إعراب القرآن - ج ٢

الزجّاج

إعراب القرآن - ج ٢

المؤلف:

الزجّاج


المحقق: ابراهيم الأبياري
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٧٦

/ و : (أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) (١) ، فإذا حذفت ، حيث لم يقع من حذفها عوض ، كان حذفها هنا أجدر ، لذكر «لو» ؛ فإذا كانت «لو» زائدة كان الفعل الواقع بعده في موضع المفعول ، كما كان «ألهو» فيما أنشده أبو زيد من قوله :

و قالوا ما تشاء فقلت ألهو

واقعا موقع المفعول ، وهو فعل مشابه له.

ويدل على زيادة «لو» فى هذا الموضع أنها تحذف بعد «وددت» فيقع الاسم بعده في موضع نصب.

فإذا صار دخولها وخروجها في المعنى واحدا كان كدخول «من» ونحوه ، فى نحو : ما جاءنى من أحد.

وذلك نحو قوله تعالى : (وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ) (٢). فهذا في المعنى كقوله : (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي) (٣) ، فهذا يدل على زيادة «لو».

فإن قلت : ما ننكر أن يكون الفعل معلّقا ، لأنه قد وقع بعده «أن» الثقيلة فى نحو : (وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ) (٤) ؛

__________________

(١) الزمر : ٦٤.

(٢) الأنفال : ٧.

(٣) المعارج : ١١.

٤١

كما وقعت بعد : «علمت أنّ زيدا منطلق». فإذا جعل بمنزلة «علمت» فى هذا جعل بمنزلته في التعليق.

فالقول : إن ذلك لا يوجب فيه التعليق ، ولو جاز التعليق فيه لما ذكرت لجاز أن يعلّق «سررت» لقول الأعشى :

هل سرّ حنقط أنّ القوم صالحهم

أبو حريث ولم يوجد لهم خلف

ويروى : «ولم يؤخذ». و «حنقط» امرأة ، ويقال : حنقط : امرأة أبى حريث ، وأبو حريث : رجل من بنى ثعلبة بن يربوع ، قتل يومئذ ، يريد : هل سرها أنه سلم ولم يتزوج بعد.

وكما أن هذا النحو من الأفعال لا يعلّق وإن وقعت بعده «أن» كذلك لا يعلق «وددت» ، لأن «وددت» لا ينكر أن يقع بعدها «أن» الخفيفة كما وقعت الثقيلة ، كما كان ذلك فى «سررت» ، فى نحو قوله :

هل سرّكم في جمادى أن نصالحكم

ومما يدل على زيادة «لو» فى هذا النحو / وأن الفعل في تقدير الحذف لأن معه رفعهم الفعل المعطوف عليه ، فى نحو قوله تعالى : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) (١) ، و (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ) (٢) ، ثم قال :

__________________

(١) القلم : ٩.

(٢) النساء : ١٠٢.

٤٢

(فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ) (١) ، فهو نحو : عسى زيد يقوم فيذهب ، فهذا هو الوجه ، لأن الكلام في تقدير إيجاب.

وإذا كان كذلك بعد النصب كما بعد في قولك : أليس زيد عندك فتضربه؟ لأن المعنى موجب.

والذي ذكرنا أنه في بعض المصاحف (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) (٢) بالنصب ، على أحد أمرين :

إما أن يكون : لمّا كان معنى (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ) (٣) معنى : ودّوا أن تدهن ، بحمل المعطوف على المعنى ، كما أن قوله : هو أحسن الفتيان وأجمله ، محمول على المعنى ، لأن «أحسن الفتيان» و «أحسن فتى» واحد في المعنى.

وإما أن تكون «لو» ، وإن كانت زائدة في هذا الموضع ، لمّا كانت على لفظ «غير» الزائدة أجريت مجراها للشبه اللفظي ، كما أجرى «أحمد» مجرى «أضرب» فى منع الجر والتنوين.

ألا ترى أن «لو» هذه على لفظ «لو» التي معناها الآخر في قوله :

 ......................................

لو تعان فتنهدا (٤)

والمعنى : أعانها الله.

__________________

(١) النساء : ١٠٢.

(٢) القلم : ٩.

(٣) جزء من بيت ، والبيت بتمامه :

سوّينا إليهم في جموع كأنها

جبال شروري لو تعان فتنهدا

(العيني ٤ : ٤١٣).

٤٣

وكذلك قوله تعالى : (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ) (١) ، المعنى : لتكن لنا كرة ، إلا أن الدعاء لا يقال فيه أمر ، فالتقدير : أحدث لنا كرة فنكون.

ومثله في التشبيه اللفظي في الحروف قوله :

يرجّى العبد ما إن لا يراه (٢)

وقوله : لما أغفلت شكرك.

فكذلك «لو» هذه أجريت مجرى غير الزيادة.

قوله تعالى : (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) (٣). التقدير : ربنا واجعلنا مسلمين لك وأمة مسلمة لك من ذريتنا ، ففصل بين الواو والمفعول بالظرف.

وقوله تعالى : (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) (٤) يكون على أحد أمرين :

يكون على قياس قول أبى الحسن «من» زائدة ، والتقدير : واجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتى / مقيم الصلاة ، والمفعول محذوف ، لا بد من ذلك ، ألا ترى أنه لا يجوز : رب اجعلنى من ذريتى.

__________________

(١) الشعراء : ١٠٢.

(٢) عجزه :

و يأبى الله إلا ما يريد

(٣) البقرة : ١٢٨.

(٤) إبراهيم : ٤٠.

٤٤

قوله تعالى : (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (١) (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها) (٢).

قال أبو على : ولّيتك القبلة ، إذا صيرتك تستقبلها بوجهك ، وليس هذا المعنى فى «فعلت» منه.

ألا ترى أنك إذا قلت : وليت الحائط ، ووليت الدار ، لم يكن في «فعلت» منه دلالة على أنك واجهته ، كما أنك في قولهم : وليتك القبلة ، ووليتك المسجد الحرام ، دلالة على أن المراد واجهته ، ف «فعّلت» فى هذه الكلمة ليس بمنقول من «فعلت» الذي هو «وليت» ، فيكون على حد قولك : «فرح» و «فرّحته» ، ولكن هذا المعنى الذي هو المواجهة عارض فى «فعّلت» ولم يكن فى «فعلت».

وإذا كان كذلك كان فيه دلالة على أن النقل لم يكن من «فعلت» كما كان قولهم : ألقيت متاعك بعضه على بعض ، لم يكن النقل فيه من : لقى متاعك بعضه بعضا ، ولكن «ألقيت» كقولك «أسقطت».

ولو كان منه زاد مفعول آخر في الكلام ، ولم يحتج في تعديته إلى المفعول الثاني إلى حرف الجر وإلحاقه المفعول الثاني في قولك : ألقيت بعض متاعك على بعض ، كما لم يحتج إليه فى : ضرب زيد عمرا ، وأضربته إياه ، ونحو ذلك.

وكذلك : ولّيتك قبلة ، من قولك : وليت ، كألقيت من قولك : «لقيت».

__________________

(١) البقرة : ١٤٤.

(٢) البقرة : ١٤٨.

٤٥

وقال عزوجل : (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (١) فهذا على المواجهة له ، ولا يجوز على غير المواجهة مع العلم أو غلبة الظن ، الذي ينزّله منزلة العلم ، فى تحرّى القبلة.

وقد جاءت هذه الكلمة مستعملة على خلاف المقابلة والمواجهة ، وذلك فى نحو قوله:

(ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) (٢) ،

(ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) (٣) ،

(عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى) (٤) أي : أعرض عنه.

وقال عزوجل : (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ). (٥)

(فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا) (٦).

فهذا مع دخول الزيادة للفعل في غير الزيادة.

__________________

(١) البقرة : ١٤٤.

(٢) البقرة : ٨٣.

(٣) البقرة : ٦٤.

(٤) عبس : ١.

(٥) يوسف : ٨٤.

(٦) النجم : ٢٩.

٤٦

قوله تعالى : (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) (١).

فالحال مؤكدة ، لأن فى «توليتم» دلالة على أنهم «مدبرين» ، فهذا على نحوين :

أمّا ما لحق التاء أوله فإنه يجوز أن يكون من باب «تحوّب» و «تأثّم» ، إذا ترك الحوب ، والإثم ، وكذلك إذا ترك الجهة ، التي هي المقابلة.

ويجوز أن تكون الكلمة استعملت على الشيء وعلى خلافه ، كالحروف المروية في الأضداد.

فأما قوله تعالى : (وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ) (٢) ،

وقوله : (وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ) (٣) ،

وقوله : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (٤).

فهذا منقول من «فعل» ، تقول : دارى تلى داره ، ووليت دارى داره ، فإذا نقلته إلى «فعلّ» قلت : وليت مآخيره ، وولّانى مآخيره ، ووليت ميامنه ، وولّانى ميامنه ، فهو مثل : فرح وفرّحته ، وليس مثل : لقى وألقيته ولقّيته.

وقوله : (لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ) (٥) ، وقوله : (وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (٦) ، المفعول

__________________

(١) التوبة : ٢٥.

(٢) آل عمران : ١١١.

(٣) الحشر : ١٢.

(٤) القمر : ٤٥.

(٥) الحشر : ١٢.

(٦) القمر : ٤٥.

٤٧

الثاني في نقل «فعل» إلى «فعل» محذوف ، ولو لم يحذف كان كقوله : (يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ) (١).

وأما قوله تعالى : (وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا) (٢) فيمن قرأ «تلوا» فمعناه والله أعلم: الإقبال عليهم ، والمقاربة لهم في العدل في قسمهم.

ألا ترى أنه قد عودل بالإعراض في قوله تعالى : (أَوْ تُعْرِضُوا) ، فكان قوله : (وَإِنْ تَلْوُوا) ، كقوله : إن أقبلتم عليهم ولم تعرضوا عنهم.

فإن قلت : فهل يجوز أن يكون فى «تلوا» دلالة على المواجهة فتجعل قوله (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ) (٣) منقولا من هذا ثم اقتضى المواجهة ، وتستدل على ذلك بمعادلته : على خلاف ، الذي هو الإعراض.

فالقول إن ذلك في هذه الكلمة ليس بالظاهر ، ولا في الكلمة دلالة على هذه المخصوصة التي جاءت في قوله : (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها) (٤).

وإذا لم يكن عليها دلالة ، لم يصرفها عن الموضع الذي / جاء فيه فلم يتعدها إلى سواها.

وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ) (٥) فالضمير فى «عنه» إذا جعلته للرسول احتمل أمرين :

(لا تَوَلَّوْا عَنْهُ) : لا تنفضّوا عنه ، كما قال : (انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً)(٦).

__________________

(١) آل عمران : ١١١.

(٢) النساء : ١٣٥.

(٣) البقرة : ١٤٤.

(٥) الأنفال : ٢٠.

(٦) الجمعة : ١١.

٤٨

وقال : (وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ) (١)

وقال : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً) (٢).

وعلى هذا المعنى قوله تعالى : (بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ) (٣) أي : بعد أن تتفرقوا عنها. ولا يكون «لا تولّوا عنه» : لا تعرضوا عن أمره ، وتلّقوه بالطاعة والقبول. كما قال عزوجل : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) (٤).

ومن إضمار المفعول قوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (٥) المعنى : فمن شهد منكم المصر في الشهر.

فحذف المفعول لا بد من تقديره ، لأن المسافر شاهد الشهر ، ولا يلزمه الصوم ، بل يجوز له الإفطار ، فانتصاب الشهر على الظرف ، وإنما قال : «فليصمه» : ولم يقل ، فليصم فيه ، والظروف إذا كنى عنها رد حرف الظرفية معها ، لأنه قد اتسع فيها ، ونصبه نصب المفعول بعد أن استعمله ظرفا.

واعلم أن «شهد» فعل استعمل على ضربين :

أحدهما : الحضور ؛ والاخر : العلم.

فالذى معناه الحضور ، يتعدى إلى مفعول.

__________________

(١) النور : ٦٢.

(٢) النور : ٦٣.

(٣) الأنبياء : ٥٧.

(٤) البقرة : ١٨٥.

٤٩

ويدلك على ذلك قوله :

لو شهد عاد في زمان عاد (١)

وقوله :

و يوما شهدناه سليما وعامرا

فتقدير هذا : شهدنا فيه.

ومن ذلك قوله :

شهدنا فما نلقى [به] من كتيبة

يد الدّهر إلّا جبرئيل أمامها

فهذا محذوف المفعول ، التقدير فيه : شهدنا المعركة ، أو : من تجمّع لقتالنا.

ومنه قوله :

لقد شهدت قيس فما كان نصرها

قتيبة إلّا عضّها بالأباهم (٢)

فهذا الضرب المتعدى إلى مفعول واحد إذا نقل بالهمزة تعدّى إلى المفعولين ، تقول : شهد زيد المعركة ، وأشهدته إياها.

فمن هذا قوله : (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٣) لما نقل بالهمزة صار الفاعل مفعولا ، والتقدير : ما أشهدتهم / فعلى. وال «فعل» فى أنه مفعول ثان ، وإن كان غير عين ، مثل «زيد» ، ونحوه من الأسماء المختصة.

وقالوا : امرأة مشهد ، إذا كان زوجها شاهدا لم يخرج في بعث من غزو وغيره.

__________________

(١) صدر بيت ، وعجزه :

لابتزها مبارك الجلاد

أراد : شهد ، بكسر الهاء فسكنه تخفيفا. ومبارك الجلاد : وسط الحرب ومعظمها. يقول : لو شهد الممدوح عادا في الحرب لفاز عليها وفاز بمعظم الحرب دونها. (المخصص ١٧ : ٤٢ ـ الكتاب ٢ : ٢٧ ـ البحر ٤ : ٣٢٣).

(٢) البيت للفرزدق. يريد : الأباهيم ، غير أنه حذف ، لأن القصيدة ليست مردفة.

(٣) الكهف : ٥١.

٥٠

وامرأة مغيب ، إذا لم يشهد زوجها ، فكأن المعنى : ذات غيبة ، أي : ذات غيبة وليّها ، وذات شهادة وليّها. والشهادة خلاف الغيبة ، قال الله تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) (١).

فهذا في المعنى قريب من قوله : (وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ) (٢) (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) (٣).

وأما «شهدت» الذي بمعنى «علمت» فيستعمل على ضربين :

أحدهما : أن يكون قسما.

والآخر : أن يكون غير قسم.

فاستعمالهم إياه قسما ، كاستعمالهم : علم الله ، ويعلم الله ، قسما. تقول : علم الله لأفعلن ، فتلقّاه بما يتلقّى به الإقسام ، وأنشد سيبويه :

و لقد علمت لتأتينّ منيّتى

إنّ المنايا لا تطيش سهامها (٤)

وتقول : أشهد بالله إنك لذاهب ، وأشهد إنك لذاهب.

قال : وحدثنا أبو الحسن أن محمدا قال : إن زفر يذهب إلى أنه إذا قال : أشهد بالله ، كان يمينا ؛ فإن قال «أشهد» ولم يقل «بالله» لم يره يمينا.

__________________

(١) التغابن : ١٨.

(٢) النمل : ٢٥.

(٣) الأنعام : ٣.

(٤) البيت للبيد. (الكتاب ١ : ٤٥٦).

٥١

قال : وقال محمد : «أشهد» غير موصولة بقولك «بالله» فى أنه يمين ، كقولك : أشهد بالله.

وقال : واستشهد محمد على ذلك بقوله : (قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) (١).

وقال : (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) (٢).

فجعله يمينا ولم يوصل بقوله «بالله».

وأما «شهدت» الذي يراد به «علمت» ، ولا يراد به اليمين ، فهو ضرب من العلم مخصوص. وكل شهادة علم ، وليس كل علم شهادة.

ومما يدل على اختصاصها بالعلم ، أنه [لو] (٣) قال عند الحاكم : أعلم أن لزيد على عمرو عشرة ، لم يحكم به حتى يقول : أشهد.

فالشهادة مثل التيقّن في أنه ضرب من العلم مخصوص ، وليس كل علم تيقّنا ، وإن كان كل تيقّن علما ، وكان التيقن هو العلم الذي عرض لعالمه إشكال فيه.

__________________

(١) المنافقون : ١.

(٢) المنافقون : ١ ، ٢.

(٣) تكملة يقتضيها السياق.

٥٢

نتبين ذلك فى قصة إبراهيم عليه‌السلام (وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (١) ويبيّن ذا قول رؤبة :

/ يا دار عفراء ودار البخدن

أما جزاء العالم المستيقن

فلو لم يكن فى «المستيقن» زيادة معنى ، لم يكن في الوصف الأول ، لم يحسن هذا الكلام ، وكان غير مفيد ، وهذا كقول زهير :

فلأيا عرفت الدّار بعد توهّم (٢)

وقال بعد :

فلما عرفت الدار (٣)

أي : عرفتها بعد إشكال أمرها والتباسها على.

وعلى هذا قول الآخر :

حيّوا الدّيار وحيّوا ساكن الدّار

ما كدت أعرف إلّا بعد إنكار

وكان معنى : أشهد أيها الحاكم على كذا ، أي : أعلمه علما يحضرنى قد تذلل لى فلا أتوقف عنه ولا أتلبث فيه ، لوضوحه عندى وتبينه لى ؛ وليس كذلك سبيل المعلومات كلها.

ألا ترى أن منها ما يحتاج إلى توقف فيه ؛ واستدلال عليه ، وتذليل له ؛ ويدل على هذا ، وأن الشهادة يراد بها المعنى الزائد على العلم ، أنه لا يخلو من أن يكون العلم مجردا مما ذكرناه ، أو العلم مقترنا بما وصفناه من المعاني ، والذي يدل على أنه المقترن بالمعنى ، الذي ذكرنا.

__________________

(١) الأنعام : ٧٥.

(٢) عجز بيت صدره :

وقفت بها من بعد عشرين حجة

(٣) جزء من بيت ، والبيت كاملا :

فلما عرفت الدار قلت لربعها

ألا أنعم صباحا أيها الربع واسلم

٥٣

وقوله تعالى : (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (١) ، وقوله : (وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا) (٢).

فلو كان معنى «شهد» العلم خاليا من هذه المعاني ، لكان المعنى : وما علمنا إلا بما علمنا ، ومن علم الحق لم يقل : بما علما إلا ما علمنا ، وهو يعلم.

فإذا لم يسهل حمله على هذا ، علم أن معناه ما ذكرنا.

و «شهد» فى هذا الوجه يتعدى بحرف جر ، فتارة يكون الباء والأخرى «على».

ومما يعدّى ب «على» قوله تعالى : (وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا) (٣) ، وقوله تعالى : (شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ) (٤) ، و (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ) (٥) ، و (شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) (٦).

ومن التعدي بالباء قوله تعالى : (وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا) (٧) ، و (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ) (٨) ، وقوله تعالى : (فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ) (٩).

فإذا نقل بالهمزة ، زاد بالهمزة مفعول ، كسائر الأفعال المتعدية إذا نقلت بالهمزة.

وقال عزّ من قائل : (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) (١٠).

فأما قوله : (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) (١١) ، فمن الشهادة التي هي الحضور ، كأنهم ونجوا على ما قالوا مما لم يحضروه / مما حكمه أن يعلم بالمشاهدة.

__________________

(١) الزخرف : ٨٦.

(٢) يوسف : ٨١.

(٣) فصلت : ٢١.

(٤) فصلت : ٢٠.

(٥) النور : ٢٤.

(٦) الأنعام : ١٣٠.

(٧) يوسف : ٨١.

(٩) النور : ٦.

(١٠) الأعراف : ١٧٢.

(١١) الزخرف : ١٩.

٥٤

ومن قرأ (أشهدوا خلقهم) (١) فالمعنى : أو أحضروا ذلك؟ وكان الفعل يتعدى إلى مفعولين بعد النقل ، فلما بنى للمفعول به نقص مفعول ، فتعدّى الفعل إلى مفعول واحد.

ويقوّى هذه القراءة قوله تعالى : (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ) (٢) ، فتعدّى إلى مفعولين ، لمّا بنى الفعل للفاعل.

فأما قوله تعالى : (إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ) (٣) ، فعلى إعمال الثاني ، كما أن قوله تعالى : (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) (٤) ، كذلك ، والتقدير : إنى أشهد الله أنى برئ ، وأشهد أنى برئ. فحذف المفعول الأول على حد : ضربت وضربنى زيد.

وهذا منقول من : شهد بكذا ، إلا أن حرف الجر يحذف مع «أن».

ومن حذف المفعول قوله تعالى : (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى) (٥) أي : اتقى محارم الله.

وكذلك : (لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللهَ) (٦) أي : اتقى محارمه.

وقال : (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) (٧).

وقال : (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) (٨).

ف «هلك» لازم في المعروف ، و «يهلك» متعد ، وقد جاء «هلك» متعديا ، وأنشدوا :

__________________

(١) الزخرف : ١٩.

(٢) الكهف : ٥١.

(٣) هود : ٥٤.

(٤) الكهف : ٩٦.

(٥) البقرة : ١٨٩.

(٦) البقرة : ٢٠٣.

(٧) الأنفال : ٤٢.

(٨) البقرة : ٢٠٥.

٥٥

و مهمه هالك من تعرّجا (١)

فكأنه قال : هالك من تعرج فيه ، أي : هالك المتعرج ، «فمن تعرج» ، على هذا التقدير ، فاعل في المعنى ، وعلى تقدير من حمله على «مهلك» أنه حذف مفعوله في المعنى ، بمنزلة : ضارب زيد.

ومن حذف المفعول قوله : (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) (٢) ، أي : يغفر الذنوب ، فى جميع التنزيل.

ومن ذلك قوله تعالى : (لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) (٣).

قال أبو على : يحتمل وجهين :

يجوز أن يكون من النّسيان ، الذي هو خلاف الذّكر ، و «الخطأ» ، من الإخطاء ، الذي ليس التعمّد.

ويجوز أن يكون من «نسينا» ، على : أن تركنا شيئا من اللازم لنا.

ومثله قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ) (٤) أي : ترك عهدنا إليه.

ومنه قوله : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) (٥).

أي : لم يلطف لهم كما يلطف للمؤمنين في تخليصهم أنفسهم من عقاب الله. والتقدير : ولا تكونوا كالذين نسوا أمر الله أو طاعته ، فأنساهم تخليص نفسهم من عذاب الله.

__________________

(١) الشعر للعجاج.

(٢) البقرة : ٢٨٤.

(٣) البقرة : ٢٨٦.

(٤) طه : ١١٥.

(٥) الحشر : ١٩.

٥٦

وجاز أن ينسب الإنساء إلى الله ، وإن كانوا هم / الفاعلون له ، والمذمومون عليه ، كما قال : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) (١).

فأضاف الرّمى إلى الله ، لمّا كان يقوّيه إقداره ، فكذلك نسب الإنساء إليه لمّا لم يلطف لهذا المنسيّ كما لطف للمؤمن الذي قد هدى.

وكذلك قوله تعالى : (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) (٢) أي : الاستعداد للقاء يومكم هذا ، والعمل من التخلص من عقابه.

وأما قوله تعالى : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) (٣) فعلى معنى التّرك ، لأنه إذا كان المقابل للذّكر لم يكن مؤاخذا.

وقوله تعالى : (وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ) (٤) أي : نسى السامرىّ ؛ أي : ترك التوحيد باتخاذه العجل ، وقيل : نسى موسى ربّه عندنا ، وذهب يطلبه في مكان آخر.

وأما قوله تعالى : (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ) (٥). فإن إنساء الشّيطان هو أن يسوّل له ، ويزيّن الأسباب التي ينسى معها. وكذلك : (فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) (٦).

ويجوز أن يكون الضمير فى «أنساه» ليوسف ، أي : أنسى يوسف ذكر ربه.

كما قال : (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى) (٧).

__________________

(١) الأنفال : ١٧.

(٢) الجاثية : ٣٤.

(٣) الكهف : ٢٤.

(٤) طه : ٨٨.

(٥) يوسف : ٤٢.

(٦) الكهف : ٦٣.

(٧) الأنعام : ٦٨.

٥٧

ويجوز أن يكون الضمير فى «أنساه» للذى ظن أنه ناج منهما ، ويكون ربّه ملكه.

وفي الوجه الأول ، يكون «ربه» الله سبحانه وتعالى ، كأنه أنساه الشيطان أن يلجأ إلى الله في شدته.

وأما قوله تعالى : (فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ) (١).

والتقدير : تنسون دعاء ما تشركون ، فحذف المضاف ، أي : تتركون دعاءه والفزع إليه ، وإنما يفزعون إلى الله ـ سبحانه وتعالى. ويكون من النسيان الذي هو خلاف الذكر ، كقوله تعالى : (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ) (٢) أي : تذهلون عنه فلا تذكرونه.

وقال : (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي) (٣).

فهذا يجوز أن يكون منقولا من الذي بمعنى التّرك ، ويمكن أن يكون من الذي هو خلاف الذّكر ، واللفظ على : أنهم فعلوا بكم النسيان.

والمعنى : أنكم أنتم أيها المتخذون عبادى سخريّا / نسيتم ذكرى ، باشتغالكم باتخاذكم إياهم سخريّا ، وبالضحك منهم ، أي : تركتموه من أجل ذلك ، وإن كانوا ذاكرين غير ناسين. فنسب الإنساء إلى عباده الصالحين وإن لم يفعلوا ، لما كانوا كالسبب لإنسائهم.

فهذا كقوله : (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) (٤).

__________________

(١) الأنعام : ٤١.

(٢) الإسراء : ٦٧.

(٣) المؤمنون : ١١٠.

(٤) إبراهيم : ٣٦.

٥٨

وعلى هذا قوله تعالى : (فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) (١) فأسند النّسيان إليه ، والمعنى على أنهم نسوا ذلك.

وأما قوله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) (٢) ؛ فالأشبه أن يكون من الذي هو خلاف الذّكر. وهذا أشبه من أن يحمل على ما يراد به التّرك.

وذلك أن النبي ، صلى الله عليه وعلى آله ، كان إذا نزل عليه القرآن أسرع القراءة وأكثرها مخافة النّسيان ، فقال : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللهُ) (٣) أي تنساه ، لرفعه ذلك بالنّسيان كرفعه إياه بالنسخ بآية أو سنة.

ويؤكّد ذلك قوله تعالى : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) (٤).

وقوله تعالى : (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) (٥) فحمل قوله : «فلا تنسى» ، إذا كان يسلك هذا المسلك ، ليس بالوجه.

ومما حذف المفعول قوله : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (٦) أي : بشّرهم بالجنة.

ومن حذف المفعول قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ) (٧) أي كحب الله المؤمنين. فالمصدر مضاف إلى الفاعل ، والمفعول محذوف.

__________________

(١) الحشر : ١٩.

(٢) الأعلى : ٦.

(٣) الأعلى : ٦.

(٤) القيامة : ١٦ و ١٧ و ١٨

(٥) طه : ١١٤.

(٦) الصف : ١٣.

(٧) البقرة : ١٦٥.

٥٩

وإن شئت كان : كحبّ المؤمنين الله ، فحذف الفاعل ، والمضاف إليه مفعول في المعنى.

ويقوّى الأول قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) (١).

ومثله : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (٢) ؛ إن شئت ، كان التقدير : أقم الصلاة لأذكرك ، فيكون مضافا إلى الفاعل. وإن شئت كان التقدير : لذكرك إيّاى فيها.

كقوله تعالى : (فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي) (٣) أي : عن ذكرهم إياى.

ومثله : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) (٤) ؛ إن شئت كان التقدير : ولذكركم الله أكبر من كل شىء ، فحذف الفاعل ، وأضافه إلى المفعول ، كما قال : (مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) (٥) ، أي : من دعائه الخير.

وقال : (بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ) (٦) أي : بسؤاله نعجتك.

وقال : (رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) (٧) أي : هذا ذكر الله رحمة / عبده ، فحذف الفاعل ، وأضاف إلى المفعول ، وهو الرحمة ، والرحمة مضاف إلى الفاعل.

ونصب «بعضا» به ، كقوله : (كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ) (٨).

__________________

(١) البقرة : ١٦٥.

(٢) طه : ١٤.

(٣) الكهف : ١٠١.

(٤) العنكبوت : ٤٥.

(٥) فصلت : ٤٩.

(٦) ص : ٢٤.

(٧) مريم : ٢.

(٨) الحجرات : ٢.

٦٠