الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: سعيد
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٢
وقت فريضة ، ارأيت لو كان عليك صوم من شهر رمضان ، اكان لك ان تتطوع حتى تقتضيه » ، قال ، قلت : لا ، قال : « فكذلك الصلاة » قال : فقايسني ، وما كان يقايسني .
٤٧ ـ ( باب جواز قضاء الفرائض في وقت الفريضة الحاضرة ما لم يتضيق وحكم تقديم الفائتة على الحاضرة )
٣٢٦٧ / ١ ـ دعائم الإِسلام : عن جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) ، انه قال : « من فاتته صلاة حتى دخل وقت صلاة اخرى ، فان كان في الوقت سعة بدأ بالتي فاتته ، وصلى التي هو منها في وقت ، وان لم يكن في الوقت (١) الا مقدار ما يصلي فيه التي هو في وقتها بدأ بها ، وقضى بعدها الصلاة الفائتة » .
٣٢٦٨ / ٢ ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : عن رجل نام ونسي فلم يصلّ المغرب والعشاء ، قال : « ان استيقظ قبل الفجر بقدر ما يصلّيهما جميعاً يصلّيهما ، وإن خاف أن يفوته أحدهما فليبدأ بالعشاء الآخرة » .
__________________________
الباب ـ ٤٧
١ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ١٤١ ، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٣٢٥ ح ٣ .
(١) في المصدر زيادة : سعة .
٢ ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) ص ١٠ ، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٣٢٤ ح ٢ .
٤٨ ـ ( باب وجوب الترتيب بين الفرائض أداء وقضاء ، ووجوب العدول بالنيّة إلى السابقة ، إذا ذكرها في أثناء الصلاة أداء وقضاء ، جماعة ومنفرداً )
٣٢٦٩ / ١ ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : عن رجل نسي الظهر حتى صلّى العصر ، قال : « يجعل صلاة العصر التي صلّى الظهر ، ثم يصلّي العصر بعد ذلك » .
وعن رجل نام ونسي فلم يصلّي المغرب والعشاء ـ الى أن قال ـ : « وإن استيقظ بعد الصبح فليصلّ الصبح ، ثم المغرب ، ثم العشاء ، قبل طلوع الشمس » .
٣٢٧٠ / ٢ ـ دعائم الإِسلام : وروينا عن جعفر بن محمد ( عليه السلام ) أنّ رجلاً سأله فقال : يا بن رسول الله ، ما تقول في رجل نسي صلاة الظهر حتى صلّى ركعتين من العصر ؟ قال : « فيجعلهما الظهر (١) ، ثم يستأنف العصر » قال : فإن نسي المغرب حتى صلّى ركعتين من العشاء (٢) ؟ قال : « يتمّ صلاته ، ثم يصلّي المغرب بعد » قال له الرجل : جعلت فداك ( يا بن رسول الله ) (٣) ، ما الفرق بينهما ؟ قال : « لأنّ العصر ليس بعدها صلاة ، يعني لا يتنفّل بعدها ، والعشاء الآخرة يصلّي بعدها ما شاء » .
__________________________
الباب ـ ٤٨
١ ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) ص ١٠ ، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٢١٦ .
٢ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ١٤١ ، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٣٢٥ ح ٣ .
(١) في المصدر : فليجعلهما للظهر .
(٢) في المصدر زيادة : الآخرة .
(٣) ليس في المصدر .
٣٢٧١ / ٣ ـ وعنه ( عليه السلام ) : أنّه سئل عن رجل نسي صلاة الظهر حتى صلّى العصر ، قال : « يجعل التي صلّى الظهر ، ويصلّي العصر » قيل : فإن نسي المغرب حتى صلّى العشاء الآخرة ؟ قال : « يصلّي المغرب ، ثم العشاء الآخرة » .
قال في البحار في الخبر الأول : لم أر قائلاً به ، وحمل على ما إذا تضيّق وقت العشاء دون العصر ، وإن كان التعليل يأبى عنه لمعارضته للأخبار الكثيرة ، ويمكن حمله على التقيّة والتعليل ربّما يؤيده ، انتهى .
٣٢٧٢ / ٤ ـ السيّد عليّ بن طاووس في رسالة المواسعة ، عن كتاب الصلاة للحسين بن سعيد الأهوازي : عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الحسن بن زياد الصيقل ، قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن رجل نسي الاُولى حتى صلّى ركعتين من العصر ، قال : « فليجعلهما الاولى وليستأنف العصر » قلت : فإن نسي المغرب حتى صلّى ركعتين من العشاء ثم ذكر ؟ قال : « فليتم صلاته ، ثم يقضي بعد المغرب » قال : قلت : جعلت فداك ، متى نسي الظهر ثم ذكر وهو في العصر يجعلها الاُولى ثم يستأنف ، وقلت لهذا يقضي صلاته بعد المغرب ؟ ! فقال : « ليس هذا مثل هذا ، إنّ العصر ليس بعدها صلاة والعشاء بعدها صلاة » .
٣٢٧٣ / ٥ ـ وعن كتاب النقض على من أظهر الخلاف على أهل البيت ( عليهم السلام ) للحسين بن عبيد الله بن عليّ الواسطي : عن الصادق
__________________________
٣ ـ دعائم الاسلام ج ١ ص ١٤١ باختلاف يسير في لفظه ، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٣٢٥ ح ٣ .
٤ ـ رسالة المواسعة ص ١ ، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٣٢٩ .
٥ ـ رسالة المواسعة ص ٢ ، وعنه في البحار ج ٨٨ ص ٣٣٠ .
جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) أنّه قال : « من كان في صلاة ثم ذكر صلاة اُخرى فاتته أتمّ التي هو فيها ، ثم يقضي ما فاتته » .
٤٩ ـ ( باب نوادر ما يتعلّق بأبواب المواقيت )
٣٢٧٤ / ١ ـ عليّ بن إبراهيم في تفسيره : ( أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ) قال : « دلوكها زوالها ، و : ( غَسَقِ اللَّيْلِ ) انتصافه ، ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ) صلاة الغداة ، ( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) قال : تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار » .
ثم قال : ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ ) قال : « صلاة الليل » .
٣٢٧٥ / ٢ ـ العيّاشي : عن أبي هاشم الخادم ، عن أبي الحسن الماضي ( عليه السلام ) قال : « ما بين غروب الشمس الى سقوط القرص غسق » .
٣٢٧٦ / ٣ ـ الطبرسي في مجمع البيان : في قوله تعالى ( رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ ) (١) . الآية عن أبي جعفر وأبي عبد الله ( عليهما السلام ) : « إنّهم قوم إذا حضرت الصلاة تركوا التجارة ، وانطلقوا الى الصلاة ، وهم أعظم أجراً ممّن ( لم ) (٢) يتّجر » .
__________________________
الباب ـ ٤٩
١ ـ تفسير القمي ج ٢ ص ٢٥ ، والآيتان في سورة الإِسراء ١٧ : ٧٨ ، ٧٩ .
٢ ـ تفسير العياشي ج ٢ ص ٣١٠ ح ١٤٤ ، وعنه في البحار ج ٨٢ ص ٣٥٩ ح ٤١ .
٣ ـ مجمع البيان ج ٧ ص ١٤٥ .
(١) النور ٢٤ : ٣٧ .
(٢) ليس في المصدر .
٣٢٧٧ / ٤ ـ الصدوق في الخصال : عن الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري ، عن عمه ، عن أبي إسحاق قال : أملى علينا تغلب (١) ساعات الليل : الغسق ، والفحمة ، والعشوة ، والهداة ، والسباع (٢) ، والجنح ، والهزيع ، والفقد (٣) ، والزلفة ، والسحرة ، والبهرة .
٣٢٧٨ / ٥ ـ عليّ بن إبراهيم في تفسيره : عن أبيه ، عن إسماعيل بن أبان ، عن عمر بن أبان (١) الثقفي قال : سأل النصرانيّ الشاميّ الباقر ( عليه السلام ) عن ساعة ما هي من الليل ولا هي من النهار ، أيّ ساعة هي ؟ قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس » قال النصراني : إذا لم يكن من ساعات الليل ولا من ساعات النهار فمن أيّ ساعات هي ؟ فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « من ساعات الجنّة ، وفيها تفيق مرضانا » فقال النصراني : أصبت .
٣٢٧٩ / ٦ ـ زيد النرسي في أصله : قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : « إنّ الشمس تطلع كلّ يوم بين قرني شيطان إلّا صبيحة [ ليلة ] (١) القدر » .
__________________________
٤ ـ الخصال ص ٤٨٨ ح ٦٧ .
(١) في المصدر : ثعلب .
(٢) ليس في المصدر .
(٣) في المصدر زيادة : والعقر .
٥ ـ تفسير القمي ج ١ ص ٩٨ .
(١) في المصدر : عبد الله ، ولعل الصواب : عمرو بن عبد الله الثقفي ، أنظر « رجال الشيخ ص ١٢٨ رقم ٢١ » .
٦ ـ كتاب زيد النرسي ص ٥٥ .
(١) أثبتناه من المصدر .
٣٢٨٠ / ٧ ـ عوالي اللآلي : روى خباب بن الأرت قال : ربّما شكونا الى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) الرمضاء (١) فلم يشكنا .
٣٢٨١ / ٨ ـ القطب الراوندي في لبّ اللباب : عن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) قال : « رحم الله عبداً قام من الليل فصلّى ، وأيقظ أهله فصلّوا » .
٣٢٨٢ / ٩ ـ ابن أبي جمهور في درر اللآلي : عن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) أنّه قال : « لا يغلبنّكم الأعراب على اسم صلاتكم ، فإنّها العشاء ، وإنّهم يعتمون بالإِبل » ، وذلك لأنّهم كانوا يعتمون بالحلب ، أي يؤخّرون حلبها الى أن يعتم الليل ، ويسمّون الحلبة العتمة باسم عتمة الليل ، وعتمته : ظلامه .
__________________________
٧ ـ عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٢ ح ٦ .
(١) الرمضاء : الحجارة الحامية من حرّ الشمس ( لسان العرب ج ٧ ص ١٦٠ ، ومجمع البحرين ج ٤ ص ٢٠٩ ـ رمض ـ ) .
٨ ـ لبّ اللباب : مخطوط .
٩ ـ درر اللآلي ج ١ ص ١١٦ .
أبواب القبلة
١ ـ ( باب وجوب استقبال القبلة في الصلاة )
٣٢٨٣ / ١ ـ الصدوق في الخصال : عن ستة من مشايخه ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا ، عن بكر بن عبد الله بن حبيب ، عن تميم بن بهلول ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : « فرائض الصلاة سبع : الوقت ، والطهور ، والتوجّه ، والقبلة ، والركوع ، والسجود ، والدعاء » .
ورواه في الهداية مرسلاً عنه ( عليه السلام ) ، مثله (١) .
٣٢٨٤ / ٢ ـ البحار ، عن كتاب العلل لمحمد بن عليّ بن إبراهيم : عن أبيه ، عن جدّه ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن كبار حدود الصلاة ؟ فقال : « سبعة : الوضوء ، والوقت ، والقبلة ، وتكبيرة الإِفتتاح ، والركوع ، والسجود ، والدعاء » .
__________________________
أبواب القبلة
الباب ـ ١
١ ـ الخصال ص ٦٠٣ ح ٩ ، وعنه في البحار ج ٨٣ ص ١٦٠ ح ١ .
(١) الهداية ص ٢٩ ، وعنه في البحار ج ٨٣ ص ١٦٣ ح ٤ .
٢ ـ البحار ج ٨٣ ص ١٦٣ .
٣٢٨٥ / ٣ ـ القطب الراوندي في فقه القرآن : عنهما ( عليهما السلام ) في قوله تعالى : ( وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) (١) « في الفرض » ، وقوله تعالى : ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّـهِ ) (٢) قالا : « هو في النافلة » .
٣٢٨٦ / ٤ ـ دعائم الإِسلام : عن جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) ، في قول الله عز وجل : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ) (١) قال : « أمره أن يقيمه للقبلة حنيفا ، ليس فيه شيء من عبادة الأوثان » .
٣٢٨٧ / ٥ ـ العياشي في تفسيره : عن أبي بصير ، عن أحدهما ( عليهما السلام ) ، في قول الله تعالى : ( وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) (١) قال : « هو إلى القبلة » .
٣٢٨٨ / ٦ ـ وعن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله ( عليهما السلام ) عن قوله تعالى : ( وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) (١) قال : « مساجد محدثة فاُمروا أن يقيموا وجوههم شطر المسجد الحرام » .
وأبو بصير ، عن أحدهما ( عليهما السلام ) قال : « هو الى القبلة ،
__________________________
٣ ـ فقه القرآن ج ١ ص ٩١ ، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٤٩ ح ٣ .
(١) البقرة ٢ : ١٤٤ ، وفي المصدر ـ بعد ذكر الآية ـ زيادة : روي عن الباقر والصادق ( عليهما السلام ) أنّ ذلك . .
(٢) البقرة ٢ : ١١٥ .
٤ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ١٣١ ، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٧٠ ح ٢٧ .
(١) الروم ٣٠ : ٣٠ .
٥ ـ تفسير العياشي ج ٢ ص ١٢ ح ٢٠ ، والبحار ج ٨٤ ص ٦٦ ح ٢٩ .
(١) الأعراف ٧ : ٢٩ .
٦ ـ تفسير العياشي ج ٢ ص ١٢ ح ١٩ و ٢٠ ، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٦٦ ح ٢٠ .
(١) الأعراف ٧ : ٢٩ .
ليس فيها عبادة الأوثان خالصاً مخلصاً » .
٢ ـ ( باب أنّ القبلة هي الكعبة مع القرب ، وجهتها مع البعد )
٣٢٨٩ / ١ ـ السيّد عليّ بن طاووس في فلاح السائل : رأيت في الأحاديث المأثورة أنّ الله تعالى أمر آدم ( عليه السلام ) أن يصلّي الى المغرب ، ونوحاً ( عليه السلام ) أنّ (١) يصلّي الى المشرق ، وإبراهيم ( عليه السلام ) [ أن ] (٢) يجمعهما (٣) ، فلمّا بعث موسى ( عليه السلام ) أمره أن يحيي دين آدم ( عليه السلام ) ، ولمّا بعث عيسى ( عليه السلام ) أمره أن يحيي دين نوح ( عليه السلام ) ، ولمّا بعث محمداً ( صلّى الله عليه وآله ) أمره أن يحيي دين إبراهيم ( عليه السلام ) .
٣٢٩٠ / ٢ ـ أحمد بن محمد البرقي في المحاسن : عن أبيه ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن بشير في حديث سليمان مولى طربال ، قال : ذكرت هذه الأهواء عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : « لا والله ، ما هم على شيء ممّا جاء به رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) إلّا استقبال الكعبة فقط » .
٣٢٩١ / ٣ ـ عليّ بن إبراهيم في تفسيره : وفي رواية أبي الجارود ، عن
__________________________
الباب ـ ٢
١ ـ فلاح السائل ص ١٢٨ ، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٥٧ ح ٩ .
(١) ليس في المصدر .
(٢) أثبتناه من المصدر .
(٣) في المصدر زيادة : وهي الكعبة .
٢ ـ المحاسن ج ١٥٦ ح ٨٩ وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٥٨ ح ١٠ .
٣ ـ تفسير القمي ج ١ ص ١٠٥ .
أبي جعفر ( عليه السلام ) في قوله تعالى : ( وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) (١) : « فإنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) لما قدم المدينة وهو يصلي نحو البيت المقدس أعجب ذلك اليهود ، فلمّا صرفه الله عن بيت المقدس الى بيت ( الله ) (٢) الحرام وَجَدَت (٣) ( اليهود من ذلك ) (٤) ، وكان صرف القبلة صلاة الظهر فقالوا : صلّى محمد الغداة واستقبل قبلتنا فآمنوا بالذي انزل على محمد وجه النهار واكفروا آخره ، يعنون القبلة ، حين استقبل رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) المسجد الحرام ، لعلّهم يرجعون الى قبلتنا » .
٣٢٩٢ / ٤ ـ وقال في قوله تعالى : ( سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ) (١) فان هذه الآية متقدمة على قوله : ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ) (٢) وانه (٣) نزل اولا : ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ) ثم نزل ( سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ ) الآية ، وذلك ان اليهود كانوا يعيرون رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، ويقولون له : انت تابع لنا تصلي الى قبلتنا ، فاغتم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، من ذلك غما شديدا ، وخرج
__________________________
(١) آل عمران ٣ : ٧٢ .
(٢) لفظة الجلالة لم ترد في المصدر .
(٣) وَجَدَ عليه ، يَجُد ويَجِد : غضب ( لسان العرب ـ وجد ـ ج ٣ ص ٤٤٦ ) .
(٤) ما بين القوسين ليس في المصدر .
٤ ـ تفسير علي بن ابراهيم ج ١ ص ٦٢ ، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٦١ ح ١٣ .
(١) البقرة ٢ : ١٤٢ .
(٢) البقرة ٢ : ١٤٤ .
(٣) في المصدر : لأنه .
في جوف الليل ينظر في آفاق السماء ، وينتظر امر الله تبارك وتعالى في ذلك ، فلما اصبح وحضرت صلاة الظهر ، وكان في مسجد بني سالم ، قد صلى بهم الظهر ركعتين ، فنزل عليه جبرئيل فأخذ بعضديه ، فحوله الى الكعبة ، فأنزل الله عليه : ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) فصلّى ( ركعتين الى بيت المقدس ) (٤) ، وركعتين الى الكعبة ، فقالت اليهود والسفهاء : ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها . وتحولت القبلة الى الكعبة ، بعدما صلى النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، بمكة ثلاث عشرة سنة الى بيت المقدس ، وبعد مهاجرته الى المدينة ، صلى الى بيت المقدس سبعة اشهر ، ثم حول الله عز وجل القبلة الى البيت الحرام ، هكذا فيما عندنا من نسخ التفسير .
قال الشيخ الطبرسي في مجمع البيان (٥) : عن البراء بن عازب قال : صليت مع رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، نحو البيت المقدس ستة عشر شهرا ، او سبعة عشر شهرا ، ثم صرفنا نحو الكعبة .
اورده مسلم في الصحيح (٦) .
وعن انس بن مالك : انما كان تسعة اشهر ، او عشرة اشهر .
وعن معاذ بن جبل : ثلاثة عشر شهرا .
ورواه علي بن ابراهيم (٧) : بإسناده عن الصادق ( عليه السلام ) ، قال : « تحولت القبلة الى الكعبة ، بعد ما صلى النبي
__________________________
(٤) ما بين القوسين ليس في المصدر .
(٥) مجمع البيان ج ١ ص ٢٢٣ .
(٦) صحيح مسلم ج ١ ص ٣٧٤ ح ١٢ .
(٧) تفسير علي بن ابراهيم ج ١ ص ٦٣ .
( صلّى الله عليه وآله ) بمكة ثلاثة عشر سنة ، الى بيت المقدس ، وبعد مهاجرته الى المدينة ، صلى الى بيت المقدس سبعة أشهر .
قال : ثم وجهه الله الى الكعبة ، وذلك ان اليهود ـ وساق كما نقلناه الى قوله ـ كانوا عليها » والظاهر انه اخرجه من غير تفسيره ، او من النسخة الاخرى منه ، فان لتفسيره نسختان كبيرة وصغيرة ، والله العالم .
٣٢٩٣ / ٥ ـ محمد بن مسعود العياشي : عن ابي عمرو الزبيري ، عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : « لما صرف الله نبيّه الى الكعبة عن بيت المقدس ، قال المسلمون للنبي ( صلّى الله عليه وآله ) : أرأيت صلاتنا التي كنّا نصلّي الى بيت المقدس [ ما حالنا فيها ، وما حال من مضى من أمواتنا وهم يصلّون إلى بيت المقدس ] (١) ؟ فأنزل الله ( وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٢) فسمّى الصلاة إيماناً » (٣) .
٣٢٩٤ / ٦ ـ محمد بن ابراهيم النعماني في تفسيره : عن احمد بن محمد بن عقدة ، عن جعفر بن احمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي ، عن اسماعيل بن مهران ، عن الحسن بن علي بن ابي حمزة ، عن أبيه ، عن اسماعيل بن جابر ، عن ابي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ، عن
__________________________
٥ ـ تفسير العيّاشي ج ١ ص ٦٣ ح ١١٥ .
(١) أثبتناه من المصدر .
(٢) البقرة ٢ : ١٤٣ .
(٣) يأتي في الباب ١٤ ح ١ عن البحار عن تفسير سعد بن عبد الله مثله .
٦ ـ تفسير النعماني ص ١٢ ، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٦٦ ح ٢١ .
امير المؤمنين ( عليهما السلام ) ، قال : « ان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، لما بعث كانت الصلاة الى (١) بيت المقدس ، فكان في اول مبعثه يصلي الى بيت المقدس ، جميع ايام مقامه بمكة ، وبعد هجرته الى المدينة بأشهر ، فعيّرته اليهود وقالوا : انت تابع لقبلتنا ، فأنف رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ذلك منهم ، فأنزل الله تعالى عليه ، وهو يقلب وجهه في السماء ، وينتظر الأمر : ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَا ـ الى قوله ـ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ) (٢) يعني اليهود في هذا الموضع ، ثم اخبرنا الله عز وجل العلة التي من اجلها لم يحول قبلته من اول مبعثه ، فقال تبارك وتعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا ـ الى قوله ـ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٣) فسمى سبحانه الصلاة هاهنا ايمانا » .
٣٢٩٥ / ٧ ـ البحار عن تفسير سعد بن عبد الله القمي ، برواية ابن قولويه عنه ، باسناده الى الصادق ( عليه السلام ) ، قال : « قال امير المؤمنين ( عليه السلام ) : ان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، لما بعث كانت القبلة الى بيت المقدس ، على سنة بني اسرائيل ، وذلك ان الله تبارك وتعالى ، اخبرنا في القرآن ، انه امر موسى بن عمران ان يجعل بيته قبلة ، في قوله : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ) (١) .
وكان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) على هذا يصلي الى بيت
__________________________
(١) في المصدر زيادة : قبلة .
(٢) البقرة ٢ : ١٤٤ ـ ١٥٠ .
(٣) البقرة ٢ : ١٤٣ .
٧ ـ البحار ج ٨٤ ص ٧١ ح ٣١ .
(١) يونس ١٠ : ٨٧ .
المقدس ، مدة مقامه بمكة وبعد الهجرة اشهرا ، حتى عيرته اليهود ، وقالوا : انت تابع لنا ، تصلي الى قبلتنا ، وبيوت نبينا ، فاغتم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) لذلك ، واحب ان يحول الله قبلته الى الكعبة ، وكان ينظر في افاق السماء ، ينتظر امر الله ، فأنزل الله عليه ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ ـ إلى قوله ـ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ) (٢) يعني اليهود .
٣٢٩٦ / ٨ ـ الطبرسي في الاحتجاج : بالاسناد الى الإمام ابي محمد العسكري ( عليه السلام ) ، قال : « لما كان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) بمكة ، امره الله تعالى ان يتوجه نحو البيت المقدس في صلاته ، ويجعل الكعبة بينه وبينها اذا امكن ، واذا لم يتمكن استقبل البيت المقدس كيف كان ، وكان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) يفعل ذلك طول مقامه بها ، ثلاث عشرة سنة ، فلما كان بالمدينة ، وكان متعبدا باستقبال بيت المقدس ، استقبله وانحرف عن الكعبة ، سبعة عشر شهرا او ستة عشر شهرا (١) ، وجعل قوم من مردة اليهود يقولون : والله ما درى محمد كيف صلّى ، حتى صار يتوجه الى قبلتنا ، ويأخذ في صلاته بهدينا ونسكنا ، فاشتد ذلك على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، لما اتصل به عنهم ، وكره قبلتهم ، واحب الكعبة ، فجاءه جبرئيل ، فقال له رسول الله
__________________________
(٢) البقرة ٢ : ١٤٤ ـ ١٥٠ .
٨ ـ الإِحتجاج ص ٤٠ ، باختلاف بسيط في الألفاظ ، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٥٩ ح ١٢ .
(١) في هامش المخطوط : « ليس هذا الترديد في بعض النسخ ، وعلى تقديره فهو إمّا من الراوي أو منه ( عليه السلام ) مشيراً إلى اختلاف العامّة فيه » ( منه قدّس سرّه ) .
( صلّى الله عليه وآله ) : يا جبرئيل ، لوددت لو صرفني الله عن بيت المقدس الى الكعبة ، فقد تأذيت بما يتصل بي من قبل اليهود من قبلتهم ، فقال جبرئيل : فسل ربك ان يحولك اليها ، فانه لا يردك عن طلبتك ، ولا يخيبك من بغيتك ، فلما استتم دعاؤه ، صعد جبرئيل ثم عاد من ساعته ، فقال : اقرأ يا محمد ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) (٢) . . . . الآيات ، فقالت اليهود عند ذلك : ( مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ) (٣) فأجابهم الله بأحسن جواب فقال : ( قُل لِّلَّـهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) (٤) وهو يملكهما ، وتكليفه التحول الى جانب ، كتحويله لكم الى جانب آخر ( يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (٥) هو مصلحهم ، وتؤديهم طاعتهم الى جنات النعيم » .
٣٢٩٧ / ٩ ـ قال ابو محمد ( عليه السلام ) : « وجاء قوم من اليهود الى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، فقالوا : يا محمد هذه القبلة بيت المقدس ، قد صليت اليها اربع عشرة سنة ، ثم تركتها الآن ، افحقا كان ما كنت عليه ؟ فقد تركته الى باطل ، فانما يخالف الحق الباطل ، او باطلا كان ذلك ؟ فقد كنت عليه طول هذه المدة ، فما يؤمننا ان تكون الآن على باطل ؟ فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : بل ذلك كان حقا وهذا حقّ ، يقول الله : ( قُل لِّلَّـهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (١) اذا عرف صلاحكم يا ايها العباد في استقبال (٢)
__________________________
(٢) البقرة ٢ : ١٤٤ .
(٣ ، ٤ ، ٥) البقرة ٢ : ١٤٢ .
٩ ـ الاحتجاج ص ٤١ .
(١) البقرة ٢ : ١٤٢ .
(٢) في المصدر : استقبالكم .
المشرق امركم به ، واذا عرف صلاحكم في استقبال المغرب امركم به ، وان عرف صلاحكم في غيرهما امركم به ، فلا تنكروا تدبير الله في عباده ، وقصده الى مصالحكم ، ثم قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : قد تركتم العمل يوم السبت ، ثم عملتم بعده سائر الأيام ، ثم تركتموه في السبت ثم عملتم بعده ، افتركتم الحق الى الباطل والباطل الى حق ؟ او الباطل الى باطل ؟ او الحق الى حق ؟ قولوا كيف شئتم ، فهو قول محمد ( صلّى الله عليه وآله ) وجوابه لكم ، قالوا : بل ترك العمل في السبت حق ، والعمل بعده حق ، فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : فكذلك قبلة بيت المقدس في وقته حق ، ثم قبلة الكعبة في وقته حق ، فقالوا : يا محمد ، أفبدا لربك فيما كان امرك به بزعمك من الصلاة الى بيت المقدس ، حين (٣) نقلك الى الكعبة ؟ فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : ما بدا له عن ذلك ، فانه العالم بالعواقب ، والقادر على المصالح ، لا يستدرك على نفسه غلطا ، ولا يستحدث رأيا يخالف (٤) المتقدم ، جل عن ذلك ، ولا يقع أيضا عليه مانع يمنعه عن مراده ، وليس يبدو الا لمن كان هذا وصفه ، وهو عز وجل متعال عن هذه الصفات علوا كبيرا .
ثم قال لهم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : ايها اليهود ، اخبروني عن الله ، أليس يُمرض ثم يُصح ؟ ويصح ثم يمرض ؟ أبدا له في ذلك ؟ اليس يحيي ويميت ؟ ( أليس يأتي بالليل في أثر النهار ثم بالنهار في أثر الليل ) (٥) ؟ أبدا له في كل واحد من ذلك ؟ قالوا : لا ، قال : فكذلك الله تَعبَّد نبيّه محمداً ( صلّى الله عليه وآله ) ، بالصلاة الى
__________________________
(٣) في المصدر : حتى .
(٤) وفيه : بخلاف .
(٥) ما بين القوسين ليس في المصدر .
الكعبة ، بعد أن (٦) تَعبَّده بالصلاة الى بيت المقدس ، وما بدا له في الأول ـ ثم قال : ـ أليس الله يأتي بالشتاء في أثر الصيف ؟ والصيف في اثر الشتاء ؟ ابدا له في كل واحد من ذلك ؟ قالوا : لا ، قال : فكذلك لم يبد له في القبلة .
قال ، ثم قال : اليس قد الزمكم في الشتاء ان تحترزوا من البرد بالثياب الغليظة ؟ والزمكم في الصيف ان تحترزوا من الحر ؟ فبدا له في الصيف حتى امركم بخلاف ما كان امركم به في الشتاء ؟ قالوا : لا ، قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : فكذلك تعبدكم في وقت لصلاح يعلمه بشيء ، ثم بعده (٧) في وقت آخر لصلاح آخر يعلمه بشيء آخر ، فاذا اطعتم الله في الحالين استحققتم ثوابه ، وانزل الله ( وَلِلَّـهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّـهِ ) (٨) اي اذا توجهتم بأمره ، فثم الوجه الذي تقصدون منه الله وتأملون ثوابه .
ثم قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : يا عباد الله ، انتم كالمرضى والله رب العالمين كالطبيب ، فصلاح المرضى فيما يعلمه (٩) الطبيب [ و ] (١٠) يدبره به ، لا فيما يشتهيه المريض ويقترحه ، الا فسلموا لله امره تكونوا من الفائزين .
فقيل له : يا ابن رسول الله ، فلم امر بالقبلة الاولى ؟ فقال : لما قال الله عز وجلّ : ( وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا ) وهي بيت
__________________________
(٦) وفيه زيادة : كان .
(٧) في المصدر : تعبّدكم .
(٨) البقرة ٢ : ١١٥ .
(٩) في المصدر : يعمله .
(١٠) أثبتناه من المصدر .
المقدس ( إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ) (١١) الا لنعلم ذلك منه موجودا ، بعد ان علمناه سيوجد ذلك ، ان هوى اهل مكة كان في الكعبة ، فأراد الله ان يبين متبع (١٢) محمد ( صلّى الله عليه وآله ) من مخالفه (١٣) ، باتباع القبلة التي كرهها ، ومحمد ( صلّى الله عليه وآله ) يأمر بها ، ولما كان هوى اهل المدينة في بيت المقدس ، امرهم مخالفتها والتوجه الى الكعبة ، ليتبين (١٤) من يوافق محمدا ( صلّى الله عليه وآله ) فيما يكرهه ، فهو مصدقه وموافقه .
ثم قال : ( وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّـهُ ) (١٥) انما كان التوجه الى بيت المقدس ، في ذلك الوقت كبيرة ، الا على من يهدي الله ، فعرف ان الله يُتعبّد بخلاف ما يريده المرء ، ليبتلي طاعته في مخالفته هواه » .
٣٢٩٨ / ١٠ ـ السيد الرضي ( رحمه الله ) في تفسيره الكبير المسمى بحقائق التأويل : في قوله تعالى : ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا ) (١) ان فيه اقوالا منها : ان يكون المراد بذلك ، ان اول بيت وضع لعبادة المكلفين ، قبلة لصلاتهم ، وغاية لحجّهم ، ومؤدّى لمناسكهم ، هذا البيت الذي ببكة ، وان كان من قبلة بيوت ليست هذه صفتها ، وهذا القول مروي عن امير المؤمنين ( عليه السلام ) .
__________________________
(١١) البقرة ٢ : ١٤٣ .
(١٢) في المصدر : متبعي .
(١٣) وفيه : ممّن خالفه .
(١٤) وفيه : ليُبيّن .
(١٥) البقرة ٢ : ١٤٣ .
١٠ ـ حقائق التأويل ص ١٧٤ .
(١) آل عمران ٣ : ٩٦ .
٣٢٩٩ / ١١ ـ جعفر بن احمد القمي في كتاب الغايات : عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : « قال النبي ( صلّى الله عليه وآله ) : لم يعمل ابن آدم عملا ، اعظم عند الله تعالى ، من رجل قتل نبيا او اماما ، او هدم الكعبة التي جعلها الله قبلة لعباده » . . . . الخبر .
٣٣٠٠ / ١٢ ـ عوالي اللآلي : عن اسامة بن زيد ، ان النبي ( صلّى الله عليه وآله ) قبّل الكعبة وقال : « هذه هي القبلة » .
قلت : الحق ان الكعبة هي القبلة للقريب والبعيد ، وفاقا للفقيه النبيه الشيخ موسى النجفي ، قال في شرح الرسالة : والذي يظهر من الكتاب والسنة ، انها شرفها الله ، كبيت المقدس من قبل نسخه ، قبلة لجميع العالم ، يستوي فيها الداني والقاصي ، المشاهد وغيره ، المتمكن وغيره ، لا يشترك معها غيرها من مسجد حرام او حرم ، الا ان الشيء كلما بعد اتسعت دائرة استقباله عرفا ، وصدق عليه الاستقبال حقيقة ، كاشتراك الناس في رؤية الشمس والقمر والكواكب على حد سواء ، ولا عبرة بالمداقة الحكمية ، وفرض الخطوط المتوازية في الصدق العرفي ، وكلما عسر تحريه للبعد عنه يتسامح في استقباله ، ويكون صدق الاستقبال له عادة وعرفا ، انما هو على حسب ما يتحراه المستقبل ، من مرتبة العلم الى الظن ، الى الشك ، الى الوهم ، كما هو غير خفي ، فالاتساع في القبلة في البعد من حيثية الاستقبال ، لا من حيثية الاتساع بالقبلة ، والا فالقبلة عين واحدة ، لا زيادة فيها ولا نقص الى آخر ما ذكره . وتبعه عليه المحقق صاحب المستند (١) ، وهذا
__________________________
١١ ـ الغايات ص ٨٦ .
١٢ ـ عوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٧ ح ٦٤ .
(١) المستند ج ١ ص ٢٥٥ .
هو الظاهر من صاحب الجواهر في نجاة العباد (٢) ، وان ذكر الشيخ الاعظم في الحاشية (٣) في هذا المقام ، ما يحتاج الى التأمل ، وتمام الكلام في الفقه .
٣٣٠١ / ١٣ ـ ابن ابي جمهور في درر اللآلي : عن اسامة بن زيد قال : دخل النبي ( صلّى الله عليه وآله ) البيت وخرج فوقف على باب البيت ، وصلى ركعتين ، وقال : « هذه القبلة » واشار اليها .
٣ ـ ( باب استحباب التياسر لأهل العراق ومن والاهم قليلاً )
٣٣٠٢ / ١ ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) : « اذا اردت توجه القبلة فتياسر مثلَيْ ما تيامن ، فان الحرم عن يمين الكعبة اربعة اميال ، وعن يساره ثمانية (١) اميال » .
قلت : مما يجب التنبيه عليه ، ان الشيخ ذكر في الأصل (٢) خبراً عن التهذيب (٣) ، بهذا المضمون ـ إلى أن قال ـ ورواه الفضل بن شاذان (٤) في رسالة القبلة (٥) مرسلا ، عن الصادق ( عليه السلام ) ، نحوه .
__________________________
(٢) جواهر الكلام ج ٧ ص ٣٢٢ .
(٣) كتاب الصلاة للشيخ الأنصاري ص ٣٢ .
١٣ ـ درر اللآلي ج ١ ص ١٣٦ .
الباب ـ ٣
١ ـ فقه الرضا ( عليه السلام ) ص ٦ ، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٥٠ ح ٥ .
(١) في المصدر : ثلاثة .
(٢) الوسائل ج ٣ ص ٢٢٢ ذيل الحديث ٢ .
(٣) التهذيب ج ٢ ص ٤٤ ح ١٤٣ ، الفقيه ج ١ ص ١٧٨ ح ٨٤٢ ، علل الشرائع ج ٢ ص ٣١٨ ح ١ .
(٤) في الوسائل : أبو الفضل شاذان بن جبرئيل .
(٥) عنه في البحار ج ٨٤ ص ٧٧ .