الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-436-1
الصفحات: ٥٣٧
ويحتمل أنّ مَنْ أسقط عنه الضمان أسقطه في هذه الصورة ، ومَنْ أوجب أوجبه في الصورة الأُخرى.
مسألة ٨٢٠ : قد بيّنّا أنّه إذا اختلف الوكيل والموكّل ـ فقال الموكّل : أذنتُ لك في البيع نقدا أو في الشراء بخمسةٍ ، وقال الوكيل : بل أذنتَ لي في البيع نسيئةً وفي الشراء بعشرة ـ أنّ القولَ قولُ الموكّل مع يمينه ؛ لأصالة عدم الإذن ، وبه قال الشافعي وابن المنذر وأصحاب الرأي (١).
وقال أحمد : القول قول الوكيل ؛ لأنّه أمينه في التصرّف ، فكان القولُ قولَه في صفته ، كالخيّاط إذا قال : أذنتَ لي في تفصيله قباءً ، فقال : بل قميصاً (٢).
وكذا إذا قال : وكّلتُك في البيع بألفين ، فقال : بل بألف.
وقال مالك : إن أُدركت السلعة فالقول قول الموكّل ، وإن فاتت فالقول قول الوكيل ؛ لأنّها إذا فاتت لزم الوكيل الضمان ، والأصل عدمه ، بخلاف ما إذا كانت موجودةً (٣).
والأوّل أصحّ ؛ لأنّه اختلاف في التوكيل الذي يدّعيه الوكيل ، والأصل عدمه ، فالقول قول مَنْ ينفيه ، كما لو لم يُقرّ الموكّل بتوكيله في غيره.
ولأنّهما اختلفا في صفة قول الموكّل ، فكان القولُ قولَه في صفة كلامه.
ولو قال الوكيل : اشتريتُ لك هذه الجارية بإذنك ، فقال الموكّل :
__________________
(١) مختصر المزني : ١١١ ، الحاوي الكبير ٦ : ٥٤٤ ـ ٥٤٥ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٦٤ ، الوسيط ٣ : ٣٠٧ ، حلية العلماء ٥ : ١٥٨ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٢٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٥ ، المغني ٥ : ٢٢٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥٠ ـ ٢٥١ ، وانظر : الإقناع ـ لابن المنذر ـ : ٥٥٢.
(٢) الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٤٥ ، المغني ٥ : ٢٢٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥١.
(٣) المغني ٥ : ٢٢٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٥١.
ما أذنتُ لك إلاّ في شراء غيرها ، أو قال : اشتريتُها لك بألفين ، فقال : ما أذنتُ لك إلاّ في شرائها بألف ، فالقول قول الموكّل مع اليمين ، فإذا حلف برئ من الشراء.
ثمّ إن كان الشراء بعين مال الموكّل ، بطل البيع ، وتُردّ الجارية على البائع. وإن كان في الذمّة وسمّاه أو نواه وصدّقه البائع ، فكذلك ، وإلاّ وقع للوكيل.
ولو كذّبه البائع في أنّ الشراء لغيره أو بمال غيره بغير إذنه ، حلف البائع على عدم العلم ؛ لأنّ الأصل أنّ ما في يد الإنسان له ، وكان على الوكيل غرامةُ الثمن للموكّل ، ودَفْعُ الثمن إلى البائع ، وتبقى الجارية له (١) ، ولا تحلّ له ؛ لأنّه إن كان صادقاً فهي للموكّل ، وإن كان كاذباً فللبائع ، فإذا أراد استحلالها اشتراها ممّن هي له في الباطن ، فإن امتنع من بيعه إيّاها ، رفع الأمر إلى الحاكم ليثبت له الدَّيْن ظاهراً وباطناً ، ويصير له ما ثبت في ذمّته قصاصاً بالذي أخذ منه الآخَر ظلماً ، فإن امتنع الآخَر من البيع ، لم يُجبر على البيع ؛ لأنّه عقد مراضاة.
وإن قال له : إن كانت الجارية لي فقد بعتُكها ، أو قال الموكّل : إن كنتُ أذنتُ لك في الشراء فقد بعتُكها ، صحّ توصّلاً إلى الخلاص.
وللشافعيّة وجهان (٢).
وكلّ موضعٍ كانت للموكّل في الباطن ، فإن امتنع من بيعها للوكيل ،
__________________
(١) الظاهر : « في يده » بدل « له ».
(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٥٤٥ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٦٥ ، الوسيط ٣ : ٣٠٨ ، حلية العلماء ٥ : ١٥٩ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٢٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٦.
فقد حصلت في يد الوكيل ، وهي للموكّل ، وفي ذمّته للوكيل ثمنها ، فيأذن الحاكم في بيعها وتوفية حقّه من ثمنها ، فإن كانت للموكّل فقد باعها الحاكم في إيفاء دَيْنٍ امتنع المديون من إيفائه. وإن كانت للوكيل ، فقد أذن في بيعها.
مسألة ٨٢١ : إذا بعث المالك إلى المديون رسولاً ليقبض دَيْنه الذي له عليه ، وكان الدَّيْن دراهم مثلاً ، فبعث معه ديناراً فضاع الدينار من الرسول ، فهو من مال الباعث ؛ لأنّه إنّما أمره بقبض دَيْنه وهو دراهم. فإذا دفع إليه ذهباً ، يكون قد صارفه من غير أمره ، وقد دفع المديون إلى الرسول غير ما أمر به المرسل ، والصَّرف شرطه رضا المتصارفين ، فصار الرسول وكيلاً للباعث في تأديته إلى صاحب الدَّيْن ومصارفته به ، فإذا تلف في يد وكيله كان من ضمانه.
ولو كان الرسول قد أخبر المديونَ بأنّ المالك قد أذن له في قبض الدينار عوضاً عن الدراهم ، كان من ضمان الرسول ؛ لأنّه غرّه ، وأخذ الدينار على أنّه وكيل.
ولو قبض الدراهم فضاعت ، كانت من ضمان صاحبها ؛ لأنّها تلفت في يد وكيله. ولو قبض أزيد ممّا أمره بقبضه ثمّ تلف الجميع ، فالضمان في الأصل على صاحب الدراهم ، وفي الزائد على الباعث ، حيث دفع إلى مَنْ لم يؤمر بالدفع إليه ، ويرجع الباعث على الرسول ؛ لأنّه غرّه ، وحصل التلف في يده ، فاستقرّ الضمان عليه للموكّل ، وللموكّل أن يضمن الوكيل ؛ لأنّه تعدّى بقبض ما لم يؤمر بقبضه ، فإذا ضمنه لم يرجع على أحدٍ ؛ لأنّ التلف حصل في يده ، فاستقرّ الضمان عليه.
مسألة ٨٢٢ : لو وكّله في قبض دَيْنه وغاب ، فأخذ الوكيل به رهناً
فتلف الرهن في يد الوكيل ، فقد أساء الوكيل بقبض الرهن وأخذه حيث لم يأمره المالك ، ولا ضمان عليه في الرهن ؛ لأنّه رهن فاسد ، والقبض في العقد الفاسد كالقبض في الصحيح ، فكلّ قبضٍ صحيح كان مضموناً فالفاسد فيه يكون مضموناً ، وما لا يكون صحيحه مضموناً لا يكون فاسده مضموناً ، والرهن الفاسد كالصحيح في عدم الضمان بقبضه.
ولو دفع إليه دراهم ليشتري بها سلعةً فخلطها مع دراهمه فضاعا معاً ، ضمن. وإن ضاع أحدهما ، فكذلك ؛ لأنّه فرّط بالمزج.
وقال بعض العامّة : إن ضاعا معاً ، فلا شيء عليه. وإن ضاع أحدهما أيّهما ضاع ، غرمه (١).
وهذا كلام غير محصّل ، وكيف جعل ضياع مال الاثنين شرطاً في زوال الضمان عنه!؟
__________________
(١) المغني ٥ : ٢٣١ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٦٠ ـ ٢٦١.
الفصل السادس : فيما به تثبت الوكالة
مسألة ٨٢٣ : تثبت الوكالة بإقرار الموكّل على نفسه بأنّه وكّله ، وبشهادة عَدْلين ذكرين ، ولا تثبت بشهادة رجلٍ وامرأتين ، ولا بشهادة رجلٍ ويمين ، عند علمائنا أجمع ، سواء كانت الوكالة بمالٍ أو لا ـ وبه قال الشافعي (١) ـ لأنّ الوكالة إثبات للتصرّف ، فلا تثبت إلاّ بشاهدَيْن ، كالوصيّة.
وقال أحمد في إحدى الروايتين : إنّه تُقبل في الوكالة بالمال شهادة رجلٍ وامرأتين وشهادة رجلٍ ويمين (٢).
وهو غلط ؛ لأنّها شهادة بولايةٍ ، فلا تُقبل إلاّ برجلين.
ويفارق ما إذا ادّعى أنّه أوصى له بكذا ، فإنّه يُقبل فيه شاهد وامرأتان ، وشاهد ويمين ؛ لأنّ المقصود فيه إثبات المال ، دون التصرّف.
مسألة ٨٢٤ : يشترط بقاء شهادة الشاهدَيْن على الوكالة ، فلو شهد أحدهما أنّه وكّله ثمّ شهد الآخَر أنّه وكّله ثمّ عزله ، لم تثبت الوكالة بهذه الشهادة ؛ لأنّ أحدهما لم يُثبت وكالته في الحال.
ولو شهدا له بالوكالة مطلقاً ثمّ عاد أحدهما قبل الحكم بها ، فقال : قد
__________________
(١) الأُم ٧ : ٤٨ ، الحاوي الكبير ١٧ : ٨ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٣٣٤ ، بحر المذهب ٨ : ٢١٥ ، و ١٢ : ١٣٣ ، الوجيز ٢ : ٢٥٢ ، الوسيط ٧ : ٣٦٥ ـ ٣٦٦ ، حلية العلماء ٨ : ٢٧٦ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٨ : ٢١٨ ، البيان ٦ : ٤٠٣ ، و ١٣ : ٣٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ١٣ : ٤٨ ، روضة الطالبين ٨ : ٢٢٦ ، المغني ٥ : ٢٦٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٦٤.
(٢) المغني ٥ : ٢٦٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٦٤.
عزله بعد التوكيل ، لم يحكم بالشهادة ؛ لأنّه رجوع عن الشهادة قبل الحكم ، فلا يصحّ للحاكم الحكم بما رجع عنه.
وقال بعض الشافعيّة : إنّه [ لا ] (١) يُقبل ؛ لأنّه رجوع عن الشهادة ، فأشبه ما إذا كان بعد الحكم (٢).
وهو غلط ؛ لأنّه إذا رجع بعد الحكم ، فقد نفذ الحكم بالشهادة. وإذا كان قبل الحكم ، لا يمكن الحكم بشهادةٍ مرجوعٍ عنها.
فأمّا إذا حكم بذلك ثمّ قالا أو أحدهما : إنّه عزله بعد ما وكّله ، فإن كان ذلك رجوعاً عن الشهادة لم يُقبل.
وكذا لو شهد الشاهدان بالوكالة ثمّ شهد ثالث غيرهما بالعزل ، لم يثبت العزل بشهادة واحدٍ ؛ لأنّ العزل إنّما يثبت بما يثبت به التوكيل.
ولو شهد الشاهدان بالوكالة ثمّ شهدا معاً بالعزل ، تمّت الشهادة في العزل كتمامها في التوكيل.
مسألة ٨٢٥ : من شرط قبول الشهادة اتّفاق الشاهدَيْن على الفعل الواحد ، فلو شهد أحدهما أنّه وكّله يوم الجمعة ، وشهد الآخَر أنّه وكّله يوم السبت ، لم تتمّ (٣) البيّنة ؛ لأنّ التوكيل يوم الجمعة غير التوكيل يوم السبت ، فلم تكمل شهادتهما على فعلٍ واحد.
ولو شهد أحدهما أنّه أقرّ بتوكيله يوم الجمعة ، وشهد الآخَر أنّه أقرّ به يوم السبت ، تثبت الشهادة ؛ لأنّ الإقرارين إخبار عن عقدٍ واحد ، ويشقّ جمع الشهود على إقرارٍ واحد ليقرّ عندهم في حالةٍ واحدة ، فجُوّز له الإقرار
__________________
(١) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق وكما هو في حلية العلماء.
(٢) بحر المذهب ٨ : ٢١٥ ، حلية العلماء ٥ : ١٤٩ ، البيان ٦ : ٤٠٣.
(٣) في « ث ، خ ، ر » : « لم تثبت ».
عند كلّ واحدٍ وحده رخصةً للمُقرّ.
وكذا لو شهد أحدهما أنّه أقرّ عنده بالوكالة بالعربيّة ، وشهد الآخَر أنّه أقرّ بها بالعجميّة ، تثبت الوكالة.
ولو شهد أحدهما أنّه وكّله بالعربيّة ، وشهد الآخَر أنّه وكّله بالعجميّة ، لم تثبت ؛ لأنّ الإنشاء هنا متعدّد لم يشهد بأحدهما شاهدان (١).
وكذا لو شهد أحدهما أنّه قال : وكّلتُك ، وشهد الآخَر أنّه قال : أذنتُ لك في التصرّف ، أو قال : جعلتُك وكيلاً ، أو شهد أنّه قال : جعلتُك جريّاً ، أي وكيلاً (٢) ، لم تتمّ الشهادة ؛ لاختلاف اللفظ.
ولو شهد أحدهما أنّه وكّله وشهد الآخَر أنّه أذن له في التصرّف ، تمّت الشهادة ؛ لأنّهما لم يحكيا لفظ الموكّل ، وإنّما عبّرا عنه بلفظهما ، واختلاف لفظهما لا يؤثّر إذا اتّفق معناه.
ولو قال أحدهما : أشهد أنّه أقرّ عندي أنّه وكيله ، وشهد الآخَر أنّه وكّله ، لم تثبت الوكالة ؛ لأنّ الإقرار غير الإنشاء ، وكلّ واحدٍ لم تكمل شهادته.
ولو قال أحدهما : أشهد أنّه أقرّ عندي أنّه وكيله ، وقال الآخَر : أشهد أنّه أقرّ أنّه جريُّه ، أو أنّه أوصى إليه بالتصرّف في حياته ، تثبت الوكالة بذلك ؛ لأنّهما أخبرا بلفظهما.
ولو شهدا على الإنشاء لكن شهد أحدهما أنّه وكّله في بيع عبده ، وشهد الآخَر أنّه وكّله وزيداً ، أو أشهد أنّه وكّله في بيعه وقال : لا تبعه حتى تستأمرني أو تستأمر فلاناً ، لم تتم الشهادة ؛ لأنّ الأوّل أثبت استقلاله بالبيع من
__________________
(١) في « ث ، خ » : « الشاهدان ».
(٢) لسان العرب ١٤ : ١٤٢ « جرا ».
غير شرطٍ ، والثاني ينفي ذلك ، فاختلفت الشهادة.
أمّا لو شهد أحدهما أنّه وكّله في بيع عبده وشهد الآخَر أنّه وكّله في بيع عبده وجاريته ، حُكم بالوكالة في العبد ؛ لاتّفاقهما عليه ، وزيادة الثاني لا تقدح في تصرّفه في الأوّل ولا تضرّ.
وهكذا لو شهد أحدهما أنّه وكّله في بيعه لزيدٍ وشهد الآخَر أنّه وكّله في بيعه لزيدٍ وإن شاء لعمرو ، على إشكالٍ.
مسألة ٨٢٦ : لا تثبت الوكالة والعزل بشهادة واحدٍ ولا بخبره ، عند علمائنا أجمع ـ وبه قال الشافعي وأحمد (١) ـ لأنّه حقٌّ ماليّ ، فلا يثبت بخبر الواحد ولا بشهادته ، كالبيع.
وقال أبو حنيفة : تثبت الوكالة بخبر الواحد وإن لم يكن ثقةً ، ويجوز التصرّف للمُخبر بذلك إذا غلب على ظنّه صدق المُخبر بشرط الضمان إن أنكر الموكّل. ويثبت العزل بخبر الواحد إذا كان رسولاً ؛ لأنّ اعتبار شاهدَيْن عَدْلين في هذا مشِقٌّ ، فسقط اعتباره [ و ] (٢) لأنّه أذن في التصرّف ومنع منه ، فلم يعتبر في هذا شرط الشهادة ، كاستخدام غلامه وإسلام عبده (٣).
وهو غلط ؛ لأنّ العقد لا يثبت بشاهدٍ واحد ، بخلاف الاستخدام وإسلام العبد ؛ لأنّه ليس بعقدٍ.
ولو شهد اثنان أنّ فلاناً الغائب وكّل فلاناً الحاضر ، فقال الوكيل : ما علمتُ هذا وأنا أتصرّف عنه ، ثبتت الوكالة ؛ لأنّ معنى ذلك أنّي لم أعلم إلى الآن ، وقبول الوكالة يجوز متراخياً ، وليس من شرط التوكيل حضور
__________________
(١) المغني ٥ : ٢٦٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٦٦ ، وراجع الهامش (١) من ص ٢٢٥.
(٢) ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
(٣) المغني ٥ : ٢٦٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٦٦.
الوكيل ولا علمه ، ولا يضرّ جهله به.
ولو قال : ما أعلم صدق الشاهدَيْن ، لم تثبت وكالته ؛ لقدحه في شهادتهما ، على إشكالٍ أقربه ذلك إن طعن في الشهود ، وإلاّ فلا ؛ لأنّ الاعتبار بالسماع عند الحاكم ، وجهله بالعدالة مع علم الحاكم بها إمّا بنفسه أو بالتزكية لا يضرّ في ثبوت حقّه.
مسألة ٨٢٧ : يصحّ سماع البيّنة بالوكالة على الغائب ، وهو أن يدّعي أنّ فلاناً الغائب وكّلني في كذا ، عند علمائنا أجمع ـ وبه قال الشافعي (١) ـ لأنّه لا يعتبر رضاه في سماع البيّنة ، فلا يعتبر حضوره كغيره.
وقال أبو حنيفة : لا يصحّ (٢).
وإذا قال له مَنْ عليه الحقّ : إنّك لا تستحقّ مطالبتي ، أو لستَ بوكيلٍ ، لم تُسمع دعواه ؛ لأنّ ذلك طعن في الشهادة. ولو طلب منه الحلف على استحقاق المطالبة ، لم يُسمع كذلك.
ولو قال : قد عزلك الموكّل فاحلف أنّه ما عزلك ، لم يستحلف ؛ لأنّ الدعوى على الموكّل ، واليمين لا تدخلها النيابة.
ويحتمل الحلف ؛ لأنّه يدّعي عليه استحقاق المطالبة ، فيحلف على نفي العلم.
ولو قال له : أنت تعلم أنّ موكّلك قد عزلك ، سُمعت دعواه.
وإن طلب اليمين من الوكيل ، حلف أنّه لا يعلم أنّ موكّله عزله ؛ لأنّ
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥٢ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٢٦٧ ، روضة القُضاة ١ : ١٩٠ / ٧٥٢ ، و ٢ : ٦٥٥ / ٣٧٠٩.
(٢) روضة القُضاة ١ : ١٩٠ / ٧٤٩ ، و ٢ : ٦٥٥ / ٣٧٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥٢ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٢٦٧.
الدعوى عليه.
وإن أقام الخصم بيّنةً بالعزل ، سُمعت ، وانعزل الوكيل.
مسألة ٨٢٨ : تُقبل شهادة الوكيل على موكّله وله فيما ليس بوكيلٍ فيه ، ولا تُقبل لموكّله فيما هو وكيل فيه ؛ لأنّه يُثبت لنفسه حقّاً.
ولو شهد بما كان وكيلاً فيه بعد عزله ، فإن لم يكن قد خاصم قُبلت ، وإلاّ فلا ، وبه قال أبو حنيفة (١).
وقال أبو يوسف ومحمّد وأحمد بن حنبل : لا تُقبل شهادته ، سواء خاصم أو لا ؛ لأنّه بعقد الوكالة صار خصماً فيه ، فلم تُقبل شهادته فيه ، كما لو خاصم فيه ، بخلاف ما إذا لم يكن وكيلاً ، فإنّه لم يكن خصماً فيه (٢).
وهو خطأ ؛ لأنّ الوكيل بعد عزله كالأجنبيّ ، بل ربما كان متّهماً في حقّ موكّله.
مسألة ٨٢٩ : لو كانت الأمة بين اثنين فشهدا لزيدٍ أنّ زوجها وكّله في طلاقها ، لم تُسمع شهادتهما ؛ لأنّهما يجرّان إلى أنفسهما نفعاً ، وهو زوال حقّ الزوج من البُضْع الذي هو ملكهما.
ولو شهدا بعزل الوكيل في الطلاق ، لم تُقبل شهادتهما ؛ لأنّهما يجرّان إلى أنفسهما نفعاً ، وهو إبقاء النفقة على الزوج.
وتُقبل شهادة ولدي الرجل له بالوكالة وشهادة أبويه ، خلافاً للعامّة (٣).
__________________
(١) المحيط البرهاني ٨ : ٤٤٠ ، حلية العلماء ٥ : ١٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٤ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٢٦٨.
(٢) المحيط البرهاني ٨ : ٤٤٠ ، حلية العلماء ٥ : ١٤٩ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٢٦٨.
(٣) بحر المذهب ٨ : ٢١٧ ، البيان ٦ : ٤٠٤ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٢٦٨.
وتُقبل شهادة ابني الموكّل وأبويه بالوكالة ، وبه قال بعض الشافعيّة (١).
أمّا عندنا : فلأنّه تُقبل شهادة الولد لوالده ، وبالعكس.
وأمّا عنده : فلأنّ هذا حقٌّ على الموكّل يستحقّ به الوكيل المطالبة ، فقُبلت فيه شهادة قرابة الموكّل ، كالإقرار (٢).
ونحن متى فُرضت الشهادة على الأب منعنا قبولها.
وقال أحمد بن حنبل : لا تُقبل ؛ لأنّها شهادة يثبت فيها حقٌّ لأبيه أو ابنه ، فلم تُقبل ـ كشهادة (٣) ابني الوكيل وأبويه ـ لأنّهما يُثبتان لأبيهما نائباً متصرّفاً له ، وفارق الشهادة عليه بالإقرار ؛ فإنّها شهادة عليه متمحّضة (٤).
والأقرب : إنّه إن كانت الشهادة على الأب ، لم تُسمع. وإن كانت له أو على الولد أو للولد ، سُمعت.
ولو ادّعى الوكيل الوكالةَ ، فأنكرها الموكّل ، فشهد عليه ابناه ، لم تثبت عندنا ؛ لأنّه لا تُقبل شهادة الولد على والده ، خلافاً للعامّة (٥).
ولو شهد عليه أبواه ، قُبلت عندنا وعندهم (٦).
وإن ادّعى الموكّل أنّه تصرّف بوكالته ، وأنكر الوكيل ، فشهد عليه ابناه ، لم تُقبل. فإن شهد أبواه سُمعت.
وإن ادّعى وكيل لموكّله الغائب حقّاً وطالَب به ، فادّعى الخصم أنّ الموكّل عزله وشهد له بذلك ابنا الموكّل ، لم تُقبل إن كانت شهادة عليه.
__________________
(١ و ٢) بحر المذهب ٨ : ٢١٧ ، حلية العلماء ٥ : ١٥٠ ، البيان ٦ : ٤٠٤ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٢٦٨.
(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « شهادة ». والمثبت كما في المصدر.
(٤) المغني والشرح الكبير ٥ : ٢٦٨ ـ ٢٦٩.
(٥ و ٦) بحر المذهب ٨ : ٢١٧ ، البيان ٦ : ٤٠٤ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٢٦٩.
وقال الجمهور : تُسمع ، ويثبت العزل ؛ لأنّهما يشهدان على أبيهما (١).
وإن لم يدّع الخصم عزله ، لم تُسمع شهادتهما ؛ لأنّهما يشهدان لمن لا يدّعيها.
فإن قبض الوكيل فادّعى [ الموكّل ] (٢) أنّه كان قد عزل الوكيل وأنّ حقّه باقٍ في ذمّة الغريم ، وشهد له ابناه ، قُبلت ؛ لأنّهما يثبتان حقّاً لأبيهما ، خلافاً للعامّة (٣).
ولو ادّعى مكاتَبٌ الوكالةَ فشهد له سيّده ، لم تُقبل.
ولو شهد له ابنا سيّده أو أبواه ، قُبلت عندنا ، خلافاً للعامّة (٤).
ولو أُعتق العبد وأعاد السيّد الشهادةَ ، احتُمل عدمُ القبول ؛ لأنّها رُدّت للتهمة. والقبولُ ؛ لأنّها رُدّت للملك ، لا للتهمة وقد زال المانع.
وللشافعيّة قولان (٥).
مسألة ٨٣٠ : لو حضر رجل وادّعى على غائبٍ مالاً في وجه وكيله ، فأنكره ، فأقام بيّنةً بما ادّعاه ، حلّفه الحاكم ، وحكم له بالمال ، فإذا حضر الموكّل وجحد الوكالةَ ، أو ادّعى أنّه كان قد عزله ، لم يؤثّر ذلك في الحكم ؛ لأنّ القضاء على الغائب لا يفتقر إلى حضور وكيله.
ولو قال له : بِعْ هذا الثوب بعشرة ، فما زاد عليها فهو لك ، فمال الجعالة هنا مجهول ، فيبطل المسمّى ، ويثبت له أُجرة المثل ، ولا يلزم
__________________
(١) المغني والشرح الكبير ٥ : ٢٦٩.
(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.
(٣) المغني والشرح الكبير ٥ : ٢٦٩.
(٤) بحر المذهب ٨ : ٢١٧ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٢٦٩.
(٥) بحر المذهب ٨ : ٢١٧ ، البيان ١٣ : ٢٩٧ ـ ٢٩٨ ، حلية العلماء ٥ : ١٥٠.
ما عيّنه له ، وبه قال الشافعي (١).
وقال أحمد : يصحّ ، ويكون للمأمور الزائدُ ؛ لأنّ ابن عباس كان لا يرى بذلك بأساً. ولأنّه يتصرّف في ماله بإذنه ، فصحّ شرط الربح له ، كالمضارب والعامل في المساقاة (٢).
والفرق : تعذّر تعيين الأُجرة في المضارب والمساقي ، بخلاف الدلالة.
مسألة ٨٣١ : لو ادّعى الوكالة على الغائب وأقام شاهدَيْن وثبتت عند الحاكم وثبت الحقّ لموكّله ، فادّعى مَنْ عليه الحقّ أنّ الموكّل أبرأه من الحقّ أو قضاه ولم يدّع علم الوكيل بذلك ، لم تُسمع منه هذه الدعوى ؛ لأنّ سماع هذه الدعوى يؤدّي إلى إبطال الوكالة في استيفاء حقّ الغائب ، لأنّه متى ادّعى ذلك مَنْ عليه الحقُّ وسُمعت منه ، وقفت المطالبة بالحقّ إلى حضور الموكّل ويمينه ، فتقف بذلك الحقوقُ ، فيقال له : ادفع الحقّ الذي عليك ، وتقف دعواك إلى حضور الموكّل ويمينه.
وإن ادّعى علم الوكيل بذلك ، سُمعت دعواه ، وسأله عن ذلك ، فإن صدّقه بطلت وكالته ، وسقطت مطالبته. وإن أنكر ، حلف على ذلك ، وبه قال الشافعي وزفر (٣).
وقال أبو حنيفة وصاحباه : لا يحلف ؛ لأنّ هذه اليمين متوجّهة على الموكّل ، فلا ينوب فيها الوكيل (٤).
وليس بصحيح ؛ لأنّه ليس بنائبٍ عن الموكّل ؛ لأنّ إقراره بذلك
__________________
(١ و ٢) المغني ٥ : ٢٧٠.
(٣ و ٤) حلية العلماء ٥ : ١٥١.
لا يثبت به حقٌّ على الموكّل عندنا ، فلا تسقط (١) بيمينه الدعوى.
ويدلّ على قولنا أنّه لو أقرّ الوكيل بذلك ، سقطت مطالبته ، فإذا أنكر توجّهت عليه اليمين ، كصاحب الحقّ.
* * *
__________________
(١) في النسخ الخطّيّة : « ولا تسقط ».
المقصد السابع : في الإقرار
وفيه فصول :
الفصل الأوّل : في ماهيّته ومشروعيّته
نريد أن نبحث في هذا الفصل عن جميع ما يتعلّق بالإقرار ، ولا شكّ في أنّه متعلّق بمُقِرٍّ ومُقَرٍّ له ومُقَرٍّ به ، وصيغةٍ تترتّب عليها المؤاخذة. وهذه الأربعة هي أركان الإقرار.
ثمّ المُقَرّ به قد يكون مالاً ، وقد يكون غيره ، وعلى التقديرين فالمستعمل فيه قد يكون مفصّلاً ، وقد يكون مجملاً ، وعلى كلّ تقديرٍ فقد يُعقَّب الإقرار بما ينافيه (١) وقد لا يُعقَّب.
وإذا لم يكن المُقَرّ به مالاً ، فقد يكون عقوبةً من قصاصٍ أو حدٍّ ، وقد يكون نسباً وغيره. ثمّ قد يحصل بحيث يكون من لواحق ذلك ، فالفصول خمسة.
الإقرار : الإثبات ، من قولك : قرّ الشيء يقرّ وأقررته وقرّرته إذا أفدته القرار ، ولم يُسمّ ما يشرع فيه إقراراً من حيث إنّه افتتاح إثباتٍ ، ولكن لأنّه إخبار عن ثبوتٍ ووجوبٍ سابق.
وهو إخبار عن حقٍّ سابق.
__________________
(١) في الطبعة الحجريّة : « يرفعه » بدل « ينافيه ».
وهو معتبر بالكتاب والسنّة والإجماع.
أمّا الكتاب : فقوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ ) إلى قوله : ( أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا ) (١) الآية.
وقوله تعالى : ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ ) (٢).
وقوله تعالى : ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى ) (٣).
وقوله تعالى : ( كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ ) (٤).
قال المفسّرون : شهادة المرء على نفسه إقراره (٥).
والآيات في ذلك كثيرة في القرآن العزيز.
وأمّا السنّة : فما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه أقرّ ماعز عنده بالزنا ، فرجمه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٦).
وكذلك الغامديّة ، وقال : « اغْدُ يا أُنيس على امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها » (٧) والاعتراف هو الإقرار.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « قُولوا الحقّ ولو على أنفسكم » (٨).
وأمّا الإجماع : فقد أجمعت الأُمّة كافّةً على صحّة الإقرار.
__________________
(١) آل عمران : ٨١.
(٢) التوبة : ١٠٢.
(٣) الأعراف : ١٧٢.
(٤) النساء : ١٣٥.
(٥) جامع البيان ( تفسير الطبري ) ٥ : ٢٠٦ ، الكشّاف ١ : ٥٧٠ ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٢ : ٢٨٤ ، النكت والعيون ١ : ٥٣٥.
(٦) تقدّم تخريجه في ص ٤٦ ، الهامش (١).
(٧) تقدّم تخريجه في ص ٤٦ ، الهامش (٢).
(٨) أورده الغزالي في الوسيط ٣ : ٣١٧ ، والرافعي في العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٧٣.
ولأنّ الإقرار إخبار على وجهٍ ينفي عنه التهمة والريبة ؛ لأنّ العاقل لا يكذب على نفسه فيما يضرّ بها ، ولهذا كان آكد من الشهادة ؛ لأنّ المدّعى عليه إذا اعترف لم تُسمع عليه الشهادة ، وإنّما الشهادة يحتاج إليها إذا أنكر. ولو كذّب المدّعي بيّنته ، لم تُسمع. وإن كذب المُقرّ ثمّ صدّقه ، سُمع.
* * *
الفصل الثاني : في أركانه
وهي أربعة ؛ لأنّ الإقرار إنّما يتمّ بالصيغة والمُقرّ والمُقَرّ له والمقَرّ به ، فهنا مباحث :
البحث الأوّل : في الصيغة.
مسألة ٨٣٢ : الصيغة هي اللفظ الدالّ على الإخبار بحقٍّ واجب ، كقوله : له علَيَّ ، أو : عندي ، أو : في ذمّتي.
ويشترط فيها التنجيز والجزم بالحكم.
فإذا قال : عَلَيَّ لفلان كذا ، فهو صيغة إقرارٍ.
وكذا : « لفلان علَيَّ ، أو : في ذمّتي » إقرار بالدَّيْن ظاهراً.
وقوله : « عندي ، أو : معي » إقرار بالعين.
ولو قال له : قِبَلي ألف ، فهو دَيْن.
ويحتمل أن يصلح للدَّيْن والعين معاً.
ولو علّق إقراره على الشرط ، لم يصح ، وكان لاغياً.
مسألة ٨٣٣ : إذا قال لغيره : لي عليك ألف ، فقال في الجواب : زِنْ ، أو خُذْ ، لم يكن إقرارا ؛ لأنّه لم توجد منه صيغة التزامٍ ، وقد يذكر مثل ذلك مَنْ يستهزئ ويبالغ في الجحود.
وكذا لو قال : استوف ، أو : اتّزن ، فكذلك.
وقال بعض الشافعيّة : إنّ قوله : « اتّزن » إقرار ؛ لأنّه يستعمل في العادة فيما يستوفيه الإنسان لنفسه ، بخلاف قوله : « زِنْ » وبه قال أبو حنيفة (١).
ولو قال : زِنْه ، أو : خُذْه ، فليس بإقرارٍ أيضاً ؛ للاحتمال المذكور ، وهو ظاهر مذهب الشافعي (٢).
وقال بعض العامّة : يكون إقراراً ؛ لأنّ الكناية تعود إلى ما تقدّم في الدعوى (٣).
ولو قال : شدّه في هميانك ، أو : اجعله في كيسك ، أو : اختم عليه ، فهو كقوله : زِنْه ، أو : خُذْه.
مسألة ٨٣٤ : يصحّ الإقرار بالعربيّة والعجميّة معاً من العربيّ والعجميّ معاً بالإجماع ؛ لأنّ كلّ واحدةٍ منهما لغة كالأُخرى يُعبَّر بها عمّا في الضمير ، وتدلّ على المعاني الذهنيّة بسبب العلاقة الراسخة بينهما بحسب المواضعة ، فإذا كان اللفظ موضوعاً لشيءٍ دلّ عليه.
فإن أقرّ عربيّ بالعجميّة ، أو عجميّ بالعربيّة ، فإن عرف أنّه عالم بما أقرّ به ، لزمه.
وإن قال : ما عرفتُ (٤) معناه ، فإن صدّقه المُقرّ له على ذلك ، سقط الإقرار. وإن كذّبه ، فالقول قول المُقرّ مع يمينه ؛ لأنّ الظاهر من حال
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١.
(٢ و ٣) حلية العلماء ٨ : ٣٣٥ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٢٥٨ ، الوجيز ١ : ١٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١.
(٤) في الطبعة الحجريّة : « علمت » بدل « عرفت ».