الدكتور عبده الراجحي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار المعرفة الجامعية
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٥٠
والجملة من المبتدأ وخبره في محل نصب سدت مسد المفعول الثاني لأعلم.
* يجوز أن يكون فاعل هذه الأفعال ومفعولها الأول ضميرين متصلين متحدين في المعني مختلفين في الموقع الإعرابي ، مثل :
رأيتني راغبا في هذا الأمر.
رأيتني : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ، والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل ، والنون للوقاية ، والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول أول.
راغبا : مفعول ثان منصوب بالفتحة الظاهرة. (فالضميران متحدان في المعني لأنهما يدلان على المتكلم ، وهما مختلفان في الموقع لأن الأول فاعل والثاني مفعول أول).
* رصد القدماء استعمال الفعل «قال» ورأوه في مواضع معينة ينصب مفعولين بمعنى ظن ، بشروط تفصلها كتب النحو ، وأهمها :
١ ـ أن يكون فعلا مضارعا مسندا إلى المخاطب بأنواعه.
٢ ـ أن يكون معناه الظن.
٣ ـ أن يسبقه استفهام ... مثل
أتقول زيدا قادما اليوم؟ أي أتظن زيدا قادما اليوم.
الهمزة : حرف استفهام مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
تقول : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.
زيدا : مفعول أول منصوب بالفتحة الظاهرة.
قادما : مفعول ثان منصوب بالفتحة الظاهرة.
أما إن كان هذا الفعل يعني : نطق أو تلفظ ، فإنه لا ينصب إلا مفعولا واحدا ، وقد يكون هذا المفعول كلمة واحدة كما يكون جملة ، مثل :
تسألنى عن طريق النصر فأقول الإيمان.
أقول : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا.
الإيمان : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.
ومعنى الجملة : أنطق أو أتلفظ : الإيمان.
يقول عليّ زيد كريم.
يقول : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة.
عليّ : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
زيد : مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.
كريم : خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
والجملة من المبتدأ وخبره في محل نصب مقول القول.
قال علىّ نجح زيد.
قال : فعل ماض مبني على الفتح.
عليّ : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
نجح : فعل ماض مبني على الفتح.
زيد : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
والجملة من الفعل والفاعل فى محل نصب مقول القول.
(يرى النحاه تسمية هذه الجملة «مقول القول» لأنها ليست مفعولا به على وجه الحقيقة ، بل هى سادة مسد المفعول به ، إذ أن المفعول به عندهم لا يكون جملة ولا نرى ذلك ، بل الجملة مفعول به للفعل قال ، والجملة «المفعول به» ecnetnes tcejbo ظاهرة معروفة في اللغات.)
* * *
الأفعال التي تطلب ثلاثة مفاعيل.
وأشهر هذه الأفعال التي يتفق عليها النحاه فعلان هما : أعلم وأرى ، وهما فعلان مزيدان بالهمزة ، فالفعل أعلم مجرده علم الذي يتعدى لمفعولين ، والفعل أرى مجرده رأى الذي يتعدى لمفعولين أيضا ، ومعني ذلك أن المفعولين الثاني والثالث أصلهما المبتدأ والخبر ، مثل :
أعلمتك زيدا كريما.
أعلمتك : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل ، والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول أول.
زيدا : مفعول ثان منصوب بالفتحة الظاهرة.
كريما : مفعول ثالث منصوب بالفتحة الظاهرة.
أريته الجدّ سبيل النجاح.
أريته : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ، والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل ، والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول أول.
الجدّ : مفعول ثان منصوب بالفتحة الظاهرة.
سبيل : مفعول ثالث منصوب بالفتحة الظاهرة.
وينطبق على هذين الفعلين ما ينطبق على أفعال القلوب من أحكام الإعمال والإلغاء والتعليق.
فالإعمال كالمثالين السابقين.
والإلغاء مثل :
زيد أعلمتك كريما.
أو : زيد أعلمتك كريم.
أو : زيدا كريما أعلمتك.
زيد كريم أعلمتك.
والتعليق مثل :
أعلمتك لزيد كريم.
أعلمتك : فعل ماض ، والتاء فاعل ، والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول أول.
لزيد : اللام لام الابتداء حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، زيد مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.
كريم : خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
والجملة من المبتدأ وخبره في محل نصب سدت مسدّ المفعولين الثاني والثالث لأعلم.
ويذكر النحويون أن هناك أفعالا أخرى تدل على ما يدل عليه الفعلان (أعلم) و (أرى) وتعمل عملهما فتنصب ثلاثة مفاعيل ، وأشهر هذه الأفعال هي :
أنبأ ـ نبّأ ـ حدّث ـ خبّر ـ أخبر.
مثل :
أنبأت زيدا أخاه ناجحا.
أنبأت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ، والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل.
زيدا : مفعول أول منصوب بالفتحة.
أخاه : مفعول ثان منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة ، والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه.
ناجحا : مفعول ثالث منصوب بالفتحة الظاهرة.
والأكثر استعمال هذه الأفعال مبنية للمجهول فتقول :
نبّئت زيدا ناجحا.
نبئت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك ، والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل.
زيدا : مفعول ثان منصوب بالفتحة الظاهرة.
ناجحا : مفعول ثالث منصوب بالفتحة الظاهرة.
* * *
تدريب : أعرب ما يأتي :
١ ـ (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً.)
٢ ـ (لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ.)
٣ ـ (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً.)
٤ ـ (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا.)
٥ ـ (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً.)
٦ ـ (لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً.)
٧ ـ (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ.)
٨ ـ (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ) في الآخرة (ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ.)
٩ ـ (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ.)
١٠ ـ (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ.)
١١ ـ (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ.)
١٢ ـ (كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ.)
١٣ ـ (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً.)
١٤ ـ (وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ.)
١٥ ـ (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً.)
١٦ ـ (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً.)
١٧ ـ (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً.)
١٨ ـ (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ، وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ، ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.)
١٩ ـ (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ.)
٢٠ ـ (وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ ، وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.)
* * *
أ ـ المفعول به على الاختصاص
من الأساليب العربية الشائعة أسلوب يعرف بأسلوب الاختصاص ، وفيه اسم منصوب يعربه النحاة منصوبا على الاختصاص ، ويعدّونه نوعا من المفعول به ، لأن قبله فعلا محذوفا وجوبا تقديره أخص.
وهذا الاسم يأتى بعد ضمير متكلم غالبا ، أو مخاطب أحيانا ، ويمتنع وجوده مع ضمير غائب. ولما كان الضمير فيه شئ من الابهام والغموض فإن هذا الاسم يوضحه ويبين المقصود منه ، أى يبين المخصوص الذي نريده من الكلام ، ومن ثم يفيد معنى القصد والتخصيص.
وأغلب ما يكون استعماله فى جملة اسمية ، يعرب الضمير فيها مبتدأ ، ثم يوجد بعده الاسم الذى يوضح المراد من الضمير ، ثم يوجد الخبر ، وللاسم المختص شروط هى :
١ ـ أن يكون معرفا بأل وهذا هو الغالب ، مثل :
نحن المسلمين موحّدون.
نحن : ضمير منفصل مبنى على الضم فى محل رفع مبتدأ.
المسلمين : منصوب على الاختصاص ، (أو مفعول به منصوب بالياء لفعل محذوف وجوبا تقديره أخص وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا).
والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب لأنها جملة اعتراضية.
موحدون : خبر مرفوع بالواو.
٢ ـ أن يكون مضافا إلى معرفة ، مثل :
نحن جنود الجيش ندافع عن الوطن.
نحن : ضمير منفصل مبنى على الضم فى محل رفع مبتدأ.
جنود : مفعول به لفعل محذوف وجوبا تقديره أخص وفاعله ضمير مستتر وجوبا ، والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب لأنها جملة اعتراضية.
ندافع : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر.
٣ ـ أن يكون علما ، وهذا نادر ، مثل :
أنا زيدا أدافع عن الحق.
أنا : ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
زيدا : مفعول به لفعل محذوف وجوبا تقديره أخص وفاعله ضمير مستتر وجوبا ، والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب لأنها جملة اعتراضية.
أدافع : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا ، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر.
ومن هذه الأمثلة نلاحظ أن الاسم المنصوب على الاختصاص وقع بين المبتدأ وخبره ، وحيث إنه منصوب بفعل محذوف وجوبا ، وهذا الفعل له فاعل مستتر وجوبا ، فقد تكونت عندنا جملة فعلية ، ولا يكون لها محل من الإعراب لأنها اعترضت بين المبتدأ وخبره.
٤ ـ أن يكون كلمة : (أيّ) أو (أية) التي تلحقها «ها» التنبيه ، على أن يليها اسم معرف بأل ، مثل :
أنا ـ أيّها العربيّ ـ كريم.
أنا : ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
أي : مفعول به مبني على الضم في محل نصب ، وفعله محذوف وجوبا تقديره أخص وفاعله مستتر وجوبا ، والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب جملة اعتراضية.
ها : حرف تنبيه مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
العربي : بدل مرفوع بالضمة الظاهرة.
كريم : خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
ومعنى الجملة : أنا ـ مخصوصا من بين الناس بالعربي ـ كريم.
أنا ـ أيتها الطالبة ـ أسعى إلى العلم.
أنا : ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
أية : مفعول به مبني على الضم في محل نصب ، وفعله محذوف وجوبا تقديره أخص ، وفاعله مستتر فيه وجوبا ، والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب جملة اعتراضية.
ها : حرف تنبيه مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
الطالبة : بدل مرفوع بالضمة الظاهرة.
أسعى : فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها التعذر وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا ، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر.
ومعنى الجملة : أنا ـ مخصوصة من بين الفتيات بالطالبة ـ أسعى إلى العلم ، ويكثر استعمال (أي) و (أية) بعد جملة فعلية ، وفي هذه الحالة تكون جملة الاختصاص في محل نصب حال من الضمير السابق لها ، مثل :
ربنا اغفر لنا أيّها المساكين.
ربنا : منادى منصوب بالفتحة الظاهرة ، ونا ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
اغفر : فعل دعاء مبني على السكون ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. (جرى العرف على ألا نعربه فعل أمر تأدبا).
لنا : جار ومجرور متعلق بالفعل اغفر.
أي : مفعول به مبني على الضم في محل نصب ، وفعله محذوف وجوبا تقديره أخص ، وفاعله مستتر وجوبا تقديره أنا ، والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب حال من الضمير نا.
ها : حرف تنبيه مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
المساكين : بدل مرفوع بالضمة الظاهرة.
ومعنى الجملة : رب اغفر لنا مخصوصين من بين الناس بالمساكين.
* * *
ملحوظة :
هذا التركيب في استخدام «أيّ» و «أيّة» في الاختصاص اختفى الآن من الفصحى المعاصرة ، وقد وردت منه أمثلة قليلة في فصحى التراث.
ب ـ المفعول به في التحذير والإغراء
وهذا نوع آخر من المفعول به ، وفعله محذوف جوازا أو وجوبا. ويعرّف النحويون التحذير بأنه تنبيه المخاطب على أمر مكروه (أو غيره) ليحذره أو يتجنبه أو يتقيه ، ويعرفون الإغراء بأنه تنبيه المخاطب على أمر محمود ليلزمه.
وهذا المفعول به يكون فعله محذوفا وجوبا إن كان مكررا أو معطوفا عليه ، مثل :
الإهمال الإهمال فإنه طريق الفشل.
الإهمال : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة ، وفعله محذوف وجوبا تقديره احذر وفاعله مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
الإهمال : توكيد منصوب بالفتحة.
الجد الجد فأنه طريق النجاح.
الجد : مفعول به منصوب بالفتحه الظاهرة ، وفعله محذوف وجوبا تقديره الزم.
الجد : توكيد منصوب بالفتحة الظاهرة.
*في حالة التكرير نعرب الاسم المكرر توكيداً لفظياً.
أما العطف ففي مثل :
الإهمالَ والانحراف َ فإنهما طريق الفشل.
الإهمال : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة ، وفعله محذوف وجوبا تقريره احذرَ ، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.
الواو : حرف عطف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
الانحراف : معطوف منصوب بالفتحة الظاهرة.
الجدّ والاستقامة فإنهما طريق النجاح.
الجد : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة ، وفعله محذوف وجوبا تقديره الزم ، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.
الواو : حرف عطف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
الاستقامة : معطوف منصوب بالفتحة الظاهرة.
* في هذه الحالة يكون العطف عطف مفرد على مفرد.
* من الشائع استعمال المفعول به في هذا الأسلوب مضافا إلى ضمير المخاطب ، مثل :
نفسك نفسك فإنها أمّارة بالسوء.
نفسك : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة ، وفعله محذوف وجوبا تقديره احذر ، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.
نفسك : توكيد منصوب بالفتحة الظاهرة ، والكاف مضاف إليه.
أخاك أخاك.
أخاك : مفعول به منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة ، وفعله محذوف وجوبا تقديره الزم ، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.
والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.
أخاك : توكيد منصوب بالألف ، والكاف مضاف إليه.
أما في حالة العطف فتقدر الفعل حسب المعني مثل :
نفسك والشهوة فإنها تقودك إلى الهلاك.
نفسك : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة ، وفعله محذوف وجوبا تقديره احفظ ، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.
الواو : حرف عطف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
الشهوة : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة ، وفعله محذوف وجوبا تقديره احذر ، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. وتلاحظ في هذه الحالة أن العطف عطف جملة على جملة لأن الفعل الذي قدرناه ناصبا للمفعول الأول غير الفعل الذي قدرناه للثاني.
* من الاستعمالات الشائعة أيضا في هذا الأسلوب استعمال الضمير المنفصل إيّا مع علامة خطاب ، ويأتي على الصور الآتية.
١ ـ إيّاك إيّاك الإهمال.
إيّاك : مفعول به مبني على السكون في محل نصب ، والكاف حرف خطاب مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، وفعله محذوف وجوبا تقديره احذر وفاعله مستتر وجوبا تقديره أنا.
إياك : توكيد في محل نصب.
الإهمال : مفعول ثان للفعل المحذوف. (وذلك لأن الفعل حذّر قد ينصب مفعولا واحدا ، أو مفعولين ، وقد ينصب مفعولا واحدا ويتعدى للثاني بحرف.)
٢ ـ إياك والإهمال.
إياك : مفعول به مبني على السكون في محل نصب ، والكاف حرف خطاب مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، وفعله محذوف وجوب تقديره احذر وفاعله مستتر وجوبا تقديره أنا.
الواو : حرف عطف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
الإهمال : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة ، وفعله محذوف وجوب تقديره أقبّح أو أبغّض. (والعطف هنا جملة على جملة لأننا قدرنا فعلا في الثاني غير الفعل الذي قدرناه في الأول.)
٣ ـ إياك من الإهمال.
إياك : مفعول به مبني على السكون في محل نصب ، والكاف حرف خطاب
مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، وفعله محذوف وجوبا تقديره أحذر وفاعله مستتر وجوبا تقديره أنا.
من : حرف جر مبني على السكون ، (وحرك لالتقاء الساكنين).
الإهمال : اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
والجار والمجرور بمتعلق بالفعل المحذوف.
* قد يأتي المفعول به في هذا الأسلوب غير مكرر وغير معطوف ، فيكون فعله محذوفا جوازا ، مثل :
الجدّ فإنه طريق النجاح.
الجدّ : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة ، وفعله محذوف جوازا تقديره الزم ، وفاعله مستتر وجوبا تقديره أنت.
(وإن ذكر الفعل لم يكن من أسلوب التحذير والإغراء كما هو في الاصطلاح النحوي ، لأنه يقوم على حذف الفعل ، ويجوز لك في هذا الاسم أن ترفعه وتعربه مبتدأ لخبر محذوف ، ويكون تقدير الجملة : الجدّ مطلوب فإنه طريق النجاح).
* * *
ملحوظة :
يعدّ النحويون المنادى مفعولا به أيضا لأنه منصوب في رأيهم بفعل محذوف تقديره أدعو أو أنادي وقد عوض عنه بحرف النداء ، كما يعد بعضهم المستثني مفعولا به كذلك ، وكأنه منصوب بفعل محذوف تقديره أستثنى ، وسوف ندرسهما في جملتي النداء والاستثناء.
ج ـ المفعول المطلق
أنت تعلم أن المفعول المطلق هو اسم منصوب يكون مصدرا أو نائبا عنه ، ويأتي لتأكيد عامله أو تبيين نوعه أو عدده ، مثل :
عمّر المسلمون الأرض تعميرا.
تعميرا مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة. (وهو مؤكّد لعامله الذي هو الفعل عمّر.)
رحل المستعمر رحيل الذليل.
رحيل : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
الذليل : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
(وهو هنا مبين لنوع العامل ، ومعناه : رحل رحيلا مثل رحيل الذليل.)
قرأت الكتاب قراءتين.
قراءتين : مفعول مطلق منصوب بالياء.
والعبارة الغالبة في إعرابه أن نقول إنه «مفعول مطلق» لكنك قد تجد في الكتب القديمة ـ خاصة ـ تعبيرا آخر هو «منصوب على المصدرية» ، ويعنون به المفعول المطلق.
* والعامل الأصلي في المفعول المطلق هو الفعل كما في الأمثلة السابقة ، وقد يكون معمولا لما ينوب عن الفعل ، مثل :
إن التّوكّل على الله توكّلا حقيقيا يقودك إلى الفوز في الدارين.
اسم إن |
خبر إن |
توكلا : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
حقيقيا : صفة منصوبة بالفتحة الظاهرة.
(فالذي نصب المفعول المطلق هنا مصدر من نفس لفظه ومعناه .. التوكل توكلا .. وهو هنا مبين للنوع لأنه موصوف.)
٢ ـ اسم الفاعل :
إن المتوكّل على الله توكّلا حقيقيا فائز في الدارين.
اسم إن ـ خبر إن
توكلا : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
(والعامل فيه هنا اسم الفاعل «المتوكل».)
٣ ـ اسم المفعول :
هذا الرجل محبوب حبّا شديدا بين قومه.
هذا : ها حرف تنبيه مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، وذا اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
الرجل : بدل مرفوع بالضمة الظاهرة.
محبوب : خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
حبا : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
شديدا : صفة منصوبة بالفتحة الظاهرة.
(المفعول المطلق معمول لاسم المفعول «محبوب».)
ما يصلح مفعولا مطلقا :
المفعول المطلق ـ كما قلنا ـ هو المصدر الذي يأتي لفائدة معنوية مع عامله ؛ توكيدا أو بيان نوع أو بيان عدد. وقد عرفت العربية استعمالات كثيرة ليس فيها المفعول المطلق مصدرا ، بل كلمة أخرى قالوا عنها إنها تنوب عن المصدر في صلاحيتها للمفعول المطلق ، وأشهر هذه الاستعمالات نوردها على النحو التالي :
١ ـ اسم المصدر :
وهو يختلف عن المصدر في أنه ليس جاريا في الاشتقاق على فعله بمعنى أن حروفه تنقص عن حروف الفعل غالبا ، بالإضافة إلى أنه ـ في الأصل ـ يدل على اسم معين ، ثم أردنا أن ندل به على معنى الحدث ، أي على المعنى الذي يدل عليه المصدر ، فمثلا عندنا الفعل (اغتسل) ، مصدره (اغتسال) ، نجد أن حروفه هي حروف الفعل كاملة ويدل على الحدث دون اقترانه بزمان ، أما إذا قلنا (غسل) فإنا نلحظ أن حروفه تنقص عن حروف الفعل إذ ليس فيه تاء الافتعال لا يدل على الحدث بالضرورة ، بل يدل على اسم الشئ الذى هو الغسل. ويوضح ذلك أن تقول : كلّم ، فالمصدر الجاري عليه «تكليم» أما «كلام» فليس مصدرا لأن حروفه أنقص من حروف الفعل إذ لم يظهر أثر التضعيف الموجود في عين الفعل «كلّم» ، ثم إنه لا يدل على حدث التكليم بل يدل على الكلام الملفوظ نفسه ، فإذا نقلنا معناه من معنى الكلام الملفوظ لكي يدل على الحديث أي على التكليم سميناه اسم مصدر ، ويصلح أن يكون مفعولا مطلقا مثل :
لم أعرف بهذا من أحد آخر بل كلمني به هو كلاما.
كلاما : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
ومن العبارات الشائعة في هذا قولك اغتسل غسلا ، استمع سماعا حسنا ، توضأ وضوءا ، افترق فرقة ، انتصر نصرا مؤزرا ... الخ.
فكل هذه ليست مصادر لكنها اسماء مصادر.
٢ ـ الألفاظ التي تدل على العموم أو البعضية ، وأشهرها كلمتا «كلّ» و «بعض» ، فتقول :
زيد يجدّ كلّ الجد.
كلّ : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
الجد : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
اعمل بجد ثم روّح عن نفسك بعض الترويح.
بعض : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
الترويح : مضاف إليه مجرور بالفتحة الظاهرة.
ونلاحظ أن كلمتي «كل» و «بعض» لابد أن يضافا هنا إلى مصدر ، وهذا المصدر كان ـ في الأصل ـ هو المفعول المطلق. ومعنى الجملة الأولى : زيد يجدّ الجدّ كلّه ، والثانية : روّح عن نفسك الترويح بعضه. والمعروف أن هاتين الكلمتين لا يتحدد موقعهما في الجملة إلا مما يضافان إليه.
٣ ـ اسم الإشارة ، مثل :
يقرأ عليّ تلك القراءة التي يسمعها من الأستاذ.
يقرأ عليّ : فعل وفاعل.
تلك : تي اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول مطلق. واللام للبعد ، والكاف حرف خطاب مبني لا محل له من الإعراب.
القراءة : بدل منصوب بالفتحة الظاهرة.
(ونلاحظ هنا أيضا أن اسم الإشارة يأتي بعده بدل مصدرا كان هو المقصود بالمفعول المطلق ، لأن تقدير الجملة يقرأ عليّ قراءة كتلك التي ...)
٤ ـ العدد ، مثل :
قرأت ثلاث قراءات.
قرأت : فعل وفاعل.
ثلاث : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
قراءات : مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
قابلته خمسين مقابلة.
قابلته : فعل وفاعل ومفعول.
خمسين : مفعول مطلق منصوب بالياء.
مقابلة : تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.
(وذلك لأن العدد أيضا لا يعرف موقعه إلا من معدوده ، ومعنى الجملة الأولى : قرأت قراءات ثلاثا ، والثانية : قابلته مقابلات خمسين.)
تنبيه : في بعض الكتب المدرسية ، وفي بعض كتب الأعاريب المتأخرة نجد عبارة «نائب مفعول مطلق» تحليلا للكلمات السابقة ، وهي عبارة غير صحيحة ؛ لأن المفعول المطلق «وظيفته نحوية» يستعمل «المصدر» فيها. والكلمات السابقة لا تنوب عن المفعول المطلق ، إنما تنوب عن المصدر في الدلالة على المفعول المطلق. ذلك أن هذه الكلمات مبهمة بطبيعتها ، وهي تكتسب ذواتها مما بعدها ، ومن ثم فهي تكون فاعلا أو مفعولا أو ظرفا مثل :
كافأت كلّ الطلاب.
هو يعمل بعض الوقت.
فكلمة «كل» مفعول به ، ولا نقول : نائب مفعول به ، وكلمة «بعض» ظرف زمان ، ولا نقول : نائب ظرف زمان ، فلم نقول إنها نائب مفعول مطلق؟
٥ ـ نوع من أنواع المصدر ، وأكثر هذه الأنواع استعمالا قولك :
جلس زيد القرفصاء.
مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة. (وهو نوع من الجلوس).
رجع القهقرى.
مفعول مطلق منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها التعذر. (وهو نوع من الرجوع).
٦ ـ الضمير العائد على المصدر ، مثل :
أحب زيدا حبّا لا أحبّه أحدا غيره.
أحب : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا.
زيدا : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.
حبا : مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة.
لا : حرف نفي مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
أحبه : أحب فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا.
والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول مطلق.
أحدا : مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.
* وتستعمل العربية أساليب شائعة في المفعول المطلق يكون فيها العامل محذوفا ، مثل :
١ ـ قياما .. جلوسا ... سكوتا
أي : قوموا قياما ... واجلسوا جلوسا .. واسكتوا سكوتا.
٢ ـ في الدعاء مثل :
اللهم نصرا.
أي : انصرنا نصرا.
ومنه قولهم : سقيا .. ورعيا.
٣ ـ في الاستفهام ، مثل :
أإهمالا وأنت مسئول؟
أي : أتهمل إهمالا؟
٤ ـ قولهم : صبرا ، لا جزعا.
حمدا وشكرا لا كفرا.
(كل ذلك مفعول مطلق لفعل محذوف).
٥ ـ قولهم : إني أعرفه يقينا
هذا كتابي قطعا.