علي موسى الكعبي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-51-5
الصفحات: ٣١١
كتاب (١).
٣٨ ـ شجرة بن ميمون. أبو أراكة النبال الوابشي ، كوفي ، هو وابنه علي بن شجرة ، والحسن بن شجرة ، كلهم ثقات وجوه أعيان أجلة ، وله كتاب (٢).
٣٩ ـ شهاب بن عبد ربه الأسدي الصيرفي الكوفي. ثقة له كتاب يعد من الأصول (٣).
٤٠ ـ صباح بن يحيى. أبو محمد المزني الكوفي ، ثقة ، له كتاب (٤).
٤١ ـ عامر بن عبد اللّه بن جذاعة. من حواري الباقر والصادق عليهماالسلام (٥).
٤٢ ـ عباد بن صهيب. أبو بكر التميمي ، بصري ، ثقة ، روى عن أبي عبد اللّه عليهالسلام كتاباً ، وعده الشيخ من أصحاب الباقر عليهالسلام (٦).
٤٣ ـ عبد الرحمن بن أعين بن سنسن الشيباني. له كتاب ، روى الكشي عن الحسن بن علي بن يقطين عن مشايخه أنه كان مستقيماً (٧).
٤٤ ـ عبد الغفار بن القاسم بن قيس. أبو مريم الأنصاري ، ثقة ، له كتاب (٨).
٤٥ ـ عبد اللّه بن ابراهيم بن محمد الجعفري. ثقة ، صدوق ، له كتب ، منها :
__________________
(١) رجال النجاشي : ١٨٣ ، الذريعة ٦ : ٣٣٦.
(٢) رجال النجاشي : ٢٧٥ ، رجال الطوسي : ١٣٨ ، خلاصة الأقوال : ١٦٩ و ١٨٩.
(٣) خلاصة الأقوال : ٥٦ ، في ترجمة اسماعيل بن عبد الخالق بن عبد ربه ، الذريعة ٢ : ١٥٩.
(٤) رجال النجاشي : ٢٠١ ، الذريعة ٦ : ٣٣٩.
(٥) رجال ابن داود : ١١٣.
(٦) رجال النجاشي : ٢٩٣ ، رجال الطوسي : ١٤٢ ، الفهرست : ١٩٢.
(٧) رجال النجاشي : ٢٣٧ ، نقد الرجال ٣ : ٤٣.
(٨) رجال النجاشي : ٢٤٦ ، الذريعة ٦ : ٣٤٣.
كتاب خروج محمد بن عبد اللّه ومقتله ، وكتاب خروج صاحب فخ ومقتله (١).
٤٦ ـ عبد اللّه بن سنان بن طريف. ثقة جليل ، له كتاب الصلاة الكبير (٢).
٤٧ ـ عبد اللّه بن غالب الأسدي. شاعر فقيه ، ثقة ثقة ، له كتاب تكثر الرواة عنه ، قال له أبو عبد اللّه الصادق عليهالسلام : «إن ملكاً يلقي الشعر عليك ، وإني لأعرف ذلك الملك» (٣).
٤٨ ـ عبد المؤمن بن القاسم بن قيس الأنصاري. كوفي ، ثقة ، هو وأخوه أبو مريم عبد الغفار بن القاسم ، توفي سنة ١٤٧ هـ ، له كتاب (٤).
٤٩ ـ عبيد بن محمد بن قيس البجلي. له كتاب يرويه عن أبيه ، عرضه على أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهالسلام ، فقال : «هذا قول أمير المؤمنين عليهالسلام» (٥).
٥٠ ـ عبيد اللّه بن الوليد الوصافي. ثقة ، له كتاب (٦).
٥١ ـ علي بن أبي المغيرة الزبيدي. ثقة ، وله كتاب مفرد (٧).
٥٢ ـ عنبسة بن بجاد العابد. عده الشيخ من أصحاب الباقر عليهالسلام ، وكان قاضياً ، ثقةً خيراً فاضلاً ، له كتاب (٨).
٥٣ ـ غياث بن ابراهيم التميمي. بصري وسكن الكوفة ، عده الشيخ من
__________________
(١) رجال النجاشي : ٢١٦.
(٢) الذريعة ١٥ : ٥٧.
(٣) رجال النجاشي : ٢٢٢ ، الذريعة ٦ : ٣٤٥.
(٤) رجال النجاشي : ٢٤٩.
(٥) الفهرست : ١٧٦.
(٦) رجال النجاشي : ٢٣١.
(٧) نقد الرجال ٣ : ٢٢٥.
(٨) رجال النجاشي : ٣٢٠ ، رجال الطوسي : ١٤١.
أصحاب الباقر عليهالسلام ، ثقة ، له كتاب في الحديث ، وكتاب مقتل أمير المؤمنين عليهالسلام (١).
٥٤ ـ فضيل بن يسار النهدي البصري. ثقة عين ، جليل القدر ، له كتاب (٢).
٥٥ ـ الفيض بن المختار الجعفي الكوفي. ثقة عين ، له كتاب (٣).
٥٦ ـ كثير بن كلثم. كوفي ، ثقة (٤).
٥٧ ـ الكميت بن زيد الأسدي. شاعر الإمام الباقر عليهالسلام ، وقد قدمنا ترجمته في الفصل الثاني ، وقيل : في الكميت عشر خصال لم تكن في شاعر : كان خطيب بني أسد ، وفقيه الشيعة ، وحافظ القرآن ، وكاتباً حسن الخط ، ونسابة ، وكان جدلياً ، وهو أول من ناظر في التشيع مجاهراً بذلك ، وكان رامياً لم يكن في بني أسد أرمى منه ، وكان فارساً شجاعاً ، وكان سخياً ديناً (٥).
٥٨ ـ ليث بن البختري المرادي. ثقة عظيم الشأن ، وله كتاب (٦).
٥٩ ـ مالك بن عطية الأحمسي. عده الشيخ من أصحاب الباقر عليهالسلام ، ثقة ، وله كتاب (٧).
٦٠ ـ محمد بن الحسن بن أبي سارة الرواسي. أصله كوفي ، وسكن هو وأبوه قبله النيل ، روى هو وأبوه عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهماالسلام ، وابن عمه معاذ بن
__________________
(١) الفهرست : ١٩٦ ، خلاصة الأقوال : ٣٨٥.
(٢) رجال النجاشي : ٣٠٩ ، رجال الطوسي : ١٤٣ ، خلاصة الأقوال : ٢٢٨.
(٣) رجال النجاشي : ٣١١.
(٤) رجال النجاشي : ٣١٩.
(٥) الغدير ٢ : ١٦٩ عن خزانة الأدب ٢ : ٦٩ وشرح الشواهد : ١٣.
(٦) رجال النجاشي : ٣٢١ ، معالم العلماء : ١٢٩ ، رجال ابن داود : ٢١٤.
(٧) رجال النجاشي : ٤٢٢ ، رجال الطوسي : ١٤٥ ، الفهرست : ٢٥٠.
مسلم بن أبي سارة ، وهم أهل بيت فضل وأدب ، وعلى معاذ ومحمد تفقّه الكسائي علم العرب ، والكسائي والفراء يحكون عنهما في كتبهم كثيراً ، وهم ثقات لا يطعن عليهم بشيء. ولمحمد هذا كتاب الوقف والابتداء ، وكتاب الهمز ، وكتاب إعراب القرآن (١).
٦١ ـ محمد بن السائب الكلبي. له كتاب أحكام القرآن ، والتفسير ، وقيل : هو أول من صنف في هذا الفن ، توفي سنة ١٤٦ هـ (٢).
٦٢ ـ محمد بن شريح الحضرمي. ثقة ، عده الشيخ من أصحاب الباقر عليهالسلام ، وله كتاب (٣).
٦٣ ـ محمد بن قيس البجلي. ثقة ، وجه من وجوه العرب بالكوفة ، له كتاب قضايا أمير المؤمنين عليهالسلام رواه عن الباقر عليهالسلام ، وكتاب آخر نوادر (٤).
٦٤ ـ محمد بن مرازم الساباطي. ثقة ، له كتاب (٥).
٦٥ ـ محمد بن مسلم بن رباح الطحان. وجه أصحابنا بالكوفة ، فقيه ، صحب أبا جعفر وأبا عبد اللّه عليهماالسلام ، وروى عنهما ، وكان من أوثق الناس. له كتاب يسمى الأربع مئة مسألة في أبواب الحلال والحرام (٦).
٦٦ ـ مسكين. ثقة ، عده الشيخ من أصحاب الباقر عليهالسلام (٧).
__________________
(١) رجال النجاشي : ٣٢٤.
(٢) الذريعة ١ : ٤٠ و ٤ : ٣١١.
(٣) رجال النجاشي : ٣٦٦ ، رجال الطوسي : ١٤٥ ، الفهرست : ٢٣٠.
(٤) رجال النجاشي : ٣٢٢ ، الفهرست : ٢٠٦ ، خلاصة الأقوال : ٢٥٢.
(٥) الذريعة ٦ : ٣٦٤.
(٦) رجال النجاشي : ٣٢٣ ، الذريعة ١ : ٤٠٧.
(٧) رجال الطوسي : ١٤٥.
٦٧ ـ مسمع بن عبد الملك. أبو سيار ، الملقب كردين ، شيخ بكر بن وائل بالبصرة ووجهها ، وسيد المسامعة ، وكان أوجه من أخيه عامر بن عبد الملك وأبيه ، له كتاب نوادر كبير ، وروى أيام البسوس. وقال له أبو عبد اللّه عليهالسلام : «إنّي لأعدك لأمر عظيم ، يا أبا السيار» (١).
٦٨ ـ معاذ بن مسلم بن أبي سارة النحوي. نحوي مشهور ، وثقه النجاشي عند ترجمة محمد بن الحسن بن أبي سارة (٢).
٦٩ ـ منصور بن حازم أبو أيوب البجلي. كوفي ، ثقة ، عين ، صدوق ، من أجلة أصحابنا وفقهائهم. عده الشيخ من أصحاب الباقر عليهالسلام ، له كتب منها : أصول الشرائع ، وكتاب الحج (٣).
٧٠ ـ معمر بن يحيى بن سام العجلي. ثقة ، متقدم ، له كتاب (٤).
٧١ ـ موسى بن الحسن بن عامر الأشعري القمي. أبو الحسن ، ثقة ، عين ، جليل. صنف ثلاثين كتاباً ، منها : كتاب الطلاق ، كتاب الوصايا ، كتاب الفرائض ، كتاب الفضائل ، كتاب الحج ، كتاب الرحمة ، كتاب الوضوء ، كتاب الصلاة ، كتاب الزكاة ، كتاب الحج ، كتاب الصيام ، كتاب يوم وليلة ، كتاب الطب. روى عن أبي عبد اللّه عليهالسلام ، وعده الشيخ من أصحاب الباقر عليهالسلام (٥).
٧٢ ـ نصر بن مزاحم المنقري. مستقيم الطريقة ، صالح الأمر ، له مصنفات
__________________
(١) رجال النجاشي : ٤٢٠ ، نقد الرجال ٤ : ٣٧٥.
(٢) نقد الرجال ٤ : ٣٨٤.
(٣) رجال النجاشي : ٤١٣ ، معالم العلماء : ١٥٦ ، رجال الطوسي : ١٤٧.
(٤) رجال النجاشي : ٤٢٥ ، نقد الرجال ٤ : ٤٠٢.
(٥) رجال النجاشي : ٤٠٦ ، رجال الطوسي : ١٤٧ ، خلاصة الأقوال : ٢٧٢.
حسان (١).
٧٣ ـ هارون بن حمزة الغنوي. ثقة ، عين ، له كتاب ، عده الشيخ من أصحاب الباقر عليهالسلام (٢).
٧٤ ـ هيثم بن أبي مسروق النهدي. قريب الأمر ، له كتاب نوادر (٣).
٧٥ ـ وهب بن عبد ربه الأسدي. ثقة ، له كتاب (٤).
٧٦ ـ يحيى بن أبي العلاء الرازي. له كتاب (٥) ، وهو ثقة مشهور.
٧٧ ـ يحيى بن القاسم الأسدي. أبو بصير ، ثقة وجيه ، له كتاب يوم وليلة ، كتاب مناسك الحج ، وتفسير أبي بصير (٦).
٧٨ ـ أبو خالد القماط. كوفي ، ثقة ، له كتاب (٧).
وكان كل هؤلاء وغيرهم من الرجال الأفذاذ يشكلون حجر الزاوية في مدرسة أهل البيت عليهمالسلام التي اكتمل بناؤها على يد الإمام الصادق عليهالسلام ، الذي كان حلقة الوصل في نقل علوم الشريعة بشكل لم يسبق له مثيل ، قال الحسن بن علي الوشاء يصف مسجد الكوفة : اني أدركت في هذا المسجد تسع مئة شيخ كلٌّ يقول حدثني جعفر بن محمد (٨).
__________________
(١) نقد الرجال ٥ : ١١.
(٢) رجال النجاشي : ٤٣٧ ، رجال الطوسي : ١٤٨ ، الفهرست : ٢٦٠.
(٣) رجال النجاشي : ١٦١ ، نقد الرجال ٥ : ٤٥.
(٤) رجال النجاشي : ٤٣٠.
(٥) نقد الرجال ٥ : ٦٠.
(٦) رجال النجاشي : ٤٤١ ، الذريعة ٤ : ٢٥١.
(٧) نقد الرجال ٥ : ٨٦.
(٨) رجال النجاشي : ٤٠ / ٨٠.
الفصل السادس
دوره عليه السلام في تأصيل عقائد الإسلام
في أصول الاعتقاد :
تعرض الإمام الباقر عليهالسلام لمسائل كلامية دقيقة ذات صلة بالتوحيد وصفات الذات الإلهية والإمامة والمعاد وغيرها من المسائل التي كانت مثار جدل في عصره ، وهي تكتسب أهمية قصوى في ذلك العصر إذا لوحظ حجم التحديات
التي تواجه الإسلام من قبل الحكام الذين استباحوا كل وسائل القمع والإرهاب ضد القائلين بإمامة أهل البيت عليهمالسلام ، وكان الإمام عليهالسلام بصدد إعادة المسار إلى نصابه في سبيل إعلاء كلمة الدين ، وتنمية الأفكار والمفاهيم الإسلامية الصحيحة في وعي المسلم ووجدانه.
قال الشاعر :
وشيد الدين الحنيف السامي |
|
حتى علت دعائم الإسلام |
قامت به قواعد التوحيد |
|
واستحكمت برأيه السديد |
فرّقَ جمعَ الغيِّ والضلالِ |
|
بجمع شمل العلم والكمال (١) |
وقد ورد في حديث الإمام الباقر عليهالسلام تبيين أصول العقيدة لبعض أصحابه ، حيث سأله أبو الجارود عن دينه الذي يدين اللّه به هو وأهل بيته.
قال أبو الجارود : «قلت لأبي جعفر عليهالسلام : يا بن رسول اللّه ، هل تعرف مودتي لكم وانقطاعي إليكم وموالاتي إيّاكم؟ قال : فقال : نعم. قال : فقلت : فإني أسألك مسألة تجيبني فيها ، فإني مكفوف البصر ، قليل المشي ، ولا استطيع زيارتكم كل حين. قال : هات حاجتك. قلت : أخبرني بدينك الذي تدين اللّه عزّوجلّ به أنت وأهل بيتك ، لأدين اللّه عزّوجلّ به. قال : إن كنت أقصرت الخطبة ، فقد أعظمت المسألة ، واللّه لأعطينك ديني ودين آبائي الذي ندين اللّه عزّوجلّ به ، شهادة أن لا إله إلاّ اللّه ، وأن محمداً رسول اللّه ، والإقرار بما جاء به من عند اللّه ، والولاية لولينا ، والبراءة من عدونا ، والتسليم لأمرنا ، وانتظار قائمنا ، والاجتهاد والورع» (٢).
١ ـ كلماته في التوحيد ومعرفة الخالق :
يشكل التوحيد الحجر الأساس في البناء الفكري والعقيدي والأخلاقي ، وهو المحور الذي تدور عليه العقائد والشرائع الإلهية ، من هنا كان للإمام الباقر عليهالسلام كلمات كثيرة في بيان معنى التوحيد الخالص من شوائب الشرك ومقولات التشبيه والتجسيم ، وتأكيد أن المعبود سبحانه لم يزل ولا يزال واحداً صمداً قدوساً تفرّد بالعبودية ، وتعالى عن صفات الخلق.
إخلاص التوحيد :
قال أبو جعفر الباقر عليهالسلام : «الأحد الفرد المتفرد ، والأحد والواحد بمعنى واحد ، وهو المتفرد الذي لا نظير له ، والتوحيد الإقرار بالوحدة ، وهو الانفراد ، والواحد المتباين الذي لا ينبعث من شيء ولا يتحد بشيء ، ومن ثم قالوا : ان بناء العدد من الواحد ، وليس الواحد من العدد ، لأن العدد
__________________
(١) الأنوار القدسية : ٧٢.
(٢) الكافي ٢ : ٢١ / ١٠.
لا يقع على الواحد ، بل يقع على الإثنين ، فمعنى قوله : اللّه أحد ، المعبود الذي يأله الخلق عن إدراكه والإحاطة بكيفيته ، فرد بالهيته ، متعال عن صفات خلقه» (١).
وقال محمد بن مسلم : سأل نافع بن الأزرق أبا جعفر عليهالسلام قال : «أخبرني عن اللّه عزّوجلّ متى كان؟ قال : متى لم يكن حتى أخبرك متى كان؟! سبحان من لم يزل ولا يزال فرداً صمداً ، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً» (٢).
وأكد الإمام عليهالسلام على إخلاص التوحيد للّه وما يترتب عليه من حسن الثواب ، روى جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : «جاء جبرئيل إلى رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، فقال : يا محمد ، طوبى لمن قال من أمتك : لا إله إلاّ اللّه ، وحده وحده وحده» (٣).
وعن أبي حمزة ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : «ما من شيء أعظم ثواباً من شهادة أن لا إله إلاّ اللّه ، إنّ اللّه عزّوجلّ لا يعدله شيء ، ولا يشركه في الأمور أحد» (٤).
وحذّر عليهالسلام من الشرك لأنه من الظلم الذي لا يغفره اللّه ، قال عليهالسلام : « الظلم ثلاثة : ظلم لا يغفره اللّه ، وظلم يغفره اللّه ، وظلم لا يدعه اللّه ، فأما الظلم الذي لا يغفره اللّه فالشرك باللّه ... » (٥).
__________________
(١) التوحيد : ٩٠.
(٢) الكافي ٨ : ١٢٠ / ٩٣ ، الاحتجاج ٢ : ٥٤.
(٣) التوحيد : ٢١ / ١٠.
(٤) الكافي ٢ : ٥١٦ / ١ ، التوحيد : ١٩ / ٣.
(٥) تحف العقول : ٢٩٣ ، الخصال : ١١٨ / ١٠٥.
وحاول عليهالسلام غرس هذه المفاهيم عن طريق الدعاء الذي جعل منه ميداناً لتعليم العقائد وعلى رأسها التوحيد ، ومن ذلك الدعاء وقت الزوال الذي علمه الباقر عليهالسلام محمد بن مسلم : «لا إله إلاّ اللّه ، واللّه أكبر ، وسبحان اللّه ، والحمد للّه الذي لم يتخذ ولداً ، ولم يكن له شريك في الملك ، ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيراً.
قال محمد بن مسلم : فقلت : جعلت فداك ، أحافظ على هذا الكلام عند الزوال؟ قال : نعم ، حافظ عليه كما تحافظ على عينيك» (١).
العقول لا تدرك كنه الذات :
يؤكد الإمام الباقر عليهالسلام امتناع عقول المخلوقين وحواسهم عن إدراك حقيقة الذات الالهية ، أو توهمه بالمحسوسات ، لأنه سبحانه فوق ما يدركه العقل ، وفوق ما تتصوره الأوهام والحواس ، عن المنهال بن عمرو ، عنه عليهالسلام قال : «اذكروا من عظمة اللّه ما شئتم ، ولا تذكرون منه شيئاً إلاّ وهو أعظم منه» (٢).
وقال عليهالسلام : «اللّه معناه المعبود الذي أَلْهَ الخلق عن درك ماهيته والإحاطة بكيفيته» (٣).
وعن عبد الرحمن بن أبي نجران ، قال : «سألت أبا جعفر عليهالسلام عن التوحيد ، فقلت : أتوهم شيئاً. فقال : نعم ، غير معقول ولا محدود ، فما وقع وهمك عليه من شيء فهو خلافه ، لا يشبهه شيء ولا تدركه الأوهام ، كيف تدركه الأوهام وهو خلاف ما يعقل ، وخلاف ما يتصور في الأوهام؟! إنّما يتوهم
__________________
(١) فلاح السائل : ٩٦ ، بحار الأنوار ٨٧ : ٥٤ ، مستدرك الوسائل ٣ : ١٢٦ / ٣١٧٤.
(٢) تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٨٢ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ٤٠٥.
(٣) التتوحيد : ٨٩.
شيء غير معقول ولا محدود» (١).
وعن المدائني ، قال : «بينما محمد بن علي بن الحسين عليهمالسلام في فناء الكعبة أتاه أعرابي فقال له : هل رأيت اللّه حيث عبدته؟ فأطرق وأطرق من كان حوله ، ثم رفع رأسه إليه ، فقال : ما كنت لأعبد شيئاً لم أره. فقال : وكيف رأيته؟ قال : لم تره الأبصار بمشاهدة العيان ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ، لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس ، معروف بالآيات ، منعوت بالعلامات ، لا يجور في قضية ، بان من الأشياء وبانت الأشياء منه ، ليس كمثله شيء ، ذلك اللّه لا إله إلاّ هو. فقال الأعرابي : اللّه أعلم حيث يجعل رسالاته» (٢).
ونهى عليهالسلام عن الكلام في كنه الذات لأنه يؤدي إلى الخوض في التشبيه والتجسيم ، وإنزال ذات الإله وكأنها شيء من الأشياء التي تخضع لوصف الحواس وسائر المدركات العقلية ، الأمر الذي يتبعه الضُلاَّل والتِّيه.
عن محمد بن مسلم ، قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : «يا محمد ، إن الناس لا يزال لهم المنطق حتى يتكلموا في اللّه ، فإذا سمعتم ذلك فقولوا : لا إله إلاّ اللّه» (٣).
وعنه ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : «تكلموا فيما دون العرش ، ولا تكلموا فيما فوق العرش ، فإنَّ قوماً تكلموا في اللّه فتاهوا ، حتى كان الرجل ينادى من بين يديه فيجيب من خلفه» (٤).
__________________
(١) التوحيد : ٨٩.
(٢) الكافي ١ : ٨٢ / ١ ، التوحيد : ١٠٦ / ٦.
(٣) تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٨٢ ، البدء والتاريخ ١ : ٧٤ ، ونحوه في التوحيد : ١٠٨ / ٥ ، الاحتجاج ١ : ٥٤ ، أمالي المرتضى ١ : ١٠٤.
(٤) المحاسن ١ : ٢٣٧ / ٢٠٩.
وعن أبي بصير ، قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : «تكلموا في خلق اللّه ، ولا تتكلموا في اللّه ، فإن الكلام في اللّه لا يزداد صاحبه إلاّ تحيراً».
وفي رواية أخرى عن حريز : «تكلموا في كل شيء ، ولا تتكلموا في ذات اللّه» (٢).
وعنه عليهالسلام : «كلّما ميزتموه بأوهامكم في أدقّ معانيه ، مخلوق مصنوع مثلكم مردود إليكم» (٣).
صفات الذات :
نفى الإمام الباقر عليهالسلام ما قاله بعض متكلمي العراق من تعدد صفات الذات ، وأنّه تعالى يسمع بغير ما يبصر ، ويبصر بغير ما يسمع ، شأنه في ذلك شأن مخلوقاته ، وقد عمل الإمام عليهالسلام على وضع هذه المسألة في إطارها الصحيح ، مؤكّداً وحدة الصفات ، وكونها عين الذات الإلهية المقدّسة.
روى محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، ـ في صفة القديم ـ إنّه واحد صمد ، أحدي المعنى ، ليس بمعان كثيرة مختلفة. قال : «قلت : جعلت فداك ، إنّه يزعم قوم من أهل الع راق أنّه يسمع بغير الذي يبصر ، ويبصر بغير الذي يسمع. قال : فقال : كذبوا وألحدوا ، وشبهوا اللّه تعالى ، إنّه سميع بصير ، يسمع بما به يبصر ، ويبصر بما به يسمع. قال : فقلت : يزعمون أنّه بصير على ما يعقله. قال : فقال : تعالى اللّه ، إنما يعقل من كان بصفة المخلوق ، وليس اللّه
__________________
(١) المحاسن ١ : ٢٣٨ / ٢١١.
(٢) الكافي ١ : ٩٢ / ١.
(٣) بحار الأنوار ٦٦ : ٢٩٢.
كذلك» (١).
أزلية الذات :
ورد في كلام الإمام الباقر عليهالسلام ما يؤكد أزلية واجب الوجود وتوحيده ، وتنزيهه عن المشابهة لمخلوقاته المفتقرة إلى الزمان والمكان والعلّة.
قال الإمام محمد بن علي الباقر عليهالسلام : «إن اللّه تبارك وتعالى كان ولا شيء غيره ، نوراً لا ظلام فيه ، وصادقاً لا كذب فيه ، وعالماً لا جهل فيه ، وحياً لا موت فيه ، وكذلك هو اليوم ، وكذلك لا يزال أبداً» (٢).
وعن أبي بصير ، قال : «جاء رجل إلى أبي جعفر عليهالسلام ، فقال له : أخبرني عن ربك متى كان؟ فقال : ويلك إنما يقال لشيء لم يكن متى كان ، إنّ ربي تبارك وتعالى كان ولم يزل حياً بلا كيف ، ولم يكن له كان ، ولا كان لكونه كيف ، ولا كان له أين ، ولا كان في شيء ، ولا كان على شيء ، ولا ابتدع لمكانه مكاناً ، ولا قوي بعد ما كون الأشياء ، ولا كان ضعيفاً قبل أن يكون شيئاً ، ولا كان مستوحشاً قبل أن يبتدع شيئاً ، ولا يشبه شيئاً مذكوراً ، ولا كان خلواً من الملك قبل إنشائه ، ولا يكون منه خلواً بعد ذهابه ، لم يزل حياً بلا حياة ، وملكاً قادراً قبل أن ينشئ شيئاً ، وملكاً جباراً بعد إنشائه للكون ، فليس لكونه كيف ، ولا له أين ، ولا له حدّ ، ولا يعرف بشيء يشبهه ، ولا يهرم لطول البقاء ، ولا يصعق لشيء ، بل لخوفه تصعق الأشياء كلّها ، كان حياً بلا حياة حادثة ، ولا كون موصوف ، ولا كيف محدود ، ولا أين
__________________
(١) الاحتجاج ٢ : ٥٤.
(٢) التوحيد : ١٤١.
موقوف (١) عليه ، ولا مكان جاور شيئاً ، بل حي يعرف ، وملك لم يزل له القدرة والملك ، أنشأ ما شاء حين شاء بمشيئته ، لا يحدّ ولا يبعّض ولا يفنى ، كان أولاً بلا كيف ، ويكون آخراً بلا أين ، وكل شيء هالك إلاّ وجهه ، له الخلق والأمر ، تبارك اللّه ربّ العالمين.
ويلك أيّها السائل ، إنّ ربّي لا تغشاه الأوهام ، ولا تنزل به الشبهات ، ولا يحار ولا يجاوزه شيء (٢) ، ولا تنزل به الأحداث ، ولا يسأل عن شيء يفعله ، ولا يندم على شيء ، ولا تأخذه سنة ولا نوم ، له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى» (٣).
معنى الصمد :
ذهب المشبهة إلى أن معنى الصمد هو المصمت الذي لا جوف له ، وذلك لا يكون إلاّ من صفة الأجسام المصمتة التي لا أجواف لها ، واللّه جلّ ذكره متعال عن ذلك ، ليس كمثله شيء ، وهو أعظم وأجلّ من أن تقع الأوهام على صفته ، أو تدرك كنه عظمته.
من هنا أكّد الإمام أبو جعفر الباقر عليهالسلام على أن معنى الصمد هو أن اللّه سبحانه يعبده كل شيء ، ويصمد إليه كل شيء (٤). وقال عليهالسلام : «الصمد السيد المطاع الذي ليس فوقه آمر وناهٍ» (٥). أي هو السيد الصمد الذي جميع الخلق
__________________
(١) في التوحيد : ولا أثر مقفو.
(٢) في التوحيد : ولا يجار من شيء ، ولا يجاوره شيء.
(٣) الكافي ١ : ٨٨ / ٣ ، التوحيد : ١٧٣ / ٢.
(٤) الكافي ١ : ١٢٣ / ٢.
(٥) التوحيد : ٩٠ ، معاني الأخبار : ٧.
من الجن والإنس إليه يصمدون في الحوائج ، وإليه يلجأون عند الشدائد ، ومنه يرجون الرخاء ودوام النعماء ، ليدفع عنهم الشدائد (١).
وورد عنه عليهالسلام تفسير لحروف كلمة الصمد ، ينسجم مع المعنى الذي يؤكده في وحدانية الخالق ، وأزلية ملكه ودوامه ، وعجز حواس وأوهام الخلق عن درك ماهيته وكيفيته.
قال وهب بن وهب القرشي : سمعت الصادق عليهالسلام يقول : «قدم وفد من أهل فلسطين على الباقر عليهالسلام فسألوه عن مسائل فأجابهم ، ثم سألوه عن الصمد ، فقال : تفسيره فيه ، الصمد خمسة أحرف : فالألف دليل على إنّيته ، وهو قوله عزّوجلّ : «شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ» (٢) وذلك تنبيه وإشارة إلى الغائب عن درك الحواس ، واللام دليل على إلهيته بأنه هو اللّه.
والألف واللام مدغمان لا يظهران على اللسان ، ولا يقعان في السمع ، ويظهران في الكتابة ، دليل على أن إلهيته بلطفه خافية لا تدرك بالحواس ، ولا تقع في لسان واصف ، ولا أذن سامع ، لأن تفسير الإله هو الذي ألْهَ الخلق عن درك ماهيته وكيفيته بحسّ أو بوهم ، لا بل هو مبدع الأوهام وخالق الحواس ، وإنما يظهر ذلك عند الكتابة ، دليل على أن اللّه سبحانه أظهر ربوبيته في إبداع الخلق وتركيب أرواحهم اللطيفة في أجسادهم الكثيفة ، فإذا نظر عبد إلى نفسه لم ير روحه ، كما أن لام الصمد لا تتبين ولا تدخل في حاسة من الحواس الخمس ، فإذا نظر إلى الكتابة ظهر له ما خفي ولطف ، فمتى تفكر العبد في ماهية الباري وكيفيته ، ألْهَ فيه وتحيّر ، ولم تحط فكرته بشيء يتصور له ، لأنه
__________________
(١) راجع : الكافي ١ : ١٢٤.
(٢) سورة آل عمران : ٣ / ١٨.
عزّوجلّ خالق الصور ، فإذا نظر إلى خلقه ثبت له أنه عز وجل خالقهم ومركب أرواحهم في أجسادهم.
وأما الصاد فدليل على أنه عز وجل صادق وقوله صدق وكلامه صدق ، ودعا عباده إلى إتباع الصدق بالصدق ، ووعد بالصدق دار الصدق.
وأما الميم فدليل على ملكه ، وأنه الملك الحق لم يزل ولا يزال ولا يزول ملكه.
وأما الدال فدليل على دوام ملكه ، وأنه عزّوجلّ دائم ، تعالى عن الكون والزوال ، بل هو عزّوجلّ يكوّن الكائنات ، الذي كان بتكوينه كل كائن» (١).
العلم الإلهي :
جاء في حديث الباقر عليهالسلام ما يؤكد أزلية علمه تعالى ، وأنه محيط بكل شيء ، وليس في علمه تفاوت ولا اختلاف وليس له حدود ، فهو عالم بالأشياء قبل وبعد كونها على حد سواء ، لأنه الخالق والمكوّن له.
عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : «سمعته يقول : كان اللّه عزّوجلّ ولا شيء غيره ، ولم يزل عالماً بما يكون ، فعلمه به قبل كونه كعلمه به بعد كونه» (٢).
وعن فضيل ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : «جعلت فداك ، إن رأيت أن تعلمني هل كان اللّه جل ذكره يعلم قبل أن يخلق الخلق أنه وحده؟ فقد اختلف مواليك. فقال بعضهم : قد كان يعلم تبارك وتعالى أنه وحده قبل أن يخلق شيئاً من خلقه ، وقال بعضهم : إنما معنى يعلم يفعل ، فهو اليوم يعلم أنه لا غيره قبل
__________________
(١) التوحيد : ٩٢ ، معاني الأخبار : ٧.
(٢) الكافي ١ : ١٠٧ / ٢ ، التوحيد : ١٤٥ / ١٢.
فعل الأشياء ، وقالوا : إن أثبتنا أنه لم يزل عالماً بأنه لاغيره ، فقد أثبتنا معه غيره في أزليته ، فإن رأيت يا سيدي أن تعلمني ما لا أعدوه إلى غيره ، فكتب عليهالسلام : ما زال اللّه تعالى عالماً تبارك وتعالى ذكره» (١).
٢ ـ كلماته في الإمامة :
تحدث الإمام أبو جعفر الباقر عليهالسلام عن كثير من جوانب الإمامة ، باعتبارها من أصول الدين وأركان الإسلام في مدرسة أهل البيت عليهمالسلام ، وهي القاعدة الصلبة التي ترتكز عليها بنى الإسلام ، وكان ذلك في وقت عصيب عملت فيه السلطة بكل ما أوتيت من قوة على طمس معالم الإمامة ، وإقصاء أهلها.
وكان من مضامين حديثه في هذا الاتجاه بيان ضرورة ووجوب الإمامة ، ووجه الحاجة إلى الإمام ، وكون معرفته من ضرورات الدين ، التي بدونها يموت المرء ميتة جاهلية ، وتحدث عن منزلة الإمام وعظمته وكرامته عند اللّه ، وأكد على أن الأئمة الذين فرض اللّه طاعتهم هم المعصومون الإثنا عشر من أهل البيت عليهمالسلام حصراً ، وهم الأوصياء ، الذين أوجب اللّه سبحانه التمسك بهم وطاعتهم وإخلاص الولاية لهم ، وفرض حبهم ومودتهم والصلوات عليهم.
ضرورة ووجوب الإمامة :
أكّد الإمام الباقر عليهالسلام على ضرورة الإمامة ووجوبها من اللّه تعالى ، ذلك لأن الإمام حجته على عباده ، وهو الذي يهتدى به إليه سبحانه ، من هنا لا تخلو الأرض من إمام حي معروف ظاهر أو غائب منذ بدء الخليقة إلى آخر الدهر.
عن أبي هراسة ، عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام أنه قال : «لو أن الإمام رُفِعَ من
__________________
(١) التوحيد : ١٤٥ / ١١.
الأرض ساعة لساخت بأهلها وماجت ، كما يموج البحر بأهله» (١).
عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام أنه قال : «واللّه ما ترك اللّه أرضه منذ قبض اللّه آدم إلاّ وفيها إمام يهتدى به إلى اللّه ، وهو حجته على عباده ، ولا تبقى الأرض بغير إمام حجة للّه على عباده» (٢).
وجه الحاجة إلى الإمام :
لتأكيد ضرورة النبوة والإمامة ، ذكر الإمام الباقر عليهالسلام العلّة التي من أجلها يحتاج إلى النبي والإمام ، وهي تحقيق صلاح العالم وأمان أهل الأرض.
عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال : «قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهالسلام : لأي شيء يحتاج إلى النبي والإمام؟ فقال : لبقاء العالم على صلاحه ، وذلك أن اللّه عزوجل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبي أو إمام ، قال اللّه عزّوجلّ : «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ» (٣) وقال النبي صلىاللهعليهوآله : النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون ، وإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون. يعني بأهل بيته الأئمة الذين قرن اللّه عزوجل طاعتهم بطاعته ، فقال : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الاْءَمْرِ مِنْكُمْ» (٤) وهم المعصومون المطهرون الذين لا يذنبون ولا يعصون ، وهم المؤيدون
__________________
(١) الغيبة / النعماني : ١٣٩ ، بصائر الدرجات : ٥٠٨ / ٣ ، الإمامة والتبصرة : ٣٤ ، الكافي ١ : ١٧٩ / ١٢ ، اكمال الدين : ٢٠٢ / ٣ و ٩.
(٢) الغيبة / النعماني : ١٣٨.
(٣) سورة الأنفال : ٨ / ٣٣.
(٤) سورة النساء : ٤ / ٥٩.
الموفّقون المسدّدون ، بهم يرزق اللّه عباده ، وبهم تعمر بلاده ، وبهم ينزل القطر من السماء ، وبهم يخرج بركات الأرض ، وبهم يمهل أهل المعاصي ، ولا يعجل عليهم بالعقوبة والعذاب ، لا يفارقهم روح القدس ولا يفارقونه ، ولا يفارقون القرآن ولا يفارقهم ، صلوات اللّه عليهم أجمعين» (١). وقد شخص عليهالسلام في هذا الحديث أيضاً هوية الأئمة مفترضي الطاعة من قبل اللّه عزّوجلّ.
وجوب معرفة الإمام :
تحدّث الإمام الباقر عليهالسلام عن وجوب معرفة إمام العصر ، لارتباط هذه المعرفة بمعرفة اللّه ، قال عليهالسلام : «إنّما كلّف الناس ثلاثة : معرفة الأئمة ، والتسليم لهم فيما ورد عليهم ، والرد إليهم فيما اختلفوا فيه» (٢).
وعن جابر ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : «إنّما يعرف اللّه عزّوجلّ ويعبده من عرف اللّه وعرف إمامه منا أهل البيت ، ومن لا يعرف اللّه عزّوجلّ ولا يعرف الإمام منا أهل البيت ، فإنّما يعرف ويعبد غير اللّه ، هكذا واللّه ضلالاً» (٣).
وأكّد حديث آبائه عليهمالسلام «أنّ من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» ، من هنا فإن الحجة لا تقوم للّه عزّوجلّ على عباده إلاّ بإمام حي معروف.
عن فضيل بن يسار ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : «من مات وليس له
__________________
(١) علل الشرائع ١ : ١٢٣ / باب ١٠٣.
(٢) الكافي ١ : ٣٩٠ / ١.
(٣) الكافي ١ : ١٨١ / ٤.
إمام فميتته ميتة جاهلية ، ومن مات وهو عارف لإمامه لم يضره تقدم هذا الأمر أو تأخر ، ومن مات وهو عارف لإمامه ، كان كمن هو مع القائم في فسطاطه» (١).
وعن أبي عبيدة الحذاء ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : «من مات لا يعرف إمامه ، مات ميتة جاهلية كفر ونفاق وضلال» (٢).
وفي لفظ آخر عنه وعن سالم بن أبي حفصة ، أنهما سمعا أبا جعفر عليهالسلام يقول : «من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية» (٣).
وقال أبو جعفر عليهالسلام : «إن الحجّة لا تقوم للّه عزّوجلّ على خلقه إلاّ بإمام حي يعرفونه» (٤).
الآثار المترتبة على عدم المعرفة :
وشرح الإمام عليهالسلام الآثار المترتبة على عدم معرفة الإمام ، وعلى رأسها عدم قبول الأعمال إلاّ بتلك المعرفة ، ضارباً أروع الأمثلة في هذا السياق.
عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : «كل من دان اللّه عزّوجلّ بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من اللّه ، فسعيه غير مقبول ، وهو ضال متحير ، واللّه شانئ لأعماله ، ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها ، فهجمت ذاهبة وجائية يومها ، فلما جنّها الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها ، فحنت إليها واغترت بها ، فباتت معها في مربضها ، فلما أن
__________________
(١) الكافي ١ : ٣٧١ / ٥.
(٢) الإمامة والتبصرة : ٨٢.
(٣) الكافي ١ : ٣٩٧ / ١ ، بصائر الدرجات : ٢٧٩ و ٥٢٩ و ٥٣٠.
(٤) قرب الاسناد : ٣٥١.