الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني النحوي الشافعي
المحقق: الدكتور عبدالرحمن بن سليمان العثيمين
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة الخانجي
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
الصفحات: ٤٢٤
وقرأ ابن كثير فى رواية ابن أبي بزّة فإذا هى تَّلقَّف بتشديد التاء ؛ أراد : تتلقف فأدغم ، ومثله نارا تَّلظّى (١) ولا تَّنابزوا بالألقاب (٢).
٢٧ ـ وقوله تعالى : و (قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ) [١٢٣].
فيه خمس قراءات :
قرأ عاصم فى رواية أبى بكر وحمزة والكسائىّءاامنتم بثلاث ألفات ، الهمزة الأولى توبيخ فى لفظ الاستفهام.
والثانية : ألف القطع.
والثالثة سنخيّة ، والأصل فيه دخول التوبيخءأامنتتم بهمزة بعدها ألف مليّنة ، الأصل : اآمنتم فخفف مثل آدم وآزر.
وقرأ أبو عمرو ونافع بتليين الثانية والثالثة آامنتم.
وروى حفص عن عاصم : (قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ) على لفظ الخبر بغير استفهام ، فقال الفرّاء (٣) : آمنتم : صدقتم وآامنتم بالاستفهام أجعلتم له الّذى أراد.
وقرأ ابن كثير فى رواية ابن أبي بزّة عن أبى الإخريط (٤) : قال فرعون وآمنتم يلفظه كالواو ولا همزة بعدها ، فيكون هذا على أن أشبع ضمّة نون فرعون حتّى صارت كالواو ، كما روى ورش عن نافع : نعبدو وإيّاك نستعين (٥)
__________________
(١) سورة الليل : آية ١٤.
(٢) سورة الحجرات آية : ١١.
(٣) معانى القران : ١ / ٣٩١.
(٤) اسمه وهب بن واضح تقدم ذكره.
(٥) سورة الفاتحة : آية : ٥.
بإشباع الضّمة وهو لغة للعرب ، قال زيدو ، وجاءنى بكرو ، وقال الأعشى (١) :
* ويلي عليك وويلي منك يا رجلو*
وءامنتم / على الخبر.
وروى قنبل عن ابن كثير : قال فرعون وأمنتم به بواو بعدها همزة ساكنة. فقال ابن مجاهد رحمهالله : خطأ (٢).
وله عندى وجه فى العربيّة ، وذلك : أنه ليّن ألف القطع التى هى همزة فصارت واوا ؛ لانضمام ما قبلها فرجعت الهمزة التى هى فاء الفعل قبل أن تليّن كما تقول : أؤمر ، من أمر يأمر جعلت الهمزة التى هى فاء الفعل واوا ، لانضمام ما قبلها فإن ذهبت ألف الوصل رجعت الهمزة فقلت : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ)(٣).
فإن قال قائل : فإنّ الواو إذا كانت مليّنة من همزة يجب أن تكون ساكنة؟
فالجواب فى ذلك أنّ الواو السّاكنة إذا لقيها ساكن آخر حركت لالتقاء السّاكنين ، وكذلك الياء نحو : (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ)(٤) و (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ)(٥).
__________________
(١) ديوان الأعشى ٤٣ (الصبح المنير) وصدره :
* قالت هريرة لما جئت زائرها*
(٢) السبعة : ٢٩٠ وعبارته : «وأحسبه وهم».
(٣) سورة طه : آية : ١٣٢.
(٤) سورة التكاثر : آية ٦.
(٥) سورة مريم : آية : ٢٦.
فإن قيل : فهلّا حركتها بكسر أو ضمّ؟
فالجواب فى ذلك : أنّ الكسرة والضّمة تستثقلان على الواو حتى تصير همزة.
وعلّة أخرى : أن قبل الواو ضمّة فكرهوا الخروج من كسر إلى ضمّ فافهم ذلك فإنّه لطيف جدّا.
٢٨ ـ وقوله تعالى : (سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ) [١٢٧] و (يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ) [١٤١].
قرأهما نافع بالتّخفيف.
وقرأهما الباقون بالتّشديد جعلوه من التّقتيل مرة بعد مرة. غير أن ابن كثير كان يخفف سَنَقْتُلُ ويثّقل : و (يُقَتِّلُونَ).
٢٩ ـ وقوله تعالى : (يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) [١٢٨].
روى حفص عن عاصم فى رواية هبيرة يوَرِّثها بفتح الواو / وتشديد الرّاء من ورّث يورّث كأنه مرة بعد أخرى.
وقرأ الباقون (يُورِثُها) بالتّخفيف من أفعل يفعل ، وهو الاختيار ؛ لأن شاهده قوله تعالى : (كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها)(١)(وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا) [١٣٧] [كأنّ حفصا](٢) ذهب إلى قوله فى الحديث (٣) «من عمل بما علم ورّثه الله علم ما لم يعلم» هكذا لفظ الحديث.
٣٠ ـ وقوله تعالى : (وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) [١٣٧].
قرأ عاصم فى رواية أبى بكر وابن عامر يعرُشون. بالضم ، ومعناه : يبنون
__________________
(١) سورة الشعراء : آية ٥٩.
(٢) فى الأصل : «وكان حفص ذهب ...».
(٣) الحديث فى تفسير القرطبى : ١٣ / ٣٦٤ ، والدر المنثور : ١ / ٣٧٢.
وقرأ الباقون بالكسر (يَعْرِشُونَ).
٣١ ـ فأمّا قوله : (يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ) [١٣٨].
فإنّ حمزة والكسائىّ قرآه بكسر الكاف.
والباقون بالضمّ ، وهما لغتان ، يعكف ويعكف. ويعرش ويعرش. ومعنى يعكفون : يواظبون عليه ويقيمون عليه ، وكل من لزم شيئا فقد عكف عليه ومنه الاعتكاف فى المساجد.
فأقلّ الاعتكاف عند الشافعى ساعة ، وعند غيره يوم وليلة. ولا يجيزون الاعتكاف ، أعنى هؤلاء إلّا مع الصّوم.
وحجّة الشّافعىّ ـ رضى الله عنه ـ أن عمر قال : «يا رسول الله : كنت نذرت فى الجاهليّة أن أعتكف ليلة فقال له النبى صلىاللهعليهوسلم : أوف بنذرك» (١) فلو كان الصّوم واجبا ما جاز الاعتكاف ليلا ؛ لأنّ الصوم باللّيل محال.
واعلم أن كلّ فعل كان ماضيه مفتوح العين فإنّ مستقبله يجوز كسره وضمّه. أما ما كان ماضيه مكسورا فالمضارع / منه مفتوح ، وما كان ماضيه مضموما فالمستقبل بالضمّ أيضا. نحو ظرف يظرف. فهذا جملة هذا الباب. وقد يشذّ منه الأحرف وقد بينتها فى غير هذا الموضع.
٣٢ ـ وقوله تعالى : (وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) [١٤١].
قرأ ابن عامر وحده : وإذ نجّاكم وكذلك هي فى مصاحفهم.
والباقون : (أَنْجَيْناكُمْ).
وإذ متعلقة بفعل ، التقدير : واذكروا إذ أنجيناكم. ومعنى أنجيناكم : أنجينا أباكم
__________________
(١) الحديث فى صحيح البخارى : ٨ / ١٧٧ كتاب الإيمان والنذور (باب إذا نذر أو حلف أن لا يكلم إنسانا فى الجاهلية ثم أسلم وينظر فتح البارى : ٨ / ١٧٧ رقم (٦٦٩٧). وينظر : صحيح مسلم : ٣ / ١٢٢٧ رقم (١٦٥٦) ومسند أحمد : ٢ / ٣٥.
[وأحييناكم] فوعظهم الله تعالى لئلا ينزل بهم نقمته إذا خالفوا.
٣٣ ـ وقوله تعالى : (جَعَلَهُ دَكًّا) [١٤٣].
قرأ حمزة والكسائىّ : دكّاء ممدودا ، جعله صفة ، والتقدير : فجعل الجبل أرضا ملساء دكّاء كقول العرب (١) ناقة دكاء : لاسنام لها ، فأقيمت الصفة مقام الموصوف.
وقرأ الباقون : (دَكًّا) جعلوه مصدرا كقوله : (دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا)(٢) غير أن هذا قد ذكر الفعل الذى صدر عن مصدره لفظا ، وقوله : ف (جَعَلَهُ) ليس من لفظ دكّا. غير أنه بمعناه فكأنّ التقدير : فلما تجلّى ربّه للجبل دكه دكّا.
إلا عاصما فإنه كان يمدّ الذى فى (الكهف) ويقصر هاهنا كأنه جمع بين اللّغتين لينبىء أنّ هذه جائزة وهذه جائزة ، فمن مدّ جمعها دكاوات ، ومن قصر لم يثنّ ولم يجمع ؛ لأنه مصدر ، وحكى لى عن بعض القرّاء أنه قرأ دُكّا بالضم والقصر (٣) / فيكون مصدرا وجمعا. والاختيار أنّ الدكّ الأرض الذّليلة.
٣٤ ـ وقوله تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ) [١٤٦].
قرأ حمزة والكسائىّ : الرَّشَد بفتح الراء والشين.
وقرأ الباقون بضم الرّاء وجزم الشّين (سَبِيلَ الرُّشْدِ).
فقال قوم : هما لغتان مثل السّقم والسقم والحزن والحزن ، وقال
__________________
(١) الإبل للأصمعى :
(٢) سورة الكهف : آية ٩٨.
(٣) هو يحيى بن وثاب ، والقراءة فى الكشاف : ٢ / ٩١ ، والبحر المحيط : ٤ / ٣٨٥.
أبو عمرو : الرّشد : الصّلاح. والرّشد : فى الدّين فلذلك كان يقرأ التى فى الكهف (رَشَداً)(١).
وقال أبو عبيد : الاختيار : الرّشد ـ بالضمّ والإسكان ـ لأنّ القراء أجمعوا على قوله : (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً)(٢) فهذا مثله.
قال أبو عبد الله رضي الله عنه : وكذلك : (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ)(٣) والغيّ : هاهنا الضّلال يقال غوي الرجل يغوى : إذا صار من أهل الغيّ. والغواية : الضّلالة. وأمّا غوى ـ بكسر الواو ـ يغوى غوى فشيئان : يقال فى السّخلة إذا بشمت من كثرة الشّرب للّبن ، وإذا هزلت من قلّة الشّرب ، وينشد (٤) :
معطّفة الأثناء ليس فصيلها |
|
برازئها درّا ولا ميّت غوى |
الدّرّ : اللّبن ، ومن ذلك قولهم : لله درك ، أي : لله صالح عملك ، وذلك أنّ العرب كانت تفتضّ الكرش لشرب مائه وتفصد العرق لتشرب الدّم فكان أفضل ما يشربون اللّبن وهو الدّرة فأمّا قوله : (لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) [١٤٦] فإن أبيّا قرأ (٥) لا يتّخذوها فالهاء فى كلا القراءتين تعود على / السّبيل ؛ لأنّ العرب تذكّر السّبيل وتؤنّثه ، قال الله تعالى : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي)(٦) وقال فى موضع آخر : (قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ)(٧) فأمّا ابن
__________________
(١) الآيتان : ١٠ ، ٢٤.
(٢) سورة النساء : آية : ٦.
(٣) سورة البقرة : آية : ٢٥٦.
(٤) أنشده المؤلف فى شرح الفصيح : ورقة : ٢ ، وهو فى التاج (غوى) : لعامر المجنون ، وفى تهذيب اللغة : ٨ / ٢١٨ ، واللسان (غوى) دون نسبة.
(٥) قراءة أبىّ فى البحر المحيط : ٤ / ٣٩٠ لابن أبى عبلة.
(٦) سورة يوسف : آية ١٠٨.
(٧) سورة النحل : آية ٩.
عامر فإنه قرأ فى الكهف (١) رُشُدا بضمتين أتبع الضمّ الضمّ كما قرأ أيضا : وأقرب رُحُما (٢) وكما قرأ عيسى بن عمر : (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)(٣).
٣٥ ـ وقوله تعالى : (بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي) [١٤٤].
قرأ ابن كثير ونافع بالتّوحيد ؛ لأن الرّسالة الواحدة قد يكون معها كلمات.
وقرأ الباقون بالجمع ليكون أشكل بالكلمات ويجوز أن يكون أرسله مرارا.
٣٦ ـ وقوله [تعالى] : (مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً) [١٤٨].
قرأ حمزة والكسائىّ بكسر الحاء واللّام.
والباقون بالضمّ على أصل الكلمة وذلك أن الحلي جمع حلي مثل حقو وحقى ووزن حلى : فعول والأصل : حلوي فلما اجتمعت واو وياء والسابق ساكن قلبوا من الواو ياء وأدغموا كما تقول : شويت اللحم شيّا ، وكويته كيّا ، وهذه عشرىّ لا عشروك ، وهؤلاء زيدىّ ، فذهبت النون للإضافة ، وقلبوا من الواو ياء وأدغموا.
وأمّا من كسر فقال حِلِيِّهم فإنه استثقل الضمة مع الياء كما تستثقل مع الكسرة فكسر الحاء لمجاورة اللّام ، ومثله (عِتِيًّا) و (جِثِيًّا) وبِكيّا.
وقرأ يعقوب الحضرمى (٤) : من حَلْيِهِم عجلا جسدا بفتح الحاء وجزم
__________________
(١) الآيتان : ٦٦ ، ٨٨.
(٢) الآيتان : ٦٦ ، ٨٨.
(٣) سورة هود : آية ٨١ ، وقراءة عيسى فى تفسير القرطبى : ٩ / ٨١ ، والبحر المحيط : ٥ / ٢٤٩.
(٤) إعراب القرآن للنحاس : ١ / ٦٣٨ ، وتفسير القرطبى : ٧ / ٢٨٤ والبحر المحيط : ٤ / ٣٩٢ ، والنشر : ٢ / ٢٧٢.
اللّام ، جعله واحدا. والجسد : الذى لا يتكلّم ألا تسمع قوله : (١)(أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً) وذلك أن بنى إسرائيل قالوا لموسى (اجْعَلْ لَنا إِلهاً) أي : صنما نعبده كما أن لقوم فرعون أصناما عمد السامري ـ فكان مطاعا فى قومه ـ إلى حلىّ عنده وعندهم فجعله عجلا وفوّهه فكان يصّوت إذا خرقته الرّيح فذلك قوله : (لَهُ خُوارٌ).
وقال آخرون : بل تناول من أثر حافر فرس جبريل صلىاللهعليهوسلم ترابا فلما اتخذ العجل ألقاه فى جوفه فكان ينخره.
وقال آخرون : إنما خار مرّة واحدة ثم لم يعد.
واسم فرس جبريل عليهالسلام : حيزوم.
٣٧ ـ وقوله تعالى : (لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا) [١٤٩].
قرأ حمزة والكسائىّ ترحمنا بالتاء خطاب لله تعالى. ربَّنا بالنّصب على النّداء المضاف ، تقديره : يا ربّنا ، واحتجا بحرف أبيّ (٢) ربّنا لئن لم ترحمنا.
وقرأ الباقون : (لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا) بالياء و (رَبُّنا) بالرّفع على الخبر. والله تعالى هو الفاعل.
٣٨ ـ وقوله تعالى : (قالَ ابْنَ أُمَ) [١٥٠].
قرأ أهل الكوفة إلا حفصا ، وابن عامر أمِّ بكسر الميم على الإضافة من غير ياء.
والاختيار كسر الميم ـ وإن تثبت الياء ـ لأن الياء إنما تسقط من المنادى نحو يا قوم ويا عباد ويا ربّ ، لا من المضاف إليه. فالصّواب يا ابن أخى
__________________
(١) سورة طه : آية : ٨٩.
(٢) القراءة فى معانى القرآن للفرّاء : ١ / ٣٩٣ ، والبحر المحيط : ٤ / ٣٩٤.
ويا ابن أمّى ، قال الشاعر (١) :
يا ابن أمّي ويا شقيّق نفسى |
|
أنت خلّيتنى لدهر كنود |
وقرأ الباقون : (يَا بْنَ أُمَ) بفتح الميم فلهم حجتان : إحداهما : أنّهم / جعلوا الاسمين اسما واحدا فبنيا على الفتح كما تقول : هو جارى بيت بيت ، ولقيته كفّة كفّة ، وعندى خمسة عشر ، وإنما فعلوا ذلك لكثرة الاستعمال ، وكذلك يا ابن عمّ ولا يستعملون ذلك فى غيرهما.
__________________
(١) البيت لأبي زبيد الطائى فى ديوانه : ٤٨ و (شعراء إسلاميّون : ٥٩٧) يرثى اللجلاج ابن أخيه الذى مات عطشا فى طريق مكة ، وكان من أحبّ الناس إليه ، وهى من المراثى المشهورة اختارها اليزيدى والقرشى ... أوّلها
إنّ طول الحياة غير سعود |
|
وظلال تأميل نيل الخلود |
علّل المرء بالرّجاء ويضحى |
|
غرضا للمنون نصب العود |
كل يوم ترمين منها برشق |
|
فمصيب أوصاف غير بعيد |
............................. |
|
غير أن اللّجلاج هدّ جناحى |
يوم فارقته بأعلى الصّعيد |
|
فى ضريح عليه عبء ثقيل |
من تراب وجندل منضود |
ورواية البيت فيه :
يا ابن حسناء شق نفسى يا للج |
|
لاج خليتنى لدهر شديد |
ويروى :
* يا ابن حسناء يا شقيّق نفسى*
وفى عجزه روايات أخرى. والشاهد فى الكتاب : ١ / ٣١٩ ، والجمل : ١٧٣ ، وشروح أبياتهما ، ومجاز القرآن : ٢ / ٢٥١ والمقتضب : ٤ / ٢٥٠ وأمالى ابن الشجرى : ٢ / ٧٤ ، ١٣١ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٢ / ١٢ ، وشرح الشواهد للعينى : ٤ / ٢٢٢.
والحجّة الثانية : أنّهم أرادوا النّدبة يابن أمّاه ويابن عمّاه.
٣٩ ـ وقوله تعالى : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ) [١٥٧].
قرأ ابن عامر : آصارهم بالجمع ، أى : أثقالهم.
وقرأ الباقون : (إِصْرَهُمْ) بالتّوحيد ، فالهمزة فى الواحد أصليّة ، وهى فاء الفعل ، وإصر مثل جذع.
وفى قراءة ابن عامر همزتان ، الأولى ألف الجمع ، والثانية أصليّة ، فلما اجتمع همزتان لينوا الثانية ، والأصل أأصار ، فلينت الثانية ، ووزنه أفعال مثل أجذاع.
٤٠ ـ وقوله تعالى : (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ) [١٦١].
قرأ نافع وحده تغفر بالتّاء والضمّ خطيئاتُكم بالجمع وبضمّ التاء جعلها اسم ما لم يسمّ فاعله.
وقرأ ابن عامر بالتاء أيضا إلّا أنه وحّد فقرأ : خطيَّتُكُم.
وقرأ أبو عمرو : (نَغْفِرْ) بالنّون خطياكم بالجمع ، جمع للتّكسير.
وقرأ نافع بجمع السّلامة كما تقول : رزيّة ورزايا ورزايات وقد بيّنت علّة ذلك فى سورة (البقرة) فأغنى عن الإعادة هاهنا.
وقرأ الباقون مثل أبي عمرو غير أنّهم قرأوا (خَطِيئاتِكُمْ) بكسر التّاء فى موضع نصب ، وإنما كسرت لأنّها غير أصلية ، كما تقول : رأيت سماوات ودخلت حمّامات.
٤١ ـ وقوله / تعالى : (قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ) [١٦٤].
روى حفص عن عاصم (مَعْذِرَةً) بالنصب على المصدر كقولك : اعتذرت اعتذارا ومعذرة بمعنى. وحجّته : أنّ الكلام جواب كأنّهم قيل لهم : لم
تعظون قوما الله مهلكهم؟ فأجابوا فقالوا : نعظهم اعتذارا إلى ربّهم ، كما يقول القائل : لم وبّخت فلانا؟ فتقول : طلبا لتقويمه.
وقرأ الباقون : معذرةٌ بالرّفع ، فلهم حجّتان :
إحداهما : ما قال سيبويه (١) ـ رحمهالله ـ إنّ معناه : موعظتنا إياهم معذرة جعلها خبر ابتداء.
والثّانية : أنّ تقديرها عند أبي عبيد : هذه معذرة.
فأمّا قوله تعالى (٢) : (وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) فقيل : معناه : ولو أسبل ستوره : وقال الأخفش : واحد المعاذير معذار.
٤٢ ـ وقوله تعالى : (بِعَذابٍ بَئِيسٍ) [١٦٥].
قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائىّ (بَئِيسٍ) على فعيل ، قال الشّاعر (٣) :
حنقا علىّ وما ترى |
|
لى فيهم أثرا بئيسا |
__________________
(١) الكتاب : ١ / ١٦١.
(٢) سورة القيامة : آية ١٥.
(٣) البيت لذى الإصبع العدوانى ، واسمه حرثان بن محرث ديوانه : ٤٤ وقبله :
إنى رأيت بنى أبي |
|
ك يحمّجون إلى شوسا |
حنقا ....... |
يخاطب بها ابن عمه ، الأغانى ٣ / ١٠١ ، وله فيه قصيدة طويلة مشهورة : أولها :
يا من لقلب شديدا لهم محزون |
|
أمسى تذكر ريا أم هارون |
يقول :
ولى ابن عم على ما كان من خلق |
|
مختلفان فأقليه ويقلينه |
الديوان : ٨٨ والشاهد فى مجاز القرآن : ١ / ٢٣١ ، وتفسير الطبرى : ١٣ / ٢٠١.
وقرأ نافع بعذاب بِيس بكسر الباء بغير همز ، وينشد :
لم ترو حتّى بلّت الدّبيسا (١) |
|
ولقى الّذى أدّاه (٢) أمرا بيّسا |
وقرأ ابن عامر مثل نافع إلا أنه يهمز بِيْس بهمزة ساكنة ، وروى خارجة عن نافع بعذاب بَيْس بفتح الباء مثل بيت ، وروى أبو عبيدة عن عبيد عن شبل عن ابن كثير : بعذاب بِئيس كسر الباء مثل نافع ، إلا أنّه يمدّه.
وروى حفص عن عاصم : / (بِعَذابٍ بَئِيسٍ) على فعيل بكسر العين.
وروى أبو بكر عنه : بَيْئَس على فيعل بفتح الهمزة وهو الاختيار مثل صيرف وصيقل. فهذه سبع قراءات عن السّبعة فى هذه الحروف.
وفيها ثلاث قراءات عن غير السّبعة :
قرأ الحسن : (٣) بعذاب بئسَ كما تقول : بئس ما صنعت.
وقرأ طلحة بن مصرّف : (٤) بعذاب بَئِس مثل فخذ.
وقرأ نصر بن عاصم (٥) : بعذاب بَيَس بفتح الباء والياء مثل حمل فتلك عشر قراءات فعيل وفيعل وفعل وفعل مهموز وفعل غير مهموز وفعل بفتح السين وفعيل مثل شعير وبعير ، وفعل وفعل وفعل.
فأمّا تفسير هذه الآية فإن أبا بكر محمد بن القاسم الأنبارىّ رحمهالله حدّثنى قال : حدّثنى عبد الله بن محمد ، قال : حدّثنا يوسف بن موسى ، قال : حدّثنا يحيى بن سليمان الطّائفىّ عن ابن جريج عن عكرمة قال : دخلت على ابن عبّاس وهو ينظر فى المصحف ـ قبل أن يذهب بصره ـ ويبكى فقلت :
__________________
(١) (١ ـ ١) كذا قرأتها والله أعلم.
(٢) (١ ـ ١) كذا قرأتها والله أعلم.
(٣) البحر المحيط : ٤ / ٤١٢.
(٤) المصدر نفسه.
(٥) المصدر نفسه.
ما يبكيك يا أبا العبّاس جعلنى الله فداك؟ فقال لى : هل تعرف أيلة؟ قلت : وما أيلة؟ قال : هى قرية كان فيها ناس من اليهود ، وكان الله تعالى قد حرّم عليهم صيد الحيتان فى يوم السّبت فكانت تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرّعا سمانا فتربض بأقبيتهم وأبنيتهم ، فإذا طلبوها فى غير السّبت لم يدركوها إلا [بمؤنة] / شديدة فقال بعضهم لبعض ، أو من قال ذلك منهم : لعلنا لو أخذناها فأكلناها فى غير يوم السبت ، ففعل ذلك أهل بيت منهم فاصطادوا وشووا ، فلما شمّ جيرانهم رائحة الشّواء قالوا : ألا ترون أن بنى فلان لم يعاقبوا؟ وفشا فيهم ذلك الفعل حتى افترقوا فرقا ثلاثا : فرقة أكلت ، وفرقة نهت ، وفرقة قالوا : (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً).
فأمّا الفرقة التى نهت فإنهم قالوا : يا قوم إنا نحذركم غضب الله وعقابه وأن يصيبكم بمسخ أو قذف أو خسف ، أو ببعض ما عنده من العذاب ، والله لانبايتكم فى موضع ، ثم خرجوا عنهم ، وغدوا عليهم فقرعوا عليهم الباب باب القرية فلم يكلمهم أحد ، فجاءوا بسلم وأسندوه إلى السور ، ورقى منهم راق عليه فلما أشرف قال : يا عباد الله فإذا هى قردة لها أذناب تعاوى يقولها ثلاثا ، ثم نزل ففتح الباب فدخلوا عليهم ، فعرفت القردة أنسابها من الإنس ، ولم يعرف الإنس أنسابها من القردة ، فكان القردة تأتى نسيبها وقريبها (١) من الإنس فتحرك به وتشير إليه. فيقول : أنت فلان فيشير برأسه ، أي : نعم ويبكى ، وكانت القردة تأتى نسيبيها وقريبها من الإنس فتفعل مثل ذلك ، فقالوا / لهم : أما إنّا فقد حذرناكم غضب الله وعقابه أن يصيبكم الله بمسخ أو قذف أو خسف ، أو ببعض ما عنده من العذاب.
قال ابن عباس : فاسمع الله يقول : (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) [١٦٥].
ولا أدرى ما فعلت الفرقة الثّالثة ، فكم قد رأينا منكرا فلم نغيّره؟!
__________________
(١) فى الأصل : «نسيبه وقريبه».
قال عكرمة : فقلت : يا أبا العبّاس ـ جعلنى الله فداك ـ ألا ترى أنهم قد أنكروا حين قالوا : (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً) قال : فأعجبه ذلك من قوله وأمر له ببردين غليظين كساه بهما (١).
قال أبو عبد الله ـ رضى الله عنه ـ : فعلى هذا التّفسير الاختيار أن يقف على قوله : (وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ) [١٦٣].
٤٣ ـ قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ) [١٧٠].
قرأ عاصم فى رواية أبى بكر بالتّخفيف هاهنا وفى (الممتحنة) (٢) وقرأ أبو عمرو بالتّشديد.
وقرأ الباقون فى (الأعراف) بالتّشديد ، فمن خفّف احتج بقوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ)(٣) وبقوله : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ)(٤) ولم يقل مسّك. ومن شدّد احتج بقراءة أبيّ : والّذين مسّكوا بالكتب (٥).
٤٤ ـ وقوله تعالى : (مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) [١٧٢].
قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر ذرّياتهم على الجماع وكسر التّاء ، وهو فى موضع نصب ؛ لأنّ التّاء غير أصليّة.
__________________
(١) الخبر الذى ذكره المؤلف هنا بروايات وطرق مختلفة فى تفسير الطبرى ، خرجها وعلق عليها شيخنا وأستاذنا ومعلّمنا الأول الأستاذ محمود محمد شاكر نفع الله به وبعلمه ومتعه بالصحة والعافية. وجزاه عن العلم وطلابه خيرا ينظر ج ١٣ / ١٨٦ ـ ١٩٨.
(٢) الآية : ١٠.
(٣) سورة المائدة : آية ٤.
(٤) سورة الأحزاب آية ١٠.
(٥) قراءة أبىّ فى الكشاف : ٢ / ١٠٢.
وقرأ الباقون (ذُرِّيَّتَهُمْ) واحدة ، فاختلف / النّاس فى ذلك فقال قوم : خلق الله تعالى النّاس بعضهم من بعض ومسح ظهر آدم فأخرج الخلق منه كأمثال الذرّ ، فأخذ العهد عليهم بعقل ركنه فيهم فقال : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا) فهاهنا الوقف ، فكان يختاره ابن مجاهد ويبتدى ب «أن» مفتوحة بفعل مضمر. فكلّ إنسان إذا بلغ الحلم علم بعقله أنّ الله خالقه ، واستدلّ لذلك ، وإنما بعث الله تعالى الرّسل وأوضح البراهين ليؤكّد الحجّة عليهم.
٤٥ ـ وقوله تعالى : (أَنْ تَقُولُوا أَوْ تَقُولُوا) [١٧٢ ؛ ١٧٣].
قرأ أبو عمرو وحده بالياء.
والباقون بالتاء.
فمن قرأ بالياء فشاهده (مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ).
والتّاء محمولة على ما قبلها من المخاطبة فى قوله عزوجل : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ).
٤٦ ـ وقوله تعالى : (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ) [١٨٠].
قرأ حمزة وحده يَلحدون بفتح الياء وكذلك فى (النّحل) (١) و (السّجدة) (٢) كلّهن بالفتح.
وقرأ الباقون بالضمّ إلا الكسائىّ وحده ، فإنه فتح التى فى (النّحل) فقال قوم : لحد فى القبر وألحد بمعنى واحد ، وقد جاء فى القبر ألحد قال الشّاعر (٣) :
__________________
(١) الآية : ١٠٣.
(٢) السجدة (فصّلت) : ٤٠.
(٣) البيت لحسان بن ثابت فى ديوانه : ٢٦٩ من قصيدة يرثى فيها النبى صلىاللهعليهوسلم أولها :
ما بال عينى لا تنام كأنّما |
|
كحلت مآقيها بكحل الأرمد |
جزعا على المهديّ أصبح ثاويا |
|
يا خير من وطئ الحصا لا تبعد |
جنبى يقيك الترب لهفى ليتنى |
|
غيّبت قبلك فى بقيع الغرقد |
أأقيم بعدك بالمدينة بينهم |
|
يا لهف نفسى ليتنى لم أولد |
بأبى وأمّى من شهدت وفاته |
|
فى يوم الاثنين النّبى المهتدى |
يا ويح أنصار النّبيّ ونسله |
|
بعد المغيّب فى سواء الملحد |
ف «ملحد» لا يكون إلا من ألحد ، ولو كان من لحد لكان ملحودا كما قالت زينب رضى الله عنها : يا قصّة على ملحود ـ ، أي : يا جصّا على قبر ـ فلا هدأت الدّية ولا رفأت العبرة» (١) فيقال / للقبر : الملحود واللّحد والديم والضّريح والجدث والجدف والبيت والمحنا ـ والمحنا فى غير هذا : الترس ـ والمطمطمة : القبر أيضا ، والرّمس والمنهال.
٤٧ ـ قوله تعالى : (وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ) [١٨٦].
قرأ عاصم وأبو عمرو بالياء والرّفع على الاستئناف ، إذ لم يتقدمه فعل ينسق عليه.
وقرأ حمزة والكسائىّ بالياء والجزم نسقا على موضع فاء الجزاء فى قوله : (فَلا هادِيَ لَهُ).
وقرأ الباقون بالنّون والرّفع ، أى : ونحن نذرهم كما قال فى (البقرة) (٢)(فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ).
٤٨ ـ وقوله تعالى : (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ) [١٩٠] قرأ نافع وعاصم فى رواية أبى بكر : شِرْكا.
وقرأ الباقون على (فعلاء) جمع شريك.
فالمعنى فى ذلك (٣) : أن حواء لما حملت أتاها إبليس ـ لعنه الله ـ فقال لها : ما الّذى فى بطنك أبهيمة أم حية؟ فقالت : لا أدرى.
فقال : إن دعوت الله أن يجعله بشرا سويّا أتسمينه باسمى قالت : نعم
__________________
(١) النهاية : ٤ / ٧١.
(٢) سورة البقرة : آية ٢٧١.
(٣) أسباب النزول للواحدى : ٢٢٥.
(فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ) فى التّسمية فسمياه عبد الحارث وكان اسمه الحارث ، لا فى الطّاعة.
٤٩ ـ قوله تعالى : (إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ) [١٩٦].
قرأ القراء بثلاث ياءات الأولى : ياء فعيل ، والثانية : أصلية ، والثالثة ياء الإضافة إلى النفس ، فأدغمت الياء الزائدة فى الياء الأصليّة ، فالتّشديد من جلل ذلك ، والوسطى مكسورة ، وإن كانت فى موضع نصب ؛ لاتصالها بياء الإضافة ؛ لأنّ ياء الإضافة / يكسر ما قبلها ، فياء الإضافة مفتوحة كما تقول : إن غلامى الكريم. وروى ابن اليزيدى (١) عن أبيه عن أبي عمرو إنّ ولىَّ الله بياء مشددة ؛ كأنه حذف الياء الوسطى وأدغم الأولى فى الثانية كما تقول : عليّ ولديّ.
وروى عن عاصم الجحدرىّ (٢) إنّ ولىِّ الله بياء مشدّدة مكسورة ، فكأنه حذف الياء الوسطى وأسكن ياء الإضافة وكسرها لالتقاء الساكنين.
قال ابن خالويه ـ رحمهالله ـ : الصّواب فى قراءة الجحدرىّ أن تقول : أسقط ياء الإضافة ؛ لأنّه أسكنها ، ولقي الياء ساكنا آخر ، والكسرة دالة عليها.
٥٠ ـ وقوله تعالى : (إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ) [٢٠١].
قرأ أبو عمرو وابن كثير والكسائىّ طَيفٌ بغير ألف والأصل : طيّف بتشديد الياء فحذفوا إحدى الياءين اختصارا كما تقول : هين لين وميت.
وأخبرنى محمّد بن الحسن النّحويّ ؛ وابن مجاهد عن إسماعيل عن نصر
__________________
(١) هو محمد بن يحيى بن المبارك اليزيدى. أخذ عن أبيه عن أبى عمرو (غاية النهاية : ٢ / ٢٧٧).
(٢) هو عاصم بن أبى الصباح. قرأ على نصر بن عاصم والحسن ويحيى بن يعمر. وقرأ عليه عيسى بن عمر الثقفى. توفى سنة ثمان وعشرين ومائة. وقيل غيرها. (غاية النهاية : ١ / ٣٤٩).
عن الأصمعى عن أبي عمرو إذا مسّهم طيف وأنشد (١) :
ما هاج حسّان رسوم المقام |
|
ومظعن الحىّ ومبنى الخيام |
جنّيّة أرّقنى طيفها |
|
تذهب صبحا وترى فى المنام |
ويقال : طاف الخيال يطيف طيفا ومطافا ، وطاف فهو طائف وقال جرير (٢) :
طاف الخيال وأين منك لماما |
|
فارجع لزورك فى السّلام سلاما |
فلقد أنى لك أن تودّع خلّة |
|
رثّت وكان حبالها أرماما / |
فمعنى طائف الشّيطان : وسواسه ولممه وخبله ، وأنشد أبو عبيدة (٣) :
وتصبح عن غبّ السّرى وكأنّما |
|
ألمّ بها من طائف الجنّ أولق |
فهذا شاهد الباقين الذين قرأوا : (طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ).
__________________
(١) البيتان لحسان بن ثابت فى ديوانه : ١٠٦ ، وهما غير متجاورين بينهما :
والنؤي قد هدّم أعضاده |
|
تقادم العهد بوادى تهام |
قد أدرك الواشون ما حاولوا |
|
فالحبل من شعثاء رثّ الرّمام |
جنّيّة أرّقنى ...................... |
|
................... البيت |
(٢) ديوانه : ٢ / ٩٧٧ مطلع قصيدة يهجو بها الفرزدق والبعيث ، النقائض : ٣٨.
(٣) للأعشى فى مجاز القرآن : ١ / ٢٣٦. وديوانه : ١٤٧ ، وجمهرة اللغة : ١ / ٧٦ ، واللّسان (طيف). والبيت من قصيدته المشهورة فى مدح الملحق أولها :
أرقت وما هذا السّهاد المؤرّق |
|
ومابي من سقم ومابي معشق |
وقال آخر (١) :
أنّى ألمّ بك الخيال يطيف |
|
ومطافه لك ذكرة وشعوف |
٥١ ـ وقوله تعالى : (لا يَتَّبِعُوكُمْ) [١٩٣].
قرأ نافع وحده لا يَتْبعوكم خفيفا.
وقرأ الباقون مشدّدا فقال : تبع وأتبع بمعنى واحد وقال آخرون : اتبعه : سار فى أثره. وأتبعه : ألحقه.
٥٢ ـ [وقوله تعالى] : (يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِ)(٢) [٢٠٢].
وقرأ نافع يُمدّونهم فى الغيّ بضمّ الياء.
والباقون بفتحها.
٥٣ ـ وقوله تعالى : (ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ) [١٩٥].
قرأ أبو عمرو ونافع فى رواية خارجة كيدونى بياء فى الوصل وبغير ياء فى الوقف ، وإنما أثبت أبو عمرو الياء هاهنا ولم يثبتها فى قوله : (فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ) لأنّها رأس آية فاصلة.
والباقون بغير ياء فى الوصل والوقف ، اتباعا للمصحف. وأمّا ابن عامر فإنه قرأ برواية هشام : ثمّ كيدونى وأثبتها فى الحالين. وابن ذكوان حذفها فى الحالين.
__________________
(١) البيت لكعب بن زهير فى ديوانه : ١١٣ ، وأنشده أبو عبيدة فى المجاز : ١ / ٢٣٧ ، والطبرى فى تفسيره : ١٣ / ٣٣٥ وهو فى اللسان (طيف).
(٢) يظهر أن الناسخ أسقط بعض هذه الفقرة. جاء فى السّبعة لابن مجاهد : ٣٠١ بعد ذكر الآية : «فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائى (يَمُدُّونَهُمْ) بفتح الياء وضمّ الميم. وقرأ نافع وحده ....
واختلفوا فى هذه السّورة فى سبع ياءات إضافة :
(رَبِّيَ الْفَواحِشَ) [٣٣].
قرأ حمزة وحده غير مفتوحة ، والباقون يفتحون.
و (مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ) [١٠٥].
فتحها حفص عن عاصم وحده.
[و](إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ) [١٤٤].
فتحها أبو عمرو وابن كثير.
[و](حَقِيقٌ عَلى) [١٠٥].
فتحها نافع وحده ، وجعلها ياء إضافة وقد ذكرته قبل.
[و](عَذابِي أُصِيبُ بِهِ) [١٥٦].
فتحها نافع وحده.
[و](آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ) [١٤٦].
أسكنها حمزة وابن عامر /.
* * *