الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩
الفصل الثالث : في كفارات الإحرام وفيه مطالب :
الأول : الصيد وفيه مباحث :
الأول : يحرّم الحرم والإحرام الصيد البري ، ولا كفارة في قتل السباع ماشية وطائرة ، وروي في الأسد إذا لم يرده كبش.
______________________________________________________
يجتنب ما يجتنبه المحرم إلا أنه لا يلبي ، ويواعدهم أيضا لنحره ، وإذا حضر الوعد تحلل. ففي العبارة قصور ما. والعمل على الروايات الدالة على ذلك (١) ، وخلاف ابن إدريس ضعيف (٢).
قوله : ( ماشية وطائرة ).
أي : بنوعيها ما يمشي منها ، وما يطير. ويلوح من هذه العبارة وما قبلها أنّ قتل السّباع كلها محرم ، وحكاه في الدروس قولا عن الحلبي (٣) ، وتشهد له رواية معاوية بن عمار (٤) ، لكن قول المصنف والجماعة : لو أدخل شيئا من السّباع إلى الحرم أسيرا جاز إخراجه ، يؤذن بأنها لا تعد صيدا.
قوله : ( وروي في الأسد إذا لم يرده كبش ).
أي : إذا كان لا يريد القاتل ، فان أراده فلا شيء قطعا ، لأنه يدفع عن نفسه ، والرواية ضعيفة (٥) ، وحملها على الاستحباب هو الوجه.
__________________
(١) الكافي ٤ : ٥٤٠ حديث ٣ ، ٤ ، الفقيه ٢ : ٣٠٦ حديث ١٥١٧ ، التهذيب ٥ : ٤٢٤ ، ٤٢٥ حديث ١٤٧٢ ـ ١٤٧٤.
(٢) السرائر : ١٥١.
(٣) الدروس : ٩٩.
(٤) الكافي ٤ : ٣٦٣ حديث ٢ ، علل الشرائع : ٤٥٨ حديث ٢ ، التهذيب ٥ : ٣٦٥ حديث ١٢٧٣.
(٥) الكافي ٤ : ٢٣٧ حديث ٢٦ ، التهذيب ٥ : ٣٦٦ حديث ١٢٧٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٨ حديث ٧١٢.
ويجوز قتل الأفعى ، والعقرب ، والبرغوث ، والفأر ، ورمي الحدأة
______________________________________________________
قوله : ( والبرغوث ).
جعله في المستثنيات من التحريم ، وأفتى في التذكرة (١) والمنتهى (٢) والتحرير بالتحريم (٣) ، وكذا الشيخ في التهذيب (٤) نقله عنه في الدروس (٥). والذي في صحيحة معاوية بن عمار ، عن الصادق عليهالسلام : « المحرم يلقي عنه الدواب كلها إلا القملة ، فإنها من جسده ، فإن أراد أن يحوّل قملة من مكان إلى مكان فلا يضره » (٦) ولم يفت في الدروس بشيء ، ولم أقف فيه على نص ، ولا ريب أنّ التحريم أحوط (٧) ، لما في قتله من الترفه المنافي لحال الإحرام (٨).
قوله : ( ورمي الحدأة ).
الحدأة كعنبة : طائر معروف واحد جموعه كعنب ، قال في حياة الحيوان : ومن ألوانه السود والرمد (٩) ، والذي في رواية معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : « وارم الغراب والحدأة رميا عن ظهر بعيرك » (١٠) وفي أخرى : « ويقذف الغراب » (١١) فظاهر هاتين الروايتين يشعر بعدم جواز قتلهما ، إلا أن يفضي الرمي إليه.
ويقتضي أنّ رمي الحدأة إنما هو عن ظهر بعيره ، لأن في أول الاولى : « اتق قتل الدواب كلها ، إلا الأفعى. » ، فأما الغراب فمقتضى الثانية جواز
__________________
(١) التذكرة : ١ : ٣٣٠.
(٢) المنتهى ٢ : ٨٠٠.
(٣) تحرير الأحكام ١ : ١١٦.
(٤) التهذيب ٥ : ٣٦٦ ذيل حديث ١٢٧٥.
(٥) الدروس : ١٠١.
(٦) الفقيه ٢ : ٢٣٠ حديث ١٠٩١ ، التهذيب ٥ : ٣٣٦ حديث ١١٦١.
(٧) الجملة بين الشولتين لم ترد في « ن ».
(٨) هذا القول ـ والبرغوث ـ وشرحه لم يرد في « س ».
(٩) حياة الحيوان ١ : ٢٢٩.
(١٠) الكافي ٤ : ٣٦٣ حديث ٢ ، علل الشرائع : ٤٥٨ حديث ٢ ، التهذيب ٥ : ٣٦٥ حديث ١٢٧٣.
(١١) التهذيب ٥ : ٣٦٦ حديث ١٢٧٤.
والغراب مطلقا ، وشراء القماري والدباسي وإخراجها من مكة للمحل ، وفي المحرم اشكال ، ويحرم قتلها وأكلها.
______________________________________________________
رميه مطلقا.
وينبغي التقييد بالغراب المحرم الذي هو من الفواسق الخمس ، أما المحلل فإنه محرّم لا يعد من الفواسق ، ولم أجد التقييد به.
وقد قيد شيخنا الشهيد في حواشيه رمي الحدأة بكونه عن بعيره كما في الرواية.
ومعنى قوله : ( مطلقا ) إنّ ذلك ثابت للمحلل والمحرّم.
قوله : ( وشراء القماري والدباسي (١) وإخراجها من مكة للمحل ، وفي المحرم إشكال ).
لو كانت صيدا محرّما لحرمت على المحل أيضا ، فلم يجز له إخراجها من مكة ، والحل قوي.
قوله : ( ويحرم قتلها وأكلها ).
يحتمل أن يكون المراد : تحريم قتلها وأكلها بمكة قبل الإخراج ، فلا تحريم بعده ، ويحتمل تحريم ذلك مطلقا ، وإنّ الذي يجوز إنما هو الإخراج. لكن هذا بعيد ، لأنّ جواز إخراجها يلحقها بغيرها من الحيوانات التي لا حرمة لها بعد الإخراج.
__________________
(١) القمري : طائر معروف مطوق ، والدبسي بضم الدال : طائر صغير منسوب الى دبس الرطب ، لأنهم يغيرون في النسب كالدهري والسهلي والقامي تابع القوم ، والقياس قومي ، والأدبس من الطير والخيل الذي في لونه غبرة بين السواد والحمرة. ثم قال : ومن طبع الدبسي أن لا يرى ساقطا على وجه الأرض ، بل في الشتاء له مشتى ، وفي الصيف له مصيف ، ولا يعرف له. ذكر في حياة الحيوان.
هذا الكلام ورد في متن نسخة « هـ » ، وفي الهامش وردت هذا العبارة : « تعريف القماري والدباسي في شرحه الشريف بخطه الأشرف مكتوب على الحاشية ولأن بعض الكتّاب في بعض النسخ أدخلوه بين السطور كما في نسختنا هذه » م ع.
ويكفّر في قتل الزنبور عمدا بكف من طعام وشبهه ، ولا شيء في الخطأ فيه ،
وأقسام ما عدا ذلك عشرة.
أ : في قتل النعامة بدنة فان عجز قوّم البدنة ، وفض ثمنها على البر ، وأطعم لكل مسكين نصف صاع.
ولا تجب الزيادة على ستين ، ولا الإتمام لو نقص ، فإن عجز صام عن كل نصف صاع يوما ، فان انكسر أكمل ، ولا يصام عن الزائد لو كان.
والأقرب الصوم عن الستين وإن نقص البدل ، فان عجز صام ثمانية عشر يوما ،
______________________________________________________
قوله : ( ويكفّر في قتل الزنبور عمدا بكف من طعام وشبهه ).
شبه الطعام نحو التمر والزبيب ، وكأنه أراد بالطعام : ما يقع عليه هذا الاسم بحسب الغالب ، فانّ جميع ما يطعم طعام ، وعبارة الدروس تنبه على ما قلناه (١).
قوله : ( في قتل النعامة بدنة ).
أو جزور ، روي في بعض الأخبار. البدنة : ما لها ست سنين ودخلت في السابعة.
قوله : ( والأقرب الصوم عن الستين وإن نقص البدل ).
قد يومئ إلى ذلك وجوب ثمانية عشر يوما ، عن كل عشرة مساكين ثلاثة أيام ، ولا دلالة له صريحة ، لجواز أن يكون المراد : البدل عما هو نهاية ما يجب من الإطعام. وليس في الروايات صيام ستين ، بل صيام يوم عن نصف صاع (٢) ، لكن الأحوط وجوب الستين.
قوله : ( فان عجز صام ثمانية عشر يوما ).
__________________
(١) الدروس : ١٠١.
(٢) الكافي ٤ : ٣٨٧ حديث ١٠ ، التهذيب ٥ : ٣٤١ ، ٤٦٦ حديث ١١٨٣ ، ١٦٢٦.
وفي وجوب الأكثر لو أمكن إشكال.
ولو عجز بعد صيام شهر فأقوى الاحتمالات وجوب تسعة ، ثم ما قدر ، ثم السقوط.
______________________________________________________
في حاشية الشهيد المراد به : عجز غير محصور ، ولا يظهر له معنى ، فانّ وجوب ثمانية عشر يوما لا شبهة فيه ، والاشكال (١) في الزائد.
قوله : ( وفي وجوب الأكثر إشكال ).
الحق لا يجب ، لأنه مقتضى البدلية ، ولعدم شمول قوله عليهالسلام : « إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم » (٢) له ، والاحتياط طريق آخر.
قوله : ( ولو عجز بعد صيام شهر فأقوى الاحتمالات وجوب تسعة ، ثم ما قدر ، ثم السقوط ).
يشهد للأول قوله عليهالسلام في الرواية : « مكان كل عشرة مساكين ثلاثة أيام » (٣). ويشكل القول به ، بأنه يحتمل ذلك إرادة البدلية استقلالا وبيان التوزيع ، ولو كان المراد البدلية عنه استقلالا لوجب بدل ما عجز عنه من الإطعام مع إطعام المقدور ، فلو قدر على إطعام ثلاثين مسكينا صام عن ثلاثين.
وإعراض جميع الأصحاب عن ذلك يشعر بأنهم لم يفهموا من لفظ الرواية إرادة البدلية على الوجه المخصوص ، على أنّ تطرق الاحتمال كاف في عدم تعيين البدلية.
أما الثاني : فلا يظهر له وجه ، فانّ الحديث لا يتناوله ـ أعني : قوله : « إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم » ـ إذ لو تناوله لوجب مقدوره وإن زاد عن ثمانية عشر ، وهو ينافي كونها بدلا من الستين الذي دلت عليه الروايات (٤).
__________________
(١) في « ن » : ولا إشكال.
(٢) صحيح البخاري ٩ : ١١٧ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٧٥ حديث ٤١٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣ باب ٢.
(٣) التهذيب ٥ : ٣٤٣ حديث ١١٨٧.
(٤) الكافي ٤ : ٣٨٥ حديث ١ ، الفقيه ٢ : ٢٣٣ حديث ١١١٢ ، التهذيب ٥ : ٣٤٢ ، ٣٤٣ حديث ١١٨٦ ، ١١٨٧.
وفي فرخ النعامة صغير من الإبل على رأي ، ومع العجز يساوي بدل الكبير.
ب : في كل من بقرة الوحش وحماره بقرة أهلية ، فإن عجز قوّم البقرة وفض ثمنها على البر واطعم كل مسكين نصف صاع ، والزائد على ثلاثين مسكينا له.
ولا يجب الإكمال لو نقص ، فان عجز صام عن كل نصف صاع يوما ، فان عجز فتسعة أيام.
______________________________________________________
وأما الثالث : فبناه الشارح على أنّ المكلف إذا علم انتفاء شرط التكليف قبل دخول وقته لا يحسن منه التكليف ، فان المكلف ـ والحال ما ذكر ـ لا يجوز تكليفه بالستين وإن ظن حسن ذلك ظاهرا ، بل إنما عليه ثمانية عشر يوما ، وقد صامها في ضمن ثلاثين (١).
وهذا التوجيه لا يناسب عبارة المصنف ، لأنه لا سقوط حينئذ لشيء من الصوم. ويشكل على أصله أنه لو تم له ما ذكره من القاعدة الأصولية أمكن منع الإجزاء عن الثمانية عشر ، لأنه حينئذ إنما أتى بالصوم على أنه من جملة الستين التي هي الواجب الثالث ، لا أنه البدل الذي هو ثمانية عشر ، ومن أتى بعبادة ظانا وجوبها بسبب ، ثم تبين وجوب بعضها خاصة بسبب آخر ففي إجزائها نظر ، وقد سبق في الصوم في نظير هذه وجوب ثمانية عشر ، وهذا هو المتجه ، لما ذكر ولأنّ العجز إنما تحقق حينئذ.
قوله : ( وفي فرخ النعامة صغير من الإبل على رأي ).
هذا هو الأصح ، لظاهر قوله تعالى ( فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) (٢) وعليه الأكثر ، وربما يوجد التقييد بأنّ أقله بنت مخاض ، ولا شاهد له.
قوله : ( ومع العجز يساوي بدل الكبير ).
أي : يجب فضه على البر ، أو إطعام ستين إن بلغ إلى آخره.
__________________
(١) إيضاح الفوائد ١ : ٣٣٠ ـ ٣٣١.
(٢) المائدة : ٩٥.
ج : في الظبي شاة ، فإن عجز قوّمها ، وفض ثمنها على البر ، وأطعم كل مسكين مدين.
ولا يجب الزائد عن عشرة ، فإن عجز صام عن كل مدين يوما ، فان عجز صام ثلاثة أيام.
وفي الثعلب والأرنب شاة ، وقيل كالظبي. والإبدال على الترتيب على رأي.
د : في كسر كل بيضة من النعام بكرة من الإبل إذا تحرك فيها
______________________________________________________
قوله : ( وفي الثعلب والأرنب شاة ، وقيل : كالظبي ).
المراد : أنّهما كالظبي في الأبدال ، على معنى أنه إذا عجز عن الشاة قوّمها ، وفض ثمنها على البر إلى آخره. وبعض الأصحاب اقتصر على الشاة (١) ، والأصح الثاني ، لظاهر الآية والرواية (٢). وربما قيل بأنه ينتقل إلى الرواية العامة وهي : أنّ من وجب عليه شاة فلم يجد يطعم عشرة مساكين فان عجز صام ثلاثة أيام (٣) ، وصحيحة محمد بن مسلم (٤) تدل على الأول ، والعمل عليها.
قوله : ( والأبدال على الترتيب على رأي ).
هذا أحوط ، والتخيير أقوى : ( لظاهر الآية (٥) وللرواية الصحيحة الدالة على أنّ « أو » في القرآن للتخيير ) (٦) حيث وقع (٧).
قوله : ( بكرة من الإبل ).
في القاموس : هي الفتية من الإبل (٨).
__________________
(١) منهم : ابن الجنيد وابن أبي عقيل كما في المختلف : ٢٧٣.
(٢) التهذيب ٥ : ٣٤٢ حديث ١١٨٤.
(٣) التهذيب ٥ : ٣٤٢ حديث ١١٨٦ ، ١١٨٧.
(٤) التهذيب ٥ : ٣٤٢ حديث ١١٨٤.
(٥) المائدة : ٩٥.
(٦) ما بين القوسين في « ن ».
(٧) الكافي ٤ : ٣٨٦ حديث ٣.
(٨) القاموس المحيط ١ : ٣٧٦ « بكر ».
الفرخ ، وإن لم يتحرك أرسل فحولة الإبل في إناث منها بعدد البيض فالناتج هدي.
فإن عجز فعن كل بيضة شاة ، فإن عجز اطعم عن كل بيضة عشرة مساكين ، فان عجز صام ثلاثة أيام.
هـ : في كسر كل بيضة من القطاة ، والقبج ، والدراج ، من صغار
______________________________________________________
قوله : ( في إناثها بعدد البيض ).
أي : الإناث بعدد البيض ، أما الفحولة فيكفي فيها ما جرت به العادة.
إن قيل : لم قصر الحكم في الترتيب ، أو التخيير على هذه الثلاثة دون ما بعدها؟ قلنا : ظاهر الآية لا يتناوله ، لأنّ الصيد لا يتناول البيض. فان قلت : إذا تحرك الفرخ تناوله ، لأنه صيد حينئذ كسائر الفراخ. قلنا : وإن تحرك الفرخ في البيضة لا يقال له : فرخ ، بل بيضة فرخها متحرك ، ولو سلم فالحكم للأغلب ، ومن ثم لم يكن خلاف في أنّ باقي الأقسام على الترتيب.
قوله : ( فان عجز أطعم عن كل بيضة عشرة مساكين ).
لكل مسكين مد ، ذكره في الدروس (١) والمصنف في التذكرة (٢) وغيرها (٣) ، وهو في رواية علي بن أبي حمزة (٤).
ولو بان البيض فاسدا ، أو كان الفرخ ميتا ، أو عاش سويا فلا شيء عليه ، صرحوا به ، والرواية تدل عليه (٥).
قوله : ( في كسر كل بيضة من بيض القطا والقبج والدراج من صغار الغنم ).
هذا هو الذي تقتضيه المناسبة ، وليس له تقدير.
__________________
(١) الدروس : ١٠٠.
(٢) التذكرة ١ : ٣٤٦.
(٣) المنتهى ٢ : ٨٢٣ ، تحرير الأحكام ١ : ١١٦.
(٤) الكافي ٤ : ٣٨٧ حديث ١١ ، التهذيب ٥ : ٣٥٤ حديث ١٢٢٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٠١ حديث ٦٨٤.
(٥) الكافي ٤ : ٣٨٧ حديث ١١ ، التهذيب ٥ : ٣٥٤ حديث ١٢٢٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٠١ حديث ٦٨٤.
الغنم ، وقيل : مخاض من الغنم ، وهو ما من شأنه أن يكون حاملا إن كان قد تحرك فيه الفرخ ، وإلاّ أرسل فحولة الغنم في إناثها بعدد البيض فالناتج هدي ، فإن عجز فكبيض النعام.
قيل معناه : يجب عن كل بيضة شاة.
وهذه الخمسة تشترك في أن لها بدلا على الخصوص وأمثالا من
______________________________________________________
قوله : ( وقيل : مخاض من الغنم ... ).
هذا هو الأصح ، وعليه نزّلت صحيحة سليمان بن خالد (١) ، وعليه الفتوى ، وهو مشهور بين الأصحاب ، وعليه سؤال سيأتي.
قوله : ( فان عجز فكبيض النعام ، قيل : معناه : يجب عن كل بيضة شاة ).
هذا القول تفسير ابن إدريس (٢) لعبارة الشيخ (٣) ، وهو قول المفيد (٤) ، وليس بشيء ، لأن الانتقال في البدل من الأدنى إلى الأعلى غير معهود ، وهو مستبعد.
والمماثلة الواقعة في رواية سليمان بن خالد بينه وبين بيض النعام (٥) لا يدل على كمال المساواة ، فالحمل على إطعام عشرة مساكين ، فان عجز صام ثلاثة أيام ، ولم يذكروا في إطعام العشرة مساكين مقدّرا ، فالظاهر أنه لكل مسكين مدّ من الطعام.
قوله : ( وهذه الخمسة تشترك في أنّ لها بدلا على الخصوص ).
أي : ورد في النص تعيين بدله بعينه بخلاف غيرها.
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٣٥٦ حديث ١٢٣٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٣ حديث ٦٩٢.
(٢) السرائر : ١٣٢.
(٣) النهاية : ٢٢٧.
(٤) المقنعة : ٦٨.
(٥) التهذيب ٥ : ٣٥٧ حديث ١٢٤٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٤ حديث ٦٩٣.
النعم ، و : الحمام كل مطوق أو ما يهدر ، أي : يرجع صوته ، أو يعب أي : يشرب كرعا.
وفي كل حمامة شاة على المحرم في الحل ، ودرهم على المحل في الحرم. ويجتمعان على المحرم في الحرم.
______________________________________________________
قوله : ( الحمام كل مطوق أو ما يهدر ... ).
المعروف أنّ هذين تعريفان عند أهل اللغة :
أحدهما : ما نقله الكسائي ، وهو كل مطوق.
والثاني : ما يهدر ويعب الماء.
فيدخل في المطوق الحجل ، ويدخل في الثاني القماري والدباسي والفواخت والوراشين والقطا ، ومعنى يهدر : إنه يواتر صوته ، ومعنى يعب الماء : يكرع كرعا ، لا يأخذه قطرة قطرة بمنقاره كالدجاج والعصافير.
ولا ريب أنّ الثاني أعرف بين أهل اللغة ، ويظهر من عبارة المصنف أنّ هذه الأمور الثلاثة التي عطف بينها بـ ( أو ) متباينة ، وأنّ كل ما صدق عليه أحدها حمام ، فاما التباين فغير ظاهر ، لأنّ ظاهر كلامهم أن كل ما يهدر يعب الماء.
وأما الثاني فمحتمل ، نظرا إلى عدم المنافاة في ثبوت الحكم للجميع ، وكيف كان فانّ للحجل كفارة معينة فلا بد من إخراجه ، وكذا القطا.
قوله : ( ودرهم على المحل في الحرم ).
لورود النص على ذلك (١) ، وإطلاق الأصحاب الحكم به. واحتاط المصنف في التذكرة (٢) ، والمنتهى بوجوب أكثر الأمرين من الدرهم والقيمة (٣) نظرا إلى أنّ النص بالدرهم يمكن أن يكون مستندا الى أنّ القيمة حينئذ كانت درهما ، ولا مانع من الاحتياط.
لكن إذا كانت القيمة السوقية أزيد فاجزاء الدرهم في غاية الإشكال إذا
__________________
(١) الكافي ٤ : ٣٨٨ حديث ١٢.
(٢) التذكرة ١ : ٣٤٦.
(٣) المنتهى ٢ : ٨٢٥.
وفي فرخها حمل على المحرم في الحل ، ونصف درهم على المحل في الحرم ، ويجتمعان على المحرم في الحرم.
وفي كسر كل بيضة بعد التحرك حمل ، وقبله درهم على المحرم في الحل ، وربع على المحل في الحرم ، ويجتمعان على المحرم في الحرم.
ز : في قتل كل واحد من القطاة ، والحجل ، والدراج حمل قد فطم ورعى الشجر.
______________________________________________________
كان مملوكا ، لأنّ المحل إذا قتل المملوك في غير الحرم تلزمه قيمته السوقية بالغة ما بلغت ، فيكف يجزئ الأنقص في الحرم؟
قوله : ( وفي فرخها حمل ).
هو بالتحريك : من أولاد الضأن ما له أربعة أشهر فصاعدا ، ذكره المصنف في المنتهى قال : فإنّ أهل اللغة يسمون ولد الضأن حملا بعد أربعة أشهر (١) ، وشيخنا الشهيد في الدروس (٢) وفي رواية جدي (٣) ، وهو من أولاد المعز ماله أربعة أشهر.
قوله : ( وفي كسر كل بيضة بعد التحرك حمل وقبله درهم ... ).
أطلق الحمل في كسر البيضة بعد التحرك ، وفصّل بكون الكاسر محرما في الحل ، أو محلا في الحرم ، أو محرما في الحرم فيما قبله.
وتحقيقه : أنّ فيها ما في الفرخ حمل إن كان محرما في الحل ، ونصف درهم على المحل في الحرم ، ويجتمعان على المحرم في الحرم ، لأنها بعد تحرك الفرخ قد صارت فرخا ، ونبه على ذلك في الدروس (٤).
قوله : ( في قتل كل واحد من القطا ، والحجل ، والدراج حمل قد فطم ، ورعي الشجر ).
__________________
(١) المنتهى ٢ : ٨٢٥.
(٢) الدروس : ١٠٠.
(٣) التهذيب ٥ : ٣٥٨ حديث ١٢٤٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٤ حديث ٦٩٦.
(٤) الدروس : ١٠٠.
ح : في قتل كل واحد من القنفذ ، والضب ، واليربوع ، جدي.
______________________________________________________
أي : قد آن وقت فطامه ورعيه وإن لم يكن قد حصل ، وهو ماله أربعة أشهر.
لكن يشكل بأنّ في بيض كل واحد منها بعد تحرك الفرخ مخاضا ، وهي ما من شأنها أن تكون حاملا ، فكيف يجب في فرخ البيضة مخاض؟ وفي المبسوط حمل (١) ، ونزّل ذلك في الدروس (٢) على أحد أمرين :
أما إرادة بنت المخاض من المخاض وهو بعيد ، وخروج عن النص (٣) ، وكلام الأصحاب ، أو تصرف غير واضح فيهما ، أو على وجوب ( ذلك ) (٤) في ذلك في الطائر منها بطريق أولى ، ويكاد يكون خلاف الإجماع ، أو على التخيير جمعا بين الأخبار ، وهو في الخروج عن كل من كلام الأصحاب بمنزلة الأول.
ويمكن أن يقال : شرعنا مبني على الفرق بين المتماثلات ، والاستبعاد لا دخل له في الأحكام بعد ثبوت مداركها.
لكنّ قول المصنف فيما سبق : أن في الفرخ من صغار الغنم أوجه في الجمع ، ودفع الإشكال هذا هو أحد الأمور التي ذكرها في الدروس (٥) وهو مختار أبي القاسم بن سعيد (٦).
قوله : ( في قتل كل واحد من القنفذ والضب واليربوع جدي ).
هو من أولاد المعز كما قدمناه ، قال الشيخان : وكذا ما أشبهها (٧) ، وكذا قال ابن إدريس (٨) ، وليس ببعيد ، لظاهر قوله تعالى : ( فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ
__________________
(١) المبسوط ١ : ٣٤٠.
(٢) الدروس : ١٠٠ ـ ١٠١.
(٣) التهذيب ٥ : ٣٥٦ حديث ١٢٣٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٣ حديث ٦٩٢.
(٤) لم ترد في « ن ».
(٥) الدروس : ١٠٠.
(٦) الجامع للشرائع : ١٩٠.
(٧) المفيد في المقنعة : ٦٨ ، والطوسي في المبسوط ١ : ٣٤٠ ، والنهاية : ٢٢٣.
(٨) السرائر : ١٣١.
ط : في كل واحد من العصفور ، والقبرة ، والصعوة مد من طعام.
ى : في قتل الجرادة ، والقملة يرميها عنه كف من طعام ، وفي كثير الجراد شاة.
وهذه الخمسة لا بدل لها على الخصوص.
______________________________________________________
النَّعَمِ ) (١).
قوله : ( في كل واحد من العصفور والقنبرة والصعوة مد من طعام ).
وكذا ما أشبهها ، ذكره الأصحاب (٢) ، والصواب القبرة بغير نون كما نص عليه أهل اللغة ، وصرح صاحب الصحاح بأنّ النون فيه من محرفات العامة (٣) ، ولكن هكذا وجد في نسخة الأصل وغيرها من مصنفات المصنف (٤).
قوله : ( في الجرادة والقملة يلقيها عنه كف من طعام ).
أي : في الجرادة بقتلها ، وكذا في قتل القملة بطريق أولى ، خلافا للشيخ في المبسوط (٥).
قوله : ( وفي كثير الجراد شاة ).
يمكن أن يراد بالكثير : ثلاثة فصاعدا ، وهو أولى ، فإنه أقل مراتب الكثرة ، وبعض الأخبار قد يمكن جعله شاهدا له (٦) ، ويمكن رده إلى العرف كسائر الأمور العرفية.
قوله : ( وهذه الخمسة لا بدل لها على الخصوص ).
أي : لم يتعين لكفارة كل منها بدل ، بل بدلها بدل سائر الكفارات عند تعذرها ، وهو الاستغفار ، لكن في صحيحة معاوية : « من كان علية شاة فلم يجد
__________________
(١) المائدة : ٩٥.
(٢) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ٣٤٠.
(٣) الصحاح ( قبر ) ٢ : ٧٨٥.
(٤) المنتهى ٢ : ٨٢٦ ، التذكرة ١ : ٣٤٧ ، تحرير الأحكام ١ : ١١٦.
(٥) المبسوط ١ : ٣٣٩.
(٦) الكافي ٤ : ٣٩٣ حديث ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٦٤ حديث ١٢٦٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٨ حديث ٧٠٨.
فروع
أ : يجزئ عن الصغير مثله ، والأفضل مثل الكبير ، وعن المعيب مثله بعيبه لا بغيره ، فلا يجزئ الأعور عن الأعرج ، ويجزئ أعور اليمين عن أعور اليسار ، والأفضل الصحيح ، والمريض عن مثله ، والذكر عن الأنثى ، وبالعكس ، والمماثل أفضل ، ولا شيء في البيض المارق ولا في الحيوان الميت.
ب : يستوي الأهلي من الحمام والحرمي في القيمة إذا قتل في الحرم ،
______________________________________________________
أطعم عشرة مساكين ، فان لم يجد صام ثلاثة أيام » (١) والعمل بها قريب.
قوله : ( يجزئ عن الصغير مثله ).
أي : في السن ، وقد سبق الخلاف في فرخ النعام ، وفي الفرخ إذا تحرك في البيضة من بيض القطا والقبج والدراج.
قوله : ( ويجزئ أعور اليمين عن أعور اليسار ).
على أصح الوجهين ، لاتحاد العيب ، وإن اختلف محله.
قوله : ( والذكر عن الأنثى وبالعكس ).
التردد في إجزاء الذكر عن الأنثى ، الا أنّ الشيخ أفتى بالإجزاء (٢) ، وتبعه جماعة (٣) ، لأنّ هذا المقدار من التخالف لا يخرجه عن المماثلة ، وهو قريب.
قوله : ( يستوي الأهلي من الحمام والحرمي في القيمة ، إذا قتل في الحرم ).
متعلق الجار هو ( يستوي ) و ( إذا ) ظرف له بمقتضى السياق ، والمعنى :
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٣٤٣ حديث ١١٨٧.
(٢) المبسوط ١ : ٣٤٤.
(٣) منهم : المحقق في الشرائع ١ : ٢٨٧.
لكن يشتري بقيمة الحرمي علف لحمامه.
ج : يخرج عن الحامل مما له مثل حامل ، فان تعذر قوّم الجزاء حاملا.
د : لو ضرب الحامل فألقته ميتا ضمن تفاوت ما بين قيمتها حاملا ومجهضا ، ولو ألقته حيا ثم ماتا فدى كلا منهما بمثله ، ولو عاشا من
______________________________________________________
استواؤهما في القيمة ، إذا قتل كل منهما في الحرم.
وقد يستشكل وجود الأهلي في الحرم ، لأنّ الحمام لا يملك في الحرم وإن كان من الحل ، فيدفع بإمكان ذلك في القماري والدباسي.
والتقييد بقتله في الحرم للاحتراز عن القتل في الحل ، وهو ظاهر في حمام الحرم ، لأنه إذا قتل في الحل لم تلزم به كفارة على المشهور.
أما الأهلي فالظاهر أنّ الحال لا يتفاوت فيه ، فيمكن قصر التقييد بالظرف على الحمام الحرمي للاحتراز عن قتله في الحلّ ، فلا يحتاج الى تكلف تصوير قتل الأهلي في الحرم لاختصاص الشرط بالأخير ، فيتحقق الحكم في الأول بقتل الأهلي خارج الحرم ، والمراد بالقيمة إما الدرهم ، أو الفداء.
قوله : ( لكن يشتري بقيمة الحرمي علف لحمامه ).
وليكن قمحا ، صرح به في الدروس (١) ، وهو في بعض الأخبار (٢) ، ولو فقد احتمل إجزاء مطلق العلف ، لأنّ في بعض الأخبار ( علف حمام الحرم بها ) (٣) وفي بعضها التخيير بينه وبين الصدقة بها (٤) ، وأما فداء المملوك فلصاحبه كما سيجيء إن شاء الله تعالى.
قوله : ( لو ضرب الحامل فألقته ميتا ضمن تفاوت ما بين قيمتها حاملا ومجهضا ).
__________________
(١) الدروس : ١٠١.
(٢) الكافي ٤ : ٣٩٠ حديث ١٠.
(٣) الكافي ٤ : ٢٣٣ حديث ٧ ، الفقيه ٢ : ١٧١ حديث ٧٥١.
(٤) الكافي ٤ : ٣٩٥ حديث ١ ، التهذيب ٥ : ٣٧٠ حديث ١٢٨٩.
غير عيب فلا شيء ومعه الأرش ، ولو مات أحدهما فداه خاصة.
ولو ضرب ظبيا فنقص عشر قيمته احتمل وجوب عشر الشاة ، لوجوبها في الجميع ، وهو يقتضي التقسيط أو عشر ثمنها.
والأقرب ان وجد المشارك في الذبح فالعين والاّ فالقيمة.
ولو أزمن صيدا وأبطل امتناعه احتمل كمال الجزاء ـ لأنه كالهالك ـ
______________________________________________________
أي : مسقطا ، فيدخل قيمة الحمل في ذلك ، ولا يتعين فداء وإن كان الحمل يتحرك ، إذ لا يعد حيوانا إلاّ بعد وضعه حيا.
قوله : ( ولو ضرب ظبيا فنقص عشر قيمته ، احتمل وجوب عشر الشاة ، لوجوبها في الجميع وعشر قيمتها ).
أي : قيمة الشاة ، لأنّ التجزئة تستلزم ضررا زائدا على ضرر قدر الواجب ، فينتقل إلى بدل العشر وهو قيمته ، والعشر مثال ، وإلا فالربع والخمس كذلك.
قوله : ( والأقرب أنه إن وجد المشارك في الذبح فالعين وإلاّ فالقيمة ).
هذا أصح ، لاندفاع الضرر ، وعشر الكفارة ـ التي هي الشاة ـ أقرب الى مماثلة المجني عليه من القيمة ، فيتعين لإيماء قوله تعالى ( فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) (١) إلى ذلك ، فإنه مع تعذر الحقيقة يصار إلى أقرب المجازات.
ويتحقق المشارك بوجود من عليه من الكفارة بقدر ما بقي ، أو كونه محتاجا إليه لأكل ونحوه ، وكذا لو احتاج إليه المكفر لنحو الأكل. والضابط أن لا يلزم ضررا زائدا على أصل الكفارة الواجبة.
قوله : ( ولو أزمن صيدا أو أبطل امتناعه احتمل كمال الجزاء ، لأنه كالهالك ).
هذا هو الأصح ، فإنه ببطلان امتناعه تمكن منه كل قاتل من سبع ومحل
__________________
(١) المائدة : ٩٥.
والأرش ، ولو قتله آخر فقيمة المعيب.
ولو أبطل أحد امتناعي النعامة والدراج ضمن الأرش.
هـ : لو قتل ما لا تقدير لفديته فعليه القيمة ، وكذا البيوض ، وقيل في البطة والإوزة والكركي شاة.
______________________________________________________
في الحل ، فقد صيره بإبطال امتناعه أكلة للآكل.
قوله : ( والأرش ).
أي : ويحتمل وجوب الأرش خاصة ، لأنه عوض جنايته ، والظاهر الأول ، لأنّ الصيد مأخوذ فيه بالاحتياط التام وأبعد الاحتمالات.
قوله : ( ولو قتله آخر فقيمة المعيب ).
أي : مع القيمة الكاملة على الأول ، صرح به في التذكرة (١) لاستقرار وجوبها عليه.
وقال الشيخ : على كل منهما فداء كامل (٢) ، والمماثلة تعني الفداء الكامل على الثاني. ولا استبعاد في وجوب القيمة كلها على الأول ، وقيمة المعيب على الثاني ، لأنّ الأول أعده لقتل الثاني ، فلا أقل من أن يكون ممسكا.
قوله : ( ولو أبطل أحد امتناعي النعامة ... ).
الفرق بقاء الامتناع هنا بخلاف الأول.
قوله : ( لو قتل ما لا تقدير لفديته فعليه القيمة وكذا البيوض ).
أي : ما لا تقدير لقيمته شرعا ، ففيه القيمة السوقية بتقويم عدلين عارفين. وهذا إذا كان القاتل محلا في الحرم أو محرما في الحل ، وإلا تضاعف الفداء مع اجتماعهما ، ومع بلوغ البدنة إشكال.
قوله : ( وقيل : في البطة والإوزة والكركي شاة ) (٣).
__________________
(١) التذكرة ١ : ٣٤٨.
(٢) المبسوط ١ : ٣٤٥ ـ ٣٤٦.
(٣) ذهب اليه ابن حمزة في الوسيلة : ١٨٤ ، والشيخ في المبسوط ١ : ٣٤٦.
و : العبرة بتقويم الجزاء وقت الإخراج ، وفيما لا تقدير لفديته وقت الإتلاف ، والعبرة في قيمة الصيد بمحل الإتلاف ، وفي قيمة النعم بمنى إن كانت الجناية في إحرام الحج ، وبمكة في إحرام العمرة ، لأنها محل الذبح.
ز : لو شك في كون المقتول صيدا لم يضمن.
ح : يجب أن يحكم في التقويم عدلان عارفان ، ولو كان أحدهما القاتل أو كلاهما ، فان كان عمدا لم يجز
______________________________________________________
الإوزّة بكسر أوله ، وفتح ثانيه ، مع تشديد ثالثه مفتوحا. وهذا القول هو الأصح ، وتشهد له رواية ابن بابويه بأنّ في ذبح الطير شاة (١) ، فيكون من المنصوص. وتوقف المصنف رحمهالله هنا ، نظرا إلى أنه غير منصوص على عينه.
قوله : ( العبرة بتقويم الجزاء وقت الإخراج ).
لأنه حينئذ وقت تحتم الوجوب ، وهو وقت التعذر.
قوله : ( وفيما لا تقدير لفديته وقت الإتلاف ).
لأنه حينئذ وقت لزوم الفدية ، فلا بد من لزوم شيء معين ، وهو البدل حينئذ.
قوله : ( والعبرة في قيمة الصيد بمحل الإتلاف ).
لأنه وقت لزومها الذمة.
قوله : ( ولو كان أحدهما القاتل أو كلاهما ، فان كان عمدا لم يجز ).
بشرط أن يكون عدوانا ، وإنما لم يجز لأنه فاسق بفعله.
وقد يقال : إن هذا ليس من الكبائر ، فيفسق فاعله.
__________________
(١) قال فخر المحققين في إيضاح الفوائد ١ : ٣٣٥ : ( دليل ابن بابويه رواية عبد الله بن سنان ) ، وهذه الرواية لم نجدها في الفقيه ، بل في التهذيب ٥ : ٣٤٦ حديث ١٢٠١ ، والاستبصار ٢ : ٢٠١ حديث ٦٨٢ ، وفي الفقيه ٢ : ٢٣٣ حديث ١١١٧ ، الموجود رواية محمد بن فضل عن أبي الحسن ـ عليهالسلام ـ ، وفيه : سألت أبا الحسن ـ عليهالسلام ـ عن رجل قتل حمامة.
وإلا جاز.
ط : لو فقد العاجز عن البدنة البر دون قيمته فأقوى الاحتمالات التعديل عند ثقة ، ثم شراء غيره ، ففي الاكتفاء بالستين لو زاد إشكال ،
______________________________________________________
ويجاب : بأنه قد ورد وجوب التعزير في معتمد قتل الصيد بين الصفا والمروة.
واختار في الدروس التعزير مطلقا (١) ، وحينئذ فيكون ذلك من الكبائر على بعض الآراء لكن إذا تاب القاتل جاز أن يكون أحد المقومين (٢).
قوله : ( وإلاّ جاز ).
إذ لا مانع من كونه قاتلا ومقوما ، لشمول الآية له.
قوله : ( لو فقد العاجز عن البدنة البر دون قيمته ، فأقوى الاحتمالات التعديل عند ثقة ).
المراد : تعيين القيمة وإفرادها ليجعلها عند ثقة يشتري بها برا. ووجه القوة : أنه مع وجود القيمة بمنزلة القادر على البر ، كما في الهدي الواجب في التمتع. وهذا إنما هو تفريع على القول بوجوب الجزاء والبدل مرتبا.
ويشكل بوجوب الكفارة على الفور ، وليست كالنسك الثابت بالأصالة ، ولأنّ الجدة تتحقق بوجود الثمن في الهدي ، وهي المعلق عليه في الانتقال إلى البدل ، وأما البر فغير موجود هنا قطعا.
قوله : ( ثم شراء غيره ).
هذا هو الاحتمال الثاني الذي هو الأدون من الأول في القوة ، وقد أشار إلى ذلك بـ ( ثم ) ، والمراد : شراء غيره من أصناف الطعام ، ووجهه : المشاركة في المعنى المطلوب بالبر.
قوله : ( وفي الاكتفاء بالستين لو زاد إشكال ).
__________________
(١) الدروس : ١٠٣.
(٢) في « ن » : ولو عارض العدلين عدلان في المماثلة ففي الحكم إشكال.
فإن تعدد احتمل التخيير ، والأقرب إليه ، ثم الانتقال الى الصوم ، والأولى إلحاق المعدل بالزكاة.
______________________________________________________
أي : تفريعا على هذا الاحتمال ، لو زاد البدل عن ستين ـ باعتبار القيمة في غير البر ـ فهل يسقط الزائد كما يسقط في البر؟ إشكال ينشأ من المشاركة وعدم النص. والأصح تفريعا على هذا الوجه لا يكتفى ، لعدم النص ، والكفارة منوطة بالقيمة ، والرخصة الثابتة في موضع لا تتعدي.
قوله : ( فان تعدد احتمل التخيير والأقرب إليه ).
هذا من الأحكام المتفرعة على الوجه الثاني ، أي : فان تعدد ذلك الغير احتمل التخيير ، لعدم ثبوت المرجح الشرعي ، فترجيح بعض على غيره ترجيح بلا مرجح.
ويحتمل وجوب الأقرب إليه كالشعير مع الذرة ، وهو أقوى تفريعا ، لأنه إذا تعين العدول عن المنصوص إلى غيره لتعذره ، أشبه العدول عن الحقيقة إلى المجاز ، فيطلب أقرب المجازات ، وكل ذلك ضعيف لابتنائه على ضعيف (١).
قوله : ( ثم الانتقال إلى الصوم ).
هذا أصح ، ( لتحقق العجز عن البدل الثاني ، فيصار إلى البدل الثالث ، لتحقق الشرط وهو العجز ، ولأنّ الكفارة واجبة على الفور ، فالتغرير بها بغير نص مشكل ) (٢).
قوله : ( والأولى إلحاق المعدل بالزكاة ).
المعدل بصيغة اسم المفعول : هو القيمة التي عدلها عند ثقة ، بناء على الاحتمال الأقوى عنده.
والمراد بإلحاقه بالزكاة : كونه إذا تلف بغير تفريط لا يكون مضمونا ، كما في الزكاة إذا عزلها عن ماله عند عدم المستحق.
__________________
(١) ورد في « ن » : فرع : لو عجز عن الصوم وقدر على القيمة فهل يجب التعديل عند ثقة؟ صرح شيخنا الشهيد في حواشيه بالوجوب ، وهو محتمل.
(٢) ما بين القوسين لم يرد في « ن ».