أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي

أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

المؤلف:

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة انتشارات دار العلم
المطبعة: مطبعة القدس
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٤

دلالة العام على بعض جزئياته) اي العام وهو غير مورد الخاص (وجعله) اي جعل العام (مجازا فيما عداه) اي فيما عدا البعض وهو مورد الخاص (وهو) اي العمل بالخاص وجعل العام مجازا(هيّن) وسهل (عند ذينك المحذورين) وهو الغاء الخاص تارة وكون العام ناسخا اخرى (فكان) اي العمل بالخاص (اولى بالترجيح) عند التعارض وقد يقال ان هنا تخصيصين تخصيص في الازمان وهو النسخ وتخصيص في الافراد وهو التخصيص بالمعنى المعروف وليس احدهما اولى من الآخر اذ كلاهما تخصيص وعلى هذا لا معنى لمرجوحية النسخ واليه اشار بقوله (وما يقال من ان العمل بالعام على تقدير التأخير) اي تأخير العام (عن وقت العمل بالخاص يقتضي نسخه) اي نسخ الخاص (والنسخ) ايضا(تخصيص بالازمان فليس التخصيص في اعيان العام) اي في افراد العام (باولى من التخصيص في ازمان الخاص فضعفه ظاهر لأن مرجوحية النسخ بالنسبة الى التخصيص بالمعنى المعروف لا مساغ) ولا مورد(لانكارها) اى المرجوحية غاية ما في الباب كلاهما مسمى بالتخصيص وهو قصر العام (ومجرد الاشتراك في مسمى التخصيص نظرا الى المعنى) اي معنى التخصيص وهو قصر العام (لا يقتضي المساواة كيف) اي كيف يكون كلاهما مساويا(و) الحال انه (قد بلغ التخصيص في الشيوع والكثرة الى حد قيل معه ما من عام إلّا وقد خصّ كما مر) والحاصل ان المساواة ممنوع والتخصيص اولى من النسخ من جهة كثرته وقلة النسخ (حجة القول بالنسخ) القائل به الشيخ والسيدان «ره» (وجهان احدهما ان القائل اذا قال اقتل زيدا ثم

٤٠١

قال لا تقتل المشركين) والفرض ان زيدا من المشركين ايضا(فهو بمثابة) ومنزلة(ان يقول لا تقتل زيدا ولا عمرا الى ان يأتي على الافراد واحدا بعد واحد هذا) اي قوله لا تقتل المشركين (اختصار لذلك المطوّل) اي لذكر الافراد فردا بعد فرد(واجمال لذلك المفصل ولا شك انه لو قال لا تقتل زيدا) بعد قوله اقتل زيدا(لكان ناسخا لقوله اقتل زيدا فكذا ما هو) اي قوله لا تقتل المشركين (بمثابته) اي بمنزلة قوله اقتل زيدا وهكذا(و) الوجه (الثاني ان المخصص للعام بيان له) اي للعام (فكيف يكون) البيان (مقدما) والفرض ان الخاص مقدم والعام مؤخر(والجواب عن الاول المنع من التساوي) بين قوله لا تقتل زيدا ولا تقتل المشركين (فان تعديد الجزئيات وذكرها) واحدا بعد واحد(بالنصوصية) والصراحة(يمنع من تخصيص بعضها لما فيه من المناقضة) فان بين قوله اقتل زيدا ولا تقتل زيدا تناقضا(بخلاف ما اذا كانت) الافراد والجزئيات (مذكورة باللفظ العام) كما فيما نحن فيه (فان التخصيص حينئذ) بمثل قوله اقتل زيدا على قوله بصيغة العام لا تقتل المشركين (ممكن فلا يصار الى النسخ لما بيّناه من اولوية التخصيص) بالنسبة اليه لشيوعه وغلبته في الوقوع (ولأن النسخ رفع والتخصيص لا رفع فيه وانما هو دفع والدفع اهون) واسهل (من الرفع) كما مر(و) الجواب (عن الثاني بانه استبعاد محظ اذ لا يمتنع ان يرد كلام) مثل الخاص فيا نحن فيه (ليكون بيانا للمراد بكلام آخر) يرد بعده مثل العام فيما نحن فيه (وتحقيقه انه يتقدم ذاته) اي ذات الخاص (ويتأخر وصف كونه بيانا) يعني ان الخاص من حيث هو مقدم ولكن له

٤٠٢

وصف البيانية وهو متأخر وما قيل ان وصف البيانية مقارن للعام فهو غلط لأن وصف البيانية يتوقف على تقدم ما يحتاج الى البيان (ولا ضير فيه) اي في تقدم الذات وتأخر الوصف (اذا عرفت هذا فاعلم ان المحقق عند نقله القول بالنسخ هاهنا عن الشيخ علله بأنه) اي الشيخ (لا يجيز تأخير البيان) اذ لو كان مخصصا يكون بيانا ومن المعلوم انه لا يجوز تأخير البيان ولما كان الخاص مقدما كما هو الفرض ولا معنى لدعوى التأخير كما يوهمه عبارة المحقق اراد المصنف قدس‌سره توجيهه بقوله (وكأنه) اي الشيخ (يريد به) اي بعدم جواز التأخير(عدم جواز اخلاء العام عند ارادة التخصيص) يعني انه لو كان الخاص مخصصا وبيانا للعام لا بد ح (من دليل عليه) اي على التخصيص (مقارن له) اي للعام (وان كان قد تقدم عليه) اي على العام (ما يصلح للبيان) وهذا لا يكفي بل لا بد من ان يكون مقارنا وعليه يثبت المطلوب وهو النسخ وهذا الذي ذكرنا هو مراد الشيخ «ره» من عدم جواز التأخير(وإلّا فلا معنى لجعل لصورة التقديم من تأخير البيان والجواب عن هذا التعليل) العام على الخاص (والرّجوع الى ما يدل عليه الدّليل) يعني انه لا بد من الرجوع بدليل خارج حتى يدل الى ما هو المطلوب (من العمل باحدهما) اي من العام والخاص (انتهى كلامه) اي كلام السيّد(وما ذهب اليه من التوقف هنا) اي في جهل التاريخ (مذهب من قال بالنسخ) كالشيخ «ره» (في القسم السابق) من هذا القسم الأخير وهو الثالث من الاقسام المذكورة وهو ان يتقدم الخاص على العام (ووجهه) اي وجه التوقف في جهل التاريخ (بعد ملاحظة البناء على مذهبهم هناك) اي في

٤٠٣

القسم الثالث وهو ان الخاص المتقدم منسوخ يعني ان من قال بالنسخ في القسم السابق من جهة ما ذكرناه من الدليل قال بالتوقف هنا اي في مجهول التاريخ لانه يحتمل في هذه الصّورة تقدم الخاص ايضا على العام مع احتمال تأخره المقتضي بكونه مخصّصا فلازمه التوقف فلذا قال «ره» ووجهه (ظاهر لدوران الخاص ح بين ان يكون مخصّصا) اذا قدر كونه من القسم الاول او الثاني (او منسوخا) اذا قدّر كونه من القسم الثالث (ولا ترجيح لاحدهما) من المخصّص او المنسوخ (فيتوقّف).

وقد وقع الفراغ من تسويد هذه الصحائف في شهر رجب المرجب سنة ١٣٧٦ بيد العبد المفتقر الى رحمة ربّه الغني محسن بن محمود الدوزدوزاني التبريزي عاملهما الله بلطفه وفضله بحق محمد وآله الطاهرين عليهم‌السلام وسيأتي الجزء الثالث منه «إن شاء الله تعالى» ـ من اول باب ـ المطلق والمقيد ـ ونسأله تعالى التوفيق لإتمامه واكماله ـ والحمد لله ربّ العالمين.

(رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ).

٤٠٤