تاريخ الشيعة بين المؤرخ والحقيقة

الدكتور نور الدين الهاشمي

تاريخ الشيعة بين المؤرخ والحقيقة

المؤلف:

الدكتور نور الدين الهاشمي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-8629-16-1
الصفحات: ٢٧٤

الشيعة تاريخ الشيعة عقائد الشيعة
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

شخصية عبد الله بن سبأ

من الشخصيات التي أعطاها التاريخ حجماً أكبر من حجمها ، شخصية عبدالله بن سبأ ، حتى صار معروفاً بين أوساط المؤرخين بمؤسس السبئية والتي كان يقصد بها وفي غالب الأوقات الأشخاص الموالين لعلي عليه‌السلام أو أحد أبنائه أو أحفاده. الشيء الذي أكسبه شخصية محورية في أرتباطه بالتشيع. وأصبح هذا الشخص هو المدخل الرئيسي للهجوم على الشيعة ، وربط حركتهم بالأصول اليهودية.

لكن الأمانة العلمية التي يتطلبها التحقيق التأريخي تلزمنا أن ندرس هذه الشخصية من جميع الجوانب انطلاقاً من وجودها أو عدم وجودها ، وإن كانت موجودة فلابد من معرفة مدى تأثيرها على الصعيد الثقافي والسياسي الاسلامي ، وهل فعلاً كان بالشكل الذي رسمه التاريخ الاسلامي.

ان مسألة عبدالله بن سبأ لم تكن محل اختلاف بين السنة والشيعة فقط بل حتى داخل المنظومة الفكرية الشيعية نفسها ، فقد نفى البعض وجود هذه الشخصية بالإطلاق بأعتبارها إحدى موضوعات سيف بن عمر بأعتباره هو الراوي الذي أورد له الطبري مروياته وبعدها كان

١٤١

تاريخ الطبري هو المرجع لكل المؤرخين فيما بعد. وقد مثل هذا الخط في أوجه العلامة مرتضى العسكري في كتابه أسطورة ابن سبأ ، وقد رأينا الإمام الخوئي رحمه‌الله أيضاً قد مال إلىٰ هذا القول في معجم الرجال (١).

وقد كان العلّامة التستري صاحب موسوعة الرجال من بين علماء الشيعة من أقر وجود هذه الشخصية لكل الفارق أنه وضعها في إطارها الحقيقي ، وسحب عنها تلك الخرافية التي أكسبها إياه سيف بن عمر الذي تلاعب بالرواية وأخرجه بالشكل الذي أصبح هو مؤسس المذهب الشيعي ، مع العلم أن الأئمة من آل البيت عليهم‌السلام قد لعنوه ويقول الإمام الخوئي في هذا الباب « فعلى فرض وجوده ، فهذه الروايات تدل على أنه كفر وادعى الألوهية في علي عليه‌السلام لا أنه قائل بفرض امامته عليه‌السلام (٢). وقد سبق أن قلنا أن الأئمة قد لعنوه والروايات كثيرة ، فعن علي بن الحسين عليه‌السلام قال : لعن الله من كذب علينا ! إني ذكرت عبدالله بن سبأ فقامت كل شعرة من جسدي ! لقد ادعى (٣) أمراً عظيماً ، ماله لعنه الله (٤) ، وكذلك عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال « لعن الله عبدالله بن سبأ ، إنه ادعى الربوبية في أمير المؤمنين » (٥) وهكذا يظهر لنا الموقف الحقيقي لخط

______________

(١) السيد الخوئي : معجم الرجال ج ١١.

(٢) المصدر السابق ص ٢٠٧.

(٣) العلامة التستري : قاموس الرجال ج ٦ ص ٣٦٧.

(٤) المصدر السابق : ص ٣٦٦.

(٥) المصدر السابق : ص ٣٧٠.

١٤٢

الأمامة في شخصية عبدالله بن سبأ ، وهو اللعن والرفض لكل ما أدعاه.

ولا يمكن أن ننفي وجود حركة الغلاة والذين لعنوا من طرف الأئمة ومن علماء مذهب أهل البيت مما لايجعل مصوغا للآخر ، الخلط بين التشيع الأصيل الذي بنا أسسه علىٰ اتباع أهل البيت وبين خط الغلو والانحراف ، وقد قال العلامة التستري في هذا الباب : ومن العجب أن الجماعة المتسمين بالعلماء من أهل السنة ، إذا تكلموا في كتبهم علىٰ المذاهب لايذكرون الإمامية المستمسكين بأهل بيت العصمة بل يقتصرون على الغلاة من السبئية واضرابهم.

ومنه فإن أي قراءة لتاريخ التشيع يجب أن يتبع فيه البحث الدقيق حتى لانعيد تلك القراءات البئيسة والتي ادت إلى تفريق وتمزيق الصف الإسلامي.

وقبل الانتهاء من هذه فإن علماء الشيعة لم يسقطوا حالات الغلو والتطرف التي ظهرت عند السنّة بل يقتصرونها علىٰ الحالات التي أنتجتها كالنواصب المعادين لآل البيت ولم تتهم كل المدرسة السنية بالنصب ، كما أنهم لم يتهموا السنة باليزيدية وهي إحدى الفرق التي خرجت من أهل السنة وأدعت الالوهية في يزيد بن معاوية وقد عرفوا علىٰ طول التاريخ بعبدة الشيطان. بل اقتصر الامر علىٰ أتباع تلك الطائفة.

١٤٣

١٤٤

شلبي والتاريخ

إنّ الأمر المهم الذي يجب أن نتخذه مبدأ في تحقيقاتنا ، هو أن لا ننظر إلىٰ الحقيقة بالصورة التي نحن عليها. لأنّ في هذه الحالة ستتغلّب « الانا » علىٰ محاور الحدث ، فنصبح معبرين عن وجهة نظرنا الخاصة علىٰ أنها الحقيقة ، فيفقد البحث معناه وخصوصاً البحث التاريخي.

إن الدراسات التاريخية تعتمد علىٰ مجموعة وقائع ذات دلالات زمانية ومكانية ، ومحكومة بأسباب ، ففي حالة الوصول إلىٰ النتائج بدون الغوص في الأسباب ومحاولة جردها عن علل وجودها ، فحتماً النتائج تكون خاطئة. إنها عملية علمية علىٰ نمط عملية حسابية فلا يمكن الوصول إلىٰ نتيجة ٢ من دون معرفة العددين الأصليين للعملية أي ١ + ١ أو. ( صفر ) + ٢. مما يفرض علينا وجوب الإطلاع علىٰ هذه الأسباب ، وهذا مافقده تأريخ الاستاذ شلبي.

إن تأريخ أستاذنا لم يأتي فقط فاقداً للمحددات السابقة ; بل تعسف علىٰ التاريخ فبتر أحداث مهمة كانت لها فيما بعد انعكاسها علىٰ أوضاع المجتمع الإسلامي. وما آلت إليه الأحداث.

١ ـ لم يرد قط حديث يوم الرزية ولم يتطرق له من أي جانب ،

١٤٥

علماً أن تلك الحادثة حددت النيات المبيتة ، وتلمس هذه النيات من خلال الدراسة الموضوعية للنص.

٢ ـ سرية أسامة وكذلك في باب الغزوات والسرايا. لم يذكر تجهيز سرية اسامة ، ونعلم كل العلم ماحدث من خلاف صريح لامر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه السرية وفعلاً ما سيترتب عنه فيما بعد. وخصوصاً أنها كانت في الأيام الأخيرة من حياته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٣ ـ إفراغ كل مدونته التاريخية من الأحاديث الصحيحة الدالة علىٰ مكانة علي عليه‌السلام ، والتي تدل دليلاً لا يقبل الشك في أحقيته بالخلافة بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علىٰ الرغم من تعجبه من أن كثيراً من الكتب لم تتخذ القرآن الكريم وأحاديث الرسول مراجع لها عند دراسة حدث تكلم عنه القرآن او الحديث (١) ; ودليل ذلك هو الدعوة الاولىٰ للرسالة المحمدية وبالخصوص نزول قوله تعالىٰ : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) (٢) حيث اوردها بطريقة نفت عنها صبغتها التاريخية وعنونها بدعوة بني عبد المطلب حيث قال : ـ

هذه هي المرحلة الثانية من مراحل الدعوة ، وقد بدأها الرسول عندما نزل عليه قوله تعالى : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) فدعا بني عبد المطلب ليجتمعوا به ، فلما حضروا قال لهم : « إني ما أعلم شاباً جاء

______________

(١) د. أحمد شلبي ، موسوعة التاريخ الاسلامي : ١ / ٥٨.

(٢) الشعراء : ٢١٤.

١٤٦

قومه بأفضل مما جئتكم به ، فلقد جئتكم بخير الدنيا والآخرة » وبلغهم دعوته ، فصدق به بعضهم وكذب به آخرون (١).

وهنا تنتفي نزاهة المؤرخ ، ويظهر بوضوح مدىٰ انتقائيته وتعامله اللاعلمي مع الحدث التاريخي ، فهذه الحادثة التاريخية مما نال الإجماع علىٰ سبب نزولها وما حدث خلال اجتماع بني عبد المطلب مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وخصوصاً الموقف النبيل لعلي عليه‌السلام ـ علىٰ رغم صغر سنه ـ وتحمسه لتحمل هذه الدعوة وأعبائها ، ولكن كاتبنا لم يأل جهداً في تضعيف هذه الشخصية بقصد أو عن غير قصد. بحيث يرىٰ أنه قد طمع بالخلافة (٢) ونعلم معنى الطمع في اللغة العربية.

وهذا من أسباب عدم ربط النتائج بالأسباب ، وبالتالي يسمح كاتبنا لنفسه أن يتهم علي عليه‌السلام بالطمع ، طالما أورد النص السالف بصيغة شلبية ! كما أنّه لم يدرج في موسوعته اي حديث من الأحاديث المتواترة والمعروفة عن مكانة آل البيت النبوي الكريم.

رزية الخميس

قد يبدو لأول وهلة أن هذا الامر بسيط ; يظن المؤرخ أنه لا حاجة من إدراجه فهو قد عبر عن حالة في لحظة معينة ثم انتهىٰ فعله ، وهذا بالفعل ما حدث لمؤرخنا. وكما أسلفنا سابقاً أنه لم يدرج هذه الحادثة

______________

(١) د. احمد شلبي المصدر السابق ص ٢١٨.

(٢) المصدر السابق ٥٧٥.

١٤٧

التاريخية ; لكنه في الحقيقة يعبر عن علامة تصدّع في الجسم الإسلامي آنذاك ، وافتراق الطوائف وظهور الأحزاب ، ولا نحاول هنا أن نعطي بعداً للنص أكثر مما يوحي به هو ، ولا نحمله أكثر من دلالته كحدث وواقعة ، لان الكثير يحمله علىٰ دلالة معنوية اِختزلها الحدث وتلاعب فيها المحدث ، وهذا ليس من اختصاصنا ولكننا نريد أن نجمع الأسباب التي وجدت خلال حياة الرسول حيث مثلت مجموعة مقدمات للنتائج اللاحقة بعد وفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

لا أحد منا يجهل هذه الواقعة فهي مما حبلت بها الكتب التاريخية ، واصطلح عليها بيوم الرزية لأن ابن عباس هو الذي أطلق عليها هذا الإسم مما رآه من هول عظيم ، وخصوصاً أنه في حضرة الرسول الكريم حيث يقول « يوم الخميس ، وما يوم الخميس ! قالوا ، وما يوم الخميس ؟ قال : اشتد برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعه ، فقال ائتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي ; فتنازعوا وماينبغي عند نبي تنازع ! وقال ماشأنه ! أهجر ؟ استفهموه !! فقال « دعوني ، فالذي أنا فيه خير » (١) قال ابن عباس إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم ) ويبكي حتىٰ يبل دمعه الحصى.

وكذلك وجد بصيغة متعددة تحدد شخصية المعترض.

فقال عمر إن النبي قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن حسبنا

______________

(١) كتاب المغازي : ٥ / ٥١١ باب مرض النبي ووفاته.

١٤٨

كتاب الله فاختلفوا أهل البيت واختصموا ، منهم من يقول قربوا يكتب لكم النبي كتاباً لا تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر (١).

وفي صحيح مسلم « إن رسول الله يهجر » (٢).

لقد كثر الجدل والنقاش حول هذا الحديث ، فيهم من اعتبره من الموارد التي لم يتعبّد بها الصحابة ودليل علىٰ عدم عدولهم ومخالفتهم الصريحة له في حياته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ (٣)

وآخرين استدلوا به علىٰ وقوف مجموعة من الصحابة ضد تعيين الوصي الشرعي بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حيث أنه كان يتوخىٰ تثبيت الأمر بطريقة توثيقية لا لفظية كما حصل في غدير خم ، لكن وقع الهرج والمرج عنده ، لكن حقيقة الحديث تتضح عن طريق آخر عبر حديث الثقلين ، وذلك من خلال تقارب اللفظين حيث قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث الرزية : « ائتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده » وقوله في حديث الثقلين « إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، كتاب الله وعترتي ». ففهم الصحابة بطريقة غير مباشرة ان هذه الوصية خاصة بتثبيت أولية آل البيت وعلىٰ رأسهم علي عليه‌السلام (٤) ، فوقع اللغط في وجود حضرته عليه الصلاة والسلام حتىٰ لا يكون ما أراده ونحن لسنا نحب

______________

(١) صحيح البخاري ـ باب قول المريض قوموا عنوا.

(٢) صحيح مسلم : ٥ / ٧٥ كتاب الوصية.

(٣) راجع المراجعات : حادثة الرزية المراجعة ٨٦.

(٤) السيد عبد الحسين شرف الدين ، النص والاجتهاد ص ١٢٩.

١٤٩

الدخول في هذا المبحث لأنه طويل وتحدث عنه الكثير ، واستنبط العلماء المسكوت عنه من خلال النص.

لكن الاهم عندنا في هذه الوقفة هو تبيين نقطة مهمة قد أغفلها كاتبنا وهو بداية حصول عدم الاتفاق خلال وجود النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيهم ، وظهور التفرقة وكذلك الفرق. وهم الفريق الذي يرىٰ الزامية التمسك بالتعاليم النبوية والقائلون اعطوه ، وفريق الرفض للتعاليم والقائل انه يهجر او غلب عليه الوجع ، وبالتالي عندهم القابلية لتجاوز التعاليم المسطرة.

إنه من البلاهة أن ننظر إلىٰ الحادثة ببساطة وأن لانهتم بهذه التفرقة بحضرة الرسول الأكرم ، لكن الأكيد أنه إحدىٰ الاسباب التي لا يجب عدم إغفالها حتىٰ تتضح لنا أبعاد الصراع بين الصحابة بعد وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنه بعد وفاته تكون العقليات قد تشكلت واعتادت علىٰ أشياء وأصبحت المخالفة للمقررات شيئاً عادياً ، وإدراجتا لهذه الواقعة ليس لكونها الوحيدة في حياة الرسول بل لأنها قريبة من لحظة وفاة النبي ، يعني ان الذهنية فعلا قد تشكلت علىٰ المخالفة. ولم تكن الحديبية وحدها دليل عليها. لكن واقعة الرزية لها دلالة عميقة من حيث كونها جاءت متأخرة من حياته الطاهرة ، وثاني شيء للمسكوت عنه في هذه الرواية والتي قبل أن يصل إليها الرسول أعد لها العدة وحدد طبيعة هذه الوصية طيلة مسيرة الدعوة من انذار العشيرة الأقربين إلىٰ غدير خم ، وتتبين كذلك هذه العقلية الرافضة والثائرة علىٰ الدستور

١٥٠

المسطور ـ دستور الذي لا ينطق عن الهوىٰ ـ في سرية اسامة ، وهي إحدى الأسباب التي أراد رسول الله أن يطمئن بها علىٰ وضع دولة الإسلام بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكذلك لم تجد صدىٰ لدى الدكتور شلبي. رغم أنه أعلن ثورته علىٰ تقديس التاريخ والصحابة ولكن باعتبار هذه الغزوة إحدىٰ المطاعن في حق أشخاص ثم استثناهم من هذه الثورة ضد الصحابة لذا لم يتجرأ علىٰ إدراجها في موسوعته.

سرية أسامة

فقد أعد الرسول جيشاً عظيماً ولَّى أسامة بن زيد قيادته ليثأر لأبيه ولقتلىٰ المسلمين ولكن الرسول مات قبل أن يسير هذا الجيش ، فسيره أبو بكر (١).

هذا ما نالته سرية أسامة من موسوعة اختصت في التأريخ للإسلام وكأن هذه السرية لم تعرف أحداثاً ولم يقع خلالها اضطرابات. وهذا هو عين التزوير والانتقائية في التاريخ ، وسؤال صريح لأستاذنا لماذا هذا التجاوز عن أحداث تاريخية ؟ ألكونها بدون أهمية ؟ أم خشيت أن تسقط أصنامك ؟!.

وللأمانة التاريخية نورد النص التاريخي قبل الدخول في مطارحة معه :

لقد أعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سرية لغزوة بلاد الروم وذلك لأربع ليال

______________

(١) د. احمد شلبي موسوعة التاريخ الاسلامى ، ص ٥٨٥.

١٥١

بقين من صفر سنة احدىٰ عشرة للهجرة ، فلما كان من الغد دعا أسامة فقال له : سر إلىٰ موضع قتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك هذا الجيش ، فاغز صباحاً علىٰ أهل بني ... فلما كان يوم الثامن والعشرين من صفر ، بدأ به صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرض الموت فحم وصدع فلما أصبح اليوم التاسع والعشرين ووجدهم متثاقلين ، فخرج إليهم وحرضهم علىٰ السير ، وعقد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اللواء لأسامة بيده الشريفة ، تحريكاً لحميتهم ، وارهافاً لعزيمتهم. ثم قال « اغز بسم الله وفي سبيل الله وقاتل من كفر بالله » فخرج بلوائه معقوداً فدفعه إلىٰ بريدة وعسكر بالجرف ثم تثاقلوا هناك فلم يبرحوا.

لا نريد الإطالة في الرواية ولكن المعني في هذا السرد ذكر الأحداث المهمة وبالضبط تحديد طبيعة العقليات التي تشكلت خلال المرحلة الأخيرة من حياة الرسول ، إنه من الجلي والواضح هنا هو هذا الرفض والتثاقل عن الاستجابة لهذا الامر النبوي وهو الجهاد في سبيل الإسلام من إجلاء إعلاء لواءه ، بالرغم من ذلك فإن تيار الرفض وقف مرة أخرىٰ إتجاه كلام المعصوم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. بالرغم من تشديده علىٰ إبعاث السرية حتىٰ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « لعن الله المتخلفين عنها » (١) وكان كبار الصحابة فيها وعلىٰ رأسهم أبو بكر وعمر.

إن دراسة هذا الحديث يبين لنا جوانب خفية لعبت دوراً مهما في

______________

(١) أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة نقلاً عن المراجعات ص ٢٦٠.

١٥٢

أحداث مستقبلية ، ولم يكن أمر الرسول بهذا العمل الّا من قبيل الاطلاع علىٰ النفوس التي عاشت وتعيش حوله وامتحان لهم. فأسامة لم يكن الّا شاباً صغير السن وفي الجيش شيوخ كبار. وكيف تطوعهم نفوسهم أن يجعلوا تحت لواء شاب ، ان التعلل بهذا لهو عين الحمق. فكيف وقوله تعالىٰ ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) مدون في كتاب الله تعالىٰ وما أمره في سرية أسامة إلّا لازم الامتثال له ، وأي مخالفة صريحة لأمره هي مخالفة لامره تعالىٰ.

إن حدث السرية يحمل معنيين مهمين يجب التمعن فيهما وهذا ما كان يتوخاه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

الأول : عقد لواء السرية بيده وهذه دلالة شرعية للسرية ومثيلها ومثيل أي أمر نبوي وجب الخضوع له. علماً أنه خلال هذه المرة كان في مرضه الأخير وكان بإمكانه تكليف شخص معين لعقد اللواء ، لكن أبىٰ إلّا أن يقوم من فراشه ويباشر عن هذا العمل الشريف.

والثاني : هو شخصية القائد ، وقد كان امتحان من رسول الله لأصحابه باختياره لأسامة وهو شاب صغير. ومن خلالها استطاع أن يتطلع لمصير أوامره بعد وفاته علماً أن هذه الامة ينتظرها ماهو أكبر وأعظم من سرية لكن مع الاسف كان امتحاناً استطاع الرسول أن يستشف من خلاله مصير أصحابه ويحيط لعنته بالمخالفين له.

من خلال هذين الحدثين : رزية الخميس وسرية أسامة يتضح لنا هذا المجتمع المقبل علىٰ شيء أعظم إلىٰ أيّ شيء وصل في تفكيره

١٥٣

وفي تفاعله مع الامر النبوي والذي تغاضىٰ كاتبنا الطرف عنه ، ووصل إلىٰ نتائج غريبة جعلت التاريخ ينقلب رأساً علىٰ عقب. وخصوصاً المسائل المرتبطة بالخلافة بحيث لم يتحرج كما قلنا سابقاً أن يقول وطمع علي بن أبي طالب في الخلافة (١) وفي موضع آخر وكان بنو هاشم أقدم طمعاً في الخلافة (٢). وهذا في حد ذاته جرأه علىٰ هذا المقام الكبير في الإسلام بنسبهم إلىٰ فعل من أخس الأفعال وهو الطمع. كما جعل أحاديث الوصاية والداعية للإمام علي عليه‌السلام هي من موضوعات عبد الله بن سبأ ، وهذا إجحاف في حق الكم الهائل الذي نزل في حقه عليه‌السلام وفي حق عملية التدوين سواء علىٰ مستوىٰ الحديث أو التاريخ. بحيث تصبح كلها من النجاحات الباهرة للعبقري اليهودي حيث أنه حسب تعبيره نجح في الخطة التي وضعها ونجده ـ ليضمن النجاح ـ يقوم بالدعوة لعلي فينشر مذهب الوصاية أي أن علياً وصي محمد كما أن لكل نبي وصياً ، وأن علي عليه‌السلام خاتم الأوصياء كما أن النبي خاتم الأنبياء (٣) لكن إلىٰ أي حد هذا الاستنتاج صحيح !!.

علي والوصاية

إن الحقيقة التي حاول الدكتور شلبي أن ينكرها هي أوضح من

______________

(١) د. أحمد شلبي ، موسوعة التاريخ الإسلامي : ١ / ٥٨٥.

(٢) المصدر السابق ص ٦٢٠.

(٣) المصدر السابق ص ٦٢٧.

١٥٤

الشمس في كبد السماء ، لأن الأمة أجمعت علىٰ صحة ماقيل في حقه عليه‌السلام وخصوصاً أحاديث الولاية ، من جانبي قد يلاحظ نوع من التعصب ، لكن أظن أنني أتحدث عن وقائع ثابتة ولا أحاول نفيها أو إثباتها بطريقة تخالف المناهج العلمية ، عكس ما عمله صاحب الموسوعة حيث يجرأ بكل سهولة لانكار حقائق وقعت في التاريخ الاسلامي.

إن شخصية الامام علي عليه‌السلام لم تكن وليدة اللحظة التي توفي فيها الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتىٰ يتجرأ للطمع في شيء لا يرى فيه أحقية دينية ولنفسه ، بل هو نتاج لعملية التكوين النبوي لهذه الشخصية حتىٰ تكون مستعدة لاستخلافها من بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. إن مثل الامام علي عليه‌السلام والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كمثل تلك النبتة التي يرعاها الفلاح حتىٰ يستفيد منها الناس في المستقبل وهذا يتطلب جهداً من الفلاح للحفاظ عليها ، وهذا حال المصطفىٰ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحيث لم يعلن عن وليدة في لحظة زمنية محددة وإنما تطلب منه مدة زمنية طويلة علىٰ طول الدعوة الإسلامية من حديث الدار إلىٰ غدير خم حتىٰ يتم استيعاب الامر بشكل جيد من طرف أصحابه ، وقد اختلفت هذه المواضع باختلاف الزمان والمكان.

المرحلة الأولىٰ : ( يوم الدار )

إن مسألة تميز علي بن أبي طالب انطلقت من تحديد أهميته اولا داخل اُسرته ثم بعد ذلك بين كافة المسلمين ، وكانت واقعة الانذار أول

١٥٥

هذه الخطوات ، بحيث وضعته الرسالة في الموقع المتقدم لبني هاشم لئلا يجرأ أحد من البيت الهاشمي علىٰ طلب الخلافة بعد وفاة الرسول وفيهم العباس بن عبد المطلب وهو كبير بني هاشم آنذاك ، لأن المسألة بالنسبة إليهم محسومة والشخصية الرئيسية قد حددت ، ولم يكن هناك مجال للنقاش او الاعتراض. لذا تجد أغلب بني هاشم امتنعوا عن مبايعة ابي بكر واعتصموا في منزل فاطمة عليها‌السلام ، لأن الأمر النبوي كان في تلك اللحظة صريحاً. والمعاني لا تحمل محامل مجازية ، فعندما نزل قوله تعالىٰ : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) (١) جمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بني هاشم وخطب فيهم قائلاً :

( يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم به ، إني جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله تعالىٰ أن ادعوكم إليه ، فأيكم يؤازرني علىٰ هذا الأمر علىٰ أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم ).

يقول الامام علي عليه‌السلام :

( فأحجم القوم عنها جميعاً ، فقلت وإني لأحدثهم سناً ، وأرمصهم عيناً ، أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ برقبتي ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

إن هذا أخي ووصي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ، قال ـ أي الامام علي عليه‌السلام ـ فقام القوم يضحكون ، ويقولون لأبي طالب قد أمرك

______________

(١) الشعراء : ٢١٤.

١٥٦

أن تسمع لابنك وتطيع » (١).

وهذا منطلق تمهيد الخلافة لعلي ابن ابي طالب وأول مرحلة علىٰ حساب أهله ولا أظن كاتبنا لم يطلع علىٰ هذا الخبر لأنّه مما امتلئت به كتب التاريخ والحديث وليس هذا الخبر هو الوحيد لأن المسيرة التاريخية للنبوة والتي استمرت ٢٣ سنة كانت مليئة بمثل هذه الوقائع.

ومن هنا ابتدأت الدعوة النبوية لعلي عليه‌السلام في إظهاره للناس وإبراز حقيقته ابتداء من بني هاشم إلىٰ المسلمين عامة ، وأظن ان عبد الله بن سبأ لم يكن حاضر تلك اللحظة كما أنه لم ينفرد هو نفسه برواية هذه الرواية بل هي مما امتلئت بها كتب السيرة والحديث. ولا نبغي من خلال إدراج هذه الفكرة الانتصار لطائفة معينة بقدر ما نحاول إظهار ما يحاول إخفاؤه كاتبنا وكذلك نفي التهم الباطلة التي تلصق بأعظم شخصية بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

علي عليه‌السلام في حياة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

إن حديث الدار كان أول خطوة لتبيين منزلة الإمام علي عليه‌السلام ومن ذلك الوقت سعى النبي لإظهاره تدريجياً وإعطائه مكانته الخاصة في المجتمع الإسلامي ، فهو الوحيد بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي لم يعرف الشرك في حياته.

______________

(١) تاريخ الطبري : ٢ / ٣١٩ ، تاريخ ابن الاثير ٢ / ٦٢ ، السيرة الحلبية : ١ / ٣١١ ، تاريخ ابن عساكر : ١ / ٨٨.

١٥٧

وقد كان الرسول يهيىء المجتمع الإسلامي لتقبل الفكرة بعد وفاته وذلك عبر إخراجهم من الموروثات الجاهلية القديمة المرتبطة بالسن او الجاه ، وإيصالهم إلىٰ جادة الطريق والتي ترتبط أساساً بمكانة الإنسان العلمية ، ومدىٰ استيعابه لخط الرسالة ، وقدرته علىٰ فهمها وإيصالها إلى الآخرين ، فكانت آية التطهير (١) دليلاً علىٰ سمو آل البيت وإبرازاً لأفضليتهم. وتكاثرت الأحاديث خلال حياة النبي حولهم وعلىٰ رأسهم علي عليه‌السلام ، وللنبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أقوال كثيرة أراد من خلالها توجيه الرأي العام إلىٰ أمر مهم حتىٰ لا يتم تحريف الإسلام بعد وفاته ومن هذه الأقوال :

« أنا مدينة العلم وعلي بابها ».

« يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي ».

« أما ترضىٰ أن تكون مني بمنزلة هارون من موسىٰ ».

إن هذه الأحاديث تبين منزلة علي عليه‌السلام عند الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما أن الإمام علي عليه‌السلام كان صاحب ذو الفقار ، وتذكر لنا حوادث التاريخ والغزوات كيف أبلىٰ الامام علي عليه‌السلام بلاءاً حسناً في المعارك وكيف ثبت في حرب أحد ويوم حنين. وكيف كان فاتح خيبر بعد أن فشل الصحابة الذين استلموا الراية قبله ، وهو أمر يجب التأمل فيه بشكل نستطيع من خلاله التعرف علىٰ منزلته العظيمة وإبراز إحدىٰ الخصائص المهمة وهي

______________

(١) وهو المعروف بحديث الكساء بعد نزول قوله تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ).

١٥٨

القوة ، والتي هي من شروط أي قائد. فبعد هزيمة أبي بكر وعمر قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، لا يخزيه الله أبداً ، ولا يرجع حتىٰ يفتح عليه ) فدعا عليا ودفع إليه الراية ودعا له ، فكان الفتح علىٰ يديه (١).

هذا في الحرب أما في تبليغ الدعوة فلا أحد ينكر من بلّغ سورة التوبة بعدما أعطيت لأبي بكر فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( لا ولكني أمرت ألا يبلغ عني إلّا أنا أو رجل مني ) (٢) وكل هذه المواقف النبوية تدل أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اراد من خلالها توجيه الرأي العام إلىٰ هذا النجم الساطع ، وإبراز مكانته داخل المجتمع. بعد ذلك تأتي اللحظة الأخيرة فبعدما كان قد أمرَّه علىٰ ذويه وأقاربه جاء الوقت ليؤمره علىٰ كافة المسلمين بعدما تبينت مكانته في الإسلام ، فكان إتمام الدين بإبلاغ ولاية الامام علي عليه‌السلام وذلك خلال حجة الوداع في غدير خم. فبيّن منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحقيقة بصراحة فقال : ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ) (٣).

______________

(١) المصنف لابي شيبة : ٧ / ١٧ ، سنن النسائي ٥ / ح ٨٤٠٢ ، تاريخ الطبري : ٣ / ١٢ ، البداية والنهاية : ٢٧ / ٣٧٣.

(٢) سنن الترمذي : ٥ / ٣٧١٩ ، سنن النسائي : ٥ / ٨٤٦١ ، تفسير الطبري : ١٠ / ٤٦ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٧٤ ومسند الامام أحمد : ١ / ٣٣١.

(٣) مسند أحمد : ١ / ٨٤ ، ٨٨ ، ١١٨ ، ١١٩ ، سنن النسائي ـ كتاب الخصائص ح ٨٥٤٢ ، البداية والنهاية : ٥ / ٢٢٩ ـ ٢٣٢.

١٥٩

فهذه اقوال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كتب أهل السنة ، وليست افتراءات الشيعة كما توصل إلىٰ ذلك الدكتور شلبي حيث يرىٰ أن هناك طريق ثاني طويل جاء منه أعظم الخطر علىٰ الشيعة ذلك هو طريق الوضع والإفتراء ، فوضعوا من الأحاديث والروايات ما يؤيد به مذهبهم (١).

أسباب ونتائج

إن البحث التاريخي هو عبارة عن دراسة موضوعية للأحداث السابقة عبر تتبع مسيرتها إذ أنها تحوي داخلها مجموعة من الاسباب ، والتي تعطي للحدث بعداً تاريخياً له انعكاساته علىٰ مجريات الأحداث المستقبلية ، فلا يمكننا الوصول إلىٰ خلاصة ونظنها منطقية. دون إيراد ماورد في هذا الباب حتىٰ تكون استنتاجاتنا منطقية وهذه العملية مهمة في دراسة التاريخ الإسلامي لانني باستطاعتي أن اعطي حكماً قيمياً من خلاله أصلُ إلىٰ حكم يخالف الواقع وما جرت به الأحداث ، وقد يصل الأمر إلىٰ أن أصل إلىٰ نتيجة غير صحيحة وكثيراً ما يصل الباحث إلىٰ هذه النتائج الخاطئة من خلال التعامل مع باقي الفرق الأخرىٰ بشكل متطرف وإخراجها من ملة الإسلام ، وهذا ما حدث لصاحبنا فعلىٰ علة منهجه التأريخي والذي حاولنا بقليل من التفصيل إظهار الأسباب التي أغفلها والتي لها الدور الأساسي في التأثير علىٰ الأحداث التاريخية بعدو وفاة الرسول وكذلك النتائج التي تفتقد إلى

______________

(١) انظر : أحمد شلبي ، موسوعة التاريخ الاسلامي : ٢ / ١٥١.

١٦٠