النهي عن الفساد ، فلا تنهض لدفع دلالة المطلقات المتقدّمة (١) الظاهرة في سلطنة الوالد على الولد وماله.
وأمّا الآية الشريفة (٢) ، فلو سلّم دلالتها ، فهي مخصّصة بما دلّ على ولاية الجدّ وسلطنته ، الظاهرة في أنّ له أن يتصرّف في مال طفله (٣) بما ليس فيه (٤) مفسدة له ؛ فإنّ ما دلّ على ولاية الجدّ في النكاح معلّلاً بأنّ البنت وأباها للجدّ (٥) ، وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنت ومالك لأبيك» (٦) ، خصوصاً مع استشهاد الإمام عليهالسلام به في مضيّ نكاح الجدّ بدون إذن الأب ؛ ردّاً على من أنكر ذلك وحكم ببطلان ذلك من العامّة في مجلس بعض الأُمراء (٧) وغير ذلك (٨) يدلّ على ذلك.
مع أنّه لو سلّمنا عدم التخصيص ، وجب الاقتصار عليه في حكم الجدّ ، دون الأب.
__________________
(١) تقدّمت في الصفحة ٥٣٧.
(٢) وهي قوله تعالى (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) الإسراء : ٣٤.
(٣) في «ن» ، «م» و «ص» : «طفل» ، وفي الأخير كتب فوقه : الطفل ظ.
(٤) في «ف» بدل «فيه» : له.
(٥) الوسائل ١٤ : ٢١٩ ، الباب ١١ من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، الحديث ٨.
(٦) الوسائل ١٢ : ١٩٥ ١٩٧ ، الباب ٧٨ من أبواب ما يكتسب به ، الأحاديث ١ ، ٢ ، ٨ و ٩.
(٧) الوسائل ١٤ : ٢١٨ ، الباب ١١ من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، الحديث ٥.
(٨) كما في الأحاديث المتقدّمة آنفاً.
ودعوى عدم القول بالفصل ممنوعة ؛ فقد حكي عن بعض متأخّري المتأخّرين القول بالفصل بينهما في الاقتراض مع عدم اليسر (١).
مشاركة الجدّ وإن علا للأب |
ثمّ لا خلاف ظاهراً كما ادّعي (٢) في أنّ الجدّ وإن علا يشارك الأب في الحكم ، ويدلّ عليه ما دلّ على أنّ الشخص وماله الذي منه مال ابنه لأبيه (٣) ، وما دلّ (٤) على أنّ الولد ووالده لجدّه (٥).
لو فقد الأب وبقي الجدّ |
ولو فُقد الأب وبقي الجدّ ، فهل أبوه أو (٦) جدّه يقوم مقامه في المشاركة أو يخصّ هو بالولاية؟ قولان : من ظاهر أنّ الولد ووالده لجدّه ، وهو المحكي عن ظاهر جماعة (٧) ، ومن أنّ مقتضى قوله تعالى (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) (٨) كون القريب أولى بقريبه من البعيد ، فنفي (٩) ولاية البعيد خرج (١٠) منه الجدّ مع الأب وبقي الباقي.
وليس المراد من لفظ «الأولى» التفضيل مع الاشتراك في المبدأ ،
__________________
(١) لم نعثر عليه.
(٢) انظر المناهل : ١٠٥ ، والجواهر ٢٦ : ١٠٢.
(٣) كما تقدّم آنفاً.
(٤) لم ترد «وما دلّ» في غير «ف» و «ش» ، لكنّه استدرك في «ن» و «ص».
(٥) مثل ما تقدّم في الصفحة السابقة.
(٦) في «ع» و «ش» بدل «أو» : «و».
(٧) حكاه السيّد المجاهد في المناهل : ١٠٥ ، وفيه : ويظهر الأوّل من إطلاق الشرائع والنافع.
(٨) الأنفال : ٧٥ ، والأحزاب : ٦.
(٩) في «ص» : فينفي.
(١٠) في غير «ف» : وخرج.
بل هو نظير قولك : «هو أحقّ بالأمر (١) من فلان» ونحوه ، وهذا محكيّ (٢) عن جامع المقاصد (٣) والمسالك (٤) والكفاية (٥) ، وللمسألة مواضع أُخر (٦) تأتي إن شاء الله.
__________________
(١) كذا في «ف» و «ش» ، وفي سائر النسخ : بالأجر.
(٢) حكاه السيّد المجاهد في المناهل : ١٠٥.
(٣) لم نقف عليه بعينه ، نعم في جامع المقاصد ٥ : ١٨٧ هكذا : وهل يكون للجدّ الأعلى مع وجود الأولى ولاية؟ فيه نظر.
(٤) المسالك ٧ : ١٧١.
(٥) لم نعثر عليه في الكفاية.
(٦) مثل كتاب النكاح وكتاب الحجر.
مسألة
[في ولاية الفقيه] (١)
من جملة أولياء التصرّف في مال من لا يستقلّ بالتصرّف في ماله : الحاكم ، والمراد منه : الفقيه الجامع لشرائط الفتوى ، وقد رأينا هنا (٢) ذكر مناصب الفقيه ، امتثالاً لأمر أكثر حُضّار مجلس المذاكرة ، فنقول مستعيناً بالله للفقيه الجامع للشرائط مناصب ثلاثة :
مناصب الفقيه : الافتاء والحكومة والولاية |
أحدها : الإفتاء فيما يحتاج إليها العامي في عمله ، ومورده المسائل الفرعية ، والموضوعات الاستنباطية من حيث ترتّب حكمٍ فرعيٍّ عليها. ولا إشكال ولا خلاف في ثبوت هذا المنصب للفقيه ، إلاّ ممّن لا يرى جواز التقليد للعامي.
وتفصيل الكلام في هذا المقام موكول إلى مباحث الاجتهاد والتقليد.
الثاني : الحكومة ، فله الحكم بما يراه حقّا في المرافعات وغيرها في الجملة. وهذا المنصب أيضاً ثابت له بلا خلاف فتوًى ونصّاً ، وتفصيل الكلام فيه من حيث شرائط الحاكم والمحكوم به والمحكوم عليه موكول إلى كتاب القضاء.
__________________
(١) العنوان منّا.
(٢) لم ترد «هنا» في «ف».
الولاية على وجهين |
الثالث : ولاية التصرّف في الأموال والأنفس ، وهو المقصود بالتفصيل هنا ، فنقول : الولاية تتصوّر على وجهين :
١ ـ استقلال الولي بالتصرّف |
الأوّل : استقلال الولي بالتصرّف مع قطع النظر عن كون تصرّف غيره منوطاً بإذنه أو غير منوطٍ به ، ومرجع هذا إلى كون نظره سبباً في جواز تصرّفه.
٢ ـ توقّف تصرّف الغير على إذنه |
الثاني : عدم استقلال غيره بالتصرّف ، وكون تصرّف الغير منوطاً بإذنه وإن لم يكن هو مستقلا بالتصرّف ، ومرجع هذا إلى كون نظره شرطاً في جواز تصرّف غيره. وبين موارد الوجهين عموم من وجه.
ثمّ إذنه المعتبر في تصرّف الغير :
إمّا أن يكون على وجه الاستنابة ، كوكيل الحاكم.
وإمّا أن يكون على وجه التفويض والتولية ، كمتولّي الأوقاف من قِبَل الحاكم.
وإمّا أن يكون على وجه الرضا كإذن الحاكم لغيره في الصلاة على ميّتٍ لا وليّ له.
ثبوت الولاية بالمعنى الأول للنبي والأئمة عليهمالسلام |
إذا عرفت هذا ، فنقول : مقتضى الأصل عدم ثبوت الولاية لأحد بشيء (١) من الوجوه (٢) المذكورة ، خرجنا عن هذا الأصل في خصوص النبيّ والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين بالأدلّة الأربعة ، قال الله تعالى (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ
__________________
(١) كذا في «ف» و «ش» ، وفي سائر النسخ : «لأخذ شيء» ، لكن صحّحت العبارة في بعضها بما أثبتناه ، وفي بعضها الآخر ورد ما أثبتناه في الهامش ، وصحّحها مصحّح «ص» هكذا : لأحد على أحد في شيء.
(٢) في «ش» : الأُمور.
الاستدلال بالكتاب |
مِنْ أَنْفُسِهِمْ) (١) ، و (ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (٢) ، (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٣) ، و (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٤) ، و (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ..) الآية (٥) ، إلى غير ذلك.
الاستدلال بالروايات |
وقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كما في رواية أيوب بن عطية ـ : «أنا أولى بكلّ مؤمن من نفسه» (٦) ، وقال في يوم غدير خم : «ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا : بلى. قال : من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه» (٧).
والأخبار في افتراض طاعتهم وكون معصيتهم كمعصية الله كثيرة ، يكفي في ذلك منها مقبولة عمر بن حنظلة (٨) ، ومشهورة أبي خديجة (٩) ، والتوقيع الآتي (١٠) ، حيث علّل فيها حكومة الفقيه وتسلّطه على الناس : بأني قد جعلته كذلك ، وأنّه حجّتي عليكم.
__________________
(١) الأحزاب : ٦.
(٢) الأحزاب : ٣٦.
(٣) النور : ٦٣.
(٤) النساء : ٥٩.
(٥) المائدة : ٥٥.
(٦) الوسائل ١٧ : ٥٥١ ، الباب ٣ من أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ، الحديث ١٤.
(٧) الحديث من المتواترات بين الخاصّة والعامّة ، انظر كتاب الغدير ١ : ١٤ ١٥٨.
(٨) الوسائل ١٨ : ٩٨ ٩٩ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث الأوّل.
(٩) الوسائل ١٨ : ١٠٠ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦.
(١٠) الآتي في الصفحة ٥٥٥.
الاستدلال بالإجماع والعقل |
وأمّا الإجماع فغير خفيّ.
وأمّا العقل القطعي ، فالمستقلّ منه حكمه بوجوب شكر المنعم بعد معرفة أنّهم أولياء النعم ، والغير المستقلّ حكمه بأنّ الأُبوّة إذا اقتضت وجوب طاعة الأب على الابن في الجملة ، كانت الإمامة مقتضية لوجوب طاعة الإمام على الرعيّة بطريق أولى ؛ لأنّ الحقّ هنا أعظم بمراتب ، فتأمّل.
والمقصود من جميع ذلك : دفع ما يتوهّم من أنّ وجوب طاعة الإمام مختصّ بالأوامر الشرعيّة ، وأنّه لا دليل على وجوب إطاعته (١) في أوامره العرفيّة أو سلطنته على الأموال والأنفس.
وبالجملة ، فالمستفاد من الأدلّة الأربعة بعد التتبّع والتأمّل : أنّ للإمام عليهالسلام سلطنة مطلقة على الرعيّة من قبل الله تعالى ، وأنّ تصرّفهم نافذ على الرعيّة ماضٍ مطلقاً.
هذا كلّه في ولايتهم بالمعنى الأوّل.
ثبوت الولاية بالمعنى الثاني والاستدلال عليه |
وأمّا بالمعنى الثاني أعني اشتراط تصرّف الغير بإذنهم فهو وإن كان مخالفاً للأصل ، إلاّ أنّه قد ورد أخبار خاصّة بوجوب الرجوع إليهم (٢) ، وعدم جواز الاستقلال لغيرهم بالنسبة إلى المصالح المطلوبة للشارع الغير المأخوذة على شخص معيّن من الرعيّة ، كالحدود والتعزيرات ، والتصرّف في أموال القاصرين ، وإلزام الناس بالخروج عن الحقوق ، ونحو ذلك.
__________________
(١) في «ش» : طاعته.
(٢) انظر الكافي ١ : ١٨٥ ، باب فرض طاعة الأئمة ، و ٢١٠ ، باب أنّ أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة ، والبحار ٢٣ : ١٧٢ ، الباب ٩ من كتاب الإمامة ، و ٢٨٣ ، وكذا الباب ١٧ منه.
ويكفي في ذلك ما دلّ على أنّهم أُولو الأمر وولاته (١) ؛ فإنّ الظاهر من هذا العنوان عرفاً : من يجب الرجوع إليه في الأُمور العامّة التي لم تحمل في الشرع على شخص خاصّ.
وكذا ما دلّ على وجوب الرجوع في الوقائع الحادثة إلى رواة الحديث معلّلاً ب «أنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله» (٢) ؛ فإنّه دلّ على أنّ الإمام هو المرجع الأصلي.
وما عن العلل بسنده إلى الفضل بن شاذان عن مولانا أبي الحسن الرضا عليهالسلام في علل حاجة الناس إلى الإمام عليهالسلام ، حيث قال بعد ذكر جملة من العلل ـ : «ومنها : أنّا لا نجد فرقة من الفِرَق ، ولا ملّة من الملل عاشوا وبقوا (٣) إلاّ بقيّم ورئيس ؛ لما لا بدّ لهم منه في (٤) أمر الدين والدنيا ، فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق بما يعلم (٥) أنّه (٦) لا بدّ لهم منه (٧) ولا قوام لهم إلاّ به» (٨).
__________________
(١) راجع الكافي ١ : ٢٠٥ ، باب أنّ الأئمة عليهمالسلام ولاة الأمر ، والبحار ٢٣ : ٢٨٣ ، الباب ١٧ من كتاب الإمامة.
(٢) كما في التوقيع الآتي في الصفحة ٥٥٥.
(٣) في «ف» : «عاشوا ولا بقوا» ، وفي «ش» والمصدر : بقوا وعاشوا.
(٤) كذا في «ش» والمصدر ، وفي سائر النسخ : لما لا بدّ لهم من أمر.
(٥) في «ف» و «خ» ونسخة بدل «ع» : «وهو يعلم» ، وفي المصدر : «ممّا يعلم» ، وفي مصحّحة «ص» : بلا رئيس وهو يعلم.
(٦) في «ف» : أنّهم.
(٧) لم ترد «منه» في غير «ش».
(٨) علل الشرائع : ٢٥٣ ، الباب ١٨٢ ، ذيل الحديث ٩.
هذا ، مضافاً إلى ما ورد في خصوص الحدود والتعزيرات والحكومات ، وأنّها لإمام المسلمين (١) ، وفي الصلاة على الجنائز من : أنّ سلطان الله أحقّ بها من كلّ أحد (٢) ، وغير ذلك ممّا يعثر عليه المتتبّع.
وكيف كان ، فلا إشكال في عدم جواز التصرّف في كثيرٍ من الأُمور العامّة بدون إذنهم ورضاهم ، لكن لا عموم يقتضي أصالة توقّف كلّ تصرّفٍ على الإذن.
نعم ، الأُمور التي يرجع فيها كلّ قومٍ إلى رئيسهم ، لا يبعد الاطّراد فيها بمقتضى كونهم اولي الأمر وولاته والمرجع الأصلي في الحوادث الواقعة ، والمرجع في غير ذلك من موارد الشكّ إلى إطلاقات أدلّة تلك التصرّفات إن وجدت على الجواز أو المنع ، وإلاّ فإلى الأُصول العمليّة ، لكن حيث كان الكلام في اعتبار إذن الإمام عليهالسلام أو نائبه الخاصّ مع التمكّن منه لم يجز إجراء الأُصول ؛ لأنّها لا تنفع مع التمكّن (٣) من الرجوع إلى الحجّة ، وإنّما تنفع (٤) مع عدم التمكّن من الرجوع إليها
__________________
(١) راجع الوسائل ١٨ : ٦ ، الباب ٣ من أبواب صفات القاضي ، و ٢٢١ ، الباب ٣٢ من أبواب كيفية الحكم والدعوى ، الحديث ٣ ، و ٣٣٠ ، الباب ١٧ من أبواب مقدّمات الحدود ، الحديث ٣ ، و ٣٤٣ ، الباب ٣٢ من الأبواب ، و ٥٣٢ ، الباب الأوّل من أبواب حدّ المحارب ، والمستدرك ١٧ : ٢٤١ ، الباب ٣ من أبواب صفات القاضي ، و ١٨ : ٢٩ ، الباب ٢٥ من أبواب مقدّمات الحدود ، وغيرها.
(٢) الوسائل ٢ : ٨٠١ ، الباب ٢٣ من أبواب صلاة الجنازة ، الحديث ٤.
(٣) العبارة في «ف» هكذا : لأنّها إنّما تنفع مع عدم التمكّن ..
(٤) في غير «ش» زيادة : «ذلك» ، لكن شطب عليها في «ن».
لبعض العوارض (١).
وبالجملة ، فلا يهمّنا التعرّض لذلك ، إنّما المهمّ التعرّض لحكم ولاية الفقيه بأحد الوجهين المتقدّمين ، فنقول :
الكلام في ولاية الفقيه بالمعنى الأوّل الاستدلال عليها بالروايات |
أمّا الولاية على الوجه الأوّل أعني استقلاله في التصرّف فلم يثبت بعمومٍ عدا ما ربما يتخيّل من أخبار واردة في شأن العلماء مثل : «أنّ العلماء ورثة الأنبياء ، و [ذاك] (٢) أنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورّثوا أحاديث من أحاديثهم ، فمن أخذ بشيءٍ منها أخذ بحظٍّ وافر» (٣).
و «أنّ العلماء أُمناء الرسل» (٤).
وقوله عليهالسلام : «مجاري الأُمور بيد العلماء بالله ، الامناء على حلاله وحرامه» (٥).
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «علماء أُمّتي كأنبياء بني إسرائيل» (٦).
__________________
(١) في «ف» و «خ» : «في بعض الموارد» ، لكن صحّح في الأخير بما أثبتناه.
(٢) من المصدر.
(٣) الوسائل ١٨ : ٥٣ ، الباب ٨ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢.
(٤) لم نقف عليه بهذا اللفظ في مجاميعنا الحديثية ، بل ورد في الكافي (١ : ٣٣ ، الحديث ٥) : «العلماء أُمناء» ، وفي (٤٦ ، الحديث ٥) : «الفقهاء أُمناء الرسل» ، نعم ورد بهذا اللفظ في كنز العمّال ١٠ : ١٨٣ ، و ٢٠٤ ، الحديث ٢٨٩٥٢ و ٢٩٠٨٣.
(٥) تحف العقول : ٢٣٨ ، وعنه في البحار ١٠٠ : ٨٠ ، الحديث ٣٧.
(٦) عوالي اللآلي ٤ : ٧٧ ، الحديث ٦٧ ، وعنه البحار ٢ : ٢٢ ، الحديث ٦٧ ، ونقله في المستدرك ١٧ : ٣٢٠ ، الحديث ٣٠ عن العلاّمة في التحرير.
وفي المرسلة (١) المرويّة في الفقه الرضوي : «إنّ منزلة الفقيه في هذا الوقت كمنزلة الأنبياء في بني إسرائيل» (٢).
وقوله عليهالسلام (٣) في نهج البلاغة : «أولى الناس بالأنبياء : أعلمهم بما جاؤوا به (إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) الآية» (٤).
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثلاثاً : «اللهم ارحم خلفائي. قيل : ومن خلفاؤك يا رسول الله؟ قال : الذين يأتون بعدي ، ويروون حديثي وسنّتي» (٥).
وقوله عليهالسلام في مقبولة ابن حنظلة : «قد جعلته عليكم حاكماً» (٦).
وفي مشهورة أبي خديجة : «جعلته عليكم قاضياً» (٧).
وقوله عجّل الله فرجه : «هم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله» (٨).
__________________
(١) لم ترد هذه الرواية في «ف».
(٢) الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليهالسلام : ٣٣٨. وعنه في البحار ٧٨ : ٣٤٦ ، ذيل الحديث ٤.
(٣) لم يرد هذا النصّ في «ف».
(٤) نهج البلاغة : ٤٨٤ ، باب المختار من حِكَم أمير المؤمنين عليهالسلام ، الحكمة ٩٦ ، والآية من سورة آل عمران : ٦٨.
(٥) الوسائل ١٨ : ١٠٠ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٧.
(٦) الوسائل ١٨ : ٩٨ ٩٩ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث الأوّل.
(٧) الوسائل ١٨ : ١٠٠ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦.
(٨) ستأتي مصادره في الصفحة ٥٥٥.
إلى غير ذلك ممّا يظفر به المتتبّع.
المناقشة في الاستدلال |
لكنّ الإنصاف بعد ملاحظة سياقها أو صدرها أو ذيلها يقتضي الجزم بأنّها في مقام بيان وظيفتهم من حيث الأحكام الشرعية ، لا كونهم كالنبيّ والأئمة صلوات الله عليهم في كونهم أولى بالناس (١) في أموالهم ، فلو طلب الفقيه الزكاة والخمس من المكلّف فلا دليل على وجوب الدفع إليه شرعاً. نعم ، لو ثبت شرعاً اشتراط صحّة أدائهما بدفعه إلى الفقيه مطلقاً أو بعد المطالبة ، وأفتى بذلك الفقيه ، وجب اتّباعه إن كان ممّن يتعيّن تقليده ابتداءً أو بعد الاختيار ، فيخرج عن محلّ الكلام.
هذا ، مع أنّه لو فرض العموم فيما ذكر من الأخبار ، وجب حملها على إرادة الجهة (٢) المعهودة المتعارفة من وظيفته ، من حيث كونه رسولاً مبلّغاً ، وإلاّ لزم تخصيص أكثر أفراد العامّ ؛ لعدم سلطنة الفقيه على أموال الناس وأنفسهم إلاّ في موارد قليلة بالنسبة إلى موارد عدم سلطنته.
وبالجملة ، فأقامه الدليل على وجوب طاعة الفقيه كالإمام عليهالسلام إلاّ ما خرج بالدليل دونه خرط القتاد!
الكلام في ولاية الفقيه بالمعنى الثاني |
بقي الكلام في ولايته على الوجه الثاني أعني توقّف تصرّف الغير على إذنه ، فيما كان متوقّفاً على إذن الإمام عليهالسلام وحيث إنّ موارد التوقّف على إذن الإمام عليهالسلام غير مضبوطة فلا بدّ من ذكر ما يكون كالضابط لها ، فنقول :
كلّ معروف علم من الشارع إرادة وجوده في الخارج ، إن علم
__________________
(١) في «ع» و «ش» : أولى الناس.
(٢) كذا في «ف» و «ش» ، وفي سائر النسخ : على إرادة العامّ من الجهة.
الضابطة لما يجب استئذان الفقيه فيه |
كونه وظيفة شخص خاصّ ، كنظر الأب في مال ولده الصغير ، أو صنفٍ خاصّ ، كالإفتاء والقضاء ، أو كلّ من يقدر على القيام به كالأمر بالمعروف ، فلا إشكال في شيءٍ من ذلك. وإن لم يُعلم ذلك واحتمل كونه مشروطاً في وجوده أو وجوبه بنظر الفقيه ، وجب الرجوع فيه إليه.
ثمّ إن علم الفقيه من الأدلّة جواز تولّيه (١) ؛ لعدم إناطته بنظر خصوص الإمام أو نائبه الخاصّ ، تولاّه مباشرةً أو استنابةً إن كان ممّن يرى الاستنابة فيه ، وإلاّ عطّله ؛ فإنّ كونه معروفاً لا ينافي إناطته بنظر الإمام عليهالسلام والحرمان عنه عند فقده ، كسائر البركات التي حُرمناها بفقده عجّل الله فرجه.
ومرجع هذا إلى الشكّ في كون المطلوب مطلق وجوده ، أو وجوده من موجد خاصّ.
ما يدل على وجوب استئذان الفقيه في الأمور المذكورة |
أمّا وجوب الرجوع إلى الفقيه في الأُمور المذكورة ، فيدلّ عليه مضافاً إلى ما يستفاد من جعله حاكماً ، كما في مقبولة ابن حنظلة ، الظاهرة في كونه كسائر الحكّام المنصوبة في زمان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والصحابة في إلزام الناس بإرجاع الأُمور المذكورة إليه ، والانتهاء فيها إلى نظره ، بل المتبادر عرفاً من نصب السلطان حاكماً وجوب الرجوع في الأُمور العامّة المطلوبة للسلطان إليه ، وإلى ما تقدّم من قوله عليهالسلام : «مجاري الأُمور بيد العلماء بالله الامناء على حلاله وحرامه» (٢) ـ
__________________
(١) في غير «ف» و «ش» : «توليته» ، ولكن صحّح في «ن» بما أثبتناه.
(٢) تقدّم في الصفحة ٥٥١.
الكلام في التوقيع إلى اسحاق ابن يعقوب |
التوقيع (١) المروي في إكمال الدين (٢) وكتاب الغيبة (٣) واحتجاج الطبرسي (٤) الوارد في جواب مسائل إسحاق بن يعقوب ، التي ذكر أنّي (٥) سألت العمري رضياللهعنه أن يوصل لي (٦) إلى الصاحب عجّل الله فرجه كتاباً (٧) فيه تلك المسائل التي قد أشكلت عليّ ، فورد الجواب (٨) بخطّه عليه آلاف الصلاة والسلام في أجوبتها ، وفيها : «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ؛ فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله».
فإنّ المراد ب «الحوادث» ظاهراً : مطلق الأُمور التي لا بدّ من الرجوع فيها عرفاً أو عقلاً أو شرعاً إلى الرئيس ، مثل النظر في أموال القاصرين لغيبةٍ أو موتٍ أو صغرٍ أو سَفَهٍ.
وأمّا تخصيصها بخصوص المسائل الشرعيّة ، فبعيد من وجوه :
منها : أنّ الظاهر وكول نفس الحادثة إليه ليباشر أمرها مباشرةً أو استنابةً ، لا الرجوع في حكمها إليه.
__________________
(١) في «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» : «والتوقيع» ، وفي مصحّحة «خ» و «م» شطب على الواو.
(٢) إكمال الدين : ٤٨٤ ، الباب ٤٥ ، الحديث ٤.
(٣) كتاب الغيبة : ٢٩ ، الفصل ٤ ، الحديث ٢٤٧.
(٤) الاحتجاج ٢ : ٢٨٣ ، وعن المصادر المتقدّمة الوسائل ١٨ : ١٠١ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٩.
(٥) في «م» و «ش» بدل «أنّي» : أبي.
(٦) لم ترد «لي» في «ش».
(٧) في «ف» و «ن» زيادة : «يذكر» ، ولكن شطب عليها في «ن».
(٨) في «ش» : فورد التوقيع.
ومنها : التعليل بكونهم «حجّتي عليكم وأنا حجّة الله» ؛ فإنّه إنّما يناسب الأُمور التي يكون المرجع فيها هو الرأي والنظر ، فكان هذا منصب ولاة الإمام عليهالسلام من قِبَل نفسه ، لا أنّه واجب من قِبَل الله سبحانه على الفقيه بعد غيبة الإمام عليهالسلام ، وإلاّ كان المناسب أن يقول : «إنّهم حُجج الله عليكم» كما وصفهم في مقام آخر ب «أنّهم أُمناء الله على الحلال والحرام» (١).
ومنها : أنّ وجوب الرجوع في المسائل الشرعية إلى العلماء الذي هو من بديهيّات الإسلام من السلف إلى الخلف ممّا لم يكن يخفى على مثل إسحاق بن يعقوب ، حتّى يكتبه في عداد مسائل أشكلت عليه ، بخلاف وجوب الرجوع في المصالح العامّة إلى رأي أحدٍ ونظره ؛ فإنّه يحتمل أن يكون الإمام عليهالسلام قد وكّله في غيبته إلى شخص أو أشخاص من ثقاته في ذلك الزمان.
والحاصل : أنّ الظاهر أنّ لفظ «الحوادث» ليس مختصّاً بما اشتبه حكمه ولا بالمنازعات.
النسبة بين التوقيع وعمومات الاذن في المعروف لكلّ أحد |
ثمّ إنّ النسبة بين مثل هذا التوقيع وبين العمومات الظاهرة في إذن الشارع في كلّ معروف لكلّ أحد ، مثل قوله عليهالسلام : «كلّ معروف صدقة» (٢) ، وقوله عليهالسلام : «عون الضعيف من أفضل الصدقة» (٣) وأمثال
__________________
(١) راجع الصفحة ٥٥١.
(٢) الوسائل ١١ : ٥٢١ ، الباب الأوّل من أبواب فعل المعروف ، الحديث ٥.
(٣) الوسائل ١١ : ١٠٨ ، الباب ٥٩ من أبواب جهاد العدوّ ، الحديث ٢ ، وفيه : عونك.
ذلك وإن كانت عموماً من وجه ، إلاّ أنّ الظاهر حكومة هذا التوقيع عليها وكونها بمنزلة المفسّر الدالّ على وجوب الرجوع إلى الإمام عليهالسلام أو نائبه في الأُمور العامّة التي يفهم عرفاً دخولها تحت «الحوادث الواقعة» ، وتحت عنوان «الأمر» في قوله (أُولِي الْأَمْرِ) (١).
وعلى تسليم التنزّل عن ذلك ، فالمرجع بعد تعارض العمومين إلى أصالة عدم مشروعيّة ذلك المعروف مع عدم وقوعه عن رأي وليّ الأمر (٢). هذا ، لكن المسألة لا تخلو عن إشكال ، وإن كان الحكم به مشهورياً.
محدودية مدلول الأدلّة |
وعلى أيّ تقدير ، فقد ظهر ممّا ذكرنا : أنّ ما دلّ عليه هذه الأدلّة هو ثبوت الولاية للفقيه في الأُمور التي يكون مشروعيّة إيجادها في الخارج مفروغاً عنها ، بحيث لو فرض عدم الفقيه كان على الناس القيام بها كفاية. وأمّا ما يُشكّ في مشروعيّته كالحدود لغير الإمام ، وتزويج الصغيرة لغير الأب والجدّ ، وولاية المعاملة على مال الغائب بالعقد عليه وفسخ العقد الخياري عنه ، وغير ذلك ، فلا يثبت من تلك الأدلّة مشروعيّتها للفقيه ، بل لا بدّ للفقيه من استنباط مشروعيّتها من دليلٍ آخر.
نعم ، الولاية على هذه وغيرها ثابتة للإمام عليهالسلام بالأدلّة المتقدّمة المختصّة به ، مثل آية (أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) (٣).
__________________
(١) الوارد في قوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ) ، وتقدّم في الصفحة ٥٤٧.
(٢) في «ف» : اولي الأمر.
(٣) الأحزاب : ٦.
وقد تقدّم (١) : أنّ إثبات عموم نيابة الفقيه (٢) عنه عليهالسلام في هذا النحو من الولاية على الناس ليقتصر في الخروج عنه على ما خرج بالدليل دونه خرط القتاد.
الحاصل : إنّ هنا مقامين |
وبالجملة ، فها هنا مقامان :
أحدهما : وجوب إيكال المعروف المأذون فيه إليه ؛ ليقع خصوصياته عن نظره ورائه ، كتجهيز الميّت الذي لا وليّ له ، فإنّه يجب أن يقع خصوصياته من تعيين الغاسل والمغسل وتعيين شيء من تركته للكفن وتعيين المدفن عن رأي الفقيه.
الثاني : مشروعيّة تصرّفٍ خاصٍّ في نفس أو مال أو عرض.
والثابت بالتوقيع وشبهه هو الأوّل دون الثاني ، وإن كان الإفتاء في المقام الثاني بالمشروعيّة وعدمها أيضاً من وظيفته ، إلاّ أنّ المقصود عدم دلالة الأدلّة السابقة على المشروعيّة.
نعم ، لو ثبتت أدلّة النيابة عموماً تمّ ما ذكر.
التمسّك برواية «السلطان وليّ من لا وليّ له» ، ومناقشتها |
ثمّ إنّه قد اشتهر في الألسن وتداول في بعض الكتب (٣) رواية (٤) أنّ «السلطان وليّ من لا وليّ له» وهذا أيضاً بعد الانجبار سنداً أو
__________________
(١) تقدّم في الصفحة ٥٥٣.
(٢) في غير «ش» : «نيابته للفقيه» ، وصحّحت في «ن» بما أثبتناه.
(٣) كما في المسالك ٧ : ١٤٧ ، وعوائد الأيام : ٥٦٣ ، ذيل العائدة : ٥٤ ، والجواهر ٢٩ : ١٨٨ ، وراجع الحديث في كنز العمّال ١٦ : ٣٠٩ ، الحديث ٤٤٦٤٣ و ٤٤٦٤٤.
(٤) لم ترد «رواية» في «ف».
مضموناً (١) يحتاج إلى أدلّة عموم النيابة ، وقد عرفت ما يصلح أن يكون دليلاً عليه (٢) ، وأنّه لا يخلو عن وهن في دلالته ، مع قطع النظر عن السند ، كما اعترف به جمال المحقّقين في باب الخمس بعد الاعتراف بأنّ المعروف بين الأصحاب كون الفقهاء نوّاب الإمام عليهالسلام (٣) ، ويظهر من المحقّق الثاني أيضاً في رسالته الموسومة ب «قاطع اللجاج» (٤) في مسألة جواز أخذ الفقيه اجرة أراضي الأنفال من المخالفين كما يكون ذلك للإمام عليهالسلام إذا ظهر الشكّ (٥) في عموم النيابة (٦) ، وهو في محلّه.
المقصود من «من ولا وليّ له» |
ثمّ إنّ قوله (٧) : «من ولا وليّ له» في المرسلة المذكورة ليس مطلق من لا وليّ له ، بل المراد عدم الملكة ، يعني : أنّه وليّ مَن مِن شأنه أن يكون له وليّ بحسب شخصه أو صنفه أو نوعه أو جنسه ، فيشمل الصغير الذي مات أبوه ، والمجنون بعد البلوغ ، والغائب ، والممتنع ، والمريض ، والمغمى عليه ، والميّت الذي لا وليّ له ، وقاطبة المسلمين إذا كان لهم مِلك ، كالمفتوح عنوة ، والموقوف عليهم في الأوقاف العامّة ، ونحو ذلك.
__________________
(١) قال الشهيد قدسسره : منشأ الترديد هو الشكّ في أنّ المتداول في الألسنة متن الرواية ونقلت باللفظ ، أو مضمونها ونقلت بالمعنى (هداية الطالب : ٣٣٢).
(٢) راجع الصفحة ٥٥١ ٥٥٣.
(٣) حاشية الروضة : ٣٢٠ ، ذيل عبارة : أو إلى نوّابه وهم الفقهاء.
(٤) كذا في النسخ ، والمعروف تسميتها ب «قاطعة اللجاج».
(٥) كذا في «ف» ، «خ» و «ص» ، وفي سائر النسخ : للشكّ.
(٦) قاطعة اللجاج في تحقيق حلّ الخراج (رسائل المحقّق الكركي) ١ : ٢٥٧.
(٧) في «ف» زيادة : عليهالسلام.
لكن يستفاد منه ما لم يمكن (١) يستفاد من التوقيع المذكور ، وهو الإذن في فعل كلّ مصلحة لهم ، فثبت (٢) به مشروعيّة ما لم يثبت مشروعيّته بالتوقيع المتقدّم ، فيجوز له القيام بجميع مصالح الطوائف المذكورين.
نعم ، ليس له فعل شيء لا يعود مصلحته إليهم ، وإن كان ظاهر «الوليّ» يوهم ذلك ؛ إذ بعد ما ذكرنا : من أنّ المراد ب «من لا وليّ له» مَن مِن شأنه أن يكون له وليّ ، يراد به كونه ممّن ينبغي أن يكون له من يقوم بمصالحه ، لا بمعنى : أنّه ينبغي أن يكون عليه وليٌّ ، له عليه (٣) ولاية الإجبار ، بحيث يكون تصرّفه ماضياً عليه.
والحاصل : أنّ الوليّ المنفيّ هو الوليّ للشخص لا عليه ، فيكون المراد بالوليّ المثبت ، ذلك أيضاً ، فمحصّله : إنّ الله جعل الوليّ الذي (٤) يحتاج إليه الشخص وينبغي أن يكون له ، هو (٥) السلطان ، فافهم.
__________________
(١) كذا في «ف» ، وفي سائر النسخ : يكن.
(٢) في «ص» : فثبتت.
(٣) عبارة «وليّ ، له عليه» لم ترد في «م» ، واستدركت في «ع» و «ص».
(٤) كذا في «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : للذي.
(٥) الضمير في «ص» مشطوب عليه.