«ما يؤثر عنه فى السّير والجهاد (١) ، وغير ذلك»
(أنا) سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصمّ ، أنا الربيع بن سليمان ، أنا الشافعي ، [قال (٢)] : «قال الله عزوجل : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ : ٥١ ـ ٥٦).»
«قال الشافعي (رحمه الله) : خلق الله الخلق : لعبادته (٣) ؛ ثم أبان (جلّ ثناؤه) : أنّ خيرته من خلقه : أنبياؤه (٤) ؛ فقال تعالى : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً ؛ فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ) (٥) : (مُبَشِّرِينَ ، وَمُنْذِرِينَ : ٢ ـ ٢١٤) ؛ فجعل النبيين (صلى الله عليهم (٦) وسلم) من أصفيائه ـ دون عباده ـ : بالأمانة على وحيه ، والقيام بحجّته فيهم.»
__________________
(١) راجع ما ذكره فى الفتح (ج ٦ ص ٢) عن معنى ذلك : فهو مفيد.
(٢) كما فى أول كتاب الجزية من الأم (ج ٤ ص ٨٢ ـ ٨٣). والزيادة عن الأم. وقد ذكر أكثر ما سيأتى ، فى السنن الكبرى (ج ٩ ص ٣ ـ ٥) : متفرقا ضمن بعض الأحاديث والآثار التي تدل على معناه وتؤيده ، أو تتصل به وتناسبه.
(٣) قال البيهقي فى السنن ـ بعد أن ذكر ذلك ـ : «يعنى : ما شاء من عباده ؛ أو : ليأمر من شاء منهم بعبادته ، ويهدى من يشاء إلى صراط مستقيم.».
(٤) يحسن أن تراجع كتاب (أحاديث الأنبياء) من فتح الباري (ج ٦ ص ٢٢٧) : فهو مفيد فى هذا البحث.
(٥) سأل أبوذر ، النبي : كم النبيون؟ فقال : «مائة ألف نبى ، وأربعة وعشرون ألف نبي» ؛ ثم سأله : كم المرسلون منهم؟ فقال : «ثلاثمائة وعشرون». انظر السنن الكبرى.
(٦) كذا فى الأم. وهو الظاهر الذي يمنع ما يشبه التكرار. وفى الأصل والسنن الكبرى : «نبينا ... عليه». وهو صحيح على أن يكون قوله : دون عباده ؛ متعلقا بأصفيائه ، لا يجعل. فتنبه.
«ثم ذكر من خاصّة صفوته ، فقال : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً ، وَآلَ إِبْراهِيمَ ، وَآلَ عِمْرانَ ؛ عَلَى الْعالَمِينَ : ٣ ـ ٣٣) فخصّ (١) آدم ونوحا : بإعادة ذكر اصطفائهما. وذكر إبراهيم (عليه السلام) ، فقال : (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً : ٤ ـ ١٢٥). وذكر إسماعيل بن إبراهيم ، فقال : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ : إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ ، وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا : ١٩ ـ ٥٤).»
«ثم أنعم الله (عزّ وجلّ) على آل إبراهيم ، وآل عمران فى الأمم ؛ فقال : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً ، وَآلَ إِبْراهِيمَ ، وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ ؛ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).»
«ثم اصطفى (٢) محمدا (صلى الله عليه وسلم) من خير آل إبراهيم ؛ وأنزل كتبه ـ قبل إنزال (٣) القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم ـ : بصفة فضيلته (٤) ، وفضيلة من اتبعه (٥) ؛ فقال : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ، وَالَّذِينَ
__________________
(١) هذا إلى قوله : (عليم) ؛ غير موجود بالسنن الكبرى.
(٢) فى الأم زيادة : «الله عز وجل ، سيدنا». وراجع نسبه الشريف ، فى الفتح (ج ٧ ص ١١٢ ـ ١١٣)
(٣) فى الأم والسنن الكبرى : «إنزاله الفرقان». ولا فرق فى المعنى.
(٤) كذا بالأم. وفى السنن الكبرى : «بصفته». وفى الأصل. «ثم بضعه فضيله» ؛ والزيادة والتصحيف من الناسخ.
(٥) فى السنن الكبرى : «تبعه». وفى الأم زيادة : «به» ؛ أي : بسببه.
مَعَهُ : أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ، رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ؛ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) (١) : (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً ؛ سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ. ذلِكَ : مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ ؛ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ : كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ، فَآزَرَهُ ، فَاسْتَغْلَظَ) (٢) الآية : (٤٨ ـ ٢٩). وقال لأمته : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) الآية (٣) : (٣ ـ ١١٠) ؛ ففضّلهم : بكينونتهم (٤) من أمّته ، دون أمم الأنبياء قبله.»
«ثم أخبر (جلّ ثناؤه) : [أنه (٥)] جعله فاتح رحمته ، عند فترة رسله ؛ فقال : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا : يُبَيِّنُ لَكُمْ ، عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ؛ أَنْ تَقُولُوا : ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ ؛ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ : ٥ ـ ١٩) ؛ وقال تعالى : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ : يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ ، وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ : ٦٢ ـ ٢). وكان فى ذلك ، ما دل : على أنه بعثه إلى خلقه ـ :
__________________
(١) فى الأم بعد ذلك : «الآية».
(٢) راجع فى السنن الكبرى ، أثر ابن مسعود المتعلق بذلك.
(٣) هذا غير موجود فى الأم.
(٤) كذا بالأم والسنن الكبرى. وهو الصحيح. وفى الأصل : «بكونيتهم» ؛ وهو محرف عما أثبتنا ، أو عن : «بكونهم».
(٥) الزيادة عن الأم والسنن الكبرى.
لأنهم (١) كانوا أهل كتاب (٢) وأميين (٣). ـ وأنه فتح [به] (٤) رحمته.»
«وختم (٥) [به (٦)] نبوّته : قال (٧) عز وجل : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ ؛ وَلكِنْ : رَسُولَ اللهِ ، وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ : ٣٣ ـ ٤٠) (٨).»
«وقضى : أن أظهر دينه على الأديان ؛ فقال : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ
__________________
(١) كذا بالأصل والأم والسنن الكبرى. ومراده بذلك : أن يبين وجه دلالة ما تقدم على أن نبينا بعث إلى جميع الخلق ؛ وذلك : لأنهم لا يخرجون عن كونهم أهل كتاب ، أو أميين. فليس قوله هذا تعليلا لبعثه ـ كما قد يرد على الذهن ـ : لأنه لا وجه له. وليس مراده أن يقول : إن ما تقدم دل على بعثته إلى الخلق ، وبين أصنافهم. وإلا لقال : وأنهم كانوا أهل كتاب وأميين. وليس مراده كذلك أن يقول : إن ما تقدم دل على إرساله إلى الناس كافة (بدون أن يكون قاصدا تبيين كيفية دلالته). إذ كان الملائم حينئذ لما ذكره ـ إن لم يقتصر عليه ـ أن يقول : سواء كانوا ، أو من كانوا إلخ. فتأمل.
(٢) فى السنن الكبرى : «الكتاب».
(٣) فى بعض نسخ السنن : «والأميين». وفى الأم : «أو أميين» ؛ وهو أحسن.
(٤) الزيادة عن الأم والسنن الكبرى.
(٥) هذا معطوف على قوله : جعله فاتح رحمته. فتنبه.
(٦) الزيادة عن الأم والسنن الكبرى.
(٧) فى الأم والسنن الكبرى : «فقال» ؛ وهو أظهر.
(٨) أخرج مسلم ، والبيهقي فى السنن ؛ عن أبى هريرة : أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : «فضلت على الأنبياء ، بست : أعطيت جوامع الكلم ، ونصرت بالرعب ، وأحلت لى الغنائم ، وجعلت لى الأرض طهورا ومسجدا ، وأرسلت إلى الخلق كافة ، وختم بي النبيون.».
رَسُولَهُ : بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ ؛ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ : وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (١) : (٩ ـ ٣٤).».
* * *
«مبتدأ التّنزيل ، والفرض على النّبىّ»
«صلى الله عليه وسلم ؛ ثمّ على النّاس»
(أنا) أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبى عمرو ؛ قالا : نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (٢) (رحمه الله) : «لما بعث الله نبيّه (٣) (صلى الله عليه وسلم) : أنزل عليه فرائضه كما شاء : (لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) (٤) ؛ ثم : أتبع كلّ واحد منها ، فرضا بعد فرض : في حين غير حين الفرض قبله.»
«قال : ويقال (٥) (والله أعلم) : إن أول ما أنزل الله عليه ـ : من (٦) كتابه. ـ : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ : ٩٦ ـ ١).»
__________________
(١) انظر كلامه الآتي قريبا ، عن كيفية إظهار الله الدين الإسلامى ، على سائر الأديان.
(٢) كما فى الأم (ج ٤ ص ٨٣).
(٣) فى الأم : «محمدا».
(٤) اقتباس من آية الرعد : (٤١).
(٥) قد أخرجه عن عائشة ، فى السنن الكبرى (ج ٩ ص ٦). وراجع فيها وفى الفتح (ج ١ ص ١٤ ـ ٢١) حديث عائشة أيضا : فى بدىء الوحى. ثم راجع فى الفتح (ج ٨ ص ٤٩٧ و ٥٠٤ و ٥٠٨) : الخلاف فى أول آية ، وأول سورة نزلت.
(٦) قوله : من كتابه ؛ غير موجود بالأم. وعبارة السنن الكبرى هى : «أول ما نزل من القرآن».
«ثم أنزل عليه [ما (١)] لم يؤمر فيه : [بأن (٢)] يدعو إليه المشركين. فمرت لذلك مدة.»
«ثم يقال : أتاه جبريل (عليه السلام) عن الله (عز وجل) : بأن يعلمهم نزول الوحى عليه ، ويدعوهم إلى الإيمان به. فكبر ذلك عليه ؛ وخاف : التكذيب ، وأن يتناول (٣). فنزل عليه : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ : بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ؛ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ : فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ؛ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ : ٥ ـ ٦٧). فقال : يعصمك (٤) من قتلهم : أن يقتلوك ؛ حتى تبلّغ (٥) ما أنزل إليك. فبلّغ (٦) ما أمر به : فاستهزأ (٧) به قوم ؛ فنزل عليه : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ ، وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ : ١٥ ـ ٩٤ ـ ٩٥) (٨)»
__________________
(١) زيادة متعينة ، عن الأم.
(٢) زيادة متعينة ، عن الأم.
(٣) كذا بالأم. وفى الأصل : «يتفاول» ؛ وهو تصحيف.
(٤) هذا إلى قوله : (المستهزئين) ؛ ذكر فى السنن الكبرى (ج ٩ ص ٨). وراجع فيها حديث عائشة : فى سبب نزول الآية.
(٥) فى السنن الكبرى : «تبلغهم» ؛ ولا فرق فى المعنى.
(٦) هذا غير موجود بالأم ، وسقوطه إما من الناسخ أو الطابع.
(٧) كذا بالأم والسنن الكبرى ؛ وهو الظاهر. وفى الأصل : «واستهزأ» ؛ وهو مع صحته ، لا نستعبد تصحيفه.
(٨) راجع فى السنن الكبرى ، حديث ابن عباس : فى بيان من استهزأ منهم ، وما حل بهم بسبب استهزائهم.
«قال : وأعلمه : من علم (١) منهم أنه لا يؤمن به ؛ فقال : (وَقالُوا : لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ ، حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ : مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ ؛ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً) ؛ إلى قوله : (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً : ١٧ ـ ٩٠ ـ ٩٣).»
«قال الشافعي (رحمه الله) : وأنزل إليه (٢) (عز وجل) ـ فيما يثبّته به : إذا (٣) ضاق من أذاهم. ـ : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ : أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ، وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ : ١٥ ـ ٩٧ ـ ٩٩).»
«ففرض عليه : إبلاغهم ، وعبادته (٤). ولم يفرض عليه قتالهم ؛ وأبان ذلك فى غير آية : من كتابه ؛ ولم يأمره : بعزلتهم ؛ وأنزل عليه : (قُلْ : يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ * لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ : ١٠٩ ـ ١ ـ ٢) ؛ وقوله : (فَإِنْ تَوَلَّوْا : فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ ، وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَإِنْ) (٥) (تُطِيعُوهُ : تَهْتَدُوا ؛ وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ : ٢٤ ـ ٥٤) ؛ وقوله : (ما (٦) عَلَى
__________________
(١) فى الأم : «علمه» ؛ ولا فرق فى المعنى.
(٢) هذا غير موجود بالأم.
(٣) كذا بالأم ؛ وهو الظاهر. وفى الأصل : «إذ» ؛ ولعل النقص من الناسخ.
(٤) كذا بالأم. وفى الأصل : «وعبادتهم» ؛ وهو تحريف خطير.
(٥) فى الأم : «قرأ الربيع الآية».
(٦) كذا بالأم ؛ وهو الصواب. وفى الأصل : «وما» ؛ والواو مكتوبة بمداد مختلف : مما يدل على أنه من تصرف الناسخ : ظنا منه أنه أريد تكرار الآية السابقة.
الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ : ٥ ـ ٩٩) ؛ مع أشياء ذكرت فى القرآن ـ فى غير موضع ـ : فى [مثل (١)] هذا المعنى (٢).»
«وأمرهم الله (عز وجل) : بأن لا يسبّوا أندادهم ؛ فقال : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ : فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً ، بِغَيْرِ عِلْمٍ) الآية : (٦ ـ ١٠٨) ؛ مع ما يشبهها.»
«ثم أنزل (٣) (جل ثناؤه) ـ بعد هذا ـ : فى الحال (٤) الذي (٥) فرض فيها عزلة المشركين ؛ فقال : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا : فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ، حَتَّى) (٦) (يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ؛ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ : فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى ، مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ : ٦ ـ ٦٨).»
«وأبان لمن تبعه ، ما فرض عليهم : مما [فرض عليه (٧)] ؛ قال (٨) : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ : أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ) (٩) (يُكْفَرُ
__________________
(١) زيادة حسنة ، عن الأم.
(٢) راجع فى السنن الكبرى (ج ٩ ص ٨ ـ ٩) : ما روى عن أبى العالية : فى بيان قوله تعالى : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ : ٤٦ ـ ٣٥).
(٣) فى الأم زيادة : «الله».
(٤) كذا بالأم. وفى الأصل : «الحان» ؛ وهو محرف عما أثبتنا ، أو عن «الحالة»
(٥) فى الأم : «التي». وكلاهما صحيح : لأن الحال يؤنث ويذكر ؛ وإن كان ما فى الأم أنسب : بالنظر إلى تأنيث الضمير الآتي.
(٦) هذا إلى قوله : «عليهم» ، غير موجود بالأم ، ونعتقد أنه سقط من نسخها.
(٧) زيادة متعينة ، عن الأم.
(٨) فى الأم ، «فقال» : وهو أظهر.
(٩) فى الأم : «قرأ الربيع إلى : (إنكم إذا مثلهم).».
بِها ، وَيُسْتَهْزَأُ بِها : فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ ، حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ؛ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) الآية : (٤ ـ ١٤٠).».
«الإذن (١) بالهجرة»
(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (٢) (رحمه الله) : «وكان المسلمون مستضعفين بمكة ، زمانا : لم يؤذن لهم فيه بالهجرة منها ؛ ثم أذن الله لهم بالهجرة ، وجعل لهم مخرجا. فيقال : نزلت : (٣) (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً : ٦٥ ـ ٢).»
«فأعلمهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أن قد جعل الله لهم [بالهجرة (٤)] مخرجا ؛ قال (٥) : (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ : يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً) الآية : (٤ ـ ١٠٠) وأمرهم : ببلاد الحبشة (٦). فهاجرت إليها [منهم (٧)] طائفة.»
ثم دخل أهل المدينة [فى (٨)] الإسلام (٩) : فأمر رسول الله (صلى الله
__________________
(١) كذا بالأم (ج ٤ ص ٨٣) ، والسنن الكبرى (ج ٩ ص ٩). وفى الأصل «الأذان» ، والزيادة من الناسخ.
(٢) كما فى الأم (ج ٤ ص ٨٣ ـ ٨٤).
(٣) كذا بالأم. وفى الأصل : «فنزلت» ؛ والظاهر أن الزيادة من الناسخ.
(٤) زيادة حسنة ، عن الأم.
(٥) فى الأم : «وقال» ؛ وهو عطف على قوله : «جعل». وما فى الأصل : بيان لما تقدم. والمؤدى واحد.
(٦) راجع فى السنن الكبرى (ج ٩ ص ٩) : حديث أم سلمة فى ذلك. وراجع الكلام عن هجرة الحبشة : فى فتح الباري (ج ٧ ص ١٢٩ ـ ١٣٢).
(٧) زيادة حسنة ، عن الأم.
(٨) زيادة حسنة ، عن الأم.
(٩) راجع فى السنن الكبرى (ص ٩) : حديث جابر بن عبد الله فى ذلك.
عليه وسلم) طائفة ـ فهاجرت إليهم ـ : غير محرّم على من بقي ، ترك (١) الهجرة (٢).»
وذكر (٣) الله (عز وجل) أهل الهجرة ، فقال : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ : مِنَ الْمُهاجِرِينَ ، وَالْأَنْصارِ : ٩ ـ ١٠٠) ؛ وقال : (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ : ٥٩ ـ ٨) ؛ وقال : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ : أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ ، وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ : ٢٤ ـ ٢٢).»
«قال : ثم أذن الله لرسوله (صلى الله عليه وسلم) : بالهجرة (٤) منها (٥) ؛ فهاجر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة.»
«ولم يحرّم فى هذا ، على من بقي بمكة ، المقام بها ـ : وهى دار شرك. ـ وإن قلّوا (٦) : بأن يفتنوا (٧). [و (٨)] لم يأذن لهم بجهاد.»
__________________
(١) بل واستبقى بعض أصحابه ؛ كأبى بكر : فإنه استبقاه معه ، حتى هاجرا معا بعد أن أذن الله له. انظر حديث عائشة المتعلق بذلك : فى السنن الكبرى (ص ٩ ـ ١٠).
(٢) فى الأم ، زيادة : «إليهم».
(٣) عبارة الأم هى : «وذكر الله جل ذكره : (للفقراء المهاجرين) ، وقال : (ولا يأتل)» إلخ. ونرجح أن الزائد فى الأصل ، قد سقط من نسخ الأم.
(٤) عبارة الأم : «بالهجرة إلى المدينة ؛ ولم يحرم» إلخ. ولعل الزائد هنا سقط من نسخ الأم.
(٥) أي : من مكة. وفى الأصل : «فيها» ؛ وهو محرف عما أثبتناه.
(٦) كذا بالأم. وفى الأصل : «قالوا» : وهو تحريف.
(٧) ليس مراده : أن عدم التحريم بسبب أن يفتنوا. وإنما مراده : أن التحريم لم يحدث مع توقع أو تحقق ما كان مظنة لحدوثه ، لا لنفيه.
(٨) زيادة متعينة ، عن الأم.
«ثم أذن الله (عز وجل) لهم : بالجهاد ؛ ثم فرض ـ بعد هذا (١) ـ عليهم : أن يهاجروا من دار الشرك. وهذا موضوع (٢) فى غير هذا الموضع.».
«مبتدأ الإذن بالقتال»
وبهذا الإسناد : قال الشافعي (٣) (رحمه الله) : «فأذن لهم (٤) بأحد الجهادين (٥) : بالهجرة ؛ قبل [أن (٦)] يؤذن لهم : بأن يبتدئوا مشركا بقتال»
«ثم أذن لهم : بأن يبتدئوا المشركين بقتال (٧) ؛ قال الله عز وجل : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ : بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا (٨) ؛ وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) (٩) : (٢٢ ـ ٣٩) ؛ وأباح لهم القتال ، بمعنى : أبانه فى كتابه ؛ فقال : (وَقاتِلُوا فِي
__________________
(١) كذا بالأم. وفى الأصل : «هذه» ؛ وهو تصحيف.
(٢) كذا بالأم. وفى الأصل : «موضعه» ؛ وهو محرف عما ذكرنا ؛ أو يكون قوله : «فى» ؛ زائدا من الناسخ. وإن كان المعنى حينئذ يختلف ، والمقصود هو الأول
(٣) كما فى الأم (ج ٤ ص ٨٤).
(٤) كذا بالأم ، وهو الظاهر. وفى الأصل : «الله» ؛ وهو مع صحته ، لا نستبعد أنه محرف عما ذكرنا ، ويقوى ذلك قوله الآتي : «يؤذن».
(٥) كذا بالأم. وفى الأصل : «بأخذ الجهاد» ؛ والتصحيف والنقص من الناسخ.
(٦) الزيادة عن الأم.
(٧) راجع فى السنن الكبرى (ج ٩ ص ١١) ما روى عن ابن عباس : فى نسخ العفو عن المشركين. فهو مفيد جدا.
(٨) زعم ابن زيد : أن هذه الآية منسوخة بآية : (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ) : (٧ ـ ١٨٠). ورد عليه : بأن ذلك إنما هو من باب التهديد. انظر الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص ١٨٩).
(٩) فى الأم زيادة : «الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق ؛ الآية».
سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ ، وَلا تَعْتَدُوا : إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١)وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) ؛ إلى : (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ : حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ ؛ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ : فَاقْتُلُوهُمْ (٢) ؛ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ : ٢ ـ ١٩٠ ـ ١٩١).»
«قال الشافعي (رحمه الله) : يقال : نزل هذا فى أهل مكة ـ : وهم كانوا أشدّ العدوّ على المسلمين. ـ ففرض (٣) عليهم فى قتالهم ، ما ذكر الله عز وجل»
«ثم يقال : نسخ هذا كلّه (٤) ، والنهى (٥) عن القتال حتى يقاتلوا ،
__________________
(١) ذهب ابن زيد : إلى أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً : ٩ ـ ٣٦). وذهب ابن عباس : إلى أنها محكمة ، وأن معنى (ولا تعتدوا) : لا تقتلوا النساء والصبيان ، ولا الشيخ الكبير ، ولا من ألقى إليكم السلم وكف يده. فمن فعل ذلك : فقد اعتدى. قال أبو جعفر فى الناسخ والمنسوخ : وهذا أصح القولين من السنة والنظر. فراجع ما استدل به (ص ٢٥ ـ ٢٦) : فهو مفيد فى بعض المباحث الآتية.
(٢) ذهب بعض العلماء ـ كمجاهد وطاوس ـ : إلى أن هذه الآية محكمة. وذهب بعضهم ـ كقتادة ـ : إلى أنها منسوخة بآية البقرة التي ذكرها الشافعي. وهو ما عليه أكثر أهل النظر. انظر الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص ٢٦ ـ ٢٧).
(٣) فى الأم : «وفرض».
(٤) أي : من النهى عن قتال المشركين قبل أن يقاتلوهم ، والنهى عن القتال عند المسجد الحرام كذلك. وقد ذكر هذا فى السنن الكبرى (ج ٩ ص ١١ ـ بعد عنوان تضمن النهى عن القتال حتى يقاتلوا ، والنهى عنه فى الشهر الحرام ـ بلفظ : «نسخ النهى [عن] هذا كله ، بقول الله» إلخ.
(٥) هذا من عطف الخاص على العام.
والنهى (١) عن القتال فى الشهر الحرام ـ بقول الله عز وجل (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ : ٢ ـ ١٩٣).»
«ونزول هذه الآية : بعد فرض الجهاد ؛ وهى موضوعة فى موضعها.»
«فرض الهجرة (٢)»
وبهذا الإسناد : قال الشافعي (٣) (رحمه الله) : «ولما فرض الله (عز وجل) الجهاد ، على رسوله (صلى الله عليه وسلم) : جهاد (٤) المشركين ؛ بعد إذ كان أباحه ؛ وأثخن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى أهل مكة ورأوا كثرة من دخل فى دين الله عز وجل ـ : اشتدّوا (٥) على من أسلم
__________________
(١) الثابت بآية : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ : قِتالٍ فِيهِ ؛ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ : ٢ ـ ٢١٧). وقد ذهب عطاء : إلى أنها محكمة. وذهب ابن عباس ، وابن المسيب ، وسليمان بن يسار وقتادة ، والجمهور ـ وهو الصحيح ـ : إلى أنها منسوخة بقوله تعالى. (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ. ٩ ـ ٥) ؛ وبقوله : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً : ٩ ـ ٣٦) انظر الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص ٣٠ ـ ٣١). وقال فى السنن الكبرى (ج ٩ ص ١٢) ـ بعد أن أخرج عن عروة : أن النبي حرم الشهر الحرام ، حتى أنزل الله : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ). ـ. «وكأنه أراد قول الله عز وجل : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً). والآية التي ذكرها الشافعي (رحمه الله) : أعم فى النسخ ؛ والله أعلم» : ويحسن أن تراجع كلامه الآتي عن آية الأنفال : (٣٩) ؛ وآيتي التوبة : (٥ و ٢٩). عقب كلامه عن إظهار الدين الإسلامى. فله نوع ارتباط بما هنا.
(٢) وقع هذا فى الأصل ، بعد قوله : الإسناد. وقد رأينا تقديمه : مراعاة لصنيعه فى بعض العناوين الأخرى.
(٣) كما فى الأم (ج ٤ ص ٨٤).
(٤) هذا بدل مما سبق. وفى الأم : «وجاهد». وما فى الأصل أحسن ؛ فتأمل.
(٥) كذا بالأم. وفى الأصل : «استدلوا» ؛ وهو تحريف.
منهم ؛ ففتنوهم عن دينهم ، أو (١) : من فتنوا منهم.»
فعذر الله (عز وجل) من لم يقدر على الهجرة ـ : من المفتونين. ـ فقال : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ : وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ : ١٦ ـ ١٠٦) (٢) ؛ وبعث إليهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أنّ الله (عز وجل) جعل (٣) لكم مخرجا.»
«وفرض (٤) على من قدر على الهجرة ، الخروج : إذا (٥) كان ممن يفتتن (٦) عن دينه ، ولا يمنع (٧). فقال فى (٨) رجل منهم توفّى ـ : تخلّف عن الهجرة ، فلم يهاجر. ـ : (الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ) (٩) (الْمَلائِكَةُ : ظالِمِي
__________________
(١) أي : أو بعضهم.
(٢) راجع فى السنن الكبرى (ج ٩ ص ١٤) : ما روى فى ذلك عن عكرمة.
(٣) كذا بالأم ، وهو الظاهر. وفى الأصل : «جاعل» ؛ ولعله محرف.
(٤) كذا بالأم ، وهو عطف على «فعذر» : وفى الأصل : «ففرض». وما فى الأم أظهر وأولى.
(٥) كذا بالأم. وفى الأصل : «إذ» ؛ والنقص من الناسخ.
(٦) فى الأم «يفتن». أي : يخشى عليه الميل والانحراف عن دينه ؛ بتأثير غيره.
(٧) في الأم : «يمتنع». وكلاهما مشتق من المنعة ؛ أي : ليس له : من قومه وعصيبته ؛ ما يحفظه من عدوان الغير وفتنته.
(٨) اقتبس هذا فى السنن الكبرى (ج ٩ ص ١٢) بلفظ : «فى الذي يفتن عن دينه ، قدر على الهجرة ، فلم يهاجر حتى توفى». وراجع فيها ما روى عن ابن عباس : فى سبب نزول الآية.
(٩) كذا بالأم. وقد ورد فى الأصل : مضروبا عليه ، ومكتوبا فوقه بمداد مختلف «تتوفاهم». وهو من صنع الناسخ. وقد ظن أن المراد آية النحل : (٢٨) ؛ بسبب عدم ذكر (إن). ولم يتنبه إلى آخر الآية ، وإلى أن الشافعي كثيرا ما يقتصر من النص على موضع الشاهد.
أَنْفُسِهِمْ ؛ قالُوا : فِيمَ كُنْتُمْ؟ قالُوا : كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ) الآية : (٤ ـ ٩٧). وأبان الله (عز وجل) عذر المستضعفين ، فقال : (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ : مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ (١) ؛ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً ، وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ) الآية : (٤ ـ ٩٨ ـ ٩٩). قال : ويقال (٢) : (عسى) من الله : واجبة (٣).»
«ودلّت سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : على أنّ فرض الهجرة ـ : على من أطاقها ، ـ إنما هو : على من فتن عن دينه ، بالبلدة (٤) التي يسلم (٥) بها.»
«لأن (٦) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أذن لقوم بمكة : أن يقيموا بها ، بعد إسلامهم ـ منهم (٧) : العباس بن عبد المطّلب ، وغيره (٨). ـ :
__________________
(١) قال ابن عباس : «كنت وأمي ممن عذر الله» انظر السنن الكبرى (ج ٩ ص ١٣) ، والفتح (ج ٨ ص ١٧٧ و ١٨٣).
(٢) هذا إلخ قد ذكر فى السنن الكبرى (ج ٩ ص ١٣) ؛ وقد أخرجه فيها أيضا ، عن ابن عباس ، بلفظ : «كل عسى فى القرآن ، فهى واجبة».
(٣) فى السنن الكبرى : «واجب». وكلاهما صحيح كما لا يخفى. والمراد : أن متعلقها لا بد من تحققه ؛ لأن الرجاء من الله سبحانه محال.
(٤) فى الأم : «بالبلد الذي يسلم بها». وما فى الأصل أحسن.
(٥) فى الأصل : «ليسلم» ؛ وهو تحريف.
(٦) هذا إلى آخر الكلام ، مذكور في السنن الكبرى (ج ٩ ص ١٥).
(٧) هذا غير موجود بالأم.
(٨) كأبى العاص ، انظر السنن الكبرى.
إذ لم يخافوا الفتنة. وكان يأمر جيوشه : أن يقولوا لمن أسلم : إن هاجرتم : فلكم ما للمهاجرين ؛ وإن أقمتم : فأنتم كأعراب المسلمين (١). وليس يخيّرهم (٢) ، إلا فيما يحلّ لهم.».
«فصل فى أصل فرض الجهاد (٣)»
قال الشافعي (٤) (رحمه الله) : «ولمّا (٥) مضت لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) مدّة : من هجرته ؛ أنعم الله فيها على جماعات (٦) ، باتّباعه ـ : حدثت لهم (٧) بها ، مع (٨) عون الله (عز وجل) ، قوّة : بالعدد ؛ لم يكن (٩) قبلها.»
«ففرض الله (عز وجل) عليهم ، الجهاد ـ بعد (١٠) إذ كان : إباحة ؛
__________________
(١) هذا غير موجود بالأم ؛ ولعله سقط من الناسخ أو الطابع.
(٢) كذا بالأم والسنن الكبرى. وفي الأصل : «يخبرهم» ؛ وهو تصحيف.
(٣) انظر فى السنن الكبرى (ج ٩ ص ٢٠) ما ورد فى ذلك : من السنة. وراجع فيها (ص ١٥٧ ـ ١٦١) : ما ورد فى فضل الجهاد ؛ فهو مفيد جدا.
(٤) كما فى الأم (ج ٤ ص ٨٤ ـ ٨٥). وقد ذكر باختصار ، فى المختصر (ج ٥ ص ١٨٠).
(٥) فى المختصر. «لما».
(٦) فى الأم : «جماعة».
(٧) عبارة المختصر : «لها مع» إلخ.
(٨) كذا بالأم والمختصر. وفى الأصل : «عون مع» ؛ وهو من عبث الناسخ.
(٩) أي : العدد. وفي الأم والمختصر : «تكن» ؛ أي : القوة.
(١٠) هذا إلى قوله : فرضا ؛ غير موجود بالمختصر.
لا : فرضا. ـ فقال تبارك وتعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ) الآية (١) : (٢ ـ ٢١٦) ؛ وقال (٢) جل ثناؤه : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ ، بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) الآية : (٩ ـ ١١١) ؛ وقال تبارك وتعالي : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ (٣) ، وَاعْلَمُوا : أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ : ٢ ـ ٢٤٤) ؛ وقال : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ : ٢٢ ـ ٧٨) ؛ وقال تعالى : (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا : فَضَرْبَ الرِّقابِ ؛ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ : فَشُدُّوا الْوَثاقَ : ٤٧ ـ ٤) ؛ وقال تعالى : (ما لَكُمْ : إِذا قِيلَ لَكُمُ : انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ؛ اثَّاقَلْتُمْ) (٤) (إِلَى الْأَرْضِ) ؛ إلى : (وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) الآية : ٩ ـ ٣٨ ـ ٣٩) ؛ وقال تعالى : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً (٥) ، وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) الآية : (٩ ـ ٤١).»
«ثم ذكر قوما : تخلّفوا عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ـ : ممن كان يظهر الإسلام. ـ فقال : (لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً : لَاتَّبَعُوكَ) الآية : ٩ ـ ٤٢). فأبان (٦) فى هذه الآية : أنّ عليهم الجهاد فيما
__________________
(١) ذكر فى الأم إلى : (وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) ؛ وفى المختصر إلى : (وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ).
(٢) هذا إلى قوله : الآية ؛ ليس بالمختصر.
(٣) ذكر فى المختصر إلى هنا ، ثم قال : «مع ما ذكر به فرض الجهاد».
(٤) فى الأم ، بعد ذلك : «إلى قدير».
(٥) راجع فى السنن الكبرى (ج ٩ ص ٢١) : ما روى فى ذلك ، عن المقداد ابن الأسود ، وأبي طلحة.
(٦) كذا بالأم. وفى الأصل : «فإن» ، وهو تحريف.
قرب وبعد ؛ مع إبانته (١) ذلك فى [غير (٢)] مكان : فى قوله : (ذلِكَ : بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ ، وَلا نَصَبٌ ، وَلا مَخْمَصَةٌ ـ فِي سَبِيلِ اللهِ ؛ إلى : أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ : ٩ ـ ١٢٠ ـ ١٢١).»
«قال الشافعي (رحمه الله) : سنبيّن (٣) من ذلك ، ما حضرنا : على وجهه (٤) ؛ إن شاء الله عز وجل.»
«وقال (٥) جل ثناؤه : (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ ؛ إلى : (٦) لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ : ٩ ـ ٨١) ؛ وقال : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا : كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ : ٦١ ـ ٤) ؛ وقال : (وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ : ٤ ـ ٧٥). مع ما ذكر به (٧) فرض الجهاد ، وأوجب على المتخلّف (٨) عنه.».
__________________
(١) كذا بالأم. وفي الأصل : «إثباته» ، وهو مع صحته ، محرف عما ذكرنا.
(٢) الزيادة عن الأم.
(٣) أي : فى الفصل الآتي. وفى الأم : «وسنبين».
(٤) كذا بالأم. وفى الأصل : «جهة» ؛ وهو تحريف.
(٥) عبارة الأم : «قال الله». وزيادة الواو أولى : لأنها تدفع إيهام أن هذا هو البيان الموعود.
(٦) فى الأم : «قرأ الربيع الآية».
(٧) كذا بالأم. وفى الأصل والمختصر. «ذكرته» ، وهو تصحيف. ويؤكد ذلك قول البيهقي فى السنن الكبرى (ج ٩ ص ٢٠) ـ بعد أن ذكر آية : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ). ـ : «مع ما ذكر فيه فرض الجهاد : من سائر الآيات فى القرآن.».
(٨) كذا بالأم. وفى الأصل : «واجب على التخلف» ؛ وهو تحريف فى الكلمتين على ما يظهر.