الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-45-0
الصفحات: ٤٦٨
تقتير ، عند علمائنا كافة ـ خلافا للجمهور كافة (١) ـ لعموم ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ) (٢) وقوله ( أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ) (٣).
وللتواتر المستفاد من الأئمة عليهمالسلام.
قال الصادق عليهالسلام : « على كلّ امرئ غنم أو اكتسب الخمس ممّا أصاب لفاطمة عليهاالسلام ولمن يلي أمرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس ، فذلك لهم خاصة يضعونه حيث شاءوا ، وحرم عليهم الصدقة ، حتى الخيّاط ليخيط قميصا بخمسة دوانيق ، فلنا منه دانق ، إلاّ من أحللناه من شيعتنا ، لتطيب لهم الولادة ، إنّه ليس عند الله شيء يوم القيامة أعظم من الزنا ، إنّه يقوم صاحب الخمس يقول : يا رب سل هؤلاء بما أبيحوا (٤) » (٥).
وكتب بعض أصحابنا الى أبي جعفر الثاني عليهالسلام أخبرني عن الخمس ، هل على جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الصناع وكيف ذلك؟ فكتب بخطّه : « الخمس بعد المئونة » (٦).
إذا عرفت هذا ، فالميراث لا خمس فيه ، سواء كان محتسبا كالأب والابن ، أو غير محتسب كالنسب المجهول ، لبعده.
وعن بعض علمائنا : يجب فيه الخمس مطلقا وفي الهبة والهدية (٧).
والمشهور خلاف ذلك في الجميع.
__________________
(١) كما في المعتبر : ٢٩٣.
(٢) الأنفال : ٤١.
(٣) البقرة : ٢٦٧.
(٤) في الاستبصار : بما نكحوا.
(٥) التهذيب ٤ : ١٢٢ ـ ٣٤٨ ، الاستبصار ٢ : ٥٥ ـ ١٨٠.
(٦) التهذيب ٤ : ١٢٣ ـ ٣٥٢ ، الإستبصار ٢ : ٥٥ ـ ١٨١.
(٧) أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٧٠.
الصنف السادس : الحلال إذا اختلط بالحرام ولم يتميّز ولا عرف مقدار الحرام ولا مستحقّه ، أخرج خمسه ، وحلّ له الباقي ، لأنّ منعه من التصرف في الجميع ينافي المالية ، ويستعقب ضررا عظيما بترك الانتفاع بالمال وقت الحاجة ، والتسويغ للجميع إباحة للحرام ، وكلاهما منفيان ، ولا مخلص إلاّ إخراج الخمس إلى الذرية.
قال الصادق عليهالسلام : « إن أمير المؤمنين عليهالسلام أتاه رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين إنّي أصبت مالا لا أعرف حلاله من حرامه ، فقال : أخرج الخمس من ذلك المال ، فإنّ الله تعالى قد رضي من المال بالخمس ، واجتنب ما كان صاحبه يعمل (١) » (٢).
ولو عرف مقدار الحرام ، وجب إخراجه ، سواء قلّ عن الخمس أو كثر ، وكذا لو عرفه بعينه.
ولو عرف أنّه أكثر من الخمس ، وجب إخراج الخمس وما يغلب على الظن في الزائد.
ولو عرف صاحبه وقدره ، وجب إيصاله إليه ، فإن جهل القدر ، صالحه ، أو أخرج ما يغلب على ظنّه ، فإن لم يصالحه مالكه ، أخرج خمسه إليه ، لأنّ هذا القدر جعله الله تعالى مطهّرا للمال.
الصنف السابع : الذمّي إذا اشترى أرضا من مسلم ، وجب عليه الخمس عند علمائنا ، لقول الباقر عليهالسلام : « أيّما ذمّي اشترى من مسلم أرضا فإنّ عليه الخمس » (٣).
وقال مالك : إن كانت الأرض عشرية ، منع من شرائها ـ وبه قال أهل
__________________
(١) في الموضع الثاني من المصدر : « يعلم » بدل « يعمل » وهو الأنسب.
(٢) التهذيب ٤ : ١٢٤ ـ ٣٥٨ و ١٣٨ ـ ٣٩٠.
(٣) التهذيب ٤ : ١٢٣ ـ ١٢٤ ـ ٣٥٥ ، والفقيه ٢ : ٢٢ ـ ٨١.
المدينة وأحمد في رواية (١) ـ فإن اشتراها ، ضوعف العشر عليه ، فوجب عليه الخمس (٢).
وقال أبو حنيفة : تصير أرض خراج (٣).
وقال الثوري والشافعي وأحمد في رواية أخرى : يصح البيع ولا شيء عليه ولا عشر أيضا (٤).
وقال محمد بن الحسن : عليه العشر (٥).
* * *
__________________
(١) المغني ٢ : ٥٩٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩.
(٢) المغني ٢ : ٥٩٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩.
(٣) المبسوط للسرخسي ٣ : ٦ ، المغني ٢ : ٥٩٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩.
(٤) المغني ٢ : ٥٩٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٨.
(٥) المبسوط للسرخسي ٣ : ٦ ، المغني ٢ : ٥٩٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩.
الفصل الثاني
في النصب
مسألة ٣١٥ : النصاب في الكنز عشرون مثقالا ، فلا يجب فيما دونه خمس عند علمائنا ـ وبه قال الشافعي في الجديد (١) ـ لقوله عليهالسلام : ( ليس فيما دون خمس أواق صدقة ) (٢).
ومن طريق الخاصة : ما روي عن الرضا عليهالسلام : أنّه سئل عمّا يجب فيه الخمس من الكنز ، فقال : « ما تجب الزكاة في مثله ففيه الخمس » (٣).
ولأنّه حقّ مالي يجب فيما استخرج من الأرض ، فاعتبر فيه النصاب كالمعدن والزرع.
وقال الشافعي في القديم : لا يعتبر فيه النصاب ، بل يجب في قليله
__________________
(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٠ ، المجموع ٦ : ٩٩ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ١١٨ ، المغني ٢ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٨.
(٢) صحيح البخاري ٢ : ١٤٤ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٤ ـ ١٥٥٨ ، سنن النسائي ٥ : ١٨ ، مسند أحمد ٣ : ٦.
(٣) الفقيه ٢ : ٢١ ـ ٧٥.
وكثيرة (١) ـ وبه قال مالك وأحمد وأبو حنيفة (٢) ـ لعموم ( وفي الركاز الخمس ) (٣).
ولأنّه مال يخمّس ، فلا يعتبر فيه النصاب كالغنيمة.
والخبر ليس من صيغ العموم. سلّمنا ، لكنّه مخصّص بما تقدّم.
وينتقض قياسهم بالمعدن.
فروع :
أ ـ ليس للركاز نصاب آخر ، بل يجب في الزائد مطلقا.
ب ـ هذه العشرون معتبرة في الذهب ، وفي الفضة مائتا درهم ، وما عداهما يعتبر فيه قيمته بأحدهما.
ج ـ لو وجد ركازا أقلّ من النصاب ، لم يجب عليه شيء وإن كان معه مال زكوي ، وسواء كان قد استفاد الكنز آخر حول المال أو قبله أو بعده ، وسواء كان الزكوي نصابا ، أو تمّ بالركاز ، خلافا للشافعي (٤) ، فإنّه ضمّه إليه ، إذ جعل الواجب زكاة وإن أوجب الخمس.
د ـ لو وجد ركازا أقلّ ، ثم وجد آخر كمل به النصاب ، لم يجب شيء ، كاللقطة المتعدّدة.
مسألة ٣١٦ : اختلف علماؤنا في اعتبار النصاب في المعادن ، فقال الشيخ في بعض كتبه : يعتبر (٥) ـ وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق (٦) ـ
__________________
(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٠ ، المجموع ٦ : ٩٩ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ١١٨ ، المغني ٢ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٨.
(٢) الشرح الصغير ١ : ٢٣٠ ، المغني ٢ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٨ ، حلية العلماء ٣ : ١١٨.
(٣) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في صفحة ٤١٢ ، الهامش (٥)
(٤) الام ٢ : ٤٥ ، حلية العلماء ٣ : ١١٨.
(٥) النهاية : ١٩٧ ، المبسوط للطوسي ١ : ٢٣٧.
(٦) الام ٢ : ٤٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٦٩ ، المجموع ٦ : ٩٠ ، فتح العزيز ٦ : ٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ١١٢ ، المدونة الكبرى ١ : ٢٨٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٨ ، المغني ٢ : ٦١٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٤.
لقوله عليهالسلام : ( ليس عليكم في الذهب شيء حتى يبلغ عشرين مثقالا ) (١).
ومن طريق الخاصة : ما رواه البزنطي ، أنّه سأل الرضا عليهالسلام ، عمّا أخرج المعدن من قليل وكثير هل فيه شيء؟ قال : « ليس فيه شيء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا » (٢).
وقال الشيخ في بعض كتبه : لا يعتبر (٣) ـ وبه قال أبو حنيفة (٤) ـ لأنّه مال يجب تخميسه ، فلا يعتبر فيه النصاب كالفيء والغنيمة.
والفرق : أنّهما لا يستحقّان على المسلم ، وإنّما يملكه أهل الخمس من الكفّار بالاغتنام.
إذا ثبت هذا ، ففي قدر النصاب عند من اعتبره من علمائنا قولان : أحدهما : عشرون ، لما تقدّم.
والثاني : دينار واحد ، لأنّ الرضا عليهالسلام سئل عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد ، وعن معادن الذهب والفضة هل فيه زكاة؟
فقال : « إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس » (٥).
مسألة ٣١٧ : يعتبر النصاب بعد المئونة ، لأنّها وصلة الى تحصيله ، وطريق الى تناوله فكانت منهما كالشريكين.
__________________
(١) أورده ابن قدامة في المغني ٢ : ٦١٨.
(٢) التهذيب ٤ : ١٣٨ ـ ٣٩١.
(٣) الخلاف ٢ : ١١٩ ، المسألة ١٤٢.
(٤) المبسوط للسرخسي ٢ : ٢١١ ، المجموع ٦ : ٩٠ ، فتح العزيز ٦ : ٩٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ١١٢ ، المغني ٢ : ٦١٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٤.
(٥) الكافي ١ : ٤٥٩ ـ ٢١ ، التهذيب ٤ : ١٢٤ ـ ٣٥٦.
وقال الشافعي وأحمد : المئونة على المخرج ، لأنّه زكاة (١). وهو ممنوع.
ويعتبر النصاب فيما أخرجه دفعة واحدة أو دفعات لا يترك العمل بينها على سبيل الإهمال ، فلو عمل ثم أهمل ثم عمل ، لم يضمّ أحدهما إلى الآخر. ولو ترك للاستراحة أو لإصلاح آلة أو لقضاء حاجة ، ضمّ الثاني إلى الأول. ويعتبر النصاب في الذهب ، وما عداه قيمته.
ولو اشتمل على جنسين ، كذهب وفضة أو غيرهما ، ضمّ أحدهما إلى الآخر ، خلافا لبعض الجمهور ، حيث قال : لا يضمّ مطلقا (٢).
وقال بعضهم : لا يضمّ في الذهب والفضة ، ويضمّ في غيرهما (٣).
مسألة ٣١٨ : النصاب في الغوص دينار واحد ، فما نقص عنه ، لم يجب فيه شيء ، عند علمائنا ـ خلافا للجمهور كافة ـ لأنّ الرضا عليهالسلام سئل عن معادن الذهب والفضّة هل فيه زكاة؟ فقال : « إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس » (٤).
ولا يعتبر في الزائد نصاب ، ولو أخرج النصاب في دفعتين ، فإن أعرض للإهمال فلا شيء ، وإلاّ ضمّ أحدهما إلى الآخر.
مسألة ٣١٩ : لا يجب في فوائد الاكتسابات والأرباح في التجارات والزراعات شيء إلاّ فيما يفضل عن مئونته ومئونة عياله سنة كاملة ، عند علمائنا ، لقوله عليهالسلام : ( لا صدقة إلاّ عن ظهر غنى ) (٥).
ولقول أبي جعفر الثاني عليهالسلام : « الخمس بعد المئونة » (٦).
__________________
(١) المجموع ٦ : ٩١ ، حلية العلماء ٣ : ١١٣ ، المغني ٢ : ٦١٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٦ ، وحكى قولهما أيضا المحقّق في المعتبر : ٢٩٣.
(٢) المغني ٢ : ٦١٨ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٨٥.
(٣) المغني ٢ : ٦١٨ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٨٥.
(٤) التهذيب ٤ : ١٢٤ ـ ٣٥٦ ، والكافي ١ : ٤٥٩ ـ ٢١.
(٥) مسند أحمد ٢ : ٢٣٠.
(٦) التهذيب ٤ : ١٢٣ ـ ٣٥٢ ، الاستبصار ٢ : ٥٥ ـ ١٨١.
وقوله عليهالسلام : « عليه الخمس بعد مئونته ومئونة عياله وبعد خراج السلطان » (١).
مسألة ٣٢٠ : ولا يجب في الفوائد من الأرباح والمكاسب على الفور ، بل يتربّص الى تمام السنة ، ويخرج خمس الفاضل ، لعدم دليل الفورية ، مع أصالة براءة الذمة.
ولأنّ تحقيق قدر المئونة إنّما يثبت بعد المدّة ، لجواز تجديد ما لم يكن كتزويج بنت وعمارة منزل وغيرهما من المتجدّدات.
ولا يراعى الحول في غيره ، ولا فيه إلاّ على سبيل الرفق بالمكتسب.
ولا يجب النصاب في الغنائم في دار الحرب ، ولا في الممتزج بالحرام ، ولا أرض الذمي ، للعموم السالم عن المخصّص.
* * *
__________________
(١) التهذيب ٤ : ١٢٣ ـ ٣٥٤ ، الاستبصار ٢ : ٥٥ ـ ٥٦ ـ ١٨٣.
الفصل الثالث
في قسمته وبيان مصرفه
مسألة ٣٢١ : يقسّم الخمس ستة أقسام : سهم لله ، وسهم لرسوله ، وسهم لذي القربى ، وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لأبناء السبيل ، عند جمهور علمائنا ـ وبه قال أبو العالية الرياحي (١) ـ للآية (٢) المقتضية للتشريك.
وقول الكاظم عليهالسلام : « يقسّم الخمس على ستة أسهم » (٣).
وقال بعض علمائنا : يقسّم خمسة أقسام : سهم لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسهم لذي القربى ، إلى آخره (٤) ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ، لأنّه عليهالسلام ، قسّم الخمس خمسة أقسام (٥).
__________________
(١) حكاه الشيخ الطوسي في الخلاف ، كتاب الفيء وقسمة الغنائم ، المسألة ٣٧ ، والمحقق في المعتبر : ٢٩٤ ، وانظر : المغني ٧ : ٣٠٠ ـ ٣٠١ ، والشرح الكبير ١٠ : ٤٨٦.
(٢) الأنفال : ٤١.
(٣) التهذيب ٤ : ١٢٨ ـ ٣٦٦ ، الاستبصار ٢ : ٥٦ ـ ١٨٥.
(٤) حكاه أيضا المحقّق في شرائع الإسلام ١ : ١٨٢.
(٥) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٧ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٧ ، المغني ٧ : ٣٠٠ و ٣٠١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٨٦ و ٤٨٧ ، الهداية للمرغيناني ٢ : ١٤٨ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٢٤ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٧.
وليس بذاك ، لجواز ترك بعض حقّه.
مسألة ٣٢٢ : سهم الله وسهم رسوله للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يصنع به في حياته ما شاء ، وبعده للإمام القائم مقامه ، لأنّه حقّ له باعتبار ولايته العامة ، ليصرف بعضه في المحاويج ، فينتقل الى من ينويه في ذلك.
وللروايات عن أهل البيت عليهمالسلام (١).
وقال الشافعي : ينتقل سهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الى المصالح ، كبناء القناطر وعمارة المساجد وأرزاق القضاة وشبهه (٢).
وقال أبو حنيفة : يسقط بموته عليهالسلام (٣). وليس بمعتمد.
مسألة ٣٢٣ : المراد بذي القربى الإمام عليهالسلام خاصة عند علمائنا ، لوحدته لفظا ، فلا يتناول أكثر من الواحد حقيقة ، والأصل عدم المجاز. وللرواية (٤).
وقال الشافعي : المراد به قرابة النبي عليهالسلام من ولد هاشم والمطّلب أخيه ، الصغير والكبير والقريب والبعيد سواء ، للذكر ضعف الأنثى ، لأنّه ميراث (٥).
وقال المزني وأبو ثور : يستوي الذكر والأنثى ، لأنّه مستحق بالقرابة (٦).
__________________
(١) انظر على سبيل المثال : التهذيب ٤ : ١٢٨ ـ ٣٦٦.
(٢) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٧ ، الوجيز ١ : ٢٨٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٨ ، المغني ٧ : ٣٠٢ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٨٩.
(٣) الهداية للمرغيناني ٢ : ١٤٨ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٧ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٢٥ ، المغني ٧ : ٣٠١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٨٦ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٧.
(٤) التهذيب ٤ : ١٢٥ ـ ٣٦١ و ١٢٦ ـ ١٢٧ ـ ٣٦٤.
(٥) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، الوجيز ١ : ٢٨٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٨ ، المغني ٧ : ٣٠٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٩٢.
(٦) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٨ ، المغني ٧ : ٣٠٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٩٢.
إذا عرفت هذا فسهم ذي القربى للإمام بعد الرسول عليهالسلام ، فلا يسقط بموته ، وبعدم السقوط قال الشافعي (١).
وقال أبو حنيفة : يسقط بموته (٢).
وهو خطأ ، لأنّه تعالى أضاف السهم إلى ذي القربى بلام التمليك.
مسألة ٣٢٤ : المراد باليتامى والمساكين وأبناء السبيل في آية الخمس (٣) : من اتّصف بهذه الصفات من آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهم ولد عبد المطّلب بن هاشم ـ وهم الآن أولاد أبي طالب ـ والعباس والحارث وأبي لهب خاصة دون غيرهم ، عند عامة علمائنا ، لأنّه عوض عن الزكاة ، فيصرف الى من منع منها.
ولقول أمير المؤمنين عليهالسلام( وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) (٤) منّا خاصة (٥).
وقال الشافعي : سهم ذي القربى لقرابة النبي عليهالسلام ، وهم أولاد هاشم وآل المطّلب (٦).
وقال أبو حنيفة : إنّه لآل هاشم خاصة (٧) ، مع اتّفاقهما على أنّ اليتامى والمساكين وأبناء السبيل غير مختص بالقرابة ، بل هو عام في المسلمين (٨).
وأطبق الجمهور كافّة على تشريك الأصناف الثلاثة من المسلمين في الأسهم الثلاثة (٩).
__________________
(١) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٢٥.
(٢) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٤ : ٢٠٧ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٨.
(٣) الأنفال : ٤١.
(٤) الحشر : ٧.
(٥) الكافي ١ : ٤٥٣ ـ ١.
(٦) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨.
(٧) أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٣ : ٦٤ ، التفسير الكبير ـ للرازي ـ ١٥ : ١٦٦.
(٨) الام ٤ : ١٤٧ ، المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، المغني ٧ : ٣٠٦ و ٣٠٧ ، الشرح
(٩) الام ٤ : ١٤٧ ، المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، المغني ٧ : ٣٠٦ و ٣٠٧ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٩٣ و ٤٩٤ ، الاختيار لتعليل المختار ٤ : ٢٠٧.
مسألة ٣٢٥ : ولا يستحقّ بنو المطّلب شيئا من الخمس ، وتحلّ لهم الزكاة ـ وبه قال أبو حنيفة (١) ـ لتساوي بني المطّلب وبني نوفل وعبد شمس في القرابة ، فإذا لم يستحقّ بنو نوفل وعبد شمس فكذا مساويهم.
ولقول الكاظم عليهالسلام : « الذين جعل الله لهم الخمس هم قرابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهم بنو عبد المطّلب الذكر والأنثى منهم ، ليس فيهم من أهل بيوتات قريش ، ولا من العرب أحد » (٢).
وقال الشافعي : إنّ بني المطّلب يستحقّون (٣) ، لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( أنا وبنو المطّلب لم نفترق في جاهلية ولا إسلام ) (٤).
والمراد به النصرة لا استحقاق الخمس.
مسألة ٣٢٦ : وإنّما يستحقّ من بني عبد المطّلب من انتسب إليه بالأب لا من انتسب إليه بالأم عند أكثر علمائنا ـ وهو قول الجمهور (٥) ـ لقول الكاظم عليهالسلام : « ومن كانت امّه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش فإنّ الصدقة تحلّ له ، وليس له من الخمس شيء ، لأنّ الله تعالى يقول ( ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ ) (٦) » (٧).
وقال السيد المرتضى : إنّ من انتسب إليهم بالأم يستحقّ الخمس (٨) ،
__________________
(١) المغني ٢ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٧١٤.
(٢) التهذيب ٤ : ١٢٩ ـ ٣٦٦.
(٣) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، الوجيز ١ : ٢٨٨ ، الهداية للمرغيناني ٢ : ١٤٨.
(٤) سنن أبي داود ٣ : ١٤٦ ـ ٢٩٨٠.
(٥) الوجيز ١ : ٢٨٨ ، المغني ٧ : ٣٠٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٩١.
(٦) الأحزاب : ٥.
(٧) التهذيب ٤ : ١٢٩ ـ ٣٦٦.
(٨) حكاه عنه المحقّق في المعتبر : ٢٩٥.
لقوله عليهالسلام : ( هذان ولداي إمامان قاما أو قعدا ) (١) يشير بذلك الى الحسن والحسين عليهماالسلام ، وانتسابهما بالولادة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّما هو بالأم.
ونمنع كونه حقيقة.
مسألة ٣٢٧ : يعتبر في آخذ الخمس : الإيمان ، للنهي عن مودّة غير المؤمن ، وعمّن حادّ الله ورسوله (٢). ولا تعتبر العدالة.
ولا يستحق الغني ، لأنّه وضع للإرفاق ، كما وضعت الزكاة لمحاويج العوام. نعم يستحقّ الإمام سهم ذي القربى عندنا وإن كان غنيّا.
واليتيم من لا أب له ممّن لم يبلغ الحلم ، وهو في آية الخمس (٣) مختص بالذرية من هاشم ، خلافا للجمهور (٤).
وهل يشترط فقره؟ قال الشيخ في المبسوط : لا يشترط ، عملا بالعموم (٥). وهو أحد قولي الشافعي ، وفي الآخر : يشترط (٦).
ولا يعتبر الفقر في ابن السبيل ، بل الحاجة في بلد السفر.
مسألة ٣٢٨ : لا يحمل الخمس من بلد المال مع وجود المستحقّ فيه ، لأنّ المستحق مطالب من حيث الحاجة والفقر ، فنقله يستلزم تأخير إيصال الحقّ إلى مستحقّه مع القدرة والطلب ، فإن نقله حينئذ ضمن ، ويبرأ مع التسليم.
__________________
(١) اعلام الورى : ٢٠٩ ، المناقب ـ لابن شهر آشوب ـ ٣ : ٣٦٧ ، كشف الغمة ١ : ٥٣٣ ، وعوالي اللئالي ٣ : ١٢٩ ـ ١٣٠ ـ ١٤.
(٢) المجادلة : ٢٢.
(٣) الأنفال : ٤١.
(٤) انظر : المصادر في الهامش ( ٨ و ٩ ) من صفحة ٤٣٣.
(٥) المبسوط للطوسي ١ : ٢٦٢.
(٦) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٩ ، الوجيز ١ : ٢٨٨ ، المغني ٧ : ٣٠٦ ـ ٣٠٧ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٩٣.
ولو فقد المستحقّ جاز النقل ، للضرورة ، ولا ضمان.
ويعطى من حضر البلد ، ولا يتبع من غاب عند علمائنا ، وبه قال بعض الشافعية (١).
وقال الشافعي : ينقل من البلد الى غيره ، ويقسّم في البلدان ، لأنّه مستحقّ بالقرابة ، فاشترك الحاضر والغائب كالميراث (٢).
وليس بجيّد ، وإلاّ لاختصّ به الأقرب كالميراث.
مسألة ٣٢٩ : ظاهر كلام الشيخ : وجوب قسمته في الأصناف ، عملا بظاهر الآية (٣) (٤).
ويحتمل المنع ، لأنّ المراد بيان المصرف كالزكاة.
ويؤيّده : أنّ الرضا عليهالسلام سئل عن قوله تعالى ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ) (٥) ، قال : « فما كان لله فللرسول ، وما كان للرسول فهو للإمام » قيل : أرأيت إن كان صنف أكثر من صنف أو أقلّ من صنف كيف يصنع؟
قال : « ذلك الى الإمام ، أرأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كيف صنع؟
إنّما كان يعطي على ما يرى ، كذلك الإمام » (٦).
نعم الأحوط ما قاله الشيخ.
مسألة ٣٣٠ : مستحقّ الخمس من الركاز والمعادن هو المستحقّ له من الغنائم عند علمائنا ـ وبه قال أبو حنيفة (٧) ـ لأنّه غنيمة ، وكذا البحث في جميع
__________________
(١) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٩.
(٢) المهذب للشيرازي ٢ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٨٨.
(٣) الأنفال : ٤١.
(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٦٢.
(٥) الأنفال : ٤١.
(٦) الكافي ١ : ٤٥٧ ـ ٧ ، التهذيب ٤ : ١٢٦ ـ ٣٦٣.
(٧) المغني ٢ : ٦١٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٩ ، المجموع ٦ : ١٠٢ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ١١٧.
ما يجب فيه الخمس.
وقال الشافعي : مصرفه مصرف الزكوات (١) ـ وعن أحمد روايتان (٢) ـ لأنّ أمير المؤمنين عليهالسلام أمر صاحب الكنز أن يتصدّق به على المساكين (٣).
ويحتمل القسمة في المساكين من الذرية.
ولا يجوز صرف حقّ المعدن الى من وجب عليه ـ وبه قال الشافعي ومالك وأحمد (٤) ـ لأنّه مأمور بإخراجه ، ولا يتحقق مع الدفع الى نفسه. ولأنّه حقّ وجب عليه ، فلا يصرف اليه ، كعشر الزرع.
وقال أبو حنيفة : يجوز (٥). وليس بمعتمد.
مسألة ٣٣١ : الأسهم الثلاثة التي للإمام يملكها ويصنع ما شاء ، والثلاثة الباقية للأصناف الأخر ، لا يختص بها القريب دون البعيد ، ولا الذكر دون الأنثى ، ولا الكبير على الصغير ، بل يفرّقها الإمام على ما يراه من تفضيل وتسوية ، ويفرّق بين الحاضرين ، ولا يتبع الأباعد.
ولو فضل عن كفاية الحاضرين جاز حمله الى بلد آخر ، لاستغنائهم بحصول قدر الكفاية ، ولا ضمان.
وإذا حضر الأصناف الثلاثة ، استحبّ التعميم.
ولو لم يحضر في البلد إلاّ فرقة منهم ، جاز أن يفرّق فيهم ، ولا ينتظر غيرهم ، ولا يحمل الى بلد آخر.
__________________
(١) المجموع ٦ : ١٠٢ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ١١٧ ، المغني ٢ : ٦١٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٩.
(٢) المغني ٢ : ٦١٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٩ ، المجموع ٦ : ١٠٢ ، فتح العزيز ٦ : ١٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ١١٧.
(٣) سنن البيهقي ٤ : ١٥٦ ـ ١٥٧.
(٤) المجموع ٦ : ٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ١١٣.
(٥) المجموع ٦ : ٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ١١٣.
الفصل الرابع
في الأنفال
المراد بالأنفال كلّ ما يخصّ الإمام ، فمنه : كلّ أرض انجلى أهلها عنها ، أو سلّموها طوعا بغير قتال ، وكلّ أرض خربة باد أهلها إذا كانت قد جرى عليها ملك أحد ، وكلّ خربة لم يجر عليها ملك أحد ، وكلّ أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، للرواية (١).
ومنه : رءوس الجبال والآجام والأرض الموات التي لا أرباب لها ، لقول الكاظم عليهالسلام : « والأنفال كلّ أرض خربة قد باد أهلها ، وكلّ أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، ولكن صولحوا عليها ، وأعطوا بأيديهم على غير قتال ، وله رءوس الجبال وبطون الأودية والآجام ، وكلّ أرض ميتة لا ( وارث ) (٢) لها » (٣).
وأمّا المعادن ، فقال الشيخان : إنّها من الأنفال (٤).
ومنعه ابن إدريس (٥) ، وهو الأقوى.
__________________
(١) انظر : الهامش (٣) من هذه الصفحة.
(٢) في المصدر بدل ( وارث ) : ( ربّ ).
(٣) الكافي ٣ : ٤٥٥ ـ ٤ ، التهذيب ٤ : ١٣٠ ـ ٣٦٦.
(٤) المقنعة : ٤٥ ، النهاية للطوسي ١ : ٤١٩.
(٥) انظر : السرائر : ١١٦.
ومنه : صفايا الملوك وقطائعهم التي كانت في أيديهم على غير وجه الغصب ، على معنى أنّ كلّ أرض فتحت من أهل الحرب ، وكان لملكها مواضع مختصّة به غير مغصوبة من مسلم أو معاهد ، فإنّ تلك المواضع للإمام ، لقول الصادق عليهالسلام : « قطائع الملوك كلّها للإمام ، ليس للناس فيها شيء » (١).
وقال الكاظم عليهالسلام : « وله صوافي الملوك ما كان في أيديهم من غير جهة الغصب لأنّ المغصوب كلّه مردود » (٢).
ومنه : ما يصطفيه من الغنيمة في الحرب ، كالفرس والثوب والجارية والسيف و ( شبه ) (٣) ذلك من غير إجحاف بالغانمين ، لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يصطفي من الغنائم : الجارية والفرس وما أشبههما في غزاة خيبر وغيرها (٤).
ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليهالسلام : « نحن قوم فرض الله طاعتنا ، لنا الأنفال ، ولنا صوافي المال (٥) ، ونحن الراسخون في العلم ، ونحن المحسودون الذين قال الله تعالى فيهم ( أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) (٦) » (٧).
وسأله أبو بصير عن صفو المال ، فقال عليهالسلام : « الإمام يأخذ الجارية الروقة (٨) والمركب الفاره والسيف القاطع والدّرع قبل أن تقسّم
__________________
(١) التهذيب ٤ : ١٣٤ ـ ٣٧٧.
(٢) الكافي ١ : ٤٥٥ ـ ٤ ، التهذيب ٤ : ١٣٠ ـ ٣٦٦.
(٣) في « ف » والطبعة الحجرية : غير.
(٤) انظر : سنن أبي داود ٣ : ٢٩٩١ و ٢٩٩٣ و ٢٩٩٥.
(٥) في المصدر : صفو الأموال.
(٦) النساء : ٥٤.
(٧) التهذيب ٤ : ١٣٢ ـ ٣٦٧.
(٨) يقال : غلمان روقة وجوار روقة ، أي : حسان. انظر : الصحاح ٤ : ١٤٦٨.