اللّباب في علوم الكتاب - ج ١٥

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي

اللّباب في علوم الكتاب - ج ١٥

المؤلف:

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2298-3

الصفحات: ٦١٥

و «أي» تنقسم إلى أقسام كثيرة ، وهي : الشرطية (١) ، والاستفهامية (٢). والموصولة (٣) ، والصفة (٤) ، والموصوفة عند الأخفش خاصة (٥) ، والمناداة نحو : يا أيهذا (٦) والموصولة لنداء ما فيه (أل) نحو : يا أيّها الرجل. عند غير الأخفش (٧) ، والأخفش يجعلها في النداء موصولة (٨).

وقرأ ابن عباس والحسن «أيّ منفلت ينفلتون» بالفاء والتاء من فوق من الانفلات (٩).

روى الثعلبي في تفسيره عن ابن عباس أن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : «أعطيت السورة التي

__________________

(١) قال سيبويه : (فما يجازى به من الأسماء غير الظروف : من ، وما ، وأيهم) الكتاب ٣ / ٥٦. وانظر المغني ١ / ٧٧.

(٢) قال سيبويه : (وسألته ـ يعني أبا الخطاب الأخفش ـ عن أيّهم ، لم لم يقولوا : أيّهم مررت به؟ وإنما تركت الألف استغناء فصارت بمنزلة الابتداء ، ألا ترى أن حد الكلام أن تؤخّر الفعل فتقول : أيّهم رأيت ، كما تفعل ذلك بالألف ، فهي نفسها بمنزلة الابتداء) الكتاب ١ / ١٢٦. وانظر المغني ١ / ٧٧.

(٣) قال سيبويه : (وتقول : أيّها تشاء لك ، ف (تشاء) صلة ل (أيّها) حتى كمل اسما ، ثم بنيت (لك) على (أيها) ، كأنك قلت : الذي تشاء لك) الكتاب ٢ / ٣٩٨.

(٤) قال سيبويه : (ومن النعت أيضا : مررت برجل أيّما رجل ، فأيّما نعت للرجل في كماله وبذّه غيره ، كأنه قال : مررت برجل كامل) الكتاب ١ / ٤٢٢ وقال ابن هشام : (أن تكون دالة على معنى الكمال ، فتقع صفة للنكرة نحو : زيد رجل أيّ رجل. أي : كامل في صفات الرجال ، وحالا للمعرفة كمررت بعبد الله أيّ رجل) المغني ١ / ٧٨ ، ولا يوصف ب (أي) إلا أن تكون مضافة ، قال سيبويه : (... وكذلك أي ، لا تقول : هذا رجل أي) الكتاب ٣ / ٢٥.

(٥) قال أبو حيان : (... فأي تكون شرطية واستفهامية وموصولة ووصفا على مذهب الأخفش موصوفة بنكرة نحو : مررت بأي معجب لك) البحر المحيط ٧ / ٥٠. وقال ابن هشام بعد أن ذكر أن الأخفش زعم أن أيّا في (يا أيّها الرجل) لا تكون وصلة إلى نداء ما فيه (ال) وإنما هي الموصول : (.... وزاد قسما ، وهو : أن تكون نكرة موصوفة نحو : مررت بأي معجب لك ، كما يقال : بمن معجب لك ، وهذا غير مسموع) المغني ١ / ٧٩.

(٦) في ب : يا هذا.

(٧) ظاهر عبارة ابن عادل أن (أي) في النداء قسمان : مناداة وتوصف باسم الإشارة ، ووصلة لنداء ما فيه (ال) وهما عند النحاة قسم واحد ، قال سيبويه : (وأما قولك : يا أيها ذا الرجل ، فإن (ذا) وصف ل (أي) كما الألف واللام وصف ، لأنه مبهم مثله ، فصار صفة له كما صار الألف واللام وما أضيف إليها صفة للألف واللام) الكتاب ٢ / ١٩٣.

(٨) وعبارة الأخفش صريحة في أنّ (أيّ) في النداء موصوفة لا موصولة ، قال في معرض حديثه عن قوله تعالى :«إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ»[النساء: ٥٨] : (فإن قيل : كيف تكون (ما) اسما وحدها وهي لا يتكلم بها وحدها؟ قلت : هي بمنزلة (يا أيها الرجل) ، لأن (أيا) ههنا اسم ولا يتكلم به وحده حتى يوصف فصار (ما) مثل الموصوف ههنا ، لأنك إذا قلت : غسلته غسلا نعما. فإنك تريد المبالغة والجودة) معاني القرآن ١ / ١٩٢.

(٩) المختصر (١٠٨) ، البحر المحيط ٧ / ٤٩.

١٠١

يذكر فيها البقرة من الذكر الأول ، وأعطيت طه والطواسين من ألواح موسى ، وأعطيت فواتح القرآن وخواتيم السورة التي يذكر فيها البقرة من تحت العرش ، وأعطيت المفصل نافلة» (١).

وعن أنس أن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : «إنّ الله تعالى أعطاني السبع مكان التوراة ، وأعطاني الطواسين مكان الزبور ، وفضلني بالحواميم والمفصل ، ما قرأهن نبي قبلي».

وعن أبي أمامة عن أبيّ بن كعب قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة الشعراء كان له من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بنوح وكذب به ، وهود (٢) ، وشعيب ، وصالح ، وإبراهيم ، وبعدد من كذب بعيسى ، وصدق بمحمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ» (٣).

__________________

(١) ذكر البغوي في تفسيره ٥ / ٤٠٨ ، الدر المنثور ٥ / ٥٤٨.

(٢) كذا في الكشاف ، وفي النسختين : وكذب بهود.

(٣) رواه الثعلبي وابن مردويه من حديث أبي بن كعب. انظر الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف (١٣٤). وفي ب : صلى‌الله‌عليه‌وسلم وشرف وكرم وبجل ومجد وعظم.

١٠٢

سورة النمل

سورة النمل مكية ، وهي ثلاث وتسعون آية ، وألف ومائة وتسع وأربعون كلمة ، وأربعة آلاف وسبع مائة وتسعة وتسعون حرفا.

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى : (طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ (١) هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)(٣)

قوله تعالى : (طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ). «تلك» إشارة إلى آيات السورة(١) أي : هذه آيات القرآن.

قوله : «وكتاب» العامة على جره عطفا على «القرآن» ، وهل المراد به نفس القرآن فيكون من عطف بعض الصفات على بعض ، والمدلول واحد (٢) ، أو اللوح المحفوظ ، أو نفس السورة (٣) ، أقوال (٤). وقيل : القرآن والكتاب علمان (٥) للمنزل على نبينا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فهما كالعباس وعباس ، يعني فيكون «أل» فيهما للمح الصفة ، وهذا خطأ ؛ إذ لو كانا علمين لما وصفا بالنكرة (٦) ، وقد وصف «قرآن» بها في قوله : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ) [الحجر : ١] ـ في الحجر ـ ووصف بها (٧) «كتاب» كما في هذه الآية الكريمة. والذي يقال إنه نكر (٨) هنا لإفادة التفخيم ، كقوله (٩) : (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) [القمر : ٥٥]. وقرأ ابن أبي عبلة : «وكتاب مبين» برفعها عطفا على «آيات» المخبر بها عن «تلك» (١٠)

__________________

(١) انظر الكشاف ٣ / ١٣٢.

(٢) هو قول الزمخشري. الكشاف ٣ / ١٣٢.

(٣) هذان القولان لأبي حيان. البحر المحيط ٧ / ٥٢.

(٤) أقوال : تكملة ليست في المخطوط.

(٥) في ب : علما. وهو تحريف.

(٦) انظر البحر المحيط ٧ / ٥٢ ـ ٥٣.

(٧) في ب : وصف بهما. وهو تحريف.

(٨) في ب : ذكر. وهو تحريف.

(٩) في ب : لقوله. وهو تحريف.

(١٠) قال الزمخشري : (وقرأ ابن أبي عبلة «وكتاب مبين» بالرفع على تقدير : وآيات كتاب مبين ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه) الكشاف ٣ / ١٣٢ ، وانظر تفسير ابن عطية ١١ / ١٦٦ ، البحر المحيط ٧ / ٥٣.

١٠٣

فإن قيل : كيف صحّ أن يشار لاثنين أحدهما مؤنث ، والآخر مذكر باسم إشارة المؤنث ، ولو قلت : تلك هند وزيد لم يجز؟

فالجواب من ثلاثة أوجه :

أحدها : (أن المراد بالكتاب) (١) هو الآيات ، لأن الكتاب عبارة عن آيات مجموعة ، فلما كانا شيئا واحدا ، صحت الإشارة إليهما بإشارة الواحد المؤنث.

الثاني : أنه على حذف مضاف ، أي : وآيات كتاب مبين.

الثالث : أنه لما ولي المؤنث ما يصح الإشارة به إليه ، اكتفي به وحسن ، ولو أولي المذكر لم يحسن ، ألا تراك (٢) تقول : جاءتني هند وزيد ، ولو حذفت (هند) أو أخّرتها لم يجز تأنيث الفعل (٣).

قوله : (هُدىً وَبُشْرى) يجوز فيهما أوجه :

أحدها : أن يكونا منصوبين على المصدر (٤) بفعل مقدر من لفظهما ، أي : يهدي هدى ، ويبشر بشرى (٥).

الثاني : أن يكونا في موضع الحال من «آيات» والعامل (٦) فيها ما في «تلك» من معنى الإشارة (٧).

الثالث : أن يكونا في موضع الحال من «القرآن» وفيه ضعف ، من حيث كونه مضافا إليه(٨).

الرابع : أن يكونا (٩) حالا من «كتاب» ، في قراءة من رفعه ، ويضعف في قراءة من جره ، لما تقدم من كونه (١٠) في حكم المضاف إليه ، لعطفه عليه (١١).

الخامس : أنّهما حالان من الضمير المستتر في «مبين» سواء رفعته (أم جررته (١٢)) (١٣).

السادس : أن يكونا بدلين من «آيات» (١٤).

السابع : أن يكونا خبرا بعد خبر (١٥).

__________________

(١) ما بين القوسين في ب : المراد به الكتاب.

(٢) في ب : ألا ترى أنك.

(٣) انظر التبيان ٢ / ١٠٠٣.

(٤) انظر البحر المحيط ٧ / ٥٣.

(٥) في ب : أي : هدى وبشرى بشرى.

(٦) في ب : فالعامل.

(٧) انظر الكشاف ٣ / ١٣٢ ، التبيان ٢ / ١٠٠٣.

(٨) انظر التبيان ٢ / ١٠٠٣.

(٩) في النسختين : يكون. والصواب ما أثبته.

(١٠) من كونه : سقط من ب.

(١١) انظر التبيان ٢ / ١٠٠٣.

(١٢) المرجع السابق.

(١٣) ما بين القوسين في ب : أم جرته. وهو تحريف.

(١٤) انظر الكشاف ٣ / ١٣٢.

(١٥) المرجع السابق ، البيان ٢ / ٢١٨ ، التبيان ٢ / ١٠٠٣.

١٠٤

الثامن : أن يكونا خبري ابتداء مضمر ، أي : (هي) (١) هدى وبشرى للمؤمنين (٢).

فصل

المراد يهديهم (٣) إلى الجنة وبشرى لهم ، كقوله تعالى : (فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ (٤) مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً)(٥) ، ولهذا (٦) خص به المؤمنين (٧) ، وقيل : المراد بالهدى : الدلالة ، وإنما خصه بالمؤمنين ، لأنه ذكر مع الهدى البشرى ، والبشرى إنما تكون للمؤمنين ، أو لأنهم تمسكوا به ، كقوله : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) [النازعات : ٤٥] ، أو أنه يزيد (٨) في هداهم ، كقوله تعالى : (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً)(٩) [مريم : ٧٦].

قوله : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) يجوز أن يكون مجرور المحل ، نعتا للمؤمنين ، أو بدلا أو بيانا ، أو منصوبة على المدح ، أو مرفوعة على تقدير مبتدأ ، أي : هم الذين ، والمراد بها : الصلوات الخمس ، وكذا القول في الزكاة ، فإنها هي الواجبة ، لأن التعريف بالألف واللام يقتضي ذلك. وإقامة الصلاة أن يؤديها بشرائطها ، والزكاة بوضعها في مواضعها (١٠).

قوله : (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) «هم» الثاني تكرير للأول على سبيل التوكيد اللفظي ، وفهم الزمخشري منه الحصر ، أي : لا يوقن بالآخرة حق الإيقان إلا هؤلاء المتصفون بهذه الصفات. ويدل عليه أنه عقد جملة ابتدائية ، وكرر فيها المبتدأ الذي هو «هم» حتى صار معناها : وما يوقن بالآخرة حق الإيقان إلا هؤلاء الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح ، لأن خوف العاقبة يحملهم على تحمل المشاق(١١).

و «بالآخرة» متعلق ب «يوقنون» ، ولا يضر الفصل بينهما بالتوكيد.

وهذه الجملة يحتمل أن تكون معطوفة على الصلة ، داخلة في حيز الموصول ، وحينئذ يكون قد غاير بين الصّلتين لمعنى ، وهو أنه لما كان إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة مما يتكرّر ويتجدّد أتى بالصلتين جملة فعلية ، فقال : «يقيمون» ، و «يؤتون».

ولما كان الإيقان بالآخرة أمرا ثابتا مطلوبا دوامه ، أتى بالصلة جملة اسمية ، مكررا فيها المسند إليه ، مقدما الموقن به ، الدال على الاختصاص ، ليدل على الثبات

__________________

(١) هي : تكملة ليست في المخطوط.

(٢) انظر الكشاف ٣ / ١٣٢ ، البيان ٢ / ٢١٨ وفيه : هو هدى ، التبيان ٢ / ١٠٠٣.

(٣) في ب : يهد لهم.

(٤) ما بين القوسين في النسختين : يبشرهم ربهم برحمة.

(٥) [النساء : ١٧٥].

(٦) في ب : وهذا.

(٧) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٧٧.

(٨) في ب : مزيد.

(٩) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٧٧ ـ ١٧٨.

(١٠) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٧٨.

(١١) انظر الكشاف ٣ / ١٣٢.

١٠٥

والاستقرار ، وجاء بخبر المبتدأ في هذه الجملة فعلا مضارعا ، دلالة على أن ذلك متجدد كل وقت ، غير منقطع (١). ويحتمل أن تكون مستأنفة غير داخلة في حيز الموصول (٢). قال الزمخشري : ويحتمل أن تتم الصلة عنده ، أي : عند قوله : «وهم» ، قال : وتكون الجملة اعتراضية (٣).

يريد أن الصلة تمت عند الزكاة ، فيجوز فيه (٤) ذلك ، وإلا فكيف يصح ـ إذا أخذنا بظاهر كلامه ـ أن الصلة تمت عند قوله (٥) : «وهم» (٦) وتسمية هذا اعتراضا : يعني من حيث المعنى وسياق الكلام ، وإلا فالاعتراض في الاصطلاح : إنما يكون بين متلازمين من مبتدأ أو خبر ، وشرط وجزاء ، وقسم وجوابه ، وتابع ومتبوع ، وصلة وموصول ، وليس هنا شيء من ذلك.

فإن قيل : إن المؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة لا بد وأن يكونوا متيقنين بالآخرة ، فما وجه ذكره مرة أخرى؟

فالجواب من وجهين :

الأول (٧) : أن الذي يستفاد منه طرق للنجاة هو معرفة المبدأ ، ومعرفة المعاد ، والعمل الصالح ، وأشرفه الطاعة بالنفس والطاعة بالمال ، فقوله : «للمؤمنين» ، أي (٨) : الذين يؤمنون بالغيب وهو إشارة إلى معرفة المبدأ ، وقوله (٩) : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) ، إشارة إلى الطاعة بالنفس والمال ، وقوله : (وَهُمْ (١٠) بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) إشارة إلى علم المعاد ، فكأنه تعالى جعل معرفة المبدأ طرفا أولا ، ومعرفة المعاد طرفا أخيرا ، وجعل الطاعة بالنفس والمال متوسطا (١١) بينهما.

الثاني : أن المؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة منهم من هو جازم بالحشر والنشر ، ومنهم من يكون شاكا فيه ، إلا أنه يأتي بهذه الطاعات احتياطا ، فيقول : إن كنت مصيبا فيها فقد فزت بالسعادة ، وإن كنت مخطئا فيها (١٢) لم يفتني إلا خيرات قليلة في هذه المدة اليسيرة ، فمن أتى بالصلاة والزكاة على هذا الوجه ، لم يكن في الحقيقة مهتديا بالقرآن ، (وأما من كان جازما بالآخرة كان مهديا به) (١٣). فلهذا ذكر هذا القيد (١٤).

__________________

(١) انظر البحر المحيط ٧ / ٥٣٢.

(٢) المرجع السابق.

(٣) الكشاف ٣ / ١٣٢.

(٤) في النسختين : في. والصواب ما أثبته.

(٥) عند قوله : سقط من ب.

(٦) اعترض أبو حيان على الزمخشري تسميته مثل هذا اعتراضا ، ووجه ابن عادل ذلك بأنه إنما يعني الاعتراض من ناحية المعنى. انظر البحر المحيط ٧ / ٥٣.

(٧) الأول : سقط من ب.

(٨) أي : سقط من ب.

(٩) في ب : قوله.

(١٠) ما بين القوسين سقط من ب.

(١١) في ب : متوسطة.

(١٢) فيها : سقط من ب.

(١٣) ما بين القوسين سقط من الأصل.

(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٧٨.

١٠٦

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (٤) أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ)(٥)

قوله (١) : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) الآية.

لما بيّن (٢) ما للمؤمنين من البشرى أتبعه بما للكفار من سوء العذاب ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ) القبيحة ، حتى رأوها حسنة ، (فَهُمْ يَعْمَهُونَ) يترددون فيها متحيرين. فإن قيل : كيف أسند تزيين أعمالهم إلى ذاته مع أنه أسنده إلى الشيطان في قوله (زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) [الأنفال : ٤٨]؟.

فالجواب : أما أهل السنة فأجروا الآية على ظاهرها ، لأن الإنسان لا يفعل شيئا ألبتة إلا إذا دعاه الداعي إلى الفعل والمعقول من الداعي هو العلم و (٣) الاعتقاد ، أو الظن بكون الفعل مشتملا على منفعة ، وهذا الداعي لا بد وأن يكون من فعل الله تعالى لوجهين :

الأول : أنه لو كان لافتقر فيه إلى داع آخر ، ولزم (٤) التسلسل ، وهو محال.

الثاني : أن العلم (٥) إما أن يكون ضروريا ، أو كسبيا ، فإن كان ضروريا فلا بد من تصورين والتصور يمتنع أن يكون مكتسبا ، لأن المكتسب إن كان شاعرا به ، فهو متصور له ، وتحصيل الحاصل محال ، وإن لم يكن متصورا ، كان غافلا عنه ، والغافل عن الشيء يمتنع أن يكون طالبا له. فإن قيل : هو مشعور به من وجه (٦) ، قلنا : فالمشعور به غير ما هو (٧) غير (٨) مشعور به ، فيعود التقسيم (٩) المتقدم في كل واحد من هذين الوجهين.

وإذا ثبت أن التصور غير مكتسب ألبتة ، والعلم الضروري هو الذي يكون مكتسبا ، فإن (١٠) كل واحد من تصوّريه كاف (١١) في حصول التصديق ، فالتصورات (١٢) غير مكتسبة فهي مستلزمة التصديقات ، فإذن متى حصلت التصورات البديهية ، كان التصديق بها بديهيا وليس كسبيا. ثم إن التصديقات البديهية إن كانت مستلزمة التصديقات النظرية ، كانت كسبية ، لأن لازم الضروري ضروري ، وإن لم تكن مستلزمة لها لم تكن تلك الأشياء التي فرضناها علوما نظرية كذلك ، بل هي اعتقادات تقليدية ، لأنه لا معنى لاعتقاد المقلد إلا

__________________

(١) في ب : قوله تعالى.

(٢) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٥ / ١٧٩ ـ ١٨٠.

(٣) في ب : أو.

(٤) في ب : لزم.

(٥) في ب : أن العلم الثاني. وهو تحريف.

(٦) في ب : وجهين. وهو تحريف.

(٧) في ب : فالمشعور غيرها وهو.

(٨) غير : تكملة من الفخر الرازي.

(٩) كذا في الفخر الرازي ، وفي الأصل : التقديم ، وفي ب : التقدير.

(١٠) في ب : على.

(١١) في ب : كافيا.

(١٢) في ب : والتصورات.

١٠٧

اعتقاد تحسيني بفعله ابتداء من غير أن يكون له موجب ، فثبت بهذا أن العلوم بأسرها ضرورية ، وثبت أن مبادىء الأفعال هي العلوم ، وأفعال العباد بأسرها ضرورية فالإنسان مضطر في صورة مختار ، فثبت أن الله تعالى هو الذي (زين لكل عامل عمله ، والمراد من التزيين هو الذي) (١) يخلق في قلبه العلم بما فيه من (المنافع واللذات ، ولا يخلق في قلبه العلم بما فيه من) (٢) المضار والآفات ، فثبت بهذه الدلائل (٣) العقلية القاطعة وجوب (٤) إجراء هذه الآية على ظاهرها. وأما المعتزلة فتأولوها بوجوه :

أحدها : أن المراد بينا لهم أمر الدين ، وما يلزمهم أن يتمسكوا به ، وزيناه بأن بينا حسنه وما لهم فيه من الثواب ، لأن التزيين من الله للعمل (٥) ليس إلا وصفه بأنه حسن واجب وحميد العاقبة ، وهو المراد من قوله (٦) : (حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ) [الحجرات : ٧].

وقوله : (فَهُمْ يَعْمَهُونَ) يدل على ذلك ، إذ المراد : فهم يعدلون ويتخيرون عما زينا من أعمالهم.

وثانيها : أنه تعالى لما متعهم بطول العمر وسعة الرزق ، جعلوا إنعام الله عليهم بذلك ذريعة إلى اتباع شهواتهم ، وعدم الانقياد لما يلزمهم من التكاليف ، فكأنه (٧) تعالى زين بذلك أعمالهم ، ولذلك أشارت الملائكة عليهم‌السلام بقولهم : (وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ)(٨) [الفرقان : ١٨] (وَآباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا)(٩) [الفرقان : ١٨] (الذِّكْرَ) [الفرقان : ١٨].

وثالثها : أن إمهاله الشيطان وتخليته حتى يزين لهم ملابسة ظاهرة للتزيين ، فأسند إليه.

والجواب عن الأول : أن قوله تعالى : (زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ) صيغة عموم ، فوجب أن يكون الله تعالى قد زين لهم كل أعمالهم حسنا أو قبيحا (١٠).

وعن الثاني : أن الله تعالى لما متعهم بطول العمر وسعة الرزق فهل لهذه الأمور في ترجيح فاعلية المعصية على تركها أثر ، وليس لها أثر ، وليس لها أثر فيه ، فإن كان الأول ، فقد دللنا على أن التحصيل متى حصل فلا بد أن ينتهي إلى حد الوجوب والاستلزام ، وحينئذ يحصل الغرض ـ وإن لم يكن له فيه أثر ـ صارت (١١) هذه الأشياء بالنسبة إلى أعمالهم كصرير الباب ونعيق الغراب ، بالنسبة إلى أعمالهم ، وذلك يمنع من إسناد فعلهم

__________________

(١) ما بين القوسين سقط من ب.

(٢) ما بين القوسين تكملة من الفخر الرازي.

(٣) في ب : العلوم.

(٤) وجوب : سقط من ب.

(٥) في ب : الفعل.

(٦) في النسختين : وحبب.

(٧) في ب : فكأن الله.

(٨) في النسختين : بل متعت هؤلاء.

(٩) في ب : نسبوا. وهو تحريف.

(١٠) في ب : حسنا كان العمل أو قبيحا.

(١١) في ب : فصارت.

١٠٨

إليها ، وهذا بعينه هو الجواب عن التأويل الثالث الذي ذكروه (١).

قوله : (أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ) أي : القتل والأسر يوم بدر ، وقيل : المراد مطلق العذاب ، سواء كان في الدنيا أو (٢) في الآخرة ، وسوء العذاب : شدته (٣).

قوله : «الأخسرون» في (أفعل) قولان ، أظهرهما : أنها على بابها من (٤) التفضيل ، وذلك بالنسبة إلى الكفار ، من حيث اختلاف الزمان والمكان ، يعني : أنهم أكثر خسرانا في الآخرة منهم في الدنيا ، أي أن خسرانهم في الآخرة أكثر من خسرانهم في الدنيا (٥).

وقال جماعة ـ منهم الكرماني (٦) ـ هي هنا للمبالغة لا للشّركة ، لأن المؤمن لا خسران له في الآخرة ألبتة (٧) ، وقد تقدم جواب ذلك ، وهو أن الخسران راجع إلى شيء واحد ، باعتبار اختلاف زمانه ومكانه. وقال ابن عطية : «الأخسرون» جمع («أخسر» ، لأن أفعل صفة لا يجمع إلا أن يضاف ، فتقوى رتبته في الأسماء ، وفي هذا نظر (٨). قال أبو حيان : ولا نظر في أنه يجمع جمع سلامة أو جمع تكسير إذا كان ب (ال) ، بل لا يجوز فيه إلا ذلك إذا كان قبله ما يطابقه في الجمعية ، فيقول: الزيدون هم الأفضلون والأفاضل ، والهندات هنّ الفضليات والفضل (٩) ، وأما قوله : لا يجمع إلا أن يضاف) فلا (١٠) يتعين إذ ذاك جمعه ، بل إذا أضيف إلى نكرة فلا (١٠) يجوز جمعه ، وإن أضيف إلى معرفة جاز فيه الجمع والإفراد (١١).

قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (٦) إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٧) فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨) يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(٩)

قوله (١٢) : (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى)(١٣) : (لقي) مخفّفا يتعدى لواحد ، وبالتضعيف يتعدى لاثنين ، فأقيم أولهما هنا مقام الفاعل ، والثاني «القرآن» (١٤) ، وقول من قال : إنّ أصله (تلقّن) بالنون تفسير معنى (١٥) ، فلا يتعلّق به متعلق بأن (١٦) النون أبدلت حرف علّة.

__________________

(١) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٤ / ١٧٩ ـ ١٨٠.

(٢) في ب : و.

(٣) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٨٠.

(٤) في الأصل : على.

(٥) انظر البحر المحيط ٧ / ٥٤.

(٦) تقدم.

(٧) انظر البحر المحيط ٧ / ٥٤.

(٨) تفسير ابن عطية ١١ / ١٦٧.

(٩) في ب : والفضلى.

(١٠) في النسختين : لا. والتصويب من البحر المحيط.

(١١) البحر المحيط ٧ / ٥٤.

(١٢) قوله : سقط من الأصل.

(١٣) في ب : وإنك لتلقى القرآن.

(١٤) انظر البحر المحيط ٧ / ٥٤.

(١٥) قال الزمخشري :(«لتلقى القرآن» لتؤتاه وتلقنه) الكشاف ٣ / ١٣٣.

(١٦) أن : سقط من الأصل.

١٠٩

فصل

المعنى لتؤتاه (١) وتلقنه من عند أي حكيم وأي عليم ، وهذا معنى مجيئهما منكرتين ، وهذه الآية تمهيد لما يريد أن يسوق بعدها من القصص كأنه قال على أثر ذلك : خذ من آثار حكمته وعلمه قصة موسى ، فإن قيل : الحكمة إما أن تكون نفس العلم ، وإما أن يكون العلم داخلا فيها ، فبعد ذكر الحكمة لم ذكر العلم؟

فالجواب : أن الحكمة هي العلم بالأمور العملية (٢) فقط ، والعلم أعم منه ؛ لأن (٣) العلم قد يكون عمليا وقد يكون نظريا ، والعلوم النظرية أشرف من العلوم العملية (٤) ، فذكر الحكمة على العموم ثم ذكر العليم وهو البالغ (٥) في كمال العلم ، وكمال العلم من جهات ثلاثة (٦) : وحدتها ، وعموم تعلقها بكل المعلومات ، وبقاؤها مصونة عن كل التغيرات وما حصلت هذه الكمالات الثلاثة إلا في علمه (سبحانه (٧)) (٨).

قوله تعالى : (إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ ...) الآيات ، يجوز أن يكون «إذ» منصوبا بإضمار اذكر (٩) ، أو (يعلم) مقدر مدلولا عليه ب «عليم» (١٠) ، (أو ب «عليم» (١١)) (١٢) وفيه ضعف لتقيد الصفة بهذا الظرف (١٣).

فصل (١٤)

(إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ) في مسيره من مدين إلى مصر (١٥) ، قيل : إنه لم يكن مع موسى ـ عليه‌السلام (١٦) ـ غير امرأته ابنة شعيب ـ عليه‌السلام (١٧) ـ ، وقد كنى الله عنها بالأهل ، فتبع (١٨) ذلك ورود الخطاب بلفظ الجمع (١٩) ، وهو قوله : (امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ)(٢٠) : أبصرت نارا ، وذلك أنهما كانا يسيران ليلا وقد اشتبه الطريق عليهما ، والوقت وقت برد ، وفي (٢١) مثل هذا الحال تقوى النفس بمشاهدة نار لما يرجى فيها من

__________________

(١) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٤ / ١٨٠ ـ ١٨١.

(٢) في ب : العلمية. وهو تحريف.

(٣) لأن : مكرر في ب.

(٤) في ب : العلمية. وهو تحريف.

(٥) في ب : المبالغ. وهو تحريف.

(٦) في ب : ثلاث.

(٧) في ب : ثلاث.

(٨) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٤ / ١٨٠ ـ ١٨١.

(٩) ما بين القوسين في ب : تعالى.

(١٠) انظر الكشاف ٣ / ١٣٣ ، التبيان ٢ / ١٠٠٣.

(١١) بعليم : سقط من ب.

(١٢) انظر الكشاف ٣ / ١٣٣.

(١٣) ما بين القوسين سقط من الأصل.

(١٤) انظر البحر المحيط ٧ / ٥٤.

(١٥) في ب : قوله.

(١٦) انظر البغوي ٦ / ٢٥٩ ـ ٢٦٠.

(١٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٨) في النسختين : فيمنع. والتصويب من الكشاف والفخر الرازي.

(١٩) في ب : ورود الخطاب بالجمع.

(٢٠) انظر الكشاف ٣ / ١٣٣ ـ ١٣٤ ، الفخر الرازي ٢٤ / ١٨١.

(٢١) في ب : وقت برموني.

١١٠

زوال الحيرة في أمر الطريق ، ومن الانتفاع بالنار للاصطلاء ، فلذلك (١) بشرها فقال : (آنَسْتُ (٢) ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ)(٣) والخبر : ما يخبر به (٤) عن حال الطريق ؛ لأنه كان قد ضله (٥). ثم (٦) في الكلام حذف ، وهو أنه لما أبصر النار توجه إليها ، وقال : سآتيكم منها بخبر يعرف به الطريق (٧).

قوله : (أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ) قرأ الكوفيون (٨) بتنوين «شهاب» (٩) ، على أن «قبس» بدل من «شهاب» (١٠) أو صفة له (١١) ، لأنه (١٢) بمعنى مقبوس ، كالقبض (١٣) والنفض(١٤) ، والباقون بالإضافة (١٥) على البيان (١٦) ، لأنّ الشّهاب يكون قبسا وغيره.

والشّهاب : الشّعلة ، والقبس : القطعة منها يكون في عود وغير عود (١٧). و «أو» : على بابها من التنويع ، والطاء في «تصطلون» : يدل من تاء الافتعال ، لأنه من صلي بالنار (١٨).

فإن قيل : قال هاهنا : (سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ)(١٩) ، وفي موضع آخر : (لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ) [القصص : ٢٩] وهما كالمتدافعين ، لأن أحدهما ترجّ والآخر تيقن (٢٠).

فالجواب (٢١) : قد يقول الراجي إذا قوي رجاؤه : سأفعل كذا ، و (٢٢) سيكون كذا ،

__________________

(١) في ب : فكذلك.

(٢) في ب : إني آنست.

(٣) انظر الفخر الرازي ٢٥ / ١٨١.

(٤) به : سقط من ب.

(٥) انظر الكشاف ٣ / ١٣٤ ، الفخر الرازي ٢٤ / ١٨١.

(٦) في ب : و.

(٧) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٨١.

(٨) هو عاصم وحمزة والكسائي.

(٩) السبعة (٤٧٨) ، الكشف ٢ / ١٥٤ ، النشر ٢ / ٣٣٧ ، الإتحاف (٣٣٥).

(١٠) انظر معاني القرآن للأخفش ٢ / ٦٤٧ ، الكشاف ٣ / ١٣٤ ، البيان ٢ / ٢١٨.

(١١) انظر الكشاف ٣ / ١٣٤ ، التبيان ٢ / ١٠٠٤.

(١٢) في ب : ولأنه.

(١٣) القبض ـ بالتحريك ـ بمعنى المقبوض ، وهو ما جمع من الغنيمة قبل أن تقسم. اللسان (قبض).

(١٤) النفض ـ بالتحريك ـ ما تساقط من الورق والثمر ، وهو فعل بمعنى مفعول كالقبض بمعنى المقبوض.

اللسان (نفض).

(١٥) السبعة (٤٧٨) ، الكشف ٢ / ١٥٤٥ ، النشر ٢ / ٣٣٧ ، الإتحاف (٣٣٥).

(١٦) أي : من إضافة النوع إلى جنسه ، بمنزلة قولك : ثوب خز. مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٤٤ ، البيان ٢ / ٢٨٠.

(١٧) انظر مجاز القرآن ٢ / ٩٢ ، اللسان (قبس).

(١٨) وهو إبدال مطرد ، لأن تاء (افتعل) تبدل طاء إذا كانت الفاء صادا ، أو ضادا ، أو طاء ، أو ظاء ، فأصل «تصطلون» «تصتليون» أبدل من التاء طاء لتوافق الطاء في الإطباق ، ونقلت الضمة من الياء إلى اللام فبقيت الياء ساكنة وواو الجمع ساكنة فحذفت الياء لالتقاء الساكنين. البيان ٢ / ٢١٨ ، الممتع ١ / ٣٦٠. وفي اللسان (صلا) : وصلى بالنار وصليها صليا وصليّا وصلى وصلاء ، واصطلى بها وتصلاها قاسى حرها.

(١٩) في ب : بقبس. وهو تحريف.

(٢٠) في ب : متيقن.

(٢١) في ب : والجواب.

(٢٢) و : سقط من ب.

١١١

مع تجويزه الخيبة (١). فإن قيل : كيف جاء بسين التسويف؟

فالجواب : عدة لأهله أنه (٢) يأتيهم به ، وإن أبطأ ، أو كانت المسافة بعيدة (٣) ، وأدخل «أو» بين الأمرين المقصودين ، يعني الرجاء على أنه إن لم يظفر بهذين المقصودين ، ظفر بأحدهما ، إما هداية الطريق ، وإما اقتباس النار ، ثقة منه بعادة الله تعالى لأنه لا يكاد يجمع بين حرمانين على عبده (٤). (لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) تستدفئون من البرد.

قوله : «نودي» في القائم مقام الفاعل ثلاثة أوجه :

أحدها (٥) : أنه ضمير موسى ، وهو الظاهر ، وفي «أن» حينئذ ثلاثة أوجه :

أحدها : أنها المفسرة ، لتقدم ما هو بمعنى القول (٦).

والثاني : أنها الناصبة للمضارع ، ولكن وصلت هنا بالماضي ، وتقدم تحقيق ذلك ، وذلك على إسقاط الخافض ، أي : نودي موسى بأن بورك (٧).

الثالث : أنها المخففة ، واسمها ضمير الشأن ، و «بورك» خبرها ، ولم يحتج هنا إلى فاصل ، لأنه دعاء (٨) ، وقد تقدم نحوه في النور ، في قوله : (أَنَّ غَضَبَ) [النور : ٩] ـ في قراءته فعلا ماضيا (٩) ـ قال الزمخشري : فإن قلت : هل يجوز أن تكون المخففة من الثقيلة ، والتقدير (١٠) : بأنه بورك ، والضمير ضمير الشأن والقصة (١١)؟

قلت : لا ؛ لأنّه لا بدّ من (قد) ، فإن قلت : فعلى إضمارها؟

قلت : لا يصحّ ، لأنها علامة ، والعلامة لا تحذف (١٢) انتهى.

فمنع أن تكون مخففة لما ذكر ، وهذا بناء منه على أنّ «بورك» خبر لا دعاء ، أما إذا قلنا إنه دعاءكما تقدم في النور فلا حاجة إلى (الفاصل كما تقدم ، وقد تقدم فيه استشكال ، وهو أن الطلب لا يقع خبرا في هذا الباب ، فكيف وقع هذا خبرا ل (أن) المخففة ، وهو دعاء.

الثاني من الأوجه الأول : أنّ القائم مقام) (١٣) الفاعل نفس «أن بورك» على حذف حرف الجرّ ، أي : بأن بورك ، ف (أن) حينئذ إمّا ناصبة في الأصل ، وإمّا مخففة (١٤).

__________________

(١) انظر الكشاف ٣ / ١٣٤ ، الفخر الرازي ٢٤ / ١٨١.

(٢) في ب : أنهم. وهو تحريف.

(٣) انظر الكشاف ٣ / ١٣٤ ، الفخر الرازي ٢٤ / ١٨١.

(٤) المرجعان السابقان.

(٥) في ب : أحدهما. وهو تحريف.

(٦) انظر الكشاف ٣ / ١٣٤ ، التبيان ٢ / ١٠٠٤ ، البحر المحيط ٧ / ٥٥.

(٧) انظر التبيان ٢ / ١٠٠٤ ، البحر المحيط ٧ / ٥٥.

(٨) المرجعان السابقان.

(٩) وهي قراءة نافع. انظر السبعة (٤٥٤).

(١٠) في الكشاف : وتقديره نودي.

(١١) والقصة : ليس في عبارة الزمخشري.

(١٢) في الكشاف : لأنها علامة لا تحذف. الكشاف ٣ / ١٣٤.

(١٣) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٤) انظر البيان ٢ / ٢١٩ ، التبيان ٢ / ١٠٠٤.

١١٢

الثالث : أنه ضمير المصدر (١) المفهوم من الفعل ، أي : نودي النّداء ، ثم فسّر بما بعده (٢) ومثله (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ) [يوسف : ٣٥].

قوله : (مَنْ فِي النَّارِ) من قائم مقام الفاعل ل «بورك» (٣) ، وبارك يتعدى بنفسه ، ولذلك(٤) بني للمفعول ، يقال : بارك الله ، وبارك عليك ، وبارك فيك ، وبارك لك (٥) ، وقال الشاعر :

٣٩٣٠ ـ فبوركت مولودا وبوركت ناشئا

وبوركت عند الشّيب إذ أنت أشيب (٦)

وقال عبد الله بن الزبير :

٣٩٣١ ـ فبورك في بنيك وفي بنيهم

إذا ذكروا ونحن لك الفداء (٧)

وقال آخر :

٣٩٣٢ ـ فبورك في الميت الغريب كما

بورك (٨) نبع الرّمّان والزّيتون (٩)

فصل (١٠)

والمراد ب «من» إما الباري تعالى ، وهو على حذف مضاف ، أي من قدرته وسلطانه في النار(١١) ، وقيل المراد به موسى والملائكة ، وكذلك ب (مَنْ حَوْلَها) ، وقيل المراد ب «من» غير العقلاء وهو النور والأمكنة التي حولها (١٢) ، فالأول مروي عن ابن عباس ، وروى مجاهد عنه أنه قال : معناه بوركت النار (١٣). وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أيضا ، قال : سمعت أبيّا يقرأ : «أن بوركت النار ومن حولها» (١٤) و «من» : قد تأتي بمعنى

__________________

(١) في ب : المضمر.

(٢) انظر التبيان ٢ / ١٠٠٤ ، البحر المحيط ٧ / ٥٥.

(٣) انظر التبيان ٢ / ١٠٠٤.

(٤) في ب : وكذلك.

(٥) انظر اللسان (برك).

(٦) البيت من بحر الطويل ، لم أهتد إلى قائله ، وهو في القرطبي ١٣ / ١٥٨ ، البحر المحيط ٧ / ٥٥.

والشاهد فيه بناء الفعل (بارك) للمفعول ، لأنه فعل متعد.

(٧) البيت من بحر الوافر ، قاله عبد الله بن الزبير ، وهو في الحماسة البصرية ١ / ٤٣٩ ، البحر المحيط ٧ / ٥٥ ، والشاهد فيه كالشاهد في البيت السابق.

(٨) في ب : بورك في.

(٩) البيت من بحر الخفيف ، قاله أبو طالب بن عبد المطلب في رثاء مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس ، وهو في ديوانه (٢١) برواية :

بورك البيت ... كما

بورك نبع ... والتين

وتفسير ابن عطية ١١ / ١٧١ ، المفضليات (١٩٣) ، اللسان (برك) ، وفيه (نضح) مكان (نبع) البحر المحيط ٧ / ٥٥ ، والشاهد فيه كالشاهد في البيت السابق.

(١٠) فصل : سقط من ب.

(١١) انظر البحر المحيط ٧ / ٥٥ ـ ٥٦.

(١٢) المرجع السابق.

(١٣) انظر البغوي ٦ / ٢٦٠.

(١٤) المرجع السابق ٦ / ٢٦١.

١١٣

(ما) ، كقوله : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) [النور : ٤٥] ، و (ما) قد تكون صلة في الكلام ، كقوله (١) : «جند ما هنالك» (٢) ، ومعناه : بورك من في النّار وفيمن حولها وهم الملائكة وموسى عليهم‌السلام (٣). وقال الزمخشري : (بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ) : بورك من في مكان النار ومن حولها : مكانها ، ومكانها : هي البقعة التي حصلت فيها ، وهي البقعة المذكورة في قوله تعالى (٤) : (مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ) [القصص : ٣٠] ، وتدل عليه قراءة أبيّ (٥).

قوله : (وَسُبْحانَ اللهِ) فيه أوجه :

أحدها : أنه من تتمّة النداء : أي : نودي بالبركة وتنزيه ربّ العزّة ، أي : نودي بمجموع الأمرين(٦).

الثاني : أنه من كلام الله تعالى مخاطبا لنبينا محمد ـ عليه الصلاة والسلام (٧) ـ ، وهو على هذا اعتراض بين أثناء القصة (٨).

الثالث : أنّ معناه وبورك من (٩) سبّح الله ، يعني أنه حذف (من) وصلتها ، وأبقى معمول الصلة ، إذ التقدير : بورك من في النّار ومن حولها ، ومن قال : سبحان الله (١٠) و «سبحان» في الحقيقة ليس معمولا لقال ، بل لفعل من لفظه ، وذلك الفعل هو المنصوب بالقول.

فصل

روي (١١) عن ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن في قوله : (بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ) يعني : قدّس من في النار ، وهو الله ، عنى به نفسه على معنى : أنه نادى موسى منها ، وأسمعه كلامه من جهتها ، كما روي أنه مكتوب في التوراة : «جاء الله من سيناء وأشرق من ساعير واستعلى من جبال فاران» ، فمجيئه من سيناء بعثته موسى منها ، ومن ساعير

__________________

(١) في ب : لقوله.

(٢) من قوله تعالى : «جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ» [ص : ١١]. والاستدلال بها على أن (ما) زائدة. البيان ٢ / ٣١٣ ، التبيان ٢ / ١٠٩٨.

(٣) انظر البغوي ٦ / ٢٦١.

(٤) تعالى : سقط من ب.

(٥) انظر المحتسب ٢ / ١٣٤.

(٦) قال أبو حيان : (والظاهر أن قوله : «وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» داخل تحت قوله «نودي»). البحر المحيط ٧ / ٥٦.

(٧) في ب : صلى‌الله‌عليه‌وسلم وشرف وكرم وبجل ومجد وعظم.

(٨) انظر البحر المحيط ٧ / ٥٦.

(٩) من : سقط من ب.

(١٠) وعليه فهو من كلام الله تعالى. حكاه القرطبي وأبو حيان عن ابن شجرة. انظر القرطبي ١٣ / ١٦٠ ، البحر المحيط ٧ / ٥٦.

(١١) من هنا نقله ابن عادل عن البغوي ٦ / ٢٦١.

١١٤

بعثته المسيح ، ومن جبال فاران بعثته المصطفى منها ، وفاران : مكة. وهل كان ذلك نوره عزوجل؟

قال سعيد بن جبير : كانت النار بعينها ، والنار إحدى حجب الله تعالى ، كما جاء في الحديث: «حجابه النّار لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه (١) ما انتهى إليه بصره من خلقه (٢)» (٣) والسبب الذي لأجله بوركت البقعة ، وبورك من فيها وحواليها : حدوث هذا الأمر العظيم فيها ، وهو تكليم موسى وجعله رسولا ، وإظهار المعجزات عليه ، ولهذا جعل الله أرض الشام موسومة بالبركات في قوله : (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها) [الأنبياء : ٧] وحقت أن تكون كذلك ، فهي مبعث الأنبياء عليهم‌السلام (٤) ومهبط الوحي ، وكفاتهم أحياء وأمواتا (٥).

ولما نزه نفسه ، ـ وهو المنزه من كل سوء وعيب ـ تعرف إلى موسى بصفاته في (٦) قوله : (يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). في اسم «إنّ» وجهان : أظهرهما أنّه ضمير الشأن («وأنا الله» مبتدأ) (٧) وخبره ، و (٨) (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) صفتان لله.

والثاني : أنه ضمير راجع إلى ما دلّ عليه ما قبله ، يعني : إن مكلّمك أنا ، و «الله» بيان ل «أنا» ، و (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) : صفتان للبيان قاله الزمخشري (٩). قال أبو حيان : وإذا حذف الفاعل وبني الفعل للمفعول فلا يجوز أن يعود الضمير على ذلك المحذوف : إذ (١٠) قد غيّر الفعل عن بنائه له(١١) وعزم على أن لا يكون محدّثا عنه ، فعود الضمير إليه ممّا ينافي ذلك ؛ إذ يصير (١٢) معتنى به (١٣). قال شهاب الدين : وفيه نظر ، لأنه قد يلتفت إليه ، وقد تقدم ذلك في البقرة عند قوله : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ) ، ثم قال : (وَأَداءٌ إِلَيْهِ)(١٤) ، قيل : إلى الذي عفي له (١٥) وهو وليّ الدم على ما تقدم تحريره(١٦) ولئن سلّم ذلك ، فالزمخشري (١٧) لم يقل إنه عائد على ذلك الفاعل ، إنما قال : راجع إلى ما دل عليه ما قبله يعني من (السّياق (١٨)) (١٩).

__________________

(١) وجهه : سقط من ب.

(٢) انظر تفسير ابن كثير ٣ / ٣٥٧.

(٣) آخر ما نقله هنا عن البغوي ٦ / ٢٦١.

(٤) في ب : عليهم الصلاة والسلام.

(٥) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٨٢.

(٦) في : سقط من ب.

(٧) ما بين القوسين سقط من ب.

(٨) و : سقط من ب.

(٩) انظر الكشاف ٣ / ١٣٤.

(١٠) في ب : و.

(١١) له : تكملة من البحر المحيط.

(١٢) في البحر المحيط : مقصودا.

(١٣) البحر المحيط ٧ / ٥٦.

(١٤) من قوله تعالى : «فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ» [البقرة : ١٧٨].

(١٥) له : تكملة ليست في المخطوط.

(١٦) انظر اللباب ١ / ٣٥٢. ووجه التنظير بالآية ظاهر.

(١٧) في ب : قال الزمخشري. وهو تحريف.

(١٨) الدر المصون ٥ / ١٧٨.

(١٩) ما بين القوسين في ب : السياق وذلك.

١١٥

وقال أبو البقاء : يجوز أن يكون ضمير ربّ : أي : إن الرب أنا الله ، فيكون «أنا» فصلا أو توكيدا أو خبر إن ، والله بدل منه (١). وقيل : الهاء في قوله «إنّه» عماد (٢) ، وليست كناية ، فإن قيل : هذا النداء قد يجوز أن يكون من عند غير الله ، فكيف علم موسى أنه من الله؟

فالجواب : لأهل السنة فيه طريقان : الأول : أنه سمع الكلام المنزه عن مشابهة كلام المخلوقين ، فعلم بالضرورة أنه صفة الله.

الثاني : قول أئمة ما وراء النهر (٣) ، وهو أنه ـ عليه‌السلام (٤) ـ سمع الصوت من الشجرة ، فنقول : إنما عرف أن ذلك من الله تعالى لأمور :

أحدها : أن النداء إذا حصل في النار أو الشجرة ، علم أنه من قبل الله تعالى : لأن أحدا منا لا يقدر عليه ، وهذا ضعيف ، لاحتمال أن الشيطان دخل في النار والشجرة ، ثم نادى.

والثاني : يجوز في نفس النداء أن يكون قد بلغ في العظم مبلغا لا يكون إلا معجزا ، وهو أيضا ضعيف ، لأنا لا نعرف مقادير قوى الملائكة والشياطين ، فلا قدر إلا ويجوز صدوره منهم.

وثالثها : أنه قد يقترن به معجز دل على ذلك ، وقيل : إن النار كانت مشتعلة في شجرة خضراء لم تحترق ، فصار ذلك كالمعجزة (٥) وهذا أيضا في غاية الضعف والبعد ، لأنه كيف تنادي النار أو (٦) الشجرة ، وتقول : يا موسى إني أنا ربك ، أو (٦) إني أنا الله رب العالمين!!

قوله تعالى : (وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (١٢) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٣) وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)(١٤)

قوله : (وَأَلْقِ) عطف على ما قبله من الجملة الاسمية الخبرية ، وقد تقدم أن سيبويه لا يشترط تناسب الجمل ، وأنه يجيز : جاء زيد ومن أبوك ، وتقدمت أدلته أول البقرة.

وقال الزمخشري : فإن قلت : علام عطف قوله : (وَأَلْقِ عَصاكَ)؟ قلت : على قوله :

__________________

(١) التبيان : ٢ / ١٠٠٥.

(٢) قال الفراء : (وقوله : «إِنَّهُ أَنَا اللهُ» هذه الهاء هاء عماد ، وهو اسم لا يظهر) المعاني ٢ / ٢٨٧.

(٣) في ب : ما ورد النهي. وهو تحريف.

(٤) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٥) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٨٢ ـ ١٨٣. وفيه : وهذا هو الأصح والله أعلم.

(٦) في ب : و.

١١٦

«بورك» ؛ لأن معنى : نودي أن بورك (١) ، وقيل له : ألق عصاك ، والدليل على ذلك قوله : (وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ) ، بعد قوله : أن يا موسى إني أنا الله على تكرير حرف التفسير ، كما يقول : كتبت إليه أن حجّ واعتمر ، وإن شئت : أن حجّ وأن اعتمر (٢). قال أبو حيان : وقوله إنه معطوف على «بورك» مناف لتقديره ، وقيل له : ألق عصاك ، لأن هذه جملة معطوفة على «بورك» وليس جزؤها الذي هو معمول ، وقيل : معطوفا على «بورك» ، وإنما احتاج إلى تقدير : وقيل له : ألق ، ليكون جملة خبرية مناسبة للجملة الخبرية التي عطفت عليها ، كأنه يرى في العطف تناسب الجمل المتعاطفة. والصحيح أنه لا يشترط ذلك (٣) ، ثم ذكر مذهب سيبويه (٤).

(فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ) ، وهي الحية الصغيرة التي يكثر اضطرابها (٥) ، سميت جانّا ، لأنها تستر عن الناس (٦). وقرأ الحسن ، والزهري ، وعمرو (٧) بن عبيد «جأنّ» بهمزة مكان الألف (٨) ، وقد (٩) تقدم تقرير هذا عند (وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة : ٧] على لغة من يهرب من التقاء الساكنين ، فيقول شأبّة ودأبّة. (وَلَّى مُدْبِراً) هرب (١٠) من الخوف ، و (وَلَمْ يُعَقِّبْ) : لم يرجع ، يقال : عقب فلان : إذا رجع ، وكل راجع معقب.

وقال قتادة : ولم يلتفت ، فقال الله (١١) : (يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ)(١٢) ، يريد : إذا أمّنتهم لا يخافون (١٣) ، وقيل : المراد إذا أمرتهم بإظهار معجز أن لا يخافوا فيما يتعلق بإظهار ذلك ، وإلا فالمرسل قد يخاف لا محالة (١٤) ، لأن الخوف الذي هو شرط الإيمان لا يفارقهم ، قال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «أنا أخشاكم لله» (١٥).

قوله : «تهتزّ» جملة حالية من (هاء) «رآها» (١٦) ، لأن (١٧) الرؤية بصريّة ، وقوله :

__________________

(١) في الكشاف : نودي أن بورك من في النار ، وأن ألق عصاك كلاهما تفسير لنودي ، والمعنى : قيل له : بورك من في النار.

(٢) الكشاف ٣ / ١٣٤.

(٣) البحر المحيط ٧ / ٥٦.

(٤) قال أبو حيان : (بل قوله : «وَأَلْقِ عَصاكَ معطوف على قوله إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِي» مُ عطف جملة الأمر على جملة الخبر ، وقد أجاز سيبويه جاء زيد ومن عمرو) البحر المحيط ٧ / ٥٦.

(٥) في ب : اضطراب ، انظر البغوي ٦ / ٢٦٢.

(٦) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٨٤.

(٧) في ب : وعمر.

(٨) المحتسب ٢ / ١٣٥ ، الخصائص ٣ / ١٢٦ ، سر صناعة الإعراب ١ / ٧٢ ـ ٧٣ ، المنصف ١ / ١٤٩ ، الكشاف ٣ / ١٣٤ ، ابن يعيش ٩ / ١٢٩ ـ ١٣٠ ، البحر المحيط ٧ / ٥٦ ـ ٥٧.

(٩) قد : سقط من ب.

(١٠) من هنا نقله ابن عادل عن البغوي ٦ / ٢٦٢.

(١١) لفظ الجلالة : سقط من ب.

(١٢) في الأصل : المرسلين. وهو تحريف.

(١٣) آخر ما نقله هنا عن البغوي ٦ / ٢٦٢.

(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٨٤.

(١٥) أخرجه البخاري (نكاح) ٣ / ٢٣٧ ، أحمد ٦ / ٦٧ ، ١٥٦ ، ٢٢٦ ، ٢٤٥.

(١٦) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٤٥ ، البيان ٢ / ٢١٩ ، التبيان ٢ / ١٠٠٥.

(١٧) في ب : لأنه. وهو تحريف.

١١٧

(كَأَنَّها جَانٌّ) : يجوز أن تكون حالا (١) ثانية (٢) ، وأن تكون حالا من ضمير «تهتزّ» (٣) ، فيكون حالا متداخلة ، وقوله : (وَلَمْ يُعَقِّبْ) يجوز أن يكون عطفا على «ولّى» ، وأن يكون حالا أخرى ، والمعنى : ولم يرجع على عقبه ، كقوله :

٣٩٣٣ ـ فما عقّبوا إذ قيل هل(٤)من معقّب

ولا نزلوا يوم الكريهة منزلا (٥)

قوله : (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) فيه وجهان :

أحدهما : أنّه استثناء منقطع ، لأنّ المرسلين (٦) معصومون من المعاصي ، وهذا هو الظاهر (٧) الصحيح ، والمعنى : لكن من ظلم من سائر الناس ، فإنه يخاف فإن تاب وبدل حسنا بعد سوء فإنّي غفور رحيم.

والثاني : أنّه متصل (٨) ، وللمفسرين فيه عبارات ، قال الحسن : إنّ موسى ظلم بقتل القبطي ، ثم تاب فقال : (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي) [القصص : ٢٢].

وقال ابن جريح : قال الله لموسى (٩) : أخفتك لقتلك (١٠) النفس ، وقال : معنى الآية : لا يخيف الله الأنبياء إلّا بذنب يصيبه أحدهم ، فإن أصابه أخافه حتى يتوب (١١).

وقيل : محمول على ما يصدر من الأنبياء من ترك الأفضل (١٢). وقال بعض النحويين : «إلا» هاهنا بمعنى ولا ، يعني : لا يخاف لديّ المرسلون ولا المذنبون التائبون ، كقوله تعالى : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا) [البقرة : ١٥٠]. يعني ولا الذين ظلموا (١٣). وعن الفراء أنه متصل ، لكن من جملة محذوفة تقديره : وإنما يخاف غيرهم إلّا من ظلم (١٤).

__________________

(١) في ب : حال.

(٢) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٤٥ ، البيان ٢ / ٢١٩.

(٣) انظر التبيان ٢ / ١٠٠٥.

(٤) في ب : هم.

(٥) البيت من بحر الطويل ، لم أهتد إلى قائله ، وهو في الكشاف ٣ / ١٣٤ ، البحر المحيط ٧ / ٥٧ ، شرح شواهد الكشاف (١٠٠).

(٦) في ب : المرسلون.

(٧) انظر إعراب القرآن للنحاس ٣ / ٢٠٠ ، مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٤٦ ، البيان ٢ / ٢١٩ ، التبيان ٢ / ١٠٠٥.

(٨) انظر تفسير ابن عطية ١ / ١٧٥ ، البحر المحيط ٧ / ٥٧.

(٩) لموسى : سقط من ب.

(١٠) في ب : بقتلك.

(١١) انظر البغوي ٦ / ٢٦٢.

(١٢) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٨٤.

(١٣) قال ابن الأنباري : (وذهب الكوقيون إلى أن (إلا) بمعنى الواو ، وليس بصحيح لاختلاف المعنى ، لأن (إلا) تقتضي إخراج الثاني مما دخل فيه الأول ، والواو تقتضي مشاركة الثاني للأول ، فلا يقام أحدهما مقام الآخر) البيان ٢ / ٢١٩ ، وانظر البحر المحيط ٧ / ٥٧.

(١٤) قال الفراء : «والآخر أن تجعل الاستثناء من الذين تركوا في الكلمة ، لأن المعنى : لا يخاف المرسلون إنما الخوف على غيرهم ، ثم استثنى فقال: إلا من ظلم فإن هذا لا يخاف يقول : كان مشركا فتاب وعمل صالحا فذلك مغفور له ليس بخائف) المعاني ٢ / ٢٨٧.

١١٨

وردّه النحاس : بأنه لو جاز هذا لجاز : لا أضرب القوم إلّا زيدا أي : وإنما أضرب غيرهم إلا زيدا ، وهذا ضد البيان و (١) المجيء بما لا يعرف معناه (٢).

وقدره الزمخشري ب «لكن» (٣) ، وهي علامة على أنه منقطع ـ وذكر كلاما طويلا ـ فعلى الانقطاع يكون منصوبا فقط على لغة الحجاز ، وعلى لغة تميم يجوز فيه النصب والرفع على البدل من الفاعل قبله ، وأما على الاتصال : فيجوز فيه الوجهان على اللغتين ، ويكون الاختيار البدل ، لأن الكلام غير موجب.

وقرأ أبو جعفر وزيد بن أسلم «ألا» بفتح الهمزة وتخفيف اللام (٤) ـ جعلاها حرف تنبيه ـ و «من» شرطية ، وجوابها : (فَإِنِّي غَفُورٌ)(٥) والعامة على تنوين «حسنا» ، ومحمد بن عيسى الأصبهاني (٦) غير منوّن (٧) ، جعله فعلى مصدرا كرجعى ، فمنعها الصّرف لألف التأنيث ، وابن مقسم بضم الحاء والسين منونا (٨) ، ومجاهد وأبو حيوة ورويت عن أبي عمرو بفتحهما (٩) ، وتقدم تحقيق القراءتين في البقرة (١٠).

قوله : «تخرج» الظاهر أنه جواب لقوله «أدخل» أي : إن أدخلتها تخرج على هذه الصفة(١١) ، وقيل : في الكلام حذف تقديره : وأدخل يدك تدخل (١٢) ، وأخرجها تخرج ، فحذف من الثاني ما أثبته في الأول ، ومن الأول ما أثبته في الثاني (١٣) ، وهذا تقدير ما لا حاجة إليه.

قوله : «بيضاء» حال من فاعل «تخرج» (١٤) ، و (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) يجوز أن يكون حالا أخرى أو من الضمير في «بيضاء» ، أو صفة ل «بيضاء» (١٥) والمراد بالجيب : جيب القميص ، قال المفسرون كانت عليه مدرعة من صوف لا كم لها ولا إزار ، فأدخل يده في جيبه وأخرجها ، فإذا هي تبرق مثل البرق (١٦). قوله : (فِي تِسْعِ) فيه أوجه :

أحدها : أنه حال ثالثة ، قاله أبو البقاء يعني من فاعل «تخرج» ، أي آية في تسع آيات ، كذا قدره (١٧).

__________________

(١) و : سقط من ب.

(٢) إعراب القرآن ٣ / ٢٠٠.

(٣) الكشاف ٣ / ١٣٤.

(٤) المختصر (١٠٨) ، المحتسب ٢ / ١٣٦ ، تفسير ابن عطية ١١ / ١٧٧ ، البحر المحيط ٧ / ٥٧.

(٥) في ب : «إني غفور رحيم».

(٦) تقدم.

(٧) البحر المحيط ٧ / ٥٧.

(٨) المرجع السابق.

(٩) المختصر (١٠٨) ، البحر المحيط ٧ / ٥٧.

(١٠) عند قوله تعالى : ...«وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً» [البقرة : ٨٣].

(١١) انظر البحر المحيط ٧ / ٥٨.

(١٢) تدخل : سقط من ب.

(١٣) حكاه أبو حيان. البحر المحيط ٧ / ٥٨.

(١٤) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٤٦ ، البيان ٢ / ٢٩٩.

(١٥) انظر التبيان ٢ / ١٠٠٥.

(١٦) انظر البغوي ٦ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣.

(١٧) التبيان ٢ / ١٠٠٥.

١١٩

الثاني : أنه متعلق بمحذوف ، أي : اذهب (١) في تسع آيات (٢) ، وقد تقدم اختيار الزمخشري كذلك عند ذكر البسملة ، ونظره بقول الآخر :

٣٩٣٤ ـ فقلت إلى الطّعام فقال منهم (٣)

وقولهم : بالرّفاء والبنين (٤) وجعل هذا التقدير أقرب (٥) وأحسن (٦).

الثالث : أن يتعلق بقوله : «وألق عصاك وأدخل».

قال الزمخشري : ويجوز أن يكون المعنى : وألق عصاك وأدخل يدك في تسع آيات ، أي : في جملة تسع آيات. ولقائل أن يقول : كانت الآيات إحدى عشرة منها اثنتان اليد والعصا ، والتّسع الفلق ، والطّوفان ، والجراد ، والقمّل ، والضّفادع ، والدّم ، والطّمسة ، والجدب في بواديهم ، والنقصان من مزارعهم (٧) انتهى.

وعلى هذا تكون (في) بمعنى (مع) أي : هذه آية مع تسع آيات (٨) أنت مرسل بهن إلى فرعون وقومه ، لأن اليد والعصا حينئذ خارجتان من التسع ، وكذا قال ابن عطية ، أعني أنه جعل «في تسع» متصلا ب «ألق» و «أدخل» ، إلا أنه جعل اليد والعصا من جملة التسع ، وقال : تقديره : تمهّد لك ذلك وتيسّر في تسع (٩) ، وجعل الزجاج (في) بمعنى (من) (١٠) ، قال كما تقول : خذ لي من الإبل عشرا فيها فحلان ، أي منها فحلان (١١).

قوله : (إِلى فِرْعَوْنَ) هذا يتعلق بما تعلق به (فِي تِسْعِ) إذا لم نجعله حالا ، فإن جعلناه حالا علقناه بمحذوف ، فقدّره أبو البقاء مرسلا إلى فرعون (١٢). وفيه نظر ، لأنه كون مقيّد ، وسبقه إلى هذا التقدير الزجاج (١٣) ، وكأنهما أرادا (١٤) تفسير المعنى دون الإعراب.

__________________

(١) قال الزمخشري : (و «فِي تِسْعِ آياتٍ» كلام مستأنف وحرف الجرّ فيه يتعلق بمحذوف ، والمعنى : اذهب في تسع آيات «إِلى فِرْعَوْنَ») الكشاف ٣ / ١٣٥.

(٢) آيات : سقط من ب.

(٣) صدر بيت من بحر الوافر ، قاله سمير بن الحارث الضبي ، أو تأبط شرا ، وعجزه :

فريق تحسد الأنس الطعاما

وهو في الكشاف ١ / ٥ ، ٣ / ١٣٥ ، السبع الطوال ٢٩٦ ، البحر المحيط ٧ / ٥٨ ، شرح شواهد الكشاف (١٠٧). والشاهد فيه قوله : (إلى الطعام) فإنه متعلق بفعل محذوف تقديره : أدعوكم.

(٤) أي : أعرست بالرفاء والبنين. انظر مجمع الأمثال للميداني ١ / ١٧٥ ـ ١٧٦.

(٥) في النسختين : أعرب.

(٦) انظر الكشاف ١ / ٤ ـ ٥.

(٧) الكشاف ٣ / ١٣٥.

(٨) هذا تعقيب أبي حيان. البحر المحيط ٧ / ٥٨.

(٩) انظر تفسير ابن عطية ١١ / ١٧٨.

(١٠) في النسختين : مع من. والصواب ما أثبته.

(١١) قال الزجاج : (ومثل قوله : «فِي تِسْعِ آياتٍ» ومعناه من تسع قولهم : خذ لي عشرا من الإبل فيها فحلان ، المعنى : منها فحلان) معاني القرآن وإعرابه ٤ / ١١٠.

(١٢) قال أبو البقاء : (و «إلى» متعلقة بمحذوف ، تقديره : مرسلا إلى فرعون) التبيان ٢ / ١٠٠٥.

(١٣) لم أجده في معاني القرآن وإعرابه للزجاج ، وهو في البحر المحيط ٧ / ٥٨.

(١٤) في ب : أراد.

١٢٠