اللّباب في علوم الكتاب - ج ٣

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي

اللّباب في علوم الكتاب - ج ٣

المؤلف:

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2298-3

الصفحات: ٥٤٤

العدم إلى الوجود ، وذلك لأنّ الله ـ تعالى ـ هو الذي أخرج الإنسان من العدم إلى الوجود ؛ قال تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) [الإسراء : ٢٣] فأشار إلى أنه ليس بعد رعاية حقّ الله ـ تعالى ـ من شيء أوجب من رعاية حقّ الوالدين ؛ فلذلك قدمهما ، ثم الأقربين ؛ لأنّ الإنسان أعلم بحال الفقير القريب من غيره ؛ ولأنّه إذا لم يراع قريبه الفقير لاحتاج الفقير إلى الرجوع إلى غيره ، وذلك عار في حقّ قريبه الغنيّ.

__________________

ـ وعند الحنفية : في «تنوير الأبصار مع شرح الدر المختار» : هي الطعام ، والكسوة ، والسكنى ، وعرفا : هي الطعام.

عند المالكية : في «شرح الخرشي على مختصر خليل» : النفقة مطلقا : ما به قوام معتاد حال الآدمي ، دون سرف.

عند الحنابلة : في «الإقناع والمنتهى» : هي كفاية من يمونه ، خبزا ، وأدما ، وكسوة ، ومسكنا ، وتوابعها.

اتفق الأئمة الأربعة على أنه يجب على الولد ـ ابنا أو بنتا ـ أن ينفق على أبيه ، وأمه المباشرين ، ويدلّ على ذلك الكتاب ، والسنة والإجماع ، والمعقول.

١ ـ أما الكتاب فمنه :

أ ـ قوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ،) ومن الإحسان : الإنفاق عليهما عند حاجتهما.

ب ـ وقوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً) والإنفاق عليهما عند فقرهما من أحسن الإحسان.

ج ـ وقوله تعالى : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) والشكر للوالدين : المكافأة على بعض ما كان منهما إليه من التربية والبر ؛ وذلك بالقيام بأمرهما ، وإدرار النفقة عليهما حال عجزهما ، وحاجتهما ، فكان ذلك واجبا بأمره ـ سبحانه وتعالى ـ.

د ـ وقوله تعالى : ولا (تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما) فإنه يدل على النهي عن ترك الإنفاق عند الحاجة ؛ لما فيه من إيذاء أعظم من إيذاء التأفيف.

وأما السنة فمنها :

أ ـ قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه» رواه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها. وحسّنه.

وهو صريح في أن مال الولد حلال طيب لوالده ؛ ومثله الوالدة ؛ إذ لا فرق ، بل إنها أولى ؛ فقد نص النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على أنها أحق بحسن الصّحبة من الأب ، فالتقييد بالرجل لا مفهوم له.

ب ـ قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ أولادكم هبة الله لكم يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور ، وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها» رواه البيهقي في السنن ، والحاكم في المستدرك ، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ ، وقال الحاكم : «حديث صحيح على شرط الشيخين» ، ودلالته على المقصود ظاهرة.

٣ ـ وأما الإجماع ، فقد حكاه ابن المنذر ؛ فقال : «وأجمعوا على أن نفقة الوالدين اللّذين لا كسب لهما واجبة في مال الولد».

٤ ـ وأما المعقول ، فوجهان :

أ ـ القياس على الولد بجامع البعضية ، والعتق ، ورد الشهادة ، بل الوالدان أولى من الأولاد ؛ لأن حرمتهما أعظم ، والولد بالتعهد ، أليق.

ب ـ أنهما تسببا في إحياء الولد ، فاستوجبا عليه الإحياء ؛ جزاء وفاقا.

٥٢١

فإن قيل : إنّه تعالى ذكر «الوالدين» ثمّ عطف عليه «الأقربين» والعاطف يقتضي المغايرة ، وذلك يدلّ على أن الوالدين لا يدخلون في مسمّى الأقربين ، فهو خلاف الإجماع ؛ لأنّه لو وقف على «الأقربين» حمل فيه الوالدين بغير خلاف.

فالجواب : أنّ هذا من عطف العامّ على الخاصّ ؛ كقوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) [الحجر : ٨٧] فعطف القرآن على السبع المثاني ، وهي من القرآن ، وقال ـ عليه‌السلام ـ «أفضل ما قلت أنا والنبيّون من قبلي ...» (١) فعطف «النّبيّين» على قوله : «أنا» وهو من النبيين ، وذلك شائع في لسان العرب ، ثمّ ذكر بعدهم اليتامى ؛ لأنهم لصغرهم لا يقدرون على الاكتساب ، وليس لهم أحد يكتسب لهم ، فالطفل اليتيم : قد عدم الكسب ، والمكاسب ، وأشرف على الضياع ، ثم ذكر بعدهم المساكين ؛ لأنّ حاجتهم أقلّ من حاجة اليتامى ؛ لأنّ قدرتهم على التحصيل أكثر من قدرة اليتامى ، ثم ذكر ابن السبيل بعدهم ؛ لأنه بسبب انقطاعه عن بلده ، قد يحتاج ، ويفتقر ، فهذا أصحّ تركيب ، وأحسن ترتيب في كيفيّة الإنفاق ، ثم لمّا فصّل هذا التّفصيل الحسن الكامل ، أردفه بالاجمال ، فقال : (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) والعليم مبالغة في كونه عالما لا يعزب عن علمه مثقال ذرّة في الأرض ، ولا في السّماء.

و «ما» هذه شرطية فقط ؛ لظهور عملها الجزم بخلاف الأولى. وقرأ (٢) عليّ رضي الله عنه : «وما يفعلوا» بالياء على الغيبة ، فيحتمل أن يكون من باب الالتفات من الخطاب ، وأن يكون من الإضمار لدلالة السياق عليه ، أي : وما يفعل الناس.

فصل في المراد بالخير

قال أكثر العلماء : المراد ب «الخير» هو المال ؛ لقوله تعالى : (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) [العاديات : ٨] ، وقال : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ) [البقرة : ١٨].

وقيل : المراد بالخير هذا الإنفاق ، وسائر وجوه البرّ ، والطاعة.

فصل هل الآية منسوخة أم لا؟

قال بعضهم : هذه الآية منسوخة بآية المواريث.

وقال أهل التفسير : إنها منسوخة بالزكاة.

__________________

(١) أخرجه الترمذي (٥ / ٥٣٤) كتاب الدعوات باب في دعاء يوم عرفة حديث (٣٥٨٥) من طريق حماد بن أبي حميد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به.

قال الترمذي : هذا حديث غريب من هذا الوجه وحماد بن أبي حميد هو محمد بن أبي حميد وهو أبو إبراهيم الأنصاري المديني وليس بالقوي عند أهل الحديث.

(٢) انظر الشواذ ٢٠ ، والمحرر الوجيز ١ / ٢٨٩ ، والبحر المحيط ٢ / ١٥١ ، والدر المصون ١ / ٥٢٥.

٥٢٢

قال بعضهم : وكلاهما ضعيف ؛ لأنّه يمكن حمل الآية على وجوه لا يتطرق النّسخ إليها :

أحدها : قال أبو مسلم (١) الأصفهاني : الإنفاق على الوالدين ، واجب عند قصورهما عن الكسب والملك ، والمراد ب «الأقربين» الولد ، وولد الولد ، وقد تلزم نفقتهم عند فقد الملك ، وعلى هذا فلا وجه للقول بالنّسخ ؛ لأنّ هذه النفقة تلزم في حال الحياة ، والميراث يصل بعد الموت ، وما وصل بعد الموت لا يوصف بأنه نفقة.

وثانيها : أن يكون المراد من أحبّ التقرب إلى الله تعالى بالنفقة ، فالأولى أن ينفقه في هذه الجهات ، فيكون المراد التطوع.

ثالثها : أن يكون المراد الوجوب فيما يتصل بالوالدين والأقربين من حيث الكفاية ، وفيما يتصل باليتامى والمساكين مما يكون زكاة.

ورابعها : يحتمل أن يريد بالإنفاق على الوالدين والأقربين ما يكون بعثا على صلة الرّحم ، وفيما يصرفه لليتامى والمساكين ما يخلص للصدقة ، فظاهر الآية محتمل لكل هذه الوجوه من غير نسخ.

قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٢١٦)

قرىء (٢) : «كتب عليكم القتال» : ببناء «كتب» للفاعل ؛ وهو ضمير الله تعالى ، ونصب «القتال».

قال القرطبي : وقرأ قوم : «كتب عليكم القتل» ؛ قال الشاعر : [الخفيف]

١٠٤٨ أ ـ كتب القتل والقتال علينا

وعلى الغانيات جرّ الذّيول (٣)

قوله تعالى : (وَهُوَ كُرْهٌ) هذه واو الحال ، والجملة بعدها في محلّ نصب عليها ، والظاهر أنّ «هو» عائد على القتال. وقيل : يعود على [المصدر] المفهوم من كتب ، أي : وكتبه وفرضه. وقرأ الجمهور «كره» بضمّ الكاف ، وهو الكراهة بدليل قوله : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً) ثم فيه وجهان :

أحدهما : أنّ وضع المصدر موضع الوصف سائغ كقول الخنساء : [البسيط]

١٠٤٨ ب ـ ..........

فإنّما هي إقبال وادبار (٤)

__________________

(١) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ٢٢.

(٢) انظر : البحر المحيط ٢ / ١٥٢ ، والدر المصون ١ / ٥٢٥.

(٣) ينظر : القرطبي ٣ / ٢٧.

(٤) عجز بيت وصدره :

ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت

٥٢٣

والثاني : أن يكون فعلا بمعنى مفعول ، كالخبر بمعنى المخبور وهو مكروه لكم. (١)

وقرأ (٢) السّلميّ بفتحها. فقيل : هما بمعنى واحد ، أي : مصدران كالضّعف والضّعف ، قاله الزّجاج (٣) وتبعه الزمخشري.

وقيل : المضموم اسم مفعول ، والمفتوح المصدر.

وقيل : المفتوح بمعنى الإكراه ، قاله الزمخشري في توجيه قراءة السّلميّ ، إلّا أنّ هذا من باب مجيء المصدر على حذف الزوائد ، وهو لا ينقاس.

وقيل : المفتوح ما أكره عليه المرء ، والمضموم ما كرهه هو.

فإن كان «الكره» ، و «الكره» مصدرا ، فلا بدّ من تأويل يجوز معه الإخبار به عن «هو» ، وذلك التأويل : إمّا على حذف مضاف ، أي : والقتال ذو كره ، أو على المبالغة ، أو على وقوعه موقع اسم المفعول. وإن قلنا : إنّ «كرها» بالضّم اسم مفعول ، فلا يحتاج إلى شيء من ذلك. و «لكم» في محلّ رفع ؛ لأنه صفة لكره ، فيتعلّق بمحذوف أي : كره كائن.

فصل في بيان الإذن في القتال

اعلم أنه ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ كان غير مأذون له في القتال مدة إقامته بمكة ،

__________________

ـ ينظر ديوانها ص (٣٨٣) ، الأشباه والنظائر ١ / ١٩٨ ، خزانة الأدب ١ / ٤٣١ ، شرح أبيات سيبويه ١ / ٢٨٢ ، الشعر والشعراء ١ / ٣٥٤ ، الكتاب ١ / ٣٣٧ ، لسان العرب (رهط) (قبل) (سوا) ، المقتضب ٤ / ٣٠٥ ، المنصف ١ / ١٩٧ ، الأشباه والنظائر ٢ / ٣٨٧ ، شرح الأشموني ١ / ٢١٣ ، شرح المفصل ١ / ١١٥ ، المحتسب ٢ / ٤٣ ، الدر المصون ٢ / ٦٤٨ ، مجالس العلماء للزجاجي ٣٤٠ ، الخصائص ٢ / ٢٠٣ ، ٣ / ١٨٩. التصريح بمضمون التوضيح ١ / ٣٣٢ ، أمالي ابن الشجري ١ / ٧١.

(١) خبر المبتدأ إذا كان مفردا إما مشتقّ ، أو جامد ، وكلاهما إما أن يغاير المبتدأ لفظا ، أو لا ؛ والأوّل إما أن يتحد به معنى ، نحو : زيد أخوك ، وزيد قائم ؛ أو يغايره معنى أيضا ، والمغاير يقع خبرا عنه ، إما لمساواته في معنىّ ؛ كقوله تعالى : وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ، أو لحذف المضاف من المبتدأ أو الخبر ، نحو : داري منك فرسخان. أي : بعد داري فرسخان ، أو داري منك ذات مسافة فرسخين ؛ أو لكون واحد من المبتدأ أو الخبر معنى والآخر عينا ، ولزوم ذلك المعنى لتلك العين ، حتى صار كأنه هي ؛ كقول الخنساء : فإنما هي إقبال وإدبار ؛ فإن قدّرنا المضاف في مثله في المبتدأ ، أي : حالها إقبال ؛ أو في الخبر ، نحو : ذات إقبال ؛ أو جعلنا المصدر بمعنى الصّفة ، نحو : وهي مقبلة ـ جاز ، ولكنه يخلو من معنى المبالغة. قال عبد القاهر في «دلائل الإعجاز» : ومما طريق المجاز فيه الحكم البيت السابق ؛ وذلك أنها لم ترد بالإقبال والإدبار غير معناهما ، فتكون قد تجوّزت في نفس الكلمة ، وإنما تجوزت في أن جعلتها لكثرة ما تقبل وتدبر ؛ لغلبة ذلك عليها ، واتصاله بها ، وأنه لم يكن لها حال غيرهما ـ كأنها قد تجشّمت من الإقبال والإدبار ، وإنما يكون المجاز في نفس الكلمة ، لو أنها قد استعارت الإقبال والإدبار لمعنى غير معناهما الذي وضعا له في فقه اللغة. ينظر : المصادر السابقة.

(٢) انظر : الشواذ ٢٠ ، والبحر المحيط ٢ / ١٥٢ ، والدر المصون ١ / ٥٢٥.

(٣) ينظر : معاني القرآن للزجاج ١ / ٢٨٠.

٥٢٤

فلمّا هاجر أذن له في قتال من يقاتله من المشركين ، ثمّ أذن له في قتال المشركين عامّة ، ثم فرض الله الجهاد.

واختلف العلماء في حكم هذه الآية ، فقال عطاء : الجهاد تطوع والمراد بهذه الآية أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في ذلك الوقت دون غيرهم (١) ، وإليه ذهب الثّوريّ (٢) ، واحتجوا بقوله تعالى : (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) [النساء : ٩٥] ولو كان القاعد تاركا للفرض ، لم يكن يعده الحسنى.

قالوا : وقوله : «كتب» يقتضي الإيجاب ، ويكفي في العمل به مرّة واحدة.

وقوله : «عليكم» يقتضي تخصيص هذا الخطاب بالموجودين في ذلك الوقت ، وإنما قلنا

إنّ قوله (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ) [البقرة : ١٧٨] (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) [البقرة :١٨٣] حال الموجودين فيه كحال من سيوجد بعد ذلك ؛ بدليل منفصل ، وهو الإجماع ، وذلك غير معقول هاهنا ؛ فوجب أن يبقى على الأصل ، ويدل على صحة هذا القول قوله تعالى : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) [التوبة : ١٢٢] والقول بالنسخ غير جائز على ما بيناه ، والإجماع اليوم منعقد على أنه من فروض الكفايات (٣) ، إلّا أن يدخل المشركون ديار المسلمين ؛ فيتعيّن الجهاد حينئذ على الكلّ.

وقال آخرون : هو فرض عين ؛ واحتجّوا بقوله : «كتب» وهو يقتضي الوجوب ، وقوله «عليكم» يقتضيه أيضا ، والخطاب بالكاف في قوله «عليكم» لا يمنع من الوجوب على الموجودين وعلى من سيوجد ؛ كقوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) [البقرة : ١٨٣].

وقال الجمهور : هو فرض على الكفاية.

فإن قيل هذا الخطاب للمؤمنين ، فكيف قال : (وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) ، وهذا يشعر بكون

__________________

(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٢٩٥) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٤٣٨) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم.

(٢) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٨٨.

(٣) فرض الكفاية : هو الفعل الذي طلب الشارع حصوله من غير نظر بالذات إلى فاعله ومعناه : أن فرض الكفاية هو الفعل المطلوب حصوله في الجملة أي : من غير نظر بالأصالة إلى الفاعل ، وإنما المنظور إليه أولا وبالذات إنما هو الفعل ، أما الفاعل فلا ينظر إليه إلا تبعا للفعل ؛ ضرورة توقف حصوله على فاعل ؛ ولذا كان فعل البعض كافيا في تحصيل المقصود منه ، والخروج عن عهدته ، ومن هنا سمي فرض كفاية.

وقد اختلف العلماء فيمن يتعلق به التكليف بفرض الكفاية على مذهبين :

أحدهما : أنه واجب على بعض المخاطبين بطلبه ، وهو مقتضى كلام الإمام في المحصول ، واختاره البيضاوي.

ثانيهما : أنه واجب على الكل ولكن يسقط بفعل البعض وهو مقتضى كلام الآمدي ، واختاره ابن الحاجب وجمهور العلماء. ينظر : مذكرة الحسيني الشيخ ص ٧٤.

٥٢٥

المؤمنين كارهين لحكم الله ، وتكليفه ، وذلك غير جائز ؛ لأن المؤمن لا يكون ساخطا لأوامر الله وتكليفه ، بل يرضى بذلك ، ويحبّه ، ويعلم أنه صلاحه ، وتركه فساده؟

والجواب من وجهين :

أحدهما : أن المراد من «الكره» كونه شاقّا على النفس ، لأن التكليف عبارة عن إلزام ما فيه كلفة ، ومشقة ، ومن المعلوم : أن الحياة من أعظم ما يميل الطبع إليها ، فلذلك كان القتال من أشقّ الأشياء على النفس ، لأنّ فيه إخراج المال ، والجراحات ، وقطع الأطراف ، وذهاب الأنفس ، وذلك أمر يشق على الأنفس.

والثاني : أن يكون المراد منه كراهتهم للقتال قبل أن يفرض ؛ لما فيه من الخوف ، ولكثرة الأعداء فبيّن تعالى أن الذي تكرهونه من القتال خير لكم من تركه ، لئلّا تكرهونه بعد أن فرض عليكم.

قال عكرمة (١) : نسخها قوله تعالى : (سَمِعْنا وَأَطَعْنا) [النساء : ٤٦] يعني أنهم كرهوه ثم أحبوه.

قوله (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا) ، «عسى» فعل ماض ، نقل إلى إنشاء الترجّي والإشفاق ، وهو يرفع الاسم وينصب الخبر ، ولا يكون خبرها إلا فعلا مضارعا مقرونا ب «أن» ، وقد يجيء اسما صريحا ؛ كقوله [الرجز]

١٠٤٩ ـ أكثرت في العذل ملحّا دائما

لا تكثرن إنّي عسيت صائما (٢)

وقالت الزّبّاء : «عسى الغوير أبؤسا» (٣) وقد يتجرّد خبرها من «أن» ؛ كقوله : [الطويل]

١٠٥٠ ـ عسى فرج يأتي به الله إنّه

له كلّ يوم في خليقته أمر (٤)

__________________

(١) ينظر : تفسير البغوي ١ / ١٨٨.

(٢) البيت لرؤية : ينظر ديوانه (١٨٥) ، ابن الشجري ١ / ١٦٤ ، الهمع ١ / ١٣٠ ، الخصائص ١ / ٩٨ ، الدرر ١ / ١٠٧ ، الدر المصون ١ / ٥٢٦.

(٣) ينظر : مجمع الأمثال ٢ / ٣٤١ (٢٤٣٥) ، والدر المصون ١ / ٥٢٦.

ينظر شرح شذور الذهب ص ٣٥١ ، والدرر ٢ / ١٥٧ ، وشرح ابن عقيل ص ١٦٦ ، والصاحبي في فقه اللغة ١٥٧ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢١٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٣١ ، والدر المصون ١ / ٥٢٦.

(٤) البيت لهدبة بن خشرم ينظر خزانة الأدب ٠ / ٣٢٨ ، ٣٣٠ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٤٢ ، والدرر ٢ / ١٤٥ ، وشرح التصريح ١ / ٢٠٦ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٩٧ ، وشرح شواهد المغني ص ٤٤٣ ، والكتاب ٣ / ١٥٩ ، واللمع ص ٢٢٥ ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٨٤ ، وأسرار العربية ص ١٢٨ ، وأوضح المسالك ١ / ٣١٢ ، وتخليص الشواهد ص ٣٢٦ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣١٦ ، والجنى الداني ص ٤٦٢ ، وشرح ابن عقيل ص ١٦٥ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨١٦ ، والمقرب ١ / ٩٨ ، وشرح المفصل ٧ / ١١٧ ، ١٢١ ، ومغني اللبيب ص ١٥٢ ، والمقتضب ٣ / ٧٠ وهمع الهوامع ١ / ١٣٠ ، والدر المصون ١ / ٥٢٦.

٥٢٦

وقال آخر : [الوافر]

١٠٥١ ـ عسى الكرب الّذي أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريب (١)

وقال آخر : [الوافر]

١٠٥٢ ـ فأمّا كيّس فنجا ولكن

عسى يغترّ بي حمق لئيم (٢)

وتكون تامّة ، إذا أسندت إلى «أن» أو «أنّ» ؛ لأنهما يسدّان مسدّ اسمها وخبرها ، والأصحّ أنها فعل ، لا حرف ، لاتصال الضمائر البارزة المرفوعة بها.

قال تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ) [محمد : ٢٢] ويرتفع الاسم بعده فقوله «عسى زيد» معناه : قرب ووزنها «فعل» بفتح العين ، ويجوز كسر عينها ، إذا أسندت لضمير متكلم ، أو مخاطب أو نون إناث وهي قراءة نافع (٣) ، وستأتي إن شاء الله تعالى ولا تتصرّف بل تلزم المضيّ. والفرق بين الإشفاق والترجّي بها في المعنى :

أنّ الترجّي في المحبوبات ، والإشفاق في المكروهات.

و «عسى» من الله تعالى واجبة ؛ لأنّ الترجّي والإشفاق محالان في حقّه. وقيل : كلّ «عسى» في القرآن للتحقيق ، يعنون الوقوع ، إلّا قوله تعالى : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَ) [التحريم : ٥] وهي في هذه الآية ليست ناقصة ؛ فتحتاج إلى خبر ، بل تامة ، لأنها أسندت إلى «أن» ، وقد تقدّم أنها تسدّ مسدّ الخبرين بعدها. وزعم الحوفيّ أنّ : «أن تكرهوا» في محلّ نصب ، ولا يمكن ذلك إلا بتكلّف بعيد.

قوله : (وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) في هذه الجملة وجهان :

أظهرهما : أنها في محلّ نصب على الحال ، وإن كانت من النكرة بغير شرط من الشروط المعروفة قليلة.

والثاني : أن تكون في محلّ نصب على أنها صفة ل «شيئا» وإنما دخلت الواو على الجملة الواقعة صفة ؛ لأنّ صورتها صورة الحال ، فكما تدخل الواو عليها حالية ، تدخل عليها صفة ، قاله أبو البقاء ومثل ذلك ما أجازه الزمخشريّ في قوله : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) [الحجر : ٤] فجعل «ولها كتاب» صفة لقرية ، قال : وكان القياس ألّا تتوسّط هذه الواو بينهما ؛ كقوله : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) [الشعراء : ٢٠٨] وإنما توسّطت ؛ لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف ، كما يقال في الحال : «جاءني زيد عليه ثوب ، وعليه ثوب». وهذا الذي أجازه أبو البقاء هنا ،

__________________

(١) ينظر : الكتاب ١ / ١٥٩ ، الخزانة ٤ / ٨٢ ، المحتسب ١ / ١١٩ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٦٣ ، والدر المصون ١ / ٥٢٦.

(٢) ستأتي في البقرة «٢٤٦».

(٣) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ٩٢.

٥٢٧

والزمخشريّ هناك ، هو رأي ابن جنّي ، وسائر النحاة يخالفونه.

فصل في بيان الخيرية في الغزو

قوله : (عَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) لأنّ في الغزو إحدى الحسنيين : إمّا الظفر والغنيمة ، وإمّا الشهادة والجنة «وعسى أن تحبّوا شيئا» يعني القعود عن الغزو ، وهو شرّ لكم ؛ لما فيه من فوات الغنيمة ، والأجر ، ومخالفة أمر الله تعالى.

قال القرطبي (١) : قيل «عسى» بمعنى «قد» وقال الأصمّ (٢) : و «عسى» من الله واجبة في جميع القرآن إلّا قوله تعالى : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً) [التحريم : ٥].

وقال أبو عبيدة (٣) : عسى من الله إيجاب ، والمعنى : عسى أن تكرهوا ما في الجهاد من المشقّة ؛ وهو خير لكم ، من أنّكم تغلبون ، وتظفرون وتغنمون ، وتؤجرون ، ومن مات ، مات شهيدا. و «الشّرّ» هو السّوء أصله : من شررت الشيء إذا بسطته يقال : شررت اللحم ، والثوب : إذا بسطته ، ليجف ؛ ومنه قوله : [الوافر]

١٠٥٣ ـ وحتّى أشرّت بالأكفّ المصاحف

والشّرر : هو اللهب لانبساطه. فعلى هذا «الشرّ» انبساط الاشياء الضارة ، وقوله : (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فالمقصود الترغيب العظيم في الجهاد ، وكأنه تعالى قال يا أيها العبد ، اعلم أنّ علمي أكمل من علمك ، فكن مشتغلا بطاعتي ، ولا تلتفت إلى مقتضى طبعك ، فهي كقوله في جواب الملائكة : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) [البقرة : ٣٠].

تمّ الجزء الثّالث ، ويليه الجزء الرّابع

وأوّله : «قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ ...)»

__________________

(١) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ٢٨.

(٢) ينظر : المصدر السابق.

(٣) ينظر : المصدر السابق.

٥٢٨

فهرس محتويات

الجزء الثالث

من

تفسير اللباب

٥٢٩

٥٣٠

فهرس المحتويات

تتمة سورة البقرة

الآية : ١٤٢.................................................................... ٤

فصل في الكلام على السفيه....................................................... ٤

فصل في الكلام على التولّي........................................................ ٥

فصل في تحرير معنى القبلة......................................................... ٦

فصل في بعض شبه اليهود والنصارى................................................ ٦

فصل في استقبال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيت المقدس هل كان عن رأي واجتهاد أم لا؟............. ٨

فصل في اختلافهم حين فرضت الصلاة أولا بمكة هل كانت إلى بيت المقدس أو إلى مكة؟. ٨

الآية : ١٤٣.................................................................... ٩

فصل في الاستدلال بالآية على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى......................... ١٢

فصل في الاستدلال بالآية على أن الإجماع حجّة................................... ١٢

فصل في الكلام على قوله : لتكونوا............................................... ١٦

فصل في الكلام على الشهادة.................................................... ١٧

فصل في الكلام على الآية....................................................... ٢٠

فصل في اختلافهم بسبب تعيين القبلة أو بسبب تحويلها؟............................ ٢٣

فصل في مناسبة اتّصال هذه الآية بما قبلها......................................... ٢٦

فصل في الكلام على الآية....................................................... ٢٨

فصل فيمن استدل بالآية على أن الله تعالى لا يخلق الكفر........................... ٢٩

الآية : ١٤٤.................................................................. ٢٩

٥٣١

فصل في الكلام على الآية....................................................... ٣١

فصل في اختلافهم في صلاته إلى بيت المقدس...................................... ٣٣

فصل في نسخ التوجه إلى بيت المقدس............................................. ٣٣

فصل في الكلام على المسجد الحرام............................................... ٣٧

فصل في المراد بالمسجد الحرام..................................................... ٣٧

فصل في الصلاة في المسجد الحرام................................................. ٣٩

فصل في وجوب الاستقبال في عموم الأمكنة....................................... ٤٢

فصل في كيفية معرفة أهل الكتاب................................................ ٤٣

الآية : ١٤٥.................................................................. ٤٣

فصل في المراد بالآية............................................................. ٤٥

فصل في لفظ «آية»............................................................ ٤٥

فصل في سبب نزول هذه الآية................................................... ٤٥

فصل في الهوى................................................................. ٤٧

الآيتان : ١٤٦ ، ١٤٧......................................................... ٥٠

فصل فيمن نزلت فيه الآية....................................................... ٥٥

الآية : ١٤٨.................................................................. ٥٥

فصل في لفظ الوجه............................................................. ٥٦

فصل في المسابقة إلى الصلاة..................................................... ٦٠

فصل في التغليس في صلاة الفجر................................................. ٦٢

الآيتان : ١٤٩ ، ١٥٠......................................................... ٦٤

فصل في الكلام على الآية....................................................... ٦٤

فصل في الكلام على هذه الحجة................................................. ٦٩

الآية : ١٥١.................................................................. ٧١

الآية : ١٥٢.................................................................. ٧٥

فصل في ورود الذكر في القرآن.................................................... ٧٥

الآية : ١٥٣.................................................................. ٧٧

فصل في أقسام الصبر وذكر الاستعانة............................................. ٧٧

٥٣٢

الآية : ١٥٤.................................................................. ٧٨

فصل في المراد بحياة الشهداء...................................................... ٧٨

الآية : ١٥٥.................................................................. ٨١

فصل في أقسام ما يلاقيه الإنسان من المكاره....................................... ٨٣

فصل في الفرق بين الخوف والجوع والنّقص......................................... ٨٣

الآيتان : ١٥٦ ، ١٥٧......................................................... ٨٥

فصل في الكلام على الآية «إنا لله».............................................. ٨٧

فصل في الكلام على الآية «هم المهتدون»......................................... ٨٩

الآية : ١٥٨.................................................................. ٩٠

فصل في حد الصفا والمروة....................................................... ٩٢

فصل في معنى «الشعائر»........................................................ ٩٣

فصل في الشعائر هل تحمل على العبادات أو على موضع العبادات.................... ٩٣

فصل في ظاهر قوله : «لا جناح عليه»............................................ ٩٩

الآية : ١٥٩................................................................. ١٠٢

فصل في تفسير «الكتمان».................................................... ١٠٤

فصل في المراد من «البيّنات»................................................... ١٠٥

فصل في حكم هذا «البيان»................................................... ١٠٦

فصل في الاحتجاج بقبول خبر الواحد........................................... ١٠٦

فصل في معنى اللعنة ، والمراد باللاعنين........................................... ١٠٧

الآية : ١٦٠................................................................. ١٠٩

فصل أنه تعالى بيّن عظيم الوعيد................................................ ١٠٩

الآيتان : ١٦١ ، ١٦٢....................................................... ١١٠

فصل في بيان جواز لعن من مات كافرا........................................... ١١٠

فصل في هل يجوز لعن الكافر المعين............................................. ١١١

فصل في وصف العذاب....................................................... ١١٤

الآية : ١٦٣................................................................. ١١٥

فصل في وجوه وصفه تعالى بأنه واحد............................................ ١١٥

٥٣٣

فصل في سبب النّزول......................................................... ١١٧

الآية : ١٦٤................................................................. ١١٧

فصل في أصل الليل........................................................... ١١٩

فصل في عدد البحور.......................................................... ١٢٢

فصل في سبب تسمية البحر بالبحر............................................. ١٢٣

فصل في الاستدلال بجريان الفلك في البحر على وجود الصانع...................... ١٢٣

فصل في بيان الحالة المستثناة في ركوب البحر...................................... ١٢٤

فصل في أن إنزال الماء من السماء آية دالّة على وجود الصانع....................... ١٢٤

فصل في دلالة إحياء الأرض بعد موتها على وجود الصانع.......................... ١٢٥

فصل في أنّ حدوث الدواب دليل على وجود الصانع.............................. ١٢٨

فصل في لحن من قال : الأرياح................................................. ١٣٠

فصل في بيان تصريف الرياح................................................... ١٣١

فصل في بيان دلالة الآية على الوحدانية.......................................... ١٣٢

فصل في تفسير «السّحاب»................................................... ١٣٣

فصل في الاستدلال بتسخير السحاب على وحدانية الله............................ ١٣٣

الآية : ١٦٥................................................................. ١٣٤

فصل في اختلافهم في المراد بالأنداد............................................. ١٣٥

فصل في المراد من قوله كحب الله............................................... ١٣٨

فصل في معنى قوله أشد حبّا لله................................................. ١٣٨

الآيتان : ١٦٦ ، ١٦٧....................................................... ١٤٣

فصل في المراد ب «الأسباب».................................................. ١٤٥

فصل في معنى التبرؤ........................................................... ١٤٨

فصل في المراد ب أعمال» في الآية.............................................. ١٤٩

الآيتان : ١٦٨ ، ١٦٩....................................................... ١٥٠

فصل في بيان أن الشيطان لا يأمر إلا بالقبائح.................................... ١٥٦

الآية : ١٧٠................................................................. ١٥٦

فصل في بيان معنى التقليد».................................................... ١٥٩

٥٣٤

فصل في المراد بالآية........................................................... ١٥٩

فصل في تقرير هذا الجواب..................................................... ١٦٠

فصل في بيان ما يستثنى من التّقليد.............................................. ١٦٢

فصل في وجوب التّقليد على العامّي............................................. ١٦٢

الآية : ١٧١................................................................. ١٦٢

فصل في المراد ب «ما لا يسمع»............................................... ١٦٤

الآية : ١٧٢................................................................. ١٦٨

فصل في بيان حقيقة الرّزق..................................................... ١٦٨

فصل في الوجوه التي وردت عليها كلمة «الطّيّب» في القرآن......................... ١٦٨

فصل في المراد من الآية........................................................ ١٦٩

الآية : ١٧٣................................................................. ١٧٠

فصل في أن الشيء المعلق ب «إن» لا يكون عدما عند عدم ذلك الشيء........... ١٧٠

فصل في بيان أن الآية عامّة مخصّصة بالسّنّة...................................... ١٧١

فصل في بيان حكم وقوع الطائر ونحوه في القدر................................... ١٧٢

فصل في بيان حكم الدّم....................................................... ١٧٢

فصل في بيان تحريم الخنزير...................................................... ١٧٢

فصل في اختلافهم في اقتضاء تحريم الأعيان الإجمال................................ ١٧٤

فصل في بيان مذاهب الفقهاء في الدباغ.......................................... ١٧٥

فصل في اختلافهم في حرمة الدّماء غير المسفوحة.................................. ١٧٥

فصل في شراء الخنزير ، وأكل خنزير الماء......................................... ١٧٦

فصل في الكلام على الآية «ما أهل به لغير الله».................................. ١٧٦

فصل في اختلافهم في معنى قوله «غير باغ ولا عاد»............................... ١٧٩

فصل في معنى المضطر......................................................... ١٨٠

فصل في اختلافهم في اختيار المضطرّين المحرّمات................................... ١٨٣

الآية : ١٧٤................................................................. ١٨٣

فصل في حقيقة الكتمان....................................................... ١٨٤

فصل في أكلهم النّار في الدنيا أم في الآخرة....................................... ١٨٤

٥٣٥

الآيتان : ١٧٥ ، ١٧٦....................................................... ١٨٧

فصل في اختلافهم في الإشارة ب «ذلك»....................................... ١٨٩

فصل في المراد باختلافهم....................................................... ١٩٠

الآية : ١٧٧................................................................. ١٩١

فصل في الاختلاف في أصل ليس............................................... ١٩٢

فصل في اختلافهم في عموم هذا الخطاب وخصوصه............................... ١٩٣

فصل في المشار إليه بالضمير................................................... ١٩٣

فصل فيما اعتبر الله تعالى في تحقيق البرّ.......................................... ١٩٧

فصل في معنى الإيتاء.......................................................... ٢٠٥

فصل في الوجوه الإعرابية لقوله «ذوي».......................................... ٢٠٧

فصل في المراد ب «ذوي القربى»................................................ ٢٠٨

فصل في جعل الآية في غير الزكاة................................................ ٢٠٩

فصل في معنى قوله «بعهدهم»................................................. ٢١٠

فصل في بلاغة قوله «والموفون» دون «وأوفى».................................... ٢١٢

فصل في الأحكام المستفادة من الآية............................................. ٢١٣

الآية : ١٧٨................................................................. ٢١٤

فصل في بيان سبب النزول..................................................... ٢١٤

فصل في اشتقاق كلمة «القصاص»............................................. ٢١٥

فصل في المراد بقوله كتب «عليكم»............................................. ٢١٦

فصل في اختلافهم في اقتضاء الآية الحصر........................................ ٢١٨

فصل في وجوب العهد أحد أمرين : إما القصاص وإما الدية........................ ٢٢١

فصل في أن تقدير الآية يقتضي شيئا من العفو.................................... ٢٢٣

فصل في دلالة الآية على كون الفاسق مؤمنا...................................... ٢٢٤

الآية : ١٧٩................................................................. ٢٢٨

فصل في معنى كون القصاص حياة.............................................. ٢٢٨

فصل في الردّ على احتجاج المعتزلة بالآية......................................... ٢٢٩

فصل في كون الآية في أعلى درجات البلاغة...................................... ٢٢٩

٥٣٦

الآية : ١٨٠................................................................. ٢٣١

فصل في المراد من حضور الموت................................................. ٢٣٣

فصل في المراد بالخير في الآية.................................................... ٢٣٤

فصل في تحرير معنى «الوصيّة».................................................. ٢٣٥

فصل في سبب كون الوصية للوالدين والأقربين.................................... ٢٣٦

فصل في المراد بالمعروف» في الآية............................................... ٢٣٧

فصل في اختلافهم في تغيير المدبر وصيته......................................... ٢٣٩

فصل في اختلافهم في قول الرجل لعبده : «أنت حرّ بعد موتي»..................... ٢٣٩

فصل في اختلافهم في رجوع المجيزين للوصية للوارث في حياة الموصي.................. ٢٤٠

فصل في الحجر على المريض في ماله............................................. ٢٤٠

فصل في توقّف الوصيّة على إجازة الورثة......................................... ٢٤٠

فصل في وجوب الوصية........................................................ ٢٤٠

فصل في حقّ من نسخت الآية»................................................ ٢٤٣

الآية : ١٨١................................................................. ٢٤٣

فصل في بيان المبدّل........................................................... ٢٤٤

فصل في تبديل الوصيّة بما لا يجوز............................................... ٢٤٤

الآية : ١٨٢................................................................. ٢٤٥

فصل في سوء الخاتمة بالمضارة في الوصيّة.......................................... ٢٤٧

فصل في بيان المراد من المصلح.................................................. ٢٤٧

فصل في أفضلية الصدقة حال الصحة........................................... ٢٤٩

فصل في من لم يضر في وصيته كانت كفارة لما ترك من زكاته........................ ٢٤٩

الآية : ١٨٣................................................................. ٢٥٠

فصل في المراد بالتشبيه في الآية................................................. ٢٥٢

الآية : ١٨٤................................................................. ٢٥٤

فصل في اختلافهم في المراد بالأيّام............................................... ٢٥٥

فصل في أول ما نسخ بعد الهجرة................................................ ٢٥٧

فصل في المراد بقوله «معدودات»............................................... ٢٥٧

٥٣٧

فصل في المرض المبيح للفطر.................................................... ٢٥٨

فصل في أصل السّفر واشتقاقه.................................................. ٢٥٩

فصل في السفر المبيح للقصر والفطر............................................. ٢٦٠

فصل في قدر السّفر المبيح للرّخص.............................................. ٢٦٠

فصل في أنه يجب على المريض والمسافر أن يفطرا أو يصوما عدة أيام أخر............. ٢٦٥

فصل في هل صوم المسافر أفضل أم فطره......................................... ٢٦٧

فصل في حكم ما إذا أفطر كيف يقضي؟........................................ ٢٦٧

فصل في نسخ الآية........................................................... ٢٧٠

فصل في المراد بالفدية ومقدارها................................................. ٢٧١

فصل في احتجاج الجبائي بالآية................................................. ٢٧١

الآية : ١٨٥................................................................. ٢٧٣

فصل في تسمية شهر رمضان................................................... ٢٧٦

فصل في التنزيل في شهر رمضان................................................ ٢٨٠

فصل في بناء القولين على مخالفة الظاهر......................................... ٢٨٤

فصل «فمن شهد منكم الشهر فليصمه»........................................ ٢٨٤

فصل في وجوب الصوم لمن شهد الشهر.......................................... ٢٨٥

فصل في كيفية شهود الشّهر.................................................... ٢٨٥

فصل في حدّ الصوم........................................................... ٢٨٦

فصل في دحض شبهة للمعتزلة................................................. ٢٨٨

فصل في دحض شبهة أخرى للمعتزلة............................................ ٢٨٨

فصل في المراد بالتكبير في الآية.................................................. ٢٩١

الآية : ١٨٦................................................................. ٢٩٢

فصل في بيان سبب النزول..................................................... ٢٩٣

فصل في المراد من الآية........................................................ ٢٩٤

فصل في بيان حقيقة الدّعاء.................................................... ٢٩٥

فصل في الجواب على من ادّعى أن لا فائدة في الدّعاء............................. ٢٩٦

فصل في استجابة الدعاء....................................................... ٣٠٠

٥٣٨

الآية : ١٨٧................................................................. ٣٠٢

فصل في بيان سبب النزول..................................................... ٣٠٤

فصل في وجوه تشبيه الزوجين باللّباس............................................ ٣٠٨

فصل في معنى «تختانون أنفسكم».............................................. ٣٠٩

فصل في دلالة الآية على أن الأمر بعد الحظر يقتضي الإباحة....................... ٣١١

فصل في قوله تعالى : «وابتغوا ما كتب الله لكم».................................. ٣١١

فصل في معاني «كتب»....................................................... ٣١٢

فصل في المفطرات............................................................. ٣١٤

فصل في صوم الجنب.......................................................... ٣١٥

فصل في حقيقة الليل.......................................................... ٣١٥

فصل في اختلافهم في ماهيّة اللّيل............................................... ٣١٦

فصل في أن صوم النفل يجب إتمامه.............................................. ٣١٦

فصل في حكم تحريم المباشرة في الصيام........................................... ٣١٩

فصل في لمس المعتكف المرأة بغير شهوة........................................... ٣١٩

فصل في أن شرط الاعتكاف الجلوس في المسجد.................................. ٣١٩

فصل في الاعتكاف بدون الصوم............................................... ٣١٩

فصل في أقل مدة الاعتكاف................................................... ٣٢٠

فصل إذا أتى المعتكف كبيرة ، بطل اعتكافه...................................... ٣٢٠

الآية : ١٨٨................................................................. ٣٢٢

فصل في سبب نزول الآية...................................................... ٣٢٢

فصل فيما يحل ويحرم من الأموال................................................ ٣٢٣

فصل في سبب تسمية الرشوة بالإدلاء........................................... ٣٢٦

فصل في الفسق بأخذ ما يطلق عليه اسم مال..................................... ٣٢٩

الآية : ١٨٩................................................................. ٣٣٠

فصل في اختلافهم في السائل عن الأهلّة......................................... ٣٣١

فصل في تخصيص المواقيت بالهلال دون الشمس.................................. ٣٣٣

فصل أن الله سبحانه ذكر وجه الحكمة في خلق الأهلة............................. ٣٣٤

٥٣٩

فصل في الرد على أهل الظّاهر.................................................. ٣٣٥

فصل في سبب نزول الآية...................................................... ٣٣٦

فصل في اختلافهم في تفسير الآية............................................... ٣٣٨

الآيات : ١٩٠ ـ ١٩٣........................................................ ٣٣٩

فصل في سياق الآيات......................................................... ٣٤٠

فصل في اختلافهم في المراد من قوله «الذين يقاتلونكم»............................ ٣٤١

فصل فيما قيل في النسخ بهذه الآية.............................................. ٣٤٢

فصل في شرط كيفية قتالهم..................................................... ٣٤٥

فصل في اختلافهم في متعلّق الانتهاء............................................. ٣٤٥

فصل في دلالة الآية على قبول التّوبة من كلّ ذنب................................ ٣٤٥

فصل في المراد بالفتنة.......................................................... ٣٤٦

فصل في معاني الفتنة في القرآن.................................................. ٣٤٧

الآية : ١٩٤................................................................. ٣٤٨

فصل في بيان سبب النّزول..................................................... ٣٤٨

فصل في اختلافهم في تسمية المكافأة عدوانا...................................... ٣٥٠

الآية : ١٩٥................................................................. ٣٥١

فصل في اختلافهم في تفسير الإلقاء بالأيدي إلى التهلكة........................... ٣٥٤

الآية : ١٩٦................................................................. ٣٥٧

فصل في اختلافهم في وجوب العمرة............................................. ٣٥٩

فصل في أداء الحج والعمرة..................................................... ٣٦٣

فصل في العدوّ الحاصر......................................................... ٣٦٨

فصل في الإحصار............................................................ ٣٦٩

فصل في قضاء المحصر......................................................... ٣٦٩

فصل : إذا عدم المحصر الهدي ، هل ينتقل إلى البدل؟............................. ٣٧٠

فصل في اختلافهم في العمرة.................................................... ٣٧١

فصل في وجوب نية التّحلل عند الذّبح........................................... ٣٧١

فصل : لا يجوز إراقة دم الإحصار إلا في الحرم.................................... ٣٧١

٥٤٠