طبقات المعتزلة - المقدمة

طبقات المعتزلة - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : الفرق والمذاهب
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٩١

١
٢

٣
٤

تصدير

قد قيل ان منشأ الاعتزال من اصل سياسي ؛ ولكن هذا القول ؛ وان وجدت دلائل قد تؤكده ، موضع نزاع وشكّ في بعض النقاط عند العلماء ، واما اقوال المعتزلة في المسائل الكلامية فليس فيها لمثل تلك الشكوك مجال ، وذلك ان اقوال المعتزلة وان كانت صيغتها المتأخرة جملة قد صاغتها عقلية نظرية فان جوهرها لا ريب انه يرجع الى تديّن القدرية ، ولهذا فليس عن طريق الصدفة او العرض ان اصبحت حلقة الحسن البصري منبتا للاعتزال ، كما قال الاستاذ ه. ريتر (H.Ritter) في مجلة «الاسلام» (DerIslam) ٢١ ص ٦٥ : «لم تواصل فيما يبدو تشديد المعاصي الذي كان يستعمله الحسن فرقة غير المعتزلة» ، فانها تلقّت تديّن الحسن ـ ولو من الجهة القدرية فقط ـ وأدامته ، فليس من مجرّد وجهة نظر اهل السنّة المتأخّرين الذين كانوا اكتسبوا شعورا بكيانهم من المناظرات الكلامية الجارية بينهم وبين مخالفيهم ان يجوز الجمع بين القدرية والمعتزلة بالذكر ، بل يمكن ان يقال ان الاعتزال والقول بالقدر كانا اوائل الاسلام مذهبا واحدا ولم يكن افتراقهما فيما بعد ـ اذا اعتبرنا الاصل الجوهري ـ الا ظاهرة تأريخية ثانوية نسبيّا ؛ ومن المعلوم ان مسئلة «المنزلة بين المنزلتين» كانت كالخطّ الفاصل بين القدرية والمعتزلة ، ولكن مع هذا بقي القول بالقدر اساسا محكما عند المعتزلة حتى المتأخّرين منهم فكان يمكن ان يكون الرجل من المعتزلة وهو منسوب الى احدى الفرق الاخرى من الرافضة الى المرجئة واما ان يكون رجل من المعتزلة منكرا للقدر او ان يكون جبريّ معتزليّا فمن المحال.

ومما انفردت به القدرية فيما بين الفرق الاسلامية القديمة ان مسئلة الامامة

٥

لم يكن لها عندهم مثل ذلك المكان الرئيسي الذي كان لها عند سائر الفرق ، فان معظم الفرق الاخرى قد اثّرت في تكوّنها المناظرات في تلك المسألة تأثيرا بالغا فلا يتصوّر وجود ايّة منها بدونها ، فكأن القدرية قد فكّت التلازم المكين بين الدين والسياسة او الاخلاق والسياسة الموجود عند غيرها من الفرق ، غير ان القول بالقدر اكتسب بسرعة اهمية سياسية فيما بعد.

واما سبب تسمية المعتزلة فقصّة مفارقة واصل بن عطاء حلقة الحسن واعتزاله الى عمود آخر من الجامع في البصرة مشكوك في صحّتها ويتعذّر اثبات سبب هذه التسمية الحقيقي بوجه قطعي ، وقد ذهب قوم الى تفسير هذا الاسم من وجه الدين وذهب غيرهم الى تفسيره من وجه السياسة ولكن ادلّة الفريقين تكافأت. قيل ان الاعتزال الديني سبقه اعتزال سياسي ، واقوى الادلّة التي أوردت في ذلك ما جاء به الاستاذان س. ه. نيبرج (S.H.Nyberg) وك. ا. نالينو (C.A.Nallino) ، وسواء قبلنا هذا الرأي أم لم نقبله فقد ثبت ان مسئلة الامامة كان لها مكان عظيم في مناظرات المعتزلة ، غير ان الاهتمام بها تضاءل فيما بعد فغاضت في مسائل الاسماء الشرعية. ولا نعلم مكان المسائل السياسية في بنية الكلام المعتزلي ولكن من الثابت ان مجرّد قبول قول واصل بن عطاء في الخلافة والخلفاء الاربعة لم يكن يجعل المرء معتزليّا ، ومثل هذا يصدق أيضا على سائر اقوال المعتزلة ، وأيضا : من لم يقرّ بجميع الاصول المعتزلية الخمسة ـ وهي التوحيد والعدل والوعد والوعيد والمنزلة بين المنزلتين والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ لم يكن ينفى عنه اسم المعتزلي ، وهذا ابن المرتضى يعدّ قدرية المرجئة والمعتزلة الشيعية وغيرها من المعتزلة مع اختلاف آراء تلك الفرق في مسائل كثيرة ، ولم تعدم في داخل المعتزلة الاصلية أيضا اختلافات ومنازعات ليست فرعية ثانوية بل اساسية تؤثّر في ماهية القول المتنازع فيه تأثيرا بالغا ، وكيفما كان الحال فانه يبدو انه كان يكفي ان يقرّ الرجل بقول من اقوال المعتزلة حتى يعدّ منهم.

٦

وكانت مدّة ازدهار الاعتزال قصيرة ولما لم يعد مذهب الخلفاء والامراء الرسمي وفقد الحماية الرسمية خسر الكثير من مكانته بسرعة ، ومع ذلك لم يزل الكلام المعتزلي يؤثّر في تكوّن علم الكلام والفلسفة تأثيرا لم يكن يتوقّع منه مع قصر مدّة ازدهار هذا المذهب ، فلا يجوز ان يستدلّ من نكبتها على عدم نفوذه المعنوي في القرون التالية ، فان من المسائل التي ابدأتها المعتزلة ما بقي موضوعا لمناظرات اهل الكلام لمئات من السنين ، فعظم تأثير الفكر المعتزلي في تطوّر الفكر الاسلامي ، وقد تأثّر منه أيضا الفكر غير الاسلامي وتأثيره في الكلام المسيحي «المدرسي» مشهور ، وتأثّرت منه الفلسفة الدينية اليهودية حتى انها كانت احيانا متوجّهة بكلّيتها الى الاعتزال وخاصّة الى كلام الجبائي وابي هاشم.

والذي اختصّت به المعتزلة استنباط المسائل التي تعرض عند تطبيق العقل على الايمان وافادة تلك المسائل بالالفاظ ، فكانت هي التي تعرّضت لمسألة النسبة بين الدين والعقل لاوّل مرّة وبقوّة فكرية عجيبة وثبات عظيم وحاولت حلّها بطريقة مبتكرة.

ومما خدمت به المعتزلة دين الاسلام انها جادلت الثنوية وردّت مقالاتهم ووطّأت لاهل السنّة الطريق الى اثبات عقيدتهم عند مجادلتهم للثنوية ولغيرها من الفرق ، قال الاستاذ ه. ريتر (H.Ritter) : ـ من اراد إن يفهم احدى العقائد السنّية فعليه ان يستحضر في خاطره انّ كل جملة منها انما هي ردّ على احدى الفرق المخالفة لها من الشيعة والخوارج والمرجئة والجهمية والمعتزلة ، ولقد تشكّلت عقيدة اهل السنّة بردّ الفرق «الضالّة» التي لم تسمّ «ضالّة» الا بعد غلبة اصحاب السنّة والجماعة» (Philologika ٢ / ٢٥٢).

واما مصنفات المعتزلة فقد ضاع اكثرها ، ولذا يضطرّ الباحث عنها الى استنباط مقالاتهم من كتب المجادلة لهم والردّ عليهم ومن الكتب التي ألّفها علماء السنّة في مقالات الفرق الاسلامية.

٧

وقد تبيّنت مما قلنا قيمة كتاب «البحر الزخّار» لابن المرتضى الذي نشرنا قسما منه في هذا الكتاب ، فانه مصدر معتزلي اصيل يعوّل عليه وإن كان متأخّرا في الزمان ، لأن مؤلّفه ينقل عن مصادر غنيّة قديمة ضاع كلها او اكثرها.

والمؤلّف هو احمد بن يحيى بن المرتضى المهدي لدين الله من أئمّة الزيدية ، ولد سنة ٧٦٤ / ١٣٦٣ بأنيس وولي الامامة مدّة قصيرة (٧٩٣ ـ ٧٩٤ ه‍) وتوفّي بظفار سنة ٨٤٠ / ١٤٣٧. توجد اخباره واخبار الفتنة التي أسر فيها وانتهت بهلاكه في سيرته المفصّلة التي أوردها الحسني القاسمي في كتابه الموسوم ب «تتمة الافادة» (مخطوطة برلين [Berlin] رقم ٩٦٦٥ ورقة ٧٠ آ ـ ٧٥ آ) وكذلك توجد اخباره في «البدر الطالع» للشوكاني ج ١ ، ص ١٢٢ ـ ١٢٦.

وكتاب طبقات المعتزلة الذي ننشره الآن هو جزء من كتاب اسمه «كتاب المنية والامل في شرح كتاب الملل والنحل» وهذا الكتاب اوّل قسم من مصنّف كبير سمّاه مؤلّفه «غايات الافكار ونهايات الانظار المحيطة بعجائب البحر الزخّار» جمع فيه عدة من كتب مختلفة الاسماء هي كلها شروح لاجزاء مصنّف كبير آخر عنوانه «البحر الزخّار الجامع لمذاهب علماء الامصار».

ويعدّد ابن المرتضى الكتب التي يحتوي عليها كتاب «غايات الافكار» في ورقة ٢ ب من مخطوطة ج (جلاسر [Glaser]) وهي تسعة واسماؤها كما يلي :

(١) كتاب المنية والامل في شرح كتاب الملل والنحل

(٢) كتاب الدرر الفرائد في شرح كتاب القلائد في تصحيح العقائد

(٣) كتاب دامغ الاوهام في شرح كتاب رياضة الافهام في لطيف الكلام

(٤) كتاب منهاج الوصول الى تحقيق كتاب معيار العقول في علم الاصول

(٥) كتاب يواقيت السير في شرح سيرة سيد البشر واصحابه العشرة الغرر والائمة المنتخبين الزهر

٨

(٦) كتاب المستجاد في شرح الانتقاد للآيات المعتبرة في الاحكام والاجتهاد

(٧) كتاب عماد الاسلام في شرح حديث الاحكام المتضمّن لفقه ائمة الاسلام

(٨) كتاب الروضة النضيرة في شرح كتاب الدرّة المنيرة في الغرائب من فقه السيرة

(٩) كتاب شفاء الاسقام في شرح كتاب التكملة للاحكام والتصفية من بواطن الآثام.

ويسمّي ابن المرتضى كل واحد من تلك الكتب المشروحة بهذه الشروح «مختصرا» ويعدّد اسماءها أيضا ، والذي يورده المؤلف في تلك الشروح ليس تفسيرا لالفاظ الكتب المشروحة بل هو نوع من التوسيع والزيادات ، والمتن المشروح انما هو تعداد لاسماء الرجال ، مثال ذلك انه يذكر الطبقة العاشرة في المشروح هكذا : «العاشرة ابو علي بن خلّاد وابو عبد الله البصري وابو اسحاق ابن عيّاش والسيرافيان والاخشيذ والازرق وغيرهم» ، ولا توجد في المتن المشروح الطبقتان الحادية عشرة والثانية عشرة ، وكذلك لا يوجد فيه تعداد الفقهاء والمعتزليين الذي يتقدّم طبقات المعتزلة في الشرح.

ورأينا ان نقدّم قبل البحث عن طبقات المعتزلة نفسها ومصادرها ذكر ما يحتوي عليه كتاب المنية والامل الذي طبقات المعتزلة جزء منه (نقلا من مخطوطة ج) : في ورقة ١ آ اسم الكتاب واسم مؤلّفه ، وفي ورقة ٢ آ يوضح المؤلّف غرض الكتاب ومقصده من تأليفه ، يقول :

«ولما منّ الله جلّ جلاله بكمال ما اردناه من تأليف كتاب لطيف يتضمّن الاحاطة بعلوم الاسلام جميعها اصولها وفروعها واستقصاء الخلاف بين فرق الامّة واكابر الائمة وقواعدها التي بنيت عليها فروعها والسير والآيات والآثار التي منها منبعها وإليها رجوعها وبيان الملل الخارجة عن الايمان والردّ على ذوي الجهالات والطغيان واختصرنا ذلك على وجه بديع وسبيل منيع جمعنا فيه الصادر

٩

منها والوارد والآهل والشارد فصار على اكتناز حجمه واقتصار نطمه كافلا باستيعاب ما تضمّنته بسائط المصنّفات في الفنون وافيا بما كان من تفريعاتها وما يكون بحيث لو عارضت به كل بسيط منها ووجيز وجدته اجمع منها للفوائد واقرب سمكا لملتقط الفرائد استخرنا الله سبحانه وحاولنا اظهار محاسنه وتنقيح معادنه بشرح يعتمد من اراد التحقيق عليه ويردّ ما شذّ من الغرائب إليه ...»

ويلي هذا الفصل (ورقة ٤ آ) شرح انواع العلوم ، من علم العربية (خمسة فنون) وعلم الكلام (أربعة) وعلم اصول الفقه (ثلاثة) وعلم (فروع) الفقه (ثلاثة) ويتبع ذلك (ورقة ٤ ب) بحث في علم العربية وفنون سائر العلوم ، ثم يبيّن (ورقة ٩ ب وبعدها) قيمة المختصرات ، ويلي ذلك (ورقة ١٤ آ) ذكر العلوم التي هي شرط في كمال الاجتهاد ، كمعرفة الكتاب العزيز ، والسنّة اي الاحاديث النبوية ، ثم المسائل التي تواتر الاجماع عليها ، وبعد ذلك يقول (ورقة ١٥ ب) ان العلوم الدينية لا تكفي للاجتهاد بل يجب تحصيل علوم العربية أيضا وهي «النحو واللغة والتصريف وعلم المعاني فهو قريب من اصول الفقه وقد قيل ان اصول الفقه مسلوخ منه ، فهذه هي علوم الاجتهاد ولا شرط في كماله سواها» ، ثم يقول : «واذا عرفت ان هذه هي علوم الاجتهاد لا غيرها عرفت انّ كتابنا هذا قد انتظم هذه العلوم الخمسة انتظاما شافيا اي جامعا لأطرافها من اقطارها وصار باستقصاء المعتبر منها زعيما اي كافلا وافيا بما كفل به».

ويقول (في ورقة ١٧ آ) : وقد اوردنا في كتابنا هذا علوما أخر ليست من شروط الاجتهاد اتّفاقا لكن لا يليق بمن يعدّ من علماء الامّة من عيون من أوتي الحكمة أن يهملها وهي كتاب الملل والنحل ، وكتاب رياضة الافهام في لطيف الكلام ، وتأريخ السيرة النبوية ، وغيرها» ، ويلي ذلك (ورقة ١٧ ب ـ ٤٣ ب) فصل يسمّيه «مقدّمة» يحتوي على تعداد الفقهاء يقول فيه المؤلّف : «وهذه مقدّمة تتضمّن شرح رموز استعملناها لمن يتكرّر ذكره من العلماء في اثناء الكتاب اختصارا في الخطّ وقد حقّقناها في نفس المشروح فلا

١٠

يحتاج الى إعادتها لكن ينبغي ان نقدّم مختصرا في ذكر طبقات الفقهاء يكون كالشرح لتلك الرموز الموضوعة ليسكن خاطر من استند الى قول واحد منهم او روايته ...».

ويلي هذا الفصل (ورقة ٤٣ ب ـ ٤٦ آ) فصل يعدّد فيه المؤلّف علماء الحديث وائمة النقل الذين قالوا بالعدل والتوحيد (انظر ص ١٣٣ ـ ص ١٤٠ من نصّ الكتاب). ويقول المؤلّف في اوله (ورقة ٤٦ آ) : «فهؤلاء من ائمة النقل للحديث النبوي هم القائلون بالعدل والتوحيد المبرءون من الملام والتفنيد قد عدّدناهم كما ترى فمن لم يشتهر بذلك منهم بيّنا من رواه عنه من ائمة السنّة ومن اشتهر به اشتهارا ظاهرا اطلقناه ، وفائدة ذكرهم بيان فضيلة هذا المذهب بالتزام الفضلاء المشهورين اياه ...».

ثم يبتدئ الشرح الاصلي لكتاب الملل والنحل ، وقد قدّم له المؤلّف بثلاثة فصول هي :

الفصل الاول : في تفسير هذه الالفاظ التي هي الكتاب والملل والنحل

الفصل الثاني : في بيان الغرض المقصود بعلم المذاهب

الفصل الثالث : في بيان ما ذكره العلماء في ذلك واسباب الضلال عن الحق.

وفي الفصل الثالث منها (٤٧ ب) يفيض المؤلّف في الحديث عن الاقوام المتمدّنة من العرب والهند والروم والفرس يعتمد في ذلك على «كتاب الاخبار» للجاحظ (بروكلمان [Brockelmann] التكملة ١ / ٢٤٢ وش. پله [Ch.Pellat] في مجلةArabica ج ٣ [١٩٥٦] ص ١٥٠) الذي نقل فيه كثيرا عن النظّام ، ويتبع ذلك (ورقة ٥٤ آ ـ ٦٤ ب) بيان الاديان والفرق المختلفة ، ويذكر فيه أولا الفرق الكافرة ويقسمها الى سبع طوائف :

(١) التجاهلية ، منهم السوفسطائية والعندية والسمنية (ورقة ٥٤ ب)

١١

(٢) الدهرية (ورقة ٥٥ آ)

(٣) الثنوية (ورقة ٥٦ ب(

(٤) الصابئة (ورقة ٥٩ ب)

(٥) المنجّمية (ورقة ٦٠ آ)

(٦) الوثنية (ورقة ٦٢ آ)

(٧) الكتابية (ورقة ٦٢ ب)

ثم يتبع ذلك ببيان الفرق الاسلامية (معتمدا في ذلك على «كتاب المقالات» لابي القاسم البلخي) وهي الشيعة والخوارج والمعتزلة والمرجئة والعامّة والحشوية.

ثم يأتي ببيان مفصّل للشيعة معتمدا في الاكثر على الحاكم النيسابوري ، ويلي ذلك ذكر ضرار بن عمرو (ورقة ٧٦ ب) وجههم بن صفوان والكرامية (٧٨ ب) والمرجئة (٧٩ آ) والحشوية (٧٩ ب) والعامّة (٨٢ آ) هم ، ويعتمد المؤلّف في كثير من ذلك على «كتاب الملل والنحل» للشهرستاني ، ويلي هذا التعداد ذكر طبقات المعتزلة (ورقة ٨٢ ب ـ ١١٦ ب) التي حقّقناها ، ثم يذكر من قال بالاعتزال من آل النبي والخلفاء والزهاد والشعراء (ص ١٢٠ ـ ص ١٣٢ من النص) ، ثم يعود الى بيان كر فرق المعتزلة بالتفصيل مع ذكر ما انفردت به كل واحدة منها من القول ، ويعتمد في ذلك في الاكثر على الشهرستاني ، ثم يتكلّم عن أيّ هذه الفرق تكون «الناجية» ويقول ان «الزيدية هي الفرقة الناجية» (١٢٩ آ) ؛ ودليله على هذا «ان المعتزلة وان اجمعت على العدل والتوحيد والقول بإمامة زيد وقع من بعضهم اعتقادات أخر تقتضي الهلكة» كقول ابي الهذيل في اهل الجنّة «وكذلك وقع من كثير منهم اعتقادات تحتمل الهلكة فهؤلاء ليسوا على صفة الزيدية في سلامة اعتقادهم من الشوائب المهلكة من الاعتقادات الدينية ... (١٢٩ ب) الا ترى ان كثيرا من الخوارج يقولون بالعدل والتوحيد

١٢

ولم يسلموا من شائب في اعتقادهم وكذلك بعض الرافضة وكذلك نقول في بعض المعتزلة» ، ثم يورد ادلّة اخرى على ان الزيدية هي الفرقة الناجية ويسرد اسماء المنسوبين إليها واحاديثهم ومقالاتهم وما اشبه ذلك.

والمصدر الرئيسي الذي ينقل عنه ابن المرتضى عند تعداده للطبقات هو «طبقات المعتزلة» لقاضي القضاة ابي الحسن عبد الجبّار بن محمد بن عبد الجبّار الهمذاني (بروكلمان [Brockelmann] التكملة ١ / ٣٤٣) الذي هو عند ابن المرتضى اوّل رجل من الطبقة الحادية عشرة ، وكان كتاب القاضي هذا يظنّ ضائعا حتى ظهرت مخطوطة له في اليمن ، وقد تفضّل بإخباري بذلك الاستاذان صلاح الدين المنجّد وآ. ديتريخ (A.Dietrich) ، وتوجد نسخة مصوّرة منه عند السيد فؤاد سيد بالقاهرة ، ولم أتمكّن من الاطلاع على ذلك المصدر الهامّ حتى الآن ولكنّي آمل ان تتاح لي فرصة للاستفادة حين انصرف الى ترجمة هذا الكتاب الى اللغة الالمانية ان شاء الله تعالى.

والمصنّف الثاني الذي اعتمد عليه ابن المرتضى هو المحدّث والمؤرّخ المشهور محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري ، نقل عنه الطبقتين الأخيرتين من المعتزلة ، ولا ادري أنقل شيئا عن كتابه الضائع المسمّى ب ـ «تأريخ نيسابور» أم لا ، ومن العلماء الذين يأخذ عنهم : ابو القاسم البلخي المعتزلي الكبير (بروكلمان [Brockelmann] التكملة ١ / ٣٤٣) وتكثر مقتبساته من كتابه المسمّى ب ـ «المقالات» ، ومنهم أيضا ابو الحسين الخيّاط صاحب كتاب «الانتصار» (بروكلمان التكملة ١ / ٧٠٤) ، الذي هو عند المؤلّف الرجل الثالث من الطبقة الثانية عشرة ، وهو صاحب كتاب «غرر الفوائد ودرر القلائد» المشهور الذي يظهر فيه مذهب الاعتزال ظهورا بارزا ؛ ثم منهم ابو الحسن بن فرزويه صاحب كتاب «المشايخ» وهو المعتزلي التاسع من الطبقة التاسعة ، ويكثر ذكر المؤلّف لكتاب «المصابيح»

١٣

لرجل اسمه محمد بن يزداذ ولا ادري هل هذا الرجل هو نفس أبي عبد الله محمد بن يزداذ بن سويد وزير المأمون الذي توفي سنة ٢٣٠ / ٨٤٤ ـ ٨٤٥ ، والذي ينسب إليه صاحب الفهرست (ص ١٢٤) كتابين كتاب رسائل وديوان شعر ، وينقل ابن المرتضى أيضا من كتاب «المعارف» لابن قتيبة وكتاب «الملل والنحل» للشهرستاني ثم من كتاب للجاحظ وكتاب للمرزباني لم يذكر اسميهما ، وينقل مرّتين من كتاب للاخشيذ لا يذكر اسمه ، ومرّة واحدة من كتاب «المشايخ» للغيلاني.

وقد تعذّر علينا إثبات شخصيات عدد من الرجال الذين ذكرهم ابن المرتضى ولا سيما في الطبقات الاخيرة ، وذلك لانه يذكر اسماءهم مختصرة ولعلهم كانوا معروفين مشهورين في زمانه.

واعتمدنا لتحقيق النصّ على المخطوطات الآتية :

ب ـ مخطوطة مكتبة المتحف البريطاني في لندن London) Or.) رقم ٣٩٣٧ (ورقة ٣٨ ب ـ ٥٥ آ و ٢١ آ ـ ٢٢ آ) ويوجد وصفها في فهرس ريو (Rieu) رقم ٤١٠ ، وهي ترجع الى القرن التاسع فيما يبدو

م ـ مخطوطة المكتبة نفسها المرقومة.Or ٢٧٧٣ المؤرخة في ١١١٠ (ورقة ١٦٧ آ ـ ٢٤٤ آ و ٩٥ آ ـ ١٠٠ آ) ، ويوجد وصفها في الفهرس نفسه رقم ٤١٤.

ج ـ مخطوطة المكتبة العمومية البروسية في برلين (Berlin) وهي مجموعة مخطوطات لجلاسر (Glaser) رقم ١٠٨ (ورقة ٨٢ ب ـ ١٢١ آ و ٤٣ ب ـ ٤٦ آ) وتأريخها ١٠٨١ ه‍ ، وصفها آلوردت (Ahlwardt) في فهرسه تحت رقم ٤٩٠٩

ل ـ المكتبة عينها مجموعة مخطوطات للندبرج (Landberg) رقم ٤٣٨ (ورقة ٥٣ ب ـ ٧٨ آ و ٢٩ آ ـ ٣٠ آ) كتبت حوالي سنة ١١٠٠ ه‍ ووصفها آلوردت (Ahlwardt) تحت رقم ٤٩٠٨.

١٤

س ـ مخطوطة مكتبة السلطان احمد الثالث في سراي طوپ قاپى رقم ١٨٦٨ (ورقة ٥٥ آ ـ ٧٧ ب) ، تأريخها ٩٦٧ ه‍ ، وصفها ه. ريتر (H.Ritter) في مقالته المسمّاة «PhilologikaIII­» في مجلة «الاسلام» (DerIslam) ٨١ ، ١٩٢٩ ص ٥٣.

وصرفنا النظر عن المخطوطات السائرة كمخطوطة المكتبة العامّة في پاتنا (Patna) المؤرخة في سنة ١٠٥٥ ه‍ (انظر كتاب المنية والامل تحقيق سير توماس آرنولد [SirThomasArnold] ص ٢) ومخطوطة مكتبة ليدن (Leiden) رقم ٢٣٠٢ (انظر فهرس لندبرج [Landberg] ص ١٦٢ رقم ٣٨٤)

وأخبرني الاستاذ آ. ديتريخ (A.Dietrich) بعد الفراغ من التحقيق ان السيد فؤاد سيد في القاهرة ذكر له ان عنده صورة شمسية من مخطوطة محفوظة في المكتبة المتوكلية في صنعاء تحت تسمية علم الكلام رقم ١١ ورقة ١ آ ـ ٨١ آ ، فرغ من كتابتها سنة ٨٩٥ ه‍. ولم اتمكّن من الاستفادة منها.

وراجعنا احيانا نسخة من كتاب «الملل والنحل» للمؤلّف المشروح المذكور آنفا محفوظة في المتحف البريطاني (Br.Museum) تحت رقم.Or ١٢٠٤ (ورقة ٨ ب ـ ١٠ آ) وهي مؤرخة في سنة ٨٥٣ ه‍ ، وقد رمزنا لها بالحرف ن ، ولكنّه قلّت الفائدة من هذه النسخة لشدّة اختصارها.

ولا يفوتني ان اشكر الذين ساعدوني في تحقيق نصّ هذا الكتاب ويسّروا عليّ طبعه شكرا خالصا وهم الاستاذ ه. ريتر (H.Ritter) والاستاذ ه. وير (H.Wehr) والاستاذ آ. ديتريخ (A.Dietrich) ناشر سلسلة النشرات الاسلامية.

استانبول في فبراير ١٩٦٠

سوسنّه ديفلد ـ قلزر

١٥