إيضاح الفرائد - ج ٢

السيّد محمّد التنكابني

إيضاح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد التنكابني


الموضوع : أصول الفقه
المطبعة: المطبعة الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٠٦٩
الجزء ١ الجزء ٢

كان نجسا سابقا وشكّ فى بقاء نجاسته مع استصحاب نجاسته الماء ومن امثلته استصحاب طهارة المتمم بالكر مع استصحاب نجاسة المتمم بالفتح وامثلة تعارض الاستصحابين الموضوعين فى موضوعين كثيرة جدا ايضا ومن امثلته تعارض استصحاب حيات زيد لاستصحاب حيات عمرو مع العلم الإجمالي بموت احدهما وبقاء الآخر ومثال تعارض الاستصحاب الحكمى والموضوعى فى موضوعين استصحاب عدم تذكية القيد المعارض لاستصحاب طهارة الماء القليل الواقع ذلك الصيد فيه ومثال تعارض الاستصحابين الحكميين فى موضوع واحد استصحاب طهارة اللّحم المطروح المعارض لاستصحاب حرمة اكله الملازم لنجاسته على زعم بعض ومثال تعارض الاستصحابين الموضوعين فى موضوع واحد هو المثال المذكور من جهة تعارض استصحاب عدم التذكية لاستصحاب عدم الموت حتف الانف على زعم البعض ايضا ومن امثلته استصحاب حيات زيد واستصحاب عدم انتقال شيء من تركة مورثه اليه ومثال تعارض الاستصحاب الموضوعى والحكمى فى موضوع واحد هو اللّحم المطروح ايضا لتعارض استصحاب عدم التذكية مع استصحاب الطّهارة على زعم بعض ومثال تعارض الاستصحابين الوجوديين فى موضوع واحد اللحم المطروح على ما سلف ومثال تعارض الاستصحابين العدميين فى موضوع واحد هو ذلك ايضا لتعارض استصحابى عدم التذكية وعدم الموت حتف الانف فيه على ما سبق ومثال تعارض الاستصحاب العدمى والوجودى فى موضوع واحد هو المثال المذكور ايضا من جهة تعارض استصحاب عدم التذكية مع استصحاب الطهارة فيه وعلى مذهب الفاضل النراقى من تعارض استصحاب العدم الازلى مع استصحاب الوجود فى مثل صوم الجمعة وشكّ فى يوم السّبت فى وجوبه يكون امثلته كثيرة ومن امثلته تعارض استصحاب حيوة زيد مع استصحاب عدم انتقال شيء من تركة مورثه اليه ومثال تعارض الاستصحابين الوجوديين فى موضوعين استصحاب الطّهارة فى كلّ من واجدى المنى فى الثوب المشترك واستصحاب الطّهارة والنجاسة فى المتمم والمتمم واستصحاب حيوة كلّ من زيد وعمرو مع العلم الاجمالى بموت احدهما ومثال تعارض الاستصحابين العدميين فى موضوعين ما اذا كان هناك حيوانان علم بتذكية احدهما وموت الآخر فان استصحاب عدم التذكية فى كلّ منهما معارض باستصحاب عدم التذكية فى الآخر ومثال تعارض الاستصحاب العدمى والوجودى فى موضوعين استصحاب عدم التذكية فى الصّيد وطهارة الماء القليل الواقع ذلك الحيوان فيه وقد علم من ذلك بعض امثلة تعارض الاستصحابين لأنفسهما ولأمر خارج وهو ما اذا كان التعارض لأجل العلم الاجمالى وقد علم من ذلك بعض امثلة ما اذا كان الشكّ فى احدهما مسبّبا عن الآخر وما اذا لم يكن كذلك بل كان الشكّ فى كليهما مسبّبا عن امر ثالث بل ظهر من ذلك انّ الاقسام الاربعة الاخيرة المذكورة كما تتاتى فى الحكمين الوجوديين (١) غيرهما

__________________

(١) تتاتى فى

٩٠١

ايضا ويمكن لك استخراج الامثلة لجميع ذلك ويظهر من الضّوابط نحو من ذلك ايضا قال قدّس سره اعلم ان الاستصحابين المتعارضين اما الحكميان وامّا موضوعيان واما مختلفان وعلى التقادير اما وجوديان وامّا عدميان واما مختلفان ثم الحكمان الوجوديان اما ان يكون المتعارض بينهما لا لنفسهما بل لأمر خارجى كما اذا علم بان احد الحكمين من نجاسة الكلب وطهارة الخل قد نسخ وشك فى ان المنسوخ ايتها واما ان يكون لنفسهما كما اذا علم بطهارة ماء ثم شككنا فى بقاء الطّهارة فغسلنا به ثوبا معلوم النجاسة فيحصل ح القطع اما بارتفاع نجاسة الثوب او طهارة الماء فتعارض استصحاب طهارة الماء مع استصحاب نجاسة الثوب وكما اذا غسل ثوب متنجس وشكّ فى زوال النجاسة ثم يشعر ذلك الثوب على الارض الطّاهرة فيقطع اما بزوال نجاسة الثوب او طهارة الارض فيتعارض الاستصحابان ايضا من جهة نفسهما لا لامر خارجى وكما اذا ورد الكر على القليل النجس تدريجا حتى صار ازيد من كر وهاهنا نعلم بارتفاع احد الامرين امّا طهارة الوارد او نجاسة المورود فيعارض استصحاب طهارة الوارد مع استصحاب نجاسة المورود فان التعارض ايضا من جهة نفس الاستصحابين ثم هذا القسم الاخير ينقسم على قسمين احدهما ان يكون الشكّ فى بقاء المستصحب مسبّبا عن الشكّ فى ناقضية احدهما المسبّب عن الشكّ فى بقائه كالمثالين الاوّلين فان الشك فى بقاء طهارة الماء ونجاسة المتنجس فى المثال الاوّل مسبّب عن الشكّ فى طهارة الماء حتى يوجب ارتفاع نجاسة المتنجس وعدمها حتى يبقى وكذلك فى بقاء نجاسة الثوب المتنجس المغسول وطهارة الارض المنشور عليها فى المثال الثانى مسبّب عن الشكّ فى ناقضية نجاسة الثوب لطهارة الارض وثانيهما ان يكون الشكّ فى بقاء كلّ من المستصحبين مسبّبا عن الشكّ فى بقاء الآخر وناقضيته كالمثال الثالث فان الشكّ فيه مسبّب عن الشكّ فى ناقضية كلّ من الطّهارة والنجاسة للاخرى الى آخره وقريب منه ما ذكره الفاضل النراقى فى المناهج قال قدّس سره وان كان تعارض الاستصحابين فى حكمين من موضوع او موضوعين واستلزم احدهما خلاف الآخر فهو على قسمين احدهما ان يكون الحكم الثابت باحد الاستصحابين مزيلا للحكم المستصحب بالآخر وبالعكس وثانيهما ان يكون احدهما كذلك دون الآخر واما ما لم يكن شيء منهما كذلك فهو خارج عن المستصحب اذ لا تخالف بينهما والمراد بكونه مزيلا له كونه مما جعله الشارع فى الشّرعيات او الواقع فى اللّغويات او العادة او الحس او العقل سببا وعلة رافعة له بلا واسطة او بالواسطة بان يكون سببا لحكم آخر هو سبب ازالته فمثال الاوّل كما اذا ورد عام وخاص متنافيا الظاهر فان اصالة عدم القرنية فى الخاصّ سبب للحكم بارادة الحقيقة وهو سبب لتخصيص العام واصالة عدم تخصيص العام سبب للحكم بارادة العموم وهو سبب للتجوز فى الخاص ومثال الثانى مسئلة القيد فان عدم التذكية

٩٠٢

بعد ثبوته بالاستصحاب علة لنجاسة الصّيد الواقع فى الماء وهى مزيلة للطّهارة بقول الشارع بخلاف طهارة الماء فانه لم يدلّ دليل شرعى ولا غيره على ان طهارة الماء الّذى وقع فيه الصّيد علة لتذكيته اه قوله الى غير ذلك مثل وجود مرجّح لاحد الاستصحابين وعدمه وكون المرجح من الاصول او غيرها وعلى الثانى اما ان يكون من الظنون المعتبرة أو لا الى غير ذلك كذا قيل قوله اما ان يكون الشكّ فى احدهما مسببا عن الآخر اه قيل لا يخفى ان الشكّ الماخوذ فى موضوع الاستصحابين بحسب التصوير العقلى لا يخلو إما ان يكون احدهما مسببا عن الآخر واما ان يكون كلّ منهما مسببا عن سبب مغاير لسبب الآخر واما ان يكون مسببين عن ثالث وامّا ان يكون كلّ منهما مسبّبا عن الآخر ولا سبيل الى الاخير لعدم تعقله الى ان قال واما عدم اشارة المصنّف الى القسم الثانى مع صحّته ووقوعه شرعا فلكونه فى حكم القسم الثالث كما سنشير اليه ومثال الاوّل الثوب النجس المغسول بالماء المسبوق بالطهارة والثانى مثل واجدى المنى فى الثوب المشترك لان شكّ كلّ منهما فى جنابته مسبّب عن وجدانه فى الثوب او علمه اجمالا بجنابته او جنابة صاحبه الثالث كالماء المتنجس المتمم بالطاهر الكر لان الشكّ فى بقاء المتمّم بالفتح على النجاسة والمتمّم بالكسر على طهارته مسبب عن علم اجمالى باتحاد حكم الماءين اجماعا انتهى ولا يخفى ان القسم الثانى داخل فى القسم الثالث حقيقة وحكما لا حكما فقط كما ذكروه لذا لم يذكره المصنّف قوله فغير معقول وقد عرفت كلام الضوابط والمناهج الّذى قد يستفاد منه تعقل كون الشكّ فى كلّ واحد منهما مسبّبا عن الشكّ فى الآخر وقد عرفت ان النراقى مثل له بالعام والخاص المطلقين وان كان هو على تقدير صحته ما ذكره خارج عن الاستصحاب راسا وداخل فى الاصول اللفظية وقد ذكر بعضهم بعد ذكر عدم تعقل كون الشكّ فى كلّ واحد مسببا عن الشكّ فى الآخر على طبق ما ذكره المصنّف ما هذا لفظه فيما صدر عن النراقى من ادراجه تحت الاقسام وتمثيله له بالعامين من وجه مما لا وجه له كما اوضحه المصنّف انتهى وقد عرفت انه متعلق له بالعام والخاصّ المطلقين والامر فى ذلك سهل قوله خلافا لجماعة الاقوال هنا اربعة الاوّل ما ذكره المصنّف واختاره صاحب الضّوابط والفاضل النراقى فى المناهج بل قيل انه اوّل من عنون المسألة بالمزيل والمزال واختار تقديم المزيل على المزال وهو غير معلوم فقد ذكر فقيه عصره فى كشف الغطاء ما هذا لفظه ولا يعارض بقاء المستصحب اصالة عدم ما يتبعه من الحوادث اللّاحقة له فان ثبوت العلّة والمؤثر ولو بطريق الاستصحاب قاض بثبوت الاثر والمعلول ولو جعل ذلك معارضا لم يبق فى البين استصحاب يعمل عليه واختاره العلّامة فى بعض كتبه كالقواعد وغيره كما سيظهر والثانى هو الجمع بين الاستصحابين والعمل بهما كليهما واختاره المحقق القمّى فى القوانين وقبله العلّامة فى بعض كتبه وغيرهم وقد نسبه بعضهم الى صاحب الرياض لكن المحكى عنه فى الضوابط هو القول الثالث والثالث هو التساقط والرّجوع الى الاصول الأخر وللشيخ وللمحقق وصاحب الرّياض وغيرهما والرابع هو الرجوع الى

٩٠٣

المرجحات ومع عدمه التخيير وقد نسبه بعضهم الى الفاضل الكلباسى فى الاشارات وجمع آخر وهنا قول خامس يدل عليه اطلاق كلام الشهيد الثانى فى تمهيد القواعد حيث قال اذا تعارض اصلان عمل بالارجح منهما وان تساويا خرج فى المسألة وجهان وقد مثل له بالصّيد المرمى مضافا الى امثلة اخرى وتوقف فيه مع انه من السّببى والمسبّبى بلا مخصّص لكن ذكر فى بعض امثلته فيه تقدّم الاصل السببى على المسبّبى على ما سيظهر قوله الاوّل الاجماع على ذلك وقد ادعاه صريحا فى المناهج قال بل الإجماع منعقد على استصحاب حكم المزيل خاصة وادعاه فى الضوابط ايضا قال الثالث ظهور الاتفاق على ذلك من العاملين بالاستصحاب فلم نر هنا عاملا بالاصلين معا قلت مع عدم كون اصل مسئلة حجّية الاستصحاب اجماعيّا كيف يفيد اتفاق العاملين به سيّما مع وجود الخلاف عن جماعة سيّما مع احتمال استناد القائلين بحجّية الاستصحاب من باب الأخبار دلالة الأخبار على ذلك فكيف يفيد ذلك للقائل بحجّية من باب الظن او استناد القائل به من باب الظن بدلالة العقل عليه وجريان سيرة العقلاء عليه فكيف يفيد ذلك للقائل به من باب التعبّد فما ذكره المصنّف على تقدير تسليمه لا يفيد سوى الاستقراء الناقص الّذى لا يفيد شيئا قوله ويؤيّده السّيرة المستمرة قد تمسّك بها فى الضوابط قال الثانى استمرار طريقة اهل العقول على ذلك ألا ترى انّهم لو علموا بنجاسة شيء سابقا ثم شكوا فى ارتفاعها لغسلوا ما لاقى ذلك الشيء ولا يعملون بالاصلين بان يقولوا انّ الشيء نجس وملاقيه طاهر قوله الثانى ان قوله ع لا تنقض اليقين بالشكّ اه مرجع الدليل المزبور الى ان الامر دائر بين التخصيص والتخصص من جهة الدّليل ومن المعلوم ان الثانى مقدم على الاول اذ معنى لا تنقض اليقين ترتيب الآثار واللّوازم لا الملزومات وطهارة الملاقى للماء المشكوك وارتفاع نجاسته من لوازم طهارة الماء شرعا وبقائها بخلاف بقاء نجاسة الملاقى فانه ليس من لوازمها نجاسة الماء شرعا وارتفاع طهارته ببقائها لعدم احتمال كون نجاسته من جهة ملاقاته له بل من جهة ملاقاته للنجاسة سابقا قبل الملاقاة لهذا الملاقى وان كانت نجاسته على تقدير بقائها تكون كاشفة عن نجاسة الماء سابقا وسيأتي عن قريب توضيح ذلك إن شاء الله الله وقد اوضح الفاضل النراقى فى المناهج الوجه الّذى ذكره المصنّف وذكره بوجه ابسط قال قدّس سره وان كان من القسم الثانى يعنى من المزيل والمزال فيجب العمل باستصحاب الحكم المزيل دون الآخر وذلك لأنّه اذا كان حكم علم له دفع ومزيل بدليل شرعى فانّما يستصحب ذلك الحكم ما لم يعلم وجود ذلك الرّافع واذا علم وجوده بدليل معتبر فلا معنى لاستصحابه بل الإجماع منعقد على استصحاب حكم المزيل خاصة كما هو ظاهر فى الطّهارة عن الماء الّذى استصحب طهارته وانتقال الارث الى من استصحب حياته وغير ذلك من الموارد ولو لا ذلك لبطل اكثر مواضع الاستصحاب وعلى هذا فعدم التذكية فى مسئلة الصّيد مما علم كونه رافعا لطهارة الصّيد وسببا لنجاسة وعلم كون نجاسة مزيلة ورافعة لطهارة ما وقع فيه من

٩٠٤

الماء القليل وعلم بالدليل الشّرعى الّذى هو الاستصحاب بنجاسة الصّيد وعلم وقوعه فى الماء القليل فكيف يمكن استصحاب طهارته وذلك بخلاف طهارة الماء فانها ليست مزيلة لعدم التذكية حتى لا يمكن استصحابها الى ان قال والحاصل ان بعد القطع بنجاسة يد مثلا والشكّ فى زوالها اذا لاقت ثوبا طاهرا رطبا فيقال ان اليد كانت مقطوعة النجاسة وشكّ فى زوالها فيبقى نجاستها اذا كان على يقين فشكّ فليمض على يقينه وهى مستلزمة لنجاسة الثوب رافعة لطهارته فطهارته مرتفعة يقينا الى ان قال هذا مع ان استصحاب طهارة الثوب انما يمكن اذا كان موضعا للشكّ وليس كذلك ابدا لانّه قبل ملاقاته لليد كان مقطوع الطهارة وبمجرّد ملاقاته معها صار مقطوع النجاسة فاين وقت الشكّ فى نجاسته حتى يستصحب بخلاف اليد فانها مشكوكة النجاسة فيجرى فيها الاستصحاب والحاصل ان الشكّ فى نجاسة اليد لا يتوقف على ملاقاة الثوب من حيث هى ملاقات له فهى مشكوكة النجاسة فى نفسها فيستصحب نجاستها بخلاف الثوب فان الشكّ فى طهارته لو كان لكان لأجل الملاقاة وملاقات النّجس ولو بالاستصحاب منجّس قطعا اما ان الملاقاة يوجب القطع بنجاسة الثوب فلا شكّ فيه اصلا فكيف يستصحب وفى الحقيقة ليس فى امثال ذلك القسم استصحابان متعارضان وان كان كذلك ظاهرا وبوجه آخر فى بيان ذلك نقول ان بعد حكم الشّارع بعدم نقص اليقين بالشكّ ابدا لا يمكن تحقق الشكّ فى المنجّسية الشرعيّة ابدا فى الخارج وان تحقق الشكّ فى غسل الثوب مثلا او جفاف الرطوبة وامثال ذلك ولكن لحكم الشّارع بالاستصحاب وتحقق هذا الحكم منه كون اليقين بالنجاسة متصلا مع حالة العلم بالنجاسة فهذا الثوب من بدو تنجّسه الى الآن نجس منجس قطعا شرعا من غير تخلل حالة شكّ فى ذلك وان تخلل وحدث الشكّ فى غسله مثلا وعلى هذا فلا يحصل لملاقيه حالة شكّ فى طهارته اذ قبل الملاقاة يقبل الطّهارة وبعدها يقبل النجاسة لملاقاة النجس الشّرعى نعم لو كان الملاقاة فى حال المشكوك التنجسية لصحّ استصحاب طهارة ملاقيه بالفعل او بالفرض لكن لا يتحقق حال الشكّ لتنجّسه وان شكّ فيها للشكّ فى غسل الثوب فهو انّما هو على فرض انتفاء الاستصحاب والحاصل ان استصحاب طهارة الملاقى للثوب انما يتصوّر لو كان هناك حالة شكّ فى طهارته لو لا استصحابها وهى انّما يكون لو تحققت حالة شكّ فى منجسيّة الثّوب ومثل ذلك غير متحقق ابدا لصدور الحكم من الشّارع بالاستصحاب من اوّل الامر فان قلت لا بدّ فى الاستصحاب من شكّ قلت اللّازم فيه هو الشكّ لو لا الاستصحاب لا معه ايضا فالملاقى طاهر قطعا قبل الملاقاة ملاق مع للنّجس الشّرعى الموجب للقطع بنجاسته بعده وذلك بخلاف استصحاب منجسية الثوب فانه وان توقف على حالة شك فى منجّسيته لو لا الاستصحاب ولكن لا يتوقف على حالة شكّ فى طهارة الملاقى نعم الشكّ فى منجّسية لو لا الاستصحاب يقارن الشكّ فى طهارة الملاقى فان الشكّ فى المنجّسية لو لا الاستصحاب انما هو معلول للشكّ فى الغسل واما الشكّ فى طهارة الملاقى لو لا الاستصحاب

٩٠٥

فهو معلول للشكّ فى منجّسية ملاقيه الى آخر ما افاد ومفاد كلامه ككلام المصنّف ان الاستصحاب فى الشكّ السببى موجب لانتفاء الشكّ المسبّبى ومحصّل للقطع بالحكم ومن المعلوم فساد ذلك بالوجدان فلعلّهما اراد ان الاستصحاب فى السّبب يذهب الشكّ حكما ويخرجه عن قابليته لشمول لا تنقض له او ان ذهاب الشكّ اعم من الواقع والظاهر وان الاستصحاب السّببى يوجب القطع بالحكم فى مرحلة الظّاهر فيذهب الشكّ كذلك لا فى الواقع قوله يصير نقضا بالدّليل ومراده بالدليل هو الاستصحاب فى الشكّ السببى الّذى مفاده رفع الشكّ فى المسبّب ولو حكما ويحتمل ان يريد به هو مثل قوله كلّ نجس غسل بماء طاهر فقد طهر كما سيأتى منه عن قريب لكن لا بدّ من تأويله بما يرجع الى الاوّل والّا فيكون محلّ مناقشة كما سيظهر قوله وهو باطل لأن التخصيص بمعنى خروج بعض الافراد عن حكم العالم لا عن موضوعه لا بد له من دليل والّا يلزم الحكم بدخوله لاصالة العموم وعدم التخصيص قوله وهو غير منكر لأنّ خروج شيء عن موضوع القضية العامة لأجل دليل مقتض لذلك ليس امرا تسبيحا بل لا بدّ من الالتزام به قوله بلا حكم من الشارع بطرو النجاسة يعنى بطرو النجاسة على الماء لانّ بعض استصحاب نجاسة الثوب ليس طرو النجاسة على الماء لأنّ طروها عليه ليس من آثار نجاسة الثوب ولوازمها الشرعية بخلاف طرو الطّهارة على الثوب فان طروها عليه من الآثار واللّوازم الشرعيّة ومن المعلوم ان مفاد الاستصحاب ترتيب اللّوازم لا الملزومات ولا ما كان ملازما معه لملزوم ثالث على ما سلف قوله بان معنى عدم نقض اليقين بالنجاسة ايضا اشار بذلك الى لزوم المحذور على تقدير رفع اليد عن الاستصحاب السّببى والعمل بالاستصحاب المسبّبى توضيح ذلك انه لو عمل باستصحاب نجاسة الثوب الملاقى للماء المستصحب الطهارة فى المثال ولم يعمل باستصحاب طهارة الماء يلزم منه عدم العمل باستصحاب نجاسة الثوب ايضا اذ هى ايضا تكون سببا لنجاسة ملاقيه الّذى كان طاهرا فى السّابق فلا بد من رفع اليد عن استصحاب نجاسة الثوب ايضا من جهة معارضته لاستصحاب طهارة الملاقى المقدم عليه على ما هو المفروض ولا يخفى ان طهارة الملاقى ايضا يكون سببا لشيء آخر فاذا شكّ فيه يكون الاستصحاب فيه ايضا مقدما على استصحاب طهارة الملاقى وهكذا ولا يخفى انّ هذا على تقدير تمامية لا يرفع قصور العبارة فى البيان بيان ذلك ان الاحتمالات القطعية المخالفة لاحتمال تقدم الاستصحاب السّببى على الاستصحاب المسبّبى ثلاثة احدها تقدم الاستصحاب المسبّبى وعدم العمل بالاستصحاب المسبّبى اصلا وهذا قد ابطله المصنّف مع انه لم يوجد به قائل والثانى التساقط وعدم العمل بالاستصحابين معا ولم يذكره المصنّف والثالث الجمع بين الاستصحابين بالعمل بهما معا واشار المصنف اليه بقوله وسيجيء فساده ولعلّ عدم ذكر المصنف ابطال الثانى لانفعال ابطاله بما ذكره لانّ الاستصحاب فى الشكّ المسبّبى قد يعارضه استصحاب آخر كاستصحاب طهارة الملاقى و

٩٠٦

هو ايضا قد يعارضه استصحاب آخر وهكذا وهذه بين الاستصحابات المتعارضة امّا ان تكون من السببى والمسبّبى واما ان تكون من غيرهما ويكون الشكوك فيها مسبّبة عن الامر الثالث واما ان يكون بعضها من الاوّل وبعضها من الآخر وعلى جميع التقادير يلزم الحكم بالتساقط اما على الاوّل فلانه المفروض واما على الثانى فلما سيأتي من ان الحكم فيها التساقط لا التخيير وامّا على الثالث فلانه لا يخلو عن القسمين الاوّلين وقد ظهر حكمها فيرجع هذا ايضا الى قلة الفائدة للاستصحاب جدا كرجوع ما ذكره المصنّف فى ابطال تقدم الاستصحاب المسببى اليها فتامل قوله الا ان نلتزم هنا ايضا ببقاء طهارة الملاقى وسيجيء فساده وسيجيء بعد قوله ثم ان بعض من يرى اه ما يفيد فساد الجمع بين الاصلين الّذى اختاره العلّامة وفخر المحققين وغيرهما ولا يخفى ان قوله هذا يشعر سيّما بملاحظة قوله ايضا ان كلامه فى السّابق كان مبنيّا على رد هذا القول مع انه كان مبنيا على رد احتمال تقدم الاستصحاب المسبّبى على الاستصحاب السببى كما دريت مع ان قوله سيجيء فساده صريح فى ان وجه الفساد سيجيء وانه لم يظهر من السّابق ففى العبارة مسامحة ظاهرة قوله لانّ بقاء النجاسة فى الثوب لا يوجب اه بيان ذلك ان الكلام مفروض فيما اذا كان هناك ماء شكّ فى بقاء طهارته من جهة احتمال ملاقاته لنجاسة اخرى فغسل به ثوب نجس ولا شكّ ان معنى الاستصحاب ترتيب الآثار واللّوازم الشرعيّة دون الملزومات ولو كانت شرعيّة فتكون طهارة الثوب من آثار طهارة الماء المستصحب الطّهارة واما نجاسة الماء فليست من الآثار واللّوازم الشرعيّة لنجاسة الثوب لان الشكّ فى نجاسة الماء ليس من جهة ملاقات الثوب المغسول به بل من جهة ملاقات نجس آخر على ما دريت والملازمة بين نجاسة الثوب ونجاسة الماء مما لا شكّ فيها لكن نجاسة الماء ملزومة لنجاسة الثوب لا انّها لازمة لها فلا تترتب على استصحابها حتى على القول بالاصل المثبت وهذا ممّا قد اشرنا اليه سابقا وهو من الوضوح بمكان قوله بالدّليل الشّرعى وهو ما دلّ اه مقصود المصنّف ره كما هو واضح ان الدليل الشرعى المذكور قد اثبت كون ارتفاع طهارة الملاقى من الآثار الشرعيّة لطهارة الماء فى السابق ومفاد استصحاب طهارته هو ترتيب الاثر واللّازم الشّرعى المذكور فى مورد الشكّ فلا معنى بعد ذلك للرّجوع الى استصحاب نجاسة الملاقى وليس مقصوده التمسّك بالدّليل اللّفظى لوضوح عدم جريان الاستصحاب مع وجود الدّليل سواء كان موافقا او مخالفا قوله عن الحكم كما اذ التزم بالتخصيص قوله او عن الموضوع كما اذا التزم بالتخصص والخروج الموضوعى قوله ويدفع بان فردية اه قد يمكن دفع الاشكال بوجه آخر وهو ان الشكّ السببى ليس علة تامة للشكّ المسببى حتى يكون مقارنا له بالزمان ومقدما عليه بالذات وبالطبع كما هو شان كل علة تامة مع معلولها وكذلك ليس جزء اخيرا للعلة التامة له بل المراد بعليته

٩٠٧

كونه مؤثّرا فيه فى الجملة ومدخليته فى تاثيره كما هو معنى مطلق السّبب ووجه ما ذكرنا ما نرى بالعيان من حصول الشكّ فى كرية الماء وطهارته من جهة الامور الخارجية مع عدم حصول الشكّ فى زوال نجاسة الثوب المغسول به وعدمه بل مع عدم خطوره ببالنا اصلا ولو حصل الشكّ بعد غسل الثوب النّجس بالماء المذكور فى انه كان سابقا كرا ام لا ظاهرا ام لا فحصل الشكّ بسببه فى زوال نجاسة الثوب وعدمه كان الشك الثّانى لكونه مسبّبا عن الشك الاوّل بالمعنى الذى ذكرنا متاخرا بالزّمان عنه وان حكم بوحدة الزمان عرفا لكنه لا يخرجه عن التعدد الحقيقى كما لا يخفى على المتامّل فاذا كان الشكّ السّببى مقدّما بالزّمان كان علّة تامة لوجوب الابقاء وحرمة النقض واجراء الاستصحاب ووجب ترتيب المحمول المذكور عليه والحكم بكونه معه بالزّمان كما هو شان كلّ علة تامّة مع معلولها مع وضوح كون الموضوع علة لوجود المحمول فى القضايا الشرعية والعقليّة ومع جريان الاستصحاب فى الشكّ السّببى يحكم فى ذلك الزمان بجميع آثار كرية الماء وطهارته فيحكم بزوال النجاسة فى الثوب المغسول به فبعد حصول الشكّ فى زوال نجاسته لا معنى لجريان الاستصحاب فيه لعدم الاثر له لعدم امكان الحكم ببقاء النجاسة للاستصحاب المذكور لفرض الحكم فيما سلف من جهة الاستصحاب السّببى بطهارة كلّ ما يغسل بالماء المذكور ومنه الثّوب مع عدم امكان اجتماع الضدّين وان شئت قلت ان الشكّ وان كان موجودا وجدانا لكن الحكم الظاهرى للشكّ المذكور قد علم من جهة الاستصحاب الجارى فى الشكّ السّببى فلا مجرى للاستصحاب المذكور ولعلّ هذا هو مراد المصنّف والفاضل النّراقى فيما عرفت من كلامه على ما اشرنا اليه وهذا المعنى سار فى كلّ ذاتى وعرضى اذا كان القدر المشترك بينهما علة لشيء اذ لا بدّ من استناد الاثر الى الذاتى دون العرضى على ما اشار اليه المصنّف فى آية النبأ بل الحكم كذلك فيما اذا كان الاسباب فى عرض واحد فانه مع تقدم احدها يكون الاثر له فلا يكون لما يحدث بعده اثر كما فى الاحداث وغيرها وهذا البيان كما ترى تام واف يحل الاشكال وان كان فى اجراء ما ذكر بالنسبة الى السّببى والمسبّبى الذين هما من الموضوع والحكم يحتاج الى الإجماع البسيط او المركب وما ذكرناه اولى ممّا ذكره فى الضوابط حيث قال فى مقام رد العمل بالاصلين ووجوب تقديم المزيل على المزال ان الشكّ فى بقاء المستصحب المزيل قد يتقدم على الشكّ فى بقاء المزال كما اذا شككنا فى طهارة ماء بعد ما علمنا طهارته سابقا فنعمل فيه بالاستصحاب ثم اردنا تطهير متنجس بذلك الماء فان الاستصحاب الاول مزيل مقدم على الثانى مرتبا وزمانا وقد لا يتقدم احدهما على الآخر بل يتقارنان كما اذا شككنا فى طهارة الماء الّذى المفروض بعد ما غسلنا به المتنجس فيحصل الشكّ فى بقاء طهارة الماء الّذى غسلنا به مع الشكّ فى ارتفاع نجاسة المغسول مرة واحدة وان تسبب احد الشكين من الآخر فهل العامل بالاصلين يعمّ كلامه بالنسبة الى القسمين

٩٠٨

كما هو مقتضى كلامه ام يخصّصه بالقسم الاخير بان يقول فى القسم الاوّل بتقديم المزيل ويعمل بهما معا فى القسم الثانى فان قال بالتعميم فيرد عليه ما مر وان خصّص العمل بالاصلين فى القسم الثانى فيرد عليه اولا انه خلاف طريقة اهل العقول ايضا فانهم لا يفرقون بين القسمين فى تقديم المزيل وثانيا انه خلاف الأخبار ايضا وثالثا انه خلاف الاجماع المركب فان من قدم المزيل على المزال فى القسم الاول قدّمه عليه فى القسم الثانى ايضا ومن عمل بالاصلين فى الثانى عمل بهما فى الاول ايضا فتامل ورابعا ان عمل الاكثرين فى القسم الثانى ايضا على ما ذكرناه وخامسا ان العمل بالاصلين فى الثانى وبالمزيل فى الاول تحكّم يأباه العقل السّليم انتهى وفى بعض ما ذكره تامّل ظاهر قوله لانّ رفع اليد عنه يتوقف اه يعنى ان فردية اليقين والشكّ السببى لقوله ع لا تنقض اليقين بالشكّ يقينى لا يتوقف على شيء اصلا واما نحو دية اليقين والشك المسببى للعموم المذكور يتوقف على خروج الفرد الآخر وهو الشكّ السببى عن العموم لأنّ الشكّ السببى اذا دخل فى العموم يرتفع الشكّ المسببى ولو حكما لان مقتضى جريان الاستصحاب فى الشكّ السّببى ذلك على ما سبق تحقيقه والمفروض انه لا باعث على خروجه الا دخول الشكّ المسببى فيه فيكون خروج السّببى متوقفا على دخول المسبّبى ودخوله متوقفا على خروج السّببى وهو دور محال وهذا نظير ما سيأتى فى باب التعادل والترجيح من انّه اذا تعارض العام والمطلق ودار الامر بين تقيد المطلق وتخصيص العام وجب الحكم بتقييد المطلق دون تخصيص العام لانّ المطلق دليل تعليقى والعام دليل التنجيزى والعمل بالتعليقى موقوف على طرح التنجيزى لتوقف موضوعه على عدمه فلو كان طرح التنجيزى متوقفا على العمل بالتعليقى لزم الدور هذا ثم ان ظاهر عباراته هنا حيث عبر بالتخصيص وان الشكّ المسبّبى ليس فردا لعموم لا تنقض وغير ذلك ان تقديم الاستصحاب السّببى على المسبّبى من باب الورود وهو لا يخلو عن اشكال كما عرفت وصرّح المصنّف عن قريب فى مقام تعارض الاستصحاب مع الاصول الثلاثة ان الاستصحاب الوارد على قاعدة الاشتغال حاكم على استصحاب الاشتغال وصرّح ايضا فى التنبيه الاوّل من تنبيهات الشبهة المحصورة ان الاستصحاب فى الشكّ السببى حاكم على الاستصحاب فى الشكّ المسبّبى وهو الظاهر والله العالم قوله والمفروض ان الشكّ المسبّبى ايضا من لوازم اه قد علم فيما سبق ان الشكّ السببى ليس علة تامة للشكّ المسبّبى حتى يلزمه تقارنه معه فى الزمان وتقدمه عليه بالذات بل المراد كونه سببا اصوليّا له المستلزم لتوقفه عليه ومدخليّته فى التاثير فالشك المسبّبى ليس لازما للشكّ السّببى حتى يكون فى عرض الحكم بالابقاء المستفاد من قوله ع لا تنقض نعم ارتفاع نجاسة الثوب وطرو الطّهارة عليه معلول ولازم للشكّ السّببى ومتاخر عنه بالطّبع كما هو شان كلّ موضوع مع محموله مع ان ما ذكره قدّس سره مستلزم لعدم جواز اجراء الاستصحاب فى الشكّ المسبّبى حتى مع عدم جريان الاستصحاب فى الشكّ السّببى لما ذكره من عدم امكان كون احد الشيئين اذا كان فى عرض الآخر موضوعا له مع انه

٩٠٩

لا اشكال فى جريان الاصل فى الشكّ المسبّبى اذا لم يجرى الاصل فى الشكّ السّببى لمانع اذا لم يكونا من الموضوع والحكم وقد صرّح به المصنّف فى بعض كلماته فالاولى التشبّث بما ذكرنا عن قريب فتدبّر قوله لانّ المقصود من الاستصحاب غالبا ترتيب الآثار اه يعنى ان الاستصحاب يجرى غالبا فى الموضوعات الّتى يكون مفاد استصحابها ترتيب آثارها الشرعيّة وجريانها فى الاحكام الشرعيّة الّتى يكون مفادها ترتيب انفسها فى مرحلة الظاهر قليلة جدا والآثار الثابتة للموضوعات إن كانت ثابتة فى السّابق كوجوب الانفاق للزوجة الّذى كان ثابتا فى حال اليقين بالحياة يجرى الاستصحاب فيه من غير حاجة الى استصحاب نفس الحياة وان لم يكن الآثار ثابتة فى السّابق كالارث من القريب فيكون اصالة عدم توريث القريب اياه وعدم ارثه منه معارضا لاستصحاب حياته على ما يراه القائل بعدم تقدم الاستصحاب السّببى على الاستصحاب المسببى ويعامل معهما معاملة الاستصحابين المتعارضين بناء على ما سيأتى من الحكم بالتساقط فيلغى الاستصحاب فى الملزوم بالمرّة وفيه مضافا الى ما ذكره المصنف ره ان قلة الفائدة لا تصير دليلا لشيء وانما هو استحسان عقلى ألا ترى ان جمعا منهم ذهبوا الى عدم حجّيته الاستصحاب فى الامور الخارجيّة على ما سلف ولم يردهم احد بقلة المورد والفائدة مع ان عدم الحكم بتقدم الاستصحاب السّببى لا يستلزم القول بالتساقط حتى تلزم قلة الفائدة اذ هناك قول آخر بالجمع بين الاستصحابين والعمل بهما معا على ما سيأتي من المحقق القمّى ره وغيره وذكر شيخنا قدّس سره فى مقام بيان مراد المصنّف فى ردّ الوجه المزبور ما هذا لفظه مع انه لا يظنّ بالقائل بالمعارضة بين الاستصحابين فى الفرض العمل به مطلقا حتّى بين الاستصحاب الحكمى والموضوعى فتدبّر قلت ظاهر كلام صاحب الرّياض على ما سيظهر الحكم بالتعارض والتّساقط حتّى بين الموضوعى والحكمى فانتظر قوله والمعاملة معها على ما ياتى اه يعنى من الحكم بالتساقط والرّجوع الى اصل آخر قوله منع عدم الحاجة الى الاستصحاب يعنى استصحاب الموضوع قوله ومن المعلوم ان مقتضى استصحاب الاشتغال بالصّلاة يعنى على راى الغير ممن يجعل اصل الاشتغال من قبيل الاستصحاب واما على رايه ره فالحاكم بالاشتغال هو العقل ولا يتصوّر الشكّ فى حكمه مع ان الحكم للشكّ لا للمشكوك قوله حتى ان بعضهم كالمحقّق على ما سيأتى قوله بل اقبح من الترجيح بلا مرجّح قيل لوجود ما يقتضى التساوى بين الشيئين هنا بخلاف الموارد الّتى يقال بانه ترجيح بلا مرجّح لانّه لعدم المقتضى (١) لعدم الترجيح وفيه ان المقتضى لعدم التّرجيح موجود فى المتساويين من جميع الجهات مطلقا قوله ولذا لا يتامل العامى قد عرفت تمسّك صاحب الضّوابط لتقديم الاستصحاب فى الشكّ السّببى باستمرار طريقة اهل العقول على ذلك قوله الا ان الاوّل لما كان سببا اه لا ينحسم الاشكال الا بالتمسّك بذيل ما حقّقناه سابقا من تقدم الشكّ السّببى ذاتا وزمانا فى جميع الاوقات فمع تقدمه و

__________________

(١) للترجح لا لوجود المقتضى

٩١٠

حصول الظن ببقائه لا يمكن حصول الظنّ ببقاء الشكّ المسببى ويمكن تطبيق هذه العبارات عليه لكن العبارات السابقة غير منطبقة عليه قطعا والله العالم قوله واستحسنه المحقق فى المعتبر قال فيه على ما حكى بعد ان نقل عن الشيخ فى الخلاف انه لا يلزم فطرته واستدلاله بانه لا يعلم ان له مملوكا فلا يجب زكاته عليه وما ذكره الشيخ حسن لأنّ الزّكاة انتزاع مال يتوقف على العلم بسبب الانتزاع او لم يعلم وقولهم ان الاصل البقاء معارض بان الاصل عدم الوجوب وقولهم يصح العتق فى الكفارة عنه جوابان احدهما المنع ولا يلتفت الى من يقول الإجماع على جواز عتقه فان الإجماع لا يتحقق من رواية واحدة وفتوى اثنين او ثلاثة والجواب الآخر الفرق بين الكفارة ووجوب الزكاة لانّ العتق اسقاط ما فى الذمّة من حقوق الله تعالى وحقوق الله مبنية على التخفيف والفطرة ايجاب مال على مكلّف لم يثبت سبب وجوبه عليه انتهى ففى كلامه دلالة على الحكم بتعارض الاصل فى المسبّب وهو عدم وجوب الزكاة مع الاصل فى السّبب وهو بقاء العبد وحياته وتساقط الاصلين ولا يخفى ان الحكم بالتعارض مبنى على مذهب الغير وكلام على فرض التسليم لأنّ مذهبه فى المعتبر عدم حجّية الاستصحاب اصلا وقد مضى فى كلام المصنّف نقل الوجهين لعدم الحجية عنه فيه قوله وقد حكى عن العلامة فى بعض كتبه قد حكى فى مفتاح الكرامة عنه فى التحرير انه بعد اختياره التنجيس قوى العمل بالاصلين طهارة الماء وحرمة الصّيد واحتمله فى القواعد ثم قال (١) واختار العمل بالاصلين جامع المقاصد والذخيرة والدّلائل واليه ذهب السيّد صدر الدّين فى شرح الوافية على ما حكى واختاره المحقّق القمّى فى القوانين وفى مفتاح الكرامة ان العلّامة فى المنتهى نقل عن الشيخ انّه اختار العمل بالاصلين فى بعض كتبه ثم قال وليس بجيد قلت ليس فى المنتهى النقل عن الشيخ ذلك وهذه عبارته قيل مع اشتباه موته بالماء وعدمه يكون الاصل طهارة الماء وحرمة الحيوان فيحكم بتحريم الحيوان وطهارة الماء عملا بالاصل وهو ما اخترناه نحن فى بعض كتبنا وليس بجيّد لان العمل بالاصلين انما يصحّ مع الامكان وهو منتف فانه كما يستحيل اجتماع الشيء مع نقيضه كذلك يستحيل اجتماعه مع نقيض لازمه وموت الحيوان يستلزم نجاسة الماء فلا يجامع الحكم بطهارته كما لا يجامع تذكيته قوله لكنه اختبار فى غير واحد من كتبه الحكم بنجاسة الماء اختياره فى القواعد حيث قال والوجه المنع وفى المنتهى قال فى مفتاح الكرامة واختاره الفخر فى الايضاح والشهيد الاوّل فى الذّكرى والبيان وعليه ثانى الشّهيدين والشّارح الفاضل واختار هذا القول جماعة اخرى وتردد المحقق فى المعتبر كالعلامة فى نهاية الاحكام على ما حكى قوله بناء على ما عرفت تحقيقه من تقدم الاستصحاب فى الشكّ السّببى على الشكّ المسبّبى قوله اذا ثبت باصالة عدم التذكية موت الصّيد اه يعنى بمعنى عدم التذكية على ما عرفت من كلامه سابقا او انه مبنى على كون الحكم مترتبا على الموت حتف الانف لا عدم التذكية وان اصالة عدم التذكية تثبت الموت حتف الانف

__________________

(١) الوجه المنع

٩١١

بناء على كون الاستصحاب من باب الظن كما هو مذهب العلّامة والشهيدين ومن يحذو حذوهما قدس الله اسرارهم فيكون الكلام المذكور مبنيّا على مذهبهم لا على مذهبه قوله نعم وبما قيل ان تحريم الصّيد اه قال فى مفتاح الكرامة وفى الدلائل ان غير معلوم التذكية هل هو نجس او غير نجس وانما منع الشارع عن استعماله والانتفاع به والاقوى الثّانى فترجع المسألة الى الشكّ فى نجاسة الواقع وفى الحدائق عن صاحب المعالم فى مقام العمل بالاصلين انه قال فى مقام الجواب عن دليل القائل بنجاسة الماء وحرمة اللحم بالمنع من دلالة حرمة اللّحم على عدم تحقق الذكاة وانما يدلّ لو كان الحكم بالتّحريم موقوفا عليه وهو فى خير المنع ايضا بجواز استناده الى جهالة الحال وحصول الاشتباه فان التحريم ح هو مقتضى الاصل لاشتراط الحل بامر وجودى والاصل عدمه فيعمل بكلّ من اصلى طهارة الماء وحرمة اللحم اه فان فى مقام رده ان التمسّك باصالة عدم التذكية يوجب الحكم بتحريمه ونجاسته فالنجاسة لا تختص بالترتب على العلم بعدم التذكية خاصّة الّذى هو الموت حتف الانف حتى يتم لهم ان النجاسة هنا مشكوك فيها لأحتمال التذكية بل كما تترتب على ذلك تترتب على الشكّ فى التذكية كما عرفت اه وفى جامع المقاصد على ما حكى ان تحريم الصّيد ان كان مستندا الى عدم التذكية الّتى هى عبارة عن موته حتف انفه ثم التنافى وامتنع العمل بالاصلين وان كان مستندا الى عدم العلم بالتذكية لم يتم لانّ الحكم بطهارة الماء يستلزم عدم العلم بالنجاسة لا عدم النجاسة فى الواقع فانه لو شكّ فى نجاسة الواقع لم ينجس الماء قطعا على ان العمل بالاصلين المتنافيين واقع فى كثير من المسائل قال فى مفتاح الكرامة ورده الاستاد بانا لا نرتاب فى ان ظاهر الحكم على شيء تسريته الى لوازمه إلّا ان يقوم دليل على خلافه وحيث اثبتنا النّجاسة بالاصل سرى حكمها بل ليس معنى النجاسة سوى ذلك مع انا نفرق بين ان يكون الحق لواحد وان يكون لاثنين ففى الاوّل يجرى الحكم ولوازمه بلا تأمّل دون الثّانى والحق فى العبادات انما هو لله تعالى بخلاف المعاملات فانه كثيرا ما يكون لاثنين وحيث حكمنا بان الصّيد ميتته كان جميع ما دلّ على ان الميتة نجسة وانّها تنجس الماء يدلّ على ذلك ولا وجه للشكّ بعد حكم الشّرع بحجّية الاصل ولزوم العمل عليه انتهى قوله ومرجع الاوّل الى كون حرمة الصّيد لا يخفى ان التدبّر فى كلام المحقق الثانى بل وفى كلام صاحب المعالم يعطى ان مرادهما التمسّك باصالة عدم التذكية فى اثبات الحرمة وباصالة الطهارة فى اثبات الطهارة لا التمسّك بالاصل التعبدى فى باب اللّحوم الّذى هو خارج عن الاصول المعروفة فليس مقصودهما التمسّك بالاصل المذكور بل مراد المحقق الثانى هو التمسّك بالاستصحاب واما صاحب المعالم فليس الاستصحاب حجة عنده كما صرّح به فى اصول المعالم فمراده اما اصالة العدم فى كل حادث شك فى وجوده وقد جعلها جماعة اصلا برأسه وامّا الاستصحاب بزعم ان استصحاب العدم خارج عن حريم النزاع على ما عرفت (١) التامل فيه فمرادهما مما ذكراه اما ان النجس بالاستصحاب

__________________

(١) وقد عرفت

٩١٢

ليس نجسا على ما ستعرف نقله عن المحقق القمّى واما انّ الاستصحاب لا يفيد نجاسة الصّيد وانّما يفيد حرمة اكله وساير الانتفاعات فلا يمكن الحكم بنجاسة الماء الملاقى له نعم كلام الدّلائل يحتمل ان يكون مبنيا على ما ذكره المصنّف من ان حرمة الصّيد مع الشكّ فى التذكية للتعبّد من جهة الأخبار لكن كلامه ككلام المحقق الثّانى وصاحب المعالم ليس مقصورا على حرمة الاكل فقط بل يدلّ عليها وعلى حرمة ساير الانتفاعات وترتب جميع احكام الميتة عليه سوى نجاسة الملاقى قوله للتعبّد من جهة الأخبار قد ذكرنا فى التنبيه الاوّل من تنبيهات الاستصحاب عند الكلام فى استصحاب الكلّى قوة هذا القول وانه لا يجرى استصحاب عدم التذكية واحكمنا بنيانه لكن المستفاد من النّصوص ليس حرمة الاكل فقط على ما عرفت بل جميع آثار الميتة الّتى منها نجاسة الملاقى وقد نقل فى مفتاح الكرامة عن الاستاد قدّس سره فى مسئلة الصّيد المرمى المذكورة ما هذا لفظه على انّ الاجماع وتتبع الأخبار أبين حجة على انه لا يستباح الحيوان الا بعد العلم بتذكية فليس فى تحقيق هذا الاصل يعنى اصالة عدم التذكية كثير فائدة انتهى وان شئت فراجع الى ما حققنا والله العالم قوله بعض ما يعتبر فى التذكية كالتّسمية من النّهى عن الاكل بدونه فى قوله تعالى (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) ثم ان بعض من يرى التعارض وهو القول الذى حكى عن العلّامة فى بعض كتبه واحتمله فى القواعد اولا ثم قال والوجه التنجيس واختاره جمع آخر على ما عرفت قوله ومنه يظهر النظر فيما ذكره فى الايضاح اه لكنه اختار تنجيس الماء بذلك كما عرفت قال فى الحدائق ووجهه فخر الدين فى شرح القواعد فقال بعد نقل كلام والده باحتمال العمل بالاصلين يعنى اصالة الطهارة فى الماء واصالة التحريم فى الصّيد ما لفظه اقول لاصل الطهارة حكمان الاوّل الحكم بها الثانى حل الصّيد ولاصالة الموت حكمان الاوّل لحوق احكام الميّت للصّيد الثانى نجاسة الماء فيعمل بكلّ منهما فى نفسه لأصالته فيه دون الآخر لفرعيته فيه ولعدم العلم بسبب كلّ منهما والاصل عدمه ولا تضاد لعدم تضاد سببيهما لانّ سبب الحكم بالطّهارة هو عدم العلم بموت الصّيد حتف انفه وسبب التحريم للصّيد عدم العلم بذكاته وهما لا يتضادان لصدقهما هنا لانّه التّقدير وكلما لم تتضاد الاسباب لم تتضاد المسببات ثم قال والاقوى الحكم بنجاسة الماء لامتناع الخلو عن الملزومين وامتناع الخلو عنهما مستلزم لامتناع الجمع بين نقيضى اللّازمين وتحريم الصّيد ثابت بالإجماع ولما رواه الحلبى فى الصّحيح عن ابى عبد الله ع انه سئل عن رجل رمى صيدا وهو على جبل او حائط فيخرق منه السّهم فيموت قال كلّ منه وان وقع فى الماء من رميتك فمات فلا تاكل منه فيثبت الحكم بالنجاسة انتهى مختصرا لكن جعله حل الصيد من احكام طهارة الماء لا يخلو عن مناقشة لأن حل الصّيد ليس من احكام طهارة الماء واحكامها الشرعيّة بل من احكام موته بالرمى واما تحريم الصّيد ونجاسة الماء فانّهما من لوازم موته

٩١٣

بالماء لا بالجرح قوله وتبعه فى ذلك بعض من عاصرناه هو صاحب القوانين قال ثم ان تعارض الاستصحابين قد يكون فى موضوع واحد كالجلد المطروح فان استصحاب الطهارة الثابتة فى حال الحياة يقتضى طهارته واستصحاب عدم التذكية يقتضى كونه ميتة المستلزم للنجاسة الى ان قال والتحقيق ان تساقطهما انّما هو فى محلّ التنافى والا فيبقى كلّ منهما على مقتضاه فى غيره وكذلك اذا حصل الترجيح لاحدهما فى محلّ التنافى لا ينفى حكم الآخر فى غيره فيمكن ان يقال فى مثله انه لا ينجس ملاقيه مع الرّطوبة ولكن لا يجوز الصّلاة معه ايضا ومما يرجّح الطهارة الاصل واستصحاب طهارة الملاقى وغير ذلك وممّا يعاضد عدم جواز الصّلاة معه استصحاب اشتغال الذمّة بالصّلاة والشكّ فى تحقق السّاتر الشّرعى وقد يكون فى موضوعين مثل الموضوع الطاهر الذى نشر عليه الثوب المغسول من المنى ثم شكّ فى ازالة النجاسة فيحكم بطهارة الموضع وجواز السجود والتيمم عليه لاستصحاب طهارته السابقة ووجوب غسل الثوب ثانيا وعدم جواز الصّلاة فيه لا يقال ان الثوب ح محكوم بنجاسته شرعا للاستصحاب وكلّ نجس لاقى مع الرطوبة ما يقبل النجاسة فينجسه لانا نقول ان المحلّ بعد الملاقاة محكوم بطهارته شرعا للاستصحاب فان كلّيته الكبرى ممنوعة وانما المسلم من منجّسية المتنجّس هو غير ما ثبت نجاسته من الاستصحاب وكون المحل ممّا يقبل النجاسة مطلقا ايضا ممنوع ومن هذا الباب ايضا الصّيد الواقع فى الماء القليل بعد رميه بما يمكن موته به واشتبه استناد الموت الى الماء او الجرح فيتعارض استصحاب طهارة الماء واستصحاب عدم حصول التذكية اعنى الموت بالمذكّى الشّرعى المستلزم لنجاسته والاقرب هنا العمل بهما فى غير مورد التنافى لاستحالة الحكم بها بطهارة الماء ونجاسة لكن يمكن الحكم بطهارة الماء وحرمة الصّيد وامّا نجاسة الصّيد فياتى فيه الكلام السّابق فى الجلد المطروح وذلك يصير مرجحا آخرا لطهارة الماء ايضا مع ساير المرجّحات الى آخر ما افاد قدس‌سره قوله واضعف من ذلك حكمه فى الثّوب الرطب اه ويرد عليه ان ظاهره عدم كون النّجس بالاستصحاب منجّسا ولو مع عدم التعارض وهو مع خروجه عن محل الفرض وهو تعارض الاستصحابين يقتضى عدم ترتب نجاسة الملاقى لمستصحب النجاسة حتى مع عدم الحكم بكونه طاهرا سابقا ولا اظن احدا يلتزمه مع انه لا فرق بين هذا اللّازم وبين ساير اللّوازم فلا بدّ له من عدم العمل بالاستصحاب اصلا وعدم الالتزام باحكامه حتى فى مورد عدم التنافى مع انه قد صرّح بالجمع بينهما فى غير مورد التنافى والعمل بكل منهما فيه ويرد عليه ايضا انه قد حكم فى المثال المذكور بجواز التيمم والسّجود على الارض المستصحب الطّهارة مع ان استصحاب بقاء الاشتغال بالصّلاة والتيمّم يكون معارضا لاستصحابها فلا بد ان لا يعمل بهما فى مورد التنافى واما ما اورده عليه المصنّف بقوله وليت شعرى اذا اه ففيه انه يكفى فى العمل بالاستصحاب ترتيب الآثار الثابتة للمستصحب السّابق فلا يلزم من

٩١٤

عدم العمل به فى ترتيب الآثار الحادثة المسبوقة بالعدم من جهة معارضته باصالة عدمها عدم الفائدة فيه اصلا وقد اورد عليه ايضا بانه قد صرّح فى مقام النقل عن الفاضل التونى فى مقام بيان شروط العمل بالاصل وان منها عدم اثباته لحكم آخر ما ينافى ما ذكره فى هذا المقام قلت قد ذكر المحقق القمّى ره فى ذلك المقام ايضا تعارض الاستصحاب فى السّبب مع الاستصحاب فى المسبّب مثل ما ذكره فى هذا المقام وقال واما الثّانى يعنى استصحاب عدم الكرّية فالظّاهر انه فرضه فيما حصل الماء تدريجا والا فقد يبقى الماء فى الغدير بعد ما كان كرّا غاية الكثرة فلا معنى للاصل هنا وح نقول ان التمسّك باصالة عدم الكرية صحيح ولا يوجب ذلك الحكم بوجوب الاجتناب عمّا لاقاه لمعارضته باستصحاب طهارة الماء وطهارة الملاقى ولعل المورد المذكور اراد ما ذكره المحقق المذكور قبل ذلك حيث قال اذا فرض كون التمسّك باصل البراءة موجبا لاشتغال الذمّة من جهة اخرى فلا وجه لمنعه لانّ ذلك دليل ايضا وليس ذلك اثبات الحكم من غير دليل مثلا اذا شكّ فى اشتغال ذمّته بدين عظيم وكان له مال يستطيع به الحج لو لاه فالتمسّك باصالة البراءة عن ذلك الدين يوجب ايجاب الحج عليه وذلك غير مخالف لعقل ولا نقل قلت ولا يخفى انّهما من السببى والمسبّبى لكنهما خارجان عن الاستصحاب عندنا وان كان الالتزام بتقدم اصل البراءة فى السّبب عليه فى المسبّب مستلزم للالتزام به فى الاستصحاب ايضا لكنه صرّح بخلافه فى ذلك المقام ايضا على ما عرفت بالتعارض وقال فى الوافية فى شرائط الاستصحاب نقل المصنف كلام الوافية للاشارة الى انه ايضا مخالف لما حققه المصنّف من تقدم الاستصحاب فى الشكّ السّببى على الاستصحاب فى الشكّ المسبّبى وانّه لا يعمل بالاستصحابين المتعارضين ولا بواحد منهما حتى فى السّببى والمسبّبى كما فى مثال الصيد المرمى وقد اختاره غير واحد كما عرفت هو ما نقله الفاضل التّونى هو ما نقله المصنّف عن بعض معاصريه من الجمع بين الاستصحابين وقد سها قلم شيخنا قدّس سره حيث قال هو يعنى بعض معاصرى المصنّف وهو المحقق القمّى رحمه‌الله موافق فى اصل المدّعى للفاضل إلّا انه مخالف له فى طريقه وان النجس بالاستصحاب ليس منجسا والفاضل انما لم يحكم بالنجاسة من جهة وقوع التعارض بزعمه بين الاصل فى الملزوم والاصل فى اللّازم انتهى قوله ثم اعلم انه قد حكى بعض مشايخنا اه ولعلّه صاحب الضوابط قال يدل على تقديم الموضوعى على الحكمى امور الاوّل الإجماع الّذى نقله الشيخ على ره فى حاشيته على الرّوضة من تقديم الموضوعى والاجماع الّذى نقله وان لم يكن حجّة فى المسألة الاصوليّة إلّا انه يكفى مرجحا لاحد المتعارضين الثانى الاجماع المركب فان كلّ من عمل باستصحاب المزيل فى المسألة السّابقة عمل بالاستصحاب الموضوعى هنا الثالث الأخبار كما تمسّكنا بهما فى تقدم المزيل يتمسّك بها هنا ايضا بنحو ما سبق الخامس عمل الاكثرين

٩١٥

السّادس الاولوية الظنية الحاصلة للمرجّحية لو لم يكن دليلا مستقلا فانا قد ذهبنا سابقا الى تقديم الاستصحاب المزيل وهذا المعيار موجود هنا مع امر آخر الى ان قال فان قلت الإجماع الّذى نقله الشيخ على معارض مع الاجماع الّذى نقله صاحب الرياض فيه على تقديم استصحاب النجاسة على استصحاب الطّهارة مع ان الاستصحاب الموضوعى ايضا مخالف لاستصحاب النجاسة فقال واما لو انفعل ما فى الحوض ثم اتصل بالمادة المذكورة المشكوك كريتها فالاقرب البقاء على النجاسة وان احتمل الطّهارة فى الجملة بمعنى عدم تنجيسه لما يلاقيه بان كان وجود المعارض من جانب الملاقى الطاهر لمثله الا ان الظاهر ان الاستصحاب الاوّل مجمع عليه انتهى كلامه ره ويظهر منه انه حكم بعدم قبول التطهير مطلقا وان كانت المادة المشكوكة الكرية مسبوقة بهما وان استصحاب النجاسة مقدم على استصحاب الطّهارة مع كون الاستصحاب الموضوعى اى استصحاب الكرّية مخالفا لمقتضاه قلنا قد اشتبه عليك مختار السيّد المذكور فان مختاره فى اصل مسئلة تعارض الاستصحاب الموضوعىّ مع الاستصحاب الحكمى هو طرحهما والرّجوع الى القواعد ويرشد الى ذلك كلامه فى الرّياض فى نجاسة ماء الحياض بالملاقات حين الاتصال بالمادة مع الشكّ فى كرّيتها بناء على اعتبارها فيها خاصه او مع ما فى الحياض وجهان بل قيل قولان وينفى القطع بالطّهارة لو طرأ الشكّ بعد تيقن الكرّية لاستصحابى الطهارة والمادة على الكرية وعمومى الاصلين البراءة وكلّ ماء طاهر حتى تعلم انه قذر ولو طرأ بعد نقصها من الكرّ بكثرة مجيء الماء اليها فلا يبعد ذلك لتعارضها من الجانبين فيبقى الاصلان سليمين عن المعارض انتهى كلامه رفع مقامه ومعلوم ان قوله ولو طرأ بعد تيقن نقصها اه دلّ على ان الاستصحاب الطّهارة واستصحاب العلّة قد تعارضا وتساقطا فيبقى اصل البراءة وعموم كل ماء طاهر سليمين عن المعارض فظهر أنّ الاستصحاب الحكمى والموضوعى عنده متساويان بحسب الرتبة انتهى كلامه رفع مقامه قوله فيما تقدم من الشيخ والمحقّق خلاف ذلك حيث انّهما عارضا اصالة بقاء الحياة الّتى هى اصل موضوعى باصالة عدم الوجوب التى هى اصل حكمى وكذلك صاحب الرّياض على ما عرفت عن قريب (١) لكن الاجماع المبنى على الحدس لا ينافى وجود المخالف كالإجماع الدّخولى على ما عرفت تحقيقه فى باب الاجماع المنقول قوله مع ان الاستصحاب فى الشكّ السّببى اه ظاهر السّياق انه من قبيله حقيقة وهو محلّ منع لان استصحاب نجاسة الثوب موضوعه (٢) واستصحاب طهارة الماء موضوعه الماء فلا يكون الثانى موضوعا للاوّل ومثل هذا كثير فى الغاية نعم استصحاب الحياة بالنسبة الى استصحاب عدم انتقال تركه مورثه اليه واستصحابهما مع استصحاب عدم وجوب فطرة العبد من قبيل ذلك حقيقة وهو ايضا كثير وينبّه على ذلك جريان الاستصحاب

__________________

(١) بل يظهر الخلاف من بعض القائلين بالجمع بين الاستصحابين كالمحقق القمى فى اللحم المطروح حيث عمل فيه باستصحاب عدم تذكية وبقاء طهارته مع انّهما من

(٢) الثوب

٩١٦

فى المسبّب مع عدم جريانها فى السّبب لعدم المقتضى او لوجود المانع فى القسم دون الثانى لعدم جريان الاستصحاب فى المحمول مع الشكّ فى الموضوع كما صرّح المصنّف ره بذلك مرارا ونبه على ذلك كلّه شيخنا قدّس سره فى الحاشية ويمكن ان يريد المصنّف ره من العبارة المذكورة انّ الاجماع المذكور لو سلم يثبت ما هو المقصود من تقدم الاستصحاب مطلقا ولو فى غير الموضوع والحكم فى السّبب على الاستصحاب فى المسبّب كذلك اذ كما ان مفاد استصحاب الموضوع ترتيب الحكم الشّرعى الّذى هو لازمه فيرتفع الشكّ فى الثانى حكما بمجرّد جريان الاستصحاب فى السّبب الّذى هو الموضوع كذلك مفاد الاستصحاب فى السّبب اذا لم يكن موضوعا كاستصحاب طهارة الماء ترتيب الحكم الشّرعى الّذى هو لازمه كزوال النجاسة عن الثوب المغسول به فما هو المناط فى تقديم الموضوعى على الحكمى موجود فى غيره من افراد السّبب والمسبّب فالاجماع على تقديم الموضوعى على الحكمى من افراد السّبب والمسبّب يستلزم الإجماع على تقديم مطلق المزيل على المزال ويدلّ على هذا المعنى قوله من قبيل اه فى موضعين وتمثيله لطهارة الماء الّذى حمل عليه زوال النجاسة عن الثوب المغسول به دون الموضوعى والحكمى حقيقة كاستصحاب حيوة العبد وعدم وجوب فطرته بل يدل عليه ايضا قوله واىّ فرق بين استصحاب طهارة الماء او استصحاب كريته فان مقصوده منه لا بد وان يكون انّ استصحاب الكرية كما انه بمنزلة الاستصحاب الموضوعى الحقيقى من جهة كون زوال النجاسة الثوب محمولا عليه كذلك استصحاب طهارة الماء فان استصحاب الكرية وان كان بالنّسبة الى استصحاب الطّهارة من الاستصحابات الموضوعيّة لكن ليست كرية الماء موضوعا لزوال النجاسة عن الثوب فانه كثبوتها ثابتان للثوب الّذى هو موضوعهما فلو كان المراد هو المعنى الاول لم يكن معنى للكلام المزبور مضافا الى تصريحات المصنّف ره فى موارد على خلاف المعنى الاول (١) مبنى على الاستظهار من كلام مدّعى الإجماع على تقدم الموضوعى على الحكمى كون غيره خلافيا وهو ايضا فى محل المنع ومن جميع ذلك ظهر كون المعنى الثانى اظهر وان كان عليه ايضا تبقى خرازة فى قوله واى فرق بين استصحاب طهارة الماء واستصحاب كرّيته فتدبّر قوله كما فى دعوى الموكل التوكيل فى شراء الصيد اه لا بد من فرض المسألة فيما اذا صدر من الوكيل شراء الجارية وتنازعا فباصالة عدم وقوع التوكيل فى شراء الجارية بكون الموكّل منكرا فيحلف ولا يعارضه اصالة عدم وقوع التوكيل فى شراء العبد لعدم الاثر الشّرعى له الّا على القول بالاصل المثبت ليثبت به وقوع التّوكيل فى شراء الجارية فيصح وامّا الاصل الاوّل فله اثر شرعى وهو فساد العقد الواقع على الجارية لكن فيه بسط وهو انه اذا كان الاختلاف المذكور وحلف الموكّل نظر فاما ان يكون الشراء للجارية بعين مال الموكّل او فى الذمّة اما الاوّل فيحكم فيه ببطلان العقد ظاهرا ان اعترف البائع ان الشراء لغير الوكيل او

__________________

(١) مع ان المعنى الاوّل

٩١٧

بمال غيره يعنى الموكّل وكذا لو قامت البينة على ذلك لانّها تفيد ما يفيده اقرار المدّعى عليه وانما قلنا ان العقد يبطل ظاهرا لانّ التوكيل فى ذلك انتفى بيمين الموكّل فكان العقد فضوليّا وقد انفسخ برده اياه المستفاد من انكار التوكيل والحلف على عدمه لامتناع الرضا به مع الاقدام على اليمين عادة وان لم يعترف البائع باحد الامرين حلف البائع على نفى العلم باحد الامرين ان ادعى عليه الوكيل العلم بواحد منهما لا بدونه فيغرم الوكيل للموكّل ولا يحل له الجارية لأنّها مع الصّدق للموكّل ومع الكذب للبائع فيشتريها ممن هى له فى الباطن فان امتنع رفع الامر الى الحاكم ليامر صاحبها ببيعها برفق ولا يجوز اجباره على ذلك لانتفاء الملك عنه ظاهرا على انه لا يجب بيع مال شخص على آخر بغير سبب يقتضيه فان قال إن كانت الجارية لى فقد بعتكها لو قال الموكّل ان كنت اذنت لك فى شرائها فالاقرب الصّحة لان التعليق انما ينافى الانشاء فى العقود والايقاعات حيث يكون المعلّق عليه مجهول الحصول امّا مع العلم بوجوده فلا لانتفاء الشكّ ح فى الانشاء وان اشترى لا بعين مال الموكّل بل فى الذمّة وقع الشراء له ظاهرا ان لم يثبت انه اضاف الشراء الى الموكّل فان كان الوكيل صادقا فى دعوى التّوكيل ووقوع الشّراء للموكّل توصل الى شراء الجارية من الموكّل باتى طريق امكنه فان امتنع قال المصنّف اذن الحاكم فى بيعها او بيع بعضها وتوقية الثمن ويشكل بان الحاكم لا يعلم صدق الوكيل وقد لزمه ظاهرا فكيف يامره بخلاف ما يعلم ويجاب بانه لا محذور فى ذلك الاذن بالنّسبة اليه لأنّها ان كانت للوكيل فلا حرج وان كان لغيره وقد امتنع من اخذ ماله ورد مال الوكيل اليه تسلّط الحاكم على الاذن فى البيع فيصادف محلّا على هذا التقدير وهذا صحيح فى نفسه إلّا انّه لا يتعين عليه استيذان الحاكم بل يستقل هو بالبيع واستيفاء الثمن اه كذا فى القواعد وشرحه جامع المقاصد وانت خبير بان الاستصحاب عندهم حجّة من باب الظن والاصل المثبت على تقديره حجة فلا بد من الالتزام بالاثر لأصالة عدم التوكيل فيما يدعيه الموكّل لاثباته وقوع التوكيل فى ما يدعيه الوكيل من شراء الجارية فلا بدّ من الحكم بالتداعى لا من الحكم بكون الموكّل منكرا والوكيل مدّعيا إلّا ان يقال ان هناك امر آخر يقتضى ذلك وهو كون الموكّل اعترف بقصده المقتضى لتقديم قوله لكن مجرد هذا لا يصلح كلام المصنّف وان ما ذكره على مذهب القائلين بكون الاستصحاب حجة من باب التعبّد وهذا ايضا لا لا يصلح قوله بملاحظة ما سيأتى منه من انه لم يقل احد بمعارضة الاصل المزبور بان الاصل عدم توكيله فيما يدعيه الموكّل او ان مطلق الاصل المثبت ليس حجة عند القوم ولو على تقدير الظن لما عرفت من كلامه فى باب الاصل المثبت فتامل جيدا قوله الاولى عدم الترجيح بما يوجد معه اه الظاهر ان مراده عدم الترجيح بناء على كون الاستصحاب حجة من باب التعبّد فان المراد بالمرجّحات هى الاجتهادية ويدل على ذلك مضافا الى وضوحه من جهة ان الدعوى لا بد ان تكون مبنية على مذهبه قوله والحق على المختار من اعتبار الاصول من باب التعبد عدم الترجيح بما يوجد

٩١٨

معه من المرجّحات الاجتهاديّة وح فذكر كلام الشهيد الثانى القائل بكون الاستصحاب من باب الظن فى عداد المخالفين ليس على ما ينبغى قوله خرج فى المسألة وجهان غالبا المراد بالوجهين الرجوع الى مقتضى احد الاصلين والاصل الّذى على خلافه على ما سيظهر والتقييد بالغالب لاجل انه قد يكون المسألة ذات وجوه ثلاثة او ازيد منها وقد يحتمل فى بعض المسائل التفصيل واما ما ذكره بعض المحشّين من ان المراد من الوجهين التساقط والجمع بين الاصلين وان التقييد بالغالب للاحتراز عن الصّورة الرّابعة الّتى هى نادرة فساقط قوله ثم مثل له بامثلة قد ذكر من الامثلة ما يزيد على اربعين فلنذكر بعض كلماته بطريق الاختصار قال ولذلك صور منها اذا وقع فى الماء نجاسة وشكّ فى بلوغه الكرّية فهل يحكم بنجاسته ام بطهارته فيه وجهان احدهما الحكم بنجاسته وهو الرّاجح لانّ الاصل عدم بلوغه الكرية والثانى انه ظاهر لانّ الاصل فى الماء الطّهارة ويضعف بان ملاقاة النجاسة دفعت هذا الاصل لأنّ ملاقاتها سبب لتنجيس ما يلاقيه الى ان قال ومنها مسئلة الصّيد الواقع فى الماء القليل بعد رميه بما يمكن استناد موته به واشتبه استناد الموت الى الماء او الجرح فان الاصل طهارة الماء وتحريم الصّيد والاصلان متنافيان فالعمل بهما مشكل وكذلك ترجيح احد الاصلين من غير مرجح ومنها اذا وقع فى الماء القليل روثة وشكّ فى انّها من ماكول اللّحم او غيره او مات فيه حيوان وشكّ فى انّه هل هو ذو نفس سائلة ام لا وفيه وجهان احدهما انه نجس لانّ الاصل فى الميتات النجاسة والثانى انه طاهر لان الاصل فى الماء الطّهارة ومنها اذا وقع الذباب على نجاسة رطبة ثم سقط بالقرب على ثوب وشك فى جفاف النجاسة ففيه وجهان احدهما انه ينجس لأن الاصل بقاء الرطوبة والثانى لا لانّ الاصل طهارة الثوب ويمكن ان يدفع الاصل الاوّل الثانى لانّه طار عليه ما ينافيه وهو الوجه ومنها لو يتقن الطّهارة والحدث فى وقت سابق وشكّ فى اللّاحق منهما للآخر فان استصحاب حكم كل واحد منهما يوجب اجتماع النقيضين ولا ترجيح وفى المسألة اوجه وفى تحقيقها طول ومنها العبد الآبق المنقطع خبره هل تجب فطرته فيه وجهان اصحهما الوجوب لاصالة بقاء حياته ووجه العدم ان الاصل بقاء الكفارة الى ان يتحقق البراءة بحياته الى آخر ما افاد قدّس سره قوله وصرّح بذلك جماعة من متاخّرى المتاخرين منهم صاحب الضّوابط والقوانين والإشارات وغيرهم على ما حكى عن بعضهم قوله عدم الترجيح بالمرجّحات الاجتهادية وكذا بكثرة الاصول على ما سيأتي قوله لموافقة الاصول التعبّدية لعدم نظر الاصول الى الواقع فكيف تعاضد الادلّة الاجتهادية قوله كما ادعاه صريحا بعضهم وهو العلامة قدس‌سره قال فى النّهاية فى مسئلة التصويب والتخطئة فى نفى القول بالأشبه لنا ان ذلك الاشبه ان كان هو العمل باقوى الامارات وكان موجودا كان

٩١٩

الامر به واردا للاجماع على وجوب العمل باقوى الامارات وصرح بهذا فى مسئلة الترجيح والتعادل من النّهاية وحكى عنه فى غيرها وغيره ايضا اه قوله هذا كلّه مع الاغماض عما سيجيء اه يعنى ان امكان الرّجوع الى المرجّحات الاجتهادية وتطرق النزاع والخلاف فيه على القول بكون الاستصحاب حجة من باب التعبّد وان كان الحق عدم الرجوع اليها على التقدير المزبور لعدم كون المرجحات الاجتهادية فى عرض الاصول العمليّة فكيف يعاضدها انّما هو اذا اغمضنا عما سيجيء من عدم امكان شمول لا تنقض للاستصحابين المتعارضين وفرضنا شموله لهما من حيث الذّات مثل شمول آية النبأ للخبرين المتعارضين من حيث الذات واما بناء على المختار فى اثبات الدعوى الثانية من كون نتيجة التعارض هو التساقط الرّأسى والرّجوع الى الاصول الأخر فلا وجه للرجوع الى المرجّحات الاجتهادية فيه لانّه انما يمكن مع كون المتعارضين حجة شأنيّة ويصير احدهما بمعاضدة المرجّح الخارجى حجة فعلية ومع التساقط الراسى لا يكونان كذلك فكيف يرجع اليها ولا يخفى انه مع فرض شمول لا تنقض المتعارضين بالذات بناء على التعبّد والسّببية لا يمكن الرّجوع الى المرجّحات الخارجيّة ايضا من جهة اخرى وهو انه لا بدّ من الحكم بلزوم الاخذ باحدهما المعين مع كونه اهم ومع عدمه فالتخيير العقلى بالمعنى الّذى سيجيء عن قريب ولا معنى للرجوع الى المرجّحات الخارجيّة فيه بل يكون وجودها كعدمها فانقدح مما ذكر عدم امكان الرجوع الى المرجحات الاجتهادية بناء على التعبّد من جهات ثلث من جهة عدم كون الاصول فى عرض الامارات ومن جهة كون النتيجة هو التساقط لا الترجيح والتخيير ومن جهة انه على تقدير امكان شمول لا تنقض للمتعارضين لا معنى للرّجوع الى المرجّحات الخارجية بل لا بدّ من الرجوع الى الاهم وعلى تقدير عدمه الى التخيير العقلى قوله وفرض شموله لهما عطف على الاغماض قوله نظير شمول آية النّبإ يعنى بناء على كون الخبر حجة من باب التعبّد والسّببية اذ سيأتى انه على تقدير كونه حجة من باب الطريقية لا بدّ من الحكم بالتساقط فى مورد التعارض قوله وان لم نجب العمل بهما فعلا لعدم القدرة على ذلك لفرض كونهما من الواجبين المتزاحمين الذين لا يمكن ادراك مصلحتهما جميعا قوله لامتناع ذلك بناء اه تعليل لكون الكلام مبنيّا على الاغماض عما سيجيء يعنى ان الرّجوع الى المرجحات ممتنع بناء على المختار فى اثبات الدعوى الثانية من الحكم بالتساقط راسا والرجوع الى الاصول الأخر لان الرّجوع اليها انما يمكن مع عدمه وكون ما تعاضده قابلا فى نفسه للعمل وبالجملة المعاضد الخارجى لا لا يصير المعدوم موجودا فكيف يصيره حجة فعلية قوله الثانية انه اذا لم يكن مرجّح اه لا يخفى ان الوجهين المزبورين من التساقط او التخيير كما انهما يحتملان فى صورة عدم وجود المرجّح كذلك فى صورة وجوده مع عدم الرجوع اليه كما هو المفروض فى الدعوى الاولى فالحكم التساقط بحسب القاعدة فى صورة

٩٢٠