اللّباب في علوم الكتاب - ج ١٣

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي

اللّباب في علوم الكتاب - ج ١٣

المؤلف:

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2298-3

الصفحات: ٦٤٠

عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (٨٤) يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (٨٥) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (٨٦) لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٨٧) وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (٨٩) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (٩١) وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (٩٥) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (٩٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً)(٩٨)

قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا) الآية (١).

لمّا ذكر حال هؤلاء الكفار (٢) مع الأصنام في الآخرة ذكر بعده حالهم مع الشياطين في الدنيا ، وأنهم يتولونهم وينقادون لهم ، فقال : (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ) احتج أهل السنة بهذه الآية على أنّ الله ـ تعالى ـ سلّطهم (٣) عليهم لإرادة أن يستولوا عليهم ، ويتأكد هذا بقوله (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) ، فإن معناه لتؤزّهم أزا ، ويتأكد بقوله (٤) : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ)(٥)(٦).

قال القاضي : حقيقة اللفظ (٧) توجب أنه تعالى أرسل الشياطين إلى الكفار كما أرسل الأنبياء ، بأن حملهم رسالة يؤدونها إليهم (٨) ، ولا يجوز في تلك الرسالة إلا ما أرسل عليه الشياطين من الإغواء ، فكان يجب في (٩) الكفار أن يكونوا بقبولهم من الشياطين مطيعين ، وذلك كفر من قائله ، ولأن من (١٠) العجب تعلق المجبرة بذلك ، لأن عندهم أن ضلالهم (١١) من قبله ـ تعالى ـ خلق فيهم الكفر وقدر الكفر ، فلا تأثير لما لا يكون من الشياطين. وإذا بطل حمل اللفظ على ظاهره فلا بد من التأويل ، فنحمله على أنه ـ تعالى ـ خلّى بين الشياطين وبين الكفار ، وما منعهم من إغوائهم (١٢) ، وهذه التخلية تسمى إرسالا في سعة اللغة ، كما إذا لم يمنع الرجل كلبه من دخول بيت جيرانه يقال (١٣) : أرسل كلبه علينا ، وإن لم يرد أذى الناس.

__________________

(١) الآية : سقط من ب ، وكتبت الآية كاملة.

(٢) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٢.

(٣) في ب : سلط.

(٤) بقوله : سقط من ب.

(٥) «واستفزز» : سقط من الأصل واستدرك بالهامش.

(٦) [الإسراء : ٦٤].

(٧) في ب : باللفظ.

(٨) إليهم : سقط من ب.

(٩) في ب : على.

(١٠) من : سقط من ب.

(١١) في ب : ضلاله. وهو تحريف.

(١٢) في ب : وما منع من أحوالهم. وهو تحريف.

(١٣) في ب : فيقال.

١٤١

وهذه التخلية وإن لم يكن فيها تشديد (١) للمحنة عليهم (٢) فهم متمكنون (٣) بأن لا يقبلوا منهم ، ويكون ثوابهم على ترك القبول أعظم ، والدليل عليه قوله تعالى : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ)(٤).

قال ابن الخطيب (٥) : وهذا لا يمكن حمله على ظاهره ، فإنّ قوله : الشياطين لو أرسلهم الله ـ تعالى (٦) ـ إلى الكفار «لكان الكفار مطيعين له بقبول قول الشياطين.

قلنا : الله (٧) ـ تعالى ـ ما أرسل الشياطين إلى الكفار» (٨) بل أرسلهم عليهم ، والإرسال عليهم هو التسليط لإرادة أن يصير مستوليا عليه (٩) ، فأين هذا من الإرسال إليهم (١٠).

وقوله : ضلال الكافر من قبل الله ـ تعالى ـ ، فأي تأثير للشياطين فيه.

قلنا : لم لا يجوز أن سماع (١١) الشياطين إياه تلك (١٢) الوسوسة يوجب في قلبه الضلال بشرط سلامة فهم السامع ، لأن كلام الشياطين (١٣) «من خلق الله ـ تعالى ـ فيكون ذلك الضلال الحاصل في قلب الكافر منتسبا إلى الشيطان ، وإلى الله ـ تعالى ـ من هذين الوجهين. وقوله : لم لا يجوز أن يكون بالإرسال التخلية.

قلنا : كما خلّى بين الشياطين والكفرة» (١٤) فقد خلّى بينهم وبين الأنبياء ، ثم إنه ـ تعالى ـ خص الكافر بأنه أرسل الشياطين عليه ، فلا بد من فائدة زائدة ههنا.

ولأن قوله (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) أي : تحركهم تحريكا شديدا ، فالغرض (١٥) من ذلك الإرسال موجب (١٦) أن يكون ذلك الأزّ مرادا لله ـ تعالى ـ إذ يحصل المقصود منه (١٧).

قوله (١٨) : «أزّا» مصدر مؤكد. والأزّ ، والأزيز ، والاستفزاز. قال الزمخشري : أخوات وهو التهيج وشدة الإزعاج ، أي (١٩) : تغريهم على المعاصي ، وتهيجهم لها بالوساوس (٢٠).

قال ابن عباس : (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) أي : تزعجهم في المعاصي إزعاجا من الطاعة إلى المعصية(٢١).

__________________

(١) في النسختين : نسبة.

(٢) في ب : عليها. وهو تحريف.

(٣) في ب : متمسكون. وهو تحريف.

(٤) [إبراهيم : ٢٢]. آخر ما نقله عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٢.

(٥) تقدم.

(٦) تعالى : سقط من ب.

(٧) في ب : قلنا : القول لله.

(٨) ما بين القوسين سقط من ب.

(٩) في ب : عليهم لا عليه.

(١٠) في النسختين : إليه.

(١١) في ب : استماع.

(١٢) في ب : بتلك.

(١٣) في ب : الشياطين والكفرة.

(١٤) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٥) في ب : فإن قيل : إنّ الغرض.

(١٦) في ب : يوجب.

(١٧) الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣.

(١٨) في ب : قلنا. وهو تحريف.

(١٩) في ب : أن. وهو تحريف.

(٢٠) الكشاف : ٢ / ٤٢٣.

(٢١) انظر القرطبي ١١ / ١٥٠.

١٤٢

والأزّ أيضا : شدة الصوت ، ومنه : أزّ المرجل (١) أزّا وأزيزا ، أي : غلا واشتد غليانه حتى سمع له صوت (٢) ، وفي الحديث «فكان له أزيز» أي للجذع حين فارقه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قوله : (فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ) أي : لا تعجل بطلب عقوبتهم ، يقال : عجلت عليه (٣) بكذا إذا(٤) استعجلت منه «إنّا (نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا).

قال الكلبي : يعنى الليالي والأيام والشهور والأعوام (٥).

وقيل : الأنفاس التي يتنفّسون بها في الدنيا إلى الأجل الذي أجّل لعذابهم (٦).

وقيل : نعدّ أنفاسهم وأعمالهم فنجازيهم على قليلها وكثيرها (٧).

وقيل : نعدّ الأوقات ، أي : الوقت (٨) الأجل المعين «لكل أحد» (٩) الذي لا يتطرق إليه الزيادة والنقصان (١٠).

قوله : (يَوْمَ نَحْشُرُ) منصوب ب «سيكفرون» ، أو ب «يكونون (عَلَيْهِمْ ضِدًّا) أو ب «نعد» (١١)» (١٢) لأن «نعدّ» تضمن معنى المجازاة ، أو بقوله : (لا يَمْلِكُونَ)(١٣) الذي بعده ، أو بمضمر وهو «اذكر» ، أو «احذر» (١٤).

وقيل : هو معمول لجواب سؤال مقدر كأنه قيل : «متى يكون ذلك؟ فقيل» (١٥) : يكون يوم نحشر (١٦).

وقيل : تقديره : يوم نحشر ونسوق : نفعل بالفريقين ما لا يحيط به الوصف (١٧).

قوله (١٨) : «وفدا» نصب على الحال (١٩) ، وكذا (٢٠) «وردا».

__________________

(١) المرجل : القدر من الحجارة والنحاس ، وقيل : هو قدر النحاس خاصة ، وقيل : هي كل ما طبخ فيها من قدر وغيرها. اللسان (رجل).

(٢) انظر اللسان (أزز).

(٣) في ب : عليهم.

(٤) في ب : إذا ما.

(٥) انظر البغوي ٥ / ٤٠٠.

(٦) المرجع السابق.

(٧) انظر الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٣.

(٨) في ب : وقت.

(٩) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٠) انظر الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٣.

(١١) انظر البيان ٢ / ١٣٦ ، التبيان ٢ / ٨٨٢ ، البحر المحيط ٦ / ٢١٦.

(١٢) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٣) من الآية (٨٧). انظر الكشاف ٢ / ٤٣٤ ، البيان ٢ / ١٣٦ ، التبيان ٢ / ٨٨٢ ، البحر المحيط ٦ / ٢١٦.

(١٤) انظر الكشاف ٢ / ٤٢٣ ، تفسير ابن عطية ٩ / ٥٣٣ ـ ٥٣٤ ، التبيان ٢ / ٨٨٢ ، البحر المحيط ٦ / ٢١٦.

(١٥) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٢١٦.

(١٧) انظر الكشاف ٢ / ٤٢٣.

(١٨) قوله : سقط من ب.

(١٩) انظر البيان ٢ / ١٣٦.

(٢٠) في ب : وكذلك.

١٤٣

والوفد : الجماعة الوافدون ، يقال : وفد يفد وفدا ووفودا ووفادة ، أي : قدم على سبيل التكرمة (١) ، فهو (٢) في الأصل مصدر ثم أطلق على الأشخاص كالضيف.

وقال أبو البقاء : وفد (٣) جمع وافد مثل راكب وركب ، وصاحب وصحب (٤).

وهذا الذي قاله ليس مذهب سيبويه ، لأن فاعلا لا يجمع على فعل عند سيبويه (٥). وأجازه الأخفش (٦).

فأمّا (٧) ركب وصحب فاسما جمع لا جمع بدليل تصغيرها على ألفاظها ، قال :

٣٦٢٥ ـ أخشى رجيلا وركيبا (٨) عاديا (٩)

فإن قيل : لعل أبا البقاء أراد الجمع اللغوي.

فالجواب : أنه قال بعد قوله هذا : والورد اسم لجمع وارد (١٠). فدل على أنه قصد الجمع صناعة المقابل لاسم الجمع. والورد اسم للجماعة العطاش الواردين (١١) للماء ، وهو أيضا في الأصل (١٢) مصدر أطلق (١٣) على الأشخاص ، يقال : ورد الماء يرده وردا وورودا (١٤) ، قال الشاعر :

٣٦٢٦ ـ ردي(١٥)ردي ورد قطاة صمّا

كدريّة أعجبها برد الما (١٦)

وقال أبو البقاء : هو اسم لجمع وارد ، «وقيل : هو بمعنى وارد» (١٧) ، وقيل : هو محذوف من وراد ، وهو بعيد (١٨). يعني أنه يجوز أن يكون صفة على فعل. وقرأ الحسن والجحدري «يحشر المتّقون» (١٩) «ويساق المجرمون» على ما لم يسم فاعله (٢٠).

__________________

(١) انظر اللسان (وفد).

(٢) في ب : هو.

(٣) في ب : قد. وهو تحريف.

(٤) التبيان ٢ / ٨٨٢.

(٥) انظر الكتاب ٣ / ٦٢٤.

(٦) لم أجده صريحا في معاني القرآن للأخفش ، وفي شرح المفصل لابن يعيش : (وذهب أبو الحسن إلى أنه تكسير) ٥ / ٧٧. وقريب منه في اللسان (رجل ، ركب).

(٧) في ب : وأما.

(٨) في ب : أخص ركيبا وصحيبا.

(٩) تقدم.

(١٠) التبيان ٢ / ٨٨٢.

(١١) في ب : والواردين.

(١٢) في ب : في أصل أيضا.

(١٣) في ب : وأطلق.

(١٤) اللسان (ورد).

(١٥) في ب : رد. وهو تحريف.

(١٦) رجز لم أهتد إلى قائله ، وهو في الكشاف ٢ / ٤٢٣ ، اللسان (صمم).

(١٧) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٨) التبيان ٢ / ٨٨٢.

(١٩) في الأصل : المتقين.

(٢٠) المختصر (٨٦) الكشاف ٢ / ٤٢٣ ، البحر المحيط ٦ / ٢١٧.

١٤٤

فصل

قال المفسرون : اذكر لهم يا محمد (١) اليوم الذي يجمع فيه من اتقى الله في الدنيا بطاعته إلى الرحمن إلى جنته وفدا ، أي جماعات ، جمع وافد مثل راكب وركب وصاحب وصحب. وقال ابن عباس : ركبانا. وقال أبو هريرة : على الإبل.

وقال علي بن أبي طالب ـ «رضي الله عنه» (٢) ـ : ما يحشرون والله على أرجلهم ، ولكن على نوق رجالها الذهب ، ونجائب سروجها ياقوت (٣) إن هموا بها سارت وإن همّوا طارت. (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً) أي : مشاة ، وقيل : عطاشا قد تقطعت أعناقهم من العطش (٤).

وقوله : (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ) يدل على أنهم يساقون إلى النار بإهانة واستخفاف كأنهم عطاش تساق إلى الماء ، والورد للعطاش (٥) وحقيقة الورد المسير إلى الماء ، فسمي به «الواردون (٦)»(٧).

فصل

طعن الملاحدة (٨) في قوله : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ) فقالوا : هذا إنما يستقيم أن لو كان الحشر عند غير الرحمن ، أما إذا كان الحشر عند الرحمن ، فهذا الكلام لا ينتظم. وأجاب المسلمون : بأنّ التقدير : يوم نحشر المتّقين إلى محلّ كرامة الرحمن (٩).

قوله : (لا يَمْلِكُونَ). في هذه الجملة وجهان :

أحدهما : أنها (١٠) مستأنفة سيقت للإخبار (١١) بذلك (١٢).

والثاني : أنّها في محل نصب على الحال مما تقدم (١٣).

وفي هذه الواو (١٤) قولان :

أحدهما : أنها علامة للجمع ليست ضميرا ألبتة (١٥) ، وإنما هي علامة ، كهي في لغة (١٦)

__________________

(١) من هنا نقله ابن عادل عن البغوي ٥ / ٤٠٠ ـ ٤٠٢.

(٢) ما بين القوسين سقط من ب.

(٣) في ب : يواقيت.

(٤) آخر ما نقله هنا عن البغوي ٥ / ٤٠٠ ـ ٤٠٢.

(٥) في ب : والوارد للعطش.

(٦) انظر الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٣.

(٧) ما بين القوسين في ب : الواردين.

(٨) في ب : الملحدون.

(٩) انظر الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٣.

(١٠) أنها : سقط من ب.

(١١) في ب : بالإخبار.

(١٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٢١٧.

(١٣) انظر التبيان ٢ / ٨٨٢.

(١٤) أي : الواو في قوله : «يملكون».

(١٥) ألبتة : سقط من ب.

(١٦) في ب : قوله. وهو تحريف.

١٤٥

أكلوني البراغيث (١) والفاعل (مَنِ اتَّخَذَ) لأنه (٢) في معنى الجمع قاله (٣) الزمخشري (٤) وفيه بعد ، وكأنه قيل : لا يملكون الشفاعة إلّا المتّخذون عهدا (٥).

قال أبو حيّان : ولا ينبغي (٦) حمل القرآن على هذه اللغة القليلة ، مع وضوح جعل الواو ضميرا. وقد قال الأستاذ أبو الحسن بن (٧) عصفور (٨) : إنّها لغة ضعيفة (٩).

قال شهاب الدين : قد قالوا (١٠) ذلك في قوله : (عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ)(١١)(وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)(١٢) فلهذا الموضع بهما أسوة (١٣). ثم قال أبو حيان : وأيضا فالألف ، والواو ، والنون التي تكون (١٤) علامات لا ضمائر لا يحفظ ما يجيء بعدها فاعلا إلا بصريح الجمع ، وصريح (١٥) التثنية ، «أو العطف» (١٦) ، أما أن يأتي بلفظ مفرد ويطلق على جمع أو مثنى (١٧) ، فيحتاج في إثبات مثل ذلك إلى نقل (١٨) ، وأما عود الضمائر مثناة أو مجموعة على مفرد في اللفظ يراد به المثنى والمجموع فمسموع معروف في لسان العرب ، على أنه يمكن قياس هذه العلامات على تلك الضمائر ولكن الأحوط أن لا يقال إلا بسماع (١٩).

__________________

(١) هي لغة طيىء ، أو أزد شنؤة ، أو بلحارث ، والمقصود بهذه اللغة أن بعض العرب تلحق الفعل علامة تدل على تثنية الفاعل أو جمعه نحو : قاما المحمدان ، وقاموا المحمدون ، وقمن الهندات ، فالألف والواو والنون حروف تدل على تثنية الفاعل وجمعه وليست ضمائر ، كما كانت التاء في (قامت هند) حرفا تدل على التأنيث عند جميع العرب وهذه اللغة يسميها النحويون لغة (أكلوني البراغيث).

المغني ٢ / ٣٦٥ ، الهمع ١ / ١٦٠.

(٢) في ب : لأن.

(٣) في ب : قال.

(٤) الكشاف ٢ / ٤٢٣ ـ ٤٢٤.

(٥) في ب : لا يملك الشفاعة إلّا من أي إلّا المتّخذ عهدا.

(٦) ولا ينبغي : سقط من ب.

(٧) بن : سقط من ب.

(٨) تقدم.

(٩) قال ابن عصفور : (وبعض العرب يلحق الفعل علامة تدل على تثنية الفاعل وجمعه ، وهي لغة ضعيفة) شرح جمل الزجاجي ١ / ١٦٧. وانظر البحر المحيط ٦ / ٢١٧.

(١٠) في ب : قال.

(١١) [المائدة : ٧١].

(١٢) [الأنبياء : ٣].

(١٣) الدر المصون : ٥ / ١٦.

(١٤) في ب : فالألف واللام والواو تكونون. وهو تحريف.

(١٥) في ب : أو بصريح. وهو تحريف.

(١٦) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٧) في ب : أو لمثنى. وهو تحريف.

(١٨) قال ابن هشام ردا على منع أبي حيان أن يقال على هذه اللغة : جاءوني من جاءك لأنها لم تسمع إلا مع ما لفظه جمع : (وأقول : إذا كان سبب دخولها بيان أن الفاعل الآتي جمع كان لحاقها هنا أولى ، لأن الجمعية خفية) المغني ٢ / ٣٧٦.

(١٩) البحر المحيط ٦ / ٢١٧.

١٤٦

والثاني : أن الواو ضمير ، وفيما يعود عليه حينئذ أربعة أوجه :

أحدها (١) : أنها تعود على الخلق جميعهم ، لدلالة ذكر الفريقين المتقين والمجرمين عليهم ، إذ هما قسماه (٢).

والثاني : أنه (٣) يعود على المتقين والمجرمين (٤) ، وهذا لا يظهر مخالفته للأول أصلا. لأن هذين القسمين هما (٥) الخلق كلّه.

والثالث : أنّه يعود على المتقين فقط ، أو المجرمين فقط ، وهو تحكّم.

قوله : (إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ) هذا الاستثناء يترتب على عود الواو (٦) على ماذا (٧)؟ فإن قيل بأنها تعود على الخلق ، أو على الفريقين المذكورين «أو على المتقين فقط» (٨).

فالاستثناء حينئذ متصل ، وفي محل المستثنى الوجهان المشهوران إما الرفع على البدل ، وإما النصب على أصل (٩) الاستثناء (١٠). وإن (١١) قيل : إنه يعود على المجرمين فقط كان استثناء منقطعا ، وفيه حينئذ(١٢) اللغتان المشهورتان : لغة الحجاز التزام النصب ، ولغة تميم جوازه مع جواز البدل «كالمتصل (١٣)». وجعل (١٤) الزمخشري هذا الاستثناء

__________________

(١) في ب : الأول.

(٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٢١٧.

(٣) في ب : أنها.

(٤) انظر البحر المحيط ٦ / ٢١٧.

(٥) في ب : هو. وهو تحريف.

(٦) في ب : هذا الاستثناء يعود على الواو.

(٧) يريد على أي شيء يكون مرجع الضمير ، وهذا أحد أوجه استعمال (ماذا) ، وتكون كلها مركبة وهي اسم جنس بمعنى شيء ، أو اسم موصول بمعنى (الذي) على الخلاف في تخريج قول الشاعر :

دعي ماذا علمت سأتقيه

ولكن بالمغيّب نبّئيني

فالجمهور على أنّ (ماذا) كله مفعول (دعي) ثم اختلف ، فقال السيرافي وابن خروف (ما) موصول بمعنى (الذي) ، وقال الفارسي نكرة بمعنى شيء قال : لأن التركيب ثبت في الأجناس دون الموصولات ، انظر المغني ١ / ٣٠١.

(٨) أصل : سقط من ب.

(٩) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٠) وذلك أن المستثنى في الاستثناء المتصل إذا كان الكلام تاما غير موجب جاز فيه إتباعه للمستثنى منه في إعرابه على أنه بدل بعض من كل عند البصريين ، وعطف نسق عند الكوفيين لأن (إلّا) عندهم من حروف العطف في باب الاستثناء ، وهي عندهم بمنزلة (لا) العاطفة في أن ما بعدها مخالف لما قبلها ، والنصب على أصل الاستثناء. التبيان ٢ / ٢٨٨ ، البحر المحيط ٦ / ٢١٧ ، شرح التصريح ١ / ٣٤٩ ، ٣٥٠.

(١١) في ب : وأن.

(١٢) حينئذ : سقط من ب.

(١٣) وذلك أن المستثنى في الاستثناء المنقطع إن أمكن تسليط العامل عليه فالحجازيون يوجبون النصب ، لأنه لا يصح فيه الإبدال حقيقة من جهة أن المستثنى ليس من جنس المستثنى منه ، والتميميون يرجحون النصب ، ويجوزون الإتباع.

التبيان ٢ / ٢٨٨ ، البحر المحيط ٦ / ٢١٧ ، شرح التصريح ١ / ٣٥٢ ـ ٣٥٣.

(١٤) في ب : جعل.

١٤٧

من الشفاعة على وجهي البدل وأصل (١) الاستثناء نحو : ما رأيت أحدا إلا زيدا (٢).

وقال بعضهم : إن المستثنى منه (٣) محذوف ، والتقدير : لا يملكون الشفاعة لأحد إلّا من اتّخذ عند الرحمن عهدا ، فحذف المسثنى «منه للعلم» (٤) به ، فهو كقول الآخر :

٣٦٢٧ ـ نجا سالم والنّفس منه بشدقه

ولم ينج إلّا جفن سيف ومئزرا (٥)

أي : ولم ينج بشيء.

وجعل (٦) ابن عطية الاستثناء متصلا ، وإن عاد الضمير في (لا يَمْلِكُونَ) على المجرمين فقط (٧) على أن يراد بالمجرمين الكفرة والعصاة من المسلمين (٨). قال أبو حيان : وحمل المجرمين على الكفار والعصاة بعيد (٩). قال شهاب الدين : ولا (١٠) بعد فيه ، وكما استبعد إطلاق المجرمين على العصاة كذلك يستبعد غيره إطلاق المتقين على العصاة ، بل إطلاق المجرم على العاصي أشهر من إطلاق المتقي عليه (١١).

فصل (١٢)

قال بعضهم : لا يملكون أن يشفعوا لغيرهم كما يملك المؤمنون (١٣).

وقال آخرون : لا يملك غيرهم أن يشفع لهم. وهذا أولى ، لأن الأول يجري مجرى إيضاح الواضح(١٤). وإذا ثبت ذلك دلت الآية على حصول الشفاعة لأهل الكبائر. لأنه قال عقيبه (إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) ، والتقدير : لا يشفع الشافعون إلا لمن اتّخذ عند الرّحمن عهدا ، يعني للمؤمنين» (١٥) ، كقوله : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى)(١٦) فكل من اتخذ عند الرحمن عهدا وجب دخوله فيه ، وصاحب الكبيرة اتخذ عند الرحمن عهدا ، وهو التوحيد ، فوجب دخوله تحته ، ويؤكده ما روى ابن مسعود أنه ـ عليه‌السلام ـ (١٧) قال لأصحابه يوما : (١٨) «أيعجز أحدكم أن يتّخذ عند كلّ صباح ومساء (عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) قالوا : وكيف ذلك؟. قال : «يقول عند كلّ صباح ومساء» (١٩) : اللهمّ فاطر

__________________

(١) في ب : ووجه.

(٢) والاستثناء على هذا التقدير متصل. انظر الكشاف ٢ / ٤٢٤.

(٣) في ب : الاستثناء.

(٤) ما بين القوسين سقط من ب.

(٥) تقدم.

(٦) في ب : وقال.

(٧) فقط : سقط من ب.

(٨) انظر تفسير ابن عطية ٩ / ٥٣٦ ـ ٥٣٧.

(٩) انظر البحر المحيط ٦ / ٢١٨.

(١٠) في ب : لا.

(١١) الدر المصون ٥ / ١٧.

(١٢) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٤.

(١٣) في ب : الموصوف. وهو تحريف.

(١٤) في ب : الواصل. وهو تحريف.

(١٥) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٦) [الأنبياء : ٢٨].

(١٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٨) في ب : ذات يوم.

(١٩) ما بين القوسين سقط من ب.

١٤٨

السّموات والأرض عالم الغيب والشّهادة إنّي أعهد إليك بأنّي (١) أشهد أنّ لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك (٢) وأنّ محمّدا عبدك ورسولك ، فإنّك (٣) إن تكلني إلى نفسي تقرّبني من الشّر ، وتباعدني من الخير ، وإنّي لا أثق إلّا برحمتك ، فاجعل لي عهدا توفنيه يوم القيامة إنّك لا تخلف الميعاد. فإذا قال ذلك طبع عليه بطابع ووضع (٤) تحت العرش ، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الذين لهم عند الرّحمن عهد؟ فيدخلون الجنّة» (٥). فظهر أن المراد من العهد كلمة (٦) الشهادة ، وظهر (٧) وجه الدلالة على ثبوت الشفاعة لأهل الكبائر.

قوله تعالى : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً) تقدم خلاف القراء في قوله «ولدا» بفتح اللام وسكونها ، وأنهما لغتان (٨) مثل العرب والعرب والعجم والعجم (٩).

واعلم أنه لمّا ردّ على عبدة الأوثان عاد إلى الردّ على من أثبت له ولدا (١٠).

فقالت اليهود : عزيز ابن الله ، وقالت النصارى : المسيح ابن الله (١١) ، وقالت العرب : الملائكة بنات الله. وههنا الرد على الذين قالوا : الملائكة بنات الله ، وهم العرب الذين يعبدون الأوثان ، لأن الرد على النصارى تقدم أول السورة (١٢).

قوله : (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا). العامة على كسر الهمزة من «إدّا» (١٣) ، وهو الأمر العظيم المنكر المتعجب منه. قاله ابن عباس (١٤). «وقال مجاهد : عظيما (١٥)» (١٦) وقرأ أمير المؤمنين (١٧) والسلمي (١٨) بفتحها (١٩). وخرّجوه على حذف مضاف ، أي شيئا ذا أدّ (٢٠) «لأنّ

__________________

(١) في ب : أني.

(٢) لك : سقط من الأصل.

(٣) في ب : فإني.

(٤) ووضع : سقط من الأصل.

(٥) انظر الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف (١٠٩).

(٦) في الأصل : كلمتي.

(٧) في ب : وظهور وظهور.

(٨) عند قوله تعالى : «أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً» [٧٧ من السورة نفسها].

(٩) في ب : والعجز والعجز. وهو تحريف.

(١٠) في ب : ولد.

(١١) قال الله تعالى :«وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ» [التوبة : ٣٠].

(١٢) وتقدم الرّد على كل من اليهود والنصارى في قوله تعالى : «وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ ، وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ» [التوبة : ٣٠].

(١٣) انظر معاني القرآن للفراء ٢ / ١٧٣ ، البحر المحيط ٦ / ٢١٨.

(١٤) انظر القرطبي ١١ / ١٥٦.

(١٥) المرجع السابق.

(١٦) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٧) هو عليّ بن أبي طالب.

(١٨) تقدم.

(١٩) معاني القرآن للفراء ٢ / ١٧٣ ، المختصر (٨٦) ، المحتسب ٢ / ٤٥ ، البحر المحيط ٦ / ٢١٨.

(٢٠) أي : أنه وصف بالمصدر على حذف مضاف مثل رجل عدل ، ويجوز فيه وجه آخر ، وهو أن تجعله نفس المصدر مبالغة ، وذلك أنه يكثر الوصف بالمصدر قصدا للمبالغة أو توسعا بحذف مضاف ، ويلزم ـ

١٤٩

الأدّ ـ بالفتح ـ مصدر ، يقال : أدّ الأمر وأدّني يؤدّني أدّا. أي : أثقلني.

وكان أبو حيان ذكر : أنّ الأدّ والإدّ ـ بفتح الهمزة وكسرها ـ هو العجب ، وقيل :» (١). هو العظيم (٢) المنكر ، والإدّة : الشدّة (٣). وعلى قوله : إنّ الأدّ والإدّ بمعنى واحد ينبغي أن لا يحتاج إلى حذف مضاف «إلا أن يريد أنّه أراد بكونهما بمعنى العجب في المعنى لا في المصدرية وعدمها ، والإدد في كلام العرب الدواهي (٤).

قوله : «تكاد». قرأ نافع والكسائي بالياء من تحت. والباقون بالتاء من فوق (٥) وهما واضحتان ، إذ التأنيث مجازي (٦). وكذا (٧) في سورة الشورى (٨).

وقرأ أبو عمرو ، وابن عامر ، وأبو بكر (٩) عن عاصم ، وحمزة «ينفطرن» مضارع انفطر ، لقوله (١٠) تعالى : (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ)(١١). والباقون : «يتفطّرن» «مضارع تفطّر» (١٢) بالتشديد في هذه السورة (١٣) ، وأما التي في الشورى فقرأها حمزة وابن عامر بالياء والتاء (١٤) وتشديد الطاء. والباقون على أصولهم في هذه السورة (١٥). فتلخص من ذلك أن أبا بكر وأبا عمرو (١٦) يقرآن بالياء والنون في السورتين. وأن نافعا وابن كثير والكسائي وحفصا (١٧) عن عاصم يقرءون بالياء والتاء وتشديد الطاء فيهما ، وأن حمزة وابن عامر في هذه السورة بالياء والنون ، وفي الشورى بالياء والتاء وتشديد الطاء» (١٨) فالانفطار (١٩) من فطره إذا شقه ، «والتفطّر من فطّره إذا شقّقه» (٢٠) ، وكرر فيه الفعل (٢١).

__________________

ـ المصدر حينئذ الإفراد والتذكير. المحتسب ٢ / ٤٦ ، التبيان ٢ / ٢٨٨ ، الأشموني ٣ / ٦٤.

(١) ما بين القوسين سقط من ب.

(٢) في ب : وهو الأمر العظيم.

(٣) البحر المحيط ٦ / ١٩٧.

(٤) ما بين القوسين سقط من ب.

(٥) السبعة (٤١٢ ـ ٤١٣) ، الحجة لابن خالويه (٢٣٩) ، الكشف ٢ / ٩٣ ، النشر ٢ / ٣١٩.

(٦) أي أن الفاعل إذا كان مؤنثا مجازيا جاز تأنيث الفعل وتذكيره ، والكوفيون أجازوا في الفعل مع كل من جمعي التصحيح التذكير والتأنيث. شرح التصريح ١ / ٢٨٠.

(٧) في ب : وكذلك.

(٨) من قوله تعالى : «تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَ» [الشورى : ٥].

(٩) في ب : وأبو بكر وابن عامر.

(١٠) في ب : كقوله.

(١١) [الانفطار : ١].

(١٢) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٣) السبعة (٤١٢ ـ ٤١٣) ، الحجة لابن خالويه (٢٣٩) ، الكشف ٢ / ٩٣ ، النشر ٢ / ٣١٩.

(١٤) في الأصل : والطاء. وهو تحريف.

(١٥) السبعة (٤١٢ ـ ٤١٣ ، ٥٨٠) ، الحجة لابن خالويه (٢٣٩ ، ٣١٨) ، الكشف ٢ / ٩٣ ، ٢٥٠ ، النشر ٢ / ٣١٩.

(١٦) في ب : أبا عمرو وأبا بكر.

(١٧) تقدم.

(١٨) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٩) في ب : والانفطار.

(٢٠) ما بين القوسين سقط من ب.

(٢١) انظر الكشاف ٢ / ٤٢٤.

١٥٠

قال أبو البقاء : وهو هنا أشبه بالمعنى (١) ، أي (٢) : التشديد.

و«يتفطّرن» (٣) في محل نصب «خبرا ل «كان»» (٤) وزعم الأخفش أنها هنا بمعنى الإرادة (٥) ، وأنشد :

٣٦٢٨ ـ كادت وكدت وتلك خير إرادة

لو عاد من زمن الصّبابة ما مضى (٦)

فصل (٧)

يقال (٨) : انفطر الشيء وتفطّر أي تشقّق (٩). وقرأ ابن مسعود «يتصدّعن» (١٠).

و (تَنْشَقُ (١١) الْأَرْضُ) أي تخسف بهم ، والانفطار في السماء ، أي : تسقط عليهم.

(وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) أي : تهدّ هدا ، بمعنى : تنطبق عليهم. فإن قيل من أين يؤثر القول بإثبات الولد لله في انفطار السموات وانشقاق الأرض وخرور (١٢) الجبال؟ فالجواب من وجوه :

«الأول : أنّ الله ـ تعالى ـ يقول : كدت أفعل هذا بالسموات والأرض والجبال عند وجود» (١٣) هذه (١٤) الكلمة غضبا منّي على من تفوّه بها ، لولا حلمي ، وإني لا أعجّل بالعقوبة ، كقوله ـ تعالى (١٥) ـ (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً)(١٦).

الثاني : أن يكون استعظاما للكلمة ، وتهويلا من فظاعتها ، وهدمها لأركان الدين وقواعده.

الثالث : أنّ السموات والأرض والجبال تكاد أن تفعل ذلك لو كانت تعقل (١٧) من

__________________

(١) التبيان ٢ / ٨٨٣.

(٢) في ب : أن.

(٣) في ب : وينفطر. وهو تحريف.

(٤) ما بين القوسين سقط من ب.

(٥) قال الأخفش : (وزعموا أن تفسير «أكاد» أريد وأنها لغة ، لأن أريد قد تجعل مكان «أكاد» مثل «جدارا يريد أن ينقض» أي يكاد أن ينقض ، فكذلك أكاد إنما هي أريد). معاني القرآن ٢ / ٥٩٥ ـ ٥٩٦.

(٦) البيت من بحر الكامل ، لم أهتد إلى قائله ، وهو في معاني القرآن للأخفش ٢ / ٥٩٦ ، المحتسب ٢ / ٣١ ، ٤٨ ، اللسان (كود ، كيد). واستشهد به على أن (كاد) تكون بمعنى طلب وأراد.

(٧) فصل : سقط من ب.

(٨) في ب : فقال.

(٩) وقال ابن خالويه : (وهما لغتان فصيحتان ، معناهما التشقق). الحجة (٢٣٩).

(١٠) المختصر (٨٦) ، الكشاف ٢ / ٤٢٤ ، البحر المحيط ٦ / ٢١٨ ، قال أبو حيان (وقرأ ابن مسعود «يتصدّعن» وينبغي أن يجعل تفسيرا لمخالفتها سواد المصحف المجمع عليه ، ولرواية الثقات عنه كقراءة الجمهور).

(١١) في ب : ونشق. وهو تحريف.

(١٢) في ب : وخروا. وهو تحريف.

(١٣) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٤) في ب : وهذه. وهو تحريف.

(١٥) تعالى : سقط من ب.

(١٦) [فاطر : ٤١].

(١٧) في ب : تفعل. وهو تحريف.

١٥١

غلظ هذا القول ، وهذا تأويل أبي (١) مسلم (٢).

الرابع : أنّ السموات والأرض والجبال كانت سليمة من كل العيوب ، فلما تكلم بنو آدم (٣) بهذا القول ظهرت العيوب (٤) فيها (٥).

قوله : «هدّا» فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أنّه مصدر وفي مضع الحال (٦) ، أي : مهدودة (٧) ، وذلك على أن يكون هذا المصدر من هدّ زيد الحائط يهدّه هدّا ، أي : «هدمه (٨)» (٩).

والثاني : وهو قول أبي جعفر (١٠) : أنه مصدر على غير المصدر (١١) لما كان في معناه (١٢) ، لأن الخرور : السقوط والهدم ، وهذا على أن يكون من هدّ الحائط يهدّ ـ بالكسر ـ انهدم ، فيكون لازما.

الثالث : أن يكون مفعولا من أجله ، قال الزمخشري : أي : لأنها تهد (١٣).

قوله : «أن دعوا» (١٤) في محله (١٥) خمسة أوجه :

أحدها (١٦) : أنه في محل نصب على المفعول من أجله ، قاله أبو البقاء (١٧) ،

__________________

(١) في ب : أبو. وهو تحريف.

(٢) تقدم.

(٣) في الأصل : بنوا. وهو تحريف.

(٤) في ب : الغيوب. وهو تصحيف.

(٥) الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٥.

(٦) الحال : سقط من ب.

(٧) الكشاف ٢ / ٤٢٤ ، التبيان ٢ / ٨٨٣ ، البحر المحيط ٦ / ٢١٩. يكثر وقوع المصدر حالا ، وهو عند سيبويه والجمهور على التأويل بالوصف مثل طلع زيد بغتة وقتلت زيدا صبرا ، أي : باغتا ومصبورا. وذهب الأخفش والمبرد إلى أن المصدر في نحو ذلك منصوب على المصدرية ، والعامل فيه محذوف ، والتقدير : طلع زيد يبغت بغتة ، وقتلت زيدا يصبر صبرا ، فالحال عندهما الجملة لا المصدر.

وذهب الكوفيون إلى أنه منصوب على المصدرية ، والعامل فيه الفعل المذكور ، لتأوله بفعل من لفظ المصدر فطلع زيد بغتة عندهم في تأويل بغت زيدا بغتة ، وقتلت زيدا صبرا ، في تأويل صبرته صبرا. وقيل : هي مصادر على حذف مصادر نابت المذكورات عنها في المفعولية المطلقة ، والتقدير : طلع زيد طلوع بغتة ، وقتلته قتل صبر. وقيل : هي مصادر على حذف مضاف غير مصدر ، وذلك المضاف هو الحال ، فلما حذف المضاف ناب عنه المضاف إله في الحالية ، والتقدير طلع زيد ذا بغتة ، وقتلته ذا صبر. الهمع ١ / ٢٣٨ ، شرح الأشموني ٢ / ١٧٢ ـ ١٧٣.

(٨) فهو فعل متعد. البحر المحيط ٦ / ٢١٩.

(٩) ما بين القوسين في ب : هده. وهو تحريف.

(١٠) قال النحاس :(«وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا» مصدر ، لأن معنى تخر تهد) إعراب القرآن ٣ / ٢٩.

(١١) في الأصل : الصدر.

(١٢) يريد مجيء المصدر من غير لفظ الفعل. ولكن مما يرادفه في المعنى كقولهم : قمت وقوفا ، وفرحت جزلا ، وشنأته بغضا وأحببته مقتا. انظر الأشموني ٢ / ١١٣ ، ١١٥.

(١٣) الكشاف ٢ / ٤٢٤.

(١٤) في ب : «أن دعوا للرّحمن».

(١٥) في ب : في محل نصب من. وهو تحريف.

(١٦) في ب : الأول.

(١٧) التبيان ٢ / ٨٨٣ ، وانظر أيضا مشكل إعراب القرآن ٢ / ٦٣ ، البيان ٢ / ١٧٣.

١٥٢

والحوفي (١) ، ولم يبيّنا ما العامل فيه ، ويجوز أن يكون العامل «تكاد» ، أو «تخرّ» ، أو «هدّا» ، أي : تهدّ لأن دعوا ، ولكن شرط النصب هنا (٢) مفقود ، وهو اتحاد (٣) «الفاعل في المفعول له والعامل فيه (٤) ، فإن عنيا على أنه على إسقاط اللام مطرد في «أن» فقريب» (٥). وقال الزمخشري : وأن يكون منصوبا بتقدير سقوط اللام (٦) «وإفضاء الفعل ، أي هدّا لأن دعوا» (٧) ، علل الخرور بالهدّ ، والهدّ (٨) بدعاء الولد للرحمن (٩).

فهذا تصريح منه على أنه بإسقاط (١٠) الخافض. «وليس مفعولا له صريحا (١١).

الوجه الثاني : أن يكون مجرورا بعد إسقاط الخافض» (١٢) كما هو مذهب الخليل (١٣) والكسائي(١٤).

والثالث : أنه بدل من الضمير في «منه» (١٥) كقوله :

٣٦٢٩ ـ على حالة لو أنّ في القوم حاتما

على جوده لضن (١٦) بالماء حاتم (١٧)

__________________

(١) تقدم.

(٢) هنا : سقط من ب.

(٣) في ب : وهو اتحاد الثاني.

(٤) هذا الشرط ـ وهو اتحاد المفعول له بالمعلل به فاعلا ، بأن يكون فاعل الفعل وفاعل المصدر واحدا ـ اشترطه المتأخرون ، وخالفهم ابن خروف فأجاز النصب مع اختلاف الفاعل محتجا بنحو قوله تعالى :«هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً» [الرعد : ١٢] ، ففاعل الإراءة هو الله ، وفاعل الخوف والطمع المخاطبون.

وأجاب عنه ابن مالك في شرح التسهيل فقال : معنى «يريكم» يجعلكم ترون ، ففاعل الرؤية على هذا هو فاعل الخوف والطمع ، فمعنى ذلك أن الاتحاد في الفاعل قد يكون تقديريا. وأيضا فقد اشترط الأعلم والمتأخرون : اتحاد المفعول له بالعامل وقتا ، بأن يكون زمن الفعل المعلّل ـ بفتح اللام الأولى ـ والمصدر المعلّل ـ بكسرها ـ واحدا نحو جئتك رغبة فيك ولم يشترط ذلك سيبويه ولا أحد من المتقدمين ، فيجوز عندهم النصب مع اختلاف الوقت نحو أكرمتك أمس طمعا غدا في معروفك ، واختلاف الفاعل نحو جئتك محبتك إياي. شرح التصريح ١ / ٣٣٥ ، الهمع ١ / ١٩٤.

(٥) ما بين القوسين سقط من ب.

(٦) في ب : وجود اللام وإبقاء الفعل. وهو تحريف.

(٧) ما بين القوسين تكملة من الكشاف.

(٨) في ب : علل الوجود بالخرور وبالهد والهدود. وهو تحريف.

(٩) الكشاف ٢ / ٤٢٥.

(١٠) في ب : على إسقاط.

(١١) وأبو حيان ضعّف ما قاله الزمخشري هنا بقوله : (وهذا فيه بعد ، لأن الظاهر أن (هدّا) لا يكون مفعولا بل مصدرا من معنى «وتخر» أو في موضع الحال) البحر المحيط ٦ / ٢١٩.

(١٢) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٣) انظر الكتاب ٣ / ١٢٦ ، ١٢٧.

(١٤) انظر معاني القرآن للفراء ٢ / ١٧٣.

(١٥) الكشاف ٢ / ٤٢٤ ـ ٤٢٥.

(١٦) في ب : لنص. وهو تحريف.

(١٧) البيت من بحر الطويل ، قاله الفرزدق ، وهو في ديوانه (٢ / ٣٩٧) برواية :

على ساعة لو كان في القوم حاتم

على جوده ضنّت به نفس حاتم

١٥٣

«بجر «حاتم» (١) الأخير بدلا من الهاء في «جوده».

قال أبو حيان : وهو بعيد لكثرة الفصل بين البدل والمبدل منه بجملتين (٢).

الوجه (٣) الرابع : أن يكون مرفوعا ب «هدّا». قال الزمخشري : أي هدّها دعاء الولد للرحمن (٤). قال أبو حيان : وفيه بعد ، لأن الظاهر في «هدّا» أن يكون مصدرا توكيديا ، والمصدر التوكيدي لا يعمل (٥) ، ولو فرضناه غير توكيدي لم يعمل بقياس إلا إذا كان أمرا ، أو مستفهما عنه نحو ضربا زيدا ، وأضربا (٦) زيدا؟ على خلاف فيه (٧) ، وأما إن كان خبرا كما قدّره الزمخشري ، أي : هدّها دعاء الولد للرحمن (٨). فلا ينقاس (٩) ، بل ما جاء من ذلك هو نادر كقول امرىء القيس : (١٠)

٣٦٣٠ ـ وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم

يقولون لا تهلك أسى وتجمّل (١١)

أي : وقف صحبي (١٢).

الخامس : أنّه خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : الموجب لذلك دعاؤهم. كذا قدره أبو البقاء (١٣). و«دعا» يجوز أن يكون بمعنى سمّى ، فيتعدى لاثنين ، ويجوز جر ثانيهما بالباء (١٤) ، قال الشاعر :

__________________

(١) ما بين القوسين سقط من ب.

(٢) وهو قوله تعالى : «وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ ، وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا» البحر المحيط ٦ / ٢١٩.

(٣) الوجه : سقط من ب.

(٤) الكشاف ٢ / ٤٢٥.

(٥) لأن من شروط عمل المصدر عمل الفعل أن يحل محله (أن والفعل ، أو ما والفعل) ، والمصدر المؤكد ليس كذلك ، شرح الكافية ٢ / ١٩٤ ـ ١٩٥ ، شرح التصريح ٢ / ٦٢.

(٦) في الأصل : أضربن. وهو تحريف.

(٧) أي أن المصدر النائب عن فعله اختلف فيه هل يعمل أم لا؟ فذهب ابن مالك إلى جواز إعماله ، ف (زيدا) في ضربا زيد منصوب بالمصدر عنده. وبالفعل المحذوف النائب عنه المصدر عند غير ابن مالك ، لأن المصدر هنا إنما يحل محله الفعل وحده دون (أن) و(ما) ، فتقدير المثال : اضرب زيدا.

شرح التصريح ٢ / ٦٢.

(٨) في ب : دعاء الرحمن للولد.

(٩) في ب : فلا قياس.

(١٠) تقدم.

(١١) البيت من بحر الطويل وهو من معلقة امرىء القيس ، وهو في ديوانه (٩) والبحر المحيط ٦ / ٢١٩.

المطيّ : الإبل ، والواحدة مطيّة ، وانتصب بقوله (وقوفا) وعمل مثل هذا المصدر نادر ، وهو الشاهد.

(١٢) البحر المحيط ٦ / ٢١٩.

(١٣) التبيان ٢ / ٨٨٣.

(١٤) (دعا) إذا كانت بمعنى سمّى ، فهي من الأفعال التي تتعدى إلى مفعولين أولهما بنفسهما ، والثاني بحرف الجر ، مثل دعوته بزيد ، ويجوز حذف حرف الجر ، ووصل الفعل إلى المفعول الثاني بنفسه ، فتقول : دعوته زيدا ، وهذه الأفعال هي : دعا ، أمر ، استغفر ، اختار ، كنى ـ بتخفيف النون ـ سمّى ، صدق ـ بتخفيف الدال ـ زوج ، كال ، وزن. شرح جمل الزجاجي ١ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦ ، شذور الذهب ٣٦٩ ـ ٣٧٦.

١٥٤

٣٦٣١ ـ دعتني أخاها أمّ عمرو ولم أكن

أخاها ولم أرضع لها بلبان

دعتني أخاها «بعدما كان بيننا

من الفعل ما لا يفعل الأخوان (١)» (٢)

وقول الآخر :

٣٦٣٢ ـ ألا ربّ من يدعى نصيحا وإن تغب

تجده بغيب منك غير نصيح (٣)

وأولهما في الآية محذوف ، قال الزمخشري : طلبا للعموم والإحاطة بكل ما يدعى له ولد ، ويجوز أن يكون من «دعا» بمعنى نسب الذي مطاوعه ما في قوله ـ عليه‌السلام ـ : «من ادّعى إلى غير مواليه» (٤) ، وقول الشاعر :

٣٦٣٣ ـ إنّا بني نهشل لا ندّعي لأب

عنه ولا هو بالأبناء يشرينا (٥)

أي : لا ننتسب إليه (٦).

«ينبغي» (٧) مضارع انبغى ، وانبغى مطاوع لبغى ، أي : طلب ، و«أن يتّخذ» فاعله (٨). وقد عد ابن مالك (٩) «ينبغي» في الأفعال التي لا تتصرف (١٠).

وهو مردود عليه ، لأنه قد سمع فيه الماضي قالوا : انبغى (١١). وكرّر لفظ «الرّحمن» تنبيها على أنه ـ تعالى ـ هو الرحمن وحده ، لأن أصول النعم وفروعها ليست إلا منه (١٢).

__________________

(١) ما بين قوسين سقط من الأصل واستدرك بالهامش.

(٢) البيتان من بحر الطويل ، قالهما عبد الرحمن بن الحكم. وقد تقدما.

(٣) البيت من بحر الطويل ، لم أهتد إلى قائله وهو في مجاز القرآن (٢ / ١٢). واللسان (دعا) برواية :

ألا ربّ من تدعو نصيحا وإن تغب

تجده بغيب غير منتصح الصّدر

وهو في الطبري ١٦ / ٩٩ ، البحر المحيط ٦ / ٢١٩. والشاهد فيه تعدّي (دعا) بمعنى (سمّى) إلى مفعولين أولهما النائب عن الفاعل ، والثاني (نصيحا).

(٤) أخرجه مسلم (حج) ٢ / ٩٩٨ ، (عتق) ٢ / ١١٤٧ ، بلفظ : (ومن ادعى إلى غير أبيه ، أو انتمى إلى مواليه ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا) وأبو داود (أدب) ٥ / ٣٣٧ ، ٣٣٩ ، الدارمي (سير) ٢ / ٢٤٤ أحمد ١ / ١٧٤ ، ٤ / ١٨٧ ، ٢٣٨ ، ٥ / ٢٦٧.

(٥) البيت من بحر البسيط قاله بشامة بن حزن النهشلي. وقد تقدم.

(٦) الكشاف ٢ / ٤٢٥.

(٧) ما بين القوسين زيادة يقتضيها السياق.

(٨) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ٦٣.

(٩) تقدم.

(١٠) انظر التسهيل (٢٤٧).

(١١) قال أبو حيان : (وينبغي ليس من الأفعال التي لا تتصرف بل سمع لها الماضي قالوا : انبغى) البحر المحيط ٦ / ٢١٩.

(١٢) انظر الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٥.

١٥٥

فصل (١)

قال ابن عباس (٢) وكعب : فزعت السّموات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلا الثقلين ، وكادت أن تزول ، وغضبت الملائكة ، واستعرت جهنم حين قالوا : لله ولد ، ثم نفى الله ـ تعالى (٣) ـ عن نفسه فقال: (وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) أي : ما يليق به «اتّخاذ الولد (٤)» (٥) ، لأن ذلك محال (٦) ؛ أما الولادة المعروفة فلا مقالة في امتناعها ، وأما التبني ، فلأن (٧) الولد لا بد وأن يكون شبيها بالوالد ، ولا شبيه لله ـ تعالى ـ ، ولأن اتخاذ الولد إنّما يكون لأغراض إما لسرور (٨) ، أو استعانة ، أو ذكر جميل ، وكلّ (٩) ذلك لا يصح في الله ـ تعالى ـ (١٠).

قوله : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). يجوز في «من» أن تكون نكرة موصوفة ، وصفتها(١١) الجار بعدها ، ولم يذكر أبو (١٢) البقاء غير ذلك ، وكذا (١٣) الزمخشري إلا أن (١٤) ظاهر عبارته (١٥) تقتضي أنه لا يجوز غير ذلك (١٦) ، فإنه (١٧) قال : «من» موصوفة فإنها وقعت بعد «كل» «نكرة أشبهت وقوعها بعد «ربّ» في قوله :

٣٦٣٤ ـ ربّ من أنضجت غيظا صدره (١٨)

انتهى (١٩)» (٢٠).

ويجوز أن تكون موصولة. قال أبو حيان : أي : ما كل الذي في السموات ، و«كلّ» تدخل على الذي ، لأنها تأتي للجنس كقوله ـ تعالى ـ : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ)(٢١) ونحوه :

__________________

(١) ما بين القوسين سقط من ب.

(٢) من هنا نقله ابن عادل عن البغوي ٥ / ٤٠٤.

(٣) تعالى : سقط من ب.

(٤) آخر ما نقله هنا عن البغوي ٥ / ٤٠٤.

(٥) ما بين القوسين سقط من ب.

(٦) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٥.

(٧) في ب : فإنّ.

(٨) في ب : إما من. ثم بياض يبدو أنه مكان السرور.

(٩) وكل : سقط من ب.

(١٠) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٥.

(١١) في ب : ووصفها.

(١٢) في ب : أبي. وهو تحريف.

(١٣) انظر التبيان ٢ / ٨٨٣.

(١٤) في ب : وكذلك.

(١٥) في ب : الآن.

(١٦) في ب : عبارتها.

(١٧) في الأصل : فإنها. وهو تحريف.

(١٨) صدر بيت من بحر الرمل ، قاله سويد بن أبي كاهل بن حارثة اليشكري ، وعجزه :

قد تمنّى لي موتا لم يطع

والشاهد فيه أن (ربّ) نكرة موصوفة ، وصفتها جملة (أنضجت) بدليل دخول (ربّ) عليها ، وهي لا تدخل إلا على النكرات. وقد تقدم.

(١٩) الكشاف ٢ / ٤٢٥.

(٢٠) ما بين القوسين سقط من ب.

(٢١) من قوله تعالى : «وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ» [الزمر : ٣٣]. والاستشهاد بالآية على أن (الذي) يراد به الجنس بدليل وقوع خبره جمعا وهو «أولئك». انظر البيان ٢ / ٣٢٣.

١٥٦

٣٦٣٥ ـ «وكلّ الذي» (١) حمّلتني أتحمّل (٢)(٣)

يعني (٤) أنه لا بد «من تأويل» (٥) الموصول (٦) بالعموم حتى تصح إضافة «كل» إليه ، ومتى أريد به معهود بعينه لشخص (٧) استحال (٨) إضافة «كلّ» إليه (٩).

و«آت الرّحمن» (١٠) خبر «كل» جعل مفردا حملا على لفظها (١١) ، ولو جمع لجاز (١٢) ، وقد تقدم أول الكتاب : أنها متى أضيفت لمعرفة جاز الوجهان (١٣). وقد تكلم السهيلي (١٤) في ذلك فقال : «كلّ» إذا ابتدئت وكانت مضافة لفظا يعني (١٥) لمعرفة (١٦) فلا يحسن إلا إفراد الخبر حملا على المعنى ، تقول : كلكم ذاهب ، أي : كل واحد «منكم ذاهب ، هكذا هذه المسألة في القرآن والحديث والكلام الفصيح. فإن قلت في قوله : (وَكُلُّهُمْ١٧) آتِيهِ)(١٨) : إنما هو حمل على اللفظ ، لأنه اسم مفرد. قلنا : بل هو اسم للجمع ، واسم الجمع لا يخبر عنه بإفراد ، تقول : القوم ذاهبون ، ولا تقول (١٩) : ذاهب ، وإن كان لفظ «القوم» لفظ المفرد ، وإنما حسن «كلكم ذاهب» لأنهم يقولون : كل واحد منكم ذاهب (٢٠) ، فكان الإفراد مراعاة لهذا المعنى (٢١).

قال أبو حيان : ويحتاج «كلكم (٢٢) ذاهبون» ونحوه إلى سماع ونقل عن العرب (٢٣).

قال شهاب الدين : وتسمية الإفراد حملا على المعنى غير الاصطلاح (٢٤) بل ذلك

__________________

(١) ما بين القوسين سقط من ب.

(٢) شطر بيت من الطويل ، ويبدو أنه العجز ولم أجده في غير البحر المحيط ٦ / ٢١٩.

(٣) البحر المحيط ٦ / ٢١٩.

(٤) في ب : أي.

(٥) ما بين القوسين سقط من ب.

(٦) في ب : للموصول.

(٧) في الأصل : تشخص.

(٨) في النسختين : واستحال.

(٩) في ب : كل إضافة ذلك إليه.

(١٠) في ب : قوله : «الرّحمن».

(١١) انظر البيان ٢ / ١٣٧ ، التبيان ٢ / ٨٨٣.

(١٢) حملا على المعنى ، فتقول : كلّ القوم ضربته ، بالإفراد حملا على اللفظ ، وكل القوم ضربتهم ، بالجمع حملا على المعنى. انظر البيان ٢ / ١٣٧.

(١٣) أي أن (كل) إذا أضيفت إلى معرفة يجوز مراعاة لفظها ومراعاة معناها ، نحو كلكم ذاهب حملا على اللفظ ، وكلكم ذاهبون حملا على المعنى.

البحر المحيط ٦ / ٢٢٠ ، المغني ١ / ١٩٩ ـ ٢٠٠.

(١٤) تقدم.

(١٥) في ب : المعنى.

(١٦) في ب : كمعرفة.

(١٧) «وكلّهم» : سقط من ب.

(١٨) من قوله تعالى : «وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً» [مريم : ٩٥].

(١٩) في ب : يقال.

(٢٠) ذاهب : سقط من ب.

(٢١) نتائج الفكر (٢٧٩ ـ ٢٨٠) وانظر أيضا البحر المحيط ٦ / ٢٢٠.

(٢٢) كلكم : سقط من ب.

(٢٣) البحر المحيط ٦ / ٢٢٠.

(٢٤) في ب : الإيضاح. وهو تحريف.

١٥٧

حمل على اللفظ والجمع هو الحمل على المعنى (١).

وقال أبو البقاء : ووحد «آتي» حملا على لفظ «كل» ، وقد جمع في موضع آخر حملا على معناها (٢).

قال شهاب الدين : قوله : في موضع آخر. إن عنى في القرآن فلم (٣) يأت الجمع إلا و«كل» مقطوعة عن الإضافة نحو (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)(٤)(وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ)(٥) ، وإن عنى في (٦) غيره فيحتاج (٧) إلى سماع عن العرب كما تقدم (٨).

والجمهور على إضافة «آتي» إلى (٩) «الرّحمن» (١٠).

وقرأ عبد الله بن الزبير وأبو حيوة وطلحة وجماعة بتنوينه ونصب «الرّحمن» (١١) وانتصب «عبدا» ، و«فردا» على الحال (١٢).

فصل (١٣)

المعنى : أن كل معبود (١٤) من الملائكة في السموات وفي الأرض من الناس إلا يأتي (١٥) الرحمن يلتجىء إلى ربوبيته عبدا منقادا مطيعا ذليلا خاضعا كما يفعل (١٦) العبيد. ومنهم من حمله على (١٧) يوم القيامة خاصة.

والأول أولى ، لأنه لا تخصيص فيه.

(لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا) أي : عدّ أنفاسهم وأيامهم وآثارهم (١٨) ، فكلهم (١٩) تحت تدبيره وقهره محيط بهم لا يخفى عليه شيء من أمورهم ، (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ) أي : كل واحد منهم يأتيه (٢٠)(يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) وحيدا ليس معه من الدنيا شيء «ويبرأ المشركون منهم» (٢١).

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) إلى آخر السورة (٢٢).

__________________

(١) الدر المصون : ٥ / ١٨.

(٢) التبيان ٢ / ٨٨٣.

(٣) في ب : فلا.

(٤) [الأنبياء : ٣٣].

(٥) [النمل : ٨٧].

(٦) في ب : على. وهو تحريف.

(٧) في ب : فكل يحتاج.

(٨) الدر المصون : ٥ / ١٨.

(٩) في ب : على. وهو تحريف.

(١٠) تفسير ابن عطية ٩ / ٥٤٢ ، البحر المحيط ٦ / ٢٢٠.

(١١) المختصر (٨٦) ، البحر المحيط ٦ / ٢٢٠.

(١٢) مشكل إعراب القرآن ٢ / ٦٤ ، البيان ٢ / ١٣٧ ، البحر المحيط ٦ / ٢٢٠.

(١٣) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٥ ـ ٢٥٦. بتصرف.

(١٤) في ب : أن كلا.

(١٥) في ب : آتي.

(١٦) في ب : يأتي.

(١٧) في ب : إلى. وهو تحريف.

(١٨) في ب : آثارهم وأيامهم.

(١٩) في ب : فكل. وهو تحريف.

(٢٠) في ب : آتيه.

(٢١) ما بين القوسين سقط من ب.

(٢٢) إلى آخر السورة : سقط من ب ، وكتبت الآية كاملة.

١٥٨

لمّا ردّ على الكفرة ، وشرح أقوالهم في الدنيا والآخرة ختم السورة بذكر أحوال المؤمنين. قوله : «ودّا» العامة على ضم الواو (١). وقرأ أبو الحارث الحنفي (٢) بفتحها (٣) ، وجناح بن حبيش (٤) بكسرها (٥). فيحتمل (٦) أن يكون المفتوح مصدرا ، والمكسور والمضموم (٧) اسمين.

قال المفسرون : سيجعل (٨) لهم الرّحمن محبة ، قال مجاهد : يحبهم الله ويحببهم إلى عباده المؤمنين (٩). قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا أحبّ الله العبد قال لجبريل ـ عليه‌السلام (١٠) ـ : «قد (١١) أحببت فلانا فأحبّه ، فيحبّه جبريل ، ثم ينادي في أهل السّماء : إنّ الله ـ تعالى ـ قد أحبّ فلانا فأحبّوه ، فيحبه أهل السّماء ، ثمّ يوضع له القبول في الأرض (١٢) ، وإذا أبغض العبد» قال مالك : لا أحسبه إلا قال في البغض مثل ذلك(١٣). والسّين في «سيجعل» إما لأن السورة مكية ، وكان المؤمنون (١٤) حينئذ ممقوتين بين (١٥) الكفرة ، فوعدهم الله ذلك إذا جاء الإسلام.

والمعنى : سيحدث لهم في القلوب مودة. وإمّا أن يكون ذلك يوم القيامة يحببهم إلى خلقه بما يظهر من حسناتهم (١٦). روي (١٧) عن كعب (١٨) قال : مكتوب في التوراة لا

__________________

(١) تفسير ابن عطية ٩ / ٥٥٤ ، والبحر المحيط ٦ / ٢٢١.

(٢) هو الليث بن خالد أبو الحارث البغدادي عرض على الكسائي ، وروى الحروف عن حمزة بن القاسم الأحول ، واليزيدي ، وروى عنه عرضا وسماعا سلمة بن عاصم ، ومحمد بن يحيى الكسائي الصغير ، وغيرهما ، مات سنة ٢٤٠ ه‍. طبقات القراء ٢ / ٣٤.

(٣) تفسير ابن عطية ٩ / ٥٤٥ ، البحر المحيط ٦ / ٢٢١.

(٤) لم أقف له على ترجمة.

(٥) المختصر (٨٦) ، الكشاف ٢ / ٤٢٥ ، البحر المحيط ٦ / ٢٢١.

(٦) في ب : فيحمل.

(٧) في ب : والمكسور والمضموم.

(٨) من هنا نقله ابن عادل عن البغوي ٥ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦.

(٩) المؤمنين : سقط من ب.

(١٠) عليه‌السلام : سقط من ب.

(١١) في ب : إني.

(١٢) أخرجه البخاري (بدء الخلق) ٢ / ٢١٢ (توحيد) ٤ / ٢٩٥ ، ومالك في الموطأ (شعر) ٢ / ٩٥٣ ، أحمد ٢ / ٢٦٧ ، ٥٠٩.

(١٣) الموطأ (شعر) ٢ / ٩٥٣ ، آخر ما نقله ابن عادل عن البغوي ٥ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦.

(١٤) في الأصل : المؤمنين.

(١٥) في ب : مقيمين يلي. وهو تحريف.

(١٦) انظر الكشاف ٢ / ٤٢٥ بتصرف ، والفخر الرازي ٢١ / ٢٥٦.

(١٧) في ب : وروى.

(١٨) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧ ، بتصرف.

١٥٩

محبّة في الأرض حتى يكون ابتداؤها من الله ـ تعالى ـ ينزلها على أهل السماء ، ثم على أهل الأرض. وتصديق ذلك (١) في القرآن قوله : (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا). وقال أبو مسلم : معناه يهب لهم ما يحبون. والودّ والمحبّة سواء ، يقال : آتيت فلانا محبته ، وجعلت له ودّه (٢) ، ومن كلامهم : يودّ لو كان كذا ، «ووددت أن لو كان كذا أي أحببت» (٣) ، فالمعنى (٤) : سيعطيهم الرحمن ودّهم ، أي : محبوبهم في الجنة.

والقول الأول أولى ، لتفسير الرسول ـ عليه‌السلام (٥) ـ ، ولأن حمل المحبة على المحبوب مجاز ، «ولأن رسول الله قرأ هذه الآية وفسّرها بذلك فكانت أولى» (٦).

قال أبو مسلم : القول الثاني أولى لوجوه :

أحدها : كيف يصح القول الأول مع علمنا بأن المسلم التقي (٧) يبغضه الكفار ، وقد يبغضه كثير من المسلمين.

وثانيها : أنّ مثل هذه المحبة قد تحصل للكفار والفساق أكثر ، فكيف يمكن جعله إنعاما في حق المؤمنين؟.

وثالثها : أن محبتهم في قلوبهم من فعلهم لا أنّ (٨) الله ـ تعالى ـ فعله ، فكان حمل الآية على إعطاء المنافع الأخروية أولى.

وأجيب عن الأول : بأن المراد يجعل له محبة عند الملائكة والأنبياء.

وعن الثاني : ما روي عنه ـ عليه‌السلام (٩) ـ : أنه حكى عن ربه ـ سبحانه وتعالى (١٠) ـ أنه قال : «وإذا ذكرني عبدي (١١) في نفسه ذكرته (في نفسي ، وإن ذكرني) (١٢) في ملأ ذكرته في ملأ أطيب منهم وأفضل» (١٣) والكافر (١٤) والفاسق ليسا (١٥) كذلك.

وعن الثالث : أنه محمول على فعل الألطاف ، وخلق داعية إكرامه (١٦) في قلوبهم (١٧).

__________________

(١) في ب : وتصديقه.

(٢) في ب : ود.

(٣) ما بين القوسين سقط من ب.

(٤) في ب : والمعنى.

(٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(٦) ما بين القوسين سقط من ب.

(٧) في ب : المتقي.

(٨) في النسختين : لأن.

(٩) في ب : عليه الصلاة والسلام.

(١٠) وتعالى : سقط من ب.

(١١) في ب : عبد.

(١٢) ما بين القوسين سقط من ب.

(١٣) أخرجه مسلم (الذكر) ٤ / ٢٠٦٨ ، الترمذي (دعوات) ٥ / ٢٣٨ ، ابن ماجة (أدب) ٢ / ١٢٥٥ ، ١٢٥٦ ، أحمد ٢ / ١٢٥١ ، ٤٠٥ ، ٤٨٠ ، ٤٨٢.

(١٤) والكافر : سقط من ب.

(١٥) في ب : ليس. وهو تحريف.

(١٦) في ب : الإكرام.

(١٧) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧. بتصرف.

١٦٠