إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ١١

السيّد نور الله الحسيني المرعشي التستري

روى الحديث نقلا عن «الصواعق» بعين ما تقدّم عنه بلا واسطة.

وفي (ص ٣٥٢ ، الطبع المذكور) قال :

قال أبو مخنف : نصبوا الرمح الّذي عليه الرأس الشريف ، إلى أن قال : فلمّا جنّ اللّيل نظر الراهب إلى الرأس الشريف المكرّم رأى نورا قد سطع منه إلى عنان السماء ورأى أنّ الملائكة ينزلون ويقولون : يا أبا عبد الله عليك السّلام فبكى وقال لهم : ما الّذي معكم؟ قالوا : رأس الحسين بن عليّ ، فقال : من امّه؟ قالوا : امّه فاطمة الزّهراء بنت محمّد المصطفى ، قال : صدقت الأحبار ، قالوا : ما الّذي قالت الأحبار؟ قال : يقولون : إذا قتل نبيّ أو وصيّ أو ولد نبيّ أو ولد وصيّ تمطر السّماء دما فرأينا أنّ السّماء تمطر دما ، وقال : وا عجباه من امّة قتلت ابن بنت نبيّها. ثمّ قال : أنا أعطيكم عشرة آلاف درهم أن تعطوني الرأس الشريف فيكون عندي فقالوا : احضر عشرة آلاف درهم فأحضرها لهم فأخذ الرأس المبارك المكرّم وجعله في حجره ويقبّله ويبكى ويقول : ليت أكون أوّل قتيل بين يديك فأكون غدا معك في الجنّة واشهد لي عند جدّك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّي أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، وأحسن إسلامه (١).

__________________

(١) قال العلامة النسابة الشيخ أبو العباس القلقشندي في «صبح الأعشى» (ج ٣ ص ٣٥١ ط القاهرة):

ومن غريب ما اتفق من بركة هذه الرأس الشريفة ما حكاه القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر : أن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب حين استولى على هذا القصر بعد موت العاضد : آخر خلفاء الفاطميين بمصر قبض على خادم من خدام القصر وحلق رأسه وشد عليها طاسا داخله خنافس فلم يتأثر بها ، فسأله السلطان صلاح الدين عن ذلك وما السرفيه ، فأخبر أنه حين أحضرت الرأس الشريفة إلى المشهد حملها على رأسه فخلى عنه السلطان وأحسن اليه.

ونقله في «مآثر الإنافة في معالم الخلافة» (ص ١١٧ ط الكويت).

٥٠١

كل طعام لقتلة الحسين وشراب لهم

صار دما يوم قتله

رواه القوم :

منهم جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي الحنفي في «نظم درر السمطين» (ص ٢٢٠ مطبعة القضاء) قال :

روى أبو الشيخ في كتاب «السنّة» بسنده : انّه يوم قتل الحسين أصبحوا من الغد وكلّ قدر لهم طبخوها صار دما ، وكلّ إناء لهم فيه ماء صار دما.

٥٠٢

صار الورس الذي أخذ من عسكر الحسين رمادا

ونروى في ذلك أحاديث :

الاول

حديث زيد بن ابى الزناد

وقد تقدّم نقله في (احمرار السّماء بسبب شهادته).

الثاني

حديث سفيان عن جدّته

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة الطبرانيّ في «المعجم الكبير» (ص ١٤٧ نسخة المخطوطة) قال : حدّثنا عليّ بن عبد العزيز ، نا إسحاق بن إسماعيل ، نا سفيان ، حدّثتني جدّتي امّ أبي قال : رأيت الورس الّذي أخذ من عسكر الحسين صار مثل الرّماد.

ومنهم العلامة شمس الدين الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (ج ٣ ص ٢١١ ط مصر) قال :

قال ابن عيينة : حدّثتني جدّتي قالت : لقد رأيت الورس عاد رمادا ، ولقد رأيت اللحم كأنّ فيه النّار حين قتل الحسين.

٥٠٣

ومنهم العلامة المذكور في «تاريخ الإسلام» (ج ٢ ص ٣٤٨ ط مصر): روى الحديث فيه أيضا عن ابن عيينة بعين ما تقدّم عن «سير أعلام النبلاء».

ومنهم العلامة العسقلاني في «تهذيب التهذيب» (ج ٢ ص ٣٥٣ ط حيدرآباد):

روى الحديث من طريق الحميدي عن ابن عيينة بعين ما تقدّم عن «سير أعلام النبلاء».

ومنهم العلامة الخوارزمي في «مقتله» (ص ٩٠ ط الغرى) قال : وبهذا الاسناد (أى الاسناد المتقدّم في كتابه) عن يعقوب بن سفيان حدّثنا أبو بكر الحميدي ، حدّثنا سفيان ، حدّثتني جدّتي. فذكر الحديث بعين ما تقدّم عن «سير أعلام النبلاء» وزاد : لقد رأيت اللحم كأن فيه المرار ، وذلك ورس وابل كانت للحسين ونهبت لما قتل.

ومنهم العلامة محب الدين الطبري في «ذخائر العقبى» (ص ١٤٤ ط القدسي بالقاهرة) قال :

وعن سفيان أيضا : أنّ رجلا ممّن شهد قتل الحسين كان يحمل ورسا فصار ورسه رمادا ، أخرجه الملا في سيرته.

ومنهم العلامة أبو بكر الهيتمى في «مجمع الزوائد» (ج ٩ ص ١٩٧ ط القدسي بالقاهرة):

روى الحديث من طريق الطبراني بعين ما تقدّم عنه في «المعجم الكبير» ثمّ قال : ورجاله رجال الصحيح.

ومنهم العلامة أحمد بن حجر الهيتمى في «الصواعق المحرقة» (ص ١٩٢ ط عبد اللطيف بمصر) قال :

وأخرج أبو الشيخ : أن الورس الّذي كان في عسكرهم تحوّل رمادا ، وكان في

٥٠٤

قافلة من اليمن تريد العراق فوافتهم حين قتله. وحكى ابن عيينة عن جدّته أنّ جمّالا ممّن انقلب ورسه رمادا ، أخبرنا بذلك.

ومنهم العلامة الزرندي في «نظم درر السمطين» (ص ٢٢٠ ط القضاء):

روى عن يزيد بن أبي زياد قال : شهدت مقتل الحسين وأنا ابن خمسة عشر سنة فصار الورس في عسكرهم رمادا.

ومنهم العلامة السيوطي في «الخصائص» (ج ٢ ص ١٢٦ ط حيدرآباد):

روى الحديث من طريق البيهقي وأبي نعيم ، عن سفيان ، عن جدّته بعين ما تقدّم عن «سير أعلام النبلاء».

ومنهم العلامة القندوزى في «ينابيع المودة» (ص ٣٢١ ط اسلامبول).

نقل عن «الصواعق» بعين ما تقدّم عنه.

الثالث

حديث ابى حفصة

رواه القوم :

منهم العلامة الخوارزمي في «مقتل الحسين» (ج ٢ ص ٩٠ ط الغرى) قال :

وبهذا الإسناد ، عن يعقوب بن سفيان ، حدّثنا أبو نعيم ، حدّثني عقبة بن أبي حفصة ، عن أبيه قال : إن كان الورس من ورس الحسين بن عليّ ليقال به هكذا (أى يفرك) فيصير رمادا.

٥٠٥

قسموا لحم ناقة من عسكره في الحي فالتهبت

القدور نارا

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم جمال الدين الزرندي الحنفي في «نظم درر السمطين» (ص ٢٢٠ ط القضاء) قال :

وروى أيضا بسنده إلى حمامة بنت يعقوب الجعفية ، قالت : كان في الحي رجل ممّن شهد قتل الحسين ، فجاء بناقة من نوق الحسين عليه‌السلام فنحرها وقسمها في الحيّ ، فالتهبت القدور نارا فأكفيناها.

ومنهم العلامة الشيخ ابراهيم بن محمد البيهقي في «المحاسن والمساوى» (ص ٦٢ ط بيروت) قال :

وكانت معه ابل فجزروها فصارت جمرة في منازلهم.

ومنهم العلامة الطبرانيّ في «المعجم الكبير» (ص ١٤٧ ، مخطوط) قال : حدثنا زكريا بن يحيى السّاجي ، نا إسماعيل بن موسى السديّ ، نا دويد الجعفي عن أبيه قال : لمّا قتل الحسين رضي‌الله‌عنه انتهبت جزور من عسكره ، فلمّا طبخت إذا هي دم ، فاكفوها.

ومنهم الحافظ الهيتمى في «مجمع الزوائد» (ج ٩ ص ١٩٦ ط مكتبة القدسي في القاهرة).

روى الحديث من طريق الطبراني ، عن دويد بعين ما تقدّم عنه في «المعجم الكبير» ثمّ قال : ورجاله ثقاة».

٥٠٦

جعلوا شيئا من تركته على جفنة فصارت نارا

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم الحافظ ابن عساكر الدمشقي في «تاريخ دمشق» (ج ٤ ص ٣٤٠ ط روضة الشام) قال :

وقال حميد الطحّان : كنت في خزاعة ، فجاءوا بشيء من تركة الحسين فجعلوه على جفنة فلمّا وضعت صارت نارا.

ومنهم الحافظ على بن أبي بكر الهيتمى في «مجمع الزوائد» (ج ٩ ص ١٩٦ ، ط مكتبة القدسي في القاهرة).

روى الحديث من طريق الطبراني ، عن حميد الطحّان بمعنى ما تقدّم عن «تاريخ دمشق».

٥٠٧

صار لحم الإبل التي نهبت من

عسكر الحسين مثل العلقم

ونروي في ذلك حديثين :

الاول

حديث جميل بن مرة

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة الذهبي في «تاريخ الإسلام» (ج ٢ ص ٣٤٨ ط مصر) قال : وقال حمّاد بن زيد : حدّثني جميل بن مرّة قال : أصابوا إبلا في عسكر الحسين عليه‌السلام يوم قتل فنحروها وطبخوها فصارت مثل العلقم.

ومنهم العلامة المذكور في «سير أعلام النبلاء» (ج ٣ ص ٢١١ ط مصر).

روى الحديث أيضا عن حمّاد بن زيد ، عن جميل بن مرّة بعين ما تقدّم عن «تاريخ الإسلام».

ومنهم العلامة العسقلاني في «تهذيب التهذيب» (ج ٢ ص ٣٥٣ ط حيدرآباد).

روى الحديث عن حمّاد ، عن جميل بعين ما تقدم عن «تاريخ الإسلام» لكنّه زاد بعد قوله : مثل العلقم ـ فما استطاعوا أن يسيغوا منها شيئا.

ومنهم الحافظ عبد الرحمن السيوطي المتوفى سنة ٩١١ في «الخصائص الكبرى» (ج ٢ ص ١٢٦ ط حيدرآباد).

٥٠٨

روى الحديث من طريق البيهقي ، عن جميل بعين ما تقدّم عن «تهذيب التهذيب».

ومنهم العلامة المذكور في «تاريخ الخلفاء» (ص ٨٠ ط الميمنية بمصر) قال : ونحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها مثل النيران ، وطبخوها فصارت مثل العلقم.

ومنهم العلامة الخوارزمي في «مقتل الحسين» (ج ٢ ص ٩٠ ط النجف):

روى بإسناده عن حمّاد بن زيد ، عن جميل بن مرّة بعين ما تقدّم عن «تاريخ الإسلام».

ومنهم الحافظ ابن عساكر الدمشقي في «تاريخ دمشق» (ج ٤ ص ٣٤٠.

ط روضة الشام):

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «تهذيب التهذيب».

ومنهم العلامة سبط ابن الجوزي في «التذكرة» (ص ٢٧٧ ط مطبعة العلمية في النجف) قال :

أخبرنا غير واحد ، عن عبد الوهّاب بن المبارك ، أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبّار ، أخبرنا الحسين بن عليّ الطناجيري ، حدّثنا عمر بن أحمد بن شاهين حدّثنا أحمد بن عبد الله بن سالم ، حدّثنا عليّ بن سهل ، حدّثنا خلد بن خداش حدّثنا حمّاد بن زيد ، عن ابن مرّة ، عن أبي الوصيّ ، ومروان بن الوصين قال : نحرت الإبل الّتي حمل عليها رأس الحسين وأصحابه فلم يستطيعوا أكل لحومها وكانت أمرّ من الصّبر.

٥٠٩

ومنهم العلامة الشبلنجي في «نور الأبصار» (ص ١٢٣ ط مصر):

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «تاريخ الإسلام».

الثاني

حديث ابى الزناد

وقد تقدّم نقله (في احمرار السّماء بسبب شهادته).

٥١٠

ما تطيبت امرأة بطيب نهب من عسكره الّا برصت

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة ابن عبد ربه في «عقد الفريد» (ج ٢ ص ٢٢٠ ط الشرقية بمصر) قال :

(ابن عبد الوهّاب) عن يسار بن عبد الحكم قال : انتهب عسكر الحسين فوجد فيه طيب فما تطيّبت به امرأة إلّا برصت.

ومنهم العلامة الدينوري في «عيون الاخبار» (ج ١ ص ٢١٢ ط مصر) قال :

روى سنان بن حكيم ، عن أبيه قال : انتهب النّاس ورسا في عسكر الحسين بن عليّ يوم قتل ، فما تطيّبت منه امرأة إلّا برصت.

٥١١

صارت الدنانير التي أخذت من عسكره خزفا

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم أحمد بن حجر الهيتمى المتوفى ٩٧٢ في «الصواعق المحرقة» (ص ١٩٧ ط الميمنية بمصر) قال : وكان مع أولئك الحرس (أى الحرس الّذين أسروا بأهل البيت إلى الشّام) دنانير أخذوها من عسكر الحسين ففتحوا أكياسها ليقتسموها فرأوها خزفا وعلى أحد جانبي كلّ منها (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) وعلى الآخر : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).

ومنهم العلامة القندوزى في «ينابيع المودة» (ص ٣٢٥ ط اسلامبول):

نقل عن «الصواعق» ما تقدّم عنه بلا واسطة.

٥١٢

كلام الزهري في ابتلاء قتلة الحسين

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة ابن حجر الهيتمى في «الصواعق» (ص ١٩٣ ط الميمنية بمصر) قال:

عن الزّهري لم يبق ممّن قتله إلّا من عوقب في الدّنيا إمّا بقتل أو عمى أو سواد الوجه أو زوال الملك في مدّة يسيرة.

ومنهم العلامة سبط ابن الجوزي في «التذكرة» (ص ٢٩٠ ط الغرى):

روى الحديث عن الزّهري بعين ما تقدّم عن «الصواعق».

ومنهم العلامة الشبلنجي في «نور الأبصار» (ص ١٢٣ ط مصر):

روى الحديث عن الزّهري بعين ما تقدّم عن «الصواعق» لكنّه أسقط قوله : عمى.

ومنهم العلامة ابن الصبان المصري في «اسعاف الراغبين» (المطبوع بهامش نور الأبصار ، ص ١٩٢ ط مصر):

روى عن الزّهري بعين ما تقدّم عن «نور الأبصار» لكنّه ذكر بدل قوله ممّن قتل الحسين : ممّن حضر قتل الحسين.

ومنهم العلامة القندوزى في «ينابيع المودة» (ص ٣٢٢ ط اسلامبول):

روى الحديث نقلا عن «الصواعق» بعين ما تقدّم عنه بلا واسطة (١).

__________________

(١) ونقل في (ص ٣٢١ ، الطبع المذكور) عن جمع الفوائد : أنه روى عن الشعبي قال : رأيت رجالا من السماء نزلوا معهم حراب يتبعون قتلة الحسين فما لبثت أن نزل المختار فقتلهم.

٥١٣

ابتلاء رجل حال بين الحسين عليه‌السلام وبين الماء

بالعطش فكان يصيح من الحر في بطنه والبرد

في ظهره حتى انقد بطنه

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة الخوارزمي في «مقتل الحسين» (ج ٢ ص ٩١ ط الغرى) قال :

وبهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا الحسين ابن صفوان ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن أبي الدّنيا ، أخبرني العبّاس بن هشام بن محمّد الكوفي ، عن أبيه ، عن جدّه قال : كان رجل من أبان بن دارم يقال له زرعة ، شهد قتل الحسين عليه‌السلام ، ورماه بسهم فأصاب حنكه فجعل يتلقّى الدّم بكفّه ويقول به هكذا إلى السّماء فيرمى به ، وذلك أنّ الحسين عليه‌السلام دعا بماء ليشرب ، فلمّا رماه حال بينه وبين الماء فقال الحسين : «اللهمّ اظمئه اللهمّ اظمئه» قال : فحدّثني من شهده وهو يجود أنّه يصيح من الحرّ في بطنه والبرد في ظهره وبين يديه المراوح والثلج وخلفه الكانون وهو يقول : اسقوني أهلكنى العطش فيؤتي بعس عظيم فيه السويق والماء واللّبن لو شربه خمسة لكفاهم فيشربه ويعود فيقول : اسقوني أهلكني العطش قال : فانقدّ بطنه كانقداد البعير.

وذكر أعثم الكوفي ، هذا الحديث مختصرا وسمّى الرامي عبد الرّحمن الأزدي وقال : فقال الحسين : اللهم اقتله عطشا ولا تغفر له أبدا. قال القاسم بن الأصبغ :

٥١٤

لقد رأيتني عند ذلك الرّجل وهو يصيح العطش والماء يبرد له فيه السكر والاعساس فيها اللّبن وهو يقول : ويلكم اسقوني قد قتلني العطش فيعطى القلّة والعس ، فإذا نزعه من فيه يصيح اسقوني وما زال حتّى انقدّ بطنه ومات اشرّ ميتة.

ومنهم العلامة محب الدين الطبري في «ذخائر العقبى» (ص ١٤٤ ط مكتبة القدسي):

روى الحديث من طريق ابن أبي الدّنيا عن العبّاس بن هشام بن محمّد الكوفي ، عن أبيه ، عن جدّه بعين ما تقدّم عن «مقتل الحسين» لكنّه أسقط قوله : فجعل يتلقّى بكفّه ويقول به هكذا إلى السّماء ، وذكر قوله : اللهمّ اظمئه مرّة واحدة.

ومنهم العلامة ابن حجر الهيتمى في «الصواعق المحرقة» (ص ١٩٥ ط الميمنية بمصر):

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «مقتل الحسين» بتلخيص يسير.

ومنهم الحافظ أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا الأموي المتوفى سنة ٢٨١ في «مجابى الدعوة» (ص ٣٨ ط بمبئي):

روى عن العبّاس بن هشام بن محمّد الكوفي ، عن أبيه ، عن جدّه قال : كان رجل من بني دارم يقال له زرعة بن شريك التّميمي شهد قتل الحسين فرمى الحسين بسهم فأصاب حنكه فجعل يتلقّى الدّم ثمّ يقول هكذا إلى السّماء ودعا الحسين بماء ليشرب ظمأه رماه حال بينه وبين الماء فقال : اللهمّ اظمه اللهمّ اظمه. قال :

فحدّثني من شهد وهو يموت وهو يصيح من الحرّ في بطنه والبرد من ظهره وبين يديه المراوح والثلج وخلفه الكانون وهو يقول : اسقوني أهلكني العطش فيؤتى بعسّ عظيم فيه السويق أو الماء أو اللّبن لو شربه خمسة لكفاهم ، قال : فيشربه ثمّ يعود : اسقوني أهلكني العطش قال : فانقدّ بطنه كانقداد البعير.

٥١٥

موت رجل من ساعته لما قال الحسين :

رب حزه الى النار

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم الحافظ محمد بن جرير الطبري في «تاريخ الأمم والملوك» (ج ٤ ص ٣٢٧ ط الاستقامة بمصر) قال :

قال أبو مخنف فحدّثني حسين أبو جعفر قال : ثمّ إنّ رجلا من بني تميم يقال له عبد الله بن حوزة ، جاء حتّى وقف أمام الحسين فقال : يا حسين يا حسين ، فقال حسين ما تشاء؟ قال : أبشر بالنّار ، قال : كلّا إنّي أقدم على ربّ رحيم وشفيع مطاع من هذا؟ قال له أصحابه : هذا ابن حوزة ، قال : ربّ حزه إلى النّار ، قال : فاضطرب به فرسه في جدول فوقع فيه وتعلقت رجله بالركاب ووقع رأسه في الأرض ونفر الفرس فأخذه يمرّ به فيضرب برأسه كلّ حجر وكلّ شجرة حتّى مات.

وقال :

قال أبو مخنف عن عطاء بن السّائب ، عن عبد الجبّار بن وائل الحضرمي ، عن أخيه مسروق بن وائل قال : كنت في أوائل الخيل ممّن سار إلى الحسين فقلت أكون في أوائلها لعلّى أصيب رأس الحسين فأصيب به منزلة عند عبيد الله بن زياد قال : فلمّا انتهينا إلى حسين تقدّم رجل من القوم يقال له ابن حوزة ، فقال : أفيكم حسين؟ قال : فسكت حسين ، فقالها ثانية فسكت حتّى إذا كانت الثالثة ، قال : قولوا له : نعم هذا حسين فما حاجتك؟ قال : يا حسين أبشر بالنّار ، قال : كذبت بل أقدم على ربّ غفور وشفيع

٥١٦

مطاع فمن أنت؟ قال : ابن حوزة ، قال : فرفع الحسين يديه حتّى رأينا بياض إبطيه من فوق الثياب ثمّ قال : اللهمّ حزه إلى النّار ، قال : فغضب ابن حوزة فذهب ليقحم إليه الفرس وبينه وبينه نهر ، قال : فعلقت قدمه بالركاب وجالت به الفرس فسقط عنها قال : فانقطعت قدمه وساقه وفخذه وبقي جانبه الآخر متعلّقا بالركاب ، قال : فرجع مسروق وترك الخيل من ورائه ، قال : فسألته فقال : لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئا لا أقاتلهم أبدا قال : ونشب القتال.

وقال :

قال أبو مخنف : أمّا سويد بن حيّة فزعم لي أنّ عبد الله بن حوزة حين وقع فرسه بقيت رجله اليسرى في الركاب وارتفعت اليمنى فطارت وعدا به فرسه يضرب رأسه كلّ حجر وأصل شجرة حتّى مات.

ومنهم العلامة الطبرانيّ في «المعجم الكبير» (ص ١٤٦ مخطوط) قال : حدثنا عليّ بن عبد العزيز ، نا محمّد بن سعيد بن الاصبهاني ، نا شريك ، عن عطاء بن السّائب ، عن وائل ، أو وائل بن علقمة أنّه شهد ما هناك قال : قام رجل فقال : أفيكم حسين؟ قالوا : نعم ، فقال : أبشر بالنّار ، فقال : أبشر بربّ رحيم وشفيع مطاع قال : من أنت؟ قال : أنا ابن جويزة ، أو حويزة ، قال : فقال : اللهمّ جرّه (١) إلى النّار ، فنفرت به الدّابّة ، فتعلّقت رجله في الرّكاب ، قال : فو الله ما بقي عليها منه إلّا رجله.

ومنهم العلامة الخوارزمي في «مقتل الحسين» (ج ٢ ص ٩٤ ط مطبعة الزهراء) قال :

وأخبرني الحافظ صدر الحفّاظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمداني إجازة أخبرني محمود بن إسماعيل الصيرفي ، أخبرني أحمد بن محمّد بن الحسين الطبراني.

__________________

(١) وفي بعض نسخ الكتب الآتية : حزه.

٥١٧

فذكر الحديث بعين ما تقدّم عن «معجم الطبراني» سندا ومتنا.

وفي (ج ١ ص ٢٤٨ ، الطبع المذكور) قال :

قال (أبو مخنف) أقبل رجل من عسكر عمر بن سعد يقال له مالك بن جريرة على فرس له حتّى وقف على الحفيرة وجعل ينادي بأعلى صوته : أبشر يا حسين فقد تعجّلت النّار في الدّنيا قبل الآخرة ، فقال له الحسين : كذبت يا عدوّ الله ، أنا قادم على ربّ رحيم وشفيع مطاع ذاك جدّي محمّد ، ثمّ قال الحسين لأصحابه : من هذا؟ فقيل له : هذا مالك بن جريرة ، فقال الحسين : اللهمّ جرّه إلى النّار ، وأذقه حرّها قبل مصيره إلى نار الآخرة ، فلم يكن بأسرع من أن شبّ به الفرس فألقاه على ظهره فتعلّقت رجله بالركاب فركز به الفرس حتّى ألقاه في النّار فاحترق ، فخرّ الحسين عليه‌السلام ساجدا ثمّ رفع رأسه وقال يا لها من دعوة ما كان أسرع إجابتها.

ومنهم العلامة الطبري في «ذخائر العقبى» (ص ١٤٤ ط مكتبة القدسي بمصر):

روى الحديث عن علقمة بن وائل أو وائل بن علقمة بعين ما تقدّم عن «المعجم الكبير» لكنّه قال : أنا جريرة.

ومنهم العلامة ابن الأثير الجزري في «الكامل» (ج ٣ ص ٢٨٩ ط مصر):

روى الحديث بعين ما تقدّم ثانيا عن «تاريخ الأمم والملوك» بتقديم وتأخير في بعض فقراته.

ومنهم العلامة الگنجى الشافعي في «كفاية الطالب» (ص ٢٨٧ ط الغرى) قال:

أخبرنا القاضي أبو نصر بن هبة الله الشيرازي بدمشق ، أخبرنا عليّ بن الحسن الشافعي أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن ، أخبرنا عبد الصمد ابن عليّ ، أخبرنا عبيد الله بن محمّد

٥١٨

ابن إسحاق ، حدّثنا عبد الله بن محمّد ، حدّثنا عمّي ، حدّثنا ابن الاصبهاني عن شريك ، عن عطا بن السائب ، عن علقمة بن وائل. فذكر الحديث بعين ما تقدّم عن «المعجم الكبير» لكنّه قال : أنا حويزة ، ثمّ قال :

قلت : رواه غير واحد من أهل السير والتواريخ ، وهذا لفظ مؤرّخ الشام وأخرجه الطبراني ، عن عليّ بن عبد العزيز ، عن ابن الاصبهاني وشكّ في وائل بن علقمة أو ابن وائل ، وقال : حويزة أو جويزة.

ومنهم العلامة أحمد بن الفضل بن محمد باكثير الحضرمي في «وسيلة المآل» (ص ١٩٧ ، مخطوط).

روى الحديث عن علقمة بن وائل بعين ما تقدّم عن «المعجم الكبير».

ومنهم العلامة القندوزى في «ينابيع المودة» (ص ٣٤٢ ط اسلامبول) قال : ثمّ (أي بعد إرساله عليه‌السلام أنس إلى القوم ليعظهم) إنّ عمر بن سعد جعل في الميمنة من جيشه سنان بن أنس النخعي ، وجعل في الميسرة الشمر بن ذى الجوشن الضبابي مع كلّ واحد منهما أربعة آلاف فارس ووقف عمرو باقي أصحابه في القلب ، وجعل الحسين رضي‌الله‌عنه في الميمنة من جيشه زهير بن القين معه عشرون رجلا ، وجعل في الميسرة حبيب بن مظاهر في ثلاثين فارس ، ووقف هو وباقي جيشه في القلب ، وحفروا حول الخيمة خندقا وملئوه نارا حتّى يكون الحرب من جهة واحدة ، فقال رجل ملعون : عجّلت يا حسين بنار الدّنيا قبل نار الآخرة ، فقال الحسين رضي‌الله‌عنه : تعيّرني بالنّار وأبي قاسمها وربّي غفور رحيم؟! ثمّ قال لأصحابه أتعرفون هذا الرّجل؟ فقالوا : هو جبيرة الكلبي لعنه الله ، فقال الحسين : اللهمّ أحرقه بالنّار في الدّنيا قبل نار الآخرة فما استتمّ كلامه حتّى تحرّك به جواده فطرحه مكبّا على رأسه في وسط النار فاحترق فكبّروا ونادى مناد من السّماء هنيت بالإجابة سريعا يا ابن رسول الله ، قال عبد الله ابن مسرور : لمّا رأيت ذلك رجعت عن حرب الحسين.

٥١٩

موت رجل آخر ممن منعه الماء بالعطش

رواه القوم :

منهم أحمد بن حجر الهيتمى في «الصواعق المحرقة» (ص ١٩٥ ط الميمنية بمصر) قال :

ولما منعوه وأصحابه الماء ثلاثا قال له بعضهم : انظر إليه كأنّه كبد السّماء لا تذوق منه قطرة حتّى تموت عطشا ، فقال له الحسين : اللهمّ اقتله عطشا فلم يرو مع كثرة شربه للماء حتّى مات عطشا.

٥٢٠