اللّباب في علوم الكتاب - ج ٢٠

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي

اللّباب في علوم الكتاب - ج ٢٠

المؤلف:

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2298-3

الصفحات: ٥٩٩

١
٢

بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة الإنسان

مكية ، وهي إحدى وثلاثون آية ، ومائتان وأربعون كلمة وألف وأربعمائة وخمسون حرفا.

قال ابن عباس ومقاتل والكلبي : هي مكية (١).

وقال الجمهور : مدنية.

وقيل : فيها مكي من قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً) [الإنسان : ٢٣] إلى آخر السورة وما تقدمه مدني.

وذكر ابن وهب قال : وحدثنا ابن زيد قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليقرأ (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) وقد أنزلت عليه وعنده رجل أسود كان يسأل النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له عمر بن الخطّاب : لا تثقل على النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له دعه يا ابن الخطّاب قال : فنزلت عليه هذه السورة وهو عنده ، فلما قرأها عليه ، وبلغ صفة الجنان زفر زفرة فخرجت نفسه ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أخرج نفس صاحبكم ـ أو أخيكم ـ الشّوق إلى الجنّة» (٢).

وقال القشيري : إن هذه السورة نزلت في علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه ـ ، والمقصود من السورة عام ، وهكذا القول في كل ما يقال إنه نزل بسبب كذا وكذا.

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (١) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً (٢) إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)(٣)

قوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) في «هل» هذه وجهان :

__________________

(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٨٠) وعزاه إلى النحاس عن ابن عباس.

وينظر تفسير الماوردي (٦ / ١٢٦١) والقرطبي (١٩ / ٧٧).

(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ٧٧).

٣

أحدهما : أنها على بابها من الاستفهام المحض ، أي : هو ممن يسأل عنه لغرابته أأتى عليه حين من الدهر لم يكن كذا فإنه يكون الجواب : أتى عليه ذلك وهو بالحال المذكورة. كذا قاله أبو حيان (١).

وقال مكي في تقرير كونها على بابها من الاستفهام : والأحسن أن تكون على بابها للاستفهام الذي معناه التقرير ، وإنما هو تقرير لمن أنكر البعث فلا بد أن يقول : نعم قد مضى دهر طويل لا إنسان فيه ، فيقال له : من أحدثه بعد أن لم يكن وكونه بعد عدمه ، كيف يمتنع عليه بعثه ، وإحياؤه بعد موته ، وهو معنى قوله : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) [الواقعة : ٦٢] أي : فهلا تذكرون ، فتعلمون أن من أنشأ شيئا بعد أن لم يكن قادرا على إعادته بعد موته وعدمه انتهى.

فقد جعلها لاستفهام التقرير لا للاستفهام المحض ، وهذا هو الذي يجب أن يكون ؛ لأن الاستفهام لا يرد من الباري ـ تعالى ـ على هذا النحو وما أشبهه.

والثاني : قال الكسائي والفراء وأبو عبيدة وحكي أيضا عن سيبويه : أنها بمعنى «قد» قال الفرّاء : «هل» تكون جحدا وتكون خبرا ، فهذا من الخبر ؛ لأنك تقول : هل أعطيتك؟ تقرره: بأنك أعطيته ، والجحد أن تقول : هل يقدر أحد على مثل هذا؟.

وقال الزمخشري : «هل» بمعنى «قد» في الاستفهام خاصة ، والأصل : «أهل» ؛ بدليل قوله : [البسيط]

٥٠١٩ ـ سائل فوارس يربوع لشدّتنا

أهل رأونا بوادي القفّ ذي الأكم؟ (٢)

فالمعنى : أقد أتى ، على التقرير والتقريب جميعا ، أي أتى على الإنسان قبل زمان قريب (حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ) فيه (شَيْئاً مَذْكُوراً) أي : شيئا منسيّا غير مذكور انتهى.

فقوله : «على التقرير» يعني المفهوم من الاستفهام ، وهو الذي فهمه مكي من نفس «هل» وقوله : «والتقريب» يعني المفهوم من «قد» التي وقع موقعها «هل» ، ومعنى قوله : «الاستفهام خاصة» أن «هل» لا تكون بمعنى «قد» إلا ومعها استفهام لفظا كالبيت المتقدم، أو تقديرا كالآية الكريمة.

فلو قلت : هل جاء زيد ، يعني : قد قام ، من غير استفهام لم يجز. وغيره قد جعلها بمعنى «قد» من غير هذا القيد.

وبعضهم لا يجيز ذلك ألبتة ويتأول البيت المتقدم على أنه مما جمع فيه بين حرفي معنى للتأكيد ، وحسن ذلك اختلاف لفظهما ؛ كقوله : [الطويل]

__________________

(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٩٣.

(٢) تقدم.

٤

٥٠٢٠ ـ فأصبحن لا يسألنني عن بما به (١)

فالباء بمعنى «عن» وهي مؤكدة لها ، وإذا كانوا قد أكدوا مع اتفاق اللفظ ؛ كقوله : [الوافر]

٥٠٢١ ـ فلا ـ والله ـ لا يلفى لما بي

ولا للما بهم أبدا دواء (٢)

فلأن يؤكد مع اختلافه أحرى ، ولم يذكر الزمخشري غير كونها بمعنى «قد» ، وبقي على الزمخشري قيد آخر ، وهو أن يقول : في الجمل الفعلية ، لأنه متى دخلت «هل» على جملة اسمية استحال كونها بمعنى «قد» لأن «قد» مختصة بالأفعال.

قال شهاب الدين (٣) : وعندي أن هذا لا يرد لأنه تقرر أن «قد» لا تباشر الأسماء.

فصل في المراد بالإنسان المذكور في الآية

قال قتادة والثوري وعكرمة والشعبي : إن المراد بالإنسان هنا آدم ـ عليه الصلاة والسلام ـ وهو مروي عن ابن عباس (٤).

وقيل : المراد بالإنسان : بنو آدم لقوله تعالى : (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ).

فالإنسان في الموضعين واحد وعلى هذا فيكون نظم الآية أحسن.

وقوله (حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ).

قال ابن عباس في رواية أبي صالح : مرت به أربعون سنة قبل أن ينفخ فيه الروح وهو ملقيّ بين «مكة» والطائف (٥).

وعن ابن عباس في رواية الضحاك أنه خلق من طين فأقام أربعين سنة ، ثم من حمإ مسنون أربعين سنة ، ثم من صلصال أربعين سنة ، فتم خلقه في (٦) مائة وعشرين سنة ، ثم نفخ فيه الروح(٧).

وحكى الماوردي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : أن الحين المذكور هاهنا هو الزمن الطويل الممتد الذي لا يعرف مقداره (٨).

وقال الحسن : خلق الله تبارك وتعالى كل الأشياء ما يرى وما لا يرى من دوابّ البر

__________________

(١) تقدم.

(٢) تقدم.

(٣) ينظر الدر المصون ٦ / ٤٣٧.

(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٥٣) عن قتادة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٨١) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وابن المنذر وينظر تفسير الماوردي (٦ / ١٦١).

(٥) تقدم.

(٦) في أ : بعد.

(٧) تقدم.

(٨) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ١٦٢) عن ابن عباس.

٥

والبحر في الأيام الست التي خلق الله ـ تعالى ـ فيها السماوات والأرض ، وآخر ما خلق آدم ـ عليه الصلاة والسلام ـ فهو كقوله تعالى : (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً)(١).

فإن قيل : إن الطين والصلصال والحمأ المسنون قبل نفخ الروح فيه ما كان إنسانا ، والآية تقتضي أنه مضى على الإنسان حال كونه إنسانا «حين من الدّهر» مع أنه في ذلك الحين ما كان شيئا مذكورا.

فالجواب : أن الطين والصلصال إذا كان مصورا بصورة الإنسان ، ويكون محكوما عليه بأنه سينفخ فيه الروح ، ويصير إنسانا صح تسميته بأنه إنسان ، ومن قال : إن الإنسان هو النّفس الناطقة ، وأنها موجودة قبل وجود الأبدان فالإشكال عنهم زائل ، واعلم أنّ الغرض من هذا التنبيه على أن الإنسان محدث ، وإذا كان كذلك فلا بد من محدث قادر.

قوله : «لم يكن» في هذه الجملة وجهان :

أحدهما : أنها في موضع نصب على الحال من الإنسان ، أي هل أتى عليه حين في هذه الحال.

والثاني : أنها في موضع رفع نعتا ل «حين» بعد نعت ، وعلى هذا فالعائد محذوف ، تقديره : حين لم يكن فيه شيئا مذكورا. والأول أظهر لفظا ومعنى.

فصل في تفسير الآية

روى الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى : (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) : لا في السماء ولا في الأرض (٢).

وقيل : كان جسدا مصورا ترابا وطينا لا يعرف ولا يذكر ، ولا يدري ما اسمه. ولا ما يراد به ثم نفخ فيه الروح فصار مذكورا. قاله الفراء وقطرب وثعلب.

وقال يحيى بن سلام : (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) لأنه خلقه بعد خلق الحيوان كله ، ولم يخلق حيوانا بعده (٣) ، ومن قال : إنّ المراد من الإنسان الجنس من ذرية آدم ـ عليه الصلاة والسلام ـ فالمراد بالحين تسعة أشهر مدة الحمل في بطن أمه (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) إذ كان مضغة وعلقة ؛ لأنه في هذه الحالة جماد لا خطر له.

وقال أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ لما قرأ هذه الآية : ليتها تمّت فلا نبتلى ، أي ليت المدة التي أتت على آدم لم يكن شيئا مذكورا تمت على ذلك فلا يلد ولا يبتلى أولاده ، وسمع عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ رجلا يقرأ : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً). فقال : ليتها تمّت (٤).

__________________

(١) ذكره الرازي في «تفسيره» (٣٠ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩).

(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ٧٨).

(٣) ينظر المصدر السابق.

(٤) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٨١) وعزاه إلى ابن المبارك في «الزهد» وأبي عبيد في «فضائله» وعبد بن حميد وابن المنذر.

٦

قوله : (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ). يعني ابن آدم من غير خلاف «من نطفة» أي : من ماء يقطر وهو المنيّ ، وكل ماء قليل في وعاء ، فهو نطفة ؛ كقول عبد الله بن رواحة يعاتب نفسه: [الرجز]

٥٠٢٢ ـ ما لي أراك تكرهين الجنّه

هل أنت إلّا نطفة في شنّه؟ (١)

وجمعها : نطف ونطاف.

قوله : «أمشاج» : نعت ل «نطفة» ووقع الجمع نعتا لمفرد ؛ لأنه في معنى الجمع كقوله تعالى : (رَفْرَفٍ خُضْرٍ) [الرحمن : ٧٦] أو جعل جزء من النطفة نطفة ، فاعتبر ذلك فوصفت بالجمع.

وقال الزمخشري : «نطفة أمشاج» كبرمة أعشار وبرّ أكباش وثوب أخلاق وأرض يباب وهي ألفاظ مفردة غير جموع ولذلك وقعت صفات للأفراد ، ويقال : نطفة مشج ؛ قال الشماخ : [الوافر]

٥٠٢٣ ـ طوت أخشاء مرتجة لوقت

على مشج سلالته مهين (٢)

ولا يصح في «أمشاج» أن يكون تكسيرا له بل هما مثلان في الإفراد لوصف المفرد بهما.

فقد منع أن يكون «أمشاج» جمع «مشج» بالكسر.

قال أبو حيان (٣) : وقوله مخالف لنص سيبويه والنحويين على أن «أفعالا» لا يكون مفردا.

قال سيبويه : وليس في الكلام «أفعال» إلا أن يكسر عليه اسما للجميع ، وما ورد من وصف المفرد ب «أفعال» تأولوه انتهى.

قال شهاب الدين (٤) : هو لم يجعل «أفعالا» مفردا ، إنما قال : يوصف به المفرد ، يعني التأويل ذكرته من أنهم جعلوا كل قطعة من البرمة برمة ، وكل قطعة من البرد بردا ، فوصفوهما بالجمع.

وقال أبو حيان (٥) : «الأمشاج» : الأخلاط ، واحدها «مشج» بفتحتين أو مشج كعدل وأعدال ، أو مشيج كشريف وأشراف. قاله ابن العربي ؛ وقال رؤبة : [الرجز]

__________________

(١) ينظر اللسان (شنن) ، والقرطبي ١٩ / ٧٨ ، وجامع البيان ٢٩ / ١٢٦.

(٢) ينظر ديوانه ٣١٨ ، والكشاف ٤ / ٦٦٦ ، وشرح شواهده ص ٥٥٩ ، والكامل ٣٠ / ١١٣ ، واللسان (شجج) ، والبحر ٨ / ٣٨٤ ، والدر المصون ٦ / ٧٣٧.

(٣) البحر المحيط ٨ / ٣٩٤.

(٤) الدر المصون ٦ / ٤٣٧.

(٥) البحر المحيط ٨ / ٣٩١.

٧

٥٠٢٤ ـ يطرحن كلّ معجل مشّاج

لم يكس جلدا من دم أمشاج (١)

وقال الهذليّ يصف السهم لهم بأنه قد نفذ في الرمية فالتطخ ريشه وفوقاه بدم يسير : [الوافر]

٥٠٢٥ ـ كأنّ الرّيش والفوقين منه

خلاف النّصل سيط به مشيج (٢)

ويقال : مشج يمشج مشجا إذا خلط ، فمشيج ك «خليط» ، وممشوج ك «مخلوط» انتهى.

فجوز أن يكون جمعا ل «مشيج» كعدل ، وقد تقدم أن الزمخشري منع من ذلك.

وقال الزمخشري : «ومشجه ومزجه بمعنى ، من نطفة قد امتزج فيها الماءان».

وقال القرطبي (٣) : ويقال : مشجت هذا بهذا أي : خلطته ، فهو ممشوج ومشيج ، مثل مخلواط وخليط ، وهو هنا اختلاط النطفة بالدم ، وهو دم الحيض (٤) ، وذلك أنّ المرأة إذا بلغت ماء الرجل وحبلت أمسك حيضها ، فاختلطت النّطفة بالدم.

وقال الفراء : أمشاج : اختلاط ماء الرجل وماء المرأة ، والدم والعلقة.

روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : الأمشاج في الحمرة ، والبياض في الحمرة (٥) ، وعنه أيضا قال : يختلط ماء الرجل وهو أبيض غليظ بماء المرأة وهو أصفر رقيق ، فيخلق منهما الولد فما كان من عصب وعظم وقوة فهو من ماء الرجل ، وما كان من دم ولحم وشعر فهو من ماء المرأة (٦).

قال القرطبي (٧) : «وقد روي هذا مرفوعا ؛ ذكره البزار».

وعن ابن مسعود : أمشاجها عروق المضغة (٨).

وقال مجاهد : نطفة الرجل بيضاء وحمراء ، ونطفة المرأة خضراء وصفراء (٩).

وقال ابن عباس : خلق من ألوان ، خلق من تراب ثم من ماء الفرج والرحم وهي نطفة ثم علقة ، ثم مضغة ثم عظم ثم لحم (١٠) ، ونحوه.

__________________

(١) ينظر ديوانه ص (٣٢) ، والطبري ٢٩ / ١٢٦ ، والبحر ٨ / ٣٨٤ ، والدر المصون ٦ / ٤٣٧.

(٢) ينظر ديوان الهذليين ٣ / ١٠٤ ، ومجاز القرآن ٢ / ٢٧٩ ، والطبري ٢٩ / ١٢٦ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٨٤ ، والكامل ٢ / ٩١ ، والدر المصون ٦ / ٤٠٣.

(٣) ينظر الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٧٩.

(٤) في أ : الحيضة.

(٥) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ٧٩).

(٦) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٤٢٦ ـ ٤٢٧) وينظر المصدر السابق.

(٧) ينظر الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٧٩.

(٨) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٨١) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.

(٩) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٥٥) عن مجاهد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٨٢) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.

(١٠) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٥٥).

٨

قال قتادة : هي أطوار الخلق : طورا نطفة ، وطورا علقة ، وطورا مضغة ، وطورا عظاما ، ثم يكسو العظام لحما (١).

قال ابن الخطيب (٢) : وقيل : إن الله ـ تعالى ـ جعل في النطفة أخلاطا من الطّبائع التي تكون في الإنسان من الحرارة والبرودة ، والرطوبة واليبوسة ، والتقدير : من نطفة ذات أمشاج ، فحذف المضاف وتم الكلام.

قوله : «نبتليه». يجوز في هذه الجملة وجهان :

أحدهما : أنها حال من فاعل خلقنا ، أي : خلقناه حال كوننا مبتلين له.

والثاني : أنها حال من الإنسان ، وصح ذلك لأن في الجملة ضميرين كل منهما يعود على ذي الحال ، ثم هذه الحال يجوز أن تكون مقارنة إن كان معنى «نبتليه» نصرفه في بطن أمه نطفة ثم علقة كما قال ابن عباس وأن تكون مقدرة إن كان المعنى نبتليه نختبره بالتكليف ؛ لأنه وقت خلقه غير مكلف.

وقال الزمخشري : «ويجوز أن يكون ناقلين له من حال إلى حال ، فسمي ذلك ابتلاء على طريق الاستعارة».

قال شهاب الدين (٣) : «وهذا معنى قول ابن عباس المتقدم».

وقال بعضهم : في الكلام تقديم وتأخير ، والأصل : إننا جعلناه سميعا بصيرا لنبتليه ، أي : جعلنا له ذلك للابتلاء ، وهذا لا حاجة إليه.

فصل في تفسير قوله تعالى نبتليه

قوله : «نبتليه» : لنبتليه ، كقولك : «جئتك أقضي حقك ، أي لأقضي حقك وآتيك أستمنحك كذا» ونظيره قوله تعالى : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) أي : لتستكثر.

ومعنى «نبتليه» نختبره ، وقيل : نقدر فيه الابتلاء وهو الاختبار ، وفيما يختبر به وجهان :

أحدهما : قال الكلبي : نختبره بالخير والشر (٤).

والثاني : قال الحسن : نختبر شكره في السراء وصبره في الضراء (٥).

__________________

(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٥٥) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٨٢) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.

(٢) ينظر الفخر الرازي ٣٠ / ٢٠٩.

(٣) ينظر الدر المصون ٦ / ٤٣٨.

(٤) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ١٦٣) والقرطبي (١٩ / ٧٩).

(٥) ينظر المصدر السابق.

٩

وقيل : «نبتليه» نكلّفه بالعمل بعد الخلق. قاله مقاتل رحمه‌الله. وقيل : نكلفه ؛ ليكون مأمورا بالطاعة ، ومنهيا عن المعاصي.

وقوله : (فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً).

والمعنى : إنا خلقناه في هذه الأمشاج لا للعبث بل للابتلاء والامتحان ، ثم ذكر أنه أعطاه ما يصح معه الابتلاء وهو السمع والبصر ، وهما كنايتان عن الفهم والتمييز ، لأن الابتلاء لا يقع إلا بعد تمام الخلقة ، والمعنى : جعلنا له سمعا يسمع به الهدى وبصرا يبصر به الهدى كما قال تعالى حاكيا عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام : (لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ) [مريم : ٤٢] وقد يراد بالسميع المطيع ، كقوله : «سمعا وطاعة» ، وبالبصير : العالم ، يقال : لفلان بصر في هذا الأمر.

وقيل : المراد بالسمع والبصر : الحاسّتان المعروفتان ، والله ـ تعالى ـ خصهما بالذكر ؛ لأنهما أعظم الحواس وأشرفهما.

قوله : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) أي : بيّنا له وعرفناه طريق الهدى والضلال والخير والشر ببعث الرسل فآمن أو كفر.

وقال مجاهد : السبيل هنا خروجه من الرحم (١).

وقيل : منافعه ومضاره التي يهتدي إليها بطبعه وكمال عقله.

فصل في أن العقل متأخر عن الحواس

قال ابن الخطيب (٢) : أخبر الله ـ تعالى ـ أنه بعد أن ركبه وأعطاه الحواس الظاهرة والباطنة بين له سبيل الهدى والضلال ، قال : والآية تدل على أن العقل متأخر عن الحواس ، وهو كذلك ثم ينشأ عنها عقائد صادقة أولية كعلمنا بأن النفي والإثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان ، وأن الكل أعظم من الجزء وهذه العلوم الأولية هي العقل.

قال الفراء : هذا يتعدى بنفسه وباللام.

قوله : (إِمَّا شاكِراً). نصب على الحال ، وفيه وجهان :

أحدهما : أنه حال من مفعول «هديناه» أي : هديناه مبينا له كلتا حالتيه.

قال أبو البقاء : وقيل : وهي حال مقدرة.

قال شهاب الدين (٣) : لأنه حمل الهداية على أول البيان له وفي ذلك الوقت غير متصف بإحدى الصفتين.

__________________

(١) ذكره الماوردي (٦ / ١٦٤) والقرطبي (١٩ / ٨٠) عن أبي صالح والضحاك والسدي.

(٢) الفخر الرازي ٣٠ / ٢١٠.

(٣) الدر المصون ٦ / ٤٣٨.

١٠

والثاني : أنه حال من «السبيل» على المجاز.

قال الزمخشري : «ويجوز أن يكونا حالين من السبيل أي عرفناه السبيل ، إما سبيلا شاكرا ، وإما سبيلا كفورا ، كقوله تعالى : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) [البلد : ١٠] ، فوصف السبيل بالشكر والكفر مجازا».

والعامة على كسر همزة «إما» ، وهي المرادفة ل «أو» وقد تقدم خلاف النحويين فيها.

ونقل مكي عن الكوفيين أن هاهنا : «إن» الشرطية زيدت بعدها «ما» ثم قال : «وهذا لا يجيزه البصريون ؛ لأن «إن» الشرطية لا تدخل على الأسماء إلّا أن يضمر فعل نحو : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [التوبة : ٦] ، ولا يصح إضمار الفعل هنا ؛ لأنه كان يلزم رفع «شاكر» ، وأيضا لا دليل على الفعل» انتهى.

قال شهاب الدين (١) : لا نسلم أنه يلزم رفع «شاكرا» مع إضمار الفعل ، ويمكن أن يضمر فعل ينصب «شاكرا» تقديره : إنا خلقناه شاكرا فشكورا ، وإنا خلقناه كافرا فكفورا.

وقرأ أبو السمال (٢) ، وأبو العجاج : بفتحها ، وفيها وجهان :

أحدهما : أنها العاطفة وأنها لغة ، وبعضهم فتح الهمزة ؛ وأنشدوا على ذلك : [الطويل]

٥٠٢٦ ـ تنفّخها أمّا شمال عريّة

وأمّا صبا جنح العشيّ هبوب (٣)

بفتح الهمزة.

ويجوز مع فتح الهمزة إبدال ميمها الأولى ياء ؛ قال : [البسيط]

٥٠٢٧ ـ أيما إلى جنّة أيما إلى نار (٤)

وحذف الواو بينهما.

والثاني : أنها «إما» التفصيلية وجوابها مقدر.

قال الزمخشري : وهي قراءة حسنة ، والمعنى : إما شاكرا فبتوفيقنا ، وإما كفورا فبسوء اختياره انتهى ، ولم يذكر غيره.

__________________

(١) السابق.

(٢) ينظر المحرر الوجيز ٥ / ٤٠٩ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٨٦.

(٣) البيت لأبي القمقام الأسدي ينظر خزانة الأدب ١١ / ٨٧ ، والدرر ٦ / ١٢٠ ، ورصف المباني ص ١٠١ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣٥ ، والمقرب ١ / ٢٣١ ، وشرح جمل الزجاجي لابن عصفور ١ / ٢٣٢ ، والبحر ٨ / ٣٨٧ ، والدر المصون ٦ / ٤٣٩.

(٤) تقدم.

١١

فصل في الكلام على الآية

قال ابن الخطيب بعد حكايته أن «شاكرا وكفورا» حالان : إنّ المعنى : كلما يتعلق بهداية الله تعالى وإرشاده فقد تم حالتي الكفر والإيمان.

وقيل : وانتصب «شاكرا وكفورا» بإضمار «كان» والتقدير : سواء كان شاكرا أو كان كفورا.

وقيل : معناه إنا هديناه السبيل ليكون إما شاكرا وإما كفورا ، أي يتميز شكره من كفره ، وطاعته من معصيته كقوله تعالى : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [الملك : ٢] قال القفال : ومجاز هذه الكلمة على هذا التأويل كقولك : «قد نصحت لك إن شئت فاقبل ، وإن شئت فاترك» فتحذف الفاء ، وقد يحتمل أن يكون ذلك على جهة الوعيد ، أي : إنا هديناه السبيل ، فإن شاء فليشكر ، وإن شاء فليكفر فإنا قد أعتدنا للكافرين كذا كقوله : (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) [الكهف : ٢٩].

وقيل : حالان من السبيل ، فإن شاء فليشكر ، وإن شاء فليكفر.

وقيل : حالان من السبيل ، أي عرفناه السبيل إما سبيلا شاكرا وإما سبيلا كفورا ، ووصف السبيل بالشكر والكفر مجاز.

قال ابن الخطيب (١)(٢) : وهذه الأقوال لائقة بمذهب المعتزلة.

وقيل قول خامس مطابق لمذهب أهل السنة واختاره الفراء وهو أن تكون «إما» في هذه الآية كما في قوله تعالى : (إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) [التوبة : ١٠٦] والتقدير : إنا هديناه السبيل ، ثم جعلناه تارة شاكرا ، وتارة كفورا ويؤيده قراءة أبي السمال المتقدمة ، قالت المعتزلة : هذا التأويل باطل لتهديده الكفار بعد هذه الآية بقوله تعالى (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً) ، ولو كان كفر الكافر من الله وبخلقه لما جاز منه أن يهدده عليه ، ولما بطل هذا التأويل ثبت أن الحق هو التأويل الأول ، وهو أنه ـ تعالى ـ هدى جميع المكلفين ، سواء آمن أو كفر ، وبهذا بطل قول المجبرة.

وأجيب : بأنه ـ تعالى ـ لما علم من الكافر أنه لا يؤمن ، ثم كلفه بأن يؤمن فقد كلفه بالجمع بين العلم بعدم الإيمان ووجود الإيمان ، وهذا تكليف بالجمع بين متنافيين ، فإن لم يصر هذا عذرا في سقوط التهديد والوعيد جاز أيضا أن يخلق الكفر فيه ، ولا يصير ذلك عذرا في سقوط التهديد والوعيد ، فإذا ثبت هذا ظهر أن هنا التأويل هو الحق ، وبطل تأويل المعتزلة.

__________________

(١) الفخر الرازي ٣٠ / ٢١١.

(٢) السابق.

١٢

فصل في جمعه تعالى بين الشاكر والكفور

قال القرطبي (١) : «جمع بين الشاكر والكفور ولم يجمع بين الشكور والكفور مع اجتماعهما في معنى المبالغة نفيا للمبالغة في الشكر ، وإثباتا لها في الكفر ؛ لأن شكر الله ـ تعالى ـ لا يؤدّى فانتفت عنه المبالغة ، ولم ينتف عن الكفر المبالغة فقلّ شكره لكثرة النعم عليه وكثرة كفره وإن قلّ مع الإحسان إليه ، حكاه الماوردي».

قوله تعالى : (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً (٤) إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً (٥) عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً (٦) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (٧) وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (٨) إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً (٩) إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (١٠) فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (١١) وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (١٢) مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً (١٣) وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً (١٤) وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا (١٥) قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً (١٦) وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً (١٧) عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (١٨) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً (١٩) وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً (٢٠) عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً (٢١) إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً)(٢٢)

قوله تعالى : (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ).

قرأ نافع والكسائي (٢) ، وهاشم ، وأبو بكر : بتنوين «سلاسلا» والباقون : بغير تنوين.

ووقف هؤلاء ، وحمزة ، وقنبل عليه بالألف بلا خلاف.

وابن ذكوان والبزي وحفص : بالألف وبدونها ـ يعني بلا ألف ـ والباقون : وقفوا بالألف بلا خلاف.

فقد تحصّل من هذا أن القراء على أربع مراتب ، منهم من ينون وصلا ويقف بالألف وقفا بلا خلاف وهما حمزة وقنبل ، ومنهم من لم ينون ويقف بالألف بلا خلاف ، وهو أبو عمرو وحده ، ومنهم من لم ينون ويقف بالألف تارة وبدونها أخرى ، وهم ابن ذكوان وحفص والبزي ، فهذا ضبط ذلك.

__________________

(١) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٨٠.

(٢) ينظر : الحجة ٦ / ٣٤٨ ، وإعراب القراءات ٢ / ٤١٩ ـ ٤٢٠ ، وحجة القراءات ٤٣٧.

١٣

فأما التنوين في «سلاسل» فذكروا له أوجها :

منها : أنه قصد بذلك التناسب ؛ لأن ما قبله وما بعده منون منصوب.

ومنها : أن الكسائي وغيره من أهل «الكوفة» حكوا عن بعض العرب أنهم يصرفون جميع ما لا ينصرف إلا «أفعل منك».

قال الأخفش : سمعنا من العرب من يصرف كل ما لا ينصرف ؛ لأن الأصل في الأسماء الصرف ، وترك الصرف لعارض فيها ، وأن هذا الجمع قد جمع وإن كان قليلا قالوا : «صواحب وصواحبات» ، وفي الحديث : «إنّكنّ لصواحبات يوسف» (١) ؛ وقال : [الرجز]

٥٠٢٨ ـ قد جرت الطّير أيامنينا (٢)

فجمع «أيامن» جمع تصحيح المذكر.

وأنشدوا : [الكامل]

٥٠٢٩ ـ وإذا الرّجال رأوا يزيد رأيتهم

خضع الرّقاب نواكس الأبصار (٣)

بكسر السين من «نواكس» وبعدها ياء تظهر خطّا لا لفظا لالتقاء الساكنين ، وهذا على رواية كسر السين ، والأشهر فيها نصب السين ، فلما جمع شابه المفردات فانصرف.

ومنها : أنه مرسوم في إمام «الحجاز» و «الكوفة» بالألف ، رواه أبو عبيد ، ورواه قالون عن نافع ، وروى بعضهم ذلك عن مصاحف «البصرة» أيضا.

وقال الزمخشري : وفيه وجهان :

أحدهما : أن تكون هذه النون بدلا من حرف الإطلاق ، ويجري الوصل مجرى الوقف.

والثاني : أن يكون صاحب هذه القراءة ممن ضري برواية الشعر ومرن لسانه على صرف ما لا ينصرف.

قال شهاب الدين (٤) : «وفي هذه العبارة فظاظة وغلظة ، لا سيما على مشيخة

__________________

(١) تقدم.

(٢) ينظر الخصائص ٣ / ٢٣٦ ، والمقرب ٢ / ١٢٨ وسمط اللآلىء ١ / ٦٨١ ، والدر المصون ٦ / ٤٣٩.

(٣) البيت للفرزدق في ديوانه ١ / ٢٦٦ ؛ وجمهرة اللغة ص ٦٠٧ ؛ وخزانة الأدب ١ / ٢٠٦ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٦٧ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٣١٣ ؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٣٩ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ١٤٢ ؛ وضرح المفصّل ٥ / ٥٦ ؛ والكتاب ٣ / ٦٣٣ ؛ ولسان العرب (نكس) ، (خضع) ؛ والمقتضب ١ / ١٢١ ، ٢ / ٢١٩.

(٤) ينظر الدر المصون ٦ / ٤٣٩.

١٤

الإسلام ، وأئمة العلماء الأعلام ، ووقف هؤلاء بالألف ظاهر».

وأما لمن لم ينونه فظاهر ، لأنه على صيغة منتهى الجموع.

وقولهم : قد جمع نحو «صواحبات ، وأيامنين» لا يقدح ؛ لأن المحذور جمع التكسير ، وهذا جمع تصحيح ، وعدم وقوفهم بالألف واضح أيضا. وأما من لم ينون ووقف بالألف فاتباعا للرسم الكريم كما تقدم.

وأيضا : فإن الروم في المفتوح لا يجوزه القراء ، والقارىء قد يبين الحركة في وقفه فأتوا بالألف ليبين منها الفتحة.

وروي عن بعضهم أنه يقول : «رأيت عمرا» بالألف ، يعني عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ والسلاسل : جمع سلسلة : وهي القيود في جهنم ، وقد تقدم الكلام عنها في سورة «الحاقة».

فصل

اعلم أنه بيّن ـ هاهنا ـ حال الفريقين ، وأنه تعبد العقلاء ، وكلّفهم ومكّنهم مما أمرهم فمن كفر فله العقاب ، ومن وحد وشكر فله الثّواب ، والاعتداد هو اعتداد الشّيء حتى يكون عتيدا حاضرا متى احتيج إليه ، كقوله تعالى : (هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ) [ق : ٢٣] ، والأغلال : جمع غل ، تغلّ بها أيديهم إلى أعناقهم. وتقدم الكلام في السعير أيضا.

قوله تعالى : (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ) الآية. لما ذكر ما أعد للكافرين ذكر ما أعد للشاكرين ، والأبرار أهل الصدق ، واحدهم : برّ ، وهو من امتثل أمر الله تعالى.

وقيل : البر : الموحد ، والأبرار : جمع «بار» مثل : «شاهد وأشهاد».

وقيل : هو جمع «بر» مثل : «نهر وأنهار».

وفي «الصحاح» (١) : وجمع البر : الأبرار ، وجمع البار : البررة ، وفلان يبرّ خالقه ويتبرره أي يطيعه ، والأم برة بولدها.

وروى ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنّما سمّاهم الله ـ تعالى ـ الأبرار ؛ لأنّهم برّوا الآباء والأبناء ، كما أنّ لوالديك عليك حقّا ، كذلك لولدك عليك حقّا» (٢).

وقال الحسن : البر الذي لا يؤذي الذّرّ (٣).

__________________

(١) ينظر الصحاح ٢ / ٥٨٨.

(٢) أخرجه ابن عدي في «الكامل» (٤ / ٣٢٣) وذكره المتقي الهندي في «كنز العمال» (٤٥٤٩٢) وعزاه للطبراني عن ابن عمر.

(٣) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ١٦٥) بمعناه والقرطبي (١٩ / ٨١).

١٥

وقال قتادة : الأبرار الذين يؤدّون حق الله ، ويوفون بالنذر ، وفي الحديث : «الأبرار الّذين لا يؤذون أحدا» (١).

(يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ). أي : من إناء فيه الشراب.

قال ابن عباس : يريد الخمر (٢).

والكأس في اللغة : الإناء فيه الشراب ، وإذا لم يكن فيه الشراب لم يسمّ كأسا.

قوله تعالى : (كانَ مِزاجُها كافُوراً) المزاج : ما يمزج به أي : يخلط ، يقال : مزجه يمزجه مزجا أي : خلطه يخلطه خلطا.

قال حسان : [الوافر]

٥٠٣٠ ـ كأنّ سبيئة من بيت رأس

يكون مزاجها عسل وماء (٣)

فالمزاج كالقوام اسم لما يقاوم به الشيء ، ومنه مزاج البدن : وهو ما يمازجه من الصفراء والسوداء والحرارة والبرودة.

و «الكافور» : طيب معروف ، وكأن اشتقاقه من الكفر ، وهو الستر لأنه يغطي الأشياء برائحته ، والكافور أيضا : كمائم الشجر الذي يغطّي ثمرتها.

قال بعضهم : الكافور : «فاعول» من الكفر كالنّاقور من النّقر ، والغاموس من الغمس ، تقول : غامسته في الماء أي : غمسته ، والكفر : القرية والجبل العظيم ؛ قال : [الطويل]

٥٠٣١ ـ ..........

تطلّع ريّاه من الكفرات (٤)

والكافور : البحر ، والكافر : الليل ، والكافر : الساتر لنعم الله تعالى ، والكافر : الزارع لتوريته الحب في الأرض ؛ قال الشاعر : [السريع]

٥٠٣٢ ـ وكافر مات على كفره

وجنّة الفردوس للكافر (٥)

والكفّارة : تغطية الإثم في اليمين الفاجرة والنذور الكاذبة بالمغفرة ، والكافور : ماء جوف شجر مكنون ، فيغرزونه بالحديد ، فيخرج إلى ظاهر الشجر ، فيضربه الهواء فيجمد وينعقد كالصمغ الجامد على الأشجار.

__________________

(١) ينظر المصدر السابق.

(٢) ينظر المصدر السابق.

(٣) تقدم.

(٤) عجز بيت لعبد الله بن نمير الثقفي وصدره :

له أرج من مجمر الهند ساطع

ينظر اللسان (أرج) ، (كفر).

(٥) ينظر اللسان (كفر).

١٦

ويقال : كفر الرجل يكفر إذا وضع يده على صدره.

فصل في الآية

قال ابن الخطيب (١) : مزج الكافور بالمشروب لا يكون لذيذا ، فما السبب في ذكره؟.

والجواب من وجوه :

أحدها : قال ابن عباس : اسم عين ماء في الجنة يقال له : عين الكافور أي : يمازجه ماء هذا العين التي تسمى كافورا في بياض الكافور ورائحته وبرده ولكن لا يكون فيه طعمه ولا مضرته(٢).

وثانيها : أن رائحة الكافور عرض ، والعرض لا يكون إلا في جسم ، فخلق الله تلك الرائحة في جرم ذلك التراب فسمي ذلك الجسم كافورا وإن كان طعمه طيبا فيكون ريحها لا طعمها.

وثالثها : أن الله تبارك وتعالى يخلق الكافور في الجنة مع طعم لذيذ ويسلب عنه ما فيه من المضرّة ، ثم إنه ـ تعالى ـ يمزجه بذلك الشراب كما أنه تعالى يسلب عن جميع المأكولات والمشروبات ما معها من المضرات في الدنيا.

قال سعيد عن قتادة : يمزج لهم بالكافور ويختم بالمسك (٣).

وقيل : أراد بالكافور في بياضه وطيب رائحته وبرده ، لأن الكافور لا يشرب ، كقوله تعالى: (حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً) [الكهف : ٩٦] ، أي : كنار.

وقيل : كان في علم الله تعالى ، و «كان» زائدة ، أي : من كأس مزاجها.

قال القرطبي (٤) : ويقال : «كافور وقافور» ، وهي قراءة عبد الله (٥) بالقاف بدل الكاف ، وهذا من التعاقب بين الحرفين كقولهم : «عربي فجّ وكجّ».

ومفعول «يشربون» إما محذوف ، أي : يشربون ماء أو خمرا من كأس ، وإما مذكور وهو «عينا» ، وإما «من كأس» و «من» مزيدة فيه ، وهذا يتمشّى عند الكوفيين والأخفش.

وقال الزمخشري : «فإن قلت : لم وصل فعل الشرب بحرف الابتداء أولا ، وبحرف

__________________

(١) ينظر الفخر الرازي ٣٠ / ٢١٣.

(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ٨٢) والرازي (٣٠ / ٢١٣).

(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٥٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٨٣) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.

(٤) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٨٢.

(٥) ينظر : الدر المصون ٦ / ٤٤١.

١٧

الإلصاق آخرا؟ قلت : لأن الكأس مبدأ شربهم ، وأول غايته ، وأما العين فبها يمزجون شرابهم ، فكأن المعنى : يشرب عباد الله بها الخمر كما تقول : شربت الماء بالعسل».

قوله : (عَيْناً). في نصبها أوجه :

أحدها : بدل من «كافورا» ؛ لأن ماءها في بياض الكافور وفي رائحته وفي برده.

الثاني : أنها بدل من محل «من كأس». قاله مكي. ولم يقدر حذف مضاف.

وقدر الزمخشري على هذا الوجه حذف مضاف ، قال : كأنه قيل : يشربون خمرا ، خمر عين. وأما أبو البقاء فجعل المضاف مقدرا على وجه البدل من «كافور».

قال : «والثاني : بدل من كافور ، أي من ماء عين ، أو خمر عين». وهو معنى حسن.

والثالث : أنها مفعول ب «يشربون» يفسره ما بعده ، أي يشربون عينا من كأس.

الرابع : أن ينتصب على الاختصاص.

الخامس : بإضمار «يشربون» يفسره ما بعده ، قاله أبو البقاء. وفيه نظر ؛ لأن الظاهر أنه صفة ل «عين» فلا يصح أن يفسر.

السادس : بإضمار «يعطون».

السابع : على الحال من الضمير في «مزاجها». قاله مكي.

وقال القرطبي (١) : «نصب بإضمار أعني».

قوله : «يشرب بها». في الباء أوجه :

أحدها : أنها مزيدة ، أي : يشربها ، ويدل له (٢) قراءة ابن أبي عبلة : يشربها معدى إلى الضمير بنفسه.

الثاني : أنها بمعنى «من».

الثالث : أنها حالية ، أي : يشرب ممزوجة بها.

الرابع : أنها متعلقة ب «يشرب» والضمير يعود على الكأس ، أي : يشربون العين بذلك الكأس ، والباء للإلصاق كما تقدم في قول الزمخشري.

الخامس : أنه على تضمين «يشربون» معنى يلتذّون بها شاربين.

السادس : على تضمينه معنى يروى ، أي : يروى بها عباد الله ، وكهذه الآية الكريمة في بعض الأوجه قول الهذلي : [الطويل]

٥٠٣٣ ـ شربن بماء البحر ثمّ ترفّعت

متى لجج خضر لهنّ نئيج (٣)

__________________

(١) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٨٢.

(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣١٠ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٨٧ ، والدر المصون ٦ / ٤٤١.

(٣) تقدم.

١٨

فهذه يحتمل الزيادة ويحتمل أن تكون بمعنى «من».

وقال الفراء : «يشربها ويشرب بها سواء في المعنى ، وكأن يشرب بها : يروى بها ، وينفع بها ، وأما يشربونها فبيّن ، وأنشد قول الهذلي ، قال : ومثله : يتكلم بكلام حسن ، ويتكلم كلاما حسنا».

والجملة من قوله «يشرب بها» في محل نصب صفة ل «عينا» إن جعلنا الضمير في «بها» عائدا على «عينا» ولم نجعله مفسرا لناصب كما قاله أبو البقاء ، و «يفجرونها» في موضع الحال.

فصل في المراد بعباد الله هاهنا

قال ابن الخطيب (١) : قوله (يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) يفيد أن كل عباد الله يشربون منها ، والكفار بالاتفاق لا يشربون منها فدل على أن لفظ عباد الله مختص بأهل الإيمان ، وإذا ثبت هذا فقوله تعالى : (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) [الزمر : ٧] لا يتناول الكفار ، بل يختص بالمؤمنين ، فيصير تقدير الآية : لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر ، ولا تدل الآية على أنه ـ تعالى ـ لا يريد الكفر للكفار.

قوله : (يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً). أي : يشققونها شقّا كما يفجر الرجل النّهر هاهنا وهاهنا إلى حيث شاءوا ، ويتبعهم حيث مالوا مالت معهم.

روى القرطبي (٢) عن الحسن ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أربع عيون في الجنّة اثنان يجريان من تحت العرش ؛ إحداهما الّتي ذكر الله تعالى يفجّرونها تفجيرا وعينان يجريان من فوق العرش نضّاختان : إحداهما الّتي ذكر الله تعالى سلسبيلا ، والأخرى : التّسنيم» (٣) ذكره الحكيم الترمذي في «نوادر الأصول».

وقال : فالتّسنيم للمقربين خاصة ، شرابا لهم ، والكافور للأبرار شرابا لهم ، يمزج للأبرار من التسنيم شرابهم ، وأما الزّنجبيل والسّلسبيل فللأبرار [منها مزاج هكذا ذكره في التنزيل وسكت عن ذكر ذلك لمن هي شرب فما كان للأبرار مزاج](٤) للمقربين صرف ، وما كان للأبرار صرف فهو لسائر أهل الجنة مزاج ، والأبرار هم الصادقون والمقربون : هم الصديقون.

قوله تعالى : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) يجوز أن يكون مستأنفا لا محلّ له ألبتة ، ويجوز أن يكون خبرا ل «كان» مضمرة.

__________________

(١) ينظر الرازي ٣ / ٢١٤.

(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٨٣.

(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٨٨) وعزاه إلى الحكيم الترمذي في «نوادر الأصول».

(٤) سقط من : ب.

١٩

قال الفراء : التقدير «كانوا يوفون بالنّذر في الدنيا ، وكانوا يخافون» انتهى. وهذا لا حاجة إليه.

الثالث : جواب لمن قال : ما لهم يرزقون ذلك؟.

قال الزمخشري : «يوفون» جواب من عسى يقول : ما لهم يرزقون ذلك؟.

قال أبو حيان (١) : «واستعمل «عسى» صلة ل «من» وهو لا يجوز ، وأتى بالمضارع بعد «عسى» غير مقرون ب «أن» وهو قليل أو في الشعر».

فصل في معنى الآية

معناه : لا يخلفون إذا نذروا ، وقال معمر عن قتادة : يأتون بما فرض الله عليهم من الصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة وغيره من الواجبات (٢).

وقال مجاهد وعكرمة : يوفون إذا نذروا في حق الله تعالى (٣).

وقال الفراء والجرجاني : وفي الكلام إضمار ، أي : كانوا يوفون بالنذر في الدنيا والعرب قد تزيد مرة «كان» وتحذف أخرى.

وقال الكلبي : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) أي : يتممون العهود لقوله تعالى (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ) [النحل : ٩١] ، و (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة : ١] أمر بالوفاء بها ؛ لأنهم عقدوها على أنفسهم باعتقادهم الإيمان.

قال القرطبي (٤) : «والنذر : حقيقته ما أوجبه المكلف على نفسه [من شيء يفعله ، وإن شئت قلت في حد النذر هو إيجاب المكلف على نفسه](٥) من الطاعات ما لو لم يوجبه لم يلزمه».

وقال ابن الخطيب (٦) : الإيفاء بالشيء هو الإتيان به وافيا.

وقال أبو مسلم : النذر كالوعد ، إلا أنه إذا كان من العباد فهو نذر ، وإن كان من الله فهو وعد ، واختص هذا اللفظ في عرف الشرع بأن تقول : لله عليّ كذا وكذا من الصدقة ، أو يسلم بأمر يلتمسه من الله ـ تعالى ـ مثل أن تقول : إن شفى الله مريضي ، أو ردّ غائبي

__________________

(١) ينظر البحر المحيط ٨ / ٣٩٥.

(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٥٩) عن قتادة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٨٣) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.

(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٥٩) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٨٣) وعزاه إلى عبد بن حميد.

(٤) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٨٣.

(٥) سقط من ب.

(٦) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ٢١٤.

٢٠