ويستحب أن يعتبر ويتفكر [١] في أن ما سعى واجتهد في تحصيله وتحسينه كيف صار أذية عليه ، ويلاحظ قدرة الله تعالى في رفع هذه الأذية عنه وإراحته منها.
وأما المكروهات : فهي استقبال الشمس والقمر [٢]
______________________________________________________
[١] ففي المرسل : « ثمَّ يقول له الملك : يا ابن آدم هذا رزقك ، فانظر من أين أخذته ، وإلى ما صار » (١). ونحوه ما في رواية أبي أسامة (٢) وغيره.
[٢] كما هو المشهور. لرواية السكوني : « نهى رسول الله (ص) : أن يستقبل الرجل الشمس والقمر بفرجه وهو يبول » (٣). ونحوه ما في حديث الكاهلي (٤) ، وحديث المناهي (٥). وموضوعها الاستقبال بالفرج ، لا بالبول كما في المتن. وهي وإن كان ظاهرها التحريم ، إلا أن إعراض المشهور عنه مانع عن العمل به. نعم تصلح سنداً للكراهة ، بناء على قاعدة التسامح. اللهم إلا أن يتأمل في قدح مثل هذا الاعراض ، لاحتمال كون مستنده بناءهم على قرينية خلو جملة من النصوص عنه مع اشتمالها على غيره من المكروهات إجماعاً. فالعمدة في الحمل على الكراهة ينبغي أن يكون هو ذلك ، ولا سيما مع عموم الابتلاء به ، وكون سياقه مساق الأدب. فتأمل. ومنه يظهر ضعف ما عن ظاهر المفيد والصدوق من القول بالحرمة.
__________________
(١) الوسائل باب : ١٨ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ١.
(٢) الوسائل باب : ١٨ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٥.
(٣) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ١.
(٤) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.
(٥) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٤.
بالبول والغائط [١]. وترتفع بستر فرجه [٢] ولو بيده ، أو دخوله في بناء ، أو وراء حائط. واستقبال الريح بالبول ، بل بالغائط أيضاً [٣]. والجلوس في الشوارع [٤]
______________________________________________________
[١] لعله لإطلاق النهي عن الاستقبال في مرسلتي الكليني والصدوق (١). إلا أن في الثانية النهي عن الاستدبار أيضاً. لكن موردها الهلال. والمحكي عن الفخر الإجماع على عدم كراهة الاستدبار. فتأمل.
[٢] هذا يجدي في غير ما يستفاد من المرسلين.
[٣] لإطلاق النهي عن استقبالها في مرفوعي محمد بن يحيى وعبد الحميد ابن أبي العلاء أو غيره (٢) ، غير الصالحين ـ لضعفهما ـ إلا لإثبات الكراهة. لكن عطف عليه النهي عن الاستدبار أيضاً. والتعليل الوارد في رواية علل محمد بن علي القمي (٣) بأن الريح ترد البول ، وأن مع الريح ملكاً فلا يستقبل بالعورة ، لا يقتضي التخصيص بالبول ، فضلا عن التخصيص بالاستقبال مع تصريح النصوص بالاستدبار أيضاً.
[٤] هو جمع الشارع ، وهو الطريق الأعظم ، كما عن الصحاح. والمراد به هنا مطلق الطريق النافذ ، كما في صحيح عاصم (٤) ، وفي حديث المناهي : « قارعة الطريق » (٥) ، وهو أعلاه الذي تقرعه المارة. وفي حديث الأربعمائة : « لا تبل على المحجة » (٦). المحمولة على الكراهة ،
__________________
(١) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٥ ، ٣.
(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢ ، ٦.
(٣) مستدرك الوسائل باب : ٢ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.
(٤) الوسائل باب : ١٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ١.
(٥) الوسائل باب : ١٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ١٠.
(٦) الوسائل باب : ١٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ١٢.
أو المشارع [١]. أو منزل القافلة [٢] ، أو دروب المساجد [٣] ، أو الدور [٤] ، أو تحت الأشجار المثمرة [٥] ولو في غير أوان الثمر.
______________________________________________________
لنظير ما تقدم في الأول ، ومثله الكلام فيما يأتي.
[١] هو جمع مشرعة ، وهو مورد الماء. وفي صحيح عاصم : « تتقي شطوط الأنهار » (١) ، ونحوه مرفوع علي بن إبراهيم (٢). وفي رواية السكوني : « نهى رسول الله (ص) أن يتغوط على شفير بئر ماء يستعذب منها أو نهر يستعذب » (٣) ، ونحوه خبر الحصين بن مخارق (٤).
[٢] المعبر عنه بمنازل النزال ، كما في مرفوع القمي (٥) ، وظل النزال ، كما في رواية الكرخي (٦).
[٣] في المرفوع : « اجتنب أفنية المساجد » (٧). فتأمل.
[٤] ففي صحيح عاصم ذكر مواضع ، ثمَّ فسرها (ع) بأبواب الدور.
[٥] كما في صحيح عاصم ، أو فيها ثمرتها ، كما في خبر السكوني. أو فيها ثمرها ، كما في خبر الحصين. أو شجرة مثمرة ، كما في حديث المناهي ، وخبر عبد الله بن الحسن مع زيادة : « قد أينعت ، أو نخلة قد أينعت يعني : أثمرت » (٨) ، أو نحو ذلك ، كما في غيرها. وفي المرفوع
__________________
(١) الوسائل باب : ١٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ١.
(٢) الوسائل باب : ١٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.
(٣) الوسائل باب : ١٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٣.
(٤) الوسائل باب : ١٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٦.
(٥) الوسائل باب : ١٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.
(٦) الوسائل باب : ١٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٤.
(٧) الوسائل باب : ١٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.
(٨) الوسائل باب : ١٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ١١.
والبول قائماً [١] ، وفي الحمام [٢] ، وعلى الأرض الصلبة [٣]. وفي ثقوب الحشرات [٤] ، وفي الماء [٥] ،
______________________________________________________
وغيره : « مساقط الثمار » (١). وظاهر الجميع اختصاص الحكم بحال الثمر ، ولا سيما بملاحظة التعليل في بعض النصوص بوجود الملك الموكل بالثمر. فتعميم الحكم لا مستند له إلا فتوى جماعة به ، واحتمال الإطلاق في بعض النصوص.
[١] لأنه مظنة أن يصيبه الشيطان بشيء ، كما في صحيح ابن مسلم وغيره (٢) ، وفي بعضها أنه من الجفاء (٣).
[٢] ففي المستدرك عن جامع الأخبار عن النبي (ص) : أنه عدّ من الخصال الموجبة للفقر البول في الحمام (٤).
[٣] لما تقدم في ثاني المستحبات. فتأمل.
[٤] بلا خلاف لما عن النبي (ص) (٥) : أنه نهى أن يبال في الجحر (٦).
[٥] ففي مرسل حكم : « قلت له : يبول الرجل في الماء؟ قال (ع) : نعم ، ولكن يتخوف عليه من الشيطان » (٧). وفي صحيح الحلبي : « لا تبل في ماء نقيع ، فإنه من فعل ذلك فأصابه شيء فلا يلومن
__________________
(١) الوسائل باب : ١٥ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.
(٢) الوسائل باب : ١٦ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ١.
(٣) الوسائل باب : ٣٣ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٣.
(٤) في باب : ٢٩ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٧.
(٥) كنز العمال حديث : ١٨٥٢ ج ٥ ص ٨٧.
(٦) بتقديم الجيم المضمومة على الحاء الساكنة : ثقب الحية ونحوها من الحشرات. منه مد ظله العالي.
(٧) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.
خصوصاً الراكد [١] ، وخصوصاً في الليل [٢]. والتطميح بالبول [٣] أي : البول في الهواء.
______________________________________________________
إلا نفسه » (١) ، ونحوه خبر ابن مسلم (٢). وفي حديث المناهي ذكر الراكد (٣) ، وفي مرسل الصدوق : « إن البول في الماء الراكد يورث النسيان (٤). وفي المرسل عن مسمع : « أنه (ص) نهى أن يبول الرجل في الماء الجاري إلا من ضرورة. وقال (ع) : إن للماء أهلاً (٥) ، وقريب منه ما في حديث الأربعمائة (٦). وظهورها في الكراهة المصطلحة غير خفي.
[١] لما في صحيح الفضيل : « لا بأس أن يبول الرجل في الماء الجاري وكره أن يبول في الماء الراكد » (٧) فإنه لا بد أن يحمل التفصيل على خفة الكراهة وشدتها جمعاً.
[٢] لما ينقل من أن الماء بالليل للجن ، فلا يبال فيه ولا يغتسل ، حذراً من إصابة آفة من جهتهم. كذا في المستند.
[٣] ففي رواية السكوني : « نهى النبي (ص) أن يطمّح الرجل ببوله من السطح ومن الشيء المرتفع في الهواء » (٨) ، وقريب منه غيره. والظاهر أنه لا إشكال في الكراهة ، وإن حكي عن الهداية التعبير
__________________
(١) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٦.
(٢) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ١.
(٣) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٥.
(٤) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٤.
(٥) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٣.
(٦) الوسائل باب : ٣٣ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٦.
(٧) الوسائل باب : ٥ من أبواب الماء المطلق حديث : ١.
(٨) الوسائل باب : ٣٣ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ١.
والأكل والشرب حال التخلي [١] ، بل في بيت الخلاء مطلقاً. والاستنجاء باليمين [٢] ، وباليسار إذا كان عليه خاتم فيه اسم الله [٣].
______________________________________________________
بـ « لا يجوز ».
[١] كما عن جماعة. لما يستفاد من اخبار اللقمة التي وجدها الحسين ابن علي عليهماالسلام ومحمد بن علي الباقر عليهماالسلام(١). بل يستفاد منها الكراهة في بيت الخلاء مطلقاً ، كما عن جماعة أخرى. لكن التعدي عن موردها إلى الشرب غير ظاهر إلا لمحض الفتوى. فتأمل.
[٢] قد تقدم وجهه.
[٣] للأخبار الكثيرة الدالة عليه. كخبر أبي بصير : « قال أمير المؤمنين عليهالسلام : من نقش على خاتمه اسم الله فليحوّله عن اليد التي يستنجي بها في المتوضإ » (٢). وأما خبر وهب عن أبي عبد الله (ع) : « كان نقش خاتم أبي : العزة لله جميعاً. وكان في يساره يستنجي بها ، وكان نقش خاتم أمير المؤمنين عليهالسلام : الملك الله. وكان في يده اليسرى يستنجي بها » (٣) فساقط عن مقام الحجية ، فقد قيل في راويه : إنه أكذب البرية. مع أنه يمكن حمله على التقية ، أو على الجواز ، وإن كان بعيداً. هذا وقد يطهر من بعض النصوص ـ كخبر أبي أيوب : « أدخل الخلاء وفي يدي خاتم فيه اسم من أسماء الله تعالى؟ قال (ع) : لا ، ولا يجامع فيه » (٤) ـ كراهة إدخاله الخلاء وإن لم يكن في اليد التي يستنجي بها.
__________________
(١) راجع الوسائل باب : ٣٩ من أبواب أحكام الخلوة وسيأتي ذكر الحديثين في المسألة الثالثة.
(٢) الوسائل باب : ١٧ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٤.
(٣) الوسائل باب : ١٧ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٨.
(٤) الوسائل باب : ١٧ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ١.
وطول المكث في بيت الخلاء [١]. والتخلي على قبر المؤمنين [٢] إذا لم يكن هتكاً ، وإلا كان حراماً. واستصحاب الدرهم البيض [٣] ، بل مطلقاً إذا كان عليه اسم الله أو محترم آخر [٤] ،
______________________________________________________
لكنه ينافيه ما ورد من فعل النبي (ص) وعلى (ع) (١) ، فليحمل على كونه في اليد التي يستنجي بها ، كما يظهر ذلك بالتأمل في بعض النصوص ، وإن كان يأبى ذلك مثل موثق عمار (٢). وكيف كان فظهور النصوص في كون الحكم أدبياً مانع عن الحمل على الحرمة ، ولا سيما مع إعراض المشهور عن ظاهرها. فتأمل.
[١] فقد ورد في الأخبار الكثيرة أنه يورث الباسور.
[٢] ففي صحيح ابن مسلم : أنه مظنة أن يصيبه الشيطان بشيء (٣). لكنه خال عن التقييد بالمؤمنين ـ كالفتوى ـ ونحوه رواية ابن عبد الحميد (٤) ، فقد عدّ فيها التغوط بين القبور مما يتخوف منه الجنون.
[٣] ففي رواية غياث عن جعفر (ع) عن أبيه : « أنه كره أن يدخل الخلاء ومعه درهم أبيض ، إلا أن يكون مصروراً » (٥). وهي وإن كانت مطلقة ، إلا أنه قيده بعض بما يكون عليه اسم الله ، لمعروفية نقش ذلك عليه في عصر الصدور. ولا يخلو من تأمل.
[٤] لا يظهر وجه للإطلاق إلا فهم عدم خصوصية للأبيض ، بناءً على تقييده بما كان عليه اسم الله ، لقرب دعوى كون الوجه فيه احترام
__________________
(١) الوسائل باب : ١٧ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٣.
(٢) الوسائل باب : ١٧ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٥.
(٣) الوسائل باب : ١٦ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ١.
(٤) الوسائل باب : ١٦ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.
(٥) الوسائل باب : ١٧ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٧.
إلا أن يكون مستوراً [١]. والكلام في غير الضرورة [٢] إلا بذكر الله [٣] ، أو آية الكرسي [٤] ،
______________________________________________________
الكتابة. لكن قد ينافيه ما عرفت في الخاتم.
[١] لاستثناء المصرور.
[٢] ففي حسن صفوان عن الرضا (ع) : « نهى رسول الله (ص) أن يجيب الرجل آخر وهو على الغائط أو يكلمه حتى يفرغ » (١) المحمول على الكراهة بلا إشكال يعرف ، إلا من الفقيه حيث عبر بـ « لا يجوز ». ولعل مراده الكراهة ، كما في غير المقام. ويشهد للكراهة خبر أبي بصير : « لا تتكلم على الخلاء ، فإنه من تكلم على الخلاء لم تقض له حاجة » (٢).
[٣] للأخبار الكثيرة المصرّحة بحسنه. كصحيح أبي حمزة عن أبي جعفر عليهالسلام : « مكتوب في التوراة التي لم تتغير ان موسى عليهالسلام سأل ربه فقال : إلهي إنه يأتي عليَّ مجالس أُعزك وأجلك أن أذكرك فيها. فقال تعالى : يا موسى إن ذكري حسن على كل حال » (٣).
[٤] ففي خبر عمر بن يزيد : « سألت أبا عبد الله (ع) عن التسبيح في المخرج وقراءة القرآن. قال (ع) : لم يرخّص في الكنيف في أكثر من آية الكرسي ، وبحمد الله ، وآية : الحمد لِلّه ربّ العالمين » (٤).
ثمَّ إن الظاهر من آية الكرسي الآية المشتملة على لفظ الكرسي التي آخرها ( وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ). وقد قيل : انه المقرر عند القراء والمفسرين.
__________________
(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ١.
(٢) الوسائل باب : ٦ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.
(٣) الوسائل باب : ٧ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ١.
(٤) الوسائل باب : ٧ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٧.
أو حكاية الأذان [١] ، أو تسميت العاطس [٢].
( مسألة ١ ) : يكره حبس البول [٣] أو الغائط ، وقد يكون حراماً إذا كان مضراً. وقد يكون واجباً ، كما إذا كان متوضئاً ولم يسع الوقت للتوضؤ بعدهما والصلاة. وقد يكون مستحباً ، كما إذا توقف مستحب أهم عليه.
______________________________________________________
ويظهر ذلك بأدنى ملاحظة لكلماتهم. وفي بعض الأخبار المروية في مجمع البيان أنها خمسون كلمة ، ولا ينطبق إلا عليها. وعليه ففي كل مورد وردت مطلقة حملت على ذلك ، إلا أن تقيد بمثل : إلى قوله تعالى : ( هُمْ فِيها خالِدُونَ ) فيلزم حينئذ قراءتها اليه ، كما ورد في موارد كثيرة.
[١] ففي صحيح ابن مسلم : « لا تدعنّ ذكر الله على كل حال ، ولو سمعت المنادي ينادي بالأذان وأنت على الخلاء فاذكر الله عز وجل ، وقل كما يقول المؤذن » (١) ، ونحوه غيره ، وفي بعضها : « لأن ذلك يزيد في الرزق » (٢).
[٢] لا يحضرني عاجلا مأخذ لهذا بالخصوص غير دخوله في الذكر. نعم في رواية مسعدة : « كان أبي يقول : إذا عطس أحدكم وهو على خلاء فليحمد الله في نفسه » (٣). لكن الظاهر من التسميت الدعاء للغير.
[٣] لما في الفقه الرضوي : « إذا هاج بك البول فبل » (٤) وفي الرسالة الذهبية : « من أراد أن لا يشتكي مثانة فلا يحبس البول ولو على
__________________
(١) الوسائل باب : ٨ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ١.
(٢) الوسائل باب : ٨ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٣.
(٣) الوسائل باب : ٧ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٩.
(٤) مستدرك الوسائل باب : ٢٩ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٥.
( مسألة ٢ ) : يستحب البول حين إرادة الصلاة [١] ، وعند النوم [٢] ، وقبل الجماع [٣]. وبعد خروج المني [٤]. وقبل الركوب على الدابة ، إذا كان النزول والركوب صعباً عليه [٥]. وقبل ركوب السفينة إذا كان الخروج صعباً [٦].
( مسألة ٣ ) : إذا وجد لقمة خبز في بيت الخلاء يستحب أخذها وإخراجها ، وغسلها ثمَّ أكلها [٧] ،
______________________________________________________
ظهر الدابة » (١).
[١] لا يحضرني عاجلا مأخذه. ولا يتسع الوقت لزيادة التتبع.
[٢] فعن الخصال : « قال أمير المؤمنين (ع) للحسن ابنه (ع) : يا بني ألا أعلمك أربع خصال تستغني بها عن الطب؟ فقال (ع) : بلى يا أمير المؤمنين. فقال (ع) : لا تجلس على الطعام إلا وأنت جائع ، ولا تقم من الطعام إلا وأنت تشتهيه ، وجوّد المضغ ، وإذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء » (٢).
[٣] لا يحضرني الآن مأخذه.
[٤] كما سيأتي في الاستبراء منه.
[٥] لا يحضرني الآن مأخذه.
[٦] لا يحضرني الآن مأخذه.
[٧] فعن الفقيه : « دخل أبو جعفر الباقر (ع) الخلاء فوجد لقمة خبز في القذر ، فأخذها وغسلها ودفعها الى مملوك معه فقال : تكون معك لآكلها إذا خرجت. فلما خرج (ع) قال للملوك : أين اللقمة؟ فقال :
__________________
(١) مستدرك الوسائل باب : ٢٩ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٤.
(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب آداب المائدة : ٨.
فصل في موجبات الوضوء ونواقضه
وهي أمور : ( الأول والثاني ) : البول والغائط [١] من الموضع الأصلي ، ولو غير معتاد [٢] ، أو من غيره مع انسداده ،
______________________________________________________
أكلتها يا ابن رسول الله (ص). فقال (ع) : إنها ما استقرت في جوف أحد إلا وجبت له الجنة ، فاذهب فأنت حر فإني أكره أن أستخدم رجلا من أهل الجنة » (١) ، وقريب منه ما عن العيون عن الحسين بن علي (٢). وبهذا المضمون حكي عن علي بن الحسين (ع) ، لكن فيه أنه (ع) وجد تمرة.
فصل في موجبات الوضوء ونواقضه
[١] إجماعاً ، كما عن المعتبر ، والمنتهى ، والدلائل ، والمدارك ، والذخيرة ، وغيرها ، بل لعله إجماع من المسلمين. والنصوص بذلك متواترة.
[٢] بلا خلاف ، كما في الحدائق ، بل هو إجماع ، كما في المستند وعن شرح الدروس ، بل في أولهما : « نقل الإجماع عليه مستفيض » ، وعن روض الجنان حكايته عن الفاضلين. وكأن الوجه في استفادة ذلك منهم سكوتهم عن التعرض لاعتبار الاعتياد وعدمه فيه ، وتعرضهم لذلك في غيره ، كما سيأتي. وهو الذي يقتضيه إطلاق النصوص على اختلاف ألسنتها مثل خبر زكريا بن آدم عن الرضا (ع) : « إنما ينقض الوضوء ثلاث : البول والغائط والريح » (٣). لو لا ما يمكن أن يدعى من الانصراف إلى صورة
__________________
(١) الوسائل باب : ٣٩ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ١.
(٢) الوسائل باب : ٣٩ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.
(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب نواقض الوضوء حديث : ٦.
أو بدونه بشرط الاعتياد [١] أو الخروج على حسب المتعارف ،
______________________________________________________
الاعتياد ـ كما هو الغالب ـ كما ادعاه من اعتبر الاعتياد الشخصي في غير المخرج الأصلي. لكن لو تمت دعوى الانصراف كان الوجه في عدم اعتبار الاعتياد الشخصي في الموضع الأصلي منحصراً في الإجماع.
[١] فإنه مع الانسداد لا إشكال في النقض ، ولا خلاف ظاهر ، وعن المنتهى والمدارك الإجماع ، وفي طهارة شيخنا الأعظم (ره) : « حكي عليه الإجماع عن غير واحد ». وبدونه هو المعروف ، بل في طهارة شيخنا الأعظم رحمهالله : « لم يحك الخلاف إلا من شرح الدروس وقوّاه في روض الجنان » ، ونسب أيضاً إلى الخراساني. واستفادة الحكم في المقامين من مطلقات النصوص يشكل من جهة دعوى الانصراف المتقدمة ، بل ولكثير من النصوص الحاصرة للناقض بما يخرج من الطرفين ، كصحيح زرارة عن أحدهما (ع) : « لا ينقض الوضوء إلا ما خرج من طرفيك ، أو النوم » (١) ، وفي رواية أديم بن الحر : « ليس ينقض الوضوء ما خرج من طرفيك الأسفلين » (٢) ، ونحوهما غيرهما. ودعوى : أنه مفهوم قيد ، والكلام في حجيته معلوم ـ كما في الجواهر ـ غير ظاهرة ، لأنه من مفهوم الحصر. كما أن دعوى أنه جار مجرى الغالب فيخرج عن الحجية ـ كما في الجواهر أيضاً وعن العلامة (ره) ـ مدفوعة بأن ذلك يوجب التشكيك في المطلقات. كما أن حمله على ما من شأنه أن يخرج من الطرفين حمل على خلاف الظاهر.
__________________
(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب نواقض الوضوء حديث : ١.
(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب نواقض الوضوء حديث : ٣.
______________________________________________________
اللهم إلا أن يراد بذلك أن الموصول لم يلحظ كونه عنواناً للموضوع ليكون قيداً ، إذ لا ريب في عدم النقض بما يخرج منهما مما لا يكون بولا أو غائطاً ، كالمذي والودي والوذي والدم والدود وغيرها ، فلا بد أن يكون الموصول ملحوظاً مرآة وطريقاً إلى نفس البول والغائط ، ويكون الكلام المذكور نظير قوله (ع) : « لا ينقض الوضوء إلا البول والغائط ». كما يشهد بذلك ما في صحيح زرارة : « قلت لأبي جعفر (ع) وأبي عبد الله عليهالسلام : ما ينقض الوضوء؟ فقالا : ما يخرج من طرفيك الأسفلين من الذكر والدبر من الغائط والبول أو مني أو ريح ، والنوم حتى يذهب العقل » (١) ، فان قولهما (ع) : « من البول والغائط .. » تفسير للموصول ، كتفسير الطرفين بالذكر والدبر ، وليس تخصيصاً ، كما أشار إلى ذلك شيخنا الأعظم في طهارته ، ولذلك عطف البول على الغائط ( بالواو ) وعطف المني وما بعده بـ ( أو ) فإن ذلك يدل على أن المني معطوف على اسم الموصول لا بيان له. مضافاً إلى أن الحصر ليس بالإضافة إلى ما يخرج من غير الطرفين من البول والغائط ، بل بالإضافة إلى غيرهما من القيء والحجامة ونحوهما ، كما يفصح عن ذلك خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : « سألته عن الرعاف والحجامة وكل دم سائل. فقال (ع) : ليس في هذا وضوء. إنما الوضوء من طرفيك الأسفلين اللذين أنعم الله بهما عليك » (٢) ، ونحوه غيره. وعليه فتسقط هذه المقيدات عن صلاحية التقييد.
وأما الانصراف فقد تكرر غير مرة أن التعارف والغلبة لا يصلحان
__________________
(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب نواقض الوضوء حديث : ٢.
(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب نواقض الوضوء حديث : ٥.
ففي غير الأصلي مع عدم الاعتياد وعدم كون الخروج على حسب المتعارف [١] ، اشكال والأحوط النقض مطلقاً ، خصوصاً إذا كان دون المعدة.
______________________________________________________
لرفع اليد عن الإطلاق. مع ان البناء على ذلك في المقام يقتضي تقييد النقض بالغالب من أسباب الخروج ، وكيفياته ، وأمكنته ، وأزمانه ، وغير ذلك مما لا مجال لاحتماله. فاذاً لا مانع من العمل بالمطلقات المقتضية لحصول النقض بالخروج من غير الموضع الأصلي ، مع انسداده وعدمه ، والاعتياد وعدمه ، والخروج على حسب المتعارف وعدمه.
ومنه يظهر ضعف ما نسب إلى المشهور من التفصيل فيما يخرج من غير الأصلي بين صورة الاعتياد فينقض ، لصدق الطرفين اللذين أنعم الله بهما ، وغيرها فلا ، لعدم الصدق. وجه الضعف ( أولا ) : ما عرفت من ثبوت الإطلاقات في نفسها ، وعدم ثبوت المقيد ( وثانياً ) : عدم صدق الطرفين على الحادثين ، إذ المراد منهما قطعاً الدبر والذكر ، ولا سيما مع التصريح بذلك في صحيح زرارة. وأضعف منه ما عن الشيخ (ره) من التفصيل بين الخارج مما دون المعدة فينقض وغيره فلا ينقض ، لعدم صدق الغائط عليه ( وفيه ) : أن الصدق وعدمه مما لا يناطان بالخروج عما دون المعدة وعدمه قطعاً ، مع أن الكلام في فرض الصدق. اللهم إلا أن يكون المراد من خروجه مما فوق المعدة خروجه قبل هضم المعدة له ، فلا يكون بولا أو غائطاً فيكون قائلا بالنقض مطلقاً ، عملا بإطلاق الأدلة.
[١] لم أقف على من اعتبر ذلك. وكأن الوجه في البناء على النقض حينئذ إطلاق قوله تعالى ( أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ ) (١) المنصرف
__________________
(١) المائدة : ٦.
ولا فرق فيهما بين القليل والكثير [١] حتى مثل القطرة ، ومثل تلوث رأس شيشة الاحتقان بالعذرة. نعم الرطوبات الأخر غير البول والغائط الخارجة من المخرجين ليست ناقضة [٢] ، وكذا الدود أو نوى التمر ونحوهما إذا لم يكن متلطخاً بالعذرة.
( الثالث ) : الريح [٣] الخارج من مخرج الغائط إذا كان من
______________________________________________________
إلى صورة الخروج المتعارف ، ووجه التوقف في غير ذلك قصور الأدلة.
[١] للإطلاق الذي لا يقدح فيه التعارف ، كما عرفت.
[٢] لما عرفت من روايات الحصر في البول والغائط.
[٣] إجماعاً كما في البول ، بل قيل لا خلاف فيه بين المسلمين. ويشهد بذلك كثير من النصوص. منها صحيح زرارة المتقدم. وما في صحيحه الآخر عن أبي عبد الله (ع) : « لا يوجب الوضوء إلا غائط أو بول ، أو ضرطة تسمع صوتها ، أو فسوة تجد ريحها » (١) ، ونحوه غيره. ومنه يظهر اختصاص الحكم بالخارج من مخرج الغائط ، لأن الخارج من غيره لا يسمى ضرطة أو فسوة. مع أن الريح المذكور في النصوص إما منصرف الى خصوص ما يخرج من الدبر ، أو محمول عليه ، إذ لا مجال للأخذ بإطلاقه ، إذ ليس كل ريح ناقض للوضوء ، بشهادة خروج التجشؤ ونحوه ضرورة. ومن ذلك تعرف وجه اعتبار خروجه من المعدة. ثمَّ إن في قول المصنف (ره) : « من مخرج الغائط » دون أن يقول : « من الدبر » إشارة إلى أن الكلام في الريح هو الكلام فيما قبله بعينه ، فيكفي في نقض الريح خروجه من مخرج الغائط وإن لم يكن هو المخرج الأصلي ، فبناءً على ما عرفت منا فيما قبله يكون المراد بالريح في النص الإشارة إلى
__________________
(١) الوسائل باب : ١ من أبواب نواقض الوضوء حديث : ٢.
المعدة ، صاحب صوتاً أولا [١]. دون ما خرج من القبل [٢] ، أو لم يكن من المعدة كنفخ الشيطان [٣] ، أو إذا دخل من الخارج ثمَّ خرج.
______________________________________________________
ذلك الريح المعبر عنه بالضرطة ، أو الفسوة لو خرج من الدبر ، وإن لم يخرج فعلا منه ، ولم يسم بذلك. بل من ذلك يظهر أنه لا يعتبر الخروج من مخرج الغائط في حصول النقض به ، فينقض وإن خرج من غيره ، فالمدار على الخارج لا المخرج.
[١] كما نص عليه في الصحيح. والسماع أو وجدان الرائحة غير معتبر إجماعاً ونصاً ، ففي خبر ابن جعفر (ع) : « عن رجل يكون في الصلاة فيعلم أن ريحاً قد خرجت فلا يجد ريحها ولا يسمع صوتها. قال عليهالسلام : يعيد الوضوء والصلاة ، ولا يعتد بشيء مما صلى إذا علم ذلك يقيناً » (١) فاعتبار ذلك في صحيح زرارة وغيره لدفع الوسواس.
[٢] لعدم الدليل عليه ، بل ظهور الريح في نصوص الحصر فيما يخرج من الدبر دليل العدم. فما في المعتبر وعن التذكرة وشرح الموجز من النقض بما يخرج من قبل المرأة ، لأن لها منفذاً إلى الجوف فيمكن خروج الريح من المعدة إليه ، ضعيف. نعم لو خرج منه ما من شأنه أن يخرج من الدبر كان ناقضاً. كما أنه كذلك لو خرج من غيرهما أيضاً. ولعله مراد الجماعة.
[٣] ففي صحيح معاوية : « قال أبو عبد الله (ع) : إن الشيطان ينفخ في دبر الإنسان حتى يخيل أنه قد خرج منه ريح فلا ينقض الوضوء إلا
__________________
(١) الوسائل باب : ١ من أبواب نواقض الوضوء حديث : ٩.
( الرابع ) : النوم مطلقاً [١] وإن كان في حال المشي ،
______________________________________________________
ريح يسمعها أو يجد ريحها » (١).
[١] كما هو المشهور ، بل حكى عليه الإجماع صريحاً وظاهراً جماعة ، منهم السيد والشيخ والفاضلان وغيرهم. ويقتضيه إطلاق كثير من النصوص وخصوص جملة منها. ففي رواية عبد الحميد عن أبي عبد الله (ع) : « من نام وهو راكع أو ساجد أو ماش على أي الحالات فعليه الوضوء » (٢). وصحيح ابن الحجاج المروي في الوافي : « سألت أبا عبد الله (ع) عن الخفقة والخفقتين. فقال (ع) ما أدري ما الخفقة والخفقتين ، إن الله تعالى يقول بل الانسان على نفسه بصير ، فإن علياً (ع) كان يقول : من وجد طعم النوم قائماً أو قاعداً فقد وجب عليه الوضوء » (٣) ، وقريب منهما رواية ابن خلاد الآتية.
وربما نسب الى الصدوق عدم النقض بالنوم قاعداً مع عدم الانفراج لقوله في فقيهه : « وسئل موسى بن جعفر (ع) عن الرجل يرقد وهو قاعد هل عليه وضوء؟ فقال (ع) لا وضوء عليه ما دام قاعداً إن لم ينفرج » (٤) ، وقريب منها رواية الحضرمي عن أبي عبد الله (ع) المروية عن التهذيب (٥). لكنهما لا يصلحان لمعارضة ما عرفت ، مما هو أكثر عدداً ، وأصح سنداً ، ومعول عليه عند الأصحاب. بل ذكره الرواية لا يدل على عمله بها ، لما تقدم من شهادة غير واحد من الأساطين بعدوله عما
__________________
(١) الوسائل باب : ١ من أبواب نواقض الوضوء حديث : ٣.
(٢) الوسائل باب : ٣ من أبواب نواقض الوضوء حديث : ٣.
(٣) الوسائل باب : ٣ من أبواب نواقض الوضوء حديث : ٩.
(٤) الوسائل باب : ٣ من أبواب نواقض الوضوء حديث : ١١.
(٥) الوسائل باب : ٣ من أبواب نواقض الوضوء حديث : ١٥.
إذا غلب على القلب والسمع والبصر [١] ، فلا تنقض الخفقة إذا لم تصل إلى الحدّ المذكور [٢].
( الخامس ) : كل ما أزال العقل [٣] ، مثل الاغماء ، والسكر ، والجنون ، دون مثل البهت.
______________________________________________________
ذكر في صدر كتابه ، من أنه لا يذكر فيه إلا ما يعتمد عليه ، ويكون حجة بينه وبين ربه ، وإن كان ذلك بعيداً. ومثلهما رواية عمران بن حمران : « سمع عبداً صالحاً يقول : من نام وهو جالس لا يتعمد النوم فلا وضوء عليه » (١) ، ورواية ابن سنان (٢) الدالة على أن النوم وهو جالس يوم الجمعة في المسجد غير ناقض ، لأنه في حال ضرورة. إذ لم ينسب العمل بهما إلى أحد ، فلا يمكن الاعتماد عليهما بوجه أصلاً. هذا وكان المناسب للمصنف (ره) أن يقول : وإن كان قاعداً ولم ينفرج أو لم يتعمد النوم.
[١] وتقييده بذلك للتوضيح ، أو لإخراج ما يسمى نوماً عرفاً ولو مسامحة ، وذكر كل من الأولين كاف عن ذكر الثلاثة. وكأن ذكرها لمتابعة صحيح زرارة الآتي في المسألة الأولى.
[٢] كما يظهر من صحيح ابن الحجاج المتقدم. وعليه يحمل موثق سماعة : « عن الرجل يخفق رأسه وهو في الصلاة قائماً أو راكعاً. فقال عليهالسلام : ليس عليه وضوء » (٣).
[٣] لا نعرف فيه خلافاً بين أهل العلم ، كما عن المنتهى ، وعن النهاية
__________________
(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب نواقض الوضوء حديث : ١٤.
(٢) الوسائل باب : ٣ من أبواب نواقض الوضوء حديث : ١٦.
(٣) الوسائل باب : ٣ من أبواب نواقض الوضوء حديث : ١٢.
( السادس ) : الاستحاضة القليلة ، بل الكثيرة والمتوسطة [١] وإن أوجبتا الغسل أيضاً. وأما الجنابة فهي تنقض الوضوء ، لكن توجب الغسل فقط.
( مسألة ١ ) : إذا شك في طروء أحد النواقض بنى على العدم [٢].
______________________________________________________
نسبته إلى علمائنا ، وعن الغنية ، والمستدرك ، والدلائل ، والكفاية ، إجماع الأصحاب ، وعن التهذيب إجماع المسلمين ، وعن الخصال أنه من دين الإمامية ، وعن البحار : « أكثر الأصحاب نقلوا الإجماع على ناقضيته ». وهذا هو العمدة فيه. ولا يقدح توقف الحر في وسائله. كما لا تجدي في إثباته رواية معمر بن خلاد : « سألت أبا الحسن (ع) عن رجل به علة لا يقدر على الاضطجاع ، والوضوء يشتد عليه ، وهو قاعد مستند بالوسائد فربما أغفى وهو قاعد على تلك الحال. قال (ع) : يتوضأ. قلت له : إن الوضوء يشتد عليه لحال علته. فقال (ع) : إذا خفي عليه الصوت فقد وجب عليه الوضوء .. » (١). إذ لا دلالة فيه على أن العلة في ناقضية النوم خفاء الصوت ، وإنما يدل على ناقضية الإغفاء في حال خفاء الصوت. مع أنه لو دل على الأول اختص النقض بمثل الاغماء ، ولا يطرد في السكر والجنون ، لعدم خفاء الصوت فيهما.
[١] كما سيأتي في محله إن شاء الله. وكان على المصنف التعرض لسائر الأحداث الكبيرة الموجبة للوضوء مع الغسل ، كما هو أحد القولين فيها ، ولو قيل بعدم وجوب الوضوء فيها كانت من قبيل الجنابة.
[٢] للاستصحاب ، كما تضمنه صحيح زرارة قال (ع) فيه : « فاذا نامت العين والاذن والقلب وجب الوضوء. قلت : فان حرك في جنبه
__________________
(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب نواقض الوضوء حديث : ١.
وكذا إذ شك في أن الخارج بول أو مذي مثلا [١] ، إلا أن يكون قبل الاستبراء ، فيحكم بأنه بول ، فان كان متوضئاً انتقض وضوؤه ، كما مر.
( مسألة ٢ ) : إذا خرج ماء الاحتقان ولم يكن معه شيء من الغائط لم ينتقض الوضوء ، وكذا لو شك في خروج شيء من الغائط معه.
( مسألة ٣ ) : القيح الخارج من مخرج البول أو الغائط ليس بناقض [٢] ، وكذا الدم الخارج منهما ، إلا إذا علم أن بوله أو غائطه صار دماً [٣] ،
______________________________________________________
شيء ولم يعلم به. قال (ع) : لا ، حتى يستيقن أنه قد نام ، حتى يجيء من ذلك أمر بيِّن ، وإلا فإنه على يقين من وضوئه ، ولا ينقض اليقين أبداً بالشك .. » (١) وفي رواية بكير : « وإياك أن تحدث وضوءاً أبداً حتى تستيقن أنك قد أحدثت » (٢) ، ونحوهما غيرهما مما هو كثير.
[١] إذا لا فرق في جريان الاستصحاب بين الشك في وجود الناقض والشك في ناقضية الموجود لعموم الدليل ، والتفصيل ـ كما عن بعض ـ في غير محله. ومنه يظهر الوجه في المسألة الآتية.
[٢] لأنه ليس بولاً ولا غائطاً ، فينفى نقضه بأدلة الحصر. وكذا الدم.
[٣] هذا يتم إن صدق عليه أنه بول أو غائط حال الخروج ، ويكون صدق الدم عليه من باب المسامحة ، كما هو مستعمل عرفاً. وأما الصدق
__________________
(١) الوسائل باب : ١ من أبواب نواقض الوضوء حديث : ١.
(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب نواقض الوضوء حديث : ٧.