الخليل بن أحمد الفراهيدي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات استقلال
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٦
وتعالى : (١) (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ ، وَاخْشَوْنِي). معناه : والذين ظلموا (٢) منهم فلا تخشوهم.
ولا بمعنى غير
قوله ، جلّ اسمه (٣) : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ، وَلَا الضَّالِّينَ) أي : وغير (٤) الضّالّين. ومثله [أيضا](٥) : (انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ، انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ، ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ ، لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي) أي : غير ظليل. وقال زهير [بن أبي سلمى](٦) :
حتّى تناهى إلى لا فاحش صخب |
|
ولا شحيح إذا ما صحبه غنموا |
أي : إلى غير فاحش.
ولا حشو (٧)
مثل قول الله ، جلّ وعزّ (٨) : (ما مَنَعَكَ ، أَلَّا تَسْجُدَ)؟
__________________
(١) الآية ١٥٠ من البقرة. ق : «ومثله قوله تعالى». ب : «ومنه قول الله عز وجل». وسقط «ومنهم ... واخشوني» من الأصل وق. وانظر الورقة ٣٣.
(٢) سقط «معناه ... ظلموا» من النسختين.
(٣) الآية ٧ من الفاتحة. ق : «كقول الله تعالى». ب : وقال أيضا تبارك وتعالى.
(٤) في الأصل : وغير.
(٥) الآيات ٢٩ ـ ٣١ من المرسلات. وما بين معقوفين من ب. وسقط «انطلقوا ... تكذبون» من النسختين ، وسقط «ولا يغني» من الأصل وق.
(٦) ديوان زهير ص ١١٠. وما بين معقوفين من ب. وزاد فيها : «الضبعي». ق : لا فاحش ضجر.
(٧) في الأصل : «وإلّا حشو». وفي النسختين : والحشو.
(٨) الآية ١٢ من الأعراف. ق : الله تعالى.
معناه : [أن](١) تسجد. وقال العجّاج : (٢)
ولا ألوم البيض ، ألّا تسخرا |
|
من شمط الشّيخ ، وألّا تذعرا |
معناه : أن تسخرا ، وأن تذعرا. وقال آخر (٣) :
*في بئر لا حور سرى ، وما شعر*
أي : في بئر حور. و «لا» حشو.
ولا التي للصّلة (٤)
قوله ، [تعالى] : (٥) (لا أُقْسِمُ). معناه (٦) : أقسم. و «لا» صلة وكذلك (٧) قوله ، جلّ وعزّ : (٨) (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) أي : ليعلم. و «لا» صلة.
ولا للنّسق (٩)
قولك (١٠) : رأيت محمدا لا خالدا ، ومررت بمحمد لا خالد ، وهذا محمد لا خالد. (١١)
__________________
(١) من النسختين.
(٢) كذا. والرجز منسوب إلى أبي النجم ورؤبة. مجاز القرآن ١ : ٢٦ والمقتضب ١ : ٤٧ ومجالس ثعلب ص ١٩٨ والمحتسب ١ : ١٨١ والخصائص ٢ : ٢٨٣ والجمهرة ٣ : ٣٣٤ و ٣٧٠ والأزهية ص ١٦٤ وأمالي ابن الشجري ٢ : ٢٣١ والجنى الداني ص ٣٠٣ والمخصص ٢ : ١٥٧ والصحاح واللسان والتاج (قفندر). ث : «فما ألوم». ب : «وما ألوم». وفي الأصل : «تدعرا» هنا وفيما بعد. والبيض : جمع بيضاء. وهي المرأة المشرقة.
والشمط : اختلاط سواد الشعر ببياضه.
(٣) العجاج. ديوانه ص ١٦ ومجاز القرآن ١ : ٢٥ ومعاني القرآن ١ : ٨ والخصائص ٢ : ٤٧٧ وشرح المفصل ٨ : ١٣٦ والخزانة ٢ : ٩٥ و ٤ : ٤٩٠. وفي الأصل : «ولا شعر». والحور : الهلاك. وسقط حتى «حشو» من النسختين.
(٤) ق : «والصلة». ب : ولا للصلة.
(٥) الآيات ١ و ٢ من القيامة و ١ من البلد. وما بين معقوفين من ق.
(٦) ق : مجازه.
(٧) سقط حتى «صلة» من النسختين.
(٨) الآية ٢٩ من المجادلة.
(٩) ق : «والنسق». ب : ولا النسق.
(١٠) ب : «تقول». وسقطت من ق.
(١١) ب : «لا عمرو». وسقط «وهذا محمد لا خالد» من ق.
وإلّا في (١) معنى لكن
قوله ، جلّ وعزّ (٢) : (طه ، ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ ، لِتَشْقى ، إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى). نصب «تذكرة» على معنى «لكن» ، لأنّ «إلّا» تحقيق ، و «لكن» تحقيق.
و [لا] التبرئة
لا مال لزيد ، ولا عقل لعمرو. ومنه قول الله ، تبارك وتعالى (٣) : (لا رَيْبَ فِيهِ) ، و (فَلا رَفَثَ) (٤) ، وَلا فُسُوقَ ، وَلا جِدالَ) ، و (لا بَيْعٌ) (٥) فِيهِ ، [وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ). ومن رفع جعل «لا» في معنى : ليس بيع [فيه](٦) ، وليس خلّة ، وليس شفاعة](٧).
ولا بمعنى «لم» (٨)
قول الله ، تبارك وتعالى (٩) : (فَلا صَدَّقَ ، وَلا صَلَّى) أي : (١٠)
__________________
(١) في الأصل وب : «ولا في». ق : وفي.
(٢) الآيات ١ ـ ٣ من طه. ق : «قول الله تعالى». ب : «قول الله عز وجل». وسقط «طه» من النسختين ، وسقط «لمن يخشى» من الأصل وب.
(٣) الآية ٢ من البقرة. ق : «قوله تعالى». ب : قول الله عز وجل.
(٤) الآية ٩٧ من البقرة. وفي الأصل : «لا رفث». وسقطت الآية من النسختين.
(٥) الآية ٢٥٤ من البقرة. وهذه قراءة ابن كثير ويعقوب وأبي عمرو. البحر ٢ : ٢٧٦.
(٦) من الأصل.
(٧) من النسختين. وفي الأصل : «ولا تجارة. والمعنى ليس. ومن قرأها بالتنوين والرفع : لا ريب فيه ولا تجارة أي : ليس بيع فيه وليس تجارة».
(٨) ب : «لن». ق : وبمعنى لم.
(٩) الآية ١١ من البلد. وفي النسختين : عز وجل.
(١٠) ق : معناه.
لم يصدّق ولم يصلّ. وقال الشاعر : (١)
لا همّ ، إنّ الحارث بن جبله |
|
ربا على والده ، وخذله |
وكان في جيرانه لا عهد له |
|
وايّ شيء سيّىء لا فعله؟ (٢) / |
أي : (٣) لم يفعله.
مضى تفسير اللام ألفات. (٤)
اختلاف (ما) في معانيه : (٥)
الماء ممدود ، وهو ماء السماء وغير ذلك من المياه ، وما جحد ، وما في موضع ظرف ، وما في موضع المجازاة ، وما في موضع حشو ، وما صلة ، وما للتكرير ، وما الذي لا بدّ له من فاء ، تكون (٦) عمادا.
__________________
(١) شهاب بن العيف. أمالي ابن الشجري ٢ : ٩٤ والمفصل ص ١٤٢ وشرحه ٨ : ١٠٨ والجنى الداني ص ٢٩٧ والمغني ص ٢٦٨ وشرح شواهده ص ٦٢٤ والمخصص ١٤ : ٣ و ١٦ : ٢٣ والإنصاف ص ٧٧ واللسان والتاج (زنأ) و (شدخ) والخزانة ٤ : ٢٢٨. وفي الأصل : «ربى». والرواية بالزاي والنون مخففة أو مشددة. ولا هم أي : اللهم. وربا : علا وارتفع.
(٢) في النسختين : جاراته.
(٣) ب : «بمعنى». وسقط حتى «ألفات» من ق
(٤) سقط «مضى ... ألفات» من ب. وزادها فيها : «كمل الكتاب ، والحمد لله كثيرا. تمّت في شهر الله المعظّم سنة ٨٦٥ المصطفوية». ق : «تمّ كتاب وجوه النصب ، بحمد الله وحسن توفيقه ، ومصليا على سيدنا محمد وآله ، يوم السبت الثامن عشر من ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة». وبعده فيها فضل صفحات في تفسير الفاءات ، والنونات ، والباءات ، والياءات ، ورويد ، والفرق بين أم وأو ، سنورده بعد نهاية نسخة الأصل.
(٥) سقط حتى «تمت الأبيات الحسنة» من النسختين.
(٦) في الأصل : يكون.
فالماء
الذي يشرب من مياه الأرض والمطر. قال الله ، جلّ اسمه : (١) (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً ، بِقَدَرٍ).
وما في موضع الجحد
كقولك : ما زيد أخانا ، وما عمرو عندنا. قال الله ، جلّ وعزّ : (٢) (ما هذا بَشَراً). ومثله : (٣) (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) ، (٤) (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ ، وَأَنْتَ فِيهِمْ)
ولا يقدّمون خبر «ما» عليه ، لا يقولون : قائما ما زيد ، لأنّه لا يقدّم منفيّ على نفي.
وتميم ترفع ، على الابتداء والخبر. يقولون : ما زيد قائم ، أي : زيد قائم. وقال الشاعر : (٥)
فلا تأمننّ ، الدّهر ، حرّا ظلمته |
|
وما ليل مظلوم ، إذا همّ ، نائم |
فرفع ، على الابتداء وخبره.
وتقول : ما كلّ سوداء تمرة ، ولا كلّ بيضاء شحمة. (٦) لأنّ فعل «ما» نصب ، وفعل «لا» رفع ، لأنّ النافي (٧) في «ما» أقوى منه في «لا».
__________________
(١) الآية ١٨ من المؤمنون.
(٢) الآية ٣١ من يوسف.
(٣) الآية ١٥٨ من يونس.
(٤) الآية ٣٣ من الأنفال.
(٥) هم : طلب وقصد.
(٦) في الأصل : شحمة.
(٧) في الأصل : «الثاني». وفي الحاشية : صوابه النافي.
وإذا قدّموا خبر «ما» كان في تقديم الخبر رفع ، ونصب. الرفع : [ما] قائم زيد. والنصب : ما قائما زيد. فالرفع على الابتداء وخبره. والنصب على تحسين (١) الباء. قال الشاعر : (٢)
فما حسن أن يمدح المرء نفسه |
|
ولكنّ أخلاقا تذمّ ، وتمدح |
وينصب.
قال الشاعر : (٣)
ما الملك منتقلا منكم إلى أحد |
|
وما بناؤكم العاديّ مهدوم |
فإذا قلت : ما زيد قائم ، ولا عمرو منطلق ، رفعت «عمرا» و «منطلقا» ، و «زيدا» [و «قائما»] ، على الابتداء وخبره. وقال الشاعر : (٤)
ما أنت لي قائما ، فتجبرني |
|
ولا أمير ، عليّ ، مقتلد |
وإذا قلت : ما زيد قائما ، ولا منطلق (٥) عمرو ، رفعت على الابتداء ، لأنّه ليس من سبب الأوّل فتحمل عليه. فإذا قلت : ما زيد قائما ، ولا منطلقا أخوه (٦) ، نصبت «منطلقا» لأنّه من سبب الأوّل. وكذلك «قائما» من سبب الأوّل. كأنّك (٧) قلت : ما زيد قائما ولا منطلقا.
__________________
(١) كذا.
(٢) الهمع ١ : ١٢٤ والدرر ١ : ٩٥.
(٣) العادي : العتيق القديم. وهو منسوب إلى عاد قوم هود.
(٤) في الأصل : «فتخيزني». وقوله لي قائما من قولهم : قام للأمر إذا تولاه وتفرد به. ويجبر : يهين ويذل. والمقتلد : المفوض المستبد.
(٥) في الأصل : «ولا منطلقا». وانظر الكتاب ١ : ٣٠.
(٦) في الأصل : «ما زيد منطلقا ولا قائما أخوه». وانظر ما يليه.
(٧) في الأصل : لأنك.
وما في موضع الاسم
كقولك. ما أكلت تمر ، وما شربت نبيذ. معناه : الذي أكلت تمر. ومثله قول الله ، جلّ اسمه : (١) (ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ ، إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ)
وتقول : ما أكل زيد خبز ، عمرو. «ما» و «أكل» اسم واحد ، / و «زيد» فاعل ، و «عمرو» منادى. وتقول : ما ضرب زيد عمرو ، بكر ، «زيد» فاعل ، و «عمرو» مرفوع على الابتداء ، والمعنى واحد ، و «بكر» منادى. وكذلك : إنّ ما ركبت فرسك ، وإنّ ما دخلت دارك ، لأنّ «ما» في المذكّر مثل «الّذي» ، وفي المؤنّث مثل «الّتي».
وما في موضع حشو
قال الله ، تعالى : (٢) (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ) أي : فبرحمة.
ومثله : (٣) (عَمَّا قَلِيلٍ) أي : عن قليل. و «ما» حشو. ومثله قول الشاعر : (٤)
وقد خفت حتّى ما تزيد مخافتي |
|
على وعل في ذي المطارة عاقل |
_________________
(١) الآية ٨١ من يونس.
(٢) الآية ١٥٩ من آل عمران.
(٣) الآية ٤٠ من المؤمنون.
(٤) النابغة الذبياني. ديوانه ص ٦٨ ومجاز القرآن ١ : ٦٥ والسمط ص ٤٦٥. وذو المطارة : جبل. والعاقل : المتحصن.
الوعل بكسر العين : تيس الجبل. يعني : حتّى تزيد مخافتي. و «ما» صلة. وقال «مخافتي» ، وإنّما أراد «خوفي» ، فأقام المصدر مقام الاسم ، كقول الله ، جلّ وعزّ : (١) (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ ، قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) يعني : ولكنّ البارّ من آمن بالله واليوم الآخر. وقال «تزيد مخافتي على وعل» أي : على خوف وعل.
وما في موضع الظرف
قول الله ، تبارك وتعالى : (٢) (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) أي : بقاء السماوات والأرض. وموضعها النصب.
وما في المجازاة
قولهم : ما تفعل أفعل ، وما تقل أقل. جزم بالمجازاة وجوابها. (٣) قال الله ، تعالى : (٤) (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ ، مِنْ رَحْمَةٍ ، فَلا مُمْسِكَ لَها ، وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ ، مِنْ بَعْدِهِ). وصار جوابه بالفاء.
وما الاستفهام
مثل قولك : مالك؟ وما لزيد؟ وما يعمل؟ قال الله ، جلّ ذكره : (٥) (ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ ، إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ)؟ وإن كان
__________________
(١) الآية ١٧٧ من البقرة.
(٢) الآيتان ١٠٧ و ١٠٨ من هود
(٣) في الأصل : وجوابه.
(٤) الآية ٢ من فاطر.
(٥) الآية ١٤٧ من النساء.
الله ، تبارك وتعالى ، لا يستفهم ولا يستفهم.
وتقول : ما أنت والماء لو شربته؟ ما أنت وحديث الباطل؟ رفع كلّه (١) ، لأنّ «ما» ههنا اسم. ولو كان فعلا لنصب. قال الشاعر : (٢)
يا زبرقان ، أخا بني خلف |
|
ما أنت ، ويل أبيك ، والفخر؟ |
وقال آخر : (٣)
تكلّفني سويق الكرم جرم |
|
وما جرم ، وما ذاك السّويق؟ |
رفع ، لأنّ «ما» ههنا اسم. ألا ترى أنّك لا تقول : ما أنت مع السّويق؟ ولا : ما أنت مع الفخر؟
وأما قول الآخر : (٤)
أتوعدني بقومك يابن حجل؟ |
|
أشابات تخالون العبادا |
نعمّا جمّعت حصن ، وعمرو |
|
وما حصن ، وعمرو ، والجيادا؟ |
فإنّه حذف «مع» وأضمر «كان» ، ونصب.
__________________
(١) في الأصل : «رفع كلّه» وانظر الورقة ٣.
(٢) المخبل السعدي. الكتاب ١ : ١٥١ والمؤتلف والمختلف ص ١٧٩ وشرح المفصل ١ : ١٢١ و ٢ : ٥١ والهمع ٢ : ١٢٤ والدرر ٢ : ١٩٦ والخزانة ٢ : ٥٣٥.
(٣) زياد الأعجم. الكتاب ١ : ١٥٢ والشعر والشعراء ص ٣٩٩ والكامل ص ١٨٨ والجمل للزجاجي ص ٣٠٨ واللسان (سوق). وسويق الكرم : الخمرة. وجرم : قبيلة.
(٤) انظر الورقة ٤٠.
وما الوصل
توصل بـ «لم» ، فتثقل. مثل قولهم : لمّا يذهب زيد ، ولمّا يخرج محمد ، ولمّا يعلم عمرو. معناه : لم يذهب ، ولم يخرج ، ولم يعلم ، و «ما» صلة. قال الله ، جلّ ذكره : (١) (كَلَّا ، لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ). جزم «يقض» (٢) بـ «لم». و «ما» صلة.
وما التكرير
مثل قولهم : إمّا زيدا رأيت وإمّا عمرا ، إمّا زيد أتاني وإمّا عمرو ، ومررت إمّا بزيد / وإمّا بعمرو. لا بدّ من أن تكرّر «إمّا». والكلام يجري على ما يصيبه الإعراب.
وأمّا بفتح الألف
فلا بدّ له من فاء تكون عمادا. تقول : أمّا زيد فعاقل ، وأمّا محمد فلبيب. فالفاء عماد. والعاقل خبر الابتداء. قال الله ، جلّ ذكره : (٣) (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ). وقال : (٤) (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ). نصب «اليتيم» و «السائل» ، برجوع الفعل عليهما. والفاء عماد.
مضى تفسير جمل الوجوه ، فيما أتينا على ذكره من النّحو.
__________________
(١) الآية ٢٣ من عبس.
(٢) في الأصل : يقضي.
(٣) الآية ٧٩ من الكهف.
(٤) الآيتان ٩ و ١٠ من الضحى.
تمّ الكتاب ، بحمد الله ومنةّ ، وحسن توفيقه.
وصلىّ الله على سيّدنا محمّد النّبيّ ، وآله الطاهرين ، وسلّم كثيرا.
ولذكر الله أكبر.
وجدت مكتوبا ، فكتبته لمّا استحسنته :
أبا قاسم ، أكرمتنا ، ووصلتنا |
|
فلا زلت للمعروف والعلم معدنا |
ولا برح الإقبال تهمي سماؤه |
|
عليك ، ويمن الله يأتيك بالغنى |
وبدّلت بعد العسر يسرا ورفعة |
|
وعشت مدى الأيّام للجود موطنا |
وهذا قليل ، من كثير ، أكنّه |
|
وإن كان نطقي فيه بالشّكر معلنا |
تمّت الأبيات الحسنة.
تفسير الفاءات
وهي سبع :
فاء النّسق ، وفاء الاستئناف ، وفاء جواب المجازاة ، وفاء جواب الأشياء السّتّة ، وفاء العماد ، وفاء في موضع اللام ، وفاء السّنخ.
ففاء النّسق
قولك : مررت بزيد فعمرو ، وأكرمت بكرا فقيسا.
__________________
(١) من هنا إلى قوله «والله أعلم» سقط من الأصل وب ، وانفردت به ق وزاد فيها هنا : أيضا من جملة كتاب وجوه النصب.
وفاء الاستئناف
قولك : جرّبت فصاحب زيد خير رجل. ومثله : فنحن اللّيوث.
وفاء جواب المجازاة
قولك : إن خرج زيد فبكر مقيم. قال الله ، تعالى : (١) (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ). ولا بدّ للمجازاة من جواب ، ولا يكون جوابه إلّا الفعل والفاء (٢).
والفاء التي تكون جوابا للأشياء الستّة
وهي : الأمر ، والنّهي ، والتّمنّي ، والاستفهام ، والجحود ، والدّعاء ، ينصب بالفاء ، فإذا أخرج الفاء كان جزما ، نحو قولك : لا تضرب زيدا فتندم ، وأكرم بكرا فيكرمك ، وهل زيد خارج فأخرج معه؟ وليت زيدا حاضر فأستفيد منه. وفي الجحد : ما زيد أخانا فنعرف (٣) حقّه. وفي الدّعاء : يا زيد ، رزقك الله مالا ، فتفيض منه علينا. وفي النفي (٤) : لا مكان لك (٥) ، فأكرمك.
__________________
(١) الآية ٩٥ من المائدة.
(٢) في النسخة : ولا يكون جوابه إلّا الفعل والفاء.
(٣) في النسخة : فتعرف.
(٤) كذا. وهو من الجحد ، وقد مضى قبل.
(٥) المكان : المنزلة. وفي النسخة : لا مكالك.
وفاء العماد
أمّا زيد فخارج. فالفاء عماد «أمّا». وقد مضى. (١)
والفاء التي تكون في موضع اللام
قول الشاعر : (٢)
لنا هضبة لا يدخل الذّلّ وسطها |
|
ويأوي إليها المستجير ، فيعصما |
معناه : ليعصما.
وفاء السّنخ
نحو : فرقد (٣) ، وفتق.
تفسير النّونات (٤)
وهي عشرة : نون سنخيّة ، ونون إضمار جمع المؤنّث ، ونون الإعراب ، ونون الكناية ، ونون زائدة (٥) في أوّل الفعل ، ونون الاثنين ، ونون الجمع ، ونون زائدة (٦) في الاسم ، ونون التأكيد ، ونون الصّرف.
فالنون السّنخيّة
مثل : المساكين ، والدّهاقين. (٧)
__________________
(١) انظر الورقتين ٧٦ و ٧٨.
(٢) انظر آخر الورقة ٦٤.
(٣) الفرقد : ولد البقرة.
(٤) انظر معاني الحروف للرماني ص ١٤٩ ـ ١٥١.
(٥) في النسخة : ونون زائدة.
(٥) في النسخة : ونون زائدة.
(٦) الدهاقين : جمع دهقان. وهو رئيس القرية.
ونون إضمار جمع المؤنث
قوله ، تعالى (١) : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ). فجعل النون ضمير جمع المؤنّث ، في «يعفون».
ونون الإعراب
نحو : يخرجان ، ويخرجون ، ويكرمون. علامة الرفع في ذلك ثبات النون. وتحذفها عند الجزم والنصب : لم يخرجا ، ولم يخرجوا ، ولن يخرجا ، ولن يخرجوا.
ونون الكناية
نحو : أخرجني ، ضربني زيد. فالياء اسم مكنيّ ، والنون أدخلت ، ليبقى الفعل على فتحته.
والنون الزائدة في أوّل الفعل
نحو : نقوم ، ونقعد.
ونون الاثنين
نحو قولك : الزّيدان.
ونون الجمع
نحو قولك : الزّيدون.
والنون الزائدة في الاسم
نحو قولك : رجل رعشن (٢) ، من الرّعشة ، وضيفن (٣).
__________________
(١) الآية ٢٣٧ من البقرة.
(٢) الرعشن : الجبان المرتعش.
(٣) الضيفن : التابع للضيف.
ونون التأكيد
نحو : اضربن زيدا ، واضربنّ ، أيضا بالتشديد.
فإن لقي الخفيفة ساكن حذفتها ، لالتقاء الساكنين ، ولم تحرّك كما يحرّك (١) التنوين ، كما قال الشاعر : (٢)
لا تهين الفقير ، علّك أن |
|
تركع يوما ، والدّهر قد رفعه |
وتقول على هذا : اضرب الرّجل ، أي اضربن. فتحذف النون لالتقاء الساكنين.
ونون الصّرف
نحو : رأيت زيدا ، يا هذا. وتسمّى (٣) تنوينا ، وهي نون خفيفة في الحقيقة. وتحرّك (٤) إذا لقيها ساكن ، نحو : جاءني زيد اليوم.
تفسير الباءات
وهي أربع : الباء الزائدة ، وباء التعجّب ، وباء الإقحام ، وباء السّنخ.
فالباء الزائدة في صدر الكلام
حرف خفض ، نحو : مررت بزيد.
__________________
(١) في النسخة : «ولم يحرّك كما يحرّك». وانظر معاني الحروف ص ١٥٠.
(٢) الأضبط بن قريع. البيان والتبيين ٣ : ٣٤١ والمعمرين ص ٨ والأمالي ١ : ١٠٨ ومعاني الحروف ص ١٥٠ وأمالي ابن الشجري ١ : ٣٨٥ والإنصاف ص ٢٢١ وشرح المفصل ٩ : ٤٣ و ٤٤ والمغني ص ١٦٦ و ٧١٥ وابن عقيل ٢ : ١٠٣ والهمع ١ : ١٣٤ و ٢ : ٧٩ والدرر ١ : ١١١ و ٢ : ١٠٢ والأشموني ٣ : ٢٢٥ والعيني ٤ : ٣٣٤ والخزانة ٤ : ٥٨٨ وشرح شواهد الشافية ص ١٦٠.
(٣) في النسخة : «ويسمّى». وانظر معاني الحروف ص ١٥٠.
(٤) في النسخة : «ويحرّك». وانظر معاني الحروف ص ١٥٠.
وباء التعجّب
نحو : أكرم بزيد ، أي : ما أكرمه!
وباء الإقحام
مثل قوله ، تعالى : (١) (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ ، عِينٍ) ، معناه : حورا عينا ، وقوله : (تَنْبُتُ) (٢) بِالدُّهْنِ) أي : تنبت الدّهن ، وقوله (٣) : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ).
وباء السّنخ
مثل : بحر ، وبرّ ، وباب.
تفسير الياءات (٤)
وهي ثمانية : ياء الإضافة ، والياء الأصليّة (٥) ، والياء الملحقة (٦) ، وياء الإطلاق ، والياء المنقلبة (٧) ، وياء التأنيث ، وياء التثنية والجمع ، وياء الخروج.
فياء الإضافة
تكون في الاسم والفعل ، نحو : ضاربي ، وثوبي ، وضربني في
__________________
(١) الآية ٥٤ من الدخان.
(٢) الآية ٢٠ من المؤمنون. وهذه قراءة ابن كثير وأبي عمرو وسلام وسهل ورويس والجحدري. وفي النسخة : «تنبت». وهي قراءة الجمهور. البحر ٦ : ٤٠١. وانظر معاني الحروف ص ٣٩ ـ ٤٠.
(٣) الآية ١ من العلق.
(٤) انظر معاني الحروف للرماني ص ١٤٦ ـ ١٤٩.
(٥) في النسخة : «وياء الأصلية». وانظر معاني الحروف ص ١٤٦.
(٦) في النسخة : «وياء الملحقة». وانظر معاني الحروف ص ١٤٦.
(٧) في النسخة : «وياء المنقلبة». وانظر معاني الحروف ص ١٤٦ ؛.
الفعل. ولا بدّ في الفعل من النون ، لئلّا يقع الكسر في الفعل. فأمّا في الاسم فلا ، لأنّه يدخله الجرّ.
والياء الأصليّة
نحو : يسر (١) ، وأيسر ، وهدي (٢) ، ونحو : يقضي ، في الفعل.
والياء الملحقة (٣)
نحو : سلقى (٤) يسلقي. ألحق ب : دحرج يدحرج. وهي زائدة تشبه الأصليّ.
وياء التأنيث
نحو : اضربي ، ولا تذهبي ، وتخرجين ، يا هند.
وياء الإطلاق
مثل قول الشاعر : (٥)
*أمن أمّ أوفى دمنة ، لم تكلّمي*
فهي تقع في إطلاق القافية في الشّعر ، وفي الفواصل ، كقوله تعالى :
__________________
(١) في النسخة : يسر.
(٢) في النسخة : وهدى.
(٣) في النسخة : وياء الملحقة.
(٤) سلقى : ألقى.
(٥) صدر بيت لزهير بن أبي سلمى ، عجزه :
*بحو مانة الدّرّاج ، فالمتثلّم*
ديوانه ص ٩ وفى النسخة «لم تكلّم». ولا بد من إثبات الياء ههنا ، لانها هي المقصودة من الشاهد ، زيدت للإطلاق. انظر الوافي ص ٢٢٦. وأم أوفى : زوجة زهير الأولى. والدمنة : آثار سودوا بالرماد والبعر. والحومانة : ما غلظ من الأرض وانفاد. والدراج والمتثلم : موضعان. الناس وما
(وإياي فارهبوني) (١) ، وقوله : (وإياي فاتقوني) (٢).
والياء المنقلبة
نحو : يغزي ، ويعطي. انقلبت من الواو ، في : غزوت ، وعطوت.
وياء التثنية
نحو : صاحبيك ، وغلاميك.
وياء الجمع
نحو : مسلميك. (٣)
وياء الخروج
تكون بعد هاء الإطلاق (٤) في الشّعر ، نحو قول الشاعر : (٥)
*تخلّج المجنون ، من كسائهي*
الهمزة رويّ ، والألف ردف ، والهاء وصل ، والياء الخروج.
__________________
(١) الآية ٤٠ من البقرة. وهذه قراءة ابن أبي إسحاق. البحر ١ : ١٧٦.
(٢) الآية ٤١ من البقرة.
(٣) في النسخة : مسلميك.
(٤) في النسخة : يكون بعدها ها الإطلاق.
(٥) البيت لأبي النجم. وقبله :
*مبترك ، يخرج من هبائه*
يصف فرسا. والهباء : الغبار. والتخلج : التجذب يمنة ويسرة. وفي النسخة : تخلّج المجنون من نسائهن.
تمّ كتاب «وجوه النّصب» بتاريخه (١) المذكور فيه.
فصل في رويد (٢)
يجيء على أربعة أوجه : يكون اسما للفعل ، وصفة ، وحالا ، ومصدرا.
فالأوّل نحو : رويد (٣) زيدا ، أي : أمهله.
والصفة نحو : سار سيرا رويدا ، أي : مترفّقا.
والحال نحو : دخل القوم رويدا ، أي : دخلوا متمهّلين.
والذي بمعنى المصدر فنحو : رويد نفسه (٤). يكون مضافا ، وينصب بفعل محذوف. ولو فصلته من الإضافة قلت : رويدا نفسه ، كما تقول : ضربا زيدا ، أي : اضرب ضربا زيدا. فكأنّك قلت : أرود رويدا زيدا.
فأمّا الذي هو اسم للفعل فمبنيّ على الفتح ، لا يضاف ولا يدخله التنوين.
فصل في الفرق بين «أم» و «أو» (٥)
اعلم أنّ «أم» استفهام ، على معادلة الألف ، بمعنى «أيّ» (٦) ،
__________________
(١) في النسخة : «بتاريخ». وانظر تعليقاتنا في أول الورقة ٧٦.
(٢) انظر معاني الحروف للرماني ص ١٦٧.
(٣) في النسخة : «رويدا». وانظر معاني الحروف والكتاب ١ : ١٢٣ ـ ١٢٤.
(٤) في النسخة : «نفسه». والتصويب من معاني الحروف والكتاب ١ : ١٢٤.
(٥) انظر معاني الحروف للرماني ص ١٧٣ ـ ١٧٤.
(٦) في النسخة : أيّ.
أو الانقطاع عنه (١) وليس كذلك «أو» ، لأنّه لا يستفهم بها. وإنّما أصلها أن تكون لأحد الشيئين.
وإنّما تجيء (٢) «أم» بعد «أو». يقول القائل : ضربت زيدا أو عمرا. فتقول مستفهما : أزيدا ضربت أم عمرا؟ فهذه المعادلة للألف. كأنّك قلت : أيّهما (٣) ضربت؟ فجوابه «زيد» إن كان هو المضروب ، أو «عمرو» إن كان قد وقع [به](٤) الضرب.
ولو قلت : أزيدا ضربت أو عمرا؟ لكان جوابه «نعم» أو «لا» ، لأنّه في تقدير : أأحدهما ضربت؟ فأمّا «أم» المنقطعة (٥) فنحو قولك : إنّها لإبل أم شاء. كأنّه قال : بل شاء هي. فمعناها ، إذا كانت منقطعة ، معنى «بل» (٦).
ولذلك لا تجيء مبتدأة. إنّما تكون على كلام قبلها مبنيّة ، استفهاما أو خبرا. فالخبر مثل قوله ، [جلّ اسمه] : (٧) (لا رَيْبَ فِيهِ ، مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ. أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ).
فأمّا قوله ، تعالى : (٨) (وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي ، مِنْ تَحْتِي. أَفَلا
__________________
(١) يريد الانقطاع عن الألف. فهي بعده لاستفهام منقطع عنه ، أو للإضراب. انظر الكتاب ١ : ٤٨٢ و ٤٨٤.
(٢) في النسخة : يجيء.
(٣) في النسخة : أيّهما.
(٤) من معاني الحروف ص ١٧٣.
(٥) في النسخة : المنقطعة.
(٦) في معاني الحروف : «كأنه قال : بل أشاء هي؟ فمعناها إذا كانت منقطعة معنى بل والألف». وكلاهما مذهب. انظر الكتاب ١ : ٤٨٤ والمغني ص ٤٥.
(٧) الآيتان ١ و ٢ من السجدة. وما بين معقوفين من معاني الحروف ص ١٧٣.
(٨) الآيتان ٥١ و ٥٢ من الزخرف.