أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي

أجود الشروح في شرح معالم الدين في الأصول

المؤلف:

الشيخ محسن الدوزدوزاني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة انتشارات دار العلم
المطبعة: مطبعة القدس
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٤

من صفات المعنى من باب الصّفة بحال المتعلق (اعنى) من التصور المعتبر في مقام الوضع (تصوّر المعنى والموضوع له خاصّا ايضا) لانه هو المعنى المتصور الجزئي (وهو) اي كون الوضع في هذه الصّورة خاصا والموضوع له مثله (ظاهر لا لبس فيه) ولا اشتباه اصلا(وان تصور معنى عامّا) مثل لفظ الحيوان فان المعنى المتصور فيه كلي (تندرج تحته جزئيّات اضافيّة) كالإنسان والفرس والبقر تحت الحيوان فانّها جزئي بالنسبة الى ما فوقه والّا فكلّي (او حقيقيّة) كزيد وعمرو تحت الانسان (فله) يعنى ان الواضع اذ التصور معنى كليّا فللواضع ان يضع على نحوين احدهما(ان يعيّن لفظا معلوما) كلفظ الحيوان للجزئيّات الاضافية(او الفاظا معلومة بالتفصيل) كلفظ الانسان والبشر(او الاجمال) كوضع وزن الفاعل (بازاء ذلك المعنى العام فيكون الوضع عامّا لعموم التصور المعتبر فيه) واطلاق الخاص على الوضع من باب الصفة الخ كما ذكرنا وان ما في المعنى من الاوصاف يسري الى اللفظ لان اللفظ وجه وعنوان للمعنى واذا القى فكان المعنى القى في ذهن المخاطب ومن هذا الباب سراية الحسن والقبح والجزئية والكليّة من المعنى الى اللفظ ويقال لفظ حسن ولفظ قبيح وجزئي وكلي (والموضوع له ايضا عامّا) لان المعنى المتصور الكلّي هو الموضوع له (و) ثانيهما(له) اي للواضع (ان يعيّن اللفظ) اي اللفظ المعلوم كلفظ هذا ومن والى وعلى لمفرد مذكّر وهكذا(او الالفاظ) المعلومة تفصيلا كلفظة ذي وتي وتهي لكل مفرد مؤنّث او اجمالا مثل وضع الهيئة في الافعال التامة على ما سيأتي (بازاء خصوصيّات

٣٤١

الجزئيّات المندرجة تحته) اي تحت المعنى العام المتصور ان قلت لا بدّ حين الوضع من تصور الموضوع له فكيف يمكن في هذه الصورة مع كون الجزئيات ربّما تكون ممّا لا نهاية له قلت نعم ولكنّها ايضا متصورة حين الوضع (لانها معلومة اجمالا اذا توجه العقل بذلك المفهوم العام) الذي تصوره عند الوضع (نحوها) اي نحو الجزئيات ان قلت وهذا التّصور لا يكفي في الوضع بل لا بدّ من تصور الموضوع له تفصيلا قلت (والعلم الاجمالي كاف في الوضع فيكون الوضع عاما لعموم التصوّر المعتبر فيه) اي في الوضع وامّا اتصاف الوضع بالعام مع كونه من صفات المعنى المتصور فقد مرّ جوابه مرارا فراجع (والموضوع له خاصّا) اذا عرفت ذلك كلّه فلا بدّ ان يعلم ان المشتقات والمبهمات والحروف والافعال الناقصة والتامة من ايّ الأقسام ولما كان الوضع في الموارد المذكورة عاما عند الكلّي وانما الاختلاف في كون الموضوع له فيها عاما او خاصا او يختلف فيكون عاما في بعض وخاصا في بعض آخر قال «ره» (فمن القسم الاوّل من هذين) القسمين الاخيرين اعنى الوضع العام والموضوع له العام (المشتقات) مثل ضارب وقاتل وعالم (فانّ الواضع وضع صيغة فاعل مثلا من كل مصدر) مثل ضارب المشتق من ضرب (لمن قام به مدلوله) فضارب موضوع لمن قام به الضرب والقاتل موضوع لمن قام به القتل والعالم موضوع لمن قام به العلم (وصيغة مفعول منه) اي من كل مصدر(لمن وقع عليه) مثل مضروب موضوع لمن وقع الضرب عليه وهكذا(وعموم الوضع والموضوع له في ذلك) اي في المشتقات (بيّن) لا ريب فيه (ومن القسم

٣٤٢

الثاني) من القسمين الأخيرين اعنى الوضع العام والموضوع له الخاص (المبهمات كاسماء الاشارة) وكذا الموصولات (فلفظ هذا مثلا موضوع) بالوضع العام (لخصوص كلّ فرد ممّا يشاربه) اي بلفظ هذا(اليه لكن باعتبار تصور الواضع للمفهوم العام وهو كل مشار اليه مفرد مذكر) اي الى خصوص كل فرد ولكن لا بالاوضاع المتعددة حتى يكون مشتركا لفظيّا بل بوضع واحد لجمع الافراد دفعة واحدة(ولم يضع اللفظ لهذا المعنى الكلّي) الذي تصوره اوّلا وجعله مرآة للافراد(بل لخصوصيّات تلك الجزئيّات) والافراد(المندرجة تحته) اي تحت المفهوم العام المتصور اولا(وانّما حكموا بذلك) اي وانما قالوا في المبهمات كاسماء الاشارة(بذلك) اي بكون الوضع عاما والموضوع له خاصّا(لانّ لفظ هذا لا يطلق الّا على الخصوصيّات) يعنى انّهم لمّا رأوا في جميع موارد استعمالات المبهمات انّها لا تستعمل الّا في الجزئيات ولا يمكن القول بمجازيّتها في كل الموارد امّا لاستهجانها في نفسها من جهة كونه منها لاستلزامها ان تكون مجازات بلا حقيقة وقد انكرها بعض والتزموا بذلك اي بكون الموضوع له فيها خاصّا والى بعض ما ذكرنا اشار بقوله (فلا يقال هذا ويراد واحد) غير معيّن (ممّا يشار اليه بل لا بدّ في اطلاقه) اي في اطلاق لفظ هذا(من القصد الى خصوصيّة معيّنة) اي الى فرد مخصوص ومعيّن (فلو كان اللفظ) لفظ هذا مثلا(موضوعا للمعنى العام) وهو كل مفرد مذكر(كرجل) الذي هو موضوع للمعنى العام (لجاز فيه) اي في لفظ هذا ايضا(ذلك) اي ارادة المعنى العام كما جاز في لفظ رجل وليس فليس (وهكذا

٣٤٣

الكلام في الباقي) اي مثل لفظ هذا سائر المبهمات (ومن هذا القبيل ايضا) اي من قبيل المبهمات في الوضع (وضع الحروف) يعنى كما ان المبهمات وضعت بالوضع العام للجزئيات المخصوصة المندرجة تحت العام وكذلك الحروف (فانّها) اي الحروف (موضوعة باعتبار معنى عامّ) الذي تصوره الواضع حين الوضع (وهو) اي المعنى العام عبارة عن (نوع من النسبة) مثل الابتداء والانتهاء فان الابتداء نسبة وربط بين السير والبصرة وكذا الانتهاء ربط بين السير والكوفة في مثل قولنا سرت من البصرة الى الكوفة(لكلّ واحدة من خصوصيّاته فمن والى وعلى مثلا موضوعات باعتبار الابتداء) في لفظة من (والانتهاء) في لفظة الى (والاستعلاء) في لفظة على يعنى انّها هي التي تصورها الواضع حين الوضع ووضعها بوضع واحد(لكلّ ابتداء) في لفظة من (وانتهاء) في لفظة الى (واستعلاء) في لفظة على (معيّن بخصوصه) قيد لكل واحد منها(وفي معناها) اي في معنى المبهمات (الافعال الناقصة) فانها موضوعة باعتبار معنى عام وهو نسبة صفة هي غير مصدر تلك الأفعال الى فاعل ما لكل واحد من خصوصياته فكان مثلا موضوع باعتبار نسبة القيام الى فاعل ما لنسبته الى فاعل مخصوص مثل زيد وعمرو وغيرها(وامّا) الافعال (التّامة) كضرب ونصر(فلها) اي للافعال التامة(جهتان) من حيث الهيئة والمادّة(وضعها) اي وضع الافعال التامة(من إحداهما) اي من احدى الجهتين وهي جهة الهيئة(عامّ ومن) جهة(الاخرى) وهي جهة المادة(خاصّ) اما توضيح ذلك (فالعام) في جهة الهيئة(بالقياس) وبالنسبة(الى ما اعتبر فيها من

٣٤٤

النسب الجزئية) وهي النسبة الى فاعل غير معيّن (فانّها) اي الافعال بلحاظ وضع الهيئة(في حكم المعاني الحرفية فكما ان لفظة من) في الحروف (موضوعة وضعا عاما) اي بالوضع العام يعنى كما ان الواضع حين وضع لفظة من تصور معنى كليّا ووضع (لكل ابتداء معيّن) في الخارج (بخصوصه كذلك لفظة ضرب مثلا) في الأفعال التامة(موضوعة وضعا عاما لكل نسبة للحدث الذي دلت عليه) اي الواضع تصور في وضع هيئة الافعال مطلق النسبة الى فاعل غير معيّن ولكن لم يوضع لما تصوره اولا بل جعل المتصور اولا آلة ومرآة للافراد الخاصة الخارجية ووضع لها اي (الى فاعل بخصوصها) والحاصل ان الافعال بالنسبة الى الهيئة من باب الوضع العام والموضوع له الخاص كالحروف بعينها بمعنى ان الواضع حين الوضع تصور معنى كليّا وهو من قام به الفعل ووضع بازاء الجزئيات يعنى من قام به الضرب او القتل مثلا والفرق بين الحروف والمشتقات ومنها الأفعال ان الموضوع له في الحروف هو الجزئيات الحقيقية وفي الأفعال هو الجزئيات الإضافية هكذا قالوا او لا يخلو عن تأمل واما بالنسبة الى المادة في الافعال التامة فالوضع والموضوع له كلاهما عامان واليه اشار بقوله (واما الخاص) والمراد منه العام وانما عبر من العام بالخاص من حيث انه لوحظ بخصوصه لا بواسطة امر يكون مرآة وآلة ويلاحظ بواسطة(فبالنسبة الى الحدث) يعنى ان الواضع تصور في وضع مادة ضرب مثلا مطلق ووضع هذه المادة لما تصوّره اولا وهو مطلق الضرب (وهو واضح) لا ريب فيه (اذا تمهّد هذا) اي اذا عرفت ما ذكرنا من

٣٤٥

المقدمة لبيان المختار وهو تقسيم الوضع الى الاقسام الثلاثة وتوضيحها(قلنا ان ادوات الاستثناء) اي آلات الاستثناء ومنها حاشا وعدى وخلا فليعلم انّه اذا جرّبها ما بعدها تكون حروفا جارّة مثل جاءنى القوم حاشا زيد وخلا زيد واذا نصب تكون افعالا(كلّها) سواء كان اسما او فعلا او حرفا(موضوعة بالوضع العام) الذي تقدم معناه (لخصوصيّات الاخراج) اي الاخراجات الخاصة التي تقدم معناه والحاصل انّها كلها موضوعة بالوضع العام ولكن الموضوع له قد يكون خاصا وقد يكون عاما وتفصيل ذلك (امّا الحرف منها) اي من ادوات الاستثناء مثل لفظة من ـ والى ـ وعلى (فظاهر) ان وضعها كسائر الحروف بالوضع العام والموضوع له الخاص (واما الفعل) من ادوات الاستثناء مثل خلا وعدى وحاشا بناء على انّها افعال تامّة كما مرّ ومثل ليس ولا يكون من الأفعال الناقصة فهو ايضا موضوع بالوضع العام والموضوع له الخاص والوجه فيه واضح (فلأن الاخراج) الذي هو معنى الفعل الذي للاستثناء(به انما هو) اي الاخراج (باعتبار) الهيئة(والنسبة) التي تستفاد من الهيئة لا من المادة(وقد علمت ان الوضع بالاضافة) اي بالنسبة(اليها) اي الى الهيئة والنسبة(عامّ) والموضوع له خاص كسائر الحروف بعينها(واما الاسم) من ادوات الاستثناء مثل لفظ سوى ـ وغير وهكذا(فلأنّه من قبيل المشتق) مثل لفظ ضارب ومضروب وهكذا(و) قد علمت ان (الوضع فيه) اي في المشتق (عام) والموضوع له ايضا عام (كما عرفت) مرارا وليعلم ان مراد المصنّف «ره» ما شرحناه وان كانت العبارة قاصرة عن افادة المدّعى (ثمّ) اخذ «ره» ببيان ما اشار اليه في

٣٤٦

اول المسألة حيث قال وصحّ عوده الى كل واحد الخ بقوله (انّ فرض امكان عود الاستثناء الى كل واحد) من المستثنيات (يقتضى صلاحيّة المستثنى لذلك) اي للعود الى كل واحد(وهي) اي الصّلاحية(تحصل بامور منها كونه) اي المستثنى (موضوعا وضع الأداة اعنى بالوضع العام) سواء كان الموضوع له ايضا عاما(وهو الاغلب كأن يكون) المستثنى (مشتقّا) كما في قولك اكرم العلماء واعط الفقراء الّا الفارس (او اسما مبهما) اي كان الموضوع له خاصا بان يكون المستثنى من اسماء الاشارة والموصولات (او نحوهما ممّا هو موضوع كذلك) بان يكون صالحا للعود الى الأخيرة والجميع مثل اكرم بني تميم واخلع بني اسد الّا زيدا اذا فرض وجود زيد في كل منهما(وعلى هذا) اي على ما ذكرنا من ان الأدوات موضوعة بالوضع العام والمستثنى ايضا صالح لكل منهما(فايّ الامرين) من الأخيرة او الجميع (اريد من الاستثناء كان استعماله فيه) اي في ايّ الامرين (حقيقة) لانه اما الموضوع له بالخصوص او من مصاديقه كما عرفت مرارا نعم (واحتيج في فهم المراد) اي مراد المتكلم (منه) اي من الاستثناء(الى القرينة كما في نظائره) اي في نظير ما نحن فيه يحتاج فهم المراد الى القرينة المفهمة(فان افادة المعنى المراد من الموضوع له بالوضع العام) سواء كان الموضوع له عاما او خاصا(انّما هي) اي هذه الإفادة لا بد ان تكون (بالقرينة وليس ذلك) الذي ذكرنا(من الاشتراك) اللفظي (في شيء) يعنى ان مختارنا ليس من باب الاشتراك اللفظي الذي ادعاه السيد قدس‌سره (لاتحاد الوضع فيه) اي في مختارنا كما عرفت التوضيح منّا

٣٤٧

(وتعدّده) اي تعدد الوضع (في المشترك) اللفظي (لكنّه) اي مختارنا(في حكمه) اي في حكم المشترك اللفظي (باعتبار الاحتياج الى القرينة) يعنى ان مختارنا وما قاله السيد «ره» كلاهما محتاجان الى القرينة ولكن من جهة كيفية الوضع متغايران (على انّ بينهما) اي بين ما قلناه وما قاله السيد «ره» (فرقا من هذا الوجه ايضا) يعنى كما ان بينهما فرقا من جهة كيفية الوضع كذلك بينهما فرق من جهة كيفية الاحتياج الى القرينة(فان احتياج اللفظ المشترك الى القرينة انّما هو) اي هذا الاحتياج (لتعيين المراد منها) اي من الالفاظ المشتركة(لكونه) اي المشترك (موضوعا) بالاوضاع المتعدّدة(لمسميات) وموضوعات (متناهية) يعنى ان الموضوعات في المشترك اللفظي مشخصة ومعينة(فحيث يطلق) المشترك اللفظي (يدلّ على تلك المسمّيات اذا كان العلم بالوضع) وبالأوضاع (حاصلا) يعني ان المخاطب اذا علم باوضاع المشترك اللفظي وسمع من المتكلم هذا اللفظ يسبق الى ذهنه جميع المعاني ولكن لا يفهم المراد منه (ويحتاج تعيين المراد منها) اي من الألفاظ المشتركة(الى القرينة بخلاف الموضوع بالوضع العام) الذي ادّعيناه سواء كان الموضوع له خاصا كما في اكثر الأدوات او عاما كما في بعضها(فانّ مسمّياته) اي مسمّيات الموضوع بالوضع العام (غير متناهية) وغير معيّنة بالخصوص (فلا يمكن) عند اطلاق اللفظ(حصول جميعها) اي جميع المسمّيات (في الذهن) اي في ذهن المخاطب (ولا) يمكن حصول (البعض) اي بعض المسمّيات (دون البعض) اي بعض المسمّيات وانّما لم يمكن الحصول اصلا(لاستواء

٣٤٨

نسبة الوضع اليها) اي الى المسمّيات يعنى ان المسميات كلها بالنسبة الى الوضع متساوية وغير متناهية فلذا لا يمكن الحصول لا جميعها ولا البعض دون البعض (فاحتياجه) اي احتياج لفظ المشترك الى القرينة عند الاطلاق (انّما هو) اي هذا الاحتياج (لأصل الافادة) يعني انه لو لم تكن القرينة موجودة لما يفهم منه شيء اصلا لا انّه يفهم ويحتاج التعيين الى القرينة فعلم ان القرينة بناء على ما ذكرنا للافادة(لا للتّعيين) اي تعيين المراد(ومنها) اي من الامور المذكورة(كونه) اي كون المستثنى (من الألفاظ المشتركة بحيث يكون صلاحيّته) اي صلاحية المستثنى (للعود الى الأخيرة باعتبار معنى و) صلاحيّته للعود(الى الجميع باعتبار) معنى (آخر) مثل اكرم بني تميم واخلع بني اسد الّا فارسا اذا فرض كون شخص من بني اسد مسمّى بفارس وفرض وجود الفارس بمعنى الرّاكب في جميعهم فلفظ فارس مشترك بينه وبين الرّاكب هكذا مثّله صاحب القوانين قدس‌سره عند بيان مراد المصنّف «ره» ولكن هذا خارج عن محل النّزاع فان النزاع فيما يصلح لكل منهما فان الفارس بمعنى المسمّى اذا فرض وجوده في بني اسد فقط كما هو مفروضه قدس‌سره ويستفاد من عبارة المصنّف «ره» ايضا لا يصلح للرّجوع الى بني تميم وعلى هذا يخرج عمّا نحن فيه فتدبّر جيّدا(وح) اي حين كون المستثنى من الالفاظ المشتركة(فحكمه) اي حكم الاستثناء اي أداة الاستثناء(حكم المشترك) اللفظي تبعا لا مطلقا كما قال به السيد «ره» لان وضع المفردات لا يتعدد غالبا الّا في مثل هذا المقام وهو غير غالب (وقد اتّضح بهذا) اي بالذي ذكرنا (

٣٤٩

بطلان القول بالاشتراك مطلقا) سواء كان المستثنى مشتركا ام لا(فانّه لا تعدد في وضع المفردات غالبا) يعنى ان المفردات ومنها المستثنى وأداة الاستثناء ليست موضوعة بنحو الاشتراك اللفظي نعم قد يكون المستثنى مشتركا لفظيا والاداة تابعة(لما عرفت فيما سبق) ان قلت ان عدم تعدد الوضع في المفردات لا ينافي ان يكون الهيئة التركيبية من المستثنى والاداة موضوعة نحو الاشتراك اللفظي تارة للاخراج من الجميع واخرى من الأخيرة قلت نعم لا منافاة ان توضع كذلك (و) لكن (لا دليل على كون الهيئة التركيبيّة موضوعة) بنحو الاشتراك اللفظي اعنى (وضعا متعددا لكل من الأمرين) الجميع والأخيرة(كما ظهر فساد القولين) احدهما(بالعود) اى بعود الاستثناء(الى الجميع مطلقا) اي خاصة لا انّها مختصّة بالأخيرة كما قال به ابو حنيفة(و) ثانيهما بالعود(الى الاخيرة مطلقا) اي خاصّة هذا(مع) انك قد عرفت مرارا(كون الوضع) في الاداة والمستثنى (للأعمّ) بنحو الوضع العام والموضوع له قد يكون خاصا وقد يكون عاما والأصل عند الشك عدم النقل (وعدم ثبوت خلافه) اي خلاف ما ذكرنا من انه موضوع بالوضع العام وهو يصلح للجميع والأخيرة(احتجّ المرتضى «ره») على مذهبه بالاشتراك اللفظي (بوجوه) اربعة(الاول ان القائل اذا قال لغيره اضرب غلماني والق اصدقائي الّا واحدا يجوز ان يستفهم المخاطب) من القائل بذلك الكلام (هل اردت) من قولك الّا واحدا(استثناء الواحد من الجملتين او جملة واحدة) وهي الأخيرة فقط(و) من المعلوم ان (الاستفهام) من المخاطب (لا يحسن) ولا يصحّ (الّا مع

٣٥٠

احتمال اللفظ) لكل منهما(واشتراكه) يعني ما دام لم يكن اللفظ مشتركا لا معنى للاستفهام ، والاستفهام دليل على ان اللفظ مشترك بينهما(الثاني انّ الظاهر من استعمال اللفظة في معنيين مختلفين) كما في سائر الألفاظ المشتركة مثل لفظة العين في المعاني المختلفة(من غير ان تقوم دلالة) وقرينة(على انّها) اي هذه اللفظة(متجوّزا بها في احدهما) اي في احد المعنيين يعنى انه ما دام لم تقم قرينة على ان المتكلم ارتكب بالمجاز واراد احد المعنيين مجازا(انّها) خبر لقوله ان الظاهر(حقيقة فيهما) يعني ظاهر الاستعمال في المعنيين يقتضي الحقيقة ولا يعدل عنه الّا بدليل (ولا خلاف في انّه وجد في القرآن واستعمال اهل اللغة استثناء يعقب جملتين عاد اليهما) اي الى الجملتين (تارة) كما في قوله تعالى «(أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) ـ الخ ـ» (وعاد الى إحداهما اخرى) كما في قوله تعالى (إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ) من غير قرينة على التجوّز في القرآن (وانما يدّعي من خصه) اي خص الاستثناء(بإحداهما) اي بالجميع او الأخيرة(انّه) اي الاستثناء(اذا عاد اليهما) معا(فلدلالة دلّت) يعني انه اذ رجع اليهما معا لا بدّ له من دليل وقرينة ليس فليس (ومن ارجعه اليهما) ادعى (انّه) اي الاستثناء(اذا اختصّ) بالاخيرة اي (بالجملة التي تليه فلدلالة) اي لا بدّ له من دليل (وهذا من الجماعة اعتراف) واقرار(بانّه) اي الاستثناء(مستعمل في الأمرين) الجميع والأخيرة(واذا كان

٣٥١

الامر على هذا) بان كان صالحا للعود الى كل منهما(فيجب ان يكون تعقب الاستثناء الجملتين) او الاكثر(محتملا لرجوعه الى الاقرب) وهو الاخير(كما انه محتمل لعمومه) اي للجميع (للامرين) الذين ذكرنا من ظاهر الاستعمال والوجدان في القرآن واستعمال اهل اللغة وظاهر الاستعمال يقتضي ان يكون (حقيقة في كل واحد منهما) دون الواحد منهما(فلا يجوز) ولا يمكن (القطع على احد الامرين) من الاخيرة او الجميع (الّا بدلالة منفصلة) ودليل خارجي يدل على ذلك الوجه (الثالث انّه لا بدّ في الاستثناء المتعقب بجملتين من ان يكون) هكذا وقعت العبارة في النسخة التي عندي والصّحيح هكذا انّ الاستثناء المتعقب بجملتين لا بدّ ان يكون امّا الخ (اما راجعا اليهما معا او الى واحدة منهما لانّه من المحال) ان يقع جملتان وفيهما استثناء ومع ذلك (ان لا يكون راجعا الى شيء منهما) هذا بالنظر الى الثبوت (و) امّا بالنظر الى الأثبات فانّا(قد نظرنا في كل شيء يعتمده من قطع على رجوعه) اي الاستثناء(اليهما) يعني راجعنا بالادلة التي ذكرها الخصم لمذهبه (فلم نجد فيه) اي فيما يعتمده (دلالة على وجوب ما ادعاه ونظرنا ايضا فيما يتعلق به) اي يتمسّك به (من قطع على عوده) اي الاستثناء(الى الأقرب اليه من الجملتين من غير تجاوز له) اي للأقرب (فلم نجد فيه) اي فيما يتعلق به من الدليل (ما يوجب القطع على اختصاصه) اي الاستثناء(بالجملة التي تليه) اي بالاخيرة فقط(دون ما تقدّمها) يعني انّا راجعنا بادلّة الخصم الذي يدعي انّه راجع الى الاقرب فلم نجدها ما يفيد المرام (فوجب مع عدم القطع على كل واحد من الأمرين ان نقف)

٣٥٢

فاعل لقوله وجب (فيهما) اي لا نحكم باحدهما(ولا نقطع على شيء منهما الّا بدلالة) يعني انه لا بدّ في الدلالة من القرينة باحدهما(الرّابع) من الوجوه التي استدل السيد «ره» على مختاره هو (ان القائل اذا قال ضربت غلماني واكرمت جيراني واخرجت زكاتي قائما او قال صباحا او مساء او في مكان كذا احتمل ما عقب) القائل والمتكلم كلامه (بذكره من الحال) بيان لقول ما عقّب وكذا ما بعده (او) من (ظرف الزّمان او) من (ظرف المكان ان يكون) نائب فاعل لقوله احتمل (العامل فيه) اي في كل واحد من القيود(والمتعلّق به) اي لكل واحد من القيود(جميع ما عدّ من الافعال) من قوله ضربت واكرمت واخرجت (كما يحتمل ان يكون) العامل في كل واحد من القيود و (المتعلق به ما) اي الفعل الذي (هو اقرب اليه) اي اقرب الى كل واحد من القيود(وليس لنا مع ذلك) اي مع هذين الاحتمالين (ان نقطع على ان العامل قيما عقب بذكره) اي فيما عقب المتكلم كلامه بذكر القيود(الكلّ) اي كل واحد من الافعال (ولا) يمكن القطع على ان العامل في كل واحد من القيود(البعض) اي بعض الافعال (الّا بدليل) اي بدليل خارج عن ظاهر الكلام لان ظاهر الكلام محتمل الأمرين (فكذلك) اي مثل ما ذكرنا في الحال وغيره من صلاحية العود الى كل منهما(يجب في الاستثناء) ان نقول مثل ما قلناه في اخواته (والجامع بين الأمرين) يعني ان حكم الامثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد وبعبارة اخرى (ان كل واحد من الاستثناء والحال والظروف الزمانية والمكانية فضلة في الكلام ياتي بعد تمامه) اي بعد تمام الكلام

٣٥٣

(واستقلاله) ثمّ (قال) السيّد المرتضى «ره» (و) اذا كان الامر كذلك (ليس لاحد ان يرتكب) ويقول (ان الواجب فيما ذكرناه) من الامثلة(القطع على ان العامل فيه) اي فيما ذكرنا من الامثلة(جميع الأفعال المتقدمة) ويجب العمل بالقطع (الّا ان يدلّ دليل على خلاف ذلك) القطع (لان هذا) اي القول بان العامل جميع الافعال المتقدمة(من مرتكبه مكابرة) اي دعوى بلا دليل (ودفع للمتعارف) اي دفع لما تعارف بين الناس في الامثلة المذكورة ونحوها من الصلاحية للعود الى الأخيرة والى الجميع (ولا فرق) في المكابرة(بين حمل نفسه عليه) اي على كون العامل جميع الافعال (وبين من قال بل الواجب القطع على ان الفعل الذي يعقبه الحال او الظرف) زمانا او مكانا(هو العامل دون ما تقدّمه) من الافعال (وانّما يعلم في بعض المواضع) والموارد(ان الكل) اي كل الافعال (عامل بدليل) يعني انه قد يقوم الدليل والقرينة على ان العامل في الحال وغيره هو جميع الافعال وهذا خارج عن محطّ البحث هذا كلّه فيما ذكره السيد «ره» (والجواب) عنه (امّا عن) الدليل (الاوّل فبالمنع من اختصاص حسن الاستفهام) الذي ادّعى السيد «ره» (بالاشتراك) اللفظي (بل المقتضي لحسنه) اي لحسن الاستفهام (هو الاحتمال) اي احتمال اللفظ بان يرجع الى الاخير او الجميع (سواء كان) هذا الاحتمال (بواسطة الاشتراك) اي كونه مشتركا لفظيّا(او لكونه موضوعا بالوضع العام) سواء كان الموضوع له عاما او خاصا كما هو المختار(او لعدم معرفة ما هو حقيقة فيه كما يقوله اهل الوقف او لغير ذلك من الاسباب المقتضية له) اي للاحتمال ككونه حقيقة في

٣٥٤

الاخير فقط ومجازا في الجميع ويستفهم المخاطب لاحتمال ان يريد المتكلم الجميع مجازا والاستفهام لرفع الاحتمال وهكذا(وامّا) الجواب (عن) الدليل (الثاني) للسيّد «ره» وهو ان ظاهر الاستعمال يقتضي الحقيقة(فبانّه على تقدير تسليمه) يعني انّا لا نسلّم ان ظاهر الاستعمال يقتضي الحقيقة ولو سلّم فهو (انّما يدل على كون اللفظ حقيقة في الأمرين) هذا مسلّم ولكن (لا) يدل (على) انه بنحو (الاشتراك لجواز كونه بوضع واحد) موضوع لمعان متعددة بنحو الوضع العام والموضوع له الخاص (كما قلناه) واخترناه (و) الحال انه (لا بدّ في الاشتراك) الذي ادّعى السيد «ره» (من وضعين) متعددين لمعنيين متعددين (وامّا) الجواب (عن) الدليل (الثالث) للسيد «ره» وهو عدم وجدان الدلالة في دليل الخصم (فبان عدم الدليل المعتبر على تحتّم) ووجوب (عوده) اي عود الاستثناء(الى الجميع) كما ادعاه بعض (او اختصاصه) اي الاستثناء(بالاخيرة) كما ادعاه بعض آخر(لا يقتضي المصير الى الاشتراك) اللفظي الذي ادعاه (بل يتردّد الامر) اي امر الاستثناء(بينه) اي بين الاشتراك اللفظي (وبين ما قلناه) من الوضع العام سواء كان الموضوع له خاصا او عاما(وبين الوقف) وامّا سائر الاقوال والاحتمالات فالمجازية فيها مسلّمة والمفروض بعد الفراغ عن كون الاستعمال علامة الحقيقة هذا وفيه ان هذا الجواب والاعتراض وارد لو كان مراد السيد «ره» اثبات الاشتراك لم لا يكون مقصوده ابطال مذهب من خصصه بالاخير او الجميع هكذا اعترضه مولانا ملّا صالح «ره» في الحاشية ولكن يمكن ان يقال عليه ان نظر

٣٥٥

السيد «ره» في الدليل الثالث بعد الفراغ عن كون الاستعمال دليلا على الحقيقة والدليل الثالث ناظر الى عدم المعارض لا انه دليل مستقل على اثبات المدّعى وعدم ذكره بقية الاقوال والاحتمال دليل على ما ذكرناه من الفراغ عن وجه الاستعمال فتدبّر جيّدا(وامّا) الجواب (عن) الدليل (الرابع) للسيد «ره» على الاشتراك (فبانّه) اي الدليل الرابع (قياس) للاستثناء على الحال والظرف وغيره (في اللغة) وهو باطل بالاجماع وان جاز في الشرع عند بعض لان اللغة لا تثبت بالقياس مع انه مع الفارق وهو اهونية التقيد من التخصيص مع ان الحكم المدّعى في الاصل من الحال والظرف في محل المنع ان اريد تساوي الاحتمالات للقطع بانّ تعلقه بالاخيرة اقرب (مع انّه لا يدّل على الاشتراك) اللفظي (بل على الأعمّ منه) اي من الاشتراك (وما قلناه) من الوضع العام سواء كان الموضوع له خاصا او عاما(حجّة القول) وهو قول الشافعية واتباعه (بالرجوع) اي برجوع الاستثناء(الى الجميع) اي الى جميع الجمل المتعددة(امور ستّة احدها انّ الشرط المتعقّب للجمل) نحو احسن الفقراء واكرم العلماء ان جاءوك (يعود الى الجميع) بلا كلام (فكذا الاستثناء يجامع عدم استقلال كل منهما بنفسه) يعني ان الشرط والاستثناء كلاهما من جهة الاشتراك في عدم الاستقلال (واتحاد معنييهما) من واد واحد واما الاتحاد في المعنى (فانّ قوله تعالى في آية القذف (إِلَّا مَنْ تابَ) جار مجرى قوله «ان لم يتوبوا») وكما انه لو قال في آية القذف ان لم يتوبوا يرجع القيد والشرط الى الجميع فكذا ما هو بمعناه وهو الاستثناء(وثانيها ان حرف العطف يصيّر الجمل

٣٥٦

المتعددة في حكم الواحدة اذ لا فرق بين قولنا رأيت زيد بن عبد الله ورايت زيد بن عمرو) وكلتاهما جملتان مستقلتان ولكن حرف العطف تصيرهما في حكم الجملة الواحدة ولا فرق بين ما ذكر من المثال (وبين قولنا رأيت الزيدين و) اذا عرفت ذلك فاعلم انّه (اذا كان الاستثناء الواقع عقيب الجملة الواحدة راجعا اليها) اي الى الجملة الواحدة مثل اكرم العلماء الا زيدا(فكذلك ما) اي الجمل المتعددة التي معطوفة احدها بالاخرى (هو بحكمها) اي بحكم الجملة الواحدة من جهة حرف العطف (وثالثها ان الاستثناء) لا بادوات الاستثناء بل (بمشيّة الله تعالى) اي بقوله ان شاء الله بعد قوله لا اكلت ولا شربت ولا سافرت (اذا تعقّب جملا) كالمثال المذكور(يعود الى جميعها) اي الى جميع الجمل في قوله لا اكلت الخ (بلا خلاف) ولا اشكال (فكذلك الاستثناء بغيره) اي بغير مشية الله (فالجامع بينهما) اي وجه المقايسة(انّ كلّا منهما) اي من أداة الاستثناء والاستثناء بمشية الله (استثناء وغير مستقل ورابعها) اي رابع الدليل على عود الاستثناء الى الجميع (ان الاستثناء صالح للرجوع الى كل واحدة من الجمل) ان قلت مجرد الصلاحية لا يؤثر مع اولوية الأخير قلت (والحكم باولوية البعض) وهو الأخير(تحكّم) اي دعوى بلا دليل واذا كان كذلك (فيجب عوده) اي عود الاستثناء(الى الجميع كما انّ الفاظ العموم) في قولك اكرم العلماء(لمّا لم يكن تناولها) وشمولها(لبعض) اي لبعض الافراد(اولى من آخر تناولت) الفاظ العموم (الجميع وخامسها) اي خامس الدليل على ان الاستثناء يعود الى جميع الجمل المتقدمة(انّ طريقة العرب الاختصار

٣٥٧

وحذف فضول الكلام ما استطاعوا) يعني ان الاختصار بقدر الامكان مطلوب عندهم (فلا بدّ لهم) اي للعرب (حيث يتعلّق ارادة الاستثناء بالجمل المتعددة من ذكره) اي الاستثناء(بعدها) اي بعد الجمل (مريدين به) اي بالاستثناء(الجميع حتى كانّهم ذكروه) اي الاستثناء(عقيب كل واحدة) يعني انه لو كان مرادهم الاستثناء من جميع الجمل لا بدّ من ذكره في آخر الكلام مرة واحدة(اذ لو كرّر) اي الاستثناء(بعد كل جملة لاستهجن) ولقبح (و) مع ذلك (كان مخالفا لما ذكر من طريقتهم) وهو ذكره في آخر الجمل مريدين به الجميع وهذا من الواضحات (ألا ترى انّه لو قيل في آية القذف) مثلا((وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً) الّا الذين تابوا اولئك هم الفاسقون الّا الذين تابوا) يعني لو ذكر الاستثناء عقيب كل جملة كما في هذه الآية مثلا(لكان تطويلا مستهجنا) اي قبيحا(فاقيم فيها) اي في هذه الآية(مقام ذلك) اي ذكره متعددا(ذكر التوبة مرة واحدة عقيب الجملتين) كما هو دأب العرب في امثال المقام (وسادسها) اي سادس الأدلّة الدّالة على عود الاستثناء الى الجميع (انّ لواحق الكلام وتوابعه من شرط واستثناء يجب ان تلحقه) اي بالكلام (ما دام الفراغ منه) اي من الكلام (لم يقع) يعنى ان اللواحق يجب الحاقها ما دام المتكلم متشاغلا بالكلام (فما دام متّصلا) اي (لم ينقطع) الكلام (فاللواحق) ومنها الاستثناء(لا حقة به) اي بالكلام (ومؤثّرة فيه) اي في الكلام اذا عرفت ذلك (فالاستثناء المتعقب للجمل المتصلة) وبعبارة اخرى (المعطوفة بعضها على بعض يجب ان يؤثر في جميعها ـ والجواب عن الاول) اي ان الاستثناء مثل الشرط(المنع على ثبوت

٣٥٨

الحكم) اي العود الى الجميع (في الاصل) اي في الشرط(بل هو) اي الشرط ايضا(محتمل) في العود الى الجميع والأخير(كما قلنا في الاستثناء) طابق النعل بالنعل (ولو سلّم) العود الى الجميع في الشرط(فهو) اي قياس الاستثناء بالشرط(قياس في اللغة) وهو لا يجوز بالاجماع ولو سلم فالجامع مفقود لان الشرط وان تأخر لفظا ولكنه متقدم تقديرا بخلاف الاستثناء ومجرد عدم استقلالهما لا يكفي في قياس احدهما بالآخر(و) الجواب (عن) الدليل (الثاني) اي ان العطف يصيّر الجمل المتعددة في حكم الواحدة(انّه قياس في اللغة) ولا يجوز ولو قلنا بجوازه في الاحكام (كالاوّل) لانه قاس على الجملة الواحدة ما هو بمنزلتها(و) الجواب (عن) الدليل (الثالث) اي ان ذكر المشيّة عقيب الجمل يعود الى الجميع (بانّ ذكر المشيّة عقيب الجمل ليس باستثناء ولا شرط) والعبارة المذكورة ليست خالية عن المسامحة والاولى في التعبير امّا بحذف كلمة الذكر وامّا التعبير هكذا بأن المشيّة المذكورة الخ (لانّه لو كان استثناء) حقيقة(لكان فيه) اي فيما ذكر بقوله ان شاء الله (بعض حروفه) اي بعض حروف الاستثناء من كلمة الّا وسوى وغيرهما ان قلت نعم انه ليس باستثناء لعدم وجود ادوات الاستثناء فيه لم لا يكون شرطا حقيقة لوجود ادوات الشرط فيه قلت (ولو كان شرطا على الحقيقة لمّا صح دخوله على الماضي) مع بقاء الماضي على المعنى الماضويّة لان كلمة ان تصيّر الماضي لفظا مضارعا معنى (و) الحال انه (قد يذكر المشيّة في الماضي) لفظا ومعنى (فيقول القائل حججت) في الزمان الماضي (وزرت) في الزمان الماضي (ان شاء الله

٣٥٩

تعالى) وليس معناه معنى الشرط والتعليق اي ان يشاء الله في الاستقبال لتنافيهما بل معناه انّه كان حصولهما بمشيّة الله وتوفيقه (وانّما دخلت) ولحقت (المشيّة في كل هذه المواضع) ولعلّه اراد بكل هذه المواضع ما سوى الدّاخل على الماضي (ليقف الكلام) اي كلام المتكلم (على النفوذ والمضىّ) هذا عطف تفسيري (لا لغير ذلك) اي لغير مشيّة الله (فان قيل كيف اقتضى تعقب المشية اكثر من جملة) واحدة(وقوف حكم الجميع ولم يحتمل التعلق بالاخيرة فقط) يعني انه ما الفرق بين تعقيب الجملة بالمشيّة والقول بانه يعود الى الجميع ويوقف حكم الجميع وغيره فان فيه احتمالا ان يرجع الى الاخيرة فقط(قلنا) الفرق بينهما هو ان تعقيب الجملة بالمشيّة اجماعي و (لو لا نقلهم الاجماع على ذلك لكان القول باحتماله) اي باحتمال العود الى الجملة الاخيرة فقط(ممكنا لكنّهم نقلوا اجماع الأمة على ان حكم الجميع) اي جميع الجمل (يقف) عن النفوذ والمضيّ لغير مشيّة الله (و) الجواب (عن الرابع) وهو ان الاستثناء صالح للرجوع الى كل واحدة والحكم باولوية البعض تحكم وترجيح بلا مرجّح ـ اولا ـ ان قرب الأخيرة يصلح مرجحا لصرفه اليها فلا تحكّم فيه وثانيا(انّ صلاحيّته) اي الاستثناء(للجميع) اي لجميع الجمل المذكورة قبل الاستثناء(لا توجب ظهوره) اي ظهور الاستثناء(فيه) اي في الجميع يعني ان الصلاحية غير الظهور ولا بدّ من اثبات الظهور(وانّما تقتضي) الصلاحية(التجويز) والاحتمال (لذلك) اي للجميع كما تقتضي للأخيرة(و) تقتضي (الشّك فيه) اي في الرجوع الى الجميع هذا عطف تفسيري (فرقا بين

٣٦٠