إعراب القراءات السبع وعللها - ج ١

الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني النحوي الشافعي

إعراب القراءات السبع وعللها - ج ١

المؤلف:

الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني النحوي الشافعي


المحقق: الدكتور عبدالرحمن بن سليمان العثيمين
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة الخانجي
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
977-5046-07-6

الصفحات: ٤٢٤
الجزء ١ الجزء ٢

وقرأ حمزة والكسائى نَعِمّا هي .. بكسر العين وفتح النون.

وابن عامر كمثل.

وقرأ أبو عمرو ونافع في سائر الرّوايات وعاصم في رواية أبي بكر نِعْمّا هي بكسر النون وإسكان العين.

وزعم بعض النّحويين أنه أردأ القراءات ؛ لأنه قد جمع بين ساكنين الميم والعين ، وليس إحدهما حرف لين. والاختيار إسكان العين ؛ لأن هذه اللّفظة رويت عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص (١) : «نعمّا بالمال الصّالح» كذا تحفظ هذه اللّفظة عن النّبي ، ومتى ما صحّ الشيء عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يحل للنّحوي ولا غيره أن يعترض عليه. والأصل في نعم وبئس : نعم وبئس ، فلما كانا فعلين غير متصرفين ، وعين الفعل حرف من حروف / الحلق أتبعوا فاء الفعل عينه ، فقالوا : نعم وبئس ثم اسكنوه وخففوه ، فيجوز فيه أربع لغات : نعم على الأصل ، ونعم مثل فخذ ونعم مثل فخذ ، ونعم مثل فخذ وذكر ذلك المبرّد (٢) رحمه‌الله.

وقرأ يحيى بن وثاب نَعِمَ العبد (٣) على الأصل.

قال الشاعر (٤) :

__________________

(١) أخرجه أحمد فى مسنده : ٤ / ٢٠٢ ، ٢٠٣ ، والبخارى فى الأدب المفرد : ٢٩٩ ، وابن حبّان : ١٠٨٩ وهو حديث صحيح.

(٢) المقتضب : ٢ / ١٤٠.

(٣) سورة ص : آية : ٣٠.

والقراءة فى البحر المحيط : ٧ / ٣٩٦.

(٤) البيت لطرفة بن العبد فى ديوانه : ٧٢ من قصيدة طويلة أولها :

أصحوت اليوم أم شاقتك هر

ومن الحبّ جنون مستعر

لا يكن حبّك داء قاتلا

ليس هذا منك ماويّ بحر

١٠١

ما استقلّت قدم إنّهم

نعم السّاعون في الأمر المبرّ

واختلف النّاس في قوله : فَنَعِمّا هي فقال قوم : «ما» هي صلة ، كقوله : (عَمَّا قَلِيلٍ)(١) ، أي : عن قليل. وقال آخرون : «ما» اسم يرتفع بنعم مثل «ذا» ب «حبّ» ثم جعلوا حبّذا ونعما اسما واحدا. وقال الكسائي : الأصل : (فنعم ما هي) فحذفوا «ما» الأخيرة اختصارا ، وفي حرف ابن مسعود إن تبدوا الصّدقات فِنِعمَ ماهى (٢) وروى الحلواني ، عن عاصم (فَنِعْما) مخففا ، وأخطأ.

٤٠ ـ وقوله تعالى : (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ) [٢٧١] وقرأ نافع وحمزة والكسائىّ بالنون والجزم ، نسقا على الشّرط الذي تقدم وهو قوله : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ) فيكون تكفيره تكفير السّيئات مع قبول الصّدقات.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر بالرّفع والنّون ؛ وذلك أن الشّرط إذا وقع جوابا بالفاء كان من بعد الفاء مرفوعا ، وكذلك المنسوق على ما بعد الفاء الرفع الاختيار فيه.

__________________

ـ والشاهد فى الكتاب : ٢ / ٤٠٨ ، والمقتضب : ٢ / ١٤٠ ، المحتسب : ١ / ٣٥٧ ، والخصائص : ٢ / ٢٢٨ ، وأمالى ابن الشجرى : ٢ / ٥٥ ، ١٥٧ ، والمرتجل : ١٦٣ والإنصاف : ٧٣ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٧ / ١٢٧ ، والخزانة : ٤ / ١٠١.

ورواية الديوان :

ففداء لبنى قيس على

ما أصاب النّاس من خير وضر

خالتى والنفس قدما إنهم

نعم السّاعون فى القوم الشطر

(١) سورة المؤمنون : آية : ٤٠.

(٢) سورة البقرة : آية : ٢٧١.

١٠٢

وقرأ ابن عامر ، وحفص عن عاصم (وَيُكَفِّرُ) بالياء والرفع ، جعلا الفعل لله تعالى.

وكذلك / من قرأ بالنون غير أن المخبر بالنون هو الله تعالى عن نفسه ، ووجه الياء : قل يا محمد يكفر الله من سيئاتكم عنكم.

وروي عن ابن عبّاس ، وعن حميد وتُكَفِّرُ بالتاء كأنّه ردّه إلى الصّدقات ، ويجوز أن يريد السّيئات من هذا الوجه ولا يعتد ب «من».

٤١ ـ وقوله تعالى : (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ) [٢٧٣] قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بفتح السين فى جميع القرآن.

وقرأ الباقون بكسر السين ، فمن فتح السين ، ذهب إلى محض العربية أن ما كان ماضيه بالكسر كان مستقبله بالفتح نحو : قضم يقضم ، وعلم يعلم.

ومن كسر السين ـ وهو الاختيار ـ ذهب إلى أن العرب تفتح الفعل المستقبل إذا كان ماضيه مكسورا إلا أربعة أحرف (١) ، فإنه جاء على فعل يفعل نحو : حسب يحسب ، ونعم ينعم ، ويبس ييبس ، ويئس ييئس ، ومع هذا فإنه لغة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٣ ـ وقوله تعالى : (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ) [٢٧٩] قرأ حمزة وعاصم في رواية أبي بكر فآذِنوا بالمدّ وكسر الذّال.

وقرأ الباقون بالقصر أرادوا (فَأْذَنُوا) أنتم ، أي : اعلموا وكونوا على علم ، ومن مد أراد : فآذنوا غيركم.

٤٢ ـ وقوله تعالى : (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) [٢٨٠] قرأ نافع وحده ميسُرة بضم السّين مثل مشرُقة.

__________________

(١) إعراب ثلاثين سورة : ١٨١ وليس فى كلام العرب : ٤٤ ، ٤٥ وفيه : «إلا ثلاثة أحرف» ولم يذكر (حسب).

١٠٣

وقرأ الباقون (مَيْسَرَةٍ) مثل مشرقة ، ولم يختلفوا في (فَنَظِرَةٌ) ولا (ذُو عُسْرَةٍ) إلا ما روي عن عثمان فإنه قرأ فإن كان ذا عسرة جعله خبر كان ، والاسم مضمر والتّقدير ، وإن كان المدين ذا عسرة. ومن رفع جعل / «كان» بمعنى حدث ووقع ، ولم يحتج إلى خبر تقول : قد كان الأمر ، أي : قد وقع.

٤٣ ـ وقوله تعالى : (وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ) [٢٨٠] قرأ عاصم وحده (تَصَدَّقُوا) خفيفة.

وقرأ الباقون بتشديد الصّاد والدّال على أصل الكلمة ؛ لأن الأصل تتصدقوا فأدغمت التاء في الصّاد ، ومن خفف حذف تاءه.

٤٤ ـ قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ) [٢٨١] قرأ أبو عمرو وحده يوما تَرجعون فيه بفتح التّاء وكسر الجيم.

والباقون بضمّ التّاء وفتح الجيم.

٤٥ ـ قوله تعالى : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ) [٢٨٢] قرأ حمزة وحده إن تضلّ بالكسر فتذكّرُ بالرّفع والتّشديد.

وقرأ الباقون (أن تضلّ) بالفتح (فَتُذَكِّرَ) بالنّصب والتّشديد غير أن ابن كثير وأبا عمرو خفّفاه ، فمن فتح نصب (تضل) ب «أن» ونسق عليه (فَتُذَكِّرَ) ومن قرأ بالتّخفيف فيكون : أذكرت وذكّرت بمعنى ، مثل كرّمت وأكرمت.

وأمّا حمزة فإنّه جعل «إن» حرف الشّرط «وتضل» جزم بالشرط ، «وتذكر» فعل مستقبل.

٤٦ ـ وقوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً) [٢٨٢] قرأ عاصم (تِجارَةً حاضِرَةً) بالنّصب.

١٠٤

وقرأ الباقون بالرفع ، فمن قرأ بالرفع ففيه جوابان :

أحدهما : أن يجعل (التجارة) اسما لكان (تُدِيرُونَها) الخبر وتلخيصه : تجارة حاضرة مدارة بينكم.

والاختيار أن تجعل «كان» بمعنى حدث ووقع ، ولا خبر له. ومن قرأ بالنصب ـ ولا وجه له ـ أضمر اسم «كان» ، فأمّا قوله : (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) فى (النّساء) (١) فالنصب جيد ، قد قرأ به أهل الكوفة ؛ لأن ذكر المال قد تقدم في قوله : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ) إلا أن تكون الأموال تجارة.

٤٧ ـ وقوله تعالى : (فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ) [٢٨٣] / قرأ ابن كثير وأبو عمرو (فَرُهُنٌ).

وقرأ الباقون (فَرِهانٌ) وهما جمعان ف (رهن) و (رهان) كبحر وبحار ، وأمّا «رهن» فقال أهل الكوفة : أن رهانا جمع رهن ، ثم جمع الرّهان رهنا ، فهو جمع الجمع.

٤٨ ـ وقوله تعالى : (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ) [٢٨٣] قرأ حمزة وعاصم في رواية أبي بكر بضم الهمزة وهو خطأ.

وقرأ الباقون بإسكان الهمزة ، وهو الصّواب ؛ لأن وزنه افتعل فالهمزة فاء الفعل ، وهي ساكنة ، فإذا ابتدأت على همزة قلت : أأتمن بهمزتين.

والباقون يكرهون اجتماع همزتين فيقلبون الثانية واوا فيبدلون أوتمن.

٤٩ ـ وقوله تعالى : (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) [٢٨٤].

قرأ عاصم وابن عامر (فَيَغْفِرُ) بالرّفع.

وقرأ الباقون بالجزم نسقا على يحاسبكم ، ومن رفعه جعله مستأنفا.

__________________

(١) الآية : ٢٩.

١٠٥

٥٠ ـ وقوله تعالى : (وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) [٢٨٥].

قرأ حمزة والكسائي : (وكتابه) على لفظ الواحد.

وقرأ الباقون : (وَكُتُبِهِ) بالجمع ، مثل : ثمار وثمر.

٥٢ ـ وقوله تعالى : (بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) [٢٨٥].

قرأ أبو عمرو وحده ما أضيف إلى حرفين مخففا نحو : رُسْلِكُم (١) ورُسْلُنا (٢) وكذلك سُبْلَنا (٣).

وقرأ الباقون بالثقيل على أصل الكلمة ؛ لأنه جمع رسول نحو عمود وعمد ، والخفيف فرع على الثقيل وإنما خفّف أبو عمرو في الجمع ولم يخفّف في الواحد ؛ لأن الجمع أثقل من الواحد ، مثل إدغامه خلقْكُّم ثمّ رزقْكُّم (٤) ولا يدغم خلقك ورزقك /.

وحذف من هذه السّورة ستّ يا آت اختلفوا في ثلاث

(دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) [١٨٦].

فأثبت أبو عمرو الياء فيهما في الوصل ، وحذفهما في الوقف ، وروى إسماعيل بن جعفر وورش عن نافع مثل أبي عمرو ، وروى المسيبى عنه بغير ياء فيهما ، وروى قالون عنه أنه وصل الدّاعي بياء ووقف بغير ياء ولم يذكر إذا دعاني.

وقرأ الباقون بغير ياء في وصل ووقف.

__________________

(١) سورة غافر : آية : ٥٠.

(٢) سورة المائدة : آية : ٣٢.

(٣) سورة إبراهيم : آية : ١٢.

(٤) سورة الروم : آية : ٤٠. وقد مرت. وفى الأصل : «خلقكم ورزقكم».

١٠٦

(وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ) [١٩٧].

أثبتها أبو عمرو في الوصل ، وحذفها في الوقف ، رده في الوصل إلى أصل الكلمة ، وفي الوقف إلى المصحف. وحذفها الباقون وصلا ووقفا.

* * *

١٠٧

ومن السورة التى يذكر فيها

(آل عمران)

١ ـ قوله تعالى : (وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) [٣].

قرأ نافع وحمزة (التَّوْراةَ) بين الإمالة والتّفخيم ، غير أن حمزة يقف بالتاء وقرأ أبو عمرو والكسائي وورش ، عن نافع التّورية بالكسر لاجتماع الراء مع الياء.

وقرأ الباقون بالتّفخيم على لفظ الكلمة.

٢ ـ وقوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ) [١٢]

و (يَرَوْنَهُمْ) [١٣].

قرأ حمزة والكسائىّ ثلاثهنّ بالياء.

وقرأهن نافع بالتّاء.

وقرأ الباقون (سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ) بالتاء (يَرَوْنَهُمْ) ، بالياء ، والأمر بينهن قريب.

فمن قرأ بالتّاء تقديره : قل يا محمد ستغلبون ، وتحشرون. ومن قرأ بالياء أخبر عن غيب ، ومثل ذلك في الكلام أن تقول : قلت لزيد أن سيركب وستركب كلّ ذلك / صواب.

٣ ـ وقوله تعالى : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ) [١٥].

قرأ عاصم فى رواية أبي بكر : ورُضوان بضم الرّاء في كلّ القرآن إلا

١٠٨

حرفا واحدا في سورة (المائدة) (١)(مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ) فإنه يكسر الرّاء فيها.

وقرأ الباقون كلّ ذلك بالكسر ، وهي اللّغة المشهورة. ومن ضمّ الراء فله حجتان :

إحداهما : أنّه فرّق بين الاسم والمصدر ، وذلك أن اسم خازن الجنّة رضوان ، ورضوان مصدر ، رضي يرضى رضى ورضوانا ، وغفر غفرانا.

والحجة الأخرى : أن (فعلانا) فى المصادر يأتي منه كسر للضم ، كقولك : رجل قنعان إذا رضي الخصمان به وبحكمه ، والفرقان لكل ما فرّق بين الشيئين.

٤ ـ وقوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) [١٩].

قرأ الكسائيّ وحده أنّ الدّين بفتح الألف.

وقرأ الباقون (إِنَّ الدِّينَ) بكسر الألف ، فمن كسر أوقع الشّهادة على الأولى ، وابتدأ (إِنَّ الدِّينَ) ومن فتحها جعل الثانية بدلا من الأولى ، والتقدير : شهد الله أنه لا إله إلا هو ، وأن الدّين عند الله الإسلام.

٥ ـ وقوله تعالى : (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ) [٢١].

قرأ حمزة وحده : ويقاتلون بألف.

وقرأ الباقون : (وَيَقْتُلُونَ) بغير ألف. فيقتلون إخبار عن واحد ويقاتلون بألف إخبار عن اثنين فعل وفاعل.

٦ ـ وقوله تعالى : (تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) [٢٧].

قرأ نافع وحمزة والكسائىّ بتشديد الياء في كلّ القرآن.

__________________

(١) الآية : ١٦.

١٠٩

وكذلك قرأ حفص عن عاصم.

وزاد نافع عليهم أو من كان ميِّتا (١) ولحم أخيه ميِّتا (٢).

وقرأ الباقون / بتخفيف ذلك كلّه. فمن شدّد فهو على أصل الكلمة ؛ لأنه لمّا اجتمع واو وياء والسابق ساكن قلبوا من الواو ياء وأدغموا الياء في الياء. ومن خفف قال : كرهت أن أجمع بين ياءين ؛ إذ كان التّشديد مستثقلا فخزلت ياء كما قال تعالى (٣) : إنّ الّذين اتّقوا إذا مسّهم طَيْف والأصل : طَيِّف.

٧ ـ وقوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) [٢٨] و (حَقَّ تُقاتِهِ) [١٠٢].

فقرأهما نافع بين الإمالة والتّفخيم.

وقرأ الكسائيّ بالإمالة جميعا.

وقرأ حمزة : الأول بالإمالة ، والثانى بالتفخيم.

وقرأ الباقون بالفتح فيهما.

فحجّة من فتح أنه أتى بالكلمة على أصلها ، والأصل في تقاة : تقية ، فقلبوا فى الياء ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها كما قالوا : قضاة والأصل : قضية.

ومن أمال فلأنّ الياء وإن كانت قلبت ألفا فإنه دلّ بالإمالة على الياء وهي أصل الكلمة كما قرأ قضي (٤) ورمي (٥).

__________________

(١) سورة الأنعام آية : ١٢٢.

(٢) سورة الحجرات : آية : ١٢.

(٣) سورة الأعراف : آية : ٢٠١. وهذه القراءة سيذكرها المؤلّف فى موضعها.

(٤) لعله يشير إلى ما كان مثل الآية الكريمة : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) .. سورة الإسراء : آية : ٢٣.

(٥) لعله يشير إلى ما كان مثل الآية الكريمة : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) سورة الأنفال : آية : ١٧.

١١٠

وأمال حمزة الأولى تبعا للمصحف ؛ لأنّها كتبت في المصحف بالياء ، تقية.

وحجة ثانية : أنه جمع بين اللّغتين.

٢٩ ـ وقوله تعالى : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ) [٣٦].

قرأ عاصم في رواية أبي بكر ، وابن عامر بما وضعْتُ.

وقرأ الباقون (وَضَعَتْ) بإسكان التاء على معنى أنّ الله خبّر بما وضعت هي ، ومن ضمّ التاء أراد : مريم خبّرت عن نفسها.

٣٠ ـ وقوله تعالى : (وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا) [٣٧].

قرأ أهل الكوفة : (وَكَفَّلَها) مشدّدة.

وقرأ الباقون مخففة.

وقرأ حمزة والكسائيّ وحفص : (زَكَرِيَّا) مقصورا /.

وقرأ الباقون ممدودا ، غير أن من شدّد (كَفَّلَها) نصب زكريا ، ومن خفّفها رفع ، قال أبو عمرو : الاختيار التّخفيف لقوله : (أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) ولم يقل يُكفَّل وقال أبو عبيدة (١) : يقال : كفّل يكفّل ، وكفل يكفل ، وكفل يكفل.

فأمّا (زكريا) فالقصر والمدّ فيه لغتان ، وفيه لغة ثالثة (زكريّ) على وزن بختىّ ، فمن مدّ زكرياء ثناه : زكرياآن ، ومن قصر قال : زكرييان ، وإن شئت حذفت ياء فقلت : زكريان (٢).

__________________

(١) مجاز القرآن : ١ / ٩١.

(٢) ينظر : معانى القرآن للفرّاء : ١ / ٢٠٨ ، ومعانى القرآن وإعرابه للزجاج : ١ / ٤٠٢ ، وتهذيب اللّغة للأزهرى : ١٠ / ٩٣ ، ٩٤.

١١١

٣١ ـ قوله تعالى : (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ) [٣٩].

قرأ حمزة والكسائىّ فندبه الملائكة.

وقرأ الباقون : (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ) بالتاء.

فحّجة من ذكّر قال : الفعل مقدم كقولك : قام الرّجال ومع ذلك فإنّ (الملائكة) هاهنا جبريل ، والتّقدير : فناداه الملك ، فناداه جبريل.

ومن قرأ بالتاء قال : الملائكة جماعة وأنّثه كما قال تعالى : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ)(١) و (قالَتِ الْأَعْرابُ)(٢) وقامت الرّجال ، وشاهده (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ) [٤٢] ولم يقل : وإذ قال.

٣٢ ـ وقوله تعالى : (أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ) [٣٩] قرأ حمزة وابن عامر إنّ الله بالكسر.

وقرأ الباقون بالفتح.

فمن نصب أعمل الفعل وهو (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ) أنّ الله وبأنّ الله ، ومن كسر جعل النّداء بمعنى القول ، فكأنّه في التّقدير : قالت الملائكة : إن الله يبشرك.

٣٣ ـ وقوله تعالى : (يُبَشِّرُكَ) [٣٩].

قرأ حمزة كلّ ما في القرآن يبْشُرُ بالتّخفيف إلا قوله / (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ).

وقرأ أبو عمرو وابن كثير كلّ ذلك بالتّشديد إلا واحدا في (عسق) (٣) ذلك الّذي يُبْشِر الله ، وقرأ الكسائي في خمسة مواضع بالتّخفيف ، موضعين في (آل عمران) وفي (بني إسرائيل) و (الكهف) و (عسق).

__________________

(١) سورة الشعراء : آية : ١٠٥.

(٢) سورة الحجرات : آية : ١٤.

(٣) الآية : ٢٣.

١١٢

وقرأ الباقون بالتّشديد ، وهما لغتان : بشرت ، وبشّرت غير أن (بشّرت) أبلغ وأكثر.

٣٤ ـ وقوله تعالى : (مِنَ الْمِحْرابِ) [٣٩].

قرأ ابن عامر (مِنَ الْمِحْرابِ) بالإمالة من أجل الرّاء والكسر.

وقرأ الباقون بالتّفخيم على أصل الكلمة.

٣٥ ـ وقوله تعالى : (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ) [٤٨].

قرأ نافع وعاصم بالياء.

وقرأ الباقون بالنّون. فمن قرأ بالنون فالله عزوجل يخبر عن نفسه ، وشاهده (نُوحِيهِ إِلَيْكَ) [٤٤].

ومن قرأ بالياء فحجّته (قالَ كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [٤٧] والأمر بينهما قريب.

٣٦ ـ وقوله تعالى : إنّي أخلق لكم [٤٩].

قرأ نافع وحده : إنّى بكسر الهمزة.

وقرأ الباقون بفتحها.

وفتح ابن كثير وأبو عمرو ونافع الياء.

وأسكنها الباقون.

فمن فتح الهمزة جعلها بدلا من قوله : (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ ... أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ) فيكون موضعها جرّا ورفعا. ومن كسر أضمر القول ؛ قل إنى أخلق.

ويجوز أن يكون مستأنفا.

٣٧ ـ وقوله تعالى : (فَيَكُونُ طَيْراً) قرأ نافع وحده طائرا بألف.

وقرأ الباقون : (طَيْراً) بغير ألف ، والطائر مذكر لا غير ، وطير يذكر ويؤنث /.

١١٣

٣٨ ـ وقوله تعالى : فيوفّيهُم أجورهم [٥٧].

قرأ حفص ، عن عاصم بالياء ، أي : الله يوفيهم.

وقرأ الباقون بالنّون ، وهو الاختيار ، ليتّصل إخبار الله عن نفسه بعضه ببعض.

٣٩ ـ وقوله تعالى : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ) [٦٦] قرأ ابن كثير في رواية قنبل هَأَنتم على وزن هعنتم ، والأصل : أأنتم ، فقلب من الهمزة هاء ؛ كراهة أن يجمع بينهما.

وقرأ نافع برواية ورش مثل قنبل.

وقرأ قالون وأبو عمرو (هآ آنتم) يمدّان ولا يهمزان ؛ وإنما مدّا ؛ لأنّ الهمزة الثانية بين ، بين فمدّا تمكينا لها ، والهاء مبدلة أيضا من همزة في قراءتهما.

وقرأ الباقون : (ها أَنْتُمْ) كأنهم جعلوا «ها» تنبيها «وأنتم» إخبار غير استفهام. ويجوز أن يكون استفهاما ، والأصل : آأنتم كما قرأ ابن عامر (آأنذرتهم) (١) بهمزتين بينهما ألف ، ثم قلب من الهمزة الأولى هاء ، وذلك ضعيف ؛ لأنه إنما تدخل الألف حاجزا بين الهمزتين كراهية لاجتماعهما ، فإذا قلبت الأولى هاء فليس هناك ما يستثقل.

٤٠ ـ وقوله تعالى : (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ) [٧٣].

قرأ ابن كثير وحده آن يؤتى على الاستفهام في اللّفظ ، وهو تقرير وتوبيخ.

وقرأ الباقون (أَنْ يُؤْتى) بالقصر على تقدير : (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) ، لأن يوتى وبأن يوتى ، فاعرف ذلك.

٤١ ـ قوله تعالى : (بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) [٧٥].

اختلف عن جميع القراء في هذا ونحوه مثل قوله : نولّهْ ما تولّى ونصلهْ

__________________

(١) سورة البقرة : آية : ٦.

١١٤

جهنّم (١) ويرضهْ لكم (٢) وما شاكل ذلك.

فقرأ عبد الله بن عامر ونافع باختلاس الحركة (نُوَلِّهِ) و (يُؤَدِّهِ) وذلك أن الأصل (يؤديه) مثل (فِيهِ هُدىً)(٣) فسقطت الياء للجزم وبقيت الحركة مختلسة على أصل الكلمة.

وقرأ ابن كثير والكسائيّ بإشباع الكسرة ، ولفظه كالياء بعد الهاء ،.

وأمّا ابن كثير فإنّ من شرطه أن يشبع حركته في كل حال كقوله : منهو آيات وفيهي هدى فردهن إلى أصله.

وأمّا الكسائيّ فقال : إنّ الياء لمّا سقطت للجزم أفضى الكلام إلى هاء قبلها كسرة فأشبعها ، كما تقول : مررت بهي وكما قال الله تعالى (٤) : وأمّهي وصاحبتهي (٥).

وقرأ عاصم برواية أبى بكر وأبو عمرو وحمزة : نولّهْ ونصلهْ بالإسكان.

قال أبو عبيد : من أسكن الهاء فقد أخطأ (٦) ؛ لأنّ الهاء اسم والأسماء لا تجزم.

قال أبو عبد الله الحسين بن خالويه رضي الله عنه : ليس ذلك غلطا ؛ وذلك أن الهاء لما اتصلت بالفعل فصارت معه كالشىء الواحد خففوها بالإسكان ،

__________________

(١) سورة النساء : آية : ١١٥.

(٢) سورة الزمر : آية : ٧.

(٣) سورة البقرة : آية : ٢.

(٤) سورة عبس : آية : ٣٥.

(٥) سورة عبس : آية : ٣٦.

(٦) يقصد قراءة أبى عمرو ـ رحمه‌الله ـ ومن وافقه وهذه القراءة يؤدهْ بإسكان الهاء قال أبو جعفر النحاس فى إعراب القرآن : ١ / ٣٤٤ «قال أبو عبيد : اتفق أبو عمرو والأعمش وحمزة على وقف الهاء فقرأوه يؤدّهْ إليك. وينظر : تفسير القرطبى : ٤ / ١١٥ ، والبحر المحيط : ٢ / ٤٩٩.

١١٥

وليس كلّ سكون جزما ، والدّليل على ذلك أن أبا عمرو قرأ : وهو خادعْهم (١) فأسكن تخفيفا.

٤٢ ـ وقوله تعالى : (وَلا يَأْمُرَكُمْ) [٨٠].

قرأ عاصم وحمزة وابن عامر : (يَأْمُرَكُمْ) بالنّصب نسقا على قوله تعالى : (أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ) [٨٩].

وقرأ الباقون بالرّفع جعلوه استئنافا.

وحجّتهم قراءة ابن مسعود : ولن يأمركم (٢) فلمّا سقط «لن» ارتفع ما بعدها ، غير أن أبا عمرو كان يحبّ أن يختلس الحركة. وقد بينّا علة ذلك في ما سلف.

٤٣ ـ وقوله تعالى : (لَما آتَيْتُكُمْ) [٨١] قرأ حمزة وحده لِما بكسر اللّام وجعل «ما» بمعنى الذي ، والمعنى : وإذ أخذ الله ميثاق / النّبيّين لهذا.

وقرأ الباقون : (لَما) بفتح اللّام ، فاللام لام التأكيد و «ما» صلة ، كما قال الله تعالى (٣) : إن كلّ نفس لما عليها حافظ أي : لعليها حافظ.

واتّفق القراء على (آتيتكم) بالتاء ، الله تعالى يخبر عن نفسه بلفظ الواحد إلا نافعا فإنه قرأ آتيناكم بلفظ الجماعة ، وذلك أن الملك يخبر عن نفسه بلفظ الجماعة فعلنا ، وصنعنا ، قال الله تعالى (٤) : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) والله تعالى وحده لا شريك له.

__________________

(١) سورة النّساء : آية : ١٤٢ وينظر : البحر المحيط : ٣ / ٣٧٧.

(٢) قراءة ابن مسعود فى معانى القرآن للفراء : ١ / ٢٤٤ تفسير الطبرى : ٦ / ٥٤٧.

(٣) سورة الطارق : آية : ٤. قراءة غير عاصم وحمزة وابن عامر.

(٤) سورة الحجر : آية : ٩.

١١٦

٤٤ ـ وقوله تعالى : (بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ) [٧٩] قرأ ابن عامر وأهل الكوفة مشدّدا ، وقرأ الباقون مخفّفا ، وحجتهم (تَدْرُسُونَ) [٧٩] ولم يقل تدرّسون ، ومن شدّد قال : هذا أبلغ في المدح ؛ لأنّهم لا يعلّمون إلا وقد علموا هم ، ولا يكون العالم عالما حتى يعمل بعلمه ، فأحد عمله تعليمه غيره.

٤٥ ـ وقوله تعالى : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) [٨٣](وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) [٨٣].

قرأهما حفص ، عن عاصم بالياء جميعا.

وقرأ الباقون بالتّاء ، غير أبي عمرو فإنّه قرأ (يَبْغُونَ) بالياء ترجعون بالتّاء ، فمن قرأ بالتاء فمعناه : يا محمد أفغير دين الله تبغون : وإليه ترجعون ، فالخطاب للنّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ومن قرأهما بالياء فإنّ معناه الإخبار عن الكفّار ، وكان أبو عمرو أحذق القراء ، ففرّق بين اللّفظين لاختلاف المعنيين ، فقرأ : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) يعنى الكفار وإليه ترجعون أنتم والكفّار.

٤٦ ـ وقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) [٩٧].

قرأ حمزة والكسائيّ وحفص ، عن عاصم (حِجُّ الْبَيْتِ) بالكسر.

والباقون بالفتح. فمن فتح جعله مصدرا لحججت ، أحجّ حجّا والحجّ : القصد ، والحجّ بالكسر الاسم ، والاختيار الفتح ؛ لاجتماع الجميع على الذي في (البقرة) (١) أنها مفتوحة.

٤٧ ـ وقوله تعالى : (وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) [١١٥].

__________________

(١) فى سورة البقرة : الآيات : ١٨٩ ، ١٩٦ ، ١٩٧ ، والحجّ ـ بالكسر ـ لغة بنى تميم وأهل نجد ، والحجّ بالفتح لغة قريش وأهل الحجاز وبنى أسد أيضا.

١١٧

قرأ حمزة والكسائيّ وحفص ، عن عاصم بالياء جميعا.

وقرأ الباقون بالتّاء ، غير أن أبا عمرو كان يخيّر في ذلك ، والأمر بينهما قريب ، فمن وجّه الخطاب إلى من بالحضرة دخل معهم الغيب ، ومن قرأ بالياء دخل المخاطبون معهم فلما كان كذلك خيّر أبو عمرو بين الياء والتاء.

٤٨ ـ وقوله تعالى : (لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً) [١٢٠].

قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو بالتّخفيف وكسر الضّاد.

وقرأ الباقون بالتّشديد وضمّ الضّاد والرّاء ، فيكون موضعه رفعا وجزما على مذهب العرب مدّ يا هذا ، ومدّ يا هذا ، ومدّ يا هذا ، والأصل : يضرركم ، فنقلت الضمة من الراء الأولى إلى الضّاد ، وأدغمت الرّاء في الرّاء ، والتّشديد من جلل ذلك.

ومن قرأ لا يَضِرْكم فخفّف ، أخذه من الضّير ، كما قال تعالى : (لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ)(١).

٤٩ ـ وقوله تعالى : (مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ) [١٢٤].

قرأ ابن عامر وحده مُنَزَّلين.

وقرأ الباقون بالتّخفيف جعلوه اسم المفعولين من أنزلهم الله فهم منزلون. / ومن شدّد جعله اسم المفعولين من نزّل. وقال قوم : أنزل ونزّل بمعنى مثل كرّم وأكرم.

٥٠ ـ وقوله تعالى : (مُسَوِّمِينَ) [١٢٥].

قرأ ابن كثير وأبو عمرو ، وعاصم بكسر الواو.

__________________

(١) سورة الشعراء : آية : ٥٠.

١١٨

وقرأ الباقون بالفتح ، جعلوا التّسويم وهو العلامة للخيل ، أي أن الملائكة سوّمت الخيل ، أو إذا جعلت الفعل لله وهو الاختيار ؛ لأنّ الملائكة الله سومها ، قال الحسن : (١) مسومين مجززة النّواصى ، وقال مجاهد (٢) : جعلت الملائكة في آذان الخيل وأذنابها الصّوف الأبيض.

٥١ ـ وقوله تعالى : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ) [١٣٣].

قرأ نافع وابن عامر : (سارعوآ) بغير واو.

وقرأ الباقون بواو.

٥٢ ـ وقوله تعالى : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ) [١٤٠].

قرأ أهل الكوفة غير حفص قُرح بضم القاف. وقرأ الباقون وحفص عن عاصم بالفتح.

فقال أكثر النحويين : هما لغتان : القرح والقرح مثل : الجهد والجهد ، وفرّق الكسائي بينهما فقال : القرح : الجراحة ، والقرح : ألم الجراحة (٣).

__________________

(١) رأي الحسن فى معانى القرآن لأبى جعفر النحاس : ١ / ٤٧٠.

(٢) ينظر : تفسير مجاهد : ١ / ١٣٥ ، وتفسير الطبرى والمحرر الوجيز : ٣ / ٣١١.

قال ابن الجوزى فى زاد المسير : ١ / ٤٥٢ «قال مجاهد : كانت أذناب خيولهم مجزوزة وفيها العهن». وفى تفسير القرطبي : ٤ / ١٩٦ «وقال مجاهد : كانت خيلهم مجزوزة الأذناب والأعراف معلمة النواصى والأذناب بالصوف والعهن» ثم اعترض عليه بقوله : «قلت : وأما ما ذكره مجاهد من أن خيلهم كانت مجزوزة الأذناب والأعراف فبعيد ؛ فإنّ فى مصنف أبى داود عن عتبة بن عبد السّلمى أنه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا تقصوا نواصى الخيل ولا معارفها ولا أذنابها فإن أذنابها مذابلها ومعارفها دفاؤها ونواصيها معقود فيها الخير» فقول مجاهد يحتاج إلى توقيف من أن خيل الملائكة كانت على تلك الصفة والله أعلم».

(٣) معانى القرآن للفراء : ١ / ٢٣٤ ... وغيره.

١١٩

٥٢ ـ وقوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ) [١٤٦].

قرأ ابن كثير وحده (كائن) على وزن كاعن.

قرأ الباقون : (وكأىّ) على وزن كحي.

فمن قرأ كذلك وقف بالياء مشدّدا ، وهما لغتان بمعنى «كم» ، تقول العرب : كم مالك؟ وكائن مالك؟ وكأين مالك؟.

٥٣ ـ وقوله تعالى : (قاتَلَ مَعَهُ) [١٤٦].

قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو قُتِل معه.

وقرأ الباقون (قاتَلَ) بألف ، فمن قرأ قُتِل وقف عليه وابتدأ بما بعده ، وحجّته أنّ الله تعالى مدح أمما قتل عنهم نبيهم فما ضعفوا لما أصابهم من قتل نبيهم ، وما استكانوا.

وحجّة من قرأ / (قاتَلَ) قال : إذا مدح الله تعالى من لم يقاتل مع نبيه ، كان من قاتل مع نبيّه أمدح وأمدح.

٥٤ ـ قوله تعالى : (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) [١٥١].

قرأ ابن عامر والكسائيّ ، (الرُعُب) بضمتين على أصل الكلمة.

وقال آخرون : بل الإسكان الأصل على قراءة الباقين ، وهو أخفّ ، إذ كانت العرب قد تخفف مثل ذلك ، ومن ثقّل أتبع الضمّ الضمّ ؛ ليكون أقرب إلى الفخامة.

٥٥ ـ وقوله تعالى : (يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ) [١٥٤].

قرأ حمزة والكسائيّ بالتاء.

١٢٠