التّفسير - المقدمة

التّفسير - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٠٣

بسم الله الرّحمن الرّحيم

تفضل علينا العلامة المحقق الخبير جامع المعقول والمنقول سيدنا الأستاذ : الحاجّ السيّد محمّد حسين الطباطبائى التبريزى (مؤلف كتاب الميزان في تفسير القرآن) دامت بركاته العالية بتأليف مقدّمة موجزة حول الكتاب ومؤلّفه الجليل فجزاه الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء وها هي :

بسمه تعالى

اللهمّ لك الحمد بما أنعمت علينا بنبيّك نبى الرحمة محمّد الذي أرسلته بكتابك الكريم ، وبالطاهرين من أهل بيته الذين هديتنا بهم الى معارف كتابك ومعالم دينك ، ووفقتنا لاقتفاء آثارهم وتعاطى أخبارهم ، اللهمّ صلّ عليه وعليهم وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب

اما بعد : فان من البيّن اللائح الذي لا يرتاب فيه ذو ريب أن الكتاب الكريم هو الاساس القويم الذي تقوم عليه بنية الدين الحنيف ، وهو الروح السماوية التي بها حياة العلة البيضاء ، وأن النبيّ الكريم هو الذي خصّه الله ببيان ما أنزل الى الناس من ربهم وتعليمه كما قال عزّ من قائل : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ من ربهم) وقال : (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) وأن الطاهرين من أهل بيته هم الذين قارنهم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بكتاب الله فسماهما الثقلين ، وأوقفهم موقف البيان والتعليم ، وأمر بالتمسك بهم وأخذ الكتاب عنهم ؛ فهم الهداة يهدى الله بهم لنوره من يشاء ، وهم المعلّمون القائمون بتعليم ما فيه من حقائق المعارف وشرائع الدين.

١

وقد بعث الله رجالا من أولى النهى والبصيرة ، وذوى العلم والفضيلة على الاقتباس من مشكاة أنوارهم والاخذ والضبط لعلومهم وآثارهم ، وايداع ذخائرها في كتبهم وتنظيم شتاتها في تآليفهم ليذوق بذلك الغائب من منهل الشاهد ، ويرد به اللاحق مورد السابق.

وانّ من أحسن ما ورثناه من ذلك كتاب التفسير المنسوب الى شيخنا العيّاشيّ رحمه‌الله وهو الكتاب القيم الذي يقدمه النشر اليوم الى القراء الكرام.

فهو لعمرى أحسن كتاب الّف قديما في بابه ، وأوثق ما ورثناه من قدماء مشايخنا من كتب التفسير بالمأثور.

اما الكتاب فقد تلقاه علماء هذا الشأن منذ الّف الى يومنا هذا ـ ويقرب من احد عشر قرنا ـ بالقبول من غير أن يذكر بقدح او يغمض فيه بطرف.

واما مؤلّفه فهو الشيخ الجليل أبو النصر محمّد بن المسعود بن محمّد بن العياش التميمى الكوفيّ السمرقندى من اعيان علماء الشيعة ، وأساطين الحديث والتفسير بالرواية ممن عاش في أواخر القرن الثالث من الهجرة النبويّة.

أجمع كل من جاء بعده من أهل العلم على جلالة قدره وعلوّ منزلته وسعة فضله ، وأطراه علماء الرجال متسالمين على انه ثقة عين صدوق في حديثه من مشايخ الرواية يروى عنه أعيان المحدثين كشيخنا الكشّيّ صاحب الرجال وهو من تلامذته ، وشيخنا جعفر بن محمّد بن المسعود العيّاشيّ وهو ولده.

كان شيخنا المترجم عنه نشأ على مذهب أهل السنة ثمّ تشيّع فكان أحد أساطين العلم وأعيان الطائفة. اشتغل في حداثة من سنه بتحصيل العلم فلم يلبث كثيرا حتّى برع وتمهّر في شتّى العلوم ، وتضلّع في مختلفها كالفقه والحديث والطب والنجوم والقيافة وغيرها.

وكان (ره) ذا جدّ بليغ في تجديد ما اندرس من رسوم العلم ، ورفع ما عفى من قواعده ، فكانت داره مجمع رجال العلم والثقافة وطلاب الفضيلة كالمدرسة المملوءة بأهلها من محصل وباحث وكاتب ومقابل وناسخ حتّى قيل انه أنفق في سبيل العلم

٢

جميع ما كان عنده من مال وثروة بالغة وقد كان ورث من أبيه ثلث مائة ألف دينار ، وكان له مجلس مع العام ومجلس مع الخاص.

وفق رحمه‌الله لتأليفات جمة في مختلف العلوم والفنون ربما أنهميت الى مائتي كتاب أو أزيد ، وأشهرها ذكرا وأعرفها عند القوم تفسيره المعروف بتفسير العيّاشيّ في جزءين يروى عنه علماؤنا.

وقد أصيب الكتاب من جهتين إحداهما : أن جلّ رواياته كانت مسندة فاختصره بعض النسّاخ بحذف الأسانيد وذكر المتون فالنسخة الموجودة الآن مختصر التفسير ،

والثانية : ان الجزء الثاني منه صار مفقودا بعده حتّى أن أرباب التفاسير الروائية والمحدثين لم ينقلوا منه الا ما في جزئه الأول من الروايات كالبحرانيّ في تفسير البرهان والحويزى في نور الثقلين والكاشانى في الصافي والمجلسيّ في البحار.

نعم ربما يذكر فيما يذكر أن بعض خزائن الكتب من بلاد ايران الجنوبية يحتوي على الكتاب بجزئيه ولم يتحقّق ذلك ولا اهتدينا إليه بعد ، ونسأل الله عزّ اسمه أن يوفقنا للحصول عليه ونشره بتمامه انه سميع الدعاء قريب مجيب.

محمّد حسين الطباطبائى

آخر ذى القعدة ١٣٨٠

٣

بسم الله الرّحمن الرّحيم

اعتمدت في تصحيح الكتاب :

أولا : على نسخة مخطوطة عقيقة من مكتبة دانشكاه تهران وهي من جملة ما أهداه الأستاذ العلامة الحاج السيد محمّد المشتهر بمشكاة إلى تلك المكتبة من الكتب القيمة وقد توسط في إيصالها إلينا الأخ الأعز المفضال السيد محمود الزرندي دامت توفيقاته العالية.

وثانيا : على نسخة مصححة للفاضل الكامل الشيخ عبد الله الشاه ميرى التفرشي «نزيل طهران» وقد استنسخها بخطه من نسخة العلامة المحدث النوري رضوان الله عليه ، ثم سافر إلى المشهد الرضوي أرواحنا له الفداء وقابلها دامت توفيقاته مع نسخة المكتبة الرضوية سلام الله عليه.

وثالثا : الموسوعات الكبيرة والجوامع المتأخرة الناقلة عن الكتاب وإليك أسماء بعضها :

١ ـ كتاب تفسير البرهان (١) لمؤلفه العلامة المحدث المتبحر السيد هاشم التوبلي البحراني «ره» المتوفى سنة ١١٠٧ ـ ١١٠٩. وقد نقل (ره) تمام الكتاب إلا ما شذّ مما يحتمل سقطه من قلم النساخ ـ في مطاويه.

٢ ـ كتاب بحار الأنوار (٢) تأليف العلامة النحرير المحدث المولى محمّد باقر المجلسي (ره) المتوفى سنة ١١١١.

__________________

(١) المطبوع بطهران بالطبعة الحروفية سنة ١٣٧٥.

(٢) الطبع المعروف بالكمباني.

٤

٣ ـ كتاب الصافي في تفسير القرآن (١) لمؤلفه العارف المحقق المحدث محمّد بن المرتضى المدعو بالمحسن الملقب بالفيض الكاشاني المتوفى سنة ١٠٩١.

٤ ـ كتاب وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة (٢) لمؤلفه المحدث الشهير الشيخ محمّد بن الحسن الحر العاملي (ره) المتوفى سنة ١١٠٤.

٥ ـ كتاب إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات (٣) له (قده) أيضا.

٦ ـ كتاب مجمع البيان في تفسير القرآن (٤) لمؤلفه العلامة المحقق الأديب الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ره) المتوفى سنة ٥٤٨ وغير ذلك من كتب الحديث والتفسير على كثرتها.

وقد قابلنا أحاديث الكتاب مع ما نقل منه في هذه الكتب وذكرنا موارد الاختلاف ورقم صفحاتها في الذيل تتميما للفائدة. ولا تسأل أيها الأخ الكريم عما قاسينا في تصحيح الكتاب ومقابلته وتهذيبه من الكدّ والتعب إلى أن خرج من الطبع بهذه الصورة البهية فلله الحمد على هذا التوفيق العظيم.

ولا يسعني دون أن أقدم ثنائي العاطر إلى كل من وازرني وساعدني في هذا المشروع من الأصدقاء الكرام والعلماء العظام سيما الزميل الفاضل الشيخ حسين الدارابي المشتهر بالكرماني حيث ساعدني في مقابلة الكتاب مع كتابي البحار والبرهان وفقه الله تعالى لمرضاته ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وجميع إخواننا لخدمة الدين وإحياء آثار سيد المرسلين وأولاده الطاهرين المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

قم المشرفة : السيد هاشم الرسولي المحلاتي

١٢ ذي الحجة ١٣٨٠

__________________

(١) المطبوع بطهران في مجلدين في شعبان المعظم سنة ١٣٧٤.

(٢) المطبوع بتبريز سنة ١٣١٣.

(٣) المطبوع بقم في سبعة مجلدات سنة ١٣٧٩.

(٤) المطبوع بطهران بأفست من نسخة المطبوعة بصيدا سنة ١٣٧٩.

٥