أبو البركات بن الأنباري
المحقق: الدكتور طه عبد الحميد طه
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: الهيئة المصريّة العامّة للكتاب
الطبعة: ٢
ISBN: 977-419-179-X
الصفحات: ٥٧٦
قوله تعالى : (تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ) (٦١).
منصوب على المصدر لأن (فسلموا) معناه ، فحيّوا.
قوله تعالى : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) (٦٣).
الكاف ، فى موضع نصب ، لأنه مفعول بأن يجعل.
قوله تعالى : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً) (٦٣).
لواذا ، منصوب على المصدر فى موضع الحال من الواو فى (يتسللون) ، وتقديره يتسللون ملاوذين ، وصح (لواذا) لأنه مصدر (لاوذ) فإن (لاوذ لواذا) كقاوم قواما ، لأن المصدر يتبع الفعل فى الصحة والاعتلال ، ولو كان مصدر (لاذ) لكان (لياذا) معتلا لاعتلال الفعل ، كقام قياما.
«غريب إعراب سورة الفرقان»
قوله تعالى : (وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها) (٥).
أساطير الأولين ، مرفوع لأنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، هذه أساطير ، وأساطير ، جمع أسطورة ، وقيل : أسطار ، نحو ، أقوال وأقاويل.
قوله تعالى : (لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) (٧).
فيكون ، منصوب على جواب التحضيض بالفاء ، بتقدير (أن).
قوله تعالى : (أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ) (٨).
بالرفع لا غير ، عطفه على (يلقى) وكلاهما داخل فى التحضيض ، وليس بجواب له.
قوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً) (١٠).
عل ، قرئ بالجزم والرفع ، فمن قرأ بالجزم عطفه على جواب الشرط وهو (جعل) وموضعه الجزم ، وحسن أن يعطف المستقبل على الماضى لفظا لأنه فى معنى المستقبل ، لأن (إن) الشرطية تنقل الفعل الماضى إلى الاستقبال. ومن قرأ بالرفع لم يعطفه عليه وجعله مستأنفا ، وتقديره ، وهو يجعل لك.
قوله تعالى : (سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) (١٢).
تقديره ، سمعوا لها صوت تغيّظ وزفير. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
قوله تعالى : (قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ) (١٥).
ذلك ، إشارة إلى ما ذكره من ذكر السعير ، وجاء التفضيل بينهما على حد قولهم ، الشقاء أحب إليك أم السعادة. وأفعل التى للتفضيل ، تقتضى الاشتراك بين الشيئين فى الأصل ، وإن اختلفا فى الوصف ، فلا يجوز ، العسل أحلى من الخل. لعدم الاشتراك فى أصل الحلاوة ، وأجازه الكوفيون.
قوله تعالى : (لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ) (١٦).
خالدين ، منصوب على الحال من الضمير المجرور فى (لهم) ، أو من الضمير المرفوع فى (يشاءون).
قوله تعالى : (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ) (٢٢).
يوم ، منصوب على الظرف والعامل فيه فعل مقدر ، وتقديره ، يمنعون يوم البشارة يرون الملائكة. ولا يجوز أن يعمل فيه (لا بشرى) ، لأن ما فى حيّز النفى لا يعمل فيما قبله.
و (لا بشرى) إن جعلت بشرى مبنية مع (لا) ، كان (يومئذ) خبرا لها ، لأنه ظرف زمان وظروف الزمان تكون أخبارا عن المصادر. وللمجرمين ، صفة للبشرى.
وإن جعلت (بشرى) غير مبنية مع (لا) أعملت «بشرى» فى «يومئذ» ، لأن الظروف يعمل فيها معانى الأفعال. وللمجرمين ، خبر «لا».
قوله تعالى : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) (٢٥).
الباء فى قوله «بالغمام» للحال ، والتقدير ، يوم تشقق السماء وعليه الغمام ، كقولك : خرج زيد بسلاحه ، أى ، وعليه سلاحه.
قوله تعالى : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ) (٢٦).
الملك ، مرفوع لأنه مبتدأ. ويومئذ ، ظرف له. والحق ، مرفوع لأنه وصف «للملك». والجار والمجرور ، فى موضع خبر المبتدأ ، ويجوز أن يكون «يومئذ» معمول الخبر الذى هو «للرحمن» ، ويجوز أن يكون «الحق» خبرا ، ويكون الجار والمجرور فى موضع الحال. ولا يجوز أن يكون يومئذ معمول الحق ، لأن «الحق» مصدر ، وما يتعلق بالمصدر لا يجوز أن يتقدم عليه.
قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ (١) عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ) (٣٢).
فى اللام فى «لنثبّت» وجهان :
أحدهما : أن تكون متعلقة بفعل مقدر ، وتقديره ، نزلناه لنثبت به فؤادك. لأنهم قالوا : لو لا نزل عليه القرآن جملة واحدة. فاللام من صلة ذلك الفعل المقدر. والكاف ، صفة لمصدر محذوف دل عليه «نزلناه».
والثانى : أن تكون اللام لام القسم ، والنون معها مقدرة ، وتظهر النون معها إذا فتحت ، وتقديره ، والله لنثبتن. وتسقط إذا كسرت. وقد قدمنا ذكره وهو قول الفراء.
قوله تعالى : (وَقَوْمَ) (٢) (٣٧).
قوم ، منصوب من ثلاثة أوجه :
الأول : أن يكون منصوبا بالعطف على الهاء والميم فى «دمرناهم».
والثانى : أن يكون منصوبا بتقدير فعل يفسره «أغرقناهم» وتقديره ، أغرقنا قوم نوح كما كذبوا الرسل أغرقناهم.
والثالث : أن يكون منصوبا بتقدير ، اذكر.
__________________
(١) (وقالوا لو لا نزل عليه ..) هكذا فى أوب.
(٢) (ويوم) فى أ ، ومطموسة فى ب.
قوله تعالى : (وَعاداً وَثَمُودَ) (٣٨).
كله ، منصوب بالعطف على (قَوْمَ نُوحٍ) إذا نصب بتقدير ، اذكر ، أو بالعطف على «دمرناهم» ، ولا يجوز أن يكون بالعطف على «وجعلناهم».
قوله تعالى : (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً) (٣٩).
كلّا ، منصوب بفعل مقدر ، وتقديره ، أنذرنا كلّا. لأن ضرب الأمثال فى معنى الإنذار ، فجاز أن يكون تفسيرا ل «أنذرنا». وكلّا ، منصوب «بتبّرنا». وتتبيرا ، مصدر مؤكد.
قوله تعالى : (وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) (٤١).
إن ، بمعنى «ما» وتقديره ، ما يتخذونك إلا هزؤا. أى ، ذا هزؤ ، كقوله تعالى :
(إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ)(١).
أى ، ما الكافرون إلا فى غرور. وموضع الجملة النصب بفعل مقدر ، وتقديره ، وإذا رأوك ما يتخذونك إلا هزؤا قائلين أهذا الذى بعث الله رسولا. ورسولا ، فى نصبه وجهان :
أحدهما : أن يكون منصوبا على الحال.
والثانى : أن يكون منصوبا على المصدر ، ويكون (رسولا) بمعنى (رسالة) ، كقول الشاعر :
__________________
(١) ٢٠ سورة الملك.
١٣٨ ـ وما أرسلتهم برسول (١).
أى ، برسالة (٢).
قوله تعالى : (إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا) (٤٢).
إن ، ههنا عند البصريين مخففة من الثقيلة ، وتقديره ، ما كاد إلّا يضلنا. وقد قدمنا نظائره.
قوله تعالى : (وَأَناسِيَّ كَثِيراً) (٤٩).
أناسى ، فى واحده وجهان :
أحدهما : أن يكون واحده (إنسيّا).
والثانى : أن يكون واحده (إنسانا) ، وأصل (أناسى) على هذا الوجه (أناسيين) فأبدلوا من النون ياء ، وهذا قول الفراء. وهو ضعيف فى القياس لأنه لو كان ذلك قياسا ، لكان يقال فى جمع سرحان سراحىّ ، وذلك لا يجوز.
قوله تعالى : (وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) (٥٥).
على ربه ، أى ، على معصية ربه. فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ) (٥٧).
من ، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع. وإلى ربه ، أى ، إلى قربه ربّه. فحذف المضاف.
قوله تعالى : (وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً) (٥٨).
أى ، كفاك الله. فحذف المفعول الذى هو الكاف. والباء ، زائدة. وخبيرا ، منصوب على التمييز أو الحال.
__________________
(١) اللسان مادة (رسل) والبيت من قول كثير عزة ، وهو بتمامه :
لقد كذب الواشون ما بحت عندهم |
|
بسر ولا أرسلتهم برسول |
(٢) (أى برسالة) زيادة فى ب.
قوله تعالى : (الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) (٥٩).
الرحمن ، مرفوع من أربعة أوجه.
الأول : أن يكون خبر مبتدأ محذوف وتقديره ، هو الرحمن.
والثانى : أن يكون مبتدأ و (فاسأل به) خبره.
والثالث : أن يكون خبر (الذى خلق السّموات والأرض) ، إذا جعلته مبتدأ.
والرابع : أن يكون بدلا من المضمر فى (استوى).
ويجوز النصب على المدح. والجر على البدل من (الحىّ). وخبيرا (١) ، منصوب لأنه مفعول (اسأل) ، وهو وصف لموصوف محذوف ، وتقديره ، فاسأل به إنسانا خبيرا ، وقيل تقديره ، فاسأل عنه مخبرا خبيرا. والباء تكون بمعنى (عن).
قال الشاعر :
١٣٩ ـ فإن تسألونى بالنساء فإننى |
|
خبير بأدواء النساء طبيب (٢) |
أى ، عن النساء.
قوله تعالى : (أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا) (٦٠).
ما ، يجوز أن تكون اسما موصولا ، فيكون التقدير فيه ، للذى تأمرنا به ، فحذف حرف الجر ثم الهاء العائدة إلى الاسم الموصول ، ويجوز أن تكون مصدرية ، فلا تفتقر إلى أن تحذف شيئا.
__________________
(١) (نصيرا) فى أ.
(٢) الشاهد من قصيدة علقمة بن عبدة التميمى ، التى مطلعها :
طحا بك قلب فى الحسان طروب |
|
بعيد الشباب عصر حان مشيب |
وبالنساء : أى عن النساء.
قوله تعالى : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) (٦٣).
وعباد الرحمن ، مرفوع لأنه مبتدأ. والذين يمشون ، خبره. وقيل : الذين يمشون ، صفة له ، وكذلك :
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ) و (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ) (٦٤ و ٦٥).
إلى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا) (٧٤).
وخبر المبتدأ قوله تعالى :
(أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ) (٧٥) (١).
قوله تعالى : (قالُوا سَلاماً) (٦٣).
منصوب على المصدر ، أى (تسليما) ، فسلام فى موضع تسليم. وقيل (سلاما) فى موضع (تسلم). وهو منصوب بفعل مقدر. وتقديره. سلمنا منكم تسلّما. فسلاما فى موضع (تسلّم) ، بمعنى البراءة والمتاركة.
قوله تعالى : (وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) (٦٧).
اسم كان مضمر فيها. وقواما ، خبرها. أى. كان الإنفاق ذا قوام بين الإسراف والإقتار ، ويجوز أن يكون (بين) متعلقا بخبر كان. أى ، كائنا بين ذلك. فيكون (قواما) خبرا بعد خبر.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (٦٨) و (٦٩).
__________________
(١) الآيات ٦٤ ، ٦٥ ، ٧٤ ، ٧٥ على الترتيب من سورة الفرقان.
يضاعف : يقرأ جزما ورفعا ، فالجزم على البدل من (يلق أثاما) لأن لقى الآثام ، مضاعفة العذاب ، لأن الفعل يبدل من الفعل ، كما يبدل الاسم من الاسم. قال الشاعر :
١٤٠ ـ إن يجبنوا أو يغدروا |
|
أو يبخلوا لا يحفلوا (١) |
يغدوا عليك مرجّلين كأنّهم لم يفعلوا |
فقوله : يغدوا عليك ، بدل من قوله : لا يحفلوا.
والرفع لوجهين.
أحدهما : أن يكون فى موضع الحال.
والثانى : أن يكون على الاستئناف والقطع مما قبله.
قوله تعالى : (فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً) (٧١).
أصل متابا ، متوب ، فنقلت الفتحة من الواو إلى التاء ، فتحركت فى الأصل ، وانفتح ما قبلها الآن ، فقلبت ألفا ، وهو منصوب على المصدر وهو مصدر مؤكد.
قوله تعالى : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) (٧٢).
كراما ، منصوب على الحال من الواو فى (مرّوا).
وكذلك قوله تعالى : (صُمًّا وَعُمْياناً) (٧٣).
منصوبان على الحال من الواو فى (لَمْ يَخِرُّوا).
قوله تعالى : (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) (٧٤).
__________________
(١) من شواهد سيبويه ١ / ٤٤٦. وقال ناقلا عن الخليلى. «ومثل ذلك أيضا قوله : أنشدنيها الأصمعى عن أبى عمرو لبعض بنى أسد». والشاهد فيه جزم (يغدوا) على البدل من قوله (لا يحفلوا). لأن غدوهم مرجلين دليل على أنهم لم يحفلوا بقبيح ما أتوه ، فهو تفسير له وتبيين. والترجيل : مشط الشعر وتليينه.
إماما ، فيه وجهان.
أحدهما : أن يكون إماما واحدا أريد به الجمع ، أى ، أئمة كثيرا ، واكتفى بالواحد عن الجمع للعلم به كقولهم : نزلنا الوادى فصدنا غزالا كثيرا. أى ، غزلانا ، وهذا كثير فى كلامهم.
والثانى : أن يكون جمع (آمّ) ، وأصله (مم) على وزن فاعل ، وإنما يدغم لئلا يجتمع حرفان متحركان من جنس واحد فى كلمة واحدة ، وفاعل يجمع على فعال ، نحو قائم وقيام ، وصاحب وصحاب.
قوله تعالى : (لِزاماً) (٧٧).
خبر (يكون) واسمها مضمر فيها وتقديره ، فسوف يكون التكذيب لزاما. وقدّر التكذيب لدلالة قوله تعالى : (كذّبتم) ، كما قالوا : من كذب كان شرا له. أى : كان الكذب شرا له.
«غريب إعراب سورة الشعراء»
قوله تعالى : (أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (٣).
أن ، فى موضع نصب على المفعول له.
قوله تعالى : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) (٤).
فظلت ، فى موضع جزم بالعطف على (ننزّل). وأعناقهم ، مرفوع لأنه اسم (ظلّت). وخاضعين ، منصوب لأنه خبرها.
وإنما قال : (خاضعين) لثلاثة أوجه.
الأول : أنه أراد بالأعناق الرؤساء ، أى ، فظلت الرؤساء خاضعين لها.
والثانى : أن يكون التقدير ، فظلت أصحاب الأعناق. فيكون الإخبار عن المضاف المحذوف.
والثالث : أن يكون الإخبار إنما جرى على الذين أضيف إليهم (الأعناق) لا على (الأعناق).
وهذا لا يستقيم على قول البصريين ، لأن الإخبار لو جرى على الهاء والميم فى (أعناقهم) ، لأدّى ذلك إلى أن يكون اسم الفاعل جاريا على غير من هو له ، وإذا جرى اسم الفاعل على غير من هو له وجب إبراز الضمير فيه. نحو ، دعد زيد ضاربته هى. لأن الإخبار عن (دعد) قد جرى خبرا عن زيد ، فكان ينبغى على هذا أن يكون ، (فظلت أعناقهم لها خاضعين هم).
وهذا الوجه يستقيم على مذهب الكوفيين ، لأنهم يجوزون ألا يبرز الضمير فى اسم الفاعل ، إذا جرى على غير من هو له.
قوله تعالى : (وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى) (١٠).
إذ ، ظرف منصوب يتعلق بفعل مقدر وتقديره ، واتل عليهم إذ نادى ربك.
قوله تعالى : (فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ) (١٣).
الجار والمجرور فى موضع نصب لأنه يتعلق بمحذوف فى موضع الحال ، وتقديره ، فأرسلنى مضموما إلى هرون.
قوله تعالى : (فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٦).
إنما قال : (رسول) بالإفراد لوجهين.
أحدهما : أن الرسول أراد به الجنس ، فلما أراد به الجنس وحدّ ، ولو أراد به العدد لثنى.
والثانى : أن يكون (رسول) بمعنى رسالة كقول الشاعر :
١٤١ ـ وما أرسلتهم برسول (١)
أى ، برسالة. والتقدير ، إنا ذوا رسالة رب العالمين. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
قوله تعالى : (أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ) (١٧).
أى ، بأن أرسل معنا. فحذف حرف الجر ، وهى تحذف معها كثيرا.
__________________
(١) الشاهد بتمامه :
لقد كذب الواشون ما بحت عندهم |
|
بليلى ولا أرسلتهم برسول |
وهو لكثير عزة ، وقد مر بنا.
قوله تعالى : (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) (٢٢).
أن عبّدت ، فى موضعه وجهان.
أحدهما : أن يكون فى موضع رفع على البدل من (نعمة).
والثانى : أن يكون فى موضع نصب على تقدير ، لأن عبّدت. ثم حذف حرف الجر لطول الكلام بصلة (أن) ، طلبا للتخفيف.
قوله تعالى : (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ) (٣٦)
يقرأ بضم الهاء والإشباع ، وبضمها وكسرها بغير الإشباع مع الهمز وغير الهمز ، وأرجه بسكون الهاء.
فمن قرأ بالضم والإشباع أتى به على الأصل.
ومن قرأ بالضم دون الإشباع ، اكتفى بالضمة عن الواو.
ومن قرأ بكسر الهاء والإشباع ، كسرها لمجاورة الجيم المكسورة ، ولم يعتد بالهمزة الساكنة حاجزا ، لأن الحرف الساكن حاجز غير حصين ، فانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها.
ومن قرأ (أرجه) بكسر الهاء من غير إشباع اكتفى بالكسرة عن الياء.
ومن قرأ (أرجه) بسكون الهاء فهى ضعيفة ، لأن الهاء إنما تسكن فى حالة الوقف ، إلّا أنه أجرى الوصل مجرى الوقف.
والقراءة بالهمز وغير الهمز بمعنى واحد. يقال : أرجأته وأرجيته ، أى ، أخرته ، وهما لغتان بمعنى واحد.
قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي) (٥٢).
أن أسر ، فى موضع نصب ب (أوحينا) وتقديره إلى موسى بأن أسر ، فحذفت الباء فاتصل الفعل به.
قوله تعالى : (إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ) (٥٤).
إنما جمع ، وإن كان لفظ الشرذمة لفظ المفرد ، إلّا أنه حمله على المعنى ، لأن (الشرذمة) جماعة من الناس ، فوافق لرءوس الآى ، ولو أفرد لكان جائزا حملا على اللفظ.
قوله تعالى : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ) (٦٣).
تقديره ، ضرب فانفلق. فالفاء عطفت (انفلق) على جملة فعلية محذوفة ، والجملة الفعلية يجوز حذفها ، كما يجوز حذف الجملة الاسمية ، كقولهم : زيد أبوه منطلق وعمرو ، أى ، وعمرو أبوه منطلق. وكقوله تعالى :
(وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ)(١) وتقديره ، واللائى لم يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر.
قوله تعالى : (هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ) (٧٢).
تقديره ، هل يسمعون دعاءكم إذ تدعون. فحذف المضاف. وقيل تقديره ، هل يسمعونكم تدعون إذ تدعون. لأن المفعول الثانى (لسمعت) ، لا يكون إلا ممّا يسمع ، ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول : سمعت زيدا يقوم. لأن القيام لا يسمع. وتقول : سمعت زيدا يقول : لأن القول مما يسمع.
قوله تعالى : (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ) (٧٧).
__________________
(١) ٤ سورة الطلاق.
عدو ، اسم مفرد يؤدى عن معنى الجمع ، يقال : امرأة عدو الله. بغير هاء ، وقد يقال : عدوّة. بالهاء حملا على (صديقة) ، قال بعض النحويين : من قال : عدوة بالهاء فمعناه ، معادية الله. ومن قال : عدو بغيرها ، أجراء على النسب.
ورب العالمين ، منصوب على الاستثناء المنقطع ، لأنه سبحانه ليس من أعداء إبراهيم.
قوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ) (٧٨).
الذى ، مبتدأ. وفهو يهدين ، خبره.
(وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ) (٧٩).
عطف على (الذى) المتقدم وخبره محذوف. وتقديره ، والذى هو يطعمنى ويسقين فهو يهدين. وكذلك كل ما جاء بعدها من (الذى) إلى قوله تعالى :
(وَالَّذِي أَطْمَعُ (١) أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) (٨٢) خبره (فهو يهدين) مقدرا.
قوله تعالى : (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١٠٢).
فتح (أنّ) لوقوعها بعد (لو) ، وإنما فتحت بعد (لو) ، لأنها لا يقع بعدها إلا الفعل ، وهو فعل لا يجوز إظهاره ، وتقديره ، لو وقع أن لنا كرة.
نكون ، منصوب على جواب التمنى بالفاء بتقدير (أن) لأن (لو) فى معنى التمنى.
قوله تعالى : (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ) (١٤٩).
فرهين ، منصوب على الحال من الواو فى (تنحتون).
__________________
(١) (أطمع) كلمة ساقطة من أ.
قوله تعالى : (هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ) (١٥٥).
شرب ، مرفوع بالظرف على مذهب سيبويه والأخفش لأنه قد جرى وصفا على النكرة ، والظرف إذا وقع وصفا ارتفع به ما بعده ، كالفعل.
قوله تعالى : (نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ) (١٦٩).
أى ، من عقوبة ما يعملون من الفاحشة. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
قوله تعالى : (كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ) (١٧٦).
ليكة (١) ، يقرأ بالألف واللام. وليكة ، بلام مفردة أصلية ، فمن قرأ بالألف واللام ، عرّفه بالألف واللام ، وجرّه بالإضافة. ومن قرأ (ليكة) بلام أصلية لم يصرفه للتعريف والتأنيث ووزنه فعلة.
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً) (١٩٧).
يكن ، يقرأ بالياء والتاء. فمن قرأ بالياء كان قوله : (أن يعلمه) اسم يكن. وآية ، خبر مقدم. ولهم ، حشو. وتقديره ، أو لم يكن لهم علم بنى إسرائيل آية لهم. ومن قرأ بالتاء ورفع (آية) كانت التاء لتأنيث القصة ، ويكون (أن يعلمه) فى موضع رفع لأنه مبتدأ ، ويكون (لهم) خبرا مقدما ، وتقديره ، أو لم تكن القصة علم بنى إسرائيل آية لهم.
قوله تعالى : (وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ) (١٩٨).
الأعجمين ، جمع أعجمى ، وأصله ، أعجميّين ، فاستثقلوا اجتماع الأمثال ، فحذفوا الياء الثانية من ياءى النسب ، فبقيت الياء الأول ساكنة ، وحرف الجمع ساكنا فاجتمع ساكنان ، وساكنان لا يجتمعان ، فحذفوا الياء الأولى لالتقاء الساكنين ، ونظير
__________________
(١) (ليكة) قراءة ، حجازى وشامى.
حذفهم ياءى النسب من (الأعجميين) حذفهم ياءى النسب فى (الأشعرين ومقتوين والياسين.
قوله تعالى : (ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) (٢٠٧).
(ما) الأولى ، فيها وجهان.
أحدهما : أن تكون استفهامية فى موضع نصب ب (أغنى).
والثانى : أن تكون نافية. و (ما) الثانية ، فى موضع رفع ب (أغنى).
قوله تعالى : (ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ) (٢٠٩).
ذكرى ، فى موضعه وجهان. النصب والرفع ، فالنصب من وجهين.
أحدهما : أن يكون منصوبا على المصدر ، وتقديره ، ذكرنا ذكرى. وهو قول الزجاج.
والثانى : أن يكون منصوبا على الحال وهو قول الكسائى. والرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف وتقديره ، إنذارنا ذكرى.
قوله تعالى : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (٢٢٧).
أىّ منقلب ، منصوب ب (ينقلبون) وتقديره ، أى انقلاب ينقلبون. فأى ، منصوب على المصدر ، كقوله : قياما قمت ، لأن ما أضيف إلى المصدر مما هو فى المعنى صفة له كالمصدر ، ولا يجوز أن يكون منصوبا ب (سيعلم) ، لأنّ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ، لأن الاستفهام له صدر الكلام ، وإنما يعمل فيه ما بعده. والله أعلم.
«غريب إعراب سورة النمل»
قوله تعالى : (هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) (٢).
هدّى ، فى إعرابه وجهان : الرفع والنصب.
فالرفع من وجهين.
أحدهما : أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، هو هدى.
والثانى : أن يكون خبرا بعد خبر. فإن قوله تعالى : (تلك) مبتدأ. وآيات القرآن ، خبره. وهدى ، خبر بعد خبر.
والنصب. على الحال من الكتاب. والتقدير ، تلك آيات القرآن هاديا. وبشرى عطف عليه. أى ، ومبشرا.
قوله تعالى : (بِشِهابٍ قَبَسٍ) (٧).
يقرأ (شهاب) بتنوين وغير تنوين ، فمن قرأ بالتنوين كان (قبس) مجرورا على البدل من (شهاب). ومن قرأ بغير تنوين أضاف (شهابا) إلى قبس إضافة النوع إلى جنسه ، كقولك : ثوب خزّ.
قوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) (٧).
أصل (تصطلون) (تصتليون) ، إلّا أنه أبدل من التاء طاء لتوافق الطاء فى الإطباق ، ونقلت الضمة من الياء إلى اللام فبقيت الياء ساكنة وواو الجمع ساكنة فحذفت الياء لالتقاء الساكنين.
قوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها) (٨).
أن ، مخففة من الثقيلة وتقديره ، أنه بورك. ولم يأت بعوض ، لأنّ (بورك) دعاء ، والدعاء يجوز فيه مالا يجوز فى غيره ، وهو فى موضع رفع ب (نودى) ، لأنه مفعول ما لم يسم فاعله. ومن فى النار ، أى ، من فى طلب النار. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
قوله تعالى : (فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً) (١٠).
تهتز ، جملة فعلية فى موضع نصب على الحال من الهاء فى (رآها) ، وكذلك قوله تعالى : (كأنها جان) ، فى موضع نصب على الحال أيضا ، وتقديره ، فلما رآها مهتزة مشبهة جانا. ومديرا ، منصوب على الحال.
قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) (١١).
من ، فى موضع نصب لأنه استثناء منقطع.
وذهب الكوفيون إلى أن (إلا) بمعنى الواو ، وليس بصحيح. لاختلاف المعنى ، لأن (إلّا) تقتضى إخراج الثانى مما دخل فيه الأول ، والواو تقتضى مشاركة الثانى للأول ، فلا يقام أحدهما مقام الآخر.
قوله تعالى : (تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ) (١٢).
بيضاء ، منصوب على الحال من الضمير فى (تخرج) وهو ضمير (اليد). وإلى فرعون ، أى ، مرسلا إلى فرعون. وهو منصوب على الحال من الضمير فى (وأدخل) ، وحذف (مرسلا) المنصوب على الحال ، لدلالة الحال عليه.
قوله تعالى : (مُبْصِرَةً) (١٣).
منصوب على الحال من الآيات ، أى ، مبينة.
قوله تعالى : (قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) (١٨).
إنما خاطبهم مخاطبة من يعقل لما وصفهم بصفات من يعقل.
قوله تعالى : (لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ) (١٨).
لا ، ناهية ، ولهذا دخلت النون الشديدة فى (يحطمنكم) ، ولا يجوز أن يكون تقديره إن دخلتم مساكنكم لم يحطمنكم. على ما ذهب إليه بعض الكوفيين ، لأن نون التوكيد لا تدخل فى الجزاء ، إلا فى ضرورة الشعر.
قوله تعالى : (فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها) (١٩).
ضاحكا ، منصوب على الحال المقدرة ، وتقديره ، فتبسم مقدرا الضحك. ولا يجوز أن يحمل على الحال المطلقة ، لأن التبسم غير الضحك.
قوله تعالى : (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً) (٢١).
عذابا ، منصوب من وجهين.
أحدهما : أن يكون (عذابا) فى تقدير تعذيب ، فيكون منصوبا على المصدر ، وقام (عذابا) مقام (تعذيب) ، وإن كان العذاب اسما ، والتعذيب مصدرا ، وهم ممن يقيمون الأسماء مقام المصادر ، كقولهم : سلمت عليه سلاما ، وكلمته كلاما.
والثانى : أن يكون منصوبا على المفعول بتقدير حذف حرف الجر ، وتقديره ، لأعذبنه بعذاب شديد.
قوله تعالى : (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ) (٢٢).
غير ، منصوب لوجهين.
أحدهما : أن يكون منصوبا لأنه صفة مصدر محذوف ، وتقديره ، فمكث مكثا غير بعيد.
والثانى : أن يكون منصوبا لأنه وصف لظرف محذوف ، وتقديره ، فمكث وقتا غير بعيد.