الشيخ محمّد حسن النّجفي
المحقق: الشيخ عبّاس القوچاني
الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٧
الصفحات: ٤٦٥
من عدم الفدية بالضرر الناشئ من نفس الشعر ، ولعل القول بوجوبها أيضا أقوى لصدق الأذى ، وخصوصا إذا كان حاصلا بنفس نبات الشعر كما يتفق لبعض الأمزجة ، فتأمل جيدا.
ولو قطع عضوا مثلا كان عليه شعر أو ظفر لم يتعلق بزوالهما شيء كما في التذكرة والمنتهى ، لخروجه عن مفهوم إزالتهما عرفا فضلا عن القص والقلم والحلق والنتف ، وما ثبت في القصاص من صدق قطع الإصبع بقطع الكف أو بعضه فلدليله فما في الدروس ـ من التردد فيه لقوله : لو قلع جلدة عليها شعر قيل لا يضمن ـ في غير محله.
ثم إن الظاهر عدم الخلاف بل ولا إشكال في عدم جواز إزالة المحرم شعر محرم غيره ، بل في المدارك الإجماع عليه ، ولعله كذلك ، مضافا إلى ما يفهم من الأدلة من عدم جواز وقوع ذلك من اي مباشر كان ، والظاهر أن مثله قتل الهوام أما شعر المحل فعن الشيخ في الخلاف جوازه ، ولا ضمان للأصل ، وعن التهذيب لا يجوز له ذلك ، لقول الصادق عليهالسلام في صحيح معاوية (١) : « لا يأخذ الحرام من شعر الحلال » ولعله الأقوى ، نعم قد يشك في الفدية التي مقتضى الأصل عدمها بعد ظهور الأدلة في غير ذلك.
ثم إن الظاهر كون المحرم الإزالة المستفادة من الحلق والنتف ونحوهما ، فلا بأس بالحك الذي لم يعلم ترتبها عليه ، ولا قصدها به ، ووجوب الفداء على الشعر الساقطة بمس اللحية إن قلنا به كوجوبها على الناسي والغافل عند القائل به ولعل قوله عليهالسلام : « لا بأس بالحك ما لم يدم أو يقطع الشعر » ظاهر فيما ذكرنا ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦٣ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١ وفيه « لا يأخذ المحرم. إلخ ».
وحينئذ فلا بأس بالتسريح الذي لا طمأنينة بحصول القطع معه وان اتفق ، إلا أن الأولى والأحوط اجتنابه ، خصوصا مع كونه ترفها منافيا للإحرام وغالب السقوط ، فالأولى تمييزه بيده كما ورد (١) في الرأس ، ولو سقطت شعرة بمماسة اللحية مثلا وعلم كونها منسلة فلا شيء ، ولو شك في كونها نابتة أو لا ففي الدروس الأقرب الفدية ، وفيه نظر للأصل ، هذا ، ويأتي إن شاء الله تمام البحث في أطراف المسألة في الكفارات ، والله العالم.
وتغطية الرجل الرأس بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، بل عن التذكرة والمنتهى إجماع العلماء عليه ، بل النصوص فيه مستفيضة حد الاستفاضة إن لم تكن متواترة ، منها قول أبي جعفر عليهالسلام في خبر القداح (٢) : « إحرام المرأة في وجهها ، وإحرام الرجل في رأسه » والصادق عليهالسلام في حسن عبد الله بن ميمون (٣) « المحرمة لا تتنقب ، لأن إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه » وصحيح ابن الحجاج (٤) « سألت أبا الحسن عليهالسلام عن المحرم يجد البرد في أذنيه يغطيهما قال : لا » وصحيح ابن سنان (٥) « سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول لأبي وشكا اليه حر الشمس وهو محرم وهو يتأذى به وقال : أترى أن أستتر بطرف ثوبي قال : لا بأس بذلك ما لم يصبك رأسك » وصحيح زرارة (٦) « قلت لأبي جعفر عليهالسلام : الرجل المحرم يريد أن ينام يغطي
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧٥ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٢.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٦٧ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٤.
(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٥٩ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١.
وجهه من الذباب قال : نعم ولا يخمر رأسه ، والمرأة المحرمة لا بأس أن تغطي وجهها كله » وصحيح حريز (١) « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن محرم غطى رأسه ناسيا قال : يلقي القناع عن رأسه ويلبي ولا شيء عليه » وغير ذلك من النصوص الظاهر بعضها في عدم الفرق بين الكل والبعض كما صرح به الفاضل والشهيد وغيرهما ، نعم لا بأس بعصام القربة اختيارا كما صرح به غير واحد ، بل لا أجد فيه خلافا ، لصحيح ابن مسلم (٢) سأل الصادق عليهالسلام « عن المحرم يضع عصام القربة على رأسه إذا استسقى قال : نعم » وكذا عصابة الصداع لقول الصادق عليهالسلام أيضا في صحيح معاوية (٣) : « لا بأس أن يعصب المحرم رأسه من الصداع » ونحوه حسن يعقوب بن شعيب (٤) بل في كشف اللثام عمل بهما أي صحيحي العصابتين الأصحاب ، ففي المقنع تجويز عصابة القربة ، وفي التهذيب والنهاية والمبسوط والسرائر والجامع والتذكرة والتحرير والمنتهى تجويز التعصيب لحاجة ، وأطلق ابن حمزة التعصيب ، وإن كان قد يناقش بعدم دليل على التعميم المزبور ، بل ظاهر قوله عليهالسلام : « لا بأس ما لم يصب رأسك » خلافه ، إلا أن يدعى ذلك في خصوص التعصيب ، ولكن إن لم يصل إلى حد الضرورة فيه منع واضح.
نعم ربما ظهر من التذكرة والمنتهى التردد في الأذنين ، لكن في التحرير الوجه دخولهما ، ولعله لصحيح ابن الحجاج السابق إن لم نقل إن الرأس اسم للعضو المخصوص كاليد ، وإن اختص بعض أجزائه باسم آخر ، وإلا كان خبر
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٣.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٧ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٧٠ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٤.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٧٠ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٢.
الأذن (١) مؤكدا للدخول ، ودعوى أن المراد به هنا منابت الشعر حقيقة أو حكما لا دليل عليها ، بل ظاهر الأدلة خلافها ، وإن استوجهها ثاني الشهيدين وفرع عليها خروج الأذنين ، بل في المدارك حكايتها عن جمع من الأصحاب ، لكن قد عرفت تصريح النص بخلافها ، فلا يقدح حينئذ شهادة قوله عليهالسلام : « إحرام المرأة في وجهها ، والرجل في رأسه » أو العرف أو غير ذلك ، فان جميع ذلك لا يعارض النص الصريح ، نعم يجدي تحقيق ذلك بالنسبة إلى غيرهما مما هو خارج عن المنبت ، ولم يقم دليل على جواز تغطيته ، فان مقتضى الأول حينئذ وجوبه ، بخلافه على الدعوى الثانية ، إلا أني لم أجد من ذكر وجوب غير الأذنين زائدا على المنابت ، بل لعل السيرة أيضا على خلافه.
ثم لا فرق في حرمة التغطية بين جميع أفرادها كالثوب والطين والدواء والحناء وحمل المتاع أو طبق ونحوه كما صرح به غير واحد ، بل لا أجد فيه خلافا بل عن التذكرة نسبته إلى علمائنا ، نعم في المدارك هو غير واضح ، لأن المنهي عنه في الروايات المعتبرة تخمير الرأس ووضع القناع عليه والستر بالثوب ونحوه لا مطلق الستر ، مع أن النهي لو تعلق به لوجب حمله على المتعارف منه ، وهو الستر بالمعتاد وتبعه في الذخيرة ، وفيه ـ مضافا إلى قوله عليهالسلام : « إحرام الرجل في رأسه » وغيره من الإطلاقات ، واستثناء عصام القربة وغير ذلك ـ أن النهي عن الارتماس في الماء وإدخال الرأس فيه ـ بناء على أنه من التغطية أو بمعناها ولذا لا يختص ذلك بالماء ـ ظاهر في عدم اعتبار المتعارف من الساتر ، وكذا ما تسمعه من منع المحرمة تغطية وجهها بالمروحة ، بناء على أنها من غير المتعارف ، وعلى
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١.
تساويهما في ذلك وان اختلف محل إحرامهما بالوجه والرأس وغير ذلك ، ولعله لذا ونحوه كان الحكم مفروغا منه عند الأصحاب ، بل ظاهر بعضهم الإجماع عليه بيننا.
نعم للعامة خلاف في الخضاب الرقيق ، وآخر في الطين ، وثالث في العسل واللبن الثخين ، ورابع فيما يحمله على رأسه من متاع ونحوه ، وعن المبسوط من خضب رأسه أو طينه لزمه الفداء كمن غطاه بثوب بلا خلاف ، هذا ، وفي التحرير والمنتهى جواز التلبيد بأن يطلي رأسه بعسل أو صمغ ليجتمع الشعر ويتلبد ، فلا يتخلله الغبار ، ولا يصيبه الشعث ، ولا يقع فيه الدبيب ، وقال : روى ابن عمر (١) قال : « رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يهل ملبدا » وحكاه في التذكرة عن الحنابلة ، قلت : قد يشعر صحيح زرارة (٢) بمعروفية ذلك سابقا ، سأل الصادق عليهالسلام في الصحيح « عن المحرم هل يحك رأسه أو يغتسل بالماء؟ قال : يحك رأسه ما لم يتعمد قتل دابة ، ولا بأس أن يغتسل بالماء ويصب على رأسه ما لم يكن ملبدا ، فان كان ملبدا فلا يفيض على رأسه الماء إلا من احتلام » بل عن المقنع والدروس الفتوى بمضمونه ، وإن كان هو غير صريح في جوازه مطلقا فضلا عنه اختيارا ، ولعل منع الملبد عن الصب احترازا عن سقوط الشعر ، وعلى كل حال فلا ريب في ان الأحوط ان لم يكن أقوى اجتنابه إذا كان بحيث يستر بعض الرأس.
نعم لا بأس بالتوسد ولو العمامة كما صرح به الفاضل والشهيد وغيرهما ، ولعله لصدق انه مكشوف الرأس ، مع انه من لوازم النوم الذي هو من الضروريات
__________________
(١) صحيح مسلم ج ٤ ص ٨.
(٢) ذكر صدره في الوسائل في الباب ـ ٧٣ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٤ وذيله في الباب ٧٥ منها ـ الحديث ٣.
وإن كان الحكم غير مقيد بها ، وعن المبسوط وفي المنتهى والتذكرة جواز الستر باليد ، ولعله لأن الستر بما هو متصل به لا يثبت له حكم الستر ، ولذا لو وضع يديه على فرجه لم يجزه في الصلاة ، ولأنه مأمور بمسح رأسه في الوضوء ، ولما سمعته من النص على جواز حك رأسه بيده ، ول قول الصادق عليهالسلام في صحيح معاوية (١) : « لا بأس أن يضع المحرم ذراعه على وجهه من حر الشمس ، وقال : لا بأس أن يستر بعض جسده ببعض » لكن في الدروس وليس صريحا في الدلالة فالأولى المنع ، وفيه أن الظهور كاف ، هذا ، وفي المسالك والمفهوم من الغطاء ما كان ملاصقا ، فلو رفعه عن الرأس بآلة بحيث يستر عنه الشمس ولم يصبه فالظاهر جوازه ، وفيه أنه يحرم حينئذ من حيث التظليل الذي ستعرف حكمه لا التغطية ، ويمكن أن يريد الجواز من حيث التغطية ، لعدم صدقها.
وكيف كان فقد ظهر لك مما ذكرناه أنه في معناه إي التغطية الارتماس بالماء بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، لقول الصادق عليهالسلام في صحيح حريز (٢) : « لا يرتمس المحرم في الماء » وفي صحيح ابن سنان (٣) « لا تمس الريحان وأنت محرم ، ولا تمس شيئا فيه زعفران ولا تأكل طعاما فيه زعفران ، ولا ترتمس في ماء تدخل فيه رأسك » وغيرهما من النصوص ، بل قد يستفاد من الصحيح الأخير أن المراد هنا بالارتماس إدخال الرأس في الماء ، بل لا فرق بينه وبين غيره من المائعات بعد إن كان المانع التغطية
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦٧ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٣.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٨ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٢.
(٣) ذكر صدره في الوسائل في الباب ـ ١٨ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ١٠ وذيله في الباب ٥٨ منها الحديث ١.
بل مقتضى ذلك انه لا يجوز رمس بعض رأسه حينئذ فضلا عن جميعه.
نعم لا إشكال ولا خلاف في جواز غسل رأسه بإفاضة الماء عليه ، بل عن التذكرة الإجماع عليه ، لأنه ليس تغطية ولا في معناها ، ول قول الصادق عليهالسلام في صحيح حريز (١) : « إذا اغتسل المحرم من الجنابة صب على رأسه الماء ، ويميز الشعر بأنامله بعضه من بعض » وسأله عليهالسلام أيضا يعقوب بن شعيب (٢) في الصحيح « عن المحرم يغتسل فقال : نعم يفيض الماء على رأسه ولا يدلكه » ولصحيح زرارة (٣) السابق من غير فرق بين الواجب والمندوب ، بل يجوز له الغسل بفتح الغين كذلك لما عرفت.
هذا كله في تغطية الرأس ، وأما الوجه فالمشهور جوازه ، بل عن الخلاف والتذكرة والمنتهى الإجماع عليه ، للأصل والنصوص السابقة ، وتخمير وجه المحرم إذا مات دون رأسه ، ولقطع التفصيل الشركة في قوله عليهالسلام : « إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها » وخبر منصور بن حازم (٤) « رأيت أبا عبد الله عليهالسلام وقد توضأ وهو محرم ثم أخذ منديلا فمسح وجهه » وخبر عبد الملك القمي (٥) سأله عليهالسلام « عن الرجل المحرم يتوضأ ثم يجلل وجهه بالمنديل يخمره كله قال : لا بأس » وخبر أبي البختري (٦) المروي عن قرب الاسناد عن أمير المؤمنين عليهالسلام « المحرم
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧٥ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٢.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧٥ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٧٥ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٣.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٦ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٣.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٥٩ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٢ وفي الطبع الحديث من الوسائل « ثم يخلل » وهو سهو فان الموجود في الكافي ج ٤ ص ٣٤٩ كما في الجواهر.
(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٨.
يغطي وجهه عند النوم والغبار إلى طرار شعره » نعم في صحيح معاوية (١) عن الصادق عليهالسلام « يكره للمحرم أن يجوز بثوبه فوق أنفه » وفي صحيح حفص وهشام (٢) عنه عليهالسلام أيضا « يكره للمحرم أن يجوز بثوبه انفه من أسفل ، وقال عليهالسلام : أضح لمن أحرمت له » فما عن ابن أبي عقيل من عدم جوازه وان فيه كفارة إطعام مسكين واضح الضعف ، وإن كان ربما يشهد له مضمر الحلبي (٣) الآتي بناء على أن الأصل فيما وجبت له الكفارة الحرمة ، إلا انه غير ناهض بمعارضة ما عرفت من وجوه ، بل يمكن القطع ببطلانه إن أراد البعض أيضا للسيرة القطعية ، وعن تهذيب الشيخ الجواز مع الاختيار غير أنه تلزمه الكفارة بل قال : ومتى لم ينو الكفارة لم يجز له ذلك ، ولعله لصحيح الحلبي المضمر (٤) « المحرم إذا غطى وجهه فليطعم مسكينا في يده ، قال : ولا بأس أن ينام على وجهه على راحلته » الذي هو مع أنه غير دال على تمام مدعاه حمله غير واحد على الندب ، ولا بأس به بعد خلو تلك النصوص الواردة في مقام البيان عنه ، وبعد الأصل وظاهر الفتاوى.
وعلى كل حال فلا إشكال في اقتضاء النصوص والفتاوى حرمة تغطية المحرم
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦١ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦١ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٢.
(٣) ذكر صدره في الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب بقية كفارات الإحرام ـ الحديث ١ ، إلا أن الموجود في الطبع الجديد « المحرم إذا غطى رأسه. إلخ » وذيله في الباب ٦٠ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١ ، وقد ذكر صدر الحديث صحيحا في الوسائل في الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٤ عن الصادق عليهالسلام إلا أنه سهو أيضا ، حيث أن الحديث مضمر كما في التهذيب ج ٥ ص ٣٠٨ ـ الرقم ١٠٥٤.
(٤) ذكر صدره في الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب بقية كفارات الإحرام ـ الحديث ١ ، إلا أن الموجود في الطبع الجديد « المحرم إذا غطى رأسه. إلخ » وذيله في الباب ٦٠ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١ ، وقد ذكر صدر الحديث صحيحا في الوسائل في الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٤ عن الصادق عليهالسلام إلا أنه سهو أيضا ، حيث أن الحديث مضمر كما في التهذيب ج ٥ ص ٣٠٨ ـ الرقم ١٠٥٤.
رأسه حتى عند النوم ، بل صحيح زرارة السابق صريح فيه ، فما في خبر زرارة (١) الذي لم يجمع شرائط الحجية عن أحدهما عليهماالسلام « في المحرم له أن يغطي رأسه ووجهه إذا أراد أن ينام » مطرح أو محمول على حال التضرر بالتكشف ، أو على التغطية التي هي تظليل أو غير ذلك ، والله العالم.
وكيف كان ف لو غطى رأسه ناسيا ألقى الغطاء واجبا بلا خلاف ولا إشكال ، لما عرفت من حرمة الابتداء والاستدامة وجدد التلبية استحبابا لصحيح حريز (٢) السابق ، وصحيح الحلبي (٣) سأل الصادق عليهالسلام « عن المحرم يغطي رأسه نائما أو ناسيا فقال : يلبي إذا ذكر » إلا أنهما كما ترى مقتضاهما الوجوب الذي به ينقطع الأصل ، لكن في المدارك وغيرها لا قائل به ، وإن كان فيه أنه حكي عن ظاهر الشيخ وابني حمزة وسعيد ، ولا ريب في أنه أحوط وإن كان الأول أقوى.
وعلى كل حال فلا خلاف في أنه يجوز ذلك أي تغطية الرأس للمرأة بل الإجماع بقسميه عليه ، وهو الحجة بعد الأصل والنصوص التي منها صحيح زرارة (٤) السابق الفارق بين الرجل والمرأة بتغطية الوجه كله المستلزم لستر بعض الرأس ، ومنها قوله عليهالسلام (٥) : « إحرام المرأة في وجهها ، وإحرام الرجل في رأسه » ولكن عليها أن تسفر عن وجهها فلا يجوز لها تغطيته بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، بل في المنتهى أنه قول
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٦ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٢.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٣.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٦.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥٩ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٥٥ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٢.
علماء الأمصار ، وهو الحجة بعد ما سمعت من أن إحرامها في وجهها ، وفي حسن الحلبي (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام « مر أبو جعفر عليهالسلام بامرأة متنقبة وهي محرمة ، فقال : أحرمي وأسفري وارخي ثوبك من فوق رأسك ، فإنك إن تنقبت لم يتغير لونك ، فقال له رجل : الى أين ترخيه؟ فقال : تغطي عينها ، قال : قلت : يبلغ فمها قال : نعم » وفي خبر احمد بن محمد (٢) عن أبي الحسن عليهالسلام قال : « مر أبو جعفر عليهالسلام بامرأة محرمة وقد استترت بمروحة فأماط المروحة بنفسه عن وجهها » وفي خبر أبي عيينة (٣) « سألت أبا عبد الله عليهالسلام ما يحل للمرأة أن تلبس من الثياب وهي محرمة؟ قال : الثياب كلها ما خلا القفازين والبرقع والحرير » كخبر ابن أبي العلاء (٤) عن أبي عبد الله عليهالسلام أيضا عن أبيه عليهالسلام « انه كره للمحرمة البرقع والقفازين » بناء على إرادة الحرمة من الكراهة ، مثل ما في صحيح العيص (٥) عنه عليهالسلام أيضا « انه كره النقاب ، وقال : تسدل الثوب على وجهها ، قلت : حد ذلك إلى أين؟ قال : إلى طرف الأنف قدر ما تبصر » إلى غير ذلك من النصوص المستفاد من أولها وغيره ما ذكره غير واحد من الأصحاب من عدم الفرق في التحريم بين أن تغطيه بثوب وغيره نحو ما سمعته في رأس الرجل ، ضرورة اتحاد الوجه معه بالنسبة إلى ذلك ، لكن في المدارك هو مشكل نحو ما سمعته منه هناك ، وقد عرفت ما فيه.
نعم يجوز لها وضع اليدين عليه كما يجوز لها نومها عليه ، نحو ما سمعته في
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٣.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٤.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الإحرام الحديث ٣.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب الإحرام الحديث ٦.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٢.
الرجل بالنسبة إلى رأسه ، وقول الصادق عليهالسلام في خبر سماعة (١) : « ولا تستتر بيدها من الشمس » محمول على ضرب من الكراهة ، وكذا لا فرق في حرمة التغطية بين الكل والبعض ، لما سمعته في الرأس ، ولصحيح المنع من النقاب ، بل يجب عليها كشف بعض الرأس مقدمه لكشف الوجه ، كما يجب على الرجل كشف بعض الوجه مقدمة للرأس.
نعم لو تعارض ذلك في المرأة في الصلاة ففي المنتهى والتذكرة والدروس قدمت ستر الرأس لا لما في المدارك من التمسك بالعمومات المتضمنة لوجوب ستره السالمة عما يصلح للتخصيص ، ضرورة إمكان معارضته بمثله ، بل لترجيحه بما قيل من ان الستر أحوط من الكشف لكونها عورة ، ولأن المقصود إظهار شعار الإحرام بكشف الوجه بما تسمى به مكشوفة الوجه ، وهو حاصل مع ستر جزء يسير منه ، وان أمكن المناقشة فيه أيضا بتعارض الاحتياط بالنسبة إلى الصلاة والإحرام ، وكونها عورة في النظر لا مدخلية له في ذلك ، وكما يصدق أنها مكشوفة الوجه مع ستر الجزء اليسير منه يصدق أنها مستورة الرأس مع كشف الجزء اليسير منه ، فالمتجه حينئذ التخيير ان لم ترجح الصلاة بكونها أهم وأسبق حقا ونحو ذلك ، نعم قد يقال إذا جاز السدل وخصوصا إلى الفم أو الذقن أو النحر فلا تعارض إلا مع وجوب المجافاة ، فإنه يتعسر الجمع حينئذ في السجود ، لكن يمكن فرض المسألة في حال تعذر السدل ، فالإشكال حينئذ بحاله.
وعلى كل حال ف لو أسدلت قناعها على رأسها إلى طرف أنفها جاز بلا خلاف أجده كما عن المنتهى الاعتراف به ، بل في المدارك نسبته إلى إجماع الأصحاب وغيرهم نحو ما عن التذكرة من انه جائز عند علمائنا اجمع ، وهو قول
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١٠.
عامة أهل العلم ، بل قد يجب بناء على وجوب ستر الوجه عليها من الأجانب وانحصر فيه ، بل في كشف اللثام بعد ان أوجبه للستر قال : اما جواز السدل بل وجوبه فمع الإجماع لأنها عورة يلزمها الستر من الرجال الأجانب ، وللأخبار كقول الصادق عليهالسلام لسماعة (١) : « إن مر بها رجل استترت منه بثوبها » وإن كان هو منافيا للخلاف المعروف في كتاب النكاح في جواز النظر إلى وجه الأجنبية ، بل ربما كان المشهور الجواز وإن كان الأصح خلافه.
وكيف كان فلا إشكال في جواز السدل هنا لما عرفت ولما سمعته من صحيح زرارة (٢) والعيص (٣) مضافا إلى قول الصادق عليهالسلام في صحيح معاوية (٤) : « تسدل المرأة ثوبها على وجهها من أعلاها إلى النحر إذا كانت راكبة » وفي صحيح زرارة (٥) « المحرمة تسدل ثوبها إلى نحرها » وفي صحيح حريز (٦) « المحرمة تسدل الثوب على وجهها إلى الذقن » وفي المرسل (٧) عن عائشة « كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإذا جاؤونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزنا كشفنا » الى غير ذلك من النصوص المستفاد من بعضها جوازه إلى النحر الذي هو الموافق للستر ، بل مقتضى إطلاقها كالمتن ونحوه جوازه اختيارا بدون غرض الستر ونحوه ، بل مقتضاهما جوازه مماسا للوجه ، خصوصا مع ملاحظة غلبة ذلك مع عدم إشارة في
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١٠.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٥٩ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٢.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٨.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٧.
(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٦.
(٧) سنن البيهقي ج ٥ ص ٤٨.
شيء منها إلى التحرز منه مع انها في مقام البيان ، ولعله لذا كان خيرة الفاضل في المنتهى ذلك ، وتبعه غير واحد ممن تأخر عنه ، خلافا للمحكي عن المبسوط والجامع من عدم الجواز ، فلا بد أن تمنعه بيدها أو بخشبة من أن يباشر وجهها ، واختاره في القواعد بل في الدروس انه المشهور ، بل عن الشيخ وجوب الدم مع تعمد المباشرة ، وظاهره ذلك حتى إذا زال أو أزالته بسرعة ، خلافا لبعض العامة فلا شيء ، بل في الدروس وعن غيرها حكايته عن الشيخ أيضا ، وان كنا لم نتحققه كما انه لم نتحقق الشهرة المزبورة.
وعلى كل حال فلم نجد له دليلا على شيء من ذلك سوى دعوى الجمع بين صحاح السدل والنصوص المانعة من التغطية بحمل الأولى على غير المصيبة للبشرة بخلاف الثانية ، بل لعل المرتفعة ليست من التغطية ، وفيه ـ مع أن الدليل خال عن ذكر التغطية وإنما فيه الإحرام بالوجه والأمر بالاسفار عن الوجه ـ ان السدل بمعنييه تغطية عرفا ، وانها غير سافرة الوجه معه إلا ما خرج عنها إلى حد التظليل ونحوه ، على ان الجمع بإخراج السدل بقسميه عن ذلك كما كاد يكون صريح النصوص المزبورة بل والفتوى اولى من وجوه ، ولا يقتضي ذلك اختصاص الحرمة حينئذ بالنقاب كما في المدارك والذخيرة وغيرهما ، بل في الأول لا يستفاد من الأخبار أزيد من ذلك ، ضرورة تعدد أفراد التغطية بغير السدل كالشد ونحوه ، وخصوصا مع ملاحظة اللطوخ ونحوه ، ومن هنا تردد المصنف فيما يأتي في كراهة النقاب ، بل افتى به الفاضل في الإرشاد مع الجزم بحرمة التغطية ، بل في الدروس عد النقاب محرما مستقلا عن حرمة التغطية وإن كان قد علله بها ، فالتحقيق استثناء السدل من ذلك بقسميه ، وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه ، نعم قد سمعت ما في صحيح زرارة من جواز تغطية المحرمة وجهها كله في النوم ، بخلاف الرجل فإنه يغطي وجهه ولا يخمر رأسه ، ولم أقف على راد له كما اني لم أقف على
من استثناه من حكم التغطية ، ويمكن إرادة التغطية بما يرجع إلى السدل أو ما يقرب منه ، فتدبر هذا.
وفي الدروس والخنثى تغطي ما شاءت من الرأس أو الوجه ، ولا كفارة ، ولو جمعت بينهما كفرت ، وتبعه في المسالك ، وفيه أن المتجه وجوب كشفهما مقدمة لحصول اليقين بالامتثال وإن كان لا كفارة إلا مع الجمع ، والله العالم.
وتظليل الرجل المحرم عليه سائرا بأن يجلس في محمل أو قبة أو كنيسة أو عمارية مظللة أو نحو ذلك على المشهور نقلا في الدروس وغيرها ، وتحصيلا ، بل عن الانتصار والخلاف والمنتهى والتذكرة الإجماع عليه ، بل لعله كذلك ، إذ لم يحك الخلاف فيه إلا عن الإسكافي ، مع أن عبارته ليست بتلك الصراحة ، قال : « يستحب للمحرم أن لا يظلل على نفسه ، لأن السنة بذلك جرت ، فان لحقه عنت أو خاف من ذلك فقد روي عن أهل البيت عليهمالسلام جوازه ، وروي أيضا انه يفتدي عن كل يوم بمد ، وروي في ذلك أجمع دم ، وروي لا حرام المتعة دم ، ولا حرام الحج دم آخر » ويمكن ان يريد بالمستحب ما لا ينافي الواجب وإن كان يشهد له مضافا إلى الأصل صحيح الحلبي (١) « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن المحرم يركب في القبة قال : ما يعجبني ذلك إلا ان يكون مريضا » وصحيح علي بن جعفر (٢) « سألت أخي عليهالسلام أظلل وانا محرم فقال : نعم وعليك الكفارة ، قال : فرأيت عليا إذا قدم مكة ينحر بدنة لكفارة الظل » وصحيح جميل (٣) عنه عليهالسلام أيضا « لا بأس بالظلال للنساء ، وقد رخص فيه للرجال » إلا ان الأصل مقطوع بما عرفت وتعرف ، والأول غير صريح في
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٢.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب بقية كفارات الإحرام ـ الحديث ٢.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ١٠.
الجواز ، كما ان الثاني يحتمل الضرورة التي هي في الثالث أظهر بقرينة لفظ الرخصة مضافا إلى موافقتها للعامة ، وإلى قصورها عن معارضة المعتبرة المستفيضة المعتضدة بما سمعت ، كصحيح ابن المغيرة (١) « قلت لأبي الحسن الأول عليهالسلام : أظلل وانا محرم قال : لا ، قلت : فأظلل وأكفر قال : لا ، قلت : فان مرضت قال : ظلل وكفر ، ثم قال : أما علمت أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : ما من حاج يضحي ملبيا حتى تغيب الشمس إلا غابت ذنوبه معها » وصحيح هشام بن سالم (٢) « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن المحرم يركب في الكنيسة فقال : لا ، هو للنساء جائز » وصحيح ابن مسلم (٣) عن أحدهما عليهماالسلام « سألته عن المحرم يركب القبة فقال : لا ، قلت : فالمرأة المحرمة قال : نعم » وصحيح سعد بن سعد الأشعري (٤) عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام « سألته عن المحرم يظلل على نفسه قال : أمن علة؟ فقلت : يؤذيه حر الشمس وهو محرم فقال : هي علة يظلل ويفدي » وموثق إسحاق بن عمار (٥) عن أبي الحسن عليهالسلام « سألته عن المحرم يظلل عليه وهو محرم قال : لا إلا مريضا أو من به علة والذي لا يطيق الشمس » وصحيح حريز (٦) عن أبي عبد الله عليهالسلام وموثق عثمان بن عيسى الكلابي (٧) « قلت لأبي الحسن الأول عليهالسلام : إن علي بن شهاب يشكو رأسه والبرد شديد ويريد ان يحرم فقال : إن كان كمن تزعم فليظلل فأما أنت
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٣.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٤.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب بقية كفارات الإحرام ـ الحديث ٤.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٧.
(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٦٥ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١.
(٧) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١٣.
فاضح لمن أحرمت له » وخبر عبد الرحمن (١) « سألت أبا الحسن عليهالسلام عن الرجل المحرم كان إذا أصابته الشمس شق عليه وصدع فيستتر منها فقال : هو اعلم بنفسه ، إذا علم انه لا يستطيع ان تصيبه الشمس فليستظل منها » وخبر إسماعيل ابن عبد الخالق (٢) « سألت أبا عبد الله عليهالسلام هل يستتر المحرم من الشمس؟ قال : لا إلا ان يكون شيخا كبيرا أو قال ذا علة » وخبر محمد بن منصور (٣) عنه عليهالسلام « سألته عن الظلال للمحرم قال : لا يظلل إلا من علة مرض » وخبر جعفر بن المثنى (٤) قال : قال لي محمد : « إلا أسرك؟ قلت : بلى ، فقمت اليه فقال : دخل هذا الفاسق آنفا فجلس قبالة أبي الحسن عليهالسلام ثم اقبل عليه فقال : يا أبا الحسن ما تقول في المحرم يستظل على المحمل قال لا ، قال : فليستظل في الخباء فقال له : نعم ، فأعاد عليه القول شبه المستهزئ يضحك يا أبا الحسن فما فرق بين هذين؟ قال : يا أبا يوسف إن الدين ليس بقياس كقياسكم أنتم تلعبون ، إنا صنعنا كما صنع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يركب راحلته فلا يستظل عليها وتؤذيه الشمس فيستر بعض جسده ببعض ، وربما يستر وجهه بيده ، وإذا نزل استظل بالخباء في البيت وبالجدار » وخبر محمد بن الفضل (٥) قال : « كنا في دهليز يحيى بن خالد بمكة وكان أبو الحسن عليهالسلام وأبو يوسف فقام إليه أبو يوسف وتربع بين يديه فقال : يا أبا الحسن جعلت فداك المحرم يظلل قال : لا ، قال : فيستظل بالجدار والمحمل ويدخل البيت والخباء
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٦.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٩.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٨.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٦٦ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٦٦ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٢ عن محمد بن الفضيل وهو الصحيح كما يشير إليه في ص ٤٠٠.
قال : نعم ، قال : فضحك أبو يوسف شبه المستهزئ ، فقال له أبو الحسن عليهالسلام : يا أبا يوسف ان الدين لا يقاس كقياسك وقياس أصحابك ، ان الله عز وجل أمر في كتابه بالطلاق وأكد فيه بشاهدين ولم يرض بهما إلا عدلين ، وأمر في كتابه بالتزويج وأهمل بلا شهود ، فآتيتم بشاهدين فيما أبطل ، وأبطلتم شاهدين فيما أكد الله عز وجل ، وأجزتم طلاق المجنون والسكران ، حج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأحرم ولم يظلل ودخل البيت والخباء واستظل بالمحمل والجدار ففعلنا كما فعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فسكت » ومرسل عثمان بن عيسى (١) المروي عن العيون « قال أبو يوسف للمهدي وعنده موسى بن جعفر عليهماالسلام : أتأذن لي ان أسأله عن مسائل ليس عنده فيها شيء؟ فقال : نعم ، فقال له : أسألك قال له : اسأل ، قال : ما تقول في التظليل للمحرم؟ قال : لا يصلح ، قال : فيضرب الخباء في الأرض ويدخل البيت قال : نعم ، قال : فما الفرق بين هذين؟ قال أبو الحسن عليهالسلام : ما تقول في الطامث أتقضي الصلاة؟ قال : لا ، قال : فتقضي الصوم قال : نعم ، قال : ولم؟ قال : هكذا جاء ، فقال أبو الحسن عليهالسلام : وهكذا جاء هذا فقال المهدي لأبي يوسف : ما أراك صنعت شيئا؟ قال : رماني بحجر دامغ » والأصل في ذلك ما عن أبي حنيفة قال للصادق عليهالسلام : على ما في صحيح البزنطي (٢) المروي عن قرب الاسناد « أيش فرق بين ظلال المحرم والخباء؟ فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : إن السنة لا تقاس » ومرسل الطبرسي (٣) في محكي الاحتجاج وإرشاد المفيد بتفاوت يسير ، قال : واللفظ للأول « سأل محمد بن الحسن أبا الحسن موسى عليهالسلام بمحضر من الرشيد وهم بمكة ، فقال له : أيجوز للمحرم
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦٦ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦٦ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٥.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦٦ ـ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٦.
ان يظلل عليه محمله؟ فقال له موسى عليهالسلام : لا يجوز له ذلك مع الاختيار فقال محمد بن الحسن أفيجوز له ان يمشي تحت الظلال مختارا؟ فقال له : نعم ، فتضاحك محمد بن الحسن من ذلك ، فقال له أبو الحسن عليهالسلام : أتعجب من سنة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتستهزئ بها ان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كشف ظلاله في إحرامه ومشى تحت الظلال وهو محرم ، ان أحكام الله يا محمد لا تقاس ، فمن قاس بعضها على بعض فقد ضل سواء السبيل ، فسكت محمد بن الحسن لا يرجع جوابا » وخبر أبي بصير (١) « سألته عن المرأة يضرب عليها الظلال وهي محرمة قال : نعم ، قلت : فالرجل يضرب عليه الظلال وهو محرم قال : نعم إذا كانت به شقيقة يتصدق بمد لكل يوم » الى غير ذلك من النصوص المنجبر ضعف بعضها بالشهرة وما عرفت من الإجماع وغيره.
نعم لو اضطر لم يحرم بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه وهو الحجة ، مضافا إلى ما سمعته من النصوص التي يظهر من بعضها عدم الاكتفاء فيها بمطلق الأذية من حر أو برد ما لم تصل إلى حد لا يتحمل مثلها على وجه يسقط التكليف معها ، قال زرارة (٢) : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن المحرم أيتغطى؟ فقال : اما من الحر أو البرد فلا » ولعله لذا كان المحكي عن الشيخين وكذا ابن إدريس اعتبار الضرر العظيم بناء على ارادة ما يسقط معه التكليف من العظيم كما في غير المقام ، إذ لا دليل على اعتبار أزيد منه ، كما انه لا دليل على الاكتفاء بالأقل منه بعد انسياق النصوص إلى ما ذكرنا واجتماعها عليه ، وحينئذ فإطلاق بعض النصوص الاكتفاء بمطلق الأذية كصحيح سعد بن سعد (٣) السابق
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب بقية كفارات الإحرام الحديث ٨.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١٤.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب بقية كفارات الإحرام الحديث ٤.
وصحيح ابن بزيع (١) عن الرضا عليهالسلام « سأله رجل عن الظلال للمحرم من أذى أو مطر أو شمس وانا اسمع فأمره أن يفدي شاة ويذبحها بمنى » ورواه الصدوق بزيادة « أو قال من علة » قبل قوله : « فأمره » وزيادة « وقال : نحن إذا أردنا ذلك ظللنا وفدينا » وخبر إبراهيم (٢) « قلت للرضا عليهالسلام : المحرم يظلل على محمله ويفدي إذا كانت الشمس والمطر يضران به ، قال : نعم ، قلت : كم الفداء؟ قال : شاة » وخبر علي بن محمد (٣) كتب اليه « المحرم هل يظلل على نفسه إذا آذته الشمس أو المطر أو كان مريضا أم لا ، فان ظلل هل يجب عليه الفداء أم لا ، فكتب عليهالسلام يظلل على نفسه ويهريق دما إن شاء الله » محمول على ما ذكرنا ، خصوصا بعد استصحاب عدم الجواز الذي لا يكفي في ارتفاعه التزام الكفارة مع عدم الضرورة كما هو مقتضى إطلاق النص والفتوى ، بل هو صريح صحيح ابن المغيرة السابق (٤) فما عن المقنع من انه لا بأس ان يضرب على المحرم الظلال ويتصدق بمد لكل يوم بناء على ظهوره في المختار واضح الضعف وان قال في الدروس روى علي بن جعفر (٥) جوازه مطلقا ويكفر لكن إن كان مراده ما سمعت من صحيحه السابق فقد عرفت احتماله الضرورة ، نعم قد يلوح ذلك من صحيح ابن بزيع (٦) السابق ونحوه ، ولكن لا يجترئ بمثله على ذلك بعد ما عرفت.
هذا كله في التظليل عليه بالقبة ونحوها مما يكون على رأسه ، إما الاستتار سائرا بالثوب ونحوه عن الشمس مثلا على وجه لا يكون على رأسه فعن الخلاف
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب بقية كفارات الإحرام ـ الحديث ٦.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب بقية كفارات الإحرام ـ الحديث ٥.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب بقية كفارات الإحرام ـ الحديث ١.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٣.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب بقية كفارات الإحرام ـ الحديث ٢.
(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب بقية كفارات الإحرام ـ الحديث ٦.
والمنتهى جوازه بلا خلاف ، بل في الأخير نسبته إلى جميع أهل العلم ، قال : « وإذا نزل جاز ان يستظل بالسقف والحائط والشجرة والخباء والخيمة ، فإن نزل تحت شجرة طرح عليها ثوبا يستتر به ، وان يمشي تحت الظلال ، وان يستظل بثوب ينصبه إذا كان سائرا ونازلا لكن لا يجعله فوق رأسه سائرا خاصة لضرورة أو غير ضرورة عند جميع أهل العلم » وعن ابن زهرة « يحرم عليه ان يستظل وهو سائر بحيث يكون الظلال فوق رأسه » وتبعهم غير واحد ممن تأخر ولعله للأصل بعد كون المورد في أكثر النصوص الجلوس في القبة والكنيسة والمحمل ونحوها مما لا يشمل الفرض ، وصحيح ابن سنان (١) عن الصادق عليهالسلام قال : سمعته يقول لأبي : وشكا اليه حر الشمس وهو محرم وهو يتأذى به وقال : أترى ان استتر بطرف ثوبي؟ قال : لا بأس بذلك ما لم يصبك رأسك » ولكن فيه انه يعارضه عموم نحو قول الصادق عليهالسلام في خبر المعلى (٢) : « لا يستتر المحرم من الشمس بثوب ، ولا بأس ان يستر بعضه ببعض » وخبر إسماعيل بن عبد الخالق (٣) ومحمد بن الفضيل (٤) السابقان ، بل وخبر عبد الله بن المغيرة المتقدم (٥) ضرورة انه لو كان الاستتار بما لا يكون فوق الرأس جائزا لبينه له ، وخلو اخبار التكفير (٦) مع التظليل للضرورة عما لا يكون فوق الرأس إذ لو كان جائزا اختيارا وجب الاقتصار عليه إذا اندفعت به الضرورة ، ولعل
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦٧ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦٧ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٢.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٩.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٦٦ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٢.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٦٤ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١١.
(٦) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب بقية كفارات الإحرام.