت حجيّة هذا الخبر بمعنى أنّ نقل التّواتر فيه لا يصير سببا لثبوت المخبر به شرعا وإن قلنا باعتبار خبر النّاقل لأجل كونه عادلا لأن غايته إثبات خبر الجماعة وهو بمجرده لا يثبت المخبر به لعدم اشتراط شرائط خبر الواحد في إخبار الجماعة في نقل التّواتر فمع عدم اجتماعها فيهم لا يكون إخبارهم حجّة فإذا فرض عدم الملازمة العادية بين إخبارهم وثبوت المخبر به فلا يبقى مقتض لقبول نقل التّواتر مطلقا سواء كان ذلك لأجل كونه نقلا للتواتر أم إخبارا عن جماعة(قوله) كما إذا نذر إلخ هذا يصلح مثالا لكل من قوليه منها ومنها ثمّ إنّ هاهنا فروعا يتفرع على اعتبار الإجماع المنقول أوضحناها في غاية المأمول من أراد الوقوف عليها فليراجع هناك (قوله) أم لم يعرف الخلاف إلخ يمكن الفرق بين الشهرة وعدم الخلاف بأنّ الشّهرة هي فتوى جل الفقهاء المعروفين سواء كانت في مقابلها فتوى غيرهم بخلاف أم لم يعرف الخلاف والوفاق وعدم الخلاف عبارة عن اتفاق من وقفنا على فتواه مع عدم العلم بوجود من عدا من وقفنا على فتواه وبعبارة أخرى يعتبر في الشّهرة إمّا وجود المخالف وإن لم يكن من المعروفين وإمّا وجود من لم تعرف موافقته ولا مخالفته للمعروفين بالفتوى بخلاف عدم الخلاف إذ يعتبر فيه اتفاق من وقفنا على فتواه من دون خلاف ولا العلم بوجود من لا يعرف فتواه بالموافقة أو المخالفة ومن هنا يفارق الإجماع السّكوتي لأنّه عبارة عن فتوى جماعة مع سكوت الباقين بعد الاطّلاع على فتاواهم بأن لم يظهر منهم الرّضا بها ولا إنكارها فيفارق عدم الخلاف في اعتبار استيعاب الجميع في الإجماع السّكوتي ولو مع اعتبار سكوت بعضهم بخلاف عدم الخلاف على ما عرفت ثمّ إنّ الأقوال في المسألة أربعة القول بحجيّتها مطلقا اختاره الشّهيد في الذّكرى وحكى عن الفاضل الاستناد إليها في إثبات الحكم في موضع من المختلف واختاره الخوانساري وولده جمال العلماء بل هو ظاهر كلّ من قال بمقتضى دليل الانسداد في وجه كما سنشير إليه في الحاشية الآتية والقول بعدمها كذلك وعزاه في المفاتيح إلى المشهور ويؤيده ما قيل من أنّ الشّهرة لو ثبتت حجيّتها لزم عدم حجيّتها لأنّ المشهور عدم حجيّتها فيلزم من وجودها عدمها وما يستلزم وجوده عدمه فهو باطل والتفصيل بين الشّهرات المدّعاة قبل زمان الشيخ وبعده بالقول بالحجّية في الأولى ونفيها في الثّانية اختاره صاحب المعالم والتّفصيل بين الشّهرة المقترنة بوجود خبر ولو في كتب العامة وغيرها بالقول بالموجب في الأولى دون الثّانية اختاره صاحب الرّياض في رسالته المفردة في هذه المسألة وحكاه عن الوحيد البهبهاني وبه جمع بين القول بحجيّة الشّهرة وشهرة القول بعدمها بتخصيص الأوّل بصورة وجود الخبر والثّاني بغيرها فإن قلت مع وجود الخبر تكون الحجّة هو الخبر الموجود دون نفس الشّهرة لانجبار ضعفه بها حينئذ قلت إنّها أنّما تجبر ضعف السّند إذا كان الخبر مستندا للمشهور والفرض في المقام عدم العلم بذلك ثمّ إنّي قد بسطت تحرير الأقوال والأدلّة في المسألة في غاية المأمول فمن أراد الوقوف على حقيقة الحال فليراجع هناك (قوله) غير بعيد إلخ فيه نوع إشعار يتردده فيه ولعلّ الوجه فيه إمّا أنّ القول بحجيّة الشّهرة مستلزم لعدم حجيّتها لما صرّح به غير واحد من أنّ المشهور عدم حجيّتها وهذا هو

١١٨

المعبّر عنه بالظنّ المانع والممنوع وسيأتي تحقيق الكلام فيه وأمّا احتمال اختصاص نتيجة دليل الانسداد باعتبار الظنّ في الأصول دون الفروع ولكن سيأتي إن شاء الله تعالى أنّ الحقّ في الأوّل تقديم الظنّ الممنوع منه وفي الثّاني عموم النّتيجة للأصول والفروع (قوله) أحدهما ما يظهر من بعض إلخ قيل إنّ المراد بهذا البعض هو صاحب الرّياض في رسالته المفردة في هذه المسألة لكنّه إمّا اشتباه أو وقع خلل في النّقل من المصنف رحمه‌الله لأنّ صاحب الرّياض لم يتمسك فيها بمفهوم الموافقة لأدلّة اعتبار أخبار الآحاد بل بمفهوم الموافقة للإجماع على جواز استعمال الظنون الرجالية في تعديل الرّواة وتفسيقهم وتمييز المشتركات وكذلك الظّنون المستعملة في ترجيح متعارضات الأخبار وضعّف ما يقال في دفع ما ذكره من أنّ المعتبر في مفهوم الموافقة ثبوت الأصل بخطاب لفظي والأمر في المقام ليس كذلك بما حاصله أن الإجماع عندنا ليس معتبرا من حيث هو بل من حيث كشفه عن قول الإمام عليه‌السلام بلفظ معقد الإجماع أو مرادفه وهو رحمه‌الله وإن لم يعبّر بلفظ مفهوم الموافقة بل بالأولوية إلا أنّ مقصوده ذلك ومنه يظهر عدم ورود محذور إثبات القوي بالضّعيف على صاحب الرياض لما عرفت من أنّ مقصوده ليس التّمسك بمجرّد الأولويّة الظنّية حتّى يرد عليه ذلك بل بمفهوم الموافقة الذي لا يرد عليه ذلك ومن هنا يظهر ما في قول المصنف رحمه‌الله مع أنّه ما كان استفادة حكم الفرع إلى آخره كيف وهو صرّح في كلامه بأن ما نحن فيه من قبيل قوله تعالى (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) في كون استفادة حكم الفرع من دليل لفظي دال على حكم الأصل لا يقال إنّ ما ذكره المصنف مبني على أنّ المقيس عليه اعتبار أخبار الآحاد دون الظنون المذكورة لأنّا نقول إنّ أدلّة اعتبار خبر الواحد من باب الظنّ الخاصّ إما الآيات أو الأخبار أو الإجماع على سبيل منع الخلو ولا وجه لما ذكره على الأوّلين وكذا على الثّالث لما أشرنا إليه وقد نقلنا كلامه على طوله بألفاظه في غاية المأمول وبيّنا ما يرد عليه هنالك ثمّ إنّ الفرق بين القياس بطريق أولى والقياس الجلي والخفي والمفهوم الموافق الّذي يسمّى بفحوى الخطاب ولحن الخطاب كما صرّح به المحقّق القمي قدس‌سره مقرّر في محلّه (قوله) وجه حجيّة الشّياع الظنّي إلخ وقد يسمّى بالاستفاضة وهو في الموضوعات بمنزلة الشّهرة في الأحكام وعن الرّوضة تفسيره بأخبار جماعة بها تأمن النّفس من تواطئهم على الكذب ويحصل بخبرهم الظنّ المتاخم للعلم قال ولا ينحصر في عدد نعم يشترط زيادتهم عن اثنين ليفرق بين العدل وغيره أقول لعلّ إفادته للاطمئنان غالبي كما صرّح به في الجواهر ثمّ قال بل لعلّ هذا هو المراد بالعلم في الشّرع موضوعا وحكما وحينئذ فلا ريب في الاكتفاء به قبل حصول مقتضى الشّك أمّا معه فقد يشك فيه انتهى موضع الحاجة ووجه تقييده بالظنّي في عبارة المصنف ره للاحتراز به إمّا عن القطعي منه أو عن المفيد للاطمئنان بناء على عدم الإشكال في اعتباره حينئذ كما عرفته من الجواهر في الجملة(قوله) إنّ الأولويّة الظنيّة إلخ في التّعبير عن الفحوى بالأولويّة إشارة إلى منع كون الدّليل المذكور من قبيل الفحوى كما سيشير إليه (قوله) ليس مجرّد إفادة الظنّ إلخ ومع تسليم كون اعتبار الأخبار من باب إفادة الظنّ فالأولويّة أنّما تتم بالنّسبة إلى الظنون القويّة الحاصلة من الشّهرة دون المساوية أو الضّعيفة الحاصلة منها بالنّسبة إلى الحاصل من خبر الواحد اللهمّ إلا أن يتمسّك بعدم القول بالفصل (قوله) الأمر الثّاني إلخ قد يستدل أيضا بالمرسل في السنة الفقهاء وإن لم يوجد في الكتب الأربعة المرء متعبّد بظنّه وقد استدلّوا به في أوقات الصّلاة وشكوكها وفيه مع إرساله منع الدّلالة لعدم ظهوره في إعطاء القاعدة إذ لعل المراد بيان وجوب تعبّد المرء بظنّه حيثما ثبت اعتبار ظنّه وقد يستدل أيضا بما استدل به العامّة على حجيّة الإجماع مثل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليكم بالسّواد الأعظم ويد الله على الجماعة ونحوهما من الأخبار المذكورة في محلّها ولكن أكثرها مع ضعف دلالته على حجيّة الإجماع فضلا عن الشّهرة ضعيف السّند(قوله) وإن كان مورد التّعليل إلخ لأنّ العبرة بعموم العلة لا بخصوصيّة المورد فلا تكون خصوصيّة المحلّ مخصّصة(قوله) وممّا يؤيد إرادة الشّهرة إلخ حاصله أنّ الأمر هنا دائر بين إرادة الشّهرة من الإجماع وعكسها ولا سبيل إلى الثّاني لأنّ مقتضى التّعليل نفي الرّيب عن المجمع عليه مطلقا سواء كان الإجماع حاصلا على الرّواية أو الفتوى مع إثبات الرّيب على خلافه وليس كذلك إذ لا ريب في بطلان خلافه لا أنّه ممّا فيه ريب مضافا إلى أنّ الإجماع بالمعنى المصطلح عليه لم يكن معهودا في زمان صدور الأخبار وإلى أنّه لو كان المراد به معناه الاصطلاحي لم يبق وجه لتحيّر السّائل بعده وسؤاله عن صورة شهرة الرّوايتين وجواب الإمام عليه‌السلام بالأخذ بموافق الكتاب ثم بمخالف العامّة مع استوائهما في موافقة الكتاب ولا لفرض شهرة الرّوايتين لامتناع انعقاد الإجماع على حكمين متنافيين وكذا لما ذكر قبل الشّهرة من المرجحات من الأعدليّة والأوثقيّة والأورعيّة لأنّ مقتضاه الأخذ بهذه المرجّحات مطلقا وإن كانت الرّواية الأخرى مشهورة فإن قلت إن الإجماع الحقيقي على الرّواية لا يقتضي بطلان خلافه ولذا يصحّ تحقق الإجماع على رواية المتعارضين قلت إنّ هذا التوهّم أنّما يتم لو كان المراد بالإجماع في العلّة هو الإجماع على الرّواية خاصّة وليس كذلك لأنّ مقتضى التعليل نفي الرّيب عن المجمع عليه مطلقا مع إثباته على خلافه فإن قلت مع تسليم إرادة الشّهرة من الإجماع لا وجه لنفي الرّيب مطلقا عن المجمع عليه بهذا المعنى لثبوت الرّيب في المشهور بلا ريب قلت نفي الرّيب عنه إضافي بالنّسبة إلى الشّاذ النّادر والمراد أنّ الرّيب الحاصل في الشّاذ النّادر غير متحقق في المشهور(قوله) مضافا إلى ضعفها إلخ لرفعها وعدم معروفية ابن أبي جمهور بالوثاقة بل قد طعن فيه وفي كتابه صاحب الحدائق الذي ليس من شأنه الطّعن في الأخبار قال المصنف رحمه‌الله في بعض مسائل أصالة البراءة بعد نقل المرفوعة إنّها ضعيفة السّند وقد طعن صاحب الحدائق فيها وفي كتاب الغوالي

١١٩

وصاحبه فقال إنّ الرّواية المذكورة لم نقف عليها في غير كتاب الغوالي مع ما هي عليها من الإرسال وما عليه الكتاب المذكور من نسبة صاحبه إلى التساهل في نقل الأخبار والإهمال وخلط غثّها بسمينها وصحيحها بسقيمها كما لا يخفى على من لاحظ الكتاب المذكور انتهى وقال في اللؤلؤة والشيخ محمّد بن أبي جمهور كان فاضلا مجتهدا متكلّما له كتاب غوالي اللئالي جمع فيه جملة من الأحاديث إلا أنّه خلط الغث بالسّمين وأكثر فيه من أحاديث العامة ولهذا أن بعض مشايخنا لم يعتمد عليه انتهى وأمّا المقبولة فهي أيضا ضعيفة لأنّ في سندها داود بن حصين وفي وثاقته خلاف مع أنّ عمر بن حنظلة لم يوثقه أحد من الأصحاب نعم حكي عن الشّهيد الثّاني في شرح بداية الدّراية أنّ عمر بن حنظلة وإن لم ينصّ الأصحاب عليه بجرح ولا تعديل لكن حققت توثيقه من محلّ آخر لكن حكى ولده المحقّق الشّيخ حسن رحمه‌الله أنّه قال وجدت بخطّه في بعض فوائده ما صورته عمر بن حنظلة غير مذكور بجرح ولا تعديل ولكن الأقوى عندي أنّه ثقة لقول الصّادق عليه‌السلام في حديث الوقت إذن لا يكذب علينا والحال أنّ الحديث الّذي أشار إليه ضعيف الطّريق فتعلقه به في هذا الحكم مع ما علم من انفراده غريب ولو لا الوقوف على الكلام الأخير لم يختلج في الخاطر أنّ الاعتماد في ذلك على هذه الحجّة فتدبر انتهى ومع ذلك لم يتعرّض المصنف رحمه‌الله لضعف المقبولة ولعلّه لكونها مقبولة عند الأصحاب وهو كاف في الاعتماد عليها نعم قد يقال إنّ قبولهم لها أنّما يجبر ضعفها بقدر ما قبلوها والأصحاب إنّما عملوا بها في باب القضاء والترافع وفي مقام التّرجيح في الرّوايات دون المقام فتأمل (قوله) إنّ المراد بالموصول إلخ قد تبع في هذا الجواب العلاّمة الطّباطبائي لأنّه قال في فوائده إنّ المراد بما اشتهر هنا الحديث المشهور بينهم بقرينة وروده في مقام ترجيح أحد الحديثين المتعارضين على الآخر والمعنى خذ من الحديثين المتعارضين بما اشتهر بين أصحابك أي الحديث المشهور بينهم وليس هذا من باب تخصيص العموم بالمورد بل من باب تحصيله به والفرق بينهما ظاهر ألا ترى أنّه لو قيل هل ينجس الماء بملاقاة النّجاسة فأجاب بأنّ ما كان كرّا لا ينجس بالملاقاة فإنّ المعنى ما كان كرّا من الماء لا ينجس بها وغير الماء كالمضاف والمائع خارج عن العموم لأنّ العموم مختص بغيرهما انتهى ويوضحه أنّ عموم الموصول أنّما هو باعتبار معهودية صلته والصّلة هنا وإن كانت هو مطلق المشهور بين الأصحاب إلا أن ضمّ السّؤال إليه يجعل المعهود هو المشهور من الرّوايتين لا مطلقا وهذا معنى قوله وليس هذا من باب تخصيص العموم بالمورد بل تحصيله به يعني أن عموم الموصول أنّما هو بحسب معهودية ما صدق عليه من الأفراد فليس له عموم بنفسه حتّى تكون معهودية الصّلة مخصّصة له فإن قلت إنّ ما ذكرت ينافي ما تقرّر في محلّه من عدم جواز تخصيص عموم الجواب بخصوص المورد لأنّ الفرض هنا كون الصّلة مطلق المشهور بين الأصحاب وتخصيصه بالرّواية أنما هو باعتبار خصوصيّة السّؤال قلت إنّ عدم جواز تخصيص عموم الجواب بالمورد أنّما هو فيما كان للجواب عموم مثل قوله عليه‌السلام وقد سئل عن بئر بضاعة خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء إلاّ ما غير لونه أو طعمه أو رائحته وقوله عليه‌السلام لما مر بشاة ميمونة على ما رواه العامة أيما إهاب دبغ فقد طهر وما نحن فيه ليس كذلك لأنّ الموصولات من قبيل المطلقات دون العمومات على ما هو الحقّ فإن قلت نعم لكنّها تفيد العموم فيما تضمّنت معنى الشّرط وقوله عليه‌السلام خذ بما اشتهر بين أصحابك بمنزلة قولنا إن كان شيء مشهورا بين أصحابك فخذ به فيفيد علّية الشهرة المطلقة لوجوب الأخذ بالمشهور قضية للشرطيّة قلت نعم لكن غاية ما يستفاد من الرّواية حينئذ كون الشّهرة حجّة في مقام التّرجيح لا صيرورتها دليلا مستقلا في إثبات المطلوب لوضوح أنّ المقصود من وجوب الأخذ بالمشهور وجوب الأخذ به في مقام التّرجيح لا مطلقا وهذا أولى في مقام الجواب عن الاستدلال بالرّواية لا ما يظهر من المصنف رحمه‌الله من منع العموم مضافا إلى أن ما استشهده بما دامه من قوله ألا ترى أنّك لو سألت إلى آخره لا يخلو من شيء لإمكان أن يقال إنّ عدم انفهام العموم في المثالين لما علم من الخارج من عدم مناسبة مطلق الاجتماع والأكبريّة للعليّة في ثبوت الحكم من دون مدخليّة المحل بخلاف الشّهرة فيما نحن فيه نعم يتمّ الاستشهاد ولو قال في المثال الثّاني ما كان أحلى أو أحمض أو نحوهما ممّا يصلح العموم فيه للتّعليل ومنع العموم حينئذ لا يخلو من إشكال كما عرفت (قوله) لا تنافي بين إطلاق إلخ مقابل الإطلاق قوله وبالعكس والأولى لفظ في بدل بين وحاصله منع منافاة الشهرة والإجماع حتّى يصرف أحدهما عن ظاهره بقرينة الآخر وفيه أن مقتضى ما ذكره عدم شمول الرّواية لروايتين روى إحداهما الأكثر دون الجميع وإن كان الباقي واحدا أو اثنين ولم يرو الأخرى إلاّ القليل وهو بعيد ثمّ إن قلت هب أنّ الشّهرة والإجماع في الرّواية بمعنى واحد إلا أنّه لا ريب أن المراد بقوله عليه‌السلام فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه هو نفي الرّيب عن المجمع عليه بالإضافة إلى الشّاذ النادر لوضوح عدم انتفاء الرّيب رأسا عن المجمع على روايته مع قطع النّظر عن وقوع العمل بمضمونه وعدمه وإلاّ لم يكن معنى لتحيّر السّائل بعد معرفة الترجيح بالشّهرة وسؤاله عن صورة شهرة كلّ من الرّوايتين وسائر المرجحات المذكورة في المقبولة بعدها ومقتضى عموم العلّة حينئذ جواز العمل بكلّ ما كان أقل ريبا من مقابله فيشمل الشهرة بحسب الفتوى أيضا لكونها أقل ريبا من غير المشهور قلت نمنع عموم العلّة لأنّ اللام في قوله فإن المجمع عليه إمّا موصولة أو أداة تعريف وعلى التقديرين فهي للعهد لأنّ السّؤال عن تعارض الخبرين فكأنّه قال إذا تعارض الخبران وكان أحدهما مشهورا والآخر شاذا يؤخذ بالمشهور منهما لأنّه أقلّ ريبا من الآخر فقلة الرّيب في المشهور علّة تامّة لترجيح أحد الخبرين المتعارضين بالشّهرة بعد الفراغ عن اعتبارهما في أنفسهما فهي لا تصلح دليلا على حجّيّة الشهرة بحسب الفتوى في نفسها نعم تصلح دليلا على جواز التّرجيح بكلّ مرجح ظنّي

١٢٠