موسوعة أخلاق القرآن - ج ٥

الدكتور أحمد الشرباصي

موسوعة أخلاق القرآن - ج ٥

المؤلف:

الدكتور أحمد الشرباصي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الرائد العربي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٢٢١

أسلمت وجهي لمن أسلمت

له الارض تحمل صخرا ثقالا

وأسلمت وجهي لمن أسلمت

له المزن تحمل عذبا زلالا

والاسلام في الشرع على ضربين : أحدهما دون الايمان ، وهو الاعتراف باللسان وبه يحقن دم الانسان ، حصل معه الاعتقاد أو لم يحصل. وهو المقصود بقوله تعالى :

«قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا» (١).

والثاني فوق الايمان ، وهو أن يكون مع الاعتراف اعتقاد بالقلب ووفاء بالعمل ، واستسلام لله تعالى في جميع ما قضى وقدّر ، كما ذكر عن ابراهيم عليه‌السلام في قول القرآن :

«إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ» (٢).

والاسلام بمعنى الانقياد لله ، والخضوع المطلق لأوامره ، خلق من أخلاق القرآن ، وفضيلة من فضائل الاسلام ، وتاج الهدى في سنة الرسول عليه الصلاة والسّلام ولذلك يقول الله تعالى في سورة البقرة :

«قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ» (٣).

__________________

(١) سورة الحجرات ، الآية ١٤.

(٢) سورة البقرة ، الآية ١٣١.

(٣) سورة البقرة ، الآية ١٣٦.

١٦١

أي مذعنون لأمر الله ، منقادون لحكمه ، لا نتبع الهوى أو الشيطان أو الناس.

وفي سورة آل عمران يقول الله تعالى لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

«فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ» (١).

أي انقدت لامر الله في اخلاص التوحيد له ، وأعرضت عن كل معبود سواه وأخلصت قصدي بالعبادة اليه ، أنا ومن اتبعني من المؤمنين ، ولا ينبغي أن أضيع الوقت سدى في الجدال والمراء بعد أن تبين الحق :

«وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً» (٢).

والاسلام بهذا المعنى الروحي القلبي هو من أخلاق الانبياء والمرسلين فهذا ابراهيم واسماعيل عليهما‌السلام يرفعان القواعد من البيت ويقولان : «ربنا اجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا انك أنت التواب الرحيم». فأهل التفسير يذكرون هنا أن المسلم هو المنقاد الخاضع ، والمراد بالكلمة ما يشمل التوحيد والاخلاص لله تعالى في الاعتقاد والعمل جميعا ، والاخلاص في الاعتقاد هو أن لا يتوجه المسلم بقلبه الا الى الله ، ولا يستعين بأحد ـ فيما وراء الاسباب الظاهرة ـ الا بالله.

والاخلاص في العمل هو أن يقصد بعمله مرضاة الله تعالى ، لا ارضاء الشهوة ولا اتباع الهوى.

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية ٢٠.

(٢) سورة الاسراء ، الآية ٨١.

١٦٢

والله تعالى انما يرضيه منا أن نزكي نفوسنا بمكارم الاخلاق ونثقف عقولنا بالاعتقاد الصحيح المؤيد بالبرهان وبهذا نكون محل عناية الله تعالى ، ومستودع معرفته وموضع كرامته.

وأما الذي يقصد بأعماله ارضاء شهوته واتباع هواه ، فانه لا يزيد نفسه الا جبنا ، ويكون بعيدا عن المعنى الجليل الاصيل للاسلام ، والله تعالى يقول :

«أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً» (١).

ويقول القرآن في سورة آل عمران : «ما كان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين» أي كان مخلصا لربه الطاعة والاذعان والخضوع ، فابراهيم المتفق على اجلاله عند أهل الملل الثلاث لم يكن على ملة واحد منهم بل كان ـ كما يذكر تفسير المنار ـ مائلا عن مثل ما هم عليه من الوثنية والتقاليد ، مسلما خالصا لله تعالى ، وليس المراد بكونه مسلما أنه كان على مثل ما جاء به محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الشريعة بالتفصيل ، وانما المراد أنه كان متحققا بمعنى الاسلام الذي هو التوحيد والاخلاص لله في عمل الخير.

ويقول القرآن في سورة البقرة :

«وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ» (٢).

__________________

(١) سورة الفرقان ، الآية ٤٣.

(٢) سورة البقرة ، الآية ١٣٢.

١٦٣

أي ان الله اختار لكم دين الاسلام القائم على أساس التوحيد والاخلاص والانقياد ، فلا تتركوا الاسلام فيصادفكم الموت وأنتم تاركون له بل الزموا الاسلام دائما ، فاذا أدرككم الموت صادفكم مسلمين ، وأنتم مذعنون خاضعون منقادون لأمره ونهيه ، وخلاصة هذه العقيدة كما يرى الاستاذ الامام ـ هي اسلام القلب لله تعالى والاخلاص له ، فدين الله واحد في حقيقته وروحه ومعناه الاستسلام لله تعالى والخضوع والاذعان لهداية الاسلام ولذلك قال الله تعالى :

«شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ» (١).

فالتفرق في الدين انما جاء من الجهل والتعصب للاهواء ، والمحافظة على المنافع المتبادلة بين المرؤوسين والرؤساء ، والقرآن يطالب الجميع بالاتفاق في الدين والاجتماع على أصله العقلي وهو التوحيد والبراءة من الشرك بأنواعه ، والقلبي وهو الاسلام والاخلاص لله في جميع الاحوال ، ومن لم يكن متحققا بهذا المعنى فليس بمسلم ، أي ليس على دين الله القيّم الذي كان عليه جميع أنبياء الله تعالى ، ويقول القرآن الكريم في سورة يوسف على لسان يوسف عليه‌السلام :

«رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا

__________________

(١) سورة الشورى ، الآية ١٣.

١٦٤

وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ» (١).

أي اجعلني ممن استسلم لرضاك ، واجعلني سالما من أسر الشيطان.

ويقول الذكر الحكيم في سورة البقرة :

«بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ» (٢).

أي من سلك مرضاة الله واتجه بوجهه الى طاعته ، وفوّض أمره اليه وانقاد له وخضع ، فله جزاء عمله الطيب عند الله ولا يناله خوف ولا حزن في الآخرة ، ومن الواضح ان الاسلام هنا لا يراد به أحكام دين بعينه ، بل يراد به الاسلام الاخلاقي الروحي القائم على الانقياد والاخلاص ، وهذا معنى طالب الله به عباده المؤمنين في كل الازمان والاديان ولعل هذا ما ينظر اليه قول الله تعالى في سورة آل عمران :

«إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ» (٣).

وقد جاء في تفسير «ظلال القرآن» تعليق على هذه العبارة القرآنية الحكيمة جاء فيه :

«ألوهية واحدة ، واذن فدينونة واحدة .. واستسلام لهذه الالوهية لا يبقى معه شيء في نفوس العباد ولا في حياتهم خارجا عن سلطان الله .. ألوهية واحدة .. واذن فجهة واحدة هي صاحبة الحق في تعبيد الناس لها ، وفي تطويعهم لأمرها ، وفي انفاذ شريعتها فيهم وحكمها ، وفي وضع القيم

__________________

(١) سورة يوسف ، الآية ١٠١.

(٢) سورة البقرة ، الآية ١١٢.

(٣) سورة آل عمران ، الآية ١٩.

١٦٥

والموازين لهم وأمرهم باتباعها ، وفي اقامة حياتهم كلها وفق التعليمات التي ترضاها ..

ألوهية واحدة .. واذن فعقيدة واحدة هي التي يرضاها الله من عباده. عقيدة التوحيد الخالص الناصع ومقتضيات التوحيد هذه التي أسلفنا : «ان الدين عند الله الاسلام».

الاسلام الذي هو ليس مجرد دعوى. وليس مجرد راية ، وليس مجرد كلمة تقال باللسان ، ولا حتى تصورا يشتمل عليه القلب في سكون ، ولا شعائر فردية يؤديها الافراد في الصلاة والحج والصيام .. لا. فهذا ليس بالدين الذي لا يرضى الله من الناس دينا سواه انما الاسلام الاستسلام. الاسلام الطاعة والاتباع. الاسلام تحكيم كتاب الله في أمور العباد .. كما سيجيء في السياق القرآني ذاته بعد قليل. والاسلام توحيد الالوهية والقوامة .. بينما كان أهل الكتاب يخلطون بين ذات الله سبحانه وذات المسيح عليه‌السلام كما يخلطون بين ارادة الله وارادة المسيح أيضا : ويختلفون فيما بينهم على هذه التصورات اختلافا عنيفا يصل في أحيان كثيرة الى حد القتل والقتال .. هنا يبين الله لاهل الكتاب وللجماعة المسلمة علة هذا الاختلاف : «وما اختلف الذين أوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم. بغيا بينهم».

ويقول الله تعالى في سورة آل عمران مخاطبا نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ

١٦٦

مُسْلِمُونَ. وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ» (١).

فقوله «ونحن له مسلمون» أي منقادون بالرضا والاخلاص ، منصرفون عن أهوائنا وشهواتنا ، لا نتخذ الدين لاجل حظوظ الدنيا ، وانما نبتغي به التقرب الى الله تعالى ، باصلاح النفوس واخلاص القلوب والصعود بالارواح الى سماء الكرامة والفلاح ، ولما كان هذا هو الاسلام الديني الذي كان عليه جميع الانبياء ، أتبع ذلك بقوله :

«وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ» (٢).

لأن الدين اذا لم يكن هو الاسلام الذي أوضحنا معناه ، فما هو ـ كما يذكر تفسير المنار ـ الا رسوم وتقاليد يتخذها القوم رابطة للجنسية وآلة للعصبية ، ووسيلة للمنافع الدنيوية. وذلك مما يزيد القلوب فسادا ، والارواح اظلاما فلا يزيد الناس في الدنيا الى عدوانا ، وفي الآخرة الا خسرانا ولذلك قال : «وهو في الآخرة من الخاسرين» أي يكون هناك خاسرا للنعيم المقيم ، في جوار الرب الرحيم ، لأنه خسر نفسه اذ لم يزكها بالاسلام واخلاص السريرة له جل علاه.

وقوله تعالى : «ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه» يؤيد قوله تعالى :

«إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ» (٣).

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية ٨٤ ، ٨٥.

(٢) سورة آل عمران ، الآية ٨٥.

(٣) سورة آل عمران ، الآية ١٩.

١٦٧

لأن هذا التعبير يتناول جميع الملل التي جاء بها الانبياء والمرسلون ، لأن الاسلام بمعنى الانقياد الخالص لله هو الروح الكلي لهذه الملل ، ولأنه الاساس الذي اتفقت فيه على اختلاف بعض التكاليف وصور الاعمال ، فالمسلم الحقيقي في حكم القرآن هو من كان خالصا من شوائب الشرك بالرحمن ، مخلصا في أعماله مع الايمان في أي زمان أو مكان لأن الله تعالى شرع الدين لأمرين أصليين أحدهما تصفية الارواح وتخليص العقول من شوائب الاعتقاد بالسلطة الغيبية للمخلوقات وقدرتها على التصرف في الكائنات ، لتسلم من الخضوع والعبودية لمن هم من أمثالها. أو لما هو دونها في استعدادها. وثانيهما اصلاح القلوب بحسن القصد في جميع الاعمال ، واخلاص النية لله وللناس.

فمتى حصل هذان الأمران انطلقت الفطرة من قيودها العائقة لها عن بلوغ كمالها في أفرادها وجماعاتها.

وهذان الامران هما روح المراد من كلمة الاسلام ، وأما أعمال العبادات فانما شرعت لتربية هذا الروح الامري في الروح الخلقي ، ولذلك يشترط فيها النية والاخلاص ، ومتى تربى هذا الروح سهل على صاحبه القيام بسائر التكاليف الادبية والمدنية التي يصل بها الى المدينة الفاضلة وتحقيق أمنية الحكماء.

ولو أننا رجعنا الى روضة السنة المطهرة لوجدنا المعنى القلبي الاخلاقي لكلمة الاسلام موجودا في مواضع منها ففي البخاري نجد من دعوات النبوة : «اللهم لك أسلمت» وفي رواية : «اللهم أسلمت نفسي اليك» وهذا التعبير معنى الاستسلام والانقياد لأمر الله والخضوع لمشيئته. وقد جاء في مسند ابن حنبل : «لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه» أي أن يكون قلب الانسان خالصا لربه منقادا لأمره ، لا يشغله سواه.

١٦٨

نسأل الله جل جلاله أن يجملنا بفضيلة الاستسلام اليه ونعمة الانقياد لأمره ، ويجعلنا ممن يعتصمون بحبله القوي المتين ، فنزدان بالاسلام فضيلة وخلقا ، ونستمسك بالاسلام شريعة ودينا ، وعلى الله قصد السبيل.

١٦٩

التعاون

تذكر اللغة أن التعاون هو تبادل المعونة. يقال : تعاونوا واعتونوا. ومادة «العون» تدل في أصلها اللغوي على القوة والفائدة. والعون هو الظهير على الامر المقوّى عليه ، والاستعانة طلب المعونة. والعون المعاونة والمظاهرة ، يقال : فلان عوني أي معيني.

والتعاون خلق من أخلاق القرآن الكريم ، وفضيلة من فضائل الاسلام العظيم ، وجانب من هدي الرسول عليه الصلاة والتسليم.

واذا نظرنا الى طبيعة الانسان وطريقته في الحياة رأينا أنه مدني بطبعه ، أي أنه اجتماعي بفطرته ، ويصعب عليه أن يعيش منفردا عن غيره من بني جنسه ، ولا يستطيع أن يقوم منفردا بكل مطالب الحياة ، ولعل هذا هو الذي جعل الانسان يحاول منذ فجر التاريخ البشري أن يلجأ الى منظمات متوالية لتحقيق هذا التعاون ، فبدأ بالاسرة ، وانتقل الى القبيلة ثم الدولة ثم منظمات أخرى.

وقد ينظر كثير من الناس الى التعاون على أنه نظام اقتصادي مادي فقط ، ولكن الاسلام ينظر اليه على أنه أصل من أصول الدين ، ومبدأ من مبادئه ، وأنه نظام يساعد على الخير ، وأنه خلق يثاب عليه أهلوه ، وأنه

١٧٠

فضيلة ترفع صاحبها الى درجة الاخيار من عباد الله.

ومن مكانة التعاون العليا ان من صفات الله تعالى أنه «المستعان» ، فذلك حيث يقول القرآن الكريم في سورة يوسف :

«وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ» (١).

أي هو الله الواحد القادر الذي يلجأ اليه الناس ليطلبوا منه العون على ما لا يقدرون عليه من متاعب الحياة أو بغي الاحياء.

ولأمر ما ولحكمة بالغة جعل الله عباده المؤمنين يتذكرون على الدوام أن يسألوه المعونة ، وأن يخصوه برجاء العون منه ، لأنه سبحانه يقدر على ما لا يقدر عليه سواه ، فشرع لهم أن يقولوا في كل صلاة من كل يوم :

«إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» (٢).

ولعلوّ مكانة التعاون المادي والادبي نجد القرآن الكريم يقول في سورة المائدة :

«وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ» (٣).

انه سبحانه قد قال : «وتعاونوا» فاستعمل صيغة الامر العام ، ولم يكتف بذكر جواز التعاون أو اباحته ، بل أوجبه وطالب به ، وهو قد وجه الخطاب في هذا الامر الى الجميع والى كل القادرين على تحقيق المطلوب ،

__________________

(١) سورة يوسف ، الآية ١٨.

(٢) سورة الفاتحة ، الآية ٥.

(٣) سورة المائدة ، الآية ٢.

١٧١

فلم يجعل الامر مقصورا على طائفة من الناس دون طائفة ، بل جعل المطالبة موجهة الى الجميع ، وهذا يفيد وجوب شمول التعاون للمجتمع وأبنائه. وهو يوجه التعاون ليكون في الاغراض الطيبة الطاهرة النافعة للفرد والجماعة ، فذكر «البر والتقوى» موضعين لهذا التعاون ، والبر هو التوسع في فعل الخير والعمل الصالح ، والتقوى هي اتقاء كل ما يضر الفرد أو الجماعة في الدين والدنيا ، وفي الحسيات والمعنويات.

وهو يحذر أن يكون التعاون على باطل أو اثم أو ضرر ، فنهى أن يكون التعاون على الاثم والعدوان ، والاثم هو كل فعل قبيح لا ترتضيه العقول السليمة ، ولا تقبله النفوس القويمة ، والعدوان هو تجاوز حدود الشرع والعرف الصحيح في المعاملة.

ولو رجعنا الى القرآن الكريم لوجدناه يعرض علينا صورا تعاونية لها قيمتها ، تؤكد في نفوسنا أن الحياة لا تستقر الا بالتعاون ، فها هو ذا يحدثنا مثلا عن «ذي القرنين» فيذكر لنا ان الله تبارك وتعالى قد مكّن له في الارض ، وآتاه من كل شيء سببا ، فتوافرت له القدرة والسلطة ، وتهيأت أمامه أسباب للقوة والنفوذ لم تتوافر لكثير غيره ، والقرآن يقول عنه في سورة الكهف :

«وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً ، إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ ، وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً» (١).

ومع ذلك لم يستغن ذو القرنين عن معونة غيره حينما أراد أن يقوم بعمل كبير ، وهاهوذا القرآن يعود فيحدثنا عن ذي القرنين قائلا :

__________________

(١) سورة الكهف ، الآية ٨٣ و ٨٤.

١٧٢

«حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً ، قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا؟» (١)

فصارحهم بأن مثل هذا العمل الكبير يحتاج الى التعاون ولا يتم دونه ، قال : «ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما ، آتوني زبر الحديد (أي قطع الحديد الكبيرة) حتى اذا ساوى بين الصدفين (أي جانبي الجبلين وهما السدّان) قال انفخوا حتى اذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا» أي نحاسا مذابا.

فماذا كانت نتيجة هذا التعاون العظيم؟

كانت نتيجته اتمام عمل عظيم ، وهو سد منيع ، لا يستطيع مهاجموه أن يعلوا ظهره ، ولا أن يحدثوا فيه خرقا. يقول القرآن الكريم في ذلك :

«فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً». (٢)

ونفهم هنا أن القرآن المجيد يرمز الى أن التعاون اذا أخلص له أهلوه ، وبذلوا فيه بصدق ما استطاعوا حقق لهم من النتائج ما يكفي ويشفي ، كما يرمز الى فضيلة التذكر لنعمة الله بين المتعاونين ، حتى يمنحهم عنايته ورعايته ، وحتى يكون هذا الشعور الديني الخالص معوانا على البلوغ بالتعاون الى أهدافه الجليلة الشريفة.

__________________

(١) سورة الكهف ، الآية ٩٣ و ٩٤.

(٢) سورة الكهف ، الآية ٩٧.

١٧٣

ويعرض علينا القرآن الكريم صورة أخرى للتعاون تتعلق برسولين من رسله ، هما موسى وهارون عليهما الصلاة والسّلام ، فعلى الرغم من أن موسى نبي ورسول لم يتردد أن يطلب من ربه أن يحقق له عن طريق التعاون مزيدا من القوة ، حتى يستطيع اداء الرسالة على الوجه الطيب ، ولذلك قال يدعو ربه تبارك وتعالى :

«وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي» (١).

والقرآن المجيد يقرر أن التعاون كما يكون في وقت السلم يلزم أن يكون في وقت الحرب ولذلك يقول في سورة الصف :

«إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ» (٢).

ولا يتحقق الصف الا بالتجمع والترابط والتعاون ، والبنيان المرصوص هو المتلاصق المحكم ، ولا يتم هذا الا بتعاون وثيق.

* * *

ثم نتأتى الى سنة رسول الله عليه الصلاة والسّلام.

اننا نجد في هذه السنة الكريمة المطهرة فيضا عظيما من النصوص الداعية الى التعاون النبيل المصطبغ بصبغة الايمان والاعتقاد ، ومن هذه الاحاديث قوله صلوات الله وسلامه عليه :

١ ـ الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.

٢ ـ الناس بخير ما تعاونوا.

__________________

(١) سورة طه ، الآية ٢٩ ـ ٣٢.

(٢) سورة الصف ، الآية ٤.

١٧٤

٣ ـ من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته.

٤ ـ المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا.

٥ ـ مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.

وكل حديث من هذه الاحاديث الشريفة نستطيع أن نقف أمامه وقفة تأمل ، نحلل معناه ونتدبر مغزاه لنخرج بمزيد من التأكيد بمكانة التعاون في نظر الاسلام.

وكأن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يحرص على التذكير بالتعاون في الخير ، وطلب المعونة من الله تبارك وتعالى فكان من دعواته : «رب أعنّي ولا تعن عليّ» كما كان من فواتح خطبه صلى‌الله‌عليه‌وسلم في كثير من الاحيان قوله : «نحمد الله ونستعينه».

وكان من وصف السيدة خديجة رضي الله عنها للرسول عليه الصلاة والسّلام قولها كما روى البخاري : «كان يعين على نوائب الحق» وهي ما ينوب الانسان أي ينزل به من المهمات والحوادث.

كما أشار الرسول الى أن مظاهر التعاون متنوعة ، فذكر من أنواع الصدقات قوله : «وتعين الرجل على دابته فتحمل عليها صدقة» وقال كذلك : «وعونك الضعيف بفضل قوتك صدقة» كما أشار الرسول الى أن من أدب الاسلام أن يعين الرجل خادمه في أداء ما يشق عليه من عمل فقال للسادة عن الخدم : «فان كلفتموهم ما لا يطيقون فأعينوهم عليه».

وفوق هذا نجد رسول الله عليه الصلاة والسّلام يصور لنا سلسلة النبوات والرسالات على أنها طراز رفيع مجيد من التعاون على نشر دين الله ودعوته بين البشر خلال عصور التاريخ ، وكل رسول يبني جزءا يمهد به لجزء مقبل ، ويأتي رسول من بعده فينتفع بسابق البناء ويضيف اليه ، وهكذا حتى يتم البناء بالرسالة الخاتمة الجامعة : رسالة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

١٧٥

يقول النبي في ذلك : «ان مثلي ومثل الانبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وجمله ، الا موضع لبنة (أي حجر) من زاوية ، فجعل الناس يطوفون به ، ويعجبون له ، ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة؟. فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين».

* * *

ولقد شهد تاريخ الاسلام في صدره الاول مواقف عملية تجلى فيها تطبيق التعاون في المجتمع الاسلامي ، فكان من وراء ذلك خير وبر ، فالهجرة مثلا اشترك فيها كهول مثل النبي وأبي بكر ، وشباب كعلي وعبد الله بن أبي بكر ، ونساء كزوجة أبي بكر ، وفتيات كأسماء وعائشة ابنتي أبي بكر ، وأسهم كل واحد منهم بمجهود ، فأبو بكر أعد العدّة وسيلة الانتقال ، بعد أن رسم النبي الخطة وحدد لها الميقات ، وعلي رقد على سرير النبي ليظن المشركون أن النبي ما زال موجودا في فراشه ، وزوجة أبي بكر تعد الطعام مع ابنتيها ، وأسماء تحمل الزاد والماء الى الغار.

وعقب الهجرة شرع المسلمون في بناء مسجد الرسول بالمدينة ، ولقد تم في أقصر مدة ممكنة ، ولو لا تعاون الايدي المؤمنة في جمع المواد ، وتهيئة الوسائل ، وتشييد البناء ، لما تمّ المسجد بهذه السرعة التي كانت ثمرة من ثمرات التعاون.

وفي غزوة الاحزاب أراد المسلمون حفر الخندق حول المدينة ، من الجهة التي لا تحصنها جبال ، وكان الوقت ضيقا ، وكانت الاحزاب تتقدم نحو المدينة بسرعة ، ولكن التعاون جاء فحل المشكلة ، واشترك الجميع في العمل ، واستطاع المؤمنون بتعاونهم الكريم أن يتموا حفر الخندق الطويل ، قبل أن تصل جموع الاعداء المشركين.

ولقد حدث أن ارتحل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مع جماعة من

١٧٦

أصحابه ، وفي أثناء الرحلة أرادوا أن يهيئوا شاة لطعامهم ، فقال أحد الصحابة : عليّ ذبح الشاة.

وقال الثاني : وعليّ سلخها.

وقال الثالث : وعليّ طبخها.

فقال رسول الله عليه الصلاة والسّلام : وأنا عليّ جمع الحطب.

فقال له أصحابه : يا رسول الله نحن نكفيك ذلك.

فقال : أنا أعلم أنكم تكفونني ، ولكني لا أحب أن أتميز عليكم فان الله تعالى لا يحب من عبده أن يتميز على أصحابه.

وفي غزوة بدر ، وهي أولى الغزوات في الاسلام ، دعت الظروف المسلمين الى أن يشترك كل ثلاثة منهم في ركوب دابة بالتناوب ، وكان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم شريكان في دابته ، فقالا له : نحن نمشي مكانك. وأنت تركب مكاننا يا رسول الله.

فأبى النبي ذلك وقال : ما أنتما بأقوى مني على المشي ، ولا أنا بأغنى منكما على الاجر.

وتعاون الجميع في الركوب ، كل منهم يركب نصيبه من الطريق. ويترك لصاحبيه نصيبهما.

* * *

ومن المعلوم أن التعاون يقوم على أساس أن الفرد جزء من كل ، ولبنة في بناء ، ولذلك شاع بين الناس ذلك القول التعاوني المعروف : الفرد للمجموع ، والمجموع في خدمة الفرد. والاسلام يقيم لهذا الاساس وزنا كبيرا ، فالقرآن يقول :

١٧٧

«إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ» (١).

والحديث يقول كما عرفنا : «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا».

والتعاون يقوم على روح الجماعة ، والاسلام يعنى بذلك كل العناية ، فيقول القرآن :

«وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا».

والرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول : «يد الله مع الجماعة» وعلمنا القرآن أن روح الجماعة تكون حتى في العبادة ، ففي سورة الفاتحة نقول ونحن في الصلاة :

«إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ». ولا يقول المصلّي اياك أعبد واياك استعين.

وجمع القرآن بين وحدة الامة وتقوى الله فقال :

«وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ» (٢).

* * *

ولقد أرشدنا سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الى أن نحذر العون الخبيث المذموم ، فقد شاهد جماعة من أصحابه وهم يسبون رجلا ويسخرون منه ويهزأون به فقال عليه الصلاة والسّلام : «لا تعينوا عليه الشيطان» كما أنه حذر الاستعانة بالمشرك لأنه عدو المؤمنين ، فقال : «انا لا نستعين بمشرك».

نسأل الله جل جلاله أن يمن علينا بنعمة التعاون على البر والتقوى ، وأن يحفظنا من بلوى التعاون على الاثم والعدوان انه أكرم مسؤول وأفضل مأمول.

__________________

(١) سورة الحجرات ، الآية ١٠.

(٢) سورة المؤمنون ، الآية ٥٢.

١٧٨

القصد

القصد خلق من أخلاق القرآن الكريم ، وفضيلة من فضائل الاسلام العظيم. ولنعرف أولا معنى القصد في اللغة.

القصد في الشيء ضد الافراط ، وهو ما بين الاسراف والتقتير ، والقصد في المعيشة ألا يسرف ولا يقتر. وقصد الانسان في الامر : لم يتجاوز فيه الحد ، ورضي بالتوسط. وقصد في أمره اعتدل وسلك مسلكا بين المغالاة والتقصير ، أو بين الافراط والتفريط. والقصد هو سلوك الطريق المعتدلة. ولذلك قد يطلق عليه اسم الاعتدال ، وقد يسمى بالسداد ولذلك قالت اللغة العربية ان القصد بمعنى العدل. والقاصد هو القريب ، ولذلك جاء في التنزيل المجيد :

«لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ» (١).

أي سفرا غير شاق ولا متناهي البعد. ومما يدل على أن القصد يراد به استقامة الطريق قول الله تعالى :

«وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ

__________________

(١) سورة التوبة ، الآية ٤٢.

١٧٩

أَجْمَعِينَ» (١).

أي على الله تبيين الطريق المستقيم ، والدعاء اليه بالحجج والبراهين الواضحة ومنها طريق جائر غير قاصد.

وقد جاء في تاج العروس للزبيدي : سدده الله تعالى أي وفقا للسداد ، وهو الصواب والقصد من القول والعمل ، ويقال : انه لذو سداد في منطقه وتدبيره. والقصد بمعنى الاقتصاد أيضا ، ولذلك أضاف الزبيدي : من الاقتصاد ما هو ممدوح مطلقا ، وذلك فيما له طرفان :

افراط وتفريط ، كالجود فانه بين الاسراف والبخل ، وكالشجاعة فانها بين التهور والجبن ، واليه الاشارة بقوله تعالى :

«وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً» (٢).

ومنه ما هو متردد بين المحمود والمذموم ، وهو فيما يقع بين محمود ومذموم ، كالواقع بين العدل والجور ، وعلى ذلك جاء قوله تعالى :

«فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ» (٣).

وجاء قوله تعالى في سورة المائدة :

«مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ» (٤)

__________________

(١) سورة النحل ، الآية ٩.

(٢) سورة الفرقان ، الآية ٦٧.

(٣) سورة فاطر ، الآية ٣٢.

(٤) سورة المائدة ، الآية ٦٦.

١٨٠