إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ١٠

السيّد نور الله الحسيني المرعشي التستري

وذكر بقيّة الخطبة في تتمّة ما رواه بالسند المتقدم بعد قوله :

ثمّ ساق الكلام على ما رواه زيد بن علي في رواية أبيه : هكذا :

ثمّ قالت في متّصل كلامها : أفعلى محمّد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول الله تبارك وتعالى : (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) وقال الله عزوجل فيما قصّ من خبر يحيى (١) بن زكريّا : «ربّ (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ)

__________________

(١) قال في «شرح النهج» (ج ٤ ص ٨٨ ط القاهرة).

قال المرتضى : ومما يقوى ما قدمناه ، ان زكريا عليه‌السلام خاف بنى عمه ، فطلب وارثا لأجل خوفه ، ولا يليق خوفهم الا بالمال دون العلم والنبوة ، لأنه عليه‌السلام كان أعلم بالله تعالى من أن يخاف أن يبعث نبيا ليس بأهل للنبوة ، أو أن يورث علمه وحكمه من ليس أهلا لهما.

وقال العلامة المعاصر المولوى اللاهورى في «فلك النجاة» (ج ١ ص ٣٧٧ ط هند).

السابع ـ ان الأنبياء السابقين قد ورثوا آبائهم ، كما قال الثعلبي في عرائس المجالس ص ٤٠٠ (وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) يعنى نبوته وحكمته ، وعلمه ، وملكه ، ـ وفي البيضاوي ، والكشاف ، وبحر المعاني ، والمدارك ، والمعالم ، وربيع الأبرار للزمخشري ، تحت قوله تعالى (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ) الآية ـ ورث سليمان من أبيه داود ألف فرس ـ ، قال النووي في ص ٤٣٤ عن الحسن البصري : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) ، المراد وراثة المال ولو أراد وراثة النبوة لم يقل ـ (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي) ـ الآية إذ لا يخاف الموالي على النبوة ـ انتهى ـ.

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وأبو صالح ، وابن جرير : خاف زكريا أن يرثوا ماله ، وقال ابن جرير في قوله تعالى : «فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي» ـ يقول زكريا : فارزقني من عندك ، ولدا وارثا ومعينا ، يرثني من بعد وفاتي مالي ويرث من آل يعقوب النبوة ـ.

٣٠١

وقال عزّ ذكره : «وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ» وقال : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) وقال : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) وزعمتم أن لا حقّ ، ولا إرث لي من أبي ، ولا رحم بيننا ، أفخصكم الله بآية أخرج نبيّه صلّى الله عليه منها ، أم تقولون : لا يتوارثون ، أولست أنا وأبي من أهل ملّة واحدة ، لعلكم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ، وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) أأغلب على إرثي جورا وظلما ، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).

وذكر : أنّها لمّا فرغت من كلام أبي بكر والمهاجرين ، عدلت إلى مجلس الأنصار ، فقالت : معشر البقيّة ، وأعضاد الملّة ، وحصون الإسلام ، ما هذه الغميرة في حقّي ، والسّنة عن ظلامتي ، أما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : المرء يحفظ في ولده ، سرعان ما أجدبتم ، فأكديتم وعجلان ذا إهانة تقولون : مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فخطب جليل : استوسع وهيه ، واستنهر فتقه ، وبعد وقته ، وأظلمت الأرض لغيبته ، واكتأبت خيرة الله لمصيبته ، وخشعت الجبال ، وأكدت الآمال ، وأضيع الحريم ، واذيلت الحرمة عند مماته صلّى الله عليه وتلك نازل علينا بها كتاب الله في أفنيتكم ، في ممساكم ومصبحكم ، يهتف بها في أسماعكم ، وقبله حلّت بأنبياء الله عزوجل ورسله : «وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ، وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ» إيها بني قيلة أأهضم تراث أبيه ، وأنتم بمرأى منه ومسمع ، تلبسكم الدعوة ، وتثملكم الحيرة ، وفيكم العدد والعدّة ، ولكم الدّار ، وعندكم الجنن ، وأنتم لآلي نخبة الله الّتي انتخب لدينه وأنصار رسوله ، وأهل الإسلام والخيرة الّتي اختار لنا أهل البيت ، فباديتم العرب ، وناهضتم الأمم ، وكافحتم البهم لا نبرح نأمركم ، وتأمرون حتّى دارت لكم بنا رحى الإسلام ، ودرّ حلب الأنام ، وخضعت نعرة الشّرك ، وباخت نيران الحرب ، وهدئت دعوة الهرج ، واستوسق نظام

٣٠٢

الدين ، فأنّى حرتم بعد البيان ، ونكصتم بعد الإقدام ، وأسررتم بعد الإعلان ، لقوم نكثوا أيمانهم ، (أَتَخْشَوْنَهُمْ ، فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ، ألا قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض ، وركنتم إلى الدّعة ، فعجبتم عن الدّين ، وبحجتم الّذي وعيتم ، ودسعتم الّذي سوغتم ف (إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ) ألا وقد قلت الّذي قلته على معرفة منّي بالخذلان الّذي خامر صدوركم واستشعرته قلوبكم ، ولكن قلته فيضة النفس ، ونفثة الغيظ ، وبثّة الصدر ، ومعذرة الحجّة ، فدونكموها ، فاحتقبوها مدبرة الظّهر ، ناكبة الحقّ ، باقية العار ، موسومة بشنار الأبد ، موصولة بنار الله الموقدة الّتي تطلّع على الأفئدة ، فبعين الله ما تفعلون ، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) ، وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، فاعلموا إنّا عاملون ، (وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ).

وقال في رواية زيد عن أبيه ، عن جدّه بعد نقل الخطبة : ثمّ انحرفت إلى قبر النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهي تقول :

«قد كان بعدك أنباء وهنبثة

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب»

«إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها

واختلّ قومك فاشهدهم ولا تغب»

قال : فما رأينا يوما كان أكثر باكيا ولا باكية من ذلك اليوم.

ومنهم العلامة الشيخ عز الدين عبد الحميد بن هبة الله البغدادي الشهير بابن أبي الحديد في «شرح نهج البلاغة» (ج ٤ ص ٧٨ طبع القاهرة) قال :

قال أبو بكر : فحدّثني محمّد بن زكريّا ، قال : حدّثني جعفر بن محمّد بن عمارة الكندي ، قال : حدّثني أبي ، عن الحسين بن صالح بن حيّ ، قال : حدّثني رجلان من بني هاشم ، عن زينب بنت عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : وقال جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين ، عن أبيه قال أبو بكر : وحدّثني عثمان بن عمران العجيفي ، عن نائل بن بخيج بن عمير بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه‌السلام ،

٣٠٣

قال أبو بكر : وحدّثني أحمد بن محمّد يزيد ، عن عبد الله بن محمّد بن سليمان ، عن أبيه عن عبد الله بن حسن بن الحسن ، قالوا جميعا : لمّا بلغ فاطمة عليها‌السلام اجماع أبي بكر على منعها فدك ، لاثت خمارها ، وأقبلت في لمّة من حفدتها ، ونساء قومها ، تطأ في ذيولها ، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى دخلت ، وقد حشد الناس من المهاجرين والأنصار فضرب بينها وبينهم ريطة بيضاء ، ثمّ أنّت أنّة أجهش لها القوم بالبكاء ، ثمّ أمهلت طويلا حتّى سكتوا من فورهم ، ثمّ قال : أبتدئ بحمد من هو أولى بالحمد والطّول والمجد ، الحمد لله على ما أنعم ؛ إلى أن قال : إيها معاشر المسلمين ، ابتزّ ارث أبي أبى الله أن ترث يا ابن أبي قحافة أباك ولا أرث أبي ، لقد جئت شيئا فريّا ، فدونكها مخطولة مرحولة ، تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحكم الله ، والزّعيم محمّد ، والموعد القيامة.

وفي (ج ٤ ص ٩٢ ، الطبع المذكور)

أخبرنا أبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني ، قال : حدّثني محمّد بن أحمد الكاتب ، قال : حدّثنا أحمد بن عبيد بن ناصح النحوي ، قال : حدّثني الزيادي ، قال : حدّثنا الشرقي بن القطامي ، عن محمّد بن إسحاق ، قال : حدّثنا صالح بن كيسان عن عروة ، عن عائشة ، قالت : لمّا بلغ فاطمة إجماع أبي بكر على منعها فدك ، لاثت خمارها على رأسها ، واشتملت بجلبابها ، وأقبلت في لمّة من حفدتها ، قال المرتضى : وأخبرنا المرزباني ، قال : حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمّد المكيّ ، قال : حدّثنا أبو العيناء ابن قاسم اليماني ، قال : حدّثنا ابن عائشة : قال : لمّا قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أقبلت فاطمة إلى أبي بكر في لمّة من حفدتها ـ ثمّ اجتمعت الروايتان من هاهنا ـ ونساء قومها تطأ ذيولها ، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى دخلت على أبي بكر ، وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم ، فنيطت دونها ملاءة ، ثمّ أنّت أنّة أجهش لها القوم بالبكاء وارتجّ المجلس ، ثمّ أمهلت هنيهة حتّى إذا سكن نشيج القوم

٣٠٤

وهدأت فورتهم ، افتتحت كلامها بالحمد لله عزوجل والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ قالت : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) ، إلى آخر الخطبة المشهورة.

ومنهم العلامة عمر رضا كحالة في «اعلام النساء» (ج ٣ ص ١٢٠٨ ط دمشق).

روى الحديث بعين ما تقدّم في «بلاغات النساء» عن عبد الله بن الحسن ، عن أبيه.

ومنهم الحافظ أبو بكر الجوهري في كتابه «على ما في نظلم الزهراء» (ص ٣٨) قال :

حدّثني محمّد بن زكريّا قال : حدّثني جعفر بن محمّد بن عمّاره الكندي ، قال : حدّثني أبي ، عن الحسن بن صالح بن حي ، قال : حدّثني رجالات من بني هاشم ، عن زينب بنت عليّ بن أبي طالب.

قال : وقال : حدّثني جعفر بن محمّد بن عمارة ، حدّثني أبي ، عن جعفر بن محمّد ابن عليّ بن الحسين ، عن أبيه رضي‌الله‌عنهم.

وقال أبو بكر : وحدّثني عثمان بن عمران الصحيفي ، عن نابل بن نجيح ، عن عمر بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمّد بن علي رضي‌الله‌عنهما.

وقال أبو بكر : وحدّثني أحمد بن محمّد بن زيد ، عن عبد الله بن محمّد بن سليمان ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن ، قالوا جميعا : لمّا بلغ فاطمة اجماع أبي بكر على منعها فدك ، لاثت خمارها علي رأسها ، وأقبلت في لمّة من نسائها ، ونساء قومها ، تطأ في ذيولها ، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حتّى دخلت على أبي بكر ، وقد حشد الناس من المهاجرين والأنصار ، وضرب بينها وبينهم ريطة بيضاء ، وقال بعضهم : قبطية بالكسر والضم ثمّ أنّت أنّة أجهش لها القوم بالبكاء وارتجّ المجلس ، ثمّ أمهلت طويلا ، حتّى سكتوا من فورتهم ، وقالت : أبتدي بحمد من هو أولى بالحمد والطّول والمجد ، الحمد لله على ما أنعم ، وله الشكر على ما أنعم الحديث.

٣٠٥

خطبة آخر لها

ألقتها على نساء الامة عند وفاتها

رواه القوم :

منهم علامة الأدب الثقة الأقدم أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر البغدادي في «بلاغات النساء» (ص ١٩) قال :

حدّثني هارون بن مسلم بن سعدان ، عن الحسن بن علوان ، عن عطية العوفي قال : لمّا مرضت فاطمة عليها‌السلام المرضة الّتي توفّيت بها دخل النساء عليها ، فقلن : كيف أصبحت من علّتك يا بنت رسول الله ، قالت : أصبحت والله عائفة لدنياكم ، قالية لرجالكم ، لفظتهم بعد أن عجمتهم ، وشنئتهم بعد أن سبرتهم ، فقبحا لفلول الحدّ ، وخور القنا ، وخطل الرّأي ، وبئسما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ، لا جرم لقد قلّدتهم ربقتها وشنت عليهم عارها ، فجدعا وعقرا ، وبعدا للقوم الظالمين ، ويحهم أنّي زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النّبوة ، ومهبط الروح الأمين ، الطّبن لأمور الدّنيا والدّين ، ألا ذلك هو الخسران المبين ، وما الّذي نقموا من أبي الحسن نقموا ، والله منه نكير سيفه ، وشدّه ووطئته ، ونكال وقعته ، وتنمره في ذات الله ، ويا لله لو تكافئوا على زمام نبذه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لسار بهم سيرا سجحا ، لا يكلّم خشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولأوردهم منهلا روّيا ، فضفاضا تطفح ضفتاه ، ولأصدرهم بطانا قد تحرى بهم الري غير متحل منهم بطائل بعمله الباهر ، وردعه سورة الساغب ، ولفتحت عليهم بركات من السماء وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون ، ألا هلمن فاسمعن وما عشتنّ أراكن الدّهر ، عجبا إلى أيّ لجاء لجئوا وأسندوا ، وبأيّ عروة تمسّكوا ، ولبئس المولى ولبئس العشير

٣٠٦

استبدلوا ، والله الذّنابي بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فرغما لمعاطس قوم (يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) وويحهم (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) أما لعمر إلهكن لقد لفحت قنطرة ريثما تنتج ثمّ احتلبوا طلاع القعب دما عبيطا وذعافا ممقرا هنا لك يخسر المبطلون ويعرف التالون غب ما أسّس الأوّلون ، ثمّ أطيبوا عن أنفسكم نفسا ، (وطأمنوا للفتنة جاشا ،) وأبشروا بسيف صارم وبقرح شامل ، واستبداد من الظالمين ، يدع فيكم زهيدا ، وجمعكم حصيدا ، فيا حسرة لكم وأنّى بكم وقد عميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ؛ ثمّ أمسكت عليها‌السلام.

ومنهم العلامة المعاصر الأستاذ عمر رضا كحالة في «أعلام النساء» (ج ٣ ص ١٢١٩ ط دمشق).

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «بلاغات النساء» لكنّه زاد في آخر الخطبة والحمد لله ربّ العالمين ، وصلاته على محمّد خاتم النبيين وسيّد المرسلين.

ومنهم العلامة عز الدين عبد الحميد بن هبة الله الشهير بابن أبى الحديد في «شرح نهج البلاغة» (ج ٤ ص ٨٧ ط القاهرة) قال :

قال أبو بكر : وحدّثنا محمّد بن زكريّا ، قال : حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن المهلبي ، عن عبد الله بن حمّاد بن سليمان ، عن أبيه ، عن عبد الله بن حسن بن حسن عن امّه فاطمة بنت الحسين عليهما‌السلام ، قالت : لمّا اشتد بفاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوجع ، وثقلت في علتها ، اجتمعت عندها نساء من المهاجرين والأنصار ، فقلن لها : كيف أصبحت يا بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قالت : والله أصبحت عائفة لدنياكم ، فساق الخطبة بعين ما تقدّم عن «بلاغات النساء» لكنّه ذكر بدل قوله غارها : غارتها ، وبدل كلمة بعدا : سحقا ، وبدل كلمة روّيا : نميرا ، وبدل كلمة ضفتاه : فضفاضة ، وبدل كلمة تحرّى : تحيّر وبدل قوله بعمله الباهر : بغمرنا هل وبدل كلمة لعمر

٣٠٧

إلهكن : لأمر الله ، وبدل قوله طأمنوا للفتنة جأشا : واطمأنوا للفتنة جعشا.

ومنهم العلامة الشيخ على بن عبد العال الكركي في «نفحات اللاهوت» (ص ٩٦ ط).

روى شطرا من كلامها نقلا عن كتاب السقيفة.

انها أعظم نساء المسلمين رزية

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة العسقلاني في «فتح الباري» (ج ٨ ص ١١١ ط مصر) قال :

وعند الطّبري من وجه آخر ، عن عائشة ، أنّه (أي النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) قال لفاطمة : إنّ جبرئيل أخبرني أنّه ليس امرأة من نساء المسلمين أعظم رزيّة منك ، فلا تكوني أدنى امرأة منهنّ صبرا.

ومنهم العلامة النبهاني في «الأنوار المحمدية» (ص ٥٨٢ ط الادبية ببيروت).

روى الحديث من طريق الطّبراني ، عن عائشة ، بعين ما تقدّم عن «فتح الباري».

ومنهم العلامة الشيخ سليمان البلخي القندوزى المتوفى سنة ١٢٩٣ في «ينابيع المودة». (ص ١٩٨ ط اسلامبول) قال :

أخرج الدّولابي ، عن فاطمة رضي‌الله‌عنها مرفوعا : يا بنيّة إنّه ليس من نساء المسلمين امرأة أعظم رزيّة منك ، فلا تكوني أدنى امرأة صبرا.

ومنهم الحافظ نور الدين على بن أبى بكر الهيتمى في «مجمع الزوائد» (ج ٩ ص ٢٣ ط مكتبة القدسي في القاهرة).

روى عن طريق الطبراني ، عن عائشة ، بعين ما تقدّم عن «ينابيع المودّة».

٣٠٨

نبذة من كراماتها

لم تر فاطمة دما في حيض ولا نفاس

ونروى في ذلك أحاديث.

الاول

حديث ام سليم

روى عنها جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة ابن عساكر الدمشقي في «التاريخ الكبير» (ج ١ ص ٣٩١ ط الترقي بدمشق) قال :

وروى من طريق أحمد بن عثمان ، عن أنس بن مالك ، عن امّ سليم ، قالت : لم تر فاطمة رضي‌الله‌عنها دما ، في حيض ولا نفاس (١).

ومنهم العلامة الرافعي في «التدوين» (ج ٢ ص ١٢٨ مخطوط) قال : أحمد بن عمر المذكر ، وأخيه يعقوب ، سمعا أبا بكر محمّد بن فهد النهاوندي ، علي بقزوين في شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، ثنا محمّد بن زكريا العلائي بالبصرة ثنا العباس بن بكار السيرين من ولد محمّد بن سيرين ، ثنا عبد الله بن المثنى ، عن ثمامة عن ابنته ، عن امّ سلمة ، (رض) ، قالت : ما رأت فاطمة رضي‌الله‌عنها في نفاسها دما

__________________

(١) قال العلامة النبهاني في «الشرف المؤبد» :

قال الحافظ السيوطي : ومن خصائص فاطمة رضى الله عنها ، أنها كانت لا تحيض ، وكانت إذا ولدت طهرت من نفاسها بعد ساعة حتى لا تفوتها صلاة ، ولذلك سميت الزهراء.

٣٠٩

ولا حيضا.

وقال ابن أبي الدّنيا : حدّثنا إسحاق الأشقر ، ثنا العباس بن بكّار ، ثنا عبد الله ابن المثنّى ، عن عمّه ثمامة ، عن أنس ، عن امّ سليم ، قالت : لم ير لفاطمة دم في حيض ولا نفاس.

الثاني حديث على عليه‌السلام

روى عنه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة الأمر تسرى في «أرجح المطالب» (ص ٢٤١ و ٢٤٧ ط لاهور) قال :

عن عليّ قال : إنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سئل عن بتول ، قيل : وإنا سمعناك يا رسول الله تقول : مريم بتول وفاطمة بتول. فقال : البتول الّتي لم تر حمرة قطّ ، أي لم تحض ، فإنّ الحيض مكروه من بنات الأنبياء ، أخرجه الحاكم.

٣١٠

الثالث

حديث أسماء بنت عميس

رواه القوم :

منهم العلامة محب الدين الطبري في «ذخائر العقبى» (ص ٤٤ ط مكتبة القدسي بمصر) قال :

وعن أسماء قالت : قبلت ، أي ولدت فاطمة بالحسن ، فلم أر لها دما في حيض ولا في نفاس ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما علمت أنّ ابنتي طاهرة مطهّرة ، لا يرى لها دم في طمث ولا ولادة ، خرّجه الامام عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام.

ومنهم العلامة أبو التيسير عثمان مدوخ بن محمد بن مدوخ بن يوسف ابن أحمد الحسيني الشافعي امام مسجد السلطان شمس الدين الشاذلى وخطيبه في «العدل الشاهد في تحقيق المشاهد».

روى عن عليّ بن الحسين عليهما‌السلام ، قال : لمّا حان وقت ولادة فاطمة بعث إليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأسماء بنت عميس ، قالت : قبلت فذكر الحديث بعين ما تقدّم عن «ذخائر العقبى».

ومنهم العلامة الشيخ عبد الرحمن بن عبد السّلام الصفورى الشافعي البغدادي المتوفى سنة ٨٨٤ في «نزهة المجالس» (ج ٢ ص ٢٢٧ ط القاهرة) قال :

عن أسماء بنت عميس قالت أسماء : قبلت فاطمة بولدها الحسن ، فلم أر لها دما ، فقلت : يا نبيّ الله لم أر لفاطمة دما من حيض ولا نفاس ، فقال : أما علمت فاطمة طاهرة مطهّرة.

٣١١

ومنهم العلامة البدخشي في «مفتاح النجا» (ص ١٠٧ مخطوط).

روى الحديث عن أسماء بعين ما تقدّم عن «نزهة المجالس» لكنّه زاد في آخر الحديث كلمة : في طمث ولا ولادة.

ومنهم العلامة أبو الفرج الاصفهانى في «الحلل الفاخرة» (على ما في كتاب تظلم الزهراء) قال :

عن أسماء بنت عميس رضي‌الله‌عنها ، قالت : شهدت فاطمة رضي‌الله‌عنها وقد ولدت بعض ولديها ، فلم أر لها دما فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ فاطمة خلقت حوريّة في صورة انسيّة.

ومنهم العلامة الأمر تسرى في «أرجح المطالب» (ص ٢٤٧ ط لاهور).

روى الحديث عن أسماء بعين ما تقدّم عن «ذخائر العقبى».

ومنهم العلامة باكثير الحضرمي في «وسيلة المآل» (ص ٧٨ ط مكتبة الظاهرية بدمشق).

روى الحديث عن أسماء ، بعين ما تقدم عن «ذخائر العقبى».

٣١٢

الرابع

ما روى مرسلا

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة القندوزى في «ينابيع المودة» (ص ٢٦٠ ط اسلامبول) قال :

عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنّما سمّيت فاطمة البتول لأنّها تبتلت من الحيض والنفاس إلخ.

ومنهم العلامة المولى محمد صالح الكشفى الحنفي في «المناقب المرتضوية» (ص ١١٩ ط بمبئى).

روى في حديث عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : وسمّيت فاطمة بتولا لأنّها تبتلت وتقطّعت عما هو معتاد العورات في كلّ شهر ، ولأنّها ترجع كلّ ليلة بكرا ، وسمّيت مريم بتولا ، لأنّها ولدت عيسى بكرا ، عن امّ سلمة رضي‌الله‌عنها.

ومنهم العلامة الحضرمي في «مودة القربى» (ص ١٠٣ ط لاهور).

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «ينابيع المودة» ، وزاد في آخره : لأنّ ذلك عيب في بنات الأنبياء ، أو قال : نقصان.

٣١٣

امتلاء جفنة لها من اللحم والخبز ببركة ايثارها

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على نفسها وأهلها بعد ما كانوا جائعين

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم الحافظ أبو الفداء ابن كثير في «البداية والنهاية» (ج ٦ ص ١١١ ط مصر) قال :

قال الحافظ أبو يعلي : ثنا سهل بن الحنظليّة ، ثنا عبد الله بن صالح ، حدّثني ابن لهيعة ، عن محمّد بن المنكدر ، عن جابر ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أقام أيّاما لم يطعم طعاما حتّى شقّ ذلك عليه ، فطاف في منازل أزواجه فلم يصب عند واحدة منهنّ شيئا ، فأتى فاطمة فقال : يا بنية هل عندك شيء آكله؟ فانّي جائع ، فقالت : لا والله بأبي أنت وامّي ، فلمّا خرج من عندها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بعثت إليها جارة لها برغيفين ، وقطعة لحم ، فأخذته منها فوضعته في جفنة لها ، وغطّت عليها ، وقالت : والله لأوثرنّ بهذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على نفسي ومن عندي ، وكانوا جميعا محتاجين إلى شبعة طعام ، فبعث حسنا وحسينا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فرجع إليها فقالت له : بأبي أنت وامّي ، قد أتى الله بشيء فخبأته لك قال : هلمّي يا بنية فكشفت عن الجفنة فإذا هي مملوة خبزا ولحما ، فلمّا نظرت إليها بهتت وعرفت أنّها بركة من الله فحمدت الله وصلّت على نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقدّمته إلى رسول الله ، فلمّا رآه حمد الله ، وقال : من أين لك هذا يا بنية؟ قالت : يا أبة هو من عند الله (إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) ، فحمد الله وقال : الحمد لله الّذي جعلك يا بنية شبيهة سيّدة نساء بني إسرائيل ، فإنّها كانت إذا رزقها الله شيئا فسئلت عنه ، قالت : هو من عند الله (إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) ، فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى عليّ ثمّ أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليّ وفاطمة وحسن

٣١٤

وحسين عليهم‌السلام وجميع أزواج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سلّم وأهل بيته جميعا حتّى شبعوا ، قالت : وبقية الجفنة كما هي فأوسعت بقيتها على جميع جيرانها ، وجعل الله فيها بركة وخيرا كثيرا.

ومنهم العلامة المذكور في «تفسير القرآن» (المطبوع بهامش فتح البيان ج ٢ ص ٢٢٢ ط بولاق مصر).

روى الحديث فيه أيضا بعين ما تقدّم عنه في «البداية والنهاية» لكنّه ذكر بدل كلمة الحنظليّة ، زنجله ، وبدل كلمة لم يجد ، لم يصب ، وأسقط قبل قوله ، وقالت والله وغطّت عليها.

ومنهم العلامة أبو المؤيد موفق بن أحمد أخطب خوارزم المتوفى سنة ٥٦٨ في «مقتل الحسين» (ص ٥٧ ط الغرى) قال :

وأخبرنا القاضي الأجل ظهير الإسلام أبو الفتح عبد الواحد بن الحسن الباقري أخبرنا أبو الفضل العباس بن أبي العباس الشفائي قراءة عليه ، أخبرنا الإمام أبو الحسن عليّ بن أحمد الواحدي ، أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمّد الثعلبي ، أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا أبو محمّد المزني ، أخبرنا أبو يعلى الموصلي ، فذكر الحديث بعين ما تقدّم عن «البداية والنهاية» لكنّه ذكر بدل قوله بركة من الله : كرامة من الله ثمّ قال : وسمعت هذا الحديث عن الشيخ الإمام عبد الحميد البرايقيني [أو البراتقيني] مختصرا برواية جابر بن عبد الله أيضا.

ومنهم العلامة أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الخثعمي في «التكملة» (ص ٨٧ مخطوط).

روى الحديث بعين ما تقدّم عن «البداية والنهاية» مع تلخيص بإسقاط ما لا يهمّ ذكره.

٣١٥

دوران رحاها وهي نائمة

رواه القوم :

منهم الحافظ شهاب الدين أحمد بن على بن حجر العسقلاني في «لسان الميزان» (ج ٥ ص ٦٥ ط حيدرآباد الدكن) قال :

قال أحمد بن الفضل بن خزيمة ، حدّثنا محمّد بن الأزهر الكاتب ، قال : حدّثني سويد الجويني ، قال : ثنا محمّد بن عمرو بن مهجع ، عن الشعبي ، عن ميمونة رضي‌الله‌عنها ، قالت : بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقمح إلى فاطمة لتطحنه ، ثمّ ردّني إليها ، فوجدتها نائمة ، والرّحى تدور ، فأخبرت النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : إنّ الله علم ضعف فاطمة ، فأوحى إلى الرّحى أن تدور ، فدارت.

ومنهم العلامة أبو المؤيد موفق بن أحمد المتوفى سنة ٥٦٨ في «مقتل الحسين» (ص ٦٨ ط الغرى) قال :

قال سيّد الحفاظ هذا ، أجزأه الله عنّا خيرا ، أخبرنا والدي ـ ره ـ ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر البزاز ، أخبرنا أبو منصور محمّد بن عيسى ، أخبرنا صالح بن أحمد الحافظ ، أخبرنا القاسم بن أبي صالح ، أخبرنا إبراهيم بن الحسين ، أخبرنا سويد بن سعيد ، أخبرنا محمّد بن عمر الكلاعي ، أخبرنا عامر الشعبي ، عن ميمونة بنت الحارث ، أن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لها : اذهبي بهذا الصاع إلى فاطمة تطحنه لنا ، فبينما هي تطحن إذ غلبتها عينها ، فذهب بها النوم ، فقال نبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قد أبطأ علينا طعامنا ، فانظري ما حبسها ، فذهبت ميمونة ، فاطلعت من الباب ، فإذا الرّحى تدور وإذا فاطمة نائمة ، فرجعت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقالت : رأيت فاطمة نائمة والرّحى تدور ، فقال : ما أحد يديرها؟ قالت : ما أحد يديرها ، فقال : رحم الله جلّ جلاله أمتها حيث رأى ضعفها فأوحى إلى الرّحى فدارت ، فجاءت ميمونة إلى طعامها ، وقد فرغ الرّحى من طحنه.

٣١٦

مخاطبة ناقة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معها

رواه القوم :

منهم العلامة الشيخ عبد الرحمن بن عبد السّلام الصفورى الشافعي البغدادي المتوفى بعد سنة ٨٨٤ في «نزهة المجالس» (ج ٢ ص ٢٢٨ ط القاهرة) قال :

قال النسفي : خرجت فاطمة رضي‌الله‌عنها ، ليلا فخاطبتها ناقة النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الغضباء الّتي أصابها من خيبر ، فقالت : السّلام عليك يا بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ألك حاجة إلى أبيك فإنّي ذاهبة إليه ، فبكت فاطمة رضي‌الله‌عنها ، وجعلت رأس الناقة في حجرها حتّى ماتت ، في تلك الساعة ، فكفّنتها في عباءة ودفنتها ، ثمّ كشفوا عنها بعد ثلاثة أيّام ، فلم يجدوا لها أثرا ، فنطقها لها من بعض كراماتها ، فانّها لم تنطق إلّا لها ولأبيها صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قالت : يا رسول الله كنت لرجل من اليهود ، فكنت أخرج أرعى ، فينادى النبات إلىّ إلىّ فإنّك لمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإذا كان اللّيل نادى السباع بعضهم بعضا : لا تقربوها فانّها لمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٣١٧

إرسال فاطمة سلمان ليستقرض لها من

شمعون اليهودي الشعير أو التمر لإطعام

اعرابى ولم تأخذ منه لنفسها وأهلها

وقد كانوا لم يجدوا شيئا منذ ثلاثة أيام فنزل لها

قصعة من مائدة الجنة

رواه جماعة من أعلام القوم :

منهم العلامة الشيخ عبد الرحمن الصفورى في «نزهة المجالس ومنتخب النفائس» (ج ١ ص ٢٢٤ ط عثمان خليفة بالقاهرة) قال :

قالت عائشة (رض): بينما النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مسجد المدينة ومعه المهاجرون والأنصار ، إذ جاء أعرابيّ قد صاد ضبّا ، فقال : يا محمّد ما اشتملت النساء على ذي لهجة هو أكذب منك ، ولو لا خصلة فيك لملئت سيفي هذا منك ، فوثب إليه عمر (رض) ، فقال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لقد كاد الحليم أن يكون نبيّا ، ثمّ قال : يا أخا بني سليم ، والله إنّي لأمين في السماء ، محمود عند الملائكة ، أمين في الأرض ، محمود عند الآدميّين ، فلا تسمعني في مجلسي إلّا خيرا ، ولا تقل فيّ إلّا حقّا ؛ قال : فباللات والعزّى لا أومن بك ، ولا اصدّقك حتّى يشهد لك هذا الضّبّ ، فقال النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا ضبّ من ربّك؟ قال : الّذي في السماء عرشه ، وفي الأرض سلطانه ، قال : من أنا يا ضبّ؟ فقال : أنت محمّد بن عبد الله ، سيّد النبيّين ، وإمام المتّقين ، وقائد الغرّ

٣١٨

المحجّلين ، أفلح من صدّقك ، وخاب من كذبّك ، فولّى السليمي وهو يضحك ، فقال : يا أخا بني سليم أتستهزئ بالله ، ثمّ بي ؛ قال : والله يا محمّد ما أستهزئ بالله ولا بك ، ولقد جئتك وما على وجه الأرض أبغض إليّ منك ، والآن ما على وجه الأرض أحبّ إليّ منك ؛ قال : أسلم ؛ فأسلم ، فوثب النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائما وصفق بيديه ثلاثا فرحا بإسلامه ، ثمّ قال : يا أخا بني سليم هل لك من شيء من عرض هذه الدّنيا؟ قال : لا ، والّذي بعثك بالحقّ نبيّا ما في بني سليم أفقر منّي ؛ فقال : من يضمن للسليمي ناقة من نوق الدّنيا أضمن له على الله ناقة من نوق الجنّة ، فقال عبد الرّحمن بن عوف رضي‌الله‌عنه : يا رسول الله عندي ناقة صفتها كذا وكذا ، فقال : يا ابن عوف وصفت الناقة الّتي عندك ، أفلا أصف الناقة الّتي عندنا ، قال : نعم ؛ قال : هي من لؤلؤ بيضاء عنقها من ياقوتة حمراء ، ذنبها من زمردة خضراء ، شعرها من الزعفران ، سنامها من الكافور ، وقوائمها من أنواع الجواهر ، رحلها من السندس والإستبرق ، ثمّ قال النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من يتوج الأعرابى وله على الله تاج الوقار ، فأعطاه عليّ عمامته ، ثمّ قال : من يزود الأعرابى وله على الله زاد التقوى ، قيل : وما زاد التقوى ؛ قال : إذا كان أوّل يوم من أيّام الآخرة وآخر يوم من أيّام الدّنيا ، لقنه الله شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله ، فقام سلمان الفارسي رضي‌الله‌عنه ، فأتى فاطمة ، فأخبرها ، فقالت : لنا ثلاثة أيّام لم نجد شيئا ، ولكنه خذ درعي ، وأرهنه عند شمعون اليهودي على صاعين من شعير ، وصاع من التمر ، فلمّا جاءه ، قال شمعون : هذا درع فاطمة؟ قال : نعم ، قال : هذا هو الزهد الّذي أخبرنا به موسى عليه‌السلام في التوراة ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا رسول الله ، ثمّ ردّ الدّرع ، وأعطاه الشعير والتمر ، فطحنت الشعير ، وخبزته ، ثمّ قالت : خذه يا سلمان ؛ فقال : خذي منه شيئا لأولادك ، فقالت : شيء خرجنا عنه لله ، فلا نأخذ منه شيئا ، فدفعه للأعرابى ، ثمّ جاء النّبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة ، فوجدها مصفرة اللّون ، فسألها ، فقالت : من الجوع ،

٣١٩

فقال : يا ربّ هذه بنت نبيّك وابناها ، فارحمهم ، ثمّ أمرها أن تدخل المخدع ، فتوّضئت وصلّت ركعتين ، وقالت : اللهمّ إنّ فاطمة بنت نبيّك قد أضرّبها الجوع ، وهذا عليّ بن أبى طالب ابن عمّ نبيّك ، قد أضرّ به الجوع ، فأنزل اللهمّ علينا مائدة من السماء كما أنزلتها على بني إسرائيل ، فكفروا ، وإنّا مؤمنون ، وإذا بقصعة فيها تريد لحم ريحها أطيب من المسك ، فخرجت بها ؛ فقال عليّ : أنّى لك هذا ، قالت : هو من عند الله ، فقال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كل ولا تسأل ، الحمد لله الّذي أراني بنتا مثلها كمثل مريم ، كلّما دخل عليها زكريّا المحراب وجد عندها رزقا ، قال : يا مريم أنّي لك هذا؟ قالت : هو من عند الله ، الآية ، هذا ما تصدّقت به فاطمة على الأعرابي قد أعطاها الله مائة مائدة في الجنّة وهذا منها ، فأكلوا حتّى شبعوا ثمّ ارتفعت.

ومنهم العلامة أبو المؤيد الموفق بن أحمد أخطب خوارزم في «مقتل الحسين» (ص ٧١ ط الغرى) قال :

وحدثنا أخي الإمام الأجل سراج الدّين شمس الأئمّة امام الحرمين أبو الفرج محمّد بن أحمد المكّي إملاء جزاه الله عنّي خيرا ، حدّثنا القاضي الإمام الأجل جمال القضاة أبو الفتح المظفّر بن أحمد بن عبد الواحد بحلوان ، في شهر الله المبارك رمضان سنة عشر وخمسمائة ، أخبرنا الشيخ الفقيه أبو بكر محمّد بن عليّ الحلواني في جامع حلوان في جمادي الاولى سنة أربع وستين وأربعمائة ، أخبرتنا كريمة بنت أحمد بن محمّد المروزي بمكّة ، حرسها الله سنة خمس وخمسين وأربعمائة قراءة عليها وأنا حاضر سمع.

ح وأخبرني بهذا الحديث عاليا قاضي القضاة نجم الدين أبو منصور محمّد بن الحسين بن محمّد البغدادي فيما كتب إلىّ من همدان بروايته ، عن الإمام نور الهدى أبى طالب الحسين بن محمّد بن عليّ الزينبي بروايته عن الكريمة فاطمة بنت أحمد بن محمّد المروزيّة بمكّة حرسها الله ، بهذا الاسناد هذه السيّاقة قيل لها : أخبركم الشيخ الإمام أبو علي

٣٢٠