اليواقيت الحسان في تفسير سورة الرّحمن

آية الله مجد الدّين النّجفي الإصفهاني

اليواقيت الحسان في تفسير سورة الرّحمن

المؤلف:

آية الله مجد الدّين النّجفي الإصفهاني


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الذخائر
الطبعة: ١
الصفحات: ١٣٥

آلالاء عقيبها لأن في خوفها ودفعها نعما توازي النعم المذكورة ، أو لأنها حلت مالا عدا وذلك يعد من اكبر النعماء ، وبعد هذا السبع ثمان في وصف الجنات وأهلها على عدد ابوات الجنة ، وثمان أخرى بعدها للجنتين اللتين دونها ، فمن اعتقد الثماني الأولى وعمل بموجبها استحق كلتا الثمانيتين من الله تعالى ووقاه الله السبع السابقة.

يقول الفقير : من لطائف أسرار هذا المقام أن لفظ « ال » في اول اسم الرحمن المعنون به هذه السورة الجليلة دل على تلك الاحدى والثلاثين.

وقال في مجمع البيان (١) : فأما الوجه لتكرار هذه الاية في هذه السورة فانما هو التقرير بالنعم المعدودة والتأكيد في التذكير بها كلها ، فكلما ذكر سبحانه نعمة أنعم بها قرر عليها ووبخ على التكذيب بها ، كما يقول الرجل لغيره : أما أحسنت اليك حين اطلقت لك مالاً ، اما أحسنت اليك حين مللتك عقاراً ، اما أحسنت اليك حين بنيت لك داراً ، فيحسن فيه التكرار لا ختلاف ما يقرره به. ومثله كثير في كلام العرب وأشعارهم ، قال مهلهل بن ربيعة يرثي أخاه كليباً :

على أن ليس عدلا من كليب

اذا طرد اليتيم عن الجزور

على أن ليس عدلا من كليب

اذا ما ضيم جيران المجير

على أن ليس عدلا من كليب

اذا رجف العضاه من الدبور

على أن ليس عدلا من كليب

اذا خرجت مخبأة الخدور

على أن ليس عدلا من كليب

اذا ما أعلنت نجوى الصدور

وقالت ليلى الأخيلية ترثي توبة بن الحمير :

لنعم الفتى يا توب كنت ولم تكن

لتسبق يوماً كنت فيه تحاول

__________________

١) مجمع البيان ٩ / ١٩٩.

٦١

ونعم الفتى يا توب كنت اذا التقت

صدور العوالي واستثال الأسافل

ونعم الفتى يا توب كنت لخائف

أتاك لكي تحمي ونعم المجامل

ونعم الفتى يا توب جارا وصاحباً

ونعم الفتى يا توب حين تناضل

لعمرى لأنت المرء ابكي لفقده

ولو لام فيه ناقص الرأي جاهل

لعمري لأنت المرء ابكي لفقده

اذا كثرت بالملجمين التلاتل

أبى لك ذم الناس يا توب كلما

ذكرت سماح حين تأوى الأرامل

أبى لك ذم الناس يا توب كلما

ذكرت أمور محكمات كوامل

فلا يبعدنك الله يا توب انما

كذاك المنايا عاجلات وآجل

فلا يبعدنك الله يا توب انما

لقيت حمام الموت والموت عاجل

فخرجت في هذه الأبيات من تكرار الى تكرار لاختلاف المعاني التي عددتها ، وقال الحارث بن عباد :

قربا مربط النعمامة مني

لقحت حرب وائل عن حيال

وكرر هذه اللفظة « قربا مربط النعامة مني » في أبيات كثيره. وفي أمثال هذا

٦٢

كثرة ، وهذا هو الجواب بعينه عن التكرار لقولـه تعالى « ويل يومئذ للمكذبين » في سورة المرسلات (١).

* * *

خلق الأنسان من صلصال كالفخار (١٤) وخلق الجان من مارج من نار (١٥) فبأي آلاء ربكما تكذبان (١٦).

( خلق الانسان من صلصال ) يعني من طين يابس له صلصلة ، وهو الصوت منه نقر.

( كالفخار ) يعني الطين المطبوخ بالنار ، وهو الخزف.

فان قيل : قد اختلف العبارات في صفة خلق الانسان الذي هو آدم ، فقال تبارك وتعالى « من تراب » وقال « من حمأ مسنون » وقال « من طين لازب » وقال « من ماء مهين » وقال هنا « من صلصال كالفخار ».

قلنا : ليس في هذه العبارات اختلاف ، بل المعنى متفق ، وذلك أن الله تعالى خلقه أولا من تراب ، ثم جعله طينا لازبا لااختلط بالماء ، ثم حمأ مسنوناً وهو الطين الأسود المنتن ، فلما يبس صار صلصالا كالفخار.

( وخلق الجان ) وهو ابو الجن ، وقيل هو ابليس.

( من مارج من نار ) يعني الصافي من لهب النار الذي لادخان فيه ، وقيل هو ما اختلط بعضه ببعض من اللهب الأحمر والأصفر والأخضر الذي يعلو النار اذا اقدت.

__________________

١) وقال الشيخ الطوسي في سر تكرير الاية : انما كررت هذه الاية ، لانه تقرير بالنعمة عند ذكرها على التفصيل نعمة ، كأنه قيل بأى هذه الالاء تكذبان ، ثم ذكرت آلاء أخر فاقتضت الاولى ، ليتأمل كل واحدة فى نفسها وفي ما تقتضيه صنفها من حقيقتها التي تنفصل بها عن غيرها. التبيان ٩ / ٤٦٨.

٦٣

* * *

رب المشرقين ورب المغربين (١٧) فبأي آلاء ربكما تكذبان (١٨).

( رب المشرقين ) يعني مشرق الصيف وهو غاية ارتفاع الشمس ، ومشرق الشتاء وهو غاية انحطاط الشمس.

( ورب مغربين ) يعني مغرب الصيف ومغرب الشتاء. وقيل يعني مشرق الشمس ومشرق القمر ومغرب الشمس ومغرب القمر.

وفي الاحتجاج عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام أنه سئل عن هذه الاية فقال عليه‌السلام : ان مشرق الشتاء عليحدة ومشرق الصيف عليحدة ، أما تعرف ذلك من قرب الشمس وبعدها. قال : وأما قوله « رب المشارق والمغارب » فان لها ثلاثمائة وستين برجاً تطلع كل يوم من برج وتغيب في آخر فلا تعود اليه الامن قابل في ذلك اليوم.

* * *

مرج البحرين يلتقيان (١٩) بينهما برزخ لا يبغيان (٢٠) فبأي آلاء ربكما تكذبان (٢١).

( مرج البحرين ) يعنى أرسل البحرين العذب والملح متجاورين متلاقيين لا فصل بين المائين ، لأن من شأنهما الاختلاط ، وهو قوله تعالى ( يلتقيان ) لكن الله تعالى منعهما عما في طبعهما بالبرزخ ، وهو قوله تعالى بينهما ( برزخ ) أي حاجز من قدرة الله تعالى ( لا يبغيان ) أي لا يبغى أحدهما على صاحبه ، وقيل لا يختلطان ولا يتغيران ، وقيل لا يطغيان على الناس بالغرق.

وقيل ( مرج البحرين ) يعني بحر الروم وبحر الهند وأنتم الحاجز بينهما ، وقيل بحر فارس والروم ( بينهما برزخ ) يعنى الجزائر ، وقيل بحر السماء وبحر الأرض ، فان في السماء بحرا مسكه الله تعالى بقدرته ينزل منه المطر فيلتقيان ،

٦٤

وبينهما حاجز يمتنع بحر السماء من النزول وبحر الأرض من الصعود.

* * *

يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان (٢٠) فبأي آلاء ربكما تكذبان (٢١).

( يخرج منهما ) قيل انما يخرج من البحر الملح دون العذب ، وانما قال منهما لأنهما لما التقيا وصارا كالشىء الواحد جاز أن يقال يخرجان منهما كما يقال يخرجان من البحر ، ولا يخرجان من جميع البحر ولكن من بعضه. وتقول : خرجت من البلد وانما خرجت من محلة من محاله ، بل من دار واحدة من دوره.

وقيل : المراد يخرج من أحدهما ، فحذف المضاف.

وقيل : يخرج من ماء السماء وماء البحر.

وفي قرب الاسناد عن الصادق عليه‌السلام ( يخرج منهما ) قال عليه‌السلام : من ماء السماء ومن ماء البحر ، فاذا أمطرت فتحت الأصداف أفواهها في البحر فيقع فيها من ماء المطر فتخلق اللؤلؤ الصغيرة من القطرة الصغيرة واللؤلؤ الكبيرة من القطرة الكبيرة.

( اللؤلؤ ) قيل هو ما عظم من الدر.

( والمرجان ) صغاره ، وقيل بعكس ذلك ، وقيل المرجان هو الخرز الاحمر أعني البسذ (١).

__________________

١) يقول المحقق لهذا السفر الجليل : روى في ذيل « مرج البحرين يلتقيان » الى « يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان » البحران علي وفاطمة عليهما‌السلام والبرزخ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، واللؤلؤ والمرجان الحسن والحسين.

رواها من طريق الخاصة علي بن ابراهيم القمي «ره» في تفسيره (١) وابن شهر آشوب « قده » في مناقبه (٢) والعلامة المجلسي «قده » في بحاره (٣) والشيخ

__________________

(١) تفسير القمي / ٣٤٥ طبع ايران.

(٢ ـ٣) المناقب ٣ / ١٠٦ و ١٠١ ـ البحار ٤٣ / ٤٣ و ٣١.

٦٥

عبد الله البحراني في عوالمه (١) ، فنقل الأخير عن الصادق عليه‌السلام أنه قال في قوله « مرج البحرين يلتقيان » قال : علي وفاطمة بحران عميقان لايبغي أحدهما على صاحبه ، وفي رواية « بينهما برزخ » رسول الله ، « يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان » الحسن والحسين عليهما‌السلام.

وأيضاً رواها من طريق العامة : الحافظ ابو نعيم الاصفهاني في كتاب « ما نزل من القرآن في علي عليه‌السلام » (٢) ، ونقل عنه شيخنا يحيى بن الحسن الحلي المعروف بابن البطريق « قده » من اصحابنا في كتابه « حضائص الوحي المبين » (٣).

والثعلبي في تفسيره ، ونقل منه شيخنا الحلي «ره» في « خصائصه » (٤) وفي كتابه الاخر « العمدة » (٥).

والشبلنجي في نور الابصار ، نقل عنه صاحب فضائل الخمسة (٦).

والسيوطي في الدر المنثور (٧) عن ابن مردويه عن ابن عباس في قوله « مرج البحرين يلتقيان » قال : علي وفاطمة « بينهما برزخ لا يبغيان » قال : النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم « يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان » قال : الحسن والحسين عليهما‌السلام.

* * *

وله الجوار المنشآت في البحر كالاعلام (٢٤) فبأي آلاء ربكما تكذبان (٢٥).

__________________

١) العوالم ١١ / ٣٩.

٢) راجع النور المشتعل / ٢٣٦ وما بعده.

٣ و ٤) الخصائص / ٢٠٧ و ٢٠٨.

٥) العمدة / ٣٩٩.

٦) فضائل الخمسة ١ / ٣٤٤.

٧) الدر المنثور ٦ / ١٤٢.

٦٦

( وله الجوار ) أي السفن الكبار ، جمع جارية.

( المنشآت ) أي المرفوعات ، وهي التي رفع خشبها بعضه على بعض ، وقيل المرفوعات الشراع أو اللاتي ينشئن الامواج بجريهن ، وقيل هو ما رفع قلها من السفن اما مالم يرفع قلعها فليست من المنشئات ، وقيل معنى المنشئات المحدثات المخلوقات المسخرات.

( في البحر كالاعلام ) أي الجبال ، جمع علم ، وهو الجبل الطويل ، شبه السفن في البحر بالجبل في البر.

* * *

كل من عليها فان (٢٦) ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام (٢٧) فبأي آلاء ربكما تكذبان (٢٨).

( كل من عليها ) أي على الأرض من حيوان ، وانما ذكره بلفظه « من » تغليباً للعقلاء على غير العقلاء.

( فان ) أي هالك ، لأن وجود الانسان في الدنيا عرض فهو غير باق ، وما ليس بباق فهو فان ، ففيه الحث على العبادة وصرف الزمن اليسير الى الطاعة.

( ويبقى وجه ربك ) يبقى ذاته ، والوجه يعبر به عن الجملة ، وقيل دين ربك. وفي المخاطب وجهان : أحدهما أنه كل واحد ، والمعنى ويبقى وجه ربك أيها الانسان السامع ، والوجه الثاني أنه يحتمل أن الخطاب مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .

( ذوالجلال ) أي ذو العظمة والكبرياء ، ومعناه الذي يجله الموحدون عن التشبيه بخلقه. ( والاكرام ) أي المكرم لأنبيائه وأوليائه وجميع خلقه بلطفه واحسانه اليهم مع جلاله وعظمته ، وقيل ( ذوالجلال والإكرام ) ذو الاستغناء المطلق والفضل

٦٧

العام ، وذلك لأنك اذا استقريت جهات الموجودات وتصفحت وجوهها وجدتها بأسرها فانية في حد ذاتها الا وجه الله ، أي الوجه الذي يلي جهته.

وقيل : الاكرام أي صاحب الكرم التام والفضل العام لكل مستحق له من الأنبياء عليهم‌السلام والأولياء والأتقياء ، وقيل تسمية الذات بالوجه باعتبار أن الممكنات بأسرها تتوجه الى ذاته تعالى ، وقيل ان الوجه بمعنى الرأي والتدبير ، أي الله الذي يدبر جميع الأمور.

وروي : ان هذا بين الاسمين هو الاسم الأعظم.

ولذا قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ألظوا بيا ذاالجلال والاكرام » (١) اي التزموا وادعوا قول « يا ذا الجلال والاكرام ».

وقال معاذ بن جبل : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مر برجل يقول في صلاته « يا ذا الجلال والاكرام » فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : قد استجيب لك (٢).

* * *

يسئله من في السموات والارض كل يوم هو في شأن (٢٩) فبأي آلاء ربكما تكذبان (٣٠).

( يسئله من في السموات والأرض ) أي يسأله ويطلب الحاجات منه كل من في السماوات والأرض ، فلا يستغني عن فضله احد من أهل السماوات والأرض.

قال ابن عباس : فأهل السماوات والأرض يسألونه المغفرة وأهل الأرض يسألونه الرزق والمغفرة (٣).

وقيل : كل أحد يسأله الرحمة وما يحتاج اليه في دينه ودنياه ، وفيه اشارة الى كمال قدرة الله تعالى وان كل مخلوق وان جل وعظم فهو عاجز عن تحصيل ما

__________________

١) منهج الصادقين ٩ / ١٢٥.

٢) منهج الصادقين ٩ / ١٢٥ ، الكشاف ٤ / ٤٤٧.

٣) تفسير الخازن ٤ / ٢٣٢.

٦٨

يحتاج اليه مفتقر الى الله تعالى.

أقول : الفقر شأن الممكن ، وهو محتاج ومفتقر الى الواجب تعالى شأنه العزيز ، وقال الله تعالى : « يا ايها الناس أنتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد » (١).

والفقر بهذا المعنى هو الذي قال فيه سيد العالم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « الفقر فخري » (٢) لا الفقر الذي بمعني الاعواز وقلة المئونة ، فإنها مصيبة وأية مصيبة ، وهو الذي قال فيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : « الفقر سواد الوجه في الدارين » (٣).

( كل يوم هو في شأن ) قيل نزلت رداً على اليهود حيث قالوا : ان الله لا يقضي يوم السبت شيئاً.

قال المفسرون (٤) : من شأنه أنه يحيى ويميت ويرزق ويعز قوماً ويذل قوماً ويشفي مريضاً ويمرض صحيحاً ويفك عانياً ويفرج عن مكروب ويجيب داعياً ويعطي سائلا ويغفر ذنباً ، الى ما لا يحصى من أفعاله واحداثه في خلقه ما يشاء سبحانه وتعالى.

وروى البغوي بأسناد الثعليى عن ابن عباس قال : ان مما خلق الله عز وجل لوحاً من درة بيضاء دواته ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نور ينظر الله فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يخلق ويرزق ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء ، فذلك قوله تعالى « كل يوم هو في شأن » (٥).

__________________

١) سورة فاطر : ١٥.

٢) بحار الانوار ٧٢ / ٤٩.

٣) بحار الانوار ٧٢ / ٣٠.

٤) وهو على بن محمد بن ابراهيم البغدادي الصوفي المعروف بالخازن في تفسيره : ٤ / ٢٣٣.

٥) تفسير الخازن ٤ / ٢٣٣ ومجمع البيان ٩ / ٢٠٢.

٦٩

وقال سفيان بن عيينة : الدهر كله عند الله يومان أحدهما مدة أيام الدنيا والأخر يوم القيامة ، فالشأن الذي هو فيه في اليوم الذي هو مدة الدنيا الاختيار بالأمر والنهي والاحياء والامانة والاعطاء والمنع ، وشأن يوم القيامة الجزاء والحساب والثواب والعقاب(١).

وقال الحسين بن الفضل : هو سوق المقادير الى المواقيت ، ومعناه ان الله عز وجل كتب ما يكون في كل يوم وقدر ما هو كائن ، فاذا جاء ذلك الوقت تعلقت ارادته بالفعل فيوجده في ذلك الوقت(٢).

وقال ابو سليمان الداراني في هذه الاية : له في كل يوم الى العبيد برجديد ، وقيل شأنه تعالى انه يخرج في كل يوم وليلة ثلاثة عساكر : عسكراً من أصلاب الاباء الى الارحام ، عسكراً من الأرحام الى الدنيا ، وعسكراً من الدنيا الى القبر ، ثم يرتحلون جميعاً الى الله تعالى (٣).

وقال بعض الأعلام : شأنه ايصال المنافع اليك ودفع المضار عنك ، فلا تغفل عن طاعة من لا يغفل عن بر في حقك (٤).

وروي : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما تلا هذه الاية سألوه ما ذلك الشأن فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من شأنه أن يغفر ذنباً ويفرج كرباً ويرفع قوماً ويضع آخرين (٥).

وقال الزمخشري : (٦) سأل بعض الملوك وزير عنها ، فاستمهله الى الغد وذهب

__________________

١) تفسير الخازن ٤ / ٢٣٣ ومجمع البيان ٩ / ٢٠٢.

٢) تفسير الخازن ٤ / ٢٣٣.

٣) تفسير الخازن ٤ / ٢٣٣.

٤) مجمع البيان ٩ / ٢٠٢ عن برك عن ابي سليمان الداراني.

٥) مجمع البيان ٩ / ٢٠٢.

٦) الكشاف ٤ / ٤٤٧.

٧٠

كئيباً يفكر فيها ، فقال غلام له أسود : يا مولاي أخبرني ما أصابك لعل الله يسهل لك على يدي. فأخبره فقال له : انا أفسرها للملك ، فأعلمه فقال : أيها الملك شأن الله أن يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويشفي سقيماً ويسقم سليماً ويبتلي معافى ويعافي مبتلى ويعز ذليلاً ويذل عزيزاً ويفقر غنياً ويغني فقيراً. فقال الأمير : أحسنت ، وأمر الوزير أن يخلع عليه ثياب الوزارة. فقال : يا مولاي هذا من شأن الله.

وعن عبد الله بن طاهر أنه دعا الحسين بن الفضل وقال له : أشكلت علي ثلاث آيات دعوتك لتكشفها لي ، قوله تعالى « فأصبح من النادمين » وقد صح أن الندم توبة ، وقوله تعالى « كل يوم هو في شأن » وقد صح أن القلم قد جف بما هو كائن الى يوم القيامة ، وقوله تعالى « وأن ليس للانسان الا ما سعى » فما بال الاضعاف؟ فقال الحسين : يجوز أن لا يكون الندم توبة في تلك الأمة ويكون توبة في هذه الأمة ، لأن الله تعالى خص هذه الأمة بخصائص لم يشاركهم فيها الأمم ، وقيل ان ندم قابيل لم يكن على قتل هابيل ولكن على حمله. وأما قوله « وأن ليس للانسان الا ما سعى » فمعناه ليس له الا ما سعى عدلا ولى ان اجزيه بواحدة ألفاً فضلا ، وأما قوله « كل يوم هو في شأن » فأنها شؤون يبديها لاشؤون يبتدئها فقام عبدالله وقبل رأسه وسوغ خراجه.

* * *

سنفرغ لكم أيه الثقلان (٣١) فبأي آلاء ربكما تكذبان (٣٢).

( سنفرغ لكم ايه الثقلان ) قيل : هو وعيد من الله عزوجل للخلق بالمحاسبة ، وليس هو فراغ عن شغل ، لأن الله تعالى لا يشغله شأن عن شأن ، فهو كقول القائل لمن يريد تهديده : لأتفرغن لك ، وما به شغل. وهذا قول ابن عباس (١). والأحسن

__________________

١) تفسير الخازن ٤ / ٢٣٣.

٧١

ذكر هذا الفراغ لسبق ذكرالشأن.

وقيل : مستعار من قول الرجل لمن يتهدده : سأفرغ لك ، يريد سأنجرد للايقاع بك من كل ما يشغلني عنك حتى لايكون لي شغل سواه. والمراد : التوفر على الكناية فيه والانتقام منه. ويجوز أن يراد : ستنتهى الدنيا وتبلغ آخرها ، وتنتهي عند ذلك شؤون الخلق التي أرادها بقوله « كل يوم هو في شأن » فلا يبقى الا شأن واحد وهو جزاؤكم. فجعل ذلك فراغاً لهم على طريق المثل.

وقيل : معناه ان الله عز وجل وعد أهل التقوى وأوعد اهل الفجور ، فقال : سنفرغ لكم مما وعدناكم وأخبرناكم فنحاسبكم ونجازيكم فننجز لكم ما وعدناكم فقلتم ذلك وتفرغ منه على طريق المثل أيضاً. وأراد بالثقلين الانس والجن سميا ثقلين لأنهما ثقلا على الارض أحياء وامواتاً.

وقيل : كل شئ له قدر ووزن ينافس فيه فهو ثقل ، ومنه قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي » فجعلهما ثقلين اعظاماً بقدرهما.

وعن الامام جعفر بن محمد الصادق عليهما‌السلام : سمي الانس والجن ثقلين لأنهما مثقلان بالذنوب (١).

وانما عبر بضمير الجمع مع أن المرجع الجن والانس ، باعتبار كثرة أفرادهما.

وقرئ « سيفرغ لكم » أي الله تعالى ، و « سأفرغ لكم » ، و « سنغفر » بالنون مفتوحاً ومكسوراً وفتح الراء ، و « سيفرغ » بالتاء مفتوحاً ومضموماً مع فتح الراء ، وفي قراءة أبي « سنفرغ اليكم » بمعنى سنقصد اليكم.

[ والى هنا جف قلمه الشريف ، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله وآله ].

__________________

١) تفسير ابى الفتوح الرازى ٩ / ٢٩٧.

٧٢

اهم المصادر

١ ـ آلاء الرحمن في تفسير القرآن.

للشيخ محمد جواد البلاغى ، مطبعة العرفان ـ صيدا ١٣٥١ هـ

٢ ـ احياء الداثر من القرن العاشر.

للشيخ آغا بزرگ الطهرانى ـ تحقيق على نقي المنزوى ، جامعة طهران ١٣٦٦ ش

٣ ـ أدبيات عرب در صدر اسلام

للشيخ مهدى مجد الاسلام النجفي ـ تدين اصفهان ـ ١٣٦٣

٤ ـ امل الامال

للشيخ الحر العاملي ـ تحقيق السيد احمد الحسينى ـ مكتبة الاندلس ١٣٨٥ هـ

٥ ـ امجدية

للشيخ ابى المجد محمد الرضا النجفى الاصفهانى ـ بنياد بعثت ١٣٦٤ ش

٦ ـ بحار الانوار

٧٣

للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسى

٧ ـ البيان فى تفسير القرآن

للسيد ابى القاسم الموسوى الخوئى طبع ١٣٩٤ هـ

٨ ـ تاريخ علمى واجتماعى اصفهان در دو قرن اخير

للسيد مصلح الدين المهدوى. نشر الهداية ١٣٦٧ ش

٩ ـ تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام

للسيد حسن الصدر الكاظمى. منشورات الاعلمى طهران

١٠ ـ التبيان فى تفسير القرآن.

لشيخ الطائفه ابى جعفر الطوسى ـ دار احياء التراث العربى بيروت

١١ ـ تفسير ابى الفتوح الرازى

لابى الفتوح الرازى

١٢ ـ تفسير علي بن ابراهيم القمى

لعلي بن ابراهيم القمى ، الطبعة الحجرية

١٣ ـ التفسير المنسوب الى الأمام العسكرى

الطبعة الحجرية ( بهامش تفسير القمى )

١٤ ـ تلخيص البيان فى مجازات القرآن

للشريف الرضى ـ وزارة الارشاد ١٤٠٧ هـ

١٥ ـ تنوير المقباس في تفسير ابن عباس

( بهامش الدر المنثور )

١٦ ـ ئواب الاعمال

للشيخ الصدوق ـ تحقيق على اكبر الغفارى

١٧ ـ حاشية الروضات

٧٤

للشيخ ابى المجد محمد الرضا النجفى الاصفهانى ـ طبع البلاغى

١٨ ـ خصائص الوحي المبين

ليحيى بن الحسن الحلى ( ابن بطريق ) ـ تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودى وزارة الارشاد ١٤٠٦ هـ

١٩ ـ دانشمندان وبزرگان اصفهان

للسيد مصلح الدين المهدوى ـ ثقفى ١٦٤٧ ش

٢٠ ـ الدر المنثور فى تفسير بالمأثور

لجلال الدين السيوطى.

٢١ ـ رجال النجاشى

للنجاشى ـ تحقيق السيد موسى الشبيرى الزنجانى ـ جماعة المدرسين بقم ١٤٠٧ هـ

٢٢ ـ روضات الجنات

للسيد محمد باقر الچهار سوقى الاصفهانى ـ الطبعة الحجرية

٢٣ ـ الصافى ( تفسير )

للفيض الكاشانى ـ الطبعة الحجرية

٢٤ ـ عمدة عيون صحاح الاخبار فى مناقب امام الابرار

ليحيى بن الحسن الحلى ( ابن بطريق ) ـ جماعة المدرسين بقم ١٤٠٨ هـ

٢٥ ـ عوالم العلوم والمعارف

للشيخ عبد الله البحرانى الاصفهانى ـ مدرسة الامام المهدى « عجل الله تعالى فرجه الشريف » ١٤٠٥ هـ

٢٦ ـ عيون اخبار الرضا عليه‌السلام

للشيخ الصدوق ـ تحقيق السيد مهدى اللاجوردى ـ رضا المشهدى

٢٧ ـ فضائل الخمسة

٧٥

للسيد مرتضى الحسينى الفيروز آبادى ـ الاعلمى بيروت ١٤٠٢ هـ

٢٨ ـ الفهرست

للشيخ الطوسى ـ تحقيق السيد محمد صادق آل بحر العلوم ـ منشورات الشريف الرضى ـ قم

٢٩ ـ الفهرست

للنديم ـ تحفيق رضا تجدد

٣٠ ـ فهرست اسماء علماء الشيعة ومصنفيهم

للشيخ منتجب الدين الرازى ـ تحقيق السيد عبد العزيز الطباطبائى ـ المكتبة المرتضوية ١٤٠٤ هـ

٣١ ـ الكاشف ( تفسير )

لمحمود بن عمر الزمخشرى ـ نشر ادب الحوزة

٣٢ ـ كنز الدقائق ( تفسير )

للميرزا محمد المشهدى ـ تحقيق الشيخ مجتبى العراقى ـ جماعة المدرسين بقم ١٤٠٧ هـ

٣٣ ـ گنجينه دانشمندان

للشيخ محمد الرازى ـ المكتبة الاسلامية بطهران

٣٤ ـ لباب التأويل فى معانى التنزيل ( تفسير الخازن )

لعلي بن محمد بن ابراهيم البغدادى الصوفى ـ طبع مصر

٣٥ ـ لؤلؤة البحرين

للشيخ يوسف البحرانى ـ تحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم ـ مؤسسة آل البيت بقم

٣٦ ـ مجمع البيان ( تفسير )

٧٦

للشيخ الطبرسى

٣٧ ـ المصباح

للكفعمى

٣٨ ـ معالم العلماء

لابن شهر آشوب المازندرانى ـ مطبعة الحيدرية ١٣٨٠ هـ

٣٩ ـ مكارم الاثار

للشيخ محمد على المعلم الحبيب آبادى ـ ط ١٣٥٢ ش

٤٠ ـ المنار ( تفسير )

لمحمد رشيد رضا ، طبع القاهرة

٤١ ـ المناقب

لابن شهر آشوب المازندرانى

٤٢ ـ المنجد فى اللغة والاعلام

طبع بيروت

٤٣ ـ منهج الصادقين ( تفسير )

لملا فتح الله الكاشانى ـ تحقيق ابى الحسن الشعرانى ـ المكتبة الاسلامية

٤٤ ـ الميزان فى تفسير القرآن

للسيد محمد حسين الطباطبائى ـ جماعة المدرسين بقم

٤٥ ـ النبراس

للحاج ملا هادى السبزوارى

٤٦ ـ نقباء البشر

للشيخ آغا بزرگ الطهرانى ، طبع مطبعة السعيد بمشهد ١٤٠٤ هـ

٧٧

٤٧ ـ نمونه اى از ادبيات عرب

للسيد محمد باقر السبزوارى ـ جامعة طهران ١٣٤٩ ش

٤٨ ـ النور المشتعل من كتاب ما نزل من القرآن فى علي عليه‌السلام

للحافظ ابى نعيم الاصفهانى والشيخ محمد باقر المحمودى ـ وزارة الارشاد ١٤٠٦ هـ

٧٨

ماجد جد فى اكتساب المعالى

ورث المجد عن ابيه وجده

المختار

من القصائد والاشعار

٧٩
٨٠