مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ٣

جواد الكاظمي

مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ٣

المؤلف:

جواد الكاظمي


المحقق: محمّد الباقر البهبودي
الموضوع : الفقه
الناشر: المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٤٠

النوع الثالث

في لوازم النكاح

وفيه آيات الأولى (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ) تطلقوا امرأة وتزوّجوا اخرى (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ) وأعطيتم إحدى الزوجات وهي الّتي تريدون فراقها ، وجمع الضّمير لأنّه أراد بالزوج الجنس فيصحّ إرجاع ضمير الجمع اليه من حيث المعنى (قِنْطاراً) مالا كثيرا ، وفي القاموس انّه ملء مسك ثور ذهبا أو فضّة أو مائة رطل من ذهب أو فضّة (فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ) اي من المؤتى وهو القنطار (شَيْئاً) ولو كان قليلا والمراد لا ترجعوا فيما اعطيتموهنّ من المهر إذا أردتم مفارقتهنّ لأنّه قد صار ملكا لهنّ ولا يجوز أخذ أموال الناس بغير حقّ.

(أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) استفهام إنكار وتوبيخ وانتصابهما على الحالية اي باهتين وآثمين ، ويحتمل النّصب على العلّة كقوله قعدت عن الحرب جبنا فإن الأخذ سبب بهتانهم واقترافهم المأثم ، والبهتان هو الكذب المواجه به صاحبه على وجه المكابرة وهو بريء منه لأنّه يبهته عند ذلك ، وأصله التحير قال تعالى (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) أى تحير لانقطاع حجّته وقد يستعمل في الفعل الباطل ولذلك فسّر هنا بالظلم.

قيل كان الرجل منهم إذا طمحت عينه الى استطراف امرأة بهت الّتي تحته ورماها بالفاحشة حتّى يلجئها الى الافتداء منه بما أعطاها ليصرفه الى التّزويج بالجديدة ، فنهوا عن ذلك ، وأكّد النّهي عنه بقوله (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ) أي الشيء وهو إنكار وتعجيب من حالهم باسترداد المهر.

(وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ) والحال انّه قد وصل بعضكم الى بعض والإفضاء الوصول إلى الشيء قيل المراد به هنا الوطي وقيل المراد به الخلوة الصّحيحة وان

٢٤١

لم يجامع وسيجيء بيان القولين إن شاء الله تعالى.

(وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) عهدا وثيقا وهو حقّ الصّحبة والممازجة ووصفه بالغلظ لقوّته وعظمته فقد قالوا صحبة عشرين يوما قرابة (١) فكيف بما يجرى بين الزّوجين من الاتّحاد والامتزاج والعهد المأخوذ على الزّوج حالة العقد من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، ونقله الطبرسي عن جماعة من العامّة (٢) قال وهو المرويّ عن أبى جعفر عليه‌السلام.

أو المراد به ما أشار إليه النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله (٣) «أخذتموهنّ بامانة الله واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله» قال في مجمع البيان (٤) وقد قيل في هاتين الآيتين ثلاثة أقوال :

أحدها انّهما محكمتان غير منسوختين ، لكنّ للزوج أن يأخذ الفدية من المختلعة لأنّ النشوز من جهتها ، فالزوج يكون في حكم المكره لا المختار للاستبدال فلا ينافي حكم الآيتين وحكم آية الخلع ، وحينئذ فلا يحتاج الى نسخها بها وهو قول الأكثر من المفسرين.

وثانيها انّهما محكمتان وليس للزوج ان يأخذ من المختلعة شيئا ولا من غيرها لظاهر الآية.

وثالثها انّ حكمهما منسوخ بآية الخلع أعنى قوله (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) الآية ولا شكّ في بعد الأخيرين ويؤيّده ان النّهى فيهما مقيّد بالبهتان وهو نوع من الإكراه ولا كلام في انّه مع الإكراه للزوجة على الافتداء لا يتمّ الخلع ولا يقع الملك.

وبالجملة فهذان القولان لا اعتبار لهما عندنا ولنتكلّم فيما يستفاد من الآية

__________________

(١) روى في قرب الاسناد ص ٢٤ ط إيران عن الحسين بن ظريف عن الحسين بن علوان عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال صحبة عشرين سنة قرابة.

(٢) المجمع ج ٢ ص ٢٦.

(٣) المجمع ج ٢ ص ٢٦.

(٤) المجمع ج ٢ ص ٢٦.

٢٤٢

وذلك أحكام.

الأول انّ في الآية الأولى دلالة واضحة على جواز المغالاة في المهر وعدم تقديره في الكثرة ، فإنّ القنطار المال العظيم وحينئذ فيجوز الزّيادة على مهر السّنة أضعافا مضاعفة كما هو المشهور بين علمائنا وعليه أكثرهم.

وقال السّيد المرتضى في الانتصار (١) وممّا انفردت به الإمامية انّه لا يتجاوز بالمهر خمسمائة درهم جياد قيمتها خمسون دينارا وما زاد على ذلك ردّ إلى السّنة ، والحجّة بعد إجماع الطّائفة ان قولنا مهر يتبعه أحكام شرعيّة ، وقد أجمعنا على انّ الأحكام الشرعيّة يتبع ما قلنا به إذا وقع العقد عليه ، وما زاد عليه لا إجماع على أنّه يكون مهرا ولا دليلا شرعيّا فيجب نفى الزّيادة.

ويؤيده من الأخبار رواية المفضل (٢) بن عمر سئل أبا عبد الله عليه‌السلام عن مهر السنة الذي لا يجوز للمؤمن أن يجوزه فقال السنة المحمدية خمسمائة درهم فمن زاد على ذلك ردّ إلى السّنة ولا شيء عليه أكثر من خمسمائة درهم.

وفيه نظر فإنّ الإجماع غير معلوم بل ولا الشهرة ، وإنّما المشهور خلافه ولا نسلّم انّه إذا لم يكن إجماع على الزائد لا يكون دليل عليه غيره فإنّه لا يلزم من نفى الإجماع نفى باقي الأدلّة ، والآية صريحة في الجواز على ما قلناه وكفى بمثلها دليلا.

والرواية ضعيفة السند (٣) مع معارضتها بما هو أصحّ سندا كصحيحة الوشاء (٤)

__________________

(١) انظر الانتصار ص ٦٩ ط ١٣١٥.

(٢) التهذيب ج ٧ ص ٣٦١ الرقم ١٤٦٤ والاستبصار ج ٣ ص ٢٢٤ الرقم ٨١٠ وللحديث تتمة سيذكرها المصنف عن قريب.

(٣) وقد نبه الشيخ نفسه أيضا في الكتابين بضعف سند الحديث.

(٤) الكافي ج ٢ ص ٢٣ باب الرجل يتزوج المرأة بمهر معلوم ويجعل لأبيها شيئا الحديث ١ وهو في المرآة ج ٣ ص ٤٦٢ ورواه في التهذيب ج ٧ ص ٣٦١ بالرقم ١٤٦٥ والاستبصار ج ٣ ص ٢٢٤ بالرقم ٨١١.

٢٤٣

عن الرضا عليه‌السلام قال سمعته يقول لو انّ رجلا تزوج امرأة وجعل مهرها عشرين ألفا وجعل لأبيها عشرة آلاف كان المهر جائزا والّذي جعل لأبيها فاسدا.

[وقد روى الشيخ في المبسوط (١) وغيره أن عمر تزوج أم كلثوم بنت على عليه‌السلام فأصدقها أربعين ألف درهم وأن أنس بن مالك تزوج امرءة على عشرة آلاف (٢) وتزوج الحسن عليه‌السلام امرء فأصدقها مائة جارية مع كل جارية ألف درهم وروى غير ذلك مما هو أزيد مهرا منه عند الصحابة والتابعين ولم ينكره أحد وقصة عمر مع المرأة التي أسكتته لما نهي عن المغالاة في المهر واحتجاجها بالاية المذكورة مشهورة (٣)].

ويمكن حمل الرواية على كراهة الزيادة على مهر السّنة وان الردّ الى ذلك على وجه الاستحباب بإبراء ما زاد على مهر السّنة ليردّ المهر إليها فلا يلزمه أكثر من ذلك.

الثاني تحريم قهر الزوجة والجائها الى الافتداء بالمهر الذي أعطاها إياه ، وان أخذه ظلما لا يترتب عليه الملك ولا فرق بين ارادة الاستبدال وعدمه لاستقرار الملك عليها بالدّخول ، فالتّقييد بالاستبدال الدال على الجواز مع عدمه كما يقتضيه

__________________

(١) المبسوط ج ٤ ص ٢٧٢ ط المرتضوي وترى مثله في البيهقي ج ٧ ص ٢٣٣.

(٢) لفظ المبسوط ج ٤ ص ٢٧٢ ط المرتضوي على عشرة ألف ولفظ البيهقي ج ٧ ص ٢٣٣ على عشرين ألفا.

(٣) قصة نهى عمر عن مغالاة مهور النساء معروفة مشهورة مسطورة في أكثر كتب التفاسير تفسير الآية والكتب الفقهية والحديثية مسئلة المهور والكلامية مسئلة الإمامة.

وادعى الحاكم في المستدرك ج ٢ ص ١٧٧ تواتر الاسناد الصحيحة بصحة القصة وقال : في هذا الباب لي مجموع في جزء كبير واقر الذهبي أيضا تواتر الاسناد وانظر في ذلك الغدير للعلامة المرحوم آية الله الامينى ج ٦ ص ٩٥ الى ٩٩ ونحن ننقل الحديث بلفظ الإمام الرازي في الأربعين ص ٤٦٧ ط حيدرآباد ١٣٥٣ :

وروى أيضا ان عمر قال يوما على المنبر (الا لا تغالوا في مهور النساء فمن غالى في مهر امرأة جعلته في بيت المال) فقامت عجوز وقالت يا أمير المؤمنين أتمنع عنا ما أحله الله لنا قال تعالى (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً) فقال عمر رضى الله عنه كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في البيوت ثم قال فهذه الوقائع وقعت لغير على ومثلهما لم يتفق لعلى انتهى.

٢٤٤

مفهوم الشرط غير مراد قطعا.

ولعلّ فايدة التقييد كون ذلك هو المعمول به فيما بينهم وقت نزولها فوردت عليه ، أو لأنّ ذلك الوقت هو محل الأخذ دون غيره من الأوقات ، لاحتياجه الى مهر يدفعه إلى الزّوجة الجديدة فيسترد ما دفعه أولا منها نظرا الى ان ما دفعه الى الأولى انّما كان لدوام الاستمتاع وقد فات في بعض الزمان أو لأنّه إذا حرم حال الاستبدال والإخراج فلا يحرم حال عدم الاستبدال والإخراج بطريق اولى.

الثالث ظاهر الإفضاء في الآية الدّخول وهو الذي يعطيه سياقها وذلك لأنّ الكلام ورد في معرض التعجب وهو انّما يتمّ إذا كان هذا الإفضاء سببا قويا في حصول الألفة والمودّة وذلك هو الجماع لا مجرد الخلوة ، وأيضا لا بدّ ان يكون مفسّرا بفعل ينتهى منه إليها لأنّ كلمة «الى» لانتهاء الغاية ، ومجرّد الخلوة ليست كذلك إذا لم يحصل فعل من أفعال أحدهما إلى الأخر.

فإن قيل على هذا يجب ان يكون التلامس والاضطجاع في لحاف واحد كافيا في تحقق الإفضاء وأنتم لا تقولون به قلنا هذا باطل إذ هو قول ثالث مخالف للإجماع إذ الناس بين قائل بتفسير الإفضاء بالجماع وبين قائل بتفسيره بالخلوة فالثالث منفيّ.

وحينئذ فيمكن الاستدلال بها على انّ المهر لا يستقرّ على ملك الزّوجة إلا به كما هو المشهور بين علمائنا لا بمجرد الخلوة وإرخاء السّتر كما ذهب اليه البعض.

ويؤيّد الأوّل من الأخبار رواية يونس بن يعقوب (١) عن الصّادق عليه‌السلام قال سمعته يقول لا يوجب المهر الا الوقاع في الفرج ونحوها والثّاني رواية زرارة (٢) عن الباقر عليه‌السلام قال إذا تزوّج المرأة ثم خلا بها فأغلق عليها بابا وارخى سترا ثم طلقها فقد وجب الصّداق وخلاؤه بها دخول ونحوها قال الشيخ.

وكان ابن ابى عمير (٣) يقول : انّ الأحاديث قد اختلفت في ذلك والوجه

__________________

(١) التهذيب ج ٧ ص ٤٦٤ الرقم ١٨٥٩ والاستبصار ج ٣ ص ٢٢٦ الرقم ٨١٧.

(٢) التهذيب ج ٧ ص ٤٦٤ الرقم ١٨٦٣ والاستبصار ج ٣ ص ٢٢٧ الرقم ٨٢١.

(٣) انظر التهذيب ج ٧ ص ٤٦٧ والاستبصار ج ٣ ص ٢٢٩.

٢٤٥

في الجمع بينها انّ على الحاكم ان يحكم بالظاهر ويلزم الرجل المهر كلّه إذ أرخى السّتر ، غير ان المرأة لا يحل لها فيما بينها وبين الله ان تأخذ إلّا نصف المهر أى على تقدير عدم الدخول.

وقد استحسن الشّيخ هذا الجمع ومرجعه انّ كمال المهر انّما يستقر بالدّخول لا بمجرد الخلوة وإرخاء السّتر لكن لما كانت الخلوة مظنّة له بحيث لا ينفك عنه غالبا وجب ان لا ينفك عن إيجاب المهر المستند إلى الدّخول ، فمدّعيه حينئذ مدعي الظّاهر ومنكره يدعى خلافه فيحكم للمدعى به مع اليمين قضاء لظاهر الحال امّا مع تصديق المرأة بعدمه فلا يجب الكمال قطعا.

الثانية : «لا جناح» لا تبعة «عليكم» من إيجاب مهر بقرينة الوجوب في مقابله أعني صورة الفرض حيث يجب النّصف أولا وزر عليكم لأنه لا بدعة في الطّلاق قبل المسيس والفرض.

فان قيل هذا قد يشعر بالجناح في الطّلاق بعد المسيس والفرض ، وليس كذلك فإنّه لا جناح فيه أيضا.

قلنا لعل الآية وردت لبيان اباحة هذا الطّلاق على الإطلاق فإنّ الإباحة كذلك لا تتم قبل المسيس ، إذ بعده يحتاج الى ان يكون الطلاق في طهر لم يجامعها فيه ، أو لعلّ ما بمعنى الموصول لا المدّة والتقدير لا جناح عليكم ان طلقتم النّساء اللّاتي لم تمسوهنّ ولا يلزم منه وجود الجناح في تطليق غيرهنّ.

وقيل كان النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يكثر النهي عن الطّلاق فظن ان فيه حرجا فنفى.

(إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ) اى تجامعوهنّ وهو الظاهر منه وفي صحيحة ابن سنان (١) عن الصّادق عليه‌السلام قال ملامسة النّساء هو الإيقاع بهن.

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص ١١٤ باب ما يوجب المهر كملا الحديث ٤ وهو في المرآة ج ٤ ص ١٧ قال في المرآة والظاهر انه تفسير لقوله تعالى (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) الذي وقع في آية التيمم فلا يناسب ذكره هنا الا ان يقال لما كانت الملامسة والمس متقاربين في المعنى ووقع في آية الطلاق (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ) فيظهر ان المراد بالمس هنا أيضا الجماع ـ

٢٤٦

(أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) أو تسمّوا وتعينوا لهنّ مهرا والظاهر أن أو بمعنى الواو كما يرشد اليه قوله فيما بعد (وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ) ويكون مفاد الكلام انّه لا تبعة عليكم في مهران طلّقتموهنّ قبل المسيس وقبل فرض المهر وتسميته فانّ الطّلاق قبل أحدهما فقط ليس بهذه المثابة إذ لو كانت ممسوسة فعليه المسمى أو مهر المثل ، ولو كانت غير ممسوسة ولكن سمّى لها فلها نصف المسمّى.

ويمكن أن يكون بمعناها على انّ المراد ان رفع الحرج منوط بعدم المسيس أو بعدم الفرض على سبيل منع الخلو فقط ، ولهذا صح اجتماعهما في هذا الحكم ويظهر من الكشاف والقاضي انّها بمعنى «الّا ان تفرضوا أو حتّى تفرضوا» ومرجعه ما ذكرناه.

وفي الآية دلالة واضحة على صحّة العقد من دون ذكر المهر مطلقا ، وجواز الطّلاق قبل تعيينه وانتصاب فريضة على انّه مفعول به وهي فعيلة بمعنى مفعول والتاء لنقل اللّفظ من الوصفيّة إلى الاسميّة ، ويحتمل انتصابه على المصدرية.

(وَمَتِّعُوهُنَّ) عطف على مقدّر دلّ عليه سياق الكلام أي فطلقوهنّ ومتّعوهن والمتعة والمتاع ما يمتّع به والأمر للوجوب عند أكثر العلماء وذهب مالك وجماعة من العامة إلى أنّه للاستحباب نظرا الى قوله في أخر الآية (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) فجعلها من باب الإحسان والواجب لا يكون كذلك ، وردّ بانّ لفظة «على» تشعر بالوجوب وكذا قوله حقا والإحسان يؤكده لا ينافيه.

(عَلَى الْمُوسِعِ) وهو الغنى الذي حاله في سعة لغناه (قَدَرُهُ) بفتح الدال وسكونها اى القدر اللّائق بحاله أو قدره مقداره الّذي يطيقه فانّ ذلك هو المختصّ به (وَعَلَى

__________________

 ـ وفيه تكلف انتهى.

قلت وأورده في البرهان عند آية التيمم من سورة النساء ج ١ ص ٣٧١ وفي نور الثقلين عند آية التيمم من سورة المائدة ج ١ ص ٤٩٨ وقد ورد استعمال المس ، بمعنى الجماع أيضا في الكتاب العزيز الآية ٤٧ من سورة آل عمران (قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) ، والآية ٢٠ من سورة مريم (قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) وفي الآية ٣ و ٤ من سورة المجادلة (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا).

٢٤٧

الْمُقْتِرِ) وهو الفقير الّذي ضاقت حاله (قَدَرُهُ) بقدر ما يليق بحاله أو يطيقه ، ومقتضى الآية وجوب التمتّع على الغنى والفقير بحسب ما يقتضيه حالهما من اليسار والقتار وظاهر الأصحاب انقسام الحكم إلى الغني والمتوسط والفقير ، وأوجبوا على الغنى التمتّع بالدابة أو الثوب المرتفع أو عشرة دنانير وعلى المتوسط التمتع بخمسة دنانير أو الثوب المتوسط وعلى الفقير بالدّينار أو الخاتم وما شاكله وليس في الرّوايات ما يدل على تفصيل ما قالوه.

ففي رواية الحلبي (١) عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : إذا كان الرّجل موسعا متع امرأته بالعبد والأمة ، والمقتر يمتع بالحنطة والزّبيب والثوب والدرهم.

وفي رواية سماعة عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) الى ان قال امّا الرّجل الموسع يمتّع المرأة بالعبد والأمة والفقير بالحنطة والزبيب والثوب والدّرهم.

وفي رواية أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام أخبرني عن قول الله عزوجل (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) الآية ما ادنى ذلك المتاع إذا كان معسرا لا يجد قال خمار أو شبهه.

ولعل ما ذكره الأصحاب نظرا الى الظاهر من رجوع أحوال الناس الى هذه الثلاثة وعدم خلوّ أحدهم عنها ويكون المتوسط داخلا في أحد الطرفين ويرجع في تعيين الاقدار الى العرف بحال الشّخص لانّه المحكّم في مثله وليس المراد وجوب ما ذكر في الرّوايات بخصوصه بل الظّاهر أن ما قاربها في القيمة فهو كذلك.

ومقتضى ما ذكرناه ان التّمتع قد يكون ناقصا عن نصف مهر مثلها وقد يكون زائدا عليه اعتبارا بحال الشخص وقد وافقنا على ذلك الشافعية ، وقال أبو حنيفة :

__________________

(١) ما نقله المصنف هنا بعض الحديث وسيذكر صدرها مع رواية سماعة بعد ذلك عند تفسير الآية (وللمطلقات متاع بالمعروف) ثم انك ترى احاديث الحلبي وسماعه وابى بصير في التهذيب ج ٨ ص ١٣٩ بالرقم ٤٨٤ و ٤٨٥ و ٤٨٦ وهي في الكافي ج ٢ ص ١١٢ باب متعة المطلقة الحديث ٣ و ٤ و ٦ وهي في المرآة ج ٤ ص ١٦.

٢٤٨

المتعة لا تزاد على نصف مهر المثل لانّ حال المرأة الّتي سمّى لها المهر أحسن من حال الّتي لم يسم لها ثم لما لم تجب زيادة على نصف المسمّى إذا طلّقها قبل الدّخول فهذه اولى وفيه نظر والفرق واضح فتأمّل.

ثم انّ منطوق الآية وجوب المتعة للمطلّقة قبل المسيس وقبل فرض المهر فلو ماتت قبلهما فلا متعة لها وهو مختار جماعة من الأصحاب ، واليه ذهب ابن إدريس لأنّ إلحاق غير المطلقة بها قياس لا نقول به والأصل براءة الذمّة.

وقال الشّيخ في النهاية لا مهر لها وكان لها المتعة وتبعه ابن البراج وابن حمزة ولعل دليلهم ما رواه محمّد بن مسلم (١) في الصّحيح عن الباقر عليه‌السلام في رجل تزوج امرأة على حكمها أو على حكمه فمات أو ماتت قبل ان يدخل بها فقال : لها المتعة والميراث ولا مهر لها ولا بأس بهذا القول لهذه الرواية ومفهوم الآية عدم وجوب المتعة مع الدّخول أو الفرض ، وعلى هذا أصحابنا وقد وافقنا الحنفيّة في ذلك وأوجب الشافعي في أحد قوليه المتعة للممسوسة المفوّضة وغيرها قياسا على هذه المفوّضة ولم يعتبر مفهوم الآية فانّ القياس عنده مقدم على المفهوم وسيجيء تمام الكلام في ذلك ان شاء الله تعالى.

(مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ) تمتيعا بالوجه الّذي يحسن في الشرع والعرف بحسب المروّة ، ونصبه على المصدريّة (حَقًّا) صفة متاعا اى تمتيعا حقّا ثابتا أو منصوب على المصدريّة مؤكد لمضمون ما تقدم اي حقّ ذلك حقّا (عَلَى الْمُحْسِنِينَ) الذين يحسنون بفعل الطّاعة واجتناب المعصية.

وخصّهم بالحكم تشريفا لهم لا انّه لا يجب على غيرهم وفيه حثّ على الإحسان والترغيب فيه فهو بمثابة هدى للمتّقين ويحتمل ان يكون معناه من أراد أن يحسن فهذا حقّه وطريقه بان يعطى المطلقات كذلك ما فرض لهنّ الله تعالى ، فما في

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٢١ باب نوادر في المهر الحديث ٢ وهو في المرآة ج ٣ ص ٤٦٠ ورواه في التهذيب ج ٧ ص ٣٦٥ الرقم ١٤٨١ والاستبصار ج ٣ ص ٢٣٠ الرقم ٨٢٩ والفقيه ج ٣ ص ٢٦٢ الرقم ١٢٤٩ وللحديث تتمة.

٢٤٩

الكشاف من كونه سمّاهم محسنين قبل الفعل لاشرافهم عليه كما في قتل قتيلا ونحوه في تفسير القاضي لا حاجة اليه.

(وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ) تجامعوهنّ على ما عرفت (وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً) وقد أوجبتم لهنّ صداقا وسمّيتم لهنّ مهرا وهي جملة حالية عن فاعل الشرط (فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) جواب الشرط وارتفاعه امّا على انّه مبتدء خبره محذوف أو العكس والتقدير فلهنّ أو عليكم أو الواجب أو الذي عليكم نصف ما فرضتم وعيّنتم من المهر.

وقد بيّن في هذه الآية حكم المطلقة الغير الممسوسة الّتي فرض لها مهرا حال العقد وأوجب لها نصف المفروض وفي السابقة حكم غير الممسوسة وغير المفروضة وأوجب لها المتعة وبقي من الأقسام ، الممسوسة المفروضة ، وحكمها وجوب المهر المسمّى كملا كما اقتضته الأدلّة والممسوسة غير المفروضة وعندنا يجب لها مهر المثل على ما أشرنا اليه.

(إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) اي المطلقات عن أزواجهنّ فلا يأخذن شيئا والمراد يتركن ما يجب لهنّ من نصف الصّداق أو شيئا منه فليس لهنّ في هذه الحالة النّصف اللّازم من الطلاق بل امّا لا شيء لهنّ أو ما بقي منه بعد العفو والصّيغة يحتمل التذكير والتأنيث.

والفرق انّ الواو في الأوّل ضمير والنّون علامة الرّفع وفي الثّاني لام الفعل والنّون ضمير والفعل مبنىّ ومن ثمّ لم يؤثر فيه ان كما أثر في المعطوف عليه والاستثناء من مقدر أى الواجب النّصف في جميع الأحوال إلّا حال أن يعفون.

(أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) وقد اختلف فيه فقيل هو الولي الذي عقد نكاحهنّ أي الأب والجدّ له وعلى هذا أصحابنا اجمع ، وقال الشيخ في التبيان (١) قوله (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) معناه من يصحّ عفوها من الحرائر البالغات غير المولّى عليها لفساد عقلها فيترك ما يجب لها من نصف الصّداق وقوله (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ)

__________________

(١) التبيان ج ١ ص ٢٥٢ ط إيران.

٢٥٠

قال مجاهد والحسن وعلقمة : انّه الولي وهو المروي عن الباقر والصادق عليهما‌السلام غير انّه لا ولاية لأحد عندنا إلّا الأب والجدّ على البكر غير البالغ فامّا من عداهما فلا ولاية له إلّا بتولية منهما وروي عن علي عليه‌السلام وسعيد بن المسيّب وشريح انّه الزوج وروى ذلك في أخبارنا أيضا غير ان الأوّل أظهر وهو المذهب.

ثم قال واختار الجبائي أن يكون المراد به الزّوج لأنّه ليس للولي أن يهب مال المرأة انتهى.

قلت أشار بالمروي عن الصادق عليه‌السلام الى ما رواه عبد الله بن سنان (١) في الصحيح عن الصادق عليه‌السلام قال الذي بيده عقدة النكاح هو وليّ أمرها.

وفي الصحيح (٢) عن رفاعة قال سألت الصادق عليه‌السلام عن الذي بيده عقد النكاح فقال الولي الذي يأخذ بعضا ويترك بعضا وليس له أن يدع كلّه فعلى هذا يكون في الآية إشارة الى انّ المطلقات ان كنّ بالغات رشيدات فالعفو منهنّ وان لم يكن بهذه الحالة فالعفو من أوليائهنّ.

وفي حسنة الحلبي (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) قال هو الأب والأخ والرّجل يوصى إليه والرّجل يجوز أمره في مال المرأة يبيع لها ويشترى فإذا عفا فقد جاز.

ونحوها رواية سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) قال هو الأب أو الأخ أو الرجل يوصى اليه والذي يجوز امره

__________________

(١) التهذيب ج ٧ ص ٣٩٢ الرقم ١٥٧٠.

(٢) التهذيب ج ٧ ص ٣٩٢ الرقم ١٥٧٢.

(٣) الكافي ج ٢ ص ١١٣ باب ما للمطلقة التي لم يدخل بها الحديث ٣ وهو في المرآة ج ٤ ص ١٦ والتهذيب ج ٨ ص ١٤٢ الرقم ٤٩٣ ورواه مع تفاوت في الفقيه عن الحلبي وابى بصير وسماعة عن ابى عبد الله ج ٣ ص ٣٢٧ بالرقم ١٥٨٤ ورواية سماعة وسيشير إليها المصنف في الكافي في هذا الباب الحديث ٢ ورواية أبي بصير رواها في التهذيب ج ٧ ص ٣٩٣ بالرقم ١٥٧٣.

٢٥١

في مال المرأة فيبتاع لها فيجيز فإذا عفا فقد جاز ومقتضاهما كون الذي بيده عقدة النكاح الولي أو الأخ إذا جعلت أمرها إليه أو الوكيل النّافذ تصرّفه في جميع أمورها.

والى ذلك ذهب الشيخ في النهاية حيث قال الذي بيده عقدة النكاح الأب والأخ إذا جعلت الأخت أمرها اليه أو من وكلته في أمرها فأيّ هؤلاء وكان جاز له أن يعفو عن بعض المهر وليس له أن يعفو عن جميعه وتابعه في ذلك ابن البراج الّا ان في الاستناد في مثل ذلك الى مثل هاتين الرّوايتين الغير الواضحتين لا يخلو من بعد.

وقال ابن إدريس الذي يقوى في نفسي ويقتضيه أصول المذهب انّ الأب والجدّ من قبله في حياته أو موته إذا عقد على غير البالغة فلهما أن يعفو عمّا تستحقه من نصف المهر بعد الطلاق إذا رأيا ذلك مصلحة ويكون المرأة وقت عفوهما غير بالغة فامّا من عداهما أو هما مع بلوغها ورشدها فلا يجوز لهما العفو عن النّصف وصارا كالأجانب لأنّهما لا ولاية لهما في هذه الحال ولا يجوز لأحد التصرّف في مالها بالهبة والعفو وغير ذلك الّا عن اذنها للمنع من التصرّف في مال الغير عقلا وسمعا إلّا بإذنه.

وليس في الآية متعلق سوى ما ذكرناه لأنّه تعالى قال (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) فدلّ بهذا القول أنهنّ ممّن لهنّ العفو فهنّ الحرائر البالغات الواليات على أنفسهنّ في العقد بالعفو والبيع والشراء وغير ذلك ثمّ قال أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح معناه إذا لم يكنّ بالغات ولا واليات على أنفسهنّ فعند هذه الحال لا يلي عليهنّ عندنا سوى الأب والجدّ بغير خلاف فلهما العفو بعد الطلاق عمّا تستحقّه.

ولو لا إجماع أصحابنا على انّ الذي بيده عقدة النكاح الأب والجدّ على غير البالغة لكان قول الجبائي قويّا مع أنّه قد روى في بعض أخبارنا انّه الزّوج انتهى وهو جيّد وينبغي أن يكون العمل عليه.

ثمّ انّ ظاهر أكثر الأصحاب انّ العفو للولي انّما يكون لبعض النّصف الذي استحقّه المرأة بالطلاق مع ظهور المصلحة فيه لا بدونها ولا يجوز العفو عن الجميع

٢٥٢

ويدلّ على اعتبار المصلحة إنّهما بمنزلة الوكلاء ونظر الوكيل منوط بالمصلحة بل لا يصح بدونها.

وامّا عدم العفو عن الجميع فيدلّ عليه صحيحة رفاعة المتقدّمة مع انّه خلاف المصلحة فتأمل وقيل ان الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج وعفوه ان يسوق إليها المهر كملا غير مرتجع بنصفه ، قال القاضي وهو مشعر بانّ الطلاق قبل المسيس مخيّر للزوج غير مشطّر بنفسه والى هذا يذهب الحنفية ومتأخري الشافعيّة قال في مجمع البيان (١) ورواه بعض أصحابنا غير انّ الأوّل أظهر. وأراد بالأوّل كونه مشطرا بنفسه وعليه المذهب.

وصاحب الكشّاف (٢) بعد ان نقل القولين رجح الأوّل نظرا إلى انّه يوجب اجراء العفو على ظاهره بخلاف الثاني فإنّ تسمية الزيادة على الحقّ عفوا غير معهود إلّا أن يقال لما كان الغالب على الحقّ عندهم ان يسوق إليها المهر عند التزويج فإذا طلّقها استحقّ ان يطالبها بنصف ما ساق إليها فإذا ترك المطالبة فقد عفى عنها أو سمّاه عفوا على طريق المشاكلة لكون العفو في مقابله.

وبناء هذا الكلام على تقدير كون الطلاق مشطرا للمهر كما هو المشهور بين العلماء ولو قيل انّ الطلاق مخير للزّوج كما أشار إليه القاضي فالعفو عنه ظاهر لا يحتاج إلى هذا التكلف الا انّه قول مرغوب عنه فيما بينهم.

(وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) لعلّ الخطاب فيه للزّوج والمرأة على تغليب الذكور ونقله في مجمع البيان (٣) عن ابن عبّاس وعن الشّعبي إنّه للزّوج وانّما جمع لانّه خطاب لكلّ زوج ثمّ قال وقول ابن عبّاس أقوى لعمومه اى شموله القبيلين معا.

وانّما كان العفو أقرب الى التقوى من وجهين أحدهما ان معناه أقرب الى ان

__________________

(١) المجمع ج ٢ ص ٣٢٤.

(٢) الكشاف ج ١ ص ٢٨٦.

(٣) المجمع ج ١ ص ٣٤٢.

٢٥٣

يتقى أحدهما ظلم صاحبه لأنّه من ترك لغيره حقّ نفسه كان أقرب الى ان لا يظلم غيره بطلب ما ليس له ، والثاني معناه أقرب الى اتقاء معصية الله تعالى لأن من ترك حق نفسه أقرب الى أن لا يعصى الله بطلب ما ليس له ويحتمل ان يكون خطابا للنساء والأولياء على التغليب أيضا ولو قيل على هذا يكون العفو من الولي أقرب الى التقوى وهو غير معلوم لقلنا ظاهر انّه مع المصلحة يكون أقرب الى التقوى من الولي كما هو من المرأة وفيه ما فيه.

ويحتمل ان يكون المخاطب في الآية جميع النّاس والمراد انّ العفو من مطلق النّاس أقرب الى التّقوى ويكون الغرض منه بيان حسن العفو من غير خصوصيّة شخص ولا يخفى بعده عن سابق الآية ولا حقها ومقتضى الآية انّ العفو بلفظه كاف مطلقا وقيل ان كان المهر عينا فالمراد بالعفو إسقاطه بالهبة وان كان دينا فالمراد به الإبراء وما في معناه ولا يبعد حمل العفو على مثله فتأمّل.

(وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) اى ولا تنسوا ان يتفضّل بعضكم على بعض فتاخذوا مرّ الحكم واستيفاء الحقوق على الكمال من غير نقصان لأنّ مثله بعيد عن التفضّل.

بين تعالى في هذه الآية الكريمة الحكم الذي لا يعذر أحد في تركه وهو انّه ليس للزّوج ان ينقصها من نصف المهر ولا للمرءة ان تطالبه بالزّيادة.

ثمّ بين طريق الفضل من الجانبين وندب اليه وحثّ عليه وعن جبير ابن مطعم انّه تزوّج وطلّق قبل المسيس واعطى جميع المهر فقيل له في ذلك فقال انا أحقّ بالعفو وعدم نسيان الفضل.

(إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فلا يضيع تفضّلكم واحسانكم هذا وقد روي عن سعيد بن المسيّب انّ هذه الآية ناسخة لحكم المتعة في الآية الاولى قال أبو القاسم البلخي وهذا ليس بصحيح لانّ الآية الاولى تضمنت حكم من لم يدخل بها ولم يسم لها مهرا إذا طلّقها وهذه تضمّنت حكم الّتي فرض لها المهر ولم يدخل بها إذا طلّقها واحد الحكمين غير الأخر وهو جيّد والحق ان توهّم النسخ بينهما لا وجه له.

الثالثة : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) وهو المتعة الّتي تقدّم ذكرها وقيل

٢٥٤

المراد بالمتاع نفقة العدة كما في قوله (مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ) وهو بعيد (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) خصّهم بالذكر تشريفا لهم كما سلف نظيره ، ومقتضى الآية ثبوت المتعة لكلّ مطلّقة كما يقتضيه عموم «المطلقات» وبظاهره أخذ سعيد بن جبير فأوجب المتعة لكل مطلقة وتابعه عليه جماعة من العامة وهو بعيد.

وتفصيل المقام انّ المطلقات قسمان مطلقه قبل الدّخول فان لم يفرض لها مهر فلها المتعة على ما سلف وان فرض لها مهر فلا متعة لها وحسبها نصف المهر لأنّه تعالى اقتصر على ذلك ولم يذكر المتعة فلا تكون واجبة لها فهي مخرجة من عموم هذه الآية.

ولا كلام في ذلك إنّما الكلام في المطلقة بعد الدّخول سواء فرض لها مهر أو لم يفرض ، والّذي عليه أصحابنا انّها لا يجب لها المتعة ، لأنّها تستحقّ المهر كما دلّت عليه الآية السّابقة فهو حسبها ، قال في مجمع البيان (١) وعندنا انّها مخصوصة إن نزلتا معا ، وإن كانت تلك متأخّرة فهذه منسوخة ، لأنّ عندنا لا يجب المتعة إلّا للمطلقة الّتي لم يدخل بها ولم يفرض لها مهر ، فأمّا المدخول بها فلها مهر مثلها ان لم يسم لها مهر ، وان سمّى لها مهر فما سمّى لها وغير المدخول بها المفروض مهرها لها نصف المهر ولا متعة لها في هذه الأحوال.

ولا يبعد حملها على ما يشمل التمتيع الواجب والمستحبّ كما أشار إليه في الكشاف (٢) وذكره القاضي (٣) وهو موافق لمذهبنا ويؤيّده أخبار دلّت على المتعة لكلّ مطلقة ، وان كانت مدخولا بها.

[روى الحلبي (٤) في الصحيح قال سألته عن رجل تزوّج امرأة فدخل بها ولم يفرض لها مهرا ثم طلقها فقال لها مثل مهور نسائها ويمتعها ، ولا يضر كونها مقطوعة]

__________________

(١) المجمع ج ١ ص ٢٤٥.

(٢) الكشاف ج ١ ص ٢٨٩.

(٣) البيضاوي ج ١ ص ٢٥١ ط مصطفى محمد.

(٤) التهذيب ج ٧ ص ٣٦٢ الرقم ١٤٦٧ والاستبصار ج ٣ ص ٢٢٥ الرقم ٨١٤.

٢٥٥

وروى الحلبي (١) عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) قال متاعها بعد ما ينقضي عدّتها ، على الموسع قدره وعلى المقتر قدره وكيف يمتعها وهي في عدة ترجوه ويرجوها ويحدث الله بينهما ما يشاء الحديث.

وهي ظاهرة في ثبوت المتعة بعد الدّخول إذ العدة انّما تكون معه ونحوها رواية سماعة عن ابى عبد الله عليه‌السلام انّه قال في قول الله تعالى (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) قال متاعها بعد ما يقضى عدتها وساق ما تقدم.

وفي صحيحة علىّ بن رئاب (٢) عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام قال متعة النساء واجبة دخل بها أو لم يدخل بها وتمتع قبل ان يطلق.

والوجوب محمول على تأكّد الاستحباب وأوجب الشافعي في الجديد المتعة للمطلقة بعد الدّخول سواء فرض لها أو لم يفرض محتجا بعموم الآية وبقوله تعالى (فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ) وكان ذلك في حقّ نساء دخل بهنّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وقال أبو حنيفة لا متعة لها وهو قول الشافعيّ في القديم لأنّها تستحق المهر كالمطلّقة بعد الفرض قبل الدّخول ، وقد أشرنا انّ هذا قول أصحابنا ويجاب عمّا ذكره الشافعي انّ العموم مخصوص بغيره كما بيناه وحكاية النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يستدلّ بها على ثبوت الحكم في حقّ الغير أيضا.

وربما احتجت الشافعية على الأوّل بالقياس فأوجبوا المتعة للممسوسة المفوضة وغيرها قياسا على المفوضة غير الممسوسة ولم يعتبروا مفهوم الآية السابقة الدّالّ على نفى المتعة للممسوسة كما أشرنا إليه ، فإنّ القياس عندهم مقدم على المفهوم كما قالوه في أصولهم ، وفيه بعد فإنّ إيجاب الشيء بمثل هذا القياس الّذي لا يعلم علّته مع مخالفته ظاهر القرآن لا وجه له إذ يجوز ان يكون العلّة في وجوب المتعة هنا الطّلاق مع عدم الفرض والمسّ فلا يتعدّى إلى غيره من الصّور.

__________________

(١) مر الحديث في هذا المجلد وروى هناك ذيله وهنا صدره ومر حديث سماعة أيضا مع حديث أبى بصير الأرقام ٤٨٤ و ٤٨٥ و ٤٨٦ من التهذيب ج ٨.

(٢) الفقيه ج ٣ ص ٣٢٨ الرقم ١٥٨٨.

٢٥٦

ونقل في الكشاف عن الزهري متعتان إحداهما يقضى بها السلطان من طلق قبل أن يفرض ويدخل بها ، والثّانية حق على المتقين من طلق بعد ما يفرض ويدخل قال وخاصمت امرأة إلى شريح فقال متّعها إن كنت من المتّقين ولم يجبرها (١) وهو موافق للقول بالاستحباب.

وقد سلف أنّ الاعتبار في المتعة بحال الزّوج من غناه وإعساره وقال أبو حنيفة يجب درع وخمار وملحفة على حسب الحال إلّا أن يكون مهر مثلها أقلّ من ذلك ، فلها حينئذ الأقلّ من نصف مهر المثل ، والمتعة ، ولا ينقص من خمسة دراهم لأنّ أقلّ المهر عشرة دراهم فلا ينقص من نصفها وفيه بعد ، وقال الشّيخ في المبسوط وامّا قدر الواجب ، فعلى ما يفرضه السلطان وقال قوم الاعتبار بمال الزوج لقوله تعالى (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ) الآية وهو الأقوى ، والظاهر أن أحدا من أصحابنا لم يذهب الى اعتبار فرض السلطان وما ذكره الشّيخ قول لبعض العامّة كما أشرنا إليه.

الرابعة (النساء : ٣٤) (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) قيّمون عليهنّ في التدبير كقيام الولاة على رعيّتهم وعلل تعالى ذلك بأمرين :

موهبي أشار إليه بقوله (بِما فَضَّلَ اللهُ) اي بسبب تفضيله (بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) أي الرجال على النّساء وذلك بالعلم والعقل وحسن الرأي والتّدبير والعزم ومزيد القوة في الأعمال والطاعات والفروسيّة والرّمي ، وأن منهم الانبيآء والأئمّة والعلماء وفيهم الإمامة الكبرى وهي الخلافة والصغرى وهي الاقتداء بهم في الصلاة ، وأنّهم أهل الجهاد والأذان والخطبة الى غير ذلك ممّا أوجب الفضل عليهنّ.

قال في الكشاف (٢) : وفيه دليل على أنّ الولاية انّما يستحق بالفضل لا بالتغليب والاستطالة والقهر ، قلت هذا ممّا أجراه الله على لسانه فانّا لم نجد فيمن تقدّم على على عليه‌السلام بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فضيلة يستحق بها الولاية كما عرف في محلّه.

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٥٧.

(٢) الكشاف ج ١ ص ٥٠٥.

٢٥٧

وكسبى أشار إليه بقوله (وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) في نكاحهنّ كالمهر والنفقة وجميع ما يحتاجون إليه.

قيل نزلت في سعد بن (١) الرّبيع أحد نقباء الأنصار نشزت عليه امرأته حبيبة بنت زيد فلطمها فانطلق بها أبوها إلى رسول الله فشكا إليه فقال عليه الصلاة والسّلام لتقتصّ منه فنزلت فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله أردنا أمرا وأراد الله امرا ، والذي أراده الله خير. ورفع القصاص ، ومن ثمّ قيل لا قصاص بين الرّجل وامرأته فيما دون النفس ولو شجها وقيل لا قصاص في اللّطمة ونحوها وامّا في الجرح والقتل ففيه القصاص.

(فَالصَّالِحاتُ) من النّساء (قانِتاتٌ) مطيعات لله تعالى ولأزواجهنّ (حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ) مواجب الغيب أي يحفظن ما يجب حفظه من النفس والفرج والمال في غيبة الأزواج لئلا يلحق الزّوج العار بسبب زناها ، ولئلا يلحق به الولد الحاصل من نطفة غيره ، ولئلا يضيع ماله ومنزله بدخول ما لا ينبغي شرعا وعرفا وقيل لاسرارهم ولا يبعد العموم.

وعن الصادق عليه‌السلام (٢) قال قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما استفاد امرء مسلم بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرّه إذا نظر إليها ، وتطيعه إذا أمرها ، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله ، ونحوه (٣) عن الباقر عليه‌السلام.

وفي الصّحيح عن الرضا (٤) ما أفاد عبد فايدة خيرا من زوجة صالحة إذا رآها

__________________

(١) المجمع ج ٢ ص ٤٣.

(٢) التهذيب ج ٧ ص ٢٤٠ الرقم ١٠٤٨ والكافي ج ٢ ص ٤ باب من وفق له الزوجة الصالحة الحديث ١ وهو في المرات ج ٣ ص ٤٤٣ ورواه في الفقيه مرسلا عن النبي (ص) ج ٣ ص ٢٤٦ الرقم ١١٦٨.

(٣) الكافي ج ٢ ص ٤ باب من وفق له الزوجة الصالحة الحديث ٥ وهو في المرات ج ٣ ص ٤٤٤.

(٤) الكافي ج ٢ ص ٤ الباب المتقدم الحديث ٣ وهو في المرات ج ٣ ص ٤٤٤ وفيه أنه مجهول كالصحيح ولعله بوجود محمد بن إسماعيل في السند وقد عرفت صحة السند ولذلك عبر المصنف هنا بالصحيح.

٢٥٨

سرّته ، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله.

وعن النّبي (١) صلى‌الله‌عليه‌وآله : خير النّساء امرأة إن نظرت إليها سرّتك ، وإن أمرتها أطاعتك ، وإن غبت عنها حفظتك في مالها ونفسها وتلا الآية ونحوها (٢) من الأخبار.

(بِما حَفِظَ اللهُ) أي بما حفظ الله لهنّ على الأزواج من المهر والنفقة والقيام بحقوقهنّ والذبّ عنهنّ أو بحفظ الله إياهن بالأمر على حفظ الغيب والحثّ عليه بالوعد والوعيد والتوفيق له فما على الأوّل موصولة وعلى الثّاني مصدرية.

(وَاللَّاتِي) من النّساء (تَخافُونَ) تعرفون بالقرائن والأمارات (نُشُوزَهُنَّ) ترفّعهنّ عن مطاوعة الأزواج ومخالفتهنّ إيّاهم من نشز الشيء إذا ارتفع ومنه نشز للأرض المرتفعة ، وذلك بظهور أسبابه وأماراته كالتقطيب في وجهه والتبرم بحوائجه المتعلّقة بالاستمتاع ومقدّماته كالتّنظيف المعتاد وإزالة الشعر ولا أثر لامتناع الدّلال ولا للامتناع من حوائجه الّتي لا يتعلّق بالاستمتاع بأن تمتنع أو تتثاقل إذا دعاها أو تغير عادتها في أدبها معه قولا أو فعلا ، إذ لا يجب عليها ذلك ومعنى الخوف الظنّ ونقل في مجمع البيان (٣) عن الفراء أنّ معناه تعلمون نشوزهنّ قال وقد يكون الخوف بمعنى العلم لان خوف الغش العلم بموقعه وهو أولى ، فإن مجرّد ظن النشوز لا يقتضي ثبوت الاحكام الاتية.

(فَعِظُوهُنَّ) أولا بالقول والنصيحة بأن يقول لها اتّقى الله فإنّ لي عليك حقا. وارجعي عمّا أنت عليه واعلمى ان طاعتي عليك فرض ، وان النّشوز يسقط النفقة وحق القسم ونحو ذلك.

(وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ) في المراقد إذا لم ينجع الوعظ ولم يؤثر النصح بالقول والمراد لا تدخلوهنّ تحت اللّحاف أو لا تباشروهنّ فيكون كناية عن الجماع

__________________

(١) الكشاف ج ١ ص ٥٠٦ ولابن حجر ذيله تخريجه.

(٢) انظر ج ٣ ص ٥ من الوسائل ط الأميري وج ٢ ص ٥٣٣ من المستدرك.

(٣) المجمع ج ٢ ص ٤٣.

٢٥٩

وقيل المضاجع المبايت أي لا تبايتوهنّ بمعنى اعتزال فراشه عنهنّ وهو خيرة الشيخ في المبسوط والمروي عن ابى جعفر عليه‌السلام (١) ان الهجران في المضجع ان يحول إليها ظهره وهو قول على بن بابويه في رسالته وابنه في المقنع (٢) قال العلامة في المختلف (٣) وكلا القولين عندي جائز ويختلف ذلك باختلاف الحال في السّهولة والطّاعة وعدمهما.

(وَاضْرِبُوهُنَّ) إذا لم يؤثر الهجر في المضجع والمراد ضربا غير مبرح ولا مدم ، وعن ابى جعفر عليه‌السلام (٤) انه يضرب بالسّواك ونقل الشيخ في المبسوط عن جماعة ان الضّرب يكون بمنديل ملفوف أو درّة ولا يكون بسياط ولا خشب والتّرتيب بين الأمور المذكورة لازم كما يعطيه سياقها فان هذا من باب النهي عن المنكر فليكن بحكمه فيقدم الأسهل فالأسهل.

ويؤيّده ما روى عن (٥) على عليه‌السلام انّه قال يعظها بلسانه فان انتهت فلا سبيل له عليها فإن أبت هجر مضجعها فإن أبت ضربها فان لم تتّعظ بالضّرب يبعث الحكمين.

وقيل : ان الترتيب مرعى عند خوف النشوز فأما عند تحقق النشوز ، فلا بأس بالجمع بين الكل.

(فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ) رجعن الى طاعتكم (فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) فلا تطلبوا عليهن سبيلا للضّرب والهجران والمراد انّه يجب عليكم ازالة التعرض لهنّ بالأذى والتوبيخ والتجنّى وليكن ما كان منهنّ سابقا كان لم يكن فإن التّائب من الذنب كمن لا ذنب له.

(إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً) لعل فايدة ذكر الوصفين بيان انتصاره لهنّ وقوته

__________________

(١) المجمع ج ٢ ص ٤٤.

(٢) المقنع ص ١١٨ ط الإسلامية.

(٣) المختلف الجزء الخامس ص ٤٥ ط الشيخ أحمد الشيرازي ١٣٢٤.

(٤) المجمع ج ٢ ص ٤٢.

(٥) تفسير الرازي ج ١٠ ص ٩١ والنيسابوري ج ١ ص ٤٢٧ والخازن ج ١ ص ٣٤٥ رووه عن على عليه‌السلام.

٢٦٠