اللّباب في علوم الكتاب - ج ١٣

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي

اللّباب في علوم الكتاب - ج ١٣

المؤلف:

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2298-3

الصفحات: ٦٤٠

فيها ، ولا يتمها ، فإذا أتمّها أمر (١) إسرافيل بالنفخ في الصور وقامت (٢) القيامة تعظيما لله تعالى» (٣).

وعن (٤) أنس قال عليه‌السلام (٥) : «ما زلت أشفع إلى ربي ويشفعني ، وأشفع إليه ويشفعني ، حتى قلت: يا رب فيمن قال : لا إله إلا الله. قال (٦) : يا محمد هذه ليست لك ولا لأحد وعزتي وجلالي ، لا أدع أحدا في النار قال لا إله إلا الله» وقال سفيان الثوري : سألت جعفر بن محمد عن (حم عسق)(٧) فقال: الحاء حكمه ، والميم ملكه ، والعين عظمته ، والسين سناؤه والقاف قدرته ، يقول الله عزوجل : بحكمي وملكي وعظمتي وسنائي وقدرتي لا أعذب بالنار من قال : لا إله إلّا الله محمد رسول الله.

وعن ابن عمر (٨) قال عليه‌السلام (٩) : «من قال في الشوق : لا إله إلّا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حيّ لا يموت بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير ، كتب الله له ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة وبنى له بيتا في الجنّة» (١٠)

وروي عن موسى بن عمران عليه‌السلام (١١) قال : يا رب علمني شيئا أذكرك به قال : قل : لا إله إلّا الله ، قال : كل عبادك يقول (١٢) : لا إله إلّا الله. فقال (١٣) : قل : لا إله إلّا الله. قال : إنما أردت شيئا تخصني به. قال يا موسى : لو أن السموات السبع ومن فوقهن في كفة (١٤) ولا إله إلّا الله في كفة لمالت بهنّ لا إله إلّا الله.

فصل (١٥)

قيل : إنّ لله تعالى أربعة آلاف اسم لا يعلمها إلا الله والأنبياء (١٦) أما الألف الرابعة فإن المؤمنين يعلمونها ، فثلثمائة في التوراة ، وثلثمائة في الإنجيل ، وثلثمائة في الزبور ومائة في القرآنه تسعة (١٧) وتسعون ظاهرة وواحد مكنون (١٨) فمن (١٩) أحصاها دخل الجنة.

__________________

(١) في ب : أمر الله.

(٢) في ب : وقامة. وهو تحريف.

(٣) تعالى سقط في ب.

(٤) في ب : عن.

(٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٦) في الأصل : قالت. وهو تحريف.

(٧) [الشورى : ١ ، ٢].

(٨) في الفخر الرازي : قال عمر.

(٩) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٠) أخرجه الترمذي (دعوات) ٥ / ١٥٥ ـ ١٥٦ ، وابن ماجه (تجارات) ٢ / ٧٥٢ ، والدارمي (استئذان) ٢ / ٢٩٣ ، وأحمد ١ / ٤٧.

(١١) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٢) في ب : يقولوا.

(١٣) في الأصل : قال.

(١٤) في كفة : سقط في ب.

(١٥) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٢ ـ ١٣.

(١٦) في الفخر الرازي : يقال : إن لله تعالى أربعة آلاف اسم ألف لا يعلمها إلا الله تعالى وألف لا يعلمها إلا الله والملائكة وألف لا يعلمها إلا الله والملائكة والأنبياء.

(١٧) في ب : وتسعة.

(١٨) في الأصل : وواحدة مكنونة.

(١٩) في الأصل : من.

١٨١

واعلم أن الأسماء الواردة في القرآن منها ما ليس بانفراده ثناء ومدحا (١) ، كقوله : جاعل ، وفالق (٢) ، وصانع. فإذا قيل : «فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا» (٣) صار (٤) مدحا (٥) وأما الاسم الذي يكون مدحا فمنه ما إذا قرن بغيره صار أبلغ نحو قولنا : حيّ ، فإذا قيل : الحيّ القيّوم ، أو الحيّ (٦) الّذي لا يموت. كان أبلغ. وأيضا بديع. فإذا قلت : بديع السّموات والأرض ، ازداد المدح.

ومن هذا الباب ما كان اسم مدح ولكن لا يجوز إفراده ، كقولنا : دليل ، وكاشف ، فإذا قيل : يا دليل المتحيرين ، يا كاشف الضرّ والبلوى جاز.

ومنه ما يكون اسم مدح مفردا ومقرونا كقولنا : الرّحيم الكريم (٧) (ومن الأسماء ما يكون تقارنها أحسن كقولك : الأول الآخر ، المبدىء المعيد ، الظاهر الباطن ، العزيز الحكيم) (٨).

قوله تعالى (٩) : (وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (٩) إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً (١٠) فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى)(١١)

قوله تعالى : (وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى. إِذْ رَأى ناراً)(١٠) ... الآية : لما عظم حال القرآن ، وحال الرسول عليه‌السلام (١١) بما كلّفه أتبع ذلك بما يقوي قلب رسوله من ذكر أحوال الأنبياء تقوية لقلبه في الإبلاغ (١٢) ، كقوله تعالى (١٣) : (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ)(١٤). وبدأ بموسى لأن فتنته كانت أعظم (ليتسلّى قلب الرسول عليه‌السلام بذلك ، ويصبر على تحمل المكاره. قوله : (وَهَلْ أَتاكَ) يحتمل أن يكون هذا أول ما أخبر به من أمر موسى فقال : (وَهَلْ أَتاكَ) أي لم يأتك إلى الآن) (١٥) وقد أتاك الآن فتنبه له ، وهذا قول الكلبي. ويحتمل أن يكون قد (١٦) أتاه ذلك في الزمان المتقدم فكأنه قال : أليس قد أتاك ، وهذا قول مقاتل والضحاك عن ابن عباس ، وهذا وإن كان

__________________

(١) في ب : ومدح.

(٢) في ب : فالق وجاعل.

(٣) [الأنعام : ٩٦] و«جاعل» قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر ، و«جعل» قراءة عاصم وحمزة والكسائي. السبعة ٢٦٣.

(٤) صار : سقط من ب.

(٥) في ب : ثناء ومدح.

(٦) أو الحي : مكرر في الأصل.

(٧) في ب : الرحيم العزيز الحكيم.

(٨) ما بين القوسين سقط من ب.

(٩) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٤ ـ ١٥.

(١٠) «إِذْ رَأى ناراً» : سقط في ب.

(١١) عليه‌السلام : سقط من ب.

(١٢) في ب : البلاغ.

(١٣) تعالى : سقط من ب.

(١٤) [هود : ١٢٠].

(١٥) ما بين القوسين سقط من ب وفيه : أتاك لم يأتك ألما لأن وهو تحريف.

(١٦) قد : سقط في ب.

١٨٢

على لفظ الاستفهام الذي لا يجوز على الله تعالى لكن المقصود منه تقرير الخبر في قلبه ، وهذه الصورة أبلغ في ذلك كقولك لصاحبك : هل بلغك عني كذا (١)؟ فيتطلع السامع إلى معرفة ما يرمي إليه ، ولو (٢) كان المقصود هو الاستفهام لكان الجواب يصدر من قبل (٣) موسى لا من قبل الله (تعالى) (٤)(٥).

قوله : (إِذْ رَأى) يجوز أن يكون منصوبا بالحديث وهو الظاهر (٦) ويجوز أن ينتصب ب (اذكر) مقدرا (٧) قاله أبو البقاء (٨). أو بمحذوف بعده ، أي إذ رأى نارا (٩) كان كيت وكيت كما (١٠) قاله الزمخشري (١١). و«هل» على بابها من كونها استفهام تقرير (١٢). وقيل : بمعنى قد. وقيل : بمعنى النفي(١٣). وقرأ «لإهله امكثوا» بضم الهاء حمزة ، وقد تقدم أنه الأصل وهو لغة الحجاز (١٤).

وقال أبو البقاء : إن الضم (للإتباع) (١٥)(١٦).

قوله : «آنست» أي أبصرت ، والإيناس : الإبصار والتبيّن ومنه إنسان (١٧) العين ، لأنه يبصر به الأشياء ، والإنس لظهورهم كما قيل : الجن لاستتارهم. وقيل : هو الوجدان. وقيل : هو (١٨) الإحساس فهو أعم من الإبصار. وأنشدوا للحارث بن حلزة :

__________________

(١) في ب : هل بلغت عن هذا أو عن كذا. وهو تحريف.

(٢) في ب : وإن.

(٣) قبل : سقط من ب.

(٤) آخر من نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٤ ـ ١٥.

(٥) في ب : عزوجل.

(٦) الكشاف ٢ / ٤٢٨ ، التبيان ٢ / ٨٨٥ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٠.

(٧) في ب : مقدم ما. وهو تحريف.

(٨) انظر التبيان ٢ / ٨٨٥.

(٩) نارا سقط من ب.

(١٠) كما : سقط من ب.

(١١) قال الزمخشري : أو المضمر ، أي : حين (رَأى ناراً) كان كيت وكيت الكشاف ٢ / ٤٢٨.

(١٢) في ب : استفهام تقديره. وهو تحريف.

(١٣) البحر المحيط ٦ / ٢٢٩. قال أبو حيان بعد قوله : وقيل هل بمعنى قد : (والظاهر خلاف هذا ، لأن السورة مكية ، والظاهر أنه لم يكن أطلعه على قصة موسى قبل هذا) وفي ب : وقيل بمعنى بعد ، وقيل بمعنى قد أو النفي.

(١٤) قرأ حمزة وابن سعدان عن إسحاق المسيبي «لأهله امكثوا» بضم الهاء والباقون يكسرون الهاء فيهما.

انظر السبعة : ٤١٧ وحجة من ضم الهاء أنه أتى بالهاء على أصلها موصولة بالواو للتقوية ، فلقيت الواو وهي ساكنة الميم من «امكثوا» وهي ساكنة فحذفت الواو لالتقاء الساكنين ، وبقيت الضمة تدل عليها.

وحجة من كسر الهاء أنه أبدل من ضمة الهاء كسرة للكسرة التي قبلها ، فانقلبت الواو ياء ثم حذفت الياء لسكونها وسكون الميم بعدها ، وبقيت الكسرة تدل عليها. انظر الكشف ٢ / ٩٥.

(١٥) قال أبو البقاء : (لأهله بكسر الهاء وضمها ، وقد ذكر ، ومن ضم أتبعه ما بعده) التبيان ٢ / ٨٨٥.

(١٦) في ب : لاتباع. وهو تحريف.

(١٧) في ب : إيناس. وهو تحريف.

(١٨) هو سقط من ب.

١٨٣

٣٦٤٢ ـ آنست نبأة وأفزعها القن

ناص عصرا وقد دنا الإمساء (١)

والقبس : الجذوة (٢) من النار ، وهي الشعلة في رأس عود أو قصبة و(٣) نحوهما وهو فعل بمعنى مفعول كالقبض (٤) والنّفض (٥) بمعنى المقبوض والمنفوض. ويقال : أقبست (٦) الرجل علما ، وقبسته نارا ، ففرقوا بينهما ، هذا قول المبرد (٧). وقال الكسائي : إن فعل وأفعل يقالان في المعنيين فيقال : قبسته نارا وعلما وأقبسته أيضا (نارا وعلما) (٨)(٩). وقوله : «منها» يجوز أن يتعلق (ب «آتيكم» أو) (١٠) بمحذوف على أنه حال من «قبس» (١١) وأمال بعضهم ألف «هدى» وقفا ، والجيد أن لا تمال ، لأن الأشهر أنها بدل (١٢) من التنوين (١٣).

فصل

قال المفسرون (١٤) : استأذن موسى شعيبا (١٥) في الرجوع من مدين إلى مصر لزيارة

__________________

(١) في الأصل : آنست نبأة وقد روّعها القنّاص وقدّد بالإمساء. وفي ب : آنست نبأة وقد ردعها القنّاص وقد بالإمساء. وما أثبته هو الصواب. والبيت من بحر الخفيف من معلقته.

آنست : أحسّت. وهو موطن الشاهد

النبأة : الصوت الخفي يسمعه الإنسان أو يتخيله. الإفزاع : الإخافة. القنّاص : جمع قانص ، وهو الصياد ، العصر : العشيّ.

(٢) في ب : الجذو.

(٣) في ب : أو.

(٤) القبض : ما قبض من الأموال.

(٥) النقض ـ بالتحريك : ما تساقط من الورق والثمر ، وهو فعل بمعنى مفعول ، كالقبض بمعنى المقبوض.

(٦) في ب : أقبس.

(٧) لم أعثر على هذا القول فيها رجعت إليه من كتب المبرد ، وهو في البحر المحيط ٦ / ٢٢٢. والمبرد هو محمد بن يزيد الأزدي البصري أبو العباس المبرد ، إمام العربية ببغداد في زمانه ، أخذ عن المازني وأبي حاتم السجستاني ومن مصنفاته معاني القرآن ، الكامل ، والمقتضب وغير ذلك. مات سنة ٢٨٥ ه‍ ببغداد. بغية الوعاة ١ / ٢٦٩ ـ ٢٧١.

(٨) اللسان (قبس).

(٩) ما بين القوسين في ب : عالما ونارا.

(١٠) ما بين القوسين سقط من ب.

(١١) انظر التبيان ٢ / ٨٨٥.

(١٢) في ب : بدلا. وهو تحريف.

(١٣) قال أبو البقاء : (والجيد في هدى هنا أن يكتب بالألف ، ولا تمال : لأن الألف بدل من التنوين في القول المحقق. وقد أمالها قوم ، وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : أن يكون شبه ألف التنوين بلام الكلمة إذ اللفظ بهما في المقصور واحد.

والثاني : أن تكون لام الكلمة ، ولم تبدل من التنوين شيئا في النصب كما جاء : وآخذ من كلّ حيّ عصم.

والثالث : أن تكون على رأي من وقف في الأحوال الثلاثة من غير إبدال) التبيان ٢ / ٨٨٥.

(١٤) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٥ ـ ١٦.

(١٥) في الأصل : شعيب.

١٨٤

والدته وأخته ، فأذن له ، فخرج بأهله ، وأخذ على غير الطريق مخافة ملوك الشام. فولدت امرأته في ليلة شاتية ، وكانت ليلة الجمعة فألجأه السير إلى جانب الطور الغربي الأيمن ، فقدح زنده فلم يوره ، فبينما (١) هو في مزاولة (٢) ذلك إذ أبصر نارا من بعيد على (٣) يسار الطريق من جانب الطور (٤).

قال السّدي : فظن أنها نار من نيران (٥) الرعاة.

وقال آخرون (٦) : إنه عليه‌السلام (٧) رآها في شجرة وليس في القرآن ما يدل على ذلك. وقال بعضهم : الذي رآه لم يكن نارا (٨) (بل تخيله نارا) (٩) والصحيح أنه رأى نارا ليكون صادقا في خبره ، إذ الكذب لا يجوز على الأنبياء (١٠). قيل : النار أربعة أقسام :

نار (١١) تأكل ولا تشرب ، وهي نار الدنيا. ونار تشرب ولا تأكل وهي نار الشجر لقوله تعالى(١٢) : (جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً)(١٣).

ونار تأكل وتشرب وهي نار (١٤) المعدة. ونار لا تأكل ولا تشرب ، وهي نار موسى عليه‌السلام (١٥).

وقيل أيضا : النار أربعة : أحدها : نار لها نور بلا حرقة ، وهي نار موسى عليه‌السلام (١٦).

ونار لها حرقة بلا نور ، وهي نار جهنم. ونار لها حرقة ونور ، وهي نار الدنيا. ونار لا حرقة لها ولا نور وهي نار الأشجار. فلما أبصر النار «قال (لِأَهْلِهِ امْكُثُوا) يجوز أن يكون هذا الخطاب للمرأة (١٧) وولدها والخادم.

ويجوز أن يكون للمرأة وحدها خرج على ظاهر لفظ الأهل فإن الأهل يقع على الجمع وأيضا فقد يخاطب الواحد بلفظ الجمع تفخيما ، أي : أقيموا في مكانكم. (إِنِّي آنَسْتُ ناراً). أي أبصرت نارا ، والإيناس : الإبصار وقيل : إبصار (١٨) ما يؤنس به ولما وجد الإيناس ـ وكان منتفيا ـ حقيقة لهم أتى بكلمة «إنّي» ليوطن أنفسهم (١٩). ولما كان

__________________

(١) في ب : فيبنا. وهو تحريف.

(٢) المزاولة : معالجة الشيء ، يقال : فلان يزاول حاجة له. اللسان (زول).

(٣) في ب : عن.

(٤) انظر البغوي ٥ / ٤١٣.

(٥) في الأصل : نار. وهو تحريف.

(٦) في ب : وقيل.

(٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٨) في ب : نار. وهو تحريف.

(٩) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٠) في ب : الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

(١١) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٢) ما بين القوسين تكملة من الفخر الرازي.

(١٣) من قوله تعالى : «الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ» [يس : ٨٠].

(١٤) في الأصل : النار. وهو تحريف.

(١٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٦) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٧) في ب : إلى المرأة.

(١٨) في ب : أيضا. وهو تحريف.

(١٩) في ب : أهله.

١٨٥

الإتيان بالقبس ووجود الهدى مترقبين متوقعين بنى (١) الأمر فيهما على الرجاء والطمع ، فقال : «لعلّي» ولم يقطع فيقول : إنّي آتيكم ، لئلا يعد ما لم يتيقن الوفاء به ، والنكتة فيه أن قوما قالوا : كذب إبراهيم للمصلحة وهو (٢) محال ، لأن موسى عليه‌السلام (٣) قبل نبوته احترز فلم يقل : إنّي آتيكم ، بل قال (لَعَلِّي آتِيكُمْ). والقبس : النار المقتبسة في رأس عود أو فتيلة أو غيرهما. (أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) أي ما يهتدى به وهو اسم مصدر (٤) ، فكأنه قال : أجد على النار ما أهتدي به من دليل أو علامة.

ومعنى الاستعلاء على (٥) النار : (أنّ أهل النار) (٦) يستعلون المكان القريب منها ، ولأن المصطلين بها (٧) إذا أحاطوا بها كأنهم مشرفين عليها (٨) ، فكأنه (٩) قال : أجد على النار من يدلّني. (فَلَمَّا أَتاها) أي النار ، قال ابن عباس : رأى شجرة خضراء من أسفلها إلى أعلاها (١٠) أطافت بها نار بيضاء تتّقد (١١) كأضوأ ما يكون فوقف متعجبا من شدة ضوء تلك (١٢) النار وشدة خضرة تلك الشجرة ، فلا النار تغير خضرتها ، ولا كثرة ماء الشجرة تغير ضوء (١٣) النار (١٤).

قال ابن مسعود (١٥) : كانت الشجرة سمرة خضراء.

وقال قتادة ومقاتل والكلبي : كانت من العوسج (١٦).

وقال وهب : كانت من العلّيق (١٧). وقيل : كانت من العنّاب (١٨)(١٩).

قال أكثر المفسرين : إنّ الذي رآه موسى (٢٠) لم يكن نارا بل كان نور الربّ (تبارك

__________________

(١) في ب : بين. وهو تحريف.

(٢) في ب : وهي. وهو تحريف.

(٣) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٤) اسم المصدر : هو ما ساوى المصدر في الدلالة على معناه وخالفه بخلوه لفظا وتقديرا دون عوض من بعض ما فعله ، مثل توضأ وضوءا وتكلم كلاما. انظر شرح الأشموني ٢ / ٢٨٧.

(٥) في الأصل : في. وهو تحريف.

(٦) ما بين القوسين سقط من ب.

(٧) في الأصل لها. وهو تحريف.

(٨) في ب : إذا أشرفوا بها كأنهم أحاطوا بها.

(٩) في ب : كأنه.

(١٠) في ب : من أعلاها إلى أسفلها.

(١١) في ب : متعد. وهو تحريف.

(١٢) ضوء سقط من ب.

(١٣) في ب : لون.

(١٤) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٥ ـ ١٦ بتصرف.

(١٥) من هنا نقله ابن عادل عن البغوي ٥ / ٤١٣.

(١٦) العوسج : شجر من شجر الشوك. وله ثمر أحمر مدوّر كأنه خرز العقيق. اللسان (عسج).

(١٧) العليق : شجر من شجر الشوك لا يعظم ، وإذا نشب فيه شيء لم يكد يتخلص من كثرة شوكه ، وشوكه حجز شداد. اللسان (علق).

(١٨) العنّاب : من الثمر معروف الواحدة عنابة ، وربما سمي ثمر الأراك عنّابا. اللسان (عنب).

(١٩) آخر ما نقله هنا عن البغوي ٥ / ٤١٣.

(٢٠) في ب : موسى عليه الصلاة والسلام.

١٨٦

وتعالى) (١) ذكر (٢) بلفظ النار ، لأن موسى عليه‌السلام (٣) حسبه نارا فلما دنا منها سمع تسبيح الملائكة ورأى نورا عظيما (٤).

قال وهب (٥) : ظن موسى أنها (٦) نار (٧) أوقدت (٨) ، فأخذ من دقاق الحطب وهو الحشيش اليابس ليقتبس من لهبها فمالت إليه كأنها تريده ، فتأخر عنها وهابها ، ثم لم تزل تطمعه (٩) ، ويطمع (١٠) فيها ، ثم لم يكن بأسرع من خمودها كأنها لم تكن ثم رمى موسى ببصره إلى فروعها ، فإذا (١١) خضرتها ساطعة في السماء ، وإذا (١٢) نور بين السماء والأرض له شعاع تكل عنه الأبصار ، فلما رأى موسى (١٣) ذلك وضع يديه على عينيه ، فنودي يا موسى.

قال القاضي : الذي يروى من أن الزند ما كان يورى فجائز ، وما روي من (١٤) أن النار كانت تتأخر عنه ، فإن كانت النبوة قد تقدمت له جاز ذلك وإلا فهو ممنوع إلّا أن يكون معجزة لغيره من الأنبياء ، لأن (١٥) قوله : (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى)(١٦) دليل على أنه إنما أوحي إليه في هذه الحالة (١٧) ، وجعلة نبيّا. وعلى هذا يبعد ما ذكروه من تأخر النار عنه وبيّن فساد ذلك ، قوله تعالى: (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ) ولو (١٨) كانت تتأخر عنه حالا بعد حال لما صحّ ذلك ، ولما بقي لفاء التعقيب فائدة.

والجواب : أنّ القاضي بنى هذا الاعتراض على مذهبه في أنّ الإرهاص غير جائز. وذلك باطل ، فبطل قوله (١٩) ، وأمّا التمسّك بفاء التعقيب فقريب ، لأنّ تخلل الزمان القليل بين المجيء والنداء لا يقدح في فاء التعقيب (٢٠).

قوله : «نودي» القائم مقام الفاعل ضمير موسى.

وقيل : ضمير المصدر ، أي نودي النداء ، وهو ضعيف. ومنعوا أن يكون القائم مقامه الجملة من «يا موسى» ، لأن الجملة لا تكون فاعلا (٢١).

__________________

(١) ما بين القوسين سقط في ب.

(٢) في ب : ذكر موسى.

(٣) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٤) انظر البغوي ٥ / ٤١٣. وهو تحريف.

(٥) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٦.

(٦) في ب : أنه. وهو تحريف.

(٧) في النسختين : نارا. والصواب ما أثبته.

(٨) في ب : وقدت.

(٩) في ب : قطعه ، وهو تحريف.

(١٠) في ب : وطمع.

(١١) في ب : فإذا هي.

(١٢) في ب : إذا.

(١٣) موسى : سقط في ب.

(١٤) من : سقط في ب.

(١٥) في ب : إلا أن.

(١٦) الآية : [١٣] من سورة طه.

(١٧) في ب : الحال.

(١٨) في ب : وإن.

(١٩) قوله : سقط من ب.

(٢٠) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٦.

(٢١) انظر التبيان ٢ / ٨٨٦. اختلف في الفاعل ونائبه هل يكونان جملة أم لا؟ فالمشهور المنع مطلقا وهو ـ

١٨٧

قوله تعالى : (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً)(١٢)

قوله : «إنّي» قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالفتح على تقدير الباء أي : بأنّي (١) ، لأن (٢) النداء (٣) يوصل بها. تقول (٤) : ناديته بكذا ، وأنشد الفارسيّ (٥) قول الشاعر :

٣٦٤٣ ـ ناديت باسم ربيعة بن مكدّم

إنّ المنوّه باسمه الموثوق (٦)

وجوز ابن عطية أن تكون بمعنى : لأجل (٧) ، وليس بظاهر. والباقون بالكسر (٨) إمّا على إضمار القول كما هو رأي البصريين (أي فقيل) (٩)(١٠). وإمّا (١١) لأن النداء في معنى القول عند الكوفيين (١٢). وقوله : «أنا» يجوز أن يكون مبتدأ وما بعده خبره والجملة خبر (إنّ) ويجوز أن يكون توكيدا للضمير المنصوب (١٣). ويجوز أن يكون (فصلا) (١٤)(١٥).

__________________

ـ مذهب البصريين وأجازه هشام وثعلب مطلقا نحو (يعجبني قام زيد). وفصل الفراء وجماعة ونسبوه لسيبويه فقالوا : إن كان الفعل قلبيا ووجد معلّق عن العمل نحو : (ظهر لي أقام زيد) صح ، وإلا فلا ، وحملوا عليه «ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ» [يوسف : ٣٥] ومنعوا (يعجبني يقوم زيد) ، وأجازهما هشام وثعلب واحتجا بقوله :

وما راعني إلّا يسير بشرطة

وعهدي به قينا يسير بكير

ومنع الأكثرون ذلك كله ، وأوّلوا ما ورد مما يوهمه ، فقالوا : في بدا ضمير البداء ، ويسير على إضمار (أن) المغني ٢ / ٤٢٨ ، الهمع ١ / ١٦٤ ، حاشية الصبان ٢ / ٤٣.

(١) انظر السبعة ٣١٧ ، الحجة لابن خالويه (٢٤٠) ، الكشف ٢ / ٩٦ ، النشر ٢ / ٣١٩ الاتحاف (٣٠٢).

(٢) في ب : أي لأنّ البنا.

(٣) في ب : والنداء.

(٤) في ب : فيقال.

(٥) انظر إيضاح الشعر ٤٣٩.

(٦) البيت من بحر الكامل ولم ينسبه أبو علي إلى قائل. وهو في إيضاح الشعر ٤٥٩ ، تفسير ابن عطية : ١٠ / ٩ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٠ ، الخزانة ٦ / ٥٧ ، المنوه : ناه الشيء ينوه ارتفع وعلا ، يقال : نوّه فلان باسمه ، ونوّه فلان بفلان إذا رفعه وطير به وقوّاه. الموثوق : يريد الموثوق به. والشاهد فيه قوله (ناديت باسم) حيث وصل الفعل (نادى) بحرف الجر. وفيه شاهد آخر وهو أن الحذف من الصلات قد جاء في الشعر والتقدير : الموثوق به.

(٧) تفسير ابن عطية ١٠ / ٩.

(٨) انظر السبعة (٤١٧) ، الحجة لابن خالويه (٢٤٠) ، الكشف ٢ / ٩٦ ، النشر ٢ / ٣١٩ الإتحاف (٣٠٢).

(٩) الكشاف ٢ / ٤٢٨ ، التبيان ٢ / ٨٨٦ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٠.

(١٠) ما بين القوسين في ب : أو فعيل. وهو تحريف.

(١١) وأما : سقط في ب.

(١٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣٠.

(١٣) لأن الضمير المرفوع المنفصل يؤكد به كل ضمير متصل مرفوعا كان أو منصوبا أو مجرورا ، قال السيوطي : (ويؤكد بالضمير المرفوع المنفصل كل ضمير متصل مرفوعا كان أو منصوبا أو مجرورا مع مطابقته البدل له في التكلم والإفراد والتذكير وأضدادها نحو قمت أنا ، وأكرمتني أنا ، ومررت بك أنت ، وأكرمته هو وهكذا) همع الهوامع ٢ / ١٢٥.

(١٤) انظر التبيان ٢ / ٨٨٦ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٠.

(١٥) في ب : فعلا. وهو تحريف.

١٨٨

فصل

قال المفسرون : لمّا نودي يا موسى (١) أجاب سريعا ما يدري (٢) من دعاه ، فقال : إنّي أسمع (٣) صوتك ولا أرى مكانك ، فأين أنت؟ فقال : أنا فوقك ، ومعك ، وأمامك ، وخلفك ، وأقرب إليك من نفسك. فعلم أن ذلك لا ينبغي إلا لله عزوجل فأيقن به. (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) روى ابن مسعود مرفوعا في قوله : «اخلع نعليك» قيل : كانتا (٤) من جلد حمار ميت. ويروى غير مدبوغ.

وقال عكرمة ومجاهد : ليباشر بقدميه (٥) تراب (٦) الأرض المقدسة ، فيناله بركتها ، لأنه قدّست مرتين ، فخلعهما وألقاهما من وراء الوادي (٧).

قيل : إنه عرف أن المنادي هو الله تعالى ، لأنه رأى النار في الشجرة الخضراء (٨) بحيث إن تلك الخضرة (٩) ما كانت تطفىء تلك النار ، وتلك النار ما كانت تنضر بتلك الخضرة ، وهذا لا يقدر عليه أحد إلا الله تعالى (١٠).

قوله : «طوى» قرأ الكوفيون (١١) وابن عامر «طوى» بضم الطاء والتنوين.

وقرأ الباقون (١٢) : بضمها من غير تنوين (١٣).

وقرأ الأعمش والحسن وأبو حيوة (١٤) وابن محيصن بكسر الطاء منونا (١٥) ، وأبو (١٦) زيد عن أبي عمرو بكسرها غير منون (١٧).

فمن ضمّ ونوّن فإنه صرفه : لأنّه أوّله بالمكان (١٨). ومن منعه فيحتمل أوجها (١٩) :

أحدها (٢٠) : أنه منعه للتأنيث باعتبار البقعة والعلمية (٢١).

__________________

(١) من هنا نقله ابن عادل عن البغوي ٥ / ٤١٤. بتصرف يسير.

(٢) في ب : لا.

(٣) في ب : سمعت.

(٤) في النسختين : كانت ، وما أثبته هو الصواب.

(٥) في الأصل : برجليه.

(٦) في ب : تراب الوادي أغنى.

(٧) آخر ما نقله هنا عن البغوي ٥ / ٤١٤ بتصرف يسير.

(٨) في ب : الخضرة. وهو تحريف.

(٩) في ب : الشجرة وهو تحريف.

(١٠) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٧.

(١١) وهم : عاصم ، وحمزة ، والكسائي.

(١٢) وهم : ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو.

(١٣) انظر السبعة : ٤١٧ ، الحجة لابن خالويه (٣٤٠) ، الكشف ٢ / ٩٦ النشر ٢ / ٣١٩ ، الإتحاف (٣٠٢).

(١٤) في ب : أبو حيان. وهو تحريف.

(١٥) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣١. والإتحاف : ٣٠٢.

(١٦) في الأصل : أبي. وهو تحريف.

(١٧) انظر السبعة : ١٤٧. والبحر المحيط ٦ / ٢٣١.

(١٨) انظر البيان ٢ / ١٣٩ ، والتبيان ٢ / ٨٨٦ ، والبحر المحيط ٦ / ٢٣١.

(١٩) في ب : وجهان. وهو تحريف.

(٢٠) في ب : الأول.

(٢١) انظر البيان ٢ / ١٣٩ ، والتبيان ٢ / ٨٨٦ ، والبحر المحيط ٦ / ٢٣١.

١٨٩

الثاني (١) : أنّه منعه للعدل إلى فعل ، وإن لم يعرف اللفظ المعدول (٢) عنه وجعله كعمر وزفر(٣).

الثالث : أنه اسم أعجميّ فمنعه للعلمية والعجمة (٤). ومن كسر ولم ينوّن فباعتبار البقعة أيضا(٥). فإن كان اسما فهو نظير عنب ، وإن كان صفة فهو نظير عدى وسوى (٦). ومن نوّنه فباعتبار المكان (٧).

وعن الحسن البصري : أنه بمعنى الثناء بالكسر والقصر ، والثناء المكرر مرتين فيكون معنى هذه القراءة: أنه طهر مرتين ، فيكون مصدرا منصوبا بلفظ (المقدس) ، لأنه بمعناه ، كأنه قيل : المقدس مرتين من التقديس (٨).

وقرأ عيسى بن عمر والضّحّاك «طاوي اذهب» (٩). وطوى (١٠) : إما بدل من

__________________

(١) في ب : والثاني.

(٢) في ب : للعدول. وهو تحريف.

(٣) البيان ٢ / ١٣٩ ، التبيان ٢ / ٨٨٦ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣١.

العدل : هو صرفك لفظا أولى بالمسمى إلى آخر ، وهو فرع عن غيره ، لأن أصل الاسم أن لا يكون محرفا عما يستحقة بالوضع لفظا أو تقديرا ، ويمنع من الصرف مع الوصفية والعلمية ، فالأول مقصور على شيئين : أحدهما : أخر جمع أخرى تأنيث آخر. والثاني : ألفاظ العدد المعدولة على وزن فعال ومفعل ، والمسموع من ذلك أحاد وموحد ، وثنى ومثنى ، وثلاث ومثلث ، ورباع ومربع ، وخماس ومخمس وعشار ومعشر. ويمنع مع العلمية في خمسة أشياء : أحدها : ما جاء على فعل موضوعا علما ، وهو معدول عن صيغة فاعل ، والمسموع من ذلك : عمر ، زفر ، مضر ، ثعل ، هبل ، زحل ، عصم ، قزح ، جشم ، جمح ، جحا ، دلف ، بلع ، بطن ، وذكر الأخفش أن طوى من هذا النوع. الثاني : فعل المختص بالنداء كفسق ، غدر ، لكع ، فإنها معدولة عن فاسق ، غادر ، ألكع. الثالث : فعل المؤكد به ، وهو جمع كتع ، بصع ، بتع ، جمع جمعاء ، كتعاء بصعاء بتعاء. الرابع : سحر الملازم الظرفية ، وهو المعين ، أي المراد به وقت بعينه. الخامس : فعال علم المؤنث ، كحذام ، قطام ، رقاش ، غلاب سجاح أعلام لنسوة ، وسكاب لفرس ، وعرار لبقرة ، وظفار لبلدة. الهمع ١ / ٢٥ ـ ٢٩.

(٤) البحر المحيط ٦ / ٢٣١. المراد بالعجمي : كل ما نقل إلى اللسان العربي من لسان غيرها سواء كان من لغة الفرس أم الروم أم الحبشة أم الهند أم البربر أم الإفرنج أم غير ذلك ، وتعرف عجمة الاسم بوجوه ، أحدها : أن تنقل ذلك الأئمة. الثاني : خروجه عن أوزان الأسماء العربية نحو : إبريسم ، فإن مثل هذا الوزن مفقود في أبنية الأسماء في اللسان العربي. الثالث : أن يكون في أوله نون بعدها راء نحو : نرجس ، أو آخره زاي بعد دال نحو مهندزه فإن ذلك لا يكون في كلمة عربية. الرابع : أن يجتمع في الكلمة من الحروف ما لا يجتمع في كلام العرب كالجيم والصاد نحو : صولجان ، أو والقاف نحو منجنيق ، أو الكاف نحو : أسرجة الخامس : أن يكون عاريا من حروف الذلاقة ، وهو خماسي ، أو رباعي ، وحروف الذلاقة ستة يجمعها قولك (مر بنفل) الهمع ١ / ٣٢ ـ ٣٣.

(٥) البحر المحيط ٦ / ٢٣١.

(٦) التبيان ٢ / ٨٨٦.

(٧) الكشف ٢ / ٩٦ ، البيان ٢ / ١٣٩ ، التبيان ٢ / ٨٨٦.

(٨) البحر المحيط ٦ / ٢٣١.

(٩) المختصر (٨٧) ، المحتسب ٤٧٢ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣١.

(١٠) طوى : سقط في ب.

١٩٠

الوادي (١) أو عطف (٢) بيان له (٣). أو مرفوع على إضمار مبتدأ (٤) ، أو منصوب على إضمار أعني.

فصل (٥)

استدلت المعتزلة بقوله : «اخلع نعليك» على أن كلام الله تعالى ليس (٦) بقديم ، إذ لو كان قديما لكان الله قائلا قبل وجود موسى : اخلع نعليك يا موسى ، ومعلوم أن ذلك سفه ، فإن الرجل في الدار الخالية إذا قال يا يزيد افعل ، ويا عمرو لا تفعل مع أن زيدا وعمرا (٧) لا (٨) يكونان حاضرين (٩) يعد ذلك جنونا وسفها. فكيف يليق ذلك (١٠) بالإله سبحانه وتعالى؟ وأجيب عن ذلك بوجهين :

الأول : أن كلامه تعالى وإن كان قديما إلا أنه في الأزل لم يكن أمرا ولا نهيا.

الثاني : أنه كان أمرا بمعنى أنه وجد في الأزل شيء لما استمر إلى ما لا يزال صار الشخص به مأمورا من غير وقوع التغير في ذلك الشيء ، كما أن القدرة تقتضي صحة الفعل ، ثم إنها كانت موجودة في الأزل من غير هذه الصحة ، فلما استمرت إلى ما لا يزال حصلت الصحة ، فكذا ههنا ، وهذا كلام فيه غموض وبحث دقيق.

فصل (١١)

قال بعضهم : في الآية دلالة على كراهة الصلاة والطواف في النعل ، والصحيح عدم الكراهة ، لأنا إن عللنا الأمر بخلع النعلين لتعظيم الوادي ، وتعظيم كلام (١٢) الله تعالى كان الأمر مقصورا على تلك الصورة.

وإن عللناه بأن النعلين كانتا من جلد حمار ميّت ، فجائز أن يكون محظورا لبس جلد الحمار الميت ، وإن كان مدبوغا ، فإن كان ذلك فهو منسوخ بقوله عليه‌السلام : «أيما إهاب دبغ فقد طهر» (١٣) وقد صلى النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ في نعليه ثم خلعهما في الصلاة ،

__________________

(١) البيان ٢ / ١٣٩ ، التبيان ٢ / ٨٨٦ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣١.

(٢) عطف : سقط من ب.

(٣) البحر المحيط ٦ / ٢٣١.

(٤) أي : هو طوى. التبيان ٢ / ٨٨٦.

(٥) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٧ ـ ١٨.

(٦) ما بين القوسين سقط من ب.

(٧) في الأصل : مع أن زيد وعمرو. وهو تحريف.

(٨) في الأصل : لم. وهو تحريف.

(٩) في الأصل : حاضرون. وهو تحريف.

(١٠) في ب : ذلك يليق.

(١١) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٨.

(١٢) كلام : سقط في ب.

(١٣) أخرجه مسلم (حيض) ١ / ٢٧٧ ، وأبو داود (لباس) ٤ / ٣٦٧ ، والترمذي (لباس) ٣ / ١٣٥ ، والنسائي (فرع) ٧ / ١٧٣ ، ومالك (صيد) ٢ / ٤٩٨ وأحمد ١ / ٢١١ ، ٢٧٠ ، ٣٤٣. الإهاب : الجلد من البقر والغنم والوحش ما لم يدبغ. اللسان (أهب).

١٩١

فخلع الناس نعالهم فلما سلم قال : ما لكم خلعتم نعالكم؟ قالوا : خلعت فخلعنا قال : «فإنّ جبريل عليه‌السلام (١) أخبرني أنّ فيهما قذرا» (٢). فلم يكره النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم الصلاة في النعل (٣) ، وأنكر على الخالعين خلعها ، وأخبرهم أنه إنما خلعهما لما فيهما من القذر.

فصل

قال عكرمة وابن زيد : طوى : اسم للوادي (٤).

قال الضّحاك : طوى : واد (٥) مستدير عميق مثل الطويّ في الستدارته (٦).

وقيل : طوى معناه مرتين نحو ثنى. أي : قدّس الوادي مرتين أي : نودي (٧) موسى نداءين (٨) يقال:ناديته طوى أي : مثنى (٩). وقيل : طوى أي ؛ طيّا. قال ابن عباس : إنه مرّ بذلك الوادي ليلا (١٠) فطواه (١١) ، فكان المعنى بالوادي الذي طويته طيّا أي : قطعته حتى ارتفعت إلى أعلاه ، ومن ذهب إلى هذا قال : طوى مصدر أخرج عن لفظه ، كأنه قال : طويته أطوي طوى كما يقال : هدى يهدي هدى (١٢).

قوله تعالى : (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى (١٣) إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)(١٤)

قوله تعالى (١٣) : (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ)(١٤) أي للرسالة والكلام.

قرأ حمزة «وأنّا اخترناك» بفتح الهمزة فضمير المتكلم المعظم نفسه (١٥).

وقرأ السلمي والأعمش وابن هرمز كذلك إلا أنهم كسروا الهمزة (١٦).

والباقون : «وأنا اخترتك» بضمير المتكلم وحده (١٧). وقرىء «أنّي اخترتك» بفتح الهمزة(١٨).

__________________

(١) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٢) أخرجه أبو داود (صلاة) ١ / ٤٢٦ ـ ٤٢٧ ، والدارمي (صلاة) ١ / ٣٢٠ ، أحمد ٣ / ٢٠ ، ٩٢.

(٣) في ب : فلم يره النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يكره الصلاة في النعل.

(٤) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٨.

(٥) واد : سقط في ب.

(٦) انظر البغوي ٥ / ٤١٤ ـ ٤١٥.

(٧) في ب : نادى.

(٨) في ب : للمرائين. وهو تحريف.

(٩) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٨.

(١٠) ليلا : سقط في ب.

(١١) في ب : وطواه.

(١٢) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٨.

(١٣) تعالى : سقط من ب.

(١٤) في ب : «وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى».

(١٥) السبعة (٣١٧). الحجة لابن خالويه (٢٤٠) ، الكشف ٢ / ٩٧ ، النشر ٢ / ٣٢٠ ، الإتحاف (٣٠٢).

(١٦) البحر المحيط ٦ / ٢٣١.

(١٧) السبعة (٤١٧) ، الحجة لابن خالويه (٢٤٠) ، الكشف ٢ / ٩٧ ، النشر ٢ / ٣٢٠ ، الإتحاف (٣٠٢).

(١٨) وهي قراءة أبيّ انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣١.

١٩٢

فأما قراءة حمزة فعطف على قوله (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) وذلك أنه يفتح الهمزة هناك ففعل ذلك لما عطف غيرها عليها (١). وجوز أبو البقاء أن يكون الفتح على تقدير : ولأنّا اخترناك فاستمع ، فعلقه باستمع (٢). والأول أولى.

ومن كسرها فلأنه يقرأ «إنّي أنا ربّك» بالكسر (٣). وقراءة أبي كقراءة حمزة بالنسبة للعطف (٤). ومفعول «اخترتك» الثاني محذوف ، أي اخترتك من قومك (٥).

قوله : «لما يوحى» الظاهر تعلقه ب «استمع» ويجوز أن تكون اللام مزيدة في المفعول على حد قوله تعالى (رَدِفَ لَكُمْ)(٦) وجوز الزمخشري وغيره أن تكون المسألة من باب التنازع بين «اخترتك» وبين «استمع» كأنه قيل : «اخترتك لما يوحى فاستمع لما يوحى». قال الزمخشري : فعلق اللام باستمع أو باخترتك (٧) وقد رد أبو حيان هذا بأن قال : ولا يجوز التعليق باخترتك لأنه من باب الإعمال فكان يجب (٨) أو يختار إعادة الضمير مع الثاني ، فكان يكون : فاستمع له لما يوحى ، فدل على أنه من باب إعمال الثاني (٩).

قال شهاب الدين : والزمخشري عنى التعليق المعنوي من حيث الصلاحية وأما تقدير الصناعة فلم يعنه(١٠).

(و«ما») (١١) يجوز أن تكون مصدرية وبمعنى الذي ، أي فاستمع للوحي أو للذي يوحى(١٢))(١٣).

فصل (١٤)

هذه الآية تدل على أن النبوة لا تحصل بالاستحقاق ، لأن قوله : (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ) يدل

__________________

(١) قال أبو البقاء : (ويجوز أن يكون معطوفا على «أنّي» أي بأنّي أنا ربك وبأنا اخترناك) التبيان ٢ / ٨٨٦.

(٢) قال أبو البقاء : (ويقرأ وأنا اخترناك على الجمع ، والتقدير : لأنّا اخترناك فاستمع فاللام تتعلق باستمع) التبيان ٢ / ٨٨٦.

(٣) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣١.

(٤) قال أبو حيان : (وقرأ أبي وأنّي بفتح الهمزة وياء المتكلم «اخترتك» بالتاء عطفا) البحر المحيط ٦ / ٢٣١.

(٥) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣١.

(٦) من قوله تعالى : «قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ» [النمل : ٧٢].

والاستشهاد بالآية على أن اللام من (لكم) زائدة والتقدير ردفكم. ويجوز ألا تكون اللام زائدة ، ويحمل الفعل على معنى دنا لكم ، أو قرب من أجلكم. انظر التبيان ٢ / ١٠١٣.

(٧) الكشاف ٢ / ٤٢٩.

(٨) في البحر المحيط : فيجب.

(٩) البحر المحيط ٦ / ٢٣١.

(١٠) انظر الدر المصون ٥ / ٢١.

(١١) في النسختين : «وأنا» ، والصوات ما أثبته ، ولعله سهو من الناسخ.

(١٢) انظر الكشاف ٢ / ٤٢٩.

(١٣) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٤) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٩.

١٩٣

على أن ذلك المنصب (١) العالي إنما حصل لأنه تعالى اختاره له ابتداء لا أنه يستحقه على الله تعالى.

وقوله (٢) : (فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى) أي : إليك فيه نهاية الهيبة والجلالة كأنه قال : لقد جاءك أمر عظيم فتأهّب له ، واجعل كلّ عقلك (٣) وخاطرك مصروفا إليه.

ثم قال : «إنّني (٤) أنا الله لا إله إلّا أنا فاعبدني» ولا تعبد غيري ، وهذا يدل على أن علم الأصول مقدم على علم الفروع : لأن التوحيد من علم الأصول والعبادة من علم الفروع.

وأيضا فالفاء في قوله : «فاعبدني» تدل على أن عبادته إنما لزمت لإلهيّته.

فصل (٥)

احتجّوا بهذه الآية على أنه يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة من وجهين :

الأول : أنه تعالى بعد أن أمره بالتوحيد أمره بالعبادة ، ولم يذكر كيفية العبادة فثبت أنه (٦) يجوز ورود المجمل منفكا عن البيان.

الثاني : أنه قال : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) ولم يبين كيفية الصلاة.

قال القاضي : لا يمتنع أن موسى عليه‌السلام (٧) ـ قد عرف الصلاة التي تعبّد الله تعالى (٨) ـ بها شعيبا ـ عليه‌السلام (٩) ـ وغيره من الأنبياء ، فتوجه (١٠) الخطاب إلى ذلك ، ويحتمل (١١) أنه تعالى بيّن له في الحال ، وإن كان المنقول في القرآن لم يذكر فيه (١٢) إلا هذا القول.

وأجيب عن الأول : بأنه لا يتوجه في قوله تعالى : (فَاعْبُدْنِي) وأيضا (١٣) فحمل (١٤) مثل هذا الخطاب العظيم على فائدة جديدة أولى من حمله على أمر معلوم ، لأن موسى ـ عليه‌السلام (١٥) ـ ما كان يشك في وجوب الصلاة التي جاء بها شعيب ـ عليه‌السلام ـ (١٦) ، فلو حملنا قوله : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) على ذلك لم يحصل من هذا الخطاب العظيم فائدة زائدة ، أما لو حملناه عى صلاة أخرى لحصلت فائدة زائدة. وقوله : لعلّ

__________________

(١) في ب : النصيب.

(٢) وقوله : سقط من ب.

(٣) في ب : فعلك.

(٤) في ب : إني. وهو تحريف.

(٥) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٩.

(٦) أنه : سقط من الأصل.

(٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٨) تعالى : سقط من ب.

(٩) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٠) في ب : فيخرج. وهو تحريف.

(١١) في ب : ويجعل. وهو تحريف.

(١٢) فيه : تكملة من الفخر الرازي.

(١٣) وأيضا : سقط من ب.

(١٤) في ب : وحمل.

(١٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٦) في ب : شعيبا عليه الصلاة والسلام.

١٩٤

الله بيّنه في ذلك الموضع (١) ، وإن (٢) لم يحكه في القرآن قلنا : لا شك أن البيان (أكثر فائدة) (٣) من المجمل ، فلو (٤) كان مذكورا لكان أولى بالحكاية.

قوله : «لذكري» يجوز أن يكون المصدر مضافا لفاعله ، أي : لأنّي ذكرتها في الكتب ، أو لأني أذكرك. (ويجوز أن يكون مضافا لمفعوله ، أي : لأن تذكرني (٥)) (٦) وقيل : معناه ذكر الصّلاة بعد نسيانها ، لقوله ـ عليه‌السلام (٧) ـ : «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلّها إذا ذكرها» (٨).

قال الزمخشري : وكان حق العبارة لذكرها (٩) ثم قال : ومن يتمحّل (١٠) له أن يقول إذا ذكر الصلاة (١١) فقد ذكر الله أو على حذف مضاف أي لذكر صلاتي ، أو لأن الذكر والنسيان من الله تعالى في الحقيقة (١٢) وقرأ أبو رجاء (١٣) والسلمي «للذكرى» بلام التعريف وألف التأنيث (١٤). وبعضهم : «لذكري» منكّرة (١٥) وبعضهم : «للذّكر» بالتعريف والتذكير (١٦).

فصل (١٧)

ذكروا في قوله تعالى (١٨) : (لِذِكْرِي) وجوها :

أحدها (١٩) : لذكري بمعنى (٢٠) لتذكرني ، فإنّ ذكري أن أعبد ويصلّى لي.

والثاني (٢١) : لتذكرني منها لاشتمال الصلاة على الأذكار ؛ عن مجاهد.

__________________

(١) الموضع : سقط من ب.

(٢) أن : سقط من ب.

(٣) ما بين القوسين في ب : أفضل.

(٤) في ب : ولو.

(٥) انظر البيان ٢ / ١٣٩ ، التبيان ٢ / ٨٨٧ ، والبحر المحيط ٦ / ٢٣١.

(٦) ما بين القوسين سقط من ب.

(٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٨) أخرجه الترمذي (صلاة) ١ / ١١٤ ، النسائي ١ / ٢٩٦ ، ٢٩٧ ، ابن ماجه (صلاة) ١ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ، أحمد ٣ / ٢٤٣.

(٩) الكشاف ٢ / ٤٢٩.

(١٠) في ب : يتحمل. وهي مكررة في ب.

(١١) في ب : الصلاة إذا ذكر الصلاة.

(١٢) الكشاف ٢ / ٤٢٩.

(١٣) هو عمران بن تيم أبو رجاء العطاردي ، ولد قبل الهجرة بإحدى عشرة سنة ، أسلم في حياة النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ولم يره عرض القرآن على ابن عباس ، وتلقنه من أبي موسى ، ولقي أبا بكر الصديق ، وحدث عن عمر ، وغيره من الصحابة رضي الله عنهم روى القراءة عنه عرضا أبو الأشهب العطاردي مات سنة ١٠٥ ه‍ طبقات القراء ١ / ٦٠٤.

(١٤) المختصر (٨٧) ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٢.

(١٥) في ب : مؤنثة ، وبعضهم منكره.

(١٦) البحر المحيط ٦ / ٢٣٢.

(١٧) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ١٩ ـ ٢٠.

(١٨) تعالى : سقط من ب.

(١٩) في ب : الأول.

(٢٠) في ب : يعني.

(٢١) في ب : وثانيها.

١٩٥

وثالثها : لأني ذكرتها في الكتب وأمرت بها.

ورابعها : لأن أذكرك بالمدح والثناء.

وخامسها : لذكري خاصة لا يشوبه ذكر غيري.

وسادسها : لتكون لي ذاكرا (١) غير ناس فعل المخلصين ، كقوله : (لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ)(٢).

وسابعها : لأوقات ذكري ، وهي مواقيت الصلاة ، لقوله : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً)(٣).

وثامنها : أقم الصّلاة (٤) حين تذكرها أي : إنّك إذا نسيت صلاة فاقضها إذا ذكرتها ، قال عليه‌السلام(٥): «من نسي صلاة فليصلّها إذا ذكرها لا كفّارة لها إلّا ذلك» ثم قرأ (أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)(٦)) (٧). قال الخطّابي (٨) هذا الحديث يحتمل وجهين :

أحدهما : لا يكفرها غير قضائها.

والآخر : أنه لا يلزمه في نسيانها غرامة ، ولا كفارة ، كما تلزم الكفارة في ترك صوم رمضان من غير عذر ، وكما يلزم المحرم إذا ترك شيئا فدية من دم أو طعام (٩) إنما يصلّي ما ترك فقط. فإن قيل (١٠) : حق العبادة أن يقول : صلّ الصّلاة لذكرها ، كما قال عليه‌السلام (١١) : «إذا ذكرها».

فالجواب (١٢) : قوله : «لذكري» معناه : للذّكر (١٣) الحاصل بخلقي. أو بتقدير حذف مضاف أي: لذكر صلاتي.

(فصل (١٤)) (١٥)

لو فاتته صلاة (١٦) يستحب أن يقضيها على ترتيب الأداء ، فلو ترك الترتيب في

__________________

(١) في ب : ذاكر.

(٢) من قوله تعالى : «رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ» [النور : ٣٧].

(٣) [النساء : ١٠٣].

(٤) في ب : أقم الصّلاة لذكري.

(٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٦) تقدم تخريجه.

(٧) ما بين القوسين سقط من ب.

(٨) هو عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن الخطابي أبو محمد البصري ، روى عن يزيد بن زريع ومعمر بن سليمان وغيرهما ، وعنه بكر الأثرم والعباس بن عبد العظيم وغيرهما مات بالبصرة سنة ٢٣٠ ه‍.

تهذيب التهذيب ٥ / ٣٣١.

(٩) في الأصل : طعامه. وهو تحريف.

(١٠) في ب : فصل.

(١١) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٢) فالجواب : سقط من ب.

(١٣) في ب : الذكر.

(١٤) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٠ ـ ٢١.

(١٥) ما بين القوسين في ب : وقال بعضهم.

(١٦) في ب : الصلاة. وهو تحريف.

١٩٦

قضائها جاز عند الشافعي (١) ـ رحمه‌الله ـ (٢) ، ولو دخل عليه وقت فريضة وتذكر (٣) فائتة ، فإن كان في الوقت سعة استحب أن يبدأ بالفائتة ، ولو بدأ بصلاة الوقت جاز ، وإن ضاق الوقت بحيث لو بدأ بالفائتة فاتت صلاة الوقت فيجب البداءة (٤) بصلاة الوقت لئلا تفوت الأخرى. ولو تذكر الفائتة بعد ما شرع في صلاة الوقت (٥) أتمّها ثم قضى الفائتة. ويستحبّ أن يعيد صلاة الوقت بعدها ، ولا يجب. وقال أبو حنيفةرحمه‌الله : يجب الترتيب في قضاء الفوائت ما لم تزد على صلاة يوم الجمعة حتى قال : ولو (٦) تذكر في خلال صلاة الوقت فائتة تركها اليوم يبطل فرض الوقت ، فيقضي الفائتة ، ثم يعيد صلاة الوقت إلا أن يكون الوقت ضيّقا فلا يبطل ، واستدل بالآية والخبر والقياس والأثر. أما الآية فقوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) أي لتذكرها و«اللام» بمعنى «عند» كقوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)(٧) أي عند دلوك الشمس (٨) ، فالمعنى : أقم الصّلاة عند تذكرها ، وذلك يقتضي وجوب الترتيب. وأما الخبر فقولهعليه‌السلام (٩) : «من نسي صلاة فليصلّها إذا ذكرها» (١٠) والفاء للتعقيب. وروي في الصحيحين أنّ عمر بن الخطاب جاء إلى النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يوم الخندق فجعل يسبّ كفار قريش ويقول: والله يا رسول الله (١١) ما صلّيت العصر حتّى كادت الشّمس أن تغرب. فقال النبي (١٢) صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وأنا (١٣) والله ما صلّيتها بعد» قال: فنزل إلى بطحان (١٤) فصلى العصر (بعد ما غربت الشمس) (١٥) ثم صلى بعدها المغرب (١٦). والاستدلال به من وجهين :

أحدهما : أنه قال : «صلّوا كما رأيتموني أصلّي» (١٧) وقد صلى الفوائت على الولاء فيجب علينا اتباعه (١٨).

__________________

(١) محمد بن إدريس بن العباس أبو عبد الله الشافعي ـ رضي الله عنه ـ أحد أئمة الإسلام ، أخذ القراءة عرضا عن إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين المكي. روى القراءة عنه محمد بن عبد الله بن عبد الحكم. توفي سنة ٢٠٤ ه‍. طبقات القراء ٢ / ٩٥ ـ ٩٧.

(٢) في ب : الله تعالى.

(٣) في ب : وتذكرها. وهو تحريف.

(٤) في ب : البداء.

(٥) في ب : بعد ما شرع في الصلاة.

(٦) في ب : لو.

(٧) [الإسراء : ٧٨] والاستشهاد بالآية على أن اللام بمعنى عند انظر المغني ١ / ٢١٣.

(٨) في ب : دلوكها.

(٩) في ب : فقوله عليه الصلاة والسلام.

(١٠) تقدم تخريجه.

(١١) في ب : يا رسول الله والله.

(١٢) في ب : رسول الله.

(١٣) في الأصل أنا.

(١٤) بطحان : موضع بالمدينة.

(١٥) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٦) أخرجه البخاري (مواقيت) ١ / ١١٢ ، ومسلم (مساجد) ١ / ٤٣٨ ، الترمذي (صلاة) ١ / ١١٦ ، والنسائي (أدب) ٣ / ٨٤ ، ٨٥.

(١٧) أخرجه البخاري (أذان) ١ / ١١٧ ، (أدب) ٤ / ٥٢ ، الدارمي (صلاة) ١ / ٢٨٦ ، أحمد ٥ / ٥٣.

(١٨) في ب : اثبات اتباعه.

١٩٧

والثاني : أن فعل النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إذا خرج مخرج البيان للمجمل (١) كان حجة ، وهذا (٢) الفعل خرج بيانا لمجمل قوله : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ)(٣) ولهذا قالوا : إن الفوائت إذا كانت قليلة يجب مراعاة الترتيب فيها ، فإذا كثرت سقط الترتيب للمشقة. وأما الأثر : فروي عن ابن عمر أنه قال : «من فاته صلاة فلم يذكرها إلا في صلاة الإمام فليمض في صلاته ، فإذا قضى صلاته مع الإمام يصلّي ما فاته ، ثم ليعد (٤) التي صلاها مع الإمام» (٥) وروي ذلك مرفوعا إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وأما القياس : فإنهما (٦) صلاتا فرض جمعهما وقت واحد (٧) في اليوم والليلة ، فأشبهتا صلاتي (٨) عرفة والمزدلفة ، فلما لم يجب إسقاط الترتيب فيهما ، وجب أن يكون حكم الفوائت فيما (٩) دون اليوم والليلة كذلك. واحتج الشافعي رحمه‌الله (١٠) بما روى أبو قتادة (١١) : «أنّهم لمّا ناموا عن صلاة الفجر ثمّ انتبهوا بعد طلوع الشّمس أمرهم النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يقودوا رواحلهم (١٢) ثمّ صلّاها». ولو كان وقت التذكير (١٣) معينا للصلاة لما جاز ذلك ، فعلمنا أن ذلك الوقت وقت (١٤) لتقرر الوجوب عليه ، لكن لا على سبيل التضييق بل على سبيل التوسع ، وإذا ثبت هذا فنقول : إيجاب قضاء الفوائت ، وإيجاب أداء (١٥) فرض الوقت الحاضر يجري مجرى التخيير (١٦) بين الواجبين ، فوجب أن يكون المكلف مخيرا في تقديم أيهما شاء ، ولأنه لو كان الترتيب واجبا في الفوائت لما سقط بالنسيان ، ألا ترى أنه إذا صلى الظهر والعصر بعرفة في (١٧) يوم غيم ، ثم تبين أنه صلى الظهر قبل الزوال (والعصر بعد الزوال) (١٨) فإنه يعيدهما جميعا ، ولم يسقط الترتيب بالنسيان لما

__________________

(١) في ب : المجمل. وهو تحريف.

(٢) في ب : وكان. وهو تحريف.

(٣) قوله :«أَقِيمُوا الصَّلاةَ»ورد في القرآن إحدى عشرة مرة أولها : «وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ» [البقرة : ٤٣].

(٤) في ب : ليعيد.

(٥) أخرجه الإمام مالك في الموطأ (قصر الصلاة في السفر) ١ / ١٦٨.

(٦) في ب : فلأنها.

(٧) في ب : وقتا واحدا.

(٨) في ب : فأشبها صلاة. وهو تحريف.

(٩) في ب : فيهما. وهو تحريف.

(١٠) في ب : الله تعالى.

(١١) هو أبو قتادة الأنصاري السلمي ، فارس رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ اسمه الحارث بن ربعي ، شهد أحدا والمشاهد ، أخذ عنه ابنه عبد الله ، وابن المسيب ومولاه نافع وخلق. مات سنة ٥٤ ه‍ بالمدينة.

خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ٣ / ٢٣٨ ـ ٢٣٩.

(١٢) في ب : أن يعودوا أرواحهم. وهو تحريف.

(١٣) في النسختين : الصلاة. وما أثبتناه هو الصواب.

(١٤) في ب : ورما. وهو تحريف.

(١٥) في ب : قضاء. وهو تحريف.

(١٦) في ب : التخير.

(١٧) في : سقط من ب.

(١٨) ما بين القوسين سقط من ب.

١٩٨

كان شرطا فيهما ، فهاهنا أيضا لو كان الترتيب شرطا فيهما لما كان (١) يسقط (٢) بالنسيان.

قوله تعالى : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (١٥) فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى)(١٦)

قوله تعالى (٣) : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها).

(لمّا خاطب موسى عليه‌السلام بقوله : «فاعبدني وأقم الصّلاة لذكري» أتبعه بقوله : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها)) (٤) ، وما أليق هذا بتأويل من تأوّل (٥) قوله : «لذكري» أي لأذكرك بالإثابة والكرامة فقال عقيب ذلك (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ) لأنها وقت الإثابة ووقت المجازاة ، ثم قال (أَكادُ أُخْفِيها)(٦). العامة على ضم الهمزة من «أخفيها» (٧).

وفيها تأويلات :

أحدها : أن الهمزة في «أخفيها» للسلب والإزالة ، أي : أزيل خفاءها نحو : أعجمت الكتاب أي: أزلت عجمته ، وأشكيته أي أزلت شكواه (٨) ، ثم في ذلك معنيان :

أحدهما : أن الخفاء بمعنى (الستر (٩)) (١٠) ، ومتى أزال سترها فقد أظهرها ، والمعنى : أنها لتحقّق وقوعها وقربها (١١) أكاد أظهرها لو لا ما تقتضيه الحكمة من التأخير.

والثاني : أن الخفاء هو الظهور (١٢) كما سيأتي ، والمعنى : أزيل ظهورها ، وإذا (١٣) أزال ظهورها فقد استترت ، والمعنى : أن (١٤) لشدّة إبهامها أكاد أخفيها فلا أظهرها ألبتة وإن كان لا بد من إظهارها ، ولذلك(١٥) يوجد في بعض المصاحف كمصحف أبيّ : «أكاد أخفيها من (١٦) نفسي فكيف أظهركم عليها» (١٧) وهو على عادة العرب في المبالغة في الإخفاء ، قال الشاعر :

٣٦٤٤ ـ أيّام تصحبني هند وأخبرها

ما كدت أكتمه عنّي من الخبر (١٨)

__________________

(١) كان : سقط من ب.

(٢) في ب : سقط. وهو تحريف.

(٣) تعالى : سقط من ب.

(٤) ما بين القوسين سقط من ب.

(٥) في ب : بتأويل من تأويل.

(٦) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢١.

(٧) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣٢.

(٨) البيان ٢ / ١٣٩ ، التبيان ٢ / ٨٨٧ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٢.

(٩) البحر المحيط ٦ / ٢٣٢.

(١٠) ما بين القوسين في الأصل : السر.

(١١) وقربها : سقط من ب.

(١٢) وهو من الأضداد. انظر مجاز القرآن ٢ / ١٦ ، التبيان ٢ / ٨٨٧ والبحر المحيط ٦ / ٢٣٢.

(١٣) في ب : إذا.

(١٤) في الأصل : أني.

(١٥) في ب : وكذلك.

(١٦) في ب : في.

(١٧) معاني القرآن للفراء ٢ / ١٧٦ ، المختصر (٨٧) ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٣.

(١٨) البيت من بحر البسيط لم أهتد إلى قائله وهو في القرطبي ١١ / ١٨٥ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٣. وروي الشطر الثاني في تفسير القرطبي : ما أكتم النفس من حاجي وأسراري.

١٩٩

وكيف يتصوّر كتمانه من نفسه؟ قال القاضي : هذا بعيد ، لأن الإخفاء إنما يصح ممن يصح له الإظهار (١) ، وذلك (٢) مستحيل عليه تعالى ، لأن كلّ معلوم معلوم له ، فالإظهار والإسرار فيه مستحيل. ويمكن أن يجاب بأن ذلك واقع على التقدير ، بمعنى لو صح مني (٣) إخفاؤه عن (٤) نفس لأخفيته (٥) عني ، والإخفاء وإن كان محالا في نفسه إلا أنه يمتنع أن يذكر على هذا التقدير ، مبالغة في عدم إطلاع الغير عليه(٦).

والتأويل الثاني : أن (كاد) (٧) زائدة (٨) قاله ابن جبير (٩) ، وأنشد غيره (١٠) شاهدا عليه قول زيد الخيل (١١) :

٣٦٤٥ ـ سريع إلى الهيجاء شاك سلاحه

فما إن يكاد قرنه يتنفّس (١٢)

وقول الآخر :

٣٦٤٦ ـ وأن لا ألوم النّفس ممّا (١٣) أصابني

وأن لا أكاد بالّذي نلت أنجح (١٤)

ولا حجة في شيء منه (١٥).

__________________

(١) في ب : لأن الانتقال إنما يحصل له الإظهار. وهو تحريف.

(٢) في ب : هذا.

(٣) في الأصل : عني.

(٤) في الأصل : من.

(٥) في ب : وأخفيته. وهو تحريف.

(٦) الفخر الرازي : ٢٢ / ٢٢.

(٧) في الأصل : كان. وهو تحريف.

(٨) البحر المحيط ٦ / ٢٣٣.

(٩) هو سعيد بن جبير بن هشام الأسدي كان فقيها ، ورعا ، وكان من سادات التابعين علما وفضلا ، قرأ القرآن على ابن عباس ، وقرأ طيه أبو عمرو قتله الحجاج سنة ٩٥ ه‍. طبقات المفسرين للداودي ١ / ١٨٨ ، طبقات القراء ١ / ٣٠٥.

(١٠) قطرب. قال ابن منظور : (واحتج قطرب بقول الشاعر : البيت) اللسان (كيد).

(١١) زيد بن مهلهل بن زيد بن منهب الطائي ، قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في وفد طيّ سنة تسع ، فأسلم وسماه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم زيد الخير ، وقال له : «ما وصف لي أحد في الجاهلية فرأيته في الإسلام إلا رأيته دون الصّفة غيرك». وكان زيد الخيل شاعرا محسنا خطيبا شجاعا.

انظر الشعر والشعراء ١ / ٢٩٢ والخزانة ٥ / ٣٧٩ ـ ٣٨٠.

(١٢) البيت من بحر الطويل ، وهو في الطبري ١٦ / ١١٥ ، الفخر الرازي ٢٢ / ٢٢ ، والقرطبي ١١ / ١٨٤ ، اللسان (كيد) ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٣. الهيجاء : الحرب. القرن ـ بكسر القاف ـ الكفؤ والنظير في الشجاعة والحرب واستشهد به على زيادة (كاد) لأن المراد : فما يتنفس.

(١٣) في ب : فيما.

(١٤) البيت من بحر الطويل. لم أهتد إلى قائله ، وهو في القرطبي ١١ / ١٨٤ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٣.

واستشهد به على زيادة (كاد) ، فالمعنى : وألا أنجح بالذي نلت.

(١٥) ف (كاد) على بابها بمعنى أنها لمقاربة ما لم يقع ، لأن المعنى في البيتين على وجود (كاد) ، لأنه بالنسبة للبيت الأول ، كان يتنفس فعلا ولكن بصعوبة ، وبالنسبة للبيت الثاني ، وصل إلى النجاح بالذي نال ، وإن كان في الوصول إليه صعوبة حتى كاد لا يصل. وفي الآية عبارة عن شدة خفاء أمر القيامة ووقتها ، ولما كان القطع بإتيانها مع جهل الوقت أهيب على النفوس ، بالغ تعالى في إعتام وقتها فقال : ـ

٢٠٠