إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ١٢

السيّد نور الله الحسيني المرعشي التستري

الامام العاشر

على بن محمد الهادي عليه‌السلام

٤٤١

تاريخ ميلاده وشهادته عليه‌السلام بسمّ المتوكل

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج ١٢ ص ٥٦ ط القاهرة) قال :

أخبرني الأزهري أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن محمّد بن عرفة قال : وفي هذه السنة ـ يعني سنة أربع وخمسين ومأتين ـ توفّى عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب بسرّ من رأى في داره الّتي ابتاعها من دليل بن يعقوب النّصراني. أخبرني التّنوخي أخبرني الحسن بن الحسين النّعالى ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الذّارع ، حدّثنا حرب بن محمّد ، حدّثنا الحسين بن محمّد العمى البصري. وحدّثنا أبو سعيد الأزدى سهل بن زياد. قال : ولد أبو الحسن العسكري ـ عليّ بن محمّد ـ (١) في رجب سنة مأتين وأربع عشرة من الهجرة ، وقضى في يوم الاثنين لخمس ليال بقين من جمادى الآخرة سنة مأتين وأربع وخمسين من الهجرة.

__________________

(١) قال العلامة ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» (ص ٢٦٤ ط الغرى)

قال بعض أهل العلم : فضل أبى الحسن على بن محمد الهادي قد ضرب على الحرة قبابه ومد على نجوم السماء أطنابه ، فما تعد منقبة الا واليه نحيلتها ، ولا تذكر كريمة إلا وله فضيلتها ، ولا تورد محمدة إلا وله تفضيلها وجملتها ، ولا تستعظم حالة سنية الا وتظهر عليه أدلتها ، استحق ذلك بما في جوهر نفسه من كرم تفرد بخصائصه ومجد حكم فيه على طبعه الكريم بحفظه من الشرب حفظ الراعي لقلائصته ، فكانت نفسه مهذبة وأخلاقه مستعذبة وسيرته عادلة وخلاله فاضلة وميازه إلى العفاة واصلة وزموع المعروف بوجود وجوده عامرة آهلة

٤٤٢

ومنهم العلامة الگنجى الشافعي في «كفاية الطالب» (ص ٣١٢ ط الغرى) قال:

وهو الإمام بعد الجواد ، مولده بصريا من المدينة للنصف من ذى الحجّة سنة اثنتي عشرة ومأتين ، وتوّفى بسرّ من رأى في رجب سنة أربع وخمسين ومأتين وله يومئذ إحدى وأربعون سنة ودفن في داره بسرّ من رأى ، وخلف من الولد أبا محمّد العسكري.

ومنهم العلامة محمد بن طلحة في «مطالب السؤول» (ص ٨٨ ط طهران).

أما مولده (أي عليّ بن محمّد الهادي) ففي رجب من سنة مأتين وأربع عشرة سنة للهجرة ، وأمّا نسبه فأبوه أبو جعفر محمّد القانع بن عليّ بن الرضا بن موسى.

وأمّا عمره فأنّه مات في جمادى الآخرة لخمس ليال بقين منه من سنة أربع وخمسين ومأتين للهجرة فيكون عمره أربعين سنة غير أيّام ، كان مقامه مع أبيه ست سنين وخمسة أشهر.

ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» (ص ٢٥٩ ط الغرى). قال :

قال ابن الخشاب في كتابه مواليد أهل البيت عليهم‌السلام : ولد أبو الحسن عليّ العسكري في رجب سنة أربع عشر ومائتين من الهجرة ، وأمّا نسبه فهو عليّ الهادي ابن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصّادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام إلى ان قال : وأمّا كنيته فأبو الحسن لا غير ، وأمّا ألقابه فالهادى والمتوكّل والنّاصح والمتّقى والمرتضى والفقيه

__________________

جرى من الوقار والسكون والطمأنينة والعفة والنزاهة والخمول في النباهة على وتيرة نبويّة وشنشنة علوية ونفس زكية وهمة علية لا يقاربها أحد من الأنام ولا يدانيها ، وطريقة حسنة لا يشاركه فيها خلق ولا يطمع فيها.

٤٤٣

والأمين والطيّب ، وأشهرها الهادي.

وفي (ص ٢٦٥).

قبض أبو الحسن عليّ الهادي عليه‌السلام المعروف بالعسكري ابن محمّد الجواد بسرّ من رأي في يوم الاثنين الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين ومائتين ودفن في داره بسرّ من رأى وله يومئذ من العمر أربعون سنة وكان المتوكّل قد أشخصه من المدينة النبويّة إلى سرّ من رأي مع يحيى بن هرثمة بن أعين في سنة ثلاث وأربعين ومائتين كما قدّمنا فأقام بها حتّى مضى لسبيله إحدى عشر سنة وكانت مدّة إمامته ثلاث وثلاثين سنة.

ومنهم العلامة محب الدين محمد أمين بن فضل الله الحموي الحنفي المتوفى سنة ١١١١ في «جنى الجنتين في تمييز نوعى المثنيين» (ص ٧٨ ط مكتبة القدسي بدمشق) قال :

وكان مولدهما (أي العسكريّين) بالمدينة ونقلا إلى عسكر المعتصم سامرا ، فنسبا إليه ، فأمّا عليّ فإنّه أقام بسامراء عشرين سنة ثمّ مات في رجب سنة أربع وخمسين ومأتين.

ومنهم العلامة سبط ابن الجوزي في «التذكرة» (ص ٣٧٥ ط الغرى) قال :

وتوفّى عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى الرضا في جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين ومائتين بسرّ من رأى ومولده في رجب سنة أربع عشر ومائتين وكان سنّه يوم مات أربعين سنة وكانت وفاته في أيام المعتز بالله ودفن بسرّ من رأى أنّه مات مسموما.

ومنهم العلامة ابن حجر الهيتمى في «الصواعق المحرقة» (ص ١٢٤ ط عبد اللطيف بمصر) قال :

٤٤٤

وتوفى رضي‌الله‌عنه بسرّ من رأى في جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين ومأتين ودفن بداره ، وعمره أربعون ، وكان المتوكّل أشخصه من المدينة إليها سنة ثلاث وأربعين ، فأقام بها إلى أن قضى عن أربعة ذكور واثنى أجلّهم.

ومنهم العلامة المعاصر السيد محمد عبد الغفار الهاشمي الحنفي في «أئمة الهدى» (ص ١٣٦ ط القاهرة) قال :

فلمّا ذاعت شهرته (أي الهادي عليه‌السلام) استدعاه الملك المتوكّل من المدينة المنوّرة حيث خاف على ملكه وزوال دولته إليه بماله من علم كثير ، وعمل صالح وسداد رأى ، وقول حقّ وأسكنه بدار ملكه بالعراق في عاصمة (سامرّا) وأخيرا دسّ له السمّ وتوفّى منه يوم الإثنين في ٢٥ من جمادى الآخرة سنة ٢٥٤ وكان عمره إذ ذاك الوقت ٤٠ سنة ومدّة إمامته ٣٠ سنة ودفن بداره في (سامرّا) الّتي هي خربة الآن إلّا من فئة قليلة من العرب وعلى مرقده قبّة جميلة رضي‌الله‌عنه وعليه‌السلام.

ومنهم العلامة الشبلنجي في «نور الأبصار» (ص ٢٢٤ ط العثمانية بمصر) ذكر ما تقدم ثانيا عن «الفصول المهمة» إلى قوله وكان المتوكّل ثمّ قال : ودفن في داره بسرّ من رأى يقال أنّه مات مسموما والله أعلم.

ومنهم العلامة السيد عباس المكي في «نزهة الجليس» (ج ٢ ص ٨٣) قال :

وكانت ولادته (أي عليّ الهادي) يوم الأحد ثالث عشر رجب وقيل : يوم عرفه سنة أربع ، وقيل : ثلاثة عشرة ومأتين ، ولمّا كثرت السعاية في حقّه عند المتوكّل أخرجه من المدينة ، وكان مولده بها وأقرّه بسرّ من رأى وهي مدينة بناها المعتصم ، وقد تقدّم ذكرها ، فأقام بها الإمام علي الهادي عشرين سنة وسبعة أشهر ، وتوفّى بها يوم الاثنين لخمس بقين من جمادى الآخرة ، وقيل : لأربع بقين ، وقيل :

٤٤٥

في رابعها ، وقيل : في ثالث رجب سنة أربع وخمسين ومأتين ، ودفن في داره والله أعلم بغيبه وأحكم ، وأمّا فضائل الإمام عليّ الهادي عليه وعلى آبائه السلام ، فليس لها حدّ ومعجزاته لا يحصرها العدّ.

النص على إمامته عن أبيه محمد بن على عليهما‌السلام

رواه القوم :

منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» (ص ٢٥٩ ط الغرى)

روى عن إسماعيل بن مهران قال : لمّا خرج أبو جعفر محمّد الجواد من المدينة إلى بغداد بطلبة المعتصم قلت له عند خروجه : جعلت فداك إنّي أخاف عليك من هذا الوجه فإلى من الأمر بعدك؟ فبكى حتّى بلّ لحيته ثمّ التفت إلىّ فقال : الأمر من بعدي لولدي عليّ.

فضله وسماحته عليه‌السلام

وممّا يشهد لذلك ما رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» (ص ٢٦٠ ط الغرى) قال:

فمن ذلك أنّ أبا الحسن كان قد خرج يوما من سرّ من رأى إلى قرية له لمهم عرض له فجاء رجل من بعض الأعراب يطلبه في داره فلم يجده وقيل له : إنّه ذهب إلى الموضع الفلاني فقصده إلى موضعه فلمّا وصل إليه قال له : ما حاجتك؟ فقال له : أنا رجل من أعراب الكوفة المستمسكين بولاء جدّك أمير المؤمنين عليّ

٤٤٦

ابن أبي طالب عليه‌السلام وقد ركبتني ديون فادحة أثقل ظهري حملها ولم أر من أقصده لقضائها سواك فقال له أبو الحسن : كم دينك؟ فقال : نحو العشرة آلاف درهم فقال : طب نفسا وقرّ عينا يقضى دينك إنشاء الله تعالى ، ثمّ أنزله فلمّا أصبح قال له : يا أخا العرب أريد منك حاجة لا تعصاني فيها ولا تخالفني والله الله فيما آمرك به وحاجتك تقضى إن شاء الله تعالى فقال الأعرابي : لا أخالفك في شيء ممّا تأمرني به فأخذ أبو الحسن ورقة وكتب فيها بخطّه دينا عليه للأعرابي بالمذكور وقال : خذ هذا الخطّ معك فإذا حضرت سرّ من رأى فتراني أجلس مجلسا عامّا فإذا حضر النّاس واحتفل المجلس فتعال إلىّ بالخطّ وطالبني واغلظ علىّ في القول ولا عليك والله الله أن تخالفني في شيء مما أوصيك به ، فلمّا وصل أبو الحسن إلى سرّ من رأى جلس مجلسا عاما وحضر عنده جماعة من وجوه النّاس وأصحاب لخليفة المتوكّل وأعيان البلد وغيرهم ، فجاء ذلك الأعرابي وأخرج الخطّ وطالبه بالمبلغ المذكور وأغلظ عليه في الكلام فجعل أبو الحسن يعتذر إليه ويطيب نفسه بالقول ويعده بالخلاص عن قريب وكذلك الحاضرون وطلب منه المهلة ثلاثة أيّام ، فلمّا انفكّ المجلس نقل ذلك الكلام إلى الخليفة المتوكّل فأمر لأبي الحسن على الفور بثلاثين ألف درهم ، فلمّا حملت إليه تركها إلى أن جاء الأعرابي فقال له : خذ هذا المال فاقض منه دينك واستعن بالباقي على وقتك والقيام على عائلتك فقال الأعرابي : يا ابن رسول الله والله في العشرة آلاف بلوغ مطلبي ونهاية إربى وكفاية لي فقال أبو الحسن : والله لتأخذن ذلك جميعه وهو رزقك الّذي ساقه الله إليك ولو كان أكثر من ذلك ما نقصناه ، فأخذ الأعرابي الثلاثين ألف درهم وانصرف وهو يقول : الله أعلم حيث يجعل رسالته.

ومنهم العلامة محمد بن طلحة الشافعي المتوفي سنة ٦٥٤ في «مطالب السؤول» (ص ٨٨ ط تهران).

٤٤٧

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «الفصول المهمّة» بتلخيص يسير لا يضرّ بالمعنى غير أنّه ذكر بدل قوله : كتب فيها بخطّه دينا عليه الأعرابي : فكتب له الأعرابي ما لا عيّنه فيها يرجّح على دينه.

ومنهم العلامة الشيخ سليمان البلخي القندوزى في «ينابيع المودة» (ج ٣ ص ١٣ ط العرفان).

روى الحديث ملخّصا مع التحفظ بذكر أصل الواقعة.

ومنهم العلامة ابن حجر في «الصواعق» (ص ١٢٣ ط البابى بحلب).

روى الحديث ملخّصا مع التحفظ بذكر أصل الواقعة.

ومنهم العلامة المولوى محمد مبين الهندي في «وسيلة النجاة» (ص ٤١ ط لكهنو).

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «الفصول المهمة».

زهده وعبادته عليه‌السلام

رواه القوم :

منهم العلامة محمد خواجه پارساى البخاري في «فصل الخطاب» (على ما في الينابيع ص ٣٨٦ ط اسلامبول) قال :

وكان أبو الحسن عليّ الهادي عابدا فقيها إماما قيل للمتوكّل إنّ في منزله أسلحة يطلب الخلافة ، فوجّه إليه رجالا هجموا عليه فدخلوا داره فوجدوه في بيته وعليه مدرعة من شعر على رأسه الشريف ملحفة من صوف وهو مستقبل القبلة وليس بينه وبين الأرض بساط إلّا الرّمل والحصى وهو يترّنم بآيات من القرآن في الوعد والوعيد ، فحملوه إليه على ألبسته المذكورة فلمّا رآه عظّمه

(احقاق الحق مجلد ١٢ ج ٢٨)

٤٤٨

وأجلسه إلى جنبه فكلّمه فبكى المتوكل بكاء طويلا ثمّ قال : يا أبا الحسن عليك دين؟ قال : نعم أربعة آلاف دينار فأمر المتوكّل بدفعها إليه ثمّ ردّه إلى منزله مكرما.

جوابه عليه‌السلام عن مسألة عجز الفقهاء عنها

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم الحافظ الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج ١٢ ص ٥٦ ط السعادة بمصر) قال :

أخبرني الأزهري حدّثنا أبو أحمد عبيد الله بن محمّد المقري ، حدّثنا محمّد ابن يحيى النديم ، حدّثنا الحسين بن يحيى. قال : اعتلّ المتوكّل في أوّل خلافته ، فقال : لئن برئت لأتصدّقنّ بدنانير كثيرة ، فلمّا برء جمع الفقهاء فسألهم عن ذلك فاختلفوا ، فبعث إلى عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر فسأله فقال : يتصدّق بثلاث وثمانين دينارا فعجب قوم من ذلك ، وتعصّب قوم عليه ، وقالوا تسأله يا أمير المؤمنين من أين له هذا؟ فردّ الرسول إليه فقال له : قل لأمير المؤمنين في هذا الوفاء بالنّذر ، لأنّ الله تعالى قال : (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ) فروى أهلنا جميعا أنّ المواطن في الوقائع والسرايا والغزوات كانت ثلاثة وثمانين موطنا ، وأنّ يوم حنين كان الرّابع والثّمانين ، وكلّما زاد أمير المؤمنين في فعل الخير كان أنفع له ، وأجر عليه في الدّنيا والآخرة.

ومنهم العلامة الشيخ عبد الرحمن الصفورى البغدادي في «نزهة المجالس» (ج ١ ص ٢٢٦ ط القاهرة).

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «تاريخ بغداد» لكنّه ذكر ثمانين ولم يزد عليه ثلاثا.

٤٤٩

ومنهم العلامة سبط ابن الجوزي في «التذكرة» (ص ٣٧٤ ط الغرى).

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «تاريخ بغداد» ملخّصا ثمّ قال : فعجب المتوكّل والفقهاء من هذا الجواب.

ومنهم العلامة المولوى محمد مبين الهندي في «وسيلة النجاة» (ص ٤٠٠ ط لكنهو).

روى الحديث بعين ما تقدم عن «تاريخ بغداد».

جوابه عليه‌السلام عن مسألة يحيى بن أكثم

بعد عجز الفقهاء عنها

رواه القوم :

منهم الحافظ أبو بكر البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج ١٢ ص ٥٦ ط السعادة بمصر) قال :

أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا محمّد بن الحسن بن زياد المقري النقّاش ، حدّثنا الحسين بن حمّاد المقري ـ بقزوين ـ حدّثنا الحسين بن مروان الأنباري ، حدّثني محمّد بن يحيى المعاذي قال : قال يحيى بن أكثم في مجلس الواثق ـ والفقهاء بحضرته ـ من حلق رأس آدم حين حجّ؟ فتعايى القوم عن الجواب ، فقال الواثق : أنا أحضركم من ينبئكم بالخبر ، فبعث إلى عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب فأحضر فقال : يا أبا الحسن من حلق رأس آدم؟ فقال سألتك (بالله) يا أمير المؤمنين إلّا أعفيتني ، قال : أقسمت عليك لتقولنّ قال : أما إذ أبيت فإنّ أبي حدّثني عن جدّي. عن أبيه ، عن جدّه. قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أمر جبرئيل أن ينزل بياقوتة من الجنّة ، فهبط بها فمسح بها رأس آدم فتناثر الشّعر منه ، فحيث بلغ نورها صار حرما».

٤٥٠

اخباره عن المغيبات

رواه القوم :

منهم العلامة الشبلنجي في «نور الأبصار» (ص ١٥٣ ط مصر) قال : عن الاسباطي قال : قدمت على أبي الحسن علىّ بن محمّد المدينة الشريفة من العراق فقال لي ما خبر الواثق عندك؟ فقلت : خلفته في عافية وأنا من أقرب الناس به عهدا وهذا مقدمي من عنده وتركته صحيحا فقال : إنّ النّاس يقولون إنّه قد مات فلمّا قال لي : إنّ النّاس يقولون إنّه قد مات فهمت أنّه يعني نفسه فسكت ثمّ قال : ما فعل ابن الزيّات؟ قلت : النّاس معه والأمر أمره فقال : أما إنّه شؤم عليه ثمّ قال : لا بدّ أن تجري مقادير الله وأحكامه يا جيران مات الواثق وجلس جعفر المتوكّل وقتل ابن الزيّات فقلت : متى؟ قال : بعد مخرجك بستّة أيّام فما كان إلّا أيّام قلائل حتّى جاء قاصد المتوكّل إلى المدينة فكان كما قال.

ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» (ص ٢٦١ ط الغرى).

روى الحديث عن الوشاء ، عن جبران الاسباطي بعين ما تقدّم عن «نور الأبصار» وذكر جبران بالباء الموّحدة.

ومن كراماته عليه‌السلام

رواها القوم :

منهم العلامة الشيخ سليمان البلخي القندوزى المتوفى سنة ١٢٩٣ في كتابه «ينابيع المودة» (ج ٣ ص ١٤ ط مطبعة العرفان ببيروت) قال :

ونقل المسعودي أنّ المتوكّل أمر بثلاثة من السّباع فجيء بها في صحن

٤٥١

قصره ثمّ دعا الإمام عليّ النقي فلما دخل اغلق باب القصر فدارت السّباع حوله وخضعت له وهو يمسحها بكمّه ثمّ صعد إلى المتوكّل وتحدث معه ساعة ثمّ نزل ففعلت السّباع معه كفعلها الأوّل حتّى خرج فاتبعه المتوكّل بجائزة عظيمة فقيل للمتوكّل إنّ ابن عمّك يفعل بالسّباع ما رأيت فافعل بها ما فعل ابن عمّك قال : أنتم تريدون قتلي ثمّ أمرهم أن لا يفشوا ذلك توفّى في سرّ من رأى في جمادى الأخيرة سنة أربع وخمسين ومأتين.

صبره عليه‌السلام على إيذاء المتوكل

ومما يشهد لذلك ما رواه العلامة ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» (ص ٢٦٣ ط الغرى) قال :

وعن عليّ بن إبراهيم الطائفي قال : مرض المتوكّل من خراج خرج بحلقه فأشرف على الهلاك ولم يحسن أحد أن يمسّه بحديد فنذرت امّ المتوكّل لأبي الحسن عليّ بن محمّد إن عوفي ولدها من هذه العلّة لتعطينه مالا جليلا من مالها ، فقال الفتح بن خاقان للمتوكّل : لو بعثت إلى هذا الرّجل يعني أبا الحسن فسألته فربّما كان على يده فرج لك فقال : ابعثوا إليه فمضى إليه رسول المتوكّل فقال : خذوا كسب الغنم وديفوه بماء الورد وضعوه على الجراح ينفتح من ليلته بأهون ما يكون ويكون في ذلك شفائه إنشاء الله تعالى ، فلمّا عاد الرسول وأخبرهم بمقالته جعل من يحضر المتوكّل من خواصّه يهزأ من هذا الكلام فقال الفتح : وما يضرّ من تجربة ذلك فإنّي والله لأرجو به الصّلاح فعملوه ووضعوه على الجراح فانفتح من ليلته وخرج كلّما فيه فشفي المتوكّل من الألم الّذي كان يجده فأخذت امّ المتوكّل عشرة آلاف دينار من مالها ووضعتها في كيس وختمت عليه وبعثت به إلى أبي الحسن عليه‌السلام فأخذها وبعث إليه المتوكّل بفضله كيسا فيه

٤٥٢

خمسمائة دينار ثمّ بعد ذلك بمدّة طويلة كبيرة سعى شخص يقال له البطحاني لعنه الله بأبي الحسن عليه‌السلام إلى المتوكّل وقال : عنده أموال وسلاح وعدد ولا آمن خروجه عليك فتقدّم المتوكّل إلى سعيد الحاجب بأن يهجم عليه ليلا داره في جماعة من الرّجال والشجعان ويأخذ جميع ما يجده عنده من الأموال والسّلاح ويحمله إليه ، قال إبراهيم بن محمّد قال لي سعيد الحاجب : سرت إلى دار أبي الحسن ليلا بعد أن هجع النّاس في جماعة من الرّجال الانجاد ومعى الأعوان بالسلالم فصعدنا إلى سطح داره وفتحنا الباب وهجمنا بالشّموع والسرّج والنيران وفتشنا الدار جميعا أعلاها وأسفلها موضعا موضعا ومكانا مكانا فلم نجد فيها شيئا ممّا سعى به عليه غير كيسين أحدهما كبير ملآن مختوم والآخر صغير فيه فضلة وسيف واحد في جفير خلق معلّق ووجدنا أبا الحسن قائما يصلّي على حصير وعليه جبّة صوف وقلنسوة ولم يرتع لشيء ممّا نحن فيه ولا اكترث فأخذت الكيسين والسيف وسرت إلى المتوكّل فدخلت عليه وقلت : هذا الّذي وجدنا من المال والسلاح وأخبرته بما فعلت وبما رأيت من أبي الحسن فوجد على الكيس الملآن ختم امّه فطلبها وسألها عنه فقالت : كنت نذرت في علّتك إن عافاك الله منها لأعطيّن أبا الحسن عشرة آلاف دينار من مالي فحملتها إليه في هذا الكيس وهذا ختمي عليها فأضاف المتوكّل خمسمائة دينار أخرى إلى الخمسمأة الّتي كانت في الكيس الصغير من قبل وقال لسعيد الحاجب أردد الكيسين والسيف واعتذر لنا فيه ممّا كان منّا إليه قال سعيد : فرددت ذلك إليه وقلت له : أمير المؤمنين يعتذر إليك ممّا جرى منه وقد زادك خمسمائة دينار على الخمسمأة دينار الّتي كانت في الكيس من قبل واشتهى منك يا سيّدى أن تجعلني أنا الآخر في حلّ فإنّي عبد مأمور ولا أقدر على مخالفة أمير المؤمنين فقال لي يا سعيد : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) ـ.

وما رواه العلامة المولوى محمد مبين الهندي في «وسيلة النجاة» (ص ٤٠٥ ط لكنهو).

٤٥٣

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «الفصول المهمّة».

وما رواه العلامة ابن الجوزي في «التذكرة» (ص ٣٧٤ ط الغرى) قال :

وذكر أبو الحسن المسعودي في كتاب مروج الذّهب قال : نمّ إلى المتوكّل بعليّ بن محمّد إنّ في منزله كتبا وسلاحا من شيعته من أهل قم وأنّه عازم على الوثوب بالدوّلة فبعث إليه جماعة من الأتراك فهجموا داره ليلا فلم يجدوا شيئا ووجدوه في بيت مغلق وعليه مدرعة من صوف وهو جالس على الرّمل والحصى وهو متوّجه إلى الله تعالى يتلو آيا من القرآن فحمل على حاله تلك إلى المتوكّل ، وقالوا للمتوكّل لم نجد في بيته شيئا ووجدناه يقرأ القرآن مستقبل القبلة ، وكان المتوكّل جالسا في مجلس الشراب فادخل عليه والكأس في يد المتوكّل فلمّا رآه هابه وعظّمه وأجلسه إلى جانبه وناوله الكأس الّتي كانت في يده فقال : ما خامر لحمي ودمي قط فأعفني فأعفاه فقال له : أنشدني شعرا فقال عليّ : أنا قليل الرواية للشعر فقال لا بدّ فانشد عليّ عليه‌السلام :

باتوا على قلل الأجبال تحرسهم

غلب الرّجال فما أغنتهم القلل

واستنزلوا بعد عزّ من معاقلهم

وأسكنوا حفرا يا بئس ما نزلوا

ناداهم صارخ من بعد دفنهم

أين الأساور والتيجان والحلل

أين الوجوه الّتي كانت منعّمة

من دونها تضرب الأستار والكلل

فأفصح القبر عنهم حين سائله

تلك الوجوه عليها الدّود تنتقل

قد طال ما أكلوا دهرا وما شربوا

فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا

فبكى المتوكّل حتّى بلّت لحيته دموع عينه وبكى الحاضرون ودفع إلى عليّ أربعة آلاف درهم ثمّ ردّه إلى منزله مكرّما.

وما رواه العلامة السيد عباس المكي في «نزهة الجليس» (ج ٢ ص ٨٢) روى القصّة المذكورة بمعنى ما تقدّم عن «التذكرة» مع تغيير في بعض ألفاظ

٤٥٤

الأبيات بما لا يضرّ بالمعنى.

وما رواه العلامة المولوى محمد مبين الهندي في «وسيلة النجاة» (ص ٤٠٢ ط لكنهو)

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «مروج الذّهب».

ومن كلامه عليه‌السلام

من اتّقى الله يتّقى ، ومن أطاع الله يطاع.

ومن كلامه عليه‌السلام أيضا

من أطاع الله لم يبال بسخط المخلوق.

رواهما العلامة باكثير الحضرمي في «وسيلة المآل» (ص ٢١٣ نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق).

٤٥٥
٤٥٦

الامام الحادي عشر

الحسن بن على العسكري عليه‌السلام

٤٥٧

تاريخ ميلاده وشهادته عليه‌السلام

ذكره جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ص ٣٦٦ ط السعادة بمصر) قال :

وكان مولده (أي الحسن العسكري) على ما أخبرني عليّ بن أبي عليّ ، حدّثنا الحسن بن الحسين النعالي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الذّارع ، حدّثنا حرب بن محمّد ، حدّثنا الحسن بن محمّد العميّ البصري ، حدّثنا أبو سعيد سهل بن زياد الأزدي قال : ولد أبو محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى في سنة إحدى وثلاثين ومأتين ، وتوفّى في يوم الجمعة قال بعض الرواة : في يوم الأربعاء لثمان خلون من ربيع الأوّل سنة مأتين وستين.

ومنهم العلامة محمد بن طلحة الشافعي في «مطالب السؤول» (ص ٨٨ ط تهران) قال :

مولده سنة إحدى وثلاثين ومأتين للهجرة ، وأما نسبه فأبوه أبو الحسن على المتوكل بن محمّد القانع (أي عليّ بن محمّد الجواد عليه‌السلام).

ومنهم العلامة ابن حجر الهيتمى في «الصواعق المحرقة» (ص ١٢٤ ط عبد اللطيف بمصر) قال :

أبو محمّد الحسن الخالص وجعل ابن خلّكان هذا هو العسكري ولد سنة اثنتين وثلاثين ومأتين.

ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» (ص ٢٦٦ ط الغرى). قال :

ولد أبو محمّد الحسن بالمدينة لثمان خلون من ربيع الآخر سنة اثنين وثلاثين

٤٥٨

ومائتين للهجرة ، امّا نسبه أبا وأمّا فهو الحسن الخالص ابن عليّ الهادي ابن محمّد الجواد ابن عليّ الرضا بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ ابن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين.

ومنهم العلامة الشهير أبو سعيد عبد الكريم بن محمد السمعاني النيسابوري الشافعي المتوفى سنة ٥٦٢ في «الأنساب» (ص ٧٨٥ ط ليدن) قال :

فمن عسكر سامرا أبو محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر ابن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب العسكري العلوي كان يسكن سامرا. وكانت ولادته في سنة ٢٣١ ووفاته في شهر ربيع الأوّل سنة ستين ومأتين بسرّ من ـ رأى ودفن بجنب أبيه.

ومنهم العلامة سبط ابن الجوزي في «التذكرة» (ص ٣٧٦ ط الغرى) قال :

الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى الرضا بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب وامّه امّ ولد اسمها سوسن وكنيته أبو محمّد ويقال له العسكري أيضا ولد سنة إحدى وثلاثين ومأتين بسرّ من رأى وتوفّى بها سنة ستين ومأتين في خلافة المعتمد على الله وكان سنّة تسعا وعشرين سنة.

ومنهم العلامة الگنجى الشافعي في «كفاية الطالب» (ص ٣١٢ ط الغرى) قال:

وهو الإمام بعد الهادي ، مولده بالمدينة في شهر ربيع الآخر سنة اثنين وثلاثين ومأتين وقبض يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأوّل سنة ستين ومأتين وله يومئذ ثمان وعشرون سنة ودفن في داره بسرّ من رأى في البيت الّذي دفن فيه أبوه ، وخلف ابنه وهو الامام المنتظر.

٤٥٩

ومنهم العلامة السيد عباس المكي في «نزهة الجليس» (ج ٢ ص ١٢٠).

ترجمة أبي محمّد عليه‌السلام الامام الحسن العسكري بن عليّ الهاديّ بن محمّد الجواد ابن عليّ الرضا بن موسى الكاظم ـ وبقيّة نسبه أشهر من القمر ، ليلة أربعة عشر يعرف هو وأبوه بالعسكري لأنّ المعتصم لمّا بني مدينة سرّ من رأى انتقل إليها بعسكره ، فقيل لها : العسكريّة ، فنسب إليها الحسن وأبوه وكانت ولادة الحسن العسكري يوم الخميس في بعض شهور إحدى وثلاثين ومأتين ، وقيل سادس ربيع الأوّل ، وقيل ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومأتين ، وتوفّى يوم الجمعة ، وقيل : الأربعاء لثمان خلون من شهر ربيع الأوّل ، وقيل : جمادى الأولى سنة ستّين ومأتين بسرّ من ـ رأى ، ودفن بجنب قبر أبيه ، وأمّا فضائل الإمام ، فلا يحصرها الألسن.

ومنهم العلامة عبد الغفار الهاشمي في «أئمة الهدى» (ص ١٣٨ ط مصر)

توفى (أي الحسن العسكري عليه‌السلام) في يوم الجمعة في ثمان من شهر ربيع الاوّل سنة ٢٦٠ وقد كان عمره في ذلك الوقت ٢٨ سنة ومدّة إمامته ٦ سنوات ودفن في قبر أبيه.

ومنهم العلامة القندوزى في «ينابيع المودة» (ج ٣ ص ١١٣ ط العرفان ببيروت).

نقل عن «الصواعق» ما تقدّم عنه بلا واسطة.

ومنهم العلامة محب الدين محمد أمين الحموي الدمشقي المتوفى سنة ١١١١ في «جنى الجنتين» (ص ٧٨ ط دمشق) قال :

أمّا الحسن فانه مات بسامرّا أيضا في سنة ستين ومأتين ودفنا (أي مع أبيه) بسامرّاء وقبراهما ومشهد المنتظر بسامراء معروفة تزار.

ومنهم العلامة الشبلنجي في «نور الأبصار» (ص ٢٢٤ ط العثمانية بمصر)

ذكر في ميلاده ما تقدّم عن «الفصول المهمّة» وقال في (ص ٢٢٧) وكانت وفاة

٤٦٠