آيات الأحكام

محمد بن علي الاسترابادي

آيات الأحكام

المؤلف:

محمد بن علي الاسترابادي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة المعراجي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٢

لهم ما أحبّوا لأنفسهم ، أو قال ذلك ضعيف الفهم أو منافق كما قد يشعر به قول ابن عباس «ناس» فخاطب الله المؤمنين بما فيه الردّ على المنافقين ، فغلّب الأحياء على الأموات في إضافة الايمان كما لا يخفى.

(إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ).

فلا يضيع أجورهم ، ولا يدع صلاحهم ، ولعلّه قدّم الرؤف وهو أبلغ في الرحمة محافظة على الفواصل.

الثالث (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ.) (١٤٤)

روى أنّ رسول الله صلّى مدّة مقامه بمكة إلى بيت المقدس ثلاث عشرة سنة وبعد مهاجرته إلى المدينة سبعة أشهر على ما رواه علىّ بن إبراهيم (١) ، وذكره جماعة ، قال الصدوق (٢) تسعة عشر شهرا ويؤيّده رواية ضعيفة في التهذيب (٣) فقالت اليهود تعييرا إنّ محمّدا تابع لنا يصلّى على قبلتنا ، فاغتمّ لذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان قد استشعر أنّه سيحوّل إلى الكعبة ، أو كان وعد ذلك كما قيل ، أو كان يحبّه ويترقّبه لأنه أقدم القبلتين ، وقبلة أبيه إبراهيم عليه‌السلام ، وادعى للعرب إلى الإسلام ، لأنها مفخرتهم ومزارهم ومطافهم ، فاشتدّ شوقه إلى ذلك مخالفة على اليهود ، وتميزا منهم ، وخرج في جوف الليل ينظر إلى آفاق السماء ينتظر من الله في ذلك أمرا.

وروي (٤) أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لجبرئيل : وددت أن يحوّلني الله إلى الكعبة ، فقال

__________________

(١) رواه على بن إبراهيم انظر البرهان ج ١ ص ١٥٨ والمجمع ج ١ ص ١ ص ٢٢٣ ومستدرك الوسائل ج ١ ص ١٩٧ وتفسير على بن إبراهيم ط إيران ١٣١٥ ص ٣٣.

(٢) انظر الوسائل ج ٣ ص ٢١٨ المسلسل ٥٢٠٨ والحديث مبسوط.

(٣) انظر الوسائل ج ٣ ص ٢١٥ المسلسل ٥١٩٧ وفي سند الحديث على بن الحسن الطاطري وابن أبي حمزة وحالهما معلوم لكل أحد ، وفيه ان التحويل كان بعد رجوع النبي (ص) عن بدر.

(٤) الدر المنثور ج ١ ص ١٤٢ أخرجه عن ابى داود في ناسخه.

١٤١

جبرئيل إنّما أنا عبد مثلك وأنت كريم على ربّك فأسأل فإنك عند الله عزوجل بمكان فعرج جبرئيل ، وجعل رسول الله يديم النظر إلى السماء رجاء أن ينزل جبرئيل لما يحبّ من أمر القبلة.

فلما أصبح وحضر وقت صلاة الظهر ، وقد صلّى منها ركعتين ، فنزل جبرئيل وأخذ بعضديه وحوّله إلى الكعبة ، وأنزل عليه (قَدْ نَرى) فصلّى الركعتين الأخيرتين إلى الكعبة.

فلا ريب في أن «قد» على أصله من التوقّع والتحقيق ، إنّما الكلام في أنّه هل بمجرّد ذلك من غير اعتبار تقليل ولا تكثير كما قاله الرضى أو قد أستعير بمناسبة التضادّ لاقتضاء المقام ، واستدعاء السياق كقوله «قد أترك القرن مصفرّا أنامله» كما ذهب إليه الكشاف (١) أو على أصله من التقليل في المضارع لقلّة وقوع المرئي من تقلب وجهه عليه‌السلام كما في الكنز ، وربما احتمل كونه على أصله ويستفاد التكثير كما في البيت أيضا على نحو ما ذكره الكشاف في (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) مع احتمال كلامه هنا أيضا فتأمل.

والرؤية منه تعالى علمه سبحانه بالمرئىّ ، وليس بآلة كما في حقّنا ، قيل : وقد يأتي لفظ المضارع للماضي كما قال (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ) أي قتلتم ، فلا يبعد أن يكون نرى كذلك هو ظاهر ما تلونا في سبب النزول.

ويمكن أن يقال إنما أتى بلفظ المضارع لأنه استجاب له حين توجّهه إلى السماء ، فلا يتوهّم من تأخير النزول تأخير الاستجابة ، بل ذلك لمصلحة.

(تَقَلُّبَ وَجْهِكَ) أي تردّد وجهك ، وتصرف نظرك في جهة السماء فتقدر جهة مضافا أو يراد بالسماء جهتها ، أو يقال التجوّز في النسبة ، ويحتمل كون في بمعنى إلى باعتبار تضمين النظر كما لا يخفى ، وإلّا فالظاهر أنه لا يكفى ، وفيه نوع تأمل.

(فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً) فلنعطينّك ، ولنمكّننّك من استقبالها من قولك ولّيته

__________________

(١) الكشاف ج ١ ص ٢٠٢ وفيه البيت وهو للهذلى وقيل لعبيد بن الأبرص واصفرار الأنامل كناية عن الموت.

١٤٢

كذا إذا جعلته واليا له ، أو فلنجعلنك تلي سمتها كذا في الكشاف ، (تَرْضاها) تحبّها وتميل إليها لأغراضك الصحيحة ، فلا يستلزم ذلك سخط بيت المقدس ، ولا سخط التوجه إليه كما هو الظاهر من سبب النزول ، وطعن اليهود ، والشطر النحو والجهة ، وقرأ ابيّ تلقاء المسجد الحرام (١) أي صاحب حرمة لا تهتك. في الكشاف : والنصب على الظرف أي اجعل تولية الوجه في جهته وسمته ، لانّ استقبال عين القبلة فيه حرج عظيم على البعيد ، وذكر المسجد الحرام دون الكعبة دليل على أنّ الواجب مراعاة الجهة دون العين وفيه أبحاث :

الف : إنّ النصب على الظرف سيما على ما فسّره مناف لما قدمه في قوله (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ) فتدبر.

ب : إنّ استقبال العين إذا كان بحسب الظنّ وما تيسّر من القرائن ، فلا نسلم أنّ فيه الحرج على البعيد ، بل الظاهر أنّه لا فرق حينئذ في ذلك بين كونها العين أو الجهة ، كيف لا والعلامات المعتمدة مشتركة بين الفريقين ، سيّما على ما قال صاحب التذكرة من أنّ الجهة نريد بها هنا ما يظنّ أنّه الكعبة حتّى لو ظنّ خروجها عنه لم يصحّ ، بل الظاهر حينئذ عدم الفرق أصلا ، وكون النزاع لفظيا فتأمل ، بل الاعتماد في ذلك على ظاهر النص نعم فيه من التوسيع والتسهيل ما لا يخفى.

ولعلّ الأولى أن يقال الجهة هنا سمت تدلّ أمارة شرعيّة على عدم خروج الكعبة عنه ، مع عدم اختصاص بعضه بها أو بمثلها ان تجزى ، وأما ما يقال إنّ سمت الكعبة أن يصل الخطّ الخارج من جبين المصلّي إلى الخطّ المارّ بالكعبة على استقامة بحيث يحصل قاعدتان أو أن يقع الكعبة فيما بين خطّين يلتقيان في الدماغ فيخرجان إلى العينين كساقي مثلّث ، فالبحث فيه طويل لا يناسب المقام (٢).

__________________

(١) نقله في الكشاف ج ١ ص ٢٠٢.

(٢) المشهور عند أصحابنا انه يستحب التياسر لأهل العراق وعليه روايات تجدها في الوسائل الباب ٤ من أبواب القبلة ج ٣ ص ٢٢١ و ٢٢٢ من المسلسل ٥٢١٨ الى ٥٢٢٠.

وقد أورد على ما في روض الجنان ص ١٩٩ العلامة السعيد سلطان العلماء المحققين

١٤٣

__________________

خواجه نصير الدين الطوسي رحمه‌الله عليه حين حضر بعض مجالس المحقق نجم الدين بن سعيد وجرى في درسه هذه المسئلة أورد على المحقق بما ملخصه انه ان كان الى القبلة فواجب والا فحرام

فأجابه المحقق أعلى الله مقامه ثم صنف رسالة في تحقيق الجواب والسؤال وبعثها اليه فاستحسنها العلامة حين وقف عليها وقد نقل الرسالة بتمامها ابن فهد الحلي قدس‌سره في المهذب ولما يطبع ولم أظفر في الكتب الفقهية المطبوعة طبع هذه الرسالة فأعجبني ان أنقلها بعينها هنا لتصير موردا لاستفادة الفقهاء الكرام والرسالة على ما في المهذب البارع :

بسم الله الرحمن الرحيم

جرى في أثناء فوائد المولى أفضل علماء الإسلام وأكمل فضلاء الأنام نصير الدنيا والدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي أيد الله بهمته العالية قواعد الدين ، ووطد أركانه ، ومهد بمباحثه السامية عقائد الايمان ، وشيد بنيانه ـ اشكالا على التياسر ، وحكايته الأمر بالتياسر لأهل العراق لا يتحقق معناه لان التياسر أمر إضافي لا يتحقق إلا بالإضافة الى صاحب يسار متوجه إلى جهة.

وحينئذ اما أن تكون الجهة محصله واما أن لا تكون ، ويلزم من الأول التياسر عما وجب التوجه اليه وهو خلاف مدلول الآية ومن الثاني عدم إمكان التياسر إذ تحققه موقوف على تحقق الجهة التي يتياسر عنها ثم يلزم مع تحقق هذا الاشكال تنزيل التياسر على التأويل أو التوقف فيه حتى يوضحه الدليل.

وهذا الاشكال مما لم تقع عليه الخواطر ولا تنبه له الأوائل ولا الأواخر ولا كشف عن مكنونه الغطاء ، لكن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء.

وفرض من يقف على فوائد هذا المولى الأعظم من علماء الأنام ، أن يبسطوا له يد الانقياد والاستسلام ، وأن يكون قصاراهم التقاط ما يصدر عنه من جواهر الكلام ، فإنها شفاء الأنفس وجلاء الافهام ، غير أنه ظاهر الله جلاله ولا أعدم أولياءه فضله وإفضاله سوغ لي الدخول في هذا الباب واذن لي أن أورد ما يخطر في الجواب ما يكون صوابا أو مقارنا للصواب ، فأقول ممتثلا لأمره مشتملا على ملابس صفحة وغفره.

انه ينبغي أن يتقدم ذلك مقدمة تشتمل على بحثين :

الأول لفقهائنا قولان أحدهما أن الكعبة قبلة لمن كان في الحرم ، ومن خرج عنه والتوجه إليها متعين على التقديرات فعلى هذا لا يتياسر أصلا ، والثاني أنها قبيلة لمن كان في

١٤٤

__________________

المسجد والمسجد قبلة لمن كان في الحرم ، والحرم قبلة لمن خرج عنه ، وتوجه هذا من الافاق ليس إلى الكعبة حتى أن استقبال الكعبة في الصف المتطاول متعذر ، لان عنده جهة كل واحد من المصلين غير جهة الآخر ، إذ لو خرج من وجه كل واحد منهم خط مواز للخط الخارج من وجه الآخر لخرج بعض تلك الخطوط عن ملاقاة الكعبة فحينئذ يسقط اعتبار الكعبة بانفرادها في الاستقبال ويعود الاستقبال مختصا باستقبال ما اتفق من الحرم

لا يقال هذا باطل لقوله تعالى (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ولأنه لو كان كذا لجاز لمن وقف على طرف الحرم في جهة الحل أن يعدل عن الكعبة إلى استقبال بعض الحرم لأنا نجيب عن الأول بأن المسجد قد يطلق على الحرم كما روى في تأويل قوله (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) وقد روى أنه كان في بيت أم هاني ، وهو خارج عن المسجد ولا نتكلم على التياسر المبنى على قول من يقول بذلك

ونجيب عن الثاني بأن استقبال جهة الكعبة متعين لمن يتيقنها ، وانما يقتصر على الحرم من تعذر عليه التيقن بجهتها ثم لو ضويقنا جاز أن يلتزم ذلك تمسكا بظاهر الرواية.

البحث الثاني : من شاهد الكعبة استقبل ما شاء منها ولا تياسر عليه ، وكذا من تيقن جهتها على التعيين ، أما من فقد القسمين فعليه البناء على العلامات المنصوبة للقبلة لكن محاذاة كل علامة من العلامات المنصوبة المختص بها من المصلى ليس يوجب محاذاة القبلة تحقيقا إذ قد يتوهم المحاذاة ويكون منحرفا عن السمت انحرافا خفيا خصوصا عند مقابلة الشيء الصغير

إذا تقرر ذلك رجعنا إلى الإشكال أما كون التياسر أمرا إضافيا لا يتحقق الا بالمضاف فلا ريب فيه وأما كون الجهة أما محصلة أو غير محصلة فالوجه انها محصلة وبيان ذلك أن الشرع نصب علامات أوجب محاذاة كل واحد منها بشيء من أعضاء المصلى بحيث تكون الجهة المقابلة لوجهه حال محاذاة تلك العلامة هي جهة الاستقبال فالتياسر حينئذ يكون عن تلك الجهة المقابلة لوجه المصلى

واما أنه إذا كانت محصلة كانت هي جهة الكعبة والانحراف عنها يزيل التوجه إليها فالجواب عنه أنا قد بينا أن الفرض هو استقبال الحرم لا نفس الكعبة فإن العلائم قد يحصل الخلل في مسامتتها فالتياسر حينئذ استظهار في مقابلة الحرم الذي يحب التوجه إليه في كلا

١٤٥

__________________

حالتي الاستقبال والتياسر يكون متوجها الى القبلة المأمور بها.

أما في حال الاستقبال فلأنها جهة الاجزاء من حيث هو محاذ جهة من جهات الحرم تغليبا مستندا الى الشرع واما في حال التياسر فلتحققه محاذاة جهة الحرم ولهذا تحقق الاستحباب في طرفه لحصول الاستظهار به

ان قيل هنا إيرادات ثلاثة :

الأول النصوص خالية عن هذا التعيين فمن أين صرتم اليه

الثاني ما الحكم في التياسر عن جهة التي نصب العلائم عليها فان قلتم لأجل تفاوت مقدار الحرم عن يمين الكعبة ويسارها قلنا ان أريد بالتياسر وسط الحرم فحينئذ يخرج المصلى عن جهة الكعبة تعينا وان أريد تياسر لا يخرج عن سمت الكعبة فحينئذ يكون ذلك قبلة حقيقة ثم لا يكون بينه وبين التيامن اليسير فرق

الثالث الجهة المشار إليها ان كان استقبالها واجبا لم يجز العدول عنها والتياسر عدول فلا تكون مأمورا به

قلنا أما الجواب عن الأول فإنه وان كانت النصوص خالية عن تعيين الجهة نطقا فإنها غير خالية من التنبيه عليها إذ لم يثبت وجوب استقبال الجهة التي دلت عليها العلائم وثبت الأمر بالتياسر بمعنى أنه عن السمت المدلول عليه.

وعن الثاني بالتفصي عن إبانة الحكمة في التياسر فإنه غير لازم في كل موضع بل غير ممكن في كل تكليف ، ومن شأن الفقيه تلقى الحكم مهما صح المستند.

أو نقول اما أن يكون الأمر بالتياسر ثابتا واما أن لا يكون فان كان لزم الامتثال تلقيا عن صاحب الشرع وان لم نعط العلة الموجبة للتشريع وان لم يكن ثابتا فلا حكم.

ويمكن أن نتكلف ابانة الحكمة بأن نقول :

لما كانت الحكمة متعلقة باستقبال الحرم وكان المستقبل من أهل الافاق قد تخرج من الاستناد الى العلامات عن سمته بان يكون منحرفا الى اليمين وقدر الحرم بشبر عن يمين الكعبة فلو اقتصر على ما يظن أنه جهة الاستقبال أمكن أن يكون مائلا إلى جهة اليمين فيخرج عن الحرم وهو يظن استقباله أو محاذاة العلائم على الوجه المحرر قد يخفى على المهندس الماهر فيكون التياسر يسيرا عن سمت العلائم مفضيا الى سمت المحاذاة

١٤٦

أما قوله استقبال عين القبلة وإن خالف المشهور من أنّ قبلة البعيد هي الجهة أو العين لكن لا بأس به تنبيها على أنّ القبلة في الحقيقة والقصد هي الكعبة كما لا لا يخفى.

ج ـ إنّ ذكر المسجد الحرام دون الكعبة مع إرادتها به ؛ تسمية للجزء الأشرف باسم الكلّ ، مع كونها في محلّ التأمل ، لما روي من أنّ أشرف بقاع الأرض ما بين الركن والمقام والباب ، محلّ نظر لجواز أن يكون ذلك لأنّ عنوان المسجد أنسب باستحقاق التعظيم والتكريم وأقرب إليه من عنوان البيت والكعبة. على أنّ البيت بنفسه مسجد أيضا ، فلا يجوز ، والحرام صفة له كما في قوله تعالى «الْبَيْتَ الْحَرامَ» وتسمية أجزاء المسجد مسجدا شائع أيضا ، ولا ريب أنّ هذه الفائدة أظهر مع كونها مقرونة بالحصول قطعا بخلاف ما ذكر.

__________________

ويشهد لهذا التأويل ما روى عن ابى عبد الله (ع) وقد سئل عن سبب التحريف عن القبلة ذات اليسار فقال ان الحرم عن يسار الكعبة ثمانية أميال وعن يمينها أربعة أميال فإذا انحرف ذات اليمين خرج عن حد القبلة وإذا انحرف ذات اليسار لم يكن خارجا عن حد القبلة

وهذا الحديث يؤذن بأن المقابلة قد يحصل معها احتمال الانحراف

وأما الجواب عن الثالث فقد مر في أثناء البحث ، وهذا كله مبني على أن استقبال أهل العراق الى الحرم لا إلى الكعبة وليس ذلك بمعتمد بل الوجه الاستقبال إلى جهة الكعبة إذا علمت أو غلب الظن مع عدم الطريق الى العلم سواء كان في المسجد أو خارجه فيسقط حينئذ اعتبار التياسر والتعويل في استقبال الحرم انما هو على اخبار آحاد وبتقدير أن يجمع جامع بين هذا المذهب وبين التياسر فكون ورود الاشكال عليه أتم وبالله العصمة والتوفيق انه ولى الإجابة

هذا آخر رسالة المحقق قدس‌سره

قال ابن فهد في المهذب البارع (وعندي منه نسخة خطية) واعلم أن غير المصنف أجاب عن هذا الاشكال بمنع الحصر لان حاصل السؤال أن التياسر اما الى القبلة فيكون واجبا لا مستحبا واما عنها فيكون حراما ، والجواب منع الحصر ، بل نقول التياسر شرفها وجاز اختصاص بعض جهات الحرم بمزيد الفضيلة على بعض أو حصول الاستظهار بالتوسط بسب الانحراف ، انتهى ما في المهذب البارع.

١٤٧

إن قيل المراد ذكر شطر المسجد الحرام دون شطر الكعبة ، مع أنّ المراد شطرها فان ذلك لعدم الفرق والتميز بينهما بالنسبة إلى البعيد.

قلنا ذلك بإرادة الكعبة بالمسجد أم؟؟؟ هو الذي قدّمنا ، وبإرادة ما هو المعروف به يقدح فيه قيام ما تقدّم من الاحتمال وعدم ظهور قائل به ، وأنّ الظاهر الاتّفاق على خلافه.

على أنا لا نسلّم عدم الفرق والتميز بالنسبة الى كلّ بعيد ، فان كلّ من يتعذر أو يتعسر عليه مشاهدة الكعبة أو تحصيل عينها قطعا للبعد ، لا يجب أن يعتبر عليه مثلا تحصيل خطّ يخص المسجد دون الكعبة ظنا كما لا يخفى ، ولا نسلم أيضا اختصاص الحكم بالبعيد بل هو أعم كما يأتي.

د : قد ذهب جماعة من الخاصّة والعامّة إلى أن قبلة الآفاقي النائي هو الحرم لروايات ، وفي المجمع أنّ أبا إسحاق الثعلبي ذكر ذلك في كتابه عن ابن عباس وحينئذ فالمراد بالمسجد الحرام الحرم كما قيل في قوله (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) لإحاطته بالمسجد والتباسه به.

وعن ابن عبّاس الحرم كلّه مسجد ، وعن عطا في قوله تعالى (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) أنّ المراد بالمسجد الحرام الحرم ، وذكر الراونديّ عنه في الآية أيضا القول بأنّ الحرم كلّه مسجد ، وعلى هذا فترجيح حمل المسجد الحرام على الكعبة على حمله على الحرم تسمية للكلّ باسم أشرف الاجزاء ترغيبا وتشريفا أو لكونه في حكم المسجد لحرمته كما يقتضيه كونه حرما أو لكونه مسجدا حقيقة ، وثبوت وصف الحرام مع تأييد ذلك بالروايات ، وموافقة أقوال المفسّرين في غير هذا المقام ، أيضا محلّ نظر على ما قرّره الكشاف ، نعم في سند الروايات ضعف ، مع كونه خلاف الظاهر فتأمل.

وأما على ما قرّرنا فلا يبعد كونه حقيقة والّا فمجاز شائع ، على أنّه أوفق وأنسب بعموم قوله (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ) كما لا يخفى.

ه : أنه تعالى خصّ الرسول بالخطاب أولا تعظيما له ، وإيجابا لرغبته ، ثمّ

١٤٨

عمّم تصريحا بعموم الحكم وتأكيدا لأمر القبلة ، وتحضيضا للأمّة على المتابعة ، فقال (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) ولا ريب في اتّحاد المراد بالشطر في الخطابين وأنّ الظاهر العموم وشمول القريب والبعيد ، وأنه يصدق على المشاهد للعين المتوجّه إليها أنه مولّ وجهه شطرها ونحوها ، فلا يكون معنى الشطر ما يخصّ البعيد ، بل يعمّ القريب أيضا ، فلا يلزم كون قبلة البعيد الجهة دون العين فليتأمل فيه.

ثمّ لا يخفى تعاضد هذه الأبحاث ، وتقوّى بعضها ببعض ، فلا تغفل.

واعلم أنّه لا خلاف أنّ هذا الأمر على التحتّم دون التخيير ، وما في الكنز من أنه قيل بأنه على التخيير أظنّه وهما نعم ذكر الراونديّ عن الربيع أنّ التوجه الى البيت المقدس قبل نسخه كان فرضا على التخيير وهو أيضا وهم عن الربيع ، وعن ابن عباس هو أوّل نسخ وقع في القرآن ، وهو يؤيّد ما قدّمنا أنه بعد الهجرة بسبعة أشهر لا سبعة عشر أو ستّة عشر كما هو المشهور عند الجمهور ، أو تسعة عشر كما هو قول ابن بابويه.

قيل هو نسخ للسنّة بالكتاب ، لأنّه ليس في القرآن أمر بالتوجّه إلى الصخرة وعن قتادة نسخت هذه الآية ما قبلها ، وهو غير ظاهر ، وقيل انّها نسخت قوله (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) وهو وهم ويأتي أنه ليس بمنسوخ.

ومن الأقوال النادرة القول بأنه يجب التوجّه الى الميزاب وقصده ، وهو باطل على الإطلاق ، لأنه خلاف القرآن والإجماع ، وفي المجمع وذكر أبو إسحاق الثعلبي (١) عن ابن عباس أنّه قال : البيت كلّه قبلة وقبلة البيت كلّه الباب ، والبيت قبلة أهل المسجد ، والمسجد قبلة أهل الحرم ، والحرم قبلة أهل الأرض ، وهذا موافق لما قاله أصحابنا أنّ الحرم قبلة من نأى عن الحرم من أهل الآفاق انتهى.

كون الباب قبلة البيت كلّه غير مطابق لما رأيت من كلام أصحابنا ، بل للأدلّة أيضا ، والمشهور أنه يستقبل أي جدرانه شاء وفي المعتبر وهو اتّفاق العلماء وقريب منه

__________________

(١) المجمع ج ١ ص ٢٢٧

١٤٩

ما في التذكرة ، نعم في الفقيه أنّ أفضل ذلك أن تقف بين العمودين على البلاطة الحمراء تستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود ، فإن أراد ذلك والّا فغير واضح أو الإسناد إليه غير صحيح.

وأما أنّ البيت قبلة لأهل المسجد ، والمسجد لأهل الحرم ، والحرم لأهل الأرض ، فقد ذهب اليه الشيخان وجماعة ومن العامّة مالك وأصحابه لروايات من طرقنا وطرقهم إلّا أنّ في إسنادها ضعفا ، وهو خلاف ظاهر القرآن حيث قال سبحانه (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) ودعوى الإجماع غير مسموع لشهرة الخلاف.

ثمّ قوله «لما قاله أصحابنا» يريد به هؤلاء القائلين دون جميع الأصحاب ، أو زعم كالشيخ أنه إجماع وهو بعيد جدا ، وأما قوله «من نأى عن الحرم» فكذا في التذكرة أيضا لأنّ الأشهر من خرج عنه فليتأمل.

واعلم أنّ الظاهر أنّ أمر القبلة واسع جدا فيه قناعة بأدنى التوجّه المناسب بجهة البيت ، مع عدم تيسر الأتمّ من ذلك ، لا كما قيل من أنّه لا بدّ من حصول زاويتين قائمتين أو نحو ذلك ، إذ لم يبين الشارع علامة لكلّ بلد بل لبلد ، فانّا لا نعرف في ذلك إلّا ما روي في الضعيف (١) عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال «سئلته عن القبلة قال ضع الجدي على قفاك وصلّ ، وما في الفقيه مرفوعا (٢) قال رجل للصادق عليه‌السلام إنّى أكون في السفر ولا أهتدي إلي القبلة باللّيل ، فقال : أتعرف الكوكب الذي يقال له جدي؟ قلت نعم ، قال اجعله على يمينك ، وإذا كنت في طريق الحجّ فاجعله بين كتفيك.

__________________

(١) التهذيب ج ٢ ص ٤٥ الرقم ١٤٣ والسند الطاطري عن جعفر بن سماعة عن علاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أحدهما وحال الطاطري وجعفر بن سماعه معلوم عند كل عالم بالرجال فالحديث ضعيف كما افاده المصنف

(٢) الفقيه ج ١ ص ١٨١ الرقم ٨٦٠ وترى الحديثين مع أحاديث أخر في الباب ٥ من أبواب القبلة ج ٣ ص ٢٢٢ من المسلسل ٥٢٢١ الى المسلسل ٥٢٢٤ وانظر أيضا تعاليقنا على مسالك الافهام ج ١ ص ١٦٥ ثم الصحيح في ضبط الكلمة كما عن الحلي في السرائر فتح الجيم وسكون الدال المهملة وعن المغرب ان المنجمين يصغرونه فرقا بينه وبين البرج.

١٥٠

وهما مع ما في سندهما في غاية الإجمال ، فالظاهر الاعتماد على ما هو المشهور المعروف فيما بين الناس بحسب ما يتداولون في توجّهاتهم إلى الجهات من النجوم ، والمشرق والمغرب ونحوها ، من قرائن الأحوال ، كما هو ظاهر كثير من الأخبار أيضا مثل ما بين المشرق والمغرب قبلة (١).

ويجزى التحرّي أبدا ما لم يعلم أين وجه القبلة وأنّه ينحرف إلى القبلة في الصلاة ما لم يستدبرها ونحوها وأمّا الاعتماد على المعلوم من قوانين الهيئة ، فلا بحث في جوازه ، ولو ظنّ أنّ ظاهره الانتهاء إلى قول بعض الحكماء الذي لا يعلم إسلامه فضلا عن عدالته وعدم إفادتها العلم بالعين ولو قيل بالجزم ، وأما وجوب الرجوع إليها على عامّة المكلفين أكثر ممّا قدّمنا ، ومعرفة الدائرة الهنديّة ونحوه ، فلا دليل عليه وينفيه الأصل ، ولزوم الحرج ، وظاهر بعض الأخبار ، فلا يبعد كون ذلك إجماعا فإنّه يبعد ذهاب أحد إلى ذلك مع عدم ذكره قولا في شيء من الكتب المشهورة والله أعلم.

(وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) قيل هم اليهود عن السدّي ، ويحتمل عموم النصارى وقيل : هم أحبار اليهود وعلماء النصارى ، لأنّهم جماعة قليلة يجوز على مثلهم إظهار خلاف ما يبطنون ، وأما الجمع الكثير فلا ، للعادة باختلاف الدواعي (لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ) أي تحويل القبلة أو التوجّه إلى الكعبة (الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) قيل لعلمهم جملة أن كلّ شريعة لا بدّ لها من قبلة وتفصيلا لتضمّن كتبهم أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلّى إلى القبلتين ، لكنّهم لا يعترفون لشدّة عنادهم (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) بالياء وعيد لأهل الكتاب ، وبالتاء وعد لهذه الأمّة ، أو وعد ووعيد مطلقا تأمّل.

الرابع (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (البقرة : ١١٥)

أي مجموع ما في جهة الشرق والغرب من الأرض والبلاد لله هو مالكها ، ففي أيّ مكان فعلتم التولية أي تولية وجوهكم شطر القبلة بدليل قوله (فَوَلِّ وَجْهَكَ

__________________

(١) انظر الوسائل الباب ١٠ من أبواب القبلة وخلال سائر أبوابها وجامع أحاديث الشيعة الباب ٨ من أبواب القبلة وخلال سائر أبوابها ومن طرق أهل السنة سنن البيهقي ج ٦ ص ٩ وخلال سائر الصفحات.

١٥١

شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» ، فثمّ جهة الّتي أمر بها ورضيها ، والمعنى أنكم إذا منعتم أن تصلّوا في المسجد الحرام أو في بيت المقدس ، فقد جعلنا لكم الأرض مسجدا فصلّوا في أيّ بقعة شئتم من بقاعها ، وافعلوا التولية فيها ، فإنّ التولية لا يختصّ بمسجد ولا مكان.

هذا عليه اعتماد الكشاف نظرا الى ما قبله من قوله (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ) الاية وكذا القاضي والجوامع (١) لكنّه لم يذكر احتمال بيت المقدس هنا ، وكأنّه استضعافا له ، واعتمادا على ما تقدّم وزاد القاضي احتمال أن يراد بوجه الله ذاته ، وهو بأن يكون وجه صلة لا كما في (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) يعنى فثمّ الله يرى ويعلم كما في المعالم ، وفيه أيضا : وقيل : رضي الله ، هذا.

وفي المجمع (٢) قيل : نزلت في التطوّع على الراحلة حيث توجّهت حال السفر وهذا مرويّ عن أئمتنا عليهم‌السلام انتهى ، ورواه مسلم والترمذيّ عن عبد الله بن عمر (٣) وإليه نسب المعالم والكشّاف أيضا إلّا أنه لم يعتدّ بالتطوع ، ولعلّه مراده وفي الجوامع لم يعتدّ بحال السفر قال : وهو عنهم عليه‌السلام ، ونحوه في التذكرة عن أبى عبد الله عليه‌السلام وفي الكنز (٤) كالأوّل عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام.

وفي المعتبر : وقد استفاض النقل أنّها في النافلة ثم في المجمع : روى عن جابر (٥)

__________________

(١) انظر الكشاف ج ١ ص ١٨٠ والبيضاوي ج ١ ص ١٨٢ ط مصطفى محمد

(٢) المجمع ج ١ ص ١٩١.

(٣) وأخرجه في الدر المنثور ج ١ ص ١٠٩ عن ابن أبي شيبة وعبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر والنحاس في ناسخه والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عمر قال كان النبي (ص) يصلى على راحلته تطوعا أينما توجهت به ثم قرء ابن عمر هذه الآية (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) وقال ابن عمر في هذا نزلت الآية.

(٤) انظر كنز العرفان ج ١ ص ٩٠ وانظر أيضا العياشي ج ١ ص ٥٦ وص ٥٧ والباب ١٥ من أبواب القبلة من الوسائل ج ٣ ص ٢٤٢ وص ٢٤٣ من الرقم ٥٣١٠ الى ٥٣١٥.

(٥) المجمع ج ١ ص ١٩١ وأخرجه في الدر المنثور أيضا ج ١ ص ١٠٩ عن الدارقطني وابن مردويه والبيهقي عن جابر بن عبد الله.

١٥٢

أنّه قال : بعث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله سريّة كنت فيها وأصابتنا ظلمة ، فلم نعرف القبلة ، فقال طائفة منّا قد عرفنا القبلة هي هنا ، قبل الشمال ، فصّلوا وخطّوا خطوطا ، وقال بعضنا القبلة هي هنا قبل الجنوب ، فخطّوا خطوطا ، فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط بغير القبلة ، فلما رجعنا من سفرنا سألني النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك؟؟؟ فأنزل الله هذه الآية انتهى.

وفي المعالم قال ابن عباس : خرج نفر من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في سفر فذكر قريبا ممّا تقدّم ، وفي الجامع (١) عامر ابن ربيعة عن أبيه قال كنّا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في سفر في ليلة مظلمة ، فلم ندر أين القبلة ، فصلى كلّ رجل منا على حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنزلت (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) أخرجه الترمذيّ.

وفي التهذيب أيضا رواية (٢) ظاهرها أنّها في الخطإ في القبلة في الفريضة إلّا أنّ فيها ضعفا سندا ومتنا ، ونقل في المعتبر (٣) عنهم الطعن في رواية جابر ، بأنّه رواها محمّد بن سالم ومحمّد بن عبد الله العرزميّ عن عطاء عن جابر وهما ضعيفان ، وفي رواية عامر بأنّه من

__________________

(١) انظر القرطبي ج ٢ ص ٨٠ وتحفة الاحوذى ج ١ ص ٢٨٠ مع بيان ضعف الحديث وأخرجه في الدر المنثور ج ١ ص ١٠٩ عن أبى داود الطيالسي وعبد بن حميد والترمذي وضعفه وابن ماجة وابن جرير وابن أبى حاتم والعقيلي وضعفه والدارقطني وابى نعيم في الحلية والبيهقي في سننه عن عامر بن ربيعة.

ثم المذكور في نسختنا المخطوطة عامر بن ربيعة عن أبيه ومثله في المعتبر والموجود في الترمذي وجامع القرطبي والدر المنثور أن الراوي هو عامر بن ربيعة وهو على ما في تحفة الاحوذى عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك العنزي كان من المهاجرين الأولين أسلم قبل عمر فلعل كلمة عن أبيه في النسخة وفي المعتبر من سهو الناسخين.

(٢) انظر ج ٣ ص ٢٣٠ المسلسل ٥٣٥٧ من الوسائل ط الإسلامية وفي طريقه محمد بن الحصين يقول في حقه علماء الرجال كان ضعيفا ملعونا.

(٣) انظر المعتبر ط ١٣١٨ ص ١٤٦

١٥٣

من حديث أشعث وهو ضعيف ، وكيف كان فقد يقال بحملها على النافلة والفريضة في الجملة جمعا بين الروايات لإمكانه ، ومراعاة لعموم اللفظ ما أمكن.

قال في الكنز (١) اعلم أنّه مهما أمكن تكثير الفائدة مع بقاء اللفظ على عمومه كان أولى فعلى هذا يمكن أن يحتجّ بالاية في الفريضة على مسائل :

١ ـ صحّة صلاة الظانّ أو الناسي فيتبيّن خطأه وهو في الصلاة غير مستدبر ولا مشرّق ولا مغرّب فليتدبّر.

٢ ـ صلاة الظانّ فيتبين خطاؤه بعد فراغه ، وكان التوجّه بين المشرق والمغرب فتصحّ.

٣ ـ الصورة بحالها وكان صلاته الى المشرق والمغرب ، ويتبيّن بعد خروج الوقت.

٤ ـ المتحيّر الفاقد الأمارات يصلّى الى أربع جهات تصحّ صلاته.

كذا قال ، والحقّ أنها تدلّ على أنّ صلاته الى أيّ جهة شاء تجزى ولا يجب القضاء مع تبين الخطاء ، وان كان مستدبرا.

٥ ـ صحة صلاة شدّة الخوف حيث توجّه المصلى.

٦ ـ صحّة صلاة الماشي أيضا عند ضيق الوقت متوجّها الى غير القبلة.

كذا قال وكأنّ ضيق الوقت لا يحتاج إليه.

٧ ـ صحّة صلاة مريض لا يمكنه التوجّه بنفسه ولم يوجد غيره عنده يوجّهه.

وأما الاحتجاج بها على صحّة النافلة حضرا ففيه نظر لمخالفته فعل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّه لم ينقل عنه فعل ذلك ولا أمره ولا تقريره ، فيكون إدخالا في الشرع ما ليس منه ، نعم يحتجّ بها على موضع الإجماع ، وهو حال السفر والحرب ويكون ذلك مخصّصا لعموم (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ) بما عدا ذلك ، وهو المطلوب انتهى.

واعلم أنه ذكر ـ وكذا الراوندي وغيرهما ـ عنهما عليهما‌السلام أنّ قوله (فَوَلِّ) في الفريضة ، وهذا في النافلة من غير تقييد ، وظاهر ذلك جواز النافلة إلى أينما كان التوجّه

__________________

(١) انظر كنز العرفان ج ١ ص ٩١.

١٥٤

لإطلاق قوله هذا في النافلة ، ولقوله هذا في الفريضة ، لأنّ الظاهر أنّه لا تدخل النافلة تحته حينئذ وأنّ غيرها من الآيات الدالّة على الوجوب في معنى ذلك.

على أنّ الآيات كلّها مطلق في إيجاب التوجّه إلى القبلة ، فإذا وجد محمل صحيح فالظاهر الخروج من العهدة به ، وأيضا لو عمّم الأمر بتولية الوجه النافلة مع كونها للوجوب ظاهرا ومطلقا كما ترى ، لزم استحقاق العقاب بتركه ، ولو بترك النافلة ، وأيضا الأصل عدم الوجوب ، وعدم الدليل مع عدم وضوح ما يدلّ على وجوبه فيها كما لا يخفى ، بل ربما كان في الروايات ما ينبئ عن الاستحباب دون الوجوب.

وعلى كلّ حال هذا البحث في النافلة اختيارا من غير أن يكون راكبا أو ماشيا ولو في غير سفر ، فان السفر قد دلّت على الجواز حينئذ ، وهذا العموم ظاهر المحقّق لقوله بالاستفاضة وبأنّ اللفظ على عمومه ، وفي التذكرة الأقرب وجوب الاستقبال في النافلة أيضا ، وبه قال الشافعيّ لمداومة النبيّ وأهل بيته عليهم‌السلام على ذلك.

فيقال عليه وعلى قول الكنز فإنّه لم ينقل إلخ أنّ المداومة لا توجب الوجوب ولا يستلزمه كما بيّن في الأصول على أنه قد نقل كون الآية مع عموم لفظها في النافلة حتّى قيل انّه قد استفيض مع موافقته للأصل فكيف يكون إدخالا في الشرع ما ليس منه.

ثمّ قوله نعم يحتجّ بها على موضع الإجماع إلخ لا يخفى أنّ فيه قطعا لفائدة دلالتها أو تقليلا لها ، نعم لا بأس بالاحتياط بأن لا يدفع به أقوى مما دلّ على كون الآية في النافلة ـ في النافلة ـ ومما دلّ على كونها في الفريضة ـ في الفريضة ـ وكيف يجوز الاقتصار على موضع الإجماع مع وضوح وجوب كونه مرجّحا في محل الخلاف لا أقلّ كما لا يخفى.

ثمّ فيما ذكره من المسائل ما ليس مجمعا عليه ، بل محلّ الخلاف مثل الناسي والثلاث الآتية بعدها ، هذا.

وفي الكشاف : وقيل معناه فأينما تولوا للدعاء والذكر ، ولم يرد الصلاة ، وفي المعالم قال مجاهد والحسن لما نزلت (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) قالوا أين

١٥٥

ندعوه؟ فأنزل الله الآية ، وقال أبو العالية لما صرفت القبلة قالت اليهود ليست لهم قبلة معلومة فتارة يصلّون هكذا وتارة هكذا ، فنزلت.

وفي القاضي (١) وقيل في هذه الآية توطئة لنسخ القبلة ، وتنزيه للمعبود أن يكون في حيّز وجهة ، وعلى هذه الأقوال ليست بمنسوخة كما لا يخفى ، وقيل : كان للمسلمين التوجّه في صلاتهم حيث شاءوا كما في المجمع ، أو من الصخرة والكعبة كما في الكنز وكتاب الراونديّ ثمّ نسخت بقوله (فَوَلِّ) الاية ولا شاهد له.

ثمّ لا يخفى أنّ التقدير على هذه الأقوال غير ما تقدّم عن الكشاف ولعلّه ينبغي أن يراد «وأينما تولّوا وجوهكم» ويمكن أن يقال إنه أقل تقديرا مما تقدم ، فتأمل.

وقال شيخنا المحقّق (٢) ويفهم من رواية جابر أنه لا تجب الصلاة حال الحيرة إلى أكثر من جانب واحد ، ويكفي الظنّ ، وإن لم يكن عن علامات شرعيّة ، وأنّ العلم قبل الفعل ليس بشرط ، بل إذا حصل الظنّ وفعل وكان موافقا لغرضه كان مجزيا لا يحتاج إلى الإعادة كما يفهم من عبارات الأصحاب.

وأما الحكم المستفاد من الآية بناء على الأوّل فهو إباحة الصلاة في أيّ مكان كان وعموم التوجه إلى المسجد الحرام ، وأما ما يستفاد من ظاهرها قبل التأمل ، فهو عدم اشتراط القبلة مطلقا ويقيّد بحال الضرورة أو النافلة على الراحلة سفرا لما مرّ ، أو غير ذلك ، ويحتمل عدم النافلة فتأمل.

(إِنَّ اللهَ واسِعٌ) باحاطته بالأشياء أو برحمته يريد التوسعة واليسر لعباده (عَلِيمٌ) بمصالحهم وأعمالهم في الأماكن كلّها ، وقد يفهم على الأوّل أنّهم لما منعوا وعدهم الله مزيد الثواب أفضل مما منعوا منه فتأمل.

المائدة [٩٧] : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ

__________________

(١) انظر البيضاوي ج ١ ص ١٨٢ وفي البيان لسماحة الآية الخوئي مد ظله من ص ١٩٩ الى ص ٢٠٠ بيان كاف في رد هذا النظر فراجع

(٢) انظر زبدة البيان ص ٦٩ ط المرتضوي.

١٥٦

وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ.)

البيت الحرام عطف بيان للكعبة (قِياماً لِلنَّاسِ) يستقيم به أمور دينهم ودنياهم لما يتمّ به من أمر حجّهم وعمرتهم وتجارتهم ، وأنواع منافعهم ، وجاء في الأثر أنّه لو ترك (١) عاما لم يحجّ إليه لم يناظروا ولم يؤخّروا ، ومعناه يهلكوا وهذا هو المشهور ، والظاهر ، وقال الراونديّ في بعض التفاسير أي جعل الله الكعبة ليقوم الناس في متعبّداتهم متوجّهين إليها قياما وعزما عليها.

وفي الكنز (٢) المعنى أنّ الله جعلها لتقويم الناس والتوجه إليها في متعبّداتهم ومعايشهم ، أما المتعبّدات فالصلاة إليها والطواف حولها ، والتوجّه إليها في ذبائحهم واحتضار موتاهم ، ودفنهم وغسلهم ودعائهم وقضاء أحكامهم ، وهنا قيل بالعكس ، وأما في معايشهم فأمنهم عندها من المخاوف وأذى الظالمين ، وتحصيل الرزق ، والاجتماع العامّ عندها بجملة الخلق الذي هو أحد أسباب انتظام معايشهم إلى غير ذلك من الفوائد.

(وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ) أي اقصدوا عبادته مستقيمين إليها غير عادلين إلى غيرها (عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) في كلّ وقت سجود أو في كلّ مكان سجود وهو الصلاة ، هذا معتمد الكشاف (٣) وزاد القاضي (٤) أو أقيموها إلى القبلة ، وفي المعالم عن مجاهد والسدّي يعنى وجوهكم حيث ما كنتم في الصلاة إلى الكعبة ، وعليه اعتمد القرطبيّ (٥) وحينئذ يدلّ ظاهرا

__________________

(١) انظر الوسائل ج ٧ الباب ٤ من أبواب وجوب الحج ص ١٣ و ١٤ ط الإسلامية ومستدرك الوسائل ص ٣ و ٤ وتفسير البرهان ج ١ ص ٥٠٦ وهو الموافق لما في وصية على عليه‌السلام للحسن والحسين لما ضربه ابن ملجم وفيه الله الله في بيت ربكم لا تخلوه فإنه ان ترك لم تناظروا.

(٢) انظر كنز العرفان ج ١ ص ٩٢.

(٣) الكشاف ج ٢ ص ٩٩.

(٤) البيضاوي ج ٢ ص ٢٢٣ ط مصطفى محمد ومثله في مسالك الافهام ج ١ ص ١٩١

(٥) القرطبي ج ٧ ص ١٧٧.

١٥٧

على وجوب الاستقبال في النافلة أيضا إلّا ما استثني ، وعن الضحّاك إذا حضرت الصلاة وأنتم عند مسجد فصلّوا فيه ولا يقولنّ أحدكم أصلّي في مسجدي.

[ولعلّ الأظهر أن يكون المراد وأقيموا نفوسكم أي اجعلوها مستقيمين كما أمر به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله (وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) فيحتمل أن يكون إشارة إلى اعتبار الايمان وعدم الفسق ، أو إلى التقوى ، وكأنه على التقديرين يستلزم الإخلاص وترك الرياء ، فما يأتي تصريح وتوضيح لما تقدّم ضمنا فتدبر].

(وَادْعُوهُ) واعبدوه (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)(١) أي الطاعة مبتغين وجهه خالصا ، ولو أريد بالدين الملّة أو الإسلام مع كونه غير واضح هنا ، ولم ينقل من أحد من المفسّرين ، أمكن أن يقال باستلزام اعتبار الإخلاص في العبادة أو الدعاء ، وأنه المتبادر فتدبّر ، وقد يحمل على ظاهره من الأمر بالدعاء فيدلّ على استحباب الدعاء في المساجد ، وقد يستخرج من الاية استحباب التحيّة على بعض الوجوه فتأمل.

__________________

(١) الأعراف : ٢٩.

١٥٨

النوع الاخر

(في مقدمات أخر للصلاة)

وفيه آيات :

الاولى (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً) (الأعراف : ٢٦) خلقناه لكم بتدبيرات (١) سماوية وأسباب نازلة منه ، ونظيره قوله تعالى (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ) وقوله (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) فنبّه على أنّ للأمور السماوية كالمطر دخلا في حصول اللباس وغيره أو إشارة إلى علوّ رتبته وجلال مرتبته تعالى ، فان منه إلينا نزول من العليا الى السفلى ، وفي الكشاف : جعل ما في الأرض من السماء لأنّه قضي ثمّ وكتب.

وفي الكنز لأنّ التأثير بسبب العلويّات أو عند مقابلاتها وملاقياتها على اختلاف الرأيين ، فليتأمل ، وقال القرطبيّ : وقيل ألهمناكم كيفية صنعته ، وقيل هذا الانزال إنزال شيء من اللباس مع آدم وحوّاء ليكون مثلا لغيره.

(يُوارِي سَوْآتِكُمْ) صفة لباسا أى يستر عوراتكم وكلّ ما يسوء كشفه منكم ، روي أنّ العرب (٢) كانوا يطوفون بالبيت عراة ويقولون : لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها فنزلت ، قال القاضي (٣) لعلّ ذكر قصّة آدم تقدمة لذلك حتّى يعلم أنّ انكشاف العورة أوّل سوء أصاب الإنسان من الشيطان ، وأنه أغويهم في ذلك كما أغوى أبويهم.

__________________

(١) الحق أن الإنزال في القرآن يستعمل كثيرا في إسداء النعمة من الخالق الى المخلوق ، تشبيها للعلو الرتبي بالعلو الحسي ومع هذا المعنى للإنزال يحل كل مشكل في كل مورد استعمل فيه كلمة الانزال ، مثل انزل القرآن وإنزال الحديد واللباس وغيره والله العالم ،

(٢) انظر المجمع ج ٢ ص ٤١٠ والدر المنثور ج ٣ ص ٧٥ الى ٧٨.

(٣) البيضاوي ج ٢ ص ٢٢٣ ط مصطفى محمد.

١٥٩

(وَرِيشاً)(١) عطف على لباسا ، وهو لباس الزينة ، أستعير من ريش الطير لأنّه لباسه وزينته ، فالأول ظاهره وجوب ستر العورة باللباس مطلقا ، فإنّ (يُوارِي سَوْآتِكُمْ) يومئ إلى قبح الكشف ، وأنّ الستر مراد الله تعالى ، وظاهر الثاني استحباب التجمّل باللباس ، ولا يبعد فهم أشراط كون اللباس مباحا ، لأنّ الله تعالى لا يمنّ بالحرام ، وقيل الريش بمعنى الجمال والزينة وأنّه اللباس الأوّل ، ويأتي ما يؤيّده في الآية الثانية ، فيمكن عطفه على (يُوارِي سَوْآتِكُمْ) ولو بتقدير.

وفي المعالم (وَرِيشاً) أي مالا في قول ابن عباس والكسائي ومجاهد والضحّاك والسدّي ، يقال تريّش الرجل إذا تموّل ، وقال القرطبيّ وقيل هو الخصب ورفاهية العيش ، والذي عليه أكثر أهل اللغة ، أنّ الريش ما يستر من لباس أو معيشة ، وقرئ «رياشا» (٢) وهو ـ جمع ريش (٣) كشعب وشعاب كما في القاضي والكشاف ، وعن الفرّاء أنهما واحد كلبس ولباس ، وفي الكنز ترجيحه بشهادة الجوهريّ. وبأنّ الجمع غير مراد هنا وفيه نظر.

(وَلِباسُ التَّقْوى) قيل خشية الله ، وقيل العمل الصالح ، وقيل ما علّمه الله وهدى

__________________

(١) قال في مقاييس اللغة ج ٢ ص ٤٦٦ الراء والياء والشين أصل واحد يدل على حسن الحال وما يكتسب الإنسان من خير فالريش الخير والرياش المال ورشت فلانا أريشه ريشا إذا قمت بمصلحة حاله.

(٢) انظر شواذ القرآن لابن خالويه ص ٤٣ وكنز العرفان ج ١ ص ٩٣ وروح المعاني ج ٨ ص ٩٠ والقرطبي ج ٧ ص ١٨٤ والدر المنثور ج ٣ ص ٧٦.

(٣) قال المؤلف قدس‌سره في هامش الأصل وفي إيجاز البيان : الريش ما يستر الرجل في معيشته وفي جسده ، وعن على (ع) أنه اشترى ثوبا بثلاثة دراهم وقال : الحمد لله الذي هذا من ريشه ، وفي القرطبي : وأنشد سيبويه :

فريشى منكم وهواي معكم

وان كانت زيارتكم لماما

وحكى أبو حاتم عن أبى عبيدة : «وهبت له دابة بريشها» أى بكسوتها وما عليها من اللباس. انتهى.

أقول : راجع في ذلك القرطبي ج ٧ ص ١٨٤.

١٦٠