إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ١١

السيّد نور الله الحسيني المرعشي التستري

فناوله الحسين خاتمه وقال : بعه بمائة دينار ، وناوله سيفه وقال : بعه بمائتي دينار واذهب فقد أتممت لك خمسمائة دينار ، فأنشأ الأعرابي يقول :

قلقت وما هاجني مقلق

وما بى سقام ولا موبق

ولكن طربت لال الرّسول

ففاجأني الشّعر والمنطق

فأنت الهمام وبدر الظّلام

ومعطى الأنام إذا املقوا

أبوك الّذي فاز بالمكرمات

فقصّر عن وصفه السّبق

وأنت سبقت إلى الطيّبات

فأنت الجواد وما تلحق

بكم فتح الله باب الهدى

وباب الضّلال بكم مغلق

وجاءت هذه الحكاية بألفاظ أخرى :

فروى أنّ هذا الأعرابي سلّم على الحسين بن عليّ فسأله حاجة وقال : سمعت جدّك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إذا سئلتم حاجة فاسألوها من أحد أربعة : إما من عربيّ شريف ، أو مولى كريم ، أو حامل القرآن ، أو ذي وجه صبيح ، فأما العرب فشرفت بجدّك ، وأما الكرم فدأبكم وسيرتكم ، وأما القرآن ففي بيوتكم نزل ، وأما الوجه الصّبيح فإنّي سمعت جدّك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إذا أردتم أن تنظروا إلىّ فانظروا إلى الحسن والحسين ، فقال الحسين له : ما حاجتك؟ فكتبها على الأرض ، فقال له الحسين : سمعت أبي عليّا عليه‌السلام يقول : قيمة كلّ امرئ ما يحسنه ، وسمعت جدّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : المعروف بقدر المعرفة ، فأسئلك عن ثلاث خصال : فإن أجبتني عن واحدة فلك ثلث ما عندي ، وإن أجبتني عن اثنتين فلك ثلثا ما عندي ، وإن أجبتني عن الثلاث فلك كلّ ما عندي ، وقد حملت إلىّ صرّة مختومة وأنت أولى بها ، فقال : سل عمّا بدا لك فإن أجبت وإلّا تعلّمت منك فأنت من أهل العلم والشّرف ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم ، فقال الحسين : أىّ الأعمال أفضل؟ قال : الايمان بالله والتّصديق برسوله ، قال : فما نجاة العبد من الهلكة؟ فقال : الثّقة بالله ، قال :

٤٤١

فما يزيّن المرء؟ قال : علم معه الحلم ، قال : فإن أخطأه ذلك؟ قال : فمال معه كرم قال : فإن أخطأه ذلك؟ قال : فقر معه صبر ، قال : فإن أخطأه ذلك؟ قال : فصاعقة تنزل عليه من السّماء فتحرقه. فضحك الحسين عليه‌السلام ، ورمى له بالصّرة وفيها ألف دينار وأعطاه خاتمه وفيه فصّ قيمته مائتا درهم وقال : يا أعرابي أعط الذّهب إلى غرمائك واصرف الخاتم في نفقتك ، فأخذ ذلك الأعرابي وقال : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ).

وجاءت رواية أخرى بسندى المتّصل : أنّ أعرابياّ جاء إلى الحسين بن عليّ فقال له : يا ابن رسول الله إنّي قد ضمنت دية كاملة ، وعجزت عن أدائها فقلت في نفسي : أسأل أكرم النّاس وما رأيت أكرم من أهل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال الحسين : يا أخا العرب أسئلك عن ثلاث مسائل فإن أجبت عن واحدة أعطيتك ثلث المال ، وإن أجبت عن اثنتين أعطيتك ثلثي المال : وإن أجبت عن كلّ أعطيتك المال كلّه. فقال الأعرابي : يا ابن رسول الله أمثلك يسئل من مثلي؟! وأنت من العلم والشّرف ، فقال الحسين : بلى سمعت جدّى رسول الله يقول : المعروف بقدر المعرفة ، فقال الأعرابي : سل عمّا بدا لك فان أجبت ، وإلّا تعلّمت الجواب منك ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله ، فقال الحسين : أىّ الأعمال أفضل؟ فقال : الإيمان بالله ، قال : فما النّجاة من الهلكة؟ قال : الثّقة بالله ، قال : فما يزين الرّجل؟ قال : علم معه حلم ، قال : فإن أخطأه ذلك؟ قال : فمال معه مروءة ، قال : فإن أخطأه ذلك؟ قال : ففقر معه صبر ، قال : فإن أخطأه ذلك؟ قال : فصاعقة تنزل من السّماء فتحرقه ، فضحك الحسين ورمى بصرّة إليه فيها ألف دينار وأعطاه خاتمه وفيه فصّ قيمته مائتا درهم ، وقال له : يا أعرابي أعط الذّهب لغرمائك واصرف الخاتم في نفقتك ، فأخذ الأعرابي ذلك منه ومضى وهو يقول : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ).

ومنهم العلامة الشيخ عبد الرحمن بن عبد السلام الصفورى الشافعي البغدادي المتوفى بعد سنة ٨٨٤ في «نزهة المجالس» (ج ٢ ص ٢٣٣ ط القاهرة) قال :

٤٤٢

قال أعرابي للحسين رضي‌الله‌عنه : سمعت جدّك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : إذا سألتم حاجة فاسألوها من أحد أربعة ، إما عربي شريف ، وإما مولى كريم ، أو حامل القرآن أو صاحب وجه صبيح ، فأمّا العرب فقد تشرّفت بكم ، وأما الكرم فهو سيرتكم ، وأما القرآن ففيكم نزل ، وأما الوجه الصبيح فقد سمعت جدّك النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : إذا أردتم النظر إلىّ فانظروا الحسن والحسين ، فقال له : ما حاجتك؟ فكتبها على الأرض فقال الحسين رضي‌الله‌عنه : سمعت جدّي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : المعروف بقدر المعرفة ، وقال أبي رضي‌الله‌عنه : قيمة كلّ امرئ ما يحسنه ، فأسألك عن ثلاث مسائل فإن أجبت عن واحدة فلك ثلث هذه الصرّة ، أو اثنتين فلك ثلثاه ، أو عن الثلاثة فكلّها ، فقال : اسأل قال : أىّ الأعمال أفضل؟ قال : الايمان بالله ، قال : فما نجاة العبد من الهلكة؟ قال : الثقة بالله ، قال : فما يزين العبد؟ قال : علم معه حلم ، قال : فإن أخطأه ذلك؟ قال : مال معه كرم ، قال : فإن أخطأه ذلك؟ قال : فقر معه صبر ، قال : فإن أخطأه ذلك؟ قال : فصاعقة تحرقه ، فضحك الحسين وأعطاه الصرّة بكمالها. حكاه الرازي في أوّل البقرة.

ومنهم العلامة أبو المؤيد الموفق بن أحمد أخطب خوارزم المتوفى سنة ٦٥٨ في «مقتل الحسين» (ص ١٥٣ ط الغرى) قال :

وقيل : سأل رجل الحسين حاجة فقال له : يا هذا سؤالك إياى يعظم لدىّ ومعرفتي بما يجب لك يكبر عليّ ، ويدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله ، والكثير في ذات الله قليل وما في ملكي وفاء بشكرك فإن قبلت بالميسور ، دفعت عنّي مرارة الاحتيال لك ، والاهتمام بما أتكلّف من واجب حقّك ، فقال الرّجل : أقبل يا ابن رسول الله اليسير ، وأشكر العطيّة ، وأعذر على المنع ، فدعا الحسين وبوكيله وجعل يحاسبه على نفقاته حتّى استقصاها ثمّ قال له : هات الفاضل من الثلاثمائة ألف فأحضر خمسين ألفا

٤٤٣

قال : فما فعلت الخمسمائة دينار ، قال : هي عندي قال : أحضرها ، قال : فدفع الدّراهم والدّنانير إلى الرّجل وقال : هات من يحمل معك هذا المال فأتاه بالحمّالين فدفع إليهم الحسين رداءه لكراء حملهم حتّى حملوه معه ، فقال مولى له : والله ما بقي عندنا درهم واحد ، فقال لكنّى أرجو أن يكون لي بفعلي هذا أجر عظيم.

كرمه وفتوّته

فممّا روى فيهما ما رواه القوم :

منهم العلامة الشيخ نور الدين على بن الصباغ المالكي المتوفى ٨٥٥ في «الفصول المهمة» (ص ١٥٩ ط الغرى) قال :

قال أنس كنت عند الحسين عليه‌السلام فدخلت عليه جارية فجاءته بطاقة ريحان ، فقال : أنت حرّة لوجه الله تعالى ، فقلت له : جارية تحييك بطاقة ريحان لاحظّ لها ولا بال فتعتقها فقال : أما سمعت قوله تعالى : (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها) وكان أحسن منها عتقها.

ومنهم العلامة الشيخ أحمد بن الفضل بن محمد باكثير الحضرمي في «وسيلة المآل» (ص ١٨٣ مخطوط) قال :

وروى عن أنس أنّه قال : كنت عند الحسين فدخلت عليه جاريه له فجاءته بطاقة ريحان فعتقها فقال : أما سمعت قول الله تعالى : (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها).

٤٤٤

ومما روى في ذلك

ما رواه القوم :

منهم العلامة أبو المؤيد الموفق الخطيب الخوارزمي في «مقتل الحسين» (ج ١ ص ١٥٣ ط الغرى) قال :

خرج الحسن عليه‌السلام إلى سفر فأضلّ طريقه ليلا فمرّ براعي غنم فنزل عنده فالطفه وبات عنده ، فلمّا أصبح دلّه على الطريق فقال له الحسن : إنّي ماض إلى ضيعتي ثمّ أعود إلى المدينة ووقّت له وقتا وقال له : تأتيني به ، فلمّا جاء الوقت شغل الحسن بشيء من أموره عن قدوم المدينة ، فجاء الرّاعى وكان عبدا لرجل من أهل المدينة فصار إلى الحسين وهو يظنّه الحسن فقال : أنا العبد الّذي بتّ عندي ليلة كذا ، ووعدتني أن أصير إليك في هذا الوقت وأراه علامات عرف الحسين أنّه الحسن ، فقال الحسين له : لمن أنت يا غلام؟ فقال : لفلان ، فقال : كم غنمك؟ قال : ثلاثمائة فأرسل إلى الرّجل فرغّبه حتّى باعه الغنم والعبد فأعتقه ، ووهب له الغنم مكافاة لما صنع مع أخيه وقال : إنّ الّذي بات عندك أخي وقد كافأتك بفعلك معه.

٤٤٥

ومما روى في ذلك

ما رواه القوم :

منهم العلامة أبو المؤيد الموفق بن أحمد في «مقتل الحسين» (ص ١٥٣ ط الغرى) قال :

وقال الحسن البصري : كان الحسين بن عليّ سيّدا زاهدا ورعا صالحا ناصحا حسن الخلق ، فذهب ذات يوم مع أصحابه إلى بستانه ، وكان في ذلك البستان غلام له اسمه صاف ، فلمّا قرب من البستان رأى الغلام قاعدا يأكل خبزا ، فنظر الحسين إليه وجلس عند نخلة مستترا لا يراه ، فكان يرفع الرّغيف فيرمى بنصفه إلى الكلب ، ويأكل نصفه الآخر ، فتعجّب الحسين من فعل الغلام فلمّا فرغ من أكله قال : الحمد لله ربّ العالمين اللهمّ اغفر لي ، واغفر لسيّدي وبارك له كما باركت على أبويه برحمتك يا أرحم الرّاحمين فقام الحسين وقال : يا صافي ، فقام الغلام فزعا وقال : يا سيّدي وسيّد المؤمنين إنّي ما رأيتك فاعف عنّي ، فقال الحسين : اجعلني في حلّ يا صافي لأنّي دخلت بستانك بغير إذنك ، فقال الصافي : بفضلك يا سيّدي وكرمك وسؤددك تقول هذا ، فقال الحسين : رأيتك ترمى بنصف الرغيف للكلب وتأكل النّصف الآخر فما معنى ذلك ، فقال الغلام : إنّ هذا الكلب ينظر إلىّ حين آكل ، فأستحى منه يا سيّدي لنظره إلىّ ، وهذا كلبك يحرس بستانك من الأعداء فأنا عبدك ، وهذا كلبك ، فأكلنا رزقك معا ، فبكى الحسين وقال : أنت عتيق لله وقد وهبت لك ألفى دينار بطيبة من قلبي فقال الغلام : إن أعتقتني فأنا أريد القيام ببستانك ، فقال الحسين : إنّ الرجل إذا تكلم بكلام فينبغي أن يصدقه بالفعل فأنا قد قلت دخلت بستانك بغير إذنك ، فصدّقت قولي ، ووهبت البستان

٤٤٦

وما فيه لك غير أنّ أصحابي هؤلاء جاءوا لأكل الثّمار والرّطب فاجعلهم أضيافا لك وأكرمهم من أجلى أكرمك الله يوم القيامة ، وبارك لك في حسن خلقك وأدبك ، فقال الغلام : إن وهبت لي بستانك فأنا قد سبلته لأصحابك وشيعتك ، قال الحسن : فينبغي للمؤمن أن يكون كنافلة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (١).

ومما روى في ذلك

ما رواه القوم :

منهم العلامة الخوارزمي في «مقتل الحسين» (ص ١٤٧ ط الغرى) قال :

وبهذا الاسناد (أى الإسناد المتقدّم في كتابه) قال : أخبرنا الامام أبو القاسم الحسن بن محمّد بن حبيب بنيسابور سنة أربع مائة ، أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن محمّد حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطّائي بالبصرة ، حدّثني أبي ، حدّثني عليّ بن موسى ، حدّثني أبي موسى بن جعفر ، حدّثني أبي جعفر بن محمّد ، حدّثني أبي محمّد بن عليّ ، حدّثني أبي عليّ بن الحسين عليهم‌السلام ، أنّ أباه الحسين بن عليّ دخل المستراح فوجد لقمة ملقاة فدفعها إلى غلام له فقال : يا غلام اذكرني هذه اللّقمة إذا خرجت ، فأكلها الغلام فلمّا خرج الحسين قال : يا غلام اللّقمة ، قال : أكلتها يا مولاي قال : أنت حرّ لوجه الله تعالى فقال له رجل : أعتقته يا سيّدي قال : نعم سمعت جدّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من وجد لقمة ملقاة فمسح منها ما مسح وغسل منها ما غسل وأكلها لم يسغها في جوفه حتّى يعتقه الله من النّار ، ولم أكن لأستعبد رجلا اعتقه الله من النّار.

__________________

(١) النافلة : الذرية من الاحقال والأسباط.

٤٤٧

ومنهم العلامة باكثير الحضرمي في «وسيلة المآل» (ص ١٨٣ مخطوط).

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «مقتل الحسين» لكن في آخره يقول : من وجد لقمة ملقاة فمسح أو غسل ثمّ أكلها أعتقه الله من النّار ولم أكن أستعبد رجلا اعتقه الله من النّار.

عفوه وكرمه

وممّا روى في ذلك ما رواه القوم :

منهم العلامة الشيخ نور الدين على بن الصباغ المالكي المتوفى ٨٥٥ في «الفصول المهمة» (ص ١٥٩ ط الغرى) قال :

وجنى بعض أقاربه جناية توجب التّأديب فأمر بتأديبه فقال : يا مولاي قال الله تعالى: (الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ) قال عليه‌السلام : خلّوا عنه ، فقد كظمت غيظي ، فقال : (وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ) ، قال عليه‌السلام : قد عفوت عنك ، فقال : (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) قال : أنت حرّ لوجه الله تعالى ، وأجازه بجائزة سنيّة.

٤٤٨

رد حسل الضب اليه ببركته عليه‌السلام

رواه القوم :

منهم العلامة أبو المؤيد الموفق الخطيب الخوارزمي في «مقتل الحسين» (ص ١٤٤ ط الغرى) قال :

وجاء في المرسل : إنّ فاطمة عليها‌السلام جاءت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهي تبكى فقال : ما يبكيك؟ قال : ضاع منّي الحسين فلا أجده ، فقام النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد اغرورقت عيناه وذهب ليطلبه فلقيه يهوديّ فقال : يا محمّد مالك تبكى؟ فقال : ضاع ابني ، فقال : لا تحزن فإنّي رأيته على تلّ كذا نائما ، فقصده عليه‌السلام واليهوديّ معه فلمّا قرب من التلّ رأى ضباّ بفمه غصن أخضر وأرّق يروحه به فلمّا رأى الضبّ النّبي قال له بلسان فصيح : السّلام عليك يا زين القيامة وشهد له بالحقّ وكان معه حسل صغير له فقال : لم أر أهل بيت أكثر بركة من أهل بيتك لأنّ ولدي ضاع منّي لثلاث سنين فطفت عليه أطلبه فلم أجده فلمّا رأيت ولدك آنفا وجدته ، فأنا اكافئه ، وقال الحسل (١): يا رسول الله أخذني السّيل فأدخلني البحر ثمّ ضربت بي الأمواج إلى جزيرة كذا فلم أجد سبيلا ومخرجا حتّى هبت ريح فأخذتني وألقتنى عند أبي ، فقال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : من تلك الجزيرة هنا ألف فرسخ ، فأسلم اليهودي بذلك وقال : أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك رسول الله.

__________________

(١) الحسل : بكسر الحاء وسكون السين : ولد الضب.

٤٤٩

إباؤه عن قبول صلة معاوية

رواه القوم :

منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» ص (١٥٩ ط الغرى) قال:

وقيل : إنّ معاوية لمّا قدم مكّة وصله (أى الحسين عليه‌السلام) بمال كثير وثياب وافرة وكسوة فاخرة ، فردّ الجميع عليه ولم يقبل منه شيئا ؛ فهذه سجيّة الجود وشنشنة الكرم وصفة من حوى مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم.

٤٥٠

عدد أولاده

رواه القوم :

منهم العلامة ابن الصبان في «اسعاف الراغبين» (المطبوع بهامش نور الأبصار ، ص ١٩٥ ط مصر) قال :

تنبيه : قال المناوي في «طبقاته» : رزق الحسين من الأولاد خمسة ، وهم : عليّ الأكبر ، وعليّ الأصغر ، وله العقب وجعفر وفاطمة وسكينة المدفونة بالمراغة بقرب نفيسة اه ، وكذا في «طبقات الشّعراني» وزاد أنّ عليّا الأصغر هو زين العابدين وقال كثيرون : أولاده ستّة ، وزادوا عبد الله ، فأمّا عليّ الأكبر فقاتل بين يدي أبيه حتّى قتل ، وأمّا عليّ الأصغر زين العابدين ، فكان مريضا بكربلاء ورجع مريضا إلى مكّة وسيأتي ترجمته ، وأمّا جعفر فمات في حيات أبيه دارجا ، وأمّا عبد الله فجائه سهم وهو طفل فقتله بكربلاء ، وأمّا فاطمة فتزوّجت بابن عمّها الحسن المثنّى ثمّ بعبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفّان وولدت لكلّ منهما ، وأمّا سكينة فستأتي ترجمتها. وقال الشيخ كمال الدّين بن طلحة : كان للحسين من الأولاد الذّكور ستّة ومن الإناث ثلاث ، فأمّا الذّكور : فعليّ الأكبر ، وعليّ الأوسط وهو زين العابدين ، وعليّ الأصغر ومحمّد وعبد الله وجعفر ، ثمّ ذكر أنّ المقتول في كربلاء بالسّهم وهو طفل عليّ الأصغر وأنّ عبد الله قتل مع أبيه شهيدا ، ثمّ قال : وأما البنات : فزينب وفاطمة وسكينة.

٤٥١

نبذة من كراماته

تكلم رأسه الشريف

ونروى في ذلك روايتين :

الاولى

ما رواه القوم :

منهم العلامة المحدث الحافظ الميرزا محمد خان بن رستم خان المعتمد البدخشي المتوفى في أوائل القرن الثاني عشر في «مفتاح النجا ، في مناقب آل العبا» (ص ١٤٥ المخطوط) قال :

وروى عن زيد بن أرقم رضي‌الله‌عنه أنّه قال : مرّ به عليّ وهو على رمح وأنا في غرفة فلمّا حاذاني سمعته يقرأ (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) فقف والله شعري وناديت : رأسك والله يا ابن رسول الله وأمرك أعجب وأعجب.

الثانية

ما رواه القوم :

منهم العلامة السيوطي في «الخصائص الكبرى» (ج ٢ ص ١٢٧ ط حيدرآباد) قال :

وأخرج ابن عساكر ، عن المنهال بن عمرو ، قال : أنا والله رأيت رأس الحسين

٤٥٢

حين حمل وأنا بدمشق وبين يدي الرّأس رجل يقرأ سورة الكهف حتّى بلغ قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) فأنطق الله الرّأس بلسان ذرب فقال : أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي.

ومنهم العلامة عبد الرءوف المناوى في «الكواكب الدرّيّة» (ج ١ ص ٥٧ ط الازهرية بمصر).

روى الحديث من طريق ابن خالويه ، عن الأعمش ، عن منهال الأسدي بعين ما تقدّم عن «الخصائص» لكنّه قال : فنطق الرّأس بلسان عربي فصيح وقال جهارا : أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي.

ومنهم العلامة الشيخ محمد بن الصبان في «اسعاف الراغبين» (المطبوع بهامش نور الأبصار ، ص ٢١٨ ط مصر):

روى الحديث من طريق ابن خالويه عن الأعمش ، عن منهال بن عمرو بعين ما تقدّم عن «الكواكب الدرّيّة».

ومنهم العلامة الشبلنجي في «نور الأبصار» (ص ١٢٥ ط مصر):

روى الحديث من طريق ابن خالويه ، عن الأعمش ، عن منهال بعين ما تقدّم عن «الخصائص» وفي آخره : فنطق الرأس وقال : قتلى أعجب من ذلك.

٤٥٣

ما رجعت قطرة الى الأرض من دمه

الذي رماه الى السماء

رواه القوم :

منهم العلامة الگنجى الشافعي في «كفاية الطالب» (ص ٢٨٤ ط الغرى) قال :

أخبرنا العلّامة محمّد بن هبة الله بن مميل ، أخبرنا الامام الحافظ أحمد بن عليّ الخطيب ، أخبرنا الحسن بن محمّد الخلال ، حدّثنا عبد الواحد ابن عليّ القاضي ، حدّثنا الحسين بن إسماعيل الضبي ، حدّثنا عبد الله بن شبيب ، حدّثني إبراهيم بن المنذر حدّثنا حسين بن زيد بن عليّ بن الحسين ، عن الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ حدّثني مسلم بن رباح مولى عليّ بن أبي طالب قال : كنت مع الحسين بن عليّ بن أبي طالب يوم قتل فرمى في وجهه بنشابة فقال لي : يا مسلم ادن يديك من الدّم فأدنيتهما فلمّا امتلأ قال : اسكبه في يدي فسكبته في يديه فنفح بهما إلى السماء وقال : اللهمّ اطلب بدم ابن بنت نبيّك ، قال مسلم : فما وقع إلى الأرض منه قطرة.

قلت : رواه محدّث الشّام عن محمّد العراق في كتابيهما.

٤٥٤

عدم تأثير العقوبة لرجل أمر بتعذيبه

ببركة رأس الحسين

رواه القوم :

منهم العلامة الشبلنجي في «نور الأبصار» (ص ١٢٥ ط مصر) قال : اتهم شخص من أتباع السلطان الملك الناصر بأنّه يعرف الدفائن والأموال الّتي بالقصر فأمر بتعذيبه وأخذ متولّي العقوبة وجعل على رأسه خنافس وشدّ عليها قرمزيه يقال : إنّ هذه العقوبة أشدّ العقوبات وانّ الإنسان لا يطيق الصبر عليها ساعة إلّا تنقب دماغه وتقتله فعل به ذلك مرارا وهو لا يتأوّه وتوجد الخنافس ميتة فسألوه ما سبب هذا؟ فقال : حملت رأس الحسين (١) لمّا جاء ، فعفا عنه.

__________________

(١) أى لم تأثر الخنافس فيه ببركة حمله رأس الحسين وكان ذلك في سبيل دفنه أو حفظه عن معرض الاهانة أو غيرهما من الأغراض الصحيحة.

٤٥٥

رؤية بعض الزوار إياه جالسا

على ضريح قبره

رواه القوم :

منهم العلامة الشبلنجي في «نور الأبصار» (ص ١٢٤ ط مصر) قال : ومن ذلك أيضا ما أخبر به العلّامة الشيخ فتح الدّين أبو الفتح الغمري الشافعي انّه كان يتردّد إلى الزيارة غالبا فجلس يوما يقرأ الفاتحة ودعا فلمّا وصل في الدّعاء إلى قوله واجعل ثوابا مثل ذلك فأراد أن يقول في صحائف سيّدنا الحسين ساكن هذا الرمس ، فحصلت له حالة فنظر فيها إلى شخص جالس على الضريح وقع عنده انّه السيّد الحسين رضي‌الله‌عنه فقال في صحائف هذا وأشار بيده إليه ، فلمّا أتمّ الدّعاء ذهب إلى الشيخ الجليل الشيخ عبد الوهّاب الشعراني رضي‌الله‌عنه فأخبره بذلك فقال له الشيخ : صدقت وأنا وقع لي مثل ذلك ، ثمّ ذهب إلى الشيخ كريم الدين الخلوتى رضي‌الله‌عنه فأخبره بذلك ، فقال الشيخ كريم الدّين : صدقت وأنا ما زرت هذا المكان إلّا بإذن من النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٤٥٦

سقوط رجل ميتا لأجل دعواه عليه

رواه القوم :

منهم العلامة الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن قيم الجوزية الحنبلي المتوفى سنة ٧٥١ في «الطرق الحكمية في السياسة الشرعية» (ص ٣٨ ط المحمدية في القاهرة) قال : إنّ رجلا ادّعى عليه (الحسين) مالا ، فقال الحسين : ليحلف على ما ادّعاه ويأخذه فتهيّأ الرّجل لليمين وقال : والله الّذي لا إله إلّا هو ، فقال الحسين : قل :

والله والله والله ثلاثا ، انّ هذا الّذي يدّعيه عندي ، وفي قبلي ، ففعل الرّجل ذلك وقام فاختلفت رجلاه وسقط ميّتا ، فقيل للحسين : لم فعلت ذلك؟ أى عدلت عن قوله :

والله الّذي لا إله إلّا هو ، إلى قوله : «والله والله والله» فقال : كرهت أن يثنى على الله فيحلم عنه.

٤٥٧

ان السماء أمطرت يوم شهادته دما

ونروى في ذلك أحاديث :

الاول

حديث نضرة الازدية

روى عنها القوم :

منهم العلامة الخوارزمي في «مقتل الحسين» (ج ٢ ص ٨٩ ط الغرى) قال :

وبهذا الاسناد (أى الاسناد المتقدّم في كتابه) عن يعقوب بن سفيان هذا حدّثنا مسلم بن إبراهيم ، حدّثتنا امّ سرق العبديّة ، حدّثتنى نضرة الأزديّة قالت : لمّا قتل الحسين مطرت السّماء دما فأصبحنا وكلّ شيء لنا ملئ دما.

ومنهم العلامة محب الدين الطبري في «ذخائر العقبى» (ص ١٤٤ ط القدسي بالقاهرة) قال :

وذكر أبو نعيم الحافظ في كتاب «دلائل النّبوّة» عن نضرة الأزديّة أنّها قالت : لمّا قتل الحسين بن عليّ أمطرت السّماء دما فأصبحنا وجبابنا وجرارنا مملوءة دما.

ومنهم العلامة ابن عساكر الدمشقي في «تاريخ دمشق» (على ما في منتخبه ج ٤ ص ٣٣٩ ط روضة الشام) قال :

ويقال : إنّ السّماء أمطرت يومئذ (أى يوم قتل الحسين) دما فأصبح أهل ذلك القطر وكلّ شيء لهم مملوء دما.

٤٥٨

ومنهم العلامة أحمد بن حجر الهيتمى في «الصواعق المحرقة» (ص ١١٦ ط عبد اللطيف بمصر).

روى الحديث نقلا عن «دلائل النّبوّة» بعين ما تقدّم عن «ذخائر العقبى».

ومنهم العلامة السيوطي في «الخصائص الكبرى» (ص ١٢٦ ط حيدرآباد):

روى الحديث من طريق البيهقي وأبي نعيم بعين ما تقدّم عن «ذخائر العقبى».

ومنهم العلامة باكثير الحضرمي في «وسيلة المآل» (ص ١٩٧ مخطوط).

روى الحديث عن نضرة بعين ما تقدّم عن «ذخائر العقبى».

ومنهم العلامة القندوزى في «ينابيع المودة» (ص ٣٢٠ ط اسلامبول).

روى الحديث نقلا عن «دلائل النّبوّة» بعين ما تقدّم عن «ذخائر العقبى» لكنّه ذكر بدل كلمة جبابنا : رحائنا.

ومنهم العلامة الشبلنجي في «نور الأبصار» (ص ١٢٣ ط مصر) قال :

وروى أن السّماء أمطرت دما فأصبح كلّ شيء لهم مملو دما.

ومنهم العلامة الزبيدي في «الإتحاف بحب الاشراف» (ص ١٢ ط مصر) قال : وممّا ظهرت يوم قتل الحسين من الآيات أنّ السّماء أمطرت دما وأنّ أوانيهم ملئت دما.

٤٥٩

الثاني

حديث ام سلمة

روى عنها القوم :

منهم العلامة محب الدين الطبري في «ذخائر العقبى» (ص ١٥٠ ط القدسي بالقاهرة) قال :

عن امّ سلمة قالت : لمّا قتل الحسين ناحت عليه الجن ومطرنا دما. خرجه ابن السريّ.

ومنهم العلامة باكثير الحضرمي في «وسيلة المآل» (ص ١٩٧ مخطوط).

روى الحديث عن امّ سلمة بعين ما تقدّم عن «ذخائر العقبى».

الثالث

حديث ام سالم

روى عنها القوم :

منهم العلامة محب الدين الطبري في «ذخائر العقبى» (ص ١٤٥ ط القدسي بالقاهرة) قال :

روى عن جعفر بن سليمان قال : حدّثتني خالتي امّ سالم قالت : لمّا قتل الحسين مطرنا مطرا كالدّم على البيوت والخدر ، قالت : وبلغني أنّه كان بخراسان والشّام والكوفة. خرّجه ابن بنت منيع.

٤٦٠