الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-34-5
الصفحات: ٤٠٦
صلىاللهعليهوآله أبي حين مات ، وولي إغماض عينيه ، وقال : ( إنّ الروح إذا خرجت تبعها البصر ) (١).
ولما مات إسماعيل ، والصادق أبوه عليهالسلام عنده ، شد لحييه وغمضه ، وغطى عليه الملحفة (٢).
ولأنّ فتح عينيه يقبح منظره ، ويحذر معه دخول الهوام إليها ، ولأنّه يكون مشبهاً بالنائم بعد الاغماض.
الثاني : شد لحييه بعصابة عريضة ، لئلا تسترخي لحياه ، وينفتح فوه ، وتدخل الهوام إلى جوفه ، ويقبح بذلك منظره ، ولحديث الصادق عليهالسلام (٣).
الثالث : تليين مفاصله ، فإن ذلك إبقاء للينها فيرد ذراعيه إلى عضديه ويمدهما ، ويرد فخذيه إلى بطنه ويمدهما ، ورجليه إلى فخذيه ويمدهما ، فإن ذلك يعين الغاسل على تمديده وتكفينه.
الرابع : تجريد ثيابه ، فإنه لا يؤمن معها الفساد ، فإنها تحمية.
الخامس : وضعه على لوح أو سرير ، لأنّه إذا كان على الأرض سارع إليه الفساد ، ونالته الهوام.
السادس : تغطيته بثوب لأنّه أستر له ، وسجّي رسول الله صلّى الله عليه
__________________
١ ـ صحيح مسلم ٢ : ٦٣٤ / ٩٢٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٦٧ / ١٤٥٤.
٢ ـ التهذيب ١ : ٢٨٩ / ٨٤٢.
٣ ـ التهذيب ١ : ٢٨٩ / ٨٤٢.
وآله بثوب حبرة (١) (٢) ، وغطى الصادق عليهالسلام ابنه اسماعيل بملحفة (٣).
السابع : مد يديه إلى جنبيه وساقيه إنّ كانتا منقبضتين ، لأنّه أطوع للغاسل.
مسألة ١١٢ : ويسرج عنده ـ إنّ مات ليلاً ـ مصباح إلى الصباح ، لأنّ الباقر عليهالسلام لما قبض أمر الصادق عليهالسلام بالسراج في البيت الذي يسكنه ، حتى قبض أبو عبد الله عليهالسلام ، ثم أمر الكاظم عليهالسلام بمثل ذلك في بيت أبي عبد الله عليهالسلام (٤).
وينبغي أن يكون عنده من يذكر الله سبحانه ولا يترك وحده ، لقول الصادق عليهالسلام : « ليس من ميّت يموت ويترك وحده إلّا لعب الشيطان في جوفه » (٥).
مسألة ١١٣ : المشهور عند علمائنا كراهة ترك حديد أو غيره على بطن الميت (٦).
قال الشيخ : سمعناه مذاكرة (٧) ، ولأنّه أمر شرعي يقف على النقل ، ولم يوجد ، وقال أبو علي بن الجنيد : يضع على بطنه شيئاً ، يمنع من
__________________
١ ـ الحِبَرة : بكسر الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة ، ثوب يصنع باليمن من قطن او كتان مجمع البحرين ٣ : ٢٥٦ « حبر ».
٢ ـ صحيح مسلم ٢ : ٦٥١ / ٩٤٢ ، صحيح البخاري ٧ : ١٩٠ ، مسند أحمد ٦ : ١٥٣ و ٢٦٩ ، سنن ابي داود ٣ : ١٩١ / ٣١٢٠.
٣ ـ التهذيب ١ : ٢٨٩ / ٨٤٢.
٤ ـ الكافي ٣ : ٢٥١ / ٥ ، التهذيب ١ : ٢٨٩ / ٨٤٣ ، الفقيه ١ : ٩٧ ـ ٩٨ / ٤٥٠.
٥ ـ الكافي ٣ : ١٣٨ / ١ ، التهذيب ١ : ٢٩٠ / ٨٤٤.
٦ ـ منهم : ابن البراج في المهذب ١ : ٥٤ ، أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ٢٣٦ ، والمحقق في شرائع الإسلام ١ : ٣٦.
٧ ـ التهذيب ١ : ٢٩٠.
ربوها (١).
وذهب الجمهور إلى وضع سيف ، أو مرآة ، أو حديدة على بطنه لئلا يعلو ، فإن لم يكن فطين مبلول (٢).
مسألة ١١٤ : ويستحب تعجيل أمره مع تحقق موته بإجماع العلماء ، لقوله عليهالسلام : ( لا ينبغي لجيفة المسلم أن تحبس بين ظهراني أهله ) (٣).
ومن طريق الخاصة قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : ( كرامة الميت تعجيله ) (٤) وقال عليهالسلام : ( لا ألفين رجلاً منكم مات له ميّت ليلاً فانتظر به الصبح ، ولا رجلاً مات له ميّت فانتظر به الليل ، لا تنتظروا بموتاكم طلوع الشمس ولا غروبها ، عجلوا بهم إلى مضاجعهم رحمكم الله ) فقال الناس : وأنت يا رسول الله يرحمك الله (٥).
أمّا مع الاشتباه فلا يجوز التعجيل به حتى تظهر علامات الموت ، ويتحقق العلم به بالإجماع ، قال الصادق عليهالسلام : « خمسة ينتظر بهم إلّا أن يتغيروا : الغريق ، والمبطون ، والمصعوق ، والمهدوم ، والمدخن » (٦) وسئل عليهالسلام كيف يستبرأ الغريق؟ قال : « يترك ثلاثة أيام قبل أن يدفن ، إلّا أن يتغير فيغسل ويدفن » (٧).
تذنيب : المصلوب لا يُترك على خشبته أكثر من ثلاثة أيام ثم ينزل بعد
____________
١ ـ حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٧١.
٢ ـ المجموع ٥ : ١٢٠ و ١٢٣ ، فتح العزيز ٥ : ١١٤ ، الاُم ١ : ٢٧٤ و ٢٨٠ ، الوجيز ١ : ٧٢ ، الإنصاف ٢ : ٤٦٦ ، المغني ٢ : ٣٠٨.
٣ ـ سنن أبي داود ٣ : ٢٠٠ / ٣١٥٩ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٨٦ ـ ٣٨٧.
٤ ـ الفقيه ١ : ٨٥ / ٣٨٨.
٥ ـ الفقيه ١ : ٨٥ / ٣٨٩.
٦ ـ الكافي ٣ : ٢١٠ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٣٧ ـ ٣٣٨ / ٩٨٨ ، الخصال : ٣٠٠ / ٧٤.
٧ ـ التهذيب ١ : ٣٣٨ / ٩٩٠ ، وورد في الكافي ٣ : ٢٠٩ / ١ و ٢ نحوه.
ذلك ويدفن ؛ لقول الصادق عليهالسلام : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تقروا المصلوب بعد ثلاثة أيام حتى ينزل ويدفن » (١).
والميت فجأة كالمصعوق ، والخائف من الحرب ، أو السبع ، أو المتردي من جبل ينتظر به علامات الموت ، كاسترخاء رجليه ، وانفصال كفيه ، وميل أنفه ، وامتداد جلدة وجهه ، وانخساف صدغيه.
مسألة ١١٥ : يستحب إعلام المؤمنين بموته ليتوفروا على تشييعه ـ وبه قال أحمد (٢) ـ لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : ( لا يموت منكم أحد إلّا آذنوني به ) (٣).
وقال الصادق عليهالسلام : « ينبغي لأولياء الميت أن يؤذنوا إخوان الميت بموته ، فيشهدون جنازته ، ويصلون عليه ، ويستغفرون له ، فيكتب لهم الاجر ، وللميت الاستغفار ، ويكتسب هو الاجر بما اكتسب لهم » (٤).
قال الشيخ في الخلاف : فأما النداء فلا أعرف فيه نصاً (٥).
وكره الشافعي النداء (٦) ، وقال أبو حنيفة : لا بأس (٧). وهو الوجه عندي.
__________________
١ ـ الكافي ٣ : ٢١٦ / ٣ ، التهذيب ١ : ٣٣٥ / ٩٨١.
٢ ـ المغني ٢ : ٣١٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٠٧ ، كشاف القناع ٢ : ٨٤ ، الإنصاف ٢ : ٤٦٧ ، المجموع ٥ : ٢١٦.
٣ ـ سنن النسائي ٤ : ٨٥ ، المستدرك للحكام ٣ : ٥٩١. وفيهما ( إلّا آذنتموني به ).
٤ ـ الكافي ٣ : ١٦٦ / ١ ، التهذيب ١ : ٤٥٢ / ١٤٧٠ ، علل الشرائع : ٣٠١ ، باب ٢٤٠.
٥ ـ الخلاف ١ : ٧٣١ مسألة ٥٦١.
٦ ـ المجموع ٥ : ٢١٥ ـ ٢١٦.
٧ ـ شرح فتح القدير ٢ : ٨٩ ، شرح العناية ٢ : ٩٠ ، المجموع ٥ : ٢١٦.
المطلب الثاني : الغسل.
وفيه مباحث :
الأول : في الكيفية.
مسألة ١١٦ : غسل الميت المسلم ، وتكفينه ، والصلاة عليه ، ودفنه من فروض الكفايات ، بإجماع العلماء ، فإن أعرابياً سقط عن بعيره فوقص (١) فمات ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : ( اغسلوه بماء وسدر ) (٢).
فيحرم أخذ الاُجرة على الواجب في هذه الاحوال ، لا على المستحب ، ولا يجب على المسلمين بذل ماءً التغسيل ، وثياب التكفين.
وفي غسله ثواب عظيم ، قال الصادق عليهالسلام : « من غسّل ميتاً فستر وكتم ، خرج من الذنوب كما ولدته امه » (٣).
مسألة ١١٧ : إذا أراد غسله ينبغي أن يفضي به إلى مغتسله ، ويكون ما يلي رجليه منحدراً ، وما يلي رأسه مرتفعاً ، لئلا يجتمع الماء تحته ، ثم يوضع على لوح أو سرير ، لأنّه أحفظ لجسده من التلطخ ، مستقبل القبلة على هيئة الاحتضار. لقول الصادق عليهالسلام وقد سئل عن غسل الميت قال : « يستقبل بباطن قدميه القبلة حتى يكون وجهه مستقبل القبلة » (٤).
وهل الاستقبال واجب؟ فيه خلاف كالاحتضار.
ويحفر لمصبّ الماء حفيرة يدخل فيها الماء ، فإن تعذر جاز أن يصب الماء إلى البالوعة.
__________________
١ ـ وقص الرجل : كسرت رقبته. الصحاح ٣ : ١٠٦١ « وقص ».
٢ ـ صحيح مسلم ٢ : ٨٦٥ / ١٢٠٦ ، مسند أحمد ١ : ٢٢٠ ـ ٢٢١ و ٣٤٦ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٩٠.
٣ ـ الفقيه ١ : ٨٦ / ٣٩٥.
٤ ـ الكافي ٣ : ١٤٠ / ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩٨ / ٨٧٣.
ويكره صبّه إلى الكنيف ، قال محمد بن الحسن الصفار : وكتبت إلى أبي محمد العسكري عليهالسلام هل يغسل الميت وماؤه الذي يصب عليه يدخل إلى بئر كنيف؟ فوقّع « يكون ذلك في بلاليع » (١).
مسألة ١١٨ : يستحب أن يغسل في بيت ـ وبه قال الشافعي ، وأحمد (٢) ـ لأنّه أستر للميت ، وإن لم يكن ستر عليه بثوب ، كراهة للنظر إلى الميت ، لإمكان ان يكون فيه عيب كان يطلب كتمانه ، ولهذا نقول : ان الغاسل ينبغي له أن يكون ثقة صالحاً.
ويستحب أن يكون تحت سقف ولا يكون تحت السماء ، قاله علماؤنا ، وبه قال أحمد (٣).
قالت عائشة : آتانا رسول الله صلىاللهعليهوآله ونحن نغسل ابنته ، فجعلنا بينها وبين السقف ستراً (٤).
وعن الصادق عليهالسلام : « أن أباه كان يستحب أن يجعل بين الميت وبين السماء ستر » (٥) يعني اذا غسل. ولعلّ الحكمة كراهة مقابلة السماء بعورته.
مسألة ١١٩ : يستحب تجريد الميت من قميصه ، بأن يفتق جيبه ، وينزع من تحته لئلا يكون فيه نجاسة تلطخ أعالي بدنه ، فإن هذه الحال مظنة النجاسة ، إذ المريض من شأنه ذلك ، خصوصاً عند الموت ، وتستر عورته بمئزر.
__________________
١ ـ الكافي ٣ : ١٥٠ / ٣ ، التهذيب ١ : ٤٣١ / ١٣٧٨.
٢ ـ المجموع ٥ : ١٥٩ ، المغني ٢ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٧.
٣ ـ المغني ٢ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٧.
٤ ـ المغني ٢ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٧.
٥ ـ التهذيب ١ : ٤٣٢ / ١٣٨٠.
واستحب تجريده ابن سيرين ، ومالك ، وأبو حنيفة ، وأحمد في إحدى الروايتين (١) لأنّ تجريده أمكن لتغسيله وأبلغ في تطهيره ، ولأن الحيّ إذا اغتسل تجرد فالميت أولى ، ولأنّه إذا غسل في ثوبه ينجس الثوب بما يخرج ، وقد لا يطهر بصب الماء عليه فيتنجس الميت به.
وقال الشافعي : يستحب أن يغسل في قميص خلق رقيق ، ينزل الماء فيه ولا يمنع الوصول إلى بدنه ، ويدخل يده في الكمين فيدلك ظاهر بدنه ، ويصب الماء من فوق القميص ، وإن كان ضيّق الكم خرق رأس التخاريص (٢) حتى يتمكن من الغُسل والدلك ، وإن كان القميص ضيقاً رده وطرح على عورته ما يسترها ـ وهو رواية عن أحمد (٣) ـ لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم غسل في قميصه وقد أرادوا خلعه ، فنودوا أن لا تخلعوه واستروا نبيكم (٤) ، ويحتمل أن يكون من خواصه للامن في طرفه من تلويث الثوب وتعذر ذلك في غيره.
على أنّه قد روي من طرقنا الغُسل في القميص ، قال الصادق عليهالسلام : « إنّ استطعت أن يكون عليه قميص تغسل من تحت القميص » (٥) ، وعن العبد الصالح عليهالسلام : « لا يغسل إلّا في قميص يدخل رجل يده
__________________
١ ـ المجموع ٥ : ١٦١ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٥٨ ، اللباب ١ : ١٢٦ ، بُلغة السالك ١ : ١٩٥ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٠ ، الشرح الصغير ١ : ١٩٥ ، الكفاية وشرح العناية ٢ : ٧١ ، المغني ٢ : ٣١٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٥ ، فتح العزيز ٥ : ١١٦ ، الوجيز ١ : ٧٢ ـ ٧٣ ، شرح فتح القدير ٢ : ٧١.
٢ ـ التخريص واحد التخاريص ، وهو ما يوصل به الثوب ليوسعه. تاج العروس ٤ : ٣٩٣ « خرص ».
٣ ـ المجموع ٥ : ١٦١ ، فتح العزيز ٥ : ١١٦ ـ ١١٧ ، الوجيز ١ : ٧٢ ـ ٧٣ ، شرح فتح القدير ٢ : ٧١ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٠ ، الاُم ١ : ٢٦٥ ، المغني ٢ : ٣١٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٥ ـ ٣١٦.
٤ ـ سنن ابن ماجة ١ : ٤١٧ / ١٤٦٦ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٨٧ ، المستدرك للحاكم ١ : ٣٥٤.
٥ ـ التهذيب ١ : ٤٤٦ / ١٤٤٣.
ويصب عليه من فوقه » (١) ، والجمع الامن وعدمه.
فروع :
أ ـ قال الشيخ في الخلاف : يستحب غسله عرياناً مستور العورة ، إمّا بقميصه ، أو ينزع عنه القميص ، ويترك على عورته خرقة. استدل على التخيير بإجماع الفرقة عملهم (٢).
ومعنى قوله : بقميصه ، أن يخرج يديه من القميص ، ويجذبه منحدراً إلى سرته ، ويجمعه على عورته ، ويجرد ساقيه ، فيصير كالعاري لرواية يونس (٣) عنهم عليهمالسلام.
ب ـ الأقرب عدم وجوب ستر عورة الصبي الذي يجوز للنساء تغسيله مجرداً ـ وبه قال أحمد (٤) ـ لأنّ جواز نظر المرأة يدل على جواز نظر الرجل.
ج ـ العورة التي يحرم النظر إليها هي القُبل والدبر ، ويكره ما بين السرة والركبة ، والجمهور على الثاني (٥) ، لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله لعلي عليهالسلام : ( لا تنظر إلى فخذ حي ولا ميّت ) (٦).
د ـ لو كان الغاسل أعمى ، أو وثق من نفسه بكف البصر عن العورة ، ولو غلطاً لم يجب الستر ، لأنّ فائدته منع الإبصار ، فإذا انتفت غايته انتفى ،
__________________
١ ـ التهذيب ١ : ٤٤٦ / ١٤٤٤ ، الاستبصار ١ : ٢٠٨ / ٧٣١.
٢ ـ الخلاف ١ : ٦٩٢ مسألة ٤٦٩.
٣ ـ الكافي ٣ : ١٤١ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ / ٨٧٧.
٤ ـ المغني ٢ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٣ ، الإنصاف ٢ : ٤٨٥.
٥ ـ المجموع ٣ : ١٦٩ ، فتح العزيز ٥ : ١١٧ ، المغني ٢ : ٣١٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٥.
٦ ـ سنن ابي داود ٣ : ١٩٦ / ٣١٤٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٦٩ / ١٤٦٠ ، سنن الدارقطني ١ : ٢٢٥ / ٤ سنن البيهقي ٣ : ٣٨٨.
لكن يستحب تحفظاً من الغير والغلط.
مسألة ١٢٠ : ويستحب أن يلين أصابعه برفق ، لأنّ انقباض كفه يمنع من الاستظهار على تطهيرها ، وإن تعسرت تركها ، لأنّه لا يؤمن انكسار أعضائه وتحصل المثلة ، وفي بعض رواياتنا يستحب تليين مفاصله (١) ـ وبه قال أحمد (٢) ـ لأنّ ذلك يحصل به اللين ، فيكون أمكن للغاسل في تكفينه وتمديده وتغسيله ، قال : يستحب ذلك في موضعين : عند الموت قبل قسوتها ، وإذا أخذ في غسله (٣).
واستحب المزني معاودة التليين (٤) ، قالت الشافعية : هذا لا يعرفه الشافعي لعدم الفائدة ، فإن الغالب أنّه لا تبقى لينة إلى هذا الوقت (٥).
أما بعد الغُسل فلا تليّن أصابعه ولا مفاصله لعدم الفائدة ، وحكى الشيخ عن الشافعي استحبابه (٦).
مسألة ١٢١ : ويستحب للغاسل أن يلف على يده خرقة ينجيه بها ، وباقي جسده يغسله بلا خرقة عملاً بالأصل.
وأوجب الشافعي وأحمد الخرقة في التنجية ، لأنّ النظر إلى العورة حرام. فاللمس (٧) أولى (٨) ، فإنّ النظر أخف ، ولهذا يتعلق تحريم
__________________
١ ـ الكافي ٣ : ١٤٠ / ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩٨ / ٨٧٣.
٢ ـ المغني ٢ : ٣١٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٢٢.
٣ ـ المغني ٢ : ٣١٨.
٤ ـ مختصر المزني : ٣٥ ، المجموع ٥ : ١٧٦ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٢.
٥ ـ المجموع ٥ : ١٧٦ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٢.
٦ ـ الخلاف ١ : ٦٩٦ مسألة ٤٨٠. واُنظر الاُم ١ : ٢٨٠ ـ ٢٨١ ، والمجموع ٥ : ١٧٦.
٧ ـ في نسخة « م » : فالمس.
٨ ـ المجموع ٥ : ١٧١ ـ ١٧٢ ، فتح العزيز ٥ : ١١٨ ـ ١١٩ ، مغني المحتاج ١ : ٣٣٣ ، الاُم ١ : ٢٦٥ و ٢٨٠ ، المغني ٢ : ٣١٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٩.
المصاهرة والظهار باللمس دون النظر ، ويمنع التحريم مع الحاجة.
قال الشافعي : يعد خرقتين نظيفتين ، إحداهما على يده يغسل بها أسفله وينجّيه ، ثم يرمي بها ، ويأخذ الاُخرى فيغسل بها بقية بدنه ، قال : ولو غسل كلّ عضو منه بخرقة كان أولى ، ولو غسل الخرقة التي نجاه (١) بها ، ثم غسل بها (٢) بدنه جاز (٣).
مسألة ١٢٢ : ويبدأ بغسل فرجه بماء السدر والحرض (٤) ، لقول الصادق عليهالسلام : « ثم ابدأ بفرجه بماء السدر والحرض ، فاغسله ثلاث غسلات » (٥) وهذا على جهة الاستحباب.
ويجب أن يبدأ بإزالة النجاسة عن بدنه إجماعاً ، لأنّ المراد تطهيره ، وإذا وجب إزالة الحكمية عنه فالعينية أولى ، ليكون (٦) ماءً الغُسل طاهراً ، وفي رواية يونس عنهم عليهمالسلام : « إمسح بطنه مسحاً رفيقاً ، فإن خرج منه شيء فانقه » (٧).
مسألة ١٢٣ : وتجب فيه النيّة على الغاسل ، قاله الشيخ (٨) رحمه الله ، وهو أحد قولي الشافعي ، ومذهب أحمد ، لأنّه عبادة فتجب فيه النيّة ،
__________________
١ ـ وفي نسخة ( م ) : أنجاه.
٢ ـ لم ترد في نسخة ( م ).
٣ ـ المجموع ٥ : ١٧١ ، فتح العزيز ٥ : ١١٨.
٤ ـ الحرض : بضمتين أو إسكان الراء وهو الاشنان بضم الهمزة. مجمع البحرين ٤ : ٢٠٠ ، الصحاح للجوهري ٣ : ١٠٧٠ « حرض ».
٥ ـ الكافي ٣ : ١٤٠ / ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩٨ / ٨٧٣.
٦ ـ في نسخة ( ش ) : وليكن.
٧ ـ الكافي ٣ : ١٤٢ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ / ٨٧٧.
٨ ـ الخلاف ١ : ٧٠٢ مسألة ٤٩٢.
والثاني : لا تجب عملاً بالأصل (١) ، لأنّه تطهير من نجاسة الموت ، فهو إزالة نجاسة كغسل الثوب النجس.
مسألة ١٢٤ : ويستحب أن يؤخذ من السدر شيء فيطرح في إجانة ويضرب ضرباً جيداً حتى يرغو ، فتؤخذ رغوته فتطرح في موضع نظيف ، ثم يغسل به رأسه وجسده ، روى معاوية بن عمار قال : أمرني الصادق عليهالسلام أن أوضيه ثم أغسله بالاشنان ، وأغسل رأسه بالسدر ولحيته ، ثم افيض على جسده منه ، ثم أدلك به جسده (٢) ، فإن تعذر السدر فالخطمي أو ما يقوم مقامه في تنظيف الرأس.
مسألة ١٢٥ : فإذا فرغ شرع في غسله الواجب ، والمشهور عند علمائنا أنّه ثلاث مرات ، مرّة بماء السدر ، والثانية بماء فيه كافور ، والثالثة بالقراح ، لأنّ اُم عطية روت أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال في ابنته : ( ثم اغسليها ثلاثاً ، أو خمساً ، أو أكثر من ذلك بماء وسدر ، واجعلي في الأخيرة كافوراً أو شيئاً من الكافور ) (٣).
ومن طريق الخاصة قول الصادق عليهالسلام : « يغسل الميت ثلاث غسلات : مرّة بالسدر ، ومرة بالماء يطرح فيه الكافور ، ومرة اُخرى بالماء القراح » (٤) والأمر للوجوب.
وقال بعض علمائنا : الواجب مرّة واحدة بماء القراح ، والباقيتان
__________________
١ ـ المجموع ٥ : ١٥٦ ، فتح العزيز ٥ : ١١٤ ، الوجيز ١ : ٧٢ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠١ ، المغني ٢ : ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٩.
٢ ـ التهذيب ١ : ٣٠٣ / ٨٨٢ ، الاستبصار ١ : ٢٠٧ / ٧٢٩.
٣ ـ صحيح البخاري ٢ : ٩٣ و ٩٤ و ٩٥ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٤٦ / ٩٣٩ ، سنن ابي داود ٣ : ١٩٧ / ٣١٤٢ ، سنن النسائي ٤ : ٢٨ ، سنن الترمذي ٣ : ٣١٥ / ٩٩٠ ، الموطأ ١ : ٢٢٢ / ٢.
٤ ـ الكافي ٣ : ١٤٠ / ٣ ، التهذيب ١ : ٣٠٠ / ٨٧٦.
مستحبتان (١) ـ وهو مذهب الجمهور (٢) ـ لأنّه كغسل الجنابة ، وللأصل ، والأول أشهر وأحوط ، فتعين العمل به.
فروع :
أ ـ السدر والكافور لا يبلغ بهما إلى سلب الاطلاق ، لصيرورة الماء مضافاً فلا يفيد التطهير ، بل ينبغي أن يكون في الماء قدر سبع ورقات من سدر.
ب ـ يجب في كلّ غسلة الترتيب فيبدأ برأسه ، ثم بشقه الأيمن ، ثم بشقه الأيسر ، ذهب إليه علماؤنا ، لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ لما توفيت ابنته ـ للنساء : ( إبدأن بميامنها ) (٣).
وقول الصادق عليهالسلام : « إذا أردت غسل الميت ـ إلى أن قال ـ : وتغسل رأسه ثلاث مرات بالسدر ، ثم سائر جسده ، وابدأ بشقه الأيمن ـ إلى أن قال ـ : فإذا فرغت من غسله فاغسله مرّة اُخرى بماء وكافور وشيء من حنوطه ، ثم اغسله بماء غسلة اُخرى » (٤) ولقول الباقر عليهالسلام : « غسل الميت مثل غسل الجنب » (٥).
وفي سقوط الترتيب لو غمس في الكثير إشكال.
ج ـ يستحب أن يبدأ بغسل يديه قبل رأسه ، ثم يغسل رأسه ، يبدأ بشقه الأيمن ، ثم الأيسر ، ويغسل كلّ عضو منه في كلّ غسلة ثلاث مرات ، قاله
__________________
١ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٧١.
٢ ـ المجموع ٥ : ١٦٩ ، المغني ٢ : ٣٣٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٢١ ، مغني المحتاج ١ : ٣٣٤ ، شرح فتح القدير ٢ : ٧٣ ، شرح العناية ٢ : ٧٤.
٣ ـ صحيح البخاري ٢ : ٩٣ و ٩٤ صحيح مسلم ٢ : ٦٤٨ / ٩٣٩ ، سنن أبي داود ٣ : ١٩٧ / ٣١٤٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٣١٦ / ٩٩٠.
٤ ـ الكافي ٣ : ١٣٩ / ١ ، التهذيب ١ : ٢٩٩ ـ ٣٠٠ / ٨٧٤.
٥ ـ التهذيب ١ : ٤٤٧ / ١٤٤٧ ، الاستبصار ١ : ٢٠٨ ـ ٢٠٩ / ٧٣٢ ، الفقيه : ١٢٢ / ٥٨٦.
علماؤنا ، لقول الصادق عليهالسلام : « ثم تحول إلى رأسه ، فابدأ بشقه الأيمن من رأسه ولحيته ، ثم تثني بشقه الأيسر » (١) وروى التكرار يونس عن رجاله (٢).
د ـ إذا فرغ من غسل رأسه ، وضعه على جنبه الأيسر ليبدو له الأيمن ، فيغسله في كلّ غسلة من قرنه إلى قدمه ، ثم يضعه على جانبه الأيمن ليبدو له الأيسر ، فيغسل من قرنه إلى قدمه.
هـ ـ لا ينبغي وضع السدر صحيحاً بل مطحوناً ، لأنّ المراد به التنظيف ، والمعد للتنظيف إنّما هو المطحون.
و ـ لا يغسل أكثر من ثلاث مرات ، لأنّه أمر شرعي فيقف على النقل.
وقال الشافعي ، وأحمد : الأفضل أن يغسل ثلاث مرات ، فإن لم يحصل الإنقاء غسل خمس مرات ، أو سبعاً ، وترا لا شفعا (٣) ، لحديث اُم عطية (٤) ، ولم يقدره مالك (٥).
ز ـ لو تعذر السدر أو الكافور أو هما ، ففي سقوط الغسلة بفقدهما نظر أقربه العدم ، لأنّ وجوب الغُسل الخالص يستلزم المطلق.
ح ـ لو غير الترتيب فغسله أولاً بالقراح ، وثانياً بالسدر أو الكافور ، وثالثاً بالآخر ، فعلى قول سلّار (٦) لا بحث ، وعلى قولنا يمكن الطهارة لحصول
__________________
١ ـ الكافي ٣ : ١٤٠ / ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩٨ ـ ٢٩٩ / ٨٧٣.
٢ ـ كذا في الاصلين والصحيح : علي بن ابراهيم عن أبيه عن رجاله عن يونس عنهم عليهمالسلام كما في الكافي ٣ : ١٤١ / ٥ والتهذيب ١ : ٣٠١ / ٨٧٧.
٣ ـ المجموع ٥ : ١٦٩ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٢ ، المغني ٢ : ٣٢٣ ـ ٣٢٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٢١ ، الاُم ١ : ٣٣٤ ، مغني المحتاج ١ : ٣٣٤.
٤ ـ صحيح البخاري ٢ : ٩٣ ـ ٩٥ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٤٦ / ٩٣٩ ، سنن ابي داود ٣ : ١٩٧ / ٣١٤٢ ، سنن الترمذي ٣ : ٣١٥ / ٩٩٠ ، الموطأ ١ : ٢٢٢ / ٢ ، سنن النسائي ٤ : ٢٨.
٥ ـ بداية المجتهد ١ : ٢٣٠ ، الشرح الصغير ١ : ١٩٥ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٣ ، الاُم ١ : ٢٦٤.
٦ ـ راجع المعتبر : ٧١.
الانقاء المقصود من الغسلات ، والعدم لمخالفة الأمر.
ط ـ الواجب عند أكثر علمائنا جعل السدر في الغسلة الاُولى خاصة ، والكافور في الثانية خاصة (١).
وقال الشافعي : يجعل السدر في الاُولى استحباباً ، وهل يحصل بها التطهير؟ عنده وجهان : المنع لتغيير الماء بالسدر ، والطهارة لأنّ المراد الإنقاء والتنظيف ، وهي أبلغ فيه ، فعلى الأول لا تحسب من الثلاث ، بل يستحب صب الماء القراح عليه بعدها ثلاثاً ، وفي وجه : تحتسب.
وعلى تقدير عدم الاحتساب ففي احتساب الثانية بالقراح من الثلاث ، وجهان : العدم عند الأكثر لامتزاج الماء بما على المحل من السدر الذي في الغسلة الاُولى ، والمحسوب الغسلات بعد زوال السدر (٢) ، وعندنا أن إطلاق الماء باق ، وقال أحمد : يجعل السدر في الثلاث (٣).
أما الكافور فعندنا أنّه في الثانية وجوبا ، وعند الشافعي وأحمد يستحب جعله في الثالثة (٤) ، القول النبيّ صلّى اله عليه وآله لام عطية : ( واجعلي في الأخيرة كافوراً ) (٥) ، ولأنّه يبرد ويطيب ريحه.
ي ـ لو لم يجد السدر ففي تغسيله بما يقوم مقامه من الخطمي ونحوه
__________________
١ ـ منهم الشيخ الطوسي في النهاية : ٣٢ والمبسوط ١ : ١٧٧ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٦٤ ، والمحقق في المعتبر : ٧١.
٢ ـ المجموع ٥ : ١٧٣ ـ ١٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ١٢١ ـ ١٢٢.
٣ ـ المغني ٢ : ٣٢٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٢٠.
٤ ـ المجموع ٥ : ١٧٥ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٢ ـ ١٢٣ ، مغني المحتاج ١ : ٣٣٤ ، المغني ٢ : ٣٢٣ ، الشرح الكبير ١ : ٣٢٤.
٥ ـ صحيح البخاري ٢ : ٩٣ ـ ٩٥ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٤٦ / ٩٣٩ ، سنن أبي داود ٣ : ١٩٧ / ٣١٤٢ ، سنن الترمذي ٣ : ٣١٥ / ٩٩٠ ، الموطأ ١ : ٢٢٢ / ٢ ، سنن النسائي ٤ : ٢٨.
إشكال ـ قال به أحمد (١) ـ لحصول المقصود منه. ولعدم التنصيص.
ولو غسله بذلك مع وجود السدر لم يجز.
وقال أحمد : يجوز لأنّ المعنى ـ وهو التنظيف ـ موجود ، والحكم يتعدى في كلّ ما وجد فيه المعنى (٢).
ولو غسله بالقراح من غير سدر وكافور لم يجز أيضاً ، وهو يحصل التهطير؟ إشكال.
والغريق يغسل عندنا واجباً ، ويلزم سلار العدم ، وهو أحد قولي الشافعي ، وفي الآخر : [ لا يجزئ ) (٣) لعدم النيّة (٤).
يا ـ لا فرق بين الرجل والمرأة ، والحر والعبد ، والصغير والكبير في الغسل.
مسألة ١٢٦ : يستحب مسح بطنه في الغسلتين الأولتين قبلهما مسحاً رفيقاً ، لخروج ما لعله بقي مع الميت ، لاسترخاء الأعضاء ، وعدم القوة الماسكة ، وبقاؤه يؤدي إلى خروجه بعد الغُسل ، فيؤذي الكفن.
أما الحامل فلا يمسح بطنها خوفاً من الإجهاض.
ولا يمسح في الثالثة بإجماع علمائنا ، لأنّ المطلوب يحصل بالمرتين ، ورواية يونس (٥) عنهم عليهمالسلام ، فإنها تضمنت المسح في الثانية.
__________________
١ ـ المغني ٢ : ٣٢١ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٢١.
٢ ـ المغني ٢ : ٣٢١ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٢١.
٣ ـ ورد في نسختي ( ش ) و ( م ) : لا يجوز ، والصحيح ما أثبتناه.
٤ ـ المجموع ٥ : ١٤٥ ، فتح العزيز ٥ : ١١٤ ، مغني المحتاج ١ : ٣٣٢.
٥ ـ الكافي ٣ : ١٤١ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ / ٨٧٧.
وقال الشافعي ، وأحمد : يمسح في الثالثة أيضاً (١) ، قال الشافعي : ولا يمسح بعد الثالثة (٢) ، لجواز أن يخرج منه شيء فيحتاج إلى غسله مرّة ثانية.
مسألة ١٢٧ : إذا خرج من الميت شيء بعد غسله ثلاثاً فإن لم يكن ناقضاً غسل ، وإن كان أحد النواقض فلعلمائنا قولان : قال ابن أبي عقيل : يعاد الغُسل (٣) ـ وبه قال ابن سيرين ، وإسحاق ، والشافعي في أحد أقواله (٤) ـ إذ القصد في غسل الميت أن يكون خاتمة أمره الطهارة الكاملة.
وظاهر كلام باقي علمائنا : غسل النجاسة حسب (٥) ـ وهو أحد أقوال الشافعي ، والثوري ، ومالك ، وأبي حنيفة (٦) ـ لأنّ خروج النجاسة من الحيّ بعد غسله لا يبطل ، كذلك الميت ، ولقول الصادق عليهالسلام : « إن بدا منه شيء بعد غسله فاغسل الذي بدا منه ولا تُعيد الغُسل » (٧).
وقال أبو إسحاق من الشافعية : الواجب أن يوضّئه للصلاة ولا يعيد غسله كالحي (٨).
__________________
١ ـ المجموع ٥ : ١٧٥ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٣٦ ، المغني ٢ : ٣١٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٨ ، المحرر في الفقه ١ : ١٨٥.
٢ ـ اُنظر المهذب للشيرازي ١ : ١٣٦.
٣ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٧٣.
٤ ـ المجموع ٥ : ١٧٦ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٣ ، المغني ٢ : ٣٢٥.
٥ ـ منهم الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٨١ ، والمحقق في المعتبر : ٧٣ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٥٩ ، ويحيى بن سعيد الحلّي في الجامع للشرائع : ٥١.
٦ ـ المجموع ٥ : ٧٦ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٣ ، المغني ٢ : ٣٢٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٢٦ ـ ٣٢٧ ، اللباب ١ : ١٢٧.
٧ ـ التهذيب ١ : ٤٤٩ / ١٤٥٦.
٨ ـ المجموع ٥ : ١٧٦ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٣.
البحث الثاني : في الغاسل
مسألة ١٢٨ : الأصل أن يغسل الرجالُ الرجالَ ، والنساءُ النساءَ ، وليس للرجل غسل المرأة إلّا بأحد أسباب :
أحدها : الزوجية ، فللزوج غسل زوجته اختياراً عند أكثر علمائنا (١) ، ـ وبه قال عطاء ، وجابر بن زيد ، وسليمان بن بشار ، وأبوسلمة بن عبدالرحمن ، وعلقمة ، وقتادة ، وأبوالشعثا ، وحماد ، ومالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وداود ، وزفر ، وأحمد في أصح الروايات عنه (٢) ـ لأنّ فاطمة عليهاالسلام أوصت أن تغسلها أسماء بنت عميس ، وعلي عليهالسلام ، فكان علي عليهالسلام يصب الماء عليها (٣) ، واشتهر ذلك في الصحابة ، ولم ينكره أحد ، فكان إجماعاً ، وسئل الصادق عليهالسلام عن الرجل يخرج إلى السفر ومعه امرأته يغسلها؟ قال : « نعم ، واُخته ، ونحو هذا ، ويلقي على عورتها خرقة » (٤).
وللشيخ قول أخر بالمنع ، إلّا مع عدم النساء من وراء الثياب (٥) ، وبه
__________________
١ ـ منهم : الصدوق في المقنع : ٢٠ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٧٥ ، وابن البراج في شرح جمل العلم والعمل : ١٥٤ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ٢٣٧ ، وسلار في المراسم : ٥٠ ، والمحقق في شرائع الإسلام ١ : ٣٧ ، ويحيى بن سعيد الحلّي في الجامع للشرائع : ٥٠.
٢ ـ المجموع ٥ : ١٤٩ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٤ ، الوجيز ١ : ٧٣ ، الاُم ١ : ٢٧٣ ، سبل السلام ٢ : ٥٥٠ و ٥٥١ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٧١ ، شرح فتح القدير ٢ : ٧٦ ، المغني ٢ : ٣٩٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١١ ، القوانين الفقهية : ٩٢.
٣ ـ سنن البيهقي ٣ : ٣٩٦ ، سنن الدارقطني ٢ : ٧٩ / ١٢ ، كشف الغمة ١ : ٥٠٠ ، دعائم الإسلام ١ : ٢٢٨.
٤ ـ الكافي ٣ : ١٥٨ / ٨ ، التهذيب ١ : ٤٣٩ / ١٤١٨ ، الاستبصار ١ : ١٩٩ / ٦٩٩ ، الفقيه ١ : ٩٤ / ٤٣٣.
٥ ـ التهذيب ١ : ٤٣٩ ذيل الحديث ١٤٢٠ ، الاستبصار ١ : ١٩٩ ، ذيل الحديث ٧٠١.
قال أبو حنيفة ، والثوري ، والأوزاعي ، وأبو يوسف (١) ، ومحمد ، وأحمد في رواية ، لأنّ الموت فرقة تبيح الاُخت ، والرابعة سواها ، فحرمت اللمس والنظر ، كما لو طلقها قبل الدخول (٢).
وقياسهم باطل ، لأنّه يمنع الزوجة من النظر إلى الزوج ، وهنا بخلافه.
فروع :
أ ـ لو طلقها ثم ماتت ، فإن كان رجعياً حلّ له تغسيلها ، لبقاء حكم الزوجية ، ولهذا تعتد للوفاة ويتوارثان ـ وروى المزني على الشافعي التحريم (٣) ـ وإن كان بائناً لم يجز.
ب ـ لا فرق بين الزوجة الحرة والامة ، والمكاتبة والمستولدة.
ج ـ لو ماتت زوجة غير مدخول بها جاز له غسلها ، كالمدخول بها ، فإن المتقضي ـ وهو الزوجية ـ مشترك ، وقال بعض الجمهور : لا يجوز للفرقة وليس بينهما من الاستمتاع ما تصير به في معنى الزوجية (٤) ، وهو غلط.
د ـ لو كانت ذمية لم يجز له غسلها ، لأنّ المسلم لا يغسل الكافر.
السبب الثاني : الملك ، فيجوز للسيد غسل أمته ، ومدبرته ، وام ولده ـ وبه قال الشافعي (٥) ـ لأنّهن في معنى الزوجة في اللمس والنظر
____________
١ ـ في نسخة ( م ) : وأبو ثور ، ولم نجد لهما ذكراً بحدود المصادر المتوفرة عندنا.
٢ ـ المجموع ٥ : ١٥٠ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٤ ، شرح فتح القدير ٢ : ٧٦ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٧١ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢٨ ، الوجيز ١ : ٧٣ ، المغني ٢ : ٣٩٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١١.
٣ ـ مختصر المزني : ٣٦.
٤ ـ المغني ٢ : ٣٩٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٢.
٥ ـ المجموع ٥ : ١٥٣ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٥ ، الوجيز ١ : ٧٣ ، مغني المحتاج ١ : ٣٣٤.
والاستمتاع ، فكذلك في الغُسل ، ويلزمه النفقة عليها بحكم الملك ، فكان له تغسيلها كالحرة ، وقال أبو حنيفة : لا يجوز ، لأنّ له أن يطأ اختها في هذه الحال فأشبهت الاجنبية (١).
فروع :
أ ـ الأقوى أن المكاتبة كالأجنبية ، لتحريمها على المولى بعقد الكتابة ، سواء كانت مطلقة أو مشروطة.
ب ـ لو كانت الامة مزوجة أو معتدة لم يكن للسيد تغسيلها.
ج ـ لو انعتق بعضها فكالحرة ، أما المولى منها من الزوجات والاماء ، أو المظاهر منها ، فإنهن كالزوجات ، والمرتدة كالزوجة يغسلها الزوج.
السبب الثالث : المحرمية ، وللرجل أن يغسل من ذوي أرحامه محارمه من وراء الثياب عند عدم الزوج والنساء ، نعني بالمحارم من لا يجوز للرجل نكاح واحدة منهن نسباً أو رضاعاً ، كالبنت والاُخت ، والعمة والخالة ، وبنت الاخ وبنت الاُخت ، ذهب إليه علماؤنا ، لتسويغ النظر إليهن في الحياة. ومنع الجمهور ذلك (٢) ، وكلام الشافعية يعطي الجواز ـ وبه قال مالك ، ومحمد (٣) ـ عند الضرورة (٤).
____________
١ ـ شرح فتح القدير ٢ : ٧٦ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٧١ ، المجموع ٥ : ١٥٣ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٥.
٢ ـ المجموع ٥ : ١٥١ ، المغني ٢ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٣ ، الحجة على أهل المدينة ١ : ٣٥٨ ، المنتقى للباجي ٢ : ٥.
٣ ـ في نسخة ( م ) : أحمد. وما أثبتناه من ( ش ) هو الصحيح وكما في المصادر ، اُنظر المغني ٢ : ٣٩٦ والشرح الكبير ٢ : ٣١٣.
٤ ـ المجموع ٥ : ١٥١ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٨ ، مغني المحتاج ١ : ٣٣٥ ، الوجيز ١ : ٧٣ ، المغني ٢ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٣ ، المدونة الكبرى ١ : ١٨٦ ، القوانين الفقهية : ٩١.
وأما من ليس من المحارم من ذوي الأرحام ، كبنت العم ، وبنت الخال ، فإنهن كالاجنبيات.
مسألة ١٢٩ : لو ماتت امرأة وليس هنالك إلّا الأجنبي ، قال علماؤنا : تدفن بثيابها ، ولا يغسلها الأجنبي ، ولا ييممها ، لتحريم النظر واللمس في حال الحياة ، فكذا الموت ، ولقول الصادق عليهالسلام في الرجل يموت في السفر في أرض ليس معه إلّا النساء قال : « يدفن ولا يغسل ، والمرأة تكون مع الرجال في تلك المنزلة تدفن ولا تغسل » (١).
وللشافعي وجهان ، أحدهما : أنهم يغسلونها في ثيابها ، ويلف الغاسل خرقة على يده ، ويغض الطرف إلّا لضرورة ، وأظهرهما : أنها لا تغسل ولكن تيمم (٢).
وفقد الغاسل كفقد الماء ، وبهذا قال مالك ، وأبو حنيفة (٣) ، وعن أحمد روايتان كالوجهين (٤).
وقد روى أصحابنا أنهم يغسلون منها محاسنها : يديها ، ووجهها ، لأنّها مواضع التيمم (٥) ، قال الشيخ : والمنع أحوط (٦). وروي عن الباقر عليه
__________________
١ ـ الكافي ٣ : ١٥٨ / ٧ ، التهذيب ١ : ٤٣٨ / ١٤١٤ ، الاستبصار ١ : ١٩٧ / ٦٩٣.
٢ ـ المجموع ٥ : ١٤١ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٦ ، الوجيز ١ : ٧٣ ، مغني المحتاج ١ : ٣٣٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٤.
٣ ـ المجموع ٥ : ١٥١ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٦ ، المدونة الكبرى ١ : ١٨٦ ، شرح فتح القدير ٢ : ٧١ و ٧٦.
٤ ـ المغني ٢ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٤ ، المجموع ٥ : ١٥١ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٦.
٥ ـ الكافي ٣ : ١٥٩ / ١٣ ، الفقيه ١ : ٩٥ / ٤٣٨ ، التهذيب ١ : ٤٤٢ / ١٤٢٩ ، الاستبصار ١ : ٢٠٢ / ٧١٤.
٦ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١٧٥.