إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٩

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٩

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٣٦

معذورا عندك مأخوذ من الفعل عذر ـ يعذر ـ عذرا من باب «ضرب» نحو عذرته فيما صنع : أي رفعت عنه اللوم فهو معذور ـ أي غير ملوم ـ والاسم منه هو العذر ـ بضم الذال اتباعا لضمة العين وجمعه : أعذار .. أما «المعذرة» فمعناها : العذر تلفظ بكسر الذال وفتحها. والكسر أفصح. والمراد بقوله : من بين يديه ومن خلفه : قبله وبعده .. أي كثرت النذر قبله وحوله في أمم شتى وقيل المعنى : قبل إرساله وبعد إرساله في زمانه. بمعنى : الرسل الذين بعثوا قبل هود والذين بعثوا في زمانه وعلى هذا التفسير يكون المعنى ومن بعد إنذاره.

(أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٤)

(أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر ثان لإن. أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. أصحاب : خبر «أولئك» مرفوع بالضمة وهو مضاف. الجنة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أو تكون «أصحاب» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم والجملة الاسمية «هم أصحاب الجنة» في محل رفع خبر المبتدأ الأول «أولئك» بمعنى : هم أهل الجنة.

(خالِدِينَ فِيها جَزاءً) : حال من «أصحاب الجنة» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. فيها : جار ومجرور متعلق بخالدين. جزاء : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف تقديره : يجازون جزاء وعلامة نصبه الفتحة المنونة. أو يكون «جزاء» مفعولا من أجله.

(بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) : الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بجزاء. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يعملون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «كانوا يعملون» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : بما كانوا يعملونه أي بسبب ما كانوا يعملونه أو تكون «ما»

٣٠١

مصدرية فتكون جملة «كانوا يعملون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بجزاء أو بالعامل في «جزاء» التقدير بسبب أعمالهم.

(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (١٥)

(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) : الواو استئنافية. وصى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. الإنسان : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى وأمرناه أن يحسن إليهما.

(بِوالِدَيْهِ إِحْساناً) : جار ومجرور متعلق بوصى. وعلامة جر الاسم الياء لأنه مثنى وحذفت نونه ـ أصله والدين ـ للإضافة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه. إحسانا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف تقديره : أحسن إحسانا وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(حَمَلَتْهُ أُمُّهُ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الانسان» وهي فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. أمه : فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه.

(كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً) : حال من ضمير «حملت» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : ذات كره أي مشقة أو يكون صفة لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف. بتقدير : حملا ذا كره. ووضعته كرها : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «حملته كرها» وتعرب إعرابها وفاعل «وضعته» ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي.

٣٠٢

(وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ) : الواو استئنافية. حمله : مبتدأ مرفوع بالضمة. والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه. وفصاله : معطوف بالواو على «حمله» ويعرب مثله بمعنى : وفطامه.

(ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى) : خبر «حمله وفصاله» مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم ـ من ألفاظ العقود ـ شهرا : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. حتى : حرف غاية وابتداء.

(إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ) : ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط. بلغ : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أشده : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه وجملة «بلغ أشده» في محل جر مضاف إليه.

(وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) : معطوفة على «بلغ أشده» وتعرب إعرابها وعلامة نصب «أربعين» الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وهو من ألفاظ العقود. سنة : تعرب إعراب «شهرا».

(قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي) : الجملة الفعلية وما بعدها جواب شرط غير جازم لا محل لها. قال : تعرب إعراب «بلغ» رب : منادى بأداة نداء محذوفة اكتفاء بالمنادى من باب التوقير والتعظيم وأصله : يا ربي منصوب وعلامة نصبه الفتحة منع من ظهورها كسر تجانس الياء وتناسبها وهو مضاف وياء المتكلم المحذوفة خطا واختصارا ضمير متصل في محل جر مضاف إليه وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة. أوزعني : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل تضرع ودعاء بصيغة طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. النون نون الوقاية لا محل لها والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى : ألهمني.

٣٠٣

(أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ) : حرف مصدري ناصب. أشكر : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. نعمتك : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه. والجملة الفعلية «أشكر نعمتك» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به ثان للفعل «أوزع» التقدير والمعنى : ألهمني شكر نعمتك أي نعمة التوحيد.

(الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ للنعمة. أنعمت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل. علي : جار ومجرور متعلق بأنعمت. والجملة الفعلية «أنعمت علي» صلة الموصول لا محل لها بمعنى : أنعمت علي بها.

(وَعَلى والِدَيَ) : معطوف بالواو على «علي» والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم في محل جر مضاف إليه وحذفت النون ـ أصله : والدين ـ للإضافة وعلامة جر الاسم الياء لأنه مثنى.

(وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً) : معطوف بالواو على «أن أشكر نعمتك» ويعرب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة للموصوف «عملا» أو «صالحا» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى : تقبله مني. وأصلح : معطوف بالواو على «أوزع» ويعرب مثله. لي : جار ومجرور متعلق بأصلح بمعنى : ووفقني أن أعمل عملا صالحا ترضاه وأصلح لي ..

(فِي ذُرِّيَّتِي) : جار ومجرور متعلق بأصلح أو بصفة محذوفة من المصدر على تقدير : هب لي الصلاح أو صلاحا في ذريتي وأوقعه فيهم والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه.

٣٠٤

(إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل للتعليل أو للاستئناف والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم في محل نصب اسم «إن». تبت : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل. إليك : جار ومجرور متعلق بتبت بمعنى : رجعت إليك.

(وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) : معطوف بالواو على «إني» ويعرب مثله. من المسلمين : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي من المخلصين.

(أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) (١٦)

(أُولئِكَ الَّذِينَ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم. والجملة الاسمية «هم الذين» في محل رفع خبر «أولئك».

(نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. عن : حرف جر بمعنى «من» و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بنتقبل.

(أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ما : مصدرية. عملوا : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة و «ما» وما بعدها : بتأويل مصدر في محل جر مضاف إليه بمعنى : أحسن أعمالهم الصالحة في الدنيا. ويجوز أن تكون «ما» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل جر مضافا إليه والجملة الفعلية

٣٠٥

«عملوا» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به أي ما عملوه.

(وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «نتقبل عنهم» وتعرب مثلها و «هم» ضمير الغائبين المتصل في محل جر مضاف إليه.

(فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير الغائبين. التقدير : كائنين في أصحاب الجنة معدودين فيهم أو كائنين في جملة أو عداد أهل الجنة. الجنة : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(وَعْدَ الصِّدْقِ) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ مؤكد لنفسه بمعنى إنجازا لصادق وعدنا الذي كنا وعدناهم به أو وعدوا ذلك على ألسنة الرسل في الدنيا وعدا صادقا لأن قوله : يتقبل ويتجاوز هو وعد من الله سبحانه بالتقبل والتجاوز والمصدر منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الصدق : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ للوعد وفي محل جر صفة ـ نعت ـ للصدق. كانوا : الجملة الفعلية وما بعدها صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يوعدون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : يوعدونه أو تكون الصلة حرف جر أي يوعدون به.

(وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ما هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (١٧)

(وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ) : الواو عاطفة. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. وخبره : الجملة الاسمية الواردة في بداية الآية الكريمة التالية «أولئك الذين ..» في محل رفع. والمراد بالذي قال :

٣٠٦

الجنس القائل ذلك القول ولذلك وقع الخبر مجموعا. قال : الجملة الفعلية وما بعدها : صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لوالديه : جار ومجرور متعلق بقال وعلامة جر الاسم الياء لأنه مثنى ـ أصله : والدين ـ حذفت النون للإضافة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه.

(أُفٍّ لَكُما) : الجملة الفعلية على المعنى : في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أف : اسم فعل مضارع بمعنى أتضجر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. لكما : جار ومجرور متعلق بمعنى «أف» وقيل : اللام هنا للبيان بمعنى : هذا التأفيف لكما خاصة ولأجلكما دون غيركما و «ما» علامة التثنية.

(أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ) : الهمزة همزة توبيخ وإنكار بلفظ استفهام. تعدانني : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. النون للوقاية والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به. أن : حرف مصدري ونصب. أخرج : فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. والجملة الفعلية «أخرج» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما بعدها : بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف. التقدير : بأن أخرج أي بالخروج من الأرض والبعث من جديد والجار والمجرور متعلق بتعدان.

(وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ) : الواو حالية والجملة الفعلية في محل نصب حال. قد : حرف تحقيق. خلت : فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لاتصاله بتاء التأنيث ولالتقاء الساكنين والتاء تاء التأنيث الساكنة حركت بالكسر لالتقاء الساكنين. القرون : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى قال لهما ذلك حين طلبا منه الإيمان بالله.

(مِنْ قَبْلِي) : جار ومجرور متعلق بخلت والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى وقد مضى أهل القرون.

٣٠٧

(وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هما : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. والألف علامة التثنية. يستغيثان : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هما» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. الله لفظ الجلالة مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة بمعنى : يقولان : الغياث بالله منك ومن قولك وهو استعظام لقوله أو على معنى : وهما يسألان الله أن يوفق ولدهما إلى الإيمان.

(وَيْلَكَ آمِنْ) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه والكلمة مصدر لا فعل له والمراد : الحث والتحريض على الإيمان وهو دعاء عليه بالثبور أي الهلاك والعذاب له دون إرادة حقيقة الهلاك والجملة على المعنى : في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي قائلين له : ويلك وبمعنى : ويحك هلكت. آمن : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت بمعنى : آمن بالله وبالبعث.

(إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. وعد : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. حق : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : إن وعد الله بإنزال العذاب بالكافرين ومعاقبتهم وعد حق.

(فَيَقُولُ ما هذا) : الفاء استئنافية. يقول : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الاسمية بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ ما : نافية لا عمل لها. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

(إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) : أداة حصر لا عمل لها. أساطير : خبر «هذا» مرفوع بالضمة وهو مضاف. الأولين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

٣٠٨

(أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ) (١٨)

(أُولئِكَ الَّذِينَ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم. والجملة الاسمية «هم الذين» في محل رفع خبر «أولئك» والجملة الاسمية «أولئك هم الذين» في محل رفع خبر المبتدأ «الذي» الوارد في الآية الكريمة السابقة. أو يكون «الذي» في الآية الكريمة السابقة في محل رفع مبتدأ محذوف الخبر التقدير : وفيما يتلى عليكم خبر الذي قال .. فيكون شبه الجملة من الجار والمجرور «فيما يتلى عليكم» في محل رفع خبرا مقدما ويكون «خبر» مبتدأ مؤخرا محذوفا أقيم مقامه المضاف إليه الاسم الموصول «الذي» وعلى هذه التقديرات تكون الجملة الاسمية «أولئك هم الذين» بدلا من الجملة الاسمية المذكورة والمقدرة في الآية الكريمة السابقة ..

(حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) إلى نهاية الآية : أعرب في الآية الكريمة الخامسة والعشرين من سورة «فصلت» أي وجب عليهم العذاب.

(وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (١٩)

(وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ) : الواو استئنافية. لكل : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. درجات : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : ولكل من الجنسين درجات أي مراتب ومنازل. أو لكل من الفريقين : المؤمن والكافر.

(مِمَّا عَمِلُوا) : مكونة من : من : حرف جر و «ما» اسم موصول مدغم بنون «من» مبني على السكون في محل جر بمن والجملة الفعلية «عملوا» صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : مما عملوه بمعنى : من جزاء ما عملوه من الخير والشر أو من أجل ما عملوا

٣٠٩

منهما أو تكون «ما» مصدرية فتكون الجملة الفعلية «عملوا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها في تأويل مصدر في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بدرجات أو بصفة محذوفة منها والوجه الثاني من إعراب «ما» أي كونها مصدرية أوجه بدليل : وليوفيهم أعمالهم.

(وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ) : الواو عاطفة على معلل محذوف لدلالة الكلام عليه بتقدير : لا يظلمهم حقوقهم. اللام حرف جر للتعليل. يوفي : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول. أعمال : مفعول به ثان منصوب بيوفي المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه والجملة الفعلية «يوفيهم أجورهم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بدرجات على معنى : يتفاوتون.

(وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. لا : نافية لا عمل لها. يظلمون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى : لا يظلمون شيئا بنقص ثواب أو زيادة عقاب والجملة الفعلية «لا يظلمون ..» في محل رفع خبر «هم».

(وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) (٢٠)

(وَيَوْمَ يُعْرَضُ) : الواو استئنافية. يوم : مفعول به منصوب بفعل محذوف تقديره واذكر يا محمد يوم وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. يعرض : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «يعرض الذين ..» في محل جر مضاف إليه.

(الَّذِينَ كَفَرُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع نائب فاعل. كفروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير

٣١٠

متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : كفروا بالله ورسوله. وجملة «كفروا» صلة الموصول لا محل لها.

(عَلَى النَّارِ) : جار ومجرور متعلق بيعرض بمعنى : يعذبون فيها .. أو بها.

(أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ) : الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف تقديره يقال أي يقال لهم على وجه التوبيخ : أأذهبتم طيباتكم : بمعنى : لذائذكم. الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام. أذهبتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور : بمعنى : ضيعتم. طيباتكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور. أي ضيعتم لذائذكم واستنفدتموها.

(فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا) : جار ومجرور متعلق بأذهبتم. و «كم» أعرب في «طيباتكم» الدنيا : صفة ـ نعت ـ للحياة مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف للتعذر.

(وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «أذهبتم» وتعرب مثلها بمعنى وتمتعتم. بها : جار ومجرور متعلق باستمتعتم.

(فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ) : الفاء استئنافية. اليوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بتجزون و «تجزون» فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.

(عَذابَ الْهُونِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الهون : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أي الذل.

(بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) : الباء حرف جر. ما : مصدرية. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء ضمير متصل

٣١١

ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. تستكبرون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «كنتم تستكبرون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بتجزون. التقدير : بسبب استكباركم بمعنى : بسبب تكبركم.

(فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) : جار ومجرور متعلق بتستكبرون. بغير : جار ومجرور متعلق بحال محذوف من ضمير «تستكبرون» بمعنى : تتكبرون في الأرض ظلما أو ظالمين غير محقين. الحق : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أي بغير وجه حق.

(وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) : معطوف بالواو على «بما كنتم تستكبرون» ويعرب إعرابه بتقدير : وبسبب فسقكم أي خروجكم عن الحدود أو تجاوزكم عن طاعة الله تعالى وارتكابكم المعاصي.

(وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (٢١)

(وَاذْكُرْ أَخا عادٍ) : الواو عاطفة. اذكر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. أخا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الألف نيابة عن الفتحة لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. عاد : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة ونون لأنه اسم للحي أو للرجل وليس للقبيلة.

(إِذْ أَنْذَرَ) : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب بمعنى «حين» متعلق باذكر أو يكون اسما مبنيا على السكون في محل نصب بدل اشتمال من «أخا عاد» أنذر : الجملة الفعلية وما بعدها في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

٣١٢

(قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه. بالأحقاف : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من القوم. التقدير : أنذرهم وهم كائنون بالأحقاف أي في ديارهم التي سكنتها عاد.

(وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ) : الواو حالية والجملة الفعلية في محل نصب حال. قد : حرف تحقيق. خلت : فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لاتصاله بتاء التأنيث الساكنة ولالتقاء الساكنين والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها وحركت بالكسر لالتقاء الساكنين. النذر : فاعل مرفوع بالضمة.

(مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) : جار ومجرور متعلق بخلت. يديه : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى ـ أصله : يدين ـ حذفت النون للإضافة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى من قبله.

(وَمِنْ خَلْفِهِ) : الواو عاطفة. من خلفه : جار ومجرور متعلق بخلت والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب في محل جر مضاف إليه بمعنى من بعده.

(أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) : أصله : أن : مصدرية مدغمة بلا و «لا» ناهية جازمة. تعبدوا : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «لا تعبدوا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب. التقدير : أمركم عدم عبادة غير الله أو تكون «أن» مفسرة بمعنى : أي لا تعبدوا إلا الله ويجوز أن يقدر لأن التفسيرية حرف جر قبلها بعد اعتبارها مصدرية أي بأن لا تعبدوا. إلا : أداة حصر لا عمل لها. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(إِنِّي أَخافُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». أخاف : فعل

٣١٣

مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنا بمعنى : إني أخشى ..

(عَلَيْكُمْ عَذابَ) : جار ومجرور متعلق بأخاف والميم علامة جمع الذكور. عذاب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(يَوْمٍ عَظِيمٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. عظيم : صفة ـ نعت ـ ليوم مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة والجملة الفعلية «أخاف عليكم عذاب يوم عظيم» في محل رفع خبر «إن» إن عبدتم غير الله.

(قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (٢٢)

(قالُوا) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا) : الهمزة همزة إنكار وتعجيب بلفظ استفهام. جئت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به اللام حرف جر للتعليل. تأفك : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «نا» أعرب في «جئتنا» بمعنى لتصرفنا والجملة الفعلية «تأفكنا» صلة حرف مصدري لا محل لها. و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بجئت بمعنى : لتصرفنا عن عبادة آلهتنا.

(عَنْ آلِهَتِنا) : جار ومجرور متعلق بتأفك. و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.

(فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) : الفاء واقعة في جواب شرط مقدم. والجملة الفعلية وما بعدها جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. ائت : فعل أمر مبني

٣١٤

على حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء وبقيت الكسرة دالة عليها والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «نا» أعرب في «تأفكنا» بمعنى : فجئنا. الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بائت. تعد : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «نا» أعرب في «تأفكنا» التقدير والمعنى : بما تعدنا به. أي بما توعدنا به من معاجلة العذاب على الشرك.

(إِنْ كُنْتَ) : حرف شرط جازم. كنت : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع اسم «كان» وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه.

(مِنَ الصَّادِقِينَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» التقدير : إن كنت صادقا أو معدودا من الصادقين في وعدك وفي إنذارك وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) (٢٣)

(قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. إنما : كافة ومكفوفة. العلم : مبتدأ مرفوع بالضمة والجملة الاسمية «إنما العلم عند الله» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى فقال لهم لا علم لي بوقت عذابكم.

(عِنْدَ اللهِ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بخبر المبتدأ. وهو مضاف. الله لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم وعلامة الجر الكسرة .. والقول الكريم جاء جوابا لقولهم «فأتنا بما تعدنا» فقال لهم حكمة ذلك وعلمه عند الله سبحانه.

(وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ) : الواو عاطفة. أبلغكم : الجملة الفعلية في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : وإنما أنا أبلغكم وهي فعل مضارع مرفوع

٣١٥

بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان. أرسلت : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل. به : جار ومجرور متعلق بأرسلت بمعنى : ما أرسلني ربي به إليكم.

(وَلكِنِّي أَراكُمْ) : الواو استدراكية. لكني : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» حذفت إحدى نونيه تخفيفا والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «لكن». أراكم : الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع خبر «لكن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.

(قَوْماً تَجْهَلُونَ) : مفعول به ثان منصوب بأرى المتعدي إلى مفعولين على معنى : أجدكم. أو يكون حالا من ضمير المخاطبين على معنى : أبصركم. تجهلون : الجملة الفعلية في محل نصب ـ صفة ـ للموصوف «قوما» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : قوما جاهلين وحذف المفعول اختصارا بمعنى تجهلون أن الرسل منذرون فقط أي ينذرون بمعنى يخوفون المشركين من عذاب الآخرة ويهدونهم إلى التوحيد وليسوا مقترحين العذاب بهم.

(فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢٤)

(فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً) : الفاء استئنافية. لما : اسم شرط غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية متعلق بالجواب. رأوه : الجملة الفعلية وما بعدها في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد

٣١٦

«لما» وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين واتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به. عارضا : حال من الضمير «الهاء» في «رأوه» أي رأوا السحاب معترضا أفق السماء منصوب بالفتحة المنونة.

(مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «عارضا» منصوب مثله بالفتحة وهو مضاف إضافة مجازية غير معرفة مضافة إلى معرفة. أودية : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين المتصل في محل جر مضاف إليه ثان.

(قالُوا هذا عارِضٌ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. عارض : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة.

(مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ) : صفة ـ نعت ـ لعارض مرفوع بالضمة وهو مضاف إضافة مجازية و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى : ممطر لنا. بل : حرف إضراب ـ حرف عطف ـ هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.

(مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو» والجملة الاسمية «هذا عارض ممطرنا» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي ظنوا هذا العارض سحابا وكذلك الحال بالنسبة إلى الجملة الاسمية الثانية «هو ما ..» محلها النصب على المفعولية ـ أي مقول القول ـ لأن القول قبلها مضمر بمعنى : قال هود : لا بل هو ما .. والجملة الفعلية «استعجلتم» صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع

٣١٧

الذكور. به : جار ومجرور متعلق باستعجلتم والهاء يعود على «ما» بمعنى : بل هو العذاب الذي عجلتم به .. وقيل يصح أن يكون هذا من قول الله تعالى لهم.

(رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ) : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هي. أي هي ريح مرفوع بالضمة المنونة جملة «هي ريح» بدلا من «هو ما استعجلتم» على معنى : بل هو العذاب الذي استعجلتم به هي ريح أو يكون «هو» ضمير فصل أو عمادا لا محل له فتكون «ما» في محل رفع مبتدأ وخبره الجملة الاسمية «هي ريح» في محل رفع. فيها : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. عذاب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. أليم : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع مثله بالضمة المنونة والجملة الاسمية «فيها عذاب أليم» في محل رفع صفة ـ نعت ـ لريح.

** (قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية والعشرين : المعنى أجئتنا يا هود لتصرفنا عن عبادة آلهتنا؟ فحذف المضاف «عبادة» وحلت كلمة «آلهتنا» المضاف إليه محله.

** (قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والعشرين .. المعنى : قال هود لهم : لا علم لي بوقت عذابكم وإنما حكمة ذلك وعلمه عند الله سبحانه وأبلغكم ما أرسلني به إليكم ولكني أراكم قوما جاهلين .. يقال : جهل ـ يجهل ـ الشيء جهلا .. من باب «فهم وسلم» والجهل : هو ضد العلم. وتجاهل : بمعنى : أرى من نفسه ذلك وليس به. والقول الكريم (وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) ورد أيضا في سورة «هود» بمعنى : تتسافهون على المؤمنين وتدعونهم أراذل. قال الشاعر :

ألا لا يجهلن أحد علينا

فنجهل فوق جهل الجاهلينا

المعنى : لا يسفه أحد علينا فنسفه فوق سفه السفهاء. وقد سمى سبحانه سخريتهم في قوله في سورة هود : (فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ) استجهالا .. ونص الآية الكريمة هو (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ) أي سخر قوم نوح منه .. والكلمات : تسخروا .. تسخر .. تسخرون .. هي من صنوف المشاكلة والازدواج وهو من فصيح الكلام وورد الكثير منه في كتاب الله العظيم ومنه قوله في سورة «الشورى» : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) وقوله عزوجل في سورة «آل عمران» : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) ونظيره قوله سبحانه في سورة «هود» آنفا .. المعنى : فإنا نسخر منكم في المستقبل كما تسخرون الساعة. وقيل : معناه : إن تستجهلونا فيما نصنع فإنا نستجهلكم فيما أنتم عليه من الكفر فأنتم أولى بالاستجهال منا سمى سخريتهم استجهالا لأن السخرية في مثل هذا المقام من باب السفه والجهل لأنها تعرض لسخط الله تعالى وعذابه وهو من

٣١٨

إطلاق اسم المسبب على السبب وفي قوله (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) فسمي جزاء الجهل جهلا للمشاكلة أو لازدواج الكلام. وصف رجل عند الحجاج ذات يوم بالجهل وكانت له إليه حاجة فقال في نفسه : لأختبرنه .. ثم قال له حين دخل عليه : أعصامي أنت أم عظامي؟ يريد أشرفت بنفسك أم تفتخر بآبائك الذين صاروا عظاما؟ فقال الرجل : أنا عصامي وعظامي! فقال الحجاج : هذا أفضل الناس .. وقضي حاجته وزاده ومكث عنده مدة ثم ناقشه فوجده أجهل الناس فقاله له : تصدقني وإلا قتلتك. قال له : قل ما بدا لك وأصدقك. قال : كيف أجبتني بما أجبت لما سألتك عما سألتك؟ قال له : والله لم أعلم أعصامي خير أم عظامي فخشيت أن أقول أحدهما فأخطئ فقلت : أقول كليهما فإن ضرني أحدهما نفعني الآخر. وكان الحجاج ظن أنه أراد أنا أفتخر بنفسي لفضلي وبآبائي لشرفهم. فقال الحجاج عند ذلك : المقادير تصير العي خطيبا. و «العي» اسم فاعل للفعل «عيي» نحو : عيي الرجل في النطق يعيى عيا : أي حصر : بمعنى : ضاق واستحيا.

** (فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ) : هذا القول الكريم ورد في الآية الكريمة السادسة والعشرين .. المعنى : فما نفعهم سمعهم .. أي أسماعهم وقد جاء بصيغة الافراد لأنه مصدر يستوي فيه الواحد والجمع .. يقال : غني ـ يغنى ـ غنى .. من باب «صدي» بمعنى : كثر ماله وكان ذا وفر وأغنى الرجل : إغناء : بمعنى : جعله غنيا وأغنى عنه : كفاه ويقال ما يغني عنك هذا : بمعنى ما يجدي عنك هذا أي ما ينفع. وأغناه : بمعنى : جعله غنيا قال تعالى في سورة «الضحى» : (وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى) بمعنى فوجدك فقيرا فأغناك وقد حذف الكاف ـ ضمير المخاطب ـ وهو مفعول «أغنى» استغناء بذكره من قبل ومراعاة لفواصل الآيات. قال الشاعر :

عطائي عطاء المكثرين تجملا

ومالي ـ كما قد تعلمين ـ قليل

وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى

ورأي أمير المؤمنين جميل

سأل رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أصحابه يوما قال : أتدرون من المفلس؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من سيئاته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار «صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

** (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والعشرين .. المعنى : ولقد أهلكنا ما كان جواركم يا أهل مكة من أهل القرى ـ بدليل قوله «لعلهم يرجعون» وكررنا الآيات على وجوه شتى ليثوبوا إلى الله فلم يفعلوا وحذف المضاف «أهل» وأقيم المضاف إليه «مقامه».

** (فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ) : جاء هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثامنة والعشرين .. القربان : هو كل ما يتقرب به إلى الله تعالى من ذبيحة وغيرها. وهو يجمع على قرابين .. يقال : قربت إلى الله قربانا. وهو مثل «القربة» بضم القاف. قال أبو عمرو بن العلاء : للقريب في اللغة معنيان : أحدهما : قريب قرب فيستوي فيه المذكر والمؤنث .. نحو : زيد قريب منك وهند قريب منك لأنه من قرب المكان والمسافة فكأنه قيل : هند موضعها قريب كقوله تعالى في سورة «الأعراف» : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ

٣١٩

قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ») والثاني قريب قرابة فيطابق فيقال : هند قريبة وهما قريبتان وقال الخليل ـ كما ذكر الفيومي ـ : القريب والبعيد يستوي فيهما المذكر والمؤنث والجمع. وقال ابن الأنباري قريب : مذكر موحد. تقول : هند قريب والهندات قريب لأن المعنى : الهندات مكان قريب وكذلك بعيد ويجوز أن يقال : قريبة وبعيدة لأنك تبنيهما على «قربت» و «بعدت» وفي قوله تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ) لا يجوز حمل التذكير على معنى أن فضل الله لأنه صرف اللفظ عن ظاهره بل لأن اللفظ وضع للتذكير والتوحيد. وجعله الأخفش على التأويل فقال : المعنى : إن نظر الله. وزيد قريبي وهم الأقرباء والأقارب والأقربون وهند قريبتي وهن القرائب وقال الصحاح عن الآية الكريمة المذكورة آنفا : لم يقل قريبة لأنه سبحانه أراد بالرحمة : الإحسان وقال الفراء : القريب : في معنى المسافة يذكر ويؤنث وفي معنى النسب يؤنث بلا خلاف. تقول : هذه المرأة قريبتي : أي ذات قرابتي.

** (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة والعشرين المعنى : واذكر يا محمد حين وجهنا إليك جماعة أو طائفة من الجن لاستماع القرآن الكريم. و «النفر» جماعة الرجال من ثلاثة إلى عشرة وقيل : إلى سبعة ولا يقال : نفر فيما زاد على العشرة.

** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في تسعة من الجن هبطوا على النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة فلما سمعوه «قالوا : أنصتوا» وهذا دليل واضح على أن الرسول الكريم محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ كان مرسلا من الله تبارك وتعالى إلى الثقلين : أي الإنس والجن.

** (وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والثلاثين .. وفيه جاء الفعل «يجب» بصيغة الإفراد على لفظ «من» وكذلك ما بعده «ليس» و «معجز» والضمير في «له من دونه» في حين جاء اسم الإشارة «أولئك» بصيغة الجمع على معنى «من» لأن الاسم «من» مفرد لفظا مجموع معنى كما حذف النعت أو البدل المشار إليه بعد اسم الإشارة اختصارا لأن ما قبله دال عليه. المعنى : أولئك المعرضون أو المنصرفون عن الداعي أي غير المجيبين.

** (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة والثلاثين. المعنى : يوم تعرض النار على الكافرين أي يعذبون بها وقد شرح المعنى في الآية الكريمة العشرين.

** (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) : جاء هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الخامسة والثلاثين سمي بعض الرسل أولي العزم : أي أصحاب الجد والثبات أي أصحاب الشرائع الذين تحملوا العناء والمشاق في سبيل تأسيسها ومن جملتهم الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ عند مخاطبته سبحانه لنبيه الحبيب بقوله : فاصبر. وقيل : يراد بأولي العزم : بعض الأنبياء ؛ قيل : هم «نوح» صبر على أذى قومه كانوا يضربونه حتى يغشى عليه. و «إبراهيم» : على النار وذبح ولده. و «إسحاق» : على الذبح و «يعقوب» : على فقد ولده وذهاب بصره. و «يوسف» : على الجب والسجن. و «أيوب» على الضر. و «داود» : بكى على خطيئته أربعين سنة. و «موسى» قال له قومه : إنا لمدركون أي لملحقون. وقيل أولو العزم صفة الرسل كلهم.

٣٢٠