اللّباب في علوم الكتاب - ج ١٧

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي

اللّباب في علوم الكتاب - ج ١٧

المؤلف:

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2298-3

الصفحات: ٥٨٤

تعالى دعاءه وأمره أن يسري فقال : (فَأَسْرِ بِعِبادِي) أي بني إسرائيل (لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) أي يتبعكم فرعون وقومه وذلك بسبب هلاكهم.

قوله : (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً) يجوز أن يكون «رهوا» مفعولا ثانيا ، على أن ترك بمعنى

صيّر (١) وأن يكون حالا على أنها ليست بمعناها (٢). والرهو : قيل : السكون (٣) ، فالمعنى اتركه ساكنا ، يقال رها ، يرهو ، رهوا ، ومنه : جاءت الخيل رهوا. قال النابغة :

٤٤٢٤ ـ والخيل تمرح رهوا في أعنّتها

كالطّير ينجو من الشّؤبوب ذي البرد (٤)

ورها يرهو في سيره أي رفق ، قال القطاميّ :

٤٤٢٥ ـ يمشين رهوا فلا الأعجاز خاذلة

ولا الصّدور على الأعجاز تتّكل (٥)

وعن أبي عبيدة : رهوا أي اتركه منفتحا فرجا على ما تركته (٦).

روي أنه لما انفلق البحر لموسى ، وطلع منه خاف أن يتبعه فرعون فأراد أن يضربه ليعود حتى لا يلحقوه ، فأمر أن يتركه فرجا. وأصله من قولهم : رها الرّجل يرهو رهوا فتح ما بين رجليه (قال مقاتل (٧) : اترك البحر رهوا أي راهيا يعني ساكنا. فأصل الرهو السكون ، فسمي بالمصدر أي ذا رهو. وقال كعب : اترك طريقا يابسا). والرّهو والرّهوة المكان المرتفع أو المنخفض يجتمع فيه الماء فهو من الأضداد. والرهوة المرأة الواسعة الهن. والرهو طائر يقال له الكركيّ (٨).

__________________

ـ «وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ» فجاء القرآن باللغتين حيث قال : «سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى» وانظر تفصيل هذا في لسان العرب (سرى) ٢٠٠٣.

(١) التبيان ١١٤٦.

(٢) السابق والبيان ٢ / ٣٥٩ وانظر فيهما معا الدر ٤ / ٨١٤.

(٣) وقد أثر عن قتادة ومجاهد في رواية عنه انظر الغريب ٤٠٢ ، والمجاز ٢ / ٢٠٨.

(٤) من البسيط له كما في الديوان وروايته : والخيل تمزع غربا في أعنتها أي تسرع في حدة ونشاط ، ورواية تمرح كما في البحر المحيط وعلى رواية الديوان لا شاهد ؛ حيث أن شاهد البيت رهوا على أن الرهو هو السكون والشؤبوب شدّة المطر. والمعنى على هذا لا يستقيم إن كانت رهو معناها السير الهادىء. وانظر البيت في الديوان ٢٣ والقرطبي ١٦ / ١٣٧ والبحر المحيط ٨ / ٣١ والمفضليات ٢٩٩ وفتح القدير ٤ / ٥٧٤ والدر المصون ٤ / ٨١٤.

(٥) من البسيط أيضا له كما في البحر والقرطبي والدر المصون وهو غير منسوب في اللسان رها ١٧٥٩ ، ونسب في الكشاف إلى الأعشى وهو المخالف حينئذ. والشاهد في «رهوا» فإنه بمعنى الساكن الهادىء الهين وانظر الديوان ٤ والقرطبي ١٦ / ١٣٧ والكشاف ٣ / ٥٠٣ وشرح شواهد الكشاف ٤ / ٥٠٢ بنسبته للقطامي ومجمع البيان ٩ / ٩٦ وديوان المفضليات ٥٥٢ ، ٦٣٢.

(٦) كذا قال السمين عنه والذي في المجاز : «ساكنا يقال : اره على نفسك أي ارفق بها» المجاز ٢ / ٢٠٨.

(٧) ما بين القوسين كله سقط من ب وانظر القرطبي ١٦ / ١٣٧.

(٨) حكى كل هذه الأقوال ابن منظور في اللسان «رها» ١٧٥٨ و ٥٩ و ٦٠ و ٦١ وفيه الاستزادة من معان أخرى أيضا. وانظر أيضا الحيوان للجاحظ ٥ / ١٤٩ و ٤١٩.

٣٢١

وقد تقدم الكلام في الشعراء على نظير : (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ)(١).

قوله : «ومقام» العامة على فتح الميم ، وهو اسم مكان القيام. وابن هرمز ، وقتادة ، وابن السميقع ونافع في رواية خارجة (٢) : بضمها (٣) اسم مكان الإقامة.

والنّعمة ـ بالفتح ـ نضارة العيش ولذاذته. (قال الزمخشري (٤) : النعمة بالفتح من التّنعّم ، والنّعمة بالكسر الإنعام (٥). وقيل : النّعمة بالفتح هي المال والزينة كهذه الآية ، ومثله : (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ) [المزمل : ١١]. وقوله : (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي) [فصلت : ٥٠] أي مالا بعد فقر). والجمهور على جرها. ونصبها (٦) أبو رجاء عطفا على «كم» أي تركوا كثيرا من كذا ، وتركوا نعمة.

قوله : «فاكهين» العامة على الألف أي طيّبي الأنفس ، أو أصحاب فاكهة كلابن وتامر وقيل : فاكهين : لاهين. وقرأ الحسن وأبو رجاء : فكهين (٧) ، أي مستخفين مستهزئين بنعمة الله.

قال الجوهري : يقال : فكه الرّجل ـ بالكسر ـ فهو فكه ، إذا كان مزّاحا. والفكه أيضا الأشر البطر (٨).

قوله : «كذلك» يجوز أن تكون الكاف مرفوعة المحل ، خبرا لمبتدأ مضمر ، أي الأمر كذلك. وإليه نحا الزجاج (٩) ، ويجوز أن تكون منصوبة المحلّ ، فقدرها الحوفيّ أهلكنا إهلاكا ، وانتقمنا انتقاما كذلك (١٠).

وقال الكلبي : كذلك أفعل بمن عصا (١١). وقيل : تقديره : يفعل (١٢) فعلا كذلك (١٣).

__________________

(١) عند قوله : «فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ» من الآيات ١٤٧ ، ١٤٨ منها حين أفرد وخص الزرع مع أنها من الجنات تنبيها على الأفضلية للزروع وأن يراد بالجنات غير الزروع ، بالمعنى من هناك ، ٧ / ٢٥٣ ب.

(٢) هو خارجة من مصعب أبو الحجاج الضبيعي أخذ عن نافع وأبي عمرو ، وله شذوذ وعنه العباس بن الفضل وغيره مات سنة ١٦٨ ه‍ انظر غاية النهاية ١ / ٢٦٨.

(٣) البحر ٨ / ٣٦ وحجة ابن خالويه ٢٣٩ و ٣٢٢.

(٤) ما بين القوسين سقط من ب.

(٥) الكشاف ٣ / ٥٠٣.

(٦) البحر المحيط ٨ / ٣٦ وهي شاذة.

(٧) الكشاف ٣ / ٥٠٣ والإتحاف ٣٧٧.

(٨) الصحاح ٦ / ٢٢٤٣ فكه.

(٩) انظر معاني القرآن وإعرابه له ٤ / ٤٢٦.

(١٠) البحر المحيط ٨ / ٣٦.

(١١) السابق وانظر أيضا القرطبي ١٦ / ١٣٩ وهي على هذا مبتدأ والخبر محذوف.

(١٢) في ب نفعل تحريف.

(١٣) نقله أبو البركات ابن الأنباري في البيان ٢ / ٣٥٩. وانظر كل هذه الأوجه في الدر المصون للسمين الحلبي ٤ / ٨١٥.

٣٢٢

وقال أبو البقاء : تركا كذلك (١) ، فجعله نعتا للتّرك المحذوف ، وعلى هذه الأوجه كلها يوقف على «كذلك» ، ويبتدأ : «وأورثناها» (قَوْماً آخَرِينَ)(٢). (وقال الزمخشري (٣) : الكاف منصوبة على معنى مثل ذلك الإخراج أخرجناهم منها (٤) ، وأورثنا قوما آخرين) ، ليسوا منها يعني بني إسرائيل ، فعلى هذا يكون : «وأورثناها» معطوفا على تلك الجملة الناصبة للكاف فلا (٥) يجوز الوقف على «كذلك» حينئذ.

قوله : (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ) يجوز أن يكون استعارة ، كقول الفرزدق :

٤٤٢٦ ـ والشّمس طالعة ليست بكاسفة

تبكي عليك نجوم اللّيل والقمرا (٦)

وقال جرير :

٤٤٢٧ ـ لمّا أتى خبر الزّبير تواضعت

سور المدينة والجبال الخشّع (٧)

وقال النابغة :

٤٤٢٨ ـ بكى حارث الجولان من فقد ربّه

وحوران منه خاشع متضائل (٨)

فصل

روى أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : ما من عبد إلّا وله في السّماء بابان ، باب يخرج منه رزقه ، وباب يدخل منه عمله. فإذا مات وفقداه بكيا عليه ، وتلا هذه الآية ، وذلك لأنهم لم يكونوا يعملون على الأرض عملا صالحا فتبكي عليه ، ولم يكن يصعد لهم إلى السماء كلام طيب ، ولا عمل صالح فتبكي عليهم. وقيل : التقدير : فما بكت عليهم أهل السماء والأرض ، فحذف المضاف والمعنى : فما بكت عليهم الملائكة ، ولا المؤمنون بل كانوا لهلاكهم مسرورين.

__________________

(١) التبيان ١١٤٦.

(٢) زيادة من ب.

(٣) ما بين القوسين ساقط من ب.

(٤) الكشاف ٣ / ٥٠٣.

(٥) الدر المصون ٤ / ٨١٥.

(٦) من البسيط لجرير وليس للفرزدق في رثاء خامس الخلفاء عمر بن عبد العزيز. والشاهد : تبكي عليك نجوم إسناد الفعل إلى الشمس لأن النجوم والقمر باكين الشمس على المرثي فبكتهن فهنا مغالية انظر أمالي المرتضى ١ / ٥٢ و ٥٣ والبحر ٨ / ٤٦ والمذكر والمؤنث ٢١٩ والكامل ٢ / ١٤١ وديوان «جرير» ٣٧٢.

(٧) من الكامل لجرير في هجاء الفرزدق. والشاهد : إسناد التواضع إلى السور والجبال إسنادا مجازيّا ، وقد تقدم.

(٨) من الطويل للنابغة كما في الديوان ١٢١ وشاهده كسابقيه من إسناد الفعل إلى الجماد إسنادا مجازيا على سبيل الاستعارة. وحارث وحوران من مرتفعات الجولان وفي الديوان «موحش» بدل خاشع وانظر اللسا (جول) ٧٣١.

٣٢٣

وقيل : إن العادة جرت بأن يقولوا في هلاك الرجل العظيم الشأن إنه أظلمات له الدنيا ، وكسفت الشمس والقمر لأجله ، وبكت السماء والريح والأرض. يريدون المبالغة في تعظيم تلك المصيبة لا نفس هذا الكتاب (١). وقال الزمخشري : ذكر هذا على سبيل السخرية بهم (٢) يعني أنهم كانوا يستعظمون أنفسهم ويعتقدون أنهم لو ماتوا لبكت عليهم السماء والأرض ، ولم يكونوا بهذا الحدّ ، بل كانوا دون ذلك ، فذكر هذا تهكما بهم (٣). وقال عطاء : بكاء السماء حمرة أطرافها. وقال السدي : لما قتل الحسين بن علي ـ رضي الله عنهما ـ بكت عليه السماء وبكاؤها حمرتها (وَما كانُوا مُنْظَرِينَ) أي لما جاء وقت هلاكهم لم ينظروا إلى وقت آخر لتوبة وتدارك تقصير.

قوله تعالى : (وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ) وهو قتل الأبناء واستحياء النساء والتعب في العمل. واعلم أن رفع الضرر مقدم على إيصال النفع ، فبدأ تعالى ببيان رفع الضرر عنهم فقال : (وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ).

قوله : (مِنْ فِرْعَوْنَ) فيه وجهان :

أحدهما : أنه بدل من «العذاب» ، إمّا على حذف مضاف ، أي من عذاب فرعون ، وإما على المبالغة جعل نفس العذاب ، فأبدله منه.

والثاني : أنه حال من العذاب تقديره : صادرا من فرعون (٤). وقرأ عبد الله : من عذاب المهين (٥) ، وهي من إضافة الموصوف لصفته ، إذ الأصل : العذاب المهين كالقراءة المشهورة. وقرأ ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) (٦) ـ من فرعون؟ بفتح ميم «من» (٧) ورفع فرعون على الابتداء والخبر ، وهو استفهام تحقير ، كقولك : من أنت وزيدا (٨)؟ ثم بين حاله بالجملة بعد في قوله : (إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ). والتقدير : هل تعرفون من هو في عتوه وشيطنته؟ ثم عرف حاله بقوله : (إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ) أي كان عالي الدرجة في طبقة المسرفين ، ويجوز أن يكون المراد إنه كان عاليا كقوله : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ) [القصص : ٤] وكان أيضا مسرفا ومن إسرافه أنه كان على حقارته وخسته

__________________

(١) كذا كتبها ناسخ المخطوط وفي الرازي : الكذب ٢٧ / ٢٤٦ و ٢٤٧.

(٢) الكشاف ٣ / ٥٠٤.

(٣) الرازي السابق.

(٤) الدر المصون ٤ / ٨١٦.

(٥) في أمهين والتصحيح من ب وانظر في هذه القراءة الكشاف ٣ / ٥٠٤ ومختصر ابن خالويه ١٣٨ وهي شاذة.

(٦) زيادة من أ.

(٧) من شواذ القراءات انظر الكشاف ٣ / ٥٠٤ والبحر المحيط ٨ / ٣٧.

(٨) كذا في النسختين : وزيدا بالنصب والأصح : زيد رفعا.

٣٢٤

ادّعى الإلهية. ولما بين الله تعالى (أنه) (١) كيف دفع عن بني إسرائيل الضرر ، بين أنه كيف أوصل إليهم الخيرات فقال : (وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ) والمراد اخترنا مؤمني بني إسرائيل على عالمي زمانهم (٢).

قوله : (عَلى عِلْمٍ) متعلقة بمحذوف ، لأنها حال من الفاعل في «اخترناهم» و (عَلَى الْعالَمِينَ) ، متعلقة باخترناهم (٣). وفي عبارة أبي حيان : أنه لما اختلف مدلولهما جاز تعلقهما باخترنا ، وأنشد على ذلك (الشاعر) (٤) (رحمة الله عليه) (٥) :

٤٤٢٩ ـ ويوما على ظهر الكثيب تعذّرت

عليّ وآلت حلفة لم تحلّل (٦)

ثم قال : ف (عَلى عِلْمٍ) حال إما من الفاعل ، أو من المفعول ، و «على ظهر» حال من الفاعل في «تعذرت» والعامل في الحال هو العامل في صاحبها. (وفيه نظر (٧) ، لأن قوله أولا : ولذلك تعلقا بفعل واحد لما اختلف المدلول ينافي جعل الأولى حالا ، لأنها لم تتعلق به(٨) ، وقوله : والعامل في الحال هو العامل في صاحبها) لا ينفع في ذلك (٩).

فصل

قيل : هذه الآية تدل على كونهم أفضل من كل العالمين. وأجيب : بأن المراد على عالمي زمانهم وقيل : هذا عام دخله التخصيص. كقوله : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)(١٠) [آل عمران : ١١٠].

قوله : (وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ) مثل فلق البحر ، وتظليل الغمام وإنزال المنّ والسّلوى ، والنّعم التي أنعمها عليهم. وقال ابن زيد : ابتلاهم بالرخاء والشدة ، وقرأ : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً)(١١) [الأنبياء : ٣٥] ؛ لأنه تعالى كما يبلو بالمحنة فقد يبلو أيضا بالنعمة ، ليتميز به الصديق على الزّنديق. وههنا آخر الكلام على قصة موسى عليه الصلاة والسلام.

__________________

(١) سقط من ب.

(٢) انظر تفسير الإمام الفخر الرازي ٢٧ / ٢٤٧ و ٢٤٨.

(٣) الدر المصون ٤ / ٨١٧.

(٤) سقط من ب وكان الأولى : أبو حيان بدل الشاعر.

(٥) زيادة من أ.

(٦) من الطويل وينسب لامرىء القيس والكثيب الرمل الكثير والتعذر التشدد ، وآلت حلفت والشاهد جع ل «على ظهر» حالا من فاعل تعذرت كما تعلق قوله «على» بنفس الفعل وإن اختلف معنى الحرفين. وانظر السبع الطوال ٤٢ والبحر ٨ / ٣٨ والهمع ١ / ٨٧ ، وشرح المعلقات السبع للزوزني ١٣.

(٧) سقط من ب ما بين الاقواس.

(٨) فقد تعلقت بمحذوف أي «اخترناهم عالمين بمكان الخيرة» انظر الكشاف ٣ / ٥٠٤.

(٩) وإذا لم تكن حالا منه لأنها لم تتعلق به فكيف يكون عاملا فيها؟

(١٠) وقد ذكر الوجهين الرازي فهما رأيه انظر تفسيره ٢٧ / ٢٤٨.

(١١) انظر القرطبي ١٦ / ١٤٣.

٣٢٥

قوله تعالى : (إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٦) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (٣٧) وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (٣٨) ما خَلَقْناهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)(٣٩)

قوله : (إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ) يعني مشركي مكة ، ليقولون : (إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ) بمبعوثين بعد موتنا. واعلم أنه رجع إلى ذكر كفار مكة ؛ لأن الكلام كان فيهم حيث قال : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ) أي بل هم في شك من البعث والقيامة. ثم بين كيفية إصرارهم على كفرهم ثم بين أن قوم فرعون كانوا في الإصرار على الكفر مثلهم ، وبين كيف أهلكهم وكيف أنعم على بني إسرائيل ثم رجع إلى كفار مكة وإنكارهم للبعث فقال : (إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ : إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى).

فإن قيل : القوم كانوا ينكرون الحياة الثانية ، فكان من حقهم أن يقولوا : إن هي إلا حياتنا الأولى وما نحن بمنشرين.

فالجواب : قال الزمخشري : إنه قيل لهم : إنكم تموتون موتة يعقبها حياة كما أنكم حال كونكم نطفا كنتم أمواتا وقد يعقبها حياة ، كقوله : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) [البقرة : ٢٨] فقالوا : إن هي إلّا موتتنا الأولى يريدون : ما الموتة التي من شأنها أن تعقبها حياة إلا الموتة الأولى خاصة ، ولا فرق إذن بين هذا الكلام وبين قوله : «إن هي إلّا حياتنا الأولى» (١). قال ابن الخطيب : ويمكن وجه آخر وهو أن قوله : (إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى) ، يعني أنه لا يأتينا من الأحوال الشديدة إلا الموتة الأولى وهذا الكلام (لا) (٢) يدل على أنهم لا يأتيهم الحياة الثانية ألبتة ، ثم صرحوا بهذا المرموز فقالوا : (وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ). ولا حاجة إلى التكليف الذي ذكره الزمخشري (٣). ثم إنّ الكفار احتجوا على نفي الحشر ، والنشر بأن قالوا : إن كان البعث والنشر ممكنا معقولا فعجّلوا لنا إحياء من مات من آبائنا إن كنتم صادقين في دعوى النبوة والبعث في القيامة. قيل : طلبوا من الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أن يدعو الله حتى ينشر قصيّ بن كلاب ، ليشاوروه في صحة نبوة محمد وفي صحة البعث. ولما حكى الله تعالى عنهم ذلك قال : (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ) وهذا استفهام على سبيل الإنكار (٤) قال أبو عبيدة : (ملوك (٥) اليمن) كل واحد منهم يسمى تبّعا ؛ لأن أهل المدينة

__________________

(١) الكشاف ٣ / ٥٠٤ و ٥٠٥ بالمعنى وباللفظ من الرازي ٢٧ / ٢٤٩.

(٢) زيادة عن الرازي.

(٣) انظر الرازي ٢٧ / ٢٤٩.

(٤) انظر الرازي المرجع السابق.

(٥) سقط من ب ما بين القوسين.

٣٢٦

كانوا يتبعونه ، وموضع («تبع» (١)) في الجاهلية موضع الخليفة في الإسلام وهم الأعاظم من ملوك العرب (٢) قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ كان تبّع رجلا صالحا (٣). وقال (٤) كعب : ذمّ الله ولم يذمّه وقال الكلبي : هو أبو كرب (أبو) (٥) أسعد (٦). وعن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «لا تسبّوا تبّعا فإنّه كان قد أسلم» (٦). وعنه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «ما أدري أكان تبّع نبيّا أم غير نبيّ». وقال قتادة : هو تبّع الحميريّ ، وكان سار بالجيوش حتى حير (٧) الحيرة وبنى سمرقند ، وكان من ملوك اليمن يسمى تبّعا لكثرة أتباعه ، كل واحد منهم يسمى تبعا ، لأنه يتبع صاحبه ، وكان هذا يعبد النار ، فأسلم ودعا قومه إلى الإسلام ، وهم حمير. فكذبوه (٨). (قال ابن (٩) إسحاق : وكان اسمه بيان أسعد أبو كرب وقصّته مسرودة ؛ لأنه كان يعبد الأوثان ، وأنه أسلم على يد حبرين عالمين ، وأنه أتى البيت الحرام فطاف به ، ونحر عنده ، وحلق رأسه ، وأقام بمكة ستة أيام ينحر بها للناس ويطعم أهلها ويسقيهم العسل ، وأري في المنام أن يكسو البيت ، فكساه الخصف (١٠) ، ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه المعافري ، ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه الملا والوصائل. وكان تبع أول من كسا البيت وأوصى به ولاته من خزاعة فأمرهم بتطهيره ، وأن لا يقربوه دما ولا ميتة ، ولا ميلاثا ، وهي المحايض وجعل له بابا ومفتاحا ، وقصته مع الحبرين مشهورة وأيضا وأنه رجع إلى اليمن وتبع الحبرين على دينهما ولذلك كان أصل دين اليهودية باليمن).

فإن قيل : ما معنى قوله : (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ) مع أنه لا خير في الفريقين؟

فالجواب : أن معناه أهم خير في القوة والشوكة كقوله تعالى : (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ) [القمر : ٤٣] بعد ذكر آل فرعون (١١).

قوله : (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يجوز فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أن يكون معطوفا على قوم «تبّع».

__________________

(١) سقط كذلك من ب.

(٢) انظر المجاز لأبي عبيدة ٢ / ٢٠٩.

(٣) في عامة التفسير : أنه مؤمن وصالح لا صابىء كما في النسختين فهذا تحريف.

(٤) في النسختين : وقالت والأصح : وقال كعب كما أثبت أعلى وكما نقلته التفاسير.

(٥) أبو زيادة من النسختين وانظر فيما سبق الرازي السابق والقرطبي ١٦ / ١٤٤ ، ١٤٦ والكشاف ٣ / ٥٠٥.

(٦) مسند الإمام أحمد ٥ / ٣٤٠.

(٦) مسند الإمام أحمد ٥ / ٣٤٠.

(٧) كذا في الكشاف وغيره وفي القرطبي عبر.

(٨) وانظر الرازي والكشاف والقرطبي المراجع السابقة.

(٩) ما بين القوسين كله سقط من ب.

(١٠) الخصف بمحركات علوية ثياب غليظة جدا انظر اللسان في تلك القصة خصف ١١٧٤ ، ١١٧٥ والبغوي.

(١١) الرازي ٢٧ / ٢٤٩.

٣٢٧

الثاني : أن يكون مبتدأ ، وخبره ما بعده من : «أهلكناهم» وأما على الأول : «فأهلكناهم» إما مستأنف وإما حال من الضمير المستكنّ في الصلة.

الثالث : أن يكون منصوبا بفعل مقدر يفسره «أهلكناهم» ولا محلّ ل «أهلكناهم» حينئذ (١).

قوله تعالى : (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ) لما أنكر على كفار مكة قولهم ووبخهم بأنهم أضعف ممن كان قبلهم ذكر الدليل القاطع على صحة القول بالبعث والقيامة ، فقال : (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ) أي لو لم يحصل البعث لكان هذا الخلق لعبا وعبثا وقد تقدم تقدير هذا الدليل في أول سورة يونس ، وفي آخر سورة المؤمنين عند قوله : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً) [المؤمنون : ١١٥] وفي «ص» عند قوله : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً) [ص : ٢٧] وتقدم أيضا استدلال المعتزلة بنظير هذه الآية على أنه تعالى لا يخلق الكفر والشرك ولا يريدهما وتقدّم جوابهما.

قوله : «لاعبين» حال. وقرأ عمرو بن عبيد (٢) : وما بينهنّ ، لأن السماوات والأرض جمع. والعامة : «بينهما» باعتبار النوعين.

قوله «إلّا بالحقّ» حال إما من الفاعل وهو الظاهر وإما من المفعول أي إلّا محقّين أو ملتبسين بالحق ثم قال : (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (يعني (٣) أهل مكة).

قوله تعالى : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٠) يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤١) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)(٤٢)

قوله : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ) العامة على رفع ميقاتهم خبرا ل «إنّ». وقرىء بنصبه (٤) على أنه اسم إنّ ، و (يَوْمَ الْفَصْلِ) خبره. وأجمعوا على تأكيد الضّمير المجرور (٥).

__________________

(١) التبيان ١١٤٦ والدر المصون ٤ / ٨١٧.

(٢) الأصح كما في الكشاف عبيد بن عمير بن قتادة أبو عاصم الليثي المكي القاصّ وردت الرواية عنه في حروف مات سنة ٧٤ من الهجرة انظر غاية النهاية ١ / ٤٩٦ و ٤٩٧ وانظر القراءة في الكشاف ٣ / ٥٠٥ والدر المصون ٤ / ٨١٨.

(٣) زيادة من ب.

(٤) القارىء بها عبيد بن عمير على ما ذكره الزمخشري في كشافه ٣ / ٥٠٥. وانظر الدر المصون ٤ / ٨١٧.

(٥) المرجع السابق والتبيان ١١٤٦.

٣٢٨

فصل (١)

لما ذكر الدليل على إثبات البعث والقيامة ذكر عقيبه يوم الفصل قال الحسن : سمي بذلك لأن الله تعالى يفصل فيه بين أهل الجنة ، وأهل النار. وقيل : إن الله يفصل فيه بين العباد في الحكم والقضاء. وقيل : يفصل بين المؤمن وبين ما يكره ، ويفصل بين الكافر وبين ما يريد. وقيل : يظهر حال كل أحد كما هو فلا يبقى إلّا الحقائق والبيّنات ، ثم وصف ذلك اليوم (٢) فقال : (يَوْمَ لا يُغْنِي) يجوز أن يكون بدلا (٣) من (يَوْمَ الْفَصْلِ) أو بيانا عند من لا يشترط المطابقة تعريفا (٤) وتنكيرا. أو أن يكون منصوبا بإضمار أعني (٥) ، وأن يكون صفة لميقاتهم ولكنه بني. قاله أبو البقاء (٦). وهذا لا يتأتى عنه البصريين لإضافته إلى معرب ، وقد تقدم آخر المائدة (٧) ، وأن ينتصب بفعل يدل عليه (يَوْمَ الْفَصْلِ) أي يفصل بينهم يوم لا يغني (٨) ، ولا يجوز أن ينتصب ب «الفصل» نفسه لما يلزم من الفصل بينهما بأجنبيّ وهو «ميقاتهم» والفصل مصدر لا يجوز فيه ذلك.

وقال أبو البقاء : لأنه قد أخبر عنه (٩) ، وفيه تجوز ، فإنّ الإخبار عما أضيف إلى الفصل لا عن الفصل (١٠)).

قوله : (مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً) لا ينفع قريب قريبه ، ولا يدفع عنه (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) أي ليس لهم ناصر يمنعهم من عذاب الله. واعلم أن القريب إما في الدين أو في النّسب أو المعتق وكل هؤلاء يسمّون بالمولى فلما لم تحصل النصرة لهم فبأن لا تحصل ممّن سواهم أولى. ونظير هذه الآية قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) [البقرة : ١٢٣] إلى قوله : (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) قال الواحدي : المراد بقوله : مولى عن مولى الكفار ، لأنه ذكر بعده المؤمن فقال : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ) قال ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) (١١) ـ يريد المؤمن فإنه يشفع له الأنبياء والملائكة (١٢).

__________________

(١) ما بين القوسين كله سقط من نسخة ب.

(٢) الرازي ٢٧ / ٢٥٠.

(٣) التبيان السابق والبيان ٢ / ٣٦٠.

(٤) وأبرز إنسان لا يشترط الزمخشريّ وحكايته معروفة في قوله : «مَقامُ إِبْراهِيمَ» على قوله تعالى : «آياتٌ بَيِّناتٌ» من الآية ٩٧ من آل عمران. وانظر هذا الوجه في الدر المصون ٤ / ٨١٧ ورأي الزمخشري في توضيح المقاصد ٣ / ١٨٥.

(٥) الدر المصون المرجع السابق.

(٦) التبيان ١١٤٦.

(٧) من الآية ١١٩ : «هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ».

(٨) التبيان المرجع السابق.

(٩) السابق.

(١٠) وانظر هذا كله في الدر المصون ٤ / ٨١٧ و ٨١٨.

(١١) سقط من ب.

(١٢) انظر هذا كله في الرازي ٢٧ / ٢٥١.

٣٢٩

قوله : (وَلا هُمْ) جمع الضمير عائدا به على «مولى» ، وإن كان مفردا ؛ لأنه قصد معناه ، فجمع وهو نكرة في سياق النفي تعمّ (١).

قوله : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ) يجوز فيه أربعة أوجه :

أحدها : وهو قول الكسائي أنه منقطع (٢).

الثاني : أنه متصل تقديره : لا يغني قريب عن قريب ، إلا المؤمنين فإنهم يؤذن لهم في الشفاعة فيشفعون في بعضهم (٣) كما تقدم عن ابن عباس.

الثالث : أن يكون مرفوعا على البدلية من «مولى» الأول ، ويكون «يغني» بمعنى ينفع قاله الحوفيّ (٤).

الرابع : أنه مرفوع المحل أيضا على البدل من واو «ينصرون» أي لا يمنع من العذاب إلا من رحمه‌الله (٥).

قوله تعالى : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ (٤٧) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ (٤٨) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩) إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ)(٥٠)

قوله تعالى : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ) لما وصف اليوم ذكر بعده وعيد الكفار. قال الزمخشري في «شجرة» ثلاث لغات ، كسر الشين ، وضمها ، وفتحها (٦). وتقدم اشتقاق لفظ «الزّقّوم» في سورة الصّافّات (٧) ، و «الأثيم» صفة مبالغة ويقال : الأثوم كالصّبور والشّكور (٨). و «الأثيم» أي ذي الإثم.

قال المفسرون : هو أبو جهل. قالت المعتزلة : هذه الآية تدل على حصول هذا الوعيد للأثيم ، وهو الذي صدر عنه الإثم ، فيكون حاصلا للفسّاق.

__________________

(١) البحر المحيط ٨ / ٣٩ والقرطبي ١٦ / ١٤٨ «أي لكن من رحم الله لا ينالهم ما يحتاجون فيه إلى من يغنيهم من المخلوقين» وهو نفس رأي الفراء انظر المعاني ٣ / ٤٢.

(٢) السابق فهو رأي القراء.

(٣) انظر المرجع السابق فهو رأي القراء أيضا.

(٤) البحر المحيط ٨ / ٣٩ وانظر المشكل لمكي ٢ / ٢٩١.

(٥) المرجع الأخير السابق ، وانظر كل هذه الأوجه في السمين ٤ / ٨١٨.

(٦) كذا في النسخ وما في الكشاف : «وفيها ثلاث لغات : شجرة بفتح الشين وكسرها وشيرة بالياء».

وفي الرازي زاد : وشبرة بالباء فتكون أربع لغات انظر الكشاف ٣ / ٦ والرازي ٢٧ / ٢٥١.

(٧) تقدم.

(٨) اللسان (أثم) ٢٩.

٣٣٠

والجواب : أن اللفظ المفرد الذي دخل تحته حرف التعريف الأصل فيه أن ينصرف إلى المذكور السابق ، ولا يفيد العموم ، والمذكور السابق هنا هو الكفار فينصرف إليه.

فصل

مذهب أبي حنيفة ـ (رضي الله عنه) (١) ـ أن قراءة القرآن بالمعنى جائز واحتج عليه بأنه نقل عن ابن مسعود ـ (رضي الله عنه) (٢) ـ أنه كان يقرىء رجلا هذه الآية فكان يقول : طعام اليثيم (٣) فقال : طعام الفاجر. وهذا الدليل في غاية الضعف على ما بيّن في الفقه (٤).

قوله : «كالمهل» يجوز أن يكون خبرا ثانيا ، وأن يكون خبر مبتدأ مضمر ، أي هو كالمهل. ولا يجوز أن يكون حالا من : (طَعامُ الْأَثِيمِ). قال (٥) أبو البقاء : لأنه لا عامل إذن. وفيه نظر ؛ لأنه يجوز أن يكون حالا والعامل فيه معنى التشبيه ، كقولك : زيد أخوك شجاعا(٦).

والمهل قيل : درديّ الزيت. وقيل : عكر القطران. وقيل : ما أذيب من ذهب أو فضة. وقيل : ما أذيب منهما ومن كل ما في معناهما من المنطبعات كالحديد والنّحاس والرّصاص (٧). والمهل بالفتح التّؤدة والرّفق ، ومنه : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) [الطارق : ١٧]. وقرأ الحسن : كالمهل (٨) ـ بفتح الميم فقط ـ وهي لغة في المهل بالضم (٩). وتقدم تفسيره في الكهف (١٠).

قوله : «يغلي» قرأ ابن كثير وحفص بالياء (١١) من تحت والفاعل ضمير يعود على «طعام». وجوّز أبو البقاء أن يعود على الزقوم. وقيل : على المهل نفسه (١٢). و «يغلي»

__________________

(١ و ٢) سقط من ب.

(٣) كذا في أاليثيم وهي على ما في الكشاف ٣ / ٥٠٦ ونقله عن أبي الدرداء ، وفي ب اليتيم وفي الرازي اللئيم.

(٤) في ب اللغة والتصحيح من أوالرازي.

(٥) في ب قاله وانظر هذا الإعراب في الكشاف ٣ / ٥٠٦ والتبيان ١١٤٦.

(٦) قاله السمين في الدر ٤ / ٨١٩.

(٧) انظر هذه الأقوال في الرازي ٢٧ / ٢٥١ والكشاف ٣ / ٥٠٦ ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ٤٢٨.

(٨) من الأربع فوق العشر المتواترة ، انظر الإتحاف ٣٨٨ ومختصر ابن خالويه ١٣٧ وهي شاذة غير متواترة.

(٩) كما قال بذلك صاحب اللسان قال : «والمهل والمهلة والمهل صديد الميت» انظر اللسان (مهل) ٤٢٨٩.

(١٠) من قوله : «كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ» ٢٩ منها وانظر اللباب ٦ / ٢٣٧ ب.

(١١ و ١٢) انظر البيان ٢ / ٣٦٠ ومعاني القرآن ٣ / ٤٣ والتبيان ١١٤٦ ، وحجة ابن خالويه ٣٢٥.

٣٣١

حال من الضمير المستتر في الجار أي منهما المهل غاليا. وجوز أبو البقاء أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، أي هو يغلي (١) ، أي الزقوم أو الطعام. والباقون (٢) تغلي بالتاء من فوق ، على أن الفاعل ضمير الشجرة (٣) والجملة خبر ثان أو حال على رأي ، أو خبر مبتدأ مضمر ، أي هي تغلي (٤) (واختار (٥) أبو عبيد الياء ؛ لأن الاسم المذكور الذي هو المهل هو الذي يلي الفعل نعتا ، والتذكير به أولى). قوله : (كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) نعت لمصدر محذوف أو حال من ضميره أي تغلي غليا مثل غلي الحميم أو تغلية مشبها غلي الحميم (٦). قال ابن الخطيب : واعلم أنه لا يجوز أن يحمل الغلي على المهل ؛ لأن المهل مشبّه به ، وإنما يغلي ما يشبه بالمهل كغلي الحميم ، وهو الماء إذا اشتدت حرارته (٧).

قوله : (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ) قرأ نافع وابن كثير وابن عامر بضم تاء اعتلوه (٨) والباقون بكسرها وهما لغتان في مضارع «عتله» أي ساقه بجفاء ، وغلظة ، كعرش ، يعرش ، ويعرش. والعتلّ : الجافي الغليظ قالت اللّيث : العتل أن تأخذ تلبيب الرجل فتقتله ، أي تجرّه إليك ، وتذهب به إلى حبس أو محنة. وأخذ فلان بزمام الناقة يعتلها ، وذلك إذا قبض على أصل الزّمام عند الرأس ، وقادها قودا عنيفا (وقال ابن (٩) السّكّيت (١٠) : عتلته إلى السّجن وأعتلته إذا دفعته دفعا عنيفا) (١١).

قوله : (إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) أي إلى وسط الجحيم ، ومعنى الآية : أنه يقال للزبانية : خذوه أي الأثيم فاعتلوه ، أي سوقوه بعنف إلى وسط الجحيم ، (ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ) ، كقوله تعالى : (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ) [الحج : ١٩] إلا أنّ هذه الاستعارة أكمل في المبالغة كأنه يقول : صبوا عليه عذاب ذلك الحميم ونظيره قوله : (رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً) [الأعراف : ١٢٦].

__________________

(١) التبيان السابق.

(٢) عاصم وابن عامر وأبو عمرو ونافع وحمزة والكسائي انظر السبعة ٥٩٢.

(٣) البيان ٢ / ٣٦٠ ومعاني الفراء ٣ / ٤٣ والكشاف ٣ / ٥٠٦.

(٤) التبيان المرجع السابق.

(٥) ما بين القوسين سقط كله من ب وانظر الرازي ٢٧ / ٢٥٣.

(٦) انظر هذا الإعراب في الدر المصون ٤ / ٨١٩.

(٧) الرازي ٢٧ / ٢٥١.

(٨) ويقصد عين الفعل وإلا كان تحريفا وانظر السبعة ٥٩٢ و ٥٩٣ ومعاني القرآن ٣ / ٤٣.

(٩) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٠) أبو يوسف بن السكيت يعقوب بن السكيت كان من أكابر أهل اللّغة ، أخذ عن أبي عمرو الشّيبانيّ والفرّاء وابن الأعرابي وعنه أبو سعيد السكريّ ، وأبو عكرمة الضبي وغيرهما مات سنة ٢٤٣ وقيل سنة ٢٤٦ انظر نزهة الألباء ١٢٣.

(١١) وانظر هذا كله في اللسان ٢٨٠١ وعبارته : عتلته إلى السّجن وعتنته أعتله وأعتله وأعتنه وأعتنه.

٣٣٢

قوله : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ) قرأ الكسائيّ بفتح همزة إنك ، على معنى العلة ، أي لأنّك (١). وقيل تقديره ذق عذاب الجحيم أنك أنت العزيز (٢) ، والباقون بالكسر ، على الاستئناف المفيد للعلة ، فتتحد القراءتان معنى ، وهذا الكلام على سبيل التهكم وهو أغيظ للمستهزأ به (٣).

ومثله قول جرير لشاعر يسمي نفسه زهرة اليمن :

٤٤٣٠ ـ ألم تكن في وسوم قد وسمت بها

من كلّ موعظة يا زهرة اليمن (٤)

وهذا الشاعر قد قال :

٤٤٣١ ـ أبلغ كليبا وأبلغ عنك شاعرها

أنّي الأعزّ وأنّي زهرة اليمن (٥)

ومعنى الآية أنك بالضدّ منه. روي أن أبا جهل قال لرسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : ما بين جبليها أعزّ ولا أكرم منّي ، فو الله لا تستطيع أنت ولا ربّك أن تفعلا بي شيئا. وروي أن خزنة جهنم تقول للكافر هذا الكلام إشفاقا بهم وتوبيخا (٦).

قوله : (إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ) أي تشكون فيه ولا تؤمنون به.

قوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (٥١) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٢) يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ (٥٣) كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٥٤) يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ (٥٥) لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (٥٦) فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٥٧) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ)(٥٩)

قوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ) لما ذكر وعيد الكفار أردفه بآيات الوعد فقال: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ) قال أهل السنة : كل من اتقى الشرك صدق عليه أنه متق ، فوجب أن

__________________

(١) السبعة ٥٩٣ ورويت عن الحسن بن عليّ بن أبي طالب. انظر معاني الفراء ٣ / ٤٣ و ٤٤.

(٢) وهو قول أبي البقاء التبيان ١١٤٦.

(٣) البحر المحيط ٨ / ٤٠ ، والدر المصون ٤ / ٨٢٠.

(٤) من البسيط وهو له والوسوم جمع وسم وهو أثر الكيّ. والاستفهام للتقرير والمعنى أن جريرا يخبر بأن شعراء كثيرين قد وسمهم بهجائه وهذا على سبيل الاستعارة ، والشاهد : يا زهرة اليمن حيث سمّاه زهرة اليمن على سبيل التهكم متابعة له وحكاية للفظة الآتي. وانظر ديوانه ٦٧٥ والخصائص ٢ / ٤٦١ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٠ والدر المصون ٤ / ٨٢٠ والحجة للفارسي ٢ / ١٤٣ والمسائل العسكرية ٩٤.

(٥) ونسبه أبو الفتح بن جني في الخصائص إلى بعض اليمانية انظر المراجع السابقة.

(٦) الرازي ٢٧ / ٢٥٢.

٣٣٣

يدخل الفساق في هذا الوعد فقال : في مقام أمين (١). قرأ أهل المدينة (٢) والشام بضمّ ميم «مقام» على المصدر ، أي في إقامة وقرأ الباقون بفتح الميم أي في مجلس أمنين آمنوا فيه من الغير (٣). قال الزمخشري (المقام) ـ بفتح الميم ـ هو موضع القيام والمراد المكان وهو من الخاص الذي جعل مستعملا في المعنى العام وبالضم هو موضع الإقامة ، والأمين من قولك : أمن الرّجل أمانة فهو أمين وهو ضد الخائن. فوصف به المكان استعارة ؛ لأن المكان المخيف كأنه يخون صاحبه(٤).

قوله : (فِي جَنَّاتٍ) يجوز أن يكون بدلا من قوله : (فِي مَقامٍ) بتكرير العامل ، ويجوز أن يكون خبرا ثانيا وقوله : «يلبسون» يجوز أن يكون حالا من الضمير المستكن في الجارّ ، وأن يكون خبرا ل «إنّ» فيتعلّق الجار به ، وأن يكون مستأنفا.

قوله : «متقابلين» حال من فاعل «يلبسون» (٥). وتقدم تفسير السّندس والإستبرق والمقام.

قوله : «كذلك» في هذه الكاف وجهان :

أحدهما : النصب نعتا لمصدر ، أي نفعل بالمتقين فعلا كذلك أي مثل ذلك الفعل.

والثاني : الرفع على خبر ابتداء مضمر أي الأمر كذلك (٦).

وقدر أبو البقاء قبله جملة فقال : «تقديره : فعلنا ذلك ، والأمر كذلك» (٧) ، ولا حاجة إليه. والوقف على «كذلك» والابتداء بقوله : وزوّجناهم.

قوله : (بِحُورٍ عِينٍ) العامة على تنوين «حور» موصوفا «بعين». وعكرمة لم ينوّن (٨) ، أضافهن لأنهن ينقسمن إلى «عين» وغير «عين». وتقدم تفسير الحور العين.

فإن قيل : المراد بجلوسهم متقابلين استئناس بعضهم ببعض ، والجلوس على هذه الصّفة موحش لأنه يكون كل واحد منهم مطلعا على ما يفعل الآخر ، وأيضا فالقليل الثواب إذا اطلع على حال من يكثر ثوابه ينغص (٩) عليه!

فالجواب : أن أحوال الآخرة بخلاف أحوال الدنيا.

__________________

(١) السابق.

(٢) وهم نافع وابن عامر ، وأبو جعفر والأعمش.

(٣) انظر الإتحاف ٣٨٩ والرازي ٢٧ / ٢٥٣ والكشاف ٣ / ٥٠٧.

(٤) المراجع السابقة.

(٥) انظر هذه الإعرابات في التبيان ١١٤٦ و ١١٤٧ والدر المصون ٤ / ٨٢٠ والبيان ٢ / ٣٦١.

(٦) الدر المصون ٤ / ٨٢٠ والكشاف ٣ / ٥٠٧.

(٧) التبيان ١١٤٧.

(٨) قراءة شاذة غير متواترة انظر المحتسب ٢ / ٢٦١ ، والكشاف ٣ / ٥٠٧ ، والدر المصون ٤ / ٨٢٠.

(٩) في ب يبغض.

٣٣٤

فصل

قال أبو عبيدة : معنى (وَزَوَّجْناهُمْ) أي جعلناهم أزواجا ، كما يزوح النّعل بالنّعل (١) أي جعلناهم اثنين اثنين. واختلفوا في هذا اللفظ هل يدل على حصول عقد التزويج أم لا؟ فقال يونس (٢) : قوله تعالى : (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) قرنّاهم بهنّ وليس من عقد التزويج ، والعرب لا تقول : تزوّجت بها ، وإنّما تقول : تزوّجتها. قال الواحديّ : (ـ رحمه‌الله ـ) (٣) : والتنزيل نزل على ما قال يونس ، وذلك قوله تعالى : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها) [الأحزاب : ٣٧] ولو كان المراد تزوّجت بها لقال : زوّجناك بها (٤).

فصل

قال الواحدي : وأصل الحور البياض ، والتّحوير التبييض ، وقد تقدم في تفسير الحواريّين (٥). وعين حوراء إذا اشتدّ بياض بياضها ، واشتدّ سواد سوادها ، ولا تسمى المرأة حوراء حتى يكون حور عينيها بيضاء في لون الجسد (٦). وأما العين فجمع عيناء ، وهي التي تكون عظيمة العينين من النّساء واسعتهما (٧).

قوله : (يَدْعُونَ فِيها) حال من مفعول «زوّجناهم» ومفعوله محذوف ، أي يدعون الخدم بكلّ فاكهة وقوله : «آمنين» يجوز أن تكون حالا ثانية ، وأن تكون حالا من فاعل «يدعون» فتكون حالا متداخلة (٨) ومعنى «آمنين» أي من نفارها ومن (م) (٩) ضرّتها. وقال قتادة : آمنين من الموت ، والأوصاب ، والشّيطان (١٠).

قوله : (لا يَذُوقُونَ) يجوز أن يكون حالا من الضمير في «آمنين» وأن يكون حالا ثالثة أو ثانية من مفعول (وَزَوَّجْناهُمْ)(١١) ، و «آمنين» حال من فاعل «يدعون» كما تقدم ، أو صفة «لآمنين» أو مستأنف (١٢). وقرأ عمرو بن عبيد : لا يذاقون مبنيا للمفعول(١٣).

__________________

(١) في ب الفعل بالفعل وما ذكر أعلى موافق للمجاز ٢ / ٢٠٩.

(٢) هو : يونس بن عبيد العبدي مولاهم أبو عبد الله البصري أحد الأئمة عن الحسن وابن سيرين وعطاء ، وعنه شعبة وهيثم ، ويزيد بن زريع مات سنة ١٤٠ ه‍ ، انظر خلاصة الكمال ٤٤١.

(٣) سقط من ب.

(٤) انظر الرازي ٢٧ / ٢٥٣.

(٥) من الآية ٥٢ من آل عمران : «قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ».

(٦) اللسان حور ١٠٤٣ ونقله عن الأزهريّ.

(٧) انظر اللسان «عين».

(٨) انظر هذه الإعرابات في الدر المصون ٤ / ٨٢١ والتبيان لأبي البقاء ١١٤٦ و ١١٤٧ ومشكل إعراب القرآن ٢ / ٢٩٢.

(٩) الميم زيادة من ب.

(١٠) انظر القرطبي ١٦ / ١٥٤.

(١١) التبيان ١١٤٧ و ١١٤٦ والدر المصون ٤ / ٨٢١.

(١٢) السابق.

(١٣) في الكشاف والبحر المحيط عبيد بن عمير كما مضى تصحيحه قبل. انظر الكشاف ٣ / ٥٠٧ والبحر ٨ / ٤٠.

٣٣٥

قوله : (إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) فيه أوجه :

أحدها : أنه استثناء (١) منقطع ، أي لكن الموتة الأولى ، قد ذاقوها.

الثاني : أنه متصل ، وتأولوه بأن المؤمن عند موته في الدنيا يرى منزلته في الجنة لمعاينة ما يعطاه منها أو لما يتيقنه من نعيمها (٢).

الثالث : أن «إلّا» بمعنى سوى. نقله الطبري (٣) وضعّفه.

قال ابن عطية : وليس تضعيفه بصحيح ، بل هو كونها بمعنى سوى مستقيم منتسق (٤).

الرابع : أن «إلّا» بمعنى «بعد» ، واختاره الطبري (٥). وأباه الجمهور ، لأن إلّا بمعنى بعد لم يثبت.

وقال الزمخشري : فإن قلت : كيف استثنيت الموتة الأولى المذوقة قبل دخول الجنة من الموت المنفي ذوقه منها؟ (٦).

قلت : أريد أن يقال : لا يذوقون فيها الموت البتة ، فوضع قوله : (إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) موضع «ذلك» ، لأن الموتة الماضية محال ذوقها في المستقبل فهو من باب التعليق بالمحال كأنه قيل : إن كانت الموتة الأولى يستقيم ذوقها في المستقبل ؛ فإنهم يذوقونها في الجنّة (٧).

قال شهاب الدين : وهذا عند علماء البيان يسمى نفي الشيء بدليله ومثله قول النّابغة :

٤٤٣٢ ـ ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم

بهنّ فلول من قراع الكتائب (٨)

يعني إن كان أحد يعد (٩)(١٠) فلول السيوف من قراع الكتائب عيبا ، فهذا عيبهم لكن

__________________

(١) واختاره مكي في المشكل ٢ / ٢٩٢ واختاره الفراء بمعنى «سوى» وانظر معاني الفراء ٣ / ٤٤ والبيان ٢ / ٣٦٢.

(٢) التبيان ١١٤٩.

(٣) في ب الطبراني والأصح أنه الطبري وانظر جامع البيان ٢٥ / ٨٢ و ٨٣.

(٤) كذا في النسختين منتسق ، وفي الدر المصون الذي نقل المؤلف عنه «متّسق» وكلاهما صحيحان انظر البحر المحيط ٨ / ٤٠ ، والدر المصون ٤ / ٨٢١.

(٥) جامع البيان المرجع السابق.

(٦) في ب فيها.

(٧) الكشاف ٣ / ٥٠٧.

(٨) الكشاف ٣ / ٥٠٧ بالمعنى وباللفظ من الدر المصون ٤ / ٨٢١.

(٩) له من بحر الطويل وهو مشهور عند أهل البلاغة بتأكيد المدح بما يشبه الذم وقد شرحه أعلى مما لا يحتاج إلى شرح ، انظر ديوانه ٤٤ ، والإيضاح للقزويني ٢٦٦ ، والدر المصون ٤ / ٨٢١ ، ومعاهد التنصيص ٢ / ٣١ ، والهمع ١ / ٢٣٢.

(١٠) في ب يعدل وهو تحريف.

٣٣٦

عدّه من العيوب محال فانتفى عنهم العيب بدليل تعليق الأمر على المحال (١).

وقال ابن عطية بعد ما حكاه عن الطبري : فتبين أنه نفى عنهم ذوق الموت ، وأنه لا ينالهم من ذلك غير ما تقدم في الدنيا (٢). يعني أنه كلام محمول على معناه.

وقال ابن الخطيب : إن من جرب شيئا ووقف عليه صح أن يقال : إنه ذاقة ، وإذا صح أن يسمى ذلك العلم بالذوق صح أن يسمى تذكره أيضا بالذوق. فقوله : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) يعني الذّوق الحاصل بسبب تذكر الموتة الأولى (٣).

فإن قيل : أليس أنّ أهل النار لا يذوقون الموت فلم بشّر أهل الجنة بهذا مع أن أهل النار يشاركونهم فيه؟

فالجواب : أن البشارة ما وقعت بدوام الحياة ، (بل (٤) بدوام الحياة) مع سابقة حصول تلك الخيرات والساعات (٥) فافترقا.

قوله : «ووقاهم» الجمهور على التخفيف ، وقرأ أبو حيوة ووقّاهم (٦) بالتشديد على المبالغة ولا تكون للتعدية فإنه متعدّ إلى اثنين.

قوله : «فضلا» مفعول من أجله ، وهو مراد مكّيّ بقوله : مصدر عمل فيه «يدعون»(٧). وقيل : العامل فيه (٨) : «ووقاهم». وقيل : آمنين (٩). فهذا إنما يظهر (١٠) على كونه مفعولا من أجله ، على أنه يجوز أن يكون مصدرا ، لأن «يدعون» وما بعده من باب التفضّل ، فهو مصدر ملاق لعامله في المعنى. وجعله أبو البقاء منصوبا بمقدر أي تفضّلنا بذلك فضلا (١١) أي تفضّلا (١٢).

فصل

احتج أهل السنة بهذه الآية على أن الثواب يحصل من الله (تعالى) (١٣) فضلا

__________________

(١) الدر المصون ٤ / ٨٢١.

(٢) البحر المحيط ٨ / ٤٠.

(٣) الرازي ٢٧ / ٢٥٤.

(٤) سقط من ب بسبب انتقال النظر.

(٥) في ب والرازي : السعادات وهو الأصح انظر تفسير الرازي ٢٧ / ٢٥٤.

(٦) من القراءات الشاذة انظر مختصر ابن خالويه ١٣٧ ، وانظرها بدون عزو في الكشاف ٢ / ٥٠٧.

(٧) مشكل إعراب القرآن ٢ / ٢٩٢.

(٨) نقله صاحب المشكل في إعراب القرآن ٢ / ٢٩٢ أيضا السابق وقال الفراء في المعاني : «أي فعله تفضلا منه» ٣ / ٤٤.

(٩) مشكل إعراب القرآن السابق وانظر في هذه الأوجه كلها السمين ٤ / ٨٢٢.

(١٠) في ب ظهر ماضيا.

(١١) التبيان ١١٤٩.

(١٢) كذا في أوفي ب وهو الموافق لما في التبيان : تفضيلا.

(١٣) زيادة من أ.

٣٣٧

وإحسانا وأن كل ما وصل إليه العبد من الخلاص عن النار والفوز بالجنّة ، فإنما يحصل بفضل الله تعالى ، ثم قال : (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) وهذا يدل على أن الفضل أعلى من درجات الثواب المستحق ، لأنه وصفه بكونه فوزا عظيما ، وأيضا فإن الملك العظيم إذا أعطى الأجير أجرته ، ثم خلع على إنسان آخر ، فإن تلك الخلعة أعلى حالا من إعطاء تلك الأجرة. ولما بين الله تعالى الدلائل وشرح الوعد والوعيد قال : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ) أي سهّلنا القرآن ، كناية عن غير مذكور «بلسانك» أي بلغتك. والباء للمصاحبة (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) يتّعظون. قال القاضي : وهذا يدل على أنه أراد من الكل الإيمان ولم يرد من أحد الكفر. وأجيب : بأن الضمير في قوله : (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) عائد إلى أقوام مخصوصين فيحمل ذلك على المؤمنين.

قوله : «فارتقب» أي فانتظر ما يحلّ بهم (إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ) لما يحلّ بك. فمفعولا الارتقاب محذوفان أي فارتقب النصر من ربك إنهم مرتقبون بك ما يتمنونه من الدوائر والغوائل ولن يضرك ذلك (١).

روى أبو هريرة : (رضي الله (٢) عنه) قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ من قرأ حم الدخان في ليله (٣) أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك (٤). رواه البغوي (٥)(٦) في تفسيره. وروى الثّعلبيّ عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : من قرأ حم التي يذكر فيها الدخان في ليلة جمعة أصبح مغفورا له. وقال أبو أمامة ـ رضي الله عنه ـ سمعت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (يقول) (٧) : من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة أو يوم الجمعة بنى الله له بيتا في الجنة (٨).

(اللهم أسعدنا بعظيم فضلك ، وارحمنا برحمتك) (٩). (والله (١٠) ـ تعالى ـ أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب).

__________________

(١) وانظر فيما مضى تفسير الإمام الفخر الرازي ٢٧ / ٢٥٥ و ٢٥٤ وانظر الكشاف ٣ / ٥٠٧ و ٥٠٨.

(٢) زيادة من أعن ب.

(٣) في ب ليلة.

(٤) الإتقان للسيوطي ٢ / ١٩٦ وفتح القدير ٤ / ٥٦٩ ومجمع البيان ٩ / ٩١ والسراج المنير ٣ / ٥١٢.

(٥) رواه الإمام البغوي في معالم التنزيل الجزء الخامس نهاية تلك السورة.

(٦) انظر الثلاثة المراجع الأخيرة السابقة والبيضاوي ٢ / ٢٠٧.

(٧) سقط من ب.

(٨) انظر السراج المنير وفتح القدير ، ومجمع البيان السوابق.

(٩) ما بين القوسين الأولين زيادة من أ.

(١٠) ما بين القوسين الأخيرين زيادة من ب.

٣٣٨

سورة الجاثية

مكية (١) وهي سبع وثلاثون آية ، وأربعمائة وثمانون كلمة ، وألفان ومائة وإحدى وتسعون حرفا.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى : (حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (٣) وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٤) وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٥) تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ)(٦)

قوله تعالى : (حم. تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) قد تقدم مثله أول غافر. وقال أبو عبد الله الرازي : العزيز الحكيم إن كانا صفة لله كانا حقيقة ، وإن كانا صفة للكتاب كانا مجازا له (٢).

ورد عليه أبو حيان جعله إياهما صفة للكتاب. قال : إذ لو كان كذلك لوليت الصّفة موصوفها فكان يقال : تنزيل الكتاب العزيز الحكيم من الله. قال : لأن «من الله» إن تعلق «بتنزيل» و «تنزيل» خبر ل «حم» أو لمبتدأ محذوف ، لزم الفصل به بين الصفة والموصوف ، ولا يجوز ، كما لا يجوز : أعجبني ضرب زيد بسوط الفاضل ، أو في موضع الخبر وتنزيل مبتدأ ، فلا يجوز الفصل به أيضا لا يجوز : ضرب زيد شديد الفاضل (٣).

قوله تعالى : (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ) إن كان قوله «حم» قسما «فتنزيل الكتاب» نعت له ، وجواب القسم : (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٤) واعلم أن

__________________

(١) في قول الحسن وجابر وعكرمة. وقال ابن عباس وقتادة إلّا آية هي : «قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ «لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ» ، وانظر القرطبي ١٦ / ١٦٠.

(٢) الرازي ٢٧ / ٢٥٧ و ٢٥٨.

(٣) انظر البحر المحيط ٨ / ٤٢ والدر المصون ٤ / ٨٢٣ والرازي ٢٧ / ٢٥٦.

(٤) والتقدير : وحم الذي هو تنزيل الكتاب إنّ الأمر كذا وكذا. وانظر الرازي ٢٧ / ٢٥٦.

٣٣٩

حصول الآيات في السماوات والأرض ظاهر دال على وجود الله تعالى ، وقدرته مثل مقاديرها وكيفياتها وحركاتها ، وأيضا الشمس والقمر والنجوم والجبال والبحار. وقد تقدم الكلام في كيفية دلالتها على وجود الإله القادر الفاعل المختار.

وقوله : (لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ) يقتضي كون هذه مختصة بالمؤمنين. وقالت المعتزلة : إنها آيات للمؤمن والكافر ، إلا أنه لما انتفع بها المؤمن دون الكافر أضيف كونها آيات للمؤمنين ، ونظيره قوله تعالى : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة : ٢] فإنه هدى لكلّ الناس ، كما قال تعالى : (هُدىً لِلنَّاسِ) [البقرة : ١٨٥] إلّا أنه لما انتفع به المؤمن خاصة قيل : هدى للمتقين (١).

قوله تعالى : (وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ) فيه وجهان :

أظهرهما : أن قوله : (وَما يَبُثُّ) معطوف على «خلقكم» المجرور بفي والتقدير : وفيما يبثّ (٢).

الثاني : أنه معطوف على الضمير المخفوض (٣) بالخلق وذلك على مذهب من يرى العطف على الضمير المجرور دون إعادة الجار (٤). واستقبحه الزمخشري وإن أكّد ، نحو : مررت بك أنت وزيد (٥) يشير بذلك إلى مذهب الجرميّ (٦) ، فإنه يقول : إن أكّد جاز ، وإلّا فلا. فقوله مذهب ثالث (٧).

قوله : (آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) و (آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ). وقرأ آيات بالكسر في الموضعين الأخوان (٨) والباقون برفعهما ولا خلاف في كسر الأولى ؛ لأنها اسم «إن» فأما (آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) بالكسر فيجوز فيها وجهان :

أحدهما : أنها معطوفة على اسم «إن» والخبر قوله : (وَفِي خَلْقِكُمْ) كأنه قيل : وإنّ في خلقكم وما يبثّ من دابّة آيات (٩).

__________________

(١) انظر الرازي ٢٧ / ٢٥٨.

(٢) الكشاف ٣ / ٥٠٨.

(٣) في ب المعطوف تحريف.

(٤) وهو مذهب الكوفة ويونس وقد احتجوا بقراءة حمزة أحد السبعة يقرأ آية النساء : «وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ» بجرّ الأرحام عطفا على محل الضمير دون إعادة الجار. وقد احتجوا بآيات أخرى وأقوال وأشعار عربية شاهدة لما ذهبوا إليه. وقد رجح مذهب البصريين أناس كثيرون منهم ابن مالك في تسهيله انظر في هذه المسألة الإنصاف المسألة رقم (٦٥) والبحر ٨ / ٤٢ ، والتسهيل ١٧٧ ، والكتاب ٢ / ٣٨٢ و ٣٨٣.

(٥) الكشاف ٣ / ٥٠٨.

(٦) صالح بن إسحاق أبو عمر ، أخذ عن الأخفش الأوسط ، وسمع عن يونس وله فضل كبير في إظهار كتاب سيبويه. توفي سنة ٢٥٠ ه‍ وانظر نزهة الألباء ١٠١ وإنباه الرواة ٢ / ٨٠ ونشأة النحو ٩٢.

(٧) الدر المصون ٤ / ٨٢٣ والهمع ١ / ١٣٩ والبحر المحيط ٨ / ٤٢.

(٨) انظر السبعة ٥٩٥ والاتحاف ٣٨٩ والكشف لمكي ٢ / ٢٦٧.

(٩) الفراء في المعاني ٢ / ٤٥.

٣٤٠