السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]
المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٢
ISBN: 964-424-428-1
الصفحات: ٤١٦
اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يا اللهُ يا اللهُ يا اللهُ ، أَنْتَ اللهُ الْقَدِيمُ الْأَزَلِيُّ الْمَلِكُ الْعَظِيمُ ، أَنْتَ اللهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الْمَوْلَى السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، يا مَنِ الْعِزُّ وَالْجَلالُ ، وَالْكِبْرِياءُ وَالْعَظَمَةُ ، وَالْقُوَّةُ وَالْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ ، وَالنُّورُ وَالرُّوحُ ، وَالْمَشِيَّةُ وَالْحَنانُ وَالرَّحْمَةُ وَالْمُلْكُ لِرُبُوبِيَّتِهِ ، نُورُكَ أَشْرَقَ لَهُ كُلُّ نُورٍ ، وَخَمَدَ لَهُ كُلُّ نارٍ ، وَانْحَصَرَ لَهُ كُلُّ الظُّلُماتِ.
أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي اشْتَقَقْتَهُ مِنْ قِدَمِكَ وَأَزَلِكَ وَنُورِكَ ، وَبِالاسْمِ الْأَعْظَمِ الَّذِي اشْتَقَقْتَهُ مِنْ كِبْرِيائِكَ وَجَبَرُوتِكَ وَعَظَمَتِكَ وَعِزِّكَ ، وَبِجُودِكَ الَّذِي اشْتَقَقْتَهُ مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَبِرَحْمَتِكَ الَّتِي اشْتَقَقْتَها مِنْ رَأْفَتِكَ ، وَبِرَأْفَتِكَ الَّتِي اشْتَقَقْتَها مِنْ جُودِكَ ، وَبِجُودِكَ الَّذِي اشْتَقَقْتَهُ مِنْ غَيْبِكَ ، وَبِغَيْبِكَ وَإِحاطَتِكَ وَقِيامِكَ وَدَوامِكَ وَقِدَمِكَ.
وَأَسْأَلُكَ بِجَمِيعِ أَسْمائِكَ الْحُسْنى لا إِلهَ إِلاَّ أنْتَ الْواحِدُ الْأَحَدُ الْفَرْدُ الصَّمَدُ الْحَيُّ ، الْأَوَّلُ الآخِرُ الظّاهِرُ الْباطِنُ ، وَلَكَ كُلُّ اسْمٍ عَظِيمٍ ، وَكُلُّ نُورٍ وَغَيْبٍ ، وَعِلْمٍ وَمَعْلُومٍ ، وَمُلْكٍ وَشَأْنٍ ، وَبِلا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ تَقَدَّسْتَ وَتَعالَيْتَ عُلُوا كَبِيراً.
اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ طاهِرٍ مُطَهَّرٍ ، طَيِّبٍ مُبارَكٍ مُقَدَّسٍ ، أَنْزَلْتَهُ فِي كُتُبِكَ وَأَجْرَيْتَهُ فِي الذِّكْرِ عِنْدَكَ ، وَتَسَمَّيْتَ بِهِ لِمَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ أَوْ سَأَلَكَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ مَلائِكَتِكَ وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ بِخَيْرٍ تُعْطِيهِ فَأَعْطَيْتَهُ ، أَوْ شَرٍّ تَصْرفُهُ فَصَرَفْتَهُ ، يَنْبَغِي أَنْ أَسْأَلُكَ بِهِ.
فَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ أَنْ تَنْصُرَنِي عَلى أَعْدائِي وَتَغْلِبَ ذِكْرِي عَلى نِسْيانِي ، اللهُمَّ اجْعَلْ لِعَقْلِي عَلى هَوايَ سُلْطاناً مُبِيناً ، وَاقْرِنْ اخْتِيارِي بِالتَّوْفِيقِ ، وَاجْعَلْ صاحِبِي التَّقْوى ، وَأَوْزِعْنِي شُكْرَكَ عَلى مَواهِبِكَ.
وَاهْدِنِي اللهُمَّ بِهُداكَ إِلى سَبِيلِكَ الْمُقِيمِ وَصِراطِكَ الْمُسْتَقِيمِ ، وَلا تُمَلِّكْ زِمامِيَ الشَّهَواتِ فَتَحْمِلُنِي عَلَى طَرِيقِ الْمَخْذُولِينَ ، وَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمُنْكَراتِ ، وَاجْعَلْ لِي عِلْماً نافِعاً ، وَأَغْرِسْ فِي قَلْبِي حُبَّ الْمَعْرُوفِ
وَلا تَأْخُذْنِي بَغْتَةً ، وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.
وَعَرِّفْنِي بَرَكَةَ هذَا الشَّهْرِ وَيُمْنَهُ ، وَارْزُقْنِي خَيْرَهُ وَاصْرِفْ عَنِّي شَرَّهُ ، وَقِنِي الْمَحْذُورَ فِيهِ ، وَأَعِنِّي عَلى ما أُحِبُّهُ مِنَ الْقِيامِ بِحَقِّهِ ، وَمَعْرِفَةِ فَضْلِهِ ، وَاجْعَلْنِي فِيهِ مِنَ الْفائِزِينَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمُتَعالِ الْجَلِيلِ الْعَظِيمِ ، وَبِاسْمِكَ الْواحِدِ الصَّمَدِ ، وَبِاسْمِكَ الْعَزِيزِ الْأَعْلى ، وَبِأَسْمائِكَ الْحُسْنى كُلِّها ، يا مَنْ خَشَعَتْ لَهُ الْأَصْواتُ وَخَضَعَتْ لَهُ الرِّقابُ وَذَلَّتْ لَهُ الْأَعْناقُ ، وَوَجِلَتْ مِنْهُ الْقُلُوبُ ، وَدانَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ ، وَقامَتْ بِهِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ لا تُدْرِكُكَ الْأَبْصارُ وَأَنْتَ تُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَأَنْتَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ.
يا رَبَّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإِسْرافِيلَ ، وَجَمِيعِ الْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالْكَروبِيِّينَ وَالْكِرامِ الْكاتِبِينَ ، وَجَمِيعِ الْمَلائِكَةِ الْمُسَبِّحِينَ بِحَمْدِكَ ، وَرَبَّ آدَمَ وَشيثَ وَإِدْرِيسَ ، وَنُوحٍ وَهُودٍ وَصالِحٍ ، وَإِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَلُوطٍ ، وَيَعْقُوبَ وَيُوسُفَ وَالْأَسْباطَ وَأَيُّوبَ وَمُوسى وَهارُونَ وَشُعَيْبٍ ، وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَرْمِيا ، وَعُزَيْرٍ وَحِزْقِيلَ ، وَشَعْيا وَإِلْياسَ ، وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَذِي الْكِفْلِ ، وَزَكَرِيّا وَيَحْيى ، وَعِيسى وَجِرْجِيسَ ، وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، وَعَلى مَلائِكَةِ اللهِ الْمُقَرَّبِينَ وَالْكِرامِ الْكاتِبِينَ وَجَمِيعِ الأَمْلاكِ الْمُسَبِّحِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً (١).
أَنْتَ رَبُّنَا الْأَوَّلُ الآخِرُ ، الظّاهِرُ الْباطِنُ ، الَّذِي خَلَقْتَ السَّماواتِ وَالْأَرَضِينَ ثُمَّ اسْتَوَيْتَ عَلَى الْعَرْشِ الْمَجِيدِ ، بِأَسْمائِكَ الْحُسْنى تُبْدِئُ وَتُعِيدُ ، وَتُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً ، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْفُلْكُ وَالدُّهُورُ وَالْخَلْقُ مُسَخَّرُونَ بِأَمْرِكَ ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ يا رَبَّ الْعالَمِينَ.
لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الْحَنّانُ الْمَنّانُ بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، ذُو الْجَلالِ
__________________
(١) كثيرا كثيرا ( خ ل ).
وَالإِكْرامِ ، لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً.
تَعْلَمُ مَثاقِيلَ الْجِبَالِ (١) وَمَكائِيلَ الْبِحارِ وَعَدَدَ الرِّمالِ ، وَقَطْرَ الْأَمْطارِ ، وَوَرَقَ الْأَشْجارِ ، وَنُجُومَ السَّماءِ وَما أَظْلَمَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَأَشْرَقَ (٢) عَلَيْهِ النَّهارُ ، لا يُوارِي مِنْكَ سَماءٌ سَماءً وَلا أَرْضٌ أَرْضاً ، وَلا بَحْرٌ مُتَطابِقٌ ، وَلا ما بَيْنَ سَدِّ الرُّتُوقِ ، وَلا ما فِي الْقَرارِ مِنَ الْهَباءِ الْمَبْثُوثِ.
أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَخْزُونِ الْمَكْنُونِ النُّورِ الْمُنِيرِ ، الْحَقِّ الْمُبِينِ ، الَّذِي هُوَ نُورٌ مِنْ نُورٍ وَنُورٌ عَلى نُورٍ ، وَنُورٌ فَوْقَ كُلِّ نُورٍ ، وَنُورٌ مَعَ كُلِّ نُورٍ ، وَلَهُ كُلُّ نُورٍ ، مِنْكَ يا رَبَّ النُّورُ ، وَإِلَيْكَ يَرْجِعُ النُّورُ.
وَبِنُورِكَ الَّذِي تُضِيءُ بِهِ كُلُّ ظُلْمَةٍ ، وَتَبْطُلُ بِهِ كَيْدُ كُلِّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ ، وَتُذِلُّ بِهِ كُلَّ جَبّارٍ عَنِيدٍ ، وَلا يَقُومُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِكَ وَيَتَصَدَّعُ لِعَظَمَتِهِ الْبَرُّ وَالْبَحْرُ ، وَتَسْتَقِلُّ الْمَلائِكَةُ حِينَ يَتَكَلَّمَ بِهِ ، وَتَرْعَدُ مِنْ خَشْيَتِهِ حَمَلَةُ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ إِلى تُخُومِ الْأَرضِينَ السَّبْعِ (٣) ، الَّذِي انْفَلَقَتْ بِهِ الْبِحارُ ، وَجَرَتْ بِهِ الْأَنْهارُ ، وَتَفَجَّرَتْ بِهِ الْعُيُونُ ، وَسارَتْ بِهِ النُّجُومُ ، وَارْكِمَ (٤) بِهِ السَّحابُ وَاجْرِيَ (٥) ، وَاعْتَدَلَ بِهِ الضَّبابُ (٦) ، وَهالَتْ بِهِ الرِّمالُ ، وَرَسَتْ بِهِ الْجِبَالُ وَاسْتَقَرَّتْ بِهِ الْأَرضُونَ ، وَنَزَلَ بِهِ الْقَطْرُ وَخَرَجَ بِهِ الْحَبُّ ، وَتَفَرَّقَتْ بِهِ جِبِلاّتُ الْخَلْقِ ، وَخَفَقَتْ بِهِ الرِّياحُ ، وَانْتَشَرَتْ وَتَنَفَّسَتْ (٧) بِهِ الْأَرْواحُ.
يا اللهُ أَنْتَ الْمُتَسَمَّى بِالالهِيَّةِ ، بِاسْمِكَ الْكَبِيرِ الْأَكْبَرِ الْعَظِيمِ الْأَعْظَمِ
__________________
(١) مثاقيل المياه ووزن الجبال ( خ ل ).
(٢) قد أشرق ( خ ل ).
(٣) في البحار : السابعة.
(٤) ركم الشيء : جمعه وجعل بعضه فوق بعض.
(٥) جرى ( خ ل ).
(٦) الضباب : الذي كالغيم أو سحاب رقيق كالدخان.
(٧) نسف البناء : قلعه من أصله.
الَّذِي عَنَتْ لَهُ الْوُجُوهُ ، يا ذَا الطَّوْلِ وَالآلاءِ ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ يا قَرِيبُ ، أَنْتَ الْغالِبُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ ، أَسْأَلُكَ اللهُمَّ بِجَمِيعِ أَسْمائِكَ كُلِّها ما عَلِمْتُ مِنْها وَما لَمْ أَعْلَمْ ، وَبِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (١) وَانْ تَكْفِيَنِي امْرَ أَعْدائِي وَتُبَلِّغَنِي مُنايَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْحَمْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، كَما صَلَّيْتَ وَرَحِمْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلى إِبْراهِيمَ وَآلِ إِبْراهِيمَ (٢) إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً الْوَسِيلَةَ وَالشَّرَفَ وَالرَّفْعَةَ وَالْفَضِيلَةَ عَلى خَلْقِكَ ، وَاجْعَلْ فِي الْمُصْطَفَيْنَ تَحِيَّاتِهِ ، وَفِي الْعِلِّيِّينَ دَرَجَتَهُ ، وَفِي الْمُقَرَّبِينَ مَنْزِلَتَهُ ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى جَمِيعِ مَلائِكَتِكَ وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَأَهْلِ طاعَتِكَ.
اللهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ الأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْواتِ ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنا وَقُلُوبِهِمْ عَلَى الْخَيْراتِ ، اللهُمَّ اجْزِ مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله أَفْضَلَ ما جَزَيْتَ نَبِيّاً (٣) عَنْ أُمَّتِهِ ، كَما تَلا آياتِكَ وَبَلَّغَ ما أَرْسَلْتَهُ بِهِ ، وَنَصَحَ لأُمَّتِهِ وَعَبَدَكَ حَتّى أَتاهُ الْيَقِينُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبِينَ.
ثمَّ تقرء ( تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ * فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ * تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً * تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً * تَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )
( تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ * تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ
__________________
(١) في المواضع : على آل محمد ( خ ل ).
(٢) على آل إبراهيم ( خ ل ).
(٣) جريت به نبيا ( خ ل ).
عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ * تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً ).
وَتقول : أَعُوذُ بِكَلِماتِ اللهِ التَّامَّاتِ كُلِّها (١) الَّتِي لا يُجاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلا فاجِرٌ ، مِنْ شَرِّ ابْلِيسَ وَجُنُودِهِ ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْطانٍ وَسُلْطانٍ ، وَساحِرٍ وَكاهِنٍ ، وَشَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ.
اللهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ نَفْسِي وَدِينِي وَسَمْعِي وَبَصَرِي وَجَسَدِي وَجَمِيعَ جَوارِحِي وَأَهْلِي وَمالِي وَأَوْلادِي وَجَمِيعَ مَنْ يَعْنِينِي أَمْرُهُ ، وَخَواتِيمَ عَمَلِي وَسائِرَ ما مَلَّكْتَنِي وَخَوَّلْتَنِي وَرَزَقْتَنِي (٢) وَأَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ وَجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، يا خَيْرَ مُسْتَوْدَعٍ وَيا خَيْرَ حافِظٍ وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ اللهُ اللهُ اللهُ اللهُ اللهُ ، الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُفَرِّجَ عَنِّي يا رَبَّ السَّماواتِ وَالْأَرَضِينَ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَمُجْرِي الْبِحارِ وَرازِقَ مَنْ فِيهِنَّ ، وَفاطِرَ السَّماواتِ وَالأَرَضِينَ وَأَطْباقِها (٣) وَمُسَخَّرَ السَّحابَ وَمُجْرِي الْفُلْكَ.
وَجاعِلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً ، وَخالِقَ آدَمَ عليهالسلام ، وَمُنْشِيءَ الْأَنْبِياءِ عليهالسلام مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ، وَمُعَلِّمَ إِدْرِيسَ عَدَدَ النُّجُومِ وَالْحِسابِ وَالسِّنِينِ وَالشُّهُورِ وَأَوْقاتِ الْأَزْمانِ ، وَمُكَلِّمَ مُوسى ، وَجاعِلَ عَصاهُ ثُعْباناً ، وَمُنْزِلَ التَّوْراةِ فِي الْأَلْواحِ عَلى مُوسى عليهالسلام.
وَمُجْرِي الْفُلْكَ لِنُوحٍ ، وَفادى إِسْماعِيلَ مِنَ الذَّبْحِ ، وَالْمُبْتَلِيَ يَعْقُوبَ بِفَقْدِ يُوسُفَ ، وَرادَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْبُكاءِ ، فَتَفَرَّجَ قَلْبُهُ مِنَ
__________________
(١) بكلمات الله كلها ( خ ل ).
(٢) ما خولتني وما رزقتني ( خ ل ).
(٣) اطباقهنّ ( خ ل ).
الْحُزْنِ وَالشَّجى ، وَرازِقَ زَكَرِيّا يَحْيى عَلَى الْكِبَرِ بَعْدَ الإِياسِ (١) وَمُخْرِجَ النَّاقَةِ لِصالِحٍ ، وَمُرْسِلَ الصَّيْحَةِ عَلى مَكِيدِي هُودٍ ، وَكاشِفَ الْبَلاءِ عَنْ أَيُّوبَ ، وَمُنْجِيَ لُوطٍ مِنَ الْقَوْمِ الْفاحِشِينَ.
وَواهِبَ الْحِكْمَةِ لِلُقْمانَ ، وَمُلْقِي رُوحِ الْقُدُسَ بِكَلِماتِهِ عَلى مَرْيَمَ عليهاالسلام ، وَخَلْقِكَ مِنْها عَبْدَكَ عِيسى عليهالسلام ، وَالْمُنْتَقِمَ مِنْ قَتَلَةِ يَحْيى بْنِ زَكَرِيّا عليهماالسلام ، وَأَسْأَلُكَ بِرَفْعِكَ عِيسى إِلى سَمائِكَ وَبِإِبْقائِكَ لَهُ إِلى أَنْ تَنْتَقِمَ لَهُ مِنْ أَعْدائِكَ (٢).
وَيا مُرْسِلَ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله خاتَمِ أَنْبِيائِكَ إِلى أَشَرِّ عِبادِكَ بِشَرائِعِكَ الْحَسَنَةِ ، وَدِينِكَ الْقَيِّمِ ، وَمِلَّةِ إِبْراهِيمَ خَلِيلِكَ عليهالسلام وَإِظْهارِ دِينِهِ (٣) الْقَيِّمِ ، وَإِعْلائِكَ كَلِمَتَهُ يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ ، يا مَنْ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ، يا أَحَدُ يا صَمَدُ يا عَزِيزُ يا قادِرُ يا قاهِرُ ، يا ذَا الْقُوَّةِ وَالسُّلْطانِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِياءِ.
يا عَلِيُّ يا قَدِيرُ يا قَرِيبُ يا مُجِيبُ ، يا حَلِيمُ يا مُعِيدُ ، يا مُتَدانِي يا بَعِيدُ ، يا رَؤُوفُ يا رَحِيمُ يا كَرِيمُ يا غَفُورُ ، يا ذَا الصَّفْحِ يا مُغِيثُ يا مُطْعِمُ ، يا شافِي يا كافِي ، يا كاسِي يا مُعافِي ، يا شافِي الضُّرِّ ، يا عَلِيمُ يا حَكِيمُ يا وَدُودُ.
يا غَفُورُ يا رَحِيمُ يا رَحْمانَ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ ، يا ذَا الْمَعارِجِ يا ذَا الْقُدْسِ ، يا خالِقُ يا عَلِيمُ يا مُفَرِّجُ يا أَوّابُ يا ذَا الطَّوْلِ يا خَبِيرُ ، يا مَنْ خَلَقَ وَلَمْ يُخْلَقْ يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، يا مَنْ بانَ مِنَ الْأَشْياءِ وَبانَتِ الْأَشْياءُ مِنْهُ بِقَهْرِهِ لَها وَخُضُوعِها لَهُ ، يا مَنْ خَلَقَ الْبِحارَ وَأَجْرَى الْأَنْهارَ وَأَنْبَتَ الْأَشْجارَ ، وَأَخْرَجَ مِنْها النّارَ ، وَمِنْ يابِسِ الْأَرضِينَ النَّباتَ وَالْأَعْنابَ وَسائِرَ الثِّمارِ.
يا فالِقَ الْبَحْرِ لِعَبْدِهِ مُوسى عليهالسلام وَمُكَلِّمَهُ ، وَمُغْرِقَ فِرْعَوْنَ وَحِزْبَهُ
__________________
(١) في البحار : الياس.
(٢) أعدائه ( خ ل ).
(٣) إظهارك دينه ( خ ل ).
وَمُهْلِكَ نمْرُودَ وَأَشْياعَهُ ، وَمُلَيِّنَ الْحَدِيدِ لِخَلِيفَتِهِ داوُدَ عليهالسلام ، وَمُسَخِّرَ الْجِبَالِ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْغُدُوِّ وَالآصالِ ، وَمُسَخِّرَ الطَّيْرِ وَالْهَوامِّ وَالرِّياحِ وَالْجِنِّ وَالانْسِ لِعَبْدِكَ سُلَيْمانَ عليهالسلام.
وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي اهْتَزَّ لَهُ عَرْشُكَ وَفَرِحَتْ بِهِ مَلائِكَتُكَ ، فَلا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ خالِقُ النَّسِمَةِ وَبارِئُ النَّوى وَفالِقُ الْحَبَّةِ ، وَبِاسْمِكَ الْعَزِيزِ الْجَلِيلِ الْكَبِيرِ الْمُتَعالِ.
وَبِاسْمِكَ الَّذِي يَنْفُخُ بِهِ عَبْدُكَ وَمَلَكُكَ إِسْرافِيلُ عليهالسلام فِي الصُّورِ ، فَيَقُومُ أَهْلُ الْقُبُورِ سِراعاً إِلَى الْمَحْشَرِ يَنْسِلُونَ (١) ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي رَفَعْتَ بِهِ السَّماواتِ مِنْ غَيْرِ عِمادٍ وَجَعَلْتَ بِهِ لِلأَرَضِينَ أَوْتاداً ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي سَطَحْتَ بِهِ الْأَرضِينَ فَوْقَ الْماءِ الْمَحْبُوسِ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي حَبَسْتَ بِهِ ذلِكَ الْماءَ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي حَمَلْتَ بِهِ الْأَرَضِينَ مَنْ اخْتَرْتَهُ لِحَمْلِها ، وَجَعَلْتَ لَهُ مِنَ الْقُوَّةِ مَا اسْتَعانَ بِهِ عَلى حَمْلِها.
وَبِاسْمِكَ الَّذِي تَجْرِي بِهِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي سَلَخْتَ بِهِ النَّهارَ مِنَ اللَّيْلِ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي إِذا دُعِيتَ بِهِ أَنْزَلْتَ أَرْزاقَ الْعِبادِ وَجَمِيعِ خَلْقِكَ وَأَرْضِكَ وَبِحارِكَ وَسُكّانِ الْبِحارِ وَالْهَوامِّ وَالْجِنِّ وَالْإنْسِ وَكُلِّ دابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ، وَبِأَنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
وَبِاسْمِكَ الَّذِي جَعَلْتَ بِهِ لِجَعْفَرَ عليهالسلام جِناحاً يَطِيرُ بِهِ مَعَ الْمَلائِكَةِ (٢) ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي دَعاكَ بِهِ يُونُسُ عليهالسلام فِي بَطْنِ الْحُوتِ فَأَخْرَجْتَهُ مِنْهُ ، وَبِاسْمِكَ الَّذِي أَنْبَتَّ بِهِ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ، فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَكَشَفْتَ عَنْهُ ما كانَ فِيهِ مِنْ ضِيقِ بَطْنِ الْحُوتِ.
أَسْأَلُكَ (٣) أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبِينَ (٤) ، وَأَنْ
__________________
(١) نسل في مشيه : أسرع.
(٢) الملائكة المقربين ( خ ل ).
(٣) وأسألك ( خ ل ).
(٤) الطيبين الطاهرين ( خ ل ).
تُفَرِّجَ عَنِّي وَتَكْشِفَ ضُرِّي وَتَسْتَنْقِذَنِي مِنْ وَرْطَتِي ، وَتُخَلِّصَنِي مِنْ مِحْنَتِي ، وَتَقْضِيَ عَنِّي دُيُونِي ، وَتُؤَدِّيَ عَنِّي أَمانَتِي ، وَتَكْبِتَ (١) أَعْدائِي (٢) ، وَلا تُشْمِتْ بِي حُسّادِي ، وَلا تَبْتَلِيَنِي بِما لا طاقَةَ لِي بِهِ ، وَأَنْ تُبَلِّغَنِي امْنِيَّتِي ، وَتُسَهِّلَ لِي مَحَبَّتِي (٣) ، وَتُيَسِّرَ لِي إِرادَتِي ، وَتُوصِلَنِي إِلى بُغْيَتِي ، وَتَجْمَعَ لِي خَيْرَ الدّارَيْنِ ، وَتَحْرُسَنِي وَكُلَّ مَنْ يَعْنِيني أَمْرُهُ ، بِعَيْنِكَ الَّتِي لا تَنامُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ وَالْأَسْماءِ الْعِظامِ.
اللهُمَّ يا رَبِّ أَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ ، وَابْنُ أَمَتِكَ وَمِنْ أَوْلِياءِ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ ، الَّذِينَ بارَكْتَ عَلَيْهِمْ وَرَحِمْتَهُمْ وَصَلَّيْتَ عَلَيْهِمْ كَما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ عَلى إِبْراهِيمَ وَآلِ إِبْراهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، وَلِمَجْدِكَ وَطَوْلِكَ.
أَسْأَلُكَ يا رَبّاهُ يا رَبّاهُ ، يا رَبّاهُ ، يا رَبَّاهُ. يا رَبَّاهُ ، يا رَبَّاهُ يا رَبَّاهُ ، يا رَبَّاهُ يا رَبَّاهُ ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ صلىاللهعليهوآله ، وَبِحَقِّكَ عَلى نَفْسِكَ إِلاَّ خَصَمْتَ أَعْدائِي وَحُسَّادِي وَخَذَلْتَهُمْ وَانْتَقَمْتَ لِي مِنْهُمْ ، وَأَظْهَرْتَنِي عَلَيْهِمْ وَكَفَيْتَنِي أَمْرَهُمْ ، وَنَصَرْتَنِي عَلَيْهِمْ ، وَحَرَسْتَنِي مِنْهُمْ ، وَوَسَّعْتَ عَلَيَّ فِي رِزْقِي وَبَلَّغْتَنِي غايَةَ أَمَلِي إِنَّكَ سَمِيعٌ (٤) مُجِيبٌ (٥).
ومن الدعوات في غرّة رجب ما رويناه بإسنادنا من عدة طرق ، منها إلى أبي العبّاس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا محمد بن غالب الأنصاري ، قال : حدثنا علي بن الحسن الطاطري ، قال : حدثنا أحمد بن أبي بشر ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال :
سمعت علي بن الحسين عليهماالسلام يدعو في الحجر في غرّة رجب في سنة ابن الزبير ، فأنصت إليه ، وكان يقول :
__________________
(١) كبته : صرعه وأخزاه.
(٢) عدوى ( خ ل ).
(٣) محنتي ( خ ل ).
(٤) قريب ( خ ل ).
(٥) عنه البحار ٩٨ : ٣٨٨.
يا مَنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السّائِلِينَ وَيَعْلَمُ ضَمِيرَ الصَّامِتِينَ ، لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْكَ سَمْعٌ حاضِرٌ وَجَوابٌ عَتِيدٌ (١) ، اللهُمَّ وَمَواعِيدُكَ الصَّادِقَةُ وَأَيادِيكَ الْفاضِلَةُ وَرَحْمَتُكَ الْواسِعَةُ ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَقْضِيَ حَوائِجِي لِلدُّنْيا وَالاخِرَةِ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
قال : وأسرّ البواقي فلم أفهمه (٢).
أقول : واعلم ان هذا الدعاء قد ذكره جدّي أبو جعفر الطوسي في أدعية كلّ يوم من رجب ، وهو عارف بطرق الروايات ، فيكون قد روي بطريق غير هذه انّه يدعى به كلّ يوم من أيّام رجب ، فادع به كل يوم منه (٣).
من الدعوات في كلّ يوم من رجب ، ما رويناها عن جماعة ونذكرها بإسناد محمّد بن علي الطرازيّ من كتابه قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن عياش رضياللهعنه ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سهل المعروف بابن أبي الغريب الضبّي ، قال : حدّثنا الحسن بن محمّد بن جمهور ، قال : حدّثني محمّد بن الحسين الصائغ ، عن محمد بن الحسين الزّاهريّ ، من ولد زاهر مولى عمرو بن الحمق وزاهر الشهيد بالطفّ ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي معشر ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، أنّه كان إذا دخل رجب يدعو بهذا الدعاء في كلّ يوم من أيامه :
خابَ الْوافِدُونَ عَلى غَيْرِكَ ، وَخَسِرَ الْمُتَعَرِّضُونَ إِلاَّ لَكَ ، وَضاعَ الْمُلِمُّون (٤) إِلاَّ بِكَ ، وَأَجْدَبَ (٥) الْمُنْتَجِعُونَ (٦) إِلاَّ مَنِ انْتَجَعَ فَضْلَكَ ، بابُكَ مَفْتُوحٌ لِلرَّاغِبِينَ ، وَخَيْرُكَ مَبْذُولٌ لِلطَّالِبِينَ ، وَفَضْلُكَ مُباحٌ لِلسّائِلِينَ ، وَنَيْلُكَ مُتاحٌ (٧) لِلامِلِينَ ،
__________________
(١) عتيد : مهيا وحاضر.
(٢) رواه في مصباح المتهجد : ٨٠١ ، البلد الأمين : ١٧٨ ، مصباح الكفعمي : ٥٢٧ ، الصحيفة السجادية الجامعة : ٢٠٠ ، الرقم : ١١١.
(٣) مصباح المتهجد ٢ : ٧٣٨.
(٤) الملمة : النازلة الشديدة من نوازل الدنيا.
(٥) الجدب : القحط وهو خلاف الخصب وهو النمو والبركة.
(٦) النجع والانتجاع : طلب الكلاء ومساقط النبت.
(٧) اتاحه : هيّأه وقدّره.
وَرِزْقُكَ مَبْسُوطٌ لِمَنْ عَصاكَ ، وَحِلْمُكَ مُتَعَرِّضٌ لِمَنْ ناواكَ ، عادَتُكَ الإِحْسانُ إِلَى الْمُسِيئِينَ ، وَسَبِيلُكَ الْإبْقاءُ عَلَى الْمُعْتَدِينَ.
اللهُمَّ فَاهْدِنِي هُدَى الْمُهْتَدِينَ ، وَارْزُقْنِي اجْتِهادَ الْمُجْتَهِدينَ ، وَلا تَجْعَلْنِي مِنَ الْغافِلِينَ الْمُبْعَدِينَ ، وَاغْفِرْ لِي يَوْمَ الدِّينِ (١).
ومن الدعوات كلّ يوم من رجب ما ذكره الطرازي أيضاً في كتابه ، فقال أبو الفرج محمّد بن موسى القزويني الكاتب رحمهالله ، قال : أخبرني أبو عيسى محمّد بن أحمد بن محمّد بن سنان ، عن أبيه ، عن جدّه محمّد بن سنان ، عن يونس بن ظبيان قال :
كنت عند مولاي أبي عبد الله عليهالسلام إذ دخل علينا المعلّى بن خنيس في رجب فتذاكروا الدّعاء فيه ، فقال المعلّى : يا سيّدي علّمني دعاء يجمع كلّ ما أودعته الشيعة في كتبها فقال : قل يا معلّى :
اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ صَبْرَ الشَّاكِرِينَ لَكَ ، وَعَمَلَ الْخائِفِينَ مِنْكَ ، وَيَقِينَ الْعابِدِينَ لَكَ ، اللهُمَّ أَنْتَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، وَأَنَا عَبْدُكَ الْبائِسُ الْفَقِيرُ ، وَأَنْتَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ، وَأَنَا الْعَبْدُ الذَّلِيلُ.
اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (٢) ، وَامْنُنْ بِغِناكَ عَلى فَقْرِي ، وَبِحِلْمِكَ عَلى جَهْلِي ، وَبِقُوَّتِكَ عَلى ضَعْفِي يا قَويُّ يا عَزِيزُ ، اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الْأَوْصِياءِ الْمَرْضِيِّينَ ، وَاكْفِنِي ما أَهَمَّنِي مِنْ أَمْرِ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
ثمّ قال : يا معلّى والله لقد جمع لك هذا الدّعاء ما كان من لدن إبراهيم الخليل إلى محمّد صلىاللهعليهوآله (٣).
ومن الدّعوات كلّ يوم من رجب ما ذكره الطّرازي أيضاً فقال : دعاء علّمه أبو عبد الله عليهالسلام محمّد السّجاد ، وهو محمّد بن ذكوان يعرف بالسّجاد ، قالوا : سجد
__________________
(١) عنه البحار ٩٨ : ٣٨٩.
(٢) الأوصياء ( خ ل ).
(٣) عنه البحار ٩٨ : ٣٩٠ ، رواه في مصباح المتهجد ٢ : ٨٠١.
وبكى في سجوده حتّى عمي ، روى أبو الحسن عليّ بن محمّد البرسي رضياللهعنه ، قال : أخبرنا الحسين بن أحمد بن شيبان ، قال : حدّثنا حمزة بن القاسم العلويّ العباسي ، قال : حدّثنا محمّد بن عبد الله بن عمران البرقي ، عن محمّد بن عليّ الهمداني ، قال : أخبرني محمّد بن سنان ، عن محمّد السجاد في حديث طويل ، قال :
قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلت فداك هذا رجب علّمني فيه دعاء ينفعني الله به ، قال : فقال لي أبو عبد الله عليهالسلام : اكتب بسم الله الرّحمن الرّحيم ، وقل في كلّ يوم من رجب صباحاً ومساء وفي أعقاب صلواتك في يومك وليلتك :
يا مَنْ أَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْرٍ ، وَآمَنُ سَخَطَهُ عِنْدَ (١) كُلِّ شَرٍّ ، يا مَنْ يُعْطِي الْكَثِيرَ بِالْقَلِيلِ ، يا مَنْ يُعْطِي مَنْ سَأَلَهُ ، يا مَنْ يُعْطِي مَنْ لَمْ يَسْأَلْهُ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ تَحَنُّناً مِنْهُ وَرَحْمَةً ، أَعْطِنِي بِمَسْأَلَتِي إِيَّاكَ جَمِيعَ (٢) خَيْرِ الدُّنْيا وَجَمِيعَ خَيْرِ الاخِرَةِ ، وَاصْرِفْ عَنِّي بِمَسْأَلَتِي إِيَّاكَ جَمِيعَ شَرِّ الدُّنْيا وَشَرِّ الاخِرَةِ (٣) ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَنْقُوصٍ ما أَعْطَيْتَ ، وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ يا كَرِيمُ.
قال : ثمّ مدّ أبو عبد الله عليهالسلام يده اليسرى فقبض على لحيته ودعا بهذا الدّعاء وهو يلوذ بسبّابته اليمنى ، ثمّ قال بعد ذلك :
يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ يا ذَا النَّعْماءِ وَالْجُودِ ، يا ذَا الْمَنِّ وَالطَّوْلِ ، حَرِّمْ شَيْبَتِي عَلَى النّارِ (٤).
وفي حديث آخر : ثمّ وضع يده على لحيته ولم يرفعها إِلاّ وقد امتلأ ظهر كفّه دموعاً (٥).
ومن الدّعوات كلّ يوم من رجب ما رويناه بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي رحمهالله ، وهو ممّا ذكره في المصباح بغير إسناد ، ووجدته في أواخر كتاب معالم الدّين مرويّاً عن مولانا الإمام الحجّة المهدي صلوات الله وسلامه
__________________
(١) من ( خ ل ).
(٢) جميع الخيرات ( خ ل ).
(٣) جميع شر الآخرة ( خ ل ).
(٤) عنه البحار ٩٨ : ٣٩١.
(٥) عنه البحار ٩٨ : ٣٩١.
عليه وعلى آبائه الطاهرين ، وفي هذه الرّواية زيادة واختلاف في كلمات ، فقال ما هذا لفظه :
ذكر محمّد بن أبي الرواد الرّواسي أنّه خرج مع محمّد بن جعفر الدّهّان إلى مسجد السّهلة في يوم من أيّام رجب فقال : قال : مل (١) بنا إلى مسجد صعصعة فهو مسجد مبارك ، وقد صلّى به أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله ووطئه الحجج بأقدامهم ، فملنا إليه ، فبينا نحن نصلّي إذا برجل قد نزل عن ناقته وعقلها بالظّلال ، ثمّ دخل وصلّى ركعتين أطال فيهما ، ثمّ مدّ يديه فقال : وذكر الدّعاء الّذي يأتي ذكره ، ثمّ قام إلى راحلته وركبها.
فقال لي أبو جعفر الدّهان : ألا نقوم إليه فنسأله من هو؟ فقمنا إليه فقلنا له : ناشدناك الله من أنت؟ فقال : ناشدتكما الله من ترياني؟ قال ابن جعفر الدّهان : نظنّك الخضر ، فقال : وأنت أيضاً؟ فقلت : أظنّك إيّاه ، فقال : والله إنّي لمن الخضر مفتقر إلى رؤيته ، انصرفا فانا إمام زمانكما ، وهذا لفظ دعائه عليهالسلام :
اللهُمَّ يا ذَا الْمِنَنِ السَّابِغَةِ ، وَالآلاءِ الْوازِعَةِ ، وَالرَّحْمَةِ الْواسِعَةِ ، وَالْقُدْرَةِ الْجامِعَةِ ، وَالنِّعَمِ الْجَسِيمَةِ وَالْمَواهِبِ الْعَظِيمَةِ ، وَالأَيادِي الْجَمِيلَةِ ، وَالْعَطايا الْجَزِيلَةِ ، يا مَنْ لا يُنْعَتُ بِتَمْثِيلٍ ، وَلا يُمَثَّلُ بِنَظِيرٍ ، وَلا يُغْلَبُ بِظَهِيرٍ ، يا (٢) مَنْ خَلَقَ فَرَزَقَ ، وَأَلْهَمَ فَأَنْطَقَ ، وَابْتَدَعَ فَشَرَعَ ، وَعَلا فَارْتَفَعَ ، وَقَدَّرَ فَأَحْسَنَ ، وَصَوَّرَ فَأَتْقَنَ ، وَاحْتَجَّ فَأَبْلَغَ ، وَأَنْعَمَ فَأَسْبَغَ ، وَأَعْطى فَأَجْزَلَ ، وَمَنَحَ فَأَفْضَلَ.
يا مَنْ سَما فِي الْعِزِّ فَفاتَ خَواطِرَ الْأَبْصارِ ، وَدَنا فِي اللُّطْفِ فَجازَ هَواجِسَ (٣) الْأَفْكارِ ، يا مَنْ تَوَحَّدَ بِالْمُلْكِ (٤) فَلا نِدَّ لَهُ فِي مَلَكُوتِ سُلْطانِهِ ، وَتَفَرَّدَ
__________________
(١) مر ( خ ل ).
(٢) ويا ( خ ل ).
(٣) الهاجس ج هواجس : ما وقع في خلدك.
(٤) في الملك ( خ ل ).
بِالْكِبْرِياءِ وَالآلاءِ ، فَلا ضِدَّ لَهُ فِي جَبَرُوتِ شَأْنِهِ.
يا مَنْ حارَتْ فِي كِبْرِياءِ هَيْبَتِهِ دَقائِقُ لَطائِفِ الْأَوْهامِ ، وَانْحَسَرَتْ دُونَ إِدْراكِ عَظَمَتِهِ خَطائِفُ أَبْصارِ الْأَنامِ ، يا مَنْ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِهَيْبَتِهِ ، وَخَضَعَتِ الرِّقابُ لِعَظَمَتِهِ ، وَوَجِلَتِ الْقُلُوبُ مِنْ خِيفَتِهِ.
أَسْأَلُكَ بِهذِهِ الْمِدْحَةِ الَّتِي لا تَنْبَغِي إِلاَّ لَكَ ، وَبِما وَأَيْتَ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ لِداعِيكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَبِما ضَمِنْتَ الإِجابَةَ فِيهِ عَلى نَفْسِكَ لِلدَّاعِينَ ، يا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ ، وَيا أَبْصَرَ الْمُبْصِرِينَ ، وَيا أَنْظَرَ النَّاظِرِينَ ، وَيا أَسْرَعَ الْحاسِبِينَ ، وَيا أَحْكَمَ الْحاكِمِينَ ، وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ الْأَخْيارِ ، وَأَنْ تَقْسِمَ لِي فِي شَهْرِنا هذَا خَيْرَ ما قَسَمْتَ ، وَأَنْ تَحْتِمَ لِي فِي قَضائِكَ خَيْرَ ما حَتَمْتَ ، وَتَختِمَ لِي بِالسَّعادَةِ فِيمَنْ خَتَمْتَ ، وَأَحْيِنِي ما أَحْيَيْتَنِي مَوْفُوراً ، وَأَمِتْنِي مَسْرُوراً وَمَغْفُوراً.
وَتَوَلَّ أَنْتَ نَجاتِي مِنْ مُسائِلَهِ الْبَرْزَخِ ، وَادْرَءْ عَنِّي مُنْكَراً وَنَكِيراً ، وَأَرِ عَيْني (١) مُبَشِّراً وَبَشِيراً ، وَاجْعَلْ لِي إِلى رِضْوانِكَ وَجِنانِكَ مَصِيراً وَعَيْشاً قَرِيراً (٢) وَمُلْكاً كَبِيراً ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
ثمّ تقول من غير تلك الرواية :
اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعَقْدِ عِزِّكَ عَلى أَرْكانِ عَرْشِكَ ، وَمُنْتَهى رَحْمَتِكَ مِنْ كِتابِكَ ، وَاسْمِكَ الْأَعْظَمِ ، وَذِكْرِكَ الْأَعْلى الْأَعْلى ، وَكَلِماتِكَ (٣) التّامّاتِ كُلِّها أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَأَسْأَلُكَ ما كانَ أَوْفى بِعَهْدِكَ. وَأَقْضى لِحَقِّكَ وَأَرْضى لِنَفْسِكَ ، وَخَيْراً لِي فِي الْمَعادِ عِنْدَكَ ، وَالْمَعادِ إِلَيْكَ ، أَنْ تُعْطِيَنِي جَمِيعَ ما أُحِبُّ ، وَتَصْرِفَ عَنِّي جَمِيعَ ما أَكْرَهُ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ،
__________________
(١) ارعنى ( خ ل ).
(٢) قرت عينه : بردت سروراً.
(٣) ذكرك الأعلى وكلماتك ( خ ل ).
بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
وجدنا هذا الدّعاء وهذه الزّيادات فيه مرويّاً عن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه (١).
ومن الدّعوات في كلّ يوم من رجب ما رويناه أيضاً عن جدّي أبي جعفر الطوسي رضياللهعنه فقال : أخبرني جماعة عن ابن عيّاش قال : ممّا خرج على يد الشيخ الكبير أبي جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد رضياللهعنه من النّاحية المقدّسة ما حدّثني به خير بن عبد الله قال : كتبته من التوقيع الخارج إليه :
بسم الله الرّحمن الرّحيم ادع في كلّ يوم من أيّام رجب :
اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعانِي جَمِيعِ ما يَدْعُوكَ بِهِ وُلاةُ أَمْرِكَ ، الْمَأْمُونُونَ عَلى سِرِّكَ ، الْمُسْتَسِرُّونَ (٢) بِأَمْرِكَ ، الْواصِفُونَ لِقُدْرَتِكَ ، الْمُعْلِنُونَ لِعَظَمَتِكَ.
أَسْأَلُكَ (٣) بِما نَطَقَ فِيهِمْ مِنْ مَشِيَّتِكَ ، فَجَعَلْتَهُمْ مَعادِنَ لِكَلِماتِكَ ، وَأَرْكاناً لِتَوْحِيدِكَ ، وَآياتِكَ وَمَقاماتِكَ ، الَّتِي لا تَعْطِيلَ لَها فِي كُلِّ مَكانٍ ، يَعْرِفُكَ بِها مَنْ عَرَفَكَ ، لا فَرْقَ بَيْنَكَ وَبَيْنَها إِلاَّ أَنَّهُمْ عِبادُكَ وَخَلْقُكَ ، فَتْقُها (٤) ورَتْقُها (٥) بِيَدِكَ ، بَدْؤُها مِنْكَ وَعَوْدُها إِلَيْكَ ، أَعْضادٌ وَأَشْهادٌ ، وَمُناةٌ وَأَزْوادٌ ، وَحَفَظَةٌ وَرُوَّادٌ ، فَبِهِمْ مَلأْتَ سَماءَكَ وَأَرْضَكَ حَتّى ظَهَرَ [ أَنْ ] (٦) لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ.
فَبِذلِكَ أَسْأَلُكَ وَبِمَواقِعِ الْعِزِّ مِنْ رَحْمَتِكَ وَبِمَقاماتِكَ وَعَلاماتِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَزِيدَنِي إِيماناً وَتَثْبِيتاً ، يا باطِناً فِي ظُهُورِهِ ، وَيا ظاهِراً (٧) فِي بُطُونِهِ وَمَكْنُونِهِ ، يا مُفَرِّقاً بَيْنَ النُّورِ وَالدَّيْجُورِ (٨) ، يا مَوْصُوفاً بِغَيْرِ
__________________
(١) عنه البحار ٩٨ : ٣٩٢ ، رواه عنه في البحار ١٠٠ : ٤٤٨ بدون ذكر الدعاء ، رواه الشيخ في مصباحه ٢ : ٨٢٠.
(٢) المستبشرون ( خ ل ).
(٣) وأسألك ( خ ل ).
(٤) فتق الشيء : شقّه.
(٥) رتق الشيء : سدّه وأغلقه.
(٦) عن البحار.
(٧) في البحار : يا ظاهراً.
(٨) الديجور : الظلمة.
كُنْهٍ ، وَمَعْرُوفاً بِغَيْرِ شِبْهٍ ، حادَّ كُلِّ مَحْدُودٍ ، وَشاهِدَ كُلِّ مَشْهُودٍ ، وَمُوجِدَ كُلِّ مَوْجُودٍ ، وَمُحْصِيَ كُلِّ مَعْدُودٍ ، وَفاقِدَ كُلِّ مَفْقُودٍ ، لَيْسَ دُونَكَ مِنْ مَعْبُودٍ ، أَهْلَ الْكِبْرِياءِ وَالْجُودِ.
يا مَنْ لا يُكَيَّفُ بِكَيْفٍ ، وَلا يُأَيَّنُ بِأَيْنٍ ، يا مُحْتَجِباً عَنْ كُلِّ عَيْنٍ ، يا دَيْمُومُ يا قَيُّومُ ، وَعالِمَ كُلِّ مَعْلُومٍ ، صَلِّ عَلى عِبادِكَ الْمُنْتَجَبِينَ ، وَبَشَرِكَ الْمُحْتَجِبِينَ وَمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ ، وَبُهَمِ (١) الصّافِّينَ الْحافِّينَ ، وَبارِكْ لَنا فِي شَهْرِنا هذَا الْمُرَجَّبِ الْمُكَرَّمِ وَما بَعْدَهُ مِنْ أَشْهُرِ الْحُرُمِ ، وَأَسْبِغْ عَلَيْنا فِيهِ النِّعَمَ ، وَأَجْزِلْ لَنا فِيهِ الْقِسَمَ ، وَأَبْرِرْ لَنا فِيهِ الْقَسَمَ.
بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ (٢) الْأَجَلِّ الْأَكْرَمِ الَّذِي وَضَعْتَهُ عَلَى النَّهارِ فَأَضاءَ وَعَلَى اللَّيْلِ فَأَظْلَمَ ، وَاغْفِرْ لَنا ما تَعْلَمُ مِنَّا وَما لا نَعْلَمُ ، وَاعْصِمْنا مِنَ الذُّنُوبِ خَيْرَ الْعِصَمِ وَاكْفِنا كَوافِي قَدَرِكَ ، وَامْنُنْ عَلَيْنا بِحُسْنِ نَظَرِكَ ، وَلا تَكِلْنا إِلى غَيْرِكَ ، وَلا تَمْنَعْنا مِنْ خَيْرِكَ ، وَبارِكْ لَنا فِيما كَتَبْتَهُ لَنا مِنْ أَعْمارِنا ، وَأَصْلِحْ لَنا خَبِيئَةَ أَسْرارِنا ، وَأَعْطِنا مِنْكَ الْأَمانَ ، وَاسْتَعْمِلْنا بِحُسْنِ الإِيمانِ ، وَبَلِّغْنا شَهْرَ الصِّيامِ ، وَما بَعْدَهُ مِنَ الْأَيَّامِ وَالْأَعْوامِ ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ (٣).
ومن الدّعوات كلّ يوم من رجب ، ما رويناه أيضاً عن جدّي أبي جعفر الطوسي قدّس الله روحه ، فقال : قال ابن عيّاش : وخرج إلى أهلي على يد الشيخ أبي القاسم رضياللهعنه في مقامه عندهم هذا الدّعاء في أيّام رجب : اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِالْمَوْلُودَيْنِ فِي رَجَبٍ ، مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيِّ الثَّانِي وَابْنِهِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُنْتَجَبِ ، وَأَتَقَرَّبُ بِهِما إِلَيْكَ خَيْرَ الْقُرَبِ ، يا مَنْ إِلَيْهِ الْمَعْرُوفُ طُلِبَ ، وَفِيما لَدَيْهِ رُغِبَ ، أَسْأَلُكَ سُؤَالَ مُعْتَرِفٍ (٤) مُذْنِبٍ قَدْ أَوْبَقَتْهُ (٥)
__________________
(١) بِهِم ( خ ل ) ، البهم جمع البهيمة ، يقال : هذا فرس بهم أي الذي لا يختلط لونه بشيء بغير لونه.
(٢) الأعظم الأعظم ( خ ل ).
(٣) عنه البحار ٩٨ : ٣٩٣ ، رواه الشيخ في مصباحه ٢ : ٨٠٣.
(٤) مقترف ( خ ل ).
(٥) أوبقته : أهلكته.
ذُنُوبُهُ ، وَأَوْثَقَتْهُ عُيُوبُهُ ، وَطالَ عَلَى الْخَطايا دُؤُوبُهُ ، وَمِنَ الرَّزايا خُطُوبُهُ ، يَسْأَلُكَ التَّوْبَةَ ، وَحُسْنَ الْأَوْبَةِ ، وَالنُّزُوعَ (١) مِنَ الْحَوْبَةِ ، وَمِنَ النَّارِ فَكاكَ رَقَبَتِهِ ، وَالْعَفْوَ عَمّا فِي رِبْقَتِهِ ، فَأَنْتَ يا مَوْلايَ (٢) أَعْظَمُ أَمَلِهِ وَثِقَتِهِ.
اللهُمَّ وَأَسْأَلُكَ بِمَسائِلِكَ الشَّرِيفَةِ ، وَوَسائِلِكَ الْمُنِيفَةِ ، أَنْ تَتَغَمَّدَنِي فِي هذَا الشَّهْرِ بِرَحْمَةٍ مِنْكَ واسِعَةٍ ، وَنِعْمَةٍ وازِعَةٍ ، وَنَفْسٍ بِما رَزَقْتَها قانِعَةٍ إِلى نُزُولِ الْحافِرَةِ ، وَمَحَلِّ الاخِرَةِ ، وَما هِيَ إِلَيْها (٣) صائِرَةُ (٤).
وأقول : وقد قدّمنا في دعاء أول يوم من رجب ما دعا به مولانا علي بن الحسين عليهالسلام في غرّة رجب في الحجر ، الذي أوّله : « يا مَنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السَّائِلِينَ » ، كما رويناه انه في أول يوم من الشهر ، وقد ذكره جدّي أبو جعفر الطوسي في أدعية كل يوم من شهر رجب ، فيدعى به كل يوم منه احتياطاً للفضل المكتسب.
فصل (٢٤)
فيما نذكره من فضل الاستغفار والتهليل والتوبة في شهر رجب
وجدنا ذلك مرويّاً عن النبي صلىاللهعليهوآله انّه قال :
من قال في رجب : اسْتَغْفِرُ اللهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ، مائة مرة ، وختمها بالصّدقة ، ختم الله له بالرّحمة والمغفرة ، ومن قالها أربعمائة مرة كتب الله له أجر مائة شهيد ، فإذا لقي الله يوم القيامة يقول له : قد أقررت بملكي فتمنّ عليّ ما شئت حتى أعطيك فإنّه لا مقتدر غيري.
وعنه عليهالسلام : من قال فيه : لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ ألف مرة ، كتب الله له مائة ألف حسنة ، وبني الله له مائة مدينة في الجنّة.
__________________
(١) النزوع : الانقطاع.
(٢) فأنت مولاي ( خ ل ).
(٣) اليه ( خ ل ).
(٤) عنه البحار ٩٨ : ٣٩٤ ، رواه الشيخ في مصباحه ٢ : ٨٠٥.
أقول : وفي رواية : من استغفر الله تعالى في رجب وسأله التوبة سبعين مرّة بالغداة وسبعين مرّة بالعشي ، يقول : اسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ، فإذا بلغ تمام سبعين مرة رفع يديه وقال : اللهُمَّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ ، فان مات في رجب مات مرضيّاً عنه ولا تمسّه النار ببركة رجب.
فصل (٢٥)
فيما نذكره من فضل قراءة « قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ » عشرة آلاف مرة في شهر رجب أو ألف مرة ، أو مائة مرّة
وجدنا ذلك مرويّاً عن النبي صلىاللهعليهوآله ، قال : قال رسول الله (١) صلىاللهعليهوآله :
من قرء في عمره عشرة آلاف مرة ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) بنيّة صادقة في شهر رجب ، جاء يوم القيامة خارجاً من ذنوبه كيوم ولدته أمّه ، فيستقبله سبعون ملكاً يبشّرونه بالجنّة.
وفي حديث آخر عن النبي صلىاللهعليهوآله :
من قرء ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ألف مرة ، جاء يوم القيامة بعمل ألف نبي وألف ملك ، ولم يكن أحد أقرب إلى الله الاّ من زاد عليه ، وانها لتضاعف في شهر رجب.
وفي حديث آخر عن النبي صلىاللهعليهوآله :
من قرأ ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) مائة مرة ، بورك له وعلى ولده وأهله وجيرانه ، ومن قرأها في رجب بني الله تعالى له اثنى عشر قصراً في الجنّة ، مكلّلة بالدّرّ والياقوت ، وكتب الله له ألف ألف حسنة.
ثم يقول : اذهبوا بعبدي فأروه ما أعددت له فيأتيه عشرة آلاف قهرمان ، وهم الذين وكلوا بمساكنه في الجنّة ، فيفتحون له ألف ألف قصر من در ، وألف ألف قصر من ياقوت أحمر ، كلّها مكلّلة بالدّرّ والياقوت والحليّ والحلل ، ما يعجز عنه الواصفون ولا يحيط
__________________
(١) قال النبي ( خ ل ).
بها الاّ الله تعالى ، فإذا رآها دهش (١) وقال : هذا لمن من الأنبياء؟ فيقال : هذا لك بقراءة ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ).
فصل (٢٦)
فيما نذكره ممّا كان مولانا علي بن الحسين عليهماالسلام يعمله ويذكره في سجوده في أيام رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي رحمهالله فقال ما هذا لفظه :
واعتمر علي بن الحسين عليهماالسلام في رجب ، وكان يصلّي عند الكعبة عامّة ليله ونهاره ، ويسجد عامّة ليله ونهاره ، وكان يسمع منه في سجوده : عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ الْعَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ ، لا يزيد على هذا مدّة مقامه (٢).
فصل (٢٧)
فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليهالسلام في أول يوم من رجب والإشارة إلى موضع ألفاظها من الكتب
اعلم انّ من أهم المهمات في أول يوم من رجب زيارة الحسين عليهالسلام ، امّا بقصد مشهده الشريف في هذا الميقات ، أو بالإيماء إليه بالزيارة من سائر الجهات ، وانّما أخّرنا ذكرها إلى أواخر فصول هذا اليوم السعيد لأنّ أعذار الناس في التّأخّر عن الزيارة من القريب أو البعيد أضعاف المتمكّنين من القصد إليه عليهالسلام ، فبدأنا في الفصول المذكورة بما هو أعمّ ، اغتناماً للمبادرة إلى الأعمال المشكورة (٣).
أقول : فممّا نذكره في فضل زيارة الحسين عليه أفضل السلام في أوّل رجب ،
__________________
(١) دهش : تحيّر.
(٢) رواه الشيخ في مصباحه ٢ : ٨٠١.
(٣) مصباح المتهجد ٢ : ٨٠١ ، مصباح الزائر : ٣٥٤ ، التهذيب ٦ : ٤٨ ، مسار الشيعة : ٧٠ ، كامل الزيارات : ١٧٢ ، عنه الوسائل ١٠ : ٣٤٦ ، البحار ١٠١ : ٨٩ مصباح الكفعمي : ٤٩١ ، المزار للمفيد : ٤٨.
ما رويناه بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي رحمهالله فقال :
روى بشير الدهان عن جعفر بن محمد عليهماالسلام قال : من زار الحسين بن علي عليهماالسلام أوّل يوم من رجب غفر الله له البتّة (١).
وامّا تعيين ألفاظ الزيارة في أول يوم من رجب ، فقد ذكرناها في كتاب مصباح الزائر وجناح المسافر ، وسوف نذكرها في ليلة نصف شعبان ، فإنّها أحقّ بها من هذا المكان.
وقد ذكرنا في عمل أوّل ليلة من رجب زيارة مختصّة بهذا الشهر كلّه ، فاجتهد فيما تقدّم على الظفر بفضله.
فصل (٢٨)
فيما نذكره من عمل الليلة الثانية من رجب
وجدناه في كتب العبادات في الروايات عن النبي صلىاللهعليهوآله : من صلّى في اللّيلة الثانية من رجب عشر ركعات بفاتحة الكتاب مرة و ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) مرة ، غفر الله له كلّ ذنب صغير وكبير ، وكتبه من المصلّين إلى السنة المقبلة وبرئ من النفاق كما قدّمناه في اللّيلة الأولة (٢).
فصل (٢٩)
فيما نذكره من فضل صوم يومين من رجب
روينا بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه من كتاب ثواب الأعمال وفي أماليه ، فيما رواه عن النبي صلىاللهعليهوآله فقال :
من صام من رجب يومين لم يصف الواصفون من أهل السماء والأرض ماله عند الله من الكرامة ، وكتب له من الأجر مثل أجور عشرة من الصّادقين في عمرهم ، بالغة
__________________
(١) عنه الوسائل ٨ : ٩٢ ، رواه في مصباح الكفعمي : ٥٢٤ عن مصباح الزائر.
(٢) ثواب الأعمال : ٧٧ ، فضائل الأشهر الثلاثة : ٢٥ ، أمالي الصدوق. ٤٣٠.
أعمارهم ما بلغت ، ويشفّع يوم القيامة في مثل ما يشفّعون فيه ويحشر معهم في زمرتهم حتى يدخل الجنّة ويكون من رفقائهم (١).
فصل (٣٠)
فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة من رجب
وجدناه في كتب العبادة مرويّاً عن سيّدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله في ذخائر السعادة ، قال : من صلّى في الليلة الثالثة من رجب عشر ركعات ، يقرء في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرة و ( إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ) خمس مرات ، بنى الله له قصراً في الجنّة ، عرضه وطوله أوسع من الدنيا سبع مرّات ، ونادى مناد من السماء : بشروا وليّ الله بالكرامة العظمى ومرافقة النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين (٢).
فصل (٣١)
فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة أيام من رجب وصلاة في اليوم الثالث
روينا ذلك بإسنادنا إلى ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه بإسناده إلى النبي صلىاللهعليهوآله قال : من صام من رجب ثلاثة أيام جعل الله بينه وبين النار خندقاً وحجاباً ، طوله مسيرة سبعين عاماً ، ويقول الله عزّ وجلّ له عند إفطاره : لقد وجب حقك عليّ ووجبت لك محبّتي وولايتي ، أشهدكم ملائكتي أنّي قد غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر (٣).
وامّا الصلاة في اليوم الثالث من رجب :
فاننا وجدناها في بعض كتب العبادات المتضمّنة لما يبقى من السعادات عن النبي
__________________
(١) ثواب الأعمال : ٧٩ ، فضائل الأشهر الثلاثة : ٢٥ ، أمالي الصدوق : ٤٣٠ ، عنهم البحار ٩٧ : ٢٧.
(٢) عنه الوسائل ٨ : ٩٢ ، رواه في مصباح الكفعمي : ٥٢٤ عن مصباح الزائر.
(٣) ثواب الأعمال : ٧٨ ، فضائل الأشهر الثلاثة : ٢٥ ، أمالي الصدوق : ٤٣٠ ، عنهم البحار ٩٧ : ٢٧.