اللّباب في علوم الكتاب - ج ١٨

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي

اللّباب في علوم الكتاب - ج ١٨

المؤلف:

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2298-3

الصفحات: ٦٣٢

فصل في معنى الآية

المعنى (١) : لأنتم يا معشر المسلمين (أَشَدُّ رَهْبَةً) أي خوفا وخشية في صدورهم من الله ، يعني صدور بني النضير.

وقيل : صدور المنافقين ، ويحتمل أن يرجع إلى الفريقين ، أي : يخافون منكم أكثر مما يخافون من ربهم ، «ذلك» إشارة إلى الخوف أي ذلك الخوف (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) قدر عظمة الله وقدرته حتى يخشوه حقّ خشيته.

قوله تعالى : (لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً) يعني اليهود والمنافقين لا يقدرون على مقاتلتكم مجتمعين «إلّا» إذا كانوا (فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ) بالخنادق والدّروب (٢) والحيطان [يظنّون](٣) أنها تمنعهم منكم ، (أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ) أي : من خلف حيطان يستترون بها لجبنهم ورهبتهم (٤).

قوله : «جميعا» حال ، و «إلّا في قرى» متعلق ب «يقاتلونكم» (٥).

وقوله : «جدر».

قرأ ابن كثير (٦) وأبو عمرو : «جدار» بالإفراد. وفيه أوجه (٧) :

أحدها : أنه السّور ، والسّور الواحد يعم الجميع من المقاتلة ويسترهم.

والثاني : أنه واحد في معنى الجمع لدلالة السياق عليه.

والثالث : أن كل فرقة منهم وراء جدار لا أنهم كلهم وراء جدار.

والباقون قرأوا : «جدر» ـ بضمتين ـ اعتبارا بأن كل فرقة وراء جدار ، فجمع لذلك.

وقرأ الحسن وأبو (٨) رجاء وابن وثاب والأعمش ، ويروى عن ابن كثير وعاصم : بضمة وسكون ؛ وهي تخفيف الأولى ، وقرأ ابن كثير ـ أيضا (٩) ـ في رواية هارون عنه ، وهي قراءة كثير من المكيين : «جدر» بفتحة وسكون.

فقيل : هي لغة في الجدار.

وقال ابن عطية (١٠) : معناه أصل بنيات كالسور ونحوه ، قال : ويحتمل أن يكون من

__________________

(١) ينظر : القرطبي ١٨ / ٢٤.

(٢) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٥٢.

(٣) سقط من : أ.

(٤) ينظر : القرطبي ١٨ / ٢٤.

(٥) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٩٨.

(٦) ينظر : الحجة ٦ / ٢٨٣ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٥٧ ، وحجة القراءات ٧٠٥ ، والعنوان ١٨٨ ، وشرح الطيبة ٦ / ٤٩ ، وشرح شعلة ٦٠١ ، وإتحاف ٢ / ٥٣١.

(٧) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٩٨.

(٨) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٨٩ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٤٧ ، والدر المصون ٦ / ٢٩٨.

(٩) السابق.

(١٠) المحرر الوجيز ٥ / ٢٨٩.

٦٠١

جدر النخيل أي من وراء نخيلهم. يقال : أجدر النخل إذا طلعت رءوسه أول الربيع. والجدر : نبت ، واحده جدرة.

وقرىء (١) : «جدر» ـ بفتحتين ـ حكاها الزمخشري.

وهي لغة في الجدار أيضا.

وقرىء : «جدر» ـ بضم الجيم وإسكان الدّال ـ جمع الجدار.

قال القرطبي (٢) : ويجوز أن تكون الألف في الواحد كألف «كتاب» وفي الجمع كألف «ظراف» ومثله «ناقة هجان ، ونوق هجان» لأنك تقول في التثنية «هجانان» ، فصار لفظ الواحد والجمع مشتبهين في اللفظ مختلفين في المعنى.

قاله ابن جني (٣).

قوله : (بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ).

«بينهم» متعلق ب «شديد» و «جميعا» مفعول ثان ، أي : مجتمعين.

وقوله : (وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى). جملة حالية ، أو مستأنفة للإخبار بذلك.

والعامة على «شتى» بلا تنوين ، لأنها ألف تأنيث.

ومن كلامهم : «شتّى تئوب الحلبة» أي متفرقين (٤).

وقال آخر : [الطويل]

٤٧٥٣ ـ إلى الله أشكو نيّة شقّت العصا

هي اليوم شتّى ، وهي أمس جميع (٥)

وقرأ مبشر (٦) بن عبيد : «شتّى» منونة ، كأنه جعلها ألف الإلحاق.

وفي قراءة ابن مسعود : «وقلوبهم أشتّ» (٧) يعني أشد تشتيتا أي أشد اختلافا.

فصل في معنى الآية (٨)

معنى (بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ) أي : عداوة بعضهم لبعض. قاله ابن عباس.

وقال مجاهد : (بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ) بالكلام والوعيد لنفعلن كذا (٩).

__________________

(١) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٠٧ ، والدر المصون ٦ / ٢٩٨.

(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٢٤.

(٣) ينظر : المحتسب ٢ / ٣١٧.

(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٩٨.

(٥) ينظر القرطبي ١٨ / ٢٥ ، والبحر ٨ / ٢٤٨ ، والدر المصون ٦ / ٢٩٨.

(٦) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٤٨ ، والدر المصون ٦ / ٢٩٨.

(٧) ينظر السابق ، والقرطبي ١٨ / ٢٥.

(٨) ينظر : القرطبي ١٨ / ٢٤.

(٩) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ٢٤).

٦٠٢

وقال السّدي : المراد اختلاف قلوبهم حتى لا يتفقوا على أمر واحد (١).

وقيل : (بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ) إذا لم يلقوا عدوّا نسبوا أنفسهم إلى الشدة والبأس ، وإذا لقوا العدو انهزموا.

(تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى).

يعني اليهود والمنافقين. قاله مجاهد. وعنه أيضا : يعني المنافقين.

وقال الثوري : هم المشركون وأهل الكتاب.

وقال قتادة : (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً) أي : مجتمعين على أمر ورأي. (وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) : أي : متفرقة فأهل الباطل مختلفة آراؤهم وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق (٢).

وعن مجاهد أيضا : أراد أن دين المنافقين مخالف لدين اليهود ، وهذا يقوي أنفس المؤمنين عليهم (٣)(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) أي : ذلك التشتيت والكفر بأنهم قوم لا يعقلون أمر الله.

وقيل : لا يعقلون ما فيه الحظ لهم.

وقيل : لا يعقلون أن تشتيت القلوب مما يوهن قواهم (٤).

قوله تعالى : (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ).

خبر مبتدأ مضمر ، أي : مثلهم مثل هؤلاء.

و «قريبا» فيه وجهان (٥) :

أحدهما : أنه منصوب بالتشبيه المتقدم ، أي : يشبهونهم في زمن قريب سيقع لا يتأخر ، ثم بين ذلك بقوله : (ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ).

والثاني : أنه منصوب ب «ذاقوا» أي : ذاقوا في زمن قريب.

أي : ذاقوه في زمن قريب سيقع ولم يتأخّر.

وانتصابه في وجهيه على ظرف الزّمان.

فصل في معنى الآية

يعني مثل هؤلاء اليهود كمثل الذين من قبلهم.

__________________

(١) ينظر المصدر السابق.

(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٥) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٩٥) ، وعزاه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.

(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٦) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٩٥) ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر.

(٤) ينظر القرطبي ١٨ / ٢٤ ، والرازي ٢٩ / ٢٥٢.

(٥) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٩٨.

٦٠٣

قال ابن عباس : يعني به بني قينقاع أمكن الله منهم قبل بني النضير (١).

وقال قتادة : يعني بني النضير أمكن الله منهم قبل قريظة ، وكان بينهما سنتان (٢).

وقال مجاهد رضي الله عنه : يعني كفّار قريش يوم بدر ، وكان ذلك قبل غزوة بني النضير قاله مجاهد (٣).

وكانت غزوة بدر قبل غزوة بني النضير بستة أشهر ، فلذلك قال : «قريبا» (٤).

وقيل : هو عامّ في كل من انتقم منه على كفره قبل بني النضير من نوح إلى محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(وَبالَ أَمْرِهِمْ) أي : جزاء كفرهم. ومن قال : هم بنو قريظة جعل (وَبالَ أَمْرِهِمْ) نزولهم على حكم سعد بن معاذ ، فحكم فيهم بقتل المقاتلة وسبي [الذرية](٥). وهو قول الضحاك. ومن قال : المراد بنو النضير ، قال : (وَبالَ أَمْرِهِمْ) الجلاء والنفي ، (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) في الآخرة.

قوله تعالى : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ).

هذا مثل ضربه الله للمنافقين واليهود في تخاذلهم وعدم الرجاء في نصرتهم ، وحذف حرف العطف ولم يقل : وكمثل الشيطان ، لأن حذف حرف العطف كثير ، كقولك : أنت عاقل ، أنت كريم ، أنت عالم (٦).

وقوله : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ) كالبيان لقوله (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ).

فصل

روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أن الإنسان الذي قال له الشيطان : اكفر ؛ راهب ، نزلت عنده امرأة أصابها لمم ليدعو لها فزيّن له الشيطان فوطئها فحملت ، ثم قتلها خوفا أن يفتضح ، فدلّ الشيطان قومها على موضعها ، فجاءوا فاستنزلوا الراهب ليقتلوه ، فجاء الشيطان فوعده إن سجد له أنجاه من هذه الورطة منهم فسجد فتبرّأ منه فأسلمه ، ذكره (٧) القاضي إسماعيل ، وعلي بن المديني ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عروة بن عامر ، عن عبيد بن رفاعة الزرقي ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وذكر خبره مطولا.

وذكر ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ) أنه كان راهب في

__________________

(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٦) ، من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس.

(٢) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٣٢٢).

(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٦) ، عن مجاهد.

(٤) ينظر : القرطبي ١٨ / ٢٥.

(٥) في أ : الذراري.

(٦) السابق.

(٧) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٩٦) ، وعزاه إلى ابن أبي الدنيا في «مكايد الشيطان» والبيهقي في «شعب الإيمان».

٦٠٤

الفترة يقال له : برصيصا ، قد تعبد في صومعته سبعين سنة لم يعص الله فيها طرفة عين حتى أعيا إبليس ، وذكر خبر برصيصا بتمامه (١).

قال ابن عباس رضي الله عنهما : فضرب الله ذلك مثلا للمنافقين مع اليهود ، وذلك أن الله ـ تعالى ـ أمر نبيه أن يجلي بني النضير من «المدينة» ، فدس إليهم المنافقون ألّا تخرجوا من دياركم ، فإن قاتلوكم قاتلنا معكم ، وإن أخرجوكم كنا معكم ، فحاربوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فخذلهم المنافقون وتبرءوا منهم كما تبرأ الشيطان من برصيصا العابد (٢).

وقيل (٣) : المعنى مثل المنافقين في غدرهم لبني النضير كمثل إبليس إذ قال لكفار قريش : (لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ) [الأنفال : ٤٨] الآية.

وقال مجاهد : المراد بالإنسان ها هنا جميع الناس في غرور الشيطان إياهم (٤).

ومعنى (٥) قوله تعالى : (إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ).

أي : أغواه حتى قال : إنّي كافر ، وليس قول الشيطان : (إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) حقيقة ، إنما هو على وجه التبرّؤ من الإنسان ، فهو تأكيد لقوله تعالى : (إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ).

وفتح الياء من «إني» نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وأسكن الباقون (٦).

قوله تعالى : (فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ (١٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٨) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (١٩) لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠) لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٢١) هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (٢٢) هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ

__________________

(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٩٦) ، وعزاه إلى ابن أبي حاتم عن ابن عباس.

(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ٢٨) ، عن ابن عباس.

(٣) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٥٣ ، والقرطبي ١٨ / ٢٨.

(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٩) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٩٧) ، وعزاه إلى عبد بن حميد.

(٥) القرطبي ١٨ / ٢٨ ، ٢٩.

(٦) ينظر : السبعة ٦٣٢ ، والحجة ٦ / ٢٨٤ ، والعنوان ١٨٨ ، وشرح الطيبة ٦ / ٤٩ ، وشرح شعلة ٦٠١ ، وإتحاف ٢ / ٥٣١.

٦٠٥

الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٢٣) هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(٢٤)

العامة على نصب «عاقبتهما» والاسم «أن» وما في حيزها ، لأن الاسم أعرف من (عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ). وقد تقدم تحرير هذا في «آل عمران» (١) و «الأنعام» (٢).

وقرأ الحسن وعمرو (٣) بن عبيد وابن أرقم : برفعها ، على جعلها اسما ، و «أن» وما في حيزها خبر كقراءة : (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا) [الأنعام : ٢٣].

قوله : (خالِدَيْنِ فِيها).

العامة على نصبه ، حالا من الضمير المستكن في الجار لوقوعه خبرا.

والتثنية ظاهرة فيمن جعل الآية مخصوصة في الراهب والشيطان ، ومن جعلها في الجنس فالمعنى فكان عاقبة الفريقين أو الصنفين (٤).

قال مقاتل : يعني المنافقين واليهود.

ونصب «عاقبتهما» على أنه خبر «كان» والاسم «أنّهما في النّار».

وقرأ عبد الله ، وزيد (٥) بن علي ، والأعمش ، وابن أبي عبلة : برفعه خبرا ، والظرف ملغى ، فيتعلق بالخبر ، وعلى هذا فيكون تأكيدا لفظيّا للحرف ، وأعيد معه ضمير ما دخل عليه كقوله: (فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها).

وهذا على مذهب سيبويه (٦) ، فإنه يجيز إلغاء الظرف وإن أكد.

والكوفيون يمنعونه ، وهذا حجة عليهم ، وقد يجيبون بأنا لا نسلم أن الظرف في هذه القراءة ملغى بل نجعله خبرا ل «أن» و «خالدان» خبر ثان ، وهو محتمل لما قالوا إلا أن الظاهر خلافه.

قال القرطبي (٧) : وهذه القراءة خلاف المرسوم.

وقوله : (وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) أي : المشركين ، كقوله : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان : ١٣].

__________________

(١) آية (١٣٧).

(٢) آية (١١).

(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٩٠ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٤٨ ، والدر المصون ٦ / ٢٩٩.

(٤) ينظر : القرطبي ١٨ / ٢٩.

(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٩٠ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٢٤٨ ، والدر المصون ٦ / ٢٩٩.

(٦) ينظر : الكتاب ١ / ٢٨٧.

(٧) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٢٩.

٦٠٦

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) في أوامره ونواهيه ، وأداء فرائضه واجتناب معاصيه. (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ) يعني يوم القيامة ، والعرب تكني عن المستقبل بالغد.

وقيل : ذكر الغد تنبيها على أن الساعة قريبة ؛ كقوله : [الطويل]

٤٧٥٤ ـ وإنّ غدا للنّاظرين قريب (١)

وقال الحسن وقتادة : قرب الساعة حتى جعلت كغد ؛ لأن كل آت قريب ، والموت لا محالة آت (٢). ومعنى (ما قَدَّمَتْ) أي : من خير أو شرّ.

ونكر النفس لاستقلال النفس التي تنظر فيما قدمت للآخرة ، كأنه قال : فلتنظر نفس واحدة في ذلك ، ونكر الغد ، لتعظيمه وإبهام أمره ، كأنه قيل : الغد لا يعرف كنهه لعظمه (٣).

وقرأ العامة بسكون لام الأمر في قوله : «ولتنظر».

وأبو حيوة ويحيى (٤) بن الحارث بكسرها على الأصل.

والحسن (٥) : بكسرها ونصب الفعل ، جعلها لام «كي» ، ويكون المعلل مقدّرا ، أي : ولتنظر نفس حذركم وأعمالكم.

قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ) تأكيد.

وقيل : كرر لتغاير متعلق التقويين فمتعلق الأولى : أداء الفرائض لاقترانه بالعمل ، والثانية : ترك المعاصي لاقترانه بالتهديد والوعيد ، قال معناه الزمخشري (٦).

ثم قال : (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ).

قال سعيد بن جبير : (بِما تَعْمَلُونَ) أي : بما يكون منكم (٧).

قوله تعالى : (وَلا تَكُونُوا).

__________________

(١) قائله هو ضرار بن أجدع يخاطب النعمان بن المنذر ، ولفظ البيت :

فإن يك صدر هذا اليوم ولّى

فإنّ غدا لناظره قريب

ينظر القرطبي ١٨ / ٢٩.

(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٠) ، عن قتادة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٩٨) ، وعزاه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد.

(٣) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٥٣.

(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٩١ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٤٩ ، والدر المصون ٦ / ٢٩٩.

(٥) ينظر المصدر السابق.

(٦) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٠٨ ، والدر المصون ٦ / ٢٩٩.

(٧) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ٢٩).

٦٠٧

العامة : على الخطاب ، وأبو حيوة : على الغيبة (١) ، على الالتفات.

(نَسُوا اللهَ) أي : تركوه (فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) أن يعملوا لها خيرا. قاله المقاتلان (٢).

وقيل : نسوا حق الله ، فأنساهم حق أنفسهم. قاله سفيان.

وقيل : (نَسُوا اللهَ) بترك ذكره وتعظيمه (فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) بالعذاب أن يذكر بعضهم بعضا. حكاه ابن عيسى (٣).

وقيل : قال سهل بن عبد الله : (نَسُوا اللهَ) عند الذنوب (فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) عند التوبة.

وقيل : «أنساهم أنفسهم» أي : أراهم يوم القيامة من الأحوال ما نسوا فيه أنفسهم ، كقوله تعالى : (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) [إبراهيم : ٤٣] ، (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) [الحج : ٢].

ونسب تعالى الفعل إلى نفسه في «أنساهم» إذ كان ذلك بسبب أمره ونهيه ، كقولك : أحمدت الرجل إذا وجدته محمودا.

وقيل : (نَسُوا اللهَ) في الرخاء (فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) في الشدائد.

(أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ). قال ابن جبير : العاصون (٤).

وقال ابن زيد : الكاذبون (٥) ، وأصل الفسق الخروج ، أي : الذين خرجوا عن طاعة الله(٦).

قوله تعالى : (لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ) أي : في الفضل والرتبة (٧) ، لما أرشد المؤمنين إلى ما هو مصلحتهم يوم القيامة (٨) ، بقوله : (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ)، وهدّد الكافرين بقوله : (كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) بين بهذه الآية الفرق بين الفريقين. واعلم أن الفرق بينهما معلوم بالضرورة ، وإنما ذكر الفرق في هذا الموضع للتنبيه على عظم ذلك الفرق (٩) ، ثم [قال : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ).

وهذا كالتفسير لنفي تساويهما.

و «هم» يجوز أن يكون فصلا ، وأن يكون مبتدأ ، فعلى الأول : الإخبار بمفرد ، وعلى الثاني : بجملة (١٠).

__________________

(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٩١ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٤٩ ، والدر المصون ٦ / ٢٩٩.

(٢) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٥٣.

(٣) ينظر : القرطبي ١٨ / ٢٩.

(٤) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ٢٩).

(٥) ينظر المصدر السابق.

(٦) ينظر : القرطبي ١٨ / ٢٩.

(٧) ينظر القرطبي ١٨ / ٣٠.

(٨) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ١٥٣.

(٩) ينظر : السابق ٢٩ / ٢٥٤.

(١٠) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٩٩.

٦٠٨

ومعنى «الفائزون» المقربون المكرمون (١).

وقيل : الناجون من النار ، ونظير هذه الآية قوله : (لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ) [المائدة : ١١٠] ، وقوله : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) [السجدة : ١٨] ، وقوله : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ)](٢) [ص : ٢٨].

فصل

احتجّت المعتزلة بهذه الآية على أن صاحب الكبيرة لا يدخل الجنة بهذه الآية (٣) ، قالوا : لأن الآية دلت على أن أصحاب النار وأصحاب الجنة لا يستويان ، [فلو دخل صاحب الكبيرة الجنة لكان أصحاب الجنة وأصحاب النار يستويان](٤) ، وهو غير جائز وجوابه معلوم.

فصل في أن المسلم لا يقتل بالذمي

دلت هذه الآية على أن المسلم لا يقتل بالذمي كما هو مذكور في كتب الفقه (٥). قوله تعالى : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ).

وهذا حثّ على تأمل مواعظ القرآن ، وبيّن أنه لا عذر في ترك التدبر ، فإنه لو خوطب بهذا القرآن الجبال مع تركيب العقل فيها لانقادت لمواعظه ، ورأيتها على صلابتها ورزانتها خاشعة متصدعة ، أي : متشققة من خشية الله.

والخاشع : الذّليل. والمتصدّع : المتشقق.

وقيل : «خاشعا» لله بما كلفه من طاعته ، «متصدعا» من خشية الله أن يعصيه فيعاقبه.

وقيل : هو على وجه المثل للكفار (٦).

قوله تعالى : (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ).

__________________

(١) ينظر : القرطبي ١٨ / ٣٠.

(٢) سقط من : أ.

(٣) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٥٤.

(٤) سقط من : أ.

(٥) لا يجوز قتل مسلم بكافر وهو مذهب عمر بن عبد العزيز والأوزاعي والثوري وابن شبرمة والشافعي ومالك وأحمد وأبي ثور. واحتج هؤلاء بما أخرجه البخاري في كتاب الديات ، باب : العاقلة ١٢ / ٢٥٦ (٦٩٣) ، عن أبي جحيفة أنه قال : سألت عليا هل عندكم شيء ليس في القرآن؟ فقال والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن إلا فهما يعطى رجل في كتابه وما في الصحيفة.

قلت : وما في الصحيفة؟ قال : العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر. عمدة القارىء ١٩ / ٣٤٩ ، فتح الباري ١٢ / ٢٧٢ ، روضة الطالبين ٩ / ١٥٠.

(٦) ينظر : القرطبي ١٨ / ٣٠.

٦٠٩

أي : أنه لو أنزل القرآن على الجبل لخشع لوعده ، وتصدع لوعيده ، وأنتم أيها المقهورون بإعجازه لا ترغبون في وعده ، ولا ترهبون من وعيده (١).

والغرض من هذا الكلام التنبيه على فساد قلوب هؤلاء الكفار وغلظ طباعهم (٢) ، ونظيره قوله : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) [البقرة : ٧٤].

وقيل (٣) : الخطاب للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أي : لو أنزلنا هذا القرآن يا محمد على جبل لما ثبت وتصدع من نزوله عليه ، وقد أنزلناه عليك وثبتناك له ، فيكون ذلك امتنانا عليه أن ثبته لما لم يثبت عليه الجبال.

وقيل : إنه خطاب للأمة ، وأن الله ـ تعالى ـ لو أنذر بهذا القرآن الجبال لتصدّعت من خشية الله ، والإنسان أقل قوة وأكثر ثباتا ، فهو يقوم بحقه إن أطاع ، ويقدر على ردّه إن عصى ؛ لأنه موعود بالثواب ، ومزجور بالعقاب (٤).

قوله : «خاشعا» حال ؛ لأن الرؤية بصرية.

وقرأ طلحة (٥) : «مصّدعا» بإدغام التاء في الصاد.

قوله تعالى : (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ).

لما وصف القرآن بالعظم ، ومعلوم أن عظم الصفة تابع لعظم الموصوف ، أتبع ذلك بشرح عظمة الله تعالى ، فقال : (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ).

قال ابن عباس رضي الله عنهما : معناه : عالم السر والعلانية (٦).

وقيل : ما كان وما يكون.

وقال سهل : عالم بالآخرة والدنيا.

وقيل : «الغيب» ما لم يعلمه العباد ولا عاينوه ، و «الشّهادة» ما علموا وشاهدوا.

وقوله : (الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ). تقدم مثله.

قوله تعالى : (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ).

قرأ أبو دينار وأبو السمال (٧) : «القدّوس» بفتح القاف.

__________________

(١) ينظر السابق.

(٢) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٥٤.

(٣) ينظر : القرطبي ١٨ / ٣٠.

(٤) السابق.

(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٩١ ، والبحر المحيط ، ٨ / ٢٤٩ ، والدر المصون ٦ / ٢٩٩.

(٦) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ٣٠) ، عن ابن عباس وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٠٠) ، وعزاه إلى ابن أبي حاتم.

(٧) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٩٢ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٤٩ ، والدر المصون ٦ / ٣٠٠ ، والقرطبي ١٨ / ٣١.

٦١٠

[قال الحسن : هو الذي كثرت بركاته (١)](٢).

والعامة : بضمها ، وهو المنزّه عن كل نقص ، والطّاهر عن كل عيب (٣).

والقدس ـ بالتحريك ـ السّطل بلغة أهل الحجاز ، لأنه يتطهر منه.

ومنه «القادوس» لواحد الأواني الذي يستخرج به الماء من البئر بالسانية.

وكان سيبويه يقول : «قدّوس ، وسبّوح» بفتح أولهما.

وحكى أبو حاتم عن يعقوب أنه سمع عند الكسائي أعرابيا فصيحا يكنى أبا الدينار يقرأ : «القدّوس» بفتح القاف.

قال ثعلب : كل اسم على «فعّول» فهو مفتوح الأول ، مثل : سفّود ، وكلّوب ، وتنّور ، وسمّور ، وشبّوط ، إلا السّبّوح والقدّوس ، فإنّ الضم فيهما أكثر ، وقد يفتحان ، وكذلك : الذروح بالضم (٤).

قوله : (السَّلامُ). أي : ذو السلامة من النقائص.

قال ابن العربي : اتفق العلماء على أنّ قوله : «السّلام» النسبة ، تقديره : ذو السلامة ، ثم اختلفوا في ترجمة النسبة.

فقيل : معناه الذي سلم من كل عيب ، وبرىء من كل نقص.

وقيل : المسلم على عباده في الجنّة ، كما قال : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) [يس : ٥٨].

وقيل : معناه الذي سلم الخلق من ظلمه. وهذا قول الخطابي.

قال القرطبي (٥) : وعلى هذا والذي قبله يكون صفة فعل ، وعلى الأول يكون صفة ذات.

وقيل : معناه : المسلم لعباده.

قوله : (الْمُؤْمِنُ).

أي : الذي أمن أولياؤه عذابه ، يقال : أمنه يؤمنه فهو مؤمن.

وقيل (٦) : المصدق لرسله بإظهار معجزاته عليهم ، ومصدق المؤمنين ما وعدهم به من الثواب ، ومصدق الكافرين ما أوعدهم من العقاب.

وقال مجاهد : المؤمن الذي وحّد نفسه بقوله : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ)(٧).

__________________

(١) ذكره الرازي في في تفسيره (٢٩ / ٢٥٤) ، عن الحسن.

(٢) سقط من : أ.

(٣) ينظر : القرطبي ١٨ / ٣١.

(٤) ينظر : القرطبي ١٨ / ٣١.

(٥) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٣١.

(٦) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٥٥ ، والقرطبي ١٨ / ٣١.

(٧) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ٣١).

٦١١

وقرأ العامة : «المؤمن ـ بكسر الميم ـ اسم فاعل من آمن بمعنى أمن».

وأبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ، وقيل ابن القعقاع : بفتحها (١).

فقال الزمخشري (٢) : بمعنى المؤمن به ، على حذف حرف الجر ، كقوله : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) [الأعراف : ١٥٥] المختارون.

وقال أبو حاتم : لا يجوز ذلك ، أي : هذه القراءة ؛ لأنه لو كان كذلك لكان المؤمن به ، وكان جائزا ، لكن المؤمن المطلق بلا حرف جر يكون من كان خائفا فأمن ، فقد ردّ ما قاله الزّمخشري (٣).

فصل

قال ابن عباس : إذا كان يوم القيامة أخرج أهل التوحيد من النار ، وأول من يخرج من وافق اسمه اسم نبي حتى إذا لم يبق فيها من يوافق اسمه اسم نبي ، قال الله تعالى لباقيهم : أنتم المسلمون وأنا السلام ، وأنتم المؤمنون وأنا المؤمن ، فيخرجهم من النار ببركة هذين الاسمين (٤).

قوله : (الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ).

قيل : معنى المهيمن «الشاهد» الذي لا يغيب عنه شيء (٥). وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي ومقاتل.

قال الخليل وأبو عبيدة : هيمن يهيمن فهو مهيمن ، وقد تقدم الكلام عليه عند قوله : (وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) [المائدة : ٤٨].

وقال ابن الأنباري : «المهيمن» : القائم على خلقه بقدرته.

وأنشد : [الطويل]

٤٧٥٥ ـ ألا إنّ خير النّاس بعد نبيّه

مهيمنه التّاليه في العرف والنّكر (٦)

وقيل هو في الأصل : مؤيمن فقلبت الهمزة هاء ، كقوله : «أرقت وهرقت» ومعناه : المؤمن. نقله البغوي (٧).

وتقدم الكلام على «العزيز».

__________________

(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٤٩ ، والدر المصون ٦ / ٣٠٠.

(٢) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٠٩.

(٣) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٠٠.

(٤) ينظر : القرطبي (١٨ / ٣١).

(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٥٢) ، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة.

(٦) ينظر اللسان (همن) ، والتفسير الكبير ٢٩ / ١٩٤.

(٧) ينظر : معالم التنزيل ٤ / ٣٢٦.

٦١٢

قوله : (الْجَبَّارُ).

استدل به من يقول : إن أمثلة المبالغة تأتي من المزيد على الثلاثة ، فإنه من «أجبره على كذا» ، أي قهره (١).

قال الفرّاء : ولم أسمع «فعّالا» من «أفعل» إلا في «جبّار ودرّاك» من أدرك انتهى واستدرك عليه : أسأر ، فهو سئّار.

وقيل : هو من الجبر ، وهو الإصلاح.

وقيل : هو من قولهم : نخلة جبّارة إذا لم ينلها الجناة.

قال امرؤ القيس : [الطويل]

٤٧٥٦ ـ سوامق جبّار أثيث فروعه

وعالين قنوانا من البسر أحمرا (٢)

يعني النّخل التي فاتت اليد.

قال ابن الخطيب (٣) : فيه وجوه :

أحدها : أنه «فعّال» من جبر ، إذا أغنى الفقير وأصلح الكسير.

قال الأزهري (٤) : «هو لعمري جابر لكل كسير وفقير ، وهو جابر دينه الذي ارتضاه».

قال العجاج ـ رحمه‌الله ـ : [الرجز]

٤٧٥٧ ـ قد جبر الدّين الإله فجبر (٥)

الثاني : أن يكون من جبره إذا أكرهه على ما أراده.

قال السديّ : إنه هو الذي يقهر الناس ، ويجبرهم على ما أراده.

قال الأزهري : «هي لغة «تميم» ، وكثير من الحجازيين يقولونها».

وكان الشافعي ـ رحمه‌الله ـ يقول : جبره السلطان على كذا ، بغير ألف.

الثالث : قال ابن عباس رضي الله عنهما : الجبّار هو الملك العظيم.

وقيل : الجبار الذي لا تطاق سطوته (٦).

قال الواحدي (٧) : هذا الذي ذكرنا من معاني الجبار في صفة الله تعالى ، وأما معاني الجبار في صفة الخلق فلها معان :

__________________

(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٠٠.

(٢) تقدم.

(٣) ينظر : التفسير الكبير ٢٩ / ٢٥٥.

(٤) ينظر : تهذيب اللغة ١١ / ٦٠. مادة (جبر).

(٥) وبعده :

وعوّر الرّحمن من ولّى العور

ينظر ديوان العجاج ص ٤ ، والخصائص ٢ / ٢٦٣ ، والأشموني ٤ / ٢١٤ ، والاقتضاب ص ٤٠٧ ، واللسان (جبر) ، وتهذيب اللغة للأزهري ١١ / ٦٠ (جبر).

(٦) ينظر تفسير القرطبي (١٨ / ٣١).

(٧) الرازي ٢٩ / ٢٥٥.

٦١٣

أحدها : المسلّط ، كقوله : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) [ق : ٤٥].

الثاني : العظيم الجسم ، كقوله تعالى : (إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ) [المائدة : ٢٢].

والثالث : المتمرّد عن عبادة الله كقوله : (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً) [مريم : ٣٢].

الرابع : القتال كقوله : (بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ) [الشعراء : ١٣٠] وقوله : (إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ) [القصص : ١٩].

قوله : (الْمُتَكَبِّرُ).

قال ابن عباس : الذي تكبر بربوبيته فلا شيء مثله (١).

وقيل : المتكبر عن كل سوء ، المتعظم عما لا يليق به من صفات الحدوث والذم.

وأصل الكبر والكبرياء الامتناع وقلّة الانقياد (٢).

قال حميد بن ثور : [الطويل]

٤٧٥٨ ـ عفت مثل ما يعفو الفصيل فأصبحت

بها كبرياء الصّعب وهي ذلول (٣)

قال الزجّاج (٤) : وهو الذي تعظّم عن ظلم عباده.

وقال ابن الأنباري : «المتكبر» ذو الكبرياء.

والكبرياء عند العرب الملك ، قال تعالى : (وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ) [يونس: ٧٨] واعلم أن المتكبر في صفات الله مدح ، وفي صفات المخلوقين ذم (٥).

قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ يرويه عن ربه ـ تبارك وتعالى ـ أنه قال : «الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحدا منهما قصمته ثم قذفته في النار» (٦).

وقيل : المتكبر معناه العالي (٧).

وقيل : الكبير ، لأنه أجل من أن يتكلف كبرا.

وقد يقال : تظلّم بمعنى ظلم ، وتشتّم بمعنى شتم ، واستقر بمعنى قرّ ، كذلك المتكبر بمعنى الكبير ، وليس كما يوصف به المخلوق إذا وصف ب «تفعل» إذا نسب إلى ما لم يكن منه (٨) ، ثم نزّه نفسه فقال : (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ).

كأنه قال (٩) : إن المخلوقين قد يتكبرون ، ويدّعون مشاركة الله في هذا الوصف ،

__________________

(١) ينظر القرطبي (١٨ / ٣١).

(٢) ينظر القرطبي (١٨ / ٣٢).

(٣) في الديوان يروى الطليح مكان الفصيل ، ينظر ديوانه ص ٥٨ ، واللسان (عفا) ، والقرطبي ١٨ / ٣٢.

(٤) ينظر : معاني القرآن للزجاج ٥ / ١٥١.

(٥) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٥٦).

(٦) تقدم.

(٧) في أ : الباقي.

(٨) ينظر : القرطبي ١٨ / ٣٢.

(٩) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٥٦.

٦١٤

لكنه سبحانه منزّه عن التكبر الذي هو حاصل للخلق ؛ لأنهم ناقصون بحسب ذواتهم ، فادعاؤهم الكبر يكون ضم نقصان الكذب إلى النقصان الذاتي ، وأما الله ـ سبحانه وتعالى ـ فله العلو والعزّ ، فإذا أظهره كان ذلك ضمّ كمال إلى كمال ، فسبحان الله عمّا يشركون في إثبات صفة المتكبريّة للخلق.

قوله : (هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ).

«الخالق» هنا المقدر ، و «البارىء» المنشىء المخترع ، وقدم ذكر الخالق على البارىء ؛ لأن الإرادة مقدمة على تأثير القدرة (١).

قوله : (الْمُصَوِّرُ).

العامة : على كسر الواو ورفع الراء ، إما صفة وإما خبر.

وقرأ أمير المؤمنين (٢) علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ والحسن بن السميفع ، وحاطب بن أبي بلتعة : بفتح الواو ونصب الراء. وتخريجها على أن يكون منصوبا ب «البارىء».

و «المصوّر» هو الإنسان إما آدم ، وإما هو وبنوه.

وعلى هذه القراءة يحرم الوقف على المصور ، بل يجب الوصل ليظهر النّصب في الراء ، وإلا فقد يتوهم منه في الوقف ما لا يجوز (٣).

وروي عن أمير المؤمنين أيضا : فتح الواو وجرّ الراء ، وهي كالأولى في المعنى إلا أنه أضاف اسم الفاعل لمعموله مخففا نحو : «الضارب الرجل».

والوقف على «المصوّر» في هذه القراءة أيضا حرام ، وقد نبّه عليه بعضهم.

وقال مكي (٤) : «ويجوز نصبه في الكلام ، ولا بد من فتح الواو فتنصبه ب «البارىء» ، أي : هو الله الخالق المصور ، يعني : آدم ـ عليه الصلاة والسلام ـ وبنيه». انتهى. وكأنه لم يطلع على هذه القراءة.

وقال أيضا : «ولا يجوز نصبه مع كسر الواو ، ويروى عن علي رضي الله عنه».

يعني أنه إذا كسرت الواو ، وكان من صفات الله تعالى ، وحينئذ لا يستقيم نصبه عنده ؛ لأن نصبه باسم الفاعل قبله.

وقوله : «ويروى» أي : كسر الواو ونصب الراء ، وإذا صح هذا عن أمير المؤمنين ،

__________________

(١) ينظر : التفسير الكبير ٢٩ / ٢٥٦.

(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٩٢ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٤٩ ، والدر المصون ٦ / ٣٠٠ ، والقرطبي ١٨ / ٣٢.

(٣) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٠٠.

(٤) ينظر : المشكل ٢ / ٧٢٧.

٦١٥

فيتخرج على أنه من القطع ، كأنه قال : أمدح المصور ، كقولهم : «الحمد لله أهل الحمد» بنصب أهل ؛ وقراءة من قرأ : الله رب العالمين بنصب «رب» (١).

قال مكي (٢) : و «المصور» «مفعّل» من «صوّر يصوّر» ، ولا يحسن أن يكون من «صار يصير» ، لأنه يلزم منه أن يقال : المصير ، بالياء».

وقيل : هذا من الواضحات ولا يقبله المعنى أيضا.

وقدم «البارىء» على «المصور» لأن إيجاد الذوات مقدّم على إيجاد الصفات (٣) ، فالتصوير مرتب على الخلق والبراية وتابع لهما ، ومعنى التصوير (٤) : التخطيط والتشكيل ، وخلق الله الإنسان في بطن أمه ثلاث خلق ، جعله علقة ثم مضغة ثم جعله صورة ، وهو التشكيل الذي يكون به ذا صورة يعرف بها ويتميز عن غيره ، فتبارك الله أحسن الخالقين. قوله : (لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) تقدم نظيره.

روى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : سألت خليلي أبا القاسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن اسم الله الأعظم ، فقال : «عليك بأواخر سورة الحشر ، فأكثر قراءتها» فأعدت عليه فأعاد عليّ(٥).

وقال جابر بن زيد : إنّ اسم الله الأعظم هو الله لمكان هذه الآية (٦).

وعن أنس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من قرأ سورة الحشر غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر» (٧).

وعن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من قرأ خواتيم سورة الحشر في ليل أو نهار ، فقبضه الله في تلك اللّيلة أو ذلك اليوم فقد أوجب الله له الجنّة» (٨).

تمّ الجزء الثّامن عشر ، ويليه الجزء التّاسع عشر

وأوّله : تفسير سورة الممتحنة

__________________

(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٠٠.

(٢) ينظر : المشكل ٢ / ٧٢٧.

(٣) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٥٦.

(٤) ينظر : القرطبي ١٨ / ٣٢.

(٥) ذكره الحافظ ابن حجر في «تخريج الكشاف» (٤ / ٥١٠) ، وقال : أخرجه الثعلبي من رواية علي بن رزيق عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة.

وفي الواحدي من حديث ابن عباس رفعه بلفظ : اسم الله الأعظم في ست آيات من آخر سورة الحشر.

(٦) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ٣٣).

(٧) ذكره الحافظ في «تخريج الكشاف» (٤ / ٥١٠) ، وعزاه إلى الثعلبي من طريق يزيد بن أبان عن أنس به.

(٨) أخرجه ابن عدي في «الكامل» (٣ / ١١٦٤) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٢ / ٤٩٢) ، رقم (٢٥٠١) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (١٢ / ٤٤٤) ، من طريق سليم بن عثمان التوزي عن محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة مرفوعا وقال البيهقي: تفرد به سليم بن عثمان عن محمد بن زياد.

قلت وهو ضعيف متهم. قال ابن عدي : روى عن محمد بن زياد مناكير. وقال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (٤ / ٢١٦) : عنده عجائب وهو مجهول وذكره الذهبي في «المغني» (١ / ٢٨٤) ، وقال : متهم واه.

٦١٦

فهرس المحتويات

سورة ق

الآيات : ١ ـ ٥.................................................................. ٣

فصل في معنى «ق».............................................................. ٣

فصل : قال ابن الخطيب : هذه السورة وسورة (ص) يشتركان في افتتاح أولهما بالحرف المعجم والقسم بالقرآن  ٤

فصل : قال ابن الخطيب : قد ذكرنا أن الحروف تنبيهات قدمت على القرآن ليكون السامع بسببها يقبل على استماع ما يرد على الأسماع ٥

فصل : أقسم الله بالأشياء المركبة العناصر كالتين والطور............................... ٦

فصل في قراءة هذه السورة في صلاة العيد............................................ ٦

فصل : قال ابن الخطيب : «ذلك» إشارة إلى ما قاله وهو الإنذار..................... ١٢

فصل في معنى الآية : «أئذا متنا وكنّا ترابا ذلك رجع بعيد»........................... ١٢

فصل في معنى الآية : «بل كذّبوا بالحق لمّا جاءهم فهم في أمر مريج».................. ١٦

الآيات : ٦ ـ ١١.............................................................. ١٦

فصل في معنى الآية : «تبصرة وذكرى لكل عبد منيب»............................. ١٨

فصل في الاستدلال بالسماء والأرض وما بينهما.................................... ١٨

فصل : قال ابن الخطيب : ما الحكمة في قوله عند خلق السماء والأرض : «تبصرة وذكرى» وفي الثمار قال : «رزقا»؟ ٢٠

فصل في المقصود بالآية : «تبصرة وذكرى لكل عبد منيب»......................... ٢١

الآيات : ١٢ ـ ١٤............................................................. ٢٢

الآيات : ١٥ ـ ١٨............................................................. ٢٣

فصل في معنى الآية : «أفعيينا بالخلق الأول»....................................... ٢٣

فصل في عطف دلائل الآفاق بعضها على بعض بحرف الواو......................... ٢٤

٦١٧

فصل في تعريف «الخلق الأول» وتنكير «خلق جديد».............................. ٢٤

فصل في الاستدلال بهذه الآية : «أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد».. ٢٥

الآيات : ١٩ ـ ٢٢............................................................. ٢٧

فصل في معنى الآية : «لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد»       ٢٩

الآيات : ٢٣ ـ ٢٦............................................................. ٢٩

الآيات : ٢٧ ـ ٢٩............................................................. ٣٢

فصل في الجواب على الآية : «ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد».............. ٣٣

فصل في دلالة الآية «وما أنا بظلام للعبيد» على أن التخصيص بالذكر لا ينفي ما عداه. ٣٦

فصل : يحتمل أن يكون المراد بالآية : «وما أنا بظلام للعبيد» الكفار................. ٣٦

الآيات : ٣٠ ـ ٣٥............................................................. ٣٦

فصل في معنى الآية : «يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد».............. ٣٧

فصل في معنى الآية : «هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ».......................... ٣٩

فصل في الفرق بين «الخشية» و «الخوف»........................................ ٤١

فصل في معنى الآية : «من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب».................. ٤١

فصل في الحكمة من قوله تعالى : «ادخلوها بسلام»................................ ٤٣

الآيتان : ٣٦ ، ٣٧............................................................ ٤٣

فصل في معنى الآية : «فنقّبوا في البلد هل من مّحيص»............................... ٤٥

الآيات : ٣٨ ـ ٤٢............................................................. ٤٧

فصل في معنى «التسبيح»....................................................... ٤٩

فصل في معنى قوله : «وسبّح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب»............ ٥٠

فصل في معنى قوله : «وأدبار السجود»........................................... ٥٠

فصل في معنى «واستمع»........................................................ ٥١

الآيات : ٤٣ ـ ٤٥............................................................. ٥٢

سورة الذاريات

الآيات : ١ ـ ٦................................................................ ٥٦

فصل في الحكمة في هذه الآيات.................................................. ٥٦

فصل في ورود القسم على أمور منها الوحدانية...................................... ٥٧

فصل في معنى «الذاريات»....................................................... ٥٨

٦١٨

الآيات : ٧ ـ ٩................................................................ ٦٠

فصل في معنى قوله : «إنكم لفي قول مختلف»..................................... ٦٢

فصل في تفسير قوله : «يؤفك عنه من أفك»...................................... ٦٣

الآيات : ١٠ ـ ١٤............................................................. ٦٤

فصل في معنى الآية : «يوم هم على النار يفتنون».................................. ٦٥

الآيات : ١٥ ـ ١٩............................................................. ٦٦

فصل في معنى الآية : «إنّ المتقين في جنات وعيون»................................ ٦٧

فصل في إعراب الآية : «كانوا قليلا من الليل ما يهجعون».......................... ٦٩

فصل في الحكمة من تقديم «قليلا»............................................... ٧٠

فصل في معنى الآية : «قليلا من الليل ما يهجعون»................................. ٧٠

فصل في إعراب «بالأسحار».................................................... ٧١

فصل في معنى قوله : «وبالأسحار هم يستغفرون».................................. ٧١

فصل في المقصود بقوله : «للسائل والمحروم»........................................ ٧٣

الآيات : ٢٠ ـ ٢٣............................................................. ٧٤

فصل في معنى قوله : «فو ربّ السماء والأرض إنّه لحقّ»............................. ٨٠

الآيات : ٢٤ ـ ٣٧............................................................. ٨٠

فصل في آداب الضيافة.......................................................... ٨٤

فصل في معنى الآية : «قال فما خطبكم أيها المرسلون».............................. ٨٨

الآيات : ٣٨ ـ ٤٠............................................................. ٩١

فصل في معنى الآية : «وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين»................ ٩٢

فصل في معنى : «مليم»......................................................... ٩٤

الآيتان : ٤١ ، ٤٢............................................................ ٩٤

فصل في معنى الآية : «ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم»................ ٩٧

الآيات : ٤٣ ـ ٤٥............................................................. ٩٨

الآية : ٤٦.................................................................... ٩٩

الآيات : ٤٧ ـ ٥٣........................................................... ١٠٠

فصل في الحكمة من كثرة ذكر البناء في السموات................................. ١٠١

فصل في معنى قوله : «خلقنا زوجين»........................................... ١٠٢

الآيتان : ٥٤ ، ٥٥.......................................................... ١٠٤

٦١٩

الآيات : ٥٦ ـ ٦٠........................................................... ١٠٥

فصل في تعلق الآية : «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» بما قبلها............... ١٠٦

فصل في استدلال المعتزلة بقوله تعالى : «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» على أن أفعال الله معللة بالأغراض     ١٠٦

فصل في معنى قوله : «وما أريد أن يطعمون ، إن الله هو الرزاق»................... ١٠٨

فصل في معنى قوله : «ذو القوة المتين».......................................... ١١٠

سورة الطور

الآيات : ١ ـ ٨.............................................................. ١١٣

فصل في مناسبة هذه السورة لما قبلها............................................. ١١٣

فصل في المراد ب «الطور»..................................................... ١١٣

فصل في الحكمة في القسم بهذه الأشياء الثلاثة : الطور ، والبيت المعمور ، والبحر المسجور ١١٥

الآيات : ٩ ـ ١٦............................................................. ١١٧

فصل في معنى : «المور»....................................................... ١١٨

فصل في معنى الآيات : «يوم تمور السماء مورا ، وتسير الجبال سيرا»................. ١١٩

الآيات : ١٧ ـ ٢٤........................................................... ١٢٣

فصل في أنه سبحانه وتعالى بيّن أسباب التنعيم على الترتيب........................ ١٢٥

فصل في اختلافهم في معنى الآية : «والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ...»......... ١٢٩

فصل في معنى قوله : «ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم ...»............... ١٣١

الآيات : ٢٥ ـ ٢٨........................................................... ١٣٣

الآيات : ٢٩ ـ ٤٤........................................................... ١٣٥

فصل في معنى الآية : «فذكّر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون»................ ١٣٥

فصل في معنى الآية : «أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون»..................... ١٣٦

فصل : قالت المعتزلة : الحديث محدث ، والقرآن سماه حديثا فيكون محدثا............ ١٣٩

فصل في وجه تعلق الآية بما قبلها................................................ ١٤٠

فصل في معنى الآية : «أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون»..................... ١٤٠

فصل في وجه تعلق قوله : «أم عندهم الغيب» بقوله : «نتربّص به ريب المنون»...... ١٤٥

فصل في معنى الآية : «سبحان الله عما يشركون»................................. ١٤٦

فصل في معنى الآية : «وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم»....... ١٤٧

٦٢٠