اللّباب في علوم الكتاب - ج ١٣

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي

اللّباب في علوم الكتاب - ج ١٣

المؤلف:

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2298-3

الصفحات: ٦٤٠

والنهي عن المنكر ، وكان مأمورا من عند أخيه موسى ـ عليه‌السلام (١) ـ (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)(٢) ، فلو لم يشتغل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان مخالفا لأمر الله ولأمر موسى وذلك لا يجوز. وأما الشفقة على الخلق فلأن الإنسان يجب أن يكون مشفقا على خلق الله خصوصا على أبناء جنسه ، وأي شفقة أعظم من أن يرى جمعا يتهافتون على النار فيمنعهم (٣) منها. ولمّا ثبت أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والشفقة على المسلمين واجب ، ثم إن هارون ـ عليه‌السلام (٤) ـ رأى القوم متهافتين على النار فلم يبال بكثرتهم بل صرح بالحق فقال : (يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ).

(واعلم أنّ هارون عليه‌السلام سلك في هذا الوعط أحسن الوجوه ، لأنه زجرهم عن الباطل أولا بقوله : (إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ) ، ثم دعاهم إلى معرفة الله ثانيا بقوله : (وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ)(٥) ثم دعا ثالثا إلى النبوة (٦) بقوله : «فاتّبعوني» ثم دعاهم رابعا بقوله (وَأَطِيعُوا أَمْرِي).

وهذا هو (٧) الترتيب الجيد ، لأنه لا بد قبل كل شيء من إماطة الأذى عن الطريق ، وهو (٨) إزالة الشبهات ، ثم معرفة الله تعالى (٩) ، فإنها هي الأصل ، ثم النبوة ، ثم الشريعة ، فثبت أن هذا الترتيب أحسن الوجوه. وإنما قال : (وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ) فخص هذا الموضع باسم الرحمن ، تنبيها على أنهم متى تابوا قبل الله توبتهم ، لأنه هو الرحمن ، ومن رحمته أن خلصهم من آفات فرعون ، ثم إنهم لجهلهم قابلوا هذا الترتيب الحسن في (١٠) الاستدلال بالتقليد (١١) فقالوا : (لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) كأنهم قالوا : لا نقبل حجتك ولكن (١٢) نقبل قول موسى ، وهذه عادة المقلّد (١٣).

قوله : (إِنَّما فُتِنْتُمْ).

قرأ العامة : «إنّما فتنتم» «وإنّ (١٤) ربّكم الرّحمن» بالكسر فيهما (١٥) ، لأنها بعد القول لا بمعنى الظن (١٦) وقرأت فرقة بفتحهما (١٧) ، وخرّجت على لغة سليم ، وهي أنهم يفتحون «أنّ» بعد القول مطلقا(١٨).

__________________

(١) في ب : عليه الصّلاة والسّلام.

(٢) [الأعراف : ١٤٢].

(٣) في ب : فمنعهم.

(٤) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٥) ما بين القوسين سقط من ب.

(٦) في ب : ثم دعاهم ثالثا فقال.

(٧) هو : سقط من ب.

(٨) في ب : وهي.

(٩) تعالى : سقط من ب.

(١٠) في ب : مكرر في الأصل.

(١١) في ب : بالاستدلال في التقليد. وهو تحريف.

(١٢) في ب : ولن. وهو تحريف.

(١٣) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٠٥ ـ ١٠٧.

(١٤) إن : سقط من ب.

(١٥) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧٢.

(١٦) فيجب كسر «إن» إذا وقعت محكية بالقول ، أما إن أجري القول مجرى الظن فإنه يجب الفتح نحو : أتقول أن زيدا عاقل؟ شرح الأشموني ١ / ٢٧٥.

(١٧) في ب : بفتحها.

(١٨) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧٢.

٣٦١

وقرأ أبو عمرو في رواية الحسن وعيسى بن عمر بفتح «أنّ ربّكم» فقط (١) ، وخرجت على وجهين:

أحدهما : أنها وما بعدها في تأويل (٢) مصدر في محل رفع خبرا لمبتدأ محذوف تقديره : والأمر أنّ ربّكم الرّحمن ، فهو من عطف الجمل لا من عطف المفردات (٣).

والثاني : أنها مجرورة بحرف مقدر ، أي : لأنّ ربّكم الرّحمن (٤).

«فاتّبعوني» وقد تقدم القول في نظير ذلك بالنسبة إلى هذه الفاء.

فصل

لمّا قالوا لهارون (لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ) أي : مقيمين على عبادة العجل (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) اعتزلهم هارون في اثني عشر ألفا الذين لم يعبدوا العجل ، فلما رجع موسى وسمع الصياح والجلبة ، وكانوا يرقصون (٥) حول العجل قال للسبعين الذين معه : هذا صوت الفتنة ، فلما رأى هارون أخذ شعر رأسه بيمينه ولحيته بشماله (٦). وقال له : (ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا) أشركوا.

قوله : «إذ» منصوب ب «منعك» ، أي : أي شيء منعك وقت ضلالهم (٧).

و«لا» فيها قولان (٨) :

أحدهما : أنّها مزيدة ، أي ما منعك من أن تتبعني (٩).

والثاني : أنّها دخلت حملا (١٠) على المعنى ، إذ المعنى ما حملك على أن لا (١١) تتبعني ، وما دعاك إلى أن لا تتبعني ، ذكره عليّ بن عيسى (١٢).

وقد تقدم تحقيق هذين القولين في (سورة الأعراف (١٣) ، والقراءة في) (١٤) ، «يبنؤمّ» (١٥).

فصل (١٦)

ومعنى تتّبعني تتّبع أمري ووصيّتي ، يعني هلّا قاتلتهم ، وقد علمت أنّي لو كنت

__________________

(١) المختصر (٨٩) ، البحر المحيط ٦ / ٢٧٢.

(٢) في ب : بتأويل.

(٣) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧٢.

(٤) وهو تقدير أبي حاتم. انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧٢.

(٥) في ب : يرمضون. وهو تحريف.

(٦) انظر البغوي ٥ / ٤٥٢.

(٧) أي أيّ شيء منعك ، وقيل : أيّ شيء منعك وقت إضلالهم.

(٨) في ب : وقيل فيها وجهان.

(٩) انظر التبيان ٢ / ٩٠١ ، البحر المحيط ٦ / ٢٧٣.

(١٠) حملا : سقط من ب.

(١١) لا : سقط من ب.

(١٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧٣.

(١٣) عند قوله تعالى «قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ» [الأعراف : ١٢] انظر اللباب ٤ / ١١.

(١٤) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٥) عند قوله تعالى :«قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي» [الأعراف : ١٥٠].

(١٦) فصل : سقط من ب.

٣٦٢

فيهم لقاتلتهم على كفرهم ، وقيل : «أن لا تتّبعني» أي : ما منعك من اللحوق بي وإخباري (١) بضلالهم فتكون مفارقتك إياهم زجرا (٢) لهم عما أتوا (أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي)(٣).

فصل

تمسك الطاعنون (٤) في عصمة الأنبياء عليهم‌السلام (٥) بهذه الآية من وجوه :

أحدها (٦) : أنّ موسى ـ عليه‌السلام (٧) ـ إما أن يكون قد أمر (٨) هارون باتباعه (٩) أو لم يأمره ، فإن أمره ، فإما (١٠) أن يكون هارون قد اتبعه أو لم يتبعه ، فإن اتبعه كان كلام موسى لهارون معصية وذنبا ، لأن ملامة غير المجرم معصية.

وإن لم يتبعه كان هارون تاركا للواجب فكان (١١) فاعلا للمعصية ، وإن قلنا : إن موسى ما أمره باتباعه كانت ملامته إيّاه بترك (١٢) الاتباع معصية ، وعلى جميع التقديرات يلزم إسناد المعصية إما إلى موسى أو إلى هارون (١٣).

وثانيها (١٤) : قول موسى (أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) استفهام على سبيل الإنكار ، فوجب أن يكون هارون قد عصاه ، وأن يكون ذلك العصيان منكرا ، وإلا كان موسى كاذبا ، وهو معصية ، وإذا فعل هارون (١٥) ذلك فقد فعل المعصية.

ثالثها (١٦) : قوله : (يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) وهذا معصية ، لأن هارون ـ عليه‌السلام (١٧) ـ قد فعل ما قدر عليه ، فكان الأخذ بلحيته وبرأسه (١٨) معصية ، وإن فعل ذلك قبل تعرف الحال كان ذلك معصية.

ورابعها (١٩) : أن هارون قال : (لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) ، فإن (٢٠) كان الأخذ بلحيته ورأسه جائزا (٢١) كان قول (٢٢) هارون (لا تَأْخُذْ)(٢٣) منعا له عما كان له أن يفعله (٢٤) ، فيكون ذلك القول معصية. وإن لم يكن ذلك الأخذ جائزا كان موسى ـ عليه‌السلام (٢٥) ـ فاعلا للمعصية.

__________________

(١) في ب : وأخبارهم. وهو تحريف.

(٢) في ب : وزجرا. وهو تحريف.

(٣) انظر البغوي ٥ / ٤٥٣.

(٤) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٠٧ ـ ١٠٨.

(٥) عليهم‌السلام : سقط من ب.

(٦) في ب : الأول.

(٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٨) أمر : سقط من الأصل.

(٩) في ب : باتباعنا. وهو تحريف.

(١٠) في ب : أما.

(١١) في ب : وكان.

(١٢) في ب : بتركه.

(١٣) في ب : فرعون. وهو تحريف.

(١٤) في ب : الثاني.

(١٥) في ب : بهارون. وهو تحريف.

(١٦) في ب : الثالث.

(١٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٨) في ب : برأسه وبلحيته.

(١٩) في ب : الرابع.

(٢٠) في ب : وإن.

(٢١) في ب : جائز. وهو تحريف.

(٢٢) قول : سقط من الأصل.

(٢٣) لا تأخذ : سقط من ب.

(٢٤) في ب : يفعل.

(٢٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.

٣٦٣

والجواب (١) عن الكل : أنّ حاصل هذه الوجوه تمسك بظواهر قابلة للتأويل ، ومعارضة ما يبعد عن التأويل بما يتسارع إليه التأويل غير جائز. وإذا ثبتت هذه المقدمة ففي الجواب وجوه :

أحدها (٢) : أنّا وإن اختلفنا في جواز عصمة الأنبياء لكن اتفقنا على جواز ترك الأولى عليهم. وإذا كان كذلك فالفعل الذي يفعله أحدهما ويمنع منه الآخر ، أعني : موسى وهارون ـ عليهما‌السلام (٣) ـ لعله كان أحدهما أولى ، والآخر كان ترك الأولى ، فلذلك فعله أحدهما وتركه الآخر. فإن قيل : هذا التأويل غير جائز ، لأن كل واحد منهما كان جازما (٤) فيما يأتي به فعلا كان أو تركا ، وفعل المندوب وتركه لا يجزمونه (٥) قلنا (٦) : تقييد المطلق بالدليل غير ممتنع ، فيحمل (٧) الجزم في الفعل والترك على أن المراد افعل ذلك أو اتركه إن كنت تريد الأصلح ، وقد يترك ذلك الشرط إذا كان تواطؤهما على رعايته معلوما متقررا (٨).

وثانيها (٩) : أن موسى ـ عليه‌السلام (١٠) ـ أقبل وهو غضبان على قومه فأخذ برأس أخيه وجرّه إليه كما يفعل الإنسان بنفسه مثل ذلك عند الغضب ، فإن الغضبان المتفكر قد يعض على شفتيه وأصابعه ويفتل لحيته ، فأجرى موسى أخاه هارون مجرى نفسه ، لأنه كان (١١) أخاه وشريكه ، فصنع به ما يصنع الرجل بنفسه في حال الفكر والغضب ، وأما قوله : (لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) فلا يمتنع أن يكون هارون ـ عليه‌السلام (١٢) ـ خاف من أن يتوهم بنو إسرائيل أنه منكر عليه ، فبين أنه معاون له ، ثم أخذ (١٣) في شرح القصة فقال : (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ).

وثالثها : أنّ بني إسرائيل كانوا على نهاية سوء الظن بموسى ، حتى إن هارون غاب عنهم غيبة فقالوا لموسى : أنت قتلته ، فلما وعد الله موسى ، وكتب له في الألواح من كل شيء ، ثم رجع فرأى من قومه ما رأى ، أخذ (١٤) برأس أخيه ليدنيه فيتفحص عن كيفية الواقعة فخاف هارون أن يسبق إلى قلوبهم ما لا أصل له ، فقال إشفاقا (١٥) على موسى : (لا تَأْخُذْ (١٦) بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) ، لئلا يظن القوم ما لا يليق بك(١٧).

__________________

(١) في ب : فالجواب.

(٢) في ب : الأول.

(٣) في ب : عليهما الصلاة والسلام.

(٤) في ب : جارنا وهو تصحيف.

(٥) في ب : لا يخرجونه.

(٦) في ب : فالجواب.

(٧) في ب : فيحتمل. وهو تحريف.

(٨) في ب : مقررا.

(٩) في ب : والجواب عن الثاني.

(١٠) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١١) كان : سقط من الأصل.

(١٢) عليه‌السلام : سقط من ب.

(١٣) أخذ : سقط من ب.

(١٤) في ب : وأخذ.

(١٥) في ب : أسفا. وهو تحريف.

(١٦) في ب : لا نأخذ. وهو تحريف.

(١٧) في ب : فيرمونك بقتلي كما رموك قبل ذلك.

٣٦٤

ورابعها : قال الزمخشري : كان موسى ـ عليه‌السلام (١) ـ رجلا حديدا مجبولا على الحدة ، والخشونة ، والتصلب في كل شيء ، شديد الغضب لله ولدينه فلم يتمالك حين رأى قومه يعبدون عجلا من دون الله بعد ما رأوا (٢) من الآيات العظام أن ألقى ألواح (٣) التوراة لما غلب عليه من الدهشة العظيمة غضبا لله وحميّة ، وعنّف بأخيه وخليفته على قومه ، فأقبل عليه إقبال العدو (٤)(٥).

قال ابن الخطيب (٦) : وهذا الجواب ساقط ، لأنه يقال : هب أنه كان شديد الغضب ، ولكن مع ذلك الغضب الشديد هل كان يبقى عاقلا مكلفا أم لا؟

فإن بقي (٧) عاقلا مكلفا فالأسئلة باقية بتمامها ، أكثر ما في الباب أنك ذكرت أنه يغضب شديدا (٨) وذلك من جملة المعاصي. فإن (٩) قلتم : إنه في ذلك الغضب (١٠) لم يبق عاقلا ولا مكلفا فهذا مما (١١) لا يرتضيه مسلم البتة ، فهذه أجوبة من لم يجوّز الصغائر ، أما من جوزها فالسؤال (١٢) ساقط (١٣).

وجواب آخر : وهو (١٤) أنّ موسى ـ عليه‌السلام (١٥) ـ لمّا رجع إلى بني إسرائيل كان عالما بأنهم قد فتنوا ، وأن السامري قد أضلهم ، والدليل عليه قوله تعالى لموسى (١٦) («إنّا (قَدْ (١٧) فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ) وإذا كان كذلك فموسى ـ عليه‌السلام (١٨) ـ إنما جاء وهو عالم بحالهم ، فإنكاره على هارون لعلمه بحالهم قبل مجيئه إليهم لا لما أثبتوه في سؤالهم.

وقوله : (أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) يدل على أن تارك المأمور به عاص ، والعاصي مستحق للعقاب ، لقوله (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ (١٩) وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ)(٢٠)) (٢١) فمجموع الآيتين يدل على أن الأمر للوجوب (٢٢).

__________________

(١) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٢) في ب : ما أراد. وهو تحريف.

(٣) في النسختين : الألواح.

(٤) الكشاف ٢ / ٤٤٥.

(٥) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٠٧ ـ ١٠٨.

(٦) في ب : شديد. وهو تحريف.

(٧) في ب : فإن كان يبقى.

(٨) في ب : شديد. وهو تحريف.

(٩) في ب : وأن.

(١٠) الغضب : سقط من ب.

(١١) في ب : ما.

(١٢) السؤال : سقط من ب.

(١٣) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٠٨.

(١٤) في ب : وذلك.

(١٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٦) في ب : لموسى عليه الصلاة والسلام.

(١٧) ما بين القوسين في ب : ولقد وهو تحريف. ونص القرآن «فإنّا».

(١٨) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٩) في ب : ومن يعص الله ورسوله يدخله نارا من قوله تعالى : «وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ» [النساء : ١٤].

(٢٠) [الجن : ٣٢].

(٢١) ما بين القوسين سقط من ب.

(٢٢) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٠٨ ـ ١٠٩.

٣٦٥

قوله تعالى : (قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي)(٩٤)

قوله : (يَا بْنَ أُمَّ) قيل : إنما خاطبه بذلك ليدفعه عنه ، ويتركه.

وقيل : كان (١) أخاه لأمه (٢).

واعلم أنه ليس في القرآن دلالة على أنّه فعل ذلك ، فإن النهي عن الشيء لا يدل على كون المنهي فاعلا للمنهي عنه لقوله تعالى (٣) : (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ)(٤) ، وإنما في القرآن أنه أخذ برأس أخيه يجره إليه (٥) ، وهذا القدر لا يدل على الاستحقاق بل قد يفعل لسائر الأغراض على ما بيناه(٦).

قوله : (لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) الجمهور على كسر اللام (٧) من اللحية ، وهي الفصحى. وفيها الفتح وبه قرأ عيسى (٨) بن سليمان الحجازي (٩) ، والفتح (١٠) لغة الحجاز (١١) ويجمع على لحى كقرب (١٢). ونقل فيها الضم كما قالوا : صور بالكسر وحقها الضم (١٣).

والباء في «بلحيتي» ليست زائدة إما لأنّ المعنى لا يكن (١٤) منك أخذ وإما لأن المفعول محذوف أي لا تأخذني (١٥). ومن زعم زيادتها كهي (١٦) في (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ)(١٧) فقد تعسف.

__________________

(١) في ب : إنه كان.

(٢) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٠٩.

(٣) في ب : كقوله.

(٤) [الأحزاب : ١ ، ٤٨].

(٥) في قوله تعالى : «وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ» [الأعراف : ١٥٠].

(٦) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٠٩.

(٧) في ب : كسر السين. وهو تحريف.

(٨) في ب : يحيى. وهو تحريف.

(٩) وهو عيسى بن سليمان أبو موسى الحجازي مقرىء عالم نحوي معروف أخذ القراءة عرضا وسماعا عن الكسائي ، وروى الحروف عن إسماعيل بن جعفر عن نافع وأبي جعفر وشيبة. طبقات القراء ١ / ٦٠٨ ـ ٦٠٩.

(١٠) في ب : وهي.

(١١) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧٣.

(١٢) في ب : العرب. وهو تحريف.

(١٣) أي : أن فعل ـ بكسر الفاء وفتح العين ـ من أمثلة جموع الكثرة ، ويطرد فيما كان اسما تاما على فعلة ـ بكسر الفاء وسكون العين ـ نحو كسرة وكسر ، وحجة وحجج وشيعة وشيع ، وحيلة وحيل. وقد ينوب فعل ـ بكسر الفاء ـ عن فعل ـ بضم الفاء ـ فيكون جمع لفعلة ـ بضم الفاء ـ نحو صورة وصور ، وقوة وقوى. كما ينوب فعل ـ بضم الفاء ـ عن فعل ـ بكسر الفاء ـ فيكون جمعا لفعلة بكسر الفاء وسكون العين نحو حلية وحلى ، ولحية ولحى. انظر شرح الأشموني ٤ / ١٣١ ـ ١٣٢.

(١٤) في ب : لأن المعنى ليس أي لا يكن.

(١٥) في ب : لا تأخذها. وانظر التبيان ٢ / ٩٠٢.

(١٦) في الأصل : فهي. وهي تحريف.

(١٧) [البقرة : ١٩٥].

٣٦٦

فصل (١)

معنى قوله : «برأسي» أي بشعر رأسي ، وكان قد أخذ (٢) بذؤابته (٣)(إِنِّي خَشِيتُ) لو أنكرت عليهم لصاروا حريين بقتل بعضهم بعضا ، فتقول (٤) «أنت (فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) ولم تحفظ (٥) وصيتي حين قلت لك : (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ)(٦) أي ارفق بهم (٧).

قوله : ولم ترقب قولي» هذه الجملة محلها النصب نسقا على (فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ) أي أن تقول : فرقت بينهم وأن تقول : (لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي)(٨).

وقرأ (٩) أبو جعفر «ترقب» (١٠) بضم حرف المضارعة من أرقب (١١). فإن قيل : إن قول موسى ـ عليه‌السلام (١٢) ـ «وما منعك أن لا تتبعن أفعصيت أمري» يدل على أنه أمره (١٣) بشيء ، فكيف يحسن في جوابه أن يقال : إنما لم أمتثل قولك خوفا من أن تقول (لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) ، وهل يجوز مثل هذا الكلام على العاقل؟

فالجواب (١٤) : لعلّ موسى ـ عليه‌السلام (١٥) ـ إنما أمره بالذهاب إليه بشرط أن لا يؤدي ذلك إلى فساد القوم ، فلما قال موسى «ما منعك أن لا تتّبعني» قال لأنك إنما أمرتني باتباعك إذا لم يحصل الفساد ، فلو جئتك مع حصول الفساد ما كنت مراقبا لك (١٦).

قوله تعالى : (قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ (٩٥) قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي)(٩٦)

قوله : (قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ). «ما خطبك» مبتدأ وخبر ، وتقدم الكلام على الخطب(١٧) في يوسف (١٨) ، ومعناه هنا : ما أمرك وشأنك ، أي ما حملك على ما صنعت.

__________________

(١) في ب : فإن قيل.

(٢) في ب : وكانوا قد أخذوا. وهو تحريف.

(٣) الذؤابة : منبت الناصية من الرأس ، والجمع الذوائب ، وهي الشعر المضفور من شعر الرأس. اللسان (ذأب).

(٤) في ب : وتقول. وهو تحريف.

(٥) في ب : ولم تقبل.

(٦) [الأعراف : ١٤٢].

(٧) انظر البغوي ٥ / ٤٥٣.

(٨) في ب : وإن لم تقل «لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي» وهو تحريف.

(٩) في ب : قرأ.

(١٠) ترقب : سقط من ب.

(١١) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧٣.

(١٢) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٣) أمره : سقط من ب.

(١٤) في ب : والجواب.

(١٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٦) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٠٩.

(١٧) على الخطب : سقط من ب.

(١٨) عند قوله تعالى : «قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ» [يوسف : ٥١] انظر اللباب ٥ / ٤٢.

٣٦٧

وقال ابن عطيّة هنا : إنه يقتضى إشهارا ، كأنه قال : ما نحسك وما شؤمك (١).

ورد عليه أبو حيّان بقوله : قال (٢) فما خطبكم أيّها المرسلون (٣)(٤).

قوله : «بصرت» يقال : بصر الشيء أي : علمه ، وأبصره أي : نظر إليه كذا قال الزجاح (٥).

وقال غيره : بصر بالشيء وأبصره بمعنى : علمه (٦). والعامة علم ضم الصاد في الماضي ومضارعه وقرأ الأعمش وأبو السمال «بصرت» بالكسر «يبصروا» بالفتح (٧) وهي لغة (٨).

وعمرو (٩) بن عبيد بالبناء للمفعول في الفعلين (١٠) ، أي أعلمت بما لم يعلموا به ، وقرأ الأخوان «تبصروا» خطابا لموسى وقومه أو تعظيما له كقوله : (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ)(١١).

٣٦٨٦ ـ حرّمت النّساء سواكم (١٢)

والباقون بالغيبة من قومه (١٣) والعامة على فتح القاف من «قبضة» وهي المرة من القبض (١٤).

قال الزمخشري : وأما القبضة فالمرة من القبض ، وإطلاقها على المقبوض من تسمية المفعول بالمصدر(١٥).

قال شهاب الدين : والنحاة يقولون : إن المصدر الواقع كذلك لا يؤنث بالتاء تقول :

__________________

(١) تفسير ابن عطية ١٠ / ٨٢.

(٢) قال : سقط من ب.

(٣) [الحجر : ٥٧] و[الذاريات : ٣١].

(٤) البحر المحيط ٦ / ٢٧٣.

(٥) قال الزجاج : (يقال : قد بصر الرجل يبصر : إذا كان عليما بالشيء ، وأبصر يبصر : إذا نظر) معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٣٧٤. وقال : (وبصرت بالشيء صرت بصيرا به عالما ، وأبصرته : إذا رأيته) فعلت وأفعلت : (١١).

(٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧٣.

(٧) المختصر (٨٩) ، البحر المحيط ٦ / ٢٧٣.

(٨) قال ابن منظور : (والفعل بصر يبصر ، ويقال : بصرت) اللسان (بصر).

(٩) في ب : لعمرو.

(١٠) انظر المختصر (٨٩).

(١١) [البقرة : ٢٣١ ، ٢٣٢].

(١٢) جزء بيت من بحر الطويل للعرجي وتمامه :

فإن شئت حرّمت النّساء سواكم

وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا

وهو في اللسان (برد ، نقخ). النقاخ : الماء العذب. البرد : النوم لأنه يبرد العين بأن يقرها. وهو هنا : الريق. والشاهد فيه خطاب المفرد بخطاب الجمع تعظيما. وقد تقدم.

(١٣) السبعة (٤٢٤) ، الحجة لابن خالويه (٢٤٧) ، الكشف ٢ / ١٠٥ ، النشر ٢ / ٣٢٢ ، الإتحاف (٣٠٧).

(١٤) وذلك لأن اسم المرة من الثلاثي يكون على وزن (فعلة). التبيان في تصريف الأسماء (٥٤).

(١٥) الكشاف ٢ / ٤٤٥.

٣٦٨

هذه حلة نسج اليمن ، ولا تقول (١) : نسجة اليمن ، ويعترضون بهذه الآية (٢) ، ثم يجيبون بأن الممنوع إنما هو التاء الدالة على التحديد لا على مجرد التأنيث ، وهذه التاء دالة على مجرد (٣) التأنيث ، وكذلك قوله(٤) : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ)(٥)(٦).

وقرأ الحسن «قبضة» بضم القاف وهي كالغرفة والمضغة في معنى المغروف والمقبوض (٧). وروي عنه «قبصة» بالصاد المهملة (٨). والقبض بالمعجمة بجميع الكف ، وبالمهملة بأطراف الأصابع ، وله نظائر كالخضم وهو الأكل بجميع الفم (٩) والقضم (١٠) بمقدمه (١١) ، والقضم (١٢) قطع بانفصال والفصم بالفاء باتصال (١٣) ، وقد تقدّم شيء من ذلك في البقرة (١٤). وأدغم ابن محيصن الضاد المعجمة في تاء المتكلم مع إبقائه الإطباق (١٥). وأدغم الأخوان (١٦) وأبو عمرو الذال في التاء من «فنبذتها» (١٧).

فصل

لما أجاب هارون أخاه موسى بالجواب المتقدم أقبل موسى على السامريّ وقال له : «ما خطبك» أي : ما حملك على ما فعلت؟ فقال : (بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ) أي : رأيت

__________________

(١) في ب : ولا يقال.

(٢) في ب : بهذه الأمور والآية.

(٣) مجرد : سقط من ب.

(٤) في ب : وكذلك التاء في قوله.

(٥) [الزمر : ٦٧].

(٦) الدر المصون ٥ / ٣٦.

(٧) انظر الكشاف ٢ / ٤٤٥.

(٨) المختصر (٨٩) ، المحتسب ٢ / ٤٥٥ البحر المحيط ٦ / ٢٧٣.

(٩) الفم : سقط من ب.

(١٠) في ب : والعصم.

(١١) القضم : الأكل بأطراف الأسنان. اللسان (قضم).

(١٢) في ب : القطم.

(١٣) القصم بالقاف هو أن ينكسر الشيء فيبين يقال منه : قصمت الشيء إذا كسرته حتى يبين. والفصم بالفاء هو أن ينصدع الشيء من غير أن يبين. اللسان (قصم).

(١٤) عند قوله تعالى : «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» [البقرة : ٢٥٦] وذكر هناك : والانفصام بالفاء القطع من غير بينونة ، والقصم بالقاف ـ قطع ببينونة ، وقد يستعمل ما بالفاء مكان ما بالقاف ، والمقصود من هذا اللفظ المبالغة ، لأنه إذا لم يكن لها انفصام فبأن لا يكون لها انقطاع أولى. انظر اللباب ٢ / ١٠٠.

(١٥) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧٣ ، الإتحاف ٣٠٧.

(١٦) حمزة والكسائي.

(١٧) وأظهر الباقون. وحجة من أدغم أن قوة التاء والذال معتدلة ، لأن التاء شديدة ، والذال مجهورة ، والشدة في القوة كالجهر ولأن التاء مهموسة ، والذال رخوة ، والهمس في الضعف كالرخاوة ، فاعتدلا في القوة والضعف ، فحسن الإدغام لذلك ، على أنهما قد اشتركا في المخرج من الفم ، واشتركا في إدغام لام التعريف فيهما ، واتصالهما في كلمة. والإظهار أحسن ، لأنه الأصل ولأن التاء في تقدير الانفصال لأن الفعل (نبذ) فالتاء داخلة فيه بعد أن لم تكن. انظر الكشف ١ / ١٥٩ ـ ١٦٠.

٣٦٩

ما لم يروا بنو إسرائيل (١) وعرفت ما لم يعرفوا.

قال ابن عباس : علمت ما لم يعلموا ، ومنه قولهم : رجل بصير ، أي : عالم قاله أبو عبيدة (٢) وأراد أنه رأى جبريل عليه‌السلام فأخذ من موضع حافر دابته قبضة من تراب ، فقال : (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ).

وقرأ ابن مسعود : «من أثر فرس الرّسول» (٣) والمراد بالرسول جبريل ـ عليه‌السلام ـ (عند عامّة المفسرين ، وأراد بأثره التراب الذي) (٤) أخذه (٥) من موضع حافر دابته لما (٦) رآه يوم فلق البحر. وعن عليّ ـ رضي الله عنه ـ أنّ جبريل ـ عليه‌السلام ـ لمّا نزل ليذهب موسى إلى الطور أبصره السّامريّ من بين الناس(٧).

واختلفوا (٨) في أنه كيف اختص (٩) السامريّ برؤية جبريل ومعرفته من بين الناس؟

فقال ابن عبّاس في رواية الكلبي : إنّما عرفه ، لأنه رآه في صغره ، وحفظه من القتل حين أمر فرعون بذبح أولاد بني إسرائيل ، فكانت المرأة إذا ولدت طرحت ولدها حيث لا يشعر به آل فرعون ، فيأخذ الملائكة الولدان ويربونهم حتى يترعرعوا ويختلطوا بالناس ، فكان السامريّ ممن أخذه جبريل ـ عليه‌السلام ـ ، وجعل كفّ نفسه في فيه وارتضع منه اللبن والعسل (١٠) ليربيه ـ فلما (١١) قضي على يديه من الفتنة فلم يزل يختلف إليه (١٢) حتى عرفه.

قال ابن جريح : فعلى هذا قوله : (بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ) يعني رأيت ما لم يروه. ومن فسّر الإبصار بالعلم فهو صحيح ، ويكون المعنى علمت أن تراب فرس جبريل ـ عليه‌السلام ـ له خاصة الإحياء ، وذلك أنه كان كلما رفع الفرس يديه أو رجليه في مشيه على الطريق اليبس يخرج تحته النبات في الحال.

وقال أبو مسلم : ليس في القرآن تصريح بما ذكره المفسرون فهنا (١٣) وجه آخر ، وهو أن يكون المراد بالرسول موسى ـ عليه‌السلام (١٤) ـ ، وبأثره سنته ورسمه الذي أمر به فقد يقول الرجل : إنّ فلانا يقفو أثر فلان يقتص (١٥) أثره إذا كان يمتثل رسمه ، والتقدير أنّ موسى ـ عليه‌السلام (١٦) ـ لمّا أقبل على السامريّ باللوم والمسألة عن الأمر الذي دعاه

__________________

(١) قوله : ما لم يروا بنو إسرائيل. هذا التعبير ماش على لغة أكلوني البراغيث ، وهي إلحاق الفعل علامة تدل على تثنية الفاعل أو جمعه.

(٢) مجاز القرآن ٢ / ٢٦.

(٣) المختصر : ٨٩ ، البحر المحيط ٦ / ٢٧٤.

(٤) ما بين القوسين سقط من ب.

(٥) في ب : فأخذ. وهو تحريف.

(٦) في ب : ما. وهو تحريف.

(٧) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١١٠.

(٨) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١١٠ ـ ١١١.

(٩) في ب : في كيفية اختصاص.

(١٠) في ب : العسل واللبن.

(١١) في الأصل : لمّا.

(١٢) في الأصل : عليه.

(١٣) في ب : وهنا.

(١٤) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٥) في الأصل : ويقتص.

(١٦) في ب : عليه الصلاة والسلام.

٣٧٠

إلى إضلال القوم في العجل فقال : (بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ) أي عرفت أن (١) الذي أنتم عليه (ليس بحق) (٢) ، وقد كنت قبضت قبضة من أثرك أيّها الرسول أي : شيئا من دينك ، فنبذته أي : طرحته ، فعند ذلك أعلمه موسى ـ عليه‌السلام (٣) ـ بما له من العذاب في الدّنيا والآخرة ، وإنما أورد بلفظ الإخبار (٤) عن غائب كما يقول الرجل (٥) لرئيسه وهو مواجه له : ما يقول الأمير في كذا ، أو (٦) بماذا يأمر الأمير. وأما ادّعاؤه أنّ موسى (٧) ـ عليه‌السلام (٨) ـ رسول (٩) مع جحده وكفره فعلى مذهب من حكى الله عنه قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ)(١٠) وإن لم يؤمنوا بالإنزال (١١).

قال ابن الخطيب : وهذا (١٢) الذي ذكره أبو مسلم (ليس فيه إلّا أنّه مخالف للمفسرين ، ولكنه أقرب إلى التحقيق لوجوه :

أحدها : أن جبريل ـ عليه‌السلام ـ) (١٣) ليس معهودا باسم (١٤) الرسول ، ولم يجر له فيما تقدم ذكر حتى تجعل (١٥) لام التعريف إشارة إليه ، فإطلاق لفظ الرسول لإرادة جبريل كأنه تكليف بعلم الغيب.

وثانيها (١٦) : أنه لا بد فيه من الإضمار وهو قبضة من أثر حافر دابة الرسول والإضمار خلاف الأصل.

وثالثها (١٧) : أنه لا بد من التعسف في بيان أنّ السامريّ كيف اختصّ من بين جميع الناس برؤية جبريل ومعرفته ، ثم كيف عرف أن تراب حافر دابته يؤثر هذا الأثر ، والذي ذكروه من أن جبريل ـ عليه‌السلام ـ هو الذي ربّاه فبعيد ، لأن السامريّ إن عرف أنه جبريل حال كمال عقله (١٨) عرف قطعا أنّ موسى ـ عليه‌السلام ـ نبيّ صادق ، فكيف يحاول الإضلال ، وإن كان ما عرفه حال البلوغ فأنّى ينفعه كون جبريل ـ عليه‌السلام ـ (مربّيا له) (١٩) حال الطفولية في حصول تلك المعرفة.

ورابعها (٢٠) : أنه لو جاز إطلاع بعض الكفرة على تراب هذا شأنه لكان لقائل (٢١) أن

__________________

(١) أن : سقط من الأصل.

(٢) ما بين القوسين سقط من ب ، وفيه : أمر.

(٣) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٤) في ب : بلفظ الأمر أو الإخبار.

(٥) الرجل : سقط من الأصل.

(٦) في الأصل : أي. وهو تحريف.

(٧) أن موسى : مكرر في الأصل.

(٨) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٩) رسول : سقط من ب ، وفي الأصل : رسولا. والصواب (رسول) لأنه خبر (أنّ).

(١٠) [الحجر : ٦].

(١١) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ١١٠ ـ ١١١.

(١٢) في ب : وهذا القول.

(١٣) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٤) في ب : يذكر.

(١٥) في ب : جعل. وهو تحريف.

(١٦) في ب : وفيه أمور الأول.

(١٧) في ب : الثاني.

(١٨) في الأصل : كماله.

(١٩) ما بين القوسين : سقط من ب.

(٢٠) في ب : الثالث.

(٢١) في ب : القائل.

٣٧١

يقول : فلعل (١) موسى اطلع أيضا على شيء آخر يشبه ذلك ، فلأجله (٢) أتى بالمعجزات ، فرجع حاصله إلى سؤال من يطعن في المعجزات ويقول : لم لا يجوز أن يقال : إنّهم أتوا بهذه المعجزات لاختصاصهم بمعرفة بعض الأدوية التي لها خاصية أن يفيد حصول تلك المعجزة ، وحينئذ ينسد باب المعجزات بالكلية (٣).

ثم قال : (وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) أي زينت ، والمعنى : فعلت ما دعتني إليه نفسي ، وسولت مأخوذة من السؤال (٤).

قوله تعالى : (قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً (٩٧) إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً)(٩٨)

قوله : (فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ) قرأ العامة بكسر الميم وفتح السين ، وهو مصدر لفاعل (٥) كالقتال من قاتل (٦) ، فهو يقتضي المشاركة ، وفي التفسير : لا تمسّني ولا أمسك (٧) وإن من (٨) مسّه أصابته الحمّى.

وقرأ الحسن وأبو حيوة وابن أبي عبلة (وقعنب) (٩)(١٠) بفتح الميم وكسر السين ، هكذا عبّر أبو حيّان (١١) ، وتبع فيه أبا (١٢) البقاء (١٣). ومتى أخذنا (١٤) بظاهر هذه العبارة لزم أن يقرأ «مسيس» بقلب الألف ياء لانكسار ما قبلها ، ولكن لم يرو ذلك فينبغي أن يكونوا أرادوا بالكسر الإمالة (١٥) ، ويدل على ذلك ما قاله الزمخشري : وقرىء (١٦) «لا

__________________

(١) فلعل : سقط من ب.

(٢) في ب : ولأجله.

(٣) الفخر الرازي ٢٢ / ١١١.

(٤) أصل السّول مهموز عند العرب ، استثقلوا ضغطة الهمزة فيه فتكلموا به بتخفيف الهمز. اللسان (سول).

(٥) أي مصدر (ماس).

(٦) في ب : يقاتل.

(٧) أي أنه منفي ب (لا) التي لنفي الجنس وهو نفي أريد به النهي. البحر المحيط ٦ / ٢٧٥.

(٨) من : سقط من ب.

(٩) وهو قعنب بن أبي قعنب أبو السّمّال العدوي البصري. تقدمت ترجمته.

(١٠) ما بين القوسين سقط من ب.

(١١) البحر المحيط ٦ / ٢٧٥.

(١٢) في ب : أبو.

(١٣) قال أبو البقاء : (ويقرأ بفتح الميم وكسر السين ، وهو اسم فعل ، أي : لا تمسني وقيل : هو اسم للخبر ، أي : لا يكون بيننا مماسة) التبيان ٢ / ٩٠٣ ويفهم من كلام أبي البقاء أن المراد بكسر السين :

كسر السين الثانية.

(١٤) في ب : أخذت.

(١٥) الإمالة : أن ينحى بالفتحة نحو الكسرة ، وهي لغة بني تميم ، وأهل الحجاز لا يميلون. شرح الشافية ٣ / ٤.

(١٦) في ب : وقرأ.

٣٧٢

مساس» بوزن (فجار). ونحوه قولهم في الظباء : إن وردت الماء فلا عباب وإن فقدته فلا أباب (١) (فهي أعلام للمسّة والعبّة والأبّة وهي المرة من الأبّ وهو) (٢) الطلب (٣). ويدل عليه أيضا قول صاحب اللوامح : هو (٤) على صورة (نزال ، ونظار) (٥) من أسماء الأفعال بمعنى (انزل ، وانظر) (٦)(٧). فهذا أيضا تصريح بإقرار الألف على حالها (٨). ثم قال صاحب اللوامح : فهذه الاسماء التي بهذه الصيغة (٩) معارف ، ولا تدخل عليها (لا) النافية التي تنصب النكرات نحو : لا مال لك. لكنه فيه (١٠) نفي الفعل ، فتقديره : لا يكون منك مساس ، ومعناه النهي ، أي : لا تمسّني (١١) وقال ابن عطيّة : «لا مساس» هو معدول عن المصدر كفجار ونحوه ، وشبهه (١٢) أبو عبيدة (١٣) وغيره (١٤) بنزال ودراك ونحوه ، والشبه صحيح من حيث هي معدولات ، وفارقه من حيث أن هذه عدلت عن الأمر و«مساس» وفجار عدلت عن المصدر ، ومن هذا قول الشاعر :

__________________

(١) في اللسان (عبب) : وحكى ابن الأعرابي : أن العرب تقول : إذا أصابت الظباء الماء فلا عباب ، وإن لم تصبه فلا أباب ، أي : إن وجدته لم تعبّ ، وإن لم تجده لم تأتبّ له ، يعني لم تتهيأ لطلبه ولا لشربه ، من قولك : أبّ للأمر وائتبّ له : تهيّأ. وقولهم : الإعباب ، أي : لا تعب في الماء.

(٢) ما بين القوسين في ب : وهي أعلام للبنية والعبد والأربة والأبّة وهي الأبة من الأب وهي. وهو تحريف.

(٣) الكشاف ٢ / ٤٤٥.

(٤) في ب : وهو.

(٥) في ب : نظار ونزال.

(٦) في ب : انظر وانزل.

(٧) البحر المحيط ٦ / ٢٧٥.

(٨) يفهم من كلام ابن عادل في توجيهه لهذه القراءة أنّ المراد بكسر السين كسر السين الأولى ، ولكن المراد كسر السين الثانية ، وما استدل به من قول الزمخشري وصاحب اللوامح ليس إلا دليلا على كسر السين الثانية. وكذلك توجيه ابن جني وأبي البقاء لهذه القراءة يفهم منه ذلك ، فقد شبه ابن جني هذه القراءة بنزال ودراك. وخرّج أبو البقاء هذه القراءة على أنّ «مساس» اسم للفعل ، أي لا تمسّني ، أو اسم للخبر ، أي لا يكون بيننا مماسّة. المحتسب ٢ / ٥٦ ، والتبيان ٢ / ٩٠٣.

(٩) في ب : الصفة. وهو تحريف.

(١٠) فيه : سقط من ب.

(١١) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧٥. وكذلك نرى ابن جني وجّه هذه القراءة على تقدير الحكاية ، لأنه شبه «مساس» بنزال ودراك ، وما سمي به الفعل لا تدخل عليه (لا) النافية للنكرات ف (لا) إذا في قوله : «لا مساس» نفي للفعل ، فكأنه حكاية قول القائل : مساس ، ونزال ، ودراك ، فقال : لا مساس ، أي لا أقول مساس والحكاية لا بد أن تكون مقدرة ، لأنه لا يجوز أن تقول : لا اضرب ، فتنفي ب (لا) لفظ الأمر لتنافي اجتماع الأمر والنهي ، فالحكاية إذا مقدرة معتقدة. المحتسب ٢ / ٥٦.

(١٢) في ب : وشبه.

(١٣) مجاز القرآن ٢ / ٢٧.

(١٤) وهو الفراء فإنه قال : (وتقرأ «لا مساس» وهي لغة فاشية ، لا مساس مثل نزال ونظار من الانتظار) معاني القرآن ٢ / ١٩٠. والزجاج فإنه قال : (ويجوز لا مساس وأنّ لك بفتح الميم وكسر السين الأخيرة على وزن دراك وتراك) معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٣٧٤.

٣٧٣

٣٦٨٧ ـ تميم كرهط السّامريّ وقوله

ألا (١) لا يريد السّامريّ مساس (٢)(٣)

فكلام الزمخشري وابن عطية يعطي (٤) أن «مساس» على هذه القراءة معدول عن المصدر كفجار عن الفجرة. وكلام صاحب اللوامح يقتضي أنّها معدولة عن فعل الأمر إلا (أن يكون مراده) (٥) أنها معدولة كما أنّ اسم الفعل معدول كما تقدم توجيه ابن عطيّة لكلام أبي عبيدة.

فصل

معنى الكلام أنّك ما دمت حيّا أن تقول : «لا مساس» أي لا تخالط أحدا (٦) ولا يخالطك (٧) أحد. أو (٨) أمر موسى بني إسرائيل أن لا يخالطوه ولا يقاربوه (٩) ، قال ابن عباس لا مساس لك ولولدك. والمساس من المماسّة معناه لا يمسّ بعضنا بعضا ، فصار السامري يهيم في الأرض مع الوحوش والسباع لا يمس أحدا (١٠) ولا يمسه أحد ، عاقبه الله (١١) بذلك ، وكان إذا لقي أحدا يقول : لا مساس ، أي (١٢) : لا تقربني (١٣) ولا تمسّني (١٤).

وقيل : كان إذا مسّ (١٥) أحدا أو مسّه أحد حمّا جميعا ، حتى إنّ بقاياهم اليوم يقولون ذلك. وإذا مسّ أحد من غيرهم أحدا منهم (١٦) حمّا جميعا في الوقت (١٧). وقال أبو مسلم يجوز أن يريد مسّ النساء ، فيكون من تعذيب الله إياه انقطاع نسله (١٨) فلا (١٩) يكون له من يؤنسه ، فيخليه الله من زينة الدنيا (التي ذكرها) (٢٠) في قوله تعالى (٢١)(الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا)(٢٢)(٢٣).

__________________

(١) في النسختين : أن.

(٢) البيت من بحر الطويل لم أهتد إلى قائله ، وهو في مجاز القرآن ٢ / ٢٧ والقرطبي ١١ / ٢٤٠ ، والبحر المحيط ٦ / ٢٧٥. الرّهط : الجماعة من ثلاثة أو سبعة إلى عشرة أو ما دون العشرة ، والشاهد فيه أنّ «مساس» معدول عن المصدر.

(٣) تفسير ابن عطية ١٠ / ٨٥.

(٤) في ب : يعني.

(٥) ما بين القوسين سقط من ب.

(٦) في الأصل : أحد. وهو تحريف.

(٧) يخالطك : سقط من الأصل.

(٨) في الأصل : و.

(٩) في الأصل : ولا يقربوه.

(١٠) في ب : أحد. وهو تحريف.

(١١) في ب : الله تعالى.

(١٢) أي : سقط من ب.

(١٣) في ب : أن تقربني.

(١٤) انظر البغوي ٥ / ٤٥٤ ـ ٤٥٥.

(١٥) في ب : مسه. وهو تحريف.

(١٦) في ب : وإذا مسّ أحد منهم من غيرهم.

(١٧) انظر البغوي ٥ / ٤٥٥.

(١٨) في النسختين : مسّه. وما أثبته هو الصواب.

(١٩) في ب : ولا.

(٢٠) ما بين القوسين سقط من ب.

(٢١) تعالى : سقط من ب.

(٢٢) [الكهف : ٤٦].

(٢٣) الفخر الرازي ٢٢ / ١١٢.

٣٧٤

قوله : (وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ) الموعد بمعنى الوعد (١). وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «تخلفه» بكسر اللام على البناء للفاعل (٢) ، أي تجيء إليه ولن تغيب عنه. والباقون بفتحها (٣) على البناء للمفعول (٤) وقرأ أبو نهيك فيما حكاه عنه (ابن خالويه) (٥) بفتح التاء من فوق وضم اللام (٦) ، وحكى عنه صاحب اللوامح كذلك إلا أنه بالياء من تحت (٧) وابن مسعود والحسن بضم نون العظمة وكسر اللام (٨) فأما القراءة الأولى فمعناها : لن تجده (٩) مخلفا كقولك (١٠) : أحمدته وأحببته أي وجدته (١١) محمودا وحبّابا. وقيل المعنى : سيصل إليك ولن تستطيع الروغان ولا الحيدة عنه ، قال الزمخشري : وهذا من أخلفت الموعد إذا وجدته مخلفا. قال الأعشى :

٣٦٨٨ ـ أثوى وقصّر ليله ليزوّدا

فمضى وأخلف من قتيلة موعدا (١٢)(١٣)

ومعنى (١٤) الثانية لن يخلف الله موعده الّذي وعدك. وفتح اللام اختيار أبي عبيد ، كأنّه قال موعدا حقا لا خلف (١٥) فيه (١٦) ، ولن يخلف الله ، والمعنى أن الله (١٧) يكافئك على فعلك ولا تفر منه. وأما قراءتا أبي نهيك فهما من خلفه يخلفه إذا جاء بعده (١٨) أي الموعد (١٩) الذي لك لا يدفع قولك الذي تقوله (٢٠) ، وهي مشكلة ، قال أبو حاتم : لا نعرف لقراءة أبي نهيك مذهبا (٢١). وأما قراءة ابن مسعود فأسند الفعل فيها (٢٢) إلى الله

__________________

(١) فهو مصدر ميمي على وزن مفعل ، لأنه من (وعد) المثال الواوي الصحيح اللام الذي تحذف فاؤه في المضارع.

(٢) والمفعول الثاني على هذه القراءة محذوف ، والتقدير في «لن تخلفه» : لن يخلف الله الموعد الذي قدر أن سيأتيه. وذلك لأنّ (يخلف) مضارع أخلف ، وهو يتعدى إلى مفعولين. البيان ٢ / ١٥٣.

(٣) السبعة (٤٢٤) ، الحجة لابن خالويه (٢٤٧) ، الكشف ٢ / ١٠٥ ـ ١٠٦ ، النشر ٢ / ٣٢٢ الإتحاف (٣٠٧).

(٤) متعديا لاثنين أحدهما الضمير المستتر المرفوع على النيابة ، والثاني الهاء ، أي لن يخلفك الله الموعد.

البيان ٢ / ١٥٣ ـ ١٥٤.

(٥) ما بين القوسين سقط من ب.

(٦) المختصر : ٨٩.

(٧) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧٥.

(٨) انظر المحتسب ٢ / ٥٧ ، الكشاف ٢ / ٤٤٥ ، البحر المحيط ٦ / ٢٧٦.

(٩) في الأصل : تجد.

(١٠) في ب : كقوله.

(١١) في ب : وحمدته.

(١٢) البيت من بحر الكامل ، قاله الأعشى ، وهو في ديوانه (٥٤) المحتسب ١ / ١٤٠ ، ٢ / ٥٧ ، الخصائص ٣ / ٢٥٣ ، أمالي ابن الشجري ٢ / ٤٤ اللسان (ثوى) البحر المحيط ٦ / ٢٧٥ ، وشرح شواهد الكشاف ٣٤.

(١٣) الكشاف ٢ / ٤٤٥.

(١٤) في ب : معنى.

(١٥) في ب : لا أخاف. وهو تحريف.

(١٦) انظر الفخر الرازي ٢٢ (١١٢.

(١٧) في ب : الله تعالى.

(١٨) في ب : جاءت عدة.

(١٩) في ب : الموضع.

(٢٠) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧٥.

(٢١) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧٦.

(٢٢) في ب : هنا.

٣٧٥

تعالى ، والمفعول الأول محذوف ، أي لن (يخلفكه) (١)(٢).

قوله : «ظلت» العامّة على فتح الظاء وبعدها لام ساكنة. وابن مسعود وقتادة والأعشى بخلاف عنه وأبو حيوة وابن أبي عبلة ويحيى بن يعمر كسر الظّاء (٣) ، وروي (٤) عن ابن يعمر ضمها (٥) أيضا (٦). وأبيّ والأعمش في الرواية الأخرى (٧) «ظللت» بلامين أولهما مكسورة (٨) فأمّا قراءة العامة (٩) ففيها حذف أحد (١٠) المثلين وإبقاء الظاء على حالها من حركتها ، وإنما حذف تخفيفا ، وعده سيبويه في الشاذ (١١) ، يعني شذوذ قياس لا شذوذ استعمال ، وعدّ معه ألفاظا (١٢) أخر نحو مست وأحست (١٣). كقوله :

٣٦٨٩ ـ أحسن به (فهنّ إليك شوس (١٤) (١٥)

وعد (ابن الأنباري) (١٦) همت في هممت ، ولا يكون هذا الحذف إلا إذا سكنت لام الفعل (١٧). وذكر بعض المتأخرين أن هذا الحذف منقاس في كل مضاعف العين واللام سكنت لامه وذلك في لغة سليم(١٨).

__________________

(١) انظر التبيان ٢ / ٩٠٣.

(٢) ما بين القوسين في ب : نخلفكم.

(٣) المختصر ٨٩ ، البحر المحيط ٦ / ٢٧٦.

(٤) في ب : ويروى.

(٥) في ب : فتحها. وهو تحريف.

(٦) المختصر ٨٩ ، البحر المحيط ٦ / ٢٧٦.

(٧) في ب : في رواية.

(٨) المختصر : ٨٩ ، البحر المحيط ٦ / ٢٧٦.

(٩) في ب : العامة بفتحها.

(١٠) في ب : إحدى. وهو تحريف.

(١١) انظر الكتاب ٤ / ٤٢٢.

(١٢) في ب : ألفاظ.

(١٣) وذلك أنه لما التقى المثلان في كلمة واحدة وتعذر الإدغام لسكون الثاني منهما ، لاتصال الضمير المتحرك به ، حذفوا الأول منهما حذفا على غير القياس قال سيبويه : (وكذلك فعل به في كل بناء تبنى اللام من الفعل فيه على السكون ولا تصل إليه الحركة شبهوها بأقمت ... ومثل ذلك قولهم : ظلت ومست ، حذفوا وألقوا الحركة على الفاء ، كما قالوا : خفت وليس هذا النحو إلا شاذا ، والأصل في هذا عربي كثير ، وذلك قولك : أحسست ، ومسست ، وظللت وأما الذين قالوا : ظلت ومست فشبهوها بلست ، فأجروها في فعلت مجراها في فعل ، وكرهوا تحريك اللام فحذفوا ... ولا نعلم شيئا من المضاعف شذّ عمّا وصفت لك إلا هذه الأحرف) الكتاب ٤ / ٤٢١ ، ٤٢٢.

(١٤) ما بين القوسين سقط من ب. وهو عجز بيت من بحر الوافر قاله أبو زبيد الطائي ، وصدره :

خلا أنّ العتاق من المطايا

وهو في مجاز القرآن ٢ / ٢٨ ، ١٣٧ ، ومجالس ثعلب ١ / ٤١٨. والتهذيب ٣ / ٤٠٨ ، الخصائص ٢ / ٤٣٨ ، المنصف ٣ / ٨٤ ، المحتسب ١ / ١٢٣ ، ٢٦٩ ، ٢ / ٧٦ ، أمالي ابن الشجري ١ / ٩٧ ، ٣٨٨.

الإنصاف ١ / ٢٧٣ ، ٢٧٧ ، ابن يعيش ١٠ / ١٥٤ ، اللسان (حسس ـ حسا) ويروى : حسين به.

(١٥) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٦) ما بين القوسين سقط من ب ، وفيه أبي وهو تحريف.

(١٧) البحر المحيط ٦ / ٢٧٦.

(١٨) وهو ابن مالك قال في التسهيل : (ويجوز في لغة سليم حذف عين الفعل الماضي المضاعف المتصل بتاء الضمير أو نونه ، مجعولة حركتها على الفاء وجوبا إن سكنت وجوازا إن تحركت ولم تكن حركة العين فتحة ، وربما فعل ذلك بالأمر والمضارع) ٣١٤.

٣٧٦

قال شهاب الدين : والذي أقوله إنه متى التقى التضعيف المذكور والكسرة نحو ظللت ومسست انقاس الحذف. وهل يجري الضم مجرى الكسر في ذلك؟ فالظاهر أنه يجري بل بطريق الأولى ، لأن الضم أثقل من الكسر نحو غضن يا نسوة أي اغضضن أبصاركنّ (١) ذكره ابن مالك (٢).

وأما الفتح فالحذف فيه (٣) ضعيف نحو قرن يا نسوة في المنزل ، ومنه أحد توجيهي قراءة (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)(٤) كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وأما الكسر فوجهه أنه نقل كسرة اللام إلى الفاء بعد سلبها حركتها ليدل عليها.

وأما الضمّ فيحتمل أن يكون جاء فيه لغة على فعل يفعل بفتح العين في الماضي وضمها في المضارع ثم نقلت كما تقدم ذلك في الكسر. وأما «ظللت» (٥) بلامين فهذه هي الأصل ، وهي منبهة على غيرها. و«عاكفا» خبر «ظلّ».

قوله : «لنحرّقنّه» جواب قسم محذوف ، أي : والله لنحرّقنّه ، والعامة على ضم النون وكسر الراء مشددة من حرّقه يحرّقه بالتشديد (٦). وفيها تأويلان :

أحدهما : أنها من حرقه بالنار.

والثاني : أنه من حرق ناب البعير إذا وقع عضّ ببعض أنيابه على بعض ، والصوت المسموع منه يقال له (٧) الصّريف ، والمعنى لنبردنّه بالمبرد بردا (٨) يسحقه به كما يفعل البعير بأنيابه بعضها على بعض. وقرأ الحسن وقتادة وأبو جعفر «لنحرقنّه» بضم النون وسكون الحاء وكسر الراء من أحرق رباعيا (٩). وقرأ ابن عباس (١٠) وحميد وعيسى وأبو جعفر «لنحرقنّه» كذلك إلا أنه بضم الراء (١١) ، فيجوز أن يكون من حرّق وأحرق بمعنى

__________________

(١) في ب : أيضا. وهو تحريف.

(٢) الدر المصون ٥ / ٣٧. قال ابن مالك في شرح الكافية الشافية : (ومثال ذي الضم من المضاعف : (اغضضن) لو قيل فيه (غضن) قياسا على (قرن) لجاز وإن لم أره منقولا ، لأن فكّ المضموم أثقل من فك المكسور وإذا كان فك المفتوح قد فر منه إلى الحذف في (قرن) المفتوح القاف ففعل ذلك بالمضموم أحق بالجواز) ٤ / ٢١٧١.

(٣) في ب : منه. وهو تحريف.

(٤) [الأحزاب : ٣٣] فقرأ نافع وعاصم : «وقرن» بفتح القاف والباقون : «وقرن» بالكسر. السبعة : ٥٢١ ـ ٥٢٢ ، وشرح الكافية الشافية ٤ / ٢١٧٠.

(٥) في ب : وأما ظللن.

(٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧٦.

(٧) في الأصل : لها ، وفي ب : أن. وما أثبته هو الصواب.

(٨) انظر التبيان ٢ / ٩٠٣.

(٩) البحر المحيط ٦ / ٢٧٦. الإتحاف (٣٠٧).

(١٠) في ب : وقرأ ابن حميد وابن عباس.

(١١) في المحتسب ٢ / ٥٨ ، والبحر المحيط ٦ / ٢٧٦ : هذه القراءة بفتح النون وسكون الحاء وضم الراء خفيفة.

٣٧٧

كأنزل ونزّل. وأما القراءة الأخيرة فبمعنى لنبردنّه بالمبرد (١).

قوله : «لننسفنّه» (٢) العامة على فتح النون الأولى وسكون الثانية (٣) وكسر السين خفيفة. وقرأ عيسى بضم (السين (٤)) (٥). وقرأ ابن مقسّم بضم النون الأولى وفتح الثانية وكسر السين مشدّدة (٦). والنّسف التفرقة والتذرية ، وقيل : قلع (٧) الشيء من أصله ، يقال : نسفه ينسفه بكسر السين وضمها في المضارع ، وعليه القراءتان (٨) والتشديد للتكثير.

فصل

معنى إحراقه على قراءة التشديد قال السّدّي : أمر موسى بذبح العجل فذبح وسال منه الدم ، ثم أحرق ونسف رماده (٩). وهذا يدل على أنه صار لحما ودما ، لأن الذهب لا يمكن إحراقه بالنار (٩). وفي حرف ابن مسعود : «لنذبحنّه ولنحرقنّه» (١٠). وعلى (١١) قراءة التخفيف أي لنبردنّه بالمبرد ، وهذه القراءة تدل على أنه لم ينقلب لحما ودما ، فإن ذلك لا يبرد بالمبرد (١٢) ، ومنه قيل للمبرد : المحرق.

وقال السّدي : أخذ موسى العجل ، ثم ذبحه (١٣) ثم حرقه ، ثم بردت عظامه بالمبرد ، ثم ذرّاه في اليمّ (١٤). ثم (١٥) لما فرغ من إبطال ما ذهب إليه السامريّ عاد إلى بيان الدين الحق فقال : (إِنَّما إِلهُكُمُ) أي المستحق للعبادة (اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) قال مقاتل : يعلم من يعبد ه (ومن لا يعبده) (١٦)(١٧) قوله : (وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) العامة على كسر السين خفيفة و«علما» على هذه القراءة تمييز منقول من الفاعل (١٨) ، إذ الأصل وسع كلّ شيء علمه. وقرأ مجاهد وقتادة بفتح السين مشدده(١٩). وفي انتصاب «علما» أوجه :

أحدها (٢٠) : أنه مفعول به ، قال الزمخشري : ووجهه (٢١) أن «وسع» متعد إلى

__________________

(١) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧٦.

(٢) في ب : «ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ».

(٣) في ب : وكسر الثانية وسكون النون. وهو تحريف.

(٤) المختصر (٨٩) ، البحر المحيط ٦ / ٢٧٦.

(٥) ما بين القوسين سقط من ب.

(٦) البحر المحيط ٦ / ٢٧٦.

(٧) في ب : ويقال : لقلع.

(٨) في ب : القرآن. وهو تحريف.

(٩) الفخر الرازي ٢٢ / ١١٢.

(٩) الفخر الرازي ٢٢ / ١١٢.

(١٠) الفخر الرازي ٢٢ / ١١٢ ، القرطبي ١١ / ٢٤٢.

(١١) في ب : وفي.

(١٢) الفخر الرازي ٢٢ / ١١٢.

(١٣) في ب : فذبحه.

(١٤) انظر البغوي ٥ / ٤٥٦.

(١٥) في ب : فصل.

(١٦) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١١٣.

(١٧) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٨) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٧٧.

(١٩) المختصر ٨٩ ، الكشاف ٢ / ٤٤٦ ، القرطبي ١١ / ٢٤٣ ، البحر المحيط ٦ / ٢٧٧.

(٢٠) في ب : الأول.

(٢١) في الأصل : وجه.

٣٧٨

مفعول واحد (و (هُوَ كُلُّ شَيْءٍ)(١) وأما «علما» فانتصابه على التمييز فاعلا في المعنى ، فلما ثقل نقل إلى التعدية إلى مفعولين فنصبهما معا على المفعولية ، لأن المميز فاعل في المعنى كما تقول في خاف زيد عمرا (٢) : خوّفت زيدا عمرا (٢) : فتردّ (٣) بالنقل ما كان فاعلا مفعولا (٤). وقال أبو البقاء : والمعنى (٥) : أعطى كلّ شيء علما (٦) فضمنه معنى (أعطى). وما قاله الزمخشري أولى.

والوجه (٧) الثاني : أنه تميز أيضا كما هو في قراءة التخفيف ، قال أبو البقاء وفيه وجه آخر ، وهو أن يكون بمعنى عظّم خلق كلّ شيء كالأرض والسماء ، وهو بمعنى بسط فيكون «علما» تمييزا (٨) وقال ابن عطية : وسع خلق الأشياء وكثرها (٩) بالاختراع (١٠).

قوله تعالى : (كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً (٩٩) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً (١٠٠) خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً (١٠١) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً (١٠٢) يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً (١٠٣) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً)(١٠٤)

قوله تعالى (١١) : (كَذلِكَ نَقُصُّ) الكاف إما نعت لمصدر محذوف (١٢) ، أو حال (١٣) من ضمير ذلك المصدر المقدر ، والتقدير : كقصّنا هذا النبأ الغريب نقص ، و«من أنباء» صفة لمحذوف (١٤) هو مفعول «نقصّ» أي : نقص نبأ من أنباء.

فصل

لمّا ذكر قصة موسى (١٥) ـ عليه‌السلام (١٦) ـ مع فرعون ثم مع السامري قال : (كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ) من أخبار سائر الأمم وأحوالهم تكثيرا لشأنك (١٧) وزيادة في معجزاتك (وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) يعني القرآن (لقوله تعالى) (١٨) : (وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ

__________________

(١) ما بين القوسين تكملة من الكشاف.

(٢) في الأصل : عمروا ، وفي ب : عمرو. والصواب ما أثبته.

(٢) في الأصل : عمروا ، وفي ب : عمرو. والصواب ما أثبته.

(٣) في ب : وترد.

(٤) الكشاف ٢ / ٤٤٦.

(٥) والمعنى : سقط من ب.

(٦) التبيان ٢ / ٩٠٣.

(٧) في ب : الوجه.

(٨) التبيان ٢ / ٩٠٤.

(٩) في ب : وعظمها وكثرها.

(١٠) تفسير ابن عطية ١٠ / ٨٩.

(١١) تعالى : سقط من ب.

(١٢) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ٧٧. التبيان ٢ / ٩٠٤.

(١٣) في الأصل : أو حالا. وهو تحريف.

(١٤) في ب : صفة لنقص أو لمحذوف. وهو تحريف.

(١٥) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١١٣ ـ ١١٤.

(١٦) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٧) في الأصل : لبيناتك.

(١٨) ما بين القوسين سقط من ب.

٣٧٩

أَنْزَلْناهُ)(١)(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ)(٢)(وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ)(٣)(يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ)(٤). وفي تسمية القرآن بالذكر وجوه (٥) :

أحدها (٦) : أنه كتاب فيه ذكر ما يحتاج (٧) إليه الناس من أمور (٨) دينهم ودنياهم.

وثانيها (٩) : أنه يذكر أنواع آلاء الله ونعمائه ، وفيه التذكير والموعظة.

وثالثها (١٠) : فيه الذكر والشرف لك ولقومك (١١) كما قال : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ)(١٢) وسمى الله تعالى كل كتاب أنزله ذكرا (١٣) فقال تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ)(١٤) وكما بيّن (١٥) نعمته بذلك بيّن وعيده لمن أعرض عنه فقال : «من (١٦) أعرض عنه فإنّه يحمل يوم القيامة وزرا» أي : من أعرض عن القرآن ولم يؤمن به (١٧) ولم يعمل بما فيه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا ، والوزر هو العقوبة الثقيلة (١٨) ، سماها (١٩) وزرا لثقلها على المعاقب تشبيها بالحمل الثقيل (٢٠). وقيل : حملا ثقيلا من الإثم (٢١). قوله : (مَنْ أَعْرَضَ) يجوز أن تكون «من» شرطية أو موصولة (٢٢) ، والجملة الشرطية أو الخبرية الشبيهة بها في محل نصب صفة ل «ذكرا» (٢٣). قوله : (خالِدِينَ فِيهِ) حال من فاعل «يحمل» (٢٤). فإن قيل : كيف يكون الجمع (٢٥) حالا من مفرد؟

فالجواب : أنه حمل على لفظ «من» (٢٦) فأفرد الضمير في قوله : «أعرض» و«فإنّه» و«يحمل» ، وعلى معناها فجمع في «خالدين» و«لهم» (٢٧) ، والمعنى مقيمين في عذاب

__________________

(١) [الأنبياء : ٥٠].

(٢) من قوله تعالى : «وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ» [الزخرف : ٤٤].

(٣) [سورة ص : ١].

(٤) [سورة الحجر : ٦].

(٥) في ب : وتسمية القرآن بالذكر فيه وجوه.

(٦) في ب : الأول.

(٧) في ب : ما يحتاجون.

(٨) تمور : سقط من ب.

(٩) في ب : الثاني.

(١٠) في ب : الثالث.

(١١) في ب : فيه الشرف لك ولقومك والذكر لك ولقومك.

(١٢) [الزخرف : ٤٤].

(١٣) في الأصل : ذكر. وهو تحريف.

(١٤) [النحل : ٤٣][الأنبياء : ٧].

(١٥) في ب : ولمّا.

(١٦) في الأصل : ومن. وهو تحريف.

(١٧) به : سقط من الأصل.

(١٨) في ب : الشديدة الثقيلة.

(١٩) في ب : سماها الله تعالى.

(٢٠) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ١١٣ ـ ١١٤.

(٢١) مجاز القرآن ٢ / ٢٩.

(٢٢) في ب : يجوز أن تكون موصولة وأن تكون شرطية.

(٢٣) في ب : لذكري. وهو تحريف.

(٢٤) في الآية السابقة : (١٠٠) وانظر البيان ٢ / ١٥٤ التبيان ٢ / ٩٠٤.

(٢٥) في ب : الجمع يكون.

(٢٦) من : سقط من ب.

(٢٧) البيان ٢ / ١٥٤ ، التبيان ٢ / ٩٠٤.

٣٨٠